منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207137.html)

سيريناد 26-10-19 09:04 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 
10 - الولد الميت




" سارة! أين سارة؟"
" سارة بخير تام...المهم أنت...إننا قلقون عليك أنت!"
و أغلقت راشيل عينيها و غمرها للمرة الثانية نعاس عميق و صارت تردد في شيء من اليأس:
" سارة...سارة..."
وفتحت عينيها للمرة الثانية لم تكن الجدران تبدو كلها بيضاء و قطبت و هي تحاول أن تفكر..ماذا جاء بها إلى ذلك المكان؟ لماذا هي بالمستشفى؟ وسمعت صوتا يقول:
" السيدة غيلمور؟"
كان الصوت صوت رجل و كان الوجه يدل على أنه يميل إلى كبر السن، وبلعت راشيل ريقها و قالت:
"ماذا أفعل هنا؟"
و أشار الرجل الذي يلبس المعطف الأبيض إلى إحدى الممرضات من خلفه لتقطر سائلا بين شفتي راشيل كان السائل منعشا و كان مذاقه مقبولا.
" و الآن يا سيدة غيلمور...لا أريدك أن تتكلمي...كل ما أرجوه هو أن تستريحي.
" أين أنا الآن ؟"
" أنت في المستشفى يا عزيزتي...ألا تذكرين أنك سقطت على الدرج...إلى الدور الأرضي."
و قطبت حاجبيها و تنشقت نفسا مضطربا و تذكرت جويل...مسكين جويل و أخذت تنطق بصوت باهت:
" سارة؟"
" سارة بخير"
" أريد أن أراها"
"لا داعي لأن تثيري أعصابك يا سيدة غيلمور"
قالها الرجل بحزم و هو ينحني على الفراش ليمسك بمعصمها:
" غير مسموح لأحد بزيارتك الآن سوف ترين سارة في الوقت المناسب.
" سارة من يرعاها؟"
"لقد فهمت أن أباها يتحمل المسؤولية"
ولكن راشيل لم تكن تسمع.وحاولت أن تتحرك، ولكنها لم تستطع و بكت.كان الألم في رأسها يزداد حدة، أوه يا الله لماذا لا تستطيع الحركة ؟ هل أصابها الشلل؟ كان عليها أن تفكر..و تفكر..وتفكر، ولكن التفكير كان مؤلما للغاية..كان وجه الرجل غامضا...و كانت لا ترى من بعد إلا الظلام الحالك و أصبح عليها أن تسأل..وومضت عيناها...تذكرت أن هناك شخصا يجلس إلى جانب الفراش.أيمكن أن يحدث هذا ...أين إذن ذهب الرجل ذو المعطف؟ و الممرضة؟ و الرجل الذي يجلس إلى جانب الفراش لم يكن يلبس معطفا أبيض ،بل قميصا و سترة جلدية. و كان يجلس في وضع يدل على الإعياء الكامل. و أحست بأصابعها بين أصابعه...و حاولت من باب التجربة أن تحرك أصابعها..و غمرها شعور بالشكر حين نجحت.
و انتبه الرجل على الحركة و رفع رأسه يستطلع حالها.كان الرجل هو جويل، و عرفت ذلك في الحال رغم أنه كان يبدو مكتئبا أضناه التعب و أهمل لحيته فبدأت تطول و نظرت بعينين طار فتين من جديد .كان الضوء الوحيد في الغرفة يأتي من مصباح إلى جانب الفراش.و كان الظلام قد ساد ثانية لا بد أنها نامت طوال النهار.
قال و هو يتنفس باضطراب:
" راشيل, راشيل هل أنت صاحية؟"
" أ...اعتقد ذلك"
" جويل..أين سارة؟"

سيريناد 26-10-19 09:06 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

و أخذ يدها بين يديه و قال يوجه إليها بعض النصيحة:
" سارة تجد الرعاية الكاملة كل ما ينبغي أن تفكري فيه هو أن تتحسني أنت."
" متى أراها؟"
" في القريب العاجل.."
و تململت و أحست بشيء ملفوف حول رأسها و قطبت حاجبيها و رفعت ذراعها الطليق و صارت تتحسس رأسها.كان ملفوفا في الضمادات و لم تجد أثرا للشعر الذي كان يتهدل طليقا حول كتفيها و أحست بما تعرضت له فروة رأسها من إصابة و اتجهت في ذعر صوب جويل:
"لماذا؟ لماذا هذه الضمادات؟"
و سألها و هو يهز رأسه بينما عيناه تعبران عن التأثر البالغ:
" ألا تذكرين ؟"
" أعرف..أنني سقطت إلى الدور الأرضي..و أتذكر أنني أصبت في ذراعي و ساقي."
ورفع يدها إلى شفتيه و قال:
" كانت غلطتي..كنت تهربين مني...أوه يا راشيل كدت أجن طوال هذه الأيام الماضية..."وحاولت راشيل أن تستوضح:
" الأيام الماضية ماذا تقصد؟"
"راشيل..مضى عليك و أنت راقدة هنا حوالي الأسبوع."
" أسبوع!ولكن.....ولكن"
و مد جويل يده و حاول أن يربت على شفتيها بأصبعه:
" لا تحاولي أن تتكلمي..لا بد أن اخبرهم بأنك صحوت.."وحاول أن ينهض لكن راشيل أمسكت بيده بإحكام:
" ليس بعد..يا جويل!أرجوك أن توضح لي..كيف أمضيت هنا هذه المدة الطويلة؟ إنني لا أتذكر!"
و تنهد وهو يغوص في مقعده و قال:
" كنت مصابة بالإغماء لعدة أيام يا راشيل..ثم..أجريت لك عملية جراحية."
" رأسي ! أجريت لي عملية جراحية في رأسي ؟ هل حلقوا شعري؟"
كان الحزن قد بدأ يجثم عليها و لكنه أخذ يهدئ من روعها و قال لها :
" اسمحي لي بأن أنادي الطبيب يا راشيل."
و قالت و صوتها يجهش بالكلمات:
" لا حلقوا شعر رأسي ؟أجبني ! حلقوه؟"
" كان عليهم أن يفعلوا ذلك يا راشيل ! كان هنالك نزيف بالداخل و لكنك سوف تتحسنين و سوف ينمو شعرك من جديد و يعود جميلا كما كان."
وانهمرت الدموع على وجنتيها و ذهب يطلب العون و المساعدة و عندما ظهر الطبيب و الممرضة الراهبة لم يكن جويل في رفقتهما.
و خلال الربع و العشرين ساعة التالية اقتنعت راشيل بأنها نجت من الموت بأعجوبة و أن الرأس الحليق كان ثمنا تافها دفعته إذا ما قورن بالشلل الذي يمكن أن يسببه نزيف المخ كانت تشعر بهزال كبير و كانت فاترة الهمة و سألت عن سارة و متى يمكن أن تراها و أين تقيم؟ و لكن الإجابات التي كانت تتلقاها كانت إجابات غامضة.و مضى يومان آخران حدث فيهما تغيير كبير...كانت قد بدأت تأكل القليل من الطعام...واستطاعت أن تتكلم بدون أن يعود عليها ذلك بالإجهاد...وبدأت تستند إلى الوسائد لتتمتع ناظريها بحدائق المستشفى من خلال النوافذ العالية..وسألت الطبيب الذي جاء ليفحصها:
" متى أستطيع أن أرى سارة؟"
و نظر إليها بشيء من التفكير قبل أن يجيب :
" لا تستطعين أن تريها الآن بعد يا سيدة غيلمور..لأن سارة في المستشفى أيضا...هي الأخرى.."
"تقصد أنها تحصل على جلسة العلاج بجهاز الكلية الصناعية؟"
" لا ليست في علاج ولكن أجريت لها العملية التي أردت أن تجرى لها."
" ماذا تقول ؟"
" أجريت لسارة عملية نقل الكلية منذ أسبوع و أعتقد أن العملية نجحت تماما."
" منذ أسبوع؟"
"و الآن أرجو ألا تجزعي بخصوصها لاشيء يدعو إلى القلق إنها في أيد متخصصة أمينة."
" و لكن...كيف أمكن أن تجرى لها العملية دون وجودي ؟من أعطاهم الإذن بذلك؟"
" إنني أعرف انه في ظروف خاصة عندما يكون هناك إذن مسبق بأنه يسمح بإجراء العملية ثم أليس لأبيها هذا الحق ؟"
و أدارت راشيل وجهها إلى الوسادة و قالت في صوت مختنق:
"إذن عاد السيد كنغدوم من ألمانيا"
"كنغدوم ...لم اكن اعرف السيد كنغدوم ذهب الى المانيا ...."
و استدارت راشيل و تنهدت...كان بالطبع يظن أنها تقصد جويل كنغدوم و قالت بعبوس :
" لا يهم.."وبدأت تفكر فيما قد يعنيه ذلك بالنسبة إلى سارة"..و ماذا تقول ؟ إيه..العملية كانت ناجحة ؟ لا أكاد أصدق ذلك"
و ابتسم الطبيب و قال :
" هذا شيء طبيعي..إنني أفهم شعورك.ولكن أحيانا يكون من الأفضل أن يتم التصرف بهذه الطريقة..حسب اللحظة ،هكذا.كانت ابنتك سعيدة الحظ للغاية، أمامها الفرصة الآن لتستمتع بحياة عادية تماما."
" نعم."
و زمت راشيل شفتيها:
" و أخيرا تمت العملية!"
و استطاعت أن تخمن من الذي كان وراء ذلك ؟ جيمس كنغدوم، أجريت لها بالفعل عملية نقل الكلية و كانت في طريقها للشفاء.بل لقد نجحت العملية و أكد الطبيب ذلك،و من المؤكد أن جيمس الآن سوف يتخذ الإجراءات الكفيلة بألا يجد جويل أية فرصة للمطالبة بابنته.و خلال الأيام التالية كانت تتوقع أن يتصل بها جويل بطريقة ما فمن المؤكد أنه كان يعرف مشاعرها نحو سارة و ربما يشعر بالشفقة اتجاهها و يأتي ليخبرها بحقيقة حال سارة و كيف كان رد فعلها لهذا الفراق الذي طال على غيبتها عن أمها و لكنه لم يظهر و دهشت عندما وجدت أن أول من حضر لزيارتها كان أريكا غراي..كانت تلبس بذلة ضيقة من "الكريب" الأسود و كانت تحمل معها باقة من الورد و القرنفل و كانت أريكا تحس بحرارة عنكبوت كبير جائع و قالت:
"أهلا...يا راشيل."
ووضعت باقة الزهور على الفراش و قالت:
" كيف حالك؟"
و أومأت راشيل إلى الممرضة التي صحبت الزائرة إيماءة طفيفة بالانصراف و هي تقول:
" إنني أتماثل للشفاء شكرا،لماذا حضرت يا أريكا؟"
و رفعت أريكا حاجبيها القاتمين و قالت:
" هل بإمكاني أن اجلس؟"
" إذا كان ذلك أمرا ضروريا.إذن اجلسي."
و جلست أريكا باسترخاء و قالت:
"ينبغي أن أقول لك إن جويل هو الذي طلب مني أن أحضر."
و توترت أعصاب راشيل و قالت:
"آوه صحيح؟"
و ردت أريكا و هي تمسح على التنورة بيدها التي تلبس القفاز:
" نعم....لقد شغل بالعمل كما تعرفين و لكنه أراد أن يخبرك بأنا لم ننسك أو ننس سارة."
و لم تستطع راشيل أن تكبح جماح استجابة خرجت بطريقة آلية و قالت:
" و سارة؟"
" نعم سارة أنت تعرفين بالطبع أن العملية أجريت لها."
" بالطبع"
" رتب لها جويل كل شيء"
" جويل ؟"
" لماذا؟نعم! ألا تعرفين؟"
" لا..."
و صارت راشيل تندف بعصبية في غطاء السرير:

"هل رايتها ؟!"

سيريناد 26-10-19 09:07 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

" بالطبع! أن جويل يراها كل يوم و أنا اذهب معه كلما استطعت ذلك."
ووضعت يدها على فمها كأنها ندمت على ما قالت، وأكملت:
" جويل يحرص على أن يرى ابنته، ولكن بالنسبة إليك فالامر مختلف.."
" لماذا جئت يا آنسة غراي؟ ما الذي تحاولين أن تقوليه لي ؟"
" قلت لك إن جويل طلب مني المجيء"
" لماذا؟ لأنه يعرف أنني لا أهتم إذا حضر..أو لم يحضر!"
كانت عينا أريكا تحاولان أن تسبر مشاعر راشيل، وقالت:
"آه، ولكن هل تعنين ذلك حقا ؟ أنا و أنت نفهم ذلك بطريقة أصدق يا سيدة غيلمور..أليس كذلك؟"
" لا أفهم ماذا تعنين ..؟"
- أعتقد أنك تفهمين...يمكنك أن تحاولي أن تقنعي نفسك بأنك لا تكترثين و لكنك لا تستطعين الاقتناع بذلك...إنك تعرفين أنني و أنت نعاني من المرض نفسه.وأنا اعرف الأعراض.."
و تنشقت راشيل نفسا عميق و قالت:
" إنك مخطئة يا آنسة غراي إنني لا أشعر اتجاه جويل إلا بالاحتقار أما أنت...فهنيئا لك به."
و جعلت أريكا أطراف أصابعها تتلامس مع بعضها البعض و قالت:
" و سارة؟"
" و ماذا بالنسبة لسارة؟"
" إنك تريدين أن تحتفظي بها ؟"
"بالطبع !"
" إذا تزوجي جيمس كنغدوم يا سيدة غيلمور..... قبل أن تفقديها تماما."
صات راشيل تحدق فيها بدهشة و قالت :
" و ماذا يهمك في ذلك؟"
" ألا تفهمين ؟ أنا لا أهتم بالأطفال يا سيدة غيلمور...ولذلك فإن مجرد التفكير في أنني أرعى طفلة في مرضها أو صحتها شيء لا يروق لي...و إذا كان جويل مصمما على أن يتبنى سارة.."
و مالت برأسها جانبا وواصلت:
" لعلك تفهمين؟!"
" و لكنه لن يتبنى سارة ! و لن يستطيع ذلك !"
" أنا غير متأكدة من ذلك و من الواضح أن سارة تهتم بجويل و هو مهتم بها كذلك."
و طأطأت راشيل رأسها و قالت:
" إن تبني جويل لسارة مسألة غير مطروحة...سوف أتزوج جيمس حالما يشفى و يستطيع الحركة ثانية."
و ظهر على أريكا بعض الاضطراب و قالت:
" جيمس ! يشفى و يستطيع الحركة ثانية ؟ عن أي شيء تتحدثين؟"
و أسندت راشيل نفسها إلى الخلف على الوسادة و تمنت أن لو انصرفت أريكا و تركتها وحيدة كان ما يحدث فوق طاقتها و لا بد أن بشرتها شحبت بعض الشيء فقد انتصبت أريكا في جلستها و قالت :
" راشيل ! راشيل ! هل أنت بخير ؟"
و عندها أفاقت راشيل تنهدت الراهبة ثوماس بقلق و قالت :
"قلت للممرضة هاربر بألا تسمح للآنسة غراي بأن تطول زيارتها لأكثر من خمس دقائق...كيف تشعرين الآن"
وضعت راشيل يدها على جبهتها و قالت :
" أشعر بدوار بسيط.."
" لو كنت أعلم أن الآنسة غراي ستسبب لك هذا الضيق لما سمحت لها على الإطلاق بزيارتك."
وحاولت راشيل بشيء من الجهد أن تنظر حولها و هي تقول:
" الآنسة غراي...أين هي؟"
" انصرفت و لكنها تركت لك هذه.."
ووضعت أمامها باقة ورد و قرنفل و قالت:
" سأطلب إلى الممرضة أن تضعها في الماء."
و ردت راشيل على الفور:
" لا.. لا..لا تفعلي أيتها الراهبة !خذيها بعيدا أعطيها لشخص آخر و احتفظي بها إذا أردت...أنا لا أريدها".
و قطبت الراهبة ثوماس و قالت في شيء من الشك :
" أعتقد أن الآنسة غراي قالت إنها صديقة لك ؟"
و تململت راشيل عندما أحست أن حالة الدوار قد بدأت تزول عنها..وقالت:
" علاقتي بها مجرد معرفة..لا أكثر من ذلك..لا أريد أن أراها ثانية."
و في الأيام القليلة التالية تحسنت حالة راشيل الجسمية بمقدار ما ساءت حالتها النفسية.كانت يوميا تتوقع أن يزورها جيمس و كانت تشعر بالحنين لرؤية سارة و لكن مستشفى ليدي مارغريت حيث أجريت لها فيه عملية زرع الكلية كان يبعد عن مستشفى سانت ماثيوز بمسافة ما.و كان عليها أن تسلم بأنهما لن يتقابلا إلا بعد شفاء سارة.و عندما أحست بقدرتها على الإمساك بالقلم و الورق كتبت إلى ابنتها رسالة .و جاءها الرد على هيئة رسالة قصيرة كتبت بخط إحدى الممرضات على أغلب الظن :
" عزيزتي ماما...أسفت عندما علمت أنك أيضا مريضة و أنني افتقدك كثيرا و لكن جويل زارني و أخبرني بأنك تتحسنين و جاء السيد كنغدوم ليزورني كذلك ولكنني..."
أما بقية الجملة لم تكن واضحة و مع ذلك استطاعت ان تقرأ الكلمات "لا أحبه"
و تنهدت لااشيل واصلت قراءة الرسالة:
" لا أعتقد أنه في رقة جويل"
و أيقنت راشيل أن سارة لن تتقبله وواصلت:
"يقول الدكتور لوريمر إنني استطيع الخروج من المستشفى في القريب العاجل و عند ذلك سأحضر لأراك اقبلي مني المزيد من الحب سارة"

سيريناد 26-10-19 09:09 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

و أحست راشيل بالدموع الساخنة خلف عينيها و هي تعيد قراءة الرسالة.وخطر لها : هل يمكن أن يكون جيمس أخبر سارة بشيء عن زواجهما القريب؟ ألهذا قالت سارة إنها لا تحبه؟ و أعادت راشيل الرسالة إلى المغلف..لو أن جيمس زار سارة فلا بد أنه آت قريبا.
و في اليوم التالي في فترة ما بعد الظهر دخلت الراهبة ثوماس إلى حجرة راشيل و قد بدا عليها شيء من الاستغراق في التفكيرو قالت:
" هناك زائر آخر سيدة غيلمور..هل تريدين مقابلته؟"
" آوه نعم !إنه.."
ووضعت يدها على رأسها المربوط بالضمادات و قالت:
" هل أبدو في منظر غير مقبول؟"
ولكن الراهبة ثوماس ابتسمت ابتسامة فيها شيء من اللوم.
" أفهم من ذلك أنك تهتمين برأي السيد كينغدوم فيك و لا يمكن أن ألومك على ذلك فهو رجل جذاب و لقد شغل به كثير من الممرضات آخر مرة كان فيها هنا!"
و بينما كانت الراهبة ثوماس تتجه إلى الباب نادتها راشيل:
" انتظري! انتظري دقيقة...السيد كينغدوم هذا هل هو شاب صغير؟"
و قطبت الراهبة ثوماس و قالت:
" ألا تعرفين؟"
" نعم !بالطبع و لكن هناك اثنان بالسم نفسه...هل أعطاك اسمه الأول؟"
" لم يكن بحاجة إلى ذلك ..فأنا أعرفه بالفعل..إن جويل كينغدوم ليس مجهولا في الأوساط التي تقدر العمل الفني."
" أوه ! أفهم الآن.لا أريد أن أراه...أرجوك أن تطلبي منه الانصراف."
وقالت الراهبة ثوماس بدهشة:
" أطلب إليه أن ينصرف يا سيدة غيلمور ؟ لكنه هو المسؤول عن إدخالك إلى المستشفى و عن توفير أقصى درجة من العناية لحالتك..إن الدكتور فريزر..هو أشهر أخصائي في الجراحة الداخلية للتجويف العظمي للرأس و كان يقيم في المستشفى ليل نهار حتى شفيت من العملية.ألا تشعرين بأنك مدينة له و هو الذي رتب كل شيء؟"
"آسفة...و لكنني لا أود أن أراه."
" و لكن يا سيدة غيلمور.."
ورفعت راشيل بصرها إلى أعلى و قد ظهرت و حمرة على وجنتيها و لمعت عيناها و قالت:
"هل أنا مضطرة لمقابلته؟ هل هذا شيء ملزم هنا؟"
و تنهدت الممرضة و فالت:
" و هو كذلك إذا لم تغيري رأيك."
" لن أغير رأيي أرجو أن تخبريه أنني عارفة بالجميل لكل ما صنعه و لكن لا فائدة ليس بيننا ما يقوله أحدنا للآخر."
كانت تظن أن جويل لن يقبل بذلك و انه ربما يغضب و يندفع إلى داخل الحجرة ليستطلع ما جري و لكنه لم يفعل و من جهة أخرى أحست بحاجة إلى البكاء.ووبخت نفسها، كان جويل قد أوضح موقفه تماما كان مصمما على أن يأخذ سارة منها و كان جيمس فقط هو الذي يقدم البديل.و حاول جويل في الأسبوع التالي ثلاث مرات أن يرى راشيل دون أن ينجح في ذلك.وكانت في كل مرة ترفض زياراته تحس كأنها ترفض جزءا منها و كانت لا تفكر في جويل إلا بوصفه الرجل الذي يريد أن يأخذ منها سارة...وكانت تحدث نفسها أن أي ارتباط وثيق بالرجل الذي أحبته بجنون والد طفلتها..كان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج مدمرة.و مع ذلك فإنها لم تكف عن حبه.و خطر لها أنه كلما أسرع جيمس بالزواج منها و أبعدها عن فلك جويل كلما كان ذلك خيرا لها.
و أحست بالارتياح الغامر عندما جاءت الراهبة ثوماس بعد ذلك بأيام لتعلن نبأ قدوم السيد جيمس كنغدوم لزيارتها.كانت قد غادرت الفراش لتجلس على الكرسي إلى جوار النافذة لتقضي بعض الوقت في القراءة و رفعت بصرها في فضول و هي تضع يدا مضطربة إلى ضمادتها و قالت:
" سوف أراه ..دعيه يدخل."
كان جيمس كما تعودت أن تراه لم يطرأ عليه أي تغير.كانت تتوقع أن ترى آثار العملية الجراحية بادية عليه و لكن لم يكن هناك أي أثر.و دلف إلى حجرتها ببطء و هو يبدي إعجابه بقامتها الرشيقة ورداؤها الأزرق الناعم.و كان يركز عينيه على وجهها الشاحب و قال:
" حسنا يا راشيل ..ما الذي فعلته بنفسك؟"
" و لم يحاول أن يقبلها و كانت مسرورة بذلك..و أشارت إلى الكرسي المقابل لها و طلبت منه أن يجلس...وجلس ..وصارت تتأمل الورود التي أحضرها و عبرت عن سرورها بها فقالت:
" إنها جميلة!"
كان جيمس ينظر إليها قي شيء من الغرابة و قال:
"كيف حالك يا راشيل؟"

" أوه ! إنني بخير...أحسن بكثير وقال الدكتور فريزر إنه سيكون بوسعي مغادرة المستشفى خلال أيام قليلة."
" صحيح ؟ و من الذي سوف يهتم بشؤونك؟"

سيريناد 26-10-19 09:12 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

و احمر وجهها و قالت :
" سأحاول.."
"هل رأيت سارة؟"
" لا، لكنني أتوقع أن أراها في القريب العاجل."
سكت لحظة و قالت:
" جيمس!لم أقدم لك الشكر بعد."
" تشكرينني؟"
" بالطبع!أقصد لما بذلته في إنجاز العملية الجراحية و آسفة لأن دخولي المستشفى أدى إلى تأجيل شيء آخر أليس كذلك؟"
و ظل جيمس ينظر إليها بثبات لعدة دقائق و قال:
" أنت لم تري جويل بعد؟"
"لا !لم أره منذ تلك الليلة التي أجريت لي فيها العملية، وعلمت أنه هو الذي أحضرني هنا."
" نعم! لقد فعل ذلك!"
" ماذا كنت تفعلين و أنت تهبطين على عجل درج المبنى الذي يقيم فيه جويل؟"
" ألم يخبرك هو بذلك ؟ أعتقد أنه لم يفعل أو انك لم تسأل؟وقع شجار حول رغبة جويل في أن يتبنى سارة."
" و لا يزال ينوي ذلك.."
" أعرف و لكنك لن تسمح الآن بأن يحدث شيء من ذلك أليس كذلك ياجيمس؟لقد وعدت بذلك!"
و توقفت عن الكلام و بدأ جيمس كأنه يحس بشيء من تأنيب الضمير و قال:
" هل تقصدين انك تريدين أن نتزوج بأسرع ما يمكن؟"
و أومأت راشيل بالموافقة و قالت:
" كان هذا ما اتفقنا عليه!"
" فعلا!كان هذا ما اتفقنا عليه!"
" إنني أريد أن يتم كل شيء لنضع حدا لهذا الموضوع...أريد أن يكون لسارة بيت صالح و أبوان صالحان..وبإمكانك أن توفر لها هذا يا جيمس"...
و نهض جيمس على قدميه و أخذ يذرع الغرفة و هو مستغرق في التفكير :
" أعتقد أنه من الممكن أن نتزوج هنا...في المستشفى..."
"ومن الممكن أن تعد الترتيبات اللازمة..."
عندئذ أخذت راشيل تتحسس شفتيها بأصبعها في شيء من التفكير و هي تقول:
" في المستشفى؟و لكن مظهري سيء للغاية"
و علق جيمس على ذلك:
" أنا لا أرى غضاضة في ذلك"
و حاولت راشيل أن تفكر بطريقة منطقية و ارتأت أنها إن تزوجت بجيمس فلن تكون هناك فرصة للعودة و كان الخاطر مزعجا و لكن لو أرادت أن تحتفظ بسارة..
"حسنا...إذا كان بإمكانك أن تفعل ذلك."
و حاول جيمس تأكيد عزمه على التنفيذ في قليل من غطرسته المألوفة:
" أوه سوف أفعل.."
و سألته و هي تحاول أن تركز على الطفلة:
" هل رأيت سارة؟"
و أخذ جيمس يتفحصها عن كثب لعدة لحظات كأنه يريد أن يسبر دوافعها للسؤال و أجاب:
" إنها بخير تام..وكان زرع الكلية ناجحا كبيرا......"
كانت راشيل تشعر بالإنهاك و مع ذلك قالت:
" إنني مبتهجة للغاية !هل هي حقا بخير؟متى تحضر لتراني؟"
ونظر إليها جيمس مرة أخرى بإحدى نظراته الصارمة و هو يقول:
" في القريب العاجل...سوف أعد الترتيبات اللازمة لكي تقيم السيدة تالبوت في الشقة و تعنى بها."
" أوه !هل تفعل ذلك؟ إنه من حسن التدبير...و إذن فلا بأس أن أتحمل الانتظار.رغم أنه قد مضى وقت طويل لم أرها فيه..."
وقال جيمس:
" نعم !"
و عاد إلى كرسيه و جلس ثانية و صار يتفرس فيها و قال:
" راشيل! أريدك أن تعديني بشيء."
و ردت و هي تنظر إليه في شيء من الشك:
" و ما هو ؟"
"أريد أن تعديني أنه إذا حاول جويل الاتصال بك فسوف تثابرين على رفضك لرؤيته."
"حسنا إذا كان هذا قرارك."
" إنه كذلك! أنا لا أريد أن يسبب لي المتاعب و أعتقد أنه فعل ما فيه الكفاية سواء في هذه المرة أو في المرات الأخرى.."
كان اليومان التاليان منهكين للأعصاب بدرجة بالغة....كانت في الأوقات تخشى أن يظهر جويل ليواجهها بنواياه و في أوقات أخرى تجد أنها تعاني من الضيق و الحيرة فهي تخشى أن تتأذى سارة نتيجة لإجبارها بالقوة على مفارقة الرجل الذي تعنى به - ربما كانت هي راشيل الإنسانة- الأنانية التي تنكر على ابنتها حقها في الاختيار بل كانت تخشى أن تختار سارة البقاء مع أبيها.
و في اليوم التالي في فترة بعض الظهيرة جاءها زائر آخر كان الطبيب قد أزال لها الضمادات في اليوم السابق و لم يترك لها سوى شريط لاصق سميك فوق الجرح و كان شعرها النابت حديثا بزغبه الفضي قد بدأ يغطي فروة رأسها ووفرت لها المستشفى شعرا مستعارا يتناسب و لون شعرها و لكنها كانت حساسة اتجاه ذاتها بطريقة شديدة و لم تكن قد استجمعت بعد الشجاعة الكافية للبسه فوق رأسها...وكان تحس بأن الضمادات الملفوفة على رأسها أكثر قبولا من ذلك الشعر المستعار كانت الراهبة ثوماس تبدو مبتهجة عندما أخبرت راشيل بقدوم الزائر الجديد و أكدت لها في شيء من التسامح و هي تقدم لها الشعر المستعار و المرآة لترى صورتها و هي تلبسها:
"إنه شخص أثق بأنك تتمنين رؤيته"
و قامت راشيل بتثبيت الشعر المستعار و نظرت إلى نفسها في المرآة و سألت الممرضة من جديد
" و من يكون؟أرجو ألا يكون جويل كنغدوم؟"
و هزت الممرض رأسها وقالت:
"لا، انتظري دقيقة!سوف احضرها لك!"
وقبل أن تبدي راشيل أي معارضة بحجة أنها لم تعلن بعد عن موافقتها على رؤية الزائر خرجت الممرضة ثوماس و عادت بعد ثوان قليلة و معها جسم صغير يثب على الأرض في ثوب قطني خشن احمر اللون و قميص أبيض بسيط لها شعر قاتم ناعم يتمايل حول وجهها الصغير المضطرب...ولم تصدق عيناها و قالت :
" سارة !"


الساعة الآن 01:12 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية