منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   (رواية) حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (https://www.liilas.com/vb3/t201397.html)

فيتامين سي 18-02-16 08:58 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الرابع والخامس والثلاثون)
 
1 مرفق




الفصل السادس والثلاثون

المدخل : بقلم الغالية deegoo



النص بالمرفقات


أهداء الي ........
وجد.....


سلمت الأيادي

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأحد إن شاء الله


فيتامين سي 21-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السادس والثلاثون)
 
1 مرفق



الفصل السابع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية lulu moon


خاطر .....
سألت :هل يلام الحبيب على عتابه لحبيبه ؟!!!!!
لذاااااااااااا لا تلمني يا آسرَ قلبي فما قلبي بيدي بل بيدك!!!!!
فرد: وهل تغفر زلة حبيب ؟!!!!!!!!!!!
اغفري لقلبي الذي احبكِ !!!!!!!!
ولا تكوني سراب كسرابات صحراء حياتي التي ولت !!!!!!!!!!!
عودي فالفراق صعب!!!!!!!!!


*****

قالت :احب شخصيتي ومن احبها ...كنت كذلك دوما ...لكن ما فعلته غيرني ...فقدت كرهي لك .....هل تعي معناها؟؟؟؟؟؟؟؟؟لن اسامحك على اقتحام قلبي .
قال:كوني ملجأ لقلب يهوى تعجرفكِ ....... ستسامحيني لانكي فعلتِ المثل ...سرقتي قلبي!!!!!
*********
قال:لا يوجد من يستطيع ترك قلبه ويرحل ؟؟؟؟؟
قالت :ولا القلب يترك مسكنه ..............
"""""""""""""""لذا لا ترحل"""""""""""""
احبكم ....
لولو العراقية .


سلمت يداك

باقي النص بالمرفقات



سلمت يداك

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأربعاء إن شاء الله


[/COLOR]

فيتامين سي 24-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل السابع والثلاثون)
 



الفصل الثامن والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية lulu moon

**صمتُ لكن اتألم في انتظار طيفك يمر على جراحي فيكن لي البلسم!!!!
لكن خشيتُ بتأخري افقدكِ كعبيرٌ ذهب بادراج العواصف لا كبلسم!!!!!!!!!
اشتقت لصيفٌ يُذيبُ حصون جليدُكِ بلسمي !!!!!....اشتقتُ وآه...طال الاشتياق !!!!!!!...**
مع تحياتي ..
لولو العراقية*


سلمت يمينك

************

جلست على الأرض أحضن ساقاي مسندة ذقني على ركبتي أشاهد

الطفلات وقد نجحن في رسم ابتسامة على شفتاي الحزينة فيالا براءة

الأطفال , كم ذكرني هذا بطفولتي التي سرقوني فيها وسرقوها مني

وأهدوني أجمل شقيقتين ما كنت لأحظى بهما لو بقيت مع والداي وهذه

كانت الحسنة الوحيدة فيما فعلوه , ماتت ابتسامتي سريعا لتذكري لهما

لما لا يعون أنهم يحرموننا من بعض فحتى بعدما أصبح هناك سائق

يأخذني حيث أريد فترجمان في منطقة بعيدة قليلا ودُرر علينا أخذ إذن

من زوجها المبجل أولاً ليعطينا الإذن وذلك عليا طبعا طلبه من آسر

ليتحدث معه , تنهدت بأسى وقهر لحظة ما شعرت بخطوات ما خلفي

توقفت بجابي مباشرة فهربت بنظري لقدماي بعدما علمت من يكون

صاحبها من حدائه ولا رجل سيقترب مني هكذا غيره , كان الصمت

رفيقنا لوقت طويل حتى غزته كلماته قائلا " رئينا أنه من الأفضل

استئجار أرض لتأكل مواشينا وأبقارنا حشائشها بدلا من ..... "

قاطعته قبل أن يتابع حديثه " لا أرى محاميك جاء لسردها

هوا هذه المرة "

قال بعد صمت لحظة " ومحاميك أنتي أيضا ويسعى معنا بكل جهده "

نظرت للجانب الآخر وقلت " ليثك تركته هوا قاله لي فحديثك

أنت عن الماديات يكسر صورتك لدي أكثر "

لاذ بصمت مبهم لا أعرف معناه ولا ما خلّفته كلماتي من أثر عليه

ثم قال بذات هدوئه " هل هذه باتت نظرتك لي ؟ رجل مادي "

ابتسمت بألم وقلت " علمت الآن بشاعتي في نظرك سابقا , يالها

من صورة بشعة وقاتلة وحلال كل ما كنت تفعله بي "

تحركت قدمه بقوة وكأنه افرغ انفعاله وغضبه لحظتها في حركته

تلك على الأرض وقال " أفهم من حديثك أني في نظرك هكذا ؟ "

عدت بنظري لقدماي وقلت " لاحظ أنك تكرر ذات السؤال في كل مرة "

قال بنبرة لم أفهمها " لتلاحظي أنتي وقعها في كل مرة أو هكذا ظننت "

قبضت يداي بقوة وقلت بأسى " أنا تغيرت ولم أجد صدرا رحبا يسامح

ويتفهم ما كنت عليه فنصيحة لا تفعلها كي لا تُصدم في المقربين لك "

تحولت لهجته من كل ذاك الهدوء لبعض الحدة وقال بحزم

" لم يغيرني المال يوما يا سراب ولم أكن ولن أكون متعطشا له "

قلت بجمود " ما فعلته معي لا يثبت ما تقول "

تنفس بقوة وقال " أنتي مشوشة وستغيرين كل كلامك هذا

يوما لذلك لن أعتب عليك "

نظرت له فوقي ولأول مرة منذ وقوفه وقلت بضيق

" وقل أني مجنونة ومريضة نفسيا أيضا "

نظر لعيناي بتركيز وقال " لا تُقوليني ما لم أقل "

بقينا على تلك الحال نظرنا معلق ببعض حتى قال بشبه همس

" تغيرتِ كثيرا يا سراب وفوق توقعي "

كنت سأتحدث لكنه سبقني قائلا " ليس من ناحية المال أعني "

ابتسمت بألم أقاوم دموعي وقلت " آن لك أن تلاحظ ذلك أو تهتم له "

وضع يديه في جيبه مبعدا نظره عني ثم تحرك نحو الصغيرات قائلا

" أتركي لها العنان يا سراب فلا أحد يتقن دور الصمود والقوة طوال الوقت "

ثم ابتعد نحوهم ونظري يتبعه حتى وصل عندهم ورفع إسراء

على ظهر البقرة وهي تصرخ خائفة والبقية يضحكن عليها فمسحت

عيناي بطرف كمي بقوة وتمتمت بأسى " من سمح لك بالخروج

أمامه ؟ هل يعجبك رؤيته لك "

واستمررت أفركهما بقوة مرددة " من ؟ ... من سمح لك من ؟ "

لكن ذلك لم يزدها سوا عصيانا وتمردا لتنزل محرقة جفناي فوقفت

من فوري وغادرت من هناك مبتعدة وعدت لمنزل المزرعة الصغير








*~~***~~*











دخلت المدينة التي يسكنها الوزير وعبرت أول شارع فيها لألمح سيارة

سوداء تلحق بي , ذات السيارة التي لاحظتها طوال المدة الماضية تلحقني

في بعض الأوقات , ما هذه السياسة الجديدة منهم ؟ ومن يوم شجاري ذاك

مع دُرر حين أطلعتها على حقيقة جدها فهل يكون علم بما حدث هناك ؟؟

لكن كيف ووجد منقطعة عنهم تماما رغم شكي في ذلك فلن تتوانى عن إيجاد

وسيلة لتتصل بهم ودُرر يستحيل أن تفعلها وتخبره بكل ما علمته وإن فعلتها

ستكون كارثة ودمرت كل شيء , لا مستحيل قد أشك بنفسي لكن بها لا فهي

شديدة التدين وتعلم فظاعة ما فعل جدها وفي أسوء حالاتها قد تتخذ موقفا

محايدا ولن تقف في صف أحد منا لكن أن تقف في صفه فمستحيل , لففت

الشارعين الفرعيين في محاولة لتضليل السيارة فيبدوا غرضهم ليس قتلي

وعليا إدراك الوقت قبل أن تضيع مني هذه الفرصة التي لن يمنحها لي مجددا

لا شقيق الوزير ولا الوزير بنفسه بسبب استهتاري ولا حتى إياس سيفعلها

من أجلي مجددا , فكرت في زيادة سرعتي لكني بذلك سأكشف نفسي لهم

خصوصا أنها تبدلت بأخرى كي لا ألحظهم , سحقا أي سياسة هذه التي

يتبعونها ؟ بعد قليل لمحت رجلا يبيع زيت الزيتون على عربة ولأن المناطق

الزراعية فقط تشتهر بهذه المبيعات وقفت وكأني كنت أبحث عن واحد مماثل

له ونزلت له من فوري وتابعتْ تلك السيارة طريقها كي لا تثير الشكوك حولها

طبعا وما أن اختفت حتى عدت لسيارتي وتحركت عائدا للخلف بسرعة

كبيرة أراقب الطريق فإن وجدوني مجددا فسأنسى فكرة مقابلة الوزير نهائيا

وصلت للقصر المنشود ولم يكن أحد خلفي ووقفت أمام بوابته ليوقفني الحرس

المنتشرين خارجه فقلت من فوري مادا بطاقتي له وعيناي على الطريق

" أنا أواس سالم مجدي تأكد براحتك فقط أدخلني بسرعة فثمة من

يلاحقني وليس في صالحي أن يروا أني دخلت هنا "

رفع نظارته السوداء الكبيرة وقال " ليس قبل أن نتأكد من

هويتك وسبب ملاحقتهم لك "

نظرت للطريق يمينا ويسارا مجددا وقلت بضيق " أدخلني

لأختفي عن الشارع فقط ثم افعل ما تريد "

أخرج هاتفا من حزام فتأففت بغيظ أراقب الطريق في كل اتجاه وقال

ذاك محدثا أحدهم في هاتفه قائلا " سيدي الرجل وصل ولم نتأكد من

هويته بعد وقال يريد الدخول وأنه ثمة من يلاحقه وعـ ... "

ظهر الصوت الحازم في الطرف الآخر واضحا رغم أنه غير مفهوم

فعدّل وقفته وأشار لمن خلفه ففتحوا البوابة وتنحوا جانبا وقال لمن

بجانبه " مشطوا المنطقة بعدما تأخذوا منه مواصفات ملاحقيه "

قلت من فوري " لا لا تلاحقوهم "

ثم دخلت وذاك الحارس ورجلين مسلحين معه يتبعاني حتى كنت في

الداخل وأُغلقت البوابة وحينها فقط تنفست الصعداء وشعرت براحة

لم أشعر بها حياتي , دخلوا ببطاقتي لمكتب حرسهم ثم خرج أحدهم

وأعطاها لي من نافذة السيارة وقال " ترجل وتابع طريقك سيرا "

ففتحت الباب ونزلت متمتما " حسنا فقط لا تفتشوني "

وبالفعل سرت باقي الطريق مشيا حتى كنت أمام قصر كبير يدمج

الحداثة مع الطراز القديم في لوحة فنية مبهرة وأنزلت نظري سريعا

للباب الذي فُتح تقف أمامه خادمة وأشارت بيدها قائلة " تفضل معي "

دخلت أتبعها حتى وصلنا لباب طويل يفتح على جانبين مذهب بطريقة

مبهرة ونقوش مدموجة بغرابة أجزم أنها لحرفة يدوية , طرقت تلك

الخادمة الباب عدة طرقات ثم دخلت وسمعت صوتها قائلة

" ضيفك وصل سيدي "

ولم أسمع رده ولم أتوقع أن يكون ينتظرني هنا وليس أنا من سأجلس

أنتظره حتى ينزل لي , خرجت تلك الخادمة تاركة باب المكتب الواسع

مفتوحا وكان مقابلا لي طاولة اجتماعات طويلة وكل هذا الباب لم يظهر

لي مكتبه بعد فكم تكون مساحة هذه الغرفة ؟؟ تنفست الصعداء ودخلت

بخطوات ثابتة وأغلقت الباب ليقع نظري على الواقف موليا ظهره لي

خلف طاولة مكتبه يتفقد شيئا ما في الرفوف المصفوفة المليئة بالملفات

خلفه , أذكر جيدا عندما كان يزورنا سابقا في أوقات بعيدة جدا من العام

له شخصية غريبة مبهرة ومخيفة وفذة ورائعة ذات الوقت تجعلك تحار

كيف تشعر حيالها بكل هذه المشاعر دفعة واحدة , رجل المهمات

الصعبة كما يسميه الكثيرين , حمحمت قليلا وقلت

" آسف سيدي لإزعاجي لك وقـ... "

التفت لي وقال قبل أن أنهي كلامي " أواس سالم مجدي الحرّاب ضابط

شرطة ومداهمات محترف من الدرجة الأولى كنت أول عضو في مجموعة

القبض على خيري الكاري ومن اقتحم المنزل المحترق وأخرج الطفلة سلمى

على عيّاد , تم ترشيحك في شرطة المخابرات ووكلت لك مهام سرية , دخلت

كلية الشرطة بتزوير في حالتك الصحية البدنية وخضعت بعد تخرجك لجراحة

لأوردة قدميك , ماذا لديك بهذا الخطر يا أواس تطلب رؤيتي فيه سرا

حتى عن رؤسائك "

احتجت وقتا لأفيق من صدمتي لما سمعت منه فمتى استطاع جمع كل هذا

عني ومؤكد قال المفيد فقط ويعلم أدق التفاصيل غيرها , اقتربت من طاولته

بخطوات ثابتة ووضعت الملف عليها وقلت " علي شكري رضوان قاضي

المحكمة العليا بالعاصمة الذي أقيل من أعوام وهاجر خارج البلاد "

قال ناظرا لي دون حتى أن يرفع الملف " مؤكد لديك علم بسبب

إحالته وأننا نعلم بما جئت من أجله "

كنت سأتحدث فقال مقاطعا لي " لا تقل أنك جلبت أدلة أخرى فقضيته

أغلقت وهوا لاجئ سياسي الآن في دولة لم تدخل ضمن دول مفاوضات

تسليم المطلوبين ومؤكد لم يفوتك ذلك فهل لديك شيء أهم جلبك هنا "

لم أشعر بخيبة أمل من كلامه لأني أعلمه وأتوقعه بل دهشت من قراءته

لأفكاري وتوقعه ما سأقول قبل أن أتنفس به فقلت بثبات " أجل هناك

ما قد يعني سيادتكم أكثر سيدي وباقي القضايا سيحاكم عليها معها "

شقت ملامحه الحازمة ابتسامة طفيفة وقال " تبدوا متأكدا من

جلبه ومحاكمته ؟؟ "

هززت رأسي بنعم وقلت بجدية " مثلما متأكد من أن الواقف أمامي

سيادة اللواء جابر حلمي من لا يضيع الحق من يديه "

جلس حينها على الكرسي وهذه الحركة أعطتني ارتياحا أكثر , فتح

الملف وقال وهوا يورقه " لما منعت الحراس من اللحاق بمطارديك "

قلت من فوري " كي لا يكتشفوا مقابلتي لك "

قال وقد وصل للأوراق التي أريد أن يقرئهم تحديدا

" ألهذا الحد أنت خطر عليه ؟ "

ثم تبّت نظره وأوقف حديثه وغضن جبينه عاقدا حاجبيه يقرأ بتركيز وقلب

الورقة ثم التي تليها بشيء من العنف والقسوة وقلب الثالثة والرابعة ثم وقف

على طوله وأخرج هاتفه وتوجه لباب الشرفة الواسعة ووقف أمام زجاجه

قائلا " أسعد أجلب رئيس المخابرات معك لمكتبي في الوزارة

خلال نصف ساعة "

التفت لي بعدها وقال " من أين تحصلت على هذه المجموعة

من الأسماء والبيانات الدقيقة ؟ "

قلت بثبات وأشعر بأن انتصاري بات يلوح في الأفق

" عمل أربع سنوات دون توقف ولا راحة سيدي "

عاد لطاولة مكتبه وجمع الأوراق قائلا " السبب شخصي على ما يبدوا "

كنت أعلم أن ذكائه لن يفوّت هذه النقطة فقلت " نعم وأكذب لو قلت

أن الدافع وطني أو إنساني فقط والنتيجة تبقى واحدة "

ضرب الملف على الطاولة لتنتظم أوراقه فيه وقال " وأنت

انتهت مهمتك هنا وعليك أن تختفي حاليا "

قلت من فوري " لا سيدي كل شيء إلا إقصائي منها فدعني

أكون من يصفد يديه بالأصفاد الحديدية "

ثنى الملف ممسكا له بيد واحدة وقال بجدية " أنت تعلم أن الأمر

لن يكون سهلا والدولة التي هوا فيها لن تسلمه "

قلت بجدية " لكنها تهمة خيانة سيدي وإضرار بأمن الدولة كاملا

وإن لم تمسكوا الرأس فالأطراف هنا إمساكهم بلا نتيجة , ومؤكد

تعلم ذلك جيدا "

خرج من خلف الطاولة قائلا " وتعلم أنت أن الأمر ليس سهلا "

قلت من فوري " وإن قلت لك أن لدي ما سيجعله يغادر وكره وأنه

انتقل لولاية أقرب للحدود من أسبوعين أو يزيد قليلا "

نظر لي باستغراب لوقت ثم قال " ما لديك ؟ "

قلت بثبات " حفيدته الوحيدة "

نظر لي باستغراب مطولا ثم قال " وما درجة تعاونها "

قلت بعد برهة " خمسون بالمئة .. أكثر من ذلك لا يمكنني التأكيد

لك , ووجودها وحده قد يجلبه أو يخرجه من هناك "

دار بعينيه قليلا بتفكير ثم عاد بنظره لي وقال

" أليست المختطفة التي تم إيجادها ؟ "

هززت رأسي بنعم فقال بشبه ابتسامة " ولا تقل

أنك الضابط الذي تزوجها "

اكتفيت بابتسامة دون تعليق فقال بشيء من الحزم

" وما موضعها من هذا ؟؟ "

فهمت ما يصبوا له فقلت من فوري " هي في عقلي

وقلبي قبل انتقامي "

هز رأسه بحسنا ثم ضرب على كتفي وقال سائرا أمامي جهة

الباب " اتبعني "

فسرت خلفه دون تردد ولا تفكير فيبدوا أني سأكون فردا في اجتماعهم

الطارئ في الوزارة , قال وهوا يخرج هاتفه من جيبه ويفتح الباب

" ستدْعي عليك زوجتي اليوم حتى تشبع هل لديك علم بهذا "

كتمت ابتسامتي وقلت خارجا خلفه " أنا آسف حقا سيدي "

وآخر ما كنت أتصوره أن يتحدث معي مازحا ! لا وزوجته في

الحديث !! وضع الهاتف على أذنه وقال متابعا سيره " سأخرج

الآن وقد أعود متأخرا "

ضحك بعدها ضحكة خفيفة لم أسمعها منه يوما في مرات رؤيتي

له منذ كنت طالبا في الكلية ثم قال " لن أنسى وداعا الآن "

ثم خرج وركب سيارة مضللة وركبت معه وخرجنا من هناك

مع مجموعة من سيارات الحرس









*~~***~~*













وصلنا موقع المزرعة وطوقناه جيدا ومجموعة راقبت البضائع التي

تم نقلها لمعرفة وجهتها , حرك زناد سلاحه وقال " هذه فرصتنا

وسيطوق باقي رجالنا المزرعتين هناك فقد خف عددهم "

قلت بجدية " أجل فلننطلق "

تحركنا متسللين للداخل بعدما قفزنا من السر المنخفض المحيط

بالمزرعة الواسعة لنفاجأ بالعدد الكبير الذي لازال موجودا منهم

فاتكئ أمين على الجدار وسلاحه أمام وجهه وقال بهمس

" كثر ومسلحين "

قلت بجدية " لن نتراجع أعطي الفريق الإشارة فالدعم قادم

من المدينة المجاورة "

هز رأسه بحسنا وأخرج هاتفه وأعطاهم التعليمات فأشرت بيدي

للمجموعة التي معنا لنقتحم المكان في وقت واحد جميعنا ثم نظرت

له وقلت " إن حدث لي شيء فعائلتي أمانتك يا أمين "

عقد حاجبيه وقال باستغراب " ليست المرة الأولى التي نقوم

فيها بعملية اقتحام فما مناسبة هذا الكلام الآن "

أشرت لهم برأسي وتحركنا قائلا " نحن الآن الحلقة الأضعف

ولا نعلم ما في الداخل بحوزتهم "

تولت مجموعته الموجودين في المقدمة واقتحمنا نحن المبنى والمخزنين

ليكثر علينا الرصاص من كل جانب فقلت من بين أسناني " كادوا لنا "

صرخت حينها آمرا إياهم " تفرقوا في أشجار المزرعة "

فتفرقنا بسرعة وكل واحد أصبح يدافع عن نفسه منتظرين الدعم

القادم آملين في النجاة ولا أحد يعلم عن مصير الآخر شيئا










*~~***~~*











تأففت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " أمي كم مرة ستعيدين

لي ذات الجملة ؟ طعام وطبخته له هل هوا شرط أن أطهو أصنافا

تقليدية لأنه يحب الطعام التقليدي "

قالت بضيق " لو كنتِ لا تعرفين طرقها لعذرتك فلما

تتعمدين فعلها يا سدين "

نفضت ثيابي وقلت بقهر " لم أتعمد ذلك لما لا تتحملون فيه

شيئا ولا ترون عيوبه أبدا "

قالت بضيق أكبر " وما العيب به ؟ رجل صالب طوله له هيبته

وشخصيته أم تريديه ملتصق بك طوال الوقت "

كنت سأتحدث لولا رن هاتفي وكان المتصل إياس , غريب ما يفعل

بي وهوا كان هنا من ساعات فقط وقد عاد لعمله !! أجبت عليه فجاء

صوت ليس بصوته وقال من فوره " لما والدتك لا تجيب على هاتفها "

تلكأت ولم أعرف ما أقول فمن يكون هذا وأين إياس ؟ قال بضيق

" تكلمي هل أصابك الخرس "

قلت بضيق أكبر " صبرك عليا يا أستاذ ومن أنت وما

يفعل هاتف إياس لديك "

قال بضيق أكبر " أعطي الهاتف لوالدتك بلا كثرة حديث يا سدين "

شعرت بقلبي نبض بقوة مخيفة ولا أعلم لما قال لي أن هذا أمين , نعم

من غيره يا غبية سيتحدث هكذا بأسمائكم بل ومن غيره الجاف الذي لا

منطق لديه ولا ذوق , مددت الهاتف لوالدتي الواقفة تنظر لي باستغراب

وقلت ببرود " خذي زوج ابنتك صاحب الهيبة والشخصية يريدك "

نظرت باستغراب للهاتف ثم لي فقلت بضيق " هيا يا أمي فلست

أتحدث معه وأكذب أمامكم , هوا يتكلم من هاتف إياس "

أخذته مني فورا قائلة بصدمة " إياس ولما وما به ! "

ثم وضعت الهاتف على أذنها وما هي إلا لحظة وصرخت

" إيااااس "

ووقعت مغمى عليها فهرعت لها صارخة











*~~***~~*












نزلت السلالم ركضا بعدما سمعت الصراخ في الأسفل فكانت عمتي

مغمى عليها ورغد وسدين يحاولان إيقاظها ويتحدثان معا باكيتان وندى

تبكي مثلهما وتلك الناموسة تجوب المكان صارخة ببكاء فوصلت

عندهم وقلت صارخة " ماذا هناك ...؟ ما بكم ؟ "

ضربت سدين خدها وقالت بنحيب " إياس مات مات يا ترجمان

ووالدتي لا تفيق وستلحق به "

شعرت وكأن من ضربني وصدّع كل خلية في جسدي بل وكأن صاعقة

قوية نزلت عليا من السماء ولم تعد قدماي تحملاني ولساني تيبس ولا

أعلم كيف مر شريط حياتي معه أمامي لحظتها في تلك الثواني فقط

فهززت رأسي وقلت بصدمة " مستحيل كيف !! "

كان لا شيء سوا صوت البكاء والحلول بلا تنفيذ ولا عقل هنا يفكر

وينفذ أبدا فأمسكت كتف سدين وقلت " من أخبركم ؟ "

قالت بنحيب " أمين حدّث والدتي بهاتفه عن طريق هاتفي "

حملت هاتفها بسرعة , أجل كيف نسيت أنه الوحيد هنا الآن ؟ اتصلت

برقم إياس فأجاب ذاك سريعا وقال " ما بكم لا أحد يجيب وما

سر كل هذا الصراخ ؟ "

قلت من فوري " تعالى فورا عمتي مغمى عليها وقد يكون

ضغطها ارتفع , بسرعة تحرك "

قال من فوره " ما بها ؟ "

قلت بضيق " من الأخبار السارة التي زففتها لها ولم يخبرك

عقلك أن تخبر غيرها ليقولها لها تدريجيا "

قال بضيق أكبر " تحدثي بصوت منخفض يا امرأة , ثم أنا أخبرتها

أنه أصيب وأنه بخير واتصلت بها تحديدا كي لا تفهم منكم بشكل

خاطئ وتقلق وتمرض ويبدوا أنها سمعت بداية كلامي فقط "

انهرت حينها جالسة على الأرض وقلت بهمس خافت

" لم يمت ؟ "

قال وصوت باب سيارة يغلق " أنا قادم أتركوا لي الطريق

لآخذها للمستشفى "

رميت الهاتف جانبا وأبعدتهما قائلة بضيق " توقفا عن النحيب

لم يمت هوا بخير أصيب فقط "

نظرتا لي بصدمة وقالتا معا بصوت مصدوم " لم يمت !! "

أبعدت سدين من أمامي قائلة " نعم فيكفي نواح وافعلا ما يفيد "

حاولت إنعاشها حتى تنفست قليلا بشهقات متتالية ثم قست لها نبضها

بيدي ونظرت لهما وقلت " تحركا أدخِلا تلك التي تولول وتحوم حولنا

كالنسر وأنتي يا سدين ارتدي عباءتك وحجابك فزوجك قادم لأخذها "










*~~***~~*











بعد اجتماع ونقاشات وخطط لم أكن فيها سوا الطرف المستمع وقف

الوزير وقال " وأنت يا أواس أمامك أربع وعشرون ساعة تصفي فيها

أمورك وترى ترتيباتك وتغادر بزوجتك والباقي سنتفق عليه تباعا "

وقفت وضربت له التحية وخرجت من هناك في سيارة مضللة أنزلتني

في مكان متطرف لأجد سيارتي هناك ركبتها واتصلت بياسر من فوري

قائلا " أخبر عمار ووسام وسنبدأ في نقل البضائع والسيارات , ستصلكم

شاحنات النقل خلال ساعتين والباقي تعلمه جيدا وتابع المخطط بسرية

تامة وغدا في مثل هذا الوقت تكونون نقلتم كل شيء مجددا

للمستودعات الجديدة مفهوم "

قال من فوره " مفهوم سيدي وكن مطمئنا "

أنهيت الاتصال معه وتوجهت للمنزل دخلت وصعدت للأعلى أقفز

الدرجات قفزا ودخلت الغرفة فكانت تجلس على سجادتها تمسك

مصحفها في يدها فدخلت وأغلقت الباب وتوجهت نحوها وجلست

أمامها وقلت " دُره هل تساعدي العدالة في إمساك جدك ؟ "

نظرت لي بعينان بدأت تمتلئ بالدموع تنقل نظرها بين عيناي

فأمسكت وجهها وقبلت شفتيها برقة وقلت " الخيار لك , وفي كل

الأحوال سيقبضون عليه "

قالت ببحة " ما نفعي أنا إذا ؟؟ "

نظرت لعينيها بتركيز وقلت بجدية " تخرجيه من جحره بأيسر طريقة "

قالت بعد صمت وقد سقطت أول دمعة من عينها " والمقابل ؟ "

نظرت لها بصدمة مطولا فقالت بصوت مخنوق بعبرة مكتومة

" هل تبقى أنت حيا ؟ "

ضممتها لحضني بقوة وقلت بحزن " لنأمل ذلك فكل شيء يسير

بخير حتى الآن والخطة ستكون ناجحة "

ثم أبعدتها عني وقلت ماسحا دموعها " اجمعي ثيابا لك ولي

سنغادر صباحا "

قالت باستغراب " أين ؟؟ "

وقفت وقلت " طائرتنا ستنزل منتصف ليلة غد في أسبانيا "

بقيتْ على نظراتها المصدومة ففتحت الخزانة قائلا " تحركي يا

دُره لا وقت طويل أمامنا ولا أريد أن يشعر أحد بهذا ولا

حتى الخادمات مفهوم "

أخرجت مجموعة أوراق من الخزنة في خزانتي ثم غادرت الغرفة

على صمتها الموحش , نزلت لغرفة عمتي فكانت أيضا انتهت من

صلاتها للتو فتوجهت نحوها أوقفتها وابتعدت بها جهة سريرها قائلا

بهمس " جهزي بعض الثياب لك ستبقي مع أحدهم حتى أعود "

نظرت لي باستغراب وقالت " أحدهم من ؟ وتعود من أين ؟؟ "

تنهدت بضيق وقلت " حتى أرجع من سفري , وأحدهم هذا رجل

أعرفه وأثق فيه جيدا وستكونين عنده بأمان لفترة بسيطة جدا "

هزت رأسها بحيرة فقلت بضيق " عمتي أمامك حتى صلاة

العشاء تكوني جاهزة وتخبري الجميع هنا أنك ذاهبة لابنتك "

أمسكت يدي وقالت بجدية " لن أتحرك من مكاني حتى

أعلم ماذا يجري "

تأففت وقلت " سأغادر البلاد أنا ودُره والعدالة ستساعدنا في القبض

على علي رضوان ولا أريد أن يعلم أحد بهذا وأنتي ستكونين في

منزل رئيسي في الشرطة لأضمن حمايتك من معاونيه هنا حتى

يتم القبض على الجميع "

قالت من فورها " ووجد ؟ ووالدك وإخوتك ؟؟ "

قلت بهدوء " وجد ستغادر من هنا صباحا فقد طلقتها في المحكمة لكن

لن أخبرها حتى يكون كل شيء جاهزا ونغادر أما والدي وإخوتي فلن

يقربوهم فهم يعلمون جيدا علاقتي المضطربة بهم وسيكونون تحت

المراقبة المشددة , لقد وعدني الوزير بذلك "

قالت من فورها " ولما لا أكون معهم ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " أنتي وضعك مختلف علاقتي بك

مختلفة وعليك أن تكوني في مأمن "

قالت بضيق " وتضعني مع رجل غريب ؟ هل هذا هوا المأمن "

قلت بضيق أكبر " هوا عقيد في الشرطة عمتي ومنزله يعج برجاله

دائما وسيكون ملجأً جيدا لك فأطيعيني أرجوك لقد أتعبتني معك

حتى دُرر لم تحقق معي هكذا "

هزت رأسها بأسى ثم قبضت على يدي بقوة أكبر وقالت ناظرة

لعيناي " اعتني بنفسك وبدُرر جيدا بني , لا تعرضها للخطر "

هززت رأسي بحسنا وأمسكت رأسها وقبله وقلت " أقسم أني أفديها

بحياتي عمتي , أنتي فقط كوني هناك لأطمئن عليك "

تنهدت باستسلام وهزت رأسها بحسنا فغادرت من عندها ومن المنزل

بأكمله وغادرت للمعرض لأرى ما حدث معهم ثم لباقي محلاتي لأشرف

على نقل البضائع ومن ثم سأترك الأمر لأَخلص ثلاث رجال يعملون عندي

لنقلها مجددا فمؤكد جواسيسه هنا سيخبرونهم وسيحرقون المستودعات

ووقتها ستكون فارغة وقد نقلوا البضائع مجددا وقبل الفجر , عليا أن أنهي

كل هذا ولن يبقى أمامي سوا وجد وبما أن الوزير من سيتكفل بباقي شئون

الرحلة والمرحلة الأولى من المخطط فلن يكون عندي بعدها سوا إيصال

تلك لمنزل والدتها وعمتي لمنزل العقيد رفعت والتوجه للمطار

فورا , وها قد دنى أجلك يا علي رضوان









*~~***~~*










وقفت وركضت لغرفتي أخرجت أقرب عباءة وحجابا ولم أركز حتى

فيهما ثم خرجت مسرعة ألبسهما وتوجهت لترجمان التي لازالت تحاول

إنعاشها والتحدث معها وما أن وصلت عندها وقبل أن أتكلم سمعنا

طرقات على باب المنزل فوقفت وقالت " خذي هاتفك لتطمئنينا

عليهما واتصلي بنا ما أن تكوني هناك "

هززت رأسي بحسنا وتوجهت هي نحو السلالم وخرجت أنا للباب

وفتحته فكان واقفا أمامه ببذلة الشرطة سترتها مفتوحة وقميصها

الأبيض ملطخ بالدماء فشهقت واضعة يدي على فمي ما أن وقع

نظري على ثيابه فدخل مجتازا لي وقال " أين هي وكيف حالتها ؟ "

ثم توجه حيث لازالت هناك بعدما سندتها ترجمان على ساق الأريكة

وصل عندها وأنا أتبعه ومرر يداه من تحتها وحملها بما أن وزنها ليس

ثقيلا ثم توجه بها ناحية الباب قائلا " تعالي افتحي باب السيارة "

ركضت مسرعة أمامه وفتحت له الباب فأدخلها ثم فتح بابه وقال

راكبا " اركبي معها وأغلقي هذه العباءة "

نظرت لعباءتي ولويت شفتاي بضيق ولم أعلق على كلامه فلسنا في

وقت مناسب ثم العباءة أمامه لا تغلق إلا لمنتصفها وكنت مستعجلة

ولم أركز أي عباءاتي أخذت , ركبت السيارة متجاهلة كل ما قال أمسك

والدتي في حضني وأبكي بصمت كي لا يأمرني أن لا أبكي أيضا , بعد

قليل سرقت نظري له ولشعره الذي يحف ياقة القميص المفتوحة وأصابعه

تتخلل فيه من الخلف يلبس خاتما فضيا بفص أحمر وكان يتأفف طوال

الوقت , أتاه بعدها اتصال فأجاب عليه دون أن يتحدث ثم قال بضيق

" ثلاثة منا ماتوا وخمس إصابات متفاوتة وتقول نجحتم وهنيئا

لكم ؟؟ أي نجاح هذا بالله عليك "

" لا هوا بخير إصابته أخف من البقية "

" قلنا كل هذا من البداية وأن المنطقة مشبوهة والمزارع حركتها مريبة

ونحتاج دعما أكبر لكن من يسمع ومن يأبه والآن بعدما خسرنا كل

هؤلاء الرجال هل يعجبكم الوضع "

قال بضيق أكبر " أنا لا أرفع صوتي ولا أتهم غيري لكنه إهمال ونحن

قد أخبرناكم مسبقا وعليكم الآن أن تجهزوا أنفسكم للوقوف أما من

يجب أن تبرروا له كل هذا عندما ستصلكم مذكرة الاستدعاء "

قال بحدة " لن يلفق أحد الأمر وسأسعى له بنفسي "

ثم أنهى المكالمة ورمى الهاتف على الكرسي الذي بجانبه فتنهدت بضيق

ها قد أفرغ جزئا من غضبه في هذا والباقي أخشى أن أكون أنا من سينفثه

فيه , وصلنا المستشفى وكانت والدتي تئن وكأنها استعادت جزئا من وعيها

لكنها لم تجب على أي تساؤلاتي وكلامي , ركن السيارة في الموقف

الأقرب للباب ونزل قائلا " سأجلب المساعدة لا تنزليها "

ثم ابتعد راكضا حيث باب المستشفى ورجال الشرطة منتشرين هناك

بكثرة ومؤكد سيعج المستشفى بهم وثلاثة منهم موتى وخمس جرحى

حضنت والدتي بقوة وقلت ببكاء " حمدا لله أنك لم تمت يا إياس

وأسأل الله أن يلهم ذوي القتلى الصبر في مصابهم "

بدأت والدتي تتمتم بسم إياس بأنين فضممتها بقوة أكبر

وقلت " هوا بخير يا أمي أفيقي أرجوك "

خرج حينها أمين من الزحام الذي أمام الباب وممرضتان تلحقانه وآخر

يبدوا طبيبا يجرون سريرا حتى وصلوا عندنا ووضعوا والدتي عليه

ودخلوا مسرعين بها ونحن نلحقهم حتى أدخلوها غرفة الطوارئ وبقينا

في الخارج ننتظرهم , نظرت له بجانبي وقلت " وإياس كيف حالته ؟ "

قال ناظرا لباب الغرفة أمامنا " بخير ... الإصابة في كتفه "

أبعدت نظري عنه وعضضت شفتي بغيض منه , ما لوح الجليد

هذا ؟؟ يا رب صبرني عليه , اقترب بعدها شرطيان منا فتوجه

نحوهما من فوره وبدأ يتحدث معهم










*~~***~~*










كان الشرطي أمامي يتحدث ولم أكن أركز مع كل ما يقول وأنظر للخلف

كل حين للشابين اللذان مرا من هنا قرابة العشر مرات ولحركاتهم السخيفة

للفت نظر الواقفة خلفي متكئة على حافة جدار الباب المغلق خلفها وتنظر لباب

غرفة الطوارئ بصمت مكتفة يديها لصدرها تُحرك قدمها بتوتر ليتحول ضيقي

ليس منهما فقط بل ومن كل من يقف في الممر وإن لم ينظر ناحيتها , ما كان

عليا أن أستغرب هذا من شبان صعاليك وسدين لا نقاش في جمالها فهي أجمل

شقيقاتها وكم سمعت حتى حديث بعض أصدقائنا عن شقيقة إياس هذه لكنها

السبب في كل هذا , شددت على قبضتي بقوة وقلت " نتحدث لاحقا

غادرا للقسم الآن وسأوافيكم فيما بعد "

ضربا التحية وغادرا من أمامي ومن الممر أجمع فعدت للوقوف

بجانبها وقلت ببرود " أدخلي خصلة شعرك "

رفعت يدها من فورها تتأكد من جميع جهات حجابها فقلت ببعض

الضيق " وأعتقد أني قلت أغلقي عباءتك أم يعجبك عرضك

لبنطلون المهرجين هذا "

تنفست بقوة وقالت بصوت منخفض " العباءة لا تغلق أكثر من هذا "

نظرت جانبا وقلت بسخرية " عباءات آخر زمان لا أعرف سوا الـ ... "

قاطعتني من فورها قائلة " لا تحكم قبل أن تفهم ولا تشبهني بالمنحطات

اللاتي يلبسنها في الشارع فأنا لا ألبسها إلا في زيارتي لصديقاتي وأقاربي

وأزورهم بالسيارة أما الآن فكنت متوترة ولم أنتبه ما لبست منهم "

نظرت لها وقلت بضيق " نعم ما الذي تركته ولم تقوليه ؟ وتتواقحين أيضا "

قالت بجمود وإن كان تنفسها يدل على اشتعالها " أنا شرحت ولم أتواقح

وأضن أننا لسنا في وضع ولا مكان مناسبين لنتناقش في لباسي "

خرج الطبيب حينها من غرفة الطوارئ وقال من فوره " ارتفاع في

الضغط وستكون بخير , جيد أنكم أسعفتموها سريعا قبل إحضارها

ويمكنها المغادرة صباح الغد وحمدا لله على سلامتها "

وغادر من فوره وكانت هي ستتوجه لغرفة والدتها فأمسكت يدها

موقفا لها وفتحت الغرفة خلفي فكانت فارغة فأدخلتها وأغلقت الباب

وأوقفتها أمامي وقلت بضيق " لم تسمعي الرد على كلامك بعد "

كتفت يداها لصدرها وقالت بحنق " أكثر مما سمعت ؟ "

صرخت فيها حينها " سدين احترميني "

كانت ستتحدث وقد تحولت ملامحها لعبرة مكتومة فتابعت بحدة

" مؤكد رئيتِ الشباب الذين يحملقون في جسدك وملابسك المكشوفة

من هذه الخرقة التي تسميها عباءة , بنطلون وحده يكفي للفت نظر

الجميع وكأنه محل زينة حتى حوافه السفلية مرصعة بالكريستال

والعقيق "

سحبتُ بعدها يدها ورفعتها أمام وجهها وقلت بحدة أكبر " خاتم في وسط

الإبهام كبنات الشوارع ووشم صناعي ممتد على طول سبابتك لرسغك "

تركت يدها بعنف وتبعت بذات حدتي " فص بجانب عينك وكأنه

ينقصها فتنة , هذا غير الذي في أسنانك وتحت حاجبك "

قالت حينها بضيق " هذه أنا من قبل أن تتزوجني فما دفعك

لذلك بما أن شكلي لا يعجبك "

لوحت بيدي وقلت بغضب " ولازلتِ تتطاولين بالكلام يا سدين ؟ نعم

شكلك لا يعجبني ولم يعجبني يوما لا الآن ولا من قبل أن أتزوجك "

قالت بعبرة " إذا كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف "

قلت مغادرا جهة الباب " قوليها لشقيقك الذي ورطني فيك "

ثم خرجت ضاربا له خلفي على الجدار الداخلي للغرفة وغادرت الممر

لأنتبه لنفسي وما وقلت الآن , ما كان عليا أن أصل لهذه الدرجة من

الغضب وحتى إن غضبت هكذا ما كان عليا قول ما قلت عن أن إياس

من فرضها علي فقد تخبره بما قلت وسأكون حينها في مشكلة معه وهوا

صديقي المقرب , لو حفظت لسانك يا غبي ما بك جن جنونك هكذا على

غير عادتك ؟ نفضت سترتي بقوة متأففا ومجتازا باب المستشفى ثم ركبت

سيارتي وغادرت فورائي عمل كثير وإجراءات والليل بدأ يقترب










*~~***~~*










ما أن اقترب المساء حتى قرروا مغادرة المزرعة وكنت آخر من

خرج فوجدت مكاني في سيارة السائق محجوزا ولا حل سوا الركوب

في سيارة آسر ولا أعلم من هذا الذي تعمد ترك المقعد بجانبه لي وأركبوا

العم صابر مع السائق في الأمام عكس رحلة مجيئنا كان مع آسر , تأففت

بضيق وتوجهت لسيارته وركبت بجانبه حيث كان في الخلف صفاء وداليا

وسمية يُجلسون معهم إسراء وعبير والخمس الأخريات ووالدتهم مع السائق

هذه العائلة تحتاج لسيارة أكبر بمقاعد أكثر هل سيبقون يحشرونهم في بعض

هكذا ؟ أغلقت الباب وانطلقنا على صوت حديث إسراء الذي لا ينتهي وكل

شيء تسأله عنه ( أخي آسر ما هذا ولما هذا وأين نحن الآن ) وهوا يجيبها

دون ملل ولا كلل , اتكأت على النافذة أراقب الأشجار الطويلة المصفوفة

على طول الطريق وأشعة الشمس الحمراء وهي تغرب من خلفها حتى

قالت عبير صارخة " ها هي سيارة أبي والبقية هيا إسراء نغني

( سيارتنا ) كي نسبقهم "

وبدأتا معا تغنيان بعلو صوتهما " سيارتنا مثل الريح

طيري طيري فوق الريح "

وصرخت إسراء " هيا أخي آسر اسبقهم مثل الريح "

فضحك حينها وزاد من سرعته حتى تجاوزنا سيارتهم وهما تصرخان

لهم هناك على صوت تذمر داليا وسمية من صراخهم الذي يثقب الأذنين

وبعد مسافة طويلة نامت فيها الصغيرتان وتحولتْ فيها السيارة لصمت قاتل

وصلنا المنزل وقت صلاة العشاء دخلنا بالسيارة وأوقفها أمام المنزل وكنت

سأهم بالنزول حين أمسكت يده بيدي بقوة مانعا لي من التحرك فبقيت مكاني

أنظر له بصمت وهوا ينظر أمامه وقد نزلن الفتيات وأنزلن إسراء وعبير

النائمتين وأغلقوا أبوابها خلفهم فحرك السيارة حينها من فوره خارجا

من جديد من الباب المفتوح











*~~***~~*












تحركتُ وسط المنزل بلا وجهة ولا دليل ممسكة هاتفي في يدي وأدور

في أرجائه كالمجنونة فقد مر وقت طويل بعد وصولهم وتلك الغبية

سدين لم تتصل حتى الآن , اقتربت مني رغد وقالت

" حالتها أفضل واستعادت وعيها "

ابتعدت عنها قائلة ببرود " جيد "

هل تذكرت أن يغمى عليها بعد نهاية الحفل ؟ لا أعرف أناسا يفقدون

الوعي بعد الخبر بوقت أم تريد أن يأخذوها للمستشفى هناك معه ؟

هه لن أكون ترجمان إن أعطيتها لك ولن تغادري إلا على جثماني

عدت جهة رغد وقلت " تلك الحمقاء وكأني لم أوصها تتصل بنا "

قالت بقلق " اتصلي بها لا خيار أمامنا "

هززت رأسي بنعم ثم رفعت هاتفي وطلبت رقمها , كنت أريد أن تتصل

هي فقد تكون مشغولة أو لم يخرج الطبيب ويخبرهم شيئا وزوجها ذاك

مزاجه يبدوا مشتعلا وقد نسبب لها مشاكل بسبب كثرة اتصالنا , رن

الهاتف مرة اثنتين حتى كاد ينقطع الخط لولا أجابت قائلة

" نعم يا ترجمان "

قلت باستغراب " ما به صوتك هكذا ! هل عمتي بها مكروه ؟ "

قالت تكتم عبرتها " لا هي بخير ارتفاع في الضغط فقط ونائمة

منذ وقت وستخرج غدا "

قلت من فوري " وإياس ؟ "

تنفست بقوة وقالت " زرته منذ قليل , الرصاصة أصابت كتفه

وهوا بخير اطمئنوا "

قلت بحيرة " وما بك إذا ؟ هل تبكي منذ ذاك الوقت حتى

الآن وهما بخير ؟؟ "

قالت ببكاء " لا شيء يا ترجمان , وداعا "

ثم أغلقت الخط فنظرت للهاتف بحيرة وقالت رغد

" ما بها ؟ ماذا قالت لك ؟ "

دسست هاتفي في جيبي وقلت " قالت أنهما بخير , عمتي ضغطها

مرتفع وستخرج غدا وإياس إصابته في الكتف وحالته جيدة "

غادرت تتمتم حامدة الله وقالت مبتعدة " سأذهب لأطمئن سهاد أيضا "

لويت شفتاي بضيق لحظة ما شعرت بشيء شد بنطلون بيجامتي

فنظرت للأسفل فكانت ندى وقالت بملامح حزينة " ديمووو "

ابتسمت رغم كل ما نحن فيه وقلت " غبية تتركين المريضة

والمصاب وتسألي عن سدين "

قالت بنبرة باكية " أليد تيته "

حملتها من الأرض وقبلت خدها وقلت " ستكون هنا

ما أن ننام ونفيق , هي بخير حبيبتي "

ثم تابعت مغادرة بها جهة السلالم " تعالي معي سأريك

شيئا جميلا سيعجبك "










*~~***~~*










وقفت أمام باب المطبخ وقلت " أريد كوب عصير برتقال وكعك محلى "

نظرت لي باستغراب ثم جهزتهم لي دون أن تتحدث فأخذتهم منا وتوجهت

بهما لغرفتي وضعت الكوب والصحن على الطاولة وأكلت منه كعكتين كي

لا يلحظ أني لم ألمسه ثم أخرجت لفافة المخدرات فتحتها وسكبت كل ما فيها

في الكوب وحركته جيدا , لا خيار أمامي خصوصا بعدما سمعته يخبر عمته

أنه سيطلقني ويرجعني لوالدتي وأنا لم أنفذ أوامرهم حتى الآن وهوا لم يكترث

لكل إغوائي له وهذا الحل الأخير فهذا سينسيه نفسه وما يفعل فأنا أعلم مصيري

جيدا إن لم أنفذ أوامرهم بحذافيرها , خرجت من الغرف مجددا وانتظرته وسط

المنزل حتى دخل فتوجهت نحوه وأمسكته من يده وقلت " تعالى أواس

أخبرتك أني أريد الحديث معك وأنت قلت أجّليه لليل "

تأفف وسحب يده مني وتبعني قائلا " كنت سأتحدث معك صباحا

لأني متعب لكن لا بأس فلننهي الأمر الآن "

حقا يا صعلوك ؟ صدقت أنك متعب وتريد النوم أم كله شوق لسيدة الدلال

والحسن تلك , لكن صبرك قليلا فستحرم منها بطريقة ستعجبك , دخل معي

للغرفة وكما توقعت جلس أمام الطاولة التي وضعت الكوب عليها , بقي

أمامي الآن أن أجعله يشربه وأعرف الطريقة جيدا فقد عشت معه لعامين

كاملين وأعلم جيدا ما يستفزه , بقيت واقفة أتحرك بعشوائية لأوتره أكثر

وقلت " من أخبر زوجتك أن جدها يعرفني ؟ "

نظر لي باستغراب أقرب للصدمة ثم قال " ومن أخبرك أنتي ؟ "

وقفت أمامه وقلت مكتفة يداي لصدري " هي طبعا وهددتني

أنها ستتفق معه على تدميري "

قال من فوره " كاذبة "

حركت كتفي بلا مبالاة وقلت " أنت حُر كذبني كما تريد ولك

أن تسألها هي الصادقة التي لا تكذب "

نظر لي بجمود وقال " لقد طلقتك يا وجد وهذه الملابس لا

تجوز أمامي "

أخفيت صدمتي بالخبر ثم قلت " وإن يكن "

قال بضيق " نعم كيف نسيت أنه واحدة مثلك لن يعنيها حتى

أن تبقى عارية أمام أي رجل "

جميل ها قد بدأ يفقد أعصابه , قلت ببرود " حفيدته مقابل مليوني

دولار ... عرض جيد لكني رفضت "

نظر لي بصدمة وقال " أنتي !! "

هززت رأسي بنعم وزدت من الأكاذيب قائلة " وقتلك بطريقة

سرية لا شبهة فيها "

بدأت ملامحه تتوتر فهوا لا يتوقع منهم هذا النوع من السلوك وكما

أخبروني تماما فكل ظنونه الانتقام منه بطريقة غير مباشرة , زدت

عليه قائلة " وحرق جثتك لأخفي آثار الجريمة وعمتك معك أيضا

ولن أفعلها يا أواس ولم أفكر بها رغم أنها كانت سهلة جدا علي "

رفع الكوب على نظري الذي يتبعه وأعصاب مشدودة تنتظر أن يتحقق

مرادي ثم ابتسمت بانتصار حين شربه دفعة واحدة يفرك عنقه بتوتر

لوقت ثم وقف قائلا " تغادري المنزل الليلة تفهمي "

قلت بابتسامة ساخرة " مفهوم سيدي "

وما كان وصل للباب حتى ترنح في مشيته



المخرج : بقلم الغالية كينز السوافيري


غائبون نحن في الحياة كاجثث تعيش في الدنيا
نقاتل بشدة تنزف أجسادنا دماءآ تنزف اوجاعآ
للا لي أجسادنا ترتاح وﻻ لي مشاعرنا مكانآ للبقاء
فقد حان وقت العصيآ وحان وقت بدء المعركة

سلمت يداك


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء السبت إن شاء الله


فيتامين سي 27-02-16 08:59 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والثلاثون)
 



الفصل التاسع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

لماذا بشأننا من التفكير تكثرين الحب لايحتاج للتفكير وحين أتاكي في وجهه باب قلبك تغلقين عيونك مرآة روحك وتفضحك وانت دائما تنكرين هيا خوضي غمار الحب مما تخافين بكل لقاء بيننا بدموعك تتسلحين الاتعلمين ان دموعك تعذبني وتعتصر قلبي الا تدركين مبتدئة انت وبفلسفة الحب وجاهلة وامية فيه لاتعلمين دعينا نحفر على القمر ذكرياتنا ومغامراة هوانا وكلما اكتمل اقول لكي معشوقتي اتذكرين لاتقفي مابين بين متى هذا القرار ستتخذين اه من قلب ينتظرك ولايمل انتظارك متى سترحمين دعي عنك الماضي واقبلي اليا باحضاني تسكنين حتى منزلي يسألني عنك من حين الى حين الاشواك تسلقت جدرانه واحتلته بانتظارك تنثرين مكانها الحبق والياسمين اريدك بكل صباحاتي بنور وجهك عليا تشرقين نرتشف قهوتنا سويا وبعينيك تبتسمين وتغازلين ألم يمل قلبك الشوق والهجر لم تكابرين ومن مملكة الحب تنفيني ونفسك تنفين اهطلي عليا كمطر ا ربيعيا بها روحي تنعشين انا منك وانت مني متى بهذا الكلام ستقتنعين

سلمت يمينك
************

استللت يدي منه وقلت " أين تأخذني ؟ لا أريد الذهاب معك "

لم يجب طبعا وهذا المتوقع منه فحاولت فتح الباب وكان مغلقا ولا

يفتح فركلته بقوة وقال هوا بهدوء " لا جدوى مما تفعلي فابقي

هادئة حتى نذهب ونرجع يا سراب "

كتفت يداي لصدري ونظرت للنافذة وقلت بضيق

" هل لي أن أعلم أين تأخذني ؟ "

قال بلهجة فيها سخرية " أختطفك لأغتصبك فما رأيك ؟ "

قلت بسخرية مماثلة " ولما لا تطلب فدية أفضل من فكرة

اغتصاب جشعة "

قال ببرود " لا بأس رجل مادي وامرأة جشعة تناسب جيد "

نظرت له وقلت بقهر " الاعتراف بالذنب فضيلة "

قال بذات بروده القاتل " كل شيء فيك قابل للتغير إلا طول

لسانك في ازدياد مستمر "

صرخت فيه بحدة " ومن أجبرك على هذا ؟ كنت تركتني نزلت "

لاذ بالصمت ولم يعلق فقلت مجددا " أين تأخذني أجب "

قال بنفاذ صبر " مكان ستذهبين له تحبي أو تكرهي

فأريحي لسانك يا سراب "

تأففت ونظرت جهة النافذة مجددا وسرنا بعدها مسافة طويلة حتى غلبني

النعاس متكئة عليها لأني استيقظت مبكرا وكنت أشعر بنعاس فضيع ويبدوا

أني نمت طويلا حتى أني لم أشعر به حين أوقف السيارة ولم أستيقظ إلا على

هزه الخفيف لكتفي مناديا لي فرفعت رأسي ونظرت من النافذة للبحر القريب

منا ، كم مسافة سرنا وأين نحن فالعاصمة مينائها ليس هكذا ! نظرت له وهوا

ينزل من بابه ولف حول السيارة ثم فتح بابي وقال " انزلي هيا "

قلت ببرود " لا أريد النزول أعدني للمنزل "

قال بضيق " عن العناد يا سراب فلم أقطع بك كل هذه

المسافة لأعيدك "

قلت بضيق أكبر " وأنا لم أطلب منك جلبي هنا , ثم هل هناك

من يذهب للبحر في هذا البرد والليل ؟ "

نظر للأعلى وتنفس بقوة ثم عاد بنظره لي وقال

" انزلي أو أنزلتك بنفسي "

نزلت حينها متأففة وأغلقت باقي أزار معطفي فالهواء هنا قوي وشديد

البرودة , لففت حجابي جيدا فمد يده ليدي وأمسكها وسار بي فقلت

محاولة سحبها منه " اتركني أسير لوحدي "

فشد عليها بقوة أكبر ولم يكترث لي حتى صرنا أمام سيارة فاخرة نزل

منها سائق وفتح الباب الخلفي ونزلت حينها امرأة لم أتبين ملامحها بادئ

الأمر بسبب نور المصابيح الخفيف وحين اقتربت منا ظهرت ملامحها

أكثر وكانت في الخمسين أو أقل منها بقليل لا يمكنني تحديد ذلك فأناقتها

واهتمامها بنفسها لا يعطي انطباعا عن عمرها الحقيقي ، اقتربت أكثر

حتى أصبحت أمامنا فنظرت باستغراب لملامحها ثم لآسر الذي كان

ينظر لي ثم لها وقلت وكأني أريد تكذيب الواقع أمامي

" من أنتي ؟ "

ضمتني حينها لصدرها بقوة وقالت ببكاء " سراب يا ابنتي

وأخيرا رأيتك مجددا "

تيبس جسدي ولساني رغم توقعي من تكون وشعرت وكأني أشاهد فيلما

أنا البطلة فيه ، أبعدتني بعدها وقبلت يداي ثم خداي باكية فنزلت أولى

دمعاتي , أمي ؟ من حرمت منها سنين حياتي وضننت أنه لا وجود لها

رائحتها وصوتها وكأني أذكرهما جيدا رغم صغر سني حينها ، أمسكتْ

وجهي وقالت ناظرة لعيناي " كبرتِ يا سراب أصبحت امرأة جميلة

وتزوجتِ وأنا من ضننت أنك ميتة وأني لن أراك مجددا "

ثم مسحت دموعي التي تنزل دون توقف وقالت " أسمعيني

صوتك بنيتي قولي أي شيء "

قلت ببحة " هل تركته من أجلي ؟ هل ستذهبين معي لمنزلي ؟ "




*~~***~~*



رتبت كل أغراضنا بالدفعات كي لا تلاحظ الخادمات ما أفعل كما طلب

هوا وكلما فكرت في فكرة المساعدة في القبض على جدي نزلت دموعي

رغما عني ، صحيح أن جرائمه كبيرة ولا تغتفر وما فعله في أواس وعائلته

وحده يعد أبشع جرم لكن نفسي تستكبر فعلها , أعلم أنه يريد الضرر بالبلاد

وأريد فعلا أن يوقفوه ومن معه ويقتصوا منهم لكن ليس بمساعدتي وفي ذات

الوقت لا أستطيع رفض ذلك ؟ يا رب ساعدني أرجوك ، مسحت دموعي

ووضعت آخر أغراضي وأغلقت الحقيبة ثم نظرت لساعة الجدار باستغراب

أين ذهب يا ترى ولم يرجع حتى الآن ؟ قلبي ليس مطمئنا لهذه الليلة وللقادم

بعدها ، رفعت صورته وضممتها لصدري وكأني أودعه ولا أعرف لما

وضعت الصورة جانبا واستغفرت الله وتعوذت من الشيطان ثم أمسكت

هاتفي وقرأت رسالته مجددا ( قد أتأخر الليلة لا تنشغلي علي ) لكننا

نقارب وقت الفجر فما كل هذا التأخير وأتصل به من وقت ولا يجيب !!




*~~***~~*



فتحت عيناي على صداع قوي سيفجر رأسي وأرى كل شيء أمامي وكأنه

ضباب يغشي النظر ، حاولت مرارا رفع رأسي لكنه كان ثقيلا وعجزت عن

تحريكه فهززته يمينا وشمالا أفرك عيناي بسبابتي وإبهامي علّ الرؤية تصبح

أوضح وحاولت تحريك يدي الأخرى أيضا لكن ثقلا ما كان جاثما عليها وعلى

صدري يمنعني حتى من التنفس ، ماذا حدث معي ؟ لا أذكر سوا حديثي مع وجد

ثم ... آه رأسي ، شعرت بذاك الثقل تحرك قليلا فحاولت دفعه عني فصدر منه

صوت أنين متذمر لامرأة وبدأت أشعر أكثر بوجود جسد عاري على صدري

وذراعي فحاولت النهوض بقوة أكبر وإن كانت واهنة لأقفز واقفا على طولي

رغم أوجاع جسدي بأكمله والدوار القاتل الذي يكاد يرميني أرضا أنظر بصدمة

للسرير الذي كنت عليه وللمرأة التي جلست تمسك اللحاف على جسدها العاري

تنظر لي , نظرت بعدها لنفسي ولثيابي المرمية بعشوائية في الغرفة فأمسكت

رأسي وشددت شعري بقوة وقلت ناظرا لها بصدمة " ما هذا !! ماذا حدث ؟ "

سترت جسدها أكثر وقالت " اسأل نفسك وليس أنا فأنت من أجبرتني "

رفعت بنطالي ألبسه صارخا كالمجنون ثم أمسكت الحزام وانهلت عليها

ضربا به أصرخ بغضب " هل فقدت عقلك يا نجسة ؟ ألم أخبرك أني

طلقتك يا زانية "

كانت تصرخ تحت ضربات الحزام العشوائية على جسدها ووجهها ولم

أتركها حتى تعبت وخارت قواي فرميته عليها وتوجهت للباب لأخرج

فأوقفني صوتها الضعيف المختلط بأنينها المتوجع " هناك ورقة في

الدرج سيعنيك أمرها .... وللجحيم يا أواس "

ما كنت لآبه لما تقول لولا آخر جملة قالتها أو آخر كلمتين فتوجهت له

وفتحته وأخرجت ورقة التقرير الطبي التي كانت باسمها وتوقيع الطبيب

وختم المختبر ثم نزلت بنظري لباقي ما كتب فيها ورفعت نظري لها

بصدمة فابتسمت بخبث وأغمضت عينيها وقالت بشبه همس

" إيدز يا أواس وللجحيم معا "




*~~***~~*



أغلقت فمي بيدي أمسك شهقتي من الخروج وهذا حالي من ساعات لا شيء

سوا البكاء وكلما تذكرت كلماته بكيت أكثر , إياس من عرضني عليه ؟؟

لا أصدق هذا لا ! هل أنا رخيصة هكذا ؟ هل حبه له يجعله يفعل هذا بي ؟

وذاك الشهم طبعا لم يستطع رفض طلب صديقه وتحملني مرغما , هل هذه

نظرته لي ؟ بضاعة فاسدة رموها عليه ابنة شوارع ! غطيت وجهي بيداي

وانخرطت في بكاء مرير , لم أتخيل أن أهان حياتي بهذا الشكل وممن ؟ من

الرجل الذي يفترض أن يمسك إهانات الناس عني , من يحترمني ويفرض على

الجميع احترامي , أبعدت يداي عن وجهي واستلت الخاتم الذي في إبهامي بقوة

ورميته بطول يدي ثم نزعت الفصوص في وجهي بقوة وتوجهت بعدها لدرج

الطاولة في زاوية الغرفة أخرجت المقص الصغير الذي وجدته هناك وعلبة

معقم الجروح , سكبته على يدي وفركتها بالشاش والقطن حتى اختفت النقوش

منها ولو جزئيا ثم دخلت الحمام ووقفت أمام المرآة ليقع نظري على عيناي

المتورمتان من البكاء ووجهي الشاحب ففتحت فمي مغلقة أسناني ونزعة الفص

بالمقص الصغير بعد محاولات عديدة وقد جرحت لثتي مرتين , إن كان المظهر

ما يحدد نوع البشر فها قد أكرهتموني فيه , إن كان حكمكم على الناس من لباسهم

فيالكم من أغبياء فكم من ملتحي زاني شارب للخمر ولا يقاس الجميع بمظاهرهم

فكم من أناس اتخذوا من المظهر المحتشم ستارا لأفعالهم , خرجت بعدها

للغرفة وكانت أمي مستيقظة تحاول مغادر السرير ونظرت لي وقالت

" سدين ما بك هل شقيقك به مكروه وتكذبون علي ؟ "

توجهت نحوها وأعدتها مكانها وعدلت لها بطانيتها وغطيتها جيدا

وقلت " لا يا أمي هوا بخير أقسم لك وقد رأيته بعيني "

قالت بقلق " ولما كل هذا البكاء إذا ؟ كلما نمت واستيقظت وجدتك تبكي "

جلست بجانبها وقلت " لا شيء يا أمي , تعلمين يوم أمس كم كان

مرهق للأعصاب وإياس بخير وسوف آخذك بنفسي صباحا لتريه "

نظرت للسقف وقالت بهدوء " كم بقي على وقت الفجر ؟ "

نظرت لساعتي في يدي وقلت " أكثر من ساعتين "

أغمضت عينيها وقال " نامي إذا وارتاحي يكفيك بكاء وسهر "

ابتسمت بحزن ولم أعلق ثم سحبت صندوق الدبابيس الصغير الذي

وجدته في الدرج هناك وبدأت بإغلاق العباءة بهم فقد لا نخرج مبكرا

ويكفي دخولي بها للمستشفى هكذا ولا عذر لي الآن



*~~***~~*



بقيت أتنقل بنظري بينهما أنتظر جواب خالتي على سؤالها وردة فعل سراب

على ما يجري فيبدوا علاجها في مواجهة أحزانها ولأن والدتها أهلكتني بطلب

رؤيتها دبرت لهذا اللقاء وقطعت كل هذه المسافة , بقي نظر سراب معلق بها

حتى هربت بنظرها منها وقالت " بعدما اختطفوك ومات والدك بقيت وحدي

بلا سند ولا من يمسك مال والدك وضحية لكل طامع , حتى عمك لا جدوى منه

وجاء يطالب بمال شقيقه وهددني كي لا أتزوج وحجته أنه سيسرق مالي وقال

أنه سيطلق شقيقتي ويتزوجني تصوري دناءته وحقارته فقد سرق مال شقيقتي

وكان يريد أن يطلقها ويسرق مالي أيضا ولفق العديد من الأكاذيب لأصدقه

وهوا يعلم جيدا أني ورثت من زوجي ومن أهلي مثلها , وحين تقدم لي زوجي

الحالي ولأنه صاحب منصب ولن يكون طامعا في مالي وسيحميني من

الجميع وأولهم عمك وافقت فلم يكن من خيار أمامي "

خرجت حينها سراب من صمتها قائلة بحزن " والمقابل أن تنكري ابنتك ؟ "
تنهدت وقالت بحزن مماثل " لم يكن أمامي من خيار وأنتي مختفية ولا أمل

في إيجادك ولا حتى الفتيات الأخريات ولم نحصل ولا على بصيص أمل

يجعلنا نتعلق به وكان موتكن التحليل الوحيد لكل ما يجري فوافقت عليه

وعشت معه في راحة أفضل من محاربتي للوحوش البشرية وحدي "

قالت حينها سراب بغصة " وخالتي وآسر ؟ لما حين أصبحا في

الشارع لم تساعديهما من مالك ؟ "

ابتسمتُ بسخرية فها قد فتحت الجرح النازف فلنرى ما حجتها الآن

سافرتْ بنظرها للأرض مجددا وقالت " لم يسمح لي زوجي , حاولت

كثيرا وبلا جدوى وبُعد المسافة لم يساعدني "

انفجرت حينها سراب ببكاء وصراخ قائلة " حجة غبية , تعلمين بحالهم وبأن

شقيقتك توفيت وتركت ابنها صغيرا لا أحد له ولا حتى منزل يؤويه , ليشعر

به الغريب وأنتي خالته مات قلبك وضميرك ومن أجل من ؟ من أجل زوج

حتى أبناء ليس لك منه وتقولين أنك عشتِ معه في راحة ! سحقا لتلك

الراحة التي كان وقتها شقيقتك وابنها لا يجدان ما يقيهما البرد

ولا ما يأكلان "

قاطعتها برجاء حزين " لا تلوموني أقسم أني كنت مجبرة "

صرخت فيها مجددا " مجبرة كيف ومجبرة لماذا ؟؟ وحين أخبرك آسر

أنه يمكنك المجيء والعيش معنا رفضتِ ذلك فهل كنتِ مجبرة أيضا ؟

هل آسر طفل لن يحميك من الناس والشارع وهوا ابن شقيقتك

وزوج ابنتك ؟ "

قالت حينها بغضب " توقفي عن لومي يا سراب أنتي لم تكوني مكاني

ولم تمري بما مررت به , هل تتخلي عن زوجك الآن من أجل أي

شيء ؟ أم تحاولي أن تقنعيه وتجمعي الجميع معا "

ابتسمت حينها بسخرية وقالت " لا تقنعيني بأنك تحاولين إقناعه

ليقبل بوجودي في حياتكم "

قالت من فورها " نعم وسأفعل كل جهدي "

نظرت حينها لي وقالت مشيرة لها ودموعها لازالت تنزل دون توقف

" هل تسمع ما تقول ؟؟ هل تصدق هذا ؟ هل حقا قالته أم أنا أتوهم "

أمسكت ذراعها وقلت " اهدئي يا سراب واستمعي لها "

استلت ذراعها مني ثم نظرت لها وقالت " هل أخبرك شيئا ؟

أنتي غبية كابنتك تماما "

نظرتْ لها خالتي بشيء من عدم الفهم وتابعت هي " ابنتك أيضا فكرت

يوما ما أنها مستغنية عن كل شيء وعن الجميع من أجل زوجها من

أجل أن تكون معه وأن يعيشا معا "

نظرتُ لها بصدمة وتابعت هي بسخرية " لكني حمقاء ... حقا حمقاء

واكتشفت أن هذا الهراء موجود في عقلي وحدي وقلبي وحدي فقط , أنتي

تحبينه ولا تستطيعي إقناع نفسك بفكرة التخلي عنه درجة أنك تخليتِ عن

ابنتك وقبلها شقيقتك وابنها أو أن حبك للمال فاق الجميع فاستفيقي لنفسك

يا غبية فلا رجل في الوجود يستحق أن تضحي من أجله ولا مال الأرض

أجمع يغني عن الأهل وعن رؤية من يحبونك ويهتمون بك , استفيقي

قبل أن يصفعك غبائك وتنتهي نهاية ابنتك "

في حركة سريعة رفعت خالتي يدها لتصفعها فكانت يدي الأسرع لها

وأوقفتها ممسكا لها وقلت " تضربيها وأنا واقف أمامك ؟ "

استلت يدها مني وقالت بغضب " وأضربك أنت أيضا مثلها , واقف

تتفرج عليها وهي تهين والدتها وكأنها ابنة شوارع "

ضحكت حينها سراب وقالت " نعم ابنة شوارع وهل وجدتُ غير

الشارع ليربيني ؟ وقولي أنه صدَق زوجك حين قال أني ابنة

ماضي متسخ ورباني الشارع "

قالت حينها خالتي بتنفس قوي تمسك غضبها " أنا أردت حقا أن أجمع

من أحب , أن تعودي لحضني ولا أخسر زوجي وظننتك تبادليني

الشعور ذاته لكني أخطئت "

قالت حينها سراب ببرود صقيعي " لو كان كلامك صحيحا لجئتِ ما

أن علمتِ بخبر عودتي ولو لتريني لتضميني لصدرك , أعرف أمهات

يبعن كل شيء من أجل أبنائهم لكني لأول مرة أرى أُم تتمسك بكل

شيء إلا ابنتها وكأنها ابنة عار وزنى "

قالت حينها بجمود " هل هذا آخر كلامك يا سراب ؟ ألن تقفي معي

لنصلح كل شيء ولا تخسر أي منا ؟ "

قالت بسخرية " لم يبقى لي شيء أخسره لأني لم أكسب شيئا من البداية "

تنفستُ بقوة ممررا أصابعي في شعري ونظرتُ جهة البحر فحممها تقذف

بها الجميع وليس والدتها فقط , قالت خالتي " إذا نصيبك من مال والدك

محفوظ كي لا أكون في نظرك سارقة أيضا "

قالت سراب من فورها وبأسى " خذيه لا أريده , أقسم أنكم أكرهتموني

في رؤية العملات النقدية جميعها وكرهت سماع كلمة مال "

تحركتْ حينها وركبت سيارتها وغادرت لينهار الجسد الواقف أمامي قويا

منذ لحظات ليستقبله حضن رمال البحر الباردة فنزلت لها مسرعا ورفعتها

لحظني واختبرت تنفسها ثم ضممتها بقوة , أجل خذلك الجميع يا سراب حتى

أنا كل ما أردته أن أُكرهك في المال ويوم أكرهتك فيه خسرتك أيضا على

ما يبدوا , أعلم بشعورك وأعلم ما تمنتِ الآن أن لا تذهب وتتركك أن تقول

أنها مستعدة للذهاب معك لفعل أي شيء وترك كل شيء ولا تفترقا للحظة

لكنها خانت توقعاتك وغادرت ولم يحتمل قلبك كل هذا ولا عقلك أيضا

وقفت ورفعتها بين ذراعاي وتوجهت بها للسيارة وأخذتها

لأقرب مستشفى


*~~***~~*




خرجت من المنزل برمته أستند على الجدار من صدمة ما رأيت وعلمت

إيدز !! مصابة بالإيدز ؟ لهذا كانت تحاول إغوائي واستمالتي طوال الوقت

هل هذا مخططك يا علي رضوان ؟ مرض فتاك أعيش أعاني منه لسنوات

محروم حتى من الاقتراب من حفيدتك وهي بين يداي , سرت بلا هدى في

الحديقة أتخبط بالظلام ورغم البرد القوي وأني لم أكن أرتدي سوا بنطلونا

كنت أشعر بجسدي يشتعل من الحرارة , وصلت الملحق وجلست مستندا

على جداره ولم أستطع دخوله لأني وعدتها , نعم سبق ووعدتها أن لا أدخله

أمسكت رأسي بقوة محاولا التفكير بروية وإيجاد حل لكل هذا , ومضى الوقت

جالسا مكاني أحاول جمع أفكاري وبلا فائدة حتى سمعت أذان الفجر فوقفت وعدت

أدراجي للمنزل , قد تكون خدعة منهم وعليا التأكد أولا وعلى مخططي أن يسير

كما خططنا له عند الوزير هناك , وإن كان فعلا انتقم مني بهذه الطريقة البشعة

فعليه أن يعش البؤس والمعاناة مثلي وأن أنتقم منه أيضا , فأن نموت معا أفضل

من أموت ويبقى هوا يفتخر بانتصاره علي , دخلت المنزل وصعدت للغرفة

وفتحت بابها فوقفت الجالسة على السرير من فورها تنظر لي باستغراب

ثم قالت " أواس ما بك ! وأين كنت وأين ثيابك ؟ "

قلت داخلا بخطى ثقيلة " لا شيء , هل جهزتِ ما طلبت منك ؟ "

توجهت نحوي مسرعة وأمسكتني قائلة " نعم جهزته لكن ما

بك تبدوا متعبا ؟ "

أبعدتها عني وقلت متوجها للحمام " قلت لا شيء , سأخرج للصلاة

ولدي مشوار بعدها ثم آخذ عمتي من هنا وأعود لآخذك للمطار

فجهزي نفسك "

ثم دخلت الحمام وفتحت المياه الدافئة ودخلت تحتها أحاول أن لا أفكر

إلا فيما اتفقنا على فعله وأن أبعد باقي الأفكار جانبا , لا أفكر في كلامها

ولا توقيع الطبيب على الورقة وختم المختبر صاحب الاسم المعروف

بعد وقت خرجت من الحمام لبست ثيابي وغادرت المنزل رغم أني أشعر

بصداع يكاد يدمر رأسي , وجسدي كله يؤلمني إلا أنه لا مجال للتراجع

ولا الوقوف , صليت مع الجماعة ثم خرجت من هناك وبحثت عن أقرب

صيدلية مفتوحة وأخذت مسكنا وخافض حرارة وتناولتهم في السيارة ثم

عدت للمنزل وتوجهت فورا لغرفة عمتي بعدما مررت على غرفة تلك

النجسة وأغلقتها بالمفتاح , دخلت ووجدتها جالسة على سجادتها

وحقيبتها بجانبها فقلت " هل أنتي جاهزة عمتي ؟ "

وقفت ونزعت لباس الصلاة وقالت وهي تضعه في حقيبة يدها

" نعم بني , كم ستطول رحلتكم ؟ "

رفعت الحقيبة قائلا " لا أعلم لكن ليس كثيرا , سأنتظرك في السيارة "

خرجت ووضعت الحقيبة في السيارة وركبت وخرجتْ هي بعد قليل

وانطلقنا في صمت تام حتى وصلنا منزل العقيد رفعت وكانت الخادمة

في انتظارنا عند الباب فقلت " انزلي عمتي ها هي الخادمة

ستأخذك للداخل "

نظرت لها ثم لي وقالت باستغراب " خادمة !! وأين عائلته ألا

زوجة له ؟ أو بنات مثلا ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " يعيش وحده , انزلي عمتي لا وقت لدي "

قالت بضيق " كيف أنزل وأعيش مع رجل لوحده ! ما هذا الجنون يا أواس ؟ "

ضغطت على عيناي بقوة وقلت بضيق مماثل " عمتي أخبرتك أنه أغلب

النهار خارج منزله وإن كان موجودا فمع ضيوفه من الضباط والعقداء

ولا مكان آمن أكثر من هذا المنزل "

كانت ستتحدث فقلت بضيق أكبر " عمتي بالله عليك ترحميني

وتنزلي فلن يأكلك كلها أيام وسأرجع "

تأففت حينها وفتحت الباب وقالت " تصرف إذاً مع والدك حين يعلم

أقسم أن يجن جنونه وأنا من ستدفع ثمن كل هذا "

ثم ضربت الباب بقوة وفتحت الباب الخلفي وقالت وهي تنزل حقيبتها

" أتمنى أن لا يعلم أحد بوجودي هنا فلا ينقصني فضائح ليجدها

والد ابنتي عذرا ويمنعها عني "

ثم ضربت الباب ودخلت مع الخادمة وغادرت أنا متأففا فلن تقتنع أبدا

أن هذا في صالحها وحماية لها


*~~***~~*


دخلت خلف الخادمة بخطى مترددة ومتوترة , سامحك الله يا أواس هل هذا

موقف تضعني فيه !! ما مظهري أمام حتى هذا الرجل ؟؟ لا أعلم بأي عقل

تتركني مع رجل غريب يعيش لوحده ! أقسم لو علمت الناس لسلخوا وجهي

وزوجي السابق لن يرحمني أبدا وأول ما سيقوله ( تصرفات ابنتك أنتي السبب

فيها فممن ستتعلمه إلا من لوالدتها ) لا وشقيقي سالم حكاية أخرى لوحدها

وأقسم إن علم أن يضربني وأنا في هذا السن , أدخلتي للمنزل الواسع الفارغ

الذي لا صوت فيه لأحد وإن أوقعت فيه إبرة لسمعت صوتها بوضوح

وقفتُ وأوقفتها قائلة " أين سيدك الآن ؟ "

وضعت الحقيبة على الأرض وقالت " خرج من الظلام ولن يعود قبل

ليل طويل , هل يريد أنت التحدث معه ؟؟ "

ارتجف جسدي بأكمله وقلت بجزع " لا طبعا , ماذا أتحدث معه هذه ؟ "

حملت الحقيبة مجددا وقالت سائرة بها " لما يسأل إذا ؟ "

تبعتها مغمغمة ببرود " ما أطول لسان هذه الخادمة فيبدوا أن

سيدها المجهول يدللها حتى حولها لوقحة "

قالت متابعة سيرها " هل يريد شيئا سيدتي ؟ "

لويت فمي وقلت " لا شكرا "

أوصلتني لجناح في الطابق السفلي وقالت " هنا يدخل

أنتي وسأعد لك فطور "

حملت الحقيبة وقلت داخلة بها " لا شكرا لا رغبة لي في الطعام "

ثم التفت لها وقلت " وأين تكون غرفة السيد ؟ "

قالت من فورها " في فوق سيدتي "

هززت رأسي بحسنا فغادرت هي من فورها وتركتني أستكشف عالمي

الجديد مستغربة وجود جناح كامل في الطابق السفلي !! دخلت غرفة

النوم أجر حقيبتي خلفي ثم جلست على السرير وتنهدت بأسى , يا رب

أحفظ ابن شقيقي فلا أحد له غيرك , وأخرجني من هنا في أقرب وقت

وأعمي بصر الناس عني حتى أرحل من هذا المنزل


*~~***~~*



دخلت المستشفى فجرا فعليا زيارة إياس والاطمئنان على باقي الرجال

المصابين ووالدة إياس أيضا ومعرفة وقت خروجها لأخرجها ويبدوا

علي أن أتصل بعمي لأخذ شقيقتاي لديهم هادان اليومان فلن أستطيع ترك

إياس ولا عائلته في المزرعة وحدهم فليلة البارحة قضيتها نائما في السيارة

أمام الباب وتركت حتى عملي فهناك من يناوب عني في المركز لكن ذاك

المنزل لا أحد فيه سوا النسوة ولم استطع المبيت داخله في المجلس أو الملحق

لأنه لا سدين ولا عمتي هناك , دخلت غرفة والدته لأنها الأقرب في طريقي

رغم ترددي من مواجهة ابنتها بعدما سَمعته مني بالأمس , طرقت الباب

طرقات خفيفة ثم فتحته ببطء ودخلت فكانت لوحدها وقد نزعوا عنها جهاز

قياس النبض ولم تبقى سوا حقنة المغذي , اقتربت منها وقبلت رأسها وقلت

" حمدا لله على سلامتك يا عمة وآسف على إفزاعي لك فكل خوفي

كان من أن تسمعي الخبر من غيري ولا تفهمي الحقيقة ويبدوا

أني فعلتُ ما خفت منه "

قالت مبتسمة بحنان " لا عليك بني أنا من تسرعت في فهم الأمر

وهكذا قلب الأم دائما مهما أخبرتها ستُفجع "

جلست على حافة السرير وقلت " ماذا قال الطبيب اليوم ؟ "

قالت بهدوء " قال يمكنني الخروج عند الساعة العاشرة

وأنه عليا أن أرتاح وأتغذى جيدا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " جيد لكن بقائك هنا قد يكون أفضل

ومستعد أن أنقلك لمستشفى خاص وإياس أيضا "

ربتت على يدي وقالت بحنان " لا داعي لتكلف على نفسك بني

أنا بخير وإياس لن يرضى أن يبقى لا هنا ولا هناك "

تنفست بقوة فيبدوا من حديثها أن سدين لم تخبرها شيئا , نظرت

حولي وسألت السؤال الذي أجلته من البداية " وأين سدين ؟ "

قالت من فورها " ذهبت لرؤية إياس , مسكينة أفزعناها فطوال

ليلة البارحة تبكي ولم يغمض لها جفن رغم أننا بخير "

نظرت للأرض ولم أعلق فلو علمت السبب لما تحدثت معي بكل هذا

الود والاحترام , وقفت وقلت " سأذهب لرؤية إياس وباقي الجرحى

ثم أعود لأخرجكما من هنا وسأبقى معكم حتى خروج إياس "

قالت مبتسمة " حفظك الله بني ونعم الصديق والأخ له حقا "

ابتسمت وقبلت رأسها مجددا ثم خرجت من عندها وأشعر أن كل كلمة

تقولها تذبحني بها , سحقا لي هل كان عليا قول ما قلت , ماذا إن علم إياس

ولابد أنها لن تتوانى عن إخباره كي لا يتم هذا الزواج كما قالت , لما لم

أستطع كبتها في نفسي ؟ قسما لو علم لغضب مني ليوم القيامة ولو كنت مكانه

لفعلت ذلك , لكنها أغضبتني وحدّتني على قول كل ما قلت فلم تحترمني ترد

عليا الكلمة بأخرى وأعصابي كانت مشدودة فما مررنا به يوم أمس لم يكن

سهلا , وصلت غرفة إياس رغم أني كنت أريد تأجيل ذلك حتى تغادر هي

من هنا لكني سأراها حين سأخرجهم ولا مفر لي من رؤيتها , طرقت باب

الغرفة وفتحته ودخلت فكانت تعدل له الوسادة خلف ظهره فابتسم ما أن

رآني واقتربت منه قائلا " نفذت منها يا بطل "

قال بضحكة متعبة " بل أنت من نفذت "

اقتربتُ من سريره فابتعدتُ من كانت بقربه حتى كادت تصل لآخر

الغرفة فاقتربتُ منه وقلت " حمدا لله على السلامة , كيف تشعر الآن ؟ "

قال من فوره " بخير ولا أريد سوا مغادرة المستشفى فهوا من يتعبني "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " أين تخرج وأنت انصبت بالأمس "

قال بضيق " كله جرح بسيط فالرصاصة لم تصب سوا

أعلى كتفي فقط "

قلت بجدية " وإن يكن , متى ما قال الطبيب تخرج ستخرج "

رفع رأسه يعدله على الوسادة وقال " تَهدي أنت وطبيبك "

تحركتْ حينها الهاربة الصامتة طوال الوقت وقالت متوجهة

للباب " سأغادر الآن يا إياس وسأراك قبل أن نخرج "

ثم فتحت الباب وغادرت فوقفت من فوري قائلا " وأنا سأمر

بك فيما بعد , بعد أن أزور البقية "

قال بابتسامة ماكرة " نعم أدركها بسرعة قبل أن تبتعد "

ضحكت وقلت متوجها لباب الغرفة " تصمت أو لكمت لك كتفك "

ثم خرجت خلفها ويبدوا أنها لم تخبر شقيقها أيضا ومؤكد لن تخبره

وهوا بهذه الحالة , أسرعت الخطى حتى لحقت بها وأمسكت

يدها قائلا " سدين انتظري "

التفتت لي وسحبت يدها من يدي فقلت ناظرا للبعيد " بشأن

ما قلت بالأمس و.... "

قاطعتني قائلة " لا تبرر ولا تقل لننسى كل ما قيل "

تنهدت بضيق وقلت " أنتي من حدّني على قول ما لا أعي

تريني غاضبا وتستفزيني "

قالت ببرود " بل تعي جيدا وعلمتُ الآن لما تعاملني

بتلك الطريقة الجافة "

ثم قالت مغادرة " لنا حديث لكن ليس هنا بل في المكان المناسب "

ثم اختفت في الممر ووقتها فقط لاحظت أن عباءتها مغلقة للأسفل

والفصوص التي في وجهها اختفت , مررت أصابعي في شعري

أتنفس بضيق ثم غادرت في الاتجاه الآخر لأرى باقي الرجال

فواحد منهم حالته حرجة وعليا أن أتم إجراءات نقله من هنا



*~~***~~*

بعد وقت طويل زحفت من السرير ووقعت أرضا بصرخة متألمة لأن

جسدي انهار من قوة ضربه لي ذاك المريض القذر فليعش في عذابه من

الآن وحتى يموت , أخرجت الهاتف واتصلت بالرقم المدون فيه فأجاب

سريعا فقلت من فوري " تمت المهمة "

قال بسرعة " حقا نام معك ؟ "

قلت بتنفس متعب " نعم وأريته ورقة التقرير أيضا فاقتحموا

المكان وأخرجوني كما وعدتم "

أغلق حينها الخط في وجهي فبقيت أنظر للهاتف بصدمة وأعيده لأذني لأتأكد

من أنه أغلقه حقا ثم رميته تحت السرير فهم طلبوا أن أفعل هذا وأن أريه

التقرير المزور ثم سيقتحمون المنزل ويخرجوني وحفيدة سيدهم ولن يأخذ

الأمر منهم أكثر من دقائق بالتأكيد , زحفت على الأرض حتى وصلت الخزانة

وفتحتها وأخرجت أقرب ملابس استطعت الوصول لها ولبستها بصعوبة ثم

جلست مستندة بالسرير أنتظرهم ليمر الوقت والوقت ولا أحد جاء على ما

يبدوا ! عدت زحفا للهاتف الذي أخرجته من تحت السرير بصعوبة وجربت

الاتصال مجددا ولم يجب والآخر أيضا وبعد عدة محاولات أغلق الخط

في وجهي فما معنى كل هذا !!؟؟ وأين باقي المخطط



*~~***~~*




فتحت عيناي لأجد السقف الأبيض أمامي ورائحة المعقمات تخنق تنفسي

وشعرت بحسدي وكأنه غارق في الماء ! نظرت جانبا وأدركت أين أنا

الآن , جلت بنظري حتى وقع على النائم على كرسي بالقرب مني فجلست

ببطء ورفع هوا رأسه وفتح عينيه ونظر لي فقلت " أين ذهبت ؟ "

وقف وتوجه نحو الطاولة بجانب السرير وسكب من قارورة الماء

في الكوب قائلا " غادرت , ألم تريها تركب السيارة وتغادر "

دسست وجهي حينها في كفاي وانخرطت في نوبة بكاء شديدة وشعرت

بثقل جسده يجلس بجانبي على السرير وقال " أخبرَتْك أنها ستحاول

فلما رفضتها يا سراب "

بقيت على بكائي ولم أعلق فمسح على شعري وقال " لا أحد

منا كامل , كل إنسان وله عيوب "

ابتعدت عنه حينها لطرف السرير وقلت ببكاء " ولما لم يكن هذا

رأيك بي سابقا ؟ لما كنت في نظرك كلي عيوب وعليا أن

أتغير وأعاقَب أيضا ؟ "

قال ببعض الضيق " إن كان أسلوبي أنا خاطئ في نظرك

لما تتّبعيه الآن ؟ "

قلت بحدة " لا أتّبعه ولست أعاقبها أردت فقط أُماً هل هذا كثير علي ؟ "

قال بحدة مماثلة " واتركيها تحاول إذا علها تكسبكما كليكما "

مسحت خداي من الدموع بقوة وقلت بسخرية " لو كنتَ

مكاني هل سيكون هذا كلامك ورأيك ؟ "

لم يتحدث ولم يعلق فتابعت بألم " أنت وجدت والدتك معك في كل

وقت واختارتك على كل شيء , أقسم لو خيروها بينك وبين المال

أو الزوج لاختارتك أنت "

تنقل بنظره بين عيناي مطولا ثم قال بشبه همس " سراب

احذري فأنتي تصنعين من نفسك وحشا "

قلت بابتسامة ساخرة " وحش !! أنتم من صنعه وليس أنا

أنتم من حولني لهذا "

وقف حينها وقال " دعينا نغادر ونتناول الطعام وسيتغير

كلامك ما أن تهدئي "

قلت بحدة " توقف عن قول هذه الجملة أنا لست مجنونة ولا معلولة

نفسيا , وخذني للمنزل حالا لا أريد أي طعام ولا أي شيء "

صرخ حينها بحدة أكبر " لا ترفعي صوتك يا سراب ولا تتطاولي

عليا هكذا ولا تنسي أني زوجك "

قلت بذات حدتي " أنت من جلبه لنفسك , لما أحضرتني هنا وأنت

تعلم جيدا رفضي لرؤيتها ؟ "

قال بجمود " ظننت أن هذا سيريحك لكني أخطئت "

ثم قال متوجها للباب " أنتظرك في السيارة "

ثم غادر وتركه خلفه مفتوحا فلبست حجابي ورفعت معطفي بقوة وخرجت

ألبسه محاولة إدراكه في هذا المستشفى الذي لا أعرف فيه شيئا , وصل

السيارة وأنا خلفه وغادرنا من هناك ووقف عند مطعم للوجبات الصباحية

فرفضت النزول ولا أن ينزل ويحضر لي شيئا فغادر بي من المدينة التي

لم أسأل حتى ما تكون وتعمدت أن لا أقرأ لافتاتها عند مخرجها كي

لا يدفعني الحنين يوما ما للقدوم والبحث عنها هنا



*~~***~~*


بعدما وصلني اتصال من مكتب الوزير للقيام ببعض الأمور قبل مغادرتنا

عدت للمنزل وتوجهت أولا لسجينة الغرفة فتحت الباب ودخلت فكانت متكئة

على ساق السرير وقد لبست ملابس الخروج , هه لا يكون عقلها أخبرها

أنها ستهرب أو أني سأتركها تذهب من هنا , وصلت عندها وأمسكت ذراعها

وأوقفتها فصرخت بتألم فسحبتها معي قائلا " ظننت أنه حتى الضرب قد

يجدي معك ويردعك عن جنونك لكنك لا تتغيرين أبدا حتى تكتشفي

حقيقة أولائك الأنذال بنفسك "

قالت بصوت ضعيف متألم " سيأتون لأخذي لقد وعدوني "

ضحكت بسخرية وقلت " وأين هم يا حبيبتهم ؟ "

فتحت باب السيارة ورميتها بداخلها وركبت وانطلقنا للمكان الوحيد

الذي سأعلم منه حقيقة ما قالت وما يوجد في تلك الورقة , بعد مسافة

قريبة وصلنا لمركز متخصص بهذه الأمراض فإن كانت كاذبة سيكون

الجواب لديهم وإن كانت صادقة فقد وصلت مكانها وقد قدمت لذاك

الخنزير جثماني على طبق من فضة وانتقموا مني شر انتقام , أنزلتها

ودخلت بها حتى أوصلتها لحجرة بها ممرضتان تلبسان ملابس كاملة

حتى القفازات وقلت " أريد مقابلة السيد جمعة مختار "

قال إحداهما " في مكتبه الجديد أصبح في آخر الرواق رقم ثلاثة "

تركتها هناك وقلت مغادرا " لا تتركوها تخرج "

وخرجت على صراخها الهستيري الذي لا أفهم منه شيئا حتى اختفى ويبدوا

أنهم حقنوها بشيء ما جعلها تنام , وصلت مكتبه وأعطيت سكرتيرته

بطاقتي فدخلتْ له بها ثم خرجت سريعا وقالت " تفضل سيدي "

وقفت ودخلت له وأغلقت الباب فوقف من فوره وصافحني قائلا بابتسامة

" زارتنا البركة , أين لم نرى منكم أحدا من مدة ؟ يبدوا وجدتم عقارا شافيا

للإيدز تحقنون به من تقبضون عليهم "

شعرت بشيء قبض على قلبي بقوة من ذكره لاسمه وقلت بابتسامة

مغصوبة " بل يبدوا أن إرشاداتكم ومنشوراتكم نجحت مع المجرمين "

جلس ضاحكا وقال " بما أخدمكم حضرة الضابط ؟ "

جلست أمامه وقلت " أحضرت امرأة هنا منذ قليل "

ثم أخرجت له ورقة التقرير وقلت " أريد أن أتأكد من هذا "

أخذها مني ونظر فيها قليلا ثم قال " هذا المختبر من المختبرات

الموثوق بها لكن كل شيء جائز وسأتأكد منها بنفسي "

قلت بتوجس " ومتى تظهر النتيجة "

قال مبتسما " وكأنها أول مرة تتعاملون معنا في مثل هذه الحالات "

قلت من فوري " أعلم لكن هذه أريدها مستعجلة "

وقف وقال " قبل أيام صعب جدا , وإن كانت مصابة حديثا فستحتاج

لشهر ليظهر الفيروس في دمها , سأشرف على حالتها بنفسي

ولن نتأخر كثيرا "

وقفت وقلت " إذا أنا مسافر وسأتصل بكم لأخذ النتيجة "

هز رأسه بحسنا وقال " تحدث معي برقم مكتبي وستعطيك

السكرتيرة بطاقة أرقامنا الجديدة "

وخرجت بعدها من المركز الطبي المتخصص بالأمراض المعدية عائدا

للمنزل لتبدأ رحلتي مع سجّان طفولتي الذي لم أخرج من سجنه حتى الآن

ولن يردعني عنه شيء ولا المرض فلن أخرج من كل ذاك الماضي إلا

برؤيته يعاني , وإن كان مصيري الموت فهوا خير لي من الحياة هكذا


*~~***~~*



نظرتْ لي وأنا أعدل لها غطاء رأسها جالسة على السرير أمامي

وقالت " سدين من عقلك تقولين هذا الكلام "

وضعت الوشاح صوفي على كتفيها وقلت " نعم فخالي في المستشفى

هنا وكلاهما واحد يوصلنا هوا أو أمين ما الفرق "

قالت بهدوء " قد يغضب زوجك وهوا من قال أنه سيأتي لأخذنا للمنزل "

قلت بضيق " وما الفرق يا أمي ولما سيغضب فخالي رفعت سيغادر

من هنا بعدما يرى إياس وسنغادر معه ليوصلنا , هل هذا جرم ؟ "

تنهدت بيأس وقالت " لو أعلم ما قلب مزاجك هكذا ؟ هل تحدثتما "

تأففت وقلت " لا يا أمي فهيا لتري ابنك ونغادر "

وقفت حينها وخرجنا معا فغرفته ليست بعيدة عنا كثيرا وفي نفس الطابق

فعلينا المغادرة قبل قدوم ذاك فلا أريد الذهاب معه ولا رؤيته , آآآخ أكثر ما

يكسر ظهري حب إياس له وثقته به وموافقتي عليه من أجله ولا أريد أن أكسر

كلمته وأخيب نظرته في صديقه ولولا كل هذا لما خرجت من هنا إلا مطلقة

منه إن بالطيب أو الإكراه لذلك عليا التصرف بحكمة وأن أضع والدتي وإياس

في عين الاعتبار , أنا يا أمين أنا تقول عني أني ورطة ورطك شقيقي فيها ؟

سنرى من المتورط ومن الخاسر إن لم أقلب الأدوار وأقلبها عليك لا أكون

سدين , ساعدتها على السير حتى وصلنا غرفة إياس ودخلنا فتوجهت والدتي

له من فورها وبدئت مناحتها رغم أنها تراه أمامها بخير ويضحك أيضا

قال خالي رفعت ضاحكا " من غِيرتها منك حتى المستشفى نامت فيه معك "

ضمها إياس بيده السليمة وقبل رأسها وقال " ليحفظها الله لي

ولتغار كما تشاء ما علاقتكم أنتم ؟ "

ابتعدت عنه حينها ونظرت لخالي وقالت بضيق " هذا ما كنت

أخشاه دائما , ولن تسلم المرة القادمة "

رفع كتفيه وقال ببرود " ابنك أمامك أقنعيه أن يترك الشرطة

وخبئيه معك في المزرعة "

قال إياس بضحكة متعبة " لا هذه مستحيلة "

نظرتُ لساعتي ثم لخالي رفعت وقلت " هيا خالي لتوصلنا في طريقك "

نظر لي بنصف عين وقال " سمعت أن أحدهم سيوصلكما فلما لا ننتظر قليلا "

قلت بحرج وضيق " كلكم واحد , ثم ألن ترى ابنة شقيقك فأنت لا تأتي إلا نادرا "

حرك يده قائلا " ولما تعلم أني أتيت ؟ ستفتح لي مجددا اسطوانة سأذهب معك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ونِعم العم حقا , هل هذا ما تنتظره

منك ؟ وكن مطمئنا فهي أقسمت أن لا تطلبها منك مجددا ولا تذهب معك "

نظروا لي جميعهم باستغراب وقالت والدتي بضيق

" احترمي خالك يا وقحة "

قلت باستياء " لن أسامحكم جميعا على ما فعلتموه بترجمان

ووقوفكم تتفرجون عليها "

كانت ستتحدث فسبقها خالي قائلا " يكفي شجارا في المستشفى ولا

تنسوا أن ابنكم مريض ويحتاج للهدوء والراحة وهيا أمامي كليكما "

خرجتُ حينها قبلهم بخطوات غاضبة حتى وصلت سيارة خالي لحظة

وقوف سيارة أمين بقربي فركبتُ بسرعة وأغلقت الباب بقوة , ليرتاحوا

الآن لم يخرجونا حتى جاء وأدركنا , نزل من سيارته لحظة اقتراب خالي

ووالدتي فتوجه نحوهما وسلم على خالي وتحدثا قليلا ثم غادر هوا جهة

باب المستشفى وأركب خالي والدتي وركب بعدها وانطلق خارجين من

المستشفى ونظر لي في المرآة وقال بلهجة ماكرة " لو تركناه أوصلكم

كاد يترجنا ليفعلها هوا "

نظرت له بضيق ثم عدت بنظري للنافذة متجاهلة له وقالت والدتي

" كم هوا شاب مهذب وخلوق , علمت الآن سبب إصرار إياس عليه "

ابتسمت بسخرية بل كدت أضحك على ما سمعت , مهذب وخلوق ؟؟

ليثك رأيتِ وجهه الآخر لتغير رأيك به , وصلنا المزرعة سريعا ونزلنا

وكانتا رغد وسهاد في استقبالنا وقال خالي " أين ابنة أخي ؟ "

قالت رغد وهي توصل أمي للداخل " في غرفتها , صعدتُ لها وقالت

لا تستطيع النزول وأن رأسها يؤلمها وملامحها كانت متعبة بالفعل "

قلت متوجهة جهة السلالم " هذا كله من كبتها فهي الوحيدة التي

لم تبكي بالأمس "

وصلتُ غرفتها وطرقت الباب ودخلت فكانت غارقة في الظلام فاقتربت

من سريرها ليلفت نظري شريط الحبوب على الطاولة بجانبها ثم نظرت

لها فكانت تبدوا نائمة فغادرت الغرفة مغلقة بابها بهدوء , مسكينة يا

ترجمان ليتك كغيرك تبكي وتولولين وتفرغين ما بك أو يفهموك

ويتفهموا طبيعتك , لكنهما أمران كل واحد منهما أصعب من الآخر



*~~***~~*


فركت يداي بتوتر وأنا أراقب حركة الناس حولنا جالسان على أحد

كراسي الانتظار ننتظر موعد طائرتنا وكل فترة والأخرى يمر أحد

من خلفنا ويهمس بكلمات معينة فنظرت لأواس الشارد بنظره للبعيد ثم

أنزلت يدي وأمسكت بيده بقوة فقال بهدوء " لا تغرسي أظافرك في

كفي يا دُره "

نظرت له باستغراب مطولا فنظر لي وقال " أرخيها قليلا ولا

تدخليها للحمي "

زادت حيرتي وأرخيت يدي فعاد بنظره للبعيد وقال " ما بك ؟

هل تشعرين بالخوف ؟ "

قلت من فوري " ما حكاية هؤلاء الرجال ؟ "

قال ونظره لازال أمامه " رجال القوات الخاصة متنكرين "

تنقلت بنظري في ملمحه بصدمة ثم قلت " وبما يخبرونك ؟ "

قال بذات هدوئه المبهم " رجال جدك ينتشرون هنا ويراقبوننا

من كل اتجاه "

أدرت عيناي دون أن ألتفت ثم قلت برجفة " لما ؟ "

سكت لوقت ثم قال بنبرة غامضة وغريبة " اليوم تحديدا

يريدونك , يريدون أخذك وإبعادك "

زاد ارتجافي وقلت " ولما اليوم "

قال بنبرة ساخرة " انتهى مخططهم وعليك أن تبتعدي عني "

نظرت له بحيرة ولم استطع فهم شيء مما يقول فقال " لا تخافي لن

يؤذوك يا دُره فهم يطبقون الأوامر , ثم هم مراقبون جيدا "

قلت ونظري معلق به " أنا لست خائفة على نفسي بل عليك "

شد على يدي بقوة ثم قال بهمس " قفي "

نظرت له باستغراب فقال بأمر " بسرعة "

وقفت من فوري فشدني بقوة أوقعتني على الكرسي متألمة ونظر

لي وقال بملامح قاسية " قلت لا تتحركي ألا تفهمي "

نظرت له بصدمة فانشغل بإخراج هاتفه من جيبه قائلا " آسف

حبيبتي كي لا يشكوا بنا فمن المفترض أنك مجبرة على البقاء معي "

ثم وضع سماعات الهاتف في أذنيه ودخل في حديث مطول مع أحدهم

حتى أعلنوا وقت رحلتنا فوقف حينها ووقفت معه وغادرنا صالة

الركاب لتبدأ الرحلة التي الله وحده يعلم أين ولما ومتى ستنتهي


المخرج : بقلم الغالية أيفا رمضان

مازل هناك متسع من الوقت والخيارات دائماً موجودة لكننا لا ندركها
فلا مجال للخطاء وعلى سيف الحقيقة أن يقطع الشك بل يقين
وعلى الحرب أن تخذ أوزارها فل حق لنا وإياكم والاقتراب منا
فحصوننا نارية الغضب وان كانت من جليد
فنحن حصون من جليد .....

سلمت يداك


نهاية الفصل .....
دقائق وينزل الفصل الأربعون


فيتامين سي 27-02-16 09:11 PM

رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثامن والثلاثون)
 


الفصل الأربعون

المدخل : إختيار الغالية شيماء علي

وأنا أشوف جابر إحساسي بيقول
مرحبا يا منبع الزين كله
يا دوا الخفاق من كل علة
ما حال عقب الغياب اللقا
يا عروق القلب واغلى الحبايب
شوفتك تشفي الجروح العطايب
ندوتك ما راح واللي بقى

سلمت يداك

******


مر يومان منذ وصولنا لهذه المنطقة الشبه ريفية والمنزل الواسع الذي

أصبحتُ سجينة إحدى غرفه وعليا أن لا أخرج منها إلا للضرورة

وبرفقة الحارس الموجود عند الباب , ما فهمته أننا في أحد أسوء مدن

أسبانيا حيث الليل الصاخب ليس بالموسيقى بل بأصوات الرصاص

المتفرق والكلاب وأحيانا صراخ متقطع لرجال , أنام خائفة وأستيقظ

مرعوبة ولا أعلم ما يجري في الخارج وما سببه ولم أجد ولا حضن

أواس لأنعم بالراحة ليلا فأنا منذ صرت هنا لم أره إلا للحظات بسيطة

ورغم طمأنته الدائمة لي إلا أنني خائفة ... خائفة عليه من كل شيء

حتى من رجال الشرطة هنا وحتى من حرّاس المنزل المنتشرين فيه

ولو كان الأمر بيدي لقرأت أفكارهم جميعهم لأعلم إن كان ثمة خائن

أو مندس بينهم ولحسن حظي أني أعرف الانجليزية لما وجدت طريقة

أتفاهم فيها ولا مع الخادمة , ضممت ساقاي لحظني ونظرت للسقف

لو أفهم لما أحضرونا لهذه البلاد تحديدا ولهذا المكان الذي يبدوا يعج

بالمجرمين والعصابات من الأصوات ليلا ؟ هل كل هذا ضمن المخطط

لجلب جدي ! حسنا لما لا يفكرون أنه قد يستعين برجاله ولا يأتي هوا ؟؟

وقفت وغادرت السرير والغرفة بعدما لبست حجابي ليتحرك الرجل الواقف

هناك خلفي من فوره ولا أفهم وجوده أيضا هل هوا تمويه أم بالفعل حماية

لي إن فكروا في القدوم لأخذي ؟ رأسي يكاد ينفجر من التحليل والتفكير , ما

هذا المستقبل الواعد الذي لم أكن أحلم به وأتخيله ؟ مالي وكل هذا ؟ كنت فتاة

كل طموحها أن تخرج من منزل الساحرة وشقيقها وتتزوج وتستقر وتنجب

أبناء لا تحرمهم من الحنان كما حُرمت هي منه , تنتهي بزواج غامض

وزوج يسكن قلبها وهوا بالكاد يكون لها , لا أبناء ولا أمان ولا استقرار

يا رب هون القادم فقلبي يقول أنه أشد , نزلت للأسفل بحثا عن الخادمة

فوجدتها تحاول مع زوجها إصلاح مشكلة ما في فرن الغاز في المطبخ

فوقفت عند الباب وقلت " لآنا أين أجد أواس ؟ هل هوا هنا ؟ "

وقفت على طولها وقالت " أعتقد في غرفة المكتب "

قلت من فوري " هل هوا وحده ؟ "

حركت رأسها بمعنى لا أعلم وقال زوجها المنحني منشغل

بالتصليح " كان معه رجلان وغادرا للتو "

تركتهما وتوجهت حيث قالت وطرقت الباب ثم فتحته ببطء ودخلت فكان

يتحدث في الهاتف مع أحدهم بلهجة لا أفهمها ونظره علي وأنا متوجهة

نحوه حتى وصلت عنده وأبعدت يده وجلست في حضنه وتعلقت بعنقه

فليفهم أني أحتاجه أحتاج الأمان أحتاج أن أعلم أنه بخير وأن كل الأمور

ستكون على ما يرام , أنهى المكالمة وأبعدني عنه لأقف مع وقوفه أنظر

له باستغراب ثم قلت " ما بك أواس ! أقسم أني أحتاجك وخائفة من كل

شيء حتى صوت الكلاب في الليل "

ضمني لحضنه بقوة وقال " عليك أن تكوني شجاعة القادم يحتاج للكثير

يا دُره يحتاج لدُرر المؤمنة القوية فلا أريدها أن تحتاج لأواس دائما

كي لا تنكسر إن خسرته "

ابتعدت عن حضنه ونظرت لعينيه وقلت بعينان دامعة

" لما ؟؟ ماذا حدث وأين ستتركني ؟ "

أمسك وجهي بيديه وقبّل أنفي وقال " قلت إن احتاج الأمر وأريدك أن

تفهمي شيئا واحدا أنني لن أتركك إلا من أجلك يا دُره أو لن يبعدني

عنك شيء فتذكري هذا جيدا حبيبتي "

هززت رأسي بحيرة وقلت " لو أفهم معنى ما تقول ؟ "

ضمني لحضنه من جديد وقال " قد يأتي يوم وتفهمي فيه وقد لا

يأتي أبدا وذاك مناي يا طفلة أواس الحبيبة "

ثم أبعدني عنه مجددا وقال " عليا المغادرة لأمور ضرورية ونامي

لا تبقي تنتظريني حتى تنامي على كرسي الغرفة كالبارحة "

علِق نظري في عينيه وقلت بحزن " ألن تنام معي ؟ "

هز رأسه بلا ثم غادر جهة الباب وخرج دون أن يعلل السبب ولا أن

يعطيني مجالا لأسأل , إذاً هوا من نقلني للسرير وأنا من ضننت

أني نمت عليه ونسيت , لكن لماذا !! لما يفعل هذا ؟؟







*~~***~~*








أبعدت يدها عن حجابي وقلت بضيق " ندى أتركي شعري مغطى

أو قسما عدت بك الآن ولن تري خالك إياس "

قالت أمي السائرة بجانبي تليها سهاد نعبر ممرات المستشفى

" كنتِ تركتها تسير على الأرض ليست صغيرة "

عدلتها متأففة وقلت " لن نصل حينها أبدا وستقف بنا تتفرج على

كل شيء , ما كان عليا إحضارها من أساسه "

وصلنا حينها الغرفة وطرقت أمي الباب وأنزلتُ ندى للأرض لحظة ما

فتحته ودخلنا له فابتسم ما أن رآنا وانطلقت ندى راكضه نحو سريره

ورفعها هوا بيده السليمة وأجلسها في حضنه يقبلها وقالت والدتي

متوجهين نحوه " أنزلها ستضرب لك جرحك يا إياس "

عدّلها في حضنه قائلا " لا أتركوها لن تفعل له شيئا "

تقدمتُ نحوه وقبلت خده وقلت " حمدا لله على سلامتك يا

إياس , لا تفعلها بنا مرة أخرى "

ضحك وقال " بل عليا أن لا أترك زوج شقيقتك يخبركم إن أُصبت "

ضحكنا معا واقتربت منه سهاد وجلست بجانبه متكئة برأسها على

كتفه باكية فضمها بذراعه قائلا " لما البكاء ها أنا بخير "

قلت مبتسمة " كادت أن تجمع علينا الناس من صراخها يوم سمعنا

الخبر وأغمي عليها ولم تفق إلا بعد وقت "

قبل رأسها وقال مبتسما " لا يحدث لك شيء فيهجم علينا سيادة

الجنرال بجيوشه الروسية "


دست وجهها في صدره وقالت كلمات بلهجتها فضحك وأجابها بذات

اللهجة ثم نظر لنا وقال " أمي تعالي لأسلم عليك , لما أنتي آخر واحدة ؟ "

اقتربتْ حينها منه وابتعدتْ سهاد عن حضنه فمد يده لها قائلا

" أعطني رأسك لأقبله "

انحنت له قائلة " لا داعي بني أنت متعب "

قبل رأسها قائلا " أنا بخير ولن أبقى لهم أكثر من اليوم

وليفعلوا ما يحلوا لهم "

جلست بجانبه وقالت بضيق " ماذا تغادر هذه ؟ أنت متعب هل

سنحضر خالك ليجبرهم على إبقائك بالقوة مجددا ؟ "

تنهد بضيق وقال " أنا بخير يا أمي لا داعي لبقائي هنا "

قالت حينها ندى ناظرة له " ديموو دربتني وأخذت سكلاته مني "

ضحكتُ وقلت " لن تستطيع كتمها أكثر من هذا فقد هدّدتْها أن تخبرك "

قبّل خدها وقال " سأريها تلك الحرباء الملونة كيف تضرب ندى ابنتي "

ثم نظر لي وقال " وكيف فعلتها فليست عادة سدين "

رفعت كتفاي وقلت مبتسمة " سدين هذه الأيام كالبارود لا أحد يستطيع

الاقتراب منها خاصة اليوم كلفتها أمي بطبخ أكثر وجبة تكرهها

وتركناها أبخرتها تخرج من أذنيها "

قال بضحكة " هل هذا كله من تأثير وجود زوجها "

قالت أمي مبتسمة " يُتعب نفسه كثيرا هذا الشاب , ترك شقيقتيه

وتجارته ومرابط عندنا , حتى العمال يشرف عليهم "

قال ماسحا على شعر ندى " أمين رجل يقاس بالذهب أعرفه

سنين طويلة ولم أرى مثله "

ثم نظر لأمي وقال " وأين ترجمان لم تأتي معكم ؟ "

قالت من فورها " رأسها يؤلمها هاذين اليومين ولا تغادر غرفتها

إلا لتتناول الطعام ومجبرة أيضا "

نظر لي وقال باستغراب " ما بها ؟ "

رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم , يوم أصبت كانت الوحيدة المتشجعة بيننا

والتي لم تبكي وتصرفت في كل شيء سريعا , حتى الحديث لم تتحدث

لباقي اليوم , هاتفها في يدها وتنتظر اتصال سدين لتطمئننا عليكما

واليوم التالي أصابتها نوبة الصداع تلك ولم تفارق سريرها "

قال من فوره " وهل تناولت المسكنات ؟ "

قالت أمي " أكملت شريطين كاملين ويبدوا بلا فائدة "

نظر لها وقال بشيء من الضيق " أمي لما لم تحضروها ليراها الطبيب "

هزت رأسها وقالت بقلة حيلة " حاولنا كثيرا ولم ترضى , أنت

تعرف عنادها جيدا "

قال بضيق أكبر " حدثت لها هذه الحالة سابقا لكنها كانت صباحا

بخير فما كان عليكم تركها كل هذا الوقت والمسكن لم يجدي معها "

ثم أنزل ندى من السرير وقال " أنا خارج معكم , سأرى الطبيب

ليُتم ورقة الخروج "

أمسكتْ أمي ذراعه موقفة له عن الوقوف وقالت " ابق مكانك سيأتي

أمين ويتحدث معهم , هوا غادر لرؤية رفاقكم الموجودين هنا "

ثم وقفت قائلة " سأذهب لأتحدث معه "

ويبدوا أمي تخطط لإبقاء إياس هنا وهوا لن يرضى أعرفه جيدا

قلت من فوري "سأذهب معك لا تذهبي وحدك "

قالت " لا أنتي ابنتك ستتعبنا وستحملينها طوال الطريق "

وقفت سهاد وقالت " إذا سأرافقك أنا لا تذهبي وحدك عمتي فحتى

لافتات المستشفى ليست بالعربية لتفهميها "

وخرجتا معا فنظرتُ لإياس الذي رن على جرس الممرضات

وقلت ضاحكة " يبدوا كشفت خطتها ؟ "

أنزل ساقيه من السرير وقال " أمي وأعرفها ثم أنا بخير كتفي المصاب

وليس رئتي أو كبدي لأبقى أكثر فحتى اليومان كانا كثير "

قلت مبتسمة " ظننته قلقا على ترجمان ؟ "

هز رأسه بضيق وهوا يفتش في الدرج بيده اليسرى وقال

" لا أعلم لما سكتّم عن حالتها كل هذا الوقت "

تنهدت وقلت " تعرفها جيدا رأسها أعند من الصخر , سدين قالت

أن أنفها نزف كثيرا أول أمس وجميعنا حاولنا معها ليراها

الطبيب ولم ترضى "

تأفف حينها وضرب باب الدرج بقوة كادت تحطمه فنظرت له

بقلق وكنت سأتحدث لكني نظرت سريعا حولي وقلت بصدمة

" ندى أين ذهبت ؟؟ "

ثم نظرت لباب الحجرة المفتوح وخرجت منه راكضة أنظر للممر

من جميع اتجاهاته ولا أثر لها فركضت أصرخ منادية لها وأحاول

أن لا أفكر أنها ضاعت في هذا المستشفى الواسع








*~~***~~*









اطّلع على التقرير وقال " علينا التأكد جيدا أولاً , سأرسل هذه الأوراق

لصديق لي وتأكد أنت من خزّانات البسترة والتعقيم وأشرف على

المهندس بنفسك , المشكلة بسيطة وقد لا تحتاج كل هذا "

هززت رأسي بحسنا ووقفت وقلت " عليا الذهاب لعملي الآن

وأراك في الغد "

قال وهوا يجمع أوراقه " ماذا بشأن اجتماعك مع السيد رافع "

رفعت هاتفي ووضعته في جيبي وقلت " قابله أنت , أنا أتق بك

فأوصل لي نتائج ما توصلتم له وسنناقشه معا "

وقف وقال " وزوجتك من المفترض أن تكون على دراية بكل شيء

كي لا تتسبب لنا بمشكلة وإحراج مع ذاك التاجر "

تنهدت بضيق وقلت " إذا سأرى ما يمكنني فعله وسأتصل بك "

ثم خرجت من عنده وركبت سيارتي واتصلت بعمتي سعاد التي

أجابت سريعا وقلت متحركا بالسيارة " هل خرجت اليوم ؟ "

قالت من فورها " نعم وتناولت الطعام , فقط لأن عمك صابر

حلّفها أن تأكل من أجله "

تأففت أضغط بقبضتي على المقود فقالت " اتركوها لا تضغطوا

عليها أكثر يا آسر فكلما أمر بغرفتها ليلا أجدها مستيقظة "

تنفست بقوة وقلت " حاولوا معها عمتي لا تتركوها تسجن نفسها "

قالت من فورها " بالتأكيد بني "

قلت بهدوء " وداعا الآن "

ثم أنهيت الاتصال معها وتابعت طريقي , لم أعد أفهمك يا سراب ولا

أستطيع توقع ردود أفعالك وكل ما كان علاجا لك سابقا أصبح يزيد من

تأزم حالتك الآن , كيف كنتِ سابقا تواجهين هذه الظروف بشكل معاكس

وبقوة أكبر ؟ حتى حقيقة والدتها تقبلتها تلك المرة سريعا وعادت طبيعية

تبتسم وتضحك أما الآن أصبحت تتصرف بسلبية غير متوقعة ولا معتادة

منها ! هل أخطأتَ في فهم شخصيتها يا آسر أم لأن الظروف كانت غير

الآن ؟ أم أن سراب تغيرت مجددا ؟! وصلتُ المركز الذي أصبح موحشا

في عيني فإياس وأمين أصبحا هناك وأواس سافر حاليا ولا أعلم متى

سيرجع وبقينا أنا ومحمود وخليل نتناوب حتى يعيّنوا آخرين معنا









*~~***~~*








أبعدتُ خصلات شعرها المتطايرة على وجهها وقلت " وأين هي

ماما الآن ؟ ولما أنتي وحدك هنا ؟ "

مسحتْ بيدها الصغيرة على جبينها مبعدة باقي شعرها

وقال " تيته وإياث "

ضحكت وقبلت خدها ثم ضممتها بقوة أستنشق رائحتها وكأني سأجد رائحة

تلك الحبيبة فيها وألتمس حضنها لديها , رغد تلك الطفلة التي كانت تكرهني

وحدي من بين جميع أشقائي حين كانت في عمر ابنتها الآن وحتى إن أوقعت

نفسها ووجدوها تبكي قالت بسام أوقعني أو ضربني وحتى الشكلاته لا تأخذها

مني رغم حبها لها وقتها وكنت كالأحمق كلما كبرت تعلقت بها أكثر وكلما قالت

والدتي نخطبها لك قلت لا لتنهي دراستها أولا لا أريد أن أظلمها بزواج وأبناء

فتهمل دراستها وحين علمت أن ذاك الشاب سيخطبها وهي موافقة جن جنوني

وأرسلت والدتي لهم بما أن والدي رفض التحدث مع إياس في الأمر حتى نأخذ

موافقتها أولا لأفجع برفضها ثم بموعد زواجها القريب من ذاك الصعلوك الذي

كنت أستغرب كيف وافق عليه إياس ومن قبل حتى أن تنهي دراستها , توجهت

جهة باب المستشفى فلابد وأنهم عند إياس لكن كيف خرجت ندى ولم يلحظوها

حتى وصلت لخارج المبنى !! ماذا إن لم أجدها ودهستها سيارة ؟ ما أن اقتربت

من الباب حتى كانت رغد خارجة منه راكضه تنظر في كل اتجاه فابتسمت بلا

شعور سامحا لعيناي بالتهام ملامحها الجميلة القلقة وعيناها الواسعة التائهة في

كل اتجاه فأنا لم أراها من شهور وشهور وحين شممت فقط خبر طلاقها كدت

أجن من السعادة حتى أني خططت لتلك الخطة المجنونة مع خالد لتوافق عليا

هذه المرة وكدت بغبائي أن أخسرها مجددا , أشرتُ لندى عليها وقلت

" ها هي ماما هناك تبحث عنك يا مشاغبة "

نظرت جهتها وصرخت من فورها " مامااااا "

فنظرت رغد جهتنا فورا لتخور قواها وجلست على الأرض واضعة

كفها على جبينها فتوجهت نحوها مسرعا وأمسكت يدها وساعدتها على

الوقوف وقلت " هي بخير وجدتها أمام باب المستشفى وحمدا لله

أنها لم تخرج لموقف السيارات "

سقطت ندى في حضنها فورا وأخذتها مني تضمها لصدرها بقوة وتمتم

حامدة لله ثم أنزلته وأمسكت برسغها وقالت بحدة " لما خرجت من

الغرفة وحدك لماذا ؟ "

وهي كانت تنظر لها بملامح توشك على الانفجار باكية وصرخت

بها رغد " تكلمي لما خرجتِ من الغرفة ؟ "

ولا جواب من الصغيرة التي دموعها بدأت تنذر بالسقوط فقلت

" هي صغيرة ولا تفهم وجاءت سليمة يا رغد "

ارتفعت حينها يدها الأخرى وضربت بها يد ندى التي تمسكها ضربة

قوية دوى صوتها في أذناي لتنطلق صرخة الصغيرة الباكية وكانت

ستضربها مجددا فأمسكت يدها وقلت " توقفي يا رغد يكفي واحدة "

فتركت يدها حينها لتتوجه لساقاي من فورها وتعلقت بإحداهما تبكي بشدة

فانحنيت لها ورفعتها فتعلقت بعنقي تواصل بكائها وعبراتها وأنا أمسح

على ظهرها ونظري على الواقفة أمامي لازالت تنظر لها بغضب وقد

تابعت حديثها الغاضب " ماذا إن لم يجدك بسام هنا تكلمي "

شعرت باسمي من شفتيها وكأنه سهما اخترق قلبي وكأني لم أجرب هذا

الشعور من قبل بل وكأني لم أسمعه منها قط , قلت محاولا تهدئتها

" هي صغيرة وتبكي ولن تفهم ما تقولي يا رغد , ألا معلومة لديك

عن أن الطفل لا يفهم النبرة الغاضبة أبدا "

نزلت حينها دمعة رغد وقالت بعبرة مكتومة " خفت أن لا

أجدها , ماذا إن حدث لها شيء ؟ "

لا هذا فوق طاقتي وتحملي , لترحمني إحداكما لا تبكيان لي معا , ابنتك

أحضنها وأخفف عنها أنتي ما أفعل مع النار التي اشتعلت داخلي الآن

أمسكت يدها وسحبتها لأحد المقاعد وأجلستها هناك وقلت

" لا تبكي يا رغد ها هي بخير "

ويبدوا لا جدوى مما أقول فتوجهت لسيارتي القريبة من هناك والطفلة

لازالت متعلقة بي وتبكي , فتحت الباب وأخرجت قارورة الماء الصغيرة

وعدت ناحية الجالسة هناك لازالت على بكائها الصامت , جلست بجوارها

ومددت لها القارورة وقلت " خذي اشربي وتوقفي عن البكاء يا رغد

حلفتك بالله "

أخذتها من يدي ووضعتها في حجرها تضمها بكلتا يديها فقلت

" هيا اشربي وتوقفي عن البكاء "

فتحتها بيد مرتجفة وشربت منها قليلا ثم مسحت خديها وقالت ناظرة

للأسفل " أنا آسفة وشكرا لك , من خوفي نسيت حتى أن اسلم

عليك أو أشكرك "

قلت مبتسما ويدي لازالت تربت على ظهر الصغيرة

" لا بأس تكفلت ابنتك بالمهمة قبلك "

ابتسمتْ حينها ابتسامة صغيرة وهي تشغل نظرها بيدها التي تغلق بها

القارورة , يا رب صبرني على هذا اليوم المرهق للمشاعر والأعصاب

وضعتها جانبا ثم مدت يدها لذراع ابنتها وقالت وهي تحاول سحبها

" هات عنك هذه ستصيبك بالطرش ولن تسكت "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " لا خبرة لي في إسكات

الأطفال خاصة المضروبين بقسوة "

اكتفت بابتسامة صغيرة وهي تحاول سحبها وندى تتعلق بعنقي أكثر

وتزداد بكاء حتى تأففت رغد وقالت بضيق محاولة سحبها بقوة

" أتركي الرجل ليس ورائه أنتي فقط "

ضممتها بقوة وقلت " لا بأس اتركيها حتى تهدأ وستتركني من نفسها "

أبعدتْ يدها وقالت بضيق " لن تسكت قبل وقت فهل ستجلس بها هكذا "

وصلت حينها زوجة عمي مسرعة معها زوج سدين الذي أرى أن مكانه

خاطئ وأنه نحن أبناء عمهم من يفترض أن يكونوا مكانه وما كنت سأرضى

لولا أن إياس في زيارتي له أول أمس أصر على بقائه هوا لأن عمله هنا

ووالدته وسدين يحلان له ونحن أعمالنا في العاصمة ولا يمكننا البقاء هنا

لأيام , قالت عمتي ما أن وصلت " مرحبا يا بسام "

ثم نظرت لرغد وقالت " حمدا لله وجدتموها قلقنا عليكما وأنتي يا رغد

خرجت حتى حقيبتك لم تأخذيها معك لنتصل بك ونطمئن عليكما "

وقفت رغد وقالت " لا أعلم من أين جاءتها الشجاعة وخرجت وحدها "

مدت يدها تأخذها مني وقالت " لابد وأنها أرادت اللحاق بي أنا

وسهاد بعد خروجنا "

حاولت سحبها والنتيجة ذاتها ترفض تركي والتوقف عن البكاء رغم

أنه خف كثيرا , حاولت مجددا وقالت بحنان " هيا ندى حبيبة جدتك

سنعود للمنزل "

ولم تزدد سوا تعلقا بعنقي وقد ازداد بكائها فقلت " أتركوها وحين تهدأ

سوف آخذها للمزرعة بنفسي "

قالت رغد من فورها " ستتعبك فهي غير معتادة على الابتعاد عني "

مسحت على ظهرا وقلت " لا عليكم ولا تفكروا بي إن أتعبتني

أخذتها لكم هناك "

نظرت رغد لوالدتها وقالت " ألن يخرج إياس ؟ وسهاد أين هي "

قالت من فورها " سينتظر الطبيب المناوب وسيخرج فقد تغلب علينا

بعناده وسهاد قالت ستبقى معه وسيعود لهما أمين "

وقفت وقلت " لا تتعبوا أنفسكم بما أنني جئت سأخرجه أنا وأوصله

فوالدي ومراد قادمان أيضا وسنخرج معا للمنزل "

قالت زوجة عمي " ولما تتعبوا والدكم كل هذه المسافة يا بسام "

قلت مبتسما " وهل كنا نستطيع ثني كلمته ؟ هوا أصر علينا "

وفرصة سعيدة أيضا ونفتح الموضوع الآن ويا رب يصدق ما في بالي

ولا أغادر هذه المرة من هنا إلا وهي خطيبة لي وبالي مطمئن أنه لن

يأخذها أحد مني , غادروا بعدها وتركوا لي الصغيرة الباكية التي عليا

أن أزور بها أحد المتاجر لأسكتها قبل أن أفكر في أن أدخل لخالها








*~~***~~*









سمعت طرقات على باب الغرفة ثم انفتح ببطء ولم أرى من يكون

لأني كنت جالسة في الشرفة أضم الوشاح الصوفي على نفسي وأراقب

الأفق حيث غروب الشمس بخيوطها الذهبية تغادر مودعة كل شيء

وأولهم سطح ذاك البحر الواسع الذي لا يظهر إلا نهايته من خلف

المباني , سمعت خطوات هادئة تقترب مني حتى خرجت فعلمت من

تكون صاحبتها قبل أن تتحدث فوحدها من تتسم بكل هذا الهدوء ولا

ينافسها فيه سوا عبير , قالت بصوتها الهادئ " لما تجلسين في

الشرفة ؟ الجو بارد وستمرضين "

قلت ونظري لازال معلقا هناك " الجو ليس بذاك السوء

ومنظر الغروب من هنا يشرح النفس "

جلست بجواري وقالت " نعم فأجمل غروب للشمس خلف

الجبال وخلف البحر "

نظرت لها وقلت بابتسامة صغيرة " وماذا تركتِ ؟ "

ضحكت وقالت " الرمال والحجارة "

ثم تابعت مبتسمة " أراك اليوم أفضل وجُدتي عليا بابتسامتك "

عدت بنظري هناك وقلت بحزن " يبدوا علينا أن نعتاد , أن

نعتاد على كل شيء حتى البؤس "

قالت بنبرة يشوبها الحزن " لما لا تتصالحا أنتي وأخي

آسر ؟ هوا وحيد الآن ويحتاجك "

قلت بابتسامة متألمة " لا أحد وحيد غيري ومثلي والوحدة ليست

بفقدك والديك وأهلك بل بفقدك الثقة في كل من حولك يا صفاء "

مدت لي شيئا في يدها وقالت " خذي اقرئي هذا سينفعك كثيرا "

نظرت لما في يدها ثم لعينيها وقلت " صفاء لا تغضبيني منك , من

أخبرك أني معلولة نفسيا "

قالت بمفاجئة " لا ليس هذا قصدي بل هذه قصة رائعة فيها عبرة

لن يعطيها أحد لك وأنا أقرئها كلما حزنت ورأيت أن الأبواب

تغلق أمامي "

نظرت للكتاب في يدها ولعنوانه ( من حرك قطعة الجبن الخاصة بي )

ثم قلت ببرود " ما هذه ! تبدوا قصة أطفال "

ضحكت وقالت " لا أبدا ... صحيح أن عنوانها غريب وشخصياتها

أيضا غريبة لكنها مثيرة حقا فجربي قراءتها ولن تندمي "

أخذت الكتاب منها وقلت " حركتِ فضولي لقراءتها "

قالت بحماس " وأنا سأجلس أنتظرك حتى تنهيها فقد أحضرها لي أخي

آسر عندما تدنت درجاتي وكدت أرسب في إحدى المواد وأنا المتفوقة

دائما وكنت سأفشل في جميع المواد بسبب إحباطي لولا قرأت هذه

القصة وأخذت منها العبرة ومنذ ذاك الوقت أقرئها كلما

تعسر عليا أمر وشعرت بالعجز "

أخذت القصة منها وورقت أولى أوراقها وكان كلاما كمقدمة للكاتب أو كموجز

للقصة شرح فيه ما ستعنيه لك قطعة الجبن والمتاهة والشخصيات الأربعة وشد

انتباهي جملة قالها ( صدق أو لا تصدق ، أن لهذه القصة الفضل في إنقاذ زيجات

ووظائف بل أرواح وبشر ) وشدني كيف أنه يوزعها على جميع موظفيه ليقرئوها

فانتقلت فورا للجزء المخصص لسردها وبدأت بقراءتها منسجمة ونسيت كل شيء


حولي حتى البرد والفتاة الجالسة بجانبي فيه , قد تجدها أمرا سخيفا قصة لمتاهة فيها

فأرين وقزمان وقطعة من الجبن توضع لهم كل يوم لكنك ستنسى نفسك وأنت تتعمق

في القصة أكثر لتكتشف غباء القزمين الذي كشفه لك أحدهما وأكثر ما شدني العبارات

التي أصبح يكتبها القزم على الجدار وهوا يبحث عن الجبن من جديد , كانت قصة

تهدف لشرح للتغيير المفاجئ في حياة الإنسان وكيف يكون مستعدا له وأن يتحرك

معه وأن يلاحظ تلاشي ما بين يديه شيئا فشيئا قبل أن يُفجع باختفائه وكان ثمة تساؤل

في نهاية القصة من المجموعة الذين قرءوها وتناقشوا فيها أن يرى كل واحد من

يكون من شخصيات القصة ففكرت لوقت قصير ثم همست بإحباط

" أنا ( هيم ) بالتأكيد"

ذاك الذي بقي مكانه يرفض التغيير الجديد الذي طرأ على حياته , رفعت

نظري لأجد الشمس قد غابت في الأفق وبدأ الظلام يتسلل للسماء فنظرت

جانبا حيث التي تنتظر أن أنهي قراءتها فابتسمت وقالت " جميل أن

يكيف الإنسان نفسه على التغيير أليس كذلك ؟ "

انطلقت مني ضحكة لا أعلم ما سببها سوا أنها سخرية من نفسي , أجل أنا

سجنت نفسي في المحطة ( ج ) من المتاهة تماما كذاك القزم ورفضت التغيير

الذي حدث لي وبقيت أنتظر أن يعود كل شيء كما كان ويجدني أنتظره , في

السابق اجتزت كل مخاوفي وهمومي ونكساتي لأني رئيت في آسر طوق النجاة

كنت أتحمل كل شيء لأني أراه بجانبي فلم أعد أتذمر من الفقر وأكرهه ولا من

ذاك المنزل وتلك الحياة لأني رأيتها السبيل الوحيد للعيش بقربه ولذلك رفضت

حتى المال وهذا المنزل من أجله بادئ الأمر وحين صُدمت في حقيقة والدتي

اجتزت ذلك بسهولة لأنه كان بقربي وكأن قلبي يقول لي مهما خسرنا وفقدنا

فنحن لدينا هذا الرجل , لذلك حين صُدمت فيه هوا نفسه لم أتحمل تلك الفكرة

ولم يقتنع بها قلبي ولا عقلي لأني كنت غير مستعدة للتغيير لم أفكر يوما أني

قد أخسره بأي طريقة كانت وحين فقدت من كنت أراه طوق نجاتي من كل

الصدمات والتغييرات رفضت واقعي واستسلمت لليأس والإحباط وأصبحت

أحارب كل شيء حولي وأرفضه حتى هوا ذاته ورأيت أنه لا يمكنني العيش

والتخلص من كل ذاك الفشل والعجز إلا بطلاقي منه وتركه , نظرت لصفاء

مجددا وقلت " أنا هيم أليس كذلك "

قالت مبتسمة " وعليك أن تكوني ( هاو ) وتتحركي وتتقبلي التغيير

وتتكيفي مع أي تغير آخر قد يطرأ على حياتك في أي وقت "

هززت رأسي مبتسمة بحمق على أفكاري ثم قلت " أجل أعلم , بث أعلم "

ثم نظرت لها مجددا وقلت بأسى وحزن " لكنه مؤلم وصعب جدا يا

صفاء فأنتي لم تجربي الحب والخذلان "

قالت بذات ابتسامتها " لا تعودي هيم من جديد "

هززت رأسي بنعم مبتسمة بحزن ثم مددت لها القصة وقلت

" شكرا يا صفاء أنتي فتاة أكبر من سنك بكثير "

أخذتها مني ووقفت حاضنة لها وقالت " ونحتاج دائما لمن يقف معنا فهذه

القصة تُجدي مع ما في النفس فقط لكن التطبيق أحيانا يحتاج لوقوف الغير معك

فأنا حين كان والداي ينويان تزويجي من أشهر وأنا رافضة الأمر سيطر عليا

الإحباط والعجز ورأيت أني بالفعل سأخسر جميع أحلامي وطموحاتي وما كان

بعدها سيجدي معي ولا ألف قصة من هذه حين سأجد نفسي في منزل وعائلة

تعيش معي ثم أبناء وقد فقدت دراستي للأبد لذلك استنجدت بأخي آسر فورا

ليجد حلا لمشكلتي وقد فعل بالفعل وخلصني من ذاك الكابوس "

ثم غادرت الشرفة والغرفة بهدوء كما دخلت فوقفت أيضا ودخلت وأغلقت بابها

الزجاجي ونظرت للبعيد بشرود أفكر في كل هذا وكل ما قلناه , أتمنى أن أجد

ما أتمسك به للمضي بدونك يا آسر , أن يكون ذاك الشيء نابعا من نفسي من

داخلي أنا وليس شيئا حولي قد يوليني ظهره يوما , التفتُّ للوراء ونظرت

للغرفة نظرة شاملة , وأول شيء هوا هذا فعليا أن أكيف نفسي على فقده في

أي وقت وأن أراقب التغييرات التي قد تأخذه وأتفاداها وأبحث عن البديل قبل

أن أخسره وأجد نفسي في الشارع أو السجن كما حدث معي حين فقدت حلمي

بالزواج من ذاك العجوز عمي ورفضت واقعي الجديد وتغير حياتي للأسوأ

مما كانت عليه واحتجت وقتا لأتأقلم معه وأرضى بواقعي الجديد









*~~***~~*










بعدما انتهينا من العشاء أخيرا جلسنا لننعم بالقليل من الراحة فقد أصر

إياس على عمي وأبنائه أن يبقوا لتناوله معنا حتى أنه لم يدخل ولم نراه

ففور وصوله جلس معهم في المجلس والخادمتان من تكفلتا بإدخال الطعام

لهم , وقفت ترجمان وقالت " سأصعد لغرفتي إن لم تكنوا تحتاجون شيئا "

قالت أمي " لا بنيتي وإن كان رأسك يؤلمك فعليك الذهاب للمستشفى

لأن إياس كان مصرا لولا اعتراضي بأنك أفضل "

هزت رأسها بلا وقلت مغادرة " لا يؤلمني أبدا أنا بخير "

ثم صعدت السلالم وقالت رغد " ما كان عليها إتعاب نفسها معنا

اليوم ولا أن نسمح لها بالعمل معنا في المطبخ "

قلت ببرود " صباح الخير سيدة رغد فأنتم لم يعنيكم سوا

أن ترتاح السيدة سهاد "

قالت أمي بضيق " سدين هل لاحظتِ طول لسانك هذه الفترة

فابتعدي عن التدخل في حياة شقيقك "

ابتسمت بسخرية ولم أعلق ودخل حينها إياس وقال

" رغد عمي يريدك في المجلس "

قالت بتوجس " يريدني لما !! "

اقترب منا وقال " لا أعلم اذهبي له فمعتز ينتظره في الخارج

ولتدخلي ابنتك النائمة هناك من ساعات فأنا لا يمكنني حملها "

وقفت وغادرت في صمت وقالت والدتي " ونحن استغربنا كيف

بقيت هناك كل هذا الوقت وظنناها ما تزال غاضبة "

نظر حوله وقال " بل نامت من قبل المغرب "

قالت والدتي " وأنت عليك أن ترتاح وتنام "

هز رأسه بحسنا وغادر دون أن يسأل عمّا كان يبحث عنه وجيد أنه

لم يقل ذلك كي لا تكون سهاد ولن أرحمه حينها , قال ما أن وصل

منتصف السلالم " سدين كدت أنسى , أمين يريدك ما أن يغادر

عمي قبل أن يغادر هوا أيضا "

ثم صعد من فوره قبل أن يسمع ردي , من قال أني أريد رؤيته والتحدث

معه , مؤكد يريدني بشأن الرسالة التي أرسلتها له مع الخادمة بالأمس لذلك

لن أخرج له وسأرسل له الخادمة مجددا تخبره أني نائمة فليفهما كما يحلو له

طيلة اليومين اللذان قضاهما هنا لم أحتك به بأي صورة وتهربت منه قدر

المستطاع وهوا لم يطلب التحدث معي وليس لديه ما يقول طبعا لذلك عليه

هوا أن ينهي هذا الموضوع لأني لن استطيع مخالفة شقيقي وخذلانه بي

وأقسم أن هذا ما يكسر ظهري ويجبرني على تحمل هذا الرجل فلا أستطيع

قول الحقيقة له وكسر صورة صديقه في عينيه ولا أن أغيّر رأيي وأطلب

الطلاق , أقسم أن يجن إياس وأن تقتلني والدتي , دخلت حينها رغد بابنتها

متوجهة جهة ممر غرف الطابق الأرضي فقلت " رغد هل غادر عمي ؟ "

ولم تجب وكأنها لا تسمع ما أقول وتابعت سيرها فرفعت كتفاي بلامبالاة

وغادرت جهة المطبخ وأخبرت الخادمة لتخرج له وتخبره بما سأقول لها ثم

صعدت لغرفتي وما أن وصلت حتى رن هاتفي وكان رقمه هوا , صحيح

أنه غير مسجل عندي لكني أعرفه جيدا , هه عرف الآن كيف يصل له

وكيف يتصل بي , تجاهلت جميع اتصالاته وبعد عدة محاولات وصلت

رسالة فتحتها فكان فيها ( اخرجي أو اتصلت بإياس ليخرجك )

فصررت على أسناني من الغيظ , تلك الخادمة الغبية ما الذي قالته له

عدت للأسفل وللمطبخ طبعا وقلت ما أن دخلت " ما الذي أخبرته به ؟ "

نظرت لي باستغراب وقالت " ما قلتيه لي "

ضيقت عيناي وقلت " وأخبرتِه أن إياس من قال لك أني نائمة ؟ "

هزت رأسها بنعم فقلت بضيق " عودي للخارج وقولي له سدين

قالت ... "

ولم أنهي جملتي بسبب باب المطبخ الخارجي الذي دُفع لينفتح وظهر

الواقف خارجه يداه في جيوبه وقال ببرود " ولما لا تنقليه بنفسك

دون وسيط "

استدرت من فوري لأغادر وما وصلت باب المطبخ حتى كان خصري

في قبضته وقدماي معلقتان في الهواء وأنا أحاول ضرب ساعديه قائلة

" أتركني لا أريد أن أتحدث معك "

ولا حياة لمن تنادي , عاد بي بضع خطوات للوراء قائلا

" أخرجي وأغلقي الباب خلفك "

صرخت حينها في الخادمة التي توجهت للباب " توقفي لا تغادري "

فوقفت تنظر لنا بحيرة تحولت لسخط حين قال من خلفي

" قلت أخرجي الآن "

فصرخت فيها " لا تخرجي واتركي الباب مفتوحا "

فخرج بي حينها من الباب الآخر للخارج وأغلقه بقدمه خلفنا بقوة وأنزلني

فالتفت له وقلت بضيق مبعدة شعري الذي بدئت الريح الباردة من خلفي

برميه على وجهي " ماذا تريد بي فما لديك قلته "

أدخل يديه في جيوب سترته وقال " إن كنتِ تصرين على الانفصال

فقولي أنتي ذلك وأنك تريدينه بدون سبب أو لا تتحدثي عنه أبدا "

قلت بسخرية " أتحفتني حقا , وتريد أن أتحمل أنا النتائج "

أخرج الورقة من جيبه ومزقها لتتطاير من بين أصابعه في الريح

وقال " إذا طلبك هذا مرفوض وأنا لا أريد أن أطلقك "

قلت بذات سخريتي " وستقبل بأم الفصوص التي لا يعجبك فيها شيء ؟ "

اقترب مني حينها ورغم تراجعي إلا أن خطواته وصلتني بسهولة ومد يديه

خلف رأسي وبحركة سريعة أمسك شعري للخلف وثبته بشيء لا

أعرف ما يكون وقال ناظرا لعيناي " أراها اختفت جميعها "

قلت بجمود " ليس من أجلك طبعا "

قال بابتسامة جانبية " أعلم "

ركزت نظري على عينيه محاولة إخفاء رجفتي من اقترابه

وقلت بذات جمودي " أكرهتني فيها "

قال بذات ابتسامته " وذلك جيد "

نزل بعدها بيديه لعنقي وقال " هي فقط ما كنت لا أريده فيك

والباقي يعجبني "

شتت نظري وقلت بشبه همس " أبعد يديك واتركني أدخل "

قال بنبرة متلاعبة " وما بك ترتجفين ؟ "

رفعت يداي وأمسكت ساعديه محاولة سحبهما عني وقلت

" من البرد طبعا فملابسي خفيفة ليست مثلك "

أخرج يديه حينها ووضعهما في جيوبه وقال مغادرا " لا تخافي

فليس ما في مخيلتك كنت أنوي ولم أفكر فيه "

وتابع سيره بخطوات كسولة وجسد منتصب ففتحت الباب ودخلت ألعن فيه

بكل ما أعرف من كلمات , المغرور الجليدي سيرى أقسم أن يندم على كل

كلامه ذاك وأن يعتذر أيضا ولن تتغلب عليا يا أمين فأنت لم تعرف سدين

بعد وإن غيّرتْ مظهرها فداخلها كما هوا لم يتغير متملكة مسيطرة أنانية

وتعرف كيف تصل لغرضها وتأخذه , صعدت السلالم حتى وصلت غرفتي

وأغلقت بابها خلفي بقوة وتوجهت للخزانة وأخرجت علبة مصبغات الشعر

المؤقتة ورميها كلها في سلة المهملات وأتبعت لها ملصقات الوشوم الصناعية

والخواتم وكل ما لم أرتدي وأستخدمه الأيام الماضية , ها هوا مظهري الذي

تحكمون به عليا تغيّر , لكن الباقي لا يا أمين وجرح كرامتي ستدفع ثمنه

غرست أصابعي في شعري وأخرجت الشيء الذي ثبته به فكان قلم حبر

ذهبي محفور فيه اسمه كاملا فرميته على الطاولة بطول يدي





*~~***~~*






خرجتُ من غرفتي أو من جناحي الجديد فصاحب هذا المنزل يبدوا

غائبا عنه فطيلة اليومين لم أسمع له صوتا هنا وعقيد في الشرطة مؤكد

له صوت مزمجر يُسمع من آخر المنزل ما أن يدخل ويخرج خاصة مع

خادمة متذمرة عنيدة كهذه التي لديه فإن كان أواس الضابط بتلك الطباع

الخشنة فكيف برئيسه ! اقتربت من المطبخ لأقف مكاني بقربه وأنا أسمع

الصوت الرجولي الرخيم الهادئ في الداخل لتتجمد ملامحي وكأن ثمة من

ضربني على وجهي وكسر تلك الصورة الموجودة في مخيلتي لصوته فلم

أتصوره هكذا أبدا !! هذا ينفع مذيعا في مذياع أو عازف موسيقى حتى

أني بالكاد أفهم كلماته , آخر ما كنت أتخيل أنه في رجال الشرطة والجيش

رجال لهم نبرة صوت هادئة رصينة رغم فخامتها , تراجعت قليلا حين

اقترب صوته من الباب قائلا " لا هم عشرة فقط , واخبريني

كيف الضيفة معك ؟ "

جاء صوت الخادمة بنبرتها الرقيقة المرتفعة " تمام كلو تمام "

قال بنبرة مبتسمة " أعرفك ثرثارة ومتذمرة فلا تتعبيها معك مفهوم "

ليخرج صوتها المتذمر قائلة بضيق " أنا ليس ثرثار مدمرة كيف

أنت يقول عني مدمرة "

تراجعت حتى اختفيت عن الممر حين خرج ضاحكا وقال " مدمرة

حقا وأعانها الله على مقابلتك طوال اليوم "

كتمت ضحكتي وشيء من الجنون قال لي اسرقي نظرة لتري كيف

يبدوا رجل الشرطة صاحب هذا الصوت المنخفض الهادئ الغريب

لكن سرعان ما نهرت عقلي وجنونه وعدت جهة جناحي , أكثر ما

يحيرني في هذا الرجل أين عائلته لما لا زوجة له ولا أبناء فما قالته

الخادمة أنها تعمل هنا من أكثر من عشر سنين ولم ترى له من هذا أي

شيء !! علمت الآن لما هوا غير موجود طوال الوقت لأني أنا التي لم

ولن أسمع صوته مهما علا وارتفع ويبدوا أنه حتى خطواته لا تُسمع

عقلي يرفض حتى الآن تركيب هذه الصورة له , دخلت الغرفة وجلست

على السرير وتنهدت بأسى , ليثه يمكنني سؤاله عن أواس وما يحدث

معه فحتى رقمه هناك لم يعطيه لي , ودُرر تلك المسكينة تُرى ما حدث

معها فدموعها لم تجف طيلة الأيام الماضية من خوفها عليه








*~~***~~*










فور خروجه فتحت عيناي لتنزل دمعتي تسقي الوسادة التي لم تجف بعد

لو أفهم ما بك يا أواس ؟ ما الذي يجعلك هكذا تتأملني ليلا من بعيد بل حتى

تنفسه الليلة لم يكن طبيعيا ! تنهداته الحزينة وشده لشعره للخلف ناظرا للسقف

كل حين وكلها دقائق فقط وخرج كما دخل وتركني وحدي , هل حدث شيء

ما ولا يريد قوله لي ؟ ليته سمع نصيحتي وابتعدنا عن كل تلك البلاد حيث لن

يجدنا جدي ولا رجاله فمن لي غيره أبقى من أجله بعدما تفرقت عن شقيقتاي

اللتان أصبح لهما عائلة وأزواج وهوا ليس له سوا عمته نأخذها معنا ونبتعد

جلست مفزوعة حين سمعت طرقات خفيفة وسريعة على باب الغرفة فمن

سيطرق هكذا في هذا الوقت ! غادرت السرير واقتربت من الباب

ببطء وقلت من خلفه " من "

سمعت صوت همس امرأة في الخارج قائلة " أنا لآنا سيدتي "

فتحت الباب بريبة وتوجس ونظرت بصدمة وقلت

" أين الحارس الذي كان هنا ! ؟ "

لم تجبني بل دست ورقة في يدي وغادرت راكضة ففتحتها من فوري ثم

قبضت عليها بيدي وتحركت راكضة , تلك الخادمة معهم والحارس مختفي

عليا أن أخبر أواس بل عليا أن أطمئن عليه , وقفت مكاني صارخة في وجه

الرجل الضخم اسود البشرة الذي ظهر أمامي وساد الظلام المكان وأصبح لا

يُرى معه شيء لأشعر بيد ضخمة قبضت على رسغي وفي طرفة عين لفني

وأطبق على عنقي بساعده وأغلق فمي وجرني معه يتراجع بخطواته للخلف

ولم تنجح جميع محاولاتي في ضربه وشلِّ حركته فقد كان كجدار اسمنت









*~~***~~*










وقفت مستندا بجدع الشجرة أمامي بعد كل هذه المسافة التي قطعتها سيرا

على قدماي خارج المنزل وشيء واحد يتردد في ذهني ( النتيجة إيجابية

وأظهرت التحاليل أنها مصابة وحجزناها في المركز )

قسمتَ ظهري يا علي رضوان , كنتُ أعلم أنك لا تلعب إلا بهذه الطريقة ..

إماتة خصمك ببطء وعذاب , بأن تحرمني لذة الحياة وأنا لازلت فيها حتى لو

اختفيت أنت ولا لذة لي أعظم من حفيدته , من المرأة التي أحببت حتى النخاع

فأن احرم منها حيا وأتركها مجبرا أمر أقسى من الموت ذاته , ضربت على

الجذع بقوة أردد صارخا " إذا الموت لي ولك يا خنزير ولن تهنئ بها "

اتكأت بعدها على الشجرة أشعر بزلزال يضرب كل نواحي جسدي , قتلني

قتلني بها بحفيدته بحرماني منها للأبد حتى إن بقيت بين يداي لأتجرع انتقامه

الأخير والقاسي بل والأقسى , رن حينها هاتفي بنغمة رسالة فأخرجته

وقرأتها فكانت منه وفيها ( تهانينا بانتهاء اللعبة )

فنظرت خلفي فورا حيث المنزل الذي اختفى عني خلف الأشجار ثم

عدت خطواتي ركضا وأنا أتصل بحارسها فلم يجب فصرخت راكضا

أكثر " سحقا للأنذال "

لأصطدم بخيال ضخم وقبل أن أتبينه شعرت بشيء ضرب رأسي بقوة

أفقدتني جميع حواسي في لحظة وأولها النظر لأغيب في ظلام دامس



المخرج : بقلم الغالية alilox

لاتحكم علي من الشكل فالشكل لايعكس المضمون انا انثى احب ان اكون جميلة بعيني قبل كل العيون لااسعى للفت الانظار لم كل هذا الكم السئ من الظنون واثقة من نفسي وافعالي لامظهري يعبر عما اكون

سلمت يداك

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله



الساعة الآن 10:50 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية