(( أرجوك لا تنطق بها ))
كانت تتلذذ بنوم داعب أجفانها, و جعلها تدخل عالم الأحلام الوردية...
لكن صوتا جعل ذلك الحلم العذب يتلاشى, و ذلك الهدوء يهرب... فتحت عينيها على مصراعيهما و مسحة من الذعر ترتسم على قسمات وجهها الطفولي... بدأت الأصوات تعلو أكثر فأكثر... تهجم على مسمعيها فتوقد نار الخوف في قلبها الصغير ... حزمت أمرها وقررت أن تذهب لترى ما الذي يجري... أبعدت عنها الغطاء, أنزلت قدميها الحافيتان على الأرض, قامت من فراشها الدافئ, لتصبح فريستا سهلة للبرد الذي تسيد المكان, وبخطى مترددة مضت ناحية الباب, فتحت الباب قليلا, وبعينها العسلية الواسعة أخذت تتعين المكان, وقعت عينها على أمها, ورجل أو بالأحرى ظهر رجل, أنه طويل , ألتفت الرجل و في عينيه الغضب يشتعل... بصوت أقرب منه إلى الهمس قالت: - أبي ...!!! منتدى ليلاس الثقافيبحركة سريعة أنها حياة المزهرية التي كانت شامخة لأعوام على طاولة .... و زمجر قائلا: - لقد اكتفيت, لم أعد أحتمل أكثر من ذلك.. ردت عليه بالمثل: - أنا التي اكتفيت من تصرفاتك الصبيانية, أنت لم تعد أبن العشرين ربيعا, أستيقظ أنت الآن في الخامسة و الثلاثين من عمرك. بابتسامة استهزاء خطها على شفتيه قال: - انظروا من يتكلم, أنت أيضا لم تعودي صغيرة. - هذا ليس موضوعنا. - وما هو موضوعنا قول لي؟ - أنت و تصرفاتك, بالكاد نراك, بالكاد نسمع صوتك. مسح تلك الابتسامة الساخرة, و من ثم قال: - وما فائدة وجودي هنا, أخبريني؟ رفعت حاجبيها الرفيعين إلى أعلى وقالت بصوت مغلف بالتعجب: - ما قصدك بهذا السؤال ؟ أخذ يحدق بها لثوان, ومن ثم دبت الحركة في جسده, وأخذ يقترب منها, أخيرا توقف, وقف أمامها مباشرة, وقال بوجه احتارت كيف تفسر ما ينعكس عليه من مشاعر: - ما فائدة عيشي في بيت صاحبته تعشق غيري. اتسعت حدقة عينيها, و شل لسانها لما دخل إلى أذنيها... - لقد عرفة كل شيء, لقد عرفة بأنك تحبين ابن عمك المتزوج, مصدومة صحيح ؟ بتأكيد تسألين نفسك كيف عرفة, سوف أجيبك. أدخل يده في جيب معطفه, و أخرج ورقة منه, رفعها ناحية عينيها المذهولتان, وأكمل قائلا: - لقد قرأت هذه الرسالة,أتذكرين ذلك اليوم , يوم أصريتِ عليه لأجمع القمامة وأرميها, كأنك كنت تقول لي أذهب واقرأ حقيقتي, كانت ممزقة ومرمية في القمامة , بينما كنت أجمع القمامة جذبتني قطعة كتب فيها كلمتان , كلمتان كانتا كافيتان لتكشفان لي حقيقتك, كانتا أحبك عصام. سكت و لم يزد شيئا فحل الصمت ضيفا عليهما ... أما هي فلم تعد تتحمل نظرات العتاب التي في عينيه فطأطأت رأسها و كلها خجل مما فعلته. كانت لا تزال تسمع والديها ... لكن عقلها البريء الذي لم ينضج بعد لم يستوعب شيئا.. فهو لم تنحته الحياة بعد و لم تصدمه بمفاجآتها المؤلمة بعد ... لكن قلبها مقبوض كأنه ينبهها من القادم ... وضع يده تحت ذقنها, ورفعه , وقال بعد صمت قاتل : - لماذا تزوجتن ما دمت تحبينه ؟ لم تنبس و لا بحرف واحد, ضلت تهرب بعينيها بعيداً عن عينيه اللتين تذبحانها... بصوت هز البيت بمن فيه, و نشر القشعريرة في أوصال ساكنيه قال: - لما صمتك, انطق ِ, منذ قليل كنت تصرخين في وجهي, لماذا لا تجيبيني, لماذا؟ لم تنطق ضل الصمت رفيقا ً لها, فثارت ثائرته, لم يعد قادراً على كبح جناح بركان الغضب في داخله أكثر من ذلك, فرفع يده, و طبعها على خدها الأيمن, الذي بات أحمر اللون, لم تنطق, لكن دموعها باحت بما لديها, فسالت من مقلتيها التائهتان اللتين لا تعرفان ماذا يفعلان... وهوى بيده على خدها الأيسر, الذي لم يسلم من نوبة غضبه... أخذ يصرخ فيها قائلا: - أتزوجتن لكي تحمي كبريائك, لكي تقول له بأنك لا تكترثي له, لأنه أخذ غيرك, أكنت مجرد تمثال, تضعينه في واجهة المنزل, تكلمي, تكلمي. أمسك بذراعيها, وأخذ يهزها كالمجنون, وهي مكتفية بذرف الدمع, لقد استسلمت لموجة غضبه ... رما بها كأنها لعبة على الأرض... و هو لا يكف عن الصراخ قائلا: - تكلمي , تكلمي , لما صمتك؟ هوى عليها و في نيته المزيد من الضرب ليشفي ما في صدره من ألم... لكن صرختا شلت يده التي باتت واقفة بين السماء و الأرض ... صرخة مخنوقة ... من كائن أصبح ضحية لخطأ لم يكن طرفا فيه ... - تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــوقف يا أبي... ألتفت إلى خلفه, ليجد ملاكه الصغير... قد شوهته الدموع ... و نضرة الحزن الممزوجة بالخوف تعتلي عينيها العسليتان .... توقف عقله ... لم يعد ينضح بالأفكار... و تجمد جسده برؤية أغلى شخص في قلبه ينظر إليه تلك النظرة التي تخنقه ... بتأكيد تضنه هو المجرم هو الجلاد ... و أمها الضحية ... في حين أن الحقيقة هي العكس ... أمها هي التي كانت الجلاد وهو الضحية الذي كان يمشي في الظلام ... حتى أتاه النور على حقيقة أدمت قلبه .... أعاد عينيه ناحية جلاده ... فوجدها تبكي بحرقة .... و هي تنظر إلى ابنتها .... أخذ نفسا عميقا ... أخرجه من صدره بصعوبة .... قام على قدميه .... خطى ناحية صغيرته بخطى متثاقلة... أخذ يقترب من طفلته التي ترتعش خوفا ً.... كان الخوف يعتلي وجهها البريء ... مد يده ناحيتها ... لكنها هربت منه لقد أصبح في عينيها وحشا مفترسا ً ... انكسرت في خلدها صورته الجميلة .... ركضت هربا ً منه ناحية أمها التي استقبلتها بالأحضان ... أغمض عينيه و القهر في قلبه يزيد ... خسر حب حياته و ابنته التي من لحمه و دمه في ليلة واحدة ... خرجت دمعة متمردة من مقلته رغم كفاحه في سبيل عدم خروجها للعلن ... فينكشف لهم ضعفه ... و انكساره ....رفع يده ... و مسح دليل ضعفه ... وألتفت ناحيتهما و هو يتأهب لقذف قنبلته ... وبعد جهد جهيد حرك لسانه المتثاقل ... وقال: - بتأكيد أنك سعيدة الليلة لأنك جرحت قلبي , و جعلت ابنتي تنضر أليه بهذه الطريقة, كأني مجرم ... يبدو حقا بأنها سوف تكون لليلة سعدك لأنك سوف تتحررين مني أيضا ً ... في النهاية أنت انتصرت وأنا خسرت.... أزدرد ريقه ... وصوب عينيه اللتين تكادان تخذلانه و تسفكان الدمع... وقال: - أنت ِ .... دوت صرختها في المكان ... صرخت بأعلى صوتها ... - لا اااااااااااااااااااا , أرجوك لا تنطق بها .... أخذ يحدق بها وبتلك الصغيرة التي تغرس جسدها أكثر فأكثر في حضن أمها , التي رأى في عينيها الرجاء و الدمع الغزير... تعالى صوت أسنانه وهي تحتك ببعضها البعض ... كور كلتا يديه ... ودفع بإحداهما على الجدار .... وبأنفاس تتصاعد شيئا فشيئا قال: - لن ... لن أنطقه, ا ليس لأجلك ِ ... ليس لصراخك ِ ... بل لأجل صغيرتي التي تورطت بزواج كان بنسبة لك ِ لعبة ... بينما كان بنسبة لي بناء أسرة مع المرأة التي ملكت قلبي.... من اليوم سوف نصبح زوجين على الورق فقط ... لقد انتهى كل ما بيننا ... تمتــــــــــــــــــــ ... |
حين تنتهك الخيانة استقرار الحياة .. لابد من ثورة .. وضجيج الثورة في محيط احلام البراءة سيبقى وصمة الم .. ،،، ، HOPE LIGHT مبدعة وأكثر اسلوباً وفكرة مختلفة .. ولغة متزنة وقوية بوركتِ وقلمك ياجميلة أمنياتي لك بالمزيد من التالق والنجاحات في كل حياتك ودي |
جميله سيدتي رغم الالم والمعاناة التي صدمت الطفوله البائسه لفتاة اكتشفت ما يشوب العلاقه الاسريه لوالدين تحطمت حياتهما نتيجه لورقه مجهوله عثر عليها في القمامه كان من الممكن ان تكون النهايه اكثر اشراقا ترضي الجميع كمثل ان يكون كاتب الورقه شخص اخر او ان يكتشفوا ان الورقه جزء من بحث او رساله لغير الام -----شكرا لك
|
اقتباس:
للأسف هم ضحايا الكبار .. هم الذين يدفعون ثمن ما أقترفه الوالدين ... ..... لقد سعدة حقا بمرورك و ردك على قصتي المتواضعة ... وزادت فرحتي بكلامك الذي أرجو حقا بأني أستحقه ... فشكرا لك :flowers2::flowers2::flowers2: دمتي بود |
اقتباس:
شكرا على ردك و على تواجدك في صفحتي المتواضعة .... ربما كانت يمكن أن تكون أكثر أشراقا ... لكن الدنيا ليست سهلة كما تبدو ... لا بد من طعناتها الغادرة حتى لو كان الضحية طفلة صغيرة ... أكرر شكري لك أخي... دمت بود ... |
HOPE LIGHT ... هلا بك عزيزتي...
رائعة هي قصتك... في مضمونها تحمل معاني عدة... الطلاق ما راح يكون له تأثير على الزوجة أو لزوج بقدر التأثير على الطفلة... أحي شجاعة الرجل... بالفعل قام بالصواب رغم إنه هو الضحية... أبدعتي برسم هالقضية بقصتك... ولكي مني كل تحية... دمتي بود... |
ضوء الأمل ..أو ضياء الأمل فالضياء أجمل وأبهى قصة مكتوبة بإحتراف ..عشت معها المشاعر والحزن والغضب والخوف ..كنتُ فيها الطفلة البريئة والزوجة المجروحة بحب قديم ..والزوج المطعون كنتِ هنا مذهلة وأكثر من رائعه ******** تقبلي مروري وتقديري أشكركِ.. |
اقتباس:
أهلا بك أختي primrose... شكرا لك على كلماتك المشجعه و التي أرجو بأني أستحقها.. كما قلتي هم الضحية لتصرفات الكبار... دمتي بألأف خير... |
اقتباس:
تسلمين على كلامك الذي يعني لي الكثير... فشكرا لك .. :flowers2::flowers2::flowers2: للأسف النفوس الضحيه تنسىي صاحبها من حوله و يفكر فقط بنفسه ... دمتي بألف خير... |
بصراحة قصة جميلة واسلوب متقن
ونهاية مفجعة للقلب كنت انتظر من الزوجة ان تبرأ نفسها لكن كما كان يبدوا بإنها خائنة سحقا لها تستحق الضرب إذا حسبي الله ونعم الوكيل همسة عرفت تكتبت هكذا وليس عرفة بالتاء المفتوحة |
مشكورة اختي الحبيبة بصراحة احب ارد على مواضيعج لانج ابداع وابداع ما شاء الله ...
اختي ... حلو عادي اسميج اختي خخخخ ...لا تسالي ليش؟؟؟؟!ّ المهم مشكوورة على الموضوع الاكثر من رائع..تقبلي مروري اختي الحبيبة:) |
اقتباس:
أنت الأجمل بمرورك الذي أثرى صفحتي و أنارها... فشكرا لك من القلب... لم تنطق و لم تدافع عن نفسها ... لأن حقيقتها غد صفعتها و بقوة .... و بان ما كانت تخفيه .... فما عاد لها الحق في الدفاع عن نفسها ... لأنه لا يوجد كلام يدافع عنها ... فخنتها الكلمات ... كما خانت زوجهها... أجدد شكري لك... دمتي بود... |
اقتباس:
وأنا أتشرف بأخوتك :) وصفحات تفتخر برودوك التي تزينها... دمتي بود... |
الساعة الآن 01:39 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية