رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
الفصل التاسع
لقاء مع الماضى https://ekladata.com/EOy4jlYq5HV-pLvklWOqlD8hocQ.gif شعرت سماح مسبقا بذلك الغضب . الذى ستصبّه عليها خالتها وبالخوف من نظرات الشك والحقد , التى ستمطرها بها مديحة , عندما يكشفان عدم وجود حسين فى الفندق , مما سيؤكد صدق ما اتهماها به فى الليلة الماضية , وراحت تترقب وصول السيارة التى تقلهن الى الفندق فى توتر واضطراب , وعلى الرغم من ذلك , كانت مرتاحة الضمير فهى لم تخن ثقة خالتها ومديحة بها , ولم تخبر حسين بالسبب الذى جاءا من أجله الى تونس , كما استطاعت اقناعه فى الوقت ذاته بألا يخوض تجربة اللقاء مع مديحة , حتى لا يسقط أسير المشاعر الزائفة .. نعم .. لقد أراحت ضميرها بالتوفيق بين الأمرين , أيّا ما كانت النتائج والعواقب .. وتساءلت بينها وبين نفسها : -أيمكن أن يكون ما قالته مديحة أمس صحيحا ؟ .. هل شعرت حقا بالغيرة منها , مما دفعها الى تأييد عدم حدوث اللقاء بينهما ؟ نفضت بسرعة ذلك الخاطر المزعج عن نفسها , وهى تردد: -لا .. ربما أن مشاعرى نحو حسين قد تجاوزت حدود الاعجاب حقا , وربما أن تلك الأحاسيس , التى انتابتنى نحوه أمس , أكثر من مجرد تعاطف مع صدق مشاعره. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
ولكن أيّا ما كانت مشاعرها وأحاسيسها , فهى لن تتحول أبدا الى انسانة أنانية ,تلعب كل الأدوار لصالحها , على حساب ابنة خالتها , فلو انها كانت واثقة من ان حب مديحة لـ حسين صادق , وانها لا تبغى استغلال عواطفه لمصالحها , لكانت قد بذلت كل جهدها للجمع بينهما , واصلاح ما فسد حتما , حتى ولو كان ذلك على حساب مشاعرها المبهمة نحوه , ولكن المشكلة هى أنها تعرف حقيقة خطة حكمت هانم وابنتها , التى لا مجال فيها للعواطف , ولا هدف لها سوى الاستفادة من ثراء حسين , الذى تشعر بأنه لا يستحق ما يخطّطانه له ..
أرخت رأسها فوق مسند مقعد السيارة , وهى تحدّق الى الطريق فى شرود , وراحت تردد فى أعماقها : -فليكن ما يكون .. ربما عدنا غدا الى مصر , وربما طردتنى خالتى من منزلها , وتركتنى شريدة , بلا مأوى أو ملاذ أو معين , وهى لن تتورع عن ذلك , خاصة وأن مديحة لن تغفر لى حرمانها من صيدها أبدا , ولكننى لست نادمة .. الشئ الوحيد الذى سأندم عليه , هو أننى لن أرى حسين بعدها. تنهدت وهى تتذكره , وأعادت اليها ذكراه بعض البهجة ونزعت الكثير من الحزن المطل من عينيها .. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
لقد أخبرها حسين أنه يمكنها أن تراسله على عنوانه بالفندق ..
نعم .. ان علاقتها به لن تنقطع , فهى تستطيع مراسلته وتعرّف أخباره عن طريق المراسلة .. ستلتقى به عبر كلمات الخطابات , وسيبقى هناك ما يربطها به , وفى هذا ما يثلج صدرها , ويخفف عنها أحزانها لفراقه .. أفاقت من أفكارها وشرودها على صوت مديحة وهى تهمس فى أذنها بحدة : -اننى احدثك .. ألا تسمعيننى ؟ التفتت اليها قائلة : -معذرة .. كنت شاردة بعض الشئ . قالت مديحة فى عصبية واضحة : -فيمَ تفكرين ؟ ردت سماح قائلة : -أأنا مدينة ايضا بضرورة اعلان ما يجول بخاطرى ؟ -كفاكِ تحدّثا بهذه اللهجة السقيمة , وأخبرينى بمَ حدثك به حسين عنى. -أنه يحمل لك فى أعماقه ذكرى مريرة. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
قالت مديحة وقد اهتزت ثقتها بعض الشئ :
-ولكنه ما زال يحبنى .. أنا واثقة من ذلك. قالت سماح فى عدوء: -أتخشين ان يفلت منك قلبه مرة أخرى ؟ . أم أن ما يقلقك هو ماله ؟ أجابتها مديحة فى تعالٍ: -ان قلبه ما يزال ملكا لى , ولست بحاجة الى البحث عنه. قالت سماح بنفس الهدوء : -الشئ الوحيد الذى يثبت ذلك هو مقابلته لك , فلو أنه يحبك حقا , فلن يغادر الفندق , وهو يعلم انك فى طريقك اليه. عادت ثقة مديحة فى نفسها تهتز مرة أخرى وهى تسألها فى قلق : -هل أخبرك حقا أنه سيغادر المكان , حتى لا يقابلنى ؟ -نعم .. لقد كانت هذه رغبته. -ولكننى أعرف حسين جيدا .. لقد كان يحبنى فى شدة , وهذا النوع من العواطف لا يندثر فى سهولة , انه لم يكن يطيق التخلّف عن موعده معى , مهما كانت الأسباب ؟؟ اننى اذكر ذلك اليوم الذى جاء ليلتقى بى فى الكلية , وحرارته تبلغ الأربعين درجة مئوية , وعندما عاتبته على اهماله لصحته , قال انه لن يتخلّف عن موعد معى حتى ولو مان يحتضر. وراحت تقول وكأنما تحاول اقناع نفسها : -لا .. انا واثقة من أنه سيكون موجودا .. انه ما زال يحبنى , وسيذوب كل مابيننا عندما نلتقى .. سترين ذلك. |
رد: وداعاً للماضى ( مكتوبة )
كانت حكمت هانم تجلس الى جوار سائق السيارة , فى المقعد الأمامى , وقد ألقت رأسها على مسند المقعد متظاهرة بالنوم , ولكنها لم تكن تستمع - فى الوقت ذاته - الى ذلك الحوار الدائر بين ابنتها وسماح , وانما كان تظاهرها بالنوم لتتيح لنفسها فرصة التفكير فى كل المشاكل والأزمات التى تنتظرها لو لم تفلح فى اتمام زيجة ابنتها و حسين ..
لقد تراكمت عليها الديون بصورة لا تُحتمل , وحتى ذلك المنزل الذى تمتلكه أصبح مرهونا , بل انها قد اقترضت تكاليف هذه الرحلة , اعتمادا على ما أكّدته لها مديحة من ثقتها فى استعادة حسين .. وعضت شفتيها فى ندم وهى تقول فى أعماقها: -لقد كنت غبية عندما رفضت زواجها من هذا الشاب , وحرضتها على اقتلاعه من قلبها , فلو لم أفعل ما احتجنا الى بذل كل هذا الجهد لحل مشاكلنا. ولكنها لم تلبث أن نفضت عن عقلها ذلك الشعور بالندم , مستطردة : -لا .. من المؤكد أننى ما كنت أستطيع قبوله وقتها , فلم يكن - حينذاك - بالشخص المناسب لابنتى , وما كنت لأتنبأ بكل ما وصل اليه , وكل ما حققه من ثراء فى سنوات قصيرة .. ولم أكن آنذاك مخطئة فالظروف المحيطة بأى شخص هى التى تجعل منه زوجا مناسبا أو لا .. |
الساعة الآن 05:07 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية