![]() |
6-الحب ينتظرك!
لم يظهر مارشيللو على الغداء , والسيدة فيتاليه كانت في مونافو , بيترو , سوزان وأيلينا كانوا وحدهم أمام الطاولة , أين صوفيا يا ترى؟ ولم يلمّح أحد الى غيابها , لكن سوزان بدأت تدرك أن الكونتيسة الجميلة تعيش وحيدة. الجو لم يكن مسترخيا كما يجب , بعد الحادثة الصغيرة ,هربت أيلينا الى غرفتها وسوزان ألتحقت هي أيضا بغرفتها , لتغير ملابسها قبل الغداء , لكن في الواقع كانت في حاجة لأن تكون وحدها لتضع النقاط على الحروف لما يدور في رأسها. لكن هذه الأستراحة الصغيرة لم تجد نفعا , فما زالت سوزان مضطربة داخليا , فريسة أحاسيس متناقضة , لا تعرف تماما ما هي حقيقة عواطفها أتجاه مارشيللو , وكلما تقدم الوقت كان الوضع يتدهور داخل القصر , وبدا واضحا أن العلاقات بين أفراد العائلة معقدة أكثر مما بدت عليه للوهلة الأولى , وتساءلت سوزان ما أذا كان تعلق بيترو بصوفيا أساس الأختلاف بين فالكونيه وفيتاليه , وكانت تميل الى وضع اللوم على صوفيا مع أن بيترو يلام هو أيضا , لكن حدسها كان يقول لها أن مارشيللو ليس لديه شيء ليلوم نفسه , بالرغم مما حدث هذا الصباح. ومن جانبها , كانت ايلينا أكثر هدوءا من العادة , وسوزان لم تتوصل برغم جهودها لكي تفرح الفتاة , وتجعل أساريرها تنبسط , أما بيترو فكان صامتا وكئيبا , وللمرة الأولى كانت سوزان تتمنى وجود السيدة فيتاليه على المائدة. وبعدما أحضرت لوسيا القهوة أختفت ايلينا بعد أعطاء حجة غامضة , وبقي بيترو وسوزان وحدهما , وأصبح الجو لا يطاق. سكبت سوزان القهوة لبيترو , وأضافت السكر وقدمته اليه مع أبتسامة صغيرة , فقال: " شكرا". على الأقل كان مهذبا , ثم قالت في صوت خفيض: " حسب رأيي, من الأفضل للجميع أن أغادر أيطاليا وأعود الى لندن". منتدى ليلاس أنتفض بيترو وقال: " ماذا تقولين؟". " فهمت ما أقوله جيدا , يا بيترو , هل تتفضل بالأتصال هاتفيا بالمطار لمعرفة أذا كان هناك مكان في طائرة المساء أو طائرة الصباح". صرخ بيترو قائلا: " آه , لا , لا يمكنك أن تذهبي هكذا!". " ولم لا؟ الظاهر أن وجودي هنا لم يسبب ألا المشاكل". " ماذا تعنين؟". كان منظره غريبا , وتساءلت سوزان ما أذا كان يشك في الحقيقة , لكنه عاد يقول: "آه , تفكرين بحادثة اليوم مع مارشيللو ؟ أرجوك نسيان ما حدث , في كل حال , لم يسبق أن أتفقت مع أبن خالي , أما في ما يتعلق بما قالته ايلينا حول صوفيا فأنني لا أنكر ذلك , أنا........ وهي.......نحن متعلقان جدا ببعضنا وقد شاهدتنا أيلينا نتبادل العناق , هذا صحيح , أنني أعترف بذلك , لكن.......". " آه , أسمع , يا بيترو! لست مضطرا الى أن تبرر مواقفك أتجاهي , كل هذا لا دخل لي فيه!". " بلى , يا سوزان...........". " أخيرا , أعتقد أنه سبق أن وضعت لك النقاط على الحروف , وأنت تعرف تماما أن ما بيننا هي علاقة صداقة فحسب ,والآن , أرجوك أن تتوقف عن التصرف كأن هناك شيئا آخر بيننا". " لكن , بلى ! كلما تعرفت اليك أكثر , شعرت بالسعادة لأنني دعوتك للحضور الى هذا القصر , وأمي بدأت تستلطفك ,ولا أفهم كيف أن حادثا بسيطا يحملك على الهرب". " أي حادث يا بيترو؟ أنت تهذي كليا! لقد رددت مرارا أن لا شيء بيننا , وأذا كنت , من جهتك , تشعر أتجاهي بعاطفة أطبر من الصداقة , فهذا سبب أضافي لرحيلي". " سوزان , سامحيني لما حدث صباح اليوم , كنت تافها بشكل كريه , أنني أعترف بذلك , لكن ضعي نفسك مكاني .......كنت غاضبا لأنك ذهبت للتنزه مع مارشيللو , أنني أعرفه جيدا , لا شك أنه أخبرك أنباء سيئة عني". " أنت مخطىء يا بيترو". " آه , أنه ذكي ولن يفضح لك الأمور بشكل واضح , لا شك أنه أستعمل وسائل غامضة.........". " كفى , يا بيترو , أنك تدور في حلقة مفرغة , دعني أذهب الآن". " لن أدعك ترحلين من هنا , جئت لقضاء أربعة أيام ولن تعودي قبل أن تنتهي عطلتك , ماذا ستقول والدتي ؟ سيساورها الشك و......". لم يكما جملته , لكن سوزان أدركت ما يريد قوله , لن تقبل السيدة فيتاليه أن يكون بين صوفيا وبيترو علاقة ما , لكن مغادرة الفتاة بهذه العجلة ستجعل الشكوك تدخل قلب المرأة العجوز وهذا ما لا يريد بيترو أن يحصل. |
قالت سوزان وهي تحتسي فنجان القهوة:
" في كل حال , أظن أنه ليس في أمكانك أن تمنعني من الذهاب". " أنني متأكد من أنك صدقت ما قالت أيلينا , أليس كذلك؟ وتتصورين أنني وصوفيا على....". قالت وهي تقف فجأة : " أنني أردد لك , أن كل هذا لا دخل لي فيه , وأخشى ألا يسهل وجودي هنا الأمور". " بأسم الصداقة التي تكنينها لي , يا سوزان , أطلب منك أن تبقي هنا , الى أن تنتهي عطلتك؟". كان ينظر اليها في توسل وأضاف: " كوني لطيفة ! أرجوك". " حسنا ,سأبقى حتى يوم الثلاثاء كما كان مخططا". تهلل وجه بيترو وقال: " شكرا , أقسم لك أنك لن تندمي على ذلك". بعد الظهر , رافقت سوزان بيترو الذي ذهب بسيارته لأعادة والدته الى القصر , هذه النزهة الصغيرة برفقة صديق عاد لطيفا كما عرفته , كانت بالنسبة اليها مريحة وضرورية. منتدى ليلاس في المساء كان هناك ضيف على العشاء , الضيف كان شابا جذابا , وغنيا , وعندما دخلت سوزان الى الصالون رأت صوفيا متأبطة ذراع الضيف في صورة حميمة , فألقت سوزان نظرة خاطفة وسريعة الى مارشيللو الذي كان يستند الى حائط المدفأة وعلى وجهه أمارات اللامبالاة , وهو يرتدي بدلة السموكينغ السوداء وكان يبدو أنتهازيا أكثر من أي وقت , وشخصيته القوية تطغى على شخصية اضيف , كارلو بوتيغا. ولم تكن سوزان تعرف أن القصر سيستقبل ضيفا تلك الليلة , وقد أرتدت فستانا أنيقا وزينت وجهها , أذ كانت ترغب أن تبدو جميلة لأن ذلك يرفع من معنوياتها , فثوبها الحريري الأسود كان يظهر أناقتها وجمالها . ولم يخف كارلو بوتيغا أعجابه بسوزان , لكن ذلك أزعج صوفيا , كما أن بيترو نفسه أعجب بجمال سوزان الطبيعي. أما مارشيللو فأكتفى بأشارة من رأسه لدى دخولها , ما رأيه بالأمر؟ هل يراها جميلة؟ هل ندم على تصرفه هذا الصباح؟ كيف يمكنها أن تعرف ذلك؟ تضايقت من نظرات عينيه الباردة , فتركت كارلو بوتيغا يغازلها. ماذا حدث تلك الليلة؟ سوزان عاجزة عن الرد على هذا السؤال , لكنها تذكرت فقط الجهد الذي قامت به السيدة فيتاليه لتلهي صوفيا وبيترو , بينما كان كارلو يثرثر معها بفرح , ما هو هدف المرأة العجوز وهي تحاول أبعاد صوفيا عن كارلو الجذاب وعن أبنها بيترو؟ هل من أجل المحافظة على زواج مارشيللو ؟ ولماذا أزعجت هذه الفكرة سوزان؟ بعد العشاء عاد الجميع الى الصالون الصغير حيث الأبواب الزجاجية مفتوحة يدخل منها الهواء المنعش , حاولت صوفيا أن تجر كارلو الى الحديقة , لكن الرجل الأيطالي أظهر أهتمامه بسوزان وأستمر في الحديث معها متجاهلا صوفيا. كان يقول للفتاة المنزعجة قليلا: " أنني ذاهب الى لندن , غالبا , فالمؤسسة التي أديرها تصدّر الرخام ,وحاليا الطلب قوي على الرخام في أنكلترا, لا يمكنك أن تتصوري عدد الناس الذين يطلبون بناء أحواض السباحة و.......". " آه , صحيح؟". تابع كارلو متجاهلا غضب صوفيا: " طبعا , لدي أوقات أكون فيها حرا , وبما أنني أحب المسرح أحاول دائما أن أحضر مسرحية جميلة كلما مررت بلندن". " أنني أفهمك جيدا". " أين تعملين بالضبط يا آنسة هانت؟". كادت ترد عليه , عندما سمعت صوت عكازي مارشيللو يقترب منها , كان يبدو عليه أنه لا يوافق على هذه الصداقة التي تبدو ظاهرة بينهما , فقال: " عمتي تريد أن تريك قطعة سجاد قديمة , يا آنسة هانت". ثم ألتفت الى صوفيا وقال: " كنت أعتقد أنك تحبين أن تأخذي ضيفنا الى الحديقة لتريه آخر الأنتاج الزراعي؟". " هذا صحيح , لكن بما أن الآنسة هانت كانت تستأثر به......". أبتعدت سوزان بعد أبتسامة سريعة من كارلو , كانت السيدة فيتاليه واضعة على ركبتيها بساطا من السجاد القديم به رسوم لطاووس , وكان بيترو واقفا قربها يتأمل البساط في أهتمام زائد. قال وهو يؤكد لسوزان روعة هذا الرسم: " أنظري الى هذه التحفة". وهنا أحاطها بذراعيه فقالت السيدة فيتاليه وهي تمر بأصبعها في حذر على الألوان الباهتة: "هذا النوع من السجاد المحاك كان شهيرا في القرن الخامس عشر , كما ترين بدأت الألوان تبهت , وأذا لم نهتن بالأمر بسرعة , فسنرى حفرة عن قريب , ويا للكارثة!". قال بيترو في فخر وأعتزاز: " أمي تجيد أصلاح السجاد , أنظري , لقد بدأت بالعمل هنا , لكن القطب غير مرئية ". " أنني أقدر لك تعبك يا سيدة فيتاليه , أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك". |
قال مارشيللو الذي ظهر وراءها:
" لا يمكن معرفة الشيء قبل محاولته لكنك على حق , أن عمتي ماهرة في هذا المجال , وأنني أقدر لك أشياء أخرى حصلت في الماضي ............ يا عمتي لويزا". أجاب بيترو في سخرية: " نعم , كانت تحافظ على مجموعاتك". لم يرد مارشيللو عليه , فسألت العمة في فضول: " أين صوفيا وهذا الرجل الدون جوان؟". " أنها في مشتل الحديقة". ثم نظر الى سوزان وقال: " عليك رؤية أزهاري وورودي قبل رحيلك , يا آنسة , أنها من دون شك رائعة". سألته السيدة فيتاليه: " لم أعد أتذكر أسم آخر وردة". " كاترين دي ميدتشي , سأريك أياها يا آنسة , أنها بيضاء نقية مثل الملكة". أحمرت سوزان عندما تذكرت الزهرة الرائعة التي وجدتها على الصينية صباح أول يوم لوصولها. وفي هذا الوقت كانت السيدة فيتاليه متوترة , غير مهتمة بزراعة الورد قدر ما هي منزعجة من أختفاء صوفيا. ثم قالت: "أذا كنت تعتقد أن صوفيا تهتم بالزراعة , فهذا يعني أنك رجل أحمق!". منتدى ليلاس أكتفى مارشيللو بهز كتفيه وقال: "أفضل أن أكون أحمق على أن أكون لصا , يا عمتي لويزا". وأبتعد نحو الباب في خطوات مترددة. عادت صوفيا مع رفيقها بعد غياب طويل , كانت سوزان جالسة قرب السيدة فيتاليه تصغي اليها وهي تحدثها عن مرحلة ما قبل الحرب عندما كانت ما تزال فتاة غير متزوجة , وتسكن القصر مع أمها ووالدها وأخيها , وتكلمت المرأة العجوز عن زواجها وفهمت سوزان أن والديها لم يوافقا عل هذا الزواج. لم تكن سوزان تصغي في شوق الى ذكريات المرأة العجوز , لكنها كانت تفضل ذلك على النزهة في الحديقة التي أقترحها بيترو في أصرار , لقد وافقت على البقاء حتى يوم الثلاثاء , لكنها لا تريد أن تنجرف مع بيترو في مغامرة لا تعرف نهايتها. بدت صوفيا متضايقة لأنها لم تجد مارشيللو في الصالون...... وجهها الأحمر , وشعرها المشعث يفضحان ما حصل داخل المستل . أنتظرت سوزان فترة قصيرة قبل أن تطلب السماح لها بالأنسحاب , بيترو وكارلو كانا متأسفين لذلك , لكن سوزان كانت ترغب أن تبقى وحدها وخرجت في سرعة من الصالون. |
لكن ما أن وصلت آخر درجات السلم حتى شعرت بوجود أحد وراءها , ألتفتت ووجدت في الظل ,شبح مارشيللو , وعندما عرف أنها أكتشفته , تقدم خطوة وقال في لطف:
" أنت صاعدة الى غرفتك , يا سوزان؟". " نعم , أن الساعة تزيد عن الحادية عشرة ,يا سيد دي فالكونيه". من المستحي أن تناديه بأسمه الصغير . " بالنسبة ألي هذا مبكرا". " آه , صحيح؟". " فتيات اليوم يعشن حياة مفككة , بلا رباط". " آه , صحيح". لم تعرف ماذا يقصد بذلك , أقترب منها وأضاف: " نعم , صحيح , يردن تذوق كل الملذات.......". " ماذا تعني؟ أنني لا......". قاطعها بقوة : " وكاولو بوتيغا , فارس أحلام زوجتي , هل تجينه جذابا ؟". " أنني نعم , أنه جذاب , هذه حقيقة ظاهرة ........ أنني ........ أنني آسفة..". " لست غبيا يا سوزان, سمعت أن هذا الرجل الأيطالي الجذاب أعطاك موعدا وأنني أنصحك بعدم القبول". "ماذا قلت؟". " لا تحاولي قول العكس , أن سمعي لا يضاهى". كلا , هذا غير معقول , لماذا يتدخل في شؤوني ؟ تقلصت سوزان في غضب وقالت في لهجة رافعة ذقنها: " لا شك أنك تملك أذنا قوية أكثر مني , أعترف أنني لم أسمع السيد بوتيغا يطلب موعدا ,وفي أمكاني أن أعود الى الصالون لأتأكد من ذلك......". منتدى ليلاس " هل تنكرين أنه دعاك الى حضور مسرحية معه؟". " أنني أرفض أن أرد على سؤال وقح كهذا". " ما دمت تسكنين قصري , فأنني مسؤول عنك , يا آنسة". حدقت فيه سوزان بضعة ثوان من دون أن تتلفظ بشيء , ثم عادت تتسلق السلالم , فسألها في صوت غير مبال : " تريدين رؤية مجموعتي الفنية , أليس كذلك؟". ألتفتت اليه في سرعة , وكانت ترغب في أن تقول له أن يدعها وشأنها , فقال: "أذا وافيني غدا صباحا الى غرفة الطعام ففي أمكاني أن آخذك في جولة داخل القصر , بعد تناول الفطور". " شكرا , لكن عليّ أن أذهب لحضور القداس مع بيترو ووالدته ......... وأنت ألا تحضر قداس يوم الفصح؟". " أنني لا أمارس الشعائر , منذ زمن بعيد , عندما أكتشفت ...........". تردد قليلا فسألته سوزان في أصرار: " عندما أكتشفت ماذا؟". " أنا مع القول السائد , لدينا كفاية لنحب بعضنا". " هل الحادث هو الذي ......". " فتح لي عقلي , نعم". " لا أعتقد أن المرارة في أمكانها أن تحل لك مشاكلك". " المرارة ؟ من أين لك هذا يا سوزان ؟ لقد أضعت أوهامي وأنني مليء بالندم , لكنني لست مرا وبالعكس أرى أن الحادث الذي تعرضت له كان مفيدا لي , تبدين مندهشة ؟". لم تكن سوزان قادرة على فهم كلماته. " لو....... سمحت يا سيد , أن رأسي يؤلمني وأريد الذهاب الى فراشي". " سامحيني لأحتجازك مطولا , تصبحين على خير". أختفى في البهو بينما كانت سوزان تتسلق السلالم ,وهي نادمة لما قالته في ردة فعل دفاعية ضد الأنجذاب الذي يحمله اليها , كم تريد أن ترافقه وتعزّيه وتقول له أن النساء لسن كلهن متشابهات , لكن هل هو في حاجة للعزاء ؟ أخيرا....... شكرا لله, بعد يومين ترحل من هنا نهائيا لتعود الى لندن مسقط رأسها. http://www.liilas.com/upp/uploads/im...f0b547c609.gif نهاية الفصل السادس.................... |
حبيبتي دودو تسلم ايديك بس خلصيها بسرعة لاني متشوقة كتيير
|
الساعة الآن 08:12 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية