منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   10- اليخت - فلورا كيد - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t108260.html)

جين استين333 28-03-09 10:58 AM

10- اليخت - فلورا كيد - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
رح اكتبلكم اليوم روايت اليخت وان شاء الله انها تنال اعجابكم

الملخص:

اليخت
فلورا كيد
10
gallant's fancy

كانت في الحقيقة تائهة, إلا أنها لم تتأكد مما إذا كان ذلك الاحساس الغريب الذي تعانيه مرده حاجتها إلى القوت, أو هو نتيجة غرقها الذي كاد أن يودي بها إلى التهلكة, أو أن ألامر كله يعود إلى وجود روجر قريبا منها. أنا شاكرة لك انقاذك إياي من الغرق. وما الذي يجعلك تعتقدين أني المنقذ؟ أظن أني سمعتك تكلمني. خيالك واسع, يا ميراندا. لم أقل شيئا. كنت مشغولا بالابقاء عليك عائمة, بينما بدوت مصممة على الغرق, لماذا؟ لم أرد الغرق. فقط سبحت عميقا على الرغم تحذيري لك. لم أعرف كم سبحت في العمق, حتى شعر بالتيار يجذبني. حاولت الرجوع, لكني كنت متعبة, فأنا لم أقصد اغراق نفسي, ولن أقوك بعمل كهذا. أنا آسفة للازعاج الذي سببته لك. حالما أشفى سأعود إلى اليخت. مستحيل فاليخت رحل هذا الصباح.
منتديات ليلاس

تمارااا 29-03-09 01:27 AM

بأنتظارك ياعسسسل شكل الرواية روعة

فيفي و بس 29-03-09 07:16 AM

هاي جين

الروايه ملخصها حلو

شدي الهمه ونزليها بسرعه

او نزلي فصل مش طماعه انا

يسلمو ايديكي مقدما

Miis Nano 01-04-09 04:58 PM

تسلمي باين انها من الملخص حلوووة:)

جين استين333 03-04-09 02:05 PM

شكرا على تجاوكم رح انزل اليوم الفصل الاول

جين استين333 03-04-09 02:06 PM

1-ميراندا تحلم كثيرا, ولكنها تحتفظ بأحلامها في سرها لأنها تعرف أن إمكانيات تحقيقها بعيدة. حتى بادرتها رئيستها ذات صباح:" ما رأيك في رحلة إلى البحر الكاريبي؟".


قالت موظفة المكتب الجديدة:
-السيدة فيبس تريد أن تراك في مكتبها الآن آنسة ميراندا بنسن.
فسألت فندي شو إحدى زميلات ميراندا العاملات على الآلة الكاتبة:
-ما الذي كنت تنوين عمله يا ميراندا, عندما كنا غافلين عنك؟
وقالت جين تايلر مازحة وهي عاملة أخرى على الآلة الكاتبة:
-إن فيبس تود رؤيتك في مكتبها لتعرف إذا كنت قد ارتكبت خطأ ما. هل أنت متأكدة أنك لم ترتكبي أي خطا, يا ميراندا؟
ابتسمت ميراندا للمزاح الذي تعودته خلال سنوات أربع كعاملة على الآلة الكاتبة في شركة ترانسمارين هولدينغ حيث كانت تعمل بجد يوميا, مكتفية بأن تكون موظفة عادية في شركة عالمية كبرى. ذات فرع في لندن, علما أن مصالحها كانت منتشرة في العالم كله. مرة واحدة فقط خلال تلك المدة دعتها السيدة فيبس التي كانت مسؤولة عن قسم الطباعة إلى مكتبها, وكان ذلك منذ ثلاثة أشهر.
يومها حلت مكان جانيت كولي سكرتيرة دوغلاس انغرام أحد أقوى المديرين العاملين في الشركة. إذ مرضت الآنسة كولي بينما رئيسها وسط مفاوضات مهمة تتعلق بشراء ممتلكات, وفي أيام قليلة تعلمت ميراندا كيفية الاطلاع على إحدى (صفقات ترانسمارين الكبيرة).
ولأنها عرفت أنها لم ترتكب خطأ, سحبت ورقة مطبوعة بإتقان من الآلة الكاتبة ووضعتها بعناية في ملف. وسرحت شعرها الأسود الناعم المنسدل على كتفيها ثم نفضت فستانها الأزرق البحري وحملت حقيبة يدها وتوجهت إلى مكتب السيدة فيبس.
قرعت على الباب, فسمعت السيدة تأذن لها بالدخول. فتحت الباب الزجاجي ودخلت المكتب.
-هل تودين رؤيتي يا سيدة فيبس؟
كانت برندا فيبس جالسة خلف مكتب عريض وفي يدها رسالة. شعرها مصفف بعناية, لباسها الأسود تزين ياقته شريطة بيضاء. وعلى أنفها نظارتان لهما إطار أسود. كانت ميراندا دائمة الإعجاب برئيستها إذ كانت برندا فيبس بالنسبة لها مثال المرأة الناجحة. ودليها إلى ذلك أنها كانت تقوم بمسؤوليات عملها في المكتب دون أن تقصر في التزاماتها حيال عائلتها. لقد كانت ميراندا تأمل في أن تصير يوما مثلها أما لطفلين رائعين, وزوجة رجل لطيف مثل جورج فيبس ورئيسة قسم العمل على الآلة الكاتبة, أو سكرتيرة فعالة لدى أحد المديرين الكبار.
كانت لميراندا أحلام أخرى, لكنها احتفظت بها في سرها, ذلك أنها كانت تعرف أن إمكانات تحقيقها بعيدة. ورغم هذا, كانت هذه الأحلام تشغلها دائما وهي في طريقها إلى العمل دون أن تؤثر عليها سلبا.
عاودتها أحلام اليقظة هذه في حضرة السيدة فيبس فتلونت وجنتاها وبدت في عيناها الرماديتان ملامح حالمة شاحبة. لاحظت برندا فيبس هذا اللون وهذه الملامح فبدا وجهها الصارم أكثر سماحة. وفكرت والحزن يعتريها, لكن بمحبة, كم هو رائع أن يكون الإنسان فتيا مثل ميراندا.
-صباح الخير, ميراندا . نعم, أريد رؤيتك. تفضلي واجلسي.
جلست ميراندا على كرسي جلدي عريض, ركبتاها متلاصقتان ويداها في حضنها, تماما كما علمتها العمة كلارا. وبدت بشعرها المتساقط شلالا على كتفيها وخديها المخضبين وعينيها الصافيتين كأنها فتاة مدرسة مثالية رغم أنها في الثالثة والعشرين من العمر.
اعتدلت برندا في كرسيها, وأسندت ذقنها بيديها. وانتقت كلماتها بدقة:
-ما رأيك في رحلة إلى البحر الكاريبي؟
لدى سماعها كلمة كاريبي تراءت لميراندا بسرعة خريطة الجزر الواقعة شمال أميركا وجنوبها. إنه مكان ساحر الجمال... شواطئ رملية ذهبية تحت شمس ساطعة تظللها أشجار النخيل. مكان يمكن للمرء أن يحقق فيه أحلامه.
استعادت حضورها الذهني وسألت:
-وكيف السبيل إلى ذلك؟
-باستطاعتك السفر كسكرتيرة لدوغ انغرام.
-ولكن ماذا عن الآنسة كولي؟ ألا يريد أن يأخذها؟
أوضحت برندا:
-كان لابد لها من أن تأخذ إجازة اضطرارية. ذلك الألم الذي عانته في الخريف عاودها الآن. السيد انغرام سأل عنك لأنك اشتركت في المفاوضات الأولى حول شراء عقار في جزيرة هناك.
-نعم, أذكر. فالصفقة لم تتم لأن السيد انغرام اكتشف في اللحظة الأخيرة أن اتفاقا مع شخص آخر, له حصة في الأرض موضوع الحديث على الجزيرة, كان ضروريا. عندئذ قال السيد انغرام أنه سيحاول العثور على هذا الشخص وإقناعه ببيع حصته.
قالت ميراندا هذا بأسلوب يدل على خبرة واطلاع مهني مما حاز إعجاب برندا.
-حسنا. يسرني أنك تذكرين التفاصيل. واضح انك كنت مهتمة, والاهتمام في هذه القضية ضروري إذا أردت أن تكوني سكرتيرة جيدة. ربما كان اهتمامك هذا هو الذي عزز أسهمك وأوصى بك لدى دوغ انغرام. هل أفهم من هذا أنك تقبلين؟
-طبعا.
بدت ميراندا فتاة متحمسة, وهجرتها برودتها إذ تراءت لها فرصة العمر أمامها. فجأة تذكرت جو وتغيرت قسمات وجهها. وسألت بشيء من التحدي:
-كم من الوقت ستستغرق الرحلة؟
-شهرا, ستة أسابيع, ربما أطول. هل هذا مهم؟
-نعم. تعرفين, ربما... أعني أني آمل في الزواج في حزيران.
بحثت نظرات برندا المتفحصة في أصابع ميراندا المتشابكة. فلم يقع نظرها على خاتم خطوبة في يدها اليسرى. قالت بصوت خافت:
-لكنك لست مخطوبه.
-كلا. ما من شيء رسمي. فقط...
وتحت تلك النظرة الحادة القوية لبرندا تلاشى صوتها تدريجيا. وعلقت برندا بنبرة جافة:
-إذن, لو كنت مكانك يا ميراندا لأخبرته بهذا العرض. أنا متأكدة أنه سيتفهم, وإذا كان بالفعل يحبك, فلن يكون عقبة في سبيل ترقيتك. هذه ترقية, آمل أن تدركي ذلك.
-نعم, سيدة فيبس, إني أدرك ذلك. إني شديدة الامتنان لمجرد أن فرصة السفر هذه أتيحت لي...منتديات ليلاس
-اقبليها أو, ارفضيها وعودي إلى قسم الطباعة حتى تصيري زوجة عادية كسواك من الفتيات. وكما تعرفين, تبنت الشركة حديثا سياسة جديدة. فهي لن توظف في المستقبل متزوجات, يعملن على الآلة الكاتبة إلا على أساس دوام جزئي. بينما ستهتم من ناحية ثانية بتوظيف آنسات يبرهن على قدرتهن في السكريتاريا على أساس دوام كامل.
تطلعت ميراندا في عيني برندا القاسيتين وللحال طردت من ذهنها كل فكرة تتعلق بجو وقالت:
-إني أقبل عرضك.
كان لديها شعور غريب بأنها اتخذت أخطر قرار في حياتها.
وأردفت:
-ماذا علي أن أعمل؟
-انك فتاة طيبة.( وعادت إلى برندا ابتسامتها الدافئة ثانية) سأشرح لك الآن كل شيء. دوغ انغرام موجود الآن في نيويورك, حيث تمكن من الاتصال بالشخص
الذي ستكون موافقته ضرورية قبل أن تشتري شركة ترانسمارين العقار في جزيرة فورتوغا. وقد دعا هذا الشخص إلى القيام برحلة سياحية استجمامية إلى الجزر على يخت الشركة الفخم. وفي أثناء الرحلة يريد أن يزور الجزر حيث تمتلك ترانسمارين الفنادق, أو حيث تبني أماكن للاستجمام. وعلى اليخت سيكون أفراد من العائلة الذين كانوا اتصلوا بنا قبلا ويردون بيع حصصهم. طبعا, الغاية هي البحث في مسألة الشراء وإشاعة الانطباع بأن ترانسمارين تريد مساعدة المناطق المختلفة عمرانيا. هذا واعتقد أن دوغ انغرام بطلبه إياك لتكوني سكرتيرته دل على ذوق رفيع, لأني أعرف أنك ستكونين مضيفة جيدة.
-مضيفة؟ (هتفت ميراندا) ولكن ألن تكون السيدة انغرام هناك؟
-زلدا ستكون هناك, لكنها في حاجة إلى المساعدة, فهناك أفراد آخرون من العائلة. نساء, أخوات, بنات وأبناء. وأنا أعرف من مراقبتي إياك في العمل أن مرافقة هذه الفئة المختارة لن تزعجك. إنك أهل لمهمة كهذه.
تمتمت ميراندا:
-العمة كلارا.
قالت برندا بابتسامة خفيفة:
-تماما.
كانت تعرف كل شيء عن كلارا بنسن التي كانت تعلم الأدب الانكليزي في إحدى الثانويات والتي كانت تهتم بتربية طفلتين لأخيها الذي قتل مع زوجته في أثناء تمضيتهما عطلة في أوروبا.
-ولكن لنعد إلى العمل. اليخت يرسو في مرفأ سان خوان في جزيرة بورتوريكو. و دوغ انغرام يرغب في انضمامك إليه بأسرع ما يمكن. في استطاعتي حجز مكان لك على إحدى الرحلات السياحية التي تنظمها شركتنا. في إمكانك أن تتركي غاتويك بعد غد. أتعتقدين أنك ستكونين جاهزة؟
بدت ميراندا تلك اللحظة في دوامة من أفكار شتى.كان يصعب عليها دائما كعاملة على الآلة الكاتبة أن تشتري لنفسها ما يحلو لها من ثياب. خزانتها تقتصر على ما هو ضروري. ولم تكن تملك في ذلك الوقت من السنة فستانا مناسبا للصيف. ناهيك عن ملابس السهرة والبحر. و اذ لاحظت برندا ملامحها المنقبضة, قالت مبتسمة:
-في استطاعتك الحصول على سلفه لشراء ملابس جديدة. أنصحك بالألبسة القطنية كي تتجنبي لسعة الحر. كما تستطيعين أن تجدي ملابس ملائمة لرحلتك في أي مخزن جيد. وإذا لم تتمكني هنا من شراء ما أنت بحاجة إليه فما عليك سوى الانتظار حتى تصلي إلى الجزر العذراء. زلدا انغرام تقول أن المحلات هناك تبيع ملابس رائعة.
قالت ميراندا بشيء من الخوف:
-أخشى أن يكون الوقت دهمني.
قالت برندا:
-خذي ما تبقى من اليوم وغدا عطلة. أفضل ألا تذكري أي شيء عن رحلتك لبقية البنات في المكتب. سيعرفن بها فيما بعد.
وطوت الرسالة التي كانت تقرأها ثم أعادتها إلى المغلف وسلمتها إياها.
-إنها لك من السيد انغرام. فيها مزيد من التعليمات. لابد من القول أن عائلة غالنت تبعث على الاهتمام. طبعا التقيت طومس غالنت حين كان هنا.
قالت ميراندا بشيء من العفوية التي فطرت عليها والتي كثيرا ما أضحكت رفاقها في العمل:
-نعم, التقيته.
لم ترتح إلى الطريقة التي كان طومس غالنت يراقبها فيها خلال المرات القليلة التي التقته في مكتب السيد انغرام. بدا شديد الاهتمام بساقيها الظاهرتين تحت تنورتها القصيرة, على رغم أنه في الخمسين من عمره.
-فاسدون في معظمهم على ما أظن. (قالت برندا مازحة) وهذا قلما يدهشنا عندما نفكر في أنهم غالبا يتحدرون من سلالة قرصان. في أي حال أعتقد أنك قادرة على الاهتمام بنفسك.
-آمل ذلك.
-ربما كانت كلمة تحذير لا تذهب سدى. تذكري أن هؤلاء الناس, رغم أسمائهم ولكنتهم الانكليزية ليس لهم سلوك البريطانيين ولا خلقهم, عاشوا وسط البحار طويلا. حسنا, هل امضي وأحجز لك مكانا في الطائرة؟
أجابت ميراندا:
-نعم, أرجوك.
في طريقها إلى بيتها, ذلك المساء, في القطار السريع إلى دارتفورد في كنت حيث تعيش مع عمتها وأختها الصغرى دوروتي, قرأت ميراندا للمرة الثانية رسالة دوغ انغرام, هذه الرسالة التي ناولتها إياها السيدة فيبس.
بعد شرحه لها كيفية الوصول إلى مطار سان خوان, طلب منها إحضار شريط التسجيل الذي كان سجل عليه محادثاته مع طومس غالنت في الخريف, وأن تحضر كذلك نسخة عن المراسلات التي تبادلها مع ذلك السيد في الأشهر الأخيرة.
" إنه زبون مراوغ. ( تابعت الرسالة تقول) إنه يطلب الآن مبلغا أكبر لعقاره لأن عليه, كي يبيعه من دون موافقة الشريك الآخر, أن ينقض اتفاقا قديما ينص على استحالة التصرف بحصة واحدة من دون موافقة الأطراف الأخرى... على كل, تمكنت من الاتصال بصاحب الحصة الثانية روجر غالنت ابن عم طومس. دعوته إلى القدوم إلى الجزر. هدف العملية الأول إقناعه بالموافقة على البيع, وإذا أمكن, أن يبيعنا حصته هو بالذات."
وتضيف الرسالة:" بما أنه يبدو أنانيا, عابثا لا يهتم بالملكية على الإطلاق, أعتقد أن لدينا حظا طيبا في إقناعه بالبيع. وما يدعو إلى الاهتمام أكثر أنه موسيقي, وله أغنيات شعبية عدة معروفة وربما سمعتها, وإلا فعليك التعرف عليها. كوني جاهزة لإطرائه, لأني أعرف من مصدر وثيق أنه ضعيف أمام السحر الأنثوي لذا من الضروري التأثير عليه."
طوت ميراندا الرسالة ووضعتها في المغلف. بدا أنه لم يكن لديها مجال للاختيار بين آل غالنت. فجميعهم متشابهون في نظرتهم إلى الحياة و النساء, وهي لم تكن متلهفة للقاء أي واحد منهم.
دخل القطار دارتفورد. وتركت المحطة مع عدد من الركاب لمواجهة الريح الشرقية التي كانت تهب عبر نهر التايمز من بحر الشمال.
رفعت ميراندا ياقة المعطف حتى أذنيها. وأسرعت وسط الشوارع المحاطة بمنازل شبه متفرقة تنبعث منها أضواء تشق ليل الشتاء المخيف. إنها تعيش مع العمة كلارا منذ زمن طويل دون أن تعرف عائلة أو أما سواها. كان والدها الأخ الأصغر للعمة كلارا. كان موهوبا, غير أن زواجه من امرأة أقل منه مستوى كان فاشلا.
لم يكن مهما بالنسبة إلى كلارا بنسن أن تكون زوجة أخيها محبة وكريمة, وأن تحب زوجها حبا عميقا. بل كانت القضية بالنسبة إليها أن كاترين كانت عاطفية, وأنها كانت تعبر علنا عن هذه العاطفة حيال زوجها فتعانقه مثلا من دون أي مراعاة لوجود أناس آخرين معهما. وبما أن كلارا لم تكن تستحسن هذا التصرف, حاولت ما في وسعها خنق هذه المشاعر في ابنتي أخيها. ونجحت إلى حد ما مع ميراندا التي كانت تخفي أحاسيسها وراء مظهر متزن بارد.
لم تكن كلارا ناجحة مع دوروتي, ابنة أخيها الصغرى, إذ كانت هذه تبدي دلائل تحرر في سن مبكرة, وكانت تمارس وهي لا تزال مراهقة كل الصرعات الجديدة. و على هذا الأساس تكهنت ميراندا أن أختها دوروتي لا بد سمعت عن غالنت وموسيقاه, بينما هي, بميلها إلى الموسيقى الكلاسيكية, لم تسمع به قط.
أخيرا وصلت إلى البيت وانفتح الباب حين أدارت المفتاح في القفل, وطريق الدار الضيقة المظلمة رحبت بها كالعادة.
هتفت عمتها من المطبخ:
-أهذه أنت, ميراندا؟
أجابت ميراندا وهي تعلق معطفها:
-آسفة يا عمتي. كان علي شراء بعض الأشياء.
وقالت فجأة:
-احزري, إني مسافرة إلى جزر البحر الكاريبي!
-لست جادة فيما تقولين!
وقفت دوروتي في مدخل غرفة الطعام حيث كانت تجهز المائدة للعشاء. كانت أطول من ميراندا, أكثر امتلاء ونموا من أختها, وهي في العشرين وكلها عزيمة.
-لا بل إني مسافرة فعلا. سأسافر جوا يوم الجمعة إلى سان خوان بصفة سكرتيرة للسيد انغرام مدة شهر أو ستة أسابيع.
صرخت دوروتي:
-وماذا عن جو؟
وقبل أن تجيبها أطلت العمة كلارا من باب المطبخ, طويلة ضخمة. شعرها الرمادي منفلت من رباطه, مما يوحي بأنها لا تهتم بمظهرها. وفي الحقيقة كان شعرها دقيقا يصعب ربطه.
كانت تبتسم هذه المرة, وهذا نادرا ما يحدث, بشهادة طالبات المدرسة التي كانت فيها معلمة.
-كنت أشعر دائما أن هذه هي رغبتك يا ميراندا.( قالت بصوت عميق) وأنا سعيدة لأنك لا تدعين أحدا يمنعك من عمل ما تريدين. حقا, ماذا عن جو, هل يحق له أن يمنعك من السفر؟
أجابت دوروتي وعيناها الزرقاوان تلمعان:
-إذا كان سيتزوج ميري, فله كل الحق.
ردت العمة كلارا:
-كلمة (إذا) هي الأساسية. من عامين تقريبا وهو يحكي عن الزواج. بالمناسبة, لا حب أن تختصري اسم أختك بهذه الطريقة. ميراندا اسم جميل, أنا اخترته من إحدى أفضل الروايات الأدبية عندي.
قالت ميراندا بلطف:
-لم يقل جو أي شيء محدد لأنه كان يحاول توسيع عمله وتطويره قبل أن يلتزم أي موقف.
كانت تحاول الدفاع عن جو لعدم طلب يدها وتحديد تاريخ موعد الأكليل.
-إذن, ليس له الحق في قول أي شيء يثنيك عن السفر. ليست له كلمة في الموضوع مطلقا, وفي اعتقادي انه ليس جديرا بك ميرندا... من الافضل نسيان هذه القضية. العالم مليء بالشبان امثال جو. والآن تعالي تناولي الطعام قبل أن يبرد.
طال وقت العشاء أكثر من العادة, ذلك أن الحديث عن رحلة ميرندا نال القسط الأعظم منه. وكانت هذه لا تزال في الطابق العلوي تغير ثيابها حين حضر جو كما هي العادة مساء كل اربعاء وسبت. كان يدعوها, ومن دون استثناء, منذ أن تعارفا من سنتين, مما جعل الجيران يعتقدون أنه كان يخرج معها بقصد الزواج.
وقبل أن تنزل إلى غرفة الجلوس كانت دوروتي قد أخبرته عن الرحلة الكاريبية.
بادرها قائلا بطريقته الخاصة:
-مفاجأة اليس كذلك؟
كان ممتلئ الجسم, في الثامنة والعشرين من العمر, شعره أسود أجعد, وقسمات وجهه حية. كانت ميرندا تراه جميلا, متجاهلة ثقل وزنه. وكان أبوه يملك شركة بناء, حيث صار هو أخيرا شريكا له فيها. كان طموحا وقويا يسعى دائما إلى تحسين وسائل عمله.

جين استين333 03-04-09 02:09 PM

أجابت ميرندا:
-نعم, هذا صحيح. ولكن هذه ترقية.
حدجها بنظرة حادة محاولا معرفة شعورها الحقيقي حول عملها الجديد.
-لا شك أنهم يقدرونك كثيرا حتى يوكلوا إليك هذه المهمة.تكونين حمقاء إذا ما رفضتها.
ثم قال بشيء من اللياقة:
-ربما هي خبرة جيدة, وقد تأتيك بالخير فيما بعد.
أحست بالخيبة. فرغم كل شيء لا يبدو أنه سيعرض عليها الزواج. ومع أنها ستغيب ستة أسابيع, وربما ثمانية, لم يبد أن هذا كان يهمه.
قالت بنعومة:
-سأغيب نحو شهرين.
-هذا ما قالته دوروتي. حسنا, المدة ليست طويلة. لا أريد القول أني لن اشتاق اليك, بل على العكس, لكني في الوقت الحاضر مشغول جدا, وهكذا سيكون وضعي في الأشهر القليلة المقبلة, لهذا لن يكون قي مقدوري رؤيتك كثيرا. على أي حال, حين تعودين...
توقف قليلا.
سألت وهي تحبس أنفاسها:
-نعم؟ حين أعود؟
-سيعرف واحدنا شعوره أكثر حيال الآخر, أليس كذلك؟ يمكننا أن نعتبر هذا حكما لنرى إذا كان الغياب سؤثر في علاقتنا. أنا لست ماهرا في أمور الحب.
بدا جو مرتبكا لأول مرة مذ عرفته.
-أتعرفين ما أعني يا ميرندا؟
-نعم, أعرف ما تعني, يا جو.
أجابت بصوت رقيق غريب, لكنه لم يلاحظ هذا.
-حسنا, هذا ما كنت متأكدا منه. متى تسافرين؟ يوم الجمعة؟ ربما سأجد الوقت لأوصلك إلى المطار وأودعك.
إنه مستعد لذلك. يفرحه أن يوصلها مع دوروتي والعمة كلارا بسيارته الجديدة. وباحساس المنهزم وافقته ميرندا. وأمضين بقية السهرة يستمعن اليه يحدثهن عن مشاريعه الجديدة.
شعرت ميرندا بارتياح لابتياعها ما تحتاج إليه, في يومها الأخير في انكلترى, وهكذا كان, إذ أمضت يوم الخميس تنتقل من متجر إلى آخر تتبضع ما تحتاج إليه من ألبسة صيفية و أحذية, كذلك دوروتي أخذت يوما واحدا اجازة ورافقتها, وكانت خير معين لها في اختيار الألبسة.
في أثناء تناولهما غداء خفيفا سألت ميرندا أختها عن روجر غالنت و أغانيه.
-هل سمعتك جيدا؟ ( سألتها دوروتي) آه, أقسم لك ميري, أنه يؤلف أروع المعزوفات. والعاطفة في أغانيه ليست من هذا العالم. لابد أنك سمعت أغنية "نجوم في البحر" الجميع سمعها. حتى العمة كلارا قالت مرة أن لحنها جميل. إنها كذلك بالفعل. طبعا, أنت غارقة في الموسيقى الكلاسيكية إلى درجة أنك لا تصغين إلى أبة قطع موسيقية محترمة. في الواقع إن الأغنية تلك كانت مقطعا موسيقيا في فيلم اميركي عن الكاريبي. لكن لماذا تسألين؟ آه, يا ميرندا, هل ستلتقينه في هذه الرحلة؟
ارتفع صوت دوروتي, وهي تقوم و تقعد بحماسة على كرسيها, مما لفت إليها انظار رواد المقهى.
همست ميرندا:
-اسكتي, يا دوروتي. الجميع ينظرون إليك. ماذا ستقول العمة كلارا؟
-لا يهمني. كيف تبقين لا مبالية حيال لقائك شخصية كهذه؟
-إذا كان مثل ابن عمه طومس, فاني لا اريد لقاءه. انه على الأرجح في الخمسين, على وشك أن يشيخ.
-آه, كلا, إنه ليس كذلك. وهذا هو الشيء العجيب فيه. كانت موسيقاه في ذروة نجاحها وهو في العشرين من العمر. ( علقت دوروتي بجدية) كان هذا من ستة أعوام. آه, يجب أن تصغي إلى كيت ويليامز يغني هذه الأغنيات. إنه يبعث الارتعاشة في اعماقي!
بدت دوروتي ثانية على وشك الاغماء, وتملكت ميرندا رغبة لا تقاوم في أن تضحك لتصرف اختها المبالغ فيه.
وسألتها:
-ولكن من هو كيت ويليامز؟
-جهلك يا ميرندا يخيفني. ( قالت مقلدة العمة كلارا) أحقا تسألين عن كيت ويليامز؟ الا تذكرين أنه كان يغني في ناد ليلي في الطرف الغربي من المدينة العام الفائت؟ ألا تقرأين صفحة التسلية في الصحف؟ إنه مغن من هنود الغرب, وهو فوق ما يتصوره العقل.
-ما علاقته بروجر غالنت, عدا أنه يغني أغانيه؟ (سألت ميرندا وفي ذاكرتها ما قاله لها السيد انغرام أن عليها جمع ما امكنها من المعلومات عن روجر غالنت).
-انهما صديقان من نفس الجزيرة والأغنية التي أخبرتك عنها وضعتهما على طريق الشهرة. لقد أحسنت بسؤالك و إلا لكنت سافرت إلى سان خوان دون معرفة أي شيء عنه. وليس هذا مستحسنا. لدى عودتنا إلى البيت سنعرج على منزل سيو, عندها تسجيل لكيت ويليامز يغني مختارات من أغاني روجر غالنت. هناك سيكون في استطاعتك سماع أي موسيقى من تأليفه.
بعد ظهر ذلك اليوم جلست ميرندا في غرفة سيو غرين المتميزة بفوضاها. كانت سيو غرين أفضل صديقة لدوروتي. وأخذت تستمع إلى صوت كيت ويليامز يغني "نجوم في البحر" بمرافقة الغيتار. على سرير سيو المفرد, وهي فتاة سمينة شقراء عيناها زرقاوان مستديرتان, تمددت كل من سيو و دوروتي. فمهما فارغان, جسماهما متراخيان وكلتاهما غارقتان في موسيقى الأغنية وفي صوت الذي يغنيها. كانت الكلمات حزينة, عاطفية, تحكي قصة حب ضائع. أما الموسيقى فقد كانت شيئا آخر, لم تكن دائما في المنحنى المنتظر, وتلفت المرء بتمايز أنغامها, وهذا كان شيئا غير مألوف في أغنيات شعبية من هذا النوع. كان فيها العمق والتنوع. ألفها شخص يجيد الموسيقى و ليس متطفلا على عالمها.
وينمى هي تصغي, قلبت ميرندا غلاف الاسطوانة وقرأت ما كتب عليه, لمحة عن كيت ويليامز وكيف أنه كان يغني في ناد ليلي مظلم في سان خوان حين دخل صديقه القديم روجر غالنت.
قال كيت ويليامز:
"قتاة التقيتها في سانت طومس أعطتني هذه القصيدة. عرضتها على روجر الذي لحنها وفي تلك الأمسية غنيتها في النادي. سمعها المخرج السينمائي نيوتن الذي كان في سان خوان يخرج فيلما. جاءني طالبا مقابلة مؤلف اللحن. وهذا ما جعلني و روجر نقدم موسيقى هذا الفيلم المذكور".
القصة المختصرة لم توفر لها معلومات كافية عن روجر غالنت. كل ما هناك أنها أعطتها لمحة مقتضبة عن عالم آخر وحياة أخرى. قصة النجاح السريع هذا كانت برهانا على أنه ليس من الضروري أن يكون المرء تخطى الثلاثين حتى يحقق النجاح.
في صباح اليوم التالي وكما وعدها, أوصلها جو إلى المطار. قدم اليها باقة الورود دون أن يفكر بما يمكنها أن تفعل بها في الطائرة, وعلبة كبيرة من الشوكولا. بهرها سخاؤه ولم تتمالك ميرندا دموعها حين قبلها على خدها للمرة الثانية وطلب منها الكتابة اليه. في الحقيقة, كانت المناسبة تستحق رحلة كهذه, لمجرد أن تسمع اطراءه وتتسلم هداياه. هكذا حدثت نفسها وهي تسير في الممر إلى الطائرة, ولكن لو أنه طوقها بذراعيه ورجاها ألا تذهب طالبا الزواج منها لكانت شعرت بسعادة أكبر.
لكن الحماسة التي ولدتها الرحلة بددت دموع الفراق. أخذ جميع المسافرين يتوجهون نحو الطائرة التابعة لهولدينغ ترانسمارين التي كانت تستخدم قاعدة سان خوان لرحلات أسبوعية بين جزر الكاريبي.
جلست ميرندا في مقعد بين اثنين, احتلت الأول امرأة بدينة متوسطة العمر ذات شعر أشقر, ووجه كثير الحمرة والمساحيق واحتل الثاني رجل مثلها مكتنز الوجه.
قدمت المرأة الشقراء نفسها دون تردد. كان اسمها ماري موات. من سكان وسط البلاد.

جين استين333 03-04-09 02:10 PM

-رغم محبتي لبلدتي, أنا سعيدة أن أبتعد عنها في هذا الوقت من السنة.
هذا ما باحت به إلى ميرندا:
-إذا ما رأيت أي شيء يستحق الرؤية من خلال هذه النافذة فسأدعوك إلى رؤيته. فالطيران سيكون مملا, مدته تسع ساعات, كما يقولون. يمكننا أن نتصاحب من البداية. هل أنت أيضا في رحلة الاستجمام هذه؟
وقبل انقضاء الساعة الأولى كانت ميرندا قد اخبرت السيدة موات بكل شيء عن وظيفتها, كما أنها سمعت من السيدة عن رحلاتها الاستجمامية في الشتاء إلى حيث المناخ الدافئ. كانت امراة حيوية واسعة الاطلاع, طيبة المعشر كما هي الحال بالنسبة إلى الكثيرات من أرامل انكلترا.
-انها رحلتي الأولى إلى الكاريبي (قالت السيدة موات) سأقوم بزيارة الكثيرين. سأتعرف إلى رئيس القضاء الأعلى لاحدى الجزر وسأزور ابنة صديقة لي في كندا, أبحرت إلى هناك مع زوجها على متن قارب شراعي. تصوري, هذه الأميال كلها في قارب صغير! ستة أسابيع فقط, آه أنظري, الغيوم أخذت تنقشع. في استطاعتي رؤية المحيط. أنظري.
تطلعت ميرندا, وكانت مدهوشة لرؤية مساحة زرقاء تحتها بآلاف الأقدام, إنها المحيط الأطلسي. حتى أنها تمكنت من رؤية سفينة كبقعة صغيرة تتحرك ببطء في مياه المحيط.
منتديات ليلاس
أحضرت المضيفة المقبلات, وعرفت ميرندا أن الجالس إلى يمينها كان هاري ولتون وهو تاجر لندني في أول رحلة له إلى الكاريبي أيضا.
-لم يكن في استطاعتي احتمال طقس الشتاء في انكلترى اسبوعا آخر. ( قال ولتون) لهذا طلبت من سكرتيرتي الاتصال بوكيلي للسفر لتستعلم عن رحلات الاستجمام, فاقترح سان خوان وقضاء اسبوعين في التنقل بين الجزر. وها أنا هنا مع ليلي. ها هي ليلي, زوجتي, جالسة في الأمام. آه, بالكاد يمكنني الانتظار حتى أحس بأشعة الشمس تلفح جلدي. و الآن ماذا تودين أن تشربي؟ عصير الفاكهة؟
أشياء كثيرة كانت تحدث في الطائرة فلم تشعر ميرندا بالضجر. راقبت المضيفات يحركن العربات بين المقاعد ويخدمن كل واحد بابتسامة عذبة. وبالكاد انتهين من تقديم المشروبات حتى عدن بوجبة الطعام. لم تعرف ميرندا تماما أية وجبة هي, ذلك أنها لم تكن متأكدة من الوقت.
حين انتهت السيدة موات من وجبة الطعام نامت واخذت تشخر قليلا. كذلك غفا السيد ولتون و أخذ يشخر هو الآخر. أما ميرندا فتناولت مجلة تتصفحها وهي تتساءل عمن سيكون في انتظارها في مطار سان خوان.
بعد الشاي خاطبهم قبطان الطائرة. كان عليهم ضبط ساعاتهم لدى اقترابهم من سان خوان إذ كانت الساعة شارفت الرابعة لعد الظهر. كان الطقس عاصفا والمطر ينهمر و الحرارة اثنتين وعشرين درجة.
عاودت الحماسة ميرندا. قريبا ستكون على أرض أجنبية لأول مرة في حياتها. ومع أنها تركت انكلترا منذ ساعات, فإنها لم تشعر أنها تركتها, لأن الطائرة كانت بريطانية وكذلك المسافرين الذين حولها. نصف ساعة وتكون في بورتوريكو, وهذه حاليا جزء من الولايات المتحدة, لكن الاسبان هم الذين يسكنونها منذ البداية ولغة سكانها اسبانية.
كانت هناك جلبة حماسية بين المسافرين. واكتشف كل من السيدة موات والسيد ولتون أن لهما معارف مشتركين. ليلي والتون اعتدلت في مقعدها تتحدث مع ميرندا. وبدا أن الضحك واللطف هما الشعور السائد في الطائرة.
اتكأت السيدة موات إلى ظهر مقعدها كي تتمكن ميرندا من التطلع عبر النافذة. رأت البحر أقرب. تبعثر زرقته أمواج كبيرة من الزبد الأبيض... وبانت لها الجزيرة عالية تنعكس أضواؤها في المياه مؤلفة مهرجانا من الألوان المتلألئة.

جين استين333 03-04-09 02:14 PM

وأخيرا, عندما نظرت إلى تحت, رأت زرقة المياه في قاع البحر تتحول ارجوانية, ثم أقل عمقا. وعند الرمال الشاحبة الصفراء صارت موجا مزبدا يتكسر عند أطرافها, وأشجار النخيل ترفع أوراقها العريضة في الريح. ثم بانت ناطحات السحاب ما وراء الشاطئ و النخيل, تطل على سطوح مستوية لمنازل متواضعة و أكواخ خشبية. وخلفها التلال مغطاة بالعشب الأخضر, كغابات بورتوريكو الشديدة الإخضرار. ثم اختفى كل شيء من أمام بصرها بسبب عاصفة استوائية ماطرة أخذت تضرب البلدة.
أخذت الطائرة تهبط ثم لامست المدرج, وابطأت في اندفاعها حتى وصلت أمام بناية المطار حيث توقفت. وللحال دبت الحركة بين المسافرين فوقفوا وراحوا يجمعون معاطفهم وحقائبهم من تحت المقاعد.
أول انطباع أخذته ميراندا عن سان خوان, أن هواءها دافئ, رطب بسبب المطر الإستوائي, ومشبع برائحة البحر. وتناهت إليها ضحكات بورتوريكيين قدموا معها على الطائرة, ثم لاحظت دموعهم وهم يلتقون أقارب وأصدقاء جاءوا لاستقبالهم كما طربت للغة الاسبانية ذات النبرة الموسيقية في كل مكان حولها.
وقفت إلى جانب السيدة موات في قاعة الوصول للمطار, وأخذت تراقب بشغف اللقاءات العائلية: بنات جميلات يرتدين ثيابا اميركية على آخر طراز, ألوان بعضها صارخ متنافر, شبان ممشوقون أكتافهم عريضة, شعرهم كث أسود, وملامح تعود بالذاكرة إلى الاسبان القدامى, على مناكبهم قيثارات. كانت القيثارة في الواقع عبارة عن رمز, وراح أحدهم يعزف على قيثارته ويغني بالاسبانية أغنية حب, مما أفرح العائلة والرفاق الذين أتوا لاستقباله.
لم يكن البورتوريكيون وحدهم الخارجين من الطائرة الأميركية. بل كان هناك اميريكون أيضا, سواح قصدوا هذا البلد الدافئ لقضاء عطلة منتصف الشتاء. نساء متوسطات العمر, صففن شعرهن بعناية, ورجال في ثياب خفيفة يحملون حقائب تميزها أسماء نوادي غولف, وهذا رمز آخر يشير إلى المرتبة والمركز. بدا اللون الأبيض غالبا على ثيابهم. بناطيل وسترات بيضاء. بذلات بيضاء مزركشة بالأحمر أو الأزرق. بلوزات بيضاء, جزادين بيضاء, أحذية بيضاء.
رفع ولتون إحدى حقائبها وقال بمرح:
-ها أنت هنا الآن. علينا اللحاق بالباص الذي سيأخذ إلى سفينة الرحلة الاستجمامية. هل كل شيء على ما يرام؟
-نعم شكرا.
قبلتها ماري موات على خدها, مما أثار دهشتها.
-انتبهي أيتها العزيزة, ولا تضيعي. لقد سرني السفر معك, يا ميرندا, وتذكري زيارة لورا بالتون في حال مرورك في غرينادا. ستكون سعيدة للقائها شابة مثلك آتية من وطنها الأم.
تركاها, ولأول وهلة تدفقت الدموع إلى عينيها. كانا رباطها الأخير بالوطن حتى تلتقي السيد انغرام. مسحت دموعها, لم ترد أن تبدو عاطفية وسخيفة. فالعمة كلارا نادرا ما كانت تستحسن التعبير عن الأحاسيس في العلن. على أي حال, لم يمض على معرفتها بماري وهاري سوى ساعات قليلة, لذا يجب ألا تهتم بهما كثيرا. كل ما في الأمر أنهما مواطنان طيبا المعشر خفيفا الروح من الذين في استطاعتها الركون إليهم في بلد غريب.
وصلت حقيبتها الثانية, رفعتها متعجبة من ثقلها. وخف الجميع عبر الأبواب الزجاجية, إما إلى سيارات الأجرة و إما إلى الباصات. كانت مهمتها التالية إيجاد المكتب الذي كان مفترضا أن تجد فيه رسالة من السيد انغرام كما سبق وذكر هذا في تعليماته إليها. تطلعت حولها, فلمحت المكتب عند زاوية كبيرة. حملت حقائبها, وجرت نفسها إليه. وصلت و العرق يتصبب منها إذ هي لم تعتد على مثل هذه الحرارة. وتمنت لو تحصل على شراب بارد منعش.
الشاب الذي وراء المكتب كان يتكلم الانكليزية بلكنة اميركية يشوبها سحر لاتيني. وبالفعل كانت في حوزته رسالة لها من السيد انغرام. وأدركت من قراءتها الرسالة أنه لم يتمكن للأسف من إرسال أحد لملاقاتها. وكان عليها بالتالي أن تستقل التاكسي إلى المرفأ وتسأل عن نادي اليخوت سي كويست و أي سائق تاكسي يعرف أين ترسو المراكب المخصصة للرحلات الاستجمامية.
أخفت تبرمها من عدم وجود أحد لملاقاتها, ومن احتمال أن يخطئ السائق فهم التعليمات التي عليها أن تعطيها له. ابتسمت ميرندا للموظف بثقة وتهذيب. وما إن استدارت لتخرج حتى وجدت نفسها تدوس قدم شخص كان يقف خلفها.
-آه إني آسفة! آمل ألا أكون آذيتك؟
قالت تعتذر بصدق, ورفعت عينيها فاصطدم نظرها بنظارتين شمسيتين ساطعتين. كان الوجه حول النظارات نحيلا ورجوليا لوحته الشمس قليلا. فمه حسن الشكل مقوس في ابتسامة سحرية خفيفة.
قال لها:
-أنت بعيدة عن الوطن.
كانت لكنته انكليزية من دون شك, وكان يرتدي الجينز كما هي حال كثير من الشبان, مما جعله يبدو كأي شخص آخر.
كانت ميرندا تحدق في نظارتيه المعتمتين وتتمنى لو ينزعها عن عينيه.
قال لها:
-اعتقد أنك من لندن.
وللحال لاحظت شيئا غير انكليزي في كلامه, كان فيه شيء من هنود الغرب.
أجابت ميرندا:
-صحيح.
بدت مرتبكة وهي تخاطب رجلا غريبا وكأنه يعرفها من زمان. أشاحت بوجهها عنه وهمت بالتقاط الحقائب.
-اسمحي لي.
وقبل أن تستطيع اكمال سيرها كان قد حمل أثقل حقائبها. بينما أمسك بيده الثانية حقيبته التي كانت مغطاة بشارات عديدة, مما يدل على الأسفار الكثيرة التي قام بها.
-لكنني سأدعو حمالا.
-جميعهم مشغولون, كما تلاحظين إذا ما تطلعت حولك. إلى أين أنت ذاهبة؟
-إلى الميناء.
-أنا أيضا.( قال بصوت خافت) سنذهب معا.
ترددت مرتابة, فابتسم لها بلياقة وسحر وبانت اسنانه البيضاء المتناسقة.
-تعالي.
وبثقة متزايدة مصدرها ابتسامة المحببة ولكنته الانكليزية المألوفة, تبسمت ميرندا له. رفعت حقيبتها الأخرى وأسرعت وراءه, وهو يحث الخطى على رغم مظهره الوقور.
أوضحت له:
-أشرطة التسجيل هي مصدر ثقل الحقيبة.
سألها متطلعا إليها برفع حاجبيه:
-أشرطة تسجيل؟
-نعم, طلب مني رئيسي احضارها.
-هو الذي ستلتقينه في الميناء؟
-نعم. سنبحر في رحلة إلى الجزر.
-الآن؟ وماذا ستقول زوجته؟
-ستكون معنا. إنها رحلة عمل, وليس كما تظن.
قالتها بجدية وبنبرة مؤنبة مداعبة في آن, لكنه تبسم لها, فأحست بالاحمرار في خديها.
خرجا إلى الهواء الرطب, وللحال اندفعت صوبهما سيارة كبيرة وتوقفت أمامهما.
نادى الرجل على السائق بالاسبانية فلوح هذا بيده مبتسما, وخرج من التاكسي ودار حول السيارة ليفتح الصندوق ويساعد الغريب في وضع الحقائب.
فتح الرجل باب السيارة الخلفي, داعيا ميرندا إلى أن تدخل.
-هذا لطف كبير, سيد...
قالتها بتردد ثانية.
-هذا من دواعي سروري. ( أجابها باقتضاب) لنستقل التاكسي نفسه مادمنا في الاتجاه ذاته. اعتبري عملي شكرا للخدمات الكثيرة التي قدمت إلي يوم كنت في لندن, إذا كان هذا التبرير يجعلك تقبلين خدماتي من دون ارتباك.
صعدت إلى السيارة, جلس إلى جانبها وأغلق الباب, وبسرعة انطلقت السيارة بهما مبتعدة عن المطار إلى طريق ضيقة على جانبيها أشجار نخيل. كان المطر قد توقف وسطعت الشمس, أشعتها تكاد تؤذي العيون.
فتحت ميرندا حقيبة يدها لتتناول نظارتيها الشمسيتين, فسحبت عن غير قصد رسالة السيد انغرام. وقعت الرسالة على أرض التاكسي فانحنى يلتقطها, ولاحظ الاسم والعنوان على الغلاف قبل اعادتها إليها.
سألها إن كانت ميراندا:
-نعم.
قالت له بشيء من عدم الرضا, وسحبت الرسالة من يده.
-ميراندا ( قال يلفظ اسمها بتأن). كم هو رومنسي هذا الاسم بالنسبة إلى فتاة انكليزية. هل أنت ميراندا شكسبير, تلك البريئة العاطفية في مسرحيته "العاصفة"؟ ميراندا الحائزة على كل اعجاب, الكاملة التي لا مثيل لها, خلاصة فضائل البشر؟
انزعجت لكلامه هذا كما لم تنزعج من قبل. الا أنها اخفت مشاعرها وراء نظارتيها المحكمتين بعناية على أنفها. ومن خلف زجاجهما الأسمر تفحصته بدقة.
لم يتبادر إليها ساعة التقته في قاعة المطار أنه يكبرها سنا بكثير, أما الآن فقد تأكدت أنه في نحو الثلاثين من عمره, بل قد يكون بات في المقلب الثاني من عمره.
إلا أنه كان على شيء من الأناقة لم تلاحظها بادئ الأمر. وقد يعود هذا, في ظنها, إلى أنه كان يرتدي تحت سترته الزرقاء قميصا وربطة عنق. صحيح أن طوق القميص كان مرتخيا وحل ربطة العنق بسبب الحرارة, غير أن كليهما من نوع ممتاز وينمان عن زوق رفيع. أما شعره فبدا حديث التقليعة مقصوصا مصففا يلمع, بلون الكستناء, وبسمرة حمراوية داكنة. تمنت ميراندا رؤية عينيه, ذلك أن رؤية عيون الآخرين تجعل معرفتهم أسهل. ويبدو أنه أدرك هذه الحقيقة فتعمد حجبهما.
سألها فجأة, مما جعلها تجفل:
-هل اكتفيت؟
-اكتفيت؟( سألته بدورها وهي تنظر إلى فمه عساها تعثر على مفاتيح شخصيته).
كان حازما في حساسية, صارما في راحة, يميل إلى الابتسام متى تكلم.
-مني. كنت تقيسينني كما قاست ميراندا الأخرى فرديناند حين تحطمت سفينته على جزيرتها. كانت تظن أنه روح من العالم الثاني حتى أكد لها والدها أن فرديناند كان بشرا. هكذا يمكن أن أصف نفسي. إنك في مأمن. لست خاطفك, بل أعرض عليك شيئا من ضيافة الجزيرة.
-آه, هل تعيش هنا, إذن؟
-ليس هنا, ولا في أي مكان آخر بصورة دائمة في الوقت الحاضر, لكني ولدت ونشأت على جزيرة في الأندوس الغربي.
هذا يفسر لهجته, قالت ميراندا في سرها, إذ تذكرت من دراستها الجغرافيا في المدرسة أن العدد من جزر الأندوس الغربية كانت مستعمرات بريطانية سابقا, وأن غالبيتها لا تزال منضوية في الكومنولث.
كانت سيارة التاكسي مسرعة من دون اعتبار لوعورة الطريق ولا لقوانين السرعة وظهرت اكواخ خشبية قديمة بين غابات الموز والنخيل وأشجار التمر وقد تفتحت براعمها زهورا صفراء ووردية لامعة. هنا وهناك على جانب الطريق سيارات عتيقة معطلة كان البورتوريكيون يتخذون منها دكاكين يبيعون فيها أغراضا متنوعة.
وحين استوضحت ميراندا مرافقها عنهم, أجاب:
-انهم باعة متجولون, يبيعون برتقالا مقشرا, سراطين وأراجيح وسلالا من جوز الهند ذي العصير الأكثر انعاشا لدى اشتداد الحر.
وصلا إلى مفترق حيث تتصل الطريق بأخرى عريضة عليها شاحنات وسيارات و باصات زرقاء وبيضاء مسرعة. لم تكن هناك شارات سير, فأخذ السائق خطه, وانحرف بسيارته إلى اليمين وانطلق في مجرى السير, مما دفع بسائقي السيارات الذين فوجئوا به إلى إطلاق أبواق سياراتهم عاليا, حتى أن إحدى السيارات تخطته وأمطره سائقها, وهو في محاذاة سيارته, ببعض الشتائم, فرد سائق التاكسي عليه بمثلها. ورمقت ميراندا مرافقها وقد دهشت لما رأت, وما سمعت. أما الرجل الغريب فكان يراقب ويصغي, وابتسامة خفيفة على فمه. وحين تحركت السيارة الأخرى إلى الأمام في أثر السيارات الأخرى, مال إلى الأمام صوب السائق وحدثه بالاسبانية.
ثم قال لميراندا:
-طلبت منه أن يسلك الطريق الفرعية في المناطق الآهلة بدل الخط السريع هذا. بهذا يمكنك رؤية المنطقة عن كثب. مع الأسف, إن شوارع سان خوان متخمة بالبنايات العالية. في أواسط الأربعينات قرر الحاكم أن شيئا ما يجب أن يتم لتشجيع السواح على زيارة الجزيرة. لهذا انطلقت حملة كبيرة في هذا الاتجاه,
فشيدت فنادق عالية وفخمة. ومع أن السياحة بدأت بفتور أولا إلا أنها قويت فيما بعد. الفنادق في كل مكان. عندئذ ظهرت مشاكل تبعها تراجع في العمران. ستلاحظين الكثير من الفنادق المغلقة.
-على هذا الأساس بفضل أصحاب شركة ترانسمارين عدم البناء هنا.

جين استين333 03-04-09 02:15 PM

أجابته ميراندا مداعبة وهي تتأمل الفيلات ذات الطابع الاسباني القديم والشرفات الحديدية المزدانة بزهور قرمزية حمراء.
-ترانسمارين؟ ( سألها مرافقها والاهتمام في صوته) لاحظت العنوان على رسالتك. ما علاقة فتاة طيبة مثلك بهؤلاء القراصنة؟
فوجئت بتهجمه على الشركة التي تعمل فيها وأجابته ببرودة:
-اشتغل عندهم. كنت في قسم العمل على الآلة الكاتبة في المكتب الرئيسي في لندن, وبسبب مرض سكرتيرة السيد انغرام جئت مكانها فيما كان يجري المفاوضات الأولية لشراء عقار كبير على جزيرة فورتوغا. قد تكون سمعت بها.
-نعم, سمعت بها.
كان في صوته هذه المرة مزاح جاف, فتذكرت أنه من الأندلس الغربي و لا بد طبعا, أنه سمع بفورتوغا.
وسألها بعدم اكتراث:
-وهل هذا ( الانغرام) الذي تتحدثين عنه هو الرئيس الذي ستلتقينه في المرفأ؟
-نعم. إنه المسؤول عن شراء العقارات في المنطقة الغربية. إنه فائق الذكاء, فقد أتم صفقات خيالية, لقد دعا عائلة صاحب العقار في جزيرة فورتوغا إلى القيام معه برحلة بحرية لاطلاعها على بعض فنادق ترانسمارين وأماكن الراحة.
-ولكن لماذا يريد فعل ذلك؟
-يبدو أن موافقة أحد أفراد العائلة ضرورية لتحقيق عملية البيع, لهذا دعاهم عساه يبت في الأمر بطريقة ودية. كذلك يقول السيد انغرام أن العقبة هي في أحد أفراد العائلة, فهم أناني لا يهتم بالعقارات موضوع الصفقة, مع أنه يملك نصفها, وهو لا يعيش هناك مطلقا. واعتقد أنها ستنتهي إلى الخراب, وهذا عار, في الوقت الذي يمكن تحويلها إلى مكان استجمام لقضاء عطلات جميلة فضلا عن إفساح مجال العمل لابناء المنطقة في مشروع كهذا.
-وهل التقيت أحدا من العائلة المذكورة؟
-نعم, الذي يريد البيع. قدم إلى مكتب لندن في الخريف. إنه متشوق إلى أن يرى شركة ترانسمارين تلتزم هذا المشروع.
-كيد, انما بثمن.
أجابها بملاحظة مبهمة جعلتها تلتفت إليه وتحدق فيه بينما ينظر خارج السيارة متظاهرا بعدم الاهتمام.
لاحظت ميراندا بعض المنازل. لمعالمها الهندسية جمال فريد. كانت لها حدائق جميلة تحوي شتى أنواع الورود. وأعجبتها الطرق الضيقة وعند أطرافها البحر يلمع تحت الشمس وأمواجه الفاتحة الزرقة تتكسر فتستحيل زبدا عند الشاطئ الذهبي.
انعطفت سيارة الأجرة إلى طريق رئيسية, حيث اصطفت بنايات حديثة من الاسمنت, شديدة البياض تحت الشمس. بعضها دل في هندسته على أثر اسباني, القناطر مغربية فخمة شرفاتها من حديد. فجأة لاحظت إلى اليمين حجرا أسمر دافئا يتوهج كالذهب تحت أشعة الشمس, وأبراجا ضيقة مستديرة الرأس, وجدرانا كبيرة مائلة.
سألته وقد أعجبها هذا المظهر الاثري:
-ما هذا؟
-حصن سان جيرونيمو. إنه واحد من سلسلة حصون بناها الاسبان لحماية الميناء من القراصنة البريطانيين و الفرنسيين. سان خوان قديمة بالنسبة إلى عالم اليوم. عمرها أربعمائة وخمسون سنة, منذ قدوم المحتلين إلى هنا.
فجأة استطرد يسألها:
-ماذا ستفعلين في هذه الرحلة العملية التي نظمها رئيسك؟
-أسجل الملاحظات, أطبع رسائل وأساعد السيد انغرام في عملية الترفيه.
-وتساعدين على تليين قلب ذلك العاصي في العائلة الذي لا يريد البيع؟
كان سؤاله ذكيا و موحيا بالمعاني, مما لم يعجب ميراندا.
-سأعرف كيف أقوم بذلك. (أجابته بجدية) ثم إني لا أظن أن السيد انغرام يلجأ إلى أساليب كهذه.
-وأنت؟
كان في سؤاله شيء من السخرية.
-كل ما سأفعله هو إظهار الفوائد التي تقدمها شركة ترانسمارين, هذه الفوائد التي ستفوق ما تقدمه أي جماعة أخرى.
-هل مكثت في أي من فنادق ترانسمارين؟
-كلا.
-إذن, أنت لا تعرفين الكثير عنها, أليس كذلك؟ كذلك لا أعتقد أنك فكرت بشعور أهالي الجزر الذين يتضررون في المدى الطويل من مؤسسات أمثال الترانسمارين بدلا من تركهم ينمون إمكاناتهم الذاتية بأساليبهم الخاصة.
-لكنهم يستفيدون كذلك من وظائف وتسهيلات جديدة.
-ليس دائما, وهنا المشكلة. نحن في طريقنا إلى البلدة القديمة الآن, هنا سترين الجمال الحقيقي, قليل من القدم و الانحلال, ومع هذا هي بلدة رائعة الجمال. فجأة, يأتي أحدهم ليبدي اهتمامه بها واستعداده لينفق على تحسينها.
كانت سيارة الأجرة تعبر شوارع ضيقة بين منازل عالية الجدران, نوافذها طويلة وأنيقة مشرعة على شرفات حديدية دقيقة وبواباتها الجميلة تحمي باحات خضراء وشجيرات تنعكس أشكالها في مياه الينابيع وقريبا من المرفأ بنايات متصدعة جرداء اللون تقوم على أعمدة خشبية.
فجأة وصلا إلى شارع عريض يحاذي الميناء حيث مساحة من المياه وسيعة كانت تلمع تحت الشمس. وسفن كبيرة للنزهة ترفع مراسيها. طلاؤها أبيض مضيء, أعلامها البهيجة ترفرف مرحة في الريح.
انعطف السائق إلى الشارع وسألها بالانكليزية عن اسم الرصيف الذي يقصدانه. ولما تطلع الرجل نحوها متسائلا بدوره أدركت ميراندا أنها لا تعرف العنوان. فأقرت بجهلها وأعطته اسم اليخت. أبلغ الرجل الاسم إلى السائق الذي أومأ برأسه قائلا كلاما بالاسبانية.منتديات ليلاس
تمتم صاحب النظارتين الشمسيتين :
-يقول السائق إنه نقل أحدهم إلى اليخت الذي تقصدين, وهو على الرصيف.
بدا باردا ومغلقا على ذاته. وأحست بأن الدفء الذي لاقاها به تبدد عن قسماته كما أحست بالأسف أن انسانا بهذا اللطف وهذه المساعدة سيفلت من حياتها إلى الأبد.
خرجت إلى الرصيف, كانت الشمس حادة تخترق خيوط سترتها وتلصقها بجلدها. كانت ساقاها دبقتين تحت جوارب النايلون, وتمنت لو تغطس في المياه الزرقاء. أخرج مرافقها محفظته, ونقد السائق أجرته قبل أن ينطلق هذا مبتعدا. اقترب حمال ووضع الحقائب على عربته. اذ ذاك تأكد لها أن الرجل ذا النظارتين سيرفقها حتى اليخت.
دخلا قاعة باردة وعبرا ممرا, وخرجا من الطرف الىخر واتجها إلى حيث رسا مركب للنزهة كبيرة يلمع. كان الناس يصعدون إليه. حين عبرا مقدمته رأت ميراندا الاسم وتحققت أنه المركب الذي سيقل ماري موات و ولتون في رحلة استجمام بحرية لمدة اسبوعين.
أخذ التعب ينال منها وهي تسير خلف الحمال والرجل ذي النظارتين. كان يومها طويلا, وقد بدأت تحس بآثاره. بينما بدا الغريب الداكن البشرة بلون النحاس غير آبه بالحرارة. كان يسير على هواه وهو يتحدث إلى الحمال. وقدرت ميراندا بادرته في مرافقته اياها إلى هنا. إذ لم يكن ليكترث إليها كثيرون غيره.
كانا قريبين كفاية من قارب صغير مربوط وراء يخت النزهة فاستطاعت أن تتبين اسمه المحفور بأحرف ذهبية عند مقدمه.
قال الرجل مشيرا إلى المعبر:
-ها قد وصلنا...
وبتردد خطت ميراندا صوبه تتساءل إذا كانت لحظة الفراق قد دنت.
-سآتي معك.
قالها بصوت خافت, مما جعلها ممتنة له, من دون أن تدعه يلاحظ ذلك لأنها كانت نضع على عينيها هي أيضا نظارتين شمسيتين.
انعطفت وراحت إلى المعبر الذي كان فوق مساحة من الماء ضيقة تفصل اليخت الأبيض عن المرسى. على متن القارب وجدت نفسها أمام بابين من الزجاج. فتحت أحدهما, ودخلت مكانا مبردا.
نزعت عن عينيها نظارتين بتمهل لتعتاد الضوء الخفيف بعد نور الشمس القوي خارجا, لهذا لم تنتبه إلى شابة في الممر سمعتها تهتف:
-ماذا تفعل هنا يا روجر؟
-كما تفعلين.
لم تستطع حرارة صوته أن تخفي برودة ما في داخله.
-إني هنا للبحث في مستقبل أملاك غالنت.
التفتت ميراندا نحوه وعيناها الرماديتان الواسعتان تتهمانه. كان قد ازاح نظارتيه فظهرت عيناه إذ التقتا عينيها, خضراوين بشفافية الجليد.
-نعم ميراندا. ( قال يرد نظرتها المتهمة) أنا هو المتمرد في عائلة غالنت, أنا هو الأناني الذي يرفض بيع حصته. أنا روجر غالنت , وأريد أن أقدمك إلى واحدة من أبناء عمي, خوانيتا غالنت خوانيتا, هذه ميراندا بنسن, سكرتيرة انغرام.

جين استين333 03-04-09 02:20 PM

هادا الفصل الأول تم واتمنى منكم انكم تصبو عليا لان الفصول مرة طويلة

جين استين333 03-04-09 05:55 PM

رح انزلكم جزء من الفصل الثاني

جين استين333 03-04-09 05:58 PM


2-لم تتخيل ميراندا أن مهمتها شائكة إلى هذه الدرجة. وجدت نفسها ممزقة بين مصالح الشركة التي تعمل فيها وبين عائلة غالنت التي تحبها. وخصوصا روجر, الموسيقي الذي له أكثر من موهبة!

منتديات ليلاس

وقفت ميراندا جامدة هادئة محاولة التغلب على عاصفة الغضب التي هددت تماسكها. كان غضبها ممتزجا بشعور من الخيبة, ذلك أن الشاب الذي صاحبها في المطار ورافقها إلى اليخت خدعها. وأحجم عن ذكر اسمه عمدا وتركها تفصح عن خطط الترانسمارين.
-كيف حالك؟ إني سعيدة بوصولك سالمة. كنت في انتظارك. السيدة انغرام رغبت في الذهاب إلى شاطئ لوكويلو لتمارس هواية السباحة, فأخذها السيد انغرام وطلب مني استقبالك. يا له من حظ أن تحضري وروجر معا إلى اليخت.
على رغم اسمها وملامحها الاسبانية كانت خوانيتا تتكلم الانكليزية بلكنة كالتي لروجر. كانت الكلمات تفيض منها بسرعة كأنها خائفة أن يقاطعها أحد قبل أن تقول كل شيء. كانت في نحو الثالثة والعشرين من العمر, شعرها أسود كالليل, عيناها رماديتان ضاحكتان وملامحها كاستيلية, ترتدي تنورة فضفاضة وقميصا يصل إلى ما دون كتفيها. ابتسمت ميراندا بجهد كبير وشكرتها.
-لم يكن هناك داع لأن تزعجي نفسك. ( أجابتها الشابة الذهبية البشرة).
ثم التفتت إلى ابن عمها وقالت:
-من زمن طويل لم يلتئم شمل العائلة هكذا, يا روجر.
-جميعنا؟ ( استوضحها ببرودة) هل مارني هنا؟
بدت خوانيتا على غير ما يرام, وهربت الضحكة من عينيها.
-نسيت مارني. ( اعترفت بصوت خافت).
رد بحدة قائلا:
-معظمكم ينساها أكثر الاحيان.
ولاحظت ميراندا, اذ رمقته, أن روجر كان غاضبا بمقدار غضبها هي والشرر يتطاير من عينيه وفمه الجميل تقلص.
-لمجرد أنها ضريرة لا يعني عدم وجوب حضورها في أي حال, أي صفقة بيع يجب أن تشملها مباشرة. هل عرفت أن طومس لم يعلمها برغبته في البيع؟ كما لم يعلمني بالأمر أنا أيضا.
-إذن كيف عرفت الأمر؟( سألته خوانيتا).
التفت ينظر إلى ميراندا بعينين خضراوين تشعان, وأجاب بلباقة:
-عرفت في طريقي إلى هنا. الآنسة بنسن أخبرتني.
أحست ميراندا بقواها تكاد تخور وتمنت لو تجد حائطا قربها لتلطمه. واقتضى منها هذا الموقف كل ما عندها من برودة لتبدو وكأن شيئا غير عادي لم يحدث. وهي لم تستطع إلى الآن أن تتعامل مع روجر غالنت كما يجب. كشفت كل شيء حتى قبل شروعها في المهمة الجديدة.
سألته خوانيتا وقد أخذتها الحيرة:
-ولكن لماذا جئت إذا كنت لا تعرف الهدف من رحلة الاستجمام هذه, ومن الذي دعاك؟
-قدمني كيت ويليامز إلى انغرام خلال حفلة في نيويورك. وذكر لي هذا الأخير أنه سينظم هذه الرحلة إلى الجزر. وقال أنه يرغب في تسميتها فورتوغا, وكذلك دعاني إلى الالتحاق بها. ولأنه لم يكن لدي ما هو أفضل رأيت أن أقبل الدعوة. لم أكن أعرف أنه يعمل في الترانسمارين, أو أن شركته كانت مهتمة بشراء العقار. وإلا لما أتيت. متى بدأت هذه المفاوضات, يا خوانيتا؟ هل تعرفين؟
-كل ما أعرفه هو أن والدي ذهب إلى لندن الخريف الماضي للاجتماع بمسؤولي الترانسماؤين. كان يجس نبض المهتمين بتنمية الفنادق وأماكن الاستجمام بغية بيع العقار المسمى الفولي. تقدمت الترانسمارين بأفضل عرض. عندئذ اكتشف السيد انغرام أن الفولي لا يباع من دون أن يباع الآخر المعروف باسم الفانسي ولهذا السبب اتصل بك.
تمتم روجر علامة الموافقة ثم قال معلقا:
-وبدهاء عظيم اقنعني بالمجيء إلى هنا. لماذا يريد طوم البيع؟
اجابته خوانيتا بخجل:
-أظن أنه في ضيق مادي. أرجو الا تغضب, يا روجر. انك تعرفه.
-اعرفه جيدا. ( غمغم روجر بمرارة) هل أتى رامون معك؟
-نعم.
وأضاء وجه خوانيتا بالضحك.
-لدينا الكثير لإبلاغك إياه. اننا ننتظر مولودا في حزيران.
لمعت ابتسامة شاحبة في وجه روجر النحيل:
-حسنا. اعتقد أنه من الافضل أن تفعلي ما قاله انغرام وأن تأخذي سكرتيرته إلى حجرتها. من المفروض وجود من يحمل حقائبها. ثم اني في حاجة إلى شراب منعش.
قالت خوانيتا:
-هناك مقصف. اليخت رائع يا روجر يحوي كل شيء.
-ثقي بأن لدى ترانسمارين كل شيء. ( قال روجر متهكما, ملتفتا إلى ميراندا ببرودة, وابتعد يصعد درجات مغطاة بسجادة. رأته ميراندا يختفي فداخلها شيء من الراحة).
-أنت تعبة من دون شك. ( خاطبتها خوانيتا بصوت حنون وبشيء من القلق بان في عينيها العسليتين وهما تتفحصانها) أعلم جيدا معنى السفر بالطائرة كل هذه المسافة. كنت أتلقى دروسا هناك.
وذكرت خوانيتا اسم مدرسة مخصصة للبنات في غرب انكلترا, وسألتها إذا كانت تعرفها. فردت ميراندا بانها سمعت بها لكنها تحاشت أن تذكر لها أن هذه المدرسة أرقى بكثير من المدرسة التي تعلمت هي فيها.
-من هنا. ( قالت خوانيتا وكأنها معتادة على اعطاء الأوامر) حجرتك قريبة منا. أخي يأتيك بالحقائب فيما بعد. لو كنت مكانك لاستحممت وحاولت النوم. وحين يعود الآخرون من لوكويلو نتناول عشاءنا ونذهب إلى نادي ليلي لمشاهدة رقص الفلامنغو . زوجي رامون من بورتوريكو. عائلته اشترت مصفاة غالنت من سنوات. إنهم مشهورون بصناعة العصير. آمل في أن يأتي روجر معنا إلى النادي. إنه المكان الذي كتب فيه موسيقى النجوم في البحر. هل عرفت انه مؤلف موسيقي؟
توقفت خوانيتا عن الكلام, ربما بسبب تعبها الناتج من نزولها الدرج إلى الطابق السفلي الذي يفضي إلى رواق عريض شبيه بالرواق الذي كانا فيه لتوهما والذي يمتد من مقدم اليخت إلى مؤخره.
أجابت ميراندا دون أن تخفي برودة في صوتها:
-أخبرني السيد انغرام.
والتفتت خوانيتا إليها قائلة:
-انك منزعجة. لم يكن روجر لطيفا, إنه ليس دائما كذلك. حتى لو كان مضطربا, فهو لا يظهر غضبه, خلافا لي. حين, اغضب, تعرفين.
وضحكت خوانيتا.
-آمل ألا يرحل روجر. فأبي يحاول الاتصال به منذ فترة للبحث في مستقبل اراضي غالنت, ولكن روجر لا يجيب على رسائله. إنه يتهرب كثيرا ويكره العمل. الموسيقى همه. يبدو أحيانا غريبا ومأخوذا إلى عالم آخر, وهذا يزعجنا.
انعطفت في ممر ضيق يمتد على طول جانب اليخت. تبعتها ميراندا والقلق على مستقبلها يستبد بها فجأة.
-آمل ألا يرحل. ( قالت ميراندا) انه يعرف سبب دعوته إلى هذه النزهة البحرية, وإذا رحل قبل قدوم السيد انغرام سأكون في مأزق. كنا قادمين معا إلى الميناء, وفي أثناء الحديث اعلمته بسبب مجيئي إلى هنا وغاية السيد انغرام من دعوته للآخرين, وهذا قبل أن أعرف من يكون. كيف كان في مقدوري معرفته؟
وقفت خوانيتا خارج باب ضيق محدقة في ميراندا.
كان في استطاعتك معرفته من صورة ربما اطلعت عليها من قبل. ( ردت خوانيتا) طالما أنه في هذه الملابس والنظارتين السوداوين سيكون من الصعب التعرف إليه, وربما لهذا السبب أراد أن يبدو كذلك على ما أظن.
قالت ميراندا بشيء من الغضب:
-ما رأيت صورته أبدا من قبل. وما سمعت به أو بموسيقاه حتى أول من أمس.
-لم تسمعي به حقا؟( سألتها خوانيتا متعجبة) آه, انه يحب معرفة ذلك. انه انطوائي ويكره الدعاية التي ترافق أغانيه. من هنا خوفي الا يأتي معنا الليلة إلى النادي, ذلك أن لويز بينتز قد يثير ضجة حوله ويسلط عليه الاضواء. ما هو المأزق الذي ستقعين فيه إذا رحل قبل وصول دوغ انغرام؟
-قد أخسر وظيفتي وأنا لم أبدا بها بعد.
-لا تخافي, لن أدع هذا يحصل. والآن هذه حجرتك.
فتحت خوانيتا الباب, ودخلتا إلى مقصورة صغيرة مرتبة تحتوي على سرير, خزانة, علاقة ثياب وحمام. وكان الضوء يتسرب إليها من كوتيها الصغيرتين.
-بيننا بابان, وهذا شيء مفرح, عندك راديو.
لم تعرف ميراندا كيف تخاطبها, فلقبتها سنيورة.
-أرجوك ناديني نيتا. 0قاطعتها خوانيتا ضاحكة) إن كلمة سنيورة كلمة اسبانية فيها كثير من التكلف بين انكليزيتين. عليك أن تتذكري دائما أني درست في انكلترا وأني ابنت طومس غالنت. مع أني أشبه أمي البورتوريكية وطبعي لاتيني.
-ولكن أكيد أن السيدة غالنت والدتك.
لاحظت ميراندا متذكرة جمال دون غالنت الفضي كأشعة الشمس شاحبة وذلك في عتمة مكتب في لندن بعد ظهيرة أحد الأيام من شهر تشرين الثاني.
-دون زوجة أبي. تزيدني بست سنوات فقط. التقاها أبي في ميامي. يومها كانت تغني مع فرقة في ناد. حين التقت روجر أحبته, لكنه كان في عالم آخر, وهكذا صارت من نصيب والدي.
قالت خوانيتا ذلك بشيء من العبوس والتهكم.

جين استين333 03-04-09 06:00 PM

-أحكي كثيرا, واشعر أنك تعبة وغير قادرة على الاهتمام بتعقيدات عائلة غالنت. سأبحث عن أخي كارلوس الذي على رغم اسمه الاسباني تلقى دروسه كبقية الاميركيين فب الولايات المتحدة. ناديه تشك, برضاه. سيحضر إليك حقائبك.
وخرجت, فبدت الحجرة غارقة في الهدوء من دون حضورها الحي المشع.
تهالكت ميراندا على السرير مرهقة ورمت بحذائها. احست بقدميها أكبر حجما مما هما في الحقيقة. نظرت إلى نفسها في المرآة وتعجبت كم هي باردة وجامدة. لباسها الأزرق البحري ل يزل كما كان, وشعرها ناعم. وحدها دلائل الحر دمغت خديها المحتقنين, وبدت عيناها أكثر اتساعا. خلعت جاربيها. كانت بشرة ساقيها بيضاء. وتذكرت خوانيتا, وكانت سعيدة أن هذه فتية ولطيفة. لطفها محا إلى حد ما الخيبة التي شعرت بها حين عرفت أن مرافقها من المطار كان روجر غالنت.
وتساءلت عما دفعها إلى أن تفصح عن خطط الترانسمارين لشراء عقارات غالنت وتنتقد بلا تحفظ شخصا لم تكن تعرفه, هذا الشخص الذي رافقها وكان موضوع حديثها بالذات؟ كان عليها أن تتذكر أن السكرتيرة يجب ألا تثرثر للجميع عن أعمال رئيسها. لكن غالنت كان لطيفا إلى درجة كان من الصعب عليها عدم التحدث إليه.
"هذا ليس عذرا, يا ميراندا", هكذا تخيلت ميراندا العمة كلارا تحذرها من التحدث إلى الغرباء. لكنها عصت هذه النصيحة وانخدعت.
راجعت القضية بدقة ورأت أن روجر ربما كان غاضبا لأن السيد انغرام خدعه كذلك, وهي لا توافق على حيل رئيسها في اقناع مؤلف موسيقي بالالتحاق بنزهة الاستجمام البحرية للبحث في مستقبل عقارات غالنت. قبل برهة وجيزة كانت تدافع عن السيد انغرام قائلة أنه لا يلجأ إلى أساليب غير أخلاقية. كم كانت غبية بالنسبة إلى روجر الذي عرف تماما مدى احتيال السيد انغرام.
سمعت طرقا على الباب فانتصبت بسرعة على قدميها. فتحت الباب, فإذا بشاب من عمرها كبير وقوي يرتدي زيا رياضيا قصيرا, شعره طويل أسود, داكن, عيناه على شيء من الزرقة الناعسة. حقيبتان عند قدميه. تنهد ومد يده الكبيرة.
-أنا تشك غالنت. طلبت مني خوانيتا احضار حقيبتيك. سعيد للتعرف إليك.
سلمت عليه ميراندا وابتسمت.
-شكرا. هل لك أن تضعهما هناك؟
وضعهما بسهولة قرب الخزانة وعاد لينظر إليها ثانية.
-آمل أن تتعشي معنا الليلة. يسعدني أنك لست متوسطة العمر أو متزوجة كالأخريات هنا. بدأت أشعر أني أخطأت في القدوم إلى هنا, لكن حضورك وروجر جعل الوضع أكثر حيوية. دوغ ينعش الجو دائما حتى ولو على حساب والدي. إنه رائع, ولكن خبيث. أتسبحين؟
-قليلا.
-عظيم. ربما نسبح أو نغطس.هناك الكثير من التجهيزات على اليخت وقارب شراعي صغير. آمل في أن أراك ثانية.
تمتم ذلك وهو يخرج.
فتحت ميراندا احدى حقيبتيها وأخذت مناشفها وقميص النوم. كانت ترغب في الاستحمام والنوم بين أغطية خفيفة في غرفة مكيفة الهواء.
نامت عميقا, ورأت حلما خلاصته أنها كانت تسبح في مياه خضراء دافئة تدغدغ بشرتها كما يفعل الحرير. وبعد هنيهة أدركت أنها كانت تحت الماء تهبط وتعلو كسمكة. كانت رغبتها كبيرة في الخروج من مسالك المرجان الضيقة إلى سطح الماء لكن شيئا ما كان يمسك بقدمها, وكلما صارعت, كلما عقلت به أكثر. تطلعت إلى الوراء فرأت عشبة بحرية بنية غامقة. وحين حدقت فيها صارت العشبة شعرة, كان أحدهم يسبح إلى جانبها واضعا قناعا بحيث أنها لم تتمكن من رؤية عينيه أو وجهه. وارتفع صوت:
-أنت ممسوكة الآن, لا مهرب. قبضت على أوهام غالنت, يا ميراندا.
كان صوت يردد اسمها مرة بعد أخرى. فتحت عينيها فإذا بمن ينحني فوقها. شعر رمادي أجعد, حلق الماس في الاذنين وعنق مستدير ممتلئ, ملامح ذات ابتسامة متألقة. إنها زلدا انغرام.
-حان الوقت يا ميراندا. سنتعشى معا على الشاطئ, و دوغ يرغب في لقائك قبل الذهاب.

جين استين333 03-04-09 06:03 PM

ان شاء الله اكملكم بكرة جزء

نوووور2010 06-04-09 03:13 AM

:flowers2:رواية جميلة جدااااااااا

سلمت الايادى ونتمنى ان تكتمل بسرعة

لا تشوقينااااااااا:55::flowers2:

تمارااا 06-04-09 12:57 PM

مشكور على الرواية الحلوة
متابعينك للنهايه
تقبلي مروري

جين استين333 06-04-09 04:24 PM

شكرا لكم حضوركم وانا دحين رح احط جزء من القصة وان شاء الله ما اشوقكم للقصة..^^

جين استين333 06-04-09 04:26 PM

جلست ميراندا وإحدى قدميها ملتفة بغضاء, وهذا ما جعلها تحس في الحلم بالقيد حول رسغها. تطلعت بصعوبة في الضوء الصادر عن لمبة موضوعة على الخزانة الصغيرة. ومن ثم إلى النوافذ الضيقة ذات الستائر البيضاء والزرقاء. لا شك أن الظلام مخيم في الخارج. و أدركت أنها كانت تحلم.
-كم الساعة؟
-السابعة والنصف. آمل أن تكوني أحسن حالا بعد هذه الإغفاءة القصيرة. حسنا فعلت بنومك هذا بعد تلك الرحلة الطويلة. عسى أن تكوني قد جلبت ما ترتدينه للعشاء خارجا. هل لديك رداء طويل؟
كانت زلدا ترتدي لباسا أسود ناعما أكمامه طويلة وطوقه ضيق, مما جعلها تبدو أكثر رشاقة.
-لدي تنوره طويلة وبلوزة.
أجابت ميراندا:
-عظيم. والآن البسي بسرعة واذهبي إلى مكتب دوغ, ومعك أشرطة التسجيل وملف المراسلة. لن يبقيك طويلا, سيضعك في الصورة بالنسبة إلى المدعوين. سننعم بالوقت. تصوري راقصي الفلامنغو, ونحن لسنا أسبانا!
ولما خرجت السيدة انغرام ارتدت ميراندا التنورة الطويلة ذات الزرقة العميقة, وبلوزة بيضاء كانت قد اشترتها لمناسبات كهذه. مشطت شعرها وتبرجت, حملت الأشرطة و سجلات الرسائل التي أتت بها وتوجهت إلى حجرة دوغ انغرام التي اتخذ منها, في نفس الوقت, مكتبا له في أثناء الرحلة.
بدا طويلا وأنيقا, أكثر جمالا في سترته البيضاء وقميصه الأبيض, وربطة عنق وبنطال قاتمين. وأظهر لباسه الرسمي قامته المستقيمة وشعره الذي غزا أطرافه الشيب. والنهار الذي قضاه في الشمس لوح وجهه فبرز لون عينيه الرمادي, وجعله يبدو الخمسين من عمره.
-إني سعيد برؤيتك يا ميراندا.
حياها ببرودة:
-ضعي الأشرطة هناك. آسف أني لم أكن هنا حين وصلت مع روجر غالنت. ظننت أنه آت بطائرة قد تتأخر من نيويورك. أردت أن أكون هنا لأشرح له سبب وجود أكثر أقربائه وسبب الرحلة البحرية. في أي حال, من الحديث القصير الذي كان معه أشعر بأنك قمت بهذا الأمر قبل الذهاب إلى العشاء.
كان هناك صمت مخيف بينما كانت عيناه القاسيتان تخترقان عينيها. رطبت ميراندا شفتيها وقالت بنعومة:
-كان غاضبا.
-طبعا, ولكن يبدو أنه تقبل الأمر من فتاة جميلة مثلك أحسن مما لو كان عرفه مني. كان على ما يرام في المقصف وبدا سعيدا لرؤية السيدة دو غالنت. يجب معاملتهم بلباقة فائقة.
-آسفة, يا سيد انغرام...
وتوقفت ميراندا عن الكلام حين رفع يده مبتسما.
-لا أعذار ولا شروحات هذه المرة, يا ميراندا. أعرف أنك لم تكوني على علم بهوية مرافقك. ممكن تحويل هذا الخطأ البسيط إلى مصلحتنا.
-وكيف؟
-من الحديث القصير معه شعرت أنك حزت على إعجابه, لهذا أتمنى لو تستغلين اهتمامه بك كي نتمكن من إقناعه ببيع حصته من الأرض.
توقف السيد انغرام متأملا, وتابع يقول:
-إنه ليس بالإنسان السهل, كما اكتشفت في نيويورك. فلو أني أعلنت مسبقا كل شيء لما قرر المجيء إلى هنا. على أي حال, ممكن أن يكون أكثر طاعة للمرأة. و الآن بما أنك هنا مع بقية العائلة المهتمة ليس فقط برؤية فورتوغا ملجأ للراحة, بل بالحصول على المال أيضا, أرجو أن يترك برجه العاجي ويقبل عرضنا لشراء العقار.
رغم أنها دهشت لفكرة إثارة اهتمام رجل بها لأجل غاية معينة هو لا يريدها, أجابت ميراندا بشيء من الشعور بالواجب:
-نعم سيد انغرام, ربما كان من المفيد لو أعرف القليل عن العقار موضوع الصفقة. لا أعرف من يملك ماذا.
-أوافقك الرأي. من الأفضل أن تطلعي على المشروع بكل تفاصيله, عندئذ تكون الأخطاء أقل.
ورغم ابتسامته الحلوة, شعرت ميراندا بالحمرة في خديها.
تابع السيد انغرام:
بالنسبة إلى طومس انغرام اللئيم فان لفورتوغا تاريخا مهما و رومانسيا. سكنها بادئ الأمر اسباني من عائلة فورتوغا ثم جاءها قرصان يدعى ريتشارد غالنت أحبها ورأى فيها واقع أحلامه تماما كما أحبتها ابنة الأسباني. فاحتاجها وذبح الأسباني وتزوج ابنته, وسمى الجزيرة غالنت فانسي.
تذكرت ميراندا حلمها الأخير فجأة, فرمقها بنظرة غريبة, وسألها:
-هل هناك من شيء؟
-كلا. كل ما في الأمر أن الاسم غريب.
-لكنه اسم وصفي. ( قال السيد انغرام) وحتى نختصر القصة, عادت الجزيرة في السنوات الأخيرة إلى اسمها الأصلي, واسم غالنت فانسي أطلق على الأرض التي يملكها ابن القرصان الأكبر, بينما أطلق اسم غالنت فولي على أرض الابن الأصغر. وبناء على اتفاق قديم, ما من قطعة يمكن بيعها من دون الأخرى. وكما هو واضح, أن السيد طومس غالنت صاحب غالنت فولي, والسيد روجر غالنت صاحب الفانسي وبيت الأخير في بقعة رائعة وهو كان مشغولا إلى فترة قريبة. من الممكن أن يكون أساسا عظيما لفندق جديد.
-اعتقد أنه لا يزال مشغولا. ( قالت ميراندا بهدوء).
-وكيف عرفت؟ ( سألها بنظرة تقدير).
-السيد روجر ذكر شيئا من هذا لابنة عمه. أشار إلى سيدة تدعى مارني, وهو يظن أنها يجب أن تشاركه في المفاوضات المتعلقة بصفقة البيع.
-اعتقد أن لك أذنا يقظة, فأنت تلتقطين كلمات عابرة تفيدنا. حاولي التعرف أكثر إلى شخصية مارني. والآن يجب ألا نترك الآخرين ينتظرون. تذكري فقط ما قلته لك واعملي ما تقدرين عليه.
-سأقوم بالمستطاع.
-أنا متأكد من هذا, ولهذا السبب بعثت في طلبك.
نشر الليل ستارا مخمليا أسود عبر السماء مرصعا بنجوم ماسية مضيئة. وفي المرفأ تلألأت مراكب النزهات بالأضواء المعكوسة في المياه القاتمة فبدت نجوما في البحر. وكان الهواء دافئا وعاطرا.
بدا الجو لميراندا ساحرا, وأحست أن معنوياتها مرتفعة بالنسبة إلى ما سيستجد وهي تمشي في شوارع بلدة سان خوان القديمة إلى المطعم حيث العشاء.
كان الشارع ضيقا تمتد على جانبيه أسوار أسبانية عالية. ومن خلال أبواب إحدى الحانات المفتوحة ذات القناطر لمحت زجاجات على الرفوف تلمع, وضوءا على وجوه الرجال, وهمهمة ناعمة تصحبها أنغام قيثارة حارة.
قطعت شارعا اصطفت على جانبيه محلات مضيئة, كان يعج بسيارات كبيرة تتحرك ببطء وكل سيارة تقل بورتوريكيين ساعين وراء المتعة. ولاحظت إلى اليسار مجمعا ضخما يشع أنوارا, وأشجارا ناعمة ترمي بظلها الرقيق على حجر أجرد, وفي الوسط شاب على مسرح خشبي يخطب في جماعة من الشبان الناضجين.

جين استين333 06-04-09 04:27 PM

ان شاء الله اليوم في الليل انزلكم جزء زيادة...^^

جين استين333 06-04-09 07:33 PM

المطعم الذي اختاره دوغ انغرام كان جوه دافئا و مرحبا, ديكوره أسباني الطابع, جدرانه قاتمة الحمرة وخشبه داكن, أما سقفه فواطئ. بدا صاحب المطعم حسن المظهر يرتدي بدله رمادية مخملية وقميصا مخرما وربطة عنق. حياهم فردا فردا وقادهم إلى المائدة.
لحسن حظها جلست ميراندا إلى نفس المائدة التي جلست إليها خوانيتا و رامون و تشك. وإلى المائدة الثانية جلس السيد انغرام وزوجته, دون التي بدت غارقة في أنواع الحلي المختلفة من فضة وعقيق تتوهج في تلك الحجرة الخافتة الضوء. وإلى جانب دون جلس روجر, وبدا هذه المرة غير ذلك الشاب اللطيف في بنطلونه الجينز الأزرق الذي رافق ميراندا من المطار تلك الظهيرة. إنه الآن جذاب, أنيق ببذلته الطحينية الخفيفة وقميصه الأسود وربطة عنقه الفاتحة. بدا صعب المنال بالنسبة إلى ميراندا, وأحست بشيء من الانكماش والخوف من المهمة التي أوكلها إليها السيد انغرام. كيف سيكون في استطاعة فتاة ريفية بسيطة مثلها تشجيع أمثال روجر غالنت الذي كان في دخوله مكان ما, أو في جلوسه إلى المائدة يثير فضول النساء واهتمامهن البالغ؟
كان رامون, زوج خوانيتا, طيب المعشر, قصيرا ونحيلا, أسود الشعر متموج, أسود العينين وصاحب ابتسامة خاطفة تحت شاربين أسودين متهدلين. أخبر ميراندا أنه من عشاق الحفلات, وأنه مصمم على الاستمتاع بهذه الحفلة.
قال لها مفاخرا"أن بورتوريكو بمثابة قطعة حلوى على مائدة الجزر الكاريبية. ما عندنا عالمي, وهذا بفضل السفن الأسبانية التي اعتادت الإبحار إلى هنا. ما من أحد كان يأتي هنا دون أن يحضر معه نباتات من أنحاء الإمبراطورية الأسبانية. ونتيجة لهذا نحن نزرع البرتقال الأسباني, الموز الأفريقي, أناناس البحر الجنوبي وقصب السكر الهندي".
أكلت ميراندا شبعها, وقد أقنعها كلامه, من الحساء المكون من البندورة و الباذنجان. وفي أثناء تناول الطعام كانت القيثارات تعزف, إضافة إلى موسيقى أسبانية ذات تراث قديم, أنغاما من أمريكا اللاتينية.
حين انتهوا من الطعام خرجوا إلى الشوارع الضيقة يقصدون ناديا ليليا. وبدا لها النادي من الخارج كإحدى الحانات الصغيرة التي مرت بها ميراندا في طريقها إلى المطعم. لكنهم عبروا صالة الحانة الصغيرة ودخلوا حجرة داخلية محجوبة بستار مخملي أحمر, جدرانها بيضاء, قناطر تؤدي من فسحة إلى أخرى, وعلى كل مائدة شموع متفرقة وفي الوسط كان الضوء مركزا على راقص يتحرك ببطء وكعبا حذائه يضربان الأرض بإيقاع, وهو يؤدي رقصة على المسرح.
أخذت ميراندا بالراقص لفترة غير قصيرة. كان بنطلونه ضيقا, قميصه أسود طويل الأكمام, وقبعته سوداء مائلة على وجه أسمر ضامر. كانت مسحورة برقصه ولم تفارق نظارتها خطواته إلا بعد وقت طويل. ثم شرد بصرها باحثة عن روجر, تتساءل في الوقت نفسه عن حقيقة شعوره لعودته إلى المكان الذي فيه كتب موسيقى الأغنية التي جلبت له و لصديقه كيت ويليامز النجاح.
كان يجلس إلى مائدة أخرى مسندا ظهره إل ظهر كرسيه من دون أن يشاهد الراقص, إذ كان يحدق فيها. وفي نور الشموع ظهرت تقاسيم وجهه الحقيقية وفي عينيه شعلتان ترقصان.
لم تتمكن من إخفاء احتقان وجهها حيال نظراته الآسرة, وبدا جو الحجرة الكهفية حولها خانقا رغم الهواء المكيف. عزف القيثار المستمر وطقطقة أقدام الراقص أثارا غليان دمها وزادا من سرعة نبضها. كانت تعي بوضوح ما يدور حولها... رائحة دخان السكائر الغنية ممتزجة بعطور قوية من بعض النساء, وبشرة شديدة البياض أو سمراء تعكسها ألبسة داكنة أو متنوعة الألوان , وأحلام استوائية تراود زبائن المكان تعلنها رفة عين أو توتر عصب. إلا أن الشيء المميز الذي وعته أكثر أي شيء آخر كان تحديق رجل فيها وخطوط فمه تبرزها ابتسامة جذابة.
ماذا حل بها؟ ما هذه المخلوقة التي يخفق قلبها ويتخضب خداها بسبب نظرة غريب إليها وابتسامته لها بطريقة مغرية؟
ربما السبب هو المكان, القيثارة, وهج الشموع, إيقاع الأقدام الراقصة والأحاسيس الكامنة. كل هذا ربما كان فوق طاقة فتاة مثلها نشأت في جو بارد تحكمه عمة عانس.
أحست بالحنين إلى برودة بيت العمة كلارا وإلى الحياة البسيطة معها. وأحست بالعطش فتناولت كأسها التي كانت أمامها, وكانت جرعة طويلة وباردة.
توقف الرقص فجأة, فعلا تصفيق حاد, مما جعل الراقص ينحني مرات عدة. رشفت ميراندا من عصير الفواكه اللذيذ متطلعة ثانية بطرف عينها, ولكن هذه المرة خلسة, إلى روجر الجالس إلى مائدة مجاورة.
تملكها العجب, إذ كان مقعده خاليا, كذلك المقعد المجاور حيث كانت دون غالنت. يبدو أنهما ذهبا حين كان التصفيق في ذروته وفي غفلة من الآخرين.
في الحقيقة, لم يلاحظ طومس غالنت غياب زوجته إلا لدى مغادرتهم النادي الليلي إلى الشوارع الضيقة حيث هيئات بشرية كانت تتحرك على الشرفات. وسلالم بانت درجاتها تحت أضواء خابية تقود من أبواب مقنطرة إلى البيوت المنتشرة.
قال تشك:
-بوب فقد صوابه, اسمعوه يرغي ويزبد.

جين استين333 06-04-09 07:34 PM

ان شاء الله بكرة اكتبلكم زيادة

جين استين333 08-04-09 04:15 AM

وتناهت من الخلف زمجرة طومس غالنت, وبلغة لا تحفظ فيها اتهم ابن عمه بسرقة زوجته.
قالت خوانيتا بإصرار وهي مسرعة في الشارع تشد ميراندا معها:
-دعينا نبتعد عنه. لقد عرف أن دون ستروح معه إن هو دعاها إلى ذلك, وقد فعل ذلك لإزعاج والدي. يجب أن تعرفي, يا ميراندا, أننا كنا عائلة رائعة. أنا واثقة من ذلك. جميعنا, تشك, مارني وأنا طبيعيون. هذان الاثنان يتصرفان كقرصانين, واحدهما يسرق الآخر, إنهما تافهان.
أسرعتا في الشارع, كانت خطاهما تحدث طقطقة على بلاط الرصيف غير السوي.
-يسرقان؟
قال رامون وقد لحق بهما حاضنا زوجته الغضبى يهدئ من روعها:
-من كان يسرق؟
-كنت أقصد أبي و روجر. إنهما أمثال عائلة غالنت القديمة, أي أبناء ذلك القرصان الذي يقال أنه استعمر فورتوغا.
-وماذا سرقا هذه المرة؟
سألها تشك الذي كان إلى جانب ميراندا, التي بدت مندهشة حين طوق خصرها بطريقة غريبة:
-هذه المرة دون.
ردت خوانيتا بحدة:
-وسابقا كانت جوزفين.
-المعذرة, لكني لا أفهم شيئا.
قال رامون ضاحكا:
-ومن هي جوزفين؟
-كانت موظفة عند أبي في فورتوغا. وقد ذكرت مارني...
فجأة سكتت خوانيتا.
-هيا, ماذا قالت مارني؟ ( سألها تشك بإلحاح).
تمتمت خوانيتا:
-آه, لا شيء, لا شيء مهما, ربما هي على خطأ.
ثم بنبرة جديدة أضافت تقول:
-أنظري, يا ميراندا, نحن عند بوابة كنيسة. أليست جميلة؟
كان آخر الشارع مقفلا في وجه السيارات بواسطة سلسلة حديد امتدت بين حجرين قديمين على جانبي الطريق. ما وراء السلسلة قام برج ضخم ذو مدخل بشكل قنطرة, داخله مدهون بالأبيض وفي الطرف الآخر قنطرة ثانية حيث بوابة من الحديد, وفي رأس البرج قبة منحوتة في داخلها جرس. كانت البناية مضاءة بواسطة قناديل معلقة فوق الطريق وأخرى قديمة برزت من جنبات الأبنية. وفي بريق الضوء هذا تراءى لميراندا أن حجر البوابة القديمة الذهبي يتوهج بفخامة سماوية كبوابة النعيم.
ابتعدوا عن البوابة وساروا في شارع آخر مظلم متوجهين إلى الميناء.
-ومن هي مارني؟
سألت ميراندا تشك, وهي تتساءل عما يمكن أن يقول جو لو رآها الآن في سان خوان تتسكع في الأولى صباحا مع شاب يطوق خصرها.
أجابها تشك:
-إنها أخت روجر, وإذا وصلنا إلى فورتوغا في هذه الرحلة ستلتقينها, فهي تعيش في البيت المعروف بغالنت فانسي. إنها في عزلة نوعا ما لأنها عمياء.
بلغوا أسفل الهضبة وقطعوا الشارع العريض ووصلوا إلى المرسى حيث المركب. في هذه الأثناء كانت سفينة الرحلات الاستجمامية تترك مرساها, المياه تندفع والآلات تهدر, وعلى متنها كان المسافرون يودعون سان خوان وهم في طريقهم إلى الجزر.
-سنسافر عند الفجر.
قال تشك صاعدا وراء ميراندا إلى اليخت.
-سمعت دوغ انغرام يقول انه يأمل في بلوغ سانت طومس غدا عند الظهيرة. نرجو أن تكون رحلة موفقة.
ومن طريقة دخولهم الحجرات الممتدة على جانبي المركب بدا الجميع على استعداد للانتظار حتى الفجر, إلا ميراندا أدركها الإرهاق فجأة في مفاصلها وبان تحت عينيها. وبدا أن قدرتها على الاستمتاع قد زالت. وعندما ناداها, اعتذرت و ألقت عليهم تحية المساء.
نهض تشك ليرافقها حتى باب حجرتها. وقبل أن تدخل مال إليها ملامسا خدها.

جين استين333 08-04-09 04:16 PM

-أعقد أنك لم تتكيفي بعد يا ميراندا, ربما استغرق هذا يوما أو يومين بسبب الاختلاف في الوقت.
في تلك اللحظة تناهى إليهما صوت طومس غالنت وهو في طريقه إلى حجرته حيث كانت زوجته في انتظاره.
-كيف لي أن أعرف المكان الذي ذهبت إليه؟ التفت لأقول شيئا, فإذا بك اختفيت, وهكذا ظننت أنك رحت معه إلى مكان ما طوال الليل. حسنا أنا مخطئ.
انغلق الباب بعنف, وتحول صوت طومس من داخل حجرته إلى زمجرة مخنوقة.
قال تشك يخاطب ميراندا:
-إنه ليس دائما كذلك, إنه يشعر بعدم الثقة حين يتعلق الأمر بزوجته دون. إنها تصغره سنا وجذابة جدا, و في استطاعة روجر, إذا ما أراد, أن يصير طريفا في أكثر من معنى, وإن كنت لا تعرفين معاني هذه الكلمة, اقترح عليك نبشها في القاموس قبل أن تستسلمي إلى سحره القاتل. طاب مساؤك, يا ميراندا. أرجو أن نسبح معا غدا.
نامت ميراندا الليل كله من دون أحلام, حتى أفاقت على ضربات آلات الديزل الرتيبة. بقيت مستلقية تنظر إلى الضوء المعكوس على سقف الحجرة الأبيض محاولة أن تتذكر أين هي وما حدث.
تذكرت أحداث اليوم السابق, وتلاحق في خيالها شريط الأوجه والمشاهد, فنهضت من فراشها بسرعة مما أفقدها توازنها. كان اليخت مبحرا, حركته خفيفة إلى درجة لا تسبب دوارا.
ومن خلال الكوة رأت زرقة البحر العميقة بتموجاته الخفيفة وقد ذهبتها الشمس, وفوقها تقوست السماء الصافية ذات الزرقة الشاحبة.
تحمست بسرعة, يجب ألا تضيع لحظة من هذه المغامرة, لبست ثيابها بلمح البصر وكانت الساعة السابعة. كان السيد انغرام قال لها أنه لن يحتاج إليها صباحا, أحست أنها حرة بضع ساعات لتفعل ما تشاء. وقررت أن تصعد إلى أعلى مكان على سطح اليخت لتكتشف ما في وسعها رؤيته.
ومع أن رائحة الفطور كانت تعبق في الهواء فلم يكن من أحد على السطح. دخلت ميراندا بابا, ومنه إلى السطح. هبت نسمة الصباح رافعة تنورتها إلى أعلى, مما جعلها تتمنى لو ارتدت بنطلونا. وحتى لا تضيع
الوقت ضمتها إلى خصرها وصعدت الدرج إلى أعلى السطح.
اقتربت من حافة المركب قدر المستطاع واتكأت على الدرابزين وبانت لها الجزر في المسافة الزرقاء. إلا أنها لم تستطع التحديق طويلا لانعكاس وهج الشمس في عينيها. ولأنها نسيت نظارتها اضطرت إلى أن تظلل عينيها بيديها, وللحال رفع الهواء تنورتها الخفيفة.
-يبدو أن لديك مشاكل هذا الصباح.
قال صوت يتخلله المزاح.
وحين التفتت إلى الخلف رأت روجر متكئا إلى جانبها على الدرابزين. وكما كان ممكنا أن تتكهن كان يرتدي ما يناسب الطقس... بنطلونا أبيض مشدود الخصر, قميصا قطنيا أزرق مفتوح العنق وحذاء رياضيا خفيفا. كان شعره المسرح نحاسي البريق وعلى عينيه نظارتان شمسيتان.
-لم أتصور أن يكون الهواء نشطا بهذا الشكل. أو مشرقا إلى هذه الدرجة والصبح في لحظاته الأولى. يجب أن تلبسي قبعة, ميراندا.
قالت له متلعثمة:
-آه نسيت ذلك. لم أحضر معي واحدة.
-إذن سأشتري لك واحدة في سانت طومس. ( أجابها مبتسما) سوف لن ندع شمسنا القوية تؤذي هذه التقاطيع الانكليزية. هل صفحت عن الذي حدث البارحة؟
-آه, نعم.
قالت ميراندا بعفوية. فهي دائما كانت غفورة, أما هو فقد بدا طيبا ذلك الصباح الباكر إلى درجة أنها نسيت تعليمات السيد انغرام وتحذير تشك. ردت بطيبتها المعهودة:
-وشكرا لشرحك القضية للسيد انغرام, لو أنك غادرت قبل عودته من الشاطئ ذلك اليوم لكنت فقدت وظيفتي.
أجابها بتأمل:
-لا أريد أن أكون سبب ذلك.
-أخشى أن يكون السيد انغرام قد خدعك. إني آسفة لذلك.
قالت هذا بتردد, أما هو فالتفت إليها بحدة. ثم ابتسم ابتسامة أظهرت غمازتين في خديه الناحلين بينما الريح ترفع شعره الكستنائي عن جبينه وهو يتكئ على الدرابزين يواجهها.
-هذا لطف منك يا ميراندا, هل لي أن أفهم من هذه الملاحظة أن أساليب دعوته لي إلى القدوم إلى اليخت لمقابلة أبناء عمي لم تلاق استحسانك؟
-طبعا, لأن أحدا لم يستشرني في ذلك. ( أجابته برزانة عمقت ابتسامته). ولكن حين عرفت أنه خدعك صرت منزعجة. إذ لا خبرة لي في صفقات كبيرة كهذه. إنها المرة الأولى التي اشتغل فيها سكرتيرة. لدي الكثير لأتعلم.
-دعيني أساعدك. كل شيء مسموح في الحب والحرب, و أنت يجب أن تعتبري أعمال الشركات, كشركتكم مثلا, نوعا من الصراع. صراع من أجل القوة.
توقف قليلا, وأضاف متنهدا:
-وماذا تعرفين عن الحب؟ أم أن علي شرحه لك؟
-قليلا. ( أجابته ميراندا) إلا أني لا أتفق معك على أنه كالحروب.
-بالنسبة إلينا هو كذلك.
قالها متمتها, وللحال تذكرت ألأمسية السابقة حين غادر النادي الليلي مصطحبا زوجة ابن عمه. وقال معلقا بصراحة تبعث على الدهشة:
-أنت لا تبدين عاشقة أو أنك عشقت في حياتك, ميراندا.
-طبعا, أعرف الحب, وحال رجوعي إلى انكلترا سأتزوج.
-من شاب تعرفت إليه من سنين, ذي أخلاق, يحافظ عليك ويحميك بقية العمر.( قالها بجفاء) إنه يستحق التهنئة لاختياره إياك.
ابتعد قليلا عن الدرابزين وراح يتطلع إلى البحر. أحست تغيرا في نبرته, ورمقته بنظرة قلقة. كان هناك ظل من المرارة عند طرفي فمه. بدا مستغرقا وأفكاره مأخوذة إلى مدارك لم تدركها نفسها يوما, وبدا وهو في هذه الحال غير سعيد.
سألته بعصبية عساها تخترق الحاجز الذي أقامه حوله:
-هل البحر دائما بهذه الزرقة؟
أجابها بغموض:
-تقريبا.
وساد الصمت, الصمت الذي صار أكثر بروزا بسبب صوت محرك اليخت الذي كان يقترب من جزيرة. لم تعد الزرقة ظاهرة, بل سلسلة من تلال منحنية غطتها خضرة كثيفة.
سألته ميراندا وأعصابها لا تزال مشدودة:
-هل تلك سانت طومس؟
حاول رفيقها قدر المستطاع إزالة الجو الجدي, فالتفت إليها ثانية.
-إنها كذلك. وهي كانت مقصد المكتشفين أمثال بلاكبيرد وهنري موغان. في الحقيقة, إحدى هذه التلال كانت تدعى تله بلاكبيرد لأنه بنى عليها برج مراقبة. ويقال أن السيد فرانسيس دريك جاء إلى هنا, كذلك يقال أنه هو الذي أعطى الجزر العذراء أسماءها تيمنا بإليزابيث الأولى التي كانت عذراء. وثمة رواية ثانية تقول أن كولومبس هو الذي اكتشفها و أعطاها هذا الاسم. وأخيرا احتل الدانمركيون بعض هذه الجزر, ولهذا السبب تعثرين على أسماء دانمركية و أسبانية و انكليزية و فرنسية. هل تناولت الفطور؟
-كلا.
-دعينا نفطر معا إذن, فأحدثك بإسهاب عن قراصنة الانكليز الأشرار, وأنت بدورك يمكنك أن تخبريني...
وهنا توقف وبخبث أضاف:
-تخبرينني ما تعرفين عن مشاريع الترانسمارين.
في الأيام التي تلت, وحتى بعد مضي سنوات, لم تنس ميراندا ذاك الصباح في البحر الكاريبي حين فطرت مع روجر على سطح اليخت المندفع في المياه الزرقاء المتلألئة.
جلسا إلى مائدة صغيرة تحت مظلة خارج الصالون الرئيسي حيث كان في خدمتهما بيلي الذي بدا في غاية الجاذبية ببشرته السمراء تحت قميص بيضاء حاكت بياض أسنانه. وفي أثناء الطعام لم يتحدثا عن القراصنة أو الترانسمارين, بل واحدهما عن الآخر. هو عرف كل شيء عن العمة كلارا و دوروتي وقيلا عن جو. وهي بدورها عرفت كل شيء عن جدته التي رحلت من اسكتلندا إلى ترينيداد كي تدرس الموسيقى لفئة من البنات, حيث التقت روبرت غالنت وتزوجته. كانت تلك فيونا, وهي التي اكتشفت في حفيدها موهبة الفن وأهدته بيانو, وعليه, كما يذكر, بدأت أولى مؤلفاته الموسيقية.
وحين انتهيا من الطعام كان اليخت يدخل خليجا مغلقا تقريبا. ولأول مرة وقعت عينا ميراندا على مدينة شارلوت أمالي المدينة الرئيسية في سانت طومس تيمنا بملكة دانمركية.
ربط اليخت إلى الرصيف المواجه للبلدة من جهة المرفأ الشمالية. كانت هناك يخوت أخرى. تركت ميراندا اليخت بصحبة روجر, وخلال دقائق معدودة كانا في ممر جميل بين بنايتين يؤدي إلى الشارع التجاري. كان الممر تحت ظلال النخيل وأشجار أخرى استوائية وعلى الجانبين كانت الدكاكين ببضاعتها المتنوعة, من القطع الفنية المصنوعة من قبل فنانين محليين إلى الأعمال اليدوية المستوردة.
بدت بلدة ناشطة كأية بلدة فيها مرفأ, مليئة بالبضاعة من بلدان العالم. تاريخها ظاهر في هندستها, بيوتها ذات النموذج الدانمركي ويميزها طابع أسباني. هنا وهناك كانت إشارة إلى نموذج من الاستعمار الفرنسي. أما البنايات الجديدة فقد كانت أمريكية الهندسة.
وكما وعدها روجر, فقد اصطحبها إلى محل تجاري كبير يحمل اسما دانمركيا عرضت فيه أنواع فاخرة من الثياب بطريقة مغرية. اختار لها قبعة ودفع ثمنها. كانت قبعة قش مفتوحة بيضاء إطارها عريض. وحين سألته عن ثمنها بدا كأنه لم يسمعها. ثم اصطحبها إلى ممر أخر وارف الظلال وجلسا في مقهى هناك.
بعد فترة زارا متاجر كثيرة واشترت حاجيات
السباحة, ثم تجولا في الشارع الرئيسي المليء بسياح يبحثون عن تذكارات يشترونها للعودة بها إلى بلادهم.
توقفت ميراندا عند زاوية تتأمل مجموعة من الأصداف الكبيرة تعرضها بائعة في الشارع. كانت تلك صبية شعرها الطويل الأشقر يعكس سمرة وجهها الذي لوحته الشمس. وأوضحت لميراندا أنها غطست مع أخيها وراء الأصداف الجميلة فأكلا لحمها. ثم نظفا داخلها وعقماها للبيع ودهشت ميراندا حين بادر روجر إلى شراء صدفة وقدمها إليها.
وهنا قالت ميراندا بخجل بينما عيناها على الصدفة الزهرية التي بين يديها:
-يجب ألا تمنحني الهدايا. أرجو أن تدعني أدفع ثمن هذه و ثمن القبعة.
-جرحت شعوري, لماذا لا يجوز أن أهديك ما تحبين؟ إنها ليست رشاوى, فأنا لا أريد شيئا في المقابل.
وقفا على طرف رصيف وجها لوجه والتوتر باد في محياهما رغم الشمس الساطعة, والألوان اللامعة وجمهرة السياح المرحة. عادت الذاكرة بميراندا إلى النادي الليلي في سان خوان حيث كان يبتسم لها بإغراء. إنه الآن لا يبتسم, فمه عابس, وتمنت لو ترى عينيه:
-لم يكن لائقا قول ذلك.
قالت له في هدوء, كان صوتها يرتجف قليلا, وعيناها في ظل قبعتها البيضاء العريضة واسعتين تتألمان.
-كلا, ليس الأمر كذلك ولكنك تعتبرين الهدايا هذه بمثابة رشوة, أليس كذلك؟ نسيت أن البريطانيات لا يقبلن هدايا من الرجال.
وفجأة أظهر شيئا من الشك فعض شفته السفلى بأسنانه البيضاء. غير أن هذا الشك لم يطل, إذ ابتسم لها برقة.
-أرجوك ميراندا أن تقبلي هذه الصدفة, لأن وجودي معك هذا الصباح أسعدني. رأيت هذه البلدة خلال عينيك, فإذا بها مكان ساحر جميل بدلا من كونها سوقا تجاريا كما أعرفها!
ناولها الصدفة ثانية فتوهجت بنور معكوس, مما جعل جمالها الطبيعي مصدر فرح أبدي. وقد عرفت ميراندا أنها كلما تطلعت إلى هذه الصدفة في المستقبل ستذكر الصباح الذي أمضته مع روجر في بلدة شارلوت أمالي.
-شكرا, انك لطيف جدا.
قالت له هذا والتلون في خديها ينافس تلون الصدفة.
-لا, لست لطيفا, لا تنسي هذا. ( قال بخشونة) اعتقد أنه من الأحسن العودة إلى اليخت. أظن أن هناك نية في الخروج بعد الظهيرة إلى الفندق الجديد الذي تبنيه الترانسمارين على الجانب الآخر من الجزيرة. سوف نتنزه في اليخت ونرسو في الخليج. سوف نبحر بمحاذاة الشاطئ لمشاهدة البناء وفخامة الهندسة والتسهيلات الفائقة في المنتجع الذي تقدمه الترانسمارين إلى العالم كله.
كان التهكم في صوته يحرجها, كان يتهجم على ما تعتبره صحيحا في الشركة التي تعمل بها, ولسبب ما كان يكره المؤسسات الكبيرة, ولو تبع شعوره لكان سافر البارحة بعد الظهر حين اكتشف السبب الحقيقي وراء الرحلة البحرية, غير أنه فضل البقاء. لماذا؟ كانت متواضعة لدرجة أنها لم تفكر أنه بقي لمساعدتها في الخروج من وضع صعب. فهل بقي لأنه التقى زوجة عمه ورغب في إحياء علاقة ماضية؟ أو هل كان لديه سبب أعمق؟
وحين وصلا كان اليخت جاهزا للإبحار. صعد كل من روجر و ميراندا إلى السطح المشمس حيث وجدا دون وتشك يتمتعان برشف شرابهما قبيل الغداء.
سألهما تشك متقدما صوب ميراندا ومتطلعا إليها بشوق, ومن ثم إلى روجر بغضب:
-أين كنتما؟
-كان عليك النهوض أبكر. ( قال له روجر متهكما) لكنت عندئذ صحبتها إلى السوق.
مر بهما إلى المقصف حيث كانت دون مسترخية على كرسي تشرب من كوب عصير مثلج. كانت ترتدي معطفا بحريا طويلا من دون أكمام نسج من خيوط مجدولة, ومن خلال فتحاته كانت بشرتها الناعمة النحاسية تلمع بتحد.
سألها روجر, وهو يقف خلف المقصف:
-ماذا تريدين أن تشربي, ميراندا؟
أجابته وهي على إحدى الكراسي المريحة:
-شراب يطفئ العطش.
كانت سعيدة لعودتها إلى اليخت المبرد لأن حرارة النهار أتعبتها.
تدخلت دون:
-جربي هذا. إنه عصير الموز مخلوطا بالأناناس.
قال روجر بعصبية:
-ليست هذه الطريقة الفضلى للشرب. أين طوم؟ نائم منذ البارحة؟
بدا روجر في تلك اللحظة شخصا آخر سطحيا, صوته عنيف, عيناه ضيقتان حادتان, فمه قاس. كانت ميراندا تحدق فيه مدهوشة للتبدل المفاجئ في سلوك فارسها اللائق صباحا.
-هل كان مجنونا الليل الفائت؟( تنهدت دون) كان علي عدم الذهاب معك يا روجر.
رد عليها وهو مشغول بزجاجات عصير الفواكه:
-تأسفين الآن؟
-لا, لكن اندهشت لاعتراضه على ذهابي معك. عادة هو لا يهتم حين أروح مع آخر.
سألها تشك:
-أين رحتما على كل حال؟
تمتمت دون متحدية وهي تنفث دخان سيكارتها في اتجاهه:
-هذا سر.
-رحنا إلى حانة أخرى في سان خوان القديمة, كي أتحاشى الضوء الذي كان بينتز مزمعا أن يسلطه علي. هذا شرابك يا ميراندا. إنه خاص ليطفئ العطش.
قدم لها الشراب مبتسما فشكرته. وراح يتكئ على المقصف قريبا من دون.
قالت له دون بإلحاح:
-روجر, يجب أن أكلمك على انفراد.
-ليس قبل الغداء. كما أني أرفض الحديث إطلاقا حول غالنت فانسي.
سألته دون متأففة:
-لماذا لا توافق على البيع؟
-لأنها بيت مارني على رغم أنها ملك لي بحسب القانون.
-ولكن يمكنها العيش في مكان آخر. ( قالت له بإصرار متجاهلة رغبته في عدم البحث في الموضوع) يمكنها السكن في أي مكان. إنها عمياء, ولا فرق عندها أين تعيش.
امتعضت ميراندا من حديث دون اللامبالي وتطلعت إلى روجر لترى ردة فعله. فبدا هذا غير متأثر لكلامها سوى تقطيبه خفيفة بين حاجبيه.
أجاب ببرودة:
-هناك فرق كبير. مارني تعرف الفانسي وتحبها. أهل الجزيرة يعرفونها ويحبونها. هناك فرق كبير للأعمى أن يحس أنه محاط بأشياء وأناس مألوفين. فلو عاشت في أي مكان آخر لذبلت وماتت.
صوته البارد ارتجف قليلا وأضاف بنبرة خفيضة:
-عندئذ سيكون هذا, كما عماها, حملا ثقيلا على ضميري.
صرخت دون بغضب:
-ولكن طوم في حاجة إلى المال, وأنت تعرف أنه لا يقدر على بيع الفولي دون الفانسي.
-هذا من سوء حظ طوم. ألم يخطر في باله أن هناك آخرين تجب استشارتهم قبل بيع أي شيء إلى الترانسمارين؟ كيف يعرف ما يريده أهل فورتوغا؟ ولا مرة فكر بهم كل حياته الأنانية الكسولة.
صار صوت روجر أكثر برودة, باردا كالجليد. ولو أنه صادف في تلك اللحظة دخول غريب لاعتقد أنه يكره ابن عمه.
-هل هو متأكد أنهم يريدون تنمية الجزيرة كسواها من الجزر؟ وهل يعرف أن لا علاقة لأوبري فينسنت و سام ويليامز بالموضوع؟
-من المؤكد أن أي شيء أحسن من التعفن بين أشجار الموز وقصب السكر. ( أجابته دون بانفعال) آه, كل أهالي الجزر من طينة واحدة, رومانسيون يعيشون في الماضي. وأنت بالذات لا تقل أنانية عن طوم. منذ متى تهتم بالجزيرة؟
أجابها بهدوء:
-صحيح أني لم أفعل سوى القليل, ولكن لن أدع ترانسمارين تشتريها.
-أنت لا تريد أن تبيعها فقط حتى تقهر طوم. إنك لم تفعل شيئا سوى التنعم بعائداتك منذ أن ألفت موسيقى تلك الأغنية. كذلك كيت ويليامز لم يقم بأي شيء, لهذا لا أظن أن عائلة ويليامز ستتأثر كثيرا.
-من المؤسف أن طوم لن يتزوج المرأة التي تناسب مدخوله ( قال روجر بصوت ناعم رغم اللمعان الخطر في عينيه) لماذا علي أن أبيع بيت مارني حتى تلبسي جلد النمس يا دون؟ لماذا؟
وقفت دون برهة. رمت ما تبقى من شرابها على روجر الذي عرف مسبقا ما في نيتها, فتحاشى محتوى كوبها واندلق عصير الفاكهة على الأرض من دون أن يصيبه.
صرخت في وجهه:
-أكرهك, يا روجر غالنت, أكرهك! أتسمع؟
-اسمعي, كل واحد على هذا اليخت يسمع. أما قلت لك أني لا أريد البحث في الموضوع معك؟ لما لا تنسيه في أثناء هذه النزهة, فنتمتع بها؟
تطلع إلى ميراندا منفرج الأسارير. أخذت ميراندا بهذا الانفجار, إنها غير معتادة على رؤية تصرف عنيف غير ملجوم كهذا.
خرجت دون وهي تصب لعناتها في حين التفت روجر إلى تشك وسأله:
-لماذا طوم في ضائقة مادية؟
-حسنا, لقد أصبت الهدف بإشارتك إلى جلد النمس( أجابه تشك بانزعاج) كلفته دون مصاريف باهظة, كذلك هو يدفع للوالدة معيشتها.
-دائما كان طماعا, وها هو اليوم يدفع الثمن( علق روجر ببرودة) وماذا عنك؟ هل انتهيت من دراسة الحقوق؟
-كلا. كان لابد من تعطيل سنة لأن بوب لم يدفع القسط. آه, يجب ألا تبدو هكذا متأثرا, فأنا أشتغل, و لكني جئت مع هذه الزمرة, لأني, كوريث طوم, مهتم بأمر العقار. هل من طريقة لاجتناب هذه العملية؟
-لا أعرف, أنت محامي, لماذا لا تحاول معرفة ذلك؟
اقترح تشك بأمل:
-لو نقدر أن نبيع الفولي دون الفانسي.
أجابه روجر بتهذيب:
-يبدو أنك نسيت نقطة مهمة. فانغرام يقول أن الفولي من دون الفانسي لا تهمه. اكتشف أن بيت الفولي مبني على مستنقع, لهذا سينهار.
قال تشك بتذمر:
-ولكنك أنت الذي أخبرته.
-طبعا. ( نظر إلى ميراندا وأضاف بمرارة).
-حسنا, يا ميراندا, هناك الكثير لإعلام رئيسك, أليس كذلك؟
التقطت أنفاسها بصورة مفاجئة.
-هل تظن أني سأخبره كل شيء؟
قالت محتجة واللوم في عينيها الصافيتين الرصينتين. كانت قد أنهت شرابها جالسة والصدفة بين يديها, هادئة, خداها يعكسان كلؤلؤ الصدفة.
اختفى شيء من قسوة وجهه وحدة نظراته عندما التقت نظراتهما لحظة بدفء.
-لا أظن أنك تفعلين ذلك بإرادتك, ولكن حين يسألك عما تحدثت معي كل هذا الصباح, فلا بد من إبلاغه شيئا, أليس كذلك؟
كان على حق, طبعا, وصعب عليها أن تقول للسيد انغرام أن حديثها مع روجر ذلك الصباح تطرق إلى مواضيع مختلفة, من العمة كلارا إلى أغنيات روجر حين كان طفلا, هذه الأغنيات التي تنبض أنغامها في موسيقاه.
كلا, إنها لا تستطيع أن تخبر السيد انغرام عن صباحها مع روجر. ذلك كان سرا ستحضنه طوال حياتها. إنها ستتذكر في المستقبل, وهي وحيدة في بيتها الريفي في انكلترا, الفرح الخطر الذي عرفته في شوارع شارلوت أمالي الوارفة الظل مع شاب أهداها صدفة, وإنها ستساءل نفسها إن كان قد حدث هذا بالفعل.
وهكذا بعد الغداء, حين كانت تطبع رسائل للسيد انغرام, أخبرته بالقليل الذي تعرفه عن مارني العمياء وعن السبب الذي من أجله لا يرغب روجر في بيع غالنت فانسي. أصغى باهتمام, ورمقها بنظرة حادة, قائلا:
-حسنا, اعتقد أنه في الإمكان معالجة هذه القضية الصغيرة. لا أظن أن امرأة عمياء ستكون العائق لمدة طويلة. شكرا للمعلومات.
أثار موقفه رعدة فيها. تطلعت إليه بتمعن وأحست أن عينيه باردتان ودون شعور. لم يكن يهتم بالآخرين, إذ أن هاجسه التجارة وطموحه إقامة الصفقات الكبيرة.
-بعد الظهر أحب أن تأتي معنا إلى موقع الفندق لتأخذي بعض الملاحظات. غدا نترك سانت طومس لزيارة بعض الجزر العذراء. قررت قضاء أسبوع فيها كي أقيم جوا من الثقة المتبادلة. سيكون وقتا لذيذا, كوني لطيفة مع روجر. وفي الوقت نفسه دعي تشك مرتاحا. عنده فورة الشباب, إنه في حاجة إلى المال كي يتابع دراسته الجامعية, وربما شجع والده على البيع لسوانا إذا تأخرنا. ربما علينا إشراك السيدة غالنت في عملية الإقناع. كانت صديقة روجر سابقا, وأظن أن الوقت حان لإحياء هذه الصداقة.
منتديات ليلاس

جين استين333 08-04-09 04:19 PM

تم الفصل الثاني والحمد الله....^^

عقبال بافي القصة يا رب..^^:f63::f63:

جين استين333 09-04-09 02:49 PM

هادا جزء صغير من الفصل الثالث....
سامحوني على البطء....:(

جين استين333 09-04-09 02:50 PM

3-كم من المفاجآت تنتظرها هنا تحت الشمس الاستوائية. هل تخاف أن تكتشف أنها امرأة ولم تعد تلك المراهقة التي تقضي نصف وقتها حالمة؟ عندما تعود, لن تكون هي ذاتها. ستكون لها ذكريات تعذبها!

منتديات ليلاس

كانت شمس بعد الظهيرة حادة تشع في سماء صافية, مكونة شرارات تنعكس على صفائح اليخت المعدنية الملساء والذي كان مربوطا إلى مرسى صغير عند جزيرة من الجزر العذراء كانت مهجورة قبل أن تصبح حقلا لمشاريع إنمائية بواسطة الترانسمارين.
منذ رحيلها عن سانت طومس, قضت جماعة اليخت سبعة أيام كسولة بين الخلجان الصغيرة ومداخل الجزر العذراء. الطقس الرائع, والشمس والريح المؤاتية, الحياة المتراخية, هذه كلها أشاعت تدريجيا جوا من الثقة طالما سعى السيد انغرام إلى تحقيقه. كل واحد بدا على وفاق مع الآخر, والتوتر الذي حدث بين دون و روجر مساء ذلك اليوم في سان خوان, تبخر.
وفي جزيرة تورتولا التي كانت الأكبر في مجموعة الجزر البريطانية والتي كانت ملجأ للقراصنة حتى أواخر القرن التاسع عشر’ في هذه الجزيرة, رافق السيد انغرام الجماعة إلى فندق جديد. وكما الحال في سانت طومس, فقد انضمت ميراندا إليهم لتسجيل الملاحظات.
كانوا الآن على هذه الجزيرة الصغيرة التي كانت تضج بالعمران, تماما كما تصور السيد انغرام أن فورتوغا ستنمو فيما لو تمكنت الترانسمارين من شراء عقار غالنت.
وفي طريق عودتهم, وهي تسير متخلفة عن رجال المجموعة إلى اليخت, رأت ميراندا أن هناك تشابها بين روجر و طومس رغم الفوارق في سلوكهما. كان طومس أنيقا, طويلا دقيق الملامح مثل روجر. غير أن شعره الخفيف كان فاتح السمرة وعينيه باهتتي الزرقة كعيني تشك. لابد أنه كان جذابا قبل سنوات, ولكن الحياة المرفهة زادت في وزنه كثيرا.
بدا متحمسا عند كل فندق, كما على هذه الجزيرة الصغيرة. وحتى يجعل ابن عمه الأصغر متأثرا مثله كان يعبر عن دهشته لرؤية كل شيء, وبين وقت وآخر كان يأخذ بذراع روجر لافتا انتباه إلى شيء ما. أما روجر من ناحيته فقد حافظ على جو من الغموض, بينما رامون و تشك شاهدا كل شيء بتردد وكان واضحا أنهما يتمنيان لو كانا في مكان آخر.
-هناك طريقة واحدة للانتعاش بعد جولة تفتيشية في حرارة النهار, إنها السباحة.( قالها تشك وهو يبطئ في سيره ليصير في محاذاة ميراندا) أتعرفين, أعتقد أن أغنية نويل صحيحة. الكلاب و الانكليز وحدهم يروحون في عز النهار ويفعلون ما فعلنا, وقد كان الكثير من الانكليز هنا اليوم. أما الذين في عروقهم دم لاتيني, مثلي و رامون, فإنهم يفضلون القيلولة في وقت من النهار كهذا. هل تعتقدين أن روجر كان مسرورا هذه المرة؟
-تصعب معرفة هذا. ( أجابته).
-انه شاب انزلاقي, أين اختفى؟ طلبت منه أن يسبح معنا, ولكن كعادته, قدم عذرا مبهما كما يفعل كل يوم بعد الظهيرة.لا أفهمه. إن الغطس في مياه هذه الجزر ساحر. انه سمكة باردة تحت الماء كما هو فوقه, يسبح ويغطس كأحسن ما يكون, ولكن أظن انه وجد ما هو أحسن. كم تحتاجين من الوقت لارتداء ثياب السباحة؟
-حالا.
وراحت ميراندا إلى حجرتها متلهفة للبرودة.
على صندوق الجوارير كانت الصدفة تلمع بوهج سري. نزعت ثيابها الملتصقة من العرق, أخذت دشا سريعا وارتدت البكيني. وبدت بشرتها تكتسب سمرة ذهبية, على رغم أنها كانت تحاول ألا تحرق بشرتها أكثر مما يجب.
اعتمرت القبعة البيضاء التي أهداها إياها روجر وانتعلت صندلا وارتدت سترة على شكل منشفة حتى الخصر. حملت حقيبتها البحرية التي حوت منشفة وزيتا ضد لذعة الشمس, وتركت الحجرة مسرعة في الممشى.
كان اليخت هادئا, ظنت أن خوانيتا و رامون يستريحان كعادتهما, كذلك السيدة انغرام, و أن السيد انغرام في مكتبه يخطط. ألا يعرف هذا الرجل الراحة؟ لا بد أنه كان مسرورا بما يقوم به كل واحد.
مع أنها كانت تشعر أنه من المستحيل التقرب من روجر نظرا إلى حيائها, فإن صداقة كانت تنمو بينهما نتيجة كل لقاء صباحا على متن اليخت قبل الفطور كي يشاركها إما في رؤية وصول اليخت أو في رؤية البحارة. بدا في كل هذه المناسبات السحرية لذيذا, مسليا, غزير المعلومات. مرة أو مرتين, تذكرت ما ينتظره منها السيد انغرام, فكانت تمتدح فنادق الترانسمارين وتبين الفوائد التي ستجنيها فورتوغا من اهتمام شركة هولدينغ بالجزيرة, ولكن ما إن تراه يتراجع لتوه أو بلباقة ويغير الموضوع, حتى تتوقف عن الحديث مفضلة الإصغاء على التحدي, محاولة قدر الإمكان الاحتفاظ به.
ذلك كان الوقت الوحيد للتعاطي معه, لأنه كان يميل إلى أن يذهب وحده بعد الظهر. وفي الأمسيات كان الآخرون حاضرين دائما, ولا مجال للاختلاء معه.
تعودت أن تمضي معظم أوقاتها مع تشك. سبحت معه لأول مرة في مياه الكاريبي الدافئة, وتنزهت معه على طول الشاطئ, كذلك رقصت وإياه في الأماكن الليلية القليلة التي زاراها في أثناء الرحلة. والآن هاهو يأخذها إلى الغطس.
كان ينتظرها في الممر لابسا الشورت الأسود للسباحة ومنشفة حول عنقه. تطلع إليها بإعجاب لدى وصولها ولف برفق ذراعه حول كتفيها, و انطلقا.
قال لها:
-هناك خليج صغير عبر الجانب الآخر من البر الداخل في البحر. سنصله بالتسلق خلال الجفنات.
تسلقا الصخور حيث كانت أمواج البحر تتكسر أسفلها فتستحيل صفحات لماعة بيضاء. وبين الجفنات كانت هناك أصداف بأحجام مختلفة شدت انتباه ميراندا واستوقفتها.

أمودو 09-04-09 04:30 PM

بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية الرواية روعة ننظر نهايتها بفارغ الصبر . موفق بإذن الله

جين استين333 10-04-09 12:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمودو (المشاركة 1921964)
بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية الرواية روعة ننظر نهايتها بفارغ الصبر . موفق بإذن الله

شكرا عزيزتي....^^
أإنا دحين رح انزل جزء من الفصل الثالث

جين استين333 10-04-09 12:41 AM

-في استطاعتك تمشيط الشاطئ في أثناء العودة( قال بإصرار) هيا بنا.
صعدا المرتفع البسيط, وهبطا إلى الجانب الآخر. ومن خلال أوراق الجفنات وشجر النخيل رأت الرمل الأبيض منحدرا على طول مياه ناعمة زرقاء مخضوضرة. وما إن سارا خطوات إلى الأمام حتى اتسعت الفرجة إلى الشاطئ وشملت أشياء عدة. حقيبة بحرية بيضاء لامرأة, منشفتان ملونتان مرميتان دون اكتراث, جسمان نحاسيان يلمعان.
-آه, كلا!
جمدت ميراندا وأشاحت بنظرها بعيدا. أرادت أن تعود راكضة, غير أن رجليها خانتاها.
-و الآن نعرف أي مكان يقضي بعد الظهيرة ( قال لها تشك برقة) لهذا بوب قلق.
قالت له ميراندا:
-تعال نسبح في مكان آخر.
-كلا, أو تريدين أن تفوتنا هذه اللحظة قبل أن تؤدي إلى شيء آخر؟
وقل أن يتأكد مما إذا كانت ستنزل معه هبط المنحدر صارخا:
-إني أراكما! وإذا كنتما لا تستطيعان إخفاء نفسيكما في الرمال, فاختفيا في الماء!
رفع روجر رأسه. رأى تشك متقدما يعفر الرمل, فنهض وركض إلى البحر بخطى طويلة. بدا قويا , متناسقا, مرتديا أقصر ما يمكن للسباحة, وهرول مسرعا فوق الرمل. واندفع في الماء تاركا وراءه رذاذا لمع تحت الشمس. رفع ذراعيه فوق رأسه وعضلات كتفيه القويتين نفرت تحت جلدة. انحنى بجسمه واختفى غاطسا تحت سطح المياه الهادئة الموج.
بعد أن تركها روجر غالنت, حاولت دون حماية نفسها من الرمل الذي رماها به تشك. وصرخت به عاليا وهي تضع يديها على وجهها:
-آه, إنك كريه, كنت أتمتع بالشمس, وها أنت تفسد علي كل شيء.
أجابها تشك, ملتفتا إلى حيث روجر الذي كان يسبح بقوة:
-أراهن أنه هو الذي كان يفسد لذتك.
ردت دون شعرها الفضي الأجعد واتكأت على مرفقيها متطلعة إلى ابن زوجها.
-إذا, هذا ما يزعجك, أيها الصغير. هل ستخبر والدك؟ حان لك أن تكبر و تكف عن هذه القصص.
-احترزي من روجر, و إلا فإن مشكلة جدية ستنشأ له مع بوب, و هذا ما نحاول تجنبه. و إذا لم تفعلي, فإني سأجعلك تأسفين للنظرات المغرية التي كنت تنظرين بها إليه. لا تعتقدي أن أحدا لم يلاحظ ذلك.
-وهل تظن أني غير قادرة على الاهتمام باثنين في الوقت نفسه أو حتى بثلاثة؟
ردت عليه متحدية بينما كان بصرها ينزلق بإيحاء على كتفيه الكبيرين وصدره العريض حيث لمعة حول عنقه ميدالية معلقة بسلسلة.
-أظن أنك غير قادرة على إيقاع ذلك الغالنت في شباكك ( قال مشيرا برأسه إلى روجر).
-وهذا ربما ما جعلني أحس أن مغامرتي معه مثيرة ( أجابته في الحال, وتطلعت إلى ميراندا) أراك ما تزالين شاحبة. أليس كذلك؟ انك غير معتادة على الشمس, كما أن بشرتك رقيقة. ستكونين مثل سرطان مسلوق هذا المساء إذا لم تحترزي. لا شيء أسوأ من بشرة حمراء تتقشر.
وفي انحناءة, وقفت واندفعت إلى الماء, تقوس جسمها و اختفى. ثم ظهرت ثانية في لحظة وهي تسبح خلف روجر بمثل سرعته.
حين تطلعت ميراندا إلى تشك رأته يحدق إليهما في الماء, وعلى وجهه تعبير شك وريبة. عبوس ثقيل جعل حاجبيه الكثيفين الأسودين يلتقيان فوق أنفه البارز. كانت عيناه تضيقان, وعلى فمه شارة غير سارة. وذكرتها بشرته الخشنة وملامحه الصقرية بصورة رأتها مرة لغاز يدمر بلادا احتلها.
التفت إليها وابتسم, وللحال تبدلت صورته وعاد تشك من جديد كسولا ولكن خفيف الظل, وهو ما أحب شيئا أكثر من السباحة والاسترخاء في الشمس.
-دون غاضبة لأننا قطعنا عليهما خلوتهما, وهي تلومك لذلك. غير أنها على حق, عليك اليوم ألا تعرضي جسمك للشمس كثيرا. دعيني أدهن ظهرك بالزيت, لا أدري متى سيلتقيان بعد الظهيرة.
تعجبت ميراندا, إنها لم ترد أن تهتم للأمر. كانت يد تشك كبيرة ولطيفة ولكن من دون حرارة بينما كان يدهن كتفيها بالزيت, وهنا خرج روجر من الماء, بدا طويلا وجميلا, شعره كأعشاب بحرية حمراء قانية, ولما وقف هنيهة يتطلع نحوهما بان صدره الناعم وكنفاه وقد علقت عليهما نقط لؤلؤية. لامس عدة الغطس بقدم حافية وقال:
-أين وجدت هذا؟
قال له تشك:
-في اليخت. توجد عدة للغطس و فلك شراعية, في استطاعتنا الإبحار غدا.
-لا بأس. من سيغطس الآن؟
-ميراندا و أنا.
-إلى أين تقدرين أن تسبحي, ميراندا؟ ( سألها روجر بصوت نبرته حادة بددت لامبالاته).
تطلعت إليه. كان يراقب تشك الذي كان يفرك كتفها اليمنى بالزيت, وعلى زاوية فمه الصارم المستقيم ابتسامة خفيفة.
-لا أدري, لست متأكدة.
-ما يساوي مرتين طول حوض سباحة عادي؟
ذكرها سؤاله بحوض السباحة حيث اعتادت أن تسبح في عطلة الغداء مع صديقاتها في مكتب لندن. كان قاع الحوض أزرق كي تبدو المياه استوائية اللون, وعلى الحائط ألقرميدي رسمت أشجار نخيل.
-قد يكون في إمكاني أن أقطع اربعمئة ياردة.
-هل سبحت سابقا تحت الماء؟
-كلا, ليس تماما.
-يجب أن تتمرني أولا, قبل أن تستعملي عدة الغطس. فالحوض محمي هناك أكثر, وأنت يا تشك اذهب وأحضر أجهزة أخرى, وأنا سأجعل ميراندا تتمرن حتى أتأكد أنها لن تتأذى.
كانت تنهيدة تشك مسموعة, على شاكلة انفجار.
-بل اذهب أنت وأحضر الأجهزة, وأنا سآخذ ميراندا للتمرين. يبدو أنك نسيت أنك بعد هذه الظهيرة ستلهو مع واحدة في عمرك ووزنك, كما هي العادة طوال هذا الأسبوع.
تلفت إلى دون التي كانت قادمة من جهة البحر بشعرها الفضي المتلألئ بنقاط من الماء, وبقامتها الرقيقة الضامرة الخصر, بدت كأنها عروسة البحر التي تقود الرجال إلى هلاكهم.
تبسم روجر متطلعا إلى تشك.
-هل يعني أنك تغار؟ ( وتراجع حين وقف تشك محاولا ضربه بقبضته) حسنا, قل لي أين الأجهزة, ومن ثم نغطس نحن الأربعة.
ضبط تشك ثورته وأخبره عن مكان الأجهزة, فانطلق روجر يصعد الصخور.
-لا شيء يؤثر فيه. ( قال تشك متعجبا و بغضب) لو قال لي ما قلته له لنفخت في راحة كفي و صفعته.
-كدت تفعل ذلك ( قالت له دون وهي مقبلة) أين ذهب روجر؟
-ليخفي نفسه عنك ( قال تشك بخبث) تعالي, ميراندا, دعينا نسبح عند الجانب الآخر من الحوض.
كانت مياه الحوض صافية وعميقة, كانت مثالية للسباحة والغطس. سبحا برهة, ولما اكتفيا, سبحت وحدها بعيدا تحت الماء دون جهاز وبعدما علمها كيف تستخدمه اندفعا معا إلى وسط الحوض وغطسا تحت سطح الماء المتلألئ.
في أعماق المياه كان عالم بارد شفاف حيث تموجت أعشاب جميلة طويلة السيقان بين جذوع من مرجان أبيض. زرافات من السمك الاستوائي, ذات لون فضي وياقوتي, وأخرى لونها ذهبي وزمردي, كانت تسبح بين الأعشاب, والرمل الشاحب المنبسط في القاع كان مبرقعا بقناديل بحرية ملونة من كل الأشكال والأحجام.
حين رجع إلى الشاطئ كانت دون وحدها تدخن بعصبية وبتجهم.
-لم يعد روجر, ماذا قلت له؟ ( سألت تشك بنرفزة).
-أخبرته عن مكان أجهزة الغطس, فقال أنه سيأتي ببعضها كي يغطس معك أيضا. ( أجابها في صورة طبيعية). ربما لم يجد شيئا.
-لاشك أنك قلت له أكثر من هذا.( علقت دون بنبرة عدائية) قلت شيئا لم يعجبه, ففضل عدم الرجوع. انك لعين وعلى رغم أنك تشبه أمك , فإن لك طبع غالنت وهو التدخل في مالا يعنيك. تماما كما فعلت مارني... و تذكر ما حدث لها.
-لا بأس, يا دون. لن تكوني وحيدة مدة طويلة إني أرى معجبا آخر.
كان في صوت تشك تحذير, كل من ميراندا و دون التفتتا صوب الشاطئ. كان دوغ انغرام يقترب, مرتديا لباسا بحريا قاني الحمرة. ارتاحت ميراندا لرؤيته, لأن النقاش بين تشك وخالته بدأ يخيفها. كانت مسرورة لرؤية بشرة السيد انغرام كبشرتها شاحبة, وفي يديه جهازان للغطس. خاطب دون مبتسما:
-التقيت روجر, قال أنك هنا. هذه بقعة ساحرة, ولكن طومس يقول أن الحوض في فورتوغا أجمل. هل من شيء خلاب تحت الماء؟
وبشيء من الشعور بالواجب وصفت له ميراندا ما رأت, ملاحظة أنه لم يكن مصغيا, تبدد عبوسها, واتكأت إلى الخلف على مرفقيها كأنها عرفت أنها في وضعيتها هذه ستكون شديدة الإغراء.
-سأرى بنفسي.( قال السيد انغرام حين انتهت ميراندا من كلامها) أتحبين أن تأتي معي, سيدة غالنت؟
رفعت بصرها إليه ببطء, ولمعت عيناها بإثارة في الشمس حين تفرست فيه صعودا ونزولا.
-إني أحب ذلك, سيد انغرام.
سمحت له بأن يساعدها في وضع جهاز الغطس, على رغم أن ميراندا كانت تحس أن دون تتقن استعماله.
راقبهما تشك يبتعدان على الرمل نحو الماء اللامع وشيء من الثورة في وجهه, ثم راح يجمع أجهزته.
-دعينا نذهب إلى مكان آخر لنستحم في الشمس.( قال لها متمتما).
تمشيا على طول الشاطئ وفوق الصخور. كان الرمل دافئا وناعما تحت أقدامها, وبعد السباحة أحست ميراندا بالارتياح. كان المكان جميلا, عبارة عن رمال متوهجة, النخيل في محاذاتها من جانب, و البحر من الجانب الآخر.
قال تشك فجأة:
-أعجب مما يبتغيه رئيسك, واضح أنه سبب عدم عودة روجر إلى الشاطئ.
-وأنا كذلك متعجبة.
تمتمت ميراندا متظاهرة أنها لم تفهم ملاحظته التي حطمت جوها الكسول المرتاح, وتذكرت أن السيد انغرام يريد استخدام دون لإقناع روجر ببيع غالنت فانسي.
حين تسلقا الصخور هذه المرة توقفا لجمع الأصداف. كان لدى ميراندا مجموعة منها في حجرتها, وكانت اشترت دليلا من مكتبة لأنواع الصدف المتوافرة في الكاريبي وهي الآن قادرة على التمييز بينها.

جين استين333 11-04-09 07:01 PM

هادا جزء من الفصل....

جين استين333 11-04-09 07:04 PM

على الشاطئ الثاني وجدا مكانا مناسبا للراحة, وتمددا في الشمس يتبادلان أطراف الحديث. انه لم دواعي السرور أن ينقضي بعد الظهر هكذا. وهذا ما فعلت مرات عدة مع تشك, مع أن الحديث معه لم يكن له سحر الحديث مع روجر, ذلك أن تشك كان مهتما بنفسه فقط.
هو, مثل خوانيتا, كان قد قضى سنواته المبكرة في فورتوغا قبل قدومه إلى سان خوان حين افترق والداه, لكنه على عكس خوانيتا صمم على متابعة دراسته في الولايات المتحدة وليس بريطانيا. وأراد أن يدرس الحقوق ويعود إلى بورتوريكو.
منتديات ليلاس
حاولت ميراندا بلباقة أن تعرف المزيد عن روجر و مارني.
-إنهما مختلفان عن خوانيتا وعني. أمهما من انكلترا, وهكذا درسا في انكلترا في مدارس خاصة. بلكنتهما الانكليزية و بولائهما المبالغ فيه و تمسكهما بالتقاليد. بهذه كلها يجعلانني أحس أكثر انكليزية من الانكليز. ثم إني عندما أجد روجر يتصرف مع دون بالطريقة التي رأيته فيها بعد الظهر أعجب منه. ربما الدم اللاتيني الحار في عائلته يثور فيه بين وقت و آخر.
-أو ربما هو يقضي أوقاتا طويلة في الشمس.( تمتمت ميراندا بكسل شاعرة بأنها يجب أن تعود لأنها جلست طويلا في الشمس ذلك النهار).
-ماذا تقصدين؟ (سألها تشك وهو يقترب منها).
فتحت عينيها فرأته منحنيا فوقها.
-قبل المجيء إلى هنا قيل لي إني سألتقي أناسا يشبهون الانكليز ويتكلمون الانكليزية, لكن تصرفاتهم أبعد ما تكون عن تصرفات هؤلاء, لأنهم و أباهم عاشوا طويلا هنا في الشمس. والآن رأيت هنا تأثير شمس النهار في كل واحد, وأنا أفهم جيدا ما يعني هذا.
-وأنا أعرف, نهار تحت الشمس الاستوائية يزيل الانكماش والتمنع. هل زال تمنعك, يا ميراندا؟
رق صوته, ونار متوهجة في عينية. فمه ذو شفتين مكتنزتين قانيتي الحمرة, مثير كفم والده. لم ترد ميراندا الاقتراب, أغمضت عينيها جو, وكل وما رأت كان فما آخر, فما ثابتا وحساسا, فم روجر.
فتحت عينيها بسرعة كي تطرد هذه الأفكار الناتجة من مكوثها طويلة في الشمس.
-أنت مليئة بالتمنع, أليس كذلك؟ ( قالها تشك منحنيا صوبها أكثر). مشهد روجر و دون يتعانقان على رمل الشاطئ المهجور بعد الظهيرة أحدث فيها ما يشابه هزة عاطفية.
-لا بد من الاعتراف إني غير معتادة على رؤية الناس يتصرفون هكذا بعدم اكتراث خلال النهار وفي العلن, خصوصا حين يكون واحدهم متزوجا.
قالت ميراندا محاولة أن تجد طريقة لاجتناب قبلة تشك من دون أغاظته. أن تتصرف بلباقة في حال كهذه, كان خارج تجاربها.
-في العلن؟ لا شيء علني على شاطئ رملي مهجور مغطى بالنخيل ومغسول بالبحر الأزرق. وفي الحقيقة, إن هذا المكان هو الأكثر رومانسية في العالم.
بقيت عيناها مفتوحتين في السماء من خلال أوراق النخيل, إذ أنه من الخطر إغماضهما.
فجأة سيطرت روحها المرحة عليها وراحت تضحك عاليا, وهنا قعد تشك وأخذ يحدق فيها بعينين غاضبتين.
-على أي شيء تضحكين؟
أجابت:
-عليك. (ناسية بهذا كل لباقة). صح قول روجر. إنك كنت تحسده اليوم بعد الظهر, أليس كذلك؟ كنت تحسده لأنه كان في قمة تمتعه. وهكذا فكرت أن تستمتع مثله فوجدتني أمامك ولكن عبثا تحاول, تشك. أنا لست كما تظن. لا آخذ الحب بهذه السهولة كالآخرين, إنه بالنسبة إلي شيء مميز وشخصي.
حملق بها. وأدركت أنها جرحت شعوره.
-انك أكثر من معقدة. انك جليدية, لم تمكثي طويلا في الشمس.
-إني عائدة إلى اليخت, اعتقد إني مكثت في الشمس ما فيه الكفاية, علي أن أبعث برسالة إلى صديقي, حتى الآن أرسلت إليه بطاقات, وهو الآن ينتظر رسالة.
-حسنا. (بدا خجولا كولد صغير حرم من شيء أراده بإلحاح). إذن عندك صديق في بلادك. أما من مفاجآت أخرى لديك؟ من المضحك أنك لم تخبريني عنه سابقا, اعتقد أن هذا شخصي وخاص, وأنك جادة معه.
-نعم, سنتزوج حين أعود إلى انكلترا. (قالت ميراندا).
-آسف إني حاولت استغلال الوضع. ولكن كان في وسعك إعلامي بالأمر.
كانت الكتابة إلى جو أصعب مما توقعت. وتراءى لها شخص صديقها, وهي في حجرتها تسمع الأمواج تلطم جوانب اليخت ونسمة المساء الباكر تلاعب ورق النخيل فتحدث هذه حفيفا. كانت تتأمل الصدفة القرمزية تلمع, حاولت أن تتصوره معها ماشيا إلى جانبها على الرمال بعد الظهر يسبح في المياه الدافئة الحريرية يعانقها في ظل النخيل, ولكن على رغم هذا لم تقدر على الكتابة.
حاولت شيئا آخر, أن تتصوره معها يتناولان طعام الإفطار على متن اليخت المشمس, يرافقها عبر الممرات الوارفة الظلال واضعا على رأسها القبعة وهو ينظر إليها من الخلف نظرات متفحصة ناقدة, تصورته يشتري لها صدفة ويهديها إليها بكلمات قليلة مخلصة. وعلى رغم هذا لم تقدر على الكتابة.
انه لا يناسب هذا المكان و أجواءه, وحين حاولت أن تقارنه بأفراد عائلة غالنت المتحررين رأته كائنا بليدا, طائرا يرفرف خارج سربه.
مزقت ميراندا الورقة ورمتها في سلة المهملات. غدا ستحاول الكتابة إليه عندما تكون أكثر هدوءا.
كان العشاء على الشاطئ لحما مشويا, ولأن الملاحين أخذوا إجازة حتى المساء اهتم السيد انغرام و السيدة قرينته بتحضير الطعام.
وقفت ميراندا تساعد في سكب المقبلات, وحين جاء دور روجر لم تنظر إليه. بهد رؤيتها له عند حوض السباحة أدركت بوضوح أنه يستحق السمعة التي اكتسبها كمستهتر بكل ما للكلمة من معنى, وهي لن تخدع نفسها بالتصور أنها يمكن أن تصادقه.
لم يكن لديه ما يقول, وبعد أن أخذ نصيبه من المقبلات تراجع وراء موقد النار, ربما ليكون قرب دون.
كانت الحيوية تملأ خوانيتا فأخذت تتكلم بحماسة عن بركة طيور الفلامنغو التي وجدتها مع رامون بعد الظهر. عاكسها رامون بلطف ومحبة, وبينما كانت تراقبهما تذكرت ميراندا جو وتساءلت إن كانت ستحظى بسعادة كهذه بعد زواجها به.
منتديات ليلاس

جين استين333 11-04-09 07:05 PM

بكرة ان شاء الله الكمية تكون أكبر...^^

جين استين333 12-04-09 01:18 AM

وهادا جزء صغير تاني...^^

جين استين333 12-04-09 01:19 AM

لم تذهب بأفكارها بعيدا لأن دوغ انغرام راح يحدثها بنبرة ذات معنى.
-أتذكرين قولي أن السيدة غالنت قادرة على التأثير في روجر؟
وافقت ميراندا بينما كانت تملأ صحنه بالمقبلات.
-تكلمت في الموضوع مع دون, وقد كانت سعيدة أن تفعل ما اقترحت. لسوء الحظ, رآها تشك بعد الظهر معه في وضع مشبوه, وهي خائفة الآن من أن يعرف زوجها بالأمر. لهذا عليك أن تتدبري الأمر, دعي زوجها يشعر بالراحة وبأننا ما زلنا مهتمين به. ستحاول زلدا ما في استطاعتها, ولكن طومس, كبقية أفراد غالنت الآخرين, له عينان دائمتا التجوال, وهو يحب النساء الشابات, وأنت تعرفين ما أعني.
-نعم, أعرف ما تقصد, سيد انغرام. ( أجابت ميراندا).
لم تكن متأكدة إذا كان دورها مرده تصورها عين طومس غالنت المتنقلة, أو هو فكرة تسليته بينما زوجته تحاول بإغراءاتها إقناع روجر بتغيير رأيه حول بيع غالنت فانسي.
لم يكن من الصعب التحدث إلى طومس الذي بدا ضائعا إلى حد ما بسبب اختفاء زوجته في الظلال, خاصة أن زلدا انغرام تقوم بتسلية المدير وزوجنه, هذا المدير المسئول عن تنمية الجزيرة. لهذا كان طومس مسرورا بمرافقة ميراندا والتحدث عن الحفلات التي أقامها في فورتوغا.
-انه مكان جميل. ( قال مبتسما). جنه طبيعية. بيع هذا المكان يمزقني, لكني أؤمن بالتقدم. لا نقدر أن نعيش دائما في الماضي, وهذا ما كنا نفعل في فورتوغا, نحن أبناء غالنت, نتصور أنفسنا مالكي مزارع.
-وقراصنة.(علقت ميراندا مازحة, فضحك من كل قلبه).
-دائما سنبقى هكذا. في داخل كل واحد منا قرصان على رغم محاولتنا الظهور مظهر المتمدنين. إن كنت مهتمة بالقراصنة فإنك ستحبين ابن عمي روبرت, والد روجر. كان جدا رائعا. كنا صديقين حميمين لم نكن نتقاتل.( ضحك طومس ثانية) كان في مقدوره أن يحدثك طويلا عن القراصنة في عائلة غالنت. كان يكتب تاريخ فورتوغا.
-ماذا حل به؟
-مأساة. ( تنهد طومس عميقا) كان بحارا عظيما يملك قاربا كبيرا يبحر في الكاريبي كأجدادنا القراصنة. عبر المحيط مرارا وتكرارا كما لو كان يعبر القناة الانكليزية. كانت صدمة كبيرة لي حين غرق. كان مبحرا في طريق العودة مع زوجته ماري... كانت طيبة, في خديها تورد وابتسامة مرحة, إلى فورتوغا من ترينيداد مصطحبين ابنهما الأكبر فرنسيس. كان روبرت هناك يهتم بشؤون كثيرة, ضربتهم عاصفة وغرق القارب, شيء رهيب. لم أفهم كيف أن بحارا مثل روبرت علق في عاصفة, ولكن يحدث هذا لأحسن البحارة أحيانا.
-متى حدث هذا؟
-دعيني أتذكر, كان روجر في الخامسة عشرة من عمره, أي منذ ستة عشرة عاما. وهذا ما جعلني مسئولا عنه. في وصيته طلب مني روبرت أن أكون وصيا على كل واحد من أولاده الذين هم دون سن الرشد في حال وفاته. (كان تنهد طومس ثانية عميقا). ليته لم يفعل ذلك. عرفت كل أنواع المشاكل مع ذلك المحتال, لن تصدقي كم مرة وقع في مأزق حرج, ليس فقط في فورتوغا ولكن في مدرسة في انكلترا. مؤذ من يوم ولادته. كان عزيزا على قلب أمه. فقط لأنه قدر أن يغني ألحانا و يؤلف أغنيات. عذبني ولما يزل. أنا لا أقول أن الحادث لم يزعجه. لقد انزعج, غير أنه لم يهتم بزراعة قصب السكر أو أي شيء آخر, كل همه يدور حول الموسيقى.
-وماذا عن مارني؟
-كانت في سن تؤهلها للعناية بنفسها, وهكذا فعلت. إنها قديرة. حازت شهادة في الكيمياء, كان ممكنا أن تحل محل روبرت في صناعة التقطير, ولكن حدث أن أصيبت بالعمى, بعت حصصي وحصصها لمن عرض ثمنا أعلى. روبرت لم يكن من الطراز نفسه, كان رجل أعمال, وكذلك فرنسيس. موهبتي الوحيدة هي في اختيار المرأة غير المناسبة لتكون زوجتي.
تنهد ثانية بعمق وتلفت حوله, محدقا في الظلال كأنه يحاول اختراق ظلمتها بحثا عن دون.
ضغطت ميراندا على نفسها وحولت الحديث إلى ما هو أقل إزعاجا. وكانت مرتاحة لظهور السيدة انغرام واقتراحها أن يصعدوا جميعا إلى سطح اليخت لتناول المرطبات ولعب الورق لمن شاء ذلك. واتفقوا على أن يبحروا باكرا.
شعرت ميراندا بارتياح لكونها قررت أن تتمشى وحدها على الشط, فهي لن تعيد هذا المشوار ثانية. رغبت أن تتذكره في المستقبل كمكان يعمه الهدوء والجمال.
كان القمر يتوارى رويدا, وعلى الرمل رمت أوراق النخيل ظلالها. وعلى أطراف الرمل كلن البحر دائم الهمس تتموج فيه انعكاسات النجوم. نجوم في البحر أغنية حزينة عن حب ضائع. عجبت ميراندا للشعور الذي كان روجر غالنت يخفيه وراء مظهره اللامبالي, هذا الشعور الذي أبدع الموسيقى العذبة.
وفجأة لاحظت ظلا على الرمل وراءها, توقفت فتوقف الظل, مشت فمشى خلفها. وبدت حائرة وهي تحدق فيه. توقفت فجأة فتوقف.
-من أنت؟ لماذا تلاحقني؟
-حتى أتأكد أنك لن تسقطي في مستنقع ما. (أجابها روجر مقتربا منها).
-آه, وهل هناك مستنقع؟
-نعم, كنت تتقدمين صوبه, ليس من الصواب أن يتمشى الإنسان ليلا على هذه الجزر, هناك أنواع مختلفة من الأخطار.
-كان لزاما أن تخبرني أنك هنا بدلا من التظاهر عكس ذلك.
-ظننت أنك تفضلين أن تكوني وحدك. ألم تفاجئي بما رأيت بعد الظهر؟
-نعم فوجئت.

جين استين333 12-04-09 04:26 AM

وهادا جزء صغييييييييييييييييييييييييييييييير تاني
سوري...^^

جين استين333 12-04-09 04:27 AM


هكذا شعرت من خمس دقائق عندما كانت وحدها, أما الآن وهي معه, كانت مسحورة به رغم كل ما فعل.
-ربما كنت مأخوذا بالمناظر. يقول تشك أن ما من مكان أكثر رومانسية من شاطئ مهجور تحت شمس استوائية.
-كان يصف تأثير مكان كهذا عليه, كما اكتشفت مؤخرا بعد الظهيرة.
-وهل رأيتنا؟ (سألته مندهشة وخداها يحمران خجلا) كان يحاول أن يكون مثلك. لا معنى لذلك.
-ولكن لماذا تعتبرين وجودي مع دون ذا معنى خاص؟
-لا أعرف, بدا وجودك معها شيئا آخر, إنها متزوجة من ابن عمك.
-بينما أنت موعودة بالزواج, ليس إلا. هناك فرق كبير. دون تزوجت طومس لأمواله, أما الآن فهو مفلس وتقدمه في السن عنها بفارق كبير واضح جلي, إنها فتية وموهوبة, وهي راغبة في سواه, في من هو أكثر فتوة, وأغنى.
-راغبة فيك؟
-تماما. على الأقل, هذا تفسيري لعودتها إلي و للبحث عني بعد الظهر كي تشاركني في التمتع بالشمس. طبعا, قد يكون هناك سبب آخر.
-كلا, لا أحب ذلك. (أجابته بجفاء).
-أعتقد أن هذا لا ينسجم مع رأيك المثالي بالزواج. إذا كان هذا هو الأمر فإنك ستصادفين مفاجآت عدة هنا تحت الشمس الاستوائية, حيث الجاذبية الحسية تينع في الحرارة وفي هذا الجو الرومانسي. وهذا ما عرفته مع تشك بعد الظهيرة.
-ليس الأمر كذلك, لست ميالة إلى تشك.
-هل تخافين من اكتشاف شيء في نفسك لا ينسجم مع القيم الأخلاقية التي فرضتها عليك العمة كلارا؟ هل تخافين أن تكتشفي أنك امرأة, وأنك لست مراهقة تقضي نصف وقتها تحلم؟ كان على صديقك جو ألا يدعك تبتعدين عنه, كان عليه الاقتران بك بدلا من السماح لك بالمجيء إلى هنا. إنك لن تكوني الإنسانة ذاتها لدى عودتك إلى انكلترا. ستكون لك ذكريات تعذبك.
توقف قليلا ثم سألها:
-ماذا يفعل هذا الشاب الرصين؟
-انه يتعاطى مهنة البناء.
-آمل ألا يكون بناء الفنادق؟
-كلا, بناء بيوت. بالمناسبة, لا أعتقد أنك تحب الفنادق التي شاهدناها في سانت طومس و تورتولا, أليس كذلك؟
-هل كان واضحا؟
-نعم. بدوت ضجرا, وكنت خشنا مع السيد انغرام.
-قصدت أن أكون هكذا, عنده نوايا قاسية.
-ربما تحب الفندق على غرينادا أكثر.
قالت بسرعة مصممة أن تستخدم اللحظة كي تدعم مصالح الترانسمارين كما أشار عليها السيد انغرام.
-صمم كي يناسب الهندسة المحلية, إنه ليس عاليا بل مبني كأكواخ ذات طابع محلي متلاصقة ذات طبقتين, حولها ملاعب حيث الينابيع والأحواض الملأى بأنواع السمك. بالكاد هو مرئي من البحر أو الطريق, انه منسجم مع المناظر المحيطة, فيه حوض سباحة ومحلات تجارية. كما أنا متشوقة إلى رؤيته.
-على الوجه الأكمل, يا ميراندا.

جين استين333 12-04-09 04:11 PM

قال هذا متهكما ما جمدها. هل يمكن أنه فهم ما كانت ترمي إليه؟
-انك تستحقين الإعجاب لإخلاصك لرئيسك و لصاحبك الشاب. ولكن يؤسفني أن أقول لك انك تضيعين الوقت. لا شيء أراه أو أسمعه عن فنادق الترانسمارين أو عن المنتجات يجعلني أغير رأيي بالنسبة إلى بيع غالنت فانسي.
-ولكن ماذا سيفعل ابن عمك؟
-كما وقع في هذه المشكلة يجب أن يكون قادرا على الخروج منها, لست مدينا له بشيء. خدعني ومارني مرة, كنت يومها دون السن القانونية وكانت مارني في انكلترا. هذه المرة لن أتركه يعاود الكرة. حين ترين غالنت فانسي ستفهمين موقفي, وحين تلتقين أختي مارني ستعرفين لماذا لا أريد بيع بيتها لتعيش في لندن أو في نيويورك, أو في أي مكان آخر.
-منذ متى هي عمياء؟
-من نحو عشر سنين.
-أما من شيء يمكن عمله لشفائها؟
-كلا.
-كيف أصيبت بالعمى؟
-في حادث.
-آسفة. (تمتمت بصوت خافت)
-شكرا. (أجابها بصوت رقيق كأنه شعر بأنه جرحها لرفضه توضيح ماهية الحادث) أتمنى أن تلتقي مارني, بينكما أشياء مشتركة. إنها مثلك مخلصة ومتمسكة بالتقاليد.
صمت قليلا ثم أضاف:
-رأيت شيئا آخر بعد الظهيرة من غير المفروض أن أراه. السيد انغرام قدير. قد يكون مفيدا معرفة ما كان يبحث فيه بهذه السرية مع دون. انك تعرفين موضوع حديثهما, أليس كذلك؟ هل ستخبرينني؟
-لا أظن أني سأفعل ذلك.
-لا تظنين, ولكن ماذا تشعرين؟ هذا هو المهم.
شعرت ثانية أنها تود لو تقطع كل علاقة معه, لو تبتعد عنه قدر المستطاع, لو تبتعد عن صوته المؤثر, الذي كان قريبا يهمس عند أمواج الشط وتحت النخيل في الريح.
-هل ستخبرينني, يا ميراندا؟
-وماذا تفعل إذا لم أخبرك؟
ضحك, كانت ضحكته دافئة مما جعلها تضحك بدورها, نازعا عنها كل مقاومة.
-ليس لدي سوى القليل لأفعله. دائما كنت أعتبر نفسي مثقفا إلى درجة أني لا ألجأ إلى العنف. ربما في استطاعتي أن أخيفك.
أغمضت عينيها, جسمها فقد جموده وصار لينا وسرى فيها شعور رائع وغمرها, شعور يشوبه الألم, تشوبه الرعشة. كان المطر يسقط على أوراق النخيل العريضة, وكانت الريح تشتد.
-ليس هذا عدلا. (صرخت ميراندا به, كان صوتها غريبا ومخنوقا) ليس من الحق أن تستقوي على امرأة لا عون لها.
-ما من امرأة من دون معين. قلت لك أن كل شيء حق في الحب والحرب, وهناك حرب بيني وبين انغرام. لم أنس أنه خدعني بالالتحاق بهذه الرحلة البحرية, انك تعرفين ما وراء حديثه مع دون, وأنت ستخبرينني به حتى لو أبقيتك هنا طوال الليل.
حاولت الهرب, لكنه منعها لاويا يدها وراء ظهرها.
-أيها الحيوان ( صرخت به محاولة الإفلات منه, ولكن من دون جدوى) ظننتك قلت انك لا تلجأ إلى العنف!
قالت له هذا وهي تحاول أن تتحرر منه.
-أنت بدأت العنف بأن طعنتني. لا تعتقدي مطلقا إني لن أرد بالعنف عليك لمجرد انك امرأة. فأنا أؤمن بالمساواة إلى النهاية. والآن, يا ميراندا, اخبريني ما الذي كان يدبره انغرام مع دون, وإلا سنبقى الليل كله هنا.
-انك لا تقدر أن تحتفظ بي هنا. (ردت عليه وهي تلهث من التعب).
-بلى, إني أقدر. (أجابها بهدوء).
حاولت ميراندا المقاومة, لكنه قبض عليها بقسوة وجرها وراءه فتبعته.
أمرها بالجلوس, فجلست, وإلى جانبها جلس قابضا على معصمها.
-الآن في استطاعتك إخباري ما كان انغرام يدبره مع دون.
جلست ميراندا هادئة, نار الثورة فيها كانت تخمد, لم تزل في أعماقها مدهوشة لما فعلت على الشاطئ. ماذا ستقول العمة كلارا عن ميراندا الواعية لو رأتها تصارع هذا الرجل كهرة برية؟
-أيها الوحش. (قالت له وهي تحاول الابتعاد عنه).
غير أن يده شدتها حتى آلمتها.
-لست وحشا, ما أنا إلا رجل عادي يحاول حماية من يحب, والإبقاء على ما تبقى من إرث بعيدا عن قراصنة القرن العشرين, وهذا باستخدامي كل ما عندي من سلاح. اخبريني, ميراندا.
-ما عساهم يفكرون إذا عرفوا أننا كنا معا طوال الليل؟ دعنا نعد إلى الفندق.
-لا أهتم بما يفكرون, ولكن يمكن اجتناب كل سوء تفاهم بإخباري ما أريد معرفته. عندئذ اصطحبك إلى اليخت.
مال صوبها هامسا في أذنها. أحست به قريبا منها, وشعرت بالرغبة في أن تتركه يستمر, ولكن فجأة تذكرت مارني العمياء التي من أجلها كان يحاول الإبقاء على البيت, وراحت تعترف بصوت خافت:
-يأمل السيد انغرام في أن تضغط عليك دون كي تبيع غالنت فانسي. لا أعرف تفاصيل خطته.
-إذن, كنت على حق.
برودة صوته جعلتها تقشعر.
-يبدو أن انغرام سيلجأ إلى كل حيلة حتى ينال مبتغاه. وهو لا شك, طلب منك الشيء ذاته.
-نعم. لكن لا أريد هذا, فأنا لست أهلا لتحقيق هدفه.
-كلا, أنت لست كذلك. ماذا كان اقتراحه؟
-أن أكون طيبة معك, أن أكتشف سببا لعدم إرادتك البيع, وأن أفعل كل شيء, إلا... إلا.
-إلا ماذا؟ (كان صوته حادا).
-قال انه لا يتوقع أن أتعدى الحدود اللائقة.
-وهل ذكر سبب اعتقاده انك و دون تصلحان لذلك؟
-نعم. ( أجابته بسرعة) قال انك ضعيف أمام النساء. وبادئ الأمر لم أعرف أن قوله كان صحيحا.
-ربما كان قوله هذا صحيحا, ولكن, على رغم هذا, لن أبيع بيت مارني و إرثي من أجل امرأة. أتفهمين؟
-نعم, آه طبعا, لكني آسفة, فأنا غير قادرة أن أخبرك أكثر. في الحقيقة, لا أعرف كيف اعتقدت السيدة غالنت أنها تستطيع التأثير عليك.
-أخبرتني ما فيه الكفاية, فأنا الآن مستعد لكل شيء, سأعامله كما يستحق. شكرا ميراندا. آسف لأني أخفتك, ولكن كان لابد من أن أعرف حقيقة الأمر.
اتكأت بحزن على الحائط, متردد في أن تترك ظلمة الكوخ اللطيفة حيث جرى مشهد انكسارها. كان المطر يتساقط في الخارج, وحين انفتح الباب سمعت صوت انهماره.
-لم تعد تمطر بقوة. (قال روجر) هل تجازفين بالركض إلى اليخت؟
-لا مفر من ذلك. لا أقدر على البقاء معك مدة أطول! (صرخت بصوت مخنوق).
هبطا إلى الشاطئ, كان الرمل رطبا, وهذا ما أعاق سيرهما, ولكن رغم كل صعوبة, أسرع, وأسرعت وراءه.
كانت السيدة انغرام في مدخل صالون اليخت. كانت في حال عصبية, وفي ريبة ظاهرة. رمقت ميراندا قائلة:
-كنت أتساءل ما حل بك. إنها الساعة الواحدة صباحا, وأنت تعرفين أننا سنرحل باكرا. من الحماقة التجوال بعيدا حتى الآن, دوغ يرغب في رؤيتك في الصباح كي تبرري تصرفك الغريب. أين وجدتها, روجر؟
-قرب مستنقع, كان لابد لنا من الاحتماء من العاصفة, وإلا لكنا رجعنا قبل الآن.
دخلت ميراندا حجرتها, أغلقت الباب خلفها كأنها بهذا أرادت أن تمحو من ذاكرتها ما حدث لها الليلة على الشاطئ.
منتديات ليلاس

جين استين333 12-04-09 04:18 PM

تم الفصل الثالث .........
والحمد الله ...

majedana 12-04-09 10:04 PM

تسلم ايدك

بااااااااانتظار التكملة


جين استين333 13-04-09 02:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majedana (المشاركة 1925477)
تسلم ايدك

بااااااااانتظار التكملة



تسلمي عزيزتي......
:liilas::liilas::liilas::liilas::liilas::liilase::liilase::l iilase:

جين استين333 13-04-09 02:29 PM

4-ما سبب حزنه هل هو موت أبويه؟ هل هو عمي أخته؟ هل الحزن هو سبب سلوكه الجنوني أحيانا؟ تمشيا على البحر متشابكي الأيدي صامتين, فهما لم يعودا في حاجة إلى الكلام...

منتديات ليلاس


كان الصباح منعشا صافيا بعد هدوء العاصفة, سماء زرقاء فوق بحر أزرق, و ألوان فضية تعكس الأمواج تحت الشمس, وسمك يتطاول إلى سطح الماء بحركات بهلوانية.
كعادتها في كل صباح, وقفت ميراندا على سطح اليخت تراقب الرمال الشاحبة و النخيل, وخلفها جفنات خضراء تغيب في الزرقة البعيدة. لم تنتظر طويلا, كان عليها زيارة السيد انغرام في مكتبه كي تقدم إليه تقرير عما حدث. وحين رأت روجر يقترب صوبها هربت إلى الجانب الآخر حتى لا تقابله, وأخيرا إلى الصالون ومنه إلى المكتب.
كان السيد انغرام لطيفا, تطرق إلى الموضوع مباشرة. سألها إذا نجحت في مهمتها مع روجر. أجابته أنها لم تنجح وهي تشعر بالذنب. وهنا سألها غاضبا إذا كانت قد أهدرت وقتها الليلة الماضية.
-ظننت أنا فرصة سماوية حين تطوع للبحث عنك.
-أنا... أنا... حاولت. (وبشيء من الاشمئزاز تابعت) لا قدرة لي على تحقيق طلبك, هذا مستحيل, لست الشخص المناسب لذلك.
-هل هو خطر إلى هذه الدرجة؟
أجابته وقد احمرت وجنتاها:
-لا أريد أن يكون لي أي شيء معه.
-حسنا, أنا نفسي لا أدعي أني سعيد في العمل. يجب وضع الأحاسيس الذاتية جانبا إذا كان النجاح هو الغاية, ولكن ربما كنت صغيرة لتفهمي ما أقول. سنترك أمر روجر للسيدة غالنت المتمرسة. والآن علي كتابة بعض الرسائل. بعد زيارة الجزر أود أن أقضي قرابة يومين في المكتب الرئيسي. ربما توجد رسائل تنتظرنا بما فيها رسائل من أهلك.
ذكرى الرسائل من العمة كلارا و دوروتي وربما من جو أفرحت ميراندا, وهكذا ذهبت إلى العمل مسرورة لإعفائها من مسؤولية التودد إلى روجر.
توقعت ميراندا أن يترك روجر اليخت بعد أن عرف الحقيقة, كذلك توقعت أن يختفي من حياة دون. ولكن لدهشتها ولخوفها في آن, أخذ يبدي اهتماما أكبر بها. كانا معا في كل شيء, وكل منهما يتمتع بالآخر, وهذا سهل عليها الابتعاد عن روجر.
وذات صباح اختفيا معا. ما من شيء قيل حول هذا الاختفاء, ما من شيء قيل حول عدم رجوعهما إلى الغداء, أو عندما لم يسبحا بعد الظهر كالمعتاد في مسبح المطعم الخاص.
وحين حلت الظلمة الاستوائية المفاجئة ظهرت علامات القلق على طومس. قال انه سيبقى على سطح اليخت في انتظار عودتهما.
وعند العشاء كان طومس في حالة عصبية. وأخيرا رجعا بعد منتصف الليل بقليل في سيارة أجرة. صعدا إلى اليخت وعلامات الانشراح بادية عليهما. ما من شك أن دون تمتعت برفقة روجر, مما جعل زوجها طومس يعنفها على غيابها طوال النهار.
وفي اليوم التالي استيقظت ميراندا باكرا, رأت الجبال و الزرقة الداكنة فوق البحر. وأدركت أن محاولاتها في تجنب روجر كانت ناجحة حتى الآن,كما أنه لم يقم هو بمحاولات للتقرب منها, ذلك لأنه بدا منشغلا مع دون.
لم يكن سهلا على ميراندا تبرير محاولاتها هذه. حاولت ذلك بتظاهرها أنها لا تحبه, لكنها عرفت تماما أن هذا غير صحيح. والأصح أنها كانت خائفة منه, لأنه حولها إلى امرأة تضرب وترفس وتصارع. كانت امرأة مختلفة قبل تلك الليلة العاصفة على الشاطئ.
بقيت طويلا على سطح اليخت. ثم ظهر روجر وتقدم صوبها, اتكأ على الدرابزين و تطلع إلى الجزيرة. مرفقه لامس مرفقها, فابتعدت عنه قليلا, وهنا نظر إليها قائلا:
-هل ستهبرين كعادتك كل مرة اقترب فيها منك؟ ما من حاجة إلى ذلك. فأنا لن أحاول الحصول منك على معلومات, إذا كان هذا ما يخيفك.
-كلا, لست خائفة من ذلك, فقط أريد التمتع بالصباح, وقد كان تمتعي به رائعا حتى مجيئك.
ضحك وعيناه تلمعان بين رموش قصيرة سوداء.
-وهل ستجربين مخالبك؟ إذا أردت خدشي, عليك فعل شيء آخر.
تأسفت للصباحات التي قضتها معه. كرهته فجأة, كانت كراهيتها له من العنف بحيث أصابها الذهول, ذلك أنها لم تكره أحدا في حياتها من قبل.
-أكرهك.
-أنت لست أول من قال هذا, لقد سبقتك كثيرات.
وهنا تذكرت دون وهي ترميه بكأسها قائلة أنها تكرهه. وحالا حقدت على نفسها, لأنها لم تكن بأحسن من دون.
تأملها مليا, تأمل وجنتيها السمراوين بفعل أشعة الشمس.
-اعترف أنك لم تقولي سابقا شيئا بهذه الحدة.
وتملكتها الخيبة لأنه لم يبد غاضبا لكلامها. ألا يفقد أعصابه أبدا؟ حتى أنه عندما تشاجرا على الشاطئ لم يغضب.
-أعني ما أقول, لا أقول أي شيء لا أعنيه. أكرهك لأن...آه, لأن...
أدركت أنها إذا أخبرته لماذا تكرهه, فإنه سيمتلك سلاحا جديدا ضدها, وهكذا توقفت, صدرها يرتفع ويهبط تحت قميص من القطن الأزرق, عيناها داكنتان و قلقتان, بلون البحر عند هبوب العاصفة.
-لأني أيقظتك من الحلم إلى الحقيقة. صاحبك جو ليس كما يجب, هل يتوقع أن تتزوجيه من دون معرفة شيء في أمور الحياة؟
-إني أعرف حقائق الحياة.
لكنه لم يكن خطيبها, ولأنه لم يكن خطيبها ولن يكون, سيطر عليها شيء من الخوف. ولكي لا يكشف ما في قلبها أدارت رأسها إلى الجهة المعاكسة.
-هل تخطيت الحدود؟ هل من الممكن أن أكون على حق, و أن جو لم يكن يطلعك على أسرار الحب؟
ظلت صامتة وأعلن صمتها ثانية ما في قلبها.
-إذن لماذا الزواج منه؟
-كفى, لقد تخطيت الحدود, لا علاقة لك بحياتي الخاصة. على كل حال, بالكاد أعرفك.
-بل يعرف واحدنا الآخر من سنوات, ميراندا.
-بعد أسابيع قليلة أعود إلى لندن, وكل شيء يصير ذكرى.
-ذكرى توقظك في الليالي. بالمناسبة إني أسافر أحيانا إلى لندن, ولي فيها شقة. في استطاعتنا أن نلتقي, في لندن أماكن رومانسية.
-لا, لن يكون في استطاعتي لقاؤك, هذا غير أخلاقي, لا أريد أي علاقة بك.
-بسبب ما قاله انغرام عني؟ بسبب دون؟ إذا قلت لك لماذا...
قالت صارخة, مقاطعة إياه:
-لا أحب أن أسمع!
راحت تبتعد, لكن يده على ساعدها أوقفتها.
-لا تهربي, أعدك بأني لن أغضبك. نحن قريبان الآن من خرائب سانت بيار, انظري, هناك برج إحدى الكنائس, إنه يذكرني بقصة سمعتها عن أحد الناجين من الهلاك. كان يعزف الحان موسيقاه في الكنيسة, حين ثار البركان, فاحتمى تحت آلته الموسيقية ونجا كي يخبر الحكاية. الحكاية تسحرني لأني أحب أن أعتقد أنه نجا بسبب حبه للموسيقى.

جين استين333 13-04-09 02:33 PM

قريبا جزء زيادة....^^

جين استين333 13-04-09 03:46 PM

وهادا جزء زيادة...^^

جين استين333 13-04-09 03:48 PM

تطلعت إليه. في الصباح الصافي بدا وجهه الجميل مظللا, تذكرت أنه وصف نفسه مرة بالحزين, ما سبب حزنه؟ هل هو موت أبويه حين كان طري العود؟ هل هو عمى أخته؟ ماذا أضافت جوزفين إلى حزنه؟ هل الحزن هو سبب سلوكه الجنوني أحيانا؟
-المصيبة أثرت بشكل خاص على أهالي الجزيرة. زرعت فيهم وفي أبنائهم أفكارا مختلفة. بين ليلة وضحاها شعروا بالقلق من الوجود قريبا من بركان يمكن أن يثور في أية لحظة.
كانت الشمس حارة على رأسها, لهذا كان لابد لها من الجلوس في الظل لتدليك جسمها بالزيت.
أخيرا في الصباح وصل اليخت إلى المرفأ. وبعد الاتفاق على موعد الغداء, اصطحبت السيدة انغرام و خوانيتا إلى المدينة لابتياع بعض الحاجيات. وفي شوارع المدينة كانت المتاجر الحاوية أنواع الثياب, والنساء في ألبستهن الوطنية و بعضهن في ألبسة عصرية, يبعن الفواكه.
كانت السوق على امتداد جسر ضيق عند مدخل المدينة. وعلى الضفة الأخرى قوارب صيد مطلية بالأزرق والبرتقالي, بينما كان الصيادون يعرضون الأسماك الطازجة.
حرارة النهار أجبرتهن على العودة إلى مركز المدينة الرئيسي, إلى مقهى رصيف حيث اللقاء مع الآخرين.
-إني سعيدة الآن لوصولنا باكرا. المجيء في هذا الوقت يتيح لنا المجال لمشاهدة المكان. لا بد من القول أن بعض النساء جذابات.
تلفتن لاشباع فضولهن, ثلاثة أشخاص على المائدة القريبة: امرأتان ورجل. واحدة لفتت الانتباه, طويلة ونحيلة, تلبس بنطلونا أبيض وقميصا أخضر, ذات قسمات شاحبة وشعر طويل أشقر.
-إنها تشبه جوزفين, أليس كذلك يا دون؟ ( سألتها خوانيتا).
-كيف لي أن أعرف ذلك ولم أرى جوزفين قبلا؟( أجابتها دون بعصبية).
-آه. أتقصدين جوزفين نابليون؟ ( سألتها السيدة انغرام ببراءة).
قالت دون من طرف فمها:
-لا. إنها تقصد جوزفين روجر.
سألتها السيدة انغرام:
-ومن هي؟ صديقته؟
-كان هناك علاقة بينهما. من الصعب المعرفة بالتأكيد, وروجر لن يقول( أجابتها دون بمرارة خفية) الأرجح عند الفرنسيين كلمة لذلك. أنهم يسمونها وسيطة خطرة. هل تظنين أنها النعت الصحيح, خوانيتا؟ تعرفين أكثر مني في هذه المواضيع, رغم أني سمعت من مصادر موثقة أن لطوم ضلعا فيه.
بدت خوانيتا قلقة, وخاطبت زوجة أبيها قائلة:
-انتبهي لما تقولين يا دون.
-لماذا؟ فأنت لا تفشين سرا إذا قلت أن رجال غالنت ليسو أتقياء. ( وفجأة ضحكت وأكملت) روجر وأنا كنا البارحة في حفلة راقصة. وافق مدير الفندق على أن أغني في الملهى, غنيت بعض من أغنيات روجر, مما أثار الحضور.
قالت خوانيتا:
-أنا ذاهبة.
كانت تراقب المرأة اللابسة الأبيض و الأخضر.
-آه, يا الهي ... روجر قادم. لنفرض أنها جوزفين, و يراها.
-ستكون ردة فعله موضعا للنظر, خصوصا أن الكل يعتقدون أن جوزفين ميتة.
قالت خوانيتا:
-لم يكن هذا أكيد. فقد اختفت.
سألت دون بجفاف:
-حسنا؟ هل نحن الآن أكثر معرفة؟
-في الحقيقة, لا. روجر يخفي دائما أحاسيسه الحقيقية, وهو دائما الإهتمام بالمرأة الجميلة. (قالت خوانيتا متنهدة) ها رامون و تشك في صحبة الوالد, وهكذا يمكننا الذهاب إلى الغداء حالا, فأنا جائعة كثيرا.
وبعد الغداء ركبت ميراندا السيارة مع السيدة انغرام و خوانيتا و تشك لرؤية مكان ولادة جوزفين زوجة نابليون.
بعد ذلك كانت نزهة في السيارة على الجزيرة. شواطئ بيضاء تلمع, شباك صيد معلقة, زهور برية, قرى صغيرة تحت الشمس و أشجار عالية على طول الطريق.
عادوا إلى اليخت و أخذوا حاجيات السباحة و الألبسة المسائية قبل عبور الخليج إلى الفندق حيث العشاء و الرقص. وحده السيد انغرام كان على اليخت, أما روجر فلم يكن قد رجع بعد. وفجأة قال السيد انغرام بلهجة صارمة:
-أود أن أتحدث معك يا ميراندا قبل أن تخرجي إلى السباحة.
-نعم, يا سيد انغرام. هل من رسائل لي؟
-كلا. ربما لك بعض الرسائل في غرينادا حيث سنكون غدا. يجب ألا نستمر هكذا من دون نتيجة, فالشركة تضغط علي. هناك جزيرة أخرى للبيع. لابد من التوقف عن محاولاتنا مع عائلة غالنت, و السفر إلى الجزيرة المذكورة, رغم عدم شعوري بالارتياح أن رجلا ماجنا مثل روجر قد هزمني.
-روجر لن يسمح بالصفقة, إنه يفضل أخته على كل شيء

تمارااا 13-04-09 08:56 PM

راااائعة قلبووو
http://www.liillas.com/up2//uploads/...e51ebb9513.gif

جين استين333 14-04-09 02:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تمارااا (المشاركة 1926492)


العفو عزيزتي وان شاء الله أحاول أخلصها بسرعة.....:7_5_129:

جين استين333 14-04-09 05:08 AM

وهادا جزء زيادة....^^

جين استين333 14-04-09 05:10 AM

-أخته! إنها المفتاح, علينا رؤيتها, ربما هناك فرصة شكرا لك, يا ميراندا. والآن اذهبي إلى الفندق وطيبي خاطر تشك الذي بدأ يفقد صبره.
ذهبت ميراندا إلى الفندق حيث انضمت إلى تشك و خوانيتا و رامون. وهنا قال تشك مخاطبا خوانيتا:
-علينا حل قضية روجر.
-أعرف. إنه و دون يتصرفان بطريقة غير مستحبة,
-ليس هذا ما أعني. فأنا مهتم بصفقة الترانسمارين, يجب أن أحصل على المال. بوب مديون حتى أذنيه, وأنا كذلك.
-آه يا تشك( قالت خوانيتا بلطف) رامون يساعدك.
-طلبت منه المساعدة, ولكن بلا نتيجة. يبدو الآن أن الطريقة الفضلى هي في إقناع روجر بالموافقة على البيع. إنه لا يعيش هناك, وما من مصلحة له في تنمية المكان.
-ليس في استطاعتنا فعل أي شيء إلى أن نلتقي مارني ونكلمها في الموضوع, فإذا وافقت فإن روجر لن يعترض.
-ربما نحصل على موافقتها إذا جعلناها تعرف كم هي ضرورية و مفيدة لنا جميعا هذه الموافقة. و روجر مستعد أن يلبي لها كل طلباتها فهي تجعله يشعر بالذنب لأنه المسئول عن عماها. هل لديك فكرة عن السبب؟
-لا. إلا إني أعرف أنها الوحيدة التي تعرف الحقيقة عن جوزفين. هل قلت لك أننا رأينا واحدة تشبهها في المقهى هذا الصباح؟
انخفض صوتها, ولم تعد ميراندا تسمع أي شيء. بكلمات قليلة استعادت ذكرى تلك المرأة التي شاهدتها في المقهى, و ابتسامتها لروجر, وتردده حيال لقائها, و ملاحقته لها بعينيه. هل ظن هو أيضا أنها جوزفين؟ و أية علاقة كانت لها معه؟ وحدها مارني تعرف الحقيقة.
تنهدت ميراندا تخفي رأسها تحت ساعديها. ودت لو تسمع هذا الحديث. جفلت ثانية من الطريقة التي يتعامل بها أفراد غالنت بعضهم مع بعض. جميعهم أشرار.
تمنت لو كان هناك واحد منهم خارج هذا الصراع كي تتحدث معه. مشكلتها أن أحاسيسها دائما كانت تجرفها. ربما من الأفضل لها لو تتزوج جو, فهو رزين و سليم الطوية.
فجأة بكت. هل من رسالة تنتظرها في غرينادا؟ هل افتقدها جو في الأسبوعين الأخيرين؟ حاولت أن تتخيله فلم تستطع. كذلك كانت حالها بالنسبة لعمتها كلارا و دوروتي. في الحقيقة ليس من السهل عليها أن تتخيل مكان ولادتها المجلود بالريح الباردة وهي على هذا الشاطئ تحت الشمس الناعسة.منتديات ليلاس
-أسرعي, ميراندا( قال لها تشك بإلحاح) سباحة أخيرة قبل تبديل ثيابنا للعشاء وبعد هذا سنقضي أجمل أمسية معا.
كانت الشمس تغيب تاركة وراءها غيوما قرمزية. أما تشك فقد كان في أحسن حالاته, كان مرحا و مستعدا لأنواع المزاح, وكان يعتقد أن الأمل لم يمت بعد في إقناع روجر ببيع حصته.
ذهبت معه للسباحة, ومن ثم مع خوانيتا لارتداء لباسها البسيط الذي جاءت به من انكلترا. كان لباسها شاحب اللون ز عاليا عند الخصر, وكان شعرها مرخيا على شيء من الفوضى. وحين تطلعت في المرآة بالكاد تعرفت على شكلها, إذ بدت صبية أنيقة.
قصدوا المقصف قبل العشاء. كان وجود روجر مفاجئا, كان يتحدث مع السيدة انغرام, غير أنه تطلع إلى خوانيتا و ميراندا حين دخلتا. تبسم لخوانيتا رافعا يده محييا, نظرته عبرت ميراندا لتعود إليها حتى كأنه لم يميزها للوهلة الأولى. لم يبتسم أو يلوح لها إذ كان يتأمل مظهرها ببطء, لكن أثرا غريبا بان على وجهه قبل أن يعاود النظر إلى السيدة انغرام و يمنحها اهتمامه الكلي.

جين استين333 14-04-09 05:11 AM

يا لله هانت باقي شوية واخلص الفصل الرابع..........و كدا يبقى ثلاث فصول ......والحمد الله

جين استين333 14-04-09 05:37 PM

وهادا باقي الفصل الرابع والحمد الله.........ز^_^

جين استين333 14-04-09 05:38 PM


لم يكن من أثر لدون, وحين سأل طومس روجر عنها أجابه الأخير أنه لا يعرف شيئا عن مكان وجودها, وعندما لاح الغضب على وجه طومس تدخل السيد انغرام بلباقة واضعا ذراعه حول كتفي طومس, ودخلا معا غرفة الطعام.
وبعد العشاء حان موعد الرقص تحت أضواء خافتة وسط موائد وكراسي صغيرة. بادئ الأمر استمعوا إلى بعض الأغنيات المحلية و شاهدوا الرقص الشعبي برفقة القيثارات و الطبول. ثم ظهرت فرقة رقص صغيرة وراحت تعزف أنغاما راقصة معروفة, بدأ الرقص كل اثنين معا. في هذا الوقت اتكأت السيدة انغرام وأخذت تتبادل الحديث مع واحد خلفها في الظل. تطلعت ميراندا في الاتجاه نفسه فرأت روجر جالسا وحده بهدوء.
تنهدت الريح خلال النخيل حاملة معها رائحة الزهور, وفي السماء المخملية خلف الأضواء الملونة كانت النجوم تشع معكوسة في البحر.
بدأت الفرقة الموسيقية تعزف نغما راقصا رومانسيا, وشاهدت الراقصين يلتحمون. لامست يد كتفها فعرفت للحال صاحبها للرعشة التي تسربت إلى أعصابها.منتديات ليلاس
سألها روجر:
-أترقصين معي؟
كانت خائفة أن ترقص معه على ذلك النغم الرومانسي, غير أنها لم ترفض لئلا تبدو غليظة, ومن دون أن تنظر إليه أحنت رأسها ونهضت ووضعت يدها على كتفه بينما أحاط ساعده بخصرها وراحا يرقصان.
أرادت أن تتراجع و تتصلب في أثناء الرقص معه, محاولة الإبقاء على مسافة بينهما, لكنها بعد ثوان وجدت نفسها تقترب منه ورأسها على كتفه. رقصا معا من دون عناء أو تصنع كأنهما خلقا ليكونا رفيقين.
سألها روجر برقة:
-ماذا فعلت اليوم؟
-ذهبنا إلى بيت جوزفين ( أجابته من دون تفكير) أعني مكان ولادة جوزفين نابليون.
-كانت امرأة قوية, شغلت نابليون أكثر من جيوش أوروبا مجتمعة. على كل, أهذا كل ما فعلت؟
-تنزهنا حول الجزيرة. الآن أفهم سبب تسميتها جزيرة الزهور.
-الفرنسيون يسمونها الجزيرة التي إليها بدأ يعود الإنسان.
-وهل زرتها من قبل؟
-هذه زيارتي الثانية.
وبسرعة أرادت ميراندا معرفة من هي جوزفين, فقالت:
-رأينا هذا الصباح امرأة فائقة الجمال في المقهى, بشرتها سمراء, شعرها أشقر. وذكرت خوانيتا إنها تشبه امرأة عرفتها, امرأة كنت تعرفها.
-خوانيتا تكثر من الكلام, إنها عادة سيئة عند النساء. لا تقعي فيها يا ميراندا, فأنا أريدك كما أنت, هادئة و متحفظة, رأيت المرأة التي تقصدين, لم تكن جوزفين.
توقفت الموسيقى, بينما ظلت الطبول تقرع. ظهر رجل في دائرة مضاءة و أعلن عن مغنية تلك الليلة دون أن يسميها.
وثانية عزفت الموسيقى, موسيقى أغنية نجوم في البحر, فأخذ روجر و ميراندا بعيدا عن المسرح إلى زاوية معتمة عند درج يؤدي إلى حديقة الفندق. أضاء المسرح, فظهرت امرأة طويلة وجذابة يلفها ثوب جميل يزيد من تألق شعرها المسرح على كتفيها وراحت تغني بصوت مؤثر... جميلة تملأها الحيوية, تغني الأغنية التي جلبت الشهرة لروجر.
إذن خوانيتا و تشك على حق في اعتقادهما أن دون و روجر يتآمران على طومس. هكذا قالت ميراندا في نفسها متطلعة إلى طومس كي ترى تعابير وجهه. غير أن روجر سحبها وراءه مسرعا إلى ظلمة الحديقة العطرة.
أحست بنشوة عارمة وهي تعدو معه في تلك الليلة الدافئة, شعرت بالمرح و الانتعاش. وعند بلوغها الشاطئ الرملي توقف روجر و التفت إليها وراح يغني قصيدة من العاصفة لشكسبير كان قد لحنها, قصيدة مطلعها:" تعالي إلى هذه الرمال الشاحبة".
وحين توقف عن الغناء جذبها إليه, فارتدت ميراندا إلى الوراء متسائلة:
-لماذا جئنا إلى هنا؟
-أولا, حتى نتجنب غضب طومس لدى رؤيته زوجته تغني.
-أيها الجبان, لقد شجعت دون على الغناء كي تعذبه.
-بل فعلت هذا تلبية لإرادتها. إن غناءها رائع, ومن المؤسف أن تظل موهبة كهذه مهملة طوال حياتها.
-ولكن سيغضب هذا ابن عمك, لأنها ستتركه في النهاية إذا استمرت في هذه المهنة.
لم يجب روجر,رأت أنه ما زال يمسك بيدها مصغيا إلى النغم البعيد. كذلك كانت ميراندا تصغي. قالت هامسة بحياء:
-أحب موسيقاك.
-شكرا (أجابها بتهذيب وغموض).
-يجب أن تفرح لنجاحها.
-ليس بالضبط. ليست الموسيقى التي أريد تأليفها, ألفتها من أجل صديقي كيت و ويليامز.
-وما الموسيقى التي تريد تأليفها؟
-ربما موسيقى أحسن من موسيقى الأفلام.
وحين توقفت الموسيقى البعيدة وعلا التصفيق, قال روجر:
-لقد نجحت.
تساءلت ميراندا بشعور مشوب بالحسد عما ميراندا بشعور مشوب بالحسد عما إذا كان يحب دون ويريد إقناعها بهجر طومس إلى الأبد. حاولت الإفلات منه, فلم تستطع.
-وعدتني أنك لن تغيظني.
-ذلك الوعد كان في النهار, أما الآن, فإنه الليل الاستوائي الناعم, ونحن ثانية على شاطئ رملي تحت النخيل, وفي وضع رومانسي رائع.
تمشيا على طول شاطئ البحر الهامس متشابكي الأيدي صامتين, فهما لم يعودا في حاجة إلى الكلام, لا شيء سوى سحر أنغام البحر وعطر الزهور وهمس النخيل.
-من كانت جوزفين؟
-هل يجب أن تعرفي؟
-وهل من اعتراض؟
-ما دمت لا تستخدمين معرفتك ضدي.
-لن أفعل ذلك.
-كانت جوزفين مدبرة منزل طومس لوقت قصير, كانت جميلة, جذابة كالمرأة التي رأيتها اليوم.
-ماذا حل بها؟
-هربت.
-لماذا؟
لم يجب روجر. وصلا الدرج المؤدي إلى مكان الرقص. أفلت يدها, فأمسكت بذراعه لشعورها أنه سيتركها للحال.
-لماذا, روجر؟
-لا أستطيع أن أخبرك. طبت مساء, هنا طريق كل منا في اتجاه مخالف.
ثم أسرع مبتعدا في الظلال, وظلت وحدها.

جين استين333 14-04-09 05:39 PM

قريبا الفصل الخامس................^^

ناعمة 14-04-09 09:44 PM

جزاك الله الف خير

ماقصرتي ياقلبووووو

ننتظر :)

جين استين333 15-04-09 02:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناعمة (المشاركة 1927353)
جزاك الله الف خير

ماقصرتي ياقلبووووو

ننتظر :)

الله يسلمك..^_^

:liilase::liilas::liilas::liilase:

جين استين333 15-04-09 04:15 PM

وهادا جزء من الفصل الخامس..........ز^^

جين استين333 15-04-09 04:28 PM

5-كل شيء كان أغنية قصيرة, أو ربما حلما للذكرى بين حين وآخر, حلما لم يتحقق. سبحت إلى حيث صارت المياه عميقة, إلى حيث الخطر. وفجأة سمعت صوتا يقول:"لن أتركك تغرقين!"

منتديات ليلاس

نهضت ميراندا باكرا كي ترى اليخت يترك المرفأ لحظة كانت السحب القرمزية وراء جزيرة الزهور, وشعورها أنها لن تعود إلى هذه الجزيرة كان أعمق من أو يوصف. بدت هادئة ومتماسكة, شعرها يتطاير إلى الخلف, ولولا أثر الشمس على وجهها لكانت نفس الفتاة التي تركت مطار سان خوان من أسبوعين, إلا أنها كانت تعرف أنها داخليا تغيرت كثيرا.
لن تكون هناك نزهات مع روجر بعد الآن على الشواطئ, وفي الليل. كل شيء انتهى, كل شيء كان أغنية قصيرة, أو ربما حلما للذكرى بين حين وآخر, حلما لم يتحقق.
وبينما هي على سطح اليخت رأت جزرا ضبابية تعبر, فشعرت بشيء من الارتياح لسماعها المياه ترتطم باليخت الذي كان يندفع جنوبا. قريبا تكون في غرينادا حيث رسالة من جو ربما في الانتظار.
لم ينضم إليها أحد ذلك الصباح على اليخت, وما من أحد كان يتناول فطوره. وحده بيلي الذي كان متحمسا للعودة إلى مسقط رأسه, قال لها:
-نعم, أيتها السيدة, إنها جزيرة حلوة, لن تنسي توابلها.
سألته ميراندا وهي تأمل في أن يكون سكان غرينادا جميعهم مثل بيلي طيبين:
-وهل التوابل وحدها تنمو هناك؟
-هناك الموز, و التفاح السكري, و الأطفال.
فجأة ظهرت دون. إذا سمحت, قهوة سوداء و الكثير منها. لا شيء آخر.
جلست دون قبالة ميراندا تتأمل خديها المضيئين وشعرها الشمسي. وسألتها بوقاحة:
-أما من غالنت يشاركك في هذه الصبيحة اليوم؟
أجابتها ميراندا محاولة أن تتجنب الموضوع:
-كان غناؤك رائعا الليلة الفائتة.
-لا تغيري الموضوع, كم بقيت على الشاطئ مع روجر الليلة الماضية؟ طبعا, مدة كافية للحصول منه على معلومات. لماذا خرجت إذا كان غنائي أعجبك؟ أظن أنك وجدت الوقت مناسبا لتنفردي به بعض الوقت, ما من امرأة قادرة على الاحتفاظ به.
-ولا حتى أنت؟
-كان في استطاعتي الاحتفاظ به لو قبلت شروطه. إنه مهتم بعلاقات قصيرة مع النساء. كنت يومها رومانسية جاهلة أسعى وراء علاقة دائمة, وهذا ما قدمه طومس, فقبلت.
-لا رغبة عندي في الاحتفاظ بأي رجل, لا سيما روجر, فهو ليس من النوع الذي يجذبني. هذا إلى أني سأتزوج فور عودتي.
-آه, شيء يثير الاهتمام, وهل روجر على علم بذلك؟
-نعم.
-أفهم الآن لماذا حزت إعجابه لفترة. انك غير النساء اللواتي يعرفهن, فهو يريد سبر أغوارك. يريد أن يعرف إذا كان في هذه المياه الهادئة من أسرار, وربما خاب أمله حين عرف انك فتاة طيبة تنتظرين الزواج من آخر عادي. مسكين روجر! إنها ليست المرة الأولى التي تنهار فيها أحلامه, وانهيار هذه الأحلام يجعله عاشقا قاسيا ومثيرا للاهتمام.
-وهل هو حبيبك؟
-ليس حتى الآن, غير أنه سيكون فور انتقامه من طومس.
وعند ظهور الخادم بيلي حاملا القهوة توقف حديثهما, فتركت ميراندا المائدة. ظلت مشغولة طوال النهار بكتابة بعض الرسائل للسيد انغرام الذي بدا متعبا و قلقا, وحين انتهت من الرسائل أرادت الخروج لرؤية الجزر عند المغيب. وهنا سألته:
-هل هذا كل شيء؟
أجابها, وكأنه استيقظ من تأمل عميق:
-اجلسي, يا ميراندا. هل رأيت ما حصل من سوء بين طومس و زوجته الليلة الماضية في الفندق؟
-كلا, كنت أتمشى خارجا.
-مثل روجر غالنت, فعل حسنا بالاختفاء تلك اللحظة. يبدو أنها وعدته يوم تزوجا أنها ستترك الغناء في النوادي الليلية.
-لكن صوتها جميل.
-ربما, لكن ذلك لم يكن مساعدا لي, اتهمني طومس أمام الجميع بأني أشجع علاقة دون و روجر, كانت التهمة مربكة.
تطلعت ميراندا إلى يديها وهي تخفي ابتسامة. ألم يكن هذا بالضبط ما فعله السيد انغرام؟ شجع دون على ملاحقة روجر فارتد كل شيء عليه, ملحقا به ضررا لم يتوقعه؟
-على كل حال, لم نتمكن من تحقيق أي شيء.
تابع السيد انغرام يقول:
-لا استطيع الحصول على أي تعهد من روجر, أملي هو في أن تبقي تشك سعيدا. حتى الآن لم تقدمي المساعدة المطلوبة, وعندي بعض الشكوك انك تركت أحاسيسك تلعب دورها في القضية.
تركت ميراندا المكتب شاعرة بنهاية جو الاسترخاء. وبقي طومس في حجرته كل النهار. أما تشك فبدا هادئا و خوانيتا و رامون لم يظهرا للعيان.
وحدهما دون وروجر لم يظهرا متأثرين بأحداث الليلة السابقة, كانا يتحدثان بهمس, وأحيانا يضحكان.
-إنها لا تعرف الحياء (قالت السيدة انغرام عن دون) هكذا هم جميع الذين يرتبطون بعالم اللهو.
كان اليخت يبحر تاركا وراءه في المياه نجوما, وبينما كانت ميراندا متكئة على درابزين اليخت سمعت همسا وراءها مصدره روجر و دون, فتركت المكان متجاهلة الغيرة التي شعرت بها و متسائلة في نفس الوقت عن سبب شعورها بالأذية الناتجة من صحبة روجر لدون.
دخلت حجرتها, وراحت تصغي إلى الموج المتلاطم على جوانب اليخت. غدا, متى أفاقت, ستكون في المرفأ, و بالتأكيد هناك رسائل تنتظرها من العمة كلارا ومن جو, مما سينسيها الألم الذي سببه إهمال روجر لها.
نامت على هدير محرك اليخت, وحين استفاقت كان اليخت قد توقف. نظرت من كوة اليخت فرأت سطوح البنايات مغطاة بقرميد يلمع تحت الشمس. وخرجت إلى السطح, ومنه رأت الأشرعة و القوارب يقودها أولاد سمر قادمون لملاقاة اليخت المتجه إلى المرسى.
منتديات ليلاس
نزلت ميراندا من اليخت بلباسها الصيفي و نظارتيها الشمسيتين. رأت أهالي الجزيرة ينتظرون السياح, وبسرعة أحاطوا بها معلنين أسماءهم و استعدادهم لمساعدتها في مشاهدة الجزيرة.
ضحكت من دون أن تعرف من تختار من هذه الوجوه الباسمة, وأخيرا وقع اختيارها على فتى بدا أكثر فتوة وأكثر حاجة من الآخرين.
اتجهت معه إلى وسط المدينة في سيارة قاصدة لورا بالتون.
ولدى بلوغ الشارع المقصود ترجلت من السيارة لترى إن كانت لورا في محلها التجاري, بينما بقي الفتى في السيارة ينتظر.
كانت لورا في السابعة و العشرين من العمر تقريبا, شعرها أشقر, زرقاء العينين, تتوق إلى رؤية إنسان من انكلترا.

جين استين333 16-04-09 10:40 AM

وهادي تكملت الفصل الخامس.........

جين استين333 16-04-09 10:41 AM

اصطحبت ميراندا إلى الغداء. عبرتا بيوتا خشبية ذات شرفات, أمامها نسوة يتبادلن الأحاديث. وفي الطرقات بنات مدارس عائدات, وعلى ملعب قريب من معمل كان فريقان يلعبان الكريكت.
عند وصولهما إلى البيت تركهما الفتى على أن يعود في وقت لاحق. وفي البيت تناولتا الغداء وتجاذبتا أطراف الحديث. وحين سمعت لورا من ميراندا عن رحلتها بين الجزر, قالت لها:
-رحلتك خيالية. أنا مهتمة بأخبار عائلة غالنت, لا أظن أن هذه العائلة على استعداد لبيع عقارها.
-وهل تعرفين أحدا منهم؟
-سمعت بهم. كل واحد هنا يسمع عن روجر غالنت بسبب أغنيته. كذلك أخته مارني تعرف تماما كيف تستغل إمكانات عقارها في هذه الجزيرة.
-ولكن, كيف يمكنها ذلك؟ أليست عمياء؟
-إنها كذلك, لكن عندها إحساسا بالأرض. غرست كل أنواع أشجار الفواكه, ومدير أعمالها أوبري يقوم بالعمل وهي تقدم إليه الأفكار. يقال أنهما متحابان, غير أن أوبري لن يتقدم بطلب الزواج منها.
-لماذا؟
-لا أدري. قد تعرفين متى وصلت إلى هناك. أما في خصوص روجر فقد قام بزيارة أخته مرة هنا, ومع أنه يبدو قريبا في الظاهر, فإنه صعب, عنده تحفظ عميق كأنه لا يريد أن يعرفه الآخرون.
وافقتها ميراندا, ثم انتقلتا إلى مواضيع أخرى وهما تتناولان الغداء على الشرفة المطلة على البحر. مضى الوقت بسرعة. وبعد ساعتين تابعت سياحتها مع الفتى الذي كان يقود سيارته بطريقه جنونية مستخدما الزمور عند المنعطفات كي يتأكد من عدم وجود صغار على الطريق.
وبانت الحقول المزروعة بعد مساحات الموز, ثم انعطفا نحو طريق جديد بين صفوف شجر النخيل الطويلة.
وعادت إلى الفندق بعد أن دفعت للفتى أجرته شاكرة إياه.
وحين وصلت إلى مكان الاستقبال عرفت من امرأة هناك أين هي السيدة انغرام.
كم أنا سعيدة لرؤيتك, يا ميراندا(قالت السيدة انغرام بصوت هادئ) نحن في حالة رهيبة, ليتك لم تذهبي لزيارة صديقتك, روجر ودون اختفيا من جديد, و دوغ يتفاوض مع شخص عنده جزيرة مستعد لبيعها إلى الترانسمارين. خوانيتا و رامون عادا إلى سان خوان, مع الأسف. إذ أن خوانيتا لم تكن في حالة جيدة, فرأى رامون أنه من الأفضل أن يعيدها إلى المنزل لتكون قريبة من الطبيب.
سألتها ميراندا متطلعة حواليها:
-وأين تشك؟
-ذهب إلى الشاطئ. ابحثي عنه, فأنا خائفة من أن يختفي كذلك, ونبقى مع طومس الذي لا يطاق.
كان الشاطئ من أجمل ما رأت ميراندا, كان ممتدا أميالا و أميالا. وجدت تشك تحت نخلة يساوم جماعة من البائعات.
رآها تقترب, وحياها بابتسامة عريضة, قال:
-إني أحاول أن أساومهن على ثمن هذا القميص قدر المستطاع.
كان الكثير من الضحك و المزاح في أثناء المساومة, وحين انتقلت البائعات إلى مكان آخر من الشاطئ قال تشك مازحا:
-آمل أن يعجب الرفاق في واشنطن بقميصي. وأنت, هل فكرت بما ستفعلين في لندن بهذه التنورة التي اشتريت؟
-سألبسها في المنزل, وحين أفعل, سأذكر أنك ترتدي هذا القميص في واشنطن.
-صحيح؟ خبر مفرح, انك طيبة, ما علاقتك بقراصنة أمثالنا؟ إني سعيد انك جئت إلى الشاطئ لو كان في حوزتي من المال ما يكفيني لعدت إلى بلادي حالا. تعبت ن نزهة انغرام البحرية. إنها لم توصلنا مع روجر إلى أية نتيجة, لماذا لا يعترف انغرام بالهزيمة؟
لم تجبه ميراندا, وخوفا من أن يصير عاطفيا عرضت عليه السباحة, فقبل. وبعد السباحة عادا إلى الفندق, ومنه إلى اليخت لأن السيد انغرام كان يريد السفر حالا إلى فورتوغا.
تأخر السفر قليلا بسبب عدم وصول دون وروجر, وأخيرا بان روجر مع امرأة سمراء غير دون.
سأله زوجها طومس:
-أين دون؟
-لا أعرف. قالت أنها قد تعود إلى اليخت, هل بحثت عنها في الحجرة؟
وهنا تدخل السيد انغرام قائلا بلهجة مثيرة:
-أريد الوصول إلى فورتوغا بأقصى سرعة.
أجابه روجر ببرودة:
-ولماذا لا تصدر أوامرك بالرحيل؟
وهكذا كان. عندها هبطت ميراندا إلى حجرتها واستحمت. فكرت في أن تبوح لروجر بالضغط الذي ستتعرض له أخته, غير أنه أحجمت عن ذلك. ألم يقل لها تلك الليلة في حديقة الفندق أنهما سيفترقان؟ عاصفة من الأحاسيس كانت تجتاحها, كانت تتحرق شوقا إلى روجر وإلى السير معه تحت النجوم. دقة على الباب أجفلتها, نظرت إلى المرآة جامدة, خداها قرمزيان, وعيناها تبرقان بغرابة.
-أنت هنا, يا ميراندا؟ أنا زلدا, أتسمحين لي بالدخول؟ (دخلت الحجرة وجلست على الفراش تقول) اختفت السيدة غالنت, إنها ليس في حجرتها.
-أين اختفت؟
-هنا المشكلة, لم تذكر أي شيء في البطاقة التي تركتها لزوجها طومس. فقد كتبت أنها لن تعود معنا إلى فورتوغا. طومس يكاد ينفجر. إنه يتهم روجر بمعرفة تحركاتها.
-وماذا كان جواب روجر؟
-إنه يعرف, لكنه لن يفضي بالسر قبل بلوغ فورتوغا.
-وماذا حدث؟
-مشهد رهيب, جن جنون طومس. رمى روجر بنعوت بذيئة. كنت أفضل لو رد روجر عليه, غير أنه جلس يراقب طومس و كأنه ظاهرة غريبة. عندئذ تدخل تشك واقترح على والده أن يجلس مع روجر للاطلاع منه على حقيقة الأمر. آمل في بقائهم معا حتى نصل إلى فورتوغا. في الحقيقة, سئمت كل هذه العملية, دوغ و أنا نحاول تسلية أناس غريبي الأطوار, ما من أحد أصعب من طومس غالنت أو أكثر غموضا من روجر غالنت. على كل, أرجو ألا تذكري أي كلمة قلتها لك. إن دوغ يعلق آمالا كبيرة على الآنسة غالنت,أما إذا كانت مثل أخيها فإننا سنفقد كل شيء.
وصل اليخت إلى فورتوغا حيث رسا في المرفأ. وهنا تقدم أحدهم من روجر الذي خرج من حجرته بينما اليخت يقترب من المرسى. قدم نفسه إلى أفراد عائلة انغرام على أنه سام ويليامز, شقيق كيت المغني, ومن ثم أعلن أنه وأبناء عمه سيقضون الليل على شاطئ غالنت فانسي, وأنه سيرسل في الصباح التالي سيارة تقل عائلة انغرام و ميراندا إلى منزل في الطرف الآخر من الجزيرة.
مر الليل هادئا, وفي صباح اليوم التالي تأخرت ميراندا في النوم. في الحقيقة, لم تكد ترتدي ثيابها حتى جاءتها السيدة انغرام تقول أن السيارة جاهزة لتقلهما إلى حيث مارني غالنت.
كان بيت مارني مدهشا, قرميده انكليزي أحمر, كلاسيكي في بنائه, متناسق و قائم على أعمدة بيضاء. وعمد المدخل ثلاثة أشخاص كانوا في انتظار الضيوف.
بين هؤلاء الثلاثة كانت مارني التي بدت شبيهة بأخيها من حيث قسمات الوجه, شعرها فاتح يخالطه الشيب, وعيناها تحت نظارتين شمسيتين, وهذا ما جعلها تبدو أصغر من عمرها الحقيقي. كان روجر يقف خلفها, وإلى جانبه رجل ممتلئ, أسود الشعر. إنه أوبري فينسنت, مدير العقارات.
حين تقدمت ميراندا بحياء لتسلم على مارني, بادرتها هذه بالقول:
-إذن, أنت ميراندا, ميراندا الكاملة التي لا مثيل لها. آمل ألا يكون لديك مانع إذا ما لامست وجهك, إذ في مقدوري معرفة الكثير عن الشخص من خلال تقاطيع وجهه. إنها ميزة ورثتها عن أمي التي كانت صغيرة وجميلة, أما روجر فإنه أشبه بالقرصان, مع أنه يحاول أن يبدو غير ذلك.
ولاحقت بيديها تقاطيع وجه ميراندا.
-شعرك جميل يا ميراندا, إنه حريري وناعم, لكن شفتيك حساستان, ويظهر انك تأذيت حديثا, عسى ألا يكون السبب أخبارا سيئة من الأهل.
وهنا تذكرت ميراندا الرسالة التي وصلتها أخيرا من العمة كلارا, وفيها أخبار مذهلة, لكن كيف تمكنت مارني العمياء من معرفة هذا كله؟
-آسفة يا ميراندا, ستتوطد معرفتنا أكثر عندما يحين الوقت, ربما تخبرينني عندئذ عن سبب ألمك. ما لون عينيك؟ فاللون شيء لا استطيع تحسسه.
-لونهما أزرق كأكثر الانكليزيات. ما أنا إلا فتاة عادية.
-غير صحيح, فأنت لست عادية, أنت لطيفة تحتفظين بأفكارك وأحاسيسك لنفسك. فالمرأة التي يبعث ذكرها الخوف في رجل لئيم مثل روجر لا يمكن أن تكون عادية. على كل, أنا أهمل واجباتي كمضيفة, هاتي يدك ودعينا ننتقل إلى الغداء.
بعد الغداء ذهب السيد انغرام وزوجته مع مارني, وبعد دقائق تبعهم أوبري, فوجدت ميراندا نفسها وحيدة مع روجر. وحين لم تعرف ما تقول له حاولت اللحاق بالآخرين, فإذا به يقف في طريقها, ويقول:
-سنقضي بعد الظهر في العمل. اقترح عليك البقاء هنا في الخارج, في استطاعتك التنزه في الحديقة. إني متأسف لأني لا أستطيع أن أدبر لك جليسا يؤنسك, ذلك أن تشك ليس هنا.
-أين هو, وأين والده؟
-أمورهما ليست من اختصاصك. حاولي نسيانهما.
-ولكن ربما احتاج إلي السيد انغرام, فأحيانا يطلب مني تسجيل الملاحظات.
-أعرف ذلك. إنه يحتاج إليك حين لا تكون هناك مسجلة, ولكن ليس هذه المرة, يا ميراندا, هذه المرة أنا أعطي الأوامر, لن يتسجل أي شيء يقال.
والتحق روجر بالآخرين, بينما راحت ميراندا إلى البحر للسباحة. ولكن قبل بلوغها الشاطئ, تذكرت رسالة عمتها, فجلست تحت شجرة وراحت تقرأها. علمت من الرسالة أن أختها دوروتي هربت مع جو وتزوجته. "فعلت هذا من دون ندامة, لأنها أحبت جو من زمن, وكانت تعرف أنه يفضلها عليك رغم أنه كان مترددا بادئ الأمر في الإقدام على هذه الخطوة".
توقفت ميراندا عن القراءة, وقعت الرسالة من أصابعها, وراحت تتأمل زرقة البحر الكاريبي تحت الشمس. لقد تزوج أختها دوروتي, لن يكون في استقبالها لدى عودتها في المطار فاتحا ذراعيه قائلا لها كم افتقدها. إن الزواج الرومانسي كان لأختها, وليس لها.
من الغريب أن ميراندا لم تتألم لخداع أختها لها بل أنصب كل لومها على نفسها بالذات لأنها كانت تتخيل أن جو يحبها, وأنها تحبه. هنا, عند هذا البحر الأزرق, وعلى آلاف الأميال عن بلادها, رأت أن جو كان أكثر واقعية عندما قال لها مباشرة قبل سفرها, أن الغياب سيمنحهما فرصة لاكتشاف مدى حبهما لبعضهما. إنه لم يسايرها قط, بل هي التي كانت بسيطة ومملوءة بأحلام رومانسية.
فجأة شعرت أنها حرة. وقفت على قدميها على قدميها وركضت فوق الرمل الناعم غاطسة في المياه. وكالعادة, كانت المياه تلامسها برقة, كانت الأمواج تغريها بالسباحة و بالغوص, وأخيرا عرفت سبب تعلق روجر بأرضه.
سبحت إلى حيث صارت المياه عميقة, إلى حيث الخطر, إلى المكان المليء بالتيارات, فسقطت في تيار بين صخرتين. وعبثا حاولت الخروج, تعبت, جمدت أعصابها. و شارفت على الغرق. وفي هذه اللحظة سمعت صوتا يقول:
-لن أتركك تغرقين, ليس الآن بما انك في غالنت فانسي, ميراندا...
كان هذا صوت روجر غالنت الذي حملها إلى الشاطئ ولفها بغطاء.
سألت بصوت متعب:
-ماذا جرى؟
-سبحت بعيدا و سقطت في التيار. انك شديدة التعب, ستكونين بعد لحظات في فراشك في البيت.
-ولكن علي بالذهاب إلى اليخت.
-ليس الآن, أيتها الصغيرة, مارني ستهتم بك.
وحملها إلى البيت. تمكنت من سماع مارني تقول:
-لا تقلقي, استريحي الآن. روزي تقوم بإسعافك. إنها أفضل ممرضة على هذه الجزيرة.
كانت روزي لطيفة صارمة, وكانت ميراندا مرهقة حتى النهاية. وقبل أن تنتهي روزي من تجهيز الفراش كانت ميراندا مستغرقة في نومها. نامت نوما عميقا, وكان آخر ما رأته رسم كيوبيد, رمز الحب, مرسوما في السقف.

جين استين333 16-04-09 10:43 AM

يالله هانت باقي فصلين وتخلصو مني................

Shomoo5_3ashgah 16-04-09 02:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جين استين333 (المشاركة 1929066)
يالله هانت باقي فصلين وتخلصو مني................

أترقب القصه منج حبوبه

متابعه لج :55::55:اشكرك ع قصه ممتعه

جين استين333 17-04-09 06:58 AM

شكرا لك عزيزتي shomoo5
وان شاء الله أخلصها قريب....
وان شاء الله تعجبك الرواية....^_^

فيفي و بس 17-04-09 12:41 PM

يسلموا ايديكي
الروايه ممتعه كتير

بانتظارك:0041:

جين استين333 17-04-09 01:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيفي و بس (المشاركة 1930163)
يسلموا ايديكي
الروايه ممتعه كتير

بانتظارك:0041:


الله يسلمك عزيزتي.....^_^

جين استين333 17-04-09 01:27 PM

واهدا جزء من الفصل السادس...^_^

جين استين333 17-04-09 01:29 PM

6-اليخت رحل هذا الصباح. تركوها وحدها على الجزيرة مع هذا الرجل الذي يكون طيبا أحيانا,أو مأخوذا في عزلة مع ذاته. وهنا معاناتها...في أن تكون قريبة منه جدا وبعيدة في نفس الوقت!

منتديات ليلاس


استفاقت ميراندا في اليوم التالي, وراحت تجول ببصرها من دون هدف, ومضى عليها بعض الوقت قبل أن تتذكر كل شيء. وعندما عادت إلى رشدها رأت مارني إلى جانبها. سمعتها تقول:
-أخيرا استفقت أيتها العزيزة, لا بد أنك جائعة, لا شيء كالنوم, إنه يشفي الأعصاب.
-هل نمت طويلا بعد الحادث الذي أدى إلى فقدان بصرك؟
-نمت وقتا طويلا.
-وكيف حدث ذلك؟
-ذات مرة أزعجت امرأة, وكنا معا في المختبر الذي يخصني, فرمتني بالأسيد.
-لماذا؟ ماذا فعلت لها؟
تنهدت مارني ثم وضعت يدا فوق يد, واتكأت على الكرسي:
-من عشر سنين كنت بسيطة, وكنت متمسكة بالأخلاق و مستقيمة, لم أتردد في القول لأي كان أنه على خطأ.
-ومن كان في اعتقادك على خطأ؟
-امرأة اسمها جوزفين. كان ابن عمي طومس في حاجة إلى من يهتم بمنزله بعد أن هجرته زوجته مع الأولاد. فاختار جوزفين لهذا الغرض, كانت جميلة, وفي الحقيقة كانت له أكثر من مدبرة منزل. اعترف لك بهذا, يا ميراندا, لأني أشعر أنك مثلي بريئة. ذات صيف قضى روجر عطلته في البيت. كان آنذاك في الواحدة والعشرين من العمر, شابا, ولكن بالنسبة إلي كان أخا عاشقا للموسيقى وقادرا على الأذية في نفس الوقت. أمضى عطلته, كما تعود, في السباحة, في الغطس, في التزلج على المياه, وأحيانا مع رفاقه القدامى. ثم لاحظت أنه كان يتردد على غالنت فولي عند طومس, ورحت استغرب بادئ الأمر, خصوصا أنهما لم يكونا رفيقين. وصدفة عرفت أنه كان يلتقي جوزفين, فانزعجت. ما كان علي أن أنزعج, خفت أن يعرف طومس, وخفت مما قد تسببه لروجر, خصوصا أنه أصغر منها سنا, وبريء مثلي. وارتكبت الخطأ, فبدلا من مفاتحة روجر بالأمر طلبت من جوزفين موافاتي إلى المختبر في البيت.
-وماذا قلت لها؟
-طلبت منها أن تترك أخي, و أنذرتها أني سأخبر طومس بما تقوم به خفية ففقدت صوابها وتناولت أقرب شيء طاولته يدها. كان أنبوبا يحوي مادة حارقة, ورمتني به, وبينما كنت أصارع الألم, هربت ولم تظهر ثانية إلى الآن.
-وهل كنت على حق؟
-كلا. عرفت أخيرا أن في استطاعة أخي الاهتمام بشؤونه. كان يحاول في أوقات فراغه تعذيب طومس. وعلى كل, فقد أجريت أكثر من عملية جراحية, لكن من دون جدوى, فرجعت إلى فورتوغا لتنميتها غير أن روجر كان قد رحل, رحل في طريقه وحديدا حتى كتب تلك الأغنية التي أوصلته إلى الشهرة.
قالت ميراندا:
-دائما يشعر أنه مسئول عما حدث لك.
-وهل قال لك ذلك؟
-ليس مباشرة, لكني سمعته يخبر خوانيتا وتشك أنه لن يبيع غالنت فانسي لأنها بيتك, وأنك إذا عشت في مكان آخر ستذبلين و تموتين, وذلك سيضاعف من وخز ضميره.
-هذا صحيح, لا أقدر العيش في مكان آخر, إن هذا المكان مهم بالنسبة إلي إلى درجة أني أنسى انه يخص روجر بالوراثة. إنه يبدو أبدا مأخوذا , متى انكب على عزف الموسيقى. إنه يؤلف الآن, أتسمعين البيانو؟
-اسمعه.
وهنا توقفت مارني تقول:
-يكفي ما حكيت عن مشاكلي اليوم. سأقول لروزي أن تجهز لك الطعام, و لروجر انك استفقت. هل تمانعين مجيئه لرؤيتك؟
كانت تتمنى رؤيته لشكره على إنقاذه إياها.
-أحب رؤيته.
قالت هذا ببساطة, فابتسمت مارني منحنية قبل أن تخرج.
تنهدت ميراندا, إنها تعرف أن ما أخبرتها به مارني كان بمثابة إنذار لها كي لا تأخذ روجر في صورة جدية. و بينما هي غارقة في تصوراتها, سمعت صوتا مازحا يقول:
-فوضى حلوة في اللباس تثير المشاعر.
كان هذا روجر.
-لم أعرف أنك هنا.
أجابته بخجل وهي تحاول شد الغطاء حتى كاد يخفي وجهها, مما أضحكه.
-أعرف ذلك, كنت مشغولة بتأمل رسم كيوبيد, صرت تعرفين كل ثنية فيه.
-من رسمه؟
-زوجة روجر غالنت التي بنت الجزء الأمامي من المنزل عندما احترق جزء من البيت الأسباني القديم.
أجابته بحياء:
-إنها غرفة حلوة.
اقترب منها حاملا حقيبتها البحرية الصغيرة, وهنا تذكرت ميراندا الرسالة التي كانت تقرأها على الشاطئ.
-جئتك بهذه. (و ألقى الحقيبة الصغيرة على الفراش) لقد كانت على الشاطئ.
جلس على طرف فراشها, وراح يتفحصها بنظراته, فتمنت لو أنها رفضت لقاءه.
-إذا اتكأت على الوسادة ستشعرين براحة. (قالها بلطف, مبديا اهتمامه بوضعيتها) هكذا أحسن. كيف تشعرين؟
-ضائعة قليلا.
كانت في الحقيقة تائهة, إلا أنها لم تتأكد مما إذا كان ذلك الإحساس الغريب الذي تعانيه, مرده حاجتها إلى القوت, أو هو نتيجة غرقها الذي كاد أن يودي بها إلى التهلكة, أو أن الأمر كله يعود إلى وجود روجر قريبا منها.
-أنا شاكرة لك إنقاذك إياي من الغرق.
-وما الذي يجعلك تعتقدين أني المنقذ؟
-أظن أني سمعتك تكلمني. قلت...
-خيالك واسع, يا ميراندا. لم أقل شيئا. كنت مشغولا بالإبقاء عليك عائمة, بينما أنت مصممة على الغرق, لماذا؟
-لم أرد الغرق. فقط سبحت عميقا.
-على رغم تحذيري لك؟
-لم أعرف كم سبحت في العمق, حتى شعرت بالتيار يجذبني. حاولت الرجوع, لكني كنت تعبة, فأنا لم أقصد إغراق نفسي, ولن أقوم بعمل كهذا. أنا آسفة للإزعاج الذي سببته لك. حالما أشفى سأعود إلى اليخت.
-مستحيل, فاليخت رحل هذا الصباح.
-آه! ماذا أفعل؟ متى يعود السيد انغرام؟ لماذا رحلوا من دوني؟
سألته, وفي صوتها هلع. وأحست أنها تركت وحيدة بلا معين, تحت رحمة هذا الرجل الذي بوجوده قربها, كان يشيع في أحاسيسها شتى المخاوف.
-لأنه فشل في شراء أراضي غالنت, أسرع انغرام إلى جزيرة قصب السكر لإتمام صفقة. كان عليه أن يفعل ذلك لتبرير نفقات الرحلة البحرية. على كل, ما من أحد يلومه لذلك. إنسان مثله معتاد على النجاح لا يستسلم للهزيمة بسهولة.
-وكيف هزمته في اعتقادك؟
-حين أخبرته أن الأراضي بيعت لمؤسسة ثانية.
-أية مؤسسة؟
-مؤسسة مارني و أوبري. أنهما شريكان في مشروع جديد لإنماء فورتوغا وجعلها سياحية.
-وكيف أقنعت طومس ببيع مارني و أوبري حصته؟
-خطفت دون وأبقيتها رهينة.
-انك قرصان!
-ربما. الحالات اليائسة تدعو إلى تصرفات يائسة.
-لكن لماذا قررت استخدام دون؟
-عند زواجها من طومس وعدته بالإقلاع عن الغناء. وما فعلت هو أني منحتها فرصة للغناء, وصار رجوعها عنه مستحيلا, فأقنعتها بالسفر إلى نيويورك كي تغني في نواديها الليلية, بهذا تمكنت من مساومة طومس. هل أنت آسفة لخسارة انغرام و الترانسمارين؟
-ليس تماما. أعرف الآن لماذا تريد الاحتفاظ بغالنت فانسي. أن مارني قد فعلت العجائب.
هنا مد روجر يده إلى جيبه وتناول رسالة وسلمها إليها قائلا:
-إنها من انغرام.
-شكرا.
وحين فضتها سقطت منها حوالة مالية من دون تعليق أو كلمة. قالت:
-أنتظر رجوعهم لاصطحابي, إنهم لن يعودوا إلى سان خوان من دوني.
-هذا ما أتوقعه. ولكن إلى أن يحين ذلك يمكنك البقاء هنا حتى الشفاء. ماذا ستفعلين في لندن؟
-سأعود إلى ممارسة وظيفتي السابقة. فأنا لا أصلح لأن أكون سكرتيرة خاصة, لأني سرعان ما أتأثر واتخذ المواقف.
-أنا سعيد انك وقفت إلى جانبي. على كل, من الأوفق أن أخرج من هنا, وإلا فإن مارني ستلومني لوجودي معك وحدي في هذه الحجرة الصغيرة. إنها محافظة و متمسكة بأخلاق صارمة.
-طبعا, أنت لا تشاركها في هذا.
-عندي قيم أخلاقية تناسب هذا العصر, إنها قيم واقعية. إن تحفظ مارني الصارم يؤدي إلى الضرر بالآخرين و بنفسها, فهي ترفض الزواج من أوبري لأنها عمياء, فما هذا الموقف المثالي؟ كذلك هو لا يتزوجها لاعتقاده أنه لا يليق بها. إنهما يمضيان العمر منفصلين بدلا من الزواج. أي شيء هذا إن لم يكن مراءاة؟
-ولماذا يعتقد أوبري أنه لا يليق بها؟
-لأن والده كان بحارا وأمه منحدرة من عائلة كان أفرادها رقا و عبيدا. هو يظن أنها ارفع مستوى لأنها من عائلة غالنت,و لأنها تعيش في منزل جميل. وهذا كله هراء. الحب الذي بينهما لا يرقى إليه حب آخر. و عليهما ألا يأخذا أي اعتبارات أو تقاليد قد تقف حاجزا في طريق سعادتهما. في أي حال, لن يعيشا في بقعة غير هذه, وهنا لا وجود لهذه التقاليد البالية.
حاولت ميراندا التخفيف عنه نتيجة شعوره أنه مسئول عن عمى مارني فقالت:
-أخبرتني مارني عن جوزفين. إنها لا تلومك إطلاقا, هي تدرك الآن أنها أخطأت في تدخلها فيما لا يعنيها.
-ربما أخبرتك القصة كي تتعظي بها.( بان الضيق على وجهه وهو يمشي في اتجاه الباب) لا وقت أكثر لدي لتبادل الحديث. يجب أن أذهب.
-سمعتك تعزف على البيانو.
-كنت أحاول أن أؤلف لحنا لرقصة باليه عنوانها:لحني إلى ميراندا.
-تعني ميراندا شكسبير؟
-ومن سواها؟ أرجو أن تعتبري هذا بيتك. لا تستعجلي السباحة. دعيني أعرف متى ستغامرين في المحيط حتى أرافقك.
أحبت ميراندا حجرتها في غالنت فانسي, كما أحبت المكتبة أو ما سمي غرفة الموسيقى حيث كان روجر يقضي معظم وقته يؤلف لحن ميراندا شكسبير. في الحقيقة كانت ميراندا سعيدة في إقامتها.
كانت تتوقع عودة انغرام خلال عشرة أيام, وهي لم تضيع وقتها سدى, فانطلقت تتمتع بوجودها في تلك الربوع ما استطاعت. كتبت لعمتها كلارا تخبرها بما حدث معها, كذلك أرسلت كلمة إلى أختها دوروتي وجو تتمنى لهما كل السعادة و حياة هانئة. ثم مضت توزع وقتها كل صباح إما في رفقة أوبري إلى البلدة والريف, وإما في تبادل الحديث مع مارني. كما كانت تمضي بعد ظهيرة كل يوم في رفقة روجر على الشاطئ, يسبحان.
وكانت فترات السباحة هذه مزيجا من البهجة و المعاناة بالنسبة إليها. فهو أحيانا يكون طيب المزاج فيأخذ في مشاكستها بأي وسيلة يتفتق عنها ذهنه, أو هو أحيانا يكون هادئا, مأخوذا في عزلة مع ذاته, فينتحيان مكانا على الشاطئ, و يتبادلان أطراف الحديث. وهنا كانت معاناة ميراندا... في أن تكون قريبة جدا منه, و بعيدة في نفس الوقت.
لم يحاول قط استغلال وجودهما وحيدين كما لم يستغل و براءتها. وكانت تعاودها دائما, وهي في هذه اللحظات الحالمة, حقيقة عودتها قريبا إلى حيث عاشت قبلا, لتفتقد قربه, وميلها إليه...
ذات مرة ذهبت مع أوبري لتشاهد آثار غالنت فولي وأنقاض البيت الذي هجره طومس منذ عشر سنين, حيث أراد كل من مارني و أوبري إقامة منتجعات سياحية مكانه لمن يرغب في عزلة تامة.
-في الحقيقة إنها جنة( قالت ميراندا) من المؤسف أن مارني غير قادرة على التمتع برؤيتها.
-لكنها تشم و تشعر.
-ومع هذا, فإن عماها عقبة تمنعها من السعادة الحقة.
-ما هي السعادة الحقة؟ و لماذا لا تعرفها مارني؟ ماذا تبغي من الحياة أكثر من العيش في مكان تحبه؟
-ربما تحب لو يكون لها رفيق يريحها في زمن الليالي الموحشة.
-هل تريدين القول أن مارني ترغب في أن تكون محبوبة, وإن هذا غير ممكن بسبب فقدان بصرها؟
-نعم. إنها تعتبر الارتباط بامرأة عمياء خطأ. لهذا كان على من يحبها أن يصر على تغيير هذه الفكرة فيها.
-أمتأكدة من ذلك؟
-متأكدة تماما. روجر أخبرني بالأمر.
-إني أكثر سكان هذه الجزيرة إصرارا وحبا. وسترين قريبا مقدار إصراري و حبي.
وفي اليوم التالي كانت مارني مضطربة, وبعد الغداء بقيت ميراندا معها بدلا من الذهاب للسباحة.
-إني مازلت أعجب كيف استطاع أن يحملني من الشاطئ ثم عبر الهضبات التي تفصل الشاطئ عن المنزل وأن يوصلني إلى غرفتي من دون أن يظهر عليه عناء أو تعب.
ثم استطردت:
-أوبري قوي, عيناه رماديتان, صافيتان كالبلور, ربما هما كذلك لأنه أسمر البشرة.
لم تقل مارني شيئا, وتابعت ميراندا:
-إنه شديد الحساسية, وهذه الحساسية تعيقه عن تحقيق السعادة الحقة.
-وما معنى السعادة الحقة؟
-الحياة مع من نحب( أجابتها ميراندا) إنها شركة في كل شيء.
-ولماذا لا يقدر أوبري على تحقيق ذلك؟
-لأنه يشعر أنه لا يليق بالمرأة التي يحب.
-كل امرأة يحب أن يسعدها حب أوبري. ما أحمقه. انتظري حتى المساء. سأتكلم معه.
وفي الأيام التي تلت, تطورت العلاقة بين الشريكين إلى مرحلة جديدة. وراحا يقضيان الوقت الطويل معا أكثر من السابق. ولم تعرف ميراندا إذا كان روجر قد لاحظ الفرق. كل ما أدركته هو أنه توقف عن السباحة معها لانشغاله بالموسيقى. لم تكن تعرف أن تأليف الموسيقى يتطلب عناء كهذا.

جين استين333 17-04-09 01:31 PM

ان شاء الله بكرة باقي الفصل..............
سلاااااااااااااااااااااااااااااام........................... .^_^

جين استين333 18-04-09 05:21 PM

-انك تشاهدين شيئا, نادرا ما يشاهده سواك. روجر في العمل. عليه أن ينتهي من المعزوفة في وقت محدود. كذلك هو مصمم على النجاح. شيء رائع بقاؤه هنا رغم أنه في عمل مستمر, وهذا كله بفضلك.
سألتها ميراندا مذهولة:
-بفضلي أنا؟
-أخبرني أنه كان يبغي الرحيل بعد اكتشافه نوايا انغرام. غير أنه فضل البقاء حتى لا تخسري وظيفتك. إني سعيدة لبقائه, و إلا لكان طومس قد خدعنا جميعا. وهل أنت سعيدة في وجودك معنا؟
-لم يكن من مهرب. المكان ساحر, وأنت لطيفة, مضى أسبوعان على سفرهم.
-لكنهم لن يعودا عزيزتي.
-لن يعودوا؟ يجب أن يعودوا. كيف الوصول إلى سان خوان لأخذ الطائرة إلى لندن؟
وشعرت ميراندا بالخوف و الحيرة في آن.
-ألم يترك لك السيد انغرام ورقة يشرح فيها كيفية سفرك؟
-كلا. فقط رسالة فيها حوالة مالية. ومن قال لك أن انغرام غير عائد؟
-روجر. قال له السيد انغرام أن رجوعك إلى لندن يجب أن يتم على حسابك, وإنه في غنى عن خدماتك بعد عودتك.
-آه! لم يخبرني, لقد خدعني.
قالت هذا من دون أن توضح من هو الذي خدعها.
-أهكذا تعتقدين؟ بالنسبة إلي, هذا شيء واضح. أنا سعيدة لوجودك هنا, في استطاعتك البقاء هنا حتى آخر العمر.
-يجب أن أذهب. يجب أن أذهب.
قالت هذا خائفة من الحب الذي بدأ يطاولها و يحكم الطوق حول مشاعرها.
خرجت تبحث عن روجر و الغضب في كل خطوة من خطواتها وفي كل نظرة. وعرفت أنه لابد أن يكون في غرفة الموسيقى منكبا على مقطوعته الموسيقية. فتحت الباب, وهي تحاول أن تجد من غضبها و تتمالك نفسها. رأته جالسا إلى طاولته, وقد برزت قسمات وجهه الجذاب في الظل الذي كان نور المصباح يطرحه على الطاولة. بدا مستغرقا, غير شاعر بما حوله. بادرته بصوت قوي حاولت أن تخفي وراءه غضبها وخيبتها:
-لماذا قلت لي أن انغرام سيعود إلى فورتوغا لاصطحابي؟
وبهدوء أجابها:
-لم أقل شيئا من هذا, على ما أذكر. كل ما هناك هو أنك سألت عن موعد عودته, فلم أجبك.
-لكنك كنت تعرف أنه غير عائد. لقد خدعتني.
-حسنا. لقد خدعتك. ألست سعيدة بالبقاء هنا؟
-طبعا, أنا سعيدة, لكني لا أريد فرض إقامتي عليكما طوال هذا الوقت.
-إذا كان هذا ما يزعجك, فما من مشكلة. إن أهالي الجزيرة فخورون بضيافتهم.
-ولماذا لم تخبرني الحقيقة؟
قال لها:
-حسنا. إذا كان هذا ما ترغبين, فسأخبرك حرفيا رأيه فيك. لقد قال أن لا فائدة ترجى من عملك, وأنك لست أهلا لتكوني سكرتيرة, خصوصا خلال الرحلة التي قمنا بها, إذ فشلت في تحمل المسئولية التي ألقيت على عاتقك.
-لا! هذا ليس كلاما منصفا( ردت صارخة و الغضب يملأ عينيها) لقد طبعت له كل الرسائل التي طلبها مني, كما دونت جميع الملاحظات التي كانت تهمه معرفتها.
أجابها روجر موضحا:
-لا أعتقد أن هذا ما أراده فعلا منك, بل هي المهمة الخاصة التي كلفك إياها. أتراك نسيت أنه طلب منك التأثير علي لإقناعي ببيع حصتي من العقار, وفي الوقت نفسه كبح جماح تشك قبل أن يفقد صبره؟ لقد قال انك فشلت في المهمتين, في نظره. وعندما اقترحت عليه أن تبقي هنا فترة تستعيدين خلالها نشاطك بعد حادثة غرقك, لم يبال لأمرك كثيرا, وكان جوابه أن أعطاني هذه الحوالة المالية, و بالتالي لم تعودي سكرتيرة في شركة الترانسمارين.
وقفت ميراندا مكانها, بلا حراك, تحدق فيه, والأسى يملأ قلبها. تتصور رد فعل عمتها كلارا متى عرفت أن ابنة أخيها فشلت في وظيفتها, وهي الآن عاطلة عن العمل, حتى أنها لا تملك توصية تخولها إيجاد عمل آخر.
أردف روجر يقول:
-إلا أني لم أرغب في اطلاعك على هذا الأمر قبل الآن, لأنك كنت تعانين صدمة أخرى, ولم أشأ أن أضيف إلى همومك هما آخر.
ما رمى إليه روجر بكلامه, هو الرسالة التي كانت تلقتها من عمتها بشأن علاقة شقيقتها دوروتي و جو.
عاودها الغضب ثانية. فسألته قائلة:
-وكيف عرفت بالأمر؟
أجابها وفي بريق عينيه دلالة حزن و شفقة:
-لقد عثرت صدفة على الرسالة.
هتفت وفي نبرة صوتها اتهام:
-...وقرأتها, بالطبع؟
-نعم, قرأتها.
-أليس لديك أي رادع أخلاقي, يمنعك في الأقل من قراءة رسائل الناس الخاصة؟
-كان الهواء يتقاذف الرسالة على الشاطئ. قرأتها اعتقادا أني قد أجد فيها ما يبرر ذهابك إلى عرض البحر وحيدة. خصوصا بعد الإنذار الذي وجه إليك.
اقترب منها, مشرعا ذراعيه, وقال:
-تعالي ميراندا, لم أقم بأي عمل قد يؤذيك. بل على العكس, عندما كنت وحيدة لا مكان أو إنسان تلجئين إليه, آويتك و اهتممت بك ورعيتك. قد أكون أخطأت في قراءتي رسالتك, لكني كنت قلقا عليك, عندما رأيتك تسبحين بعيدا عن الشاطئ, مع علمي أنك لا تجيدين السباحة كثيرا. ألن تسامحيني على خطأي هذا؟
وفيما هو يقترب منها, أخذت هي تتراجع, وخشيت أن تغفر له فعلته, لظنها أنه قد استغل سماحها و تقع بالتالي في شراكه.
هتفت فيه بصوت مرتجف:
-ابق بعيدا عني وإياك أن تلمسني!
لكنه لم يعر تهديدها بالا, وبانت في عينيه ابتسامته المعهودة, وأخذ يقترب أكثر منها, ثم قال:
-لا تخافي, ميراندا. كل ما أبغيه هو مصالحتك. فلنتصافح, ولنكن أصدقاء ثانية.
لم تأمن نواياه, على رغم تطمينه إياها, وقدرت أنه بعمله هذا إنما يمهد طريقه لاستسلامها فينال مأربه. فردت بعصبية قائلة:
-شكرا لك توددك, غير أني لست في حاجة إليه. اذهب واعرضه على نساء لا يمانعن في أن يحققن ما تريد.
خيم صمت ثقيل أثر كلامها هذا. ثم رفع روجر نظره نحوها, وقال:
-حسنا, لكن لا تنسي أني سأجعلك تدفعين ثمن ما نطقت به.
وانفتح الباب وظهرت هيئة نحيلة, ورأس منحني يصغي:
-روجر. أنت هنا؟ نعم, أنت هنا. أسمعك تتنفس. هل من أحد معك؟
-أنا هتا, يا مارني, هنا مع ميراندا.
-آه, كم أنا سعيدة, لقد كانت منزعجة لاعتقادها أن أحدا قد خدعها. أما الآن, فكل شيء على ما يرام. أليس كذلك, يا روجر؟ -كل شيء على ما يرام, لا سبب للخوف. فأنت لم ترتكبي أي خطأ. -بل على العكس, لم يكن من واجبي قول أي شيء لجوزفين. -إنها غلطة, دفعنا ثمنها معا, جوزفين تخص الماضي, دعينا ننسها. -ميراندا تقول أنها ستعود إلى بلادها, فهل ستسمح لها بالعودة؟ -وكيف في إمكاني أن أمنعها إذا أرادت العودة؟ متى تودين الرجوع, يا ميراندا؟ -غدا. -لا مانع في ذلك. والآن أرجو المعذرة, أريد أن أنتهي من مقطع موسيقي قبل العشاء.

جين استين333 18-04-09 05:22 PM

ان شتاء الله بكرة الفصل الأخير..........................^_^

zoubaida 18-04-09 06:29 PM

:55::55:merci ktiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiir habibti موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


:liilas::liilase:

جين استين333 19-04-09 02:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zoubaida (المشاركة 1931747)
:55::55:merci ktiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiir habibti موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


:liilas::liilase:


آمين ........

والله يوفقك أنتي كمان..........
.............وشكرا على المرور ...........
................وهانت باقي فصل ونخلص..........^_^

Miis Nano 19-04-09 06:58 PM

تسلمي على البارت الحلو:flowers2:
ونستناك في اخر بارت:7_5_129:

جين استين333 20-04-09 02:38 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Miis Nano (المشاركة 1933111)
تسلمي على البارت الحلو:flowers2:
ونستناك في اخر بارت:7_5_129:


شكرا عزيزتي ...............:liilas:

وأنا دحين والحمد الله رح أنزل آخر فصل ................:f63:

جين استين333 20-04-09 02:40 AM

7-رفضته رغم حبها الكبير له, خوفا من أن تكون تجربة عابرة في حياته, لا أكثر. لم تكن نظراته هذه المرة ساحرة و جذابة, بل حيية كأنه لم يكن متأكدا من ردة فعلها... أم أن ما رأت كان خيالا؟



في اليوم التالي وصلت سيارة أجرة. ودعت مارني وبكت, و كانت سعيدة أن روجر لم يظهر.
وعادت إلى انكلترا لتستأنف الحياة من جديد. لم يكن عندها شيء: جو تزوج دوروتي, و الترانسمارين استغنت عنها. كل ما بقي لها عمتها كلارا التي كانت تصغي إليها وهي تقص عليها ما حدث لها في رحلتها, وفي نهاية كل حكاية كانت تسألها:
-فيك الكثير من طباع أمك, يا ميراندا, لقد أحببت هذا الذي أسمه روجر, أليس كذلك؟
وكانت ميراندا تنكر ذلك باستمرار, غير أن عمتها كانت تقاطعها:
-نكرانك هراء, بقدر ما تعرفين يصير العبء أخف.
غير أن ميراندا كانت تعترف لنفسها في وحدتها. كانت تذكره و تبكي, لقد أحبت رجلا همه الوحيد الموسيقى. رفضته على رغم حبها الكبير له, رفضته خوفا من أن تكون تجربة عابرة في حياته, لا أكثر. أحبته كيي تصير زوجته, كي تعيش معه حتى النهاية, كي تقاسمه الأحزان و الأفراح.
وأخيرا وجدت ميراندا وظيفة. وذات يوم دخلت المنزل فسمعت عمتها كلارا تقول بصوت عال:
-تعالي, يا ميراندا, نحن هنا.
وفجأة رأته, كان روجر.
التقت عيناها عينيه للحظة خاطفة, وابتسم لها. لم تكن نظراته هذه المرة ساحرة و جذابة أو تحتضن دعوة لا يمكن تجاهلها كما في كل مرة ينظر إليها. بل على العكس من ذلك, بدت نظراته حيية كأنه لم يكن متأكدا من رد فعلها حيال رؤيته ثانية... روجر غير متأكد و متردد!! أم أن ما رأت كان خيالا؟
-لماذا أنت هنا, يا روجر؟
سلمت عليه, و أحست بالقشعريرة في كفها. من زمان لم تكن بهذه الغبطة.
-هنا في انكلترا أو هنا في البيت؟
-هنا في البيت.
-كي أراك. كذلك أريد التعرف إلى العمة كلارا.
-كنا نتحدث عن مسرحية شيكسبير العاصفة. إنه يؤلف قطعة موسيقية ستعزف الخريف المقبل في لندن. لهذا هو في انكلترا حيث يقضي بضعة أشهر. أين شقتك, يا روجر؟
لم تسمع ميراندا جوابه. كانت تتذكر قوله:"قد نلتقي في لندن, لدي شقة فيها".
ثم قال بصوت متأفف:
-يسعدني جدا إذا ما قبلتما, أنت و عمتك, دعوتي إلى العشاء هذا المساء.
-اذهب أنت و ميراندا (سارعت العمة كلارا تقول من دون تردد) فهي لا تخرج إلا ما ندر. أما أنا فعلي أن أذهب إلى المعهد حيث أتابع دروسا خصوصية.
حدقت ميراندا في عمتها بدهشة لا تحفظ فيها, لعلمها أن هذه الأخيرة لا تذهب إلى المعهد مساء الجمعة. إضافة إلى أن العمة لم تكتفي بالكذب بل هي غمزتها بطرف عينها!
-اذهبي و بدلي ثيابك, ميراندا (قالت العمة بلهجة تحمل معنى الأمر) البسي أجمل ما عندك, بينما أخبر روجر أي المطاعم في المدينة هو الأفضل لتناول العشاء.
حارت, وهي في غرفتها, في اختيار ثوب للسهرة. ذلك أن ذهنها كان في دوامة. أخيرا, ارتدت ثوبا عاديا بسيطا أبرز جمالها ورشاقة قوامها.
السيارة التي استأجرها روجر, كانت متوقفة قرب المنزل. جلست إلى جانبه, وانطلقا إلى حيث نصحته العمة كلارا.
في الطريق, كانا في البدء صامتين, التوتر على أشده داخلهما, وأخيرا بادرته بالقول:
-كيف حال مارني؟
أجابها:
-قالت لي أن أشكرك على الرسالة التي بعثت بها إليها.
ضحكا معا ضحكة مسترسلة. وعاد الجو نقيا من أي تشنج.
-مارني بخير. لقد أعلنت, هي و أوبري, خطوبتهما. سيتزوجان في نهاية حزيران. وهي تود لو تعودين إلى فورتوغا لحضور حفلة زواجهما. هل ترغبين في ذلك؟
فجأة أحست بالارتباك.
-إني سعيدة لكليهما, ولكن كيف أستطيع الذهاب؟ إنها رحلة طويلة. و لا يمكنني تأمين كلفة السفر. كما أن الوقت لا يسمح لي. لقد وجدت وظيفة أخرى. وليس سهلا أن أطلب إجازة ولم يمض شهر بعد على بدئي العمل.
كانت الكلمات تتدفق من فمها بتسارع لم تستطع معه تمالك نفسها. أوقف روجر السيارة إلى جانب الطريق. وأطفأ محرك السيارة. وكانت الأضواء خفيفة إلى درجة بالكاد يستطيع المرء أن يميز الظل من صاحبه. التفت نحوها, و بصوت هادئ ملؤه الحزم, قال:
-كفى, ميراندا.
امسك يدها المرتعشة, وأضاف:
-لابد أنه كان شهرا صعبا عليك مذ تركت فورتوغا, أليس كذلك؟
وبصوت خافت مستسلم, قالت:
-نعم.
-كذلك كان الأمر بالنسبة لي. لقد عانيت الكثير بعد رحيلك و ندمت لأني سمحت لك بالذهاب. ووجدتني وحيدا, افتقدك كل لحظة, لذا ترينني هنا, الآن, بقربك. هل تقبلين حضور حفلة زواج مارني, كزوجة لي؟
هجعت يدها في راحة يده, ونظراتها في عينيه. ثم مدت يدا تتحسس قسمات وجهه. وأخيرا قالت:
-إني أتأكد فقط من أنك هنا, معي, وإني لا أتخيل الحقيقة.
ابتسم قائلا:
-إني هنا فعلا بجسمي و عقلي وروحي.
واستطرد:
-حسنا, ما هو جوابك؟
-أريد أن أتأكد أولا أنك لم تعرض علي الزواج لأنك لم تستطع أن تنال مني بطريقة أخرى, لأني اعتبر الزواج رباطا مقدسا قويا لا يمكن حل وثاقه.
نظر إليها بعبوس و قال:
-وهل تظنين أن رأيي في الزواج يختلف عن قناعاتك؟ و لماذا في اعتقادك, لم أتزوج إلى الآن؟ أليس لأني لم أكن وجدت بعد المرأة التي تستحق أن تكون شريكة حياتي إلى الأبد؟ و لماذا أنا هنا معك؟ أليس لأني أحبك؟
-آه, كيف لي أن أعبر عن أسفي على كل ما فعلت, أو قلت؟
-لا تقولي شيئا. فقط دعيني أعرف إن كنت تقبلين دعوة مارني.
-سأذهب أنى ذهبت, فأنا أحبك يا روجر.
وفي الليل الداهم راحت السيارة تشق الظلام.
منتديات ليلاس
تـــــمــــت

جين استين333 20-04-09 02:43 AM

الحمد الله تمت الرواية و ان شاء الله تستمتعو فيها ......................
وساموحووووووووووووووووووووني على التأخير ...........
وانتو عن جد ما قصرتو معايا.........
:liilas::liilase::liilas::liilase:

فيفي و بس 20-04-09 09:49 AM

يسلموا ايديكي

وبانتظار المزيد من رواياتك

جين استين333 20-04-09 05:18 PM

:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيفي و بس (المشاركة 1933766)
يسلموا ايديكي

وبانتظار المزيد من رواياتك


الله يسلمك .............
وأتمنى أنا كمان إني أشوفك في روايتي القادمة............

:liilase: :liilase::liilas::liilas:

جننوني 25-04-09 01:35 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

نورالايمان 29-04-09 09:51 PM

أنا لسه ما قريت الروايه بس من الملخص شكلها وايد حلوة وتسلمين

نورالايمان 30-04-09 07:02 AM

بعد القراءة أقول ان ذوقج حلو في اختيار الروايات
ومشكورة يا الغالية

رومنسية زمانها 06-05-09 02:22 PM

يعطيك العافية يااااااااااقلبي من جد استمتعت وانا اقراها لاهنتي والله يعطيك الف عافية يارب


واحلى ورد تستلهلينها


http://www.majalisna.com/gallery/41/...1199952925.jpg

posy220 05-06-09 03:32 AM

شكرا على الروايه الروووووووواعه وعلى المج:i24XmaTree:هود

anysh 17-06-09 04:06 AM

جزاك الله الف خير ...يسعد ايامك جين..وتسلم الايادي اللي كتبت...

lona-k 19-06-09 10:43 PM

جزاك الله الف خير

rana_rana 08-07-09 08:21 PM

بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

raseel 10-07-09 10:41 PM



MRECI BEACUPE MY SISTER

LOLO222 12-07-09 07:38 PM

موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 24-07-09 11:21 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة raseel (المشاركة 2005269)


MRECI BEACUPE MY SISTER



you wlcome ^__^

جين استين333 24-07-09 11:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة LOLO222 (المشاركة 2006656)
موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



شكرا لكي عزيزتي ^___^

love song 28-07-09 11:41 PM

يعطيك الف عافيه
مشكووووووووووووووووووووووووووورة قلبي

جين استين333 29-07-09 08:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة love song (المشاركة 2017267)
يعطيك الف عافيه
مشكووووووووووووووووووووووووووورة قلبي

الله يعافيكي و يسعدني ان الرواية عجبتك


:8_4_134:

الجبل الاخضر 31-07-09 08:12 PM

تسللللللللللللللللللللللللللمين اكثر من روعه

جين استين333 01-08-09 06:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2018802)
تسللللللللللللللللللللللللللمين اكثر من روعه



الله يسلمك ^___^

زهرة الماس 07-12-09 11:52 PM

يسلمووووووووووووووووو00000جين00000تحياتي لكي

قماري طيبة 01-01-10 08:08 AM

جزاك الله الف خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

moura_baby 13-06-10 06:08 PM

:075::075::rdd12zp1::peace::peace:

moura_baby 13-06-10 06:10 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الجوهرة الثمينه 13-06-10 07:15 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سفيرة الاحزان 14-06-10 03:08 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

عمر بن الخطاب 26-12-10 06:01 AM

تمنياتي لك بالتوفيق:Welcome Pills4:

hoob 28-12-10 09:24 AM

:flowers2::flowers2:

هتون2011 21-01-11 03:30 PM

:welcomepirate3::welcomepirate3::welcomepirate3::welcomepira te3::welcomepirate3::welcome4::welcome3::liam_shadowboxer_sc :ostrich_liam::Welcome Pills5::welcome_pills1::Welcome2::rdd17ns5::rdd17ns5::rdd17n s5::rdd17ns5::rdd17ns5::rdd17ns5::rdd17ns5:

ندى ندى 09-10-11 10:27 PM

جميله جدا جدا

سماري كول 17-12-11 07:26 PM

تسلمين ع الروايه الحلوه

الملآك القاسي 07-12-12 12:24 PM

رد: 10- اليخت - فلورا كيد - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
راااااااااااااائعة جدااااااا فوق الروعه بعدد

paatee 18-09-18 08:56 PM

رد: 10- اليخت - فلورا كيد - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلم الانامل ياعسل نتظر جديدك


الساعة الآن 09:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية