منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207877.html)

Rehana 17-01-21 06:15 PM

رد: 137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد
 
-هذا جيد. (قال لها بإيجاز مشيراً إلى أنها تحسن عملها).
أحست بالفخر والابتهاج لأنها اكتسبت اطراءه، فنظرت إليه بسرعة، وبدا بارداً صافياً كالبحر في يوم لا غيوم فيه. عيناه ضاقتا عندما التقتا عينيها وكتفيه اهتزتا قليلاً قبل أن يستدير نازلاً إلى الأسفل.
عندما عاد كانت الجزيرة قد ابتعدت عن الأنظار في حين قفزت أعشاب خضراء وانخفضت فوق المياه اللامعة بفعل نور الشمس، وبدأت جزر اخرى تظهر ببطء عن بعد، تلمع كالدرة الموضوعة فوق الذهب تجاه السماء الزرقاء.
كان يحمل قطعة من دقيق الحبوب المطبوخ بالحليب في يد وكوباً من القهوة في الأخرى. قال لها:
- هذا كل ما ستحصلين عليه من غذاء اليوم ... خذيه ، وسأتولى الدفة الآن.
كان اليخت يتأرجح بشكل غير مريح، ورذاذ الماء يندفع بفعل الريح لاسعاً كتفيها، تناولت منه الكوب والقطعة ثم اختارت مقعداً جلست عليه وراحت للطم القطعة وتشرب القهوة الساخنة وهي تشعر بعدم الراحة.
-كيف حال الجرح في رأسك؟ (سألته).
- لقد توقف النزف وبدا الجرح يشفى، سارفع الشراع لذلك سأدير رأس المركب إلى الريح ثانية، اقترح عليك ارتداء الجينز الذي كنت ترتدينه مع القميص. إنهما في مقصورتك. خذي معك كوبك قبل أن يقع فينكسر.
نزلت ليديا لتضع الكوب في المغسلة ,في المقصورة كانت أصوات حركة المركب أكثر وضوحاً، وهذا لم يعجبها ,ولكنها بحاجة لتغسل يديها ووجهها وتمشط شعرها. فالتقطت الجينز والقميص ودخلت الحمام ثم اقفلت الباب وراءها.
ما ابعد هذا الصباح عن صباح الأمس! بالأمس لأنها احست بالتجهم وحب التحدي رفضت ارتداء ملابس كليف، أما اليوم تحس بالغبطة لارتداء الثياب ذاتها بدل ثيابها المتجعدة واليابسة من جراء الملح.
بالامس كانت مصممة على رفض القيام بأي شيء قد يطلبه منها ... أنا اليوم فهي على استعداد لإطاعة الأوامر التي يطلقها دون اعتراض، بالأمس كرهته لما فعله بها على الجزيرة ... أما اليوم ... ؟ نظرت إلى السخرية المطلة من انعكاس عينيها في المرآة وإلى فمها العريض المليء الشفتين الذي كان يسخر منها ايضاً ,وكأنما ليدي الطفلة تضحك سراً على المرأه الرومانسية الرقيقة القلب التي اسمها ليديا.
صاحت ليديا عالياً وهي تنظر إلى صورة ليدي الساخرة :
- اوه ... اخرسي .
تم فتحت باب الحمام نحو الغرفة وخرجت. لاحظت أن صوت المحرك قد توقف، وان اليخت يتحرك من جانب إلى جانب، والماء يضج ويتهامس على جانبيه وهو يندفع عبر الأمواج كما لاحظت بضع سترات صفراء مضادة للماء معلقة مقابل باب الحمام ... فتناولت إحداها وارتدتها ثم صعدت إلى غرفة القيادة حيث جلست على أحد المقاعد.

Rehana 17-01-21 06:18 PM

رد: 137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد
 
لمعت الأشرعة المشعة بنور الشمس أمام الريح، فلقد التقط الطير الأبيض، الريح في اشرعته ثم راح يمخر عباب المياه الزرقاء المتطاير رذاذها بنقاط لاذعة، ثم اصطدمت الأمواج المزبدة ببعضها وكأنها تتسابق للحاق بمؤخرة اليخت. الهواء الساخن ونور الشمس الساطع، والسماء الصافية، والماء المتراقص أشعرتها بالبهجة العامرة وبالسعادة لوجودها هنا، في أحضان البحر في صباح جميل كهذا.
التفتت إلى كليف لتشاركه مشاعرها فنسيت ضرورة أن تبقى بعيدة عنه. كانت يداه على الدفة، ساقاه منفرجتين ليثبت نفسه من تأرجح اليخت، رأسه مرفوع إلى الوراء يراقب انتفاخ الشراع الرئيسي ... كان مستغرقاً تماماً بما يفعله غير مهتم بها مطلقاً.
ثم لم تشعر إلا بشيء واحد حاد، إنها مستاءة لأنه يتجاهلها. اخدت تتساءل بقلق كيف لها أن تلفت انتباهه لكنها لم تلبث إلا أن وبخت نفسها على هذه المشاعر ... ماذا حل بها هذا الصباح؟ هل بدأت تقع في حبه؟
يا إلهي ... لا ! وقفت على قدميها ناسية التحركات المتأرجحة لليخت. ففقدت توازنها، ووقعت على كليف.
صاح بها بغضب :
- ماذا تفعلين بحق الله؟
بذل جهد، ليدير الدفة من جديد. فردت عليه وهي تدفع نفسها بعيداً عنه، إلى حيث كانت، لكنها وقعت من جديد إلى الوراء، فسمعت صوت تحطم واصطدام. فصرخت وهي تنظر إلى ما حولها:
- ماذا جرى!.
- إننا ننحرف.
قفز عبر غرفة القيادة ليحل الحبل الذي يمسك بالشراع الرئيسي، ثم عاد إلى الدفة وادارها بسرعة، فاصطدمت قاعده الشراع الرئيسي بالصاري، فانتفخ الشراع الرئيسي مرة أخرى وقفز المركب إلى الأمام.
قال كليف بلهجة آمرة باردة:
- اذهبي واجذبي قطعة قماش الشراع المساعد فوق الأكرة من الجهة الأخرى.
تقدمت إلى حبل ملتف على أكرة في الجانب الآخر من غرفة القيادة حيث أشار إليها. كان الوصول إلى هناك يشبه صعود ونزول تلة لكنها قبل أن تصل اندفعت بعنف إلى الأمام بسبب تمايل اليخت بقوة، فوقفت من جديد مصطدمة بحافة الغرفة القاسية فرضرضت ركبتاها وضلوعها وذراعها ... ثم سعت حثي وجدت حبل الشراع متراقصاً كالأفعي عند جانب السطح بعد أن انفلت من مكانه ، يتجاذبه الشراع الفارغ من الهواء . فربطته حول الأكرة وجذبته.

Rehana 17-01-21 06:21 PM

رد: 137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد
 
وقال كليف بعد قليل:
-هذا يكفي ، و عندما يكون المركب مبحرأ والريح قوية ، يصبح غير مستقر، فإذا اضطررت للتحرك تأكدي من إمساك شيء ثابت، عندها لن تقعي ... إن انحراف كهذا الذي تعرضت إليه منذ قليل يكون عادة خطراً.
لم ترد ليديا، بل استمرت تنظر إلى البحر والدموع تنهمر ألماً. ويدث الجزر المتجه اليخت نحوها مثل شطحات فوق لوحة رسمها ولد صغير، لكنها لم تلبث أن غدا لونها أصفر وأخضر ثابتاً ... لا يستطيع الإنسان تمييز أي شيء وسط دموع منهمرة .
سمعله يسألها فجأة وبحدة:
- ما بك؟
-لا شيء.
- هل تبكين من لا شيء عادة؟
-لست أبكي.
- ربما ندمت على مشاركك إياي النوم ليلة أمس.
التفتت إليه فرأته يحدق إليها، ثم قال ساخراً:
-لست تبكين هه ؟ ماذا على وجهك؟ رذاذ ماء ؟.
تجاهلت لذع لسانه وقالت له وهي تمسح خديها بظاهر يدها:
- ظننتك لا تذكر شيئاً عن ليلة أمس.
-لم أذكر عندما استيقظت , ولكن كان لدي شعور بأنك كنت معي طوال الليل , هل هذا صحيح؟ .
- أجل.
- هل هذا يعني أنك ستكونين البديلة عن شقيقتك؟
عاد إلى مراقبة الشراع وهو يتحدث وأثناء انشغاله في عمله أخذت تدرس ملامح وجهه باهتمام جديد غريب. إن كتفيه خلف الدفة تبدوان قويتين رشيقتين، ويديه العريضتين السمراوين تلتويان بعفوية، ومع ذلك فهما مستعدتان للتوتر والعمل بسرعة عند أي طارئ، هناك نشاط قاس ومرن فيه, قوة جسدية فائقة في كل جسده، وقساوة في خطوط وعظام وجهه العريض .. أما السيطرة على النفس فتبدو جلية في استدارة شفتيه المشدودتين واما عيناه البارقتان بإرادة عابثة فتتصارعان مع تلك السيطرة على النفس , إن لهذا الشاب رأساً عنيداً يحكم قلبه، ومع ذلك أحياناً تخونه تلك القدرة العاملة المختبئة التي تشبه تهورها الداخلي النابع مباشرة من القلب، كما حدث ليلة امس عندما خدرها بكلامه.
- لا ... فأنا لم أنم معك بإرادتي.
- إذن لماذا بقيت معي طوال الليل؟.
اشاحت بنظرها عن نظرته الحادة:
- أنا ... آه ... لم تتركني ابتعد، وأنا لم أرغب في مقاومتك وانت ضعيف بشكل واضح، لا تحسبن أن مشاركتي إياك مقعد النوم نفسه يعني انني سأشاركك إياه ثانية .
- إذن عليّ أن أشار كك مقعدك؟ !.
فردت عليه بحده:
- أنت سادي!.
تلاشت السخرية من وجهه وأصبحت عيناه كالبلور لكنهما لم تلبثا أن ارتفعتا إلى الشراع.
- لمدا دعوتني بهذا الاسم ؟

Rehana 17-01-21 06:22 PM

رد: 137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد
 
- لأنك مثل ذلك المركيز الفرنسي الذي يحب تعذيب أية امراة تقع تحت يده ... وانت كما يبدو تتمتع بتعذيبي ...
-كل ما فعلته أني اعطيتك بديلاً عن نومك معي ... لم يكن هناك قساوة أو انحراف في نومنا معاً ليلة أمس ... صحيح؟.
أدركت انها قست عليه عندما اتهمته بالسادية ،فقالت على مضض:
-لا.. لم يكن هناك شيء .
- إذن لماذا أنت متوترة بشأن فكرة النوم في فراش واحد الليلة.
تطلعت ليديا إلى المياه المزبدة ... كان المركب يقترب من الجزر ببطء فتمكنت من رؤية اوراق النخيل تظلل خطاً ضيقاً من الرمال الصفراء ثم اشكال بيوت صغيرة.
ببطء حاولت جمع شتات افكارها لتحولها إلى كلمات:
-إذا نمنا على المقعد نفسه الليلة ...
صمتت فجأة . وارتجف صوتها، واشتدت يداها في قبضتين فوق حجرها، وعضت شفتها ... لن تجرؤ مطلقاً على هذا , فهي لا تثق ... بنفسها.
سمعته يحثها:
- هيا ... أكملي. لا يمكنك البدء بكلام ثم تتركينه دون أن تتميه.
- اتوقع ... أتوقع منك أن تستغل وجودي معك.
صوتها اختنق، ووجهها التهب بالدماء الحارة.
لكن كليف لم يرد... اتجه المركب نحو أقرب جزيرة. فشاهدت ليديا مدخل خليجها يشبه ثغرة بين حرفين صخريين مرتفعين من المرجان يرتطم بهما الموج ثم يعود منحسراً عنهما كالشلالات المتلألئة.
رد عليها اخيراص ببرود :
- لكنني لم استغل وجودك في سريري ليلة امس.
- هذا لأنك كنت غير متمالك قواك بعد الحادثة ... لو شعرت بأنك كنت ستحاول شيئاً لما بقيت قربك.
- صحيح ... ؟ لكنك قلت إنك لم تستطيعي الابتعاد عني لأنني لم ادعك تذهبين ... لقد أحببت وجودك قربي , واريد تكرار الأمر. لكن هناك سؤال واحد اطرحه عليك أولاً. لماذا أنت خائفة مني؟ ألأنك تحفظين نفسك اشاب تحبينه طلب منك الزواج؟
خلال لحظات مجنونة، فكرت في أن تكذب عليه، مدعية وجود رجل في حياتها ينتظرها، التفتت إليه فتطالعتها تلك النظرة الخضراء الباردة الصريحة ... لن تتمكن من الكذب عليه مطلقاً وتنجو بكذبتها. إنه دقيق الملاحظة وخبير بطبائع الناس ... ردت عليه وهي ترفع رأسها:
- فلنفترض اني قلت لك أجل، هناك شخص ينتظرني ؟ فهل قد يؤثر فيك أو في نواياك ؟
أخذ يراقب الأشرعة وهو يفكر في سؤالها، فراقبت هي أيضاً التعابير المتغيرة بسرعة مذهلة في وجهه ... ثم اطلق نحوها نظرة سريعة متفحصة جعلت أعصابها تقفز. بعدها عاد ينظر إلى الأشرعة ثم إلى الجزيرة، بينما افتر فمه عن ابتسامة شريرة غريبة وقال :

Rehana 17-01-21 06:23 PM

رد: 137 - أسمع همس الجراح - فلورا كيد
 
- لا ... لن يكون لهذا أثر ، لكن ليس هناك أحد بانتظارك ... اليس كذلك؟
-لا.
- إذن يبقى سؤالي دون إجابة .
- لقد حاولت القول لك بالأمس.
- قول ماذا؟
- إنني ... لا أستطيع ... أن أقبل ود أحد لا احبه .
-اوه ... تلك القصة عن الحب، ومع ذلك أعتقد ان رأيك لن يستمر في الصمود كثيراً.
-ماذا تعني؟.
- أنت لست منيعة كثيراً ضد ذلك الشعور الذي تسمينه الحب، كما تعتقدين أنت نفسك.
ثم بدل لهجته بأخرى صائحاً بها آمراً:
-حرري ذلك الشراع الصغير من الأكرة. سوف أدير رأس المركب وانزل الأشرعة لأننا سندخل الميناء بقوة المحرك، فقناة المدخل ضيقة جداً.
-وهل سنرسو هنا؟ ماذا تدعى هذه الجزيرة؟
-اسمها اوايلد زكاي وهي ملك لهازلت وايلد رئيس أكبر شركات الاستثمار في انكلترا، ولقد سمح لنخبة من اصدقائه بإقامة منازل لهم وإيواء يخوتهم هنا ... ذلك هو يخته هناك.
بدأت الأشرعة تهبط، فمد يده ليدير المحرك، وسرعان ما تم لف الشراع الرئيسي والخلفي، وانطلق اليخت بسرعة عبر مياه الميناء المقفل باليابسة تقريباً.
ما إن هبطت المرساتين معاً، حتى انزل كليف القارب إلى الماء. والآن بعد ابتعادهما عن مجرى الريح بدت حرارة الشمس قوية، حرارة أشعرت ليديا بأنها مثقلة بالثياب ودفعتها إلى خلع السترة الصفراء الواقية، أسرعت تنزل السلم إلى المقصورة تبحث عن ثوب السباحة الذي قدمه لها في اليوم السابق.
ناسب البيكيني جسمها تماماً، لكنها وبينما كانت تخلع الجينز والقميص نظرت إلى تنورتها وقميصها وراح فكرها يعمل بسرعة دارساً كل الإمكانيات, فلتفرض انها استطاعت الهرب منه، ألن تحتاج ثيابها حينئذ؟ هي بالطبع لن تتجول في بيكيني طوال الوقت، لكن أيمكن لها أن تاخذ الثياب معها دون أن يلاحظها ؟ يجب أن ترتديها فوق البيكيني وتخاطر في أن تسمع منه التعليقات الساخرة.
اخيراً قررت ارتداء التنورة مع القميص فوق البيكني, ثم صعدت إلى غرفة القيادة، وإذا بكليف غير موجود مع أن سترته الجلدية القصيرة كانت هناك ... فتقدمت إلى الجائب واطلت إلى البحر . لقد اختفى القارب، وضعت يدها فوق عينيها تظللهما من اشعة الشمس، فاستطاعت رؤية شكل القارب والمجذافين يرتفعان وينخفضان برتابة، إذن لقد ذهب كليف إلى الشاطىء من دونها.
ذلك الشيطان الشرير المخادع! لا شك في أنه تكهن بأنها ستحاول الهرب منه إذا أخذها معه، وضعت يديها حول فمها وصاحت بصوت مرتفع:
-هاي ... عد إلى هنا أريد الذهاب إلى الشاطيء أيضاً !


الساعة الآن 07:17 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية