7- دموع تفتح الجراح
احست بقشعريرة تجمّد اطرافها وهي تحدّق في عينيه علّها تقرا الحقيقة الخافية وراء المرارة الأليمة التي يتقلّص تحتها وجهه ، وأخيرا همست بتردد : " هل تعترف إذن بما فعلت ؟". " يا ألهي ، طبعا لا ، علّمتني الحياة ان لا أعترف بأي شيء ". " لا أصدقك ! لم أصدق كلمة واحدة مما قلت ! ". وللحظة إعتقدت انها رات لمحة إستغراب في عينيه ، لكنه قال ساخرا : " هذا لطف منك ، وفي المقابل تريدين أن أؤكد لك أنني أصدق أنك لا تعرفين غوميز أليس كذلك؟ آسف يا عزيزتي ، ما زلت لا اصدقك ". إنتفضت من مكانها ، ووقفت تتحداه بعنف : " انت لا تستطيع ان تثق باي كان اليس كذلك ؟ نفسيتك المعقدة المريضة تجعلك لا تؤمن بأي نوع من الصدق والإخلاص ، كم أشعر بالأسى من اجلك يا كايد ! لديك الموهبة والمال والنجاح لكنك تفتقد أهم ما في الحياة ، أي الصداقة والحب والثقة ، هذه الأشياء المهمة لن تحصل عليها أبدا ، لأنك غير قادر على ذلك ، انت تلوّث كل المشاعر الصادقة ، لن تعرف في حياتك معنى العلاقة الحقيقية بين رجل وإمرأة ، لأنك عاجز عن إعطاء أي امرأة ما تريده فعلا ! ". وعرفت كاريسا أنها بالغت في هجومها حتى قبل ان يقترب منها ليهزّها بعنف. " ارجوك كايد دعني ، أنت تؤلمني ". إبتعد عنها فجأة ،وعاد ليقف قرب النافذة ، وأحست أنه يحاول جاهدا السيطرة على أعصابه ، فلم تنبس بكلمة واحدة ، وظلّت مكانها تنتظر بقلق رد فعله التالي ،وبعد دقائق ، مرّت وكأنها ساعات ، سالها ببرود : " تبكين ؟". " لا". لم تكن تستطيع حتى البكاء. " حسنا لا بد أنك متعبة حاولي النوم ". ولدهشتها الشديدة تمكنت فعلا من الإستسلام للنوم. صباح اليوم التالي أفاقها كايد من سباتها العميق ، وبعد ساعة كانا على طريق العودة الى أوكلاند في سيارة يقودها شرطي ، جلست كاريسا قرب السائق ، بينما إستقر كايد في المقعد الخلفي بين رجلي امن. منتديات ليلاس أخذت الفتاة تحدّق في الطريق الممتد امامها وهي تتذكّر بمرارة الرحلة التي قامت بها منذ أقل من ثلاثة أسابيع ، وكل ما حدث في تلك الليلة القصيرة ، صحيح انها كانت قلقة وعصبية في ذلك اليوم الأول لكنها كانت واثقة بقدرتها على التحكم بعواطفها ، وبأنها ستتابع حياتها المليئة بعد إنتهاء هذا اللقاء المزعج ، وستنسى الرجل الذي غيّر حياتها منذ بضع سنوات ، اما اليوم ، فهي تعلم جيدا ان عواطفها نحوه لم تتغيّر ، بل صارت اقوى رغم كل شيء لن تستطيع بعد الآن أن تتخلص من حب الرجل الذي إعترف لها بأنه لا يعرف معنى الحب ولا قمة العلاقات الثابتة ، إنه لا يرغب في ربط نفسه بها ولا باي إمرأة أخرى. لا ، لن تستسلم لهذه الأفكار ، لن تدعه يسيطر عليها مرة اخرى. وإلتفتت الى السائق الشاب تشجعه على الكلام ، علّها تنشغل به عن الرجل الجالس في المقعد الخلفي، أخبرها عن طفولته في مزرعة الألبان ، وحلمه الإلتحاق بسلك الشرطة ، وكفاحه لتحقيق هذا الحلم ، وضحكت طويلا وهي تسمع الطرائف التي رواها لها عن مهنته ، والناس الذين يقابلهم ، كانت ماهرة في جعل الناس يتكلمون عن نفسهم ، ونمّت هذه الموهبة في تعاملها اليومي مع نماذج مختلفة من الشخصيات الغريبة.وعندما وقفت السيارة أخيرا امام شقة موريس ظلت كاريسا تتحدث مع السائق الشاب ، بينما دخل كايد المبنى بين حارسيه ، وعندما لحقت بهم بعد دقائق لاحظت النظرة القاسية التي رماها بها كايد قبل ان يلتفت الى موريس والرجل الذي برفقته ، والذي تبيّن لاحقا أنه مفتش في الشرطة. وجلس الرجال الثلاثة يدرسون تفاصيل خطتهم الجديدة ،وعرفت كاريسا أخيرا لماذا أصرّ رجال الشرطة على إصطحاب كايد الى أوكلاند بهذا الأسلوب العلني ، ضاربين عرض الحائط بكل السرية التي إتبعوها حتى الآن ، كانوا يريدون ان يعرف القاتل مكان وجود كايد ، لم يعثروا عليه قرب البحيرة ، لكنهم تمكنوا من إيجاد السيارة المسروقة التي إصطدمت باحد الحواجز التي اقامها رجال الشرطة ، والتي تمكن صاحبها من الفرار في إحدى السيارات المارة في المنطقة ، وعندما تم إستجواب سائقي السيارات مرت على تلك الطريق ، في تلك الساعة ، تبيّن ان أحدهم إلتقط راكبا له أوصاف غوميز . وإستنتجت كاريسا من هذا كله انهم يريدون الآن إرغام غوميز على الخروج من مخبئه ، كيف ؟ وسألت بقلق وإستهجان : " تريدون إستخدام كايد كطعم ، أليس كذلك ؟". نظر اليها كايد بقسوة ، وأجابها المفتش بهدوء: " لا تخشي شيئا يا آنسة مارتن ، لن يصيبه سوء ، سنحيط به من كل جانب ، لكننا سنتظاهر بعكس ذلك على امل ان يطمئن القاتل فنقبض عليه بالجرم المشهود ". " أي وهو يقتل السيد فرناندد ؟". " لا ... ليس تماما ، اقصد اننا سنقبض عليه بتهمة محاولة القتل ، وهذا كاف لأدخاله السجن لسنوات طويلة ". وألتفت المفتش الى كايد قائلا : " سيسرك ان تعلم أننا قبضنا على الرأس الكبير ومعظم افراد العصابة ،وحسب معلوماتنا ان الرئيس غسل يديه من الرجل منذ فترة طويلة ، وإنه يعمل حاليا لحسابه ، وهذا يعني انهم لن يرسلوا رجلا آخر لقتلك عندما تلقي القبض على غوميز ". وتنهّد كايد بإرتياح وإسترخى في مقعده : " هذا خبر سار فعلا ، لكن لماذا تخلّى الرأس الكبير عن غوميز ؟ ". " عندما فشل الرجل الذي ارسلته العصابة لقتلك في ملبورن ، قرّر غوميز أن يقوم بالمهمة بنفسه رغم أوامر الرئيس الذي كان يريد ان يحتفظ به لمهمة أكثر اهمية للعصابة ". |
وتوقف المفتش قليلا قبل ان يكمل قائلا :
" زملائي في أميركا ياملون أن نتمكن من إقناع غوميز بإعطاء أدلّة تدير أفراد العصابة ، في حوزته معلومات مهمة تفيد رجال الشرطة ". " وهذا سبب آخر لرغبتك في إصدار اقصى عقوبة ممكنة في حقه ، تريد ان تخيفه ليفضح اسرار العصابة". عضّ المفتش على شفتيه ، ومن ثم ضحك قائلا : "نحن نحب المساعدة عندما نستطيع ذلك ". وقف كايد فجأة وتوجه الى النافذة ، وبعد لحظات قال : " اتعلم أن غوميز عاش حياة شريفة في السنوات العشر الماضية ، قبل أن تتصل به العصابة ، هل تعلم ذلك ؟". تردد المفتش قبل أن يجيب : " وكيف تعلم أنت ذلك ؟ إن لم يدخل السجن ، ولم يحاكم في السنوات العشر الأخيرة فهذا لا يعني بالضرورة....". " كان يعيش حياة شريفة ....زوجته اخبرتني بذلك ، كانت العصابة تضغط عليه بتهديده بإيذاء زوجته وطفلته". " يا لها من أساليب شريرة ! ". " هل كنت تعلم ذلك ؟". "لا ، كل ما أعرفه أن زوجته ماتت ، أليس هذا هو السبب الذي جعله يريد قتلك ؟ ماتت في سيارتك ... أليس كذلك ؟". "صحيح ، وإلتحق غوميز بالعصابة لينتقم مني ، وفاة زوجته أفقده توازنه". وإعترف المفتش قائلا : " حقا إنها ظروف مؤسفة ... لكن الرجل ... قاتل". " في بعض الدول يعتبرون هذا نوعا من الجرائم العاطفية ، فتصدر المحكمة حكما مخففا ، وإن تمكن القاتل من تنفيذ جريمته ". وإبتسم المفتش قائلا : " هل تقصد بكلامك هذا ان نكف عن ملاحقته ؟". وبادله كايد إبتسامته : " لا رغبة عندي بإنهاء حياتي ، لكنني لا ارغب كذلك في الإنتقام من رجل عانى الكثير في حياته ، حاولت مرارا الإتصال بغوميز للتحدّث اليه قبل مغادرتي للولايات المتحدة الأميركية ، كان يتصل بي هاتفيا ليهددني ، لكنه كان يرفض الإستماع الي ، خطتك لا تعجبني يا حضرة المفتش ، ولذا أطلب منك إبعاد رجالك عني". وساد صمت مفاجىء ، ولم يكد المفتش يتمالك دهشته حتى قال : "آسف ، لا أستطيع تلبية الطلب ، الرجل مطلوب من رجال الأمن هنا وفي الولايات المتحدة الأميركية ". " حسنا ، هذا شأنك ، لكنني أطالب برفع حماية رجال الشرطة عني". ورغم إعتراض المفتش موريس اصرّ كايد على موقفه مصرا أن رجال الشرطة لا يستطيعون ان يفرضوا عليه حماية لا يريدها . وتدخل موريس قائلا : " لكنك لا تستطيع ان تمنعهم من مراقبة المنزل من الخارج ؟". " أعرف ، لكنهم لن يتمكنوا من القبض عليه متلبسا طالما لم يدخل المنزل ، ولو سمحوا له بإختراق حواجزهم والوصول الي ، ستكون فرصتي الوحيدة لأجعله يعرف الحقيقة ، وفي الحالتين لن أكون الطعم الذي يريدون ". " ولماذا تصر على مقابلته الى هذه الدرجة ؟". " من اجل زوجته ! ". وهنا تدخلت كاريسا بعد صمت طويل : " تريد أن تريح ضميرك يا كايد ؟". " ربما ". وعاد يلتفت الى موريس : " موريس ، سأذهب الى الفندق إن كنت ترغب بذلك". " لا ، لا ، ستبقى هنا .... وسأبقى معك ، أما كاري فستعود الى شقتها". " لا ، كاريسا ستبقى هنا ايضا ! ". إنتفض موريس ونظر الى كاريسا فوجد وجهها جامدا لا يعبر عن أي إنفعال ، وأضاف كايد : " لا تخافا شيئا ، غوميز ليس مجرما محترفا ، لن يؤذيكما ، يريدني انا فقط ". وتوقف قليلا قبل ان يتابع : " تستطيع وكاريسا أن تتصرّفا بحرية ، يمكنكما ان تتقاسما غرفة واحدة بدون أي إحراج... كالعادة ". إضطرب موريس ، وعندما نظر الى كاريسا اساء فهم نظرة الرجاء في عينيها فقال : " لم أتقاسم في حياتي غرفة واحدة مع كاريسا ، أنت مخطىء تماما في ظنك ، كاريسا مساعدتي وأنا أحترمها جدا ". رفع كايد حاجبيه بتعجب وقال : " آسف ، كنت أظن أنكما على علاقة غرامية ". " ابدا ، أنت مخطىء تماما ". ونهض موريس قائلا : " سأذهب لعداد بعض الشاي والقهوة ". وعندما خرج من الغرفة إلتفت كايد الى كاريسا ساخرا : " يا لك من مخادعة ! ". " انا لم اكذب ، أنت إستنتجت ما يحلو لك ". " لكنك ساهمت في تأكيد إستنتاجي ، لماذا ؟". " لأبعدك عني ، ماذا كان إسمها ؟". " إسم من ؟". " زوجة غوميز ، ام انك لا تذكر ؟". " بلى أذكرها جيدا ، إسمها كارلوتا ، ولماذا كل هذا الإهتمام بإسمها ؟". " هذا جزء من عملي ، سأذهب الآن لمساعدة موريس". أرادت ان تهرب منه ، ومن السؤال الذي يحرق حلقها : هل كنت تحب كارلوتا ؟ لكنها لم تعرف الجواب جيدا ، كايد لا يحب أحدا ! لماذا إذن يخاطر بحياته لمساعدة زوج كارلوتا ؟يعاني من أزمة ضمير ؟ واخذت تتصوّر كارلوتا ، يا له من إسم جذاب ومثير ، هل صاحبته جميلة يا ترى ؟ يا له من سؤال سخيف ! طبعا هي جميلة ، كل نساء كايد جميلات.... المفتش قال أن كارلوتا ماتت في سيارة كايد ، حادث إذن ؟ كايد كان يقود السيارة ، ومن الطبيعي إذن ان يحمّله زوجها مسؤولية وفاتها ، وكايد هل يعتبر نفسه مسؤولا عن موتها ؟ ألهذا يريد مقابلة غوميز ؟ ليبرر وفاة كارلوتا ؟ وعادت كاريسا الى غرفة الجلوس بفناجين القهوة ، ووراءها موريس يحمل طبقا من الأجبان والخبز ، وجلسوا يتناولون طعامهم وشرابهم وكان شيئا لم يحدث في الأيام الماضية . حملت كاريسا الأطباق والفناجين الفارغة وعادت بها الى المطبخ لغسلها ، وفجأة أحست بكايد يقف وراءها. " ما بك ؟ هل خشيت أن افر من الباب الخلفي ؟ أو ان أحمل منشفة بيضاء ألوح بها لشريكي في المؤامرة ؟". إبتسم بمرح وأجاب بكلمة واحدة : " ربما ". وامسك بمنشفة نظيفة وراح يساعدها في تجفيف الأطباق ، وخطر ببالها سؤال آخر لم تتمالك من طرحه: " ماذا حدث لإبنة كارلوتا ؟". " هي مع جدتها ، كانت كارلوتا تتركها بعهدة والدتها عندما كانت تاتي لزيارتي ". " طبعا ، لم تكن المراة لتصطحب إبنتها الصغيرة في زيارتها لصديقها". وتمنت كاريسا لو لم تفتح هذا الموضوع لأنه أجابها ساخرا : "وهذا السؤال أيضا جزء من عملك ، ماذا تريدين أن تعرفي بعد؟". " كنت مهتمة بالطفلة ، انا احب الأطفال وأعتقد انه من واجب الكبار الإهتمام بهم وتحسين العالم الذي يعيشون فيه". ولم يجب ،وعلى غير عادته اشاح نظره عنها وإنهمك في تجفيف الأطباق ، وبعد دقائق من الصمت الثقيل سألها : " أجيبيني بصراحة يا كاريسا ...". قاطعته بمرارة: " وهل تعتقد أنه بإمكاني ان أكون صادقة وصريحة ". تجاهل تعليقها وسالها بسرعة: "كيف كنت تفكرين بي في السنوات الماضية ؟ بكره ؟ أعرف أنني كنت في غاية القسوة معك ، لكنها كانت تجربة جديدة بالنسبة الي أيضا ". " وهل أزعجك هذا الأمر؟". " تعرفين جيدا أنه ضايقني جدا ، ولذا كنت قاسيا معك ، شعرت بالذنب .... ألا تفهمين ذلك؟". لم تجب فسارع الى القول : " لم تجيبي على سؤالي بعد ! ". " حاولت أن لا افكر بك على الإطلاق ، لم يكن هناك ما أريد أن أتذكره ". " لا شيء ؟ لا شيء على الإطلاق ". " وماذا تريدني أن تذكر ؟ العار ، الذل ، الألم ؟ ولماذا أتذكر كل هذا ؟ اريد ان أنسى ما حدث ". تسمّر كايد في مكانه ، وبعد لحظات قال بصوت فيه مزيح من الحزن والتوتر : " آسف ، لو كنت أكبر سنا لكان بالإمكان معالجة كل هذه الجراح ". وتردّد قليلا قبل أن يضيف : " آمل ان يكون الرجل الذي عرفته بعدي قد تمكن من تصحيح الخطأ الذي إرتكبته ". " أي رجل ؟ لم أعرف رجالا بعدك ". " ماذا ؟". " لم اعرف أي رجل بعدك ، نفرت من كل الرجال ". " هل آلمتك لهذه الدرجة ، يا الهي ، لا أستغرب الآن أن تكرهيني الى هذا الحد ، يا الهي ". وإنصرف عنها ، فإتكأت على الطاولة ، وإنهمرت الدموع من عينيها لتفتح جرحا لم يطوها النسيان. |
8- وداعا ايتها الرقيقة
لا بدّ أنه صوتا ما أيقظها، حدّقت بخوف بإتجاه النافذة فرات الرجل الواقف هناك ، كشبح مخيف في الضوء الخافت المتسرب من قناديل الطريق ، والمتسلل برقة عبر الستائر. وفجأة إختفى الضوء لتغرق الغرفة بسواد دامس ، ما عدا بريق فضي يتراقص من تحت الباب المغلق ، همست للظل القريب :: " كايد ". وتحرّك الرجل فجاة وبعصبية ظاهرة ، فعرفت أنه ليس كايد أوموريس . القت الغطاء عنها وهرعت صارخة الى الباب : " كايد ! ". لكن الرجل تمكن من اللحاق بها والقبض عليها ، حاولت ان تقاومه بدون جدوى ،وهمس بصوت بدت نبراته مألوفة : " معي سكين هنا ، إسكتي ، ولا تأتي بحركة واحدة ! ". وعندما دخل كايد الغرفة وأضاء النور ، وراءه موريس مذهولا ، كان غوميز ممسكا بها أمامه ونصل السكين يلمع قرب عنقها . تسمّر كايد في مكانه ، اما موريس فحاول التراجع بسرعة وهو يتمتم : " سأتصل..". فحذّره غوميز : " إذا إتصلت باي كان ، فستموت الفتاة !". شحب موريس وتسمّر مكانه لا يعرف ماذا يفعل ، اما كايد فإحمر لونه غضبا : " دعها يا غوميز ! لا علاقة لها بالموضوع ، انت تريدني ". وحاول الإقتراب منهما ، فتشنّجت يد غوميز على السكين ، واحسّت كاريسا بالنصل البارد يلامس عنقها مهددا. توقف كايد في مكانه ، وقد شحب وجهه ، وتألقت عيناه ببريق خطر. " لو أصبتها بسوء ، بأي طريقة ، يا غوميز ، لن أسلمك الى رجال الشرطة ، سأقتلك بيدي بدون رحمة ". " إنها فتاتك ، أليس كذلك؟". سال الرجل وهو يحمل كلماته معان خفية ، جعلت كايد يضطرب قلقا : " هي مجرد فتاة ، إتركها يا غوميز ، قلت لك لا علاقة لها بما هو عالق بيني وبينك ، هذا كل شيء ". وأحست كاريسا بحرارة انفاس غوميز تلسع خدها وهو يقول : " اعتقد أنها فتاتك ". وتدخّلت كاريسا لتقول : " لا يا سيد غوميز ، كان يعتقد انني اساعدك ". منتديات ليلاس وأحست للحظة أنه ارخى قبضته عنها ، لكنها لم تستطع إستغلال الفرصة لأنه عاد الى الإمساك بها بقوة . وتساءلت عما إذا كان المفتش قد تعمّد السماح له بدخول الشقة ، ام أنه تمكّن من التسلل بينهم ، إن كانوا يعرفون انه هنا ، لا بد وأنهم سياتون بعد قليل . وسال الرجل كايد بسخرية : " ولماذا تقدم على مساعدتي ؟". " لأنها أيضا تكرهني ". اضاف كايد بهدوء ، قبل ان يتابع : " دعها تذهب ". " لا بد أنك تعتقد بانني ساذج ، رايتك معها عند البحيرة ". وهنا تدخّل موريس للمرة الأولى : " إنها تعمل معي ، لم تكن فكرتها ان ترافق كايد ... ولا فكرته ". وعندما لم يجب غوميز ، قال كايد : " جئت كي تصفّي حسابك معي ، كف إذن عن الإختباء وراء إمرأة ". " انا لا اختبىء". " إذن تحاول إستغلالها كما فعلت مع كارلوتا ". وتصلّبت الذراع التي تلف عنق كاريسا ، وأحست الفتاة بالرجل يلهث غاضبا. وتابع كايد حديثه بهدوء : " إنت إستعملت زوجتك اليس كذلك يا غوميز ؟ أنت الذي أرسلتها الي ... ارسلتها لتبيع جسمها الجميل .... لأنك...". وصرخ الرجل كحيوان يمزقه الغضب واللم ، ثم دفع كاريسا جانبا وهجم على كايد. ركض موريس قبل ان يصل الرجل الى كايد ، وضرب برجله اليد التي كانت تحمل السكين ، فصرخ كايد محذرا : " لا تتدخّل يا موريس ، الرجل يريدني أنا". تمكن كايد بإنحناءة سريعة من تجنب النصل الذي إقترب منه بسرعة مخيفة ، ثم امسك بيدي غوميز وبحركة واحدة طرحه ارضا ، وتحرّك كايد مجددا ، بخفة مفاجئة ، ليسحب السكين من غوميز الذي إستفاق من ذهوله ليحدق بكره في عيني كايد وأخيرا قال كايد بهدوء: " والان إنهض يا غوميز ببطء... انت وأنا سنتحدث". كان أحد ما يطرق بعنف على الباب الخارجي ، اراد موريس أن يفتح الباب فقال له كايد : " قل للمفتش أن كل شيء على ما يرام ، ولا تفتح الباب لأحد ". ثم نظر الى غوميز الذي حاول الوقوف وهو ما يزال يحدق بالسكين في يد كايد: " هيا الى الغرفة الثانية. وكانت مشادّة عنيفة تجري في الخارج بين المفتش موريس ، لكن كايد أكّد مرة اخرى : " قل له ، أنه لا يحق لأحد منهم بالدخول بدون مذكرة تفتيش ". وأضاف بلهجة آمرة: " ولو خطر لهم خلع الباب ، سألاحقهم قانونيا بتهمة الضرر وإقتحام املاك شخصية ، وهذا سيكلف المفتش عمله ". واشار كايد الى غوميز بالجلوس ، وجلس هو على المقعد المقابل ووضعت كاريسا رداء سميكا فوق ثوب النوم ، ووقفت على باب الغرفة تشد اصابعها لا شعوريا على القماش. وبدون ان يرفع عينيه عن غوميز سالها كايد : " هل أنت بخير يا كاريسا؟". " نعم ". كانت تأمل بان لا يطلب منها الإبتعاد عن الغرفة ، غوميز كان يبدو هادئا في تلك اللحظة ، لكن النظرات الحادّة التي كان يرميها بين حين وآخر على السكين في يد كايد ، جعلتها تتأكد من أنه ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض على خصمه وإنهاء ما اتى من أجله ، وقال موريس : " يقولون أن بحوزتهم مذكرة تفتيش ، وإذا لم تفتح الباب سيلاحقوننا لأننا نخبىء مجرما ! ". وتدخلت كاريسا لتقول راجية : " كايد ، ارجوك دعهم ياخذونه". " لا ، إطلب منهم يا موريس أن يتركوا لي نصف ساعة". |
وإشتد القرع على الباب فوعدهم موريس بفتحه بعد نصف ساعة ، وقال كايد :
" موريس ، إن كنت ترغب بمغادرة الغرفة، إفعل ذلك ، الأمر يعود لك ". وهز موريس راسه بالنفي ، فإلتفت كايد الى كاريسا : " كاريسا ؟". " سابقى هنا ! ". وعاد كايد يركز إهتمامه على غوميز : " هل ترغب بسيكارة ؟". وهز غوميز رأسه بالنفي فتابع كايد حديثه قائلا : " آسف لما قلته عن زوجتك ، كانت الطريقة الوحيدة لأجعلك تترك الفتاة وتهاجمني ، زوجتك جاءت برغبتها ل ...". وقاطعه سيل من الشتائم إنهال عليه من غوميز ، ظل كايد ساكنا لا ينم وجهه عن أي شيء ، إنتظر ان ينتهي الرجل من شتائمه حتى يتابع حديثه : " والآن إسكت وإسمعني ". قالها بحدة فاجأت غوميز : " إسمع يا غوميز ، أنت تسيء الى ذكرى زوجتك ، لم ألمسها ابدا وعليك ان تخجل من نفسك لمجرد التفكير بهذا الأمر الشائن ، هي لم تخن كابدا ، كانت تحبك ، ولذا جاءتني لتطلب مبلغا من المال..". وقاطعه غوميز غاضبا : " وكنت أنت ستعطيها المال بدون مقابل اليس كذلك ؟ رأيت الشيك الذي كانت تحمله في حقيبتها عند وفاتها ، آلاف الدولارات ! دفعت لها ثمن خيانتها ، اليس كذلك ؟". وإنحنى كايد الى الأمام : " لا ، انا اعرف كارلوتا منذ كانت طفلة ، كانت صديقة لشقيقتي ، وإنقطع لاحقا الإتصال بها .... وبشقيقتي ، لكن إسمي كان دائما على صفحات الجرائد ، ولذا عرفت اين تجدني ، جاءت لتخبرني أنها بحاجة ماسة الى المال ، الكثير منه ، لتترك البلد وتبدأ حياتها مجددا في مدينة أخرى ، معك ومع إبنتكما ، كانت خائفة عليك يا غوميز ، وتخشى ان ترغمك العصابة على العمل معها مجددا ، فيصبح والد إبنتها مجرما ، فيلقي رجال الشرطة القبض عليك وتنتهي أيامك في السجن ، وكنت انا المصدر الوحيد الذي فكرت به للحصول على كمية المال التي كانت بحاجة اليها. " وأنت اعطيتها المال هكذا ، بدون مقابل ؟ هل تتوقّع مني أن أصدق ذلك ؟ ومن ثم ماذا كانت تفعل في سيارتك عندما حدث الإصطدام الذي أودى بحياتها؟". " كانت حادثة مروعة ، السائق الآخر كان مترنحا وهو يقود سيارته بسرعة ولم يستطع ان يسيطر على المقود عند المنعطف فإصطدم بي ، لا بد ان البوليس أخبرك ...". " البوليس ! إنهم يحمون الرجال الأغنياء ؟ هل قتلتها عن عمد ؟ هل كتبت الشيك وقتلتها حتى لا تعيش لصرفه ؟". " لا تكن مجنونا ، كدت أقتل انا ومدير اعمالي في الحادث ، كانت كارلوتا تجلس في المقعد الأمامي ولذا اصيبت بجراح بالغة ، أنا آسف جدا ،لكنني لا استطيع أن أعيدها الى الحياة ، لا أحد يستطيع ". وأمسكت كاريسا انفاسها وهي ترى حجم العذاب الذي إرتسم على وجه غوميز وهو يرفع نظره الى كايد ، وتابع كايد حديثه بلطف : " أوصلتها الى البيت .... اليك ، كنت في طريقي الى تسجيل إحد الحفلات ، فرأيت أنه من الأفضل ان أوصلها بنفسي ، كانت تنوي أن تاخذ إبنتك ، لتذهب اليك فورا وتخبرك بالأخبار الجيدة... حياة جديدة لكم جميعا ، أنا آسف....". وظل الرجل صامتا وكأنه يجد صعوبة في تصديق ما يسمع ، وأضاف كايد مؤكدا: " صدقني ، اقسم بأن ما أقوله صحيحا كارلوتا جاءت تطلب مني المساعدة بإسم الصداقة القديمة، وأنا لم أردها خائبة، لم تعطني مقابل ذلك إلا إمتنانها". وتمتم غوميز : " لماذا ؟ لماذا قدّمت لها كل هذه المساعدة؟". وتردّد كايد قليلا قبل أن يقول: " لأنها كانت مرة صديقة شقيقتي ، لم أعد أعرف شيئا عن شقيقتي منذ هربت من المنزل وهي لا تتجاوز الثالثة عشرة من العمر ، ربما مات ، لا اعرف ، كافحت طويلا لأبني لنفسي إسما ومركزا من أجل شقيقتي الصغيرة ، وانا أعرف يا غوميز أنها ... لو كانت حية ، كانت ستصر على أن أساعد كارلوتا ،هذا هو السبب الوحيد". كان غوميز يهز راسه يمينا ويسارا ، لكن النظرة في عينيه بدت اكثر لينا ، وأقل رفضا رغم قوله: " لا ، لا استطيع أن أصدق". " هل تفضل أن تفكر بأن زوجتك كانت تبيع نفسها لمن يدفع أكثر ". وقفز الرجل من مكانه ليهجم على كايد ، لكن هذا الأخير كان مستعدا ايضا ، فتجنبه بسرعة وهو ما يزال ممسكا بالسكين في يده ، وبعفوية إقتربت كاريسا من كايد وكأنها تريد حمايته ، وعندما رات الرجلين يحدقان ببعضهما قالت بصوت مرتعش: " أرجوك يا سيد غوميز ، الا ترى أنه يخبرك الحقيقة ؟ كنت تحب زوجتك ولا يمكنك ان تصدق أنها يمكن ان تخونك ، أنت تشعر بالألم والغضب لأنها ماتت ، لكن الغضب لن يفيدك شيئا ، لم تكن غلطة كايد ، ولم تكن غلطتك ، لا يمكننا ان نلوم أحدا يا سيد غوميز". ونظر اليها كأنه يراها للمرة الأولى ، وأخفى وجهه بين يديه وسقط على المقعد ليبكي بحرقة وهو يشهق: " أعرف..... أعرف......أعرف....". ورمى كايد بالسكين على طاولة قريبة ، فلم ينظر اليها غوميز ولا حتى لحظة واحدة ، إقتربت منه كاريسا ، وركعت بجانب مقعده وهي تضع يديها على ركبتيه ، أمسك بهما وأخذ يضغط بقوة على أصابعها ، ناظرا اليها بالم وكانه يحاول أن يشرح لها شيئا مهما : " كانت جميلة جدا زوجتي كارلوتا... هي أجمل من أن تكون جثة هامدة". وهمست كاريسا : " آسفة". |
وبلعت ريقها وهي تشعر بغصة كبيرة للعذاب المرتسم في عينيه :
" إبنتك الصغيرة هل... هل تشبهها؟". وهزراسه بالإيجاب ، وللحظة إختفى اللم من عينيه وهو يقول: " ريتا... نعم ، إنها تشبه والدتها ، لو تعرفين كم تفتقد أمها ؟". " لا بد أنها تفتقدك ايضا ، أليس المفروض بك أن تعود اليها الآن ؟ كارلوتا لا بد تريدك ان تبقى قرب إبنتها لتعوّضها حنان أمها ، اليس كذلك ؟". " نعم ، كم كنت مجنونا ، أظن أن الطفلة ستكون على ما يرام مع جدتها ... حتى أخرج من السجن". وأخذ نفسا عميقا قبل ان يقول لكايد : " اعتقد انه من الأفضل أن تفتح الباب الان ". وإلتفت كايد الى موريس: " إفتح الباب يا موريس ، وقل للمفتش أن السيد غوميز يرغب بالتحدث اليه". وعندما دخل المفتش دهش للهدوء المخيم عليها ، وعندما سلم كايد مذكرة التفتيش سال الاخير : " هل استطيع ان أسال على أي اساس تريد إلقاء القبض على صديقي غوميز ؟". " صديقك؟". صرخ المفتش بدهشة ، فقال كايد : " كان عليّ ان أوضح لك يا سيدي المفتش أن غوميز جاء الى شقتي بناء على دعوتي". قال كايد ببطء ، فلم يتمالك المفتش أعصابه: " دعوتك ؟ وهل يتسلّل أصدقاؤك عادة من النافذة وهم يحملون سكينا؟". " هل تقصد هذه؟". ورفع كايد السكين بلا مبالاة ظاهرة ، وأخذ يلهو بها. " هذه السكين ملكي يا سيادة المفتش ، هدية من صديق ، ستجد بصمات أصابعي عليها إن كنت تريد التأكد من ذلك ". قاطعه المفتش بغضب: " هل أفهم من ذلك أنك لا تريد رفع دعوى على السيد غوميز بمحاولة قتلك؟". " محاولة قتل ؟ إنها تهمة كبيرة يا حضرة المفتش ، انا لن أجرؤ على إتهام أي شخص بهذا ، ما دمت لا أملك الأدلة الكافية على ذلك ". " ولا انا يا سيد فرانكلين ، عندي شهود يؤكدون أنهم سمعوا طلقات الرصاص". " أنا لم اصب باي رصاصة كما ترى ، والمركب أيضا ليس عليه أي اثر للنار ". " ورأوا الرجل ايضا يحاول الفرار منك ومن مرافقيك ". "كم واحد منهم رأى وجه الرجل ؟ للأسف يا حضرة المفتش لم نتمكن من اللحاق به ، تلاشى في الهواء ، لا بد انه احد صيادي البط الحمقى الذين لا يعرفون كيف يستخدمون بنادقهم". " أستطيع أن أستدعيك قانونيا للشهادة يا سيد فرناند ، وصديقك أيضا؟". " اعرف ، لكنك ستجدني شاهدا سلبيا ، لن تنفعك شهادته في شيء ، ومن جهة أخرى تجد السيد غوميز في غاية التعاون فيما يختص بمسالة في غاية الأهمية تعني زملاء لك في ولاية اخرى ، للسيد غوميز إبنة صغيرة يريد أن يبعد عنها أذى بعض الأشخاص الذين تلاحقهم العدالة ، آه ... تذكرت شيئا !". وإلتفت الى غوميز الواقف بين شرطيين ليقول : " لم تستخدم المال الذي أعرتك إياه سابقا ، ولذا ارجو ان تقبل مني هذا المبلغ لا ترفض ، أرجوك.... من اجل طفلتك الصغيرة، وحتى تتمكن من نقلها الى ولاية أخرى ، اكون سعيدا لو قبلت ... من اجل شقيقتي ايضا ". " شكرا لك ". وسال المفتش بشك : " شقيقتك؟ اكانت زوجة غوميز شقيقتك ؟". " لا إستنتاجك السريع خاطىء تماما". وعاد يلتفت الى غوميز ليتابع : " اتمنى لو كانت شقيقتي ، كنت سأكون شديد الفخر بها ". وأحست كاريسا بذوبان آخر اثر للشك من عيني غوميز ، الذي خرج برفقة رجال الشرطة ". وعندما خلت الغرفة تماما ، ألقى موريس جسمه على أقرب مقعد وتنهد إرتياحا. أحست كاريسا انها هي أيضا عاجزة عن الوقوف فجلست تفكر بكل ما جرى ، وسادت لحظات صمت ثقيلة قطعها كايد قائلا : " كاريسا ، هل أنت بخير ؟". " نعم ، شكرا". وأمسك كايد بالسكين ، فلمع نصلها في الضوء مما جعل كاريسا تعلق بصوت مرتعش : " كف عن اللعب بهذا الشيء يا كايد ! ". "آسف ". وأعاد السكين الى مكانها قائلا : " هل تعرفين أن غوميز لم يكن ليؤذيك ، هو ليس مجرما في اعماقه ". " كنت في غاية التعاطف معه ، أليس كذلك ؟". قالت ذلك وهي تتذكّر تأكيده لها بانه لم يكن في يوم من الأيام رقيق الشعور ". نظر اليها بحدّة قبل أن يقول : " لا اريد الخوض في هذا الحديث الآن ، انا بحاجة الى النوم". تثاءب موريس : " وأنا ايضا ! ". وغادر الغرفة مسرعا ، أما كايد فظلّ جالسا في مكانه ، وهو يلهو بالسكين. وسالته كاريسا بحدة: " هل تريد الإحتفاظ بها كذكرى ". " ربما ". ونظر اليها وهي تنهض لتذهب الى غرفة نومها : " آسف يا كاريسا لأنني لم أثق بك ، كنت اريد ذلك بشدة لكن..". " أعرف انك لا تثق بأحد.... خاصة أنا ". إستيقظت متأخرة صباح اليوم التالي وهي تشعر بإنقباض وتوتر ، صحيح ان القضية إنتهت على خير ، وأن عليها أن تشعر بالإرتياح لذلك ، إلا أنها لم تكن تستطيع منع نفسها من التفكير برحيل كايد الوشيك ، ايام قليلة وستنضم الى لائحة الفتيات اللواتي احبهن قليلا ثم تركهن. وحاولت أن تستنجد بكرامتها لتقنع نفسها انها سعيدة لأنه لم يتمكن هذه المرة من الحصول على ما يريد ، وأنها خرجت منتصرة من المعركة التي واجهها بها لكن... إن كانت تعتبر ما حققته إنتصارا ، لماذا تشعر إذن بكل هذه الكآبة ، وكل هذا الفراغ. |
الساعة الآن 10:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية