لم تسمع من قبل صوتاً مشبعاً بهذا القدر من الازدراء :
- سأقدر قدراتك بنفسي ، و ان كنت لم تتمكني بسبب طيش عابر في الماضي ، من ايجاد عمل في مكان اخر ، فهنا ، في قصر كالدونيان لن تجدي الفرصة لارتكاب اي هفوة . و اذا اغوتك نفسك بالفرار ببعض فضيات العائلة فستعتقلين قبل ان تصلي الحدود . و اذا ، و هذا يبدو اكثر احتمالاً ، كان الطيش من الجنس الآخر هو سبب سقوطك ، فمن الصعب ان تجدي بديلاً تزدهر عليه اهتمامتك . تملكها غضب لا يوصف ، فوقفت بحدة صائحة : - كيف تجرؤ على هذا الكلام ! بدا سئماً و هو يرد ببرود : - اوه .. بل اجرؤ .. هل تنكرين عجزك عن احضار توصية من رب عملك السابق ؟ فتشت في عقلها بجنون عن كلمات تهشم فيها غرور هذا المتعجرف الذي يتمتع بإذلالها . و لكن ما العمل ؟ فلو اتصلت بالسير دوغلاس طلباً لتوصية شفهية لتلقت منه اسئلة لن تنتهي و لن تتمكن من الرد عليها . نعم هي تملك شهادات كثيرة و لكن ان قدمتها له الآن اثارت شكوكه .. فما هو الرد الذي تقدمه على هذا التحدي ، و السؤال الحتمي هو ما الذي يدفع سكرتيرة تملك هذه المؤهلات الى التقدم لوظيفة من الدرجة الثالثة في غابات اسكتلندة النائية ؟ .. ما عليها سوى ان تبتلع ريقها و معها كرامتها و تهمس : - لا .. لا انكر . . . منتديات ليلاس كانت تعتقد ان صوته بارد ، حتى قال لها آمراً ، فخطف الجليد انفاسها : - بإمكانك البدء بشهر تجربة منذ صباح الغد .. سأرن الجرس لأليس لترشدك الى غرفتك .. اظنك فعلت ما نصحتك به ، و احضرت معك ما يخولك الإقامة هنا فترة قصيرة ؟ بدا كلامه وكأنه يظن ان الشهر اكثر من كاف ، و عند هذه النقطة وافقته . انها حتى الآن لم ترسم خطة للأنتقام بعد. فقد تقدمت للوظيفة بتهور و غضب ، و لم تدرس الأمر ملياً فكل تفكيرها انصب علي ان تكون قريبة من المركيز لتسنح لها فرصة الانتقام و ما زالت تتعلق بهذا الأمل ، خاصة بعدما اكتشفت بنفسها الى اي درجة مقيت هذا الرجل و عليه و مهما كلفها الأمر ستجعل " الطاعون الأسود " يجثو امامها . و لكن الفكرة لم تكد تتجسد حتى تحرك المركيز لاول مرة امامها . كان هناك حبل جرس قديم الطراز تدلى علي بعد ياردات منه . عندما تقدم منه ، تجمدت نظراتها ، فقد لاحظت بإشفاق غريزي حاد ، ان لديه عرجاً مؤكداً و هذا الاكتشاف آلمها في الواقع .. كان الألم يشبه ذهولاً و صدمة احست بها مرة في حديقة حيوان في لندن عندما رات منظر ذكر اوز مكسور الجناح . لم تدرك انها تحدق اليه الا حين ايقظتها لهجته القاطعة : - اجل آنسة هارفشام .. كما ترين .. انا عاجز . و الآن تفهمين لماذا قلت انني افضل توظيف الرجال ؟ اذا كنت تعتمدين على اضافة جلدة رأسي الى حزامك ، فلا شك انك الآن تعدين التفكير . حطمت سخريته اللاذعة آخر حاجز لاذت به للسيطرة على نفسها ، فتطايرت الشفقة و عينين غاضبتين و صاحت : - يبدو لي انك عليل العقل اضافة الى اعتلال الجسد لورد كالدونيان . ان عدم قدرتك على تحمل المرض هو بحد ذاته مرضاً . |
اصبح وجهه عاصفاً :
- يا الهي ! هل انا مضطر الى المعاناة من التزمت شهراً ؟ انما عتقد ان عليّ ان اكون ممتناً لانك منحتني الشفقة و الافكار المريحة ! فأنا رب عملك الكاره توظيفك آنسة هافرشام ، و انت اليائسة الى العمل . قد يظن المرء ان عليك الحفاظ على لسان متمدن ، ام ان ما اسمعه هو التقليد القديم العهد الذي يقتضي ان تصارع المراة الرجل ؟ اتحاولين العبث بطريقة ما و التدلل لانك رشيقة خفيفة الحركة فيما انا عاجز ؟ احذرك من البداية ، انني رغم حالتي المنفرة اجدك غير جذابة .. و احذرك من اشياء قد ترتكبينها فقد تعمدين الى اثارتي و سأبدل بعدم اهتمام ، لكن هذا التصرف قد يؤدي الى تبدل التصرفات . ترى كيف ستتصرفين عندما تتبدل الأمور ؟ في الواقع لست بحاجة الى التساؤل ، فأنت بطبعك النسائي الغادر ستنكرين انك تقودينني الى شئ و ستقسمين بأن العبث هو آخر ما يرد في ذهنك . ثم ربما تنفجرين بالبكاء متهاوية ، تنتحبين مجاهرة الاحتشام و الطهارة . لذلك ، و قبل ان تسلكي هذا الطريق آنسة هافرشام ، انصحك بالحذر ، و اذكرك ان المساواة بين الجنسين في هذه الايام ، تميل الي ادانة المرأة لانها تقوم بالإغواء و لا تلقي العبء على الرجل لانه يستجيب . منتديات ليلاس تصاعدت كراهية رواينا الغاضبة حتي راحت ترى وجهها عبر غلالة من لهيب .. و بحثت بجنون عن كلمات تجرحه فيها ، عن خناجر لفظية حادة تهشم بها كبرياءه كما هشم كبرياءها . حاولت التكلم مرة ، مرتين ، ثلاث مرات و في كل مرة منعها الغضب الذي خنق الكلمات في حنجرتها . اما هو فلاحظ عذابها و بدا مسروراً به ، كان وجهه القاسي يبدو مظلماً امام وجهه الشاحب القاسي قساوة الصخور و كانت عيناه ساخرتين ، و فمه غير متسامح . و لكنه كان حساساً من عجزه و هذا سلاح وضعه بنفسه بين يديها . و استخدمته .. و قد اعماها الغضب عن الاهتمام بما ستكون النتيجة ، فهي لا تريد سوى الانتقام لمشاعرها المهانة ، و الهدف انتزاع هذه البسمة عن وجهه . - انت تكره بنات جنسي جميعهن لورد كالدونيان . و لكن هل كرهك لهن مجرد واجهة ؟ فأنت رغم إرادتك الحديدية ، و الكراهية الزائفة التي تدعيها للنساء ، تحس في الواقع بأنك مخدوع ، محبط ، مربوط بقيود من العفة فرضتها على نفسك بنفسك ؟ ضحكت بصوت بارد حاد اجفلها . . و اضافت : -اذا كانت هذه هي حقاً المسالة ، فأنت فعلاً اهل للشفقة . . هذه انا .. شابة جذابة ربما عليك القبول بها سكرتيرة لك . . . ما هذه المفارقة ! يبدو انني بالنسبة لك هدية لوز لرجل لا اسنان له ! نهاية الفصل الثالث |
اقتباس:
لا.... أوعى العفو دهـ أنا اللى بعتذر منك على ألحاحى بس والله الرواية حلوة و من جمالها كنت لحوحة أنا أســــــــــــــفـــــــــــــــة ع |
اقتباس:
كلك اخلاق وذووق .. زهوري شاكرة تفهمك وماتعتذري انت كمان .. وودي وحبي لك |
4 - لعنة الساحرة
بعد اسبوع على هذه الاحداث ، فوجئت راوينا ، لأنها وجدت نفسها ما تزال موظفة عند المركيز ، فبعد انفجارها الغاضب المتهور الذي ندمت عليه فيما بعد ،توقعت ان يتخلص منها في الصباح التالي و لكن لسبب حيرها سمح لها بالبقاء . كانت أليس تردد اماها مثلاً مأثوراً يقول : هناك اكثر من طريقة لسلخ القطة ! و لقد فسرت راوينا هذا التعبير على ان هناك طرقاً مختلفة لاتمام اي عمل و فيما يختص بالقصاص ثمة طرق كثيرة لتنفيذ و المركيز يعرفها كلها . ظلت اسبوعاً كاملاً تواجه معركة ارادات فمن جهته مال لدفعها الى العمل حتى الاعياء و من جهتهتا صممت الا يشعر بالرضى عندما يسمع كلمة احتجاج تقولها . صبيحة يوم الاثنين تبعت طيفه المتهجم الى مكتبه و هناك اشار الى طاولة مكدسات بالملفات : فواتير ، ايصالات ، كشوفات حساب و آلة تسجيل تحتوي شريطاً طافحاً بالرسائل ، هذا عدا شريطين آخرين حافلين ايضاً بالرسائل كانا قرب الآلة. رمى لها دفتر عناوين امام الآلة الطابعة ، ثم دخل غرفة مكتب مجاور ، قائلاً بإبتسامة مخادعة خبيثة : - نادني ان احتجت شيئاً . ولقد احتاجت و لكنها لم تناده. كافحت لتفك رموز عمل لم تعتد عليه فامعنت النظر و الدراسة لئلا يجد سبيلاً الى اي شكوي . قضت الأيام الاولي محبطة احباطاً تاماً لكنها تدرجياً راحت تحمل اليه اكواماً من البريد الجاهز و كانت في كل مرة تعود دون ان يقول لها كلمة تقدير و دون ان يشكو ان عملها ،وما ان حل يوم الجمعة حتى وجدت انها بدأت تتمتع بمهارتها في انجاز هذا العمل الصعب و ما عزز غرورها كسبها جميع الجولات في هذه المعركة . منتديات ليلاس في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة الحار الرطب دخل مكتبتها يعرج . . فحضرت نفسها تلقائياً للمعركة و راحت تنظر الى جسده البرونزي المفتول العضلات التي برزت تحت قميص من الحرير مفتوح الياقة . نظرت اليه بعيني قطة مرتابة و لكن فروها عاد الى نعومته عندما سمعته يقول : - توقفي عن العمل اليوم فالطقس اللعين حار جداً، ثم يبدو انك قد انهيت معظم العمل المتاخر . كانت جملة متكلفة ولكنها تكاد ان تكون تقديراً ! الاان قوله هذا لم يمنعها من الرفض الذي قصدت منه الأساءة و العناد. - سأكمل العمل فترة اخرى . . . هناك ... - بالله عليك ! وفري عليك هذا التظاهر الانوثي بالتضحية و افعلي ما اقول ! ضعي الغطاء على الآلة الكاتبة و اذهبي .. الآن ! هبت على قدميها واقفة بخوف مخز و لكن ذلك لم يمنعها من رفع رأسها بشموخ قبل ان تخرج لتواجه ابنسامات رجال كانو يعملون قريباً بحيث استطاعوا سماع اوامر السيد ترن عبر نوافذ المكتب المفتوحة و لكن الابتسامات كانت ابتسامات اشفاق كما اكتشفت فحين مرت بجماعة تنشر الاخشاب قال احدهم و هو المسؤول : - لو سلكت هذا الطريق آنسة وصلت الى سقيفة صيفية تطل على شلال.. و هي ابرد منطقة في الاملاك كلها اؤكد لك . |
الساعة الآن 02:46 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية