منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   [قصة مكتملة] *وشايات المؤرقين* (https://www.liilas.com/vb3/t155907.html)

ضحكتك في عيوني 03-03-11 12:53 PM


الجزء الخامس :

*
*
*

في صحاري الضياع تحتشد الهمم في رجاء العفو

لنتيمم موقنين في ساعة الخلاص من كل ذنب ..

ليصل الماء و يبطل التيمم .. و نعود لما كنا عليه في نقطة الصفر .

*
*

يهتز القلم في يده المزوره .. صوره مشوهه لضمير يريد أن ينتفض !

و ليس هذا الوقت المناسب لزيادة حنقي فا أنا غاضب جدا مما وصلت إليه الأمور

مخططاتي ممتازة و إدارتي عبقرية لكن المشكلة تكمن في شخوصهم المهزوزة ..

ليس منهم أحد يمكن لي أن أعتمد ليه بشكل مطلق فا هم ملئ با العقد !

*
*

شملان : يا حضرة المحقق أنت تاخذ من وقتك و وقتي .

المحقق : يا أبو علي المسألة فيها نظر ..

شملان بنبرة آمره : قض النظر .

المحقق : ما اقدر لو كسرت قانون ورى قانون ها المره قلبي هو اللي مو مطاوعني .

شملان بنفاذ صبر : وبعدين يعني معاك .. وقع و خلصنا .

المحقق يصر: ولد عمره 12 سنه مكسور له ذراع و كدمات مغطيه ظهره و كلها بهوشة و تبي تغطي الموضوع ليش ؟ .. خلني أفتح قضيه و أعاقب اللي ضروه .. و إذا يهمك أمره بتوافقني لأنه ممكن يتعرضون له مره ثانيه ..

شملان ينقر فوق الورقه : قطع ها الورقه وريح و أستريح إذا فعلا يهمك أمره .

المحقق بنبرة مشككه : سؤال أخير .. أنت اللي طاقه ؟

شملان ينتفض :.. أنجنيت أنت ..أنا استقوى على طفل ؟!!

المحقق : أجل ليش تغطي الموضوع .. كل القضايا اللي ساعدتك فيها لقيت لك مبرر إلا هذي ..

شملان بابتسامة متهكمة : قصدك كل القضايا اللي وسخت أيدينك فيها أخذت ثمنها ..

المحقق بحرج : أنت استغليت ظروفي اللي حدتني .. بس لا تضغط علي أكثر لأن ممكن في يوم أنفجر .

شملان بنبرة تهديد : إذا مفكر با الموضوع ممكن أنا أختصره عليك و أفجرك بنفسي

*
*

الليلة طويلة و لن تتوقف عند هلوسات ضمير معذب .. هناك الكثير مما يجب علي

ترميمه .. و علي إعادة الأمور لمسارها الطبيعي من جديد !

*
*

شملان : ممكن أكون أول واحد يوقع لك على الجبيرة ؟

سالم بنبرة شرخها البكاء لساعات : أنا أكرهك ... أكرهك واكرهه .

شملان بابتسامه متلاعبة : زين تكرهه معقول و افهم ليش . بس أنا شنو سويت عشان تكرهني ؟

سالم يتراجع عن نبرته الهجومية لتعليل : لأنك أنت اللي مخليه يعيش معانا .

شملان : اللي مخليه عايش معاكم هو أختك .. مو هي زوجته .

سالم بنبرة أقوى هاجم بها : أنا مو جاهل واعرف أنك أنت اللي زوجتها المجنون .

شملان يزفر التعب : أقول تقدر تربط حزام الأمان أو تبيني أنا أربطه لك ...

*
*
*

الألم الذي كرر غزواته لجوفي الليلة لأكثر من مره أصاب جسدي با الوهن ..

فا ذاكرتي لا تكف عن معاودة تكرار الصور وإعادة عرضها أمامي بشتى الألوان

و في كل مره تبدوا الصورة أصفى و أكثر وضوحا بجميع اتجاهاتها و با عمق

الانعكاسات الحقيقية لها ..

صورة عصفور أنتفض كا صقر ليهب لنجدة أمه التي وقفت بيني يدي مفترس في

نوبة جنون متكررة .. رأيت روحي و هي تغادرني عندما شل الجسد و عجز عن

الوقوف في وجه سيل محتدم ..

سالم الصغير من تحدى بشجاعته المجنون أعاد لي صوابي الذي فقدته من طول

البقاء با القرب من علي الذي ربطني به القدر ! ..

قصتي معه بدأت قبل سبع أعوام ...

أذكر أني كنت فتاة تائهة لتو عادت من آخر مكان بحثت به عن والدها الذي أصابته

المخدرات بلوثة عقلية سلبت منه مداركه ليظل دوما الطريق و دوما يجعل الكل في

مهمة بحث عنه ... فقد بحث معي جيران كنا لهم أسوء جيره .. و أصدقاء كانوا

يجدون با لكثير على والدتي المرحومة عطفا و رأفة بها كلما تعاملوا مع والدي

التعيس .. لأفاجئ با المحامي أمامي .. و تساءلت عفويا عن أي مصيبة أتى بها ؟!

ألم أكن قبل عدة أيام أمامه أستحثه بكل كلمات الرجاء أن يساعدني في

إيجاد والدي و هو يتحاشى حتى أن يعيد النظر إلي !

.. أتى و ليته لم يفعل ..

أذكر وقتها كيف وشوش لي بأمور لا يصدقها عقل لكن صدقته .. نعم أبي مجنون

تراكم عليه الدين و با الأخص له و بين شد في الكلام و انفعالات غير منطقية

لا استغربها على والدي .. أحرق منزل المحامي و هرب !

هذا با الملخص ما قاله بغمته المسيطرة التي دأب فيها على امتلاكي ..

عرف كيف يستغل وضعي كا فتاة صغيرة تركت كا حاضنه لأخيها الوحيد لذي لم

يتعدى سنواته الخمس .. خائفة ..تائهة .. و ما بيدها إلا قلة الحيلة ..

موافقة هذا ما جاوبته به عندما طرح اقتراحه .. زوجة و ممرضة لأخيه الوحيد

الذي يعاني من مرض لم يفسره .. و هذا كل ما طلب بأدب ! ..

و علي هو الحكاية التي كنت أريد أن أروى كا احد شخوصها !

عبقري .. متفرد .. أول جمل تقافزت من رأسي الصغير في أول مقابله لنا معا ..

كل ما أحتاجه هو إدهاشي بجمل مبتورة طرزت بدهشة ...

إننا نتشابه هكذا بدأ الرواية .. ظروفنا متناسخة و صورنا واحده مع اختلاف تعريفها

في بطاقة الهوية .. طرقنا متوازية و الآن التقت .. كل منا يحتاج الآخر .. ليصل !

*
*

أوصلت سالم و تحاشيت أن أقترب من الباب الرئيسي حتى لا أجدها خلفه و ادخل

معها في مواجهة ممكن أن تفقدني صوابي .. و اعترف !

فضلت أن ألتف للباب الخلفي الذي أحكمت غلقه منذ سنوات مضت حتى لا يمكن له

أن يفر .. و تكون السجانة منه في مأمن .. تشرف عليه و تمرضه من باب واحد

له قفل ذكي بيدها مفتاحه !

*
*
*

شملان الغاضب : رد لك عقلك .. و إلا للحين تشوف شي ما حد غيرك يشوفه ؟

علي الذي كان منكبا على كتابه يقرأ بنهم ألتفت لأخيه و على وجهه السخريه و عاود القراءة ..

شملان : بقيت تذبح الولد و ما قصرت في أخته .. هذا جزاتهم و جزاتي عندك ...

علي يتخلى عن صمته :

لا تحملنَّ لمن يمنُّ
مِنَ الأنَامِ عَليك مِنَّة
وَاخْتَر لِنَفْسِكَ حَظَّهَا
واصبر فإنَّ الصبرَ جنَّه
مِنَنُ الرِّجَالِ عَلَى القُلوب
أشدٌ من وقع الأسنه


شملان : اليوم متغمس شخصية الشافعي ! ... و من ساعتين منو كنت متغمس شخصيته .. الفك المفترس ؟

علي يترك الكتب من يده و يتجه لشملان ليقف أمامه : لما أكون ورى السور من أيدي أضيع .. هم اللي يشكلوني و لكم يردوني صوره ما تعرفونها ...

شملان يأسر وجه علي بين كفيه : و أنت اللحين علي أخوي .. هربت منهم لي ؟

علي برجاء طفولي : شملان ما ابي أرد لهم .. شملان لا تخليني ..

شملان : علي أنا دايما معاك بس أنت لازم تصير قوي و حتى إذا ما شفتني بعيونك لازم تكون متأكد أني موجود بس الظلمه تخفيني .. لا تطيعهم و تذكر كلامي ..
وداد و سالم يحبونك و بس يبون يخدمونك .. لازم ما تضرهم و تساعدهم عشان يساعدونك ..

علي يفاجأ شملان : وين أصيل .. أصيل ما يخاف مني بأي صوره .. جيبه لي ..

شملان بتهرب : ما في احد أسمه أصيل هذا أكيد واحد شفته ورى السور .. ما في أحد معاي إلا وداد و سالم .. تذكرهم و بس .. فهمت يا علي ؟

علي يتخلى عن هدوءه و يبدأ با العويل كا ذئب في أسر كا عادته كل مساء ...


*
*

و كا عادتي اهرب من نوباته التي لا أستطيع السيطرة عليها بكل الأدوية التي

أستوردها خصيصا له .. و اليوم نوبته كانت في منتهى العنف و خائف أنا من تعاظم

جنونه و تكرار المأساة بحريق آخر أعجز عن إطفائه ..

با الطبع لا يمكن أن تسلم الجرة مثل كل مره ..

فا قبل سبع أعوام أخفيته من الوجود با التزوير في شهادة وفاة لجثة والد وداد

المحترقة .. نعم والد وداد الذي أنكرت معرفتي بمكان تواجده و أنا من كنت سبب

موته .. لا لم أحرقه با الطبع فا علي هو سبب كل شيء لكن قراري المتهور

بإحضاره لمنزلي في منتصف الليل لأتحفظ عليه لليوم الثاني حيث كنت سأتوجه به

للمحكمة لأثبت براءته من أحد التهم الموجة له كان السبب الرئيس في كل ما حدث ..

ولم تعد بعد ذلك براءته مهمة مع اختفائه بتهمه دبرتها أنا له !

لكن وجه وداد لم يعتقني و كل التزوير و الرشاوى لم تمحى صورتها من أمامي

و وجدت الحل .. و با الأخص عندما خفت أن يكتشف مكان علي الذي هربت به له

.. هي و هو في مكان آمن .. و أنا مع ضمير أكثر راحه .. هكذا فكرت .

لكن ها هو ضميري الآن تعلق با سالم أخيها الصغير .. أشعر با المسؤولية اتجاهه ..

فقد عرفته طفلا لم يتجاوز الخامسة يركض باتجاهي كلما قمت با الزيارة .. في وجهه

رأيت علي أخي الأصغر و في ملامحه تذكرت البراءة ..

تمنيت سرا لسنوات لو كان ابني .. رغبة أبويه فجرها تواجده ... أم فجرها السر الذي

احتفظت به لنفسي ؟ .. لست متأكدا من السبب لكن الشعور واحد ..

فا عدم قدرتي على الإنجاب سلبتني مداركي و عرفت أنني للهلاك المحتم بت متوجه

فقد حطمتني الحقيقة .. و أصبحت رغما عني أشعر بعدم أهليتي .. شعرت بنواقص

الرجولة تتراكم بين أضلعي ... و علي بات هو الأمل .. رددت الفكرة الغبية مرار ..

علي يجب أن ينجب طفلا حتى وإن لم يدرك تواجده .. أنا من سيدرك و يعرف أنه

من دمي و ابن أخي .. أبني ... لكن يبدوا أن وداد لم تسعى لحلمي الذي لمحت لها

به .. في أكثر من مناسبة .. و علي فاقد للأهلية لن يفهم ما أصبوا إليه سواء اعتمدت

التصريح أو التلميح معه ! ..

*
*

توارى تحت ستار الظلام حتى لا أراه ... و استعمل الباب الخلفي لكن أنا له با المرصاد ..

*
*

وداد تقف أمام شملان الذي حاول التسلل با هدوء لسيارته : وين منحاش ؟

شملان با غضب يكبله المكان : أدخلي بيتج قبل ما احد يشوفنا ..

وداد با نبرة تحدي : خلهم يشفونا .. شنو المشكله إذا أشبعنا فضولهم ..

شملان لم يجد بدا من جرها بقسوة لداخل : أنتِ الظاهر استخفيتي ..

وداد تتلمس ذراعها التي غرز شملان أنامله الصلبه بها من غير حق : أنا اللي

أستخفيت و إلا أنت .. شلون تمد أيدك علي ؟!!

شملان أدرك خطأه : أنتِ اللي حديتيني .. و بعدين قصري حسج أخوج أكيد من
التعب نايم و ما تبين تقومينه با نص الليل ..

وداد : عشان اخوي بتكلم و ماني مقصره حسي إلا بعليه أكثر وأكثر .. أنا أستقيل
من وظيفتي كا ممرضه لأخوك و أبي أتعاب نهاية الخدمة ..

شملان يطلق ضحكه متهكمة : حلوه هذي تبين تستقيلين .. تراه زوجج يا مدام ..

وداد : أنت تقص على نفسك و إلا علي .. أخوك فاقد للأهلية و ما في عقد وقعه يعترف فيه .. أصلا أنا للحين ما شفت له أي أوراق ثبوتيه .. و لا أي شي يثبت أنه
موجود على وجه الكره الأرضية .. أصلا أنت خاشه هني عن الكل .. ليش يا شملان .. شنو السر ...

شملان الذي أصيب با الهلع من أقتراب وداد من الحقيقه : أنتِ معصبه و معاج كل الحق و ما راح آخذ أي كلمه منج اللحين .. بكره أجي و نتكلم ..

وداد تسارع للوقوف مره أخرى أمامه قبل أن يخرج من باب المنزل : قصدك بكره لما ترتب أوراقك و تصفي أفكارك .. لا .. أنا أبي أحل الموضوع اللحين . .أنا خلاص كشفتك .. أنت وراك قصه كبيره و أنا ما أعرف منها إلا وجود مجنون فيها .

شملان : تبين تعرفين القصه ؟ ... القصه يا مدام أن عندي كمبيالات و عقود توديج ورى الشمس للأبد و الخسران الوحيد سالم .. و أنت ذكيه و أكيد بتعرفين مصلحتج
.. تصبحين على خير يا مدام .

*
*

في مأزق وضعت نفسي و به تعاظم الأسى حيث لا مفر ..

............................................................ ...........................

*
*
*

بين زوايا عش الحب الذي كنت به المنتظرة دوما ترامى الحزن ...

هنا حيث كل شيء أمثلى بك لا يمكن لي إدعاء التناسي .. فا عقود العشق هنا منحوته

بين طيات الحرير و على وسائد الريش ..

أنثاك نشرتك في كل الأماكن كا عطرها المفضل أحاطت الكل بك ..

و أنت .. ها أنت .. أرخيت عيناك تصد بها عني .. و تنفي أن يوما لي خدرها الوله

في ليالي طويلة من الولع ..

أنت يا من بك ملكت كل شيء أصبحت أمامي نصف رجل و أنا عن كامل أنوثتي

تجردت و أنت السبب ..

فا كف عن أتهامي بما أجرمت !

*
*

كنتِ أكثر من فتنة .. أنت نعمه كنت بها أباهي و أحيانا أغيظ بها كل من يتحداني

أنثى بكامل عنفوانها لي ملّكت نفسها .. ملِك .. هكذا كنت في حضرتك أيتها الأنثى

التي تنازلت عن دورها منذ زمن ..

أنتِ من جعلتني أدمن الصورة .. رتبتي أفكاري بمنهج معشوقة و عاشق و كل با

الوله عامر .. دوما مغردين و لا نكف عن التغازل .. و فجأة قررتي أن تكوني في

صومعة ناسك ! .. و أنا يا معشوقتي لست بقديس ألهوني أصحاب المذاهب المنحرفة

.. أنا مؤمن أرفض أن أكون على غير طبيعتي حتى لو من أجلك !

*
*


ساري الذي كان يجلس بعيدا يراقب صورة وضوح المعكوسة بالمرآة التي جلست أمامها : مستعده تسمعيني ؟

وضوح تستعمل المرآة للوصول إليه و بعينيها تتساءل ألست هنا و أسمعك ؟

ساري يكمل : طبعا أنا أعترف أني غلطت بشي واحد .. أني ما جيتج و قلت لج قبل ما اتخذ قراري و أتزوج مره ثانيه .. و تماديت سنين و خليت لي حياة سريه و أنا كنت أردد أنتِ كل حياتي .. خاين و منافق و كل الصفات اللي تجي في بالج ممكن
تقولينها و أنا راضي بس الي لا يمكن أرضى فيه أنج تفكرين و لو للحظة أني ما عدت أحبج ..

وضوح تخونها دمعه تسقط على عجله لتستقر على صفحة خدها الآسر : تحبني ؟!!

ساري بنبرة عاشق : و في قلبي تربعتي .

وضوح تمد أناملها الرقيقه في محاولة لصد سيل الدموع التي أنهمرت على صفحة و جهها الحزين : و هي .. يا أبو قلب واحد وش كان لها ؟

ساري بصدق : هي حاولت و أنا حاولت بس أنتِ اللي انتصرتِ .

وضوح تلتفت عليه : قول هي اللي تنازلت و أنت اللي خسرتها ... لأني أكيد ما حاربت ..

ساري يعض على شفتيه و يقف ليبتعد با خطواته لنافذة .. وبعد تفكير قصير :

و إذا طلبت منج تحاربين ؟

وضوح : أحارب عشان شنو و لمنو ..

ساري : عشاني يا وضوح .. حبيبج و إلا السنين نستج ..

وضوح : بس أنت ملكي شلون أحارب و أنت كلك ملكي .. مو توك تقول أني في قلبك متربعه ؟

ساري : أنتِ فاهمه شنو أقصد .. ممكن تحاربين عشان تحكمين مكانج و إلا بتكتفين
بمعرفة حدود ملكيتج ؟

وضوح : لو سألتني قبل جاوبتك بس اللحين لما ما تركت إلا إجابة وحده أنا أقولك عنك كلك متنازله ...

*
*

نظرتها التي أدعت بها القساوة و نبرتها المهزوزة أرهقت قلبي الذي يئن تحت وطأت

الحقيقة المره التي انتهت بها نهاية قصتي كا صعلوك يتسول من القحط أي قلب يمد

الحب زادا ..

*
*
*

لم يكن لصوت صرير الباب أي صدى فا القلوب الشقية الليلة جدا متوعكة ..

حبلى با تواريخ مضت تأخر وضعها ..

*
*

أنفال : ممكن أنام عندج اللي باقي من الليل؟

وصايف التي كانت لتو نفضت الحزن مع آخر قطره بللت بها جسدها المتعب : تنامين عندي ؟!!

أنفال : إذا ما عندج مانع ..

وصايف المرهقة تبتستم بتعب : : طبعا ما عندي مانع .. بس مستغربه ..

أنفال تقترب لتضع وسادتها على سرير أختها و ترتب الفراش على عجل : مستغربه ..
بعد اللي صار كله و في شي يخليج تستغربين ..

وصايف : معاج حق .. مع ها الليله اللي مو طبيعيه ما في شي ممكن نستغربه ..

أنفال تجلس على السرير : تصدقين وصايف خايفه أصبح الصبح و أكتشف أن وضوح صار فيها شي ..

وصايف تزجرها : تعوذي من الشيطان . شسوالف البايخه آخر ها الليل .. ناقصين حنا ..

أنفال : شفيج وصايف هبيتي فيني .. تراني صاجه ... وضوح بينها وبين الجنون الشعره .. جى أخوج الليله و كملها عليها ..

وصايف بشجن : تدرين أنفال يصغر بعيني كل مصيبه لتذكرت اللي مرت فيه وضوح .. حتى الليله على كثر ما كنت حزينه على كثر ما نقدت على نفسي ..
قارنت بين حالتي و حالتها ولقيت إني بنعمه .. زواجي كنت عارفه انه فاشل و كان عندي أحساس قوي بأن نهايته قربت أصلا أنا اللي نهيته قبل ما عذبي ينهيه .. و عيالي حتى لو مو في حضني أنا أعرف أنهم بمكان آمن و بخير .. و انا للحين شابه متعلمه حلوه و بصحه زينه و ممكن أبدأ حياتي من جديد مثل ما قالوا لي الكل ... بس وضوح .. وضوح أفقدت الكثير و اللي بقى لها اليوم فقدته للأبد ..

أنفال : تبين الصراحه .. هي اللي عقدت نفسها .. ما هي أول وحده في البشرية
تبتلى .. أكيد صعب انها تشوف جسمها نصه محترق و أكيد صعب تنسى طفلها اللي فقدته و الأصعب فقد علي اللي كانت تموت فيه و هو روحها .. بس وين وضوح .. المؤمنه اللي تعرف أن كل شي مقدر و له سبب ...
كلنا كنا حوالينها و خاصة ساري بس هي عزلت نفسها عنه بذات و آخر شي طفشته و هذا هو جاب لها ولد و قهرها بعد و سماه علي ..

وصايف : تدرين حسيته منها ينتقم على ها الحركه ..يعني ضاقت الأسامي ..
و إلا بيفهمها أنه خلاص رضى بحدود علاقتهم اللي رسمته و أنه مو منتظر منها .. .. علي .. !

أنفال : اللي أحساسي يأكده أن بنصبح و في بيتنا مطلقتين مو وحده ..

وصايف تلوح با الوساده في وجه أنفال : شرايج تنامين قبل ما اعلمج المطلقه شنو تقدر عليه ..

أنفال تمد يدها بسرعه للحاف : تصبيحن على خير .


............................................................ ..........

*
*
*

مر شهر و تعرفت عليه عن كثب ...

لا يحتاج لساعة لتنبيهه بموعد صلاة الفجر و هذي أول إيجابيه .. فطوره بسيط و لا

يهتم أبدا بنوعية طعامه مادامت القهوة أمامه حاضره .. و صفحة الرياضة أول ما

يتفقد عندما يخطف الجريدة من أمامي .. نعم هذي هي أول سلبياته .. لا يهتم أن كنت

قد استحوذت عليها قبله .. بل هو لا يا هتم بالأشياء الصغيرة التي تنم عن الاحترام

.. يحرك حاجياتي من دون إعادتها لمكانها و الذنب با الطبع ذنبي فا هو يبحث عن

حاجياته التي رتبتها له في مكان مخصص بعيد عن أشيائي لكن دوما يصر على

ابتداء رحلة البحث من مكاني ! ... فوضويته تحتاج لكثير من الصبر .. فا هو لا

يعرف كيف يرتب خلفه أي من حاجياته و يبدوا طفلا في حاجه دوما للمساعدة ..

*
*

خالد بنفاذ صبر : الله يهداج يا هند ما تترتبين شي إلا يختفي ؟!

هند ترفع حاجبها بإستغراب بينما يديها ما زالت في الدولاب تبحث له
عن ما أضاعه :

خالد الله يعافيك أنا وحده مرتبه و أعرف وين أحط الأغراض بس تلقاك أنت مثل العادة لبقيت شغله جست الكبت كله و با الأخير تضيع كل شي ..

خالد : زين أنا هذا طبعي و أحوس كل شي بس أنتِ يا المرتبه ليش مو قادره للحين تستوعبين طبعي و تحاولين تلقين طريقه ترتبين فيها شغلي بعد ما احوسه ..

هند لم يعجبها المنطق الغريب : و انت جاهل يا خالد أعقد نفسي وراك و اسوي مناهج بترتيب عشانك ..

خالد يبتسم بتسلط : جاهل عاقل صغير كبير .. أنت زوجتي و مسئوله عن البيت ... أمي المره الكبيره كانت شايله البيت كله على راسها و حنا خمس و لا مره ضاع لنا شي إلا و حصلته في أقل من ربع ساعه و انت صارلج ساعه تحوسين في شي بسيط لشخص واحد ما تعدى مكانه ..

هند تنامى غضبها من المقارنه الغير عادله : إذا بنبدأ المقارنات أجل خلني أقدم لك نموذج .. شملان ولد خالي لا أم و لا زوجة و لا يعتمد على أخته بشي مرتب و نظيف و لا عمره طلب من احد حاجه ...

خالد أستمع لها إلى آخر كلمه ليهب فيها : أنت ما تستحين على وجهج .. تقارنيني في ولد خالتج .. أصلا شلون يطري في بالج و تقارنين فيه زوجج ..

هند أدركت مدى خطأها : خالد الله يهداك شملان حسبة أخوي و عايش معانا في البيت عشان جذيه طرى في بالي مو أكثر ولا أقل ..

خالد يحاول أبتلاع غضبه : اسمعيني يا هند حنا تونا متزوجين عشان جذيه انا مستعد أوسع بالي و لا أوقف على الكلمة لأني أدري أن محتاجين وقت طويل نفهم على بعض بس في أمور ما ينفع تتأجل .. لازم تفهمين أني أصلا مو فاهم ليش ولد خالج عايش معاكم و ماخذ راحته على الآخر و أنا ناقد على اهلج و على راسهم أخوج اللي مخليه في البيت و خواته تارسينه ..

هند تنتفض با غضب : و أنت لازم تفهم أن احترامي من احترام أهلي و الكلام اللي قلته عيب في حقي .. و ولد خالي حسبة أخوي و مخه و قلبه نظيف و ما يجي منه عيب ..

خالد إزداد غضبه من ترديد هند لمحاسن شملان : و يوم فيه كل ها الصفات الحلوه اللي ما تنطوف ليش ما ضميتوه رسميا للعائله ووحده منكم يا البنات تزوجته ..

هند لم تعد تحتمل و أنفجرت با البكاء : و الله عيب عليك الكلام اللي تقوله ومدام هذا تفكيرك ما أنت بمحدود علي يا ولد الناس ..

خالد أضطرب من انفجارها با البكاء : لا حول و لا قوة إلا با الله .. خلاص عاد مو تسوينها مناحه ترانا نسولف ..

هند ترفع رأسها له : و هذي سوالف يا خالد ؟!!

خالد : يا بنت الحلال شي مر في تفكيري و قلته عاد مو توقفين لي على الكلمه ..

هند : ليتها وقفت على كلمه .. واضح أنك حابس ها الفكره في راسك من زمان و الظاهر كنت أدور على أول فرصه عشان تقطها في وجهي ..

*
*


أعترف أنها لامست لب الحقيقة ...

منذ أول أسبوع من زواجنا و أنا أشعر أني سأنفجر و أريد فقط أن أجد مناسبة تشرع

لي هذا الغضب من دون ان أخسر أكثر مما أقدر عليه ...

و الذي أشعل الشرارة الأولى صديقي حمد و شكوكه .. و من بعدها مناسبة العشاء

الذي أقامه شملان بمناسبة أول زيارة لهند لمنزل أهلها بعد زواجها ..

كنت أجلس في صدر الديوان و أشعر أنه المسيطر على أركانه .. بدى لي كا أب أو

أخ لها .. يتكلم عنها بكل بساطه و من دون تحفظ !

تغاضيت عن الأمر و أنا أردد أنني أبالغ في غيرتي .. فا هذا الرجل في مقام أخيها

لكن هو ليس أخيها لا الدين و لا العرف يسمح له بأكثر من إلغاء السلام ..

و تنامى شعوري الغريب الذي عجزت عن تصنيفه بعد حادثه قصيرة ..

كنت لتو عائد من السوق و في يدي عطر جديد أريد أن اسألها رأيها فيه ..

و انطلقت ما إن لمحته با العبارة التي فا قمت رعبي ...

" يوووو خالد ها العطر قديم شملان جننا فيه " .. عندما طلبت منها تفسير معنى

" جننا " ضحكت با أنثوية " هو في الواقع جنن بنت خالي اللي كانت زوجته و حنا

بس متفرجين " .. و تغاضيت مجددا و فسرت جملتها بشكل بريء .. لكن طفح

الكيل .. فعلا طفح ... بعدما عقدت مقارنه بيني و بينه .. هذا الذي دفعني للجنون ..

أي زوجه تقارن رجلا آخر بزوجها و ما ترمي له بهذه المقارنة !!

أيعقل أنها لم تستطع الحصول عليه و قررت استنساخه !

*
*
*

............................................................ ........

أصبح يتفادى عناقهم .. و قبلاتهم .. أصبح يهرب منهم كا مذنب موقن بأن من أخطأ

في حقه سيفيق من غفلته و يحاسبه لا محالة ..

*
*

فينوس : لا تبي تعطيهم حنان و لا تبيهم يروحون لأمهم يا خذون حنان ..

عذبي ينفخ ما حبس من دخان سيجارته : تبينهم يصيرون مثل ديمه .. يروحون لذاك البيت عشان يتلوثون .. يروحون و هم مودعينج با فينوس و يردون و ما ينادونج إلا طرفه ؟

فينوس : لا تحطني و لا تحط ديمه عذر .. اللي يمنعك أبعد من اللي تعرضه في تبريرك ..

عذبي : تبيهم .. تجي لهم .. محد مانعها .. بس أنا و أنتِ نعرف أنها اتخذت قرارها
من أول لحظة خانت فيها ..

فينوس : ليش تحصر كل شي فيها .. و ين دورك أنت في كل اللي صار ..

عذبي يرمي ما تبقى من سيجارته في المنفضة : بس فينوس ترى مالي خلق أعيد و أزيد با السالفة .. عيالي بينسونها عطيهم بس وقت و راح يتأقلمون ...

فينوس بنبرة حازمة : أنا راح أزور عمتي و آخذهم معاي يشوفون أمهم ..

عذبي : إذا أخذتيهم ما راح تقدرين تردينهم معاج و بيتعلقون في أمهم ..

فينوس : يصير اللي يصير المهم هم يرتاحون ..

عذبي يستسلم : خلاص سويي اللي تبين بس لسألتني أمي بقول أنتِ السبب و أنا مالي شغل ..

*
*
*

فرصه .. ستكون لي فرصه أن أقف على ارض ثابته و أنا متمسكه با الحق و

منطلقه من ثقه بدوافعي ... نعم سأواجه والدتي و أدافع عن أطفال أخي ... لن

اجعلهم يكابدوا ما كابدت ديمه .. لا .. لا يمكن أن أسمح للمأساة أن تتكرر .

............................................................ ................

*
*
*

تتبخر مخاوفنا عندما تتزاحم أخطاؤنا ...

لنقف بين ما هو في منتهى الصحة و ما هو مجرد صحوة متأخرة !

*
*
*



>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> انتهى الجزء .



مها 180 03-03-11 02:55 PM

أكره شيء في الحياة تكتبن رد ويطير<<المشكلة إني إنسانة متعقدة من هذا الشيء ودايم أنسخ الرد قبل ما أضيفه لكن قدر الله وما شاء فعل^^



علي حي! أبد ماتوقعته ولا حتى بأحلامي إنه حي حابكه صح شملان وش لو يدري أصيل؟



شملان ما أدري وش اللي بيستفيده من كون أخوه ميت وورط هالمساكين ياحول المشكلة لا لهم ناقة ولا جمل



يكون عقم شملان هو اللي خلاه يطلق فنوس وإلا أصلا لإنها ماتعني له إلا مجرد أداة انتهى منها إلا الان ماشفنا الجانب الانساني منه وإلا أنا متحاملة عليه..



فينوس أعجبتني بادرتها بردة العيال بس ياخوفي وصايف ترفضهم مع هالنفسة الشينة الواحد يتصرف من غير عقل..



إلا الان مازلت مصدومة من كون علي حي..



وضيح ما أدري وش أقول عن تصرفها الحين بس أحسه هو التصرف الطبيعي لإنها وإن كانت هي اللي مبتعدة عنه بمحنتها لكن بتحس إنه هو اللي تتخلى عنها ولا صبر عليها الصراحة صدمة كبيرة بعد زين اللي قدرت تجاوزها فقد ولدها واخوها واحترقت بعد..



شكـــرا ضحكتك على الجزء:flowers2:

إيلآف 04-03-11 10:03 PM



علي صدمة حقيقية وش الهدف من إخفائه .. حي في قفص ما الفائدة .؟!

بدائت بعض الرموز في الوضوح .. ولا زال هناك الغموض المشوق ..

خالد وهند أرى بعض المرونة في تعامل خالد مهما كانت افكاره فهو مقدم في زواجه على أي حال

ومافي خفي كان اعظم يا خالد وهل ستحمل هند يوما ما تلك الاخطاء الكبيرة في العائلة ..؟

فينوس (طرفه) .. هل التاريخ يعيد نفسه مع أبناء عذبي ام هناك مجال لتفائل ..؟

وضوح إذن هناك أسباب أخرى لزهدك غير وفاة ابنك واخيك بل هناك أثر دائم بين طيات جسدك يذكرك بالماضي المرير

لذلك أقف على الحياد لا أستطيع إدانتك ولا أمنعها لان حياتك بها شخص لا يرضى التهميش الى الابد وقد اعتاد غير ذلك من قبل ..

ضحكتك (شارمي)

كل الود والثناء لشخصك ..


بوح قلم 09-03-11 01:47 PM

شــــــــــــــــــــــــــــــــــارمي<< فيس اخيرن حصل له وقت يرد ع البارت


تسلمين حبيبتي عالبارت<<فيس ييوووووووووووسج


حلوو بدا الغموووض يقل شوي<< فيس يعرف تحافظين ع الغموض لاخر رمق خخخخخ


عذبي ووصايف

احلف بس.. لا انك ترحم عيالك ولا ترضى بحد يرحمهم<<فيس يجوفه باستنكار.. يلا بس.. خلهم يروحون يجوفون امهم.. وودر عنك هالمنكر هذا<<فيس الاستنكار.. وانتي مستانسه يعني<<فيس متخصر يجوفها.. جفتي شو سويتي ف عمرج.. محد ضايع ف اللي استوى الا عيالكم<<فيس يتنهد


فينوس<<فيس يتاكد من الاسم

انتي جي<< فيس الاوكيك.. هي يا بنت الحلال شلي وياج اليهال وخليهم يجوفون امهم.. لو بتترين شو اخوج المفلع.. بيضيعون حليلهم<<فيسي المتعاطف خخخ


علي وداد

انتو سالفتكم سالفه<< فيس يفكر بعمق.. الحينه انتي ماخذتنه..وغاديه له شرات النيرس<< فيس ضايع يحاول يركز.. شو يخص هالاوراق اللي هددج فيه اشملان<<فيس يستمر التفكير.. وعلى شكله انصدم عقب الحريجه اللي استوت.. وهتي تبعات صدمته<<فيس التفكير العميق

ساري ووضوح

تؤ تؤ تؤ تؤ .. وانته اشعنه تخش عنها سالفه عرسك ها.. زين لك الحينه<<فيس يهز راسه باسى.. بس جنه الا هي السبب وهي اللي ف اللي سويته<< فيس يدقق ما يبي شي يطوفه.. انتي تعالي<<فيس ميودنها ويتفاهم وياها.. شو سالفتج ويا ريلج ها.. اشعنه تحدينه ع العرس زين لج ياب لج عديله ولا شارده بعد<<فيسي اللي فووق

خالد وهند

اثنينكم غلطانين<<فيس الصراحه.. انتي اشعنه تتمدحين ف شمرن الدب جدامه ها.. عاد اللي يسمع هالمدح كله يقول الاخ ملاك.. هب جنه محور الشر فالقصه كلها<<فيس معصب يجوفها.. وانته بلاك ع البنت حشا تتريا عليها الذله عسب تغثها ب هالسالفه.. جان فهمتها.. قلت لها انا ريال اغار ع حرمتيه.. وما ارضى حد ايبب طاريها.. ولا حتى هي تطري حد.. وهي بتحس ع عمرها.. وبتسمع رمستك<<فيس يحل مشكلتهم خخخخخ


نترياج حبيبتي<<الفيس راعي الورود

ضحكتك في عيوني 10-03-11 10:52 AM


الجزء السادس :

*
*
*

الهاربون يستعمرون المنافذ لسد كل معبر ..

هم فقط العازمون أمرهم من يتخطون الحواجز ..

ليسكنوا على وجه المسطحات و يقيمون المملكات ..

*
*
*

على مساحات الضجر كانت ليلتي باردة .. وحيد إلا من ظل الوجع ..

أقاسي متراميات إخفاقاتي ..

نعم .. أخفقت بكل ما يتعلق با علي ..

أعتقدت بأني أنقذه من دهاليز المستشفيات حيث يخطون له آلاف التشخيصات

و حفظت له إنسانيته من سياط الجلاد .. نعم جلد حرفيا و أدميَ ظهره و قدماه

" مخبول " .. " مجنون " هكذا دوما كان ينعت من كل من تعرض له علي من غير

وعي , لم أفهم .. إذا كان هكذا يرونه .. كيف إذا طاوعتهم قلوبهم أن يعاملوه كا

حيوان ! ..

يضرب ليصبح أليف على حسب مناهجهم الدموية ؟!

علي منذ أول خطواته كان شقيا هكذا دوما رددت والدتي يرحمها الله ..

و أبي من كان مركز الأمان أوصاني دوما بأن أراقب المخبول , سيجلب لنا المتاعب

و يجعلنا أضحوكة لكل تافه .. حتى وفاته رددها .. رددها حتى صدقته !

كنا دوما نخفيه عن أعين الغرباء و عندما يهرب في غفلة منا كنا نعيده تحت مسمى

مخبول ... كنا له ظالمين أكثر من ظلم كل العالمين ...

لم أتعض .. و لم تكفل لي سنين عمري التي تفوق سنين عمره أن أوقف انحدار عقله

لبؤرة الظلام .. لا .. لم يكن علي مخبولا .. كان فقط يعاني من مرض نفسي حولناه

بجهلنا لمرض عضال أصاب العقل وحده !

المرض الذي حوله لمجرم تسبب في مقتل أبو سالم و احتراق وضوح التي ولدت

طفلها ميتا و إقصاء صديقه و ابن عمه أصيل لدائرة المذنبين ...

.. تبدوا الذكرى جدا قريبه و بالأخص و الريح تطرق نافذتي .. صوتها

الذي يشبه هلوسات و أنين علي المختبئ خلف حاوية القمامة !

و صوت خطواتي المتثاقلة عائد من المسجد حيث وجدت فيه الراحة بعد أن فقدت كل

شيء في الحريق الذي اعتقدت أن أخي أول ضحاياه ...

ياااا كيف في لحظة تغير كل شيء .. قمة الأسى تحولت لوديان زاهرة با

الفرح عندما أعدت النظر و دققت بمن كان مختبئ .. هذا هو أخي حي يرزق !

لم أضمه في حياتي كما ضممته في تلك اللحظة و لما أراه ضعيفا مكسورا كما رأيته

و هو يجاور القطط ... خفت عليه وزورت و كذبت ظنا مني أني أنقذه من مصير

مخيف و مظلم .. لكن ها أنا سجانه و اكبر مذنب ... و معذب .

مذنب .. من .. إلى .. حياة علي با المجمل ...

و ها هو آخر الليل يذهب بي بعيدا في معركة قديمة مع ضميري الذي يحاول

الصمود ... و من ثقل الكوابيس التي تشربت في جميع المسامات أصبحت ملهوفا

لرؤية الشمس و انقطاع الذكريات ...

*
*
*

أم ساري : حلفت ما تطلع قبل ما تريق معاي ..

شملان يقترب من عمته ليقبل جبينها : اليوم راضيه علي ؟!

أم ساري ترسل نظرها بملامحه الوسيمة : كل ما تكبر أشوف أخوي في ملامحك ..

شملان يبتسم و يقترب ليجلس : و طبايعه ؟!!

أم ساري تصب له القهوة : هو كان قاسي و أمك معاه كانت تعاني بس فينا يا أخوانه

ما كان يسمع و لا يشوف .. كان الأبو لنا كلنا ..

شملان : و أنا سديت بمكانه أو فشلت ؟

أم ساري : أنت ما قصرت على أنك ما أنت بمجبور ..

شملان يرتشف قهوته و يمد لها الفنجان : آسف ما قدرت أرد الحق ..

أم ساري : ما لنا حق عند ردينه و لا نبي منها شي .. طلبتك يا شملان خل أبو ساري و لا عاد تعرضه هذا هو في دين و عماة عين و فوقه خسر شغله ..

شملان بإصرار : ردينه مصيرها بتعاقب على كل شي سوته في أهلي و فيكم ..

أم ساري تمد كفها لتمسك ذراعه قبل أن يغادر : كانت شراكه يا شملان و كان لازم يكون فيها خاسر و ربحان ..

شملان بسخريه : و ردينه دايما هي الربحانه !! .. ما سألتي نفسج شلون و ليش ؟


*
*
*

استيقظت بمزاج ثوري ..

و يقين بأني كنت سوف أبقى لو أني رأيت ضوء في آخر النفق لكن مع إستحالة

البقاء في ظل الخوف كان علي أن أتخذ القرار با الرحيل .. ليس من أجلي بل من

أجل سالم أخي الصغير ... لو أن شملان عتقني من أخيه و أعاد لي إنسانيتي بدل أن

يبتزني و يمارس قوته على من لا قوة له لكنت له ممنونة و شاكرة و ممكن خادمة !

لكن القمع يولد القهر و منه تولد الثورة ..

نعم ردد أنه سوف يزجني في السجن و التهمه ملفقه بأوراق وقعتها ساذجة في غفلة

عن أي مخططات لشيطان .. لكن أليست الساذجة الآن أكبر و تعرف أنها ارتبطت

بمجنون .. و تعرف يقينا أن ليس هناك غيرها و غيره من يعرفون بوجوده ..

هو يخفيه . .لماذا ؟ .. لا أعرف .. لكن لا يهم .. لأن الأهم أنه ورقتي التي سأساوم

بها شملان ...

بدأت أول خطوة و لملمت ما يمكن حمله من حاجياتنا و سارعت في المغادرة من

دون حتى أن ألتفت خلفي .. خريطة مسيري واضحة في ذهني لكن مخاوفي تتعثر

بها خطواتي ... و أجد نفسي أردد مخاوفي ... أنا فتاة صغيرة لم تتجاوز الخامسة و

العشرون من عمرها و بمعيتها طفل بعقل مراهق .. مفلسة و جاهلة و مقطوعة من

شجرة ... هذه ببساطة كلي أنا ! .. من سيكون الطامع التالي بي .. و أين سيصل بي

قد يكون شملان شريرا لكن اعتدته و أعرف كيف التعامل معه ..

كل ما علي أن أفعل لدحر مخاوفي من المستقبل هو أن أعود أدراجي قبل أن يدرك

شملان اختفائي !

لا .. هكذا رددت و أنا أنفض الشحنات السلبية من رأسي قبل أن يلتقطها سالم ...

*
*

سالم بتذمر : أنا تعبت من المشي ..

وداد : خلاص خلنا نستريح قريب من المسجد .

سالم بانفعال : لو أموت ما أقعد عند المسجد بعدين يحسبوني شحاذ ..

وداد بغضب : أنا قلت لك بنستريح عند المسجد .. ما قلت بنشحذ ..

سالم بغضب مماثل: و الناس شدراهم ..

وداد ترضخ رغم المزاج السيء : أفففف منك .. خلاص وين تبينا نقعد ..

سالم بحماس : شوفي هنااااااك ورى المجمع فيه حديقة عامه خلينا نروح لها و نشتري السندويشات اللي و عديتني فيها و نستريح با المره ..

وداد تمد نظرها بعيدا : متأكد أن ورى المجمع فيه حديقة عامة ..

سالم بحماس : أي متأكد وداني لها شملان مره لما كان فيها سوق خيري ..

وداد بذعر : شملان يدل الحديقة .. لا أجل هونا خلنا نروح مكان ثاني ..

سالم بضجر : يوووووووو وين نروح أنا تعبت ..

وداد : سالم أنت رجال اللحين مو وقته تتصرف مثل الأطفال .. أنا قايله لك ما فيه راحه لين نوصل حارتنا القديمة و نتغدا هناك بأي زاوية..

سالم بنبرة متعبه : أنا شسوي مكسر و جسمي كله يعورني أبي أرتاح ..

وداد باستسلام : خلاص نروح الحديقة و ندور لنا مكان صاد ..

سالم يسارع بفرح و يجر أخته خلفه : يله اجل عشان نوصل بسرعه ..

وداد : شوي شوي .. مو توك تقول مكسر و تعبان !!


............................................................ .............

لم يكن لأي حائك أن يحيك لي لحاف يقيني برد الجفاء ...

تجافيني منذ ذاك المساء و أنا الذي كنت أجافيها من قبل .. أم هي من بدأت ؟!!

في دائرة مغلقه من موت المشاعر أنا و هي .. تجافيني لأجافيها و تجفى لجفاف

تفطر فيني ! ..

با الرغم من ابتعادها و ابتعادي إلا أني أتمنى لحظة التلاقي ..

وضوح هي من غيرت كل مساراتي .. من حولتني من صعلوك إلى ملك يحكم

و يأمر و له كل ما يتمنى و يطلب !

قبلها .. كنت لأعوام أرتدي عباءة المحتال أمجد الكل و في السر أتجه فقط لمصدر

الفائدة ! .. أتسكع مع عذبي في مدن العالم عيناي تنهش ما لم يحله الله لي .. كنت أبن

عمته با الاسم و مرافقه الخاص با الفعل .. خادم أو تابع لا فرق .. فقد كنت مجرد

ظل لزير نساء ألتقط فضلاته و أوهم نفسي با النصر !

إلا أن نبهتني وصايف با الأنثى التي اكتملت أمامي ..

*
*
............. من ذاكرة ساري ..............

*
*

وصايف تساعد ساري على ترتيب حقائبه : شراح تجيب لي ..

ساري : و شجيب لج تراني مفلس مو شفتيني كل يوم أسافر قلتي هذا مريش ..

وصايف بإبتسامة ساخره : لا أنا عارفه أنك محمول و مكفول ..

ساري يرد عليها بإبتسامه مماثله : عليج نووور

وصايف : زين أنا أقدر أسلفك و قاصدني على مهلك .

ساري يطلق ضحكه عفوية : أحط الدين على ظهري عشانج .. مجنون أنا ..

وصايف ترمي على مهل نسارتها : لا مو عشاني .. عشانها .

ساري في غفلته : أصلا بليا ما تقولين أمي و بعد عمتي بشتري لهم هدايا أما أنتِ و
خواتج أنسوا ..

وصايف بتأفف : ياربيييييي أبتليت في أخو مخه مسكر .. و شجاب أمي و عمتي بسالفة ... أنا أدري أنك تذكرهم دايما و لا أنت محتاج توصيه ..

ساري بانتباه : أجل من تقصدين ؟!

وصايف بإبتسامة خبيثة : وضوح .

ساري يرفع حاجبه علامة تعجب و بنبرة بلهاء : وضوح بنت خالي ؟!!

وصايف تقلد نبرته : أي وضوح بنت خالي .

ساري بتوجس : و ليش أجيب لها هي هدية بذات ما باقي إلا تقولين جيب لفينوس ..

وصايف : و شجاب لجاب ؟!! .. اللحين وضوح اللي تقط الطير من السما تقارنها بفينوس ؟!! .. أنت الظاهر ما عاد تشوف . عاد أنا قلت مع ها السفرات و التفتح على العالم بترتقي بذوقك و بتشوف الجمال الحقيقي في بيت جيرانا .. جيرانا الحلوين اللي يطللون عليك من دريشتهم و أنت رايح و جاي .. أنت شنو ما تحس ..

ساري الذي كان منصتا بدهشة : يعني بتفهميني أن وضوح معجبة فيني أنا !

وصايف : مالت عليك .. شنو معجبة .. البنت مغرمة .. معقول أنت عمي ما تشوف .

ساري يرفع يده بتهديد : أقول روحي من وجهي اللحين ليجيج كف يطير راسج الفاضي ..

وصايف بتصميم على إفهامه : ساري أنا أتكلم جد .. حرام عليك من أمس وضوح ميته بجي جايينها خطاب و أنت و لا حاس ..

ساري يبعدها ليكمل ترتيب حقيبته : الله يوفقها .. و أستحي أنتِ على وجهج و بلا ها السوالف الماصخه و لا تقعدين أطلعين كلام من مخج لأنج تبين بنت خالج ما تروح بعيد عنج ..

وصايف با غضب : تدري ساري صداقاتك مع عذبي كسرت شي في داخلك .. أنت أكيد تسأل نفسك اللحين ليش وضوح حبتني أنا بذات و ما حبت عذبي أو أصيل ..

ساري بإندفاع : سؤال منطقي . .و جوابه ممكن يكون لأن وضوح في داخلها شي منكسر و تبي تجبره بأحد تظنه اقل منها ..

وصايف : أو بكل بساطه لأن وضوح شفافه و صادقة قدرت تكتشف فيك شي أنت للحين ما أدركته ..

ساري بفضول : مثل ؟

وصايف تهم با الخروج : لا تضيع الفرصة و اسألها بنفسك ..

*
*

منذ ذالك الحوار الذي قلب كياني أصبحت وضوح بؤرة اهتمامي ..

عيناي برعت في ترصدها و أصغت مسامعي لكل ما يأتي في ذكرها ..

و بدأ قلبي يرتبك من مجرد معرفتي بتواجدها في منزلنا ..

و ما أن وقفت أمامي بخجل ذات مرة تخبرني بأنها رسول بمطالب ثقيلة لمن يحملها

فا البنات احترن من يوصلهن لسوق و هي من تحدتهم بي أنا ..

نفضت ما كنت عليه و استلهمت من جرأة عذبي و حاكيت سلوكياته التي أوقعت

كل فتاة ترصدها بشباكه ..

و انهمرت عليها بلذيذ الكلمات و و شوشت لها بما يوسوس به عقلي و قلبي و كلي

في حضرتها .. لتحتضن كفها الصغيرة خدي بصفعه و تنطلق بأسى مبتعدة ..

باكيه و هي تردد .. كم خيبتي بك الآن متعاظمة !

جننت بها .. و كل صد واجهته بعزم أكبر لتقرب منها .. لكن كانت أبية شريفه و أنا

المذنب كليا با تغافل أبناء خالي !

و عندما هربت لأقصى بقاع الأرض و عدت تابع لعذبي أدركت ما لمحت له

فينوس .. أنا هنا و العالم بين يدي ناقص .. و معها كنت كما أريد .. واثق .

عدت سريعا و قبل أن ينطلق الكل بترحيب أخبرتهم أنني أريد الزواج من وضوح ..

*
*
*

أنفال منقطعة الأنفاس تقطع على ساري انسياب ذكرياته : ساري وضوح اختفت .. كبتها فاضي ما خلت شي وراها !

ساري يقفز من مكانه : وين راحت ؟!!

أنفال في قمة القلق : و أنا شيدريني .. أتصل على شملان أكيد يعرف وينها ..

............................................................ ............

في قمة الحماس كل منهم يريد أن يسترعي أنتباهي ...

هل ألبس هذا الفستان ؟ .. ليبعدها المتنمر من أمامي و يسألني أن اصفف له شعره فا

هو يريد أن يشبه عمه أصيل بكل التفاصيل ! ..

فينوس تسرح شعر فطومي بينما تحادث عبدالله : عبودي يا قلبي الجل مو زين
لشعرك بعدين يتساقط ..

عبدالله يضخم صوته ليفخم من عمره الذي لم يتجاوز الست : أنتِ ما تعرفين هذا جل أصلي مو بطقه مثل مال السايق ..

فينوس تطلق ضحكه تملئها الدهشة : و منو شرالك الأصلي ؟

عبدالله بشقاوة : ما شريته .. أنا أخذته من غرفة عمي أصيل ..

فينوس تسارع بتأنيبه : لااااا عبود لازم ما تاخذ شي من غير ما تستأذن .. اللحين عمك يزعل عليك ..

أصيل الذي سمع الحوار يقتحم الغرفة بحضوره الآسر : أبو عذبي كلي حلاله ..

عبدالله يسارع لتقبيل عمه الذي يراه قدوة : عمي أبي أقص شعري مثل قصتك .

أصيل يمسك بأرنبة انف عبود : غالي و الطلب رخيص .. بكره آخذك الحلاق معي .. آمر بعد شنو تبي ..

فينوس أنتهت من تسريح شعر فطومي و التفت على ردينه التي نامت قريبا منها: لا خلاص عبود مو طماع و بيقول لك مشكور يا عمي ..

عبدالله أصبح في جدا مطيع بحضور عمه المهيب : مشكور عمي ..

أصيل يبتسم بحنان : عفوا يا أبو عذبي ..

عبدالله : أنا ما ابي أسمي ولدي عذبي .. أبي اسميه أصيل ..

أصيل يطلق ضحكته الساحره التي تميزه : أنت الحين خلص الابتدائي و يصير خير

.... إلا و شعندكم كاشخين .. بتروحون مكان ؟

فينوس تسبق عبدالله في الإجابة : بوديهم يزورون أمهم .

أصيل أرتبك : أخذتِ الأذن من أبوهم و إلا من راسج قررتي ..

فينوس لم يعجبها ما قاله : طبعا أخذت الأذن من أبوهم ..

أصيل يراوق : و من أمي ؟

فينوس : أمي تفهم شعور الأم و لا يمكن أتخيل أنها ترفض أنهم يزورون أمهم .

أصيل يبتسم بسخريه : صج ؟!! .. زين وين أختج ديمة .. بتودينها تزور أمها بعد أو ما استأذنتي لها للحين ...

فينوس : ديمة معزومة على حفلة ..

أصيل تأجج صوته با الغضب : معزومة على حفلة ؟!! .. خير أن شاء الله و ين قاعدين في لوس أنجلوس .. خلاص كملت العشرين تنعزم و تعزم و تروح و تجي على كيفها ..

فينوس تقطع عليه الطريق : أبوي موصلها و هو اللي راح يردها و هي بنته و مشاورته و كيفه هو وياها ..

أصيل مازال غاضبا : ما راح يخربها إلا أبوي بدلعه الزايد لها ..

فينوس في محاولة لدفاع عن ديمة : اللحين عشان وداها توسع صدرها مع صديقاتها صار مدلعها !!

أصيل : مو هو نفسه اللي كان يوديج و يجيبج من بيت عمي و آخرتها تمردتي و بنفسج هجيتي مع ولد عمج من غير شورنا ..

فينوس تنتفض من مكانها و قبل أن تنطلق با غضب أنتبهت لفاطمة و عبدالله المنصتين :

يله يا حلوين تأخرنا على ماما ..

أصيل يقف أمامها قبل أن تخرج : تبينهم عذر .. تبين تعيدين اللي كان ..

فينوس و غصه تتعاظم لتبث في نبرتها حزن : ربي أعلم في نيتي و ما ني في رجا عفوك يا أخوي ..

أصيل يبتعد بعينيه عنها : أنا راح أوديهم و انتِ أنثبري في مكانج وبيت عمتي مالج مراح له ..


فينوس تنسحب من المواجهة : حلو توفر علي المشوار .. دقايق خلني أنادي المربية تروح معاكم ..

*
*
*

سوف لن أموت ... لا جديد في آرائه .. و كل ما في الأمر أنه يجدد إهاناته ..

هكذا أردد في محاولة لإقناع نفسي أني في مقصورة الاعتياد تبوأت مقعد القائد ..

*
*

روحها المتنازلة و عيناها الخاضعة تفتز القسوة من محاجري لأرسل لها نظراتي

المحرقة و يتبع لساني بتسلط أوامري .. لا أعرف إن كنت نادم أم ذو ضمير معذب

.. كل ما أعرفه أني أود أن أعود لأعتذر !

...........................................................

*
*
*

وصلت لمقر عملي و عندما ترجلت من سيارتي بدأت الأفكار تتجاذبني ..

و ما أن وصلت للبوابة حتى عزمت أمري أن أقطع هذه الأفكار و أريح أعصابي

و أوفر وقتي المهدر على بوابة التأجيل !

عدت أدراجي و انطلقت هذه المره متجها للمنزل الذي سجنت به ثلاث أرواح طاهرة

منذ أن طرقت على الباب حتى استشعرت با غرابة الأجواء ..

يبدوا المكان جدا هادئ .. لا صوت لسالم المشاغب و لا لوداد هاوية التنظيف و

إغداق الماء على عتبات الباب ...

وقفت للحظة و عزمت أمري أن أتوجه للخلف و أدخل مباشرة على علي ..

و على أن المسير كله خطوات إلا أن عقلي قاسه بساعات طوال !

خوف .. بل رعب .. مما ينتظرني ..

أيعقل أن ستار الليل أخرج المارد مره أخرى من علي ليشكل جريمة أخرى ...

أيعقل أنني ساعدت علي تشكيل نهاية سالم و وداد كما شكلت نهاية والدهم .

*
*
*

شملان دخل بتوجس على علي الذي كان يجلس بين الفوضى يبكي كا طفل : علي ..

علي شفيك .. في شي يعورك ؟ .. وين وداد و سالم .. ما جوك الصبح ؟

علي : ما لقيت دفتري .. لما قمت الصبح ما لقيته .. وين .. أبي أكتب اللي تخمر في عقلي ..

*
*

تركت علي خلفي و اتجهت للباب الذي يفصل بين غرفة علي و الممر المؤدي

للمكان لمخصص لوداد و سالم .. .لأنادي على أمل أن أسمع أصواتهم لتو مستيقظين

لكن عندما رد الصدى اتجهت بعزم باحثا عنهم في إرجاء المكان .. و كلي أمل أن لا

أجدهم ! .. نعم .. لا أريد أن أجدهم جثث خالية من الحياة ... بطبع لن يكون علي

المتهم فا علي كان محبوسا وراء الباب المغلق .. لكن فتاة وحيدة و أخيها صبي

صغير عرضة لأي طامع و مراقب لوضعهم الغير ملائم !

لكن من حسن حظي أم حظهم .. لا أعرف لكن من المؤكد أنه أسعدني أنني لم أجد

لهم أي تواجد.. و هناك عدة أجوبة لهذا الاختفاء المفاجأ ..

*
*

شملان يعود لغرفة علي : علي وداد و سالم ما جوك اليوم ؟

علي : بلى جت وداد و سالم وجابو لي فطوري .. بس مدري من فيهم سرق دفتري ... روح جيبه منهم و إلا ترى ما عاد راح آكل شي يجيبونه لي ..

شملان : أي دفتر اللي تكلم عنه ؟

علي يصرخ في شملان : دفتري اللي من جيت أقولك عنه .. أنت ليش ما تنبه للي أقوله .. ها الدفتر هو بس اللي يسمعني و إلا أنتم كلكم ما تسمعون ..

شملان بتوجس : و ها الدفتر شنو فيه .. شنو اللي تقوله له ..

علي يسرح ليرد بصوت مختلف : أكدس فيه بعض اللي باعوه البؤساء و كل من تشرد عطيته ورقة و خليته يخط فيها عريضة .. فيها أخوي و ولد عمي .. فيها
كل من تمرد و سكن في عقلي و تنفس ..

شملان بخوف : علي أنت كتبت فيه شي عني .. عن أصيل ؟

علي يلتفت لأخيه و يبتسم بخبث : و أنت و شعرفك في أصيل ؟ .. مو أنت قلت لي أن أصيل شخص من ورى السور .. و إلا أنت أنجيت ؟!!

شملان بإرتباك يحاول أن يلهي علي : تبيني أجيب لك دفتر ثاني تكتب فيه ؟

علي بصوت ملهوف أشبه لصوت طفل : أيه بس أبيه أكبر و معاه قفل .. و أبي أوراقه ملونه .. و على غلافه أبي تحط صورة أصيل .. بعدها ضحك علي بشدة
... ترى امزح معاك ما ابي دفتري يشبه دفتر هنوده ..
جيب لي ورق .. بس ظنك أي ورق بيكفيني عمر ؟!!

شملان يبتعد عن علي و يحاول أن يستعيد توازنه : علي أنا بروح اللحين أجيب لك أرواق بس اول بعطيك دواك و بتنام على ما أجي .. زين ؟

علي : أي أنا أبي أنام .. ما عندي شي أسويه .. دفتري مو معاي والورق يبيله عمر..

*
*

كا طفل نام سريعا و كا لص تسللت على أطراف أصابعي هاربا ..

لا اللص ليس أنا .. وداد .. وداد هي اللص و المجرمة !

أيعقل أن تكون وداد بهذا الخبث .. تسرق بأناملها الصغيرة دفتر علي لتجرمني عندما

أحاول أن أبتزها لتعود سجانه تحت أمرتي !

با الطبع و إلا ما سر اختفائها وأنا من با الأمس كان من يهددها ..

لو كنت فقط أكثر انتباها لذاك الدفتر الذي لا يفارق علي لكنت الآن أكثر أمانا ..

................ رنين هاتفه يقطع عليه أفكاره ................

*
*
*

ساري : وضوح معاك ؟

شملان : و شيجيبها معاي ؟!!!

ساري بذعر : إذا مو معاك و لا هي في البيت أجل وين راحت ..

*
*
*

قفز عبد الله بحماس و تبعته فاطمة على استحياء و تعلقت ردينه الصغيرة في رقبة

مربيتها خائفة من المكان !

و ترددت أنا على عتبة الباب بدخول .. كيف سيكون استقبال عمتي لي

و هل سأصادف زوج عمتي السارق .. و ماذا عن وصايف هل هي على بعد

خطوات مني وكل ما علي أن أنبهها بتواجدي و أقترب أكثر من مرادي ..

*
*

ساري المرتبك كان خارجا من الباب بسرعة ليرتطم بأصيل الذي عاجله بسؤال: شفيك عسى ما شر وين طاير ؟!!

ساري توقف لحظة ليتأمل أصيل و تبدأ شكوكه تهيأ له أن أصيل يعرف بمكان تواجد وضوح : خالي وينه ؟

أصيل : مدري بس آمرني تبي شي أنا أسد محله ..

ساري بشك : أنت شعندك مسير علينا .. مو العاده ..

أصيل : الظاهر ما انتبهت لعيال أختك اللي توهم أدخلوا ..

ساري يلمح شملان من خلف أصيل : أعذرني أصيل أنا عندي مشوار مع شملان و إلا جان استقبلتك ..

أصيل لم يعجبه رد ساري : واضح أن في شي ما تبيني أعرفه .. بس تذكر أنا ولد خالك و أول واحد بيوقف معاك أنت بس آمر ..

شملان الذي أستمع لما قاله أصيل : و أنت أول واحد راح وشهد ضد أبو ساري ..
و أول واحد كبر قلب أخوه على أم عياله ..

أصيل أستفزه شملان ليقترب ويواجهه بكلماته المباشرة : و أنت يا ولد عمي أول واحد طعن و خان و ها المره و أنا متأكد أنك ورى كل اللي صار ..

ساري يتدخل : قصروا حسكم ترى لا المكان مناسب و لا الوقت ..

شملان بتحدي : أنا ماني متحرك من مكاني لين ولد عمي يجيب كل اللي عنده ..

*
*
*

خالد الذي لتو أوصل هند لمنزل عائلتها استوقفها بعصبية : لحظة وين رايحه ..

هند مستغربه : وين بعد بروح ! .. بنزل ..

خالد : أنتِ ما تشوفين أخوج و ولد خالج معاهم رجال واقفين قدام باب بيتكم ..

هند : هذا أصيل ولد خالي مسامح ..

خالد يدقق النظر في هند : أي ؟ .. و هذا بعد حسبة أخوج ؟

هند تحاول أن تتفادى التصادم : إذا ما تبيني أنزل أجل حرك اللحين قبل ما ينتبهون لنا و يعتقدون انك ما تبي تسلم عليهم ..

خالد بغضب متزايد : ماني متحرك لين تجاوبيني .. أنتِ ميانه مع عيال خوالج ؟ .. تسملين عليهم و يسلمون عليج و البساط أحمدي ..

هند تكبت غضبها : لاحول و لا قوة إلا با الله ..يا أبن الحلال السلام لله و إلا لا أنا هامتهم و لا هم هاميني ..

خالد : اسمعيني يا هند أنا أكره ما علي أن الواحد يستخف في عقلي و يردد بينه و بين نفسه خلني آخذه على قد عقله .. أهلج اليوم تقولين لهم ماراح أزوركم وولد خالي ماخذ راحته في البيت و قولي لأخوج الرخمه ترى البيت له حرمه و عليك حفظها ..

هند أستفزها خالد بكلماته التي أنتقص فيها من كرامة أخيها : لو فيك خير و رجال تنزل الحين و تقول لأخوي يا الرخمه و با المره تقول لولد خالي ...

خالد قبل أن تكمل هبط على رأسها بقوة يده ماعقبا : رجال غصبا عنج يا بنت الرخوم ..

*
*
*

اختنقت .. تلاشت كل ذرات الهواء مع تبخر الكرامة ...

كرهته .. كرهته في لحظة و أنا التي منذ سويعات كنت أعوم في أعماق غرامه

وحش .. نعم .. وحش .. مزق أنثى ظنت أنه الفارس ..

*
*

كنا في معمعة تراشق الاتهامات و لم يوقف سيل الغضب العارم إلا صرخات أنثى

مذعوره .. ألتفتنا كلنا في نفس اللحظة لنرى امرأة و رجل في سيارة متوقفة أمام

المنزل هو يصرخ بها و يمسك ذراعاها و هي تبكي بهستيرية و تحاول أن تخلص

نفسها منه في الحيز الضيق الذي كان ساحة لمعركة غير متوازنة الأطراف ..

و لم يقطع ذهولنا إلا صوت ساري و هو يردد هند .. هند ...

تبعنا ساري الذي أندفع مسرعا يقصد السيارة التي حبست فيها أخته و هي تحت

هجوم من شخص يفوقها قوة .. كان المشهد تراجيديا .. ساري الهادئ أصبح وحش

كاسر أنقض على الرجل الذي من المؤكد أنه زوج هند بقبضاته المتوالية ..

شملان حاول أن يفككه من يده و هو يحاول أن يكون الحكم .. أما أنا تصلبت

كل أوردتي و انقطعت إمدادات الدم لرأسي وقفت مذهولا و أنا أراقب أنثى منكسرة

بُعثِرت كرامتها تأن بضجيج أخترق مسماتي ووصل لعروقي ..

فينوس .. صورة فينوس تراءت أمامي لأندفع مواسيا ألملم ما تبعثر من حقيبتها

و أسندها لتصل للمنزل لحيث الأمان ولم أتوقف إلا عندما صرعني الثقل لتتلقفني

الأرض و أغيب على أصوات با القرب مني تلاشت ...

*
*
*

تتلاشى الظلمة في تجرد مواقفنا

لنتعاطى مع المواقف ببسالة عندما لم يعد الأمر .. من المهم !


............................................................ ...............

*
*
*
*

انتهى ..


الساعة الآن 12:46 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية