منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   15 - ليالي الغجر - آن ميثر - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149461.html)

سفيرة الاحزان 06-10-10 01:16 PM


تلك الاحتفالات الغجرية
ولم تستطع دابون أن تتفهم حقيقية موقفها قبل أن تحل صباح اليوم التالي . ظلت طوال الليلة الماضية مغمورة بالحزن ، ولم تكن تحس بشيء سرى أنها كانت فاقدة الحركة ، ورغم أن النعاس غلبها في النهاية كانت تقطع نومها أحلام مفزعة ، رأت مانويل يجذب جوناثان منها بقوة ويذهب به بعيدا حيث لا تجد سبيلا للوصول اليه .
وجلست في الصباح وعيناها أضناهما القلق تحدق بصورتها في المرآة ، تحاول أن تجد الايحاء من وجهها الذي كانت تبدو علية الكآبة . كان كل ما يلح على ذاكرتها هو وجه مانويل عندما التفت اليها في الكوخ ونظرات الاحتقار والمرارة تبدو على وجهه . كانت بالنسبة اليها أقسى من الأتهام الصريح . وصارت تفكر : لماذا يلومها لأنها تصرفت كما فعلت ؟ هل كان يظنها المرأة التي تستثير الرجل بمكر وسخرية ثم تنسحب بصلابة استهتارا بمشاعره ؟ ألم يكن يشعر بأن ما حدث آلمها كما آلمه ؟
ووضعت رأسها بين يديها ، واستقر مرفقاها على الحافة الخشبية الملساء ، وبدات نظرات خاطفة من الماضي تنطلق بسرعة الى الذاكرة لتزيد من آلامها .
منتديات ليلاس
وبدات تسترجع صورتها عندما حضرت لأول مرة الى كامارغ منذ ثلاث سنوات كانت فتاة لا تجربة لها ، على وشك أن تكمل برنامج اعدادها وتدربيها كمعلمة ، تذكرت كيف أتيحت لها الفرصة لزيارة فرنسا لمدة ثلاثة شهور ، وكيف انتهى بها الأمر الى أن تقضي معظم هذه الشهور الثلاثة في أقليم البروفنس .
كانت قد أمضت فترة تدريب أساسية في باريس ، واستأجرت بعد ذلك سيارة قديمة خرجت بها في نزهه الى الجنوب ، وأمضت عشرة أيام تستكشف فيها قلاع وادي اللوار . كان الوقت هو شهر مايو ، وكان الجو منعشا بدرجة تجتذب جيوش البعض التي كثيرا ما تتواجد في تلك المنطقة .
كانت المنطقة حول آرل وحول سانت مارى مزدحمة بالغجر والسياح حضروا جميعا بمناسبة الاحتفالات السنوية تخليدا لذكرى قدوم القديسات الثلاثة اللاتي أعطين اسمهن للمكان ، وبذلك أصبح يعرف باسم سانت مارى . ولكن الغجر قدموا بيعتهم الى سارة الخادم السمراء للقديسات الثلاث ، ورغم أن البابوية في روما لم تعترف لسارة بهذه القداسة في أي يوم من الأيام فقد ظلت الشعوب الغجرية تقدسها ، وحيكت كثير من الأساطير حولها .
وعرفت دابون شيئا كثيرا من هذه الأساطير ، ولكن الذي كان يشدها الى السكان في ذلك الوقت كان مجرد الأجتماع الكبير بذلك الحشد من الناس. ولم يكن معها سوى آلة تصوير ، وبعض المذكرات لتسجيل انطباعاتها عما تراه عندما قدمت في صباح مشمس لأول مرة الى سانت مارى ، ومع مجيئها قابلت قدرها . لم تكن السيارة القديمة التي استأجرتها سيارة يعتمد عليها ، وعندما لم تستجب السيارة للتوجية واندفعت في احدى القنوات ، ولكن كتبت لها الحياة ، حين وجدت نفسها على أطراف مخيم الغجر . كان هناك شاب وسيم ساعدها على الخروج من القناة ، واصطحبها لتقابل جدته بعد أن صمم على أن تقبل دعوته .
كان الشاب هو مانويل وكانت الجدة هي جيما ، ولم تكتشف ، الا بطريقة عارضة فيما بعد ، أن مانويل كان ينتسب الى الغجر بنسبة الربع فقط ، وأما ثلاثة أرباع نسبه فكان الى الطبقة الأستقراطية في أقليم البروفنس .


سفيرة الاحزان 06-10-10 01:18 PM


وبدات دابون تدرك مدى حرج موقفها وحدود علاقتها بمانويل عندما عاد السيد سلفادور وزوجته . ومع ذلك فقد رفض مانويل أن يحول بينه وبينها أي شيء أو أي إنسان وظل يزورها باستمرار ، وكانت دابون قد قابلت أبوية وشقيقته لويزا ذات الأربعة عشر ربيعا وأذهلتها المشاعر الباردة التي كان الأبوان يظهرانها تجاه نجلهما الوحيد .
واتيحت لها الفرصة بعد ذلك لمقابلة ايفون ديماريس ، وكانت مدام سان سلفادور وايفون فيما بينهما قد جعلتا دابون تفهم أن مانويل يعتزم الزواج من ايفون ، وأن ذلك الأمر كان قد تم الاتفاق علية منذ طفولتهما، وأن لا شيء ولا إنسان بستطيع أن يحول دون ذلك الزواج .
أما جيما بمكرها الفطري فقد كانت تفهم موقفهما أكثر من أي شخص آخر ، وكانت قد لاحظت علاقتهما تنمو وتتطور ، وكانت تعرف بالضبط ما سيصير من أمرهما .
وفي شهر يوليو/ تموز عندما أقيم الاحتفال بعيد مصارعة الثيران في آرل ، دعت جيما أعضاء قبيلتهما من الغجر ليجتمعوا في مزرعة سان سلفادور ، وحضر منهم العشرات مما أثار ثائرة والدي مانويل ، ولكن لم يكن بامكانهما أن يوقفا ذلك أو يحولا دونه ، كان جد مانويل لأبيه قد ترك لابنه مسؤولية أدارة المزرعة ولكن الملكية كانت لزوجته طوال حياتها .
منتديات ليلاس
وعندما حلت الأمسية المخصصة لموكب مدينة آرل ، صحب دابون لحضور مصارعة الثيران في الحلبة ، وكانت حرارة ما بعد الظهيرة شديدة تلفح البشرة ، وكانت رائحة الموت تفوح في الهواء مختلطة برائحة العرق من الأجسام الكثيرة المحترة .
وبدأ أن مانويل هو الآخر كان يحس بذلك ، وقد اظهر من الطيش وعدم المبالاة في تلك الأمسية مالم تعهده من قبل ، فعندما تحول زئير الناس في حلبة المصارعة الى ملاحظات تهكمية ساخرة بسبب عدم كفاءة أحد المصارعين هب فجأة من مقعده ، وقفز الى الحلبة ليأخذ مكان المصارع وأخذ رداءه ، ولم تملك دابون الا أن ترقبه في صمت يخيم علية الفزع . كان يقوم بحركات ألهبت حماس المشاهدين الى نوع من الجنون فصاروا يصيحون ويشجعونه على أن يطعن الثور الطعنة القاضية .
ولكن مانويل لم يقتل الثور بل ظل يقامر مع الموت لدقائق عديدة طويلة، وعندما ترك الحلبة لم يكن ملطخا بالدم القاني السائل على الرمال ، ووقف الثور حائرا يخفق قلبه باضطراب .
كانت دابون هي الأخرى تعاني من الأضطراب ، وقبل أن يتمكن مانويل من العودة الى مقعده انطلقت مندفعة ووجدها في الخارج ترتعش ةتعاني من الدوار وعندما حاول أن يؤاسيها ابتعدت عنه ، وهي تأبى أن تسامحه على ما سببلها من ذعر .
وعادا الى مخيم الغجر رغم اعتراض دابون ، وقص مانويل على جيما ما حدث ، ولكن جيما أكتفت بالضحك وأخذت توبخ دابون على نقص شجاعتها وكيف أنها أخطأت عندما تصورت أن مانويل لم يكن يعرف ما كان يعمله ، وكانت دابون قد اهتزت بعنف لما وقع وأصبحت مقتنعة أن الحياة دون مانويل حياة بلا معنى .
كانت تلك الأمسية ذروة الأعياد في المخيم ، وكانت الموسيقى أكثر صخبا ومع ذلك أكثر تأثيرا عما سبق لدابون أن سمعته من قبل وهيىء لها أن آلات الكمان كادت تصل اليها وتمزق عواطفها . ولم تكد تشعر بالناس من حولها وهم يرمقونها بنظرات الاستغراب ويلمسون ثيابها وبريق شعرها الأسود الحريري وهم يتمتمون لأنفسهم بلغة فيها شيء من الموسيقى .

سفيرة الاحزان 06-10-10 01:20 PM


لقد أكتشفت ذلك سريعا ، فعندما بدأت ألسنة النار في المخيم تلقي بعض الظلال على التراب الأسمر ظهرت جيما في ثوب القيادة النسائية أي الأم القائدة لقبيلة ، وكان يطلق على ذلك الرداء اسم فيوري داي في لغة الغجر ، وأطبق على المجتمعين في المخيم سكون أدركت معه دابون بشيء من التوتر فنظرت الى مانويل الذي كان يقف الى جوارها لعله يفسر لها ما يحدث .
وبدت عينا مانويل ناعمتين تشع منهما الرقة والملاطفة ، رغم أن مهج العاطفة كان يتأجج في أعماقهما .
لم يكن بوسع دابون أن تتذكر بالتفصيل ما وقع بعد ذلك ، فقد كان مشوشا في ذهنها ، وبدأت الأحداث تتابع في سرعة ، ولم تستطع أن تتبين أن ماكان يجرى في تلك اللحظات كأن طقوسا للزواج تربطها هي ومانويل الا عندما تقاسما كسرة من الخبز المملح ، كانت خائفة في أول الأمر وقد تشوش ذهنها بسبب الصياح وبسبب الموسيقى التي بدأت من جديد بطريقة أكثر حدة وأكثر اثارة للحواس فضلا عن الحشد الكبير من الغجر الذين كانوا جميعا متحمسين ليروا ما يجري من طقوس .
واستمر الأحتفال والرقص الى ساعة متأخرة من الليل ، ولكن دابون ومانويل انصرفا قبل ذلك بكثير ، وكانت جيما قد أعدت لهما العربة الخاصة بها .
منتديات ليلاس
وعندما بدأت دابون الآن تستعرض الأحداث ، أدركت أنها هي ومانويل كانا قد سايرا مد الحماس والبهجة التي صنعها الغجر ، ولكن ذلك كان تطورا طبيعيا لما كان بينهما من علاقة . وكانت مجرد ذكراها لتلك الليلة التي أمضياها سويا تجعل الدماء تندفع الى وجنتيها .
ودفنت وجهها في كفيها ، وبدأت تشعر بنوع من تأنيب الذات ، لو أنها كانت قد فكرت فقط في عاقبة ما حدث ، لو أنها تبينت أن كل ما حدث لم يكن الا مشهدا تمثيليا أريد به أن تتاح لمانويل الفرصة لاشباع رغباته بطريقة تبدو شريفة وجميلة . وعندما تركها مانويل في الصباح التالي قبل أن تستيقظ ليعود الى منزل أسرته كان ذلك آخر عهدها به ، كانت تتوقع أن يعود اليها خلال اليوم الطويل ، ربما ليأخذها معه ، وليقدمها الى أبويه مع توضيح لما حدث ، ولكن مانويل لم يعد ثانية ، وعندما حل المساء كانت دابون في حالة من الهياج ولم يكن معها من تبثه شكواها . كانت جيما الحليف الوحيد الذي ربما يقدم لها المساعدة قد رحلت مع باقي أفراد القبيلة في الصباح الباكر ، لتترك لهما العربة .
وبدات الشكوك الآن تساور دابون .. ماذا يكون الحال لو اتضح أن جيما كانت تعلم منذ البداية أن كل الذي حدث كان خدعة ؟ ماذا لو اكتشفت أن اختفاء جيما في ذلك الصباح الباكر كان بقصد أن تتجنب عواقب ما حدث؟
وسمعت صوت حوافر الحصان جعلتها تسرع الى النافذة وتحدق في الظلام الذي تخترقه أشعة القمر ، ولكن الراكب لم يكن رجلا ، بل كان مدام سان سلفادور وطلبت أن يسمح لها بالدخول .
ولم تكن دابون تملك الا أن تقف الى جوار الباب وتسمح بدخولها ، رغم أن مظهرها لم يكن يحمل معه سوى الخراب ، ونظرت باحتقار الى وجنتي دابون المبللتين بالدموع ثم أعلنت أنها قد حضرت بالنيابة عن مانويل ، وأوضحت أن أبنها يشعر بالخجل من فعلته ، وأنه لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يعبر بها عن الأسف الذي يشعر به ، وكان من الواضح أنه أخبر أبويه بكل شيء ، وبالرغم من أنهما لم يستطيعا أن يغفرا له ما وقع منه ، فقد كانا يشعران بأنه مادام قد رجع اليها يطلب الصفح ، فأن ذلك يكفي في نظرهما للدلالة على أنه قد عرف واجبه طفولتهما ، وأما تورطه مع دابون فأن ذلك كان أمرا يمكن أن ينسى ويغتفر ، ولابد أن دابون قد أدركت أن طقوس الزواج تلك كانت مجرد استعراضات للترفية والمرح ، وأن المشاركين فيها لا ينبغي أن يأخذها بجدية .



سفيرة الاحزان 06-10-10 01:21 PM


وكان مع أم مانويل الدليل الحاسم على صدق دعواها ، الدليل الذي قطع عليها كل شك في أن ما حدث كان هوانا وتحقيرا لها فقد أبرزت مدام سلفادور أذنا للدفع شيك بخط مانويل يدفع لها بمقتضاه خمسة آلاف جنيه من حسابه المصرفي بانكلترا . ولم تملك دابون الا أن تمزق ذلك الأذن المصرفي وتلقي به في وجه أم مانويل . كان ذلك شفاء لغليلها رغم أنها كانت تعرف تماما أن مدام سلفادور كانت تتمنى أن يكون مصير أذن الدفع هكذا .
لم يكن أمام دابون بعد ذلك الا أن تتصرف ، وتأخذ الطائرة في اليوم التالي في رحلة ما بعد الظهيرة من مارسيليا . كانت فاقدة الحس تماما بسبب ما كانت فيه من حزن ، ولم تكن نقيصة مانويل التي وقعت منه بقادرة على أن تخلصها من الذكريات التي تقاسماها سويا . لقد كان عاشقا ولهانا ، كان مجرد الخاطر بأنها لن تراه من جديد مؤرقا لها .
وبعد أن رجعت الى أنكلترا ، وبدأت آلام الشعور بالتحقير تهدأ كان من الطبيعي أن تظن أنه ربما يتبعها الى هناك ، فقد كلن بوسعه أن يتعرف على عنوانها من الفندق وأن يبحث عنها في انكلترا ، وكانت تظن أنه ربما يندم على انهائه العلاقة بينهما بتلك الطريقة المختصرة ، ولكن ذلك لم يحدث ، وبدت تلك الفترة التي قضتها في فرنسا وكأنها لم تكن جزا من حياتها ، وحق للعمة كلارى أن تتساءل كيف يتأتي لابنة أخيها التي كانت تكتب بكا حماس عن فرنسا وعن البروفنس أن يتحول لديها كا ذلك فجأة الى بغض وكراهية .
منتديات ليلاس
وعندما اكتشفت دابون أنها كانت حاملا اعتراها الذهول ، وكانت حالتها العقلية توحي لها بأنه لا مكان في هذا العالم لها أو للطفل ، ولو لا تدخل كلارى لا قترفت سيئا رهيبا ، والذي حدث أن عمتها عرفت الحقيقية منها ، وبذلك استطاعت دابون من خلالها أن تستعيد قدرتها على التفكير السليم ، ورغم كل شيء فقد كانت شابة وأمامها حياة رحبة ، ولم تكن وحدها التي حدث لها ذلك الذي وقع ، فكم من امرأة عانت من نفس المعاناة ، واستقر رأيها على ألا تخبر مانويل بحملها .
وكانت العمة كلارى امرأة عظيمة حقا ، فقد وافقت على أن تحتفظ دابون بالطفل ، وعندما ولد جوناثان ن لقى من الحب ومن التدليل ما يلقاه أي طفل آخر ، وحصلت دابون على وظيفة في التدريس ، وأخذت عمتها مسؤولية رعاية الطفل خلال فترة عملها وكانتا تعيشان عيشة راضية ، لم يكن لديهما الشيء الكثير من النقود ولكنهما لم تكونا معدمتين ولكن عندما مرضى جوناثان ، ادركت دابون أن بامكان مانويل أن يقدم له الشيء الكثير لو أنه عرف بخروجه الى قيد الحياة .
والذي حدث أنه منذ أسابيع قليلة كان الطبيب قد أخبرها أن الطفل بحاجة الى الاستجمام من مناخ بريطانيا الرطب ، واخذت كلارى تقول لها دوما برفق أنها ينبغي أن تفعل شيئا لمعالجت ذلك الطفل .
ونهضت دابون من أمام المرآة وهي تجفف عينيها بيد متهالكة . ما الذي كان عليها أن تفعله ؟ لم يكن بمقدورها أن تبقى هنا الآن وخاصة بعد أن ألقت بالنقود التي عرضها عليها مانويل ثانية في وجه أمه ، وكان من السفة أن تبقى بعد الذي وقع في الكوخ ، وجعلت تفكر ..... لقد أثبت لها بطريقة بارعة أنه قادر على تحطيم ارادتها الآن كما كان دائما من قبل .
وأخذ قلبها يدق بسرعة عندما سمعت نقرا على الباب ، وصارت تستفسر:
" من بالباب ؟ ماذا هناك ؟"
وجاء صوت الخادم من الخارج تقول بالفرنسية:
" أنه الهاتف يا آنسة ! هل تنزلين لتردي على الهاتف"





سفيرة الاحزان 06-10-10 01:22 PM


وقفز قلب دابون فقد خمنت أنه لابد أن يكون هنري ... وكان هنري قد أخبرها أنه سيتصل بها هاتفيا اليوم . وكانت سعيدة في قرارة نفسها لأنه كان متحمسا للقائها . كانت الساعة لم تتجاوز التاسعة صباحا ، ومع ذلك فقد طلبها بالهاتف .
" سوف أنزل خلال دقيقة "
وبدأت ترتدي بنطلونها .
كان صوت هنري رقيقا ولكنه كان يعبر عن سرعة الانفعال ، وكان يقول:
" دابون ! أوه ، أنني سعيد للغاية اذ أسمع صوتك مرة أخرى . كيف حالك "
منتديات ليلاس
وأجابت دابون بأدب ، واستفسر منها هنري بصوت ينم عن الاستغراب:
" أن صوتك يدل على أنك غاضبة ، هل هذا بسبب مكالمتي أو ماذا أقول؟ هل هو شيء من الانقباض "
" لا ، بالطبع ، لا ، يا هنري أنه لطف منك أن تطلبني ولكنني أسفة ، لأن على أن أرحل حالا .... "
ورد عليها بصوت ينم عن خيبة الأمل يسألها:
" ماذا! ترحلين عن البروفنس "
وأجابته :
" نعم ، من الضرورى أن أ... عود الى انكلترا"
وعاد يسألها:
" ولكن لماذا ؟ لم يمض عليك هنا أسبوع كامل ؟"
وأجابته:
" صحيح ولكن علي أن أعود "
فسألها هنري:
" متى تعتزمين الرحيل "
" انني لست متاكدة ، يكون اليوم، أوغدا ، ذلك يرتبط بامكان الحجز " وألح عليها قائلا:
" أجلي السفر الى الغد يا دابون ! اسمحي لي على الأقل بيوم آخر في صحبتك "
وترددت دابون ، فبالرغم من حرصها على أن تباعد بينها وبين مزرعة سان سلفادور بأقصى ما تستطيع ، كان قلبها من الضعف بحيث قبلت الاستسلام لفكرة قضاء يوم آخر في المنطقة التي لا يفصل بينها وبين مانويل سوى أميال قليلة . كان ذلك الاستسلام تصرفا غبيا يدل على عدم تقدير المسؤولية ، ولكن فكرة السفر المتعجل كانت تجعلها تحس بألم حقيقي .
وأجابت على الدعوة هنري الراهنة بقولها:
" حسنا ، حسنا سأحاول حجز تذكرتي على طائرة الغد . وأحست بشيء من وخز الضمير لما اعتراها من ضعف ، ولكن لم تكن لها حيلة بعد أن جابت بالموافقة، "
وأحس هنري بالأبتهاج وسألها بحماس:
" ما البرنامج الذي تقترحينه؟ انني غير مرتبط بأي شيء طوال اليوم . هل تحبين الخروج للسياحة ؟ لزيارة مزارع الكروم مثلا ؟ أم لنذهب الى ليبو أو نيمز؟"
وارتعدت دابون وهي تقول :
" لا، لا ، ليس الى هناك "
وأضافت على عجل :
" ألا يمكن ،أعني من الممكن أن نذهب الى سانت مارى ؟ أقترح أن نتغدى هناك "
وبدأ أن هنري تحمس للفكرة ، ورد يقول :
" بالطبع اذا كان هذا هو ما تحبين يا دابون . لم يدر بخلدي أن أقترح شيئا بديعا هكذا . متى تكوني على أهبة الاستعداد؟ "
وردت عليه :
" أعطني ساعة منذ الآن ، انني لم أتناول طعام الأفطار بعد، كما أريد الاتصال بالمطار .."





الساعة الآن 02:54 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية