منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   34 - الهوى يقرع مرة - مارجري لوتي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t148414.html)

نيو فراولة 19-09-10 11:24 PM

جلست سامنتا في غرفة مكتبها تفكّر وهي تحدّث نفسها بذلك , ورنّ جرس الهاتف ورفعت السماعة وجاءها صوت أختها ليزا وهي تقول في لهجة ضاحكة :
" أهلا سام , هل أنت بمفردك؟".
وأخذتا تتجاذبان الحديث وطلبت منها أختها ليزا أن تمر بها في منزلها قائلة:
" يجب أن تتصلي بي قبل حضورك , فأن روبرت لم يعد بعد وربما أخرج لقضاء بعض الأمور".
ووضعت سامنتا السماعة وهي تشعر بالقلق , لقد تعوّدت ليزا أن تتورط في متاعب كثيرة قبل زواجها من روبرت بسبب علاقاتها الغرامية , وأزداد قلق سامنتا وهي تفكر في صديق ليزا الذي وجدته جالسا معها , خاصة وأنها تعرف زوجها روبرت ليس من النوع المتساهل.
وفي اليوم التالي ذهبت سامنتا لزيارة العم أدوارد فوجدته قد غادر سريره وجلس في مقعد مريح بجوار النافذة.
وأنحنت عليه تقبله , ثم سحبت مقعدا وجلست ألى جانبه وأخذا يتجاذبان أطراف الحديث , وربّت العم أدوارد على يدها في حنان وهو يسألها:
" كيف تسير الأمور في المدرسة ,وهل تمضي الأمور بينك وبين رويل ؟ لا بد أنه يقدّرك كثيرا , فقد أخبرني أنك تساعدينه في المساء".
وأخذ العم أدوارد يسألها عن موقف آدم من التلاميذ , وكيف يتعامل معهم وبدا عليه الرضى التام وهو يستمع أليها , وتطرّق الحديث بينهما فسألها أذا كتبت لريتشارد رسالة وترددت سامنتا وهي تجيب :
" لم أرسل أليه منذ فترة طويلة فقد كنت مشغولة للغاية خلال الفترة الماضية , ولكنني سأفعل ذلك قريبا".
كانت سامنتا تشعر أن العم أدوارد يريد أن يحدثها عن علاقتها بريتشارد , ولكنها حاولت أن تغير مجرى الحديث وقالت بطريقة حاولت أن تبدو عارضة:
" لقد أخبرتني ليزا أنها ألتقت بآدم رويل في مباراة للتنس نظّمتها العمة بيتي في المدرسة منذ بضع سنوات".
وبدا على العم أدوارد وكأنه لا يتذكر شيئا ثم قال وقد تذكر ما حدث , أن ليزا حضرت فعلا ألى هذه المباراة وكانت معها صديقة تدعى غيلبان كارترايت ".
منتديات ليلاس
وكانت سامنتا تريد معرفة المزيد من التفصيلات , ولكنها لم تجرؤ على توجيه الأسئلة , وفي طريق عودتها ألى المدرسة , مرّت سامنتا بالمسرح في ستراتفورد حيث حجزت تذكرتين وسارت قليلا على قدميها قرب النهر وهي تراقب البجع يسبح على صفحته وأخذت تسترجع ما قاله العم أدوارد بشأن مباراة التنس , مما يؤكد قصة ليزا .
وتوجّهت سامنتا فور عودتها ألى حجرة كريستين ألتي أبتدرتها قائلة :
" أين كنت يا سامنتا أن السيدة كمبل كانت تبحث عنك".
" ذهبت لزيارة العم أدوارد ولأحجز هذه التذاكر".
قالت ذلك وهي ترفع اتذكرتين في يدها لتراهما كريستين وبعد أن نظرت كريستين أليهما جيدا قالت:
" مكان ممتاز في الصفوف الأولى , لا أعتقد أنك ستذهبين مع أحدى الصديقات".
منتديات ليلاس
" لا بل سأذهب مع آدم رويل نفسه".
وظهرت الدهشة على وجه كريستين وهي تقول:
" السيد رويل ! هذه مفاجأة حقا , فهمت منك أنك........".
فقاطعتها سامنتا قائلة:
" ليس الأمر كما تظنين , أن المسألة لا تعدو أن تكون خطة دبّرتها وسأحتاج ألى مساعدتك".
وراحت سامنتا تقص على كريستين جميع التفصيلات وأظهرت كريستين تفهمها للموقف ولكنها قالت:
" أنني أدرك تماما أن رجلا مثل آدم رويل بمثل هذه الجاذبية , لا بد وأن يتعرض لمثل هذه المضايقات , ولكنني لا أشعر بالأرتياح يا سامنتا وما زلت أحذّرك , أياك أن تلعبي بالنار".
وعندما حان موعد العشاء لاحظت أن الجميع بدأوا يتهامسون بقصة ذهابها مع آدم ألى المسرح , ولاحظت المدرّسات وهن ينظرن أليها من طرف خفي .
قالت بيلي موجهة الحديث ألى سامنتا:
" سمعت أنك ستذهبين ألى المسرح مع مدير المدرسة لمشاهدة مسرحية ماكيث , وسوف نذهب نحن الأثنين الآنسة ترامب وأنا , وستكون مصادفة سعيدة أن نلتقي هناك".
وشعرت سامنتا بشيء من الأعجاب الممزوج بالعطف أتجاه الآنسة بيلي , لقد صادفت هذه الفتاة الكثير من خيبة الأمل في حياتها ,وتخطت الآن الثلاثين من عمرها وقضت شبابها في رعاية والديها المسنين , وبدأ اليأس يتطرق ألى قلبها وهي تبحث عن رجل يحبها.
وعندما ذهبت سامنتا ألى غرفة آدم في المساء أخذت تقصّ عليه ما حدث على طاولة العشاء , فقد تناول عشاءه في المكتب حيث كان يعمل , وأخذا يتضاحكان حول هذه القصة وأخيرا أستجمعت سامنتا شجاعتها وسألته قائلة:
"" ولكن , هل حقا تكره النساء ألى هذه الدرجة؟".
وأبتسم آدم أبتسامة عريضة وهو يجيب:
" ليس هذا صحيحا فأنا لا أكره النساء , لكنني لا أثق بهن فقط ".
وبدا عليه وكأنه لا يريد الخوض في هذا الحديث , فأخرج حافظة نقوده من جيبه ليدفع لها ثمن تذاكر المسرح وأخذ يراقبها لفترة ثم قال :
" آسف يا سامنتا , لم أكن أقصدك بهذا الكلام".
وهزت سامنتا رأسها وهي تقول:
" هذا لا يهم , ولكنني أشعر بالأسف لك وكنت أفكر في أبيات الشعر التي كان العم أدوارد يردّدها دائما".
وطلب منها آدم بصوت رقيق أن تسمعه هذه الأبيات , وأستجمعت سامنتا ذاكرتها وأخيرا أخذت تردد أبيات الشعر وهي تنظر ألى سقف الغرفة وكانت الأبيات تقول :
" رأيت زهورا تنمو في بقاع صخرية.
وأعمالا مجيدة يقوم بها رجال ذوو وجوه قبيحة .
والكأس الذهبية فاز بها أسوأ الخيول".
وأنتظرت سامنتا لحظة , ولمّا لم يعلّق آدم بشيء , غادرت الغرفة وأغلقت الباب وراءها في هدوء.

نيو فراولة 20-09-10 12:08 AM

7- تلة العناق

دقّ جرس المدرسة معلنا أنهاء الفترة الأخيرة قبل عطلة نهاية الأسبوع , وسمعت سامنتا وهي تجلس في مكتبها , قرقعة باب قاعة الألعاب الرياضية عند فتحه , وأصوات التلاميذ في أحذيتهم الرياضية تتدافع على الأرض الخشبية في بهو المدرسة , وأخذت أصوات التلاميذ الصغار تتعالى فما يشبه الضجة , وأخذت سامنتا تسائل نفسها ماذا حدث حتى يترك تيري ريد مدرّس الألعاب الرياضية التلاميذ هكذا بدون أشراف , لتصل أصواتهم ألى غرفة المدير الجديد؟
وقد حدث هذا بالفعل , فقد فتح آدم رويل باب غرفة مكتبه الملحقة به غرفة السكرتارية وهو يتساءل في غضب:
" ما الذي يحدث في الخارج؟ وأين هو تيري ريد؟".
منتديات ليلاس
ولمّا لم تكن هذه المسألة تخص سامنتا في شيء فأنها لم ترد على آدم , وبعد لحظة سمع صوت تيري ريد في البهو وهو يأمر التلاميذ بالأصطفاف في الحال وسمع صوته وهو يقول:
" من فتح باب قاعة الألعاب الرياضية قبل أن أصدر أوامري بذلك؟".
ثم سمع صوت صرخة خفيفة كما لو كان أحد التلاميذ قد عوقب , ثم خفّت أصوات التلاميذ وبدا وكأن ريد قد أمكنه السيطرة على الموقف وقاد التلاميذ ألى القاعة .
وقف آدم بباب الغرفة يرهف السمع ولمّا أطمأن ألى أن ريد قد تمكن من السيطرة على التلاميذ قال :
" يبدو أن ريد تمكن من معالجة الموقف ولذلك فأنني لن أوبخه على ذلك , ولكنني لن أسمح بعد ذلك أبدا بأن تحدث مثل هذه الأمور في المدرسة وخاصة داخل البهو الرئيسي".
ولفّ المكان الصمت من جديد وتوجه آدم ألى مكتبه ولكنه توقف فجأة كمن سمع صوتا غريبا يأتي من خارج المكتب , فنظر ألى سامنتا متسائلا وهو يقول:
" ما هذا؟ هل هو مواء قطة , هل توجد قطط داخل المدرسة؟".
فردت سامنتا قائلة :
" ربما تكون قطة ضالة , فقد ماتت القطة العجوز التي كانت في المدرسة العام الماضي".
ثم سمع نفس الصوت مرة أخرى فقال آدم :
" لا نريد قططا ضالة في المدرسة ".
وفتح آدم باب المكتب وتبعته سامنتا ألى الخرج وهما يفتشان عن مصدر الصوت الغريب.
وفجأة سمعت سامنتا صوت آدم الذي كان يبحث في أحد الأركان المظلمة من البهو وهو يسأل في دهشة:
" ما هذا؟ ماذا تفعل هنا يا جيمس؟".
وخرج من أحد أركان القاعة شبح هزيل قصير يرتدي ملابس الألعاب الرياضية وقد وقف يرتعد أمام آدم وعرفت فيه سامنتا جيمس أبن كريستين حكيمة المدرسة.
منتديات ليلاس
ثم سمعت سامنتا آدم وهو يسأل في شيء من العطف:
" ماذا بك يا جيمس , هل أنت مريض؟".
وردّ في تلعثم بالنفي وهو يحاول أبتلاع دموعه.
" أذا ماذا تفعل هنا في هذا الركن المظلم من البهو , وأنت ترتدي ملابس الرياضة؟".
وبدا واضحا أن جيمس كان يحاول الأختباء في أحد الأركان ,ولكنها لم تتوقع أن يعترف بذلك لآدم.
" تعال الآن يا جيمس , أريد أن أعرف الحقيقة".
وبدا الأرتباك والخوف واضحين على جيمس وهو يحاول أستجماع شجاعته ثم قال بتلعثم :
ط لا بد أنني سقطت على الأرض يا سيدي".
" سقطت على الأرض!".
قال آدم وهو لا يصدق قول جيمس ثم أضاف:
" تعال يا جيمس لا بد أن تبحث عن قصة أخرى تبرر بها وجودك هنا؟".
" أنني لا أكذب يا سيدي , لقد كنا نركض جميعا كما ترى , وأصطدمت بأحد التلاميذ , ثم....... ثم....... سقطت على الأرض وأرتطم رأسي بالحائط وبقيت في مكاني".
وقف آدم ينظر أليه للحظة ثم سأله:
" هل تعتقد أن أحدا من التلاميذ قد تعمّد دفعك؟".
" لا يا سيدي , لقد سقطت , وهذا كل ما في الأمر".
" حسنا , والآن هل تشعر بألم؟".
" لا يا سيدي ,أنني بخير الآن".
فقال آدم وهو يدفعه برفق :
" أذا هيا , ألحق بزملائك في قاعة الألعاب الرياضية".
وبدا على جيمس التردد للحظة , وبدا كأنه يريد أن يقول شيئا ولكنه عدل عن رأيه ومشى ببطء متجها ألى القاعة.

نيو فراولة 20-09-10 10:19 AM

وبعد أن مضى جيمس , سأل آدم سامنتا وقد بدا عليه التفكير العميق :
" مسكين جيمس , يبدو كالأرنب المذعور , هل هو جديد في المدرسة؟".
" لا , أنه ليس جديدا , فقد حضر في الفترة الدراسية السابقة , ولكنني أعتقد أنه لم يتأقلم بعد , فهو تلميذ حسّاس للغاية , وهو أبن كريستين حكيمة المدرسة , أعتقد أنك تعرف ذلك".
" نعم , أعرف ذلك , وأعرف أيضا أن والدته على وشك لزواج من شخص آخر غير والده , أنني أقدّر شعوره فلا بد أنه يشعر بالأضطراب".
ثم أضاف آدم وهو يبتسم:
" الآن بدأت أفهم الوضع , أليست لدى هذا الصغير المسكين أية هوايات , ألا يحب الألعاب الرياضية؟".
" لقد فهمت من كريستين والدته أنه لا يحب الألعاب الرياضية على الأطلاق , ولكنه يهتم كثيرا بكل ما يتصل بعلم الكيمياء , ولكنه كما ترى ما زال طفلا صغيرا لا يمكنه دراسة الكيمياء , حتى ينتقل ألى الفصل الثاني".
ووقف آدم يحدّق من النافذة لبعض الوقت وقد وضع يديه في جيبي بنطلونه ثم ألتفت ألى سامنتا قائلا:
" سأحاول التحدث مع السيد جونز مدرّس العلوم عن جيمس فقد يمكننا السماح له بقضاء وقت فراغه في الملعب لمشاهدة بعض التجارب".
ثم أضاف آدم وقد بدا الحزن على وجهه :
" أنني لا أحب رؤية الأطفال يبدو تعيسا كما يبدو هذا المسكين الآن".
وكان آدم يتحدث في لهجة من يعرف تماما معنى أن يكون الطفل تعيسا , ولأول مرة وجدت سامنتا نفسها تتساءل عن طفولة آدم رويل وعلاقته بأسرته.
وبعد فترة قصيرة , أستعاد آدم طبيعته كمدير للمدرسة , وسأل سامنتا :
"أعتقد أنه ليست لديّ فصول دراسية بعد ظهر اليوم , فهل هناك شيء ملح يحتاج ألى أخذ رأيي فيه , أو أي أرتباطات أخرى أو مقابلات؟".
ونظرت سامنتا في المفكرة الموضوعة على المكتب قبل أن تجيب بالنفي .
فقال آدم في سخرية:
" يبدو واضحا أن مؤامرتك قد نجحت بالفعل".
منتديات ليلاس
ولم تعجب سامنتا بهذه اللهجة الساخرة التي يتحدث بها آدم , ولكنها لم تهتم فقد كانت تدرك أن آدم يعتقد أن جميع النساء متآمرات , وما هي بالنسبة أليه ألا أمرأة كغيرها من النساء , ولا بد أنه يعتقد أن فكرة أيهام الجميع بأرتباطه بها , لم تكن آنية بل ربما تكون قد خططت لها من قبل , فأغلقت المفكرة ووضعتها في مكانها على المكتب وهي تقول في برود:
" حسنا , هذا ما كنا نسعى أليه أليس كذلك؟".
فأبتسم آدم أبتسامة غامضة وهو ينظر أليها قائلا:
" حقا هذا ما كنا نريده تماما , والآن سأكافئك على نجاح مؤامرتك , فأدعوك ألى الخروج معي بعد ظهر اليوم ,و فأنا بحاجة ألى بعض الأوراق الخاصة بأبحاثي , وأعتقد أنني سأجدها مع أوراق الأخرى التي تركتها في كوخي , فهل توافقين على الذهاب معي ألى كوست وولدز يا سامنتا؟".
ونظرت سامنتا عبر النافذة , كان الجو جميلا وقد أزدهرت الأشجار , وبدت السماء صافية وأحست برغبة في الخروج فوافقت على الذهاب معه.
فقال:
" حسنا , هل تقومين بتوصيلي في سيارتك , فأن سيارتي بالكاراج حيث تجرى بها بعض الأصلاحات".
وشعرت سامنتا بنوع من الأحباط وهو يقول ذلك فقالت:
" يمكنك أن تستخدم السيارة بدون الحاجة ألى صحبتي".
ونظر أليها آدم لحظة ثم ردّد في صوت هادىء:
"لقد طلبت منك أن توصليني بالسيارة , هل يمكنك ذلك؟".
" بالطبع يمكنني ذلك أذا كنت تثق في قيادتي ".
فنظر أليها طويلا قبل أن يقول :
" ربما أريد أن أعرف ما أذا كانت مهارتك في القيادة على مستوى مهاراتك الأخرى , والآن بلّغي السيد جونز بأن يتولى الأشراف بدلا مني ألى حين عودتنا , وسنذهب فور أستعدادك , وقد نتناول غداءنا على الطريق".
وبعد أن أبلغت السيد جونز برسالة آدم أسرعت ألى غرفتها , وبدّلت ثيابها ووضعت ثوبا رقيقا للصباح أزرق اللون , كان آدم ينتظر ألى جانب السيارة عندما غادرت سامنتا المدرسة وقد بدّل ملابسه أيضا وتساءل وهما يركبان السيارة:
" أي طريق تفضلين أن نسلك ؟ ربما كان الطريق عبر برودواي على التلال أطول قليلا ولكننا لسنا على أستعجال".
وجلسا في السيارة الصغيرة , وكانت تشعر بجسد آدم قريبا منها نظرا لضيق المقعد , وكانت يدها تلمس ركبته عند كل أنحناءة للسيارة ,وعلى الرغم من أنها كانت تشعر أن عيني آدم تتفحصانها , ألا أنها حاولت التركيز على القيادة وهي تشعر بنوع من الأسترخاء , وكانت أشعة الشمس الدافئة تنعكس على ذراعها العاري وشعرها يتطاير مع النسيم الخفيف الذي يدخل عبر النافذة , وقد أمتلأت السيارة بشذى الأزهار المتفتحة.
وتنهدت سامنتا بأرتياح وهي تنطلق بالسيارة وقالت في سعادة:
" أليس الجو جميلا اليوم؟".
ورد آدم موافقا على كلامها ولكنه لم يكن ينظر من النافذة , فقد كان يثبت عينيه السوداوين على وجه سامنتا .
وسألها آدم :
" هل تحبين القيادة؟".
" نعم ,كان شيئا مثيرا للغاية أن أحصل على سيارة خاصة بي , وقد درّبني ريتشارد بارنز على القيادة خلال وجوده هنا في العطلة الماضية , فهو مدرب ممتاز".
ورد آدم في صوت بدا جافا:
" حقا؟".
وساد الصمت بينهما بعد ذلك حتى بداية الطريق ألى بروداوي , فنزلا من السيارة ليتناولا بعض الشطائر وأقترحت سامنتا وهما يعودان ألى السيارة أن يتبادلا مقعد القيادة.

نيو فراولة 20-09-10 10:52 AM

وجلس آدم خلف عجلة القيادة وهو يبحث عن حزام الأمان فلمست يده ركبتها فأحست بالدماء تندفع ألى وجهها وهي لا تدري ما أذا كان قد فعل ذلك عن قصد.
ونظر أليها آدم نظرة جانبية وهو يقول:
" لا داعي للأنزعاج يا سامنتا فأنا لم أتعمد ذلك".
وشعرت بالحرج فقد كانت لدى آدم قدرة عجيبة على قراءة أفكارها , وتمنت لو أنها لم توافق على الخروج معه فهي تعتقد أن وقاحته تجاوزت الحد.
وأشاحت سامنتا بوجهها بعيدا عنه , وأخذت تنظر من النافذة , فسمعته يقول لها:
" لا داعي لأن تستشيطي غضبا يا سامنتا ,ليس في هذا اليوم الجميل , أؤكد لك أن نواياي أتجاهك نبيلة على الرغم من أن ذلك صعب جدا مع فتاة في مثل جمالك".
منتديات ليلاس
وأنطلق آدم بالسيارة وأخذ يشرح لها معالم الطريق وهما يعبران برودواي التي تعتبر من أجمل المناطق في الريف البريطاني , لو نسيت سامنتا تماما أن الرجل الذي يجلس ألى جانبها هو آدم بجاذبيته التي لا تقاوم , وأخذا يتحدثان عن التاريخ والأزمان الماضية حيث كانت المراعي منتشرة في كل مكان في أنكلترا.
وأنطلقت السيارة تصعد بهما التلال , وبعد بضعة أميال وصلا ألى نهاية الطريق الرئيسي , ودخلا في شارع ضيق يتجه ألى أعلى التلال.
ونظرت سامنتا حولها كان المنظر رائعا حقا من هذا الأرتفاع فهتفت قائلة:
" أشعر وكأنني فعلا فوق قمة العالم".
وأخذت تنظر عبر النافذة ألى المراعي الخضراء التي تتناثر عند سفح التل , وظهرت الماشية وقد تضاءل حجمها لتصبح مجرد نقاط بيضاء صغيرة وسط هذه الخضرة المترامية , وظهرت المنازل والطرقات وقد أختفت وراء غلالة رقيقة من الضباب.
وتوقف آدم بالسيارة أمام كوخ صغير من الحجارة , وشعرت سامنتا وهي تنظر أليه وسط هذا المنظر الرائع وكأنها في حلم ضبابي.
وقال آدم بفخر وهو يشير ألى الكوخ:
" هذا هو كوخي , هل يعجبك؟".
وقفزت سامنتا من السيارة في أنفعال طفلة صغيرة وهي تهتف قائلة:
" أنه رائع , وأتوق ألى رؤيته من الداخل".
وأخذ آدم يشرح لها وهما في طريقهما ألى الداخل كيف أنه أشترى الكوخ من أحد الأصدقاء الذي كان قد أشتراه بدوره من أحد الرعاة.
وأتجها ألى غرفة الجلوس التي كانت تستخدم أيضا كمكتبة , وقد أمتلأت بأرفف الكتب في كل مكان , وكان بالغرفة طاولة بيضاوية من خشب البلوط ومكتب صغير وعدد من الكراسي المريحة.
وفتح آدم النافذة عل ى مصراعيها فأمتلأت الحجرة بالهواء الرطب النقي فنظرت سامنتا ألى آدم وهي تقول:
"اآلآن أعرف لماذا لا تستطيع التأقلم بسهولة مع جو المدرسة".
" ليس هذا تماما , ولكنني لا أحب أن أقوم بدور الرجل المسؤول فهذا يضعني في مواقف تزعجني".
وسكت قليلا ثم قال:
" ولكنني أشعر بالأمان وأنت معي , أليس كذلك يا سامنتا؟".
وردّت سامنتا وقد شعرت برنّة السخرية في صوته.
" في أمان تام".
وألتقت نظراتهما في صمت للحظة ثم أتجه آدم ألى المكتب وهو يقول :
"حسنا , سنعلن الهدنة بيننا لبقية اليوم , والآن يمكنك أن تسري عن نفسك قليلا ريثما أقوم أنا بأبحاثي , وربما أحتاج لمساعدتك بعد ذلك".
وتركت سامنتا آدم ينهمك في عمله وأخذت تتجول في أنحاء الكوخ الذي كان مؤثثا بطريقة بسيطة , وقد ألحق به مطبخ على الطراز الحديث وأمتلأ بجميع أنواع المعلبات.
منتديات ليلاس
وأخذت سامنتا تحدث نفسها بأن آدم لا بد وأن يكون مدركا تماما لجميع الأحتياجات المنزلية , أو ربما كانت أستيل هي التي تقوم بشراء أحتياجاته.
ووجدت نفسها تستعيد ذكريات ذلك اليوم الذي أحضر فيه أستيل ألى المدرسة , ألم يقض الليلة التي سبقتها في الكوخ؟ ربما لم يقضها وحده , ولكنها طرحت هذه الأفكار جانبا , فلا شأن لها بحياته الخاصة ومن الطبيعي أن تكون له علاقات ببعض الفتيات في حياته , وأن لم يرق له أن يتزوج أيا منهن ,وربما تصلح أستيل نورتون لمثل هذا الموقف , ولكن سامنتا كانت تريد أن تتمتع بحريتها الشخصية كآدم نفسه , وعند هذا الحد نفضت عن نفسها التفكير في آدم وأستيل نورتون.
وأتجهت ألى الباب الخلفي حيث كانت توجد الحديقة الخلفية وقد أحاط بها سور حجري قديم , ونفذت سامنتا من فتحة من السور وتسلقت التل حيث جلست فوف قمته تنظر ألى الكوخ وشردت بأفكارها بعيدا.
وجاءها صوت آدم لينتزعها من أفكارها , وسمعته يقول وهو يصعد التل في طريقه ألى مكانها.
" سامنتا , لقد وجدت ما كنت أبحث عنه في المخطوطات الآن , والآن أشعر برغبة مفاجئة في العمل , هل تمانعين في البقاء قليلا؟".
" الأمر متروك لك , فأنت الرئيس".
وأبتسم آدم وهو يقول مازحا :
" هذا هو الكلام الذي أحب أن أسمعه".
قال ذلك وهو يسخر من منطقها ربما أن فكرة عداوته للمرأة لم تكن بالجدية التي تصورتها.

نيو فراولة 20-09-10 02:46 PM

وقالت سامنتا وهما يهبطان الل :
" يمكنك الأتصال بالسيد جونز لتبلغه أننا قد نتأخر قليلا".
" لا بد أنك تمزحين , هل تعرفين كم يكلفني ذلك في هذا المكان؟ في أي حال لقد أشتريت هذا الكوخ لأبتعد تماما عن جميع المضايقات بما في ذلك مضايقات الهاتف".
وكان التل منحدرا بشدّة بالقرب من الكوخ , وتعثرت قدم سامنتا وكادت تسقط فأندفع آدم ليحيطها بذراعه بقوة ليمنعها من السقوط وظّلا هكذا حتى وصلا ألى أسفل التل.
كان من الواضح أن آدم يحاول أن يكون مهذبا معها , ملتزما بالهدنة المعلنة بينهما طوال ذلك اليوم , وشعرت سامنتا بالأرتياح لذلك وفارقها لفترة شعورها بالتوتر والترقب.
وجلس آدم يعمل وسامنتا تساعده في تلخيص الأوراق وأستغرقها العمل تماما وتنبها ألى أن الساعة قد جاوزت السابعة مساء.
وأخذ آدم يعبث بأصابعه في شعره وهو يرجع بمعده ألى الخلف .
" هذا أفضل ما أنجزته من عمل حتى الآن".
ثم قال :
" دعينا الآن نأكل شيئا فأنني أكاد أموت جوعا ".
وأتجهت سامنتا ألى المطبخ وهي تؤكد كلامه , وأختارت بعض المعلبات وبدا لها آدم في صورة لم ترها من قبل متدفقا بالحياة بطريقة صبيانية وهو يستحثها أن تحضر الطعام.
منتديات ليلاس
وجلسا يتناولان الطعام وهما يتجاذبان أطراف الحديث , مضى الوقت سريعا , وقد أنطلقت سامنتا تضحك في سعادة غامرة.
وبينما هي ترفع بقايا الطعام ألقت نظرة من النافذة فرأت سحابة من الضباب الأسود الكثيف وقد بدأت تنتشر فوق المكان , فقالت لآدم وهي تحاول أخفاء قلقها الشديد.
" أعتقد أنه يجب علينا العودة سريعا فقد بدأ الضباب يرحف على المكان".
وردّ آدم قائلا:
" لا تخشي شيئا , فأن هذا يحدث دائما في هذه المنطقة , وأنا أعرف طريقي جيدا ".
كانت سامنتا تشعر بخوف شديد من الضباب , منذ أن ضلّت طريقها في الغابة التي يسودها الضباب وهي طفلة صغيرة , فبدا القلق واضحا على وجهها وهي تستحث آدم العودة ألى المدرسة .
ولمعت عينا آدم وهو يقول لها:
" ماذا حدث يا سامنتا ؟ هل تخشين أن نضطر ألى البقاء هنا بمفردنا فترة الليل؟".
ولما لم تكن سامنتا تحب شرح حقيقة شعورها له , فقد أشاحت بوجهها .
فقال آدم:
"مسكينة أنت يا سامنتا أنك لا تحبين المزاح أبدا".
ثم وضع الأوراق في مكانها على الرف , وأتجه معها ألى الخارج ليستقلا السيارة.
وجلس آدم خلف عجلة القيادة وجلست سامنتا بجواره وهي تنظر ألى الكوخ خلفها , وتتمنى لو أمكنها العودة أليه مرة أخرى ولم تتنبه ألى المحاولات التي كان يبذلها آدم لأدارة السيارة بدون جدوى .
ونزلت سامنتا من السيارة لتفتح لآدم غطاء المحرك ,وبعد أن كشف عليه عاد آدم أليها وأطل برأسه ألى الداخل وقد أكتسى وجهه بتعبير قاس وهو يقول:
" هل يمكن أن يكون هذا متعمّدا يا سامنتا؟".
وشعرت سامنتا بقلبها يغوص بين قدميها وهي تسأل في تلعثم عما حدث.
فأجاب آدم بأقتضاب بأن الوقود بفذ.
وبدا على سامنتا أنها تذكّرت شيئا فجأة وهي تقول:
" يا ألهي , أنني آسفة كنت أنوي فعلا أن أملأ خزان الوقود ولكنني نسيت ".
" تنسين وأنت تعرفين أننا سنذهب ألى مثل هذا المكان المقفر".
وأخذت سامنتا تعتذر في أضطراب شديد , ولكن راعها أن يعتقد آدم أنها فعلت ذلك عن قصد , ولكنه بدا مقتنعا تماما بذلك وهو يقول في سخرية لاذعة :
" كنت أعتقد أن الرجل هو الذي يلجأ ألى هذه الحيلة في مثل هذه المواقف".
ونظرت سامنتا أليه في ذهول وقد أدركت تماما معنى كلماته , وأجتاحها غضب لم تشعر بمثله من قبل وهي تنفجر قائلة:
" كيف تجرؤ !".
ثم أرتفعت يدها بدون وعي منها لتستقر في صفعة قوية على وجه آدم , ثم أندفعت تهبط التل وهي تجري والدموع تتسابق على وجنتيها , وأستمرت لمسافة طويلة قبل أن يتمكن آدم من اللحاق بها , وأحاطها بذراعيه بقوة ليمنعها من الأستمرار في الجري , وحاولت التملص منه , ولكن آدم جذبها بقوة لتصبح في مواجهته ونظر ألى عينيها وهو يلهث ويقول:
" ألى أين تظنين أنك ذاهبة؟".
" ألى أي مكان بعيدا عنك".
منتديات ليلاس
وأضافت وهي تنظر أليه وقد أمتلأت عيناها بالدموع :
" كفاني ما تحملت منك حتى الآن من وقاحة وشكوك".
وطال وقوفهما وآدم ممسك بذراعها , ثم جذبها أليه بقوة وأطبق عليها في عناق طويل أمتزج فيه الغضب بالعاطفة .
وعندما رفع آدم وجهه شعرت سامنتا بجسدها كله يرتعش , وأنتابها شعور غريب لم تعرفه أبدا من قبل .
وأخذ آدم نفسا عميقا وهو يقول :
" أعتقد أن هذا كان لا بد أن يحدث في أي وقت".
" ولكن هذا لن يحل المشكلة , فأن علينا أن نعود ألى المدرسة".
ثم ألتفت أليها قائلا :
" هل تدركين ما قد يحدث لو قضينا الليل هنا بمفردنا في الكوخ ؟".
وبدا وكأنها قد فقدت القدرة أيضا على التفكير فقالت :
" أعتقد أنه سيثير التقوّلات في المدرسة".
فلوى آدم شفتيه وهو يقول:
" أنا لا أعني المدرسة , المهم يجب أن نصل ألى سنو بأي طريقة حيث يمكننا من هناك أن نجد سيارة توصلنا ألى المدرسة".
قال آدم ذلك وهو يدفعها أمامه في طريق العودة.


الساعة الآن 03:57 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية