منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   خطوات تغفو على عتبات الرحيل ، للكاتبة : ليتني غريبة .. (https://www.liilas.com/vb3/t76009.html)

زارا 20-04-08 02:29 PM

► الخطـــــــــــــــوة الثامنــــــــــــــــــة ◄

║.. خطوات تدنو ..!║
عقارب الساعة تغفو على التاسعة مساءا ،،
هذا السكون الذي عايشته طوال حياتها .. هذا الصمت المطبق الذي احتوى مسامعها و لم يخترقه شي يوما ..
إلا حفيف ..!
مناوشات تلك الأصوات المستميتة التي قد تبلغ شيئا من المستحيل لتداعب مخيلتها ..
تجيل عينيها الواسعتين في تلك الأوجه الحبيبة التي تحيط بها .. قبل أن ترفعها مجددا لعقارب الساعة ..
لا زالت غافية على التاسعة ..!
هل ترتقب عودتها هي الأخرى ..؟!
تأخرت كثيرا .. مضت ساعتين على قدوم أخاها ليأخذها للمستشفى ..
ما هو حالها الآن يا ترى ..؟!
هبت من مكانها واقفة متجهة نحو غرفة أمها القريبة .. دوم تتكسر الخطوات عند هذه العتبة العتيقة ..
ابتلعت عبرة كبيرة سدّت حلقها و هي تريح راحتها على الباب الخشبي بهدوء ،، تقاوم رغبة ملحة في أن ترفع يدها عنه و تعود لمكانها ..
تعلم جيدا أي وجع سينخر روحها مع تحطم أمنية حمقاء بأن أباها لم يرحل و أنه سيعود في لحظة ما .. لتفتح الباب فتجده يريح رأسه على مخدته القاسية .. و قد أرخى جفنيه استعدادا لسعي غدٍ منتظر ..!
رغم هذا تفتح الباب ببطء .. لتجد مكانه الخالي يسخر منها ..
شيء يمزق وجدانها .. كلما اصطدمت عيناها بفجوة تركت بعده .. و كأنما تواجه رحيله للمرة الأولى ،،
مدت راحتها تمسح وجهها بهدوء .. لتنحي ذاك الإحساس الأسود جانبا .. و ترسم ابتسامة باهتة على وجهها و هي تنظر لأمها بحبور .. فترفع تلك عينها مع شعورها بوجود أحد معها لترد ابتسامته بأخرى شاحبة مثقلة بالحب ..
فتربّت إلى جانبها .. تتقدم و عيناها تمسحان منظر أمها الهادئ ،، نحولها البالغ .. و الإرهاق الذي حفر أبدا على محياها ..
جلست بجانبها و هي تبتسم لها .. لم يعدن يتركنها لوحدها كثيرا يتبادلن الحديث معها .. و يلهينها عن أحزانها ..
رغم عدم إبدائها رغبة للانتباه أحيانا .. و لكنهن يعلم أنها ستضيق ذرعا بالحزن إن جلست لوحدها و الأفكار ..!
.
.
.
.
.
.
- بيتخبلن ربيعاتيه يوم أخبرهن السالفة .. خص نوفانه موتاا و سوالف الفزعة ..
قالتها دانة بحماس و هي تنقل بصرها ما بين عفرا التي راحت تقلب صفحات كتابها بهدوء و نورة التي ابتسمت بتفاعل هي الأخرى و هي تثني الثياب و تنهي كيّها في دورها اليومي .. و تبتسم قائلة ..
- و كيف بتقوليلهن السالفة و انتي ما حضرتيها ..؟؟!
ابتسمت بمكر و هي تلتفت لنايف الذي استلقى تحت التلفاز وسيلة التسلية الوحيدة في البيت و أختاه الصغيرتين تقبعان عند رأسه ..
- هب صعبة صاروخين من صواريخي و المعلومات لي بيفيدنا بها بو حمد . بس أهم شي تعرفين انتي تفاصيل السالفة عسب لو يت عبير تسألج عنها اذا صدق .. هي تستحي من عفرا .. و أكيد بتيلس تكذبنيه .. عاد هاي هب ربيعة .. عذول الله يخسهاا .. ويها لووح التافهة .. تخيلي تتصيدليه .. ما طاعت تصدق - و ابتلعت ريقها مع اتساع عيني نورة اهتماما - انيه بنت حمد بن سيف لي نشروا نعية في كل الجرايد .. يعني بدل لا تعزينيه و تيلس تواسي .. قالت كذيه - و راحت تغير نبرتها تقليدا - أحين أبوج ينعونه الشيوخ و انتي تسيرين و تردين بالباص ..؟ - تنهدت و هي تلوح بيدها اشمئزازا - الحمد الله انها ما يت ويا البنات لي ين ويا المدرسة العزا ..!
قالت نورة بلا اهتمام ..
- و الله أنا من شفتاا هالعبير ما حبيتاا .. احسهاا وايد خقاقة مادري ع شوه ..؟!!! عفاري شرايج ..؟
ردت عفرا دون أن ترفع عينها عن الكتاب ببرود ..
- راييه ان ما عندج سالفة انتي وياها .. نشن زخن كتاب و ذاكرته بدال ما تاكلن لحمها المعفن .. باقي اسبوعين ع الامتـ .....
بترت عبارتها تلك الصرخة الرجولية التي اخترقت المكان بقوة ..
- ناااااااااايف ..
انتفضوا جميعهم و نايف يقفز واقفا و عيناه تتسعان .. سقط الكتاب من بين يدي عفرا .. و هي تقف الأخرى و دانة و نورة يقتربن من باب الصالة المفتوح ..
- منوه هذا ..؟؟!
ارتعشت مزنة التي قالت بصوتٍ باكٍ و هي تندس خلف هند بخوف ..
- يمكن حرامي ..
نظرت لها نورة بغيظ ..
- حرامي بيزقر نايف .. و شوه عدنا عسب يصرقه ..؟!
قالت دانة يتوتر ..
- هذا عند باب الميلس صوته قريب .. يمكن حد من أعماميه ياي عسب السالفة لي استوت اليوم .. أمييييييييييييه ..!! وينج يا حوووور ..؟؟
نظر لنايف الذي دنا من الباب بعزم يهم بالخروج لتقبض عفرا على ذراعه باضطراب ..
- تبانيه أسير وياك ..؟؟
نفض ذراعها بصرامة و وجهه الصغير ينعقد بضيق و هو يزيد من خشونة صوته الحاد ..
- تظهرين للريال ..؟؟؟ استريحي .. بسدكن أنا ..
و خرج تاركا إياها .. راح يدفع الخطة ليجتاز الحوش الصغير ثم يدلف من الباب الذي يوصل للفسحة الضيقة الواقعة بين الباب الخارجي و باب المجلس الداخلي ..
هناك فردتي حذاء رجل كبيرتين تركتا عند باب المجلس الذي كان بابه مفتوحا و أنواره مضاءة ..اقترب منه بسرعة ليطل برأسه مع الباب .. فتصطدم عيناه ببياض ثوب ذاك الرجل الذي كان يوليه ظهره العريض و هو يجثو على ركبته .. لفت انتباهه سواد طرف تلك العباءة الذي زحف خارج حدود تغطية الجسد الكبير ليعقد جبينه و هو يسلم بصوت مسموع ،،
- السلام عليكم ..
التفت رأس الرجل نحو نايف بحركة سريعة فيما لا يزال جسده ثابت في مكانه و لكن تلك الالتفاتة كانت كل شيء و عيناه تتسعان بارتياع .. و الرعب يشل أوصاله ..
شعر بنبض خافقه يتباطأ .. أين رأى هذا الاستسلام و الشحوب الذي يسكن وجهها الشاحب الآن ..؟!
هنا .. على هذه العتبة .. حين غفا والده للأبد ..
ارتعشت قدماه و الاحساس .. ذاك الرجل الذي تعرف وجهه وسط رعبه بضبابيه يسندها بصلابة فيما تستلقي هي و ترخي أطرافها بلا حراك ..
لما تبدو بهذا الشكل ..؟ لماذا هي خائرة الشعور هكذا ..
هل ستغفو هي أيضا إلى غير يقظة ..؟!
انغرس ذاك اليقين في قلبه بقسوة .. و هو يشعر بعبراته تنزلق بخوف ..
لا يريد أن يفقدها .. لا يريد ..!
.
.
.
ينظر له و هو يقف بجمود في مكانه .. نظراته تنصب على أخته بجزع .. استغرب تلك الدموع التي بللت وجهه الصغير و هو يتقدم بخطى متعثرة .. لم يلقي نظرة واحدة عليه ..!!
جثا على ركبته ليتضح حجمه الضئيل أمام ضخامته .. و هو يلتقط كفها التي تلامس الأرض برقة ..
و صوته المتهدج الهامس يداعب وجنتها الحارة ..
- حور ..؟ حور ..؟!
لم تجبه .. كانت واهنة ..
واهنـــــة للغاية .. لم تقوى أن تطمئنه حتى ..!
- حـــور .. حـ ... حــ..ــور ..- ابتلع شهقة و هو يدنو منها أكثر - ليش ما تردين عليه ..
يبدو أنا قد استهلكت آخر قواها .. لم يعد بامكانها الحراك و انهاء رعب هذا الطفل .. الذي راح يشد على قبضتها و هو يحاول احتواء جسدها بين ذراعيه الصغيرتين و قد بدأ يبكي ..
- حووووور .. انتي ميتة ..؟! حووور لااااا تموووتيييين .. لااااا تمووووتين ..
دفن وجهه في حضنها و هو ينشج ،،
- حووووووووور ..
اتسعت عيناه دهشة من هذا الانفجار .. قبل أن يشعر بشفقة هائلة اتجاه هذا الطفل .. هل فقدانه لأبيه انتزع شعوره بالامان ..؟! لماذا اعتقد أنها ميتة ..؟
كان عليه ان ينهي خوفه بطريقة ما لذلك قبض على كتفه بقوة و هو ينهره بصرامة ..
- ناااايف .. بلاك .. حور تعبانة شوي و بتنش الحين لا تخاف .. خلك ريّال ..
لا يريد ..
لا يريد أن يكون رجلا .. انه خائف ..
يرى ركائز حياته تنهار واحدة تلو الأخرى .. لا يريد أن يفقدها الآن ..!
رفع عينه و و هو لا يمسك شهقاته ..
- ليش ما ترد عليه ..؟
نظر في عينيه بقوة ..
- لنها مريضة .. ما تحسها محمومة هي دايخة شوي .. يوم ترتاح بتنش و بترمسك ..
و لكن يبدو أن كلماته لم تكن سوى استفزاز لعزمها .. لتمد يدها المرتعشة بارهاق شديد و هي تكافح لتفتح عينيها الحمراوين الدامعتين ..
- نااايف ..
نظر الاثنان إليها فيما تركز رؤيتها الضبابية على وجه أخيها الصغير .. قبل أن تعود لترخي جفنيها بمرض ..
أومأ نايف برأسه موافقا و هو يمسح وجهه بهدوء و غيث يتابع آمرا و هو يعود فيمددها على الأرض بهدوء ..
- الحين سير شوف ليه الطريق بوديهاا حجرتاا ..
- حور ما عندها حجرة ..!
عقد جبينه بعدم فهم ..
- وين ترقد ..
- يعني ما عندها حجرة بروحها .. هاييك حجرة البنات كلهن .. بس بتوديهاا حجرتيه ..
هز رأسه بعجل و هو يقول بسرعة ..
- غايته .. سير شوف لي الدرب ..
ركض نايف نحو الباب قبل أن يوقفه صوت غيث القوي الحازم ...
- نايـــــف ..
توقف نايف ينظر له بلهفة .. ليقول له ذاك آمرا ..
- امسح ويهك عسب لا يتروعون هلك ..
هز نايف رأسه .. قبل أن يختفي خلف الباب .. عاد ينظر لها .. صدرها يرتفع و يهبط بقوة و هي تتنفس بصعوبة .. جبينها ينعقد بضيق .. للحظة عادت لفتح عينيها التي كانت تمتلئ دمعا ينزلق باردا على خدها الساخن و هي تهمس بضعف محاولة بجهد أن تستوي جالسة ..
- ماابااك تودينيه .. انا أروم أمشي .. ماابااك ..
و لكنها تهاوت تحت راحته التي أجبرتها على الاستلقاء مجددا و هو يقول بقوة آلمتها ..
- ما سألتج ..
راحت تنقلب على جنبها مجددا و تتدفق الدموع من بين جفنيها المطبقين و صوتها الرخيم يهمس ..
- خلناا فحالناا .. انتـ .. أناا ماباا شي منكم .. ارحمــ ..
تتقطع الكلمات المنفلتة من بين شفتيها .. قبل ان يظهر نايف مجددا و هو يلهث ليلتقط كيس الدواء المرمي أرضا..
- الطريق فاضي .. اقرب ..
انحنى عليها بسرعة و هي تضع يدها على صدره بيأس ترفضه و هي تدفع هذا الجدار الصلب باستماتة و همسها تخنقه الأنفاس فلا يصل إلا لمسامعها ..
- لاااا ..
و لكنه رفعها بين ذراعيه بخفة و كأنما لا تزن شيئا ليدني رأسه من أذنها بصوت خافت ..
- أوصصص ..
تقدمه نايف ليتبعه و هو يقطع الممر القصير ليدلف مع باب اوصله للحوش الصغير الذي كان يصل الصالة الضيقة التي بدت رثّة المنظر في عينيه بباب دلفه ليشير نايف بسرعة لباب توسط اثنان آخرين و هو يقول بخوف ..
- هاي حجرتيه ..
تقدم منها بسرعة ليدفعها بقدمه فينفتح الباب على بقوة .. كاشفا عن حجرة ضيقة قبعت في زاويتها خزانة ملابس صغيرة و ألصق في الجدار سرير صغير وضعت عليه أغطية بسيطة للغاية ..
شعر بصدره و قد أغرقته دموعها التي لم تتوقف .. فاقترب من الفراش ليمددها بهدوء عليه .. لا تزال ترتدي عبائتها و الحذاء .. أما الغطاء فقد سقط في مكان ما ..
التفت لنايف الذي دنا منها بسرعة ليأمره بصوت قوي تعمد أن يرفعه كي يصل لمسامع أي أحد يقف قرب الباب ..
- ارقبنيه برا .. لا تخلي حد يحدر الحجرة الين أظهر .. فهمت ..؟
ابتلع ريقه و هو يومئ برأسه غير قادر على سلخ نظراته عن وجهها .. و عيناه تتأملان كل ارتفاع و هبوط لصدرها ..
لا زالت تتنفس ..هي حية إذن ..!
لن يعود أبدا لتك الأمور السيئة التي قام بها بعد موت أبيهم .. و لكنه يتوسل اليها أن لا يفقدوها ..!
استدار بسرعة و تلك الأفكار تعصف بعقله الصغير .. قبل أن يغلق الباب .. مخلفا وراءه الصمت المطبق ..
.
.
.
ما أن تناهى لمسامعها صوت الباب و هو يغلق .. شعرت بأن عزائمها تنفلت ..
شعور بالإنكسار غزا روحها و هي تستلقي هنا بلا قوة .. لقد اقتحم الآن حدود بيتهم و حرمته ..
هذا الغريب وجد الفرصة لتصل يده إلى أمان هذه الجدران ..
شعرت بالضعف .. لا يمكنها التصدي لهذه الفكرة .. عاجزة عن كل شيء .. تشعر بانها تجر لدوامة من الأوجاع ..
هذا الهدوء الذي يلفها .. هل ذهبوا ..؟!
ارتعشت شفتيها و أنفاسها المتثاقلة .. شعر بأنها على وشك الانفجار سخونة و هي تغطي وجهها بكفيها و تترك العنان لدموعها التي لم تتوقف للحظة و شهقاتها المتتالية التي راحت ترتفع بقوة .. و تهز جسدها الضعيف بفعل المرض حين أجهشت باكية .. صوتها المخنوق يتردد في الغرفة و هي تأن بأوجاع تكاتفت عليها في تلك اللحظة ..
كان كل شيء يعاكسها ..كل شيء ..!
تصلب جسدها و اختنقت أنفاسها حين شعرت بتلك الذراع القوية ترفعها من على الفراش لتسندها على ذاك الصدر الصلب الذي سرعان ما ميزته ..
راحت تشيح بنفسها بعيدا عن منأى نفاقه ..
تكرهه ..
تكره وجوده ..
و تركه ذاك الرابط الذي يأخذه حجة ليعاملها بهذه الحرية..
تكره ادعاءه لهذا العطف و هي التي قد اصطدمت بقسوته المجحفة ..
.
.
و تكره نفسها أكثر .. و قد بدأت تخذلها بإحساس الأمان الذي راح يتسرب لها ببطء و مقاوماتها تخمد بين يديه و هو يضمها بقوة و كلماته الخافتة تسعى لتهدئتها لتحتضن فؤادها المضنى بدفء حقيقي .. كادت تصدقه ..!
لما عليها دوما أن تسكب أحزانها بين أضلعه ..؟!
لما تعاندها قوتها ليكون شاهدا على كل تحطم لها ..؟!
كان البكاء قد استنزفها أو أراحها لم تعد تدري ..
شعرت به يعيدها مجددا على المخدة و عيناها لا تفارق السواد خلف أجفانها .. هذه الظلمات رحمة ..
لا تريد أن تواجه الانتصار يلمع في عينيه .. مرت لحظات طويلة ..
أ لحظات كانت .. أم ساعات ..؟!
لم تعد تدري .. مر كثير من الوقت .. و ربما كانت قد غفت و استيقظت مجددا .. كل ما تشعره بأنها عادت تتماسك من جديد .. غريب كيف افترستها الحمى بهذه السهولة ..!
فتحت عينيها ببطء و لا يزال موجودا .. اذا لم يمر وقت طويل ..
رأته ينظر لها بطريقة لم تفهمها و هو يجلسها في مكانها ملتقطا كوب ماء ليسقيها اياه ..
حسنا لم تعهده بهذا الحنان بتاتا .. هل شعر بالذنب لهجومه الذي شنه منذ يعض الوقت ..؟!
يده تسترخي على شعرها .. و تقاوم رغبة قوية في نفضها عنه .. و صوته الهادئ يصلها .. لم تسمعه يحدها بهذه النبرة مذ التقته ..!
دوما كان للقسوة نصيب ..
- حور انتي تعبانه الحين .. ارتاحي و عيني من الله خير .. لا تتعبين عمرج .. باكر من الصبح بيكون عندكم سيارة بدريولها توصل البنات المدرسة و تقضي مشاوريكم و في الليل يردها الدريول ..
هزت رأسها ترفض بشدة و هي تفتح فمها للاعتراض و لكنه لم يهتم لها و عادت نبرته تقسو مجددا .. يكره أن يجادله أحد ..
- بس خلاص .. انتي ما تعرفين غير العناد ؟!!.. فكري بمصلحة أخوانج مرة وحدة ..
اغرق الدمع مقلتيها .. ما الذي يقصده .. دوما تهتم لمصلحتهم .. تابع و هو ينهض من مكانه واقفا .. جسده المديد ملأ جو الغرفة حتى بدت ضيقة للغاية .. خانقة ..!
- أنا برتب أموريه و بيي أسكن هنيه الين تنقضي عدة أمج و تنتقلون البيت العود ..
ارتعشت أوصالها و هي تهمس معارضة بضعف ..
- لااااا .. ما نباااك عدنـ ...
- انا أخبرج ما أطلب رايج و الا عايبتنج يلستكن و انتن كلكن حريم من دون ريّال .. نحن ملزومين بكن .. و محد بيروم ييلس هنيه الا محرم .. و بما انيه .. - صمت للحظة و هو يرفع حاجبا ساخرة - ريلج ..
كرهت طريقته في قول - ريلج - و هي تشيح بوجهها بعيدا عنه .. فيما تابع هو الحديث غير مكترثا لحركتها تلك ،، و كأنما كان ينتظر منها أن تتماسك فقط ليعود إلى خشونته تلك .. حسنا على الأقل تعرف أين موضع قدمها الآن ..
هذا هو العدو و عليها أن تتصدى لمحاولاته الخبيثة في خرق امان حياتهم .. لا يمكنه أن يسلبهم ما تبقى من أيامهم قبل أن يضمهم ذاك الجد لكنفه .. شعرت بان تلك اللحظة ستكون الأخيرة لا تدري لما ..!
- أنا الوحيد المحرم لكن و لأمج بعد .. عسب كذيه .. من باكر برتب الميلس عسب أيلس فيه ..
تسحب نفسا قويا تلتمس شيئا من الصلابة .. تبا .. ألن تتوقف مآقيها عن ذرف الدموع ..
- نحن هب محتايين ريال ويانا .. سادين عمارنا ..
نظر لها بامعان يتفحصها .. شعرت بوطء نظراته تلك رهيبا .. عيناه المتكاسلتان تسخران من الضعف الذي بدا في صوتها .. أم شيء آخر ..؟!
- صدق و الله ..؟ سادين عماركم ..؟؟ و نايف و عفرا ..؟؟
رفعت رأسها مجفلة بضعف .. لم تكن تعلم أنه يصطاد بثقة في الظلام .. و أن اجفالها هذا كان كل ما يحتاجه ..
هناك مشاكل إذا تعجز عن السيطرة عليها .. !
ابتسامته البغيضة التي توسطت وجهه الصلب كان بمثابة طعنة لها .. لا يمكنها التذكر حتى ما الذي تفوهت به في غمرة غضبها المجنون .. كان عليها أن تحكم نفسها .. كي لا تجد نفسها هنا الآن تحت رحمته ..
تعلم جيدا أنها ليست حمل معارضته أبدا .. يمكنه أن يدمر أي عذر تقدمه ..
كانت تجلس على السرير و هي تسند ظهرها المنهك على الجدار .. ضمت ركبيتيها لصدرها .. شعرت بأنها لا تقوى على رفع خصلات شعرها التي تلتصق بجانب وجهها بفعل الدموع ..
أسندت جبينها الساخن بيدها تعبة .. أفكار شتى تتنازعها .. لم تعد للحظات تريد أن تفكر بشيء ..
.
.
يعقد ذراعيه أمام صدره و هو يقف في مكانه يتأملها .. لم تجبه بعد كلماته الأخيرة ..
بدت و هي تضم نفسها هكذا كطفلة خائفة .. لا زالت تعتريه الدهشة كلما قابلها .. لا يمكنه تصور أن هذه الفتاة تبلغ من العمر أربعة و عشرين عاما .. بدت أصغر من ذلك .. في سن أخته شيخة مثلا ..؟!
الحقيقة أن هناك العديد من الأمور لا تزال في انتظاره .. هناك الكثير لينجزه ..و أولها رؤية جده وجدته ..
متأكد بانهما سيصعقان بالخبر .. ما الذي سيفكر به جده يا ترى ..؟! هل سيكفيه ذلك حتى تخرج زوجة عمّه من العدّة ..؟!
لطالما كان يثق به و بوعوده .. ما الذي يتغيّر يا ترى حين يصر على تأجيل توقيع عقد نقل الملكية حتى زواجه ..؟
متأكد بان جده واثق بانه لن يخدعه .. و أنه حتما سيفي بوعده بالزواج بها ..!
أمعن النظر في رأسها المطرق ..
يتزوجها .. !
هذه الفتاة زوجته ..!! ها هو يراها بلا غطاء .. شعرها ينسدل على جانبي وجهها بتعب و ظهرها المنحني يرتفع و ينخفض .. أتاه صوتها الضعيف و هي تتساءل بحيرة ..
- ما دري ليش متعبل ابنا .. نحن ما نشوفك الا غريب ..!
هل تفكر بصوتٍ عالٍ ام أنها تطرح سؤالا ينتظر اجابة ..؟! لا يزال وجهه شامخا يخلو من التعبير و صوته العميق يتردد بين جدران الغرفة الضيقة ..
- انتي حرمتيه .. و بنت عمي .. و نحن ملزومين ابكم ..
انتفض قلبها بطريقة كرهتها و هو يتبجح بقوله - حرمتيه - و كأنما يسعده حقا هذا .. !
رفعت رأسها لتسقط عينها في عينيه و هي ترفع صوتها الهامس تلتمس شيئا من الصلابة ..
- خلاص طلقني و فك عمرك من الهم ..
رفع حاجبه بتكبر و هو يقول بقوة ..
- و من قال لج انيه أبا أطلق .. انا مرتاح بالهم ..
وضعت أناملها بألم على شفتيها .. تشعر بالدوار .. الصورة هذه مشوهة أمام عينيها بطريقة ما .. و هي تقول بخفوت ..
- أنا أباك تطلقنيه .. طلقنيه ..
تصلب فكّه بقسوة .. و عينه تتحولان لقطعتي جليد .. جسده المديد يتقدم ببطء نحوها ..
حمقاء .. لا تعلم ما الذي تقف حقا عليه .. هي المفتاح الوحيد لذلك الجهد الذي كان يكابده منذ سنتين ..
راح يكبح رغبة عارمة في مد يده ليشد نعومة شعرها الذي احتضن وجهها الشاحب المحموم بقوة ..
اكتفى بنظرة متسلطة عليها .. قبل أن يعيد كتفيه إلى الخلف و يمد يده و هو يمسك بذقنها الرقيقة بإحكام عجزت عن الانفلات منه .. و صوته الآمر يقول بصرامة قاطعا هذا الحديث التافه ..
- انتي تعبانة الحين ارقدي ..
لمس بإبهامه طرف خدها .. فارتعشت و هي تشيح بوجهها عن رؤيته ..

* * * * *

- ياااااااااا وييييييييل حالييييييييييييه ..!!!
كانت تلك الصرخة المروعة لأمها التي وضعت يدها على صدرها و عيناها تزيغان بقوة .. هبت روضة التي شحب وجهها من الصدمة لتمسك بيد أمها التي بدا أنها على وشك الإصابة بالفالج ..!
بينما وقفت هي دون حراك .. ببنطالها الخشن الواسع و الفانيلة القطنية التي تكاد ان تصل لركبيتيها .. و شعرها المقصوص الذي صعق أمها بشدة ..
وجه أمها المحمر و أنفاسها المتسارعة .. كانا خير دليل على العاصفة التي تعتمل في داخلها .. و لكنها لا تكترث الآن .. يمكنها ابتلاع غضب أمها و تجاهل اخوتها .. تعلم جيدا أن أباها لن يجد الوقت ليعنفها على ما لا يهمه ..!
أمها تصرخ بجنون و عيناها تكادان تفارقان محجريها و هي تلهث ..
- شيخووووووه ويييييييين شعرج ..!!!!!!!!
كانت هناك لمعة في عينيها .. لم تعلم إن كانت دموع أم أنه بريق الصدمة .. لكن ذلك لا يهنيها لذلك رفعت أنفها بثقة و هي تقول ..
- قصيته ..
صاحت روضة في وجهها و هي ترى أمها على وشك أن تفقد وعيها ..
- لييييييييييش قصيتيييييييييه ...؟؟ شوفي شكلج كييييف غااادي .. تقولين واحد من الشبااااب .. و الله لو يشوفج غيث ليذبحج ..
لوحت امها بيدها بهستيرية و هي تصيح لروضة ..
- اتصلييييبه .. اتصلييييبه الحين .. خليييه ايي و يشوف سواااد ويهااا ..
ارتعدت لفكرة مجيء أخيها الأكبر و رؤيته لها بهذا الشكل .. رغم ذلك حاولت التظاهر بالشجاعة و هي تقف في مكانها دون أن تتزعزع .. كانت روضة هي من أنقذها و هي تنظر لها بعتب ..
- لا يميييه غيث خليه برا السالفة .. تعرفين انه ما بيستوي خير لو درا ..
لكن أمها كانت مصرة بجنون ..
- أناا ما باالها الخير .. حسبي الله عليها من بنية بتذبحنيييه .. اتصلبيه .. هاي تخبلت ... باكر بتلبس كندورة أحمدوه و بتسير تصلي في المسيد .. آآآه يا فوادييييييه .. قصت شعرهاا الخبلة .. قصت شعرهاا .. يا ويل حاليه ..
روضة استمرت باصرار في تهدئة أمها .. عليهم نسيان الأمر و أن لا يعرف غيث بالموضوع .. تخيلت مجيئه ليراها فقط بهذا الشكل .. سيدق عنقها ..!!
استرخت هي على الأريكة في الردهة الكبيرة فيما أخت روضة أمها لغرفتها .. تريد ابعادها عن شيخة .. سرعان ما عادت لها .. لتقف أمامها و هي تضع يدها على خاصرتها و تسألها بذاك الصوت الناعم ..
- عايبنج يعني لي استوى .. وااايد أشوفج مرتاحة و لا هامنج شي ..!
تأملت أختها الكبرى دون أن تجيبها .. بثوب البيت الرقيق و هي تقف هناك .. ملامحها الجميلة تنعقد في عزم هادئ .. تقف امامها .. تبعد عنها خطوات فقط .. رغم ذلك كله بدت بعيدة .. أمالا عن هنا ..
شتان بينهما .. لا يمكنها أبدا أن تكون كروضة ..أبدا ..
أشاحت بوجهها عنها و صوت روضة الهادئ يقول بحزم آمر ..
- تقول أمايا خواليه عقب باكر بيووناا .. ما فيه داعي للفضايح شيخة .. بليز ..
رفعت حاجبا محتقرا لأختها الكبرى و صوتها الغليظ يستاءل ..
- شوه قصدج ..؟
رفعت روضة رأسها و هي تقول بثقة ..
- تعرفين شوه قصدي ..

* * * * *

زفر نفسا طويلا من دخان سيجارته و هو يسترخي في مقعده مضيقا عيناه بتفكير ،، كان قد أبلغ جدته و جده للتو عن قراره بالإنتقال ،، و أظهرت الأولى حماسا بالغا كسر روتين بؤسها الذي يغشاها منذ فترة .. رغم تلك الدموع التي خالطت دعاءها له بمرارة .. الغريب هو التعبير المبهم الذي اعتلى وجه جده و هو ينصت له بصمت .. ها هو الآن يستقر خلف مكتبه و عينيه تركزان على وجه حفيدة الأسمر و هو يبدو غارقا حتى أذنيه في ما لا يعلمه .. يسحب نفسا عميقا من السيجارة الذاوية بين أنامله لينفثها دخانا في الهواء .. لا يدخن إلا إذا كان مشغول البال .. عادة سيئة للغاية .. و لكنه لم يفارقها منذ سنوات ..
نظر لجانب وجهه الجامد قبل أن يقول بهدوء ..
- شوه لي خلاك تغير رايك في سالفة السكن و انته ما خليت حد يتدخل فيها من الأول ..؟!
ضاقت عيناه أكثر قبل أن يدس طرف السيجارة المشتعل في المنفضة ليدوس عليها بقوة و يرفع عينيه و هو يهز كتفه ..
- غيرت رايي .. شفت ان فهد صادق .. حريم و اروحهن .. لو يستوي عليهن شي .. ما بتكون السالفة فمصلحتناا .. نحن معروفين و أي شي يمسناا ..
همهم جده بتعبير غير مفهوم و هو لا يزال ينظر له بطريقة غريبة ..
- لا .. زين سويت .. ما قلتلي .. و البنية ..؟!
عقد حاجبيه بتفكير .. يعرف من يقصد بالبنية ..
- بلاها ..
لم يرد جده عليه .. فيما استعاد هو في ذهنه .. صورتها اليوم .. بوجهها الشاحب و خديها الحمراوين .. و مدامع عينيها المتدفقة و هي تطلبه الطلاق ..!
ما الذي قد يفعله جده ان رأى ذلك ..؟! ما الذي يقف حقا خلف نيته في تزويجه حفيدته تلك ..؟!
قبل موت حمدا كان متيقنا أنه يحاول التقرب من ابنه ذاك دون أن يمس كرامته أو يتنازل عن علياءه ..
الآن ..!
ابنه رحل .. و ليس عليه استرضاءه بما أن ابنته ستأتي للعيش هنا على كل حال ..!
لقد عقد العزم على الزواج منها للحصول على حقّه و ما أفنى سنتين من عمره لأجله .. و سيفعل ذلك ..
سيتزوجها ..
لا يهم ما الذي قالته اليوم .. تلك مراهقة لا تعرف عن الواقع شيئا .. كل ما ترغب به هو أن تمنح إحساسا .. لا بد أنها تكرهه الآن .. لذلك لا تريد الزواج به ..
سيكون سعيدا بأن يمنحها الاحساس الذي تريد اذا كان ذلك سيجعلها طوع أمره .. لن يخسر على كل حال ..
فهو سيضطر يوما للزواج و الانجاب و ها هي الفرصة أمامه .. سيضرب عصفورين بحجر .. زوجة لا تعرف الشكوى .. و وسيلة للحصول على الشركة ..
ناوشت شفتيه ابتسامة ساخرة و هو يفكر بما قد يوهمها به من مشاعر كي تميل اليه و تصرف النظر عن طلبها الأخرق .. لن يصعب عليه بتاتا أن يغرر بها .. فلا خبرة لها أبدا في الحياة خارج حدود تلك الجدران البائسة ..
.
.
يراقب تلك الابتسامة الساخرة التب اعتلت شفتيه .. مفكرا بعمق .. ما الذي قد يدور في رأسه المعقد يا ترى ..!
رد بصوته الصارم حين رأى الاستفهام يعتلي محياه مجددا ..
- بعدك تباها ..؟!
رفع غيث حاجبه و هو يبتسم بخبث .. يريدها ..؟! نعم لا زال يريدها .. و بقوة ..
- بعدنا ع الاتفاق ..
تصلب ملامح جده و هو يقول بقوة و صوته يعلو ..
- أنا ما أرد في رمستيه يا صبي ..
ابتسم غيث بحب شديد .. لا زال يهاب غضب جدّه .. و المعاملة الخاصة التي يتلقاها كونه قد تربى في كنفه .. لن تعني شيئا إن أثاره ..
لذلك أردف بثقة ..
- و أنا ما أرد فرمستيه .. بس أشوفك وايد واثق يا بويه .. يمكن البنت ما تبانيه ..؟!
لمعت عينا العجوز بقسوة و هو يصر أسنانه ..
- و يمكن أنا أبا الشركة اتم بسميه .. خلاف لا مت اتقاسموها ..
رفع حاجبه و هو ينظر لجده بهدوء .. هذا تهديد إذا ..!
- خلاص هب مشكلة ،،
- يعني ..
هب واقفا من على كرسية .. يلتقط علبة السجائر و الغترة المرمية على الطاولة أمامه و هو يقول بقوة ..
- يعني من باكر بختار تصميم البيت و هالشهر ببدا الحفر في غرب الحوش ..
و رفع رأسه يقول واثقا ..
- أول ما تظهر أمها من العدة بنحدد العرس ..
كان الارتياح الشديد على وجه جده و هو يتنفس الصعداء .. معبرا ..
هل فكر بأنه قد يغير رأيه ..؟!
صحيح أنه يكره أن يجبر على شيء ..
و لكنه لا زال يريدها ..
لا زال يريد شركته ..

* * * * *

وضعت حقيبة يدها جانبا و هي تحرر شعرها من الغطاء و عوشة تتذمر ..
- أوفففف .. حررررر .. عنبوه لو بنتم هنيه في الصيف بينسلخ جلدي ..! و بشرتيه بتخترب .. لازم نسافر هالصيف .. لنا سنتين و محد طايع يسفرنا عسب يدوه ..!
لم تكن روضة تستمع لثرثرتها .. وافقت على مرافقتها إلى هنا .. على أمل أن ترى غيث مصادفة .. لا تجرؤ على الاتصال .. تود حقا أن يمسكها و ينفرد بها ليسألها عن قرارها .. أن يجبرها على البوح بحيرتها .. تعلم أنها ليست الوحيدة هنا المتأملة برؤيته ..عوشة أيضا لا يدفعها شيء لقطع حياتها الاجتماعية الصاخبة و التكرم بزيارة لبيت جدها أو بيت عمها الأكبر إلا لتراه ..
راحت تعصر يديها بتوتر .. هي على وشك احداث طفرة في علاقتها بذاك الأخ .. تسأله رأيه و تستشيره .. رغم أنها و إخوتها كانوا دوما يهابونه و يحترمونه .. دوما كان يبدي استياءا واضحا على ما لا يعجبه .. يأمرهم .. و ينهرهم .. أحيانا قسوة .. و أحيانا جانبا من اللطف في تلك اللحظات الخاطفة التي يلتقونه ..
لم يكن غيث قط قريبا منهم .. ربما بسبب عيشه هنا .. ربما بسبب فارق السن .. لا تعلم .. شيء واحد دوما تتساءل عنه ..
كان أبوها قد تزوج بإمرأة قبل أمها حين توفت زوجته أم غيث و قامت بتربيته لثلاث سنوات .. حتى بلغ السابعة من العمر قبل أن يطلّقها و يتزوج أمها ..!
لماذا انتقل للعيش إلى هنا بعد زواج أبيها بأمها ..؟! أ كانت أمها من رفض ايواءه في بيتها يا ترى ..؟! أ لهذا دوما ترى الصقيع يقطر من معاملته لها ..؟!
كل ذلك غير مهم .. المهم الآن أنها بحاجة لأن يكون قريبا منها الآن ليفهمها .. ليدلها ..
تنهدت بصوت مسموع لتقطع عوشة سيل حديثها بضيق ..
- مالت عليج .. انا من الصبح أرمس عمريه ..!
احمر وجه روضة باحراج و هي تعتذر ..
- لا وياج ..
زفرت عوشة بنقمة و هي تلتقط حقيبتها و تعدل من هندامها ..
- نشي عيل ..
- وين ..
- أمينة تقول يدوه يالسة خاري .. يا الله بنظهر لها ..
هبت واقفة من مكانها تلتقط حقيبة يدها .. متوجهات إلى الخارج حيث تجلس جدتها .. هل ستستطيع الإختلاء بغيث و عوشة هنا .. ربما لا .. فستسعى ابنة عمها حتما للالتصاق به .. توجهن معا للخارج و عوشة تتمايل في مشيتها بغنج .. حيث جلست جدتهن على المنصة الرخامية و قد فرشت فيها سجادة عجمية عملاقة .. وضعت عليها القهوة و توابعها من الأطعمة الخفيفة التي يُعتاد أن توضع معها
ما إن خرجن من الباب المؤدي للحديقة العملاقة حتى بدأت الجدة بالترحيب بهن بصوتها الضعيف .. الحبور الخفيف الذي علا محياها و هن مقبلات أذهلهن فكل من يعرف هذه المرأة أدرك أي ألم كانت تكابد في الأسابيع الماضية .. ما الذي حدث ليجعلها تعود لطبيعتها ..
تقدمت عوشة مسرعة لتحتضن جدتها بحب و هي تقبلها بقوة ..
- فدييييييتج و الله .. تولهت عليج أمايا ..
برقت عيناها بحنان حقيقي و هي تمسح على شعر عوشة التي جلست بجانبها ..
- تولهت عليج العافية يا حبيبتي ..
ابتسمت روضة بهدوء و هي تسلم عليها بحب و احترام ..
- السلام عليج يا أميه ..
- مرحبا .. مرحبا .. حيا الله ببنت علي .. حيا الله برويض القاطعة لي ما نشوفها غير في المناسبات ..
شعرت روضة بالخجل الشديد من تقصيرها و هي تقبل رأسها لتجلس على يسارها و هي تعتذر باحراج ..
- مقصرين يا الغالية سمحيلنا ..
مسحت الجدة على رأس عوشة التي كانت تتباهى بدلال كطفلة صغيرة ..
- عاد العاش يعلنيه هب بلاها ما تفارقنا .. كل يومين و هي مسيرة.. و انتي و شيخة امرررة ما لكن شوف .. عنبوه .. تعالن تخبرن عنيه و الا عن يدكن .. ما بقى في العمر باقي خلوناا نشوفكن ..
- الله يطولنا بعمرج فديتج .. يا غير غربلتنا الدراسة و عوشة فاضية ..
و راغبة في المجيء أيضا ..!
و لكن الجدة واصلت العتب عليهن ..
- حامد كل خميس أشوفه هو الشباب .. و غيث يعلنيه أفدااه عنديه .. أحمدووه و هزاع كل يومين طابين عليه .. و عيال سعيد و فهد ما يقصرون .. و انتن الثنتين تخطف عليه شهور ما شوفكن ..
هزت روضة رأسها بخجل .. دون أن ترد و احساس بالذنب يخالجها .. لا تعلم جدتها سبب هذه الزيارة ..!
و تابعت جدتها بأسى خالطه نبرة مختلفة و هي تقول بابتسامة هادئة ..
- عاد الحين لازم تخطفون عليه و تيونيه .. يدكن و ملتهي ما يفضي الشيبة .. مادريبه متى بيرحم عمره من هالاشغال .. و غيث ودر البيت و أنا يالـ ...
- ودر البيت ...!!!!!!!!!!!
كان هذا صوت عوشة الحاد مذهولا .. و هي تتابع بلهفة ..
- ليش يا أميه ..؟!
ابتسمت لها و لوجه روضة المصدوم .. ما الخطب ..!
- ماشي يعلنيه فداكن لا اتروعن .. يا غير شل قشاره و سار يلس في بيت عمه حمد .. بيتم هناك الين تنقضي عدة حرمة عمه .. و خلاف بييبونهم هنيه .. تعرفون عاده .. حريم و ما عندهن ريّال .. و هو ما طاع لهن و عزر ييلس هناك ..
كانت جدتها تواصل الحديث دون أن تدرك الضجيج الذي يضطرم به صدر كل واحدة منهن .. روضة مشدوهة بسيل المعلومات المتدفق هذا .. لابد أن أمها و أبيها و أخوانها على علم بهذا .. لمَ لم يتبرع أحد باخبارها .. متأكدة بان شيخة و عوشة التي بدت الصدمة على ملامح وجهها المرسومة بعناية لا يعلمن شيئا عن كل هذا ..!
هذه تطورات لا يمكن أن تستوعبها الآن .. لقد انحرف مسار تفكيرها تماما ..
و صور بيت عمها بجدرانه المشققة تعود لذهنها .. زوجته و بناته .. أشهر قليلة و يكونن هنا ..!
عجز ذهنها عن الرسم صورة لما ستكون عليه الحياة في هذا البيت بعدها ..!
.
.
.
تتميز غيظا و حقدا مما سمعت للتو .. شيء كالسعير يضطرم في صدرها ..
لقد ذهب إليها .. سيمضي وقته قربها من الآن وصاعدا .. لم يستطع الانتظار حتى مجيئها إلى هنا .. !
شعرت بدموع القهر تندفع لعينها فرفعت رأسها تقاوم سقوطها ..
أيعقل أنه سيقدم على الزواج حقا بتلك النكرة ..؟! ستموت ان فعل .. سيقتلها ذلك دون شك ..
بعد هذه القنبلة لم تعد ترغب بالمكوث هنا .. شعرت بحرقة تجتاح صدرها .. و هي تبتلع دموعها مقاومة رغبتها بالبكاء ..
وقفت على قدميها .. لتنظر اليها روضة و جدتها بدهشة ..
- وين فديتج ..؟
ابتسمت بشحوب ..
- بسير يدوه .. بنات خالوه بيوونيه اليوم .. تعرفين محد في البيت غيريه .. بسير أعابل الفوالة و المكان ..
نظرت لها روضة بشك واضح .. متأكدة بأنها مجرد حجة .. فوقفت هي الأخرى بسرعة .. و شعورها بالذنب يتعاظم .. ها هي ستترك المكان حالما علمت بأنه ليس هنا .. لم يعد هناك فرق بينها و بين عوشة ..
- و أنا وياها يدوه .. و ان شا الله قريب بنخطف عليج و بنييب شيخة ويانا ..
و ابتسمت و هي تستمع لاعتراضات العجوز .. راحة طفيفة سرت في عروقها و هي تقبل رأس جدتها ..
بدت بخير تماما .. لم يختف الألم عن وجهها .. و ما زال الوجع يسكن عينيها .. و لكن أفضل حالا بكثير من حالها في العزاء و الأيام التي تلته ..!
سبقتها عوشة و هي تمشي بسرعة تقطع الردهة الكبيرة و صوت كعبها على الأرض الرخامية تردد صداه الجدران .. لم تلتفت لروضة التي كانت تمشي بهدوء خلفها و هي تحاول لف غطاء شعرها قبل أن تخرج .. ما ان فتحت الباب الخارجي لتلحق بعوشة حتى تجمدت في مكانها .. تقبضت يداها بقوة .. و قداماها تعجزان عن مواصلة المسير للأمام .. و هي تنظر للثلاثة الذين توقفت عوشة عندهم لبرهة .. توجهت الأنظار نحوها .. و راح قلبها يخفق بجنون .. شعرت بالدم يهرب من وجهها .. هذا آخر من كانت تتمنى رؤيته الآن ..!
دفعت نفسها للتقدم مع إطالتها الوقوف هناك .. و هي تبتلع ريقها بهدوء .. اهدئي .. لا تفضحي نفسك .. لا شيء يستدعي هذا الخجل كله ..
كالعادة أطولهم يقف خلفهما قليلا و عينه تتأمل الأرض الذي يقف عليها .. ابتسامة هزاع اللطيفة كانت مشجعة و هي تقترب منهم بهدوء ..
- مرحبا مرحبا بشيخة البنات ..
ارتجف صوتها و هي تسلم عليهم ..
- السلام عليكم و الرحمه ،،
.
.
.
شعر بقلبه يطرق أضلعه بقوة رتيبة .. و صوتها الناعم يداعب مسمعه بهدوء .. رد عليها بهدوء دون أن يرفع عينه ..
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
رآها للتو حين كانت تقف عند باب المدخل .. بدت مترددة في التقدم ..
هل أسر لها أخاها بطلبه يا ترى ..؟! حك لحيته بهدوء .. و صوته العميق يوجّه لها ..
- شحالج روضة ،،
ناوشت شفتيه ابتسامة حلوة أخفاها بجهد و صوتها الهادئ يخاطبه ..
- بخير ربيه يسلمك .. شحالك سيف ربك بخير ..
- فنعمة ما نشكي باس .. شحالج و شحال أهلج ..
- يسرك حالهم .. علومكم ،،
- علوم الخير .. حيّا الله بنت علي ،،
همست بهدوء ..
- الله يحييك و يبقيك ..
راح ينصت لصوتها الهادئ و هي تتبادل السلام مع هزاع و حارب .. يختلط بصوت كعب حذاء عوشة الذي راحت تهزه بقلة صبر ..
- حارب أخبار الدراسة ،،
.
.
كانت تحاول جاهدة أن تبدو طبيعية .. هل لاحظ إهتزاز صوتها يا ترى ..؟! كان حارب يرد عليها و هي تحاول التركيز فيما يقول ..
- و الله يا بنت العم نكرف في هالمدرسة .. ما بقى شي ع الامتحانات اسبوعين و تبدا .. دعواتكم ..
- الله يوفقك إن شا الله .. و يسهل عليك .. و ترفع الراس ..
ابتسم لها حارب بلطف ..
- آمين .. عاد أنا على الله و على دعواتكم .. دعوليه ربيه يعينيه عليها ..
قال حارب مازحا ..
- أقول كل يوم تيينيه .. و تحب راسيه .. – و راح يمثل ويقلد صوت حارب – هزاع يا خوية .. ادع ليه ..
هز حارب رأسه مستنكرا ..
- و الله لو بطلب حد يدعيليه .. بخلي بو هناد .. ريال يعرف ربه .. و الا انته ما ظنتيه دعوتك توصل سقف الحجرة ..
ابتسمت روضة بهدوء .. وهزاع يوجه ضربه لظهر أخيه الأصغر مازحا و في حين نهرهما سيف بقوة ..
- محد يمزح في هالسوالف ..
غمز هزاع لروضة التي راحت تخفي ابتسامتها ..
- عصب المطوع ..
قاطعتهم عوشة و هي تقول بفتور تمسك برسغ روضة و تسحبها ..
- يا الله شباب .. البيت بيتكم .. و يدوه يالسة خاري .. نحن مستعيلات سمحولنا ..
نظر لها هزاع ببرود ..
- غصبن عنج بيتناا .. – ثم ابتسم لروضة بهدوء – خلينا نشوفج روضة ..
هزت رأسها بإحراج .. و هي تشعر بسيف يتحرك بضيق و كأنما لا يعجبه الوقوف هنا ..
- إن شا الله .. يا الله عيل نحن بنتوكل .. فداعة الله ..
- الله يحفظج ،،
مضت بسرعة ترافقها عوشة فرفع عينه للحظة لتصطدم بابتسامة هزاع الواسعة .. عقد جبينه و هو يشعر بأنه قد افتضح أمره بشكل ما ..
- شعندك متشقق ..
ضحك هزاع و حارب يهز رأسه .. ثم وضع ذراعه حول كتفي سيف العريضين ..
- هههههههههههه .. ياخي و الله انك سالفة ..
شعر سخونة في رأسه وهو يدفع هزاع بضيق ..
- و انته ما عندك سالفة ..
هز هزاع رأسه بوقار مصطنع ..
- ما عندي سالفة .. ما عندي سالفة ،، هب مشكلة .. أهم شي يود سوالفك .. يااا ..
ثم نظر بخبث له و هو يهمس قرب أذنه ..
- ياا المعرس ..
و أطلق ضحكة مدوية حين احمر وجه سيف غيظا أو خجلا .. و هو يسدد لكمة سريعة لكتفه ،،
.
.
.
.
و ضعت كفها على قلبها الذي راح يتراقص بطريقة مختلفة .. لمرة الأولى يراودها هذا الاحساس ..! لطالما رأته و لم يؤثر فيها بهذا الشكل .. الآن طلبه دفعها للنظر اليه من منظور آخر ..
تنفست بعمق و هي تلتفت لعوشة .. لتتسع عيناها بصدمة ..
كانت غرتها متدلية على جبينها كالعادة و لكن عينيها الواسعتين محمرتين و قد سالت دموعها سواد كحل على جانب وجهها و هي تعظ شفتيها ..
صوتها يتهدج و هي تعتصر طرف شيلتها بقوة باكية ..
- أخوووووج حقييييييير .. أكرهـــــــــــه ..!! و الله لينـــــــــــــدم .. و الله ..

* * * * *
- أنا يوم شفته شالنج ويربع بج .. شوه أقولج .. ويه الخايف الملهوف .. حور .. تقولين شاروخان في واحد من أفلامه !!
قالتها نورة بحالمية و هي تضم كفيها في حركة مسرحية حين كن يجلسن في الحوش عصر اليوم التالي .. قبل أن تضربها دانة على كتفها معارضة ..
- مالت عليج ما لقيتي إلا هالهندي المعفن .. حور ما يي صوبه شاروخان .. أحسه يقرب لبراد بيت يوم مثل في تروي .. آآآه والله انه هيبة ..
تصر على أسنانها ووجهها المنتفخ المحمر خجلا .. أم بفعل بقايا الحمى .. لا يتبين منه سوى الغيظ .. وهي تقول بصوتها المبحوح ..
- و الله ما عندكن سالفة ..
ضحكت نورة و دانة بقوة و ابتسمت المها رغم أنه بدا واضحا أنها لم تسمعهن ولكنها خمنت فحوى الحديث من وجه حور المحتقن فنورة و دانة لم يكفن منذ الأمس عن السخرية من حور .. ناولت عفرا حور كوب الحليب الساخن قبل أتمد واحد آخر لأمها التي كانت تلاعب شعر مزنة المستلقية على ركبتها ..
- ما عليج منهن .. خراطات أصلا يوم حدر الريال كنا في حجرتناا .. ما شافن شي ..!
قالت دانة بثقة ..
- و الله شفنااه من الدريشة يوم انه ظاهر ويا نايف .. تم زاخنه و يرمسه .. ظنتيه يسويله استجواب .. – ثم استدركت بخبث – يمكن كان يوصيه عليج ..
هزت حور رأسها بحقد ..
- شكلج ما بتصخين الا يوم أرشج بالحليب ..
ابتسمت نورة لوجه حور الذي بدا جميلا بشكل ما وهي تحمر هكذا ..
- هيه .. عيل السيارة لي ودتناا و ردتناا من المدرسة اليوم ليش حاطنها .. ؟؟ و تقولين بيسكن عدناا .. أخ يا فواديه ع الاهتمام ..! الله يعطيناا مما عطاكم .. أقول حور .. هب كنه طويل عليج شوي .. ؟ ما يي تقسمينه نص لي ونص لج ..؟
لم ترد حور على أي منهن و راحت تتأمل هند التي انبطحت على بطنها و هي تقرأ في أحد كتبها بصوتٍ عالٍ .. تستذكر دروسها مع اقتراب وقت الامتحانات ..تشعر بالخجل الشديد .. بدت ليلة البارحة و كأنما حدثت منذ سنوات .. تضطرب معدتها و تشعر بالخجل الشديد كلما تناهى لها تفصيل مما حدث بالأمس .. رغم ضبابية الذاكرة .. إلا أنها ودت لو تمر سنوات قبل أن تواجهه مرة أخرى ..!!
لا تستطيع منع نفسها من ذاك الشعور الغريب وهي تتذكر كم كان قريبا منها البارحة .. تبا له .. يبدو أنه تخطى الكثير من الحدود الحمراء دون اكتراث حقيقي لما قد يكون رأيها بذلك .. كانت تشعر بأنها أفضل حالا لولا تعليقات نورة و دانة المستمرة منذ البارحة .. و أحاديث نايف المتحمسة عن سيارته و العاملين الذين أخذوا بعض الوقت في المجلس لإحداث ما لم تستطع فهمه ..!
الأحمق هل ينوي تحويل المجلس لغرفة خاصة له .. تبا .. وكأنما يتحدى رفضها بمد أصوله هنا ..!
أخفضت نظرها وهي تزفر بهدوء .. لم يبدو على اخوتها أدنى اعتراض على وجوده هنا ..
تذكرت بألم كيف تفاعلوا جميعا مع الخبر بارتياح .. و استعادت وجه أمها المضطرب القلق و هو يلين بابتسامة حين ضمتها لصدرها ..
كرهت هاجسا راح يؤرق احساسها .. هل هذا كله هو انعكاسٌ لبريق المال في أعينهم .. أم أنهم شعروا بالراحة لوجود رجل هو الأمان بالنسبة لهم ..؟!
رفعت عينها مع نهوض البنات بسرعة و دخولهن واحدة تلو الأخرى .. وانتبهت لوجود نايف هنا .. وهي تسأل عفرا قبل أن تختفي في الصالة ..
- وين ..؟؟
- ريلج بيي ..
اتسعت عيناها و هي تهمس بارتياع ..
- هاا ؟؟!!!!
نظرت لنايف و هي تجيب ..
- أخوج يقول انه يبا يسلم على أمايا و يشوفج .. بنلبس شيل صلاة و نيي ..
ثم اختفت .. تلفتت هي حولها برعب شديد .. الجدار الذي تستند عليه .. و حولها بطانية تلفها رغم الحر فبرودة ما يقشعر لها بدنها بفعل الحمى .. شعرها الأشعث ووجهها الشاحب .. كرهته في هذه اللحظة من قلبها .. ألم يجد وقتا أفضلا ليأتي .. شعرت بأنها قطة متسخة استوت هند جالسة و هي تحكم لف غطاءها و مزنة تجلس على جانب أمها التي راحت تعدل من وضع برقعها ..
رباه أين لها أن تختفي الآن .. أ ما من أرض تنشق لتبتلع احراجها هذا ..؟!
لا تريده أن يدخل إلى هنا .. ليجلس بينهم .. لا تريد أن يقتحم وجوده عائلتهم الصغيرة ..
.
.
.
كان نايف يمشي إلى جانبه حين طرق الباب الذي يصل ممر المجلس بالحوش بقوة و صوته الرجولي يرتفع منبها ..
- هووووووود .. هوووووود ..
سمع صوت فتاة واضح تأذن له بالدخول ..
- هدااا .. اقرررب ..
تجاوز الباب ليدخل الحوش الصغير ..
- السلام عليكم ..
كن الأربع يقفن احتراما لقدومه أول من سقط نظره عليها .. إمرأة لم يتبين ملامحها جيدا من خلف البرقع .. جسدها الضئيل جعلها أقرب لابنتها تلك .. رغم بروز بطنها الصغير .. لا يدري لما تذكر أمه نورة حين رآها .. شيء من الوجع يسكن زوايا عينيها المسالمتين مس قلبه و ذكره بها .. هذه أيضا توجعت على فقدها ..
أي حدود وصل وجعها يا ترى ..
حين رحل حاميها .. سندها .. تاركا لها هؤلاء اليتامى ..
و شيء من الحياة لا تزال تحتضنها داخلها لن ترى أبا لها ..
وعجز ..!
لا زال في قلبه من الانسانية ما دفع موجة الشفقة الهائلة في عروقه و هو يسمعها ترد سلامه الذي حتما استشفته من حركة شفاهه و هو يدنو .. و ترحب به بلهجتها المتكسرة بفعل إعاقتها السمعية ..
- واا عييكم الساام .. مااحبااا ماا حباا ..
لم يستطع سلخ عينه عن مقلتيها الدافئتين وزوايا عينيها تتجعدان بدفء واضح دل على ابتسامة أخفاها البرقع ..
- لمرحب باقي ..
سلم عليها بشيء من الاحترام كما اعتاد أن يفعل مع زوجة أبيه .. وهوى على رأسها الذي يقل طولا عنه يقبله باحترام .. رغم كل شيء .. هذه الغريبة هي زوجة عمّه .. و لها من الاحترام ما كان له ..
التفت للجانب الآخر .. حيث تقف زوجته في مكانها .. وجهها المرهق بدا أفضل مما كان عليه بالأمس .. وجبينها ينعقد في هدوء .. ونظرة الغيظ و العداء تلك جلية في عينيها .. لم يقاوم ابتسامته الساخرة التي تسللت لشفتيه وهو يرفع حاجبه متحديا ويقترب منها .. تحولت مشاعرها السلبية إلى ذعر اتضح على وجهها وهي تتراجع خطوة للوراء حتى تكاد تلتصق بالجدار .. فيما أحنى رأسه نحوها بعجرفة و يده تقبض على زندها كي لا تتحرك و هو يسلم عليها .. توترت أنفاسها بقوة و تسارعت .. و هي تشيح بوجهها مع ابتعاده قليلا لينظر للفتاة التي وقفت قرب أمها تراقبه بهدوء .. علم أنها هي من صاحت تأذن له بالدخول حين سألها ..
- منوه انتي ..؟
ردت بصوتها الهادئ .. وهي تعقد يديها بتماسك وحيادية لا تمتلكها أختها الكبرى ..!
- أنا هند بنت حمد ..
أومأ برأسه متأملا ..
- و النعم ..
- النعم بحالك .. ما عليك زود ..
استدار ليرى طفلة حلوة اتسعت عيناها بانبهار و هي تنظر له و اصبعها في فمها .. لا يدري لما اندفعت ابتسامة لطيفة تليّن صلابة وجهه .. حسنا أ ليس بيت عمه هذا زاخر بالمفاجآت .. يشعر بأنه يخوض تجربة جديدة مع التقاءه هؤلاء الأقرباء و تعرفهم .. سيكونون عائلته لسبعة أشهر قادمة .. !
- منوه هالحلوة .. ؟؟
أمسكت الطفلة ثوب أمها بشيء من الحذر و نايف يجيبه بسرعة ..
- هاي مزنة ختيه ..
هز رأسه لها دون أن يضيف شيئا و أمها تبتعد عن طريقه تدعوه باشارة أن يجلس مكانها .. و لكنه أشار بيده رفضا و هو يشير بخبث لحور .. التي بدا السخط على وجهها و هو يجلس لجانبها براحة قبل أن يقرب له نايف مخدة الاتكاء .. ليريح جسده عليها في جلسة أغاظتها للغاية .. يبدو مستمتعا بالأمر .. ! لا تدري لما استنكرت جسده الضخم بثوبه الفاخر وهو يجلس على سجادتهم البسيطة .. يشاركهم هذه الجلسة و يريح نصف جسده على تلك المخدة المربعة الثقيلة ..
راح يتبادل الأخبار مع أمها بطريقة ما رغم اخطاءه الا أنه كان يقوم بحركات اشارة عامة .. التفت اليها قبل أن تشيح بناظرها بسرعة ..
عليه اللعنة لا تريده أن يظن أنها تتأمله .. شعرت بنظراته تخترق بشرتها وهو يمعن النظر فيها بصمت .. شدت قبضتيها .. كان قريبا للغاية .. لا تفصله عنها سوى هذه المخدة التي وضعت بينهما ..تكاد تشعر بدفء جسده الكبير و هو يسألها بصوته العميق ..
- شحالج ..
لم ينطق اسمها .. شعرت بهدوء غريب يهبط على نفسها و هي تبتلع ريقها و تجيبه بخفوت ..
- الحمد الله ..
لا تريد النظر اليه أو التقاء عينيه .. وهو يعود ليسألها ..
- شوه تانسين اليوم ..؟
بللت شفتيها و هي ترد بضيق ..
- أحسن ..
تكره وجوده هنا .. تريده أن يرحل حالا .. راح يتبادل الكلمات مع هند ونايف .. ومزنة تتأمله بعينيها الواسعتين بفضول .. قبل أن تخرج المها من باب الصالة حاملة بين يديها صينية كبيرة وضع عليها ابريق الشاي ودلة القهوة .. و مرفقاتها .. تتبعها دانة و عفرا و نورة .. ليهب نايف واقفا و يلتقط من أخته الصينية و يضعها أرضا فيبدأ بالصب ..
جلسن الأربع بجانب أمهن الأيمن تباعا .. و مزنة و هند على الجنب الأيسر .. يقابلن غيث و حور التي كانت تخفض بصرها .. لا تدري لما تشعر بالاحراج يقتلها .. بامكانها سماع تعليقات نورة و دانة من الآن ..
تبا له .. إن الحوش يتسع بما يكفي ليبتعد عنها ..!
تمنت من قبلها بقوة أن يلتقط الفايروس من اقترابه ليسقط طريح الفراش حتى يموت ..
أوف .. هل نظرات الجميع مسلطة عليها أم يخيّل إليها ..؟! لن تتبين نظرات أخواتها أو تستشف احساسهن من خلف أغطيتهن .. لكن المها بدأت بتبادل الأخبار و السؤال عن الحال بحركات يدها و لهجتها المكسرة الرقيقة ..و غيث يبادلها الاجابة كما فعل للتو مع أمها .. ثم صوت عفرا العميق .. تتبعها نورة ثم دانة ..
- شحالك يا غيث ،،
- يسرج الحال يا بنت العم و من صوبج ،،
بعد أن انتهين من تبادل السؤال و المجاملة .. التفت لها بهدوء و بصوت خافت لم يسمعه سواها بعد أن التقط فنجان القهوة من يد نايف ..
- عرفي بخواتج ..
عضت شفتها السفلى بقوة .. لا تريد .. لا تريد ..
لا تريد أن يخترق تلك الحدود أكثر .. لما عليه أن يعرفهم واحدا واحدا ؟؟! ابتلعت غصة سدت حلقها و هي ترفع صوتها المبحوح فوق مستوى الهمس و تشير بيدها على كل واحد من البنات ..
- هاي المها بنت حمد تبيعتي .. و هاي عفرا لي أصغر منها .. و هاي نورة .. و هاي دانة ....
- و النعم ابهن ،،
- النعم بحالك ما عليك زود ..
.
.
كان مسترخيا للغاية .. سمة البساطة هي الطاغية هنا .. اسلوب معيشتهم المتقشف .. جلستهم .. تقاربهم ..
و حتى استقبالهم له .. لم تكن هناك ردة فعل مميزة ..
مجرد استقبال هادئ و كأنما اعتادوا رؤيته هنا .. نظر لها .. لا ترفع عينها عن الأرض .. و احمرار طفيف لا يفارق وجنتيها .. مغتاظة .. أو محرجة ..؟
ربما كان تأثير الحمى ..!
لا يهم .. صمم على الجلوس هنا حتى حلول الظلام ..!

* * * * *

توقفت عجلات الدراجتين تدريجيا .. و هي تنغرس في التراب الأحمر .. و أصوات البقية لا تزال تخترق سكون الليل محدثة ضجيجا مزعجا .. قفز الأول بسرعة يركض قبل أن يرمي الآخر حذاءه و يركض خلفه .. كان التراب يمنعهما من الركض بسرعة و خطواتهم تثقل كلما انغرست بقوة في الأرض .. كان ضحك الأول المتوزاصل يمنعه من الركض السريع ليتمكن الآخر من اللحاق به بسرعة و الامساك بثوبه من الخلف ليدفعه إلى الأمام بقوة فيسقط ذاك على بطنه دون أن يتوقف عن الضحك ..
- هههههههههههههههههههههههههههههه .. بااااااااس عنلااااااتك يا بو راس .. ذبحتني .. هزااااااع يا الدب ..
و لكن هزاع لم يكتفي بل وضع ثقل ركبته على ظهر أحمد و هو يقول ،،
- بتوووووووووووب يا حماااااااااااااااار ..
- ههههههههههههههههههههههههههههه و الله لعيدهااااااا .. هههههههههه ما شفت ويهك يوم انقلبت الدراجة .. ههههههه .. كلت تراااااب .. آآآآآه يا السابل نش غربلك الله كسرت ظهريه ..
صاح واحد من الجالسين حول النار وسط المخيّم ،، حيث كان الجميع يراقب عبث هؤلاء الاثنين بابتسامة ..
- أفااا يا بو شهاب .. ولد عمك حاط راسك في التراب ..
تظاهر أحمد بالثورة و هو يصيح وسط ضحكاته و ينقلب بسرعة ليسقط هزاع هو الآخر أرضا ..
- أناااااا ولد أبوووية .. ههههه ..
للحظات شعر هزاع بالتراب البارد يلامس وجهه .. فيستنشق ذرات منه وسط ضحكات أحمد .. لهب واقفا بسرعة يحاول اللحاق به مجددا ..
- لو فييييييك خير تعال سابق مرة ثانية دون غش .. بغيت تنفدنيه انته وحركاتك ..
وقف أحمد بعيدا عنه قليلا و هو ينظر له و يشير مهدئا ..
- خلاص يا الحبيب هدنة .. أحس ثميه كله اتراب ..
و راح يبصق أرضا .. ليستغل هزاع الفرصة راكضا نحوه مجددا .. تنحى أحمد جانبا بسرعة و هو يشير بيده .. فتوقف هزاع باهتمام ..
- هااه بتموت .. اكتب الفتك اليديد باسمي قبل لا تودع ابسرعة ..
ضحكات أحمد امتزجت بسعاله و هو يشير لهزاع الذي راح يضربه بشدة على ظهرك .. و أحمد يقول محتقنا ..
- حشى هب ايد عليك .. طابوقة ..! يا الخبل شافنيه غاص بلقمة تدحنيه .. صدق ما عندك سالفة ..
و راح يدلك ظهره الذي كاد ينكسر تحت وطأة ضربات هزاع الذي ابتسم بانتصار .. و هو يضع ذراعه حول كتف ابن عمه و هما يتوجهان نحو مجموعة الشبّان الذين تحلقوا حول نار المخيّم و هو يقول ضاحكا ..
- يا خي عيبتنيه السالفة شرايك صدق نشارك في السباق ..
سعل أحمد بخفة قبل أن يرفض ..
- لا يا ريال خلنا ع المواتر .. هاي هب شغلتنا و ما نعرفلها .. و بعدين هاييك معروفة و مضمونة .. طبها .. طبها ..
- شورك ..؟
- هيه يا ريال .. و بعدين الشي ان زاد عن حده انقلب ضده .. اخاف يصيدوناا الشياب و الا غيث .. و الا ليخلينيه براطاا .. ما تعرفه انته بالزور مخلينيه أيي هنيه ..
و صمت مع وصولهما للمجموعة لينخرطا في الأحاديث و هما يجلسان إلى جانب بعضهما البعض كالعادة ،، كانت الضحكات ترتفع و المزح الثقيل مباح ..و خلو البال .. و المتعة دارجة تحت جنح الظلام و الهدوء الذي لم يعد كذلك مع هذه الأصوات المتفرقة و الأحاديث ،، و محركات الدراجات القادمة من بعيد ..
- بو شهاب .. شوه هالشمخ لي في يبهتك .. رب ما شر ..؟
نظر هزاع بسرعة لوجه أحمد الذي يدا الجرح من ذاك الشجار باديا على جبينه .. نظر له أحمد ساخرا قبل أن ينظر لصاحب السؤال ..
- هذا هزاع بطيخة .. ما يعرف كيف يظهر موتره من كراج بيتهم ..! دعم بابهم و بغا يوديناا في داهية .. يا غير ربك ستر .. ما تشوفونيه يايبنه فموتريه .. معاد أثق فيه ..
ظربه هزاع بقوة على ظهره ،، و أحمد يضحك بخفة ..
نجح في ابتلاع ذاك الغضب الذي كان لا يزال يشعر به نحو هذه الحادثة ..!

* * * * *

- كانها عيبتج اليلسة بلا شغل .. ؟!
قالتها دانة بحاجب مرفوع و ابتسامة ممازحة و هي تحمل بيدها سلّة الغسيل .. تنظر لحور التي استلقت بهدوء و وضعت رأسها في حجر أمها ،، لترد بصوتها المبحوح رغم عافيتها التي استردتها ..
- جب يا ناكرة المعروف .. يوم تمرضين اتمين شهر طايحة و معفينج من الشغل .. و نعطيج بعد اسبوع مجانا .. و الحين حاسدتنيه ع هالاسبوع لي مرضت فيه .. صدق ما فيج خير ..
ابتسمت دانة بخبث ..
- انزين خلاص صحيتي و ما فيج الا العافية .. نشي خمي الحوش و الميلس .. و سيري شوفي حمام الميلس اذا نظيف .. تعرفين ولي أمرنا الحين موجود في البيت و نسعى لتقديم أفضل الخدمات ..
تنهدت حور و هي تشيح بوجهها ..
- هاي لي تبانيه أعطيها بوكس يخليها كباب .. دندن .. يوزي عنيه أخير لج ..
هزت دانة كتفيها تقول ببراءة ..
- و الله أنا عادي عنديه .. بسير أرتب الميلس .. بس شفتج أولى .. يمكن يكون هناك .. و الا يي بالصدفة .. و يشوفج تخدمينه .. و نظرة حب .. و كلمة حلوة و غمزة ..
احمر وجه حور بقوة و هي تجلس بسرعة باحثة عن شيء ما حولها لترميه عليها ..
- يا السبااااااااالة ،،
تحركت دانة بسرعة و هي تضحك لتختفي لثوانٍ في الغرفة قبل أن تخرج و نورة ترافقها .. و كلٍ منهما تحمل بيدها غطاء شعر كبير ،، عينا نورة تلمعان بحماس ..
- حور بتخاويناا ..
عقدت جبينها ..
- ع وين العزم ان شا الله ..
ردت دانة عنها ،،
بنسير نشوف الميلس .. كيف رتبه ولد عمج ..
تذكرت حور بأنه ليس هنا بالتأكيد فاليوم هو الخميس .. و قد أخذ نايف أخاها الخميس الماضي لبيت الجد لحضور غداء أفادهم نايف بأنهما سيحضرانه كل خميس .. و تلك عادة حيث يجتمعون رجال العائلة هناك .. لم يكن يعجبها تعلق أخاها السريع به .. دوما يتحدث معه .. دوم يجالسه .. أصبح ملتزما و مطيعا صحيح و لكنها لا تريد أن تعزي هذا الانضباط لذاك الدخيل .. رغم أنها لم تره بعد ذاك العصر إلا أن ثرثرة نايف و مزنة التي لا تتوقف تثبت أنه هنا .. يعيش بينهم .. يخترق حدود أمنهم ..
نفضت أفكارها .. دوما ترهقها هذه الدوامة .. و ما يمزقها و يشتتها أكثر هو شعور خائن بالطمأنينة لوجوده هنا .. رغم تلك المشاعر البشعة التي تسكنها كلما لاح وجهه في مخيلتها .. رغم نفورها ..
و رغم اسمه الذي يندرج تحت قائمة العدو في لائحتها .. إلا أن راحة خبيثة تتسرب في نفسها لوجوده هنا .. بعد موقف إخوتها الأخير مع ابن الجيران و انقطاع فاطمة عن القدوم هنا لمدة اسبوع ..
بدت على وشك تغيير رأيها في أمور شتى ..
- حووه حووور بتيين و الا ..؟!
رفعت حاجبها تقول باستنكار ..
- انتن ما وراكن دراسة ..؟ الامتحانات يوم الأحد ..
لوحت نورة بيدها ..
- قالو لج عفاري ..!! نحن ندرس .. بس نرحم الورق .. الله يغنينا عن أكلها ..! اختج لو بيدها سوتها مكبوس و كلتاا .. حتى ارقام الصفحات تصمها ..
ضحكت دانة و هي تصفق يد نورة ..
- حلوة مكبوس ..! تخيلي .. عيش أحياء ويا فيزيا مشوي و سلطة كيميا .. وعع ..
قالت نورة بنفاذ صبر ..
- بتيين ..؟؟!
لا يمكنها أن تنكر هذا الفضول .. قالت بشك ..
- شوفن عفاري و المها ..
غمزت نورة مازحة ..
- حتى عفاري بتاخذ بريك .. دقيقة بس ..
و اختفت في غرفتهن للحظة قبل أن تخرج و وراءها عفرا التي علا وجهها الاهتمام و الفضول ،، و المها التي ابتسمت بهدوء و هي تهز رأسها .. ضحكت حور بخفة ..
- ما عندج وقت ..!
- بسرعة زين بيي الحين .. بتيين ..؟
هبت حور واقفة ..
- هيه يا الله ،، وين البنوتات ..؟؟
- في حجرة أمايا يذاكرن .. دخيلج لا تخلينهن اين ويانا ..
- أسأل بس ..! - ثم التفتت لأمها تخبرها تؤشر بيدها و صوتها يرتفع بقوة - أماااااه بنسييييير ،، الميلس .. الميلس .. الحييييين بنرد ..
و هزت أمها رأسها مواقفة .. تحركن بسرعة متوجهات نحو المجلس و نورة تنظر لحور شزرا ..
- ما شا الله عليج .. يوم انج بهالنشاط ليش ما تستلمين شغلج مدام حور ..؟! و الا الحيوية ما تظهر الا فمواقف ..؟!
صرت حور أسنانها تلطم كتف أختها ..
- جب ..
وصلن لباب المجلس و دانة تتسائل ..
- مبند ..؟
دفعته نورة بسهولة و هي تدلف ..
- لا أصـ .... - و بترت عبارتها و هي تهشق بحماس - اللـــــــــــــــــه ..
رحن يدخلن المجلس الضيق تباعا .. الواحدة تلو الأخرى .. اتسعت عينا حور بصدمة .. لم يالمجلس واسعا أساسا .. و السرير المنفرد الضيق الذي وضعه و الطاولة البسيطة جعلت مساحته تتقلص .. و وجودهن هنا كان له فعل الازدحام و نورة تلتقط شيء من الملفات المكومة على الطاولة الرفيعة و هي تقول ..
- بنات تعالن شوفن .. ملفات .. شرات الأفلام .. اكيد عقود و توكيلات .. الله وناسة ..!
المها تعقد ذراعيها بهدوء تراقب المكان .. و حور تجيل بصرها في المجلس .. السرير الضيق الذي غطاه ذاك اللحاف الفاخر الوثير و قد بدا أنه أزيح بغير ترتيب .. لم يتناسب مع الجدران القديمة و لا السجاد المهترئ .. ثياب رجل عدة علّقت في أكياس مغسلة خلف الباب .. و عمامات مختلفة مكوية بعناية وضعت على أحد وسادات الاتكاء في المجلس .. هناك كتابين ألقيا على الطاولة باهمال إلى جانب الملفات المكدسة على الطاولة .. اقتربت المها من الطاولة بهدوء تلقي نظرة على الكتب و هي تمرر أصابعها على عنوانه البارز ( رأس المال ) و قد زيّن باسم الكاتب أسفله ( كارل ماركس ) ،، تقدمت حور من السرير بهدوء لتمد يدها و تزيح الغطاء المبعثر عن ذاك الطرف الأسود الذي كان يلمع قبل ان تشهق ..
- بنااااات كمبيوتر محموووووول ..!!!
اقتربن جميعا و دانة تضحك بقوة ..
- و الله انج مغبرة .. كمبيوتر محمول أونه ..! مامي .. هذا اسمه لاب توب ..
عقدت حور جبينها ..
- اللي هوو .. كل الطرق تؤدي إلى مكة ..
عفرا تطالعه بذهول ..
- الله شكله روعة ..! بطليه حور ..
هزت رأسها رفضا ..
- لا .. لا أخاف ..
أعادت الغطاء عليه و عيناها تعود لتأمل الغرفة .. كيف يتكيف مع العيش هنا .. بعد أن سبق له أن ترعرع في وسع ذاك القصر الذي رأته يوما ..؟!
شعرت بجو الغرفة خانقا فتقدمت للنافذة تفتحها .. ما انفعلت هذا حتى اتسعت عيناها بذعر و هي ترى نايف يقطع الممر إلى داخل البيت لتشهق و هي تصيح منبه بجنون ..
- بناااااااااااااااااااااااااااات .. الله يغرلللللللللللللكن .. رد .. رد ..
تجمدن جميعا لبرهة قبل أن يتحركن في مكانهن بسرعة مصدرات جلبة و هي تراه يقطع المسافة القصيرة بين سيارته و باب المجلس بخطوات واسعة .. ركضت نحو الباب بسرعة لتستند عليه بقوة .. كي تمنعه من الدخول حتى يتمكن أخواتها من التغطي .. قالت عفرا بخوف ..
- حور لحظة لا تبطلين ..
شعرت حور بمقبض الباب يتحرك للحظة .. تدفعه بقوة كي لا يتحرك .. و أخواتها يصطفن إلى جانب بعضهن البعض و قد تغطين بسرعة .. كان الباب يهتز من خلفها بقوة .. و هو يدفع .. تحركت قبل أن يرفس الباب ليلصقها بالجدار المقابل ..
ما ان تركت الباب حتى انفتح على وسعه .. تدفق نور الشمس راسما ظله الطويل داخل المجلس و هو يريح يده على الباب و جسده يميل بخفة للأمام .. حاجبه يرتفع بهدوء و ابتسامه ساخرة تعلو شفتيه ..
تردد صوته البارد في المجلس و هو ينظر للأربع اللواتي انون قرب الطاولة .. و حور التي وقفت قرب الباب لا ترفع عينها ..
- هلا و الله ..
شعرت حور بالاحمرار يزحف لخديها و هي تتمنى الموت في تلك اللحظة .. يداها المتقبضتين تتعرقان بشدة .. و هي تشعر بخفقات قلبها تتصاعد لحلقها .. ارتجفت و صوته الرجولي يعود ليقول بنبرة مستهزئة ..
- حيا الله بنات العم ..
همهمن البنات و هن يقتربن من بعض بكلمات لا تسمع ،، لستند هو بكتفه على إطار الباب و عيناه تجولان عليهن لتتوقف على حور التي بدت رغبتها في الاختباء تحت السرير واضحه و هي تضم طرف - الشيلة - لفمها .. و قد احمر وجهها بشدّة .. ليتابع بتلذذ و عينيه مسمرتين على حور ،،
- ما خبرتونيه بالزيارة و الا ما سرت ..
ردت عليه دانة بشجاعة و صوتها برتعش ..
- و الله يا ولد عميه هاي ما نعدها زيارة .. بس قلنا نشيّك ع المكان .. كانك محتاي ترتيب و الا تنظيف و الا معونة في شي ..و الا الزيارة مأجلينها لغير وقت ..
تعجب غيث من قوتها و هو يلتفت للمجلس الذي لا زال عل حاله كما تركه ..
- أهاا .. و خلصتن ..؟
- شوه ..؟
- قلتن بتشيّكن ..
- هاا ..؟! .. آآ هيه .. الحين بنسير ..
و دفعت نورة من كتفها ..
- نترخص .. نحن ..
تنحى للخلف مبتعدا عن الباب سامحا لهن بالتحرك بسرعة و ابتسامته الساخرة لا تفارق شفتيه .. تحركت نورة و المها و عفرا و دانة متوجهات للباب .. لتتبعهن حور أخيرا .. و ما إن تجاوزت الباب حتى شهقت بقوة حن التفت أصابعه الطويلة على رسغها .. ليسحب يدها بحزم و يعيدها إلى جانبه .. حتى اختفت آخر الفتيات في الباب المؤدي للحوش .. شعرت بقدميها لا تقويان على الوقوف و عيناها لا تفارقان الأرض .. تلك السخونة التي تجتاح وجهها بقوة ..راحت تحرر يدها بتوتر من قبضته و هي تنوي للركض حتى تلحق بأخواتها .. و لكن يبدو أنه يخطط لشيء آخر .. فأمسك بذقنها بقوة ليرفع وجهها نحوه .. يجبرها على النظر إليه .. ما ان اصطدم ناظريها بوجهه حتى شعرت بنبضات قلبها تتسارع بجنون .. و هي ترى ابتسامته التي ألانت قسوة وجهه ،، و عيناه الحادتين تلمعان بنظرة غريبة لم تفهمها .. قبل أن يحني رأسه و هي تحاول الابتعاد بشهقة ليطبع قبلة رقيقة على جبهتها ،، ما ان أحست بشفتيه تلامس جبينها .. حتى شعرت بالدوار .. أصبح رأسها خفيفا للغاية و أنفاسها تتقطع بقوة .. و هي تعجز عن لملمة شتات نفسها .. أغمضت عيناها بشدّة ..
تريد أن تختفي من الوجود الآن .. و اللهيب يكسو وجهها ..
تمسك يدها بقوة كي لا توجه له صفعة تعيد له صوابه .. راحت تجر يدها من قبضته بجنون و هي متأكدة بأنها ستقع الآن أرضا لا محالة ..
و لكنه جرّها من يدها بحزم لداخل المجلس يسيّرها و هي في غير وعيها .. ليجبرها أن تجلس على السرير الضيقة .. فتغطي وجهها بكفيها كي لا تفضح حرجها .. تحرك ليسند جسده المديد على الطاولة .. و نظراته تتسلط على حركتها تلك .. و هي تزيح بيدها و تشيح بوجهها بعيدا عن عينيه .. لا تريد أن تقابل نظره .. أتاها صوته يسألها بهدوء ،،
- شحالج حور ،،
مبعثرة ..!
كانت تلك اول مرة تسمعه يناديها بوعيها .. نطق اسمها بنعومة خطرة شلتها .. راحت تبحث جاهدة عن صوتها و هي تبتلع ريقها لتهمس قائلة ..
- بخير ..
.
.
شعر بالشفقة اتجاهها و هو يراقب أصابعها التي اشتدت حتى ابيضت مفاصلها و صدرها الذي راح يعلو و يهبط بجنون .. وجهها الذي كان محمرا بشدة ..!
بدا واضحا أن ما قام به قد أحرجها للغاية و هي تنظر للطرف الآخر من المكان .. لذلك تقدم بهدوء نحو السرير ليجلس إلى جانبها ،، ما ان فعل هذا حت قفزت بسرعة كالملدوغة .. و لكنه عاد يمسكها ليجبرها على الجلوس جانبه ..
أنفاسها تترد بجنون .. و هي لا تزال تشيح ببصرها .. خصلات سوداء تتمرد على حجابها المحكم .. ليتذكر أنه سبق و قد نهاها عن ارتداءه عنده .. لذلك مد يده لحرره ببساطة ،، فيما هي جامدة في مكانها لا تتحرك ،، جانب وجهها الصافي لا زال يثير عجبه .. بدت أصغر سنا مما هي عليه ..!
.
.
تكره .. تكره بشدة حين يفعل ذلك ..
حين ينتهك حدودا رسمت بدقة منذ عمرٍ مضى .. حين يجد سهولة في أخذ ما لا يحق له في نظرها ..
حين يتعامل معها بهذه الطريقة الغريبة .. لتتشتت أفكارها .. و تتبعثر نفسها ..
ما الذي جرى لها ..؟! لما تبدو مستسلمة و طائعة هكذا ..؟!
أين صدها و قوتها التي كانت تتباهى بها .. أ لأنها تعلم أن لا سبيل للتمرد عليه ،،
لماذا يبدو غريبا عنها أكثر من قبل مع رحيل تلك الواجهة الحجرية التي اعتادتها ..؟!
شعرت بشعرها ينزلق للأمام ،، تكاد تحس باحتراق المكان الذي تسلط عليه نظراته القوية .. و هو يأمرها بهدوء ..
- طالعينيه ..
لا تريد .. تبا له .. انه يربكها ..
ارتعشت يدها بخفة و هي تحاول السيطرة على نفسها .. ما الذي دهاها لتصبح بهذه الغرابة ..
أين تماسك نفسها .. ابتلعت ريقها بقوة .. و أنامله الطويلة تلامس خدها الذي تديره له ..و هو يقول بدفء ،،
- ليش خايفة .. ما آكل أنا ..
سحبت نفسا مرتجفا و هي تهمس و تنظر للأمام مباشرة .. هذا أفضل من الاشاحة بوجهها فيضنها خائفة منه .. و أفضل من مقابلة عينيه ..
- أنا هب خايفة ..
- و ليش ما تطالعينيه ..؟
رفعت عينها تتظاهر بالهدوء .. هل يرى ذاك النبض المجنون في عنقها يا ترى .. اللعنة .. لما بدا قريبا هكذا ..؟!
أخفضت بصرها و هي تتحرك بسرعة واقفة قبل أن يمسك بها مرة أخرى .. تقدمت نحو الباب و هي تقول بصوت خافت بسرعة ..
- انا لازم أسير و ...
قاطعها بهدوء ..
- ما تبين شيلتج ..
شهقة خفيفة مدركة تصدر منها و وجهها يحمر حين أردف و هو يسترخي و يقلب الشيلة بين يديه بأريحية ..
- وديه انها اتم عنديه .. لنها فيها ريحتج .. بس شوه بيقولن خواتج و أمج لو انتي حادرة عليهن من دون شيلة ...!!
تجمدت في مكانها و هو يهب واقفا ليتقدم نحوها .. تراجعت خطوة للخلف .. و هو يسألها بهدوء ،،
- شوه تانسين الحين عقب الحمى ؟!
و مد يده بالشيلة لها .. لتلتقطها بتوتر و تضمها لصدرها ..
- الحمد الله أحسن ..
لحظات صمت و هي تقف بلا حراك .. يمرر عينيه عليها متأملا ..
التقط خصلة من كانت تتدلى على جبينها .. ليدسها بخفة خلف أذنها المتوردة خجلا ..
- ما كنتي بتسيرين ..؟! و الا بتمسن يالسة ويايه ..
انتفضت بغتة قبل أن ترفع عينيها المتسعتين نحوه بضياع وو ثانية فقط قبل أن تستدير لتختفي خلف الباب ..
أيقن أنه أمعن في تشتيتها هذه المرة ..!
لذلك ألقى بجسده المديد على سريره الضيق الذي بالكاد يتسع له .. و هو ينظر للسقف .. بدت غايته أسهل الآن ..
اعتلت شفتيه ابتسامة بارده .. و هو يوئد شعورا مختلفا انبثق في داخله و عيناها الموشحتان بالضياع تطالعه قبل هروبها ..
هل عليها حقا أن تبدو بهذه البراءة .. ستقتله احساسا بالذنب قبل أن يقدم على الزواج بها ..!

* * * * *


غطاء رأسها على كتفيها ،، و شعرها المقصوص تتلاعب به نسائم الصيف الساخنة فتبعثره .. وجهها المتجهم المختفي خلف تلك النظارة الشمسية الكبيرة ،، لا يفضح شيئا مما يدور من داخلها ..
و هي تحمل حقيبة الظهر الرياضية التي تحوي كتبها .. متوجهه نحو الكافتيريا الخاص بالطالبات ..
ستنتظر هدى هناك لبعض الوقت .. فرغم ثرثرتها و ازعاجها .. الا أنها تضل رفيقة يمكنها أن تمضي الوقت معها بدل التجوال وحيدة ..
ما إن وصلت الكافتيريا حتى دفعت بابه الزجاجي لتغمرها موجة من الهواء البارد المنعش فتنتزع نظارتها و ترفعها على رأسها ،، و هي تقطع المقهى متجاهله بعض النظرات الفضولية التي تتوجه للباب كلما فتح ،،
صوت خشيش عباءتها الخشنة كان مسموعا لها .. و هي تتقدم بخطوات واسعة ساعدها ذاك الحذاء الرياضي الذي ترتديه .. ألقت حقيبتها على أحد الكراسي الخالية لتجلس على الطاولة بتعب .. كانت جائعة للغاية ،،
فهبت مجددا لتتوجه نحو الطاولة التي صفت عليها أصناف الأطعمة فتلتقط صحنا تضع فيه بعض المعكرونة الساخنة و تلتقط زجاجة مياه باردة .. ثم تدفع للمرأة خلف طاولة الدفع .. قبل أن تعود لطاولتها ..
تقلب الطعام بالملعقة بشرود .. و مئات الأفكار تختلط في ذهنها .. الضجة التي أحدثتها أمها حين قصّت شعرها ،، الخبر الذي أبلغتها به روضة عن بنات ذاك العم و أشهر قليلة قد تصل قدومهم إلى هنا ..
و تلك الحبيبة .. الغادرة ..
شعرت بغصة تتضخم في حلقها لتعيد الشوكة إلى مكانها .. و هي تسحب نفسا عميقا حين شعرت بالدموع تندفع لعينها مجددا .. لن تبكي .. الخائنة لا تستحق الدموع حتى .. هي أقوى من أن تتحطم لأجلها .. ستواصل حياتها ..
عادت تملأ شوكتها مجددا بالمعكرونة لتدفع الطعام دفعا لحلقها و هي تبتلعه بقوة .. قبل ان يفتح باب الكافيتيريا بقوة لترتفع العيون نحو من وقفت خلفه ،،
تلك الوقفة اللامبالية الرجولية ،، و تلك العباءة المفتوحة تظهر ساقيها في بنطالها الواسع المتباعدتين غطاء الشعر على الكتفين و نظّاراتها المعلقة على أذنيها و تتدلى تحت ذقنها في حركة استعراضية و أنفها يشمخ في الهواء و هي تدير عينيها في الموجودين و كأنما تبحث عن أحد ما ..ما ان وقعت عيناها على ضالتها حتى تقدمت بمشيتها العسكرية .. تتبعها الفتاتين اللواتي رافقنها .. لا تكترث ببعض الأعين التي تنظر لها باشمئزاز .. و هزات الرأس .. و التجاهل من الأخرى ،،
كانت هي قد أعادت بصرها فور رؤيتها لها لطبق المعكرونة دون أن تهتم لها .. شعرت بقدومها نحوها حين رفست كرسيا وقف في طريقها تنحيه جانبا ..و شيخة ترفع الشوكة لفمها .. فتتوقف قبل أن تضعها في فمها حين التقطت تلك الكرسي المقابل لها و تقلبه فتجلس عليه و هي تريح ذراعيها على ظهر المقعد و تنظر لوجه شيخة بوقاحه .. قبل أن تلقي الأخيرة نظرة باردة و هي تدس الشوكة في فمها و تمضغ اللقمة دون مبالاة بوجود تلك الذي جذب الأنظار لهذه الطاولة .. الفتاتان المرافقتان لتلك لازلن يقفن عند رأسها قبل أن تقول بصوتها الغليظ و هي تميل برأسها لجانب واحد ..
- علومج الشيخة ..
وضعت شيخة الشوكة على طرف الصحن و هي تعود للوراء في مقعدها ..
- خير ..؟
رفعت تلك حاجبها بابتسامة قذرة و عيناها تتحركان على شيخة نزول و صعودا ..
- كل خير حبي ،، أبا أشوفج الليلة .. عـ ..
قاطعتها شيخة و هي تترك صحنا و تلتقط حقيبتها لترميها على كتفها ..
- آم سوري حمدة ..
قالت تلك بشراسة ..
- حمدان ..
- What ever .. عنديه كويز باكر ..
- عقب باكر .. ؟
أدارت لها شيخة ظهرها و هي تترك الطاولة ..
- أفكر ..
و لوحت بيدها تاركة المكان بثقة ..
لتسلط حمدة .. أو حمدان .. أيا يكن .. نظراتها على الطاولة بتصميم .. و هي تهس بصوت كالفحيح ..
- و الله ما ييب راسج غيري .. و الا ما كون حمدان ..

* * * * *

زارا 20-04-08 02:31 PM

خطوتين من العيااار الثقيييل.. لااا تخلونها من ردودكم الرراائعه..

فراشة الوادي 20-04-08 11:22 PM

مساء الخير زارا

ريما .. تصدقي على قد ما قرأت قصص اماراتية إلا انو هاي المرة الأولى اللي اعلق على قصة اماراتية

ملاحظة :: التعليق بيكون على احداث الخطوة الأولى إلى أحداث الخطوة السادسة
يعني اي كلام هنا ولا هنا لا تحطي بالك عليه يا زارا ... كل الأفكار ممكن تتغير يا حلوة

على بركة الله نبدأ


::حــور::
البنت الكبرى بين سبعة بنات و ولد و أم مريضة و أب ما يكون موجود بالبيت الا عشان يستعد لدوام اليوم اللي بعده
يعني بالمختصر ... بنت اتعودت على حمل المسؤولية منذ الصغر وهالشي اعطاها شوي صرامة في التعامل تظهرها للبنات وقت اللزوم
رغم وجود الأخوة بالرضاعة ... الا انو حمل البيت كل جاي على راسها و خصوصا بعد وفات الأب .. بيصير الحمل مضاعف
مدري ... اذا بيجي اليوم اللي اهل الأب بيحسو شوي على دمهم و يشيلو هالحمل
ما اقصد شيل الحمل لمجرد تأدية الواجب و انما شيل الحمل لأنو هاي رغبيتهم و بيعملو بطيب خاطر

علاقتك مع غيث .. يسودها الخوف و الرهبة بالرغم من انك تملكي من القوة الكثير الا انو شخصية غيث تجهض هالقوة ... هل بيجي اليوم اللي بتكون العلاقة بينكم عبارة عن ود وا حترام و تفاهم و يتحول العدو و الدخيل إلى صديق و زوج و شريك في الحياة و الأهم من ذلك إلى حبيب

كلمة اخيرة بحقك يا حور ... بغض النظر عن معنى حور انتي روح بيت ابو نايف


:: غـــــــيث::
شوف يا استاذ غيث مشاعري نحوك حيادية واقدر اقول انها تميل للكره اكثر من الاعجاب
هو مو كره لشخصك و انما كره لتصرفاتك

غيث ... التربية حولته الى رجل صارم قاسي له هيبته ...الغاية عنده تبرر الوسيلة و هاي صفات اغلب رجال الأعمال الناجحين
وهالشي انعكس على تعامله مع اهله ... فصار شعور الاحترام و الخوف يسبق شور المحبة
والبعض يشوف هالصفات موجبة للكره و الغيرة من شخص غيث

لكن من ناحية ثانية ... كل هالصفات تتحول و تنلجم بين ذراع جدته
ويكون غيث الحنون ... غيث المحب ... غيث الملبي لطلبات جدته ولو كانت تخالف رغبته و ارادته

بالنسبة لتصرفاتك مع حــــــــور
انا ماراح اسئل عن خطبتك و ملكتك و السنة اللي ما شفتها فيها لأن هالكلام كلو بالنسبة لك كلام ورق ليس له علاقة بالواقع
وما اتحول لواقع عندك الا لما طلبت جدتك تشوف بنت الابن الغائب بالاضافة لوفاة العم المجهول الهوية

تعرف اتوقعت شو ... اتوقعت انو قلبك يحن على حال هاليتيمة و هاليتامى
كنت منتظرة اشوف هالاحساس مستمر و بيحرك فيك الخوف على عرضك و بنات و اولاد عمك
ما كنت منتظرة اشوف رجل الأعمال فيك ينتصر على ابن العم و الزوج


::عفـرا::
مدي رجلك على قد لحافك .... مثال يصف حالكم يا عفرا
مممم ماراح اقول انو حرام تتخلي عن حلمك و الجامعة و هالخرابيط كلها
لأنو الواحد لازم يحلم على حسب الواقع اللي يعيشه ... وانتي شايفة انو ظروفكم ما تسمحلك انك تكملي دراستك ... نشوف شو بيكون المستقبل


:: نورا و دانة::
عليكم هبال مو صاحي انتي وياها


::المهــــــــا::
الزين ما يكمل يا ليتني وهاذي حال مها


::نـــــايف::
نايف اقدر اقول انو بالاضافة للعادات و التربية اللي اكتسبها في حياة ابوه
الا انو يوم وفاته اقدر اقول كبر و صار رجال يشيل هم عائلته و في نفس الوقت صغر حيل من كبر الألم
يمكن موت الوالد يخليه يسلك احد هالطريقين
1/ يا انه يتمرد على امه و أخواته و يصيع و يصادق اصحاب السوء لأنه اللي كان يعلمه الصح من الخطأ راح عند رب العباد
2/ او انه يصير رجال بين ليلة و ضحاها و يعتبر نفسه رجل البيت و المسؤول عن امه و اخواته
بس هالطريقين يحددهم اذا كان فيه احد فاهم و واعي يرشده و اتصور انه هالشي بيد غيث


::ام نايف::
الصدق ... انو كان عندي نفس احساس حور لما سمعت انو ام نايف حامل ... بس مو بسبب العمر او الناس
تقدري تقولي انو بسبب الوضع المادي اللي هم عايشين فيه و هاي ظاهرة منشرة كثير بالوطن العربي
بس هادي ارادة الله انها تحمل


::ابو نايف::
آخ ... مدري ايش اللي صار بينك و بين اهلك و خلتك تكون الابن المنفي المستبعد
لكن مهما كان السبب و مهما كان اصلك و فصلك الا اني اكن كل الاحترام لشخصك يا ابو نايف
تعبت و كديت و اشتغلت حتى نال التعب منك و اخذ الله امانته
انت ربيت بنات يرفعو الراس و ولد ان شاء الله بيكون خير خلف لخير سلف
على الرغم من القسوة و الرهبة اللي كانو يحسوها اتجاهك الا انو كل بناتك و نايف يكنو لك الحب و الاحترام

::كلمة في حق عائلة ابو نايف::
يحق لكم ترفعو راسكم بين الناس و تقولو انو ابو نايف ابوكم
الب اللي رباكم و علمكم من المال الحلال و ما بخل عليكم بشي
و الأكثر من كده ... رباكم حتى تكونو عيلة متماسكة مترابطة كل فرد يكن الاحترام للآخر و ان شاء الله ما يجي اليوم اللي تتفرقوا فيه


::شيخة::
ما اقول الا الله يهدي بنات المسلمين
يختي اللي بيته من زجاج ما يحذف الناس بالحجر


::عوشـــة::
يختي احشمي عمرك ... الريال معرس
مدري ليه احس انو بيكون وراك قصة و بتسببي المشاكل لنفسك قبل ما يكون لغيرك


::روضـــة::
فيه ناس كده تحزن لوفاة انسان فما بالك لو كان هالانسان عمها حتى لو ما عرفت عنه شي
موقف رفعك في عيني يا روضة


::فهد .. هزاع .. احمد .. سيف .. اعمام و ابو غيث::
شخصيات انتظر بروز تأثيرهم على احداث القصة


::الجـــدة::
ياريت تحاول اللحين تتقربي من اهل حمد الله يرحمه و تحاولي تعوضي ولو شوي من اللي راح


::الجـــد::
اتمنى اعرف شو سالفتك بالضبط
شو اللي بتخططله لحور و لغيث
هل بيجي اليوم اللي اشوفك فيه تحن على عيلة حمد الله يرحمه


اقتباس:

يا بوي وينك ..؟؟
صرخة ضاعت بين ونات المواجع ،،
يا بوي وينك ..؟؟
هذي صيحة ما سمعت لها مجيب ..
راح صوتي ..
وين انته يا الحبيب ..؟؟
غاب صوتي عن شعورك ..؟ و إلا سامع ..؟؟
شوف لي عبرة تكابر .. ما تطاوع ..
شوف حالي يوم سمعته هالخبر .. كله كئيب ..
شوف لي شوقٍ ذبحني ..
يرجي حنانك .. قسوتك ..
يرجي ملامح بسمتك ،،
ينتظر منك وجودٍ .. يطفي وسطه هاللهيب ..
ليه عزمت الموادع ..
صار بَعدكْ كل هذا الكون يسعى للمغيب ..
هذي دنيا يغشى ضيّها لون السوادي ،،
هذا يوم أصبح لحاله رمادي ..
وين ألوان الشوارع ..؟!
ليه تغرق عيني عبرة .. يا تكابر ..
أو على خدي سكيب ..؟؟
من يكفكف هالمدامع ..؟؟
وين راعي هالأصابع ..؟
ليه كني بعد يومه .. منحبس و الا غريب ..!!

لساني ينطق بنفس الكلام


سلمت يمناك ليتني غريبة :flowers2:

ومشكورة يا ريما على النقل

زارا 21-04-08 12:03 AM

فرااشه الوادي..

مسااء النوور والاحسااس والطيبه .. مرحباا ملااااييين وماايسدن.. وهـ بس.. هذاا التحليل اللي يووسع القلب والخااطر...

فرااشه صدقيني البااقي احلى وامتع وارووع. وكل مالها الخطوات بتكوون مكاان اقاامة داائمه لكم.. صدقوني هناا بيكوون لكم توااجد مستحييييييييييييييييل تملوون منه...

فرااشه .. اشكر لتس مرروورتس الملئ بالابدااع .. كووني هناا داائمااا..

لا خلا ولا عدم 21-04-08 09:41 PM

سلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام












وسعووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووا






وسعووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووا











درررررررررررررررررررررررررررررررب







دررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررب


انا جيييييييييييييييييييييييييييييييييييييت ^_*



زويرة............. هذا انا جييييييييييييييت بعد ماقريت الخطوتين الرائعتيييييييييين....

احلىىىىىىىىى شي فيهم واللي ابد ما توقعته ......... ان غيييييييييييث ينتقل ويعيش عند عايلة بو ناااايف حتى تخلص امها عدهتها......... بجد اول ما قريت انه بينتقل على طوووول فرحت وحسيت ان الاكشنات بجد راح تبدى خخخخخ.....

حووووووووور........ صعب صعب صعب... بنت تقدر تدبر حياتها لوحدها كيف لو كانت مسؤولة عن عايلة كبيرة مثل عايلة بو نايف...!!!!! بجد اتوقع مرضها ارهاق نفسي وعاطفي اكثر من انه جسدي...... اجتمعوا مع بعض دلالة على وصول حالتها لليأس وقرب الانفجار..... عنادها راح يتعبها كثير مع غيث.... والله اني جلست اتخيلها وهي مستحية منه خخخخخخ بجد رحمتها خخخخ دخل عليها فجأة بحياتها وفي ظروووف صعبة بس احس هذي الظروف لمصلحة غييييث اكثر من انها لمصلحة حور( اقصد من ناحية العوطف اكثر..) يمكن لانها ضعيفة في هذا الوقت واحس انها بتتأثر فيه كثر حتى ولو هي تعانده... يظل البنت تحب احد ترمي عليه همومها... خاصة واحنا نشوف انها كل يوم تواجه مشكله اكبر من الثانية... سواء نايف اللي توقعت تمرده لانه يمر بمرحلة صعبة ومحتاجة رجال كبير فيها... والا عفرا الا تفكر تهدم مستقبلها... والا سالم ( يعله المووت خخخ) اللي رجع لحركاته بعد ما صاروا بنات من غير ظهر..



غييييييييييييييييث....... مدري ليه بديت احس انه اناني لابعد حد...... وش الاتفاق ذا اللي ماهمه فيه الا الشركة؟؟!! يعني عادي يلعب بحياة البنت بس عشان يحقق طموحه!!!! هو انا ما اكذب انه لما فكر ينتقل عندهم .. حسيت بشهامته وانه رجال المواقف الصعبة!!! بس لما قريت الحوار اللي بينه وبين جده... فعلا حقد عليه لحظتها... بس باقي ما اريد استعجل بالحكم عليه... يمكن فيه اسباب فضلت الكاتبة انها تخفيها مبدأيا لصالح القصة وحبكتها.... ننتظر ونشوف وش اخر تخطيطات غيث؟؟؟؟؟ بس وربي لو انه يظلم حووور يا اني بكرهه كره .... واحتمال اكرهش معه زويرة خخخخخخخخخخ ^_*


عفرا.......... بنت عيشي حياتش وخلي بكره لربش يدبرها.... حلو الواحد يضحي لاجل عايلته بس قبل لازم يعرف وشهو القرار الصح.... والعلم وين ماكان اذا مانفع مستحيل يضر.....

دانة ونورة .....
خخخخخخخخخخ وربي انهم ملح الرواية.... بس احس دانة جريئة اكثر من نورة.... حتى دليل دخلتهم للمجلس بعد ما انتقل له غييييث .. هي اللي ردت على غيث لما مسكهم بالجرم المشهود خخخخخخخخ
انتظر مغامراتهم على احر من الجمر ^_*

نايف........فعلا توقعت هذا التمرد اللي مر فيه بعد وفاة ابوه.... غالبا الولد في هذا العمر تنفتح عيونه على حياة ثانية وتلزم وقوف رجال كبير وحازم معه في ذي لفترة... واكيد حور بسبب الازمات اللي مروا فيهم ماعرفت كيف تتعامل معه في البداية.... بس جيت غيييث عندهم راح تكون لها اثر كبير من هذي الناحية بالذات..... انتظر البقية بحرارة ^_^

هزاع واحمد.... لازلت خايفة عليهم من سباقاتهم هذي اللي مدري وش يحببهم فيها..... واتمنى فعلا علاقتهم تظل زي ماهي ما يغير عليهم شي......

سيف...... واااااااااااااااااو خطب روضه ^_* والله انها بنت طيوبة وربي يسعدك معها..... بس والله كنت اتوقعك لعفرا خخخخ مدري ليش بس من البداية قلت ان خيالي شطح كثير خخخخخ

الجد.........
لا فات الفوت ماينفع الصووت.... الحين حسيت ان كبيرائك وغرورك مانفعوك.!!؟؟؟ بس وش اقووول غير اللله يسامحك...... واللله ودي اعرف وش سالفتك انته ووبو نايف الله يرحمه؟؟؟ اخاف على سالفة زواجه من ام نايف؟؟؟؟ اكيد انها بنت ناس فقارى مو قد المستوى... وانها من ذوي الاحتياجات الخاصة.. ننتظر ونشوف وش السبب بالضبط ^_*

الجدة........ صح انش فقدي ضناش واحترق قلبش.... ما اقوول غير اللله يصبرش على مابلاش..... والعوض في ولده اللي فالطريق ان شاء اللله....

شيخة...... اللله يعين.... احس انها راح تطيح في بلاوي كثيرة.... وش سبب خوفها من غييييث لذي الدرجة!! هل لانها تعرف انه صح وهي غلط؟؟؟ مدري ليش احس اني مو فاهمة هذي الشخصية بالمرة.....


روضة..... مبرووووك...... _( ماعرف ليش البنات ماخذين فكرة غلط عن الشاب الملتزم!!! واللله انهم خفيفين دم وحنونيني وحبوبين كثيييييييييييييييير) اللله يوفقش يارب وتوافقين ويصير العرس قريب خخخخ

ام حامد...... باين انها مرة طيبة .... ومو زوجة الاب اللي اغلب الناس حاطة عليهم اكس كبيرة ^_*
والدليل انها تحب غيث وتتمنى لو انه ولدها.. او هي مربيته هذا اللي حسيت فيه من كلامها...

امممممم؟؟؟؟؟؟


عوشة
.......... اعوذ بالله منش بنت... الرجال راح بحال سبيله ولا عطاش اهتمام وانتي مغير ترخصين بحالش وتركضين ورى اوهام.... يا بنت استهدي بالله وخافي ربش.... والله هذا حال كثير من البنات... يبنون سعادتهم على خراب بيوت غيرهم.... اللله يهديش يارب



مين بعد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

واللله هذا اللي جا ببالي الحي .........

عسى بس بردت خاطرش يالغلا بالرد.....^_*


كلمة اخيرة.......

وربي ان اسلوووب الكاتبة شدني كثيييييييير...... من وصفها للمواقف وربي احس اني اعيشها بجد.. واني وحدة من الشخصيات اللي تصير معها ذي الاحداث......... جد اسلوب سلس وراقي.... وفيه من الواقعية الشي الكثييييير..... شرحها لكل ما يختلج في صدور الشخصيات... وطرحها لمشاكل تمر بها مجتمعاتنا يوميا..... يعني احس فعلا اني اعيشها لحظة بلحظة.... والدليل انها ترجعني بالذاكرة لكثير اشياء مرة بحياتي شخصيا... من موت الوالد( الله يرحمه ويجعل قبره روضه من رياض الجنة ويرزقه الفردوس الاعلى ) لمشكلة نايف الللي حسيت اني عشتها مع اخوي الصغير في البداية.... لمشكلة شيخة اللي اشوف اغلب المدارس تعاني من هذي الظاهرة.... لنظرية اغلبية البنات للشباب الملتزمين..... لتهور كثير من الشباب في سالفة السباقات اللي كثير من شبابنا راح ضحيتها..... يعني بجد..... حسيت انها قصة تجبرنا نقف عندها ونقرى الموقف الواحد مرارا وتكرارا لما فيه من تصوير لاغلب مشاعرنا ..........

اهنيش زويرة على النقل مرة ثانية.... واهني الكاتبة على الابداع الرائع......


الساعة الآن 03:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية