منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   24 - ضحيّة ! - آن هامبسون - روايات قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t172727.html)

نيو فراولة 01-03-12 06:11 PM

لم تقل ألانا شيئا أكثر من انها أحنت رأسها ، فأضاف:
" هل كان تأخرك لأمر هام ، الانا؟".
نظرت اليه نظرة شاملة ثم غيّرت إتجاه نظراتها ، قال :
" الاحظ أنه كذلك ، فاين إعتذارك ؟".
تمتم بالكلمات الأخيرة ونظره عالق بها ، رفعت ذقنها بكبرياء وقالت :
" كنت أتمشى ، مستمتعة بما أرى من مناظر خلابة ، ويبدو أنني إبتعدت أكثر من المعتاد ، ولذا فأنا لا اشعر أن هناك ضرورة لأي إعتذار ".
" عادة يكون ضروريا عندما يتأخر المرء ، وعندما يكون هناك من ينتظره ، إن طباعك ينقصها الكثير حتى تصبح مقبولة".
قال ذلك ثم لاذ بالصمت عندما لم يسمع جوابا ، نظرت الانا اليه مستاءة من موقفه ، كان يبدوعليه كأنه غاضب من نفسه لأنه لم يطور المسألة الى أبعد من ذلك ، كان في داخله صراع ، ولما كانت ألانا لا تريد ان تتفاقم الأمور بينهما ، غيّرت الموضوع واخذت تتحدث عن المشاهد الجميلة التي راتها في هذا الجانب من الجزيرة خاصة ، واضافت عندما لم يعلق على حديثها:
" إنها جولة ممتعة حقا ، ألم تذهب مرة الى نهاية الجزيرة؟".
" لقد فعلت".
أجاب بإختصار ، مظهرا انه ليس راغبا في الحديث ، ولكنها لسبب ما لم تعرف له تفسيرا ، إستمرت بالكلام:
" ما اروع ذلك القصر ، يبدو كأنه في خطر من الإنزلاق عن تلك الصخرة الشاهقة الى أعماق البحر".
تحركت عيناه وضاقتا قليلا ، ثم قال:
" إنه في أمان".
كان هذا كل ما قاله ، ولكن هذا لم يثنها عن الإستمرار في الحديث ، وقالت:
" أظن أن المرأة التي تسكن هناك إنكليزية الأضل".
أحنى كونون رأسه وعندما تكلم كان التوتر قد بدا على وجهه :
" إنها متزوجة من رجل يوناني".
صمت لحظة ، تابع بعدها:
" إننا لا نكلم بعضنا مطلقا".
لحظة اخرى من الصمت ، ولكن فضول الانا كان أكثر من رغبتها بألا تغضب زوجها ، وسألته عن السبب الذي يجعلهما لا يكلمان بعضهما ، وأضافت:
" أن هذا يبدو لي غريبا ، وأنتما جاران".
ضحك كونون فجأة ، ضحكة خشنة مرتفعة ، وتابع:
" إنه لمن المضحك حقا ، ألا يرضى عن تصرفاتي وهو الذي يحمل على كتفيه ذلك الماضي".
" الماضي؟".
كان كونون لا يزال ينظر اليها عبر مائدة الطعام التي تفصل بينهما ، وقال:
" لقد أرغم فتاة على الزواج منه".
شملته ألانا بنظرة ، والسؤال باد في عينيها.
رددت كلمته تلك غير مصدقة ، وأضافت:
" هل ارغمها عن طريق التهديد مثلما فعلت ؟".
لم يمح سؤالها روح الدعابة ، بل على العكس فقد زادها ، وأطلق ضحكة أخرى قصيرة ، ثم قال:
" شيء من هذا القبيل ، على ما أعتقد ، لم أكن أسكن هنا في ذاك الحين ، ولكن الجزيرة صغيرة وليس فيها أسرار ، لقد تزوجته لتنقذ عائلتها من الدمار".
قالت ألانا بجفاء:
" يبدو أنكم جميعا متشابهون ".
" لا ، ليس الجميع ، انت فقط تعيسة الحظ ! ".
" هل تخرج الفتاة من القصر؟".
" لا شك ، في مثل حالتهما يكون الزواج موفقا عادة...".
قطع كلامه وأطلق ضحكة اخرى ، ثم أضاف:
" يقال انهما مثاليان في تعاملهما ، مجنونان في الحب !".
كانت جملته الأخيرة ممزوجة بالسخرية.
" في الحب ! هل تعني أن كل شيء سار سيرا حسنا في النهاية ؟".
" كل النساء يحببن أن يسمعن النهاية ، إنهما يعيشان ان بسعادة دائمة لا مثيل لها ".
بقي شيء من الدعابة في نغمات صوته ، ولكنها ممزوجة بشيء من الإحتقار .
" أنت يا ألانا ، لن تكوني محظوظة الى هذا الحد ، لأن دونيس لوسين كان يحب الفتاة طيلة الوقت ، بينما أنا أكرهك.... لقد كرهتك منذ اللحظة التي رفضتني بها".
بدا على وجه الانا شيء من الغضب والإنفعال ، غير أنها قالت :
" بل منذ اليوم الذي فشلت في زواجك".
سكتت الانا ولكن سكوتها جاء متأخرا ، فقد تغير لون كونون وصار قرمزيا ، وثارت ثائرته:
" زواجي ! الم أقل لك الا تذكريه على الإطلاق... وحق السماء ايتها الفتاة لسوف اقتلك إذا ذكرته مرة اخرى ! هل تفهمين ! ".
شحب لونها وإزدادت ضربات قلبها :
" إنني آسفة....".
لقد ندمت على زلة لسانها ، وتمنت لو أنها لم تفه بتلك الكلمات على الإطلاق ، تلك الكلمات التي لا تثير غضبه فقط وإنما تسبب له كثيرا من الآلام ، فإنها تذكره بماساته .... بفقدان ولده.... ورددت :
" إننس اسفة حقا ، كونون".
بدا صدق شعورها في نبرات صوتها ، وفي نظرات عينيها ، ولكن كونون كان كمن فقد عقله ، وهو ينظر اليها نظرات فارغة كالمجنون ، نظرات بعيدة جدا كمن يعيش الذكرى ، يجتاز تلك المرحلة المروعة في حياته ، عندما اخبروه أن ولده قد مات ، وأن مسؤولية موته تقع على زوجته .
" آسفة !".
تنهد من أعماقه ، ووقف كنه مدفوع ان يفعل ذلك ، صفق بيده ، حسبت ألانا أن الرجل قدجن فعلا ، جنونا مليئا بالغضب والحزن ، وصاح:
" سوف أجعلك تاسفين في دقيقة واحدة ن تعالي الى هنا ! ".
قفز نحوها وهو يتكلم ، ولكن ألانا كانت أسبق منه حيث قفزت من النافذة تركض على الشرفة نحو الدرجات التي تؤدي الى الممر المرصوف ، شعرها على كتفيها يتطاير في الهواء ، اسرعت بإتجاه الطريق الطويل ، لقد أدهشها انها وصلت البوابة من غير أن يمسك بها زوجها من الخلف ، وهناك إلتفتت إلتفاتة سريعة الى الوراء ولكنها لم تر لكونون أثرا.

نيو فراولة 01-03-12 06:16 PM

صفقت ألانا لذلك فرحا ، وجلست على الحشائش وراء البوابة تفكر ، اسرعت خفقات قلبها ، وأحست بآلام تجيش في صدرها ، وفكرة الهروب تراود عقلها ، لقد خشيت على سلامتها بين يدي رجل مجنون كهذا الذي هو زوجها ، وأيقنت انه في ذات يوم يستبد به الحزن ويستبد به الحزن ويشتد به الغضب الى درجة مرعبة لا يعرف معها ما الذي يفعل.
وبعد فترة وجيزة إستطاعت الوقوف ، وسارت بإتجاه القرية ، والذعر لا يزال يسيطر عليها والتساؤل يلح ، ترى أي حياة هي هذه؟ وتدفق الدمع من عينيها ...
فهناك هوارد بيومونت يرغمها على الزواج منه بالتهديد ، تهديده بأن يرسل أخاها الى السجن إن لم تفعل ، والان جاء كونون ، بعد أن تحررت من زواجها الفاشل ، جاء هو ايضا يهددها ، بتدمير الرجل الذي تدين له بحياتها إن هي لم تتزوج به !
كثيرا على إمرأة أن تتحمل كل هذا ، إحتجاج مرير كان يغلي في صدرها ضد ما يفعل بها القدر...
إستمرت الدموع تفيض من عينيها وهي تسير ، ظهر من الإتجاه المعاكس رجل يركب حمارا وكلبه يعوي بجواره ، تسير زوجته وراءه تتشح بالسواد ، إمرأة متعبة تحمل ذكريات موجعة تبدو في تجاعيد وجهها الأسمر.
حياها الرجل وردت التحية من غير ان تنظر اليه ، حتى لا يرى الدموع في عينيها ، والمرأة أيضا حيتها بإبتسامة ، ومرا بها نحو الطريق المؤدية الى سفح التل حيث يسكنان في بيت ابيض صغير يستكن بين اشجار الزيتون والليمون .
لقد حسدتهما الانا ، إنهما يعرفان الأمان ، يعرفان تماما طريقهما في الحياة ... في مملكتهما الصغيرة الخاصة .
تساءلت ألانا ، ترى الى أين كانت ذاهبة ؟ فليس لديها مال ولا ثياب ، بالإضافة الى أنه اصابها تعب شديد لدرجة لم تعد تقدر على المسير ، ولن تعود الى كونون فهي ليست آمنة معه ، وصرخت من غير أن تشعر أنها كانت تصوغ افكارها في كلمات :
" يا ألهي الى أين يمكنني ان أذهب من غير مال ...".
خبا صوتها ، وإرتجفت شفتاها ، فقد أحست بوقع اقدام وراءها ، إنه كونون ! إنها خطواته فهي تعرف وقعها أينما كانت ، عاد الذعر اليها ، إستدارت وقد فر اللون من وجنتيها ، ولم تعد لها قدرة على التفكير ، أو الحركة ، وسمرت مكانها كالأرنب المذعور امام الذئب ، وقلبها يخفق بجنون بين جوانحها.
" هل سمعتك تتحدثين عن المال يا عزيزتي ؟".
كان زوجها يتمتم بهذه الكلمات ، فهزت راسها كمن لا حيلة له وقالت:
" لا.... نعم...".
" لماذا تريدين المال يا عزيزتي ؟ وماذا ستفعلين به في مكان كهذا ؟".
كان يقف بجانبها طويلا مخيفا ، ولكن علامات الغضب زالت من وجهه ، وعيناه لم تعودا تشعان ببريق الجنون ، ومع ذلك فإن الانا لم تستطع أن تتكلم ولا أن تحرك ، حتى تناول كونون ذراعها يساعدها ، ووجدت نفسها تطيع بلا مقاومة ، تم الأمر بلا كلام ، يجب عليها أن تعود معه الى المنزل.
" كونون أنا لا أريد الدخول ، إنني افضل البقاء هنا في الحديقة".
توقف كونون ،وتعبيرات غامضة بدت على وجهه الأسمر وهو يقول:
" لماذا كنت تبكين ، ألانا؟".
" شعرت بالتعاسة ".
" من أي شيء ؟".
" من حياتي هنا ".
" لقد كنت سعيدة جدا مع زوجك الأول ، اليس كذلك؟".
" ماذا تأمل أن تربح من إجابتي على هذا السؤال؟".
هز كتفيه وسحب يده من ذراعيها ، وأجاب:
" لا شيء ، فقد كنت فضوليا ، هذا كل شيء ".
بقيت الانا صامتة ، ولكن كونون قال وقد تغيرت نبرات صوته وبدا فيها شيء من الرقة واللطف :
" إذن انت غير سعيدة وتريدين الهرب ، الى اين يا عزيزتي تريدين الذهاب ؟".
" لا أعرف .... فقد أريد ان أذهب بعيدا عن هذه الجزيرة ".
" لكنك لا تستطيعين الذهاب من غير موافقتي ، وإذا حاولت السفر على أية سفينة تقلع من هنا ، فسوف يطلعونني قبل أن ترحلي ".
" لقد عملت مسبقا ضد رحيلي؟".
" إنني أحبط جميع المحاولات التي يمكن أن تؤثر على حياتي ".
" انت لست ملك الجزيرة ، فالى متى يمكنك أن تمنعني من الإبحار ؟".
" الى الأبد ، فإن السلطات المسؤولة ستعلمني حتى لو حاولت شراء بطاقة سفر ، وهكذا ترين يا جميلتي ألانا ، أنه لا مفر لك ، أنت هنا سجينتي ، وستكونين اكثر
سعادة لو انك قبلت هذه الحياة التي إخترتها بنفسك".
" أنت تعرف انني لم أخترها بنفسي ، تعرف أنك أكرهتني عليها ".
" على أية حال أنت التي إخترت ، والآن وبما انك زوجتي ، فمكانك هنا معي ".
تناول ذراعها ثانية ، وصعدا الدرجات الواسعة الى باب الفيللا الأمامي ، حيث صرخت وهي تفلت من يده :
" دعني أذهب ، لن أدخل المنزل ".
إنسكبت الدموع من عينيها ، وكونون ينظر اليها ويهز رأسه ، ثم سأل :
" انت خائفة مني؟".
" اليس هذا ما تريد ؟".
" أظن أن هذا ما أريده بالضبط ، هذا الخوف الحقيقي ،ولكن من أي شيء تخافين؟".
وفجأة تغير صوته وصار أكثر رقة ، وبدا القلق في عينيه الداكنتين .
أخذت الانا تنظر اليه بحيرة وإرتباك ، فقد زالت من وجهه الملامح المخيفة ، وبدا أمامها كأنه الرجل الذي كانت تعرفه في يوم من الأيام ، الرجل الذي إنجذبت اليه فعلا ولكنها لم تتزوجه لأنها كانت قد قررت ألا تتزوج على الإطلاق.
كونون عاد يسأل:
" من أي شيء أنت خائفة ، ألانا؟".
كانا يقفان عند الباب على درجة رخامية بيضاء ، الهدوء والسكينة يكتنفان المكان ، والحديقة تلمع تحت أشعة شمس يونانية ، بأزهارها من كل شكل ولون ، رائحتها تعطر المكان ، ووراءها تشمخ الجبال ، بعض غيوم بيضاء رقيقة تزخرف زرقة السماء ، النخيل يتماوج مع السروالأهيف النحيل ، ومن الجهة الأخرى أشجار الليمون والبرتقال تضيف خضرة وجمالا الى تلك الصورة الأخاذة.
" كنت خائفة منك".
جاء الجواب متأخرا ،ولكنه كان ينتظره بصبر ، ينظر الى الجديد في تعابير وجهها ، يحاول أن يقرأها ، وكمن يحدث نفسه قال:
" خائفة...".
" ألم يكن هذا متوقعا ، بعد تصرفاتك تلك ؟".
إحنى كونون راسه ، عيناه كئيبتان ، قاتمتان ، فيهما كثير من الغموض ، ولدهشتها إستدار الى الجهة الخرى كأنه يريد ان يخفي عواطفه ، وبعد وقفة قصيرة ، سار بعيدا نحو البساتين ، وتركها نهبة للخوف والألم ، وأحست أنه شعر بشيء من الندم لأنه أخافها الى درجة الرعب ، الى درجة تريد معها ان تهرب منه.
أي رجل غريب غامض هو هذا ! رجل حياته هدمت بسبب فشل زواجه ، وفقدان ولده ، وها هو الآن يحملها مسؤولية كل ذلك ، ويقول في نفسه انها لو قبلت الزواج منه ، لما حصلت كل هذه المآسي ولكان زواجهما ناجحا ، لأنه كان يحبها وهي معجبة به.
وتساءلت ألانا في نفسها :
" ترى لماذا تقع في مثل هذه الأخطاء الفادحة ؟".
كانت عيناها الكئيبتان تتبعان زوجها ، حتى إختفى عن ناظريها بين الأشجار ، ثم تابعت الحوار مع نفسها :
" كنت غبية بلهاء ، لأنني خشيت مما حدث لسالي وماجي ، ما كان يجب ان اتاثر بما وقع لهما ، فلكل أمرىء حياته الخاصة كيف يشاء.
ولكن فات الأوان ، كونون لم يعد الرجل الذي تستطيع أن تحبه ، فهو إنسان آخر غير الذي كنت تعرفه ، إنسان يعرف فقط كيف يكره ، لأنه عرف كيف يحب في يوم من الأيام ، رجل أصبح كل همه من الزواج هو الإنتقام....

نيو فراولة 02-03-12 04:29 PM

6- الإنتقام حلو كما يقولون ، ولكن مع الزمن يصبح المرء اقل رغبة بالحلاوة ، ومع ذلك لا تصدق أن هذه البداية ممكنة ...

مرّ اسبوعان ، قضيا فيهما ساعات هادئة في الحديقة والسير على شاطىء البحر ، أو التسوق في بوثيا العاصمة ، كونون لم يعد يتحدث بحدة مع ألانا او يتصرف معها بخشونة ، كان يبدو لها أن هناك صراعا يعتمل في داخله ، ولكنه لم يحاول أن يظهر أي رغبة في علاقة صداقة بينهما ، اما ألانا فقد كانت تمتعض حتى من مجرد التفكير أنها قد ترحب بصداقته إن فعل ، أو تشعر بأن الحياة قد تكون مريحة أكثر إذا إستطاعا أن يكونا رفيقين .... من غير أن يدخل الحب الى حياتهما .
بعد ظهر يوم من الأيام ، كانت تجلس في الفناء الجميل المزدان بالأزهار تقرا في كتاب ، فجاءها كونون يطلب منها ان ترافقه الى ميرتليس ، وهي مدينة تقع على خليج الشاطىء الغربي من الجزيرة ، حيث كان يملك فندقا هناك.
قبلت بشوق أدهشها ، بالقدر الذي أدهشه.
" إنني أحب ان ارافقك".
قالت الانا ذلك ، وهي تقف في الحال وتلقي بالكتاب على الطاولة ، ثم أضافت :
" هل انت على إستعداد ؟".
احنى راسه علامة الإيجاب وقال :
" لن تحتاجي الى معطف ".
" لا ، ولكنني أريد أن أغسل وجهي ويدي ، هل تنتظرني بضع دقائق؟".
" سأفعل".
قال ذلك وجلس على الكرسي الذي كانت تشغله.
هل هذه خطوة لحياة جديدة اكثر بهجة لكليهما ؟ هذا ما سألت ألانا نفسها متعجبة ! غسلت وجهها واخذت تسرح شعرها الذهبي وكأنه إختلس لونه من اشعة الشمس التي كانت تتسلل من النافذة ، زينت خديها بقليل من الحمرة وكذلك شفتيها ، وإرتدت ثوبا أبيض بسيطا أنيقا ، ثم وقفت قليلا أمام المرآة ، فإقتنعت بما رأت .
كانت لحظات الإنتظار تلك طويلة بالنسبة الى كونون فقام من كرسيه ووقف الى جانب حوض من الأزهار ، وإلتفت عندما سمع وقت خطوات خلفه ، كانت الانا طبعا ، شملها بنظراته التي إستقرت على وجهها ، فبدت الكآبة في عينيه وتنهد من أعماقه ، وقال:
" هل أنت مستعدة؟".
ثم غيّر إتجاه نظراته فترة ، وقادها الى السيارة ، وفي الحال كانت تنطلق بهما.
منتديات ليلاس
كان كونون صامتا كئيبا ، لا تسمح حاله بالحديث، ولذا فإن الانا لاذت بالصمت ايضا ، وسألت نفسها ، ترى لماذا كل هذه الكىبة الان ؟ اهو نادم على ما فعل ، نادم على هذا الزواج ؟ هل وصل الى المرحلة التي يسال فيها نفسه عما ربحه من كل ذلك ؟ الإنتقام حلو كما يقولون ، ولكن مع الزمن يصبح المرء اقل رغبة بالحلاوة ، ولا شك أن كونون الآن لم يعد يحس بالسعادة من جعل حياتها مريرة الى هذا الحد.
الحقيقة أن الأشياء البغيضة التي يقوم بها تبدو اسبابها مقنعة له ، وهي تحس أنه لن يستمر في هذا الأسلوب الهمجي في معاملتها ، فها هي تصرفاته بدات تتغيّر ولو قليلا ، وأصبح يبدي شيئا من اللطف في سلوكه معها ، حتى أنها لم تكن تصدق أن هذه البداية للتحول ممكنة الحدوث...
" هل تريدني أدخل معك ؟".
سألته الانا عندما سارا في الطريق الطويل الذي ترتفع الاشجار على جانبيه ، المؤدي الى الفندق ، وأضافت :
" أو أتجول في المدينة ثم أعود اليك؟".
" يمكنك ان تأتي إذا كنت ترغبين؟".
" حسنا".
إبتسمت له راغبة ان يرد عليها بإبتسامة ولكن خاب أملها ، فقد كان وجهه مقنعا بقناع قاتم خال من اية تعابير .
كان الفندق من أفخم الفنادق التي رأتها عينها، بالقرب من شاطىء غاية في الروعة والجمال.
سالت ألانا:
" هل يعود الفندق عليك بالربح الوفير؟".
" لا شك في ذلك وإلا لما اقيم".
كان يستمع اليها وهما جالسان في غرفة الإستراحة المخططة باللون الأزرق والأبيض ، وكانا ينتظران الشراب الذي طلبه كونون ، ثم قال :
" الحقيقة أن دخل الفندق قليل جدا ".
نظرت ألانا اليه بدهشة مستفسرة :
" ألم تكن لديك فكرة قبل بنائه ، أنه من الممكن ألا يكون مربحا؟".
" لماذا تكون لدي مثل هذه الفكرة؟".
" لأنك رجل اعمال ، ومعظم رجال الأعمال يقومون فقط بتلك المشاريع التي يعرفون انها مريحة".
" هل الربح هو كل ما يهم ؟ هل المال هو الشيء الوحيد المهم في الحياة؟".
تنهدت الانا من الأعماق وقالت:
" لقد أسات فهمي ، انا لا يهمني شخصيا إن كان مربحا أم لا ، فليس لذلك أي فارق عندي...".
قاطعها كونون قائلا:
" سيكون هناك فارق عندما أرحل عن هذا العالم ، فكلما جمعت مالا أكثر ستصبحين أكثر ثروة عندما يأتي الوقت الذي ترثينني فيه".
" كونون ، ما هذا الذي تقول ؟ فأنا لا تهمني اموالك ولا يهمني أن أرثك".
قالت آلانا ذلك بإستنكار شديد ، أما هو فقد عادت إبتسامة السخرية الى شفتيه ، وقال :
" هراء ، لقد تزوجت الرجل الأول لهذه الغاية....".
" كيف عرفت؟".
قاطعته بحرارة ، ثم اضافت:
" ليس لديك أي اساس لتبني عليه حكما كهذا!".
" إنه واضح كنور الشمس".
هذا كل ما إستطاع ان يجيب به ، ثم جاء المستخدم بالشراب ، فقال له كونون :
" شكرا ، سنتناول العشاء
مبكرين ، في الساعة السابعة تقريبا".
" حاضر ، سيد كونون".

نيو فراولة 02-03-12 04:30 PM

إنحنى الرجل أمام كونون وأخذ المنحة التي أعطاه إياها ، ومضى .
كانت الانا ترغب في ان تذكر لكونون ، أنه كان في إمكانها ان تطعن في الوصية لو كان لديها رغبة في المال ، ولكنها احست بكبريائها أن ترفض ان تبرىء نفسها أمامه ، وإذا كان كونون يريد أن يفكر فيها بهذه الطريقة ، فليفعل ، فإن رايه ليس له مثل هذه الأهمية عندها ، كما أخبرته مرة.
أخذ كونون ينظر حوله وعلامات الكآبة لا زالت بادية على وجهه ، وتجاوزت ألانا تجريحه لها وعادت للحديث لتنهي حالة السكوت المملة :
" ألا يمتلىء الفندق بالنزلاء أبدا ؟ فإن شاطئا كهذا يجتذب السياح في كل وقت من اوقات السنة".
" لا يوجد أي سبب يمنع من ان يكون الفندق مليئا بالنزلاء دوما ، وأنا أوافقك على ذلك ، ولكن كما قلت ، هذا الفندق بالذات أرباحه قليلة".
نظرت اليه بإستغراب ، وقالت:
" أظن انك كنت تعرف قبل ان تبنيه انه لن يكون مربحا ، أليس كذلك؟".
" توقعاتك صحيحة".
إبتسم كونون بشيء من الدعابة ، بينما قطبت ألانا حاجبيها متعجبة ، كانت تريد أن تعرف السبب ، فسالت:
" لماذا بنيته إذن؟".
" احيانا تكون هناك حاجة لفندق فخم من الدرجة الأولى ، يقدم جميع أنواع التسلية وأسباب الرفاهية لأولئك الذين يحتاجون لأشد أنواع المواساة والتسلية ".
" كونون ، لست واضحا في إجابتك".
" الحقيقة انه من الممكن أن يكون لدينا بعض السياح بوجود شاطىء جميل كهذا".
وأشار بيده بإتجاه النافذة التي تطل على البحر بصورته الجميلة ، وتابع كلامه:
" وهؤلاء الناس الذين لا يجدون ما يطلبون من أسباب الراحة والرفاهية من الدرجة الأولى ، عزمت أن اقدم لهم ما يريدون".
" حتى مع انك تعرف أنه ليس مريحا ؟".
" اتا لا اقول أنه لن يكون مريحا على الإطلاق ، فمن الممكن أن يكون في المستقبل ، على اية حال فهناك اناس كثيرون يفضلون الأماكن الهادئة غير المحتشدة ، وهذا المكان واحد منها".
" بالتأكيد فهو كالفردوس".
" الفردوس! ".
ردد كلمتها بشيء من الدعابة واضاف:
" ما كنت أتوقع أن تشبهيه بالجنة ، فهو اشبه بالجحيم ! ".
" كنت أتحدث عن الجزيرة الخلابة والشاطىء الأخاذ ، ولم أكن اتحدث عن حياتي".
أحست الانا ببرودة تتسلل الى أوصالها ، لهذا لتغيير الذي بدأ يطرا على محادثتهما ، خصوصا وأنهما يحاولان تخفيف العداء بينهما.
وسأل كونون :
" أحياتك جحيم؟".
بريق لم تتوقعه شع من عينيه ، ورات على الفور أنه عاد الى حالته الأولى ، يجد متعة في أي ألم يستطيع أن يسببه لها ، وعجبت من هذا الرجل المتلون المزاج الذي يسمح لنفسه أن يكون في كل دقيقة بلون ، وبعد لحظة من التفكير قالت :
" لم أقصد ذلك بالضبط ، فالحياة في الأسبوعين الماضيين كانت أفضل من البداية ، ويبدو أنني بدات اعتاد على أسلوبك".
" الى أي شيء تريدين ان تصلي؟".
وقبل ان يترك لها مجالا للرد ، إستمر في حديثه محذرا ، حتى لا تكون واثقة الى هذا الحد بأن الأسبوعين الماضيين قد يرسمان صورة أفضل لمستقبل حياتهما.
" انا إنسان مزاجي ، ويمكن أن أتحول من صورة لأخرى من غير إنذار ، فأنا تزوجتك فقط كي اجعلك تدفعين ثمن ما عانيت في حياتي ، وسوف تدفعين ، إياك ان تظني غير ذلك".
لاذت ألانا بالصمت ، وأحست انه كان يجبر نفسه على تكرار هذا الكلام ،وأن الأمور ستسير على ما سارت عليه في الأسبوعين الماضيين على الأقل.
ولكنها سرعان ما ادركت خطأها ، فإن كونون صمم ألا يضعف من موقفه ،وعاد مرة أخرى لسلوكه الفظ ومعاملته الخشنة ، غير أن ألانا كانت تحتمل ظنا منها انها سحابة ثم تنقشع لمعرفتها بمزاجه المتقلب ، ولكنها في هذه المرة أخطات في ظنها.
وفي ذات مساء ، كان قد ابدى وحشية في معاملتها ، فقالت له:
" كونون ، انت عدو نفسك ، ولن أبقى معك في اية حال من الأحوال ".
كان كونون يقف بجانبها يمسك بذراعها بقسوة ، فحاولت ان تفلت من قبضته ولا تدري كيف إستطاعت ،وإبتعدت عنه وقد شحب وجهها وإرتجف جسمها وسرى الخوف مسرى الدم في عروقها ، وتذكرت هوارد زوجها الأول ، فبالرغم من حقارته لم تلق معه مثل هذا الخوف.
لم يحاول كونون أن يقترب منها ، ولكنه ايضا لم يذهب ، بل قال :
" لديك كل ما تحتاجين اليه ، فلماذا إذن هذا التهديد بالرحيل؟".
" لدي كل ما أريد ؟ ألا يكفي انني فقدت حريتي ؟".
" فعلت ذلك بكامل رغبتك".
" لم يكن لدي خيار ".
" ليس بالقدر الذي كان لديك في المرة الأولى على ما أظن ، كنت حينئذ تتمتعين بحرية الإختيار .... وإخترت الرجل الذي يملك مالا أكثر ، ورفضتني ، لأنني كنت فقط وريث والدي ، ولن أصبح غنيا طالما هو على قيد الحياة ".
وفجأة ضحك تلك الضحكة الهمجية ، والتي سمعتها مرات عديدة من قبل ، ثم توقف عن الضحك وتابع كلامه:
" لم تعرفي في ذلك الحين ان الأمور قد تنعكس كما حصل ، ولو أنك تزوجت مني لكنت في حالة مادية أفضل بكثير".

نيو فراولة 02-03-12 04:32 PM

نظرت اليه في صمت خشية على سلامتها ، كان الشر يطل من عينيه القاتمتين ، ووجهه الداكن المتجعد ، وشكله الضخم في ثيابه السوداء.
" تعالي الى هنا".
قال ذلك وهو ينظر اليها نظرات مخيفة ، فهزت رأسها وحاولت أن تتجاوزه الى الباب ، ولكنه أمسك بها بعنف ،وهو يصرخ في وجهها :
" تذكري انني زوجك يا ألانا ، وعليك أن تطيعيني ".
فتحت ألانا عينيها ، وكان الفجر قد بزغ من وراء الأفق يداعبه بلمسات لطيفة ، وكان بدء يوم جديد ، سرت رجفة في جوانبها وهي تنظر الى الوجه الداكن الغارق في النوم الى جانبها ، وإنسلت بهدوء تقصد الحمام لتغسل وجهها وهي تحدث نفسها ، أن كونون لا يمكنه أن يبقيها هكذا أسيرة ، فلماذا لا تذهب الى الشرطة وتخبرهم بمخاوفها ؟ وهم لا شك سيعالجون الأمر ، علهم يدبرون امر سفرها ، فهي إنكليزية ومن واجبهم مساعدتها ،وشعرت أنها تستطيع أن تهجر كونون من غير أي إحساس بالذنب ، فهذا ما يستحقه.
بعد تناول الفطور ، خرج كونون من المنزل ، إنها فرصتها للرحيل ، وهكذا فقد خرجت هي أيضا ، تسير على الطريق التي سبق وسارت فيها مع كونون بعد مراسيم زواجهما في مدينة كاليمنوس ، كانت الطريق طويلة والمسافة بعيدة حتى الى اقرب قرية ، ولكنها سارت بسرعة وهي تمني النفس بحل مشكلتها ، ولو أنها كانت تتمنى لو ان الظروف غير هذه الظروف ، حتى تستطيع أن تستمتع بتلك المشاهد التي لم تر أجمل منها ،وذاك النسيم الذي يعبث بشعرها أرق منه.
منتديات ليلاس
وصلت ألانا الى القرية ، وأوقفت شابا مارا وسألته عن سيارة أجرة ، ولكن الشاب رفع كتفيه ، قائلا:
" لا يوجد هنا سيارات اجرة ، فتلك السيارات موجودة فقط في المدينة ! ".
أفترت شفتاه عن إبتسامة مرحة فبدت أسنانه بيضاء كاللؤلؤ ، وعيناه البنيتان كانتا تشعان بالمرح ، وصوته لطيفا مليئا بالود.
وأضاف الشاب قائلا :
" لكن أخي لديه سيارة ، وهو لا شك سيطحبك إذا اردت".
نظرت الانا اليه بإمتنان وأجابت:
" هل يفعل ؟ يجب ان اصل الى الميناء ، أعتقد أن هناك قاربا سيقلع في غضون ساعتين ".
" تماما ، تعالي معي ، فأنت في عطلة على ما أظن ، جئت لزيارة جزيرتنا ".
ولما سارت الى جانبه ، اضاف:
" أظن انك أحببت جزيرتنا ، اليس كذلك؟".
" بالتأكيد".
إبتسم لها وقال :
" الان عدت من سفينتي ، فانا غواص اجمع الإسفنج".
" اأنت غواص إسفنج؟".
لقد سمعت الانا من قبل عن غواي الإسفنج في مدينة كاليمنوس ، رجال يخاطرون بارواحهم وهم يغوصون في أعماق البحار ، يبحثون عن الإسفنج الذي ينمو على الصخور.
وبعد تريث قليل تابعت:
" لقد سمعت أنها مهمة خطرة جدا ".
" نعم إنها خطرة ، ولكنني احب أن أغوص في أعماق المياه السحيقة ، واشاهد المخلوقات الصغيرة التي تعيش هناك".
توقف قليلا ، ثم نظر اليها وقال يعرّفها بنفسه :
" إسمي أندونيس ، وانت ما إسمك؟".
" ألانا".
" الانا ؟ لقد إلتقيت بفتيات أنكليزات كثيرات ، عندما كنت اعمل في فندق في رودس ، أنت تعرفين رودس أليس كذلك؟".
" نعم لقد نزلنا من الباخرة هناك ، ثم جئنا الى هنا بالقارب".
" في رودس كما قلت ، إلتقيت بفتيات كثيرات ولكنني لم أسمع بإسم ألانا".
" ليس الإسم شائعا".
سارا في طريق ترتفع الأشجار على جانبيها ، تبدو أزهارها الجميلة وكأنها سرقت لونها الأفر الذهبي من الشمس، والبيوت البيضاء تظهر من وراءها تحيط بها الجنائن المفروشة بالأزهار يعطر أريجها الأجواء ، ويحيط بهذه الحدائق سياج كثيف من اشجار الصبار الفخمة.
" هذا بيت اخي".
اشار أندونيس بيده الى البيت ثم فتح البوابة العريضة المصنوعة من الخشب المزخرف ، دخل ونادى بصوت عال حاد بجمل قصيرة ، وكل ما إستطاعت أن تفهمه ألانا كان إسمي ستيلا ، وبيتروس ، أما بقية الكلام فكان باليونانية.
ظهرت فتاة يضارع جملها سحر عينيها اعين الظباء ، خجولة لا تفارق البسمة ثغرها ، قدّمها على أنها أخته ، ثم أخذ يتكلم باللغة اليونانية .
" أخوك ليس هنا ، أليس كذلك؟".
لم تكن بحاجة لتسأل هذا السؤال ، فقد عرفت ذلك من الملاحظة ، ومع ذلك فقد أخبرها أندونيس أنه ذهب بسيارته قبل دقائق معدودة، وغاص قلبها بين جنبيها وبدا الإرتباك على وجههها ، وحارت فيما تفعل ، ولما قالت أنها ستسير الى القرية الثانية ، اعلمها أنها لن تجد طلبها هناك أيضا ، فزادت حيرتها ، وخشيت مغبة ما فعلت ، حيث ستضطر الى العودة الى بيت كونون ، لتتعرض لألف سؤال وسؤال.
ثم إقترح أندونيس عليها ، قائلا:
" نتناول بعض المرطبات ، ثم نفكر بطريقة ما توصلك الى الميناء ".
هزت كتفيها وهي تنظر الى ستيلا ، التي كانت تقف خجلة جانبا تتطلع الى ألانا من الراس حتى القدم .
" لا اظن انني أستطيع ذلك".
" ولكن يجب أن تفعلي ، اختي تريد ان تقدم لك شرابا صنعته من الرمان".
" شكرا لكما ولكن...".
قاطعها قائلا:
" لا يمكن ان ترفضي ضيافتنا ، لم يفعل هذا احد من قبل ".
" حسنا".
كانت الانا تتبع بنظراتها الفتاة التي تحركت نحو الباب المفتوح وهي تومىء لها.
فقال اندونيس:
" إنها لا تتكلم الإنكليزية ، فعندنا الصبيان فقط هم الذين يتعلمون ".
" ولماذا لا تتعلم الفتيات لغتنا أيضا ؟".
" لأنهن لا يحتجن الى ذلك ، فالرجال يحتاجون اللغة في أعمالهم ، وخوصا ان الكثيرين منهم يذهبون الى استراليا ، اما النساء فلا يعملن إلا في بيوتهن وتربية أطفالهن ".


الساعة الآن 07:55 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية