الجزء الخامس و العشرون : * * * بعض الوجوه تشبهنا عندما تلبس الأقنعة و بعض الأقنعة تغشنا عندما تفرج عن دمعة ! * * * على هوية كنت أبحث و لتلاشي ذهبت بملأ إرادتي .. تلاشيت من حياتهم من دون أن يكترثوا , لم يلتفت أحد للبحث عني كأني كنت طفيلية فروا من حولها عندما تشبثت واهمة بغيرهم .. كنت أعتقد باني سوف أكون بقربها الأسعد لكن دموعي تغرق وسادتي كل ليلة لأصبح الأتعس ! * * * أنفال : ديمة و صمخ أكلمج .. ديمة تنتبه من أفكارها : نعم .. أنفال : الله ينعم عليج .. أقولج تروحين معاي لهند . ديمة : عشان يطلع بوجهنا حماها و يعطينا نظرة احتقار مثل هذيك المره . أنفال بغضب : خليه يولي هو و وجه المغبر .. يله بس أمشي معاي ديمة : خليها مره ثانيه , أنا اليوم بزور أبوي . أنفال بإصرار : أقول بس أمشي معاي .. خالي هذا هو كل أسبوع يجي يزورج ماله معنى تروحين و تشوفين ردينة و تنغثين . ديمة بعد تردد : مو أنا لازم أروح .. برد خاتم فينوس و مسياح عذبي و ساعة أصيل .. أنفال بجزع : أنتِ مو حلفتي لي انج تبتي !! ديمة بحزن : تبت بس .. أنا أخذتهم ذكرى بس بعدين فكرت أني أخذتهم بدون اذن يعني اللي سويته سرقة .. بس أحلف لج مو قصدي .. أنفال بغضب : أنا مدري ليش شاغله نفسج فيهم .. هذا أنتِ صار لج شهرين هني و محد طل منهم أو تصل عليج .. * * * جرحتني أنفال و هي تقصد مؤازرتي , نعم أنا أكترث لهم و أبحث عن كل ما يتعلق بهم , أحبهم من دون أي ذكرى تثير مشاعر الأخوة في عروقي , أشتاق لهم رغم غيابهم الذي اعتدته و أنا معهم أما أمي لم أجد في قربها مواساة , أنا وهي أعتدنا على التواصل عبر المسافات , لم تتأقلم هي على وجودي و لم أتأقلم أنا مع حقيقة تواجدها الدائم بقربي ! أي جنون يعصف بعقلي و يطيح بأعمدة قلبي ! * * ضحكاتهم تتسلل إلى مسامعي و أنا أقترب لتلصص عليهم , كل منهم يحاول أن يلفت انتباهها و يحوز على إعجابها .. فاطمة تمد رسوماتها التي تزهو بكل لون حتى تكاد تلصقها بوجه وصايف المشرقة , أما الرجل الصغير عبد الله يمسك بكفها و يشد عليها حتى تنتبه لما يروي عليها من مغامرات شهدها في مخيم الكشافة , و الصغيرة ردينه ليست ببعيدة عن المنافسة فهي تجلس بأحضان والدتها و تحاصر وجهها بكفيها الصغيرتين لتأسر انتباهها بابتسامة تذيب قلب أعتا الجبابرة .. أطفالي عادوا لأحضان والدتهم و أصبحت هي كل عالمهم , و هذا يكفي ليدحض كل المشاعر السلبية التي تراكمت في صدري خلال الشهر المنصرم , كنت حتى هذا الصباح أؤنب نفسي و أحاسبها و أردد في نفسي ما الذي استفدتُ من تهوري و الإعلان عن مشاعري و الرضوخ لتهديد ساري ! .. وصايف هي السبب بكل ما أنا عليه من تناقض ! منذ أن جررتها حرفيا لهذا المنزل و هي تظهر لي وجه آخر لم أعرفه عنها من قبل , وصايف اتخذت مسارا جديد بتعامل معي لم تتبعه من قبل و هو التجاهل ! .. تتجاهل وجودي و لا تنتبه لحديثي و لا ترضخ لي عندما أطلبها ... و إلى أين تريد أن تصل ؟ .. أين تريد وصايف أن تذهب بعلاقتنا ؟ ...هذا ما أريد أن أعرف جوابه قبل أن أفقد ما تبقى من صوابي .. * * * يحاصرونني من كل اتجاه لأجد قلبي مفعم بنشاط , كم كنت محرومة من غير إدراك .. لم استشعر أهميتهم من قبل في حياتي , كنت أمحور وجودي حول و الدهم و أعتقد أن وجودهم تحصيل حاصل , بل عندما تعمقت في نبش أعماقي وجدت أن سبب ولادتي لهم أناني ! كنت أنجبهم لكل الأسباب التي لا تتعلق بمشاعر الأمومة .. أردت لمولودي الأول أن يكون صك ملكية لارتباط أبدي با عذبي و مولودتي الثانية أردتها وسيلة لتواصل قصرا بعذبي الذي فقد اهتمامه بي كا أنثى , أما طفلتي الأخيرة كانت آخر محاولة لمنتحر و حبل نجاة ألفه على عنقه حتى لا أفقده إلى لأبد ! كنت أنجبهم و أمضي له .. لم أكن أرى ابتساماتهم و أسعى لأي إيماءة منه و لو كانت عبوسا ! لم أكن أستنشق رائحة الطهر بهم و تترصد حاسة شمي أي رائحة لأنثى تهدد علاقتي به ! لم أكن واعية لعلاقتي الأبدية معهم و مشغولة ببناء علاقة لم يكفي وجودهم لتثبيت دعائمها .. كنت متعبة و مشوشة و مستهلكة لأقصى حدود العاطفة والآن كل ما أريده هو استراحة لنقاهة أرتب بها أولوياتي و أفرز مشاعري على حسب الأهمية ! .. هذا كان جوابي عن تساؤلاته الأنانية , تلك التساؤلات التي تعكس نرجسيته , و لا يمكن أن ألقي عليه اللوم كلياً فا أنا من عمقت به الشعور با الأهمية.. و با الأمس فاض به الكيل ! .. برغم أن سلوكي الجديد الذي رجعت به لم يمضي عليه أكثر من شهرين إلا أنه لم يطق هذا الشعور الجديد الذي لم يعتده مني و اتهمني فورا بتجاهله , لأبتسم متهكمة سرا فقد رأيت نفسي بسلوكه الجديد و كأن الأمور أصبحت معكوسة , إذا هكذا كنت مثيرة لشفقة و أنا أطلب اهتمامه لسنوات و هو يتمنع متعمدا معيدا حساباته ! * * * عذبي بعد أن أمر المربيات بأخذ الأطفال : فكرتي با للي طلبته منج أمس ؟ وصايف تجمع ما ترك أطفالها : يا ولد خالي ما تغير شي من أمس لين اليوم .. عذبي يوقف عملها ليحاصر وجهها بين كفيه : بلاها هذي ولد خالي .. قولي عذبي .. حبيبج عذبي .. و إلا نسيتي أسمي ؟ وصايف تتخلص من حصاره : يا عذبي يا ولد خالي و أبو عيالي , أنا قلت لك أمس أنا منجرحة منك و تعبانه و أحتاج وقت , و بعدين حنا ردينا لبعض بظرف مو عادي , أنا للحين مو قادرة أكلم أبوي ولا ساري . عذبي محاولا أقناعها : لا دخلين المواضيع مع بعض , خلينا أول نبدي بعلاقتنا لأنها الأهم .. وصايف تتفحص وجهه و تحاول أن تخمد الغضب : علاقتي في أبوي و اخوي مهمة .. عذبي يتدارك خطأه : أنا ما قلت مو مهمة , بس أقصد أنا و أنتِ موجودين في نفس المكان و الموقف و فيه فرصة قدامنا لازم نستغلها و ما نأجلها لأي سبب و علاقتج في أبوج و ساري الوقت بيحلها لان مو معقول أبوج و أخوج بيكرهونج للأبد وصايف تنطلق با غضب : لو أنت وضحت موقفي و ما خليتني قدام الكل مشاركة لك جان ما كان في سوء فهم و قطيعة بيني و بين عزوتي .. عذبي يحاوطها بذراعيه ليضمها لصدره رافضا أن تجره لمعركة أخرى يتبادلان فيها الاتهامات : حقج علي و أنا لج عزوة و سند , و ساري خليه علي أنا بحل الموضوع معاه و بخليه يقنع أبوج . * * * كنت كا وطن هجرها أشجع فرسانها عندما ظن أنها أصبحت هي العدو ! .. و عذبي هو الفارس الذي عاد عندما أدرك خطأه .. تركته يطرق على مسامعي ما كنت أتسوله لسنوات و أطلقت العنان لحزني ساكبة دموعي على صدره لعلي أفرغ الخذلان الذي اختزلته لتتشرب بها عروقه التي حاولت أن تطرد نبضي من صدره .. و من ثم بكل جبن هربت بمشاعري كما كان يهرب مني عندما أهمس له " أحبك " ... * * * نهرت نفسي عن التراجع وراء المكابرة و تبعتها حتى لا اسمح لها و لا لنفسي بكسر آخر ما تبقى في علاقتنا .. * * * عذبي يمسك الباب قبل أن تغلقه خلفها : هذا مو حل .. لان كل باب بتسكرينه بيكبر المسافة بينا .. وصايف تأخذ دقائق لتستعيد أنفاسها و تمسح دموعها التي أغرقت صفحة خدها : لقفيت تبعتك و لوقفت رجعت لي .. يمكن هذي دعوة علي .. عذبي الذي أستفزه ذكر علي : شجاب ها الطاري .. و إلا تبينا نخليه شماعة ؟! وصايف : علي يا عذبي هو كل القصة.. تكاثرت نفسي عليه و تكاثرتني عليه . عذبي بإنفعال و غضب برز في عروق رقبته : بس عاد .. و اسم ولد عمي لا عاد تذكرينه قدامي . وصايف بعناد : ما مات .. و كل يوم با ينذكر قدامنا .. و يعيش بينا عذبي يتلقف وصايف بين يديه : شتبين .. فهميني .. وصايف بنبرة مسكورة : ما يحبوني يا عذبي و في عيونهم أشوف الشماتة .. كلهم يا عذبي حتى أهلي يلوموني لو ما تكلموا .. عذبي الذي يعرف بثقل ما يحمل ضمير وصايف : أنا أحبج . ما يكفيج ؟ وصايف برجاء : أبتعد فيني .. عذبي : لو آخذج لأقصى ها الأرض ما راح تفرق لأن المشكلة في ضميرج .. وصايف برجاء : حاول .. عذبي بتوجس : .. شنو اللي تبينه ؟ وصايف : أبي نتحرر .. نطلع من ها السجن .. أبي لي بيت كل اللي فيه يحبوني .. بيت يخصني و أنا راعيته .. * * * لم تكن هذه المرة الأولى التي تطلب أن نستقل في بيت يخصنا و قد يكون هذا هو الطلب الذي منه أبتدأ نفوري منها , فا تكرار طلبها و الإصرار على إدخاله في كل جلسة تجمعنا كان أمرا لا يطاق , و عندما توقفت اعتقدت أنها رضخت لرفضي لكن اكتشفت أنها لم تتراجع إلا أمام هاجس المرأة الأخرى , و الآن أجد نفسي أشكك , هل ستأسرني وصايف بين هاجسين و تجعلني أصارع لإثبات حبي طيلة عمري , فا وصايف لا تستسلم و عندما تريد شيء تذهب لأقصى الممكن لتحقيقه .. * * * عذبي يكتم غيضه : يعني كل ها الدراما و الأكشن اللي مسويته عشان أنفذ لج الطلب الوحيد اللي رفضته من جملة طلباتج .. وصايف بخيبة : أي تصدق ! .. عذبتك و عذبت نفسي و شتت عيالي عشان أطلع في بيت مستقل .. عذبي بصرامة : الشرها علي اللي صار لي شهرين أركض وراج و آخرتها تستعملين ها الأسلوب الوقح معاي .. وصايف بإستنكار مقاطعة : وقح ؟!! عذبي يسترسل في حديثه : و خليني أريحج إذا ضميرج معذبج , أنا لا يمكن أقهر أمي و أطلع من ها البيت و أنتِ هني معززة و مكرمة و في العين و على الراس و ولد عمي و سالفتنا القديمة ما عاد تنذكر قدامي و لا أبي تكون مرجع لخلافاتنا .. و انتهى الموضوع هني و الأمر كله راجع لج .. تبينا نرتاح بنرتاح و إذا بتعذبينا الشكوى لله .. * * * تركتها تهرب و أنا على يقين من أني هناك بين أضلعها و يمكن لي الآن أن أرتاح و لا اشكك بشعورها اتجاهي , هي مجروحة و تريد أن تعاقبني و لا تعرف ما عليها أن تفعل و غير واثقة من شعوري و تريد أن تتأكد , لكن أتمنى أن تتوقف للحظة و تتذكر أنني عفوت عنها و تنازلت عن كبريائي و تغاضيت عن خيانتها لثقتي , لتعرف أنني أكن لها مشاعر لم يزدها الزمن إلا عمقا . * * * لشهرين و أنا أتحرى كل صباح حتى أكمل بحثي الذي ينتهي عندما تحل العتمة و يشير لي جسدي بانتهاء طاقتي لأعود لسريري منهكا أطلب النوم الذي يستعص علي عند طلبه لأنادي الشمس هيا أشرقي ! * * * أم عذبي تهاتف أصيل للمرة الأولى بعد موقفها الأخير معه : أنت تبي تذبح نفسك .. أنسى علي و تذكر نفسك .. شا الفايده من أنك كل يوم من الصبح تطلع تفتر بها الشوارع أدور مجنون ؟! أصيل بغضب مكتوم : ها المجنون اللي تعايريني فيه كان ممكن تكونين مكانه .. مفروض أنتي اللي اللحين أدورينه معاي مو تطلبين مني أنساه .. أم عذبي تراجع نفسها حتى لا تفقد أصيل : زين يا أصيل بساعدك بس شلون ؟ أصيل : مو أنتي لج ثقلج بسوق و معارفج كباريه ..كلميهم .. خليهم يتدخلون ويلفتون انتباه الشرطة و يهتمون أكثر في البحث عن علي .. يمه أنا خايف كل ما طال الوقت الشرطة تمل و لا عاد يهتمون فيه . . أخاف واحد من أهل الحرام شافه مجنون و أخطفه لواحد من ها المخيمات و إلا في أحد ها الشقق المشبوهة .. أم عذبي تبتسم سرا لأنها نجحت بجعله يلجأ إليها : و توعدني أنك ترتاح و بعدين ترد شغلك و تخلي الشرطة تشوف شغلها .. أصيل الذي لم يعد يرى طائل من بحثه : خلاص أجيج اللحين .... أم عذبي و على محياها ابتسامة نصر : تعال و ما يصير خاطرك إلا طيب .. * * * كنت ألمح لها منذ عودتها في بداية هذا الأسبوع من إجازتها التي كان المقصد منها الهرب من مشاكلنا بأهمية تدخلها لحث الشرطة على الاهتمام في قضية علي التي مر عليها حتى الآن شهر , لكن في كل مره كانت تتعمد عدم الفهم ! و كرامتي الغبية كانت هي الناهية لي من التجرؤ على الطلب مبكرا .. فا لم يكن أصيل هو الوحيد الذي سخر وقته في البحث عن علي , فا أنا ما إن تنتهي زيارتي لشملان حتى أجد نفسي أتفحص وجوه المارة في الشوارع الضيقة للمدينة التي تعج بمختلف أصناف البشر آملا أن ألمح علي الحبيب بينهم تائها لأنطلق نحوه و أكون أول من يضمه , فا كم من مره تخيلت علي بين يدي و أنا أمسح الضياع عن ملامحه الحبيبة و أطلب عفوه .. عفوه عن تهاوني و خوفي و تضيعي لكل فرصة لاسترجاعه من غياهب الجنون و معتقلاته .. * * * أم عذبي بغنج لا يظهر إلا بحضرته : ما تغير فيني شي يا أبو عذبي .. صج أنا ماني بمزيونة بس للحين وجهي ما تغير و الزمن ما ترك عليه آثاره .. أبو عذبي أنتبه من شروده : و أنا قلت غير ها الكلام ؟! أم عذبي : أنت ما قلت بس عيونك اللي صار لها ساعه تفحصني خلتني أشك .. أبو عذبي يبتسم : ما أظن شكيتي بنفسج .. ما شاء الله ثقتج و عقلج مجملينج .. أم عذبي بخيبة اعتادتها فيما يخص مشاعره : و ها الكلام يا أبو عذبي شنو تصنيفه في بحور الغزل .. و إلا على ما قالوا ما أنتِ بحلوه بس عاقلة و مملوحة ! .. أبو عذبي لم يتمالك نفسه و غرق بضحك : و الحين الحلوة ما يصير تكون مملوحة و عاقل .. أم عذبي بنبرة لم تفضح غيرتها و دستها بتلميحها : أنا أقيس على اللي حولي .. و أم ديمة و و صايف مثال .. أبو عذبي الذي كان منذ ثواني مسترخي وجد نفسه مشدود الأعصاب : فكينا من ها السيرة و قولي لي السبب في تغيير رايج بخصوص علي .. و شا اللي خلاج تقولين لأصيل بساعدك ؟!! أم عذبي بكل بساطة : لأني اعرف وين علي .. * * * * أشعر بلفحات برودة قد يكون سببها تعرقاتي التي انقع بها كلما تسللت لزيارة شملان في المصح النفسي , فا أنا أعرف يقينا بان ما أفعل عقيم , فليس هناك نتيجة من زيارته كل يوم من دون رؤيته !... فا ها أنا يوميا أتسكع ذهابا و إيابا في الممر الذي توسطته غرفته , متخفية لعلي ألمحه عندما تفتح الممرضة أو أحد الزوار بابه , و أتسلل لزوايا كلما رأيت أحد أقاربنا أو أحد معارفه يزوره .. و بين خوف انكشاف أمري و لهفتي لكل خبر يستجد عنه أجد نفسي مأسورة , قد أكون فقدت صوابي و لم أعد أعرف لآي جادة علي أن أركن , وها أنا أردد على نفسي أن ما أفعله إنساني .. و أن العمر الافتراضي لاهتمامي سينفذ قريبا حالما يغادر المستشفى ! * * * وداد التي اصطدمت با فينوس الشاردة لتتعرف عليها من صوتها معتذرة على عجل : هذي أنتِ فينوس .. فينوس التي كانت تختبئ خلف غطاء الوجه لم تنتبه لوداد : ها .. أنا وداد بقلق : عسى ما شر فينوس , ليكون شملان صاير له شي ؟ فينوس بجزع : لا ما فيه إلا العافية .. ( لتدارك الأمر ) هذا اللي سمعته من أبوي .. انه طيب .. وداد بفضول أخرق : أجل شتسوين هني ؟ فينوس لم يعجبها أن تستوجبها وداد : أقدر أطرح عليج نفس السؤال وداد : أنا جايه مع أخوي سالم نزوره و هذا هو سبقني عشان يتأكد أن ما عنده احد .. و انتِ جايه تزورينه ؟ فينوس تسارع لنفي و لاختلاق كذبة : أكيد لا .. أنا جايه أزور رفيجتي هي وحيدة ابوها و هو منوم هني .. تعرفين قسم رياجيل و هي قاعده مع أبوها بروحها قلت اجي اونسها ... وداد بنبرة تكشف عن عدم تصديقها لمبررات فينوس : عشان جذيه لابسة غطوة ؟!! فينوس بإرتباك : تقدرين تقولين جذيه .. و إذا تبين أعطيج غطوة ثانية عندي بسيارتي .. وداد تبتسم بتعجب : ما يحتاج , شملان في غرفة خصوصية و هو حافظ شكلي .. فينوس تفشل في كبت غيضها : تبين الصراحة أحس واجد مطيحة الميانة مع شملان ... وداد التي شعرت با الإهانة : شملان حماي و انا جايه أزوره مع أخوي بس يا بنت الحمايل أنتِ اللي في مصحة نفسية خاصة و تمشين في جناح الرياجيل وخاشة نفسج ورى غطوة ما عرفت أنج تلبسينها من قبل .. * * * أهانتني و لم تسعفني الكلمات أن أرد عليها . بل لم تسعفي الأسباب لدحض اتهاماتها , فا أسبابي غير حقيقية و أنا فاشلة جدا في تطوير كذباتي فا أقصى ما أقدر على فعله أن أخلق كذبه مرتبكة لا يمكن لها الاستمرار حتى خط النهاية ! * * * ليست هذه المرة الأولى التي أزور بها شملان فا منذ أن عرفنا أنا و سالم بوجوده في المستشفى و جدنا أن علينا أن نكون بجانبه .. قد يكون الأمر برمته مضحك فا علاقتنا التي كانت على شكل آمر و مأمور أصبحت حميمة و أصبح تصنيف زياراتنا (عائلية) ! نعم نحن عائلته هكذا أخبرنا بنفسه و وعدنا بأنه سوف يخرج قريبا و يصحح وضعنا , و للحقيقة لا اعتقد أن سعادتي ستكتمل إلا برجوع علي لحياتي بأي صورة كانت و حتى إن ظللت الزوجة التي ارتضت الخدمة خلف الأسوار .. أو هكذا كنت أفكر , لكن الآن أتمنى أن أقف أمام فينوس و أخيها المتكبر و أصرخ بهم أني مهمة في حياة علي و أن لوجودي معنى و سبب شرعي غير متصل بأي شبهة ! * * * سالم ما إن همت أخته بدخول حتى بادرها ساخرا : كل هذا قرقه .. صج حريم لو حتى الوحدة ما تعرفونها من كلمه تسون حوار طويل عريض و ما ينتهي .. شملان الذي لاحظ تغير وداد : عيب يا سالم تكلم أختك بها الطريقة سالم مدافعا عن نفسه : أنا أتغشمر معاها .. ما تشوف وجهها تقول أحد معطيها كف .. وداد تفر من عينيها دمعة : سالم امش خلنا نرد البيت .. سالم يقفز بسرعة لجانبها و بإندفاع يستجوبها : شفيج .. في أحد تحرش فيج .. قولي .. و الله أدفنه في محله .. تكلمي .. شملان ينهر سالم : و ين حنا فيه يتحرش فيها احد .. خبل أنت .. المستشفى كله كاميرات و ناس رايحه و جايه .. و سوالف أذبحه و أدفنه لا عاد أسمعها منك .. أكبر عاد و صير رجال .. سالم بغضب : أنا رجال و أختي مسؤولة مني .. و بعدين أنت ما تشوف دموعها .. وداد التي لجأت لمقعد قريب لتستريح عليه و تكفكف دموعها : خلاص يا سلوم لا تصدع راسي و تسوي أكشن من مخك .. شملان يقاطع سالم و يبادر بتوجيه السؤال لوداد : شفيج يا وداد ؟ وداد تنطلق بما تريد أن تصرح به : اللي فيني أن الكل يحسب أن وجودي في حياة علي تحت بند مستخدمة مؤقتة .. شملان بنبرة أبوية : و منو ها الكل اللي من كلمة منه بجيتي .. وداد محرجة : أنا محد يخليني أبجي .. بس عزت علي نفسي .. شملان بنبرة هادئة متناسبة مع ابتسامته : أنتِ زوجة علي و الكل اللحين صار يعرف حتى وضوح قلت لها بنفسي ... وداد منفعله : قول لطليقتك ها الكلام .. ترى صار لي كم يوم أشوفها هني .. با الأول كنت أحسبها وحده من أهل المرضى بس اليوم تأكدت أنها هي لما اصطدمت فيها و سمعت صوتها .. تخيل متغطية و حالتها حالة و آخرتها تقول لي أنا هني أزور رفيجتي اللي أبوها منوم .. شملان يعتدل في جلسته المائلة على سريره : أنتِ متأكدة أن اللي شفتيها فينوس ؟ وداد : أقولك كلمتها و كلمتني .. و قالت لي كلام يسم .. تقول مو حلوه تقطين الميانه مع شملان .. قولي أنا قاطه الميانه معاك يا حماي ؟ شملان بضيق : ما عليج منها .. و أنسي الموضوع .. وداد بقهر : لا ما راح أنسى الموضوع .. وإن ما كلمتها و خليتها تعتذر لي أنا بكلم أبوها .. شملان بإنزعاج : وداد أنتِ من متى شريه جذيه .. خلاص طوفي السالفة .. وداد تتمادى : و الله الناس لما تسكت لهم يحسبونك حيطة هبيطة .. و أنا شاكيتها لأبوها شاكيتها .. شملان بغيض : وداد مو أنتِ قلتي لي كل ها السالفة عشان تحرجينها .. أعتقد انج تعادلتي معاها و أخذتي حقج .. فا أنسي السالفة أحسن . وداد بان على أختلاج صوتها مدى إحراجها : أنا قلت لك عشان تفزع لي مو عشان أحرجها .. شملان بعتب : اللحين تلمحين لي انها هني عشاني و أن أبو رفيجتها عذر و تقولين ما أحرجتيها .. وداد تحاول أن تبني قضيتها من جديد : هو صحيح أنا ما دخل مخي أنها جايه تزور رفيجتها اللي أبوها منوم .. بس يعني ما في غيرك مريض بها الممر ؟ شملان بشك : شنو تقصدين ؟!! وداد المجروحة تتخبط بما تقصد و ما لا تقصد : أقصد لا تسوي علي شريفة مكة و بعدين وجودها له أكثر من تفسير و ممكن اشكك فيها مني لباجر بس أنا وجودي هني قدام الكل و ما تخششت عن أحد .. شملان بغضب : سالم أخذ أختك الهبلة و لا عاد تجيبها معاك لزرتني .. خلها تنطق في بيتها لين نلقى علي و نخلصه منها .. وداد بخوف : شنو يعني تخلصه مني ؟!! شملان : أنتِ مو وداد اللي أعرفها , هذا أنتِ أول ما صرتي زوجه با العلن تفرعنتي أجل شراح تسوين لما يرد علي .. الظاهر بتاكلينا كلنا .. وداد تغص بدموعها : شفت شلون أنحريت بس عشان أحد شكك فيها أجل أنا يحق لي أنقهر لما تسمني بكلامها .. سالم الذي كان يراقب الوضع بخجل أنتفض لدفاع عن أخته : وداد أمشي , هذولي يشوفون الناس بعين طبعهم .. * * * تركتهم يخرجون و أنا غضبي لا يقل عن غضبهم , غاضب جدا من فينوس , كيف تضع نفسها في هذا الموقف , نعم أريد أن تكون قربي و أن أستشعر وجودها حولي لكن ليس بهذا الشكل الذي يجعلها ناقصه في عيون الآخرين قبل عيني ! * * * عدت سريعا لسيارتي لاختبأ بها خجلة , ضميري يؤنبني على ما قلته في حق وداد , و الآن ما يضيق علي أنفاسي و يغلف سيارتي بثاني أكسيد الكربون هو ما قالته وداد لشملان , لابد انها أخبرته بوجودي فقد اختفت من امامي غاضبه و تحمل في عينيها تهديد و عيد .. وآتاني الرد في ثواني رسالة على هاتفي من شملان نصها .. " لا تتعبين نفسج في رجى من غشج .. أنا ما أجيب عيال " ............................................................ .......... * * * يردد الجاهلون أن الأيام تلين قلب فطر على حبك و جرحته عن غير قصد .. منذ تلك الليلة و هي تقنن كلماتها الموجة لي و تقفز واقفة من أي مكان أنوي الجلوس فيه , سألتها " شمزعلج يا الغالية " و جاوبتني " وش يزعلني من نظر عيني " , و بعد شهرين من المكابرة ذهبت لها شارحا ما أخفيته .. * * * ساري : تشكين أني ما أحب أختي و أتمنى لها الخير ؟!! .. الموقف مو أنا اللي صنعته بس بنفس الوقت أنخلقت قدامي فرصة . .نيتي كانت كسر كبريائها .. كنت أبي أساعدها ترد لعيالها .. أم ساري بعد صمت طال : و خربت علاقتها في أبوك و نزلت قدرها عند أبو عيالها .. ساري بخجل : وقتها ما حسبتها بها الشكل و أبوي ما توقعت ردة فعله حتى بعد ما شرحت له و عذبي قدرها عنده من قدر عياله .. أم ساري معاتبة : و ليش كل ما اتصلت عليك صديتها .. ساري : لأني خايف منها و عليها , يمه وصايف تبي تخرب حياتها و تبينا نساعدها , تبي ترد علاقتي فيها عشان تستند علي لطلعت من بيتها و تخلت عن مسؤولياتها .. أم ساري بخيبة : و أنت ما تبي تكون لها سند , تبي تقابل ولدك الغايب و مرتك اللي بتتبعه و تنفض أيدينك منا يا أهلك . ساري بحزن : أنا بشر و ما اقدر احمل هموم كل من أحب لو أهتميت و فزعت , يمه أنتِ عارفه ان ولدي يبي له مدارة و متابعة و وضوح من عرفت بسالفة علي و هي ساعة معانا و ساعة غايبة و أختي الله يهداها ما هي مقدرة النعمة اللي هي فيها و تبي تزيد همي هم . أم ساري بألم أنفجر في نبرتها : أنا اللي همي هم .. الله يعين . ساري يقبل كف أمه ليحتضنها مواسيا : تشيلين الهم و أنا موجود ؟!! .. أشكي لي يمه .. قولي اللي بخاطرج كله .. أم ساري : الديانه أكلوا وجهنا .. و البيت بيت ولد خالك و حنا ضيوف ثقال مع عمتك و اللي سوته .. كل يوم أحسبها و أكسرها و لا لقيت لها حل . ساري بضيق : الله كريم .. تفرج يا الغالية بس انتِ لا تضيقين صدرج . * * * و أنا عاله أخرى , هذا ما وصلني مرارا من خلال الجداران الهشة أصبحت أمي تضيق بمصروفي و بكل طلباتي التي أجدها ضرورية و تجدها والدتي غير مبررة , فا كل ما أمتهن أمُله و أجد نفسي أكتب استقالتي , مترددة هذه حالتي وأنانية هذا ما ألقت به هند على مسامعي عندما أخبرتها بأني ساترك وظيفتي التي تسد فقط حاجياتي التي أجدها ضرورية و تجدها أخواتي إكسسوارات تجعلني أجاور ديمة في نفس الطبقة فا صداقتي بديمة مكلفة و لم أعي ذلك إلا مؤخرا عندما قلت مواردها و لم تعدل سلوكها الشرائي تباعا ! ديمة الغبية التي تركت منزل والدها و كل الترف أصبحت عاله على عاله و علي أن أجد الحل الذي ينقذنا كلنا .. * * * أنفال عادت إدراجها لحيث ديمة : بقولج فكرة مجنونة .. ديمة التي تفاجأت بعودة أنفال : خير شنو ها الفكرة اللي طلعتي فيها من ها الغرفة للباب .. أنفال : أتزوج أصيل .. ديمة بذهول : تزوجين أصيل ؟!! . أنفال تعرض قضيتها : أنا وحده ما أعرف أشتغل و تعودت على الحياة المترفة و أهلي مفلسين لا بيت و لا ذخر و الدياّنه كل يوم واقفين على بابنا .. مالي إلا اصيل المريش ينتشلني من الحفرة .. ديمة : يا سلام أصيل اللي كان مستذبح على اختج بياخذج أنتِ يا البزر .. أقول استريحي بس و أطلعي بفكره ثانيه .. أنفال بحماس : ديموه يا آخذ أصيل يا تاخذين مسامح .. أهلي و امج مو قاعدين للأبد في ها البيت كلها كم يوم و يرد شملان و يطرد أمج و حنا وراها .. من تبين تروحين له .. لردينه مثلا ؟ ديمة التي كانت تخفي مخططها عن أنفال تقرر البوح : لا يا حلوه مسامح ما يناسبني .. أنا بتزوج علي .. أنفال تبعثرت أفكارها : علي !! ديمة تبتسم بثقة : أي علي .. ولد عمي .. أنفال بسخرية : أي إذا لقيتيه نزوجج اياه .. ديمة : و من قال ما لقيته ! أنفال تشد ديمة من ذراعها : انتِ تعرفين وين علي ؟ ديمة تنتزع ذراعها من أنفال : قصري حسج لحد يسمعج .. أنفال بغضب : تكلمي وين علي .. ديمة : في مزرعة ردينة صارله شهرين .. تعالجه و راح تزوجنا من بعض .. أنفال برعب : ديمة أبي تقولين لي كل السالفة .. علي شدخله بردينه و ردينه شلون أتفقت معاج .. تكلمي لا تجننيني .. * * * جذبني نحيبه , كان في الزاوية متكورا على نفسه يبكي في بيت السلم .. أردت أن أتكلم معه و أستعطفه و أطلب عفوه عن أمي و اخبره عن عذاباتي و أنه ليس الوحيد االذي عانى و أن أمي أخذت كفايتها من العذاب ., لكن حالته الغير طبيعيه جعلتني أتردد من الاقتراب منه , أغلقت خلفي الباب و أحكمت أقفاله و سارعت بطلب العون من آخر شخص يهتم لي .. ردينه . .و كانت لي مبرراتي ! ............................................................ ........ * * * في عز انكساراتنا نقف على فوهة التلاشي مرددين " هل من مزيد " .. مزيد من تعب ؟ مزيد من خيبة ؟.. مزيد من سعال الموت على فراش "نهاية حتمية" .. ............................................................ ............. * * * إلى اللقاء يوم الخميس بأذن الله .. |
الجزء السادس و العشرون : * * * بعض البشر متمرسين في توقع الأسوأ و البحث عن مواضع الخلل فن قبيح يجيده المتشائم منهم و أكثرهم حظا من يتوكل على رب العباد و يقدم .. * * * ملاك المفردات و أصحاب الأقلام و كل الشعار لا يمكن أن يسعفوا من وجد توأم روحه من بعد ما فصلهم الموت و عادت بهم الحياة ! لعنان السماء وصلت ضحكاتي لأعود معاتبا ما ترجل من دموعي , ليس للأحزان دعوة و ليس هناك من مرحب و لا مستأنس بها عند تلاقي الأحبة , جامحا بأمنياتي انطلقت إليه هذا الصباح أردد مع نبضاتي اشتقت لك يا صديقي , لأتعثر في أول خطواتي له بنظراته التائهة و أسقط على بعد خطوات لأكتفي بتأمله ! لم يعرنا انتباهه و عاد لمرآته كأنه يعود لشخص حي يجاذبه أطراف الحديث ! * * * ألتزم مكانه و توقف الزمن تاركا لكل منهما تأمل الآخر لتنتهي اللحظة بخطوة للوراء أتخذها علي نحو مرآته .. لم يكن هذا ما رسمته في خيالي لهذا اللقاء الذي طال انتظاره , فا هذا الصباح كان يشع با الأمل و كل مشاعر يترجمها الفرح , سارعت أنا و أصيل نحو المزرعة لنلتقي علي من دون أنا نثير بلبلة أو نتقاذف الاتهامات أو نكثر العتب لردينة فا سعادتنا بمعرفة مكانه و حقيقة أنه حي و بخير كانت تكفي لتحميلنا عرفانا با جميل لا يمكن قياسه , لكن هذا الجمود و التباعد من علي جعلنا متوجسين و في حيرة من أمرنا , هل فشل علاجه ؟!! .. و هل من ظننا أنه عاد للحياة ما زال مكبلا خلف أسوار الجنون ؟!! * * * استحضر عقلي كل ما فات كأني كنت في سبات عميق و أفقت بلحظة اختصرت فيها كل الأزمنة ! صور متعددة تتداخل في عقلي كأنها تعد لمعركة , منها ما هو ممزق لألف ألف قطعة , و منها ما هو شديد الوضوح لدرجة مرعبة ! وها أنا أقف أمام مرآة بلورية تعكس الزمن الحقيقي كاشفه عن ما غيرته الأعوام التي مضت , أبدو كا شخص ترك جسده و مضى في آلة الزمن حيث المستقبل ليعود و يجد جسده مل الانتظار و انتحر ! * * * أصيل بنبرة اختلطت بها العبرة يهمس لوالده : ما عرفنا .. أبو عذبي هامسا بنبرة مواسية : بنتعرف عليه من جديد .. علي مقاطعا بابتسامة مرهقة : شصار لي يا عمي , كلي متغير ؟! * * * لم يجاوب والدي با كلمة فقد أندفع نحو علي محتضنا له مرددا انه آسف و انه يحمل أثقالا من الذنوب و كل ما يرجوه العفو , أما أنا فقد جلست بمكاني أجهش ببكاء مر غلف استيعابي لما يدور حولي , كأنني لتو استوعبت حجم المفقود و طول الفقد , خائف من الاقتراب و اكتشاف أن ما كنت أبحث عنه مجرد طيف لروح أبت المغادرة ! * * * علي الذي ما زال عمه محتضنا له أطل برأسه مناديا أصيل : أصيل يا أخوي لا تهدر دموعك ترى الوجع عني خف ... * * * ضحكت و عدت للبكاء فقد اختلط ما أدركت و ما تمنيت حصوله , ها هو علي بروحه الحساسة و سماحة خلقه و حنيته المتدفقة يسامح و يعفو و يطلب أن ننسى الماضي ! .. هاهو علي صديقي عاد بهيئة جديدة و روح مناضلة تحارب ما علق بها من تعب تطلب منا المؤازرة في رحلته الجديدة .. * * * علي الجالس بين عمه و أصيل : آخر ما أتذكر لما أكلنا من مرقوقة أم ديمة اللي وصتنا نوصلها لأم عذبي بعدها كل ذكرياتي مشوشة أصيل غير مستوعب : اللحين بتفهمني أن من كان عمرنا 11و أنت عقلك مغيب .. شلون أجل كملت حياتك طبيعي .. درست و كونت اصدقاء و .. علي يبتسم مكملا : و حبيت .. و خطبت .. أصيل بخجل : و حبيت و خطبت .. علي : ما كنت طول الوقت غايب و لا كنت طول الوقت حاضر .. المشكلة لما أحضر أحتار وين كنت غايب !! * * * لكنك الآن طاغي حضور و في وجودك يبدوا العالم في منتهى الاختلاف ... أشعر باني أصبحت بخير و أن العالم أصبح أجمل .. حتى الخوف المبهم الذي كنت أحمله بين أضلعي .. بحضورك لم يعد له وجود ! ............................................................ ................ * * * منذ أن علمت بقصة علي و هي محنطة ! جسدها موجود و روحها هاربة .. تعمل بكل آلية , تطبخ و تنظف و تحمل علي الصغير لكل الأمكنة التي تقصدها و أنا هناك في الزاوية مهمل , لا أعرف لما تعاقبني على الرغم من أنني أقسمت أمامها بأني كنت آخر من يعلم .. لكن هذا الصباح اختلف الوضع و كنت مع أوائل من علموا و لها سارعت با الخبر حتى أحضا با الصفح عن ذنب لم أقترفه ! * * * ساري بذهول : أقولج لقوا علي و هو بخير و فوق جذيه تعالج ورد له عقله .. وضوح : و أنا أقولك .. بشارك بنات خالي في مشروعهم . ساري بخوف و توجس يمسك بوجه وضوح بين كفيه : وضوح علي حي .. علي رد .. وضوح تنفر منها دمعه لتسقط على كف ساري : حرام عليكم تعبتوني .. علي مات .. خلاص .. خلاص ماااات .. و انا حية و بعيش .. أبي أشتغل و أكون اسرة و أطلع من ها البيت التعيس .. * * * توقفت عن سرد أمنياتها و ارتمت على صدري جاهشة ببكاء مر لم يتوقف إلا عند إغفائها من التعب .. ............................................................ ................... * * * شملان يغلق حقيبته : هذا اللي فهمته من أصيل .. علي ما يتذكر منو أنتِ .. وداد الواقفة بجانب أخيها في منتصف غرفة المستشفى الذي ينوي ساري مغادرته الليلة : وأنت تصدق أصيل الجذاب .. شملان مستهزأ باتهامها : جذاب !! .. شنو مصلحته ؟!! .. وليش من الأساس يجذب بشي راح ينكشف .. على العموم أنا بنفسي رايح لعلي اللحين و راح أعرف منه كل شي .. وداد برجاء : أخذني معاك له .. أكيد لما يشوفني بيتذكر .. شملان يستعد للمغادرة : الأفضل اللحين يكون حوالينه الناس اللي كانو معاه با الفترة الأولى من حياته .. اللي فهمته من أصيل أن علي حاليا تنحصر ذاكرته في الزمن اللي سبق حريق بيتنا .. بس هذا مو معناه أنه ما راح يتذكر شي من الفترة اللي قضاها معاج .. وداد تتصارع مع أحزانها و ترد الدمع : و أنا شنو مصيري لين يتذكر .. شملان قبل أن يتركها ورائه : أنسيه و راح أعوضج عشان تبدين حياة جديدة .. * * * حياة جديدة من دون علي لا تغريني .. علي هو كل الحياة التي أتمنى أن أعيشها , هو مجمل الأمنيات و سقف الاكتفاء , و ممارسة حياتي من دونه عبث أراوغ به قلبي الذي ثقب مع أول ابتسامة خصني بها .. يا لك من قاسي متجبر اخترت أن تنهي مهمتي التي لم أختر بعد أن كسر قلبي و أصبح ملكه .. كيف أبدا من جديد و أنا منذ أن تاه لم أعد أعرف من أنا .. كان الكل يبحث عنه و أنا أبحث عني أنا .. فكل ما كنت أراه بمرآتي ملامحه .. و كل صوت يحمل كلماتي كان يحمل نبرته .. حتى مفرداتي العادية أصبحت أزينها لتشبه ما كان ينسج .. لعلي أحتاج لأعود لتلك التي أغدق عليها حنانه !!! ............................................................ ............. * * * .......... بعد شهر من عودة علي لحياتهم ........... * * * كان عتبة في حياتي تركت عليها السعادة بكل سذاجة لأمضي مرغمة في طريق مجهول , لم يكن حقا مضيا إلا بما يقاس من الزمن فا أنا لم أتعلم و لم امضي بروح مناضلة نحو ما هو قادم بل تركت لهم مهمة دفعي للإمام بينما أنا أنظر للخلف متسائلة ! .. وضع غريب جعلني بموقف ضعف فقدت به إرادتي للأبد و أنا الملامة الوحيدة لما آلت إليه حياتي ... * * * ديمة تقتحم خلوة فينوس : أنتِ للحين ما لبستي ! فينوس تترك مرآتها لتلغي بجسدها على فراشها المثخن بأحزانها : أنا تعبانة و ابي أنام لو سمحتي طفي اللمبة و سكري الباب وراج . ديمة باهتمام تقترب : أنتِ صار لج مدة ما أنتِ طبيعية , إذا يعورج شي لا تهملين نفسج راجعي الطبيب . * * * حل بسيط يتناسب مع تفكير ديمة العقيم , لكن هذا لا يمنع أن اعترف أن ديمة تجيد ممارسة حياتها ! .. أختي الصغيرة محظوظة بعقل لا يعقد المشاعر و يأسرها تحت مسمى يرهقها , فها هي عندما لم تعجبها الحياة مع والدتها لم تجبر نفسها على التكيف و ترديد مقولة الوقت خير معالج بل اختارت الحل الأسهل و عادت تحت ظل والدتي التي عادت لها الحياة بهزيمة أم ديمة إلى الأبد ! و ها هي ديمة المشتعلة النشاط و المحلقة في أفق السعادة تضجرني بأحلامها من جديد .. * * * ديمة بحالمية و هي تتجه للباب: علي اليوم كشخته كشخة معرس , على العموم طبيعي يكشخ مو وليمة الغداء على سلامته ... فينوس تقفز من فراشها لتسبق ديمة نحو الباب و تغلقه: لا تعلقين فيه لأنج بتتعبين , علي للحين يحبها و ماراح يفكر يتزوجج أو يتزوج غيرج , هذا هو تخلى عن الوحيدة اللي تحملت جنونه . ديمة مهاجمة : أنتِ اللي أصحي و لا تعممين تجربتج الفاشلة , علي حب وصايف حب مراهقة و هو مو بكامل عقله و نسى الثانية لأنها ما احتلت جزء من قلبه عشان تستحضرها الذاكرة , أما أنا راح يشوف فيني مستقبله اللي يتقدم له بكامل عقله . * * * ألجمت كلماتي و صغرت الفكرة التي انطلقت منها بهدف حمايتها , طرحت ديمة قضيتها و ترافعت بها أمامي بكل ثقة , فا هي لم تردد أسبابا وردية على شاكلة أنها معجبة أو وقعت في حبه من أول نظرة , و لم تتمادى و تتحدى بأنها سوف تجعله يقع في حبها , ديمة جردت الحقيقة بكل بساطة حيث وضعتها في حزمة مصالح متبادلة ... علي يريد أن يمضي نحو مستقبل لا يضلله طيف أنثى غدرت به ونبذت مشاعره أمام الكل , و لا هو في حاجة لأنثى تمثل فيها الضعف بكل صوره ليكون كل ما يعرف عنها أنها كانت ممرضه بثمن باهظ رافقته في حقبة يرفض أن تستعيدها الذاكرة . * * * ديمة تنتشل فينوس من شرودها : شملان قاعد تحت وماكل الجو يضحك ويسولف وينكت بعد , و ابشرج زايد وزنه و صابغ شيباته و لا درى عنج يا المسكينة ... * * لم تستطع ديمة استفزازي فما ألقت على مسامعي رأيته بأم عيني قبل ساعة عبر نافذتي المطلة على الخيمة التي نصبها والدي للاحتفال با عودة علي .. بدى شملان جدا متألق و وسامته التي محورها ابتسامته كانت محور حديثي الداخلي , كنت في صراع بين عشقي له و مقتي الشديد لشخصه الذي لم أكتشفه إلا باعترافه الذي آذى به روحي إلى الأبد . ............................................................ ...... * * * تفرق الجمع من مأدبة الغداء التي كان نجمها علي بامتياز , ليبقى أفراد العائلة يحيطونه باهتمامهم و حبهم , وهو كان أكثر من سعيد بكل هذا الاهتمام , ابتسامته لم تفارق محياه طوال الوقت حتى عندما أتى عمي بنساء العائلة لسلام عليه و من ضمنهم وصايف , بل بدا مسرورا و غير مهتم بأحد معين , يوزع ابتساماته و سلاماته للكل من دون استثناء , أما تلك التي تأسر تفكيري لم تحضر من ضمن من حضر و أنا من كنت التصق بعلي حتى أسمع صوتها بوضوح و هي تلقي عليه السلام , فا أنا كنت أجلس هنا في حالة مزرية أصطنع ابتسامات متعبة و أراقب النوافذ خلسة لعلي ألمح لها طيف لتخذلني الستائر المنسدلة بقسوة , لم تحضر و الجواب واضح لم تغفر لي و لن تغفر لي أبدا .. لكن أليس هذا ما رددت أني أتمناه لها .. أن تكرهني و تمضي نحو حياة أسعد تظلل بحنانها أطفال يشبهونها ليكون هذا العالم أجمل .. و الآن كل ما أريد أن أعرف إلى أي مدى وصل بها الكره لي و لأي مدى هي مستعدة للمضي قدما , فأنا غير قادر على الابتعاد و يجب أن تتخذ هي الخطوة الأهم لإنهاء قصتنا. * * * أجر أنفاسي و عضلاتي تصرخ تحت وطأة الحركات المصطنعة من أجل المجاملة , فا خداي تؤلماني من شد الابتسامة و الإصرار على المحافظة عليها لأطول وقت ممكن , ويداي اللتان أود أن أحطم بها كل ما حولي تأن من شدي لأعصابها ... هي السبب .. فا حضورها باغتني و صوتها الهامس بسلام متباطئ أشعل النيران في قلبي .. كيف لم تبلغني بحضورها لسلام على علي , بل كيف تجرأت على السلام عليه و هي تعرف أن كل ما يحفظ في ذاكرته بكل دقة هو تفاصيل حسنها و كل أمنياته بقربها ! كيف لها أن تضعني في هذا الموقف الذي يكاد أن يزهق روحي و يفقدني عقلي الذي يموج بأفكار شريرة تتمحور حول إنهاء تواجد علي الذي باغتني . * * * لا أعرف حقا أين كنت أعيش طوال الأعوام التي تركت آثارها على هيئتي فا ذاكرتي مشوشة , فمنذ أن أفقت و أنا في حالة ذهول تختلط بحالة سعادة مصدرها إدراكي لكيفية عمل عقلي على الدوام فا لا يوجد زمن مستقصى مليئا با العتمة , فلم يعد عقلي مضطربا و لا متحفزا لأي هجوم من قوى ظالمة ... و ها هو سير الأحداث و كل الشخوص في حياتي يا تعاقبون بترتيب و نظام حيث لا يوجد ما يشوش أو ينقص من ما تختزله الذاكرة . لكن أكثر ما أدهشني هو القفزة الزمنية التي سلبت مني إدراك التغيرات التي مر بها كل من حولي و با الأخص الظاهرية منها .. الكل من حولي تغيرت ملامحه , لم أرى حتى الآن معالم السعادة الحقيقية و لا الاكتفاء و الرضا الذي ينعكس راحة تعم ملامح البشر الذين يعيشون بسلام , و قد تكون وضوح هي أكثر من أخافتني بملامحها الميتة , فا يبدو أن حروقها النفسية كانت مضاعفة و لم يتم ترميمها , و تواجد علي الصغير لم يزد الأمر إلا سوءا كما لخص شملان الوضع , فا ذاك الذي عشقت بحث عن أخرى في قمة محنتها و تخلى عنها ليرمي بأحضانها النتيجة و يجعلها تتجرع الألم يوميا و هي صامتة تحت مسمى أمومة مهداة إليها ! * * * علي يهمس لشملان : أتصل في وضوح و خلنا نمشي .. شملان بتوجس : فيك شي ؟ علي بنبرة ممازحة : أن قلت لك تعبان و فيني نوم بيكون فيني شي غير سلطان النوم ؟ شملان يبتسم بارتياح : اجل خلنا نتوكل على الله .. * * * أنفال مبتعدة با وضوح عن الجلسة العائلية التي تضم نساء العائلة باستثناء أم ديمة : طلبتج وضوح سامحي عمتي , اليوم كانت بتطلع من البيت لشارع لو ما حلف لها أبوي أن راح يأجر بيت ثاني .. وضوح الغير متعاطفة : عمتج ما تهمني قعدت و إلا طلعت , شملان لو يبي يطردها طردها من زمان .. أنفال : بس أنتِ طلعتي من البيت و رافضة تردين لساري و خليتي عمتي تشيل فوق ذنبها ذنب .. وضوح : بكل بساطة ما عدت قادرة أعيش في مكان هي فيه , و لا أنا قادرة اطردها و لا أقدر أقول لشملان أطردها و ساري يدل مكاني .. يبيني يتبعني .. أنفال : يعني تبين أمي و ابوي ينقهرون بطلعة ساري من البيت ؟ وضوح : و عادي أنا أنقهر ؟!! * * * لم تكن هناك فائدة من محاولة أقناع وضوح با العودة فا وضوح بدأت حياة جديدة لا تريد أيا منا أن يكون له دور فيها , حتى أني أشك أنها تهتم إن تبعها ساري أو عنها تخلى ! .. * * * أنفال قبل أن تتحرك بسيارته تنتبه لطارق على نافذتها : نعم خير شتبين .. ديمة : بسم الله .. شفيج أكلتيني .. أنفال : آسفين حضرت جنابج بس انا مستعجله و أنتِ معطلتني .. ديمة : زين أفتحي الباب بروح معاج لأمي .. أنفال تفتح قفل الباب : زين تذكرتي أن عندج أم .. ديمة تستوي على مقعدها و تربط حزام الأمان : الحمد الله و الشكر في أحد ينسى أمه .. أنفال : أجل شنو تسمين ها الشهر اللي شلتي فيه غشج ورحتي لبيت عدوة أمج . ديمة : أففففف .. مشكلتج ما طالعين لأبعد من خشمج .. أنفال بقهر : أنا ما .. ديمة تقاطعها : تعوذي من الشيطان و خليني أشرح لج .. انفال تحرك سيارتها : أعوذ باالله من الشيطان .. * * * تبريرات ديمة كانت مبررة مبتدئة با حقيقة أن والدتها مذنبة و أم عذبي منتصرة , و الوقوف ضد التيار متعب و غير مجدي , و التقرب من علي طريقه أصيل أبن تلك المتحكمة ... * * * انفال : أنا اللي محيرني و مخلي ملايين من علامات الاستفهام تحوم فوق راسي أنتِ شلج في علي ؟!! ديمة : لي فيه أنه ولد عمي و مفتاحي لتواجد مهم في العائلة أبوي و أصيل يحبونه و حتى يمكن يبدونه علي , وله بيت و متعلم و يقدر يعتني فيني و في أمي . أنفال : مو هذي هي أمج .. تعتقدين علي بينسى حقيقة أن أمج هي اللي سحرته .. ديمة : أمي ما كانت تقصده و هو يعرف ها الشي .. أنفال مقاطعة : أستغفر الله , كانت تقصده أو ما كانت تقصده اللي سوته حرام و كفر .. ديمة : بس امي تااااابت .. لمتى يعني بيعاقبها الكل ؟!! أنفال : تدرين بكيفج سوي اللي بتسوينه أنا مو مهتمة .. ديمة ك أي أحسن لا تهتمين و تعفسيني .. أنفال كأنها تحدث نفسها : لا هذا مو من صجه .. أكيد أنجن .. ديمة تذهب بنظرها لحيث المكان الذي تنظر له أنفال : شفيج وقفتي فجأة بغيتي تعدمينا .. من شفتي ؟!! انفال : مو هذاك سند شايل دانة .. ديمة تتفحص الواقف في طابور الخباز : إلا هو ... المجنون ماخذها معاه الخباز !! أنفال تقرر التوجه له : أنا أوريج فيه ها المتخلف .. مو كافي أخوه منع هند تجي للغدا جاي هو بعد ياخذها منها و يدوج فيها بشوارع .. ديمة بخوف : و أنتِ و شدراج أن هند ما سمحت له ياخذ بنتها معاه .. تكفين أنفال فكينا منه و عندج اعتراض و شكوى كلمي أختج فيها .. * * * كنت أقف في الطابور أحتضن الصغيرة التي ملأت عالمنا الرجولي بلون الوردي , لتقفز من حيث لا أعلم خالتها المعتوهة تأمرني بتسليمها الصغيرة , لم أرد عليها و اكتفيت با الخروج من الطابور الذي شاهد كل من كان فيه مدى وقاحتها .. * * * سند : أنتِ ما تستحين , تقول اللي قدامج صبي عند أهلج ... و لا بعد جايه أطالبين و تهاوشين قدام الناس لا حيا و لا مخافة من الله .. أنفال المشتعلة غضب : بعد ما باقي إلا تكفرني .. أقول بس عطني بنت أختي .. سند بغضب : أن ما أختفيتي من قدامي اللحين عطيتج كف قدام الناس و خليتج مسخره .. أنفال بذهول لم يمنعها أن تتمادى : ما باقي إلا هذي .. تجرأ تمد أيدك و شوف شنو يصير ... * * * كنت على وشك أن أجعل من نفسي أضحوكة لكن تداركت الوضع و قررت أن أجعلها هي الأضحوكة ... * * * باغتني و اتجه للباب الخلفي لسيارتي ليركب بكل هدوء و الصغيرة في أحضانه ... * * * أنفال بحرج : أنت هيه .. خل دانة و أنزل .. * * ديمة التي كانت تلتزم الصمت لم تجد بدا من النطق عندما تجاهل سند ما أمرت به أنفال : أنفال فضحتونا قدام العالم .. خلينا نمشي .. أنفال تؤشر على سند : تبينا نمشي و ها المتخلف معانا .. سند أنزل الصغيرة على المقعد الخلفي و ترجل من السيارة : أنا ها المرة بطوفها بس يا ليت ما تعلمين بنت أخوي على الوقاحة و قلة الحيا .. * * * لم أعرف كيف أرد , كنت أتمنى لو أن بمقدوري تحطيم وجهه و معاقبته برميه خلف أسوار السجن, لكن ابتلعت الإهانة و أنا خجلة من نفسي .. * * ديمة : ما ينلام فيج .. تناطحينه قدام العالم .. ناقصين حنا فضايح .. أنفال بغضب : أنتِ اللي فضحتينا و خليتيه يتجرأ علي .. حنا طايحين من عينه من زمان ما وقفت على اليوم .. ديمة : هذا اللي أنتِ شاطره فيه المعاير , روحي سوي شي مفيد بدال ملاحق سند .. أنفال توقف السيارة مره أخرى : أنتِ شتقولين .. انا ألاحق ها التعبان .. ديمة بخبث : مو اللي أنا شايفته أن ما عندج سالفة إلا سند كل ما كلمتي هند .. " شنو شرى سند لها بذوقه التعيس " , و " قولي لسند الغثيث لا يكثر عطره و يخنق البنيه " .. " و دزي لي كل صورها حتى لو كانت مع واحد من عمانها أقص صورته و أحتفظ بصورتها " .. و .. أنفال بحرج : بس .. بس .. ويييين راح تفكيرج .. ديمة تواصل أبتسامتها الخبيثه : لا يا ماما تفكيري سليم بس أنتِ اللي مو بسليم .. ............................................................ ....... * * * عاد الوضع لمساره الطبيعي في منزلي , عذبي و عائلته الصغيرة في كنفي من جديد و أصيل لا ينفك عن ترديد كم هو مقدر و شاكر لي مساعدتي في عودة علي و انفكاك السحر عنه , و أبو عذبي عادت له ديمة و تخلى عن أم ديمة و أهدى لي ورقة طلاقها كا عربون شكر , أما أبنتي الوحيدة و خيبتي الكبيرة لم يتغير وضعها و إن بدا لي انه أزداد سوءا , تتذرع با التعب و أحيانا المرض و آخر ما صرحت به حاجتها لسفر ! .. * * * ردينة : اللحين منخشة بغرفتج طول اليوم و محرجتني مع العالم اللي متجمعين على الغدا عشان تجيني آخر الليل و تقولين بسافر أدرس ! فينوس : أبي أكمل تعليمي .. مو هذا اللي أنتِ تبينه .. أتعلم و أوقف معاج بشغلج .. ردينة : التعليم با الممارسة أفضل , أنزلي معاي باجر لشغل و أنا أعلمج كل شي يخص شركاتنا و شغلنا من إلى .. فينوس : أنا أفضل أتعلم أكاديميا با الأول بعدين أتدرب , على الأقل ما أسمع أحد من وراي يقول ما وصلها إلا انها بنت أمها .. ردينة : هذي سوالف أصيل مو سوالفج .. فينوس : تلومينه .. أصيل الكل يكرهه في الشركة و ماله صاحب و منبوذ بسبب انه جاسوسج .. لو خليتيه يشتغل بعيد عنج و في المجال اللي يبدع فيه كان اللحين هو إنسان ناجح و واثق من نفسه و له أصدقاء و عالم يخصه , مو بس مجرد تابع في عالم يخصج أنتِ .. ردينة تنهي هجوم فينوس: و ين تبين تسافرين ؟ * * * يمكن لي أن أرى الأدخنة تتصاعد من أنفاسه , منذ أن دخل جناحنا الخاص و نهر أطفالنا و أنا أحاول أن أتجنب المرور من أمامه , لابد أنه غاضب من قدومي لسلام على علي , لكن كنت مضطرة فقد دعاني عمي مع من دعا لسلام عليه و لم أجد عذر منطقي يجعلني ارفض . * * * لم استطع أن أصل إليها بغضبي , هناك ما جعلني أتجرع غضبي و أحاول أن أتصرف بطبيعية , نعم صرخت بأبنائي عندما حلقوا حولي مطالبين بنزهة , و نعم صرخت با الخادمة من دون سبب , و نعم لم أناديها أو أبحث عنها و تمنيت أن لا تقف أمامي و أنا في قمة الغضب .. * * * وصايف تقترب : إذا ما راح أطلع العيال الحديقة باخذهم معاي لسوق .. عذبي يرد بسؤال : ليش ما عطيتيني خبر , ليش خليتيني اتفاجأ بدخولج علينا .. وصايف : اللي يسمعك يقول داخله بروحي , و بعدين عمي أحرجني و قال أمشوا كلكم سلموا على علي و لا أحد يقعد .. عذبي يلجم غضبه بنبرة متحكمة : و أبوي ما كان راح يمانع لو قلتي له أستأذن من عذبي با الأول , بس شكلج كنتِ أدورين عذر . * * * لم أجاوبه و لم أهتم لأتهامه و ناديت على أبنائي ليرافقوني إلى السوق , فليس هناك من داعي لشرح و التبرير و هو من أعلن أني مذنبة قبل أن أنطق بأي تبرير . * * * هذي وصايف الجديدة أكثر هدوءا و لا يمكن لأي شيء أن يستفزها , تركتني مشتعلا ورائها و مضت لتسفه ردة فعلي و تجعلني أعيد التفكير بحجم خطئي .. * * * عذبي يسارع للحاق بهم : وصايف .. أول نوديج السوق بعدين نطلع العيال للملاهي .. وصايف تبتسم بصدق : لا خلنا نوديهم الملاهي و نعشيهم و السوق لاحقين عليه في يوم ثاني .. عذبي يبتسم با المقابل : على ها الخشم أنا كم وصايف عندي .. * * * سأعتبره اعتذار و أقبله بحب , نعم مازلت أتمنى و لم أتنازل عن حلمي با الاستغلال في بيت لا تحكمه والدته لكن لن افرض هذا الحل عليه و أتعس نفسي في محاولة اللحاق بركب السعادة و سأترك له رؤية الاستقرار الذي يحيطنا عندما لا تتدخل والدته في حياتنا .. ............................................................ .. * * * علي قبل أن يغط با النوم نادى على شملان : أقول شملان .. وصايف كم عندها عيال .. شملان أعاده السؤال للغرفة : ثلاث .. ليش تسأل .. علي : فضول . شملان يقترب للجلوس على حافة سرير علي : خلنا من وصايف أم العيال وركز معاي بوداد زوجتك .. علي : قصدك الممرضة اللي زوجتني لها و أنا مجنون .. شملان بضجر : أيه .. أخلص علي شتبي تسوي ... علي يدس رأسه تحت الوسادة : يصير خير .. شملان يمد يده ليسحب الوساده من على رأس علي : بجيبها هي و اخوها هني .. أنا خايف عليهم في الخرابة اللي ساكنين فيها .. علي يطلق ضحكة تردد صداها في أرجاء الغرفة : يا حنين ... شملان : تمسخر ؟!! علي يباغته بجواب ينتهي بعلامة استفهام : أنت تعتقد أني فعلا نسيت من تكون وداد ؟ شملان و علامات التعجب تقفز لعينيه : مدري عنك ! علي يعتدل لوضعية الجلوس : وداد شافتني بأسوء لحظاتي , شافتني بقمة ضعفي .. و هربت مني في الأخير .. حتى لو ما نسيتها الأفضل لها و لي أنساها و ابتدي من جديد .. أنا ما أحتاج وحدة ثانية تخيب رجاي .. شملان بشرود : زين .. أرتاح اللحين و نام و بكره نشوف شراح نسوي ... * * * في الواقع عندما يحل الصباح سأنطلق نحو منزل وداد و أجعلها تحزم حقائبها و حقائب سالم على عجل لأعود بها هنا زوجة لعلي , فا بعودته عاد على أثره أصيل لحياتنا من جديد , و لن يلجم نفوذ أصيل في حياة علي إلا وجود وداد .. نعم أنا أرى في أصيل مشكلة, فا على الرغم من إدراكي لمشاعره الصادقة اتجاه علي إلا أنني أتخوف من تأثيره السام , أصيل آفة و مخلوق في أصله الشر و حسنته الوحيدة صداقته مع علي .. ............................................................ ...... * * * جافاني النوم و ها هو الليل بثقله يرفض الرحيل و أنا أتقلب على فراشي محموم كا مريض , أنا مستاء جدا من نفسي و اشعر بذنب لجرحي لها , نعم هي وقحة و ما فعلته ينتقد في أي عرف لكن لم أحب الشعور الذي داهمني عندما رأيت الدموع تلمع في عينيها , لو أنها ردت و وبختني لكن شعوري أفضل ! .. * * * كم أحتاج هذه الليلة لمن يواسيني و يهون علي الخطأ الذي ارتكبته في حق نفسي , أشعر با الخجل الشديد و ليس عندي أي تفسير لتصرفي الأرعن ... * * * قفزت لموقعي الذي يؤمه كل من أراد ان ينفض حزنه , لأجد تلك التي كانت من أنشط أعضائه حاضرة بخاطرة أزعجتني ! .. ( حاولت من دون وعي مني أن ألفت انتباهه و لجهلي في عالم المحبين شوهت ملامحي في عينيه التي كلما خجلت من نظرتها القاسية أطلقت صوتي بأقبح جمل لم أعرف من قبل أن لي المقدرة على صياغتها , حتى عندما اتفق قلبينا على حب دانة و تجدد في داخلي الأمل وجدت نفسي أعيد نفس الخطأ .. و أنا الآن متورطة با حب من دون سند ! ) ............................................................ ... * * * * لنجرد رؤيتنا من تعملق السلبية .. لنرى الخسائر جوائز .. وفي مجمل الفشل نجاحات و أمل ! * * * ألتقي معكم بأذن الله الخميس المقبل . |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
البداية .. بهذر شوي .. و اللي ماله خلق يطوف المقدمة الظويلة ويخش دقري على الجزء .. * * أشتقت لكم و الله الشاهد أن النت مارد إلا اليوم و ما قدرت أنزل لكم الجزء في وقته اللي وعدتكم فيه و ها الشي ذكرته بتويتر بنفس اللحظة اللي أكتشفت أن النت أنقطع .. و لكل اللي قرروا يشجعوني و لو من خلف الكواليس أنا لكم شاكره و أدري أن صعب أحيانا القارئ يلقى تعليق ينصف استيعابه و مدى استمتاعه عشان جذيه الأغلبية تتابع بصمت .. و لكل اللي يتابعون و يشجعون و يشاركون أنتم دايما لي حافز على الكتابة.. شكرا .. ثانيا ... تكفون لحد يوترني و يسألني متى تخلص الرواية ها الشي جدا يزعجني لانه يحسسني أني ممله و يمكن أكون ممله بس ماله داعي أحد يرددها علي لاني أتسلى باالكتابة و للحين ما مليت و لله الحمد .. وبعدين تعالو تراني للحين في الجزء السابع و العشرون ما يمديكم مليتوا لو حتى قربت على السنه ^_^ .. ملاحظة صغيرة .. " وشايات المؤرقين " أنزلها شخصيا في ******* و في منتدى ثاني بس لان المنتدى الثاني ( اللي أحبه واااااجد و واااايد ) يسجلني و يرد السيستم يطردني فا أنا حاليا أعتذر أن الأجزاء القادمة راح فقط تكون **** لين ينحل الخلل اللي أخذ الكثير من وقتي أو أن أحد يتبرع و ينزله بدالي بعد ما يعطيني خبر .. و جدا جدا آسفة و الله غصبا عني ... و خلصت هذرتي و أتمنى تستمتعون با الجزء و منكم السموحة .. ** * الجزء السابع و العشرون : * * * الحب لا يكفي لنمضي معا .. * * * سلمته علي الصغير الذي تعلق في رقبتي متقوقعا في عالمه الذي أمثل فيه جذع لشجرة تعود على تسلقها , لينظر لي ساري من دون أن ينطق بكلمة تاركا نظراته العاتبة لتؤنباني .. و على ماذا يستند في تأنيبه .. و أي حق يملك .. هل يؤنبني على كسر القيد و التحرر من عاطفة كبلني بها ؟ .. أم يؤنبني على استهواء الأنانية و المضي قدما من دونه ؟!! و أي كان سببه .. لا يهم .. فا ها أنا أتقدم بعد أن توقفت في نفس المحطة لأعوام أنتظر ما لم يوجد على جدول الرحلات .. و هكذا تركته و انسحبت من حياة علي الصغير من دون ندم , غير مبالية ولا مودعة لأي من ساكني ذاك البيت الذي ضاق بي , لأنزل الستارة و أختم المسرحية .. ليغادر الكل إلى الأبد .. و إلى الأبد أكون بذلك عدت ! .. عدت لكنف أخوتي و عادت لي روحي , لتتغير أبسط خطواتي و ينقلب روتيني ليصبح بعفويته مخطط سعادة , أستيقظ مبتسمة و أسبق الشمس لأوقظ الكل , لأحلق في أرجاء المنزل لأتأكد أن كل شيء بمكانه و أني ما زلت هنا ! * * * كانت حقيبة أبني هي آخر الأمتعة التي ازدحمت بها الحافلة المستأجرة , كنت لآخر لحظة أتمنى أن تتمسك وضوح بعلي و أن ترفض تسليمي حقيبته حتى أترك علي بأحضانها على أمل أن تحن لأحضاني أنا و تعود و لو بعد عام من البعاد , لكن قطعت بتخليها عن علي آخر ما تبقى من خيط الرجاء الذي مددته بيني و بينها .. و هكذا غادرنا المنزل الذي لم نعرف غيره و كل منا غارق بحزنه الخاص , أبي هو الوحيد الذي نأى بحزنه و هرب قبل الكل نحو المنزل الصغير الذي استأجرنا , و أنا كلي يقين أنه الأكثر حزنا و انكسارا و الخاسر الأكبر بيننا , هو الرجل المغامر الذي كان يحلم با الغنى ليجد نفسه على مشارف الكهولة مفلس من دون بيت يركن له في كِبَره .. * * * رفضت أن اسمع كل الوعود التي رددها والدي و أنا أسلمه مرغمة مفاتيح سيارتي ليبيعها و يبحث لنا عن مأوى نداري به خيبتنا .. جردنا والدي من كل ذكرياتنا و أمانينا و كل أحلامنا التي كنا نصبو لها , با عنجهيته و استفراده في البت با القرارات المصيرية و مغامراته الغير محسوبة فقدنا أبسط ما تحتاجه العائلة و هو المنزل الذي يجمعهم , نعم فقدناه لشملان منذ أعوام لكن كان هناك أمل خفي تضمه قلوبنا أن صكه سيعود باسمنا مُلّاكا له , لكن ماتت الأماني بنفس الوقت الذي ولدت فيه عند غيرنا ! .. فا لبيت الجيران عادت الحياة .. عاد علي و ليستيقظ الأموات !! ... عادت الحياة لشملان و وضوح و من قبلهم أصيل .. و حتى خالي أصبحت الحياة تنبض في عينيه و كأنه عكس عقارب الساعة ليولد من جديد , ليطلق عمتي و يتركها بعهدتنا حمل ثقيل لا مفر لنا من حمله .. لنرحل قبل أن يصرح جيراننا بأمر الرحيل , فا يكفي رحيل وضوح كا إشارة بوجوب سرعة المغادرة , و ها نحن نمتثل للأمر الواقع و نجر الخطى مغادرين .. حقيقة .. لم أدرك مدى تعلقي با منزلنا إلا عندما رأيته خاويا من مقاعدنا الوثيرة و مدفئتنا التي نحلق حولها في ليالي الشتاء القارصة , و جدرانه التي تركنا أنا و هند بصماتنا عليها آلمتني با صداها المودع لنا , و حتى بيت الدرج مكاني المفضل الذي خبأت به دفاتر ذكرياتي و ألعابي المشتركة مع هند أصبح موحش و لم يعد يضم إلى ثريا متهالكة رفض ساري أن نحملها معنا .. غادرنا منزلنا لتتصاعد العبرات لمجرى الدمع و تفضح حزني الذي خيم في قلبي و أنا أردد كلمات الوداع كأني أفارق عزيز أبت الحياة إلا أن أفارقه ! .. * * * ساري الذي ينزل أمتعة عائلته يوجه حديثه لوالدته : الله يخليج لي يا يمه تكفين لا تزيدين همي هم .. أم ساري بتعجب و هي تنزل صندوق يضم أكوابها الثمينة : و ش سويت يا غناتي .. ساري يتناول كف أمه ليقبلها : استريحي تكفين .. و لا تكابرين أنا أدري أنج موجوعة .. أم ساري تمسح على رأس أبنها الوحيد : وش يوجعني و أنت معاي و كل اللي أحبهم حولي .. يا أبو علي يا غناتي البيت مو جدار و سقف البيت عائلة و أنتم بيتي .. ساري يبتسم بألم : و أنا يا يمه بيتي ناقصه عامود .. أم ساري بتعاطف : الله يعوضك يا غناتي .. ساري كأنه يخاطب نفسه ليهمس : مابي فيها عوض.. وضوح تسوى عندي ها الدنيا كلها .. أم ساري بأسى : اللي جبر قلب عمتك يجبر قلبك .. ساري بحزن : أن صرت مثل عمتي يا عزتي لي .. * * * عتمة كل ما أرى مدجج با الظلمة .. عيناي تؤلماني و جفناي من الجفاف تأبيان أن تطبقا , و هذا الحزن الذي رافقني لعشرون عاما قرر اليوم أن يعزف النزف الأخير .. غادرنا المنزل الذي ولدت به و ترعرت فيه و نبض قلبي با الحب لأول مره تحت سقفه , ذاك المنزل الذي كنت فيه ابنة و أخت و من ثم زوجة و أم و عمة محبوبة , و السبب أنا من دون أن يوجه أحد أصبعه نحوي متهما , لا .. أخي أبو ساري ليس السبب الحقيقي , بل جريمتي البشعة التي دفع الكل ثمنها كانت المسبب الحقيقي لخروجنا من منزلنا .. و ليس المنزل أول ثمن أدفعه لجريمتي , بل آخر خسارتي في سلسلة بدأت بخسارتي لمن خسرت قلبي له ليعلقني بحبل الأماني أعواما طالت , كانت كوابيسها طلاقي و أجمل أحلامها لحظة التلاقي , لتنتهي قصتنا بطلاق و فراق أبدي أدمى قلبي الذي أشعر بنبضاته سكاكين تجبرني على مواصلة الإحساس ليمتد الألم و تتبعه ديمة أبنتي الوحيدة في الرحيل إلى الأبد .. فا ديمة التائهة لم تجد فيني ما يغري , لم أكن أما تحارب الأشباح التي سكنت خيالاتها طفلة , و لا أما ذو خبرة تطمئنها أن أعوام المراهقة قصيرة و منها يوما ما سوف تضحك , و لم أكن أما حكيمة تعود لها مستشيرة بقرارات مصيرية تتعلق با مستقبلها الذي نحوه تنطلق .. كنت دوما لها خيبة و علامة استفهام عملاقة حيث الأجوبة بعدها مرعبة .. و ها هي جريمتي تطول بظلها حياة أبناء أخي و ترهقهم بمستقبل مزعزع ... لأجد نفسي مكبلة أبحث عن ما يخفف من حملهم و يزيدها علي .... * * * أنفال بتعب : يا عمتي ريحي نفسج ما أنتي عارفه له .. العمة أم ديمة تحتضن علي الصغير و تبتسم : خليه معاي بتعود عليه و يتعود علي و أنتِ قومي ريحي عشان مشوارج باجر مع ديمة .. أنفال بنبرة شك : انتِ عارفه ديمة و ين تبي تاخذني باجر ؟ العمة بهدوء: عارفة .. تبي تروح معاج لأم عذبي عشان توظفج .. أنفال و علامات التعجب تطغى على ملامحها : و أنتِ يا عمتي شايفه الموضوع عادي ؟! .. العمة تمد كفها لتمسك بكف أنفال لتحثها على الجلوس بجانبها : الدنيا تقدم لنا الفرصة لمرة وحدة و أن ضيعناها ممكن نخسر عمر قربي يا أنفال و اسمعي قصة خسارتي اللي بدت من اللحظة اللي فيها تزوجت خالج .. * * * .......... قبل أعوام في الشهور الأولى من حمل أم ديمة .......... * * * أم عذبي المخدوعة بغضب لم يخفي ألمها : شلون هنت عليج و أنا اللي عديتج أختي الصغيرة .. من وراي أتفقتي معاهم و تزوجتي أبو عيالي بسر!! أم ديمة التي لم تتعد الثامنة عشر حينها : أخت ! .. قصدج مثل بنتج يا العجوز .. و أي نعم دللتيني و كل شي أبيه لي جيبتيه . .ليش ؟ .. لأنج عارفه أني خطر عليج من شاف فيني ولد عمي الأنثى اللي ما شافها فيج .. و قلتي في نفسج أملي عينها لين ما عاد تقدر تحطها في عيني و أضمن ولائها غصب .. أم عذبي تغلق عينيها و تتنفس بعمق لتفتحها و تبدأ من جديد : شلون بتعيشين ؟ .. شلون بتربين ها الطفل اللي بعد كم شهر بيولد في الفقر .. و إلا نسيتي أني أنا اللي شايله ها لبيت .. أم ديمة بسذاجة : زوجي حبيبي هو سندي و ذخري ... أم عذبي باستهزاء تحمله نبرتها الغاضبة : أبو عذبي حتى ثوبه اللي عليه ما يملكه عشان يقدر يوفر لج بيت يلمج أنتِ و أهلج .. أم ديمة تطلق ضحكة مستهترة : يا حراااام .. تكسرين الخاطر .. عرفتي أنه راح يتخلى عنج و يترك عالمج و يبني له عش ما يدخله إلا أنا و الجاي بطريق .. وجيتيني تخوفيني عشان ما تخسرين .. أم عذبي تبتسم بثقة : لا يا صغيرة عيدي حساباتج .. و خلينا نتفق إن محد فينا يخسر .. لان حتى لو أبو عذبي أتبعج و رضى با الفقر و التعب بيخسر أكثر لما أحرمه من عياله ... و راح يجي اليوم اللي يهده فيه الفقر و قتها ما يعزيه جمالج اللي بيذبل مع العمر .. تخيلي حياتج وقتها .. أم ديمة بتهكم : لا تحاتين حياتي يا أم قلب كبير .. عن ابو عذبي ما راح أتنازل أنا أحبه و هو يحبني أكثر .. أم عذبي مقاطعة : أنا بعرض عليج اتفاق , بتربحين منه أكثر من ربحي ... بحط لج مكان في بيتي و بمشي لج و لأهلج معاش و الجاي بطريق بيتربى مع عيالي بشرط ما تحطين أبو عذبي في موقف يختار فيه بينج و بين عياله.. و لا تعطيني رد اللحين .. أخذي وقتج با التفكير و شاوري أهلج ... أم ديمة بعناد : ما راح أشاور أحد و لا راح أقول لأحد أنج عرفتي و أخليلج الحرب و الضرب و أنا بحط رجل على رجل و أنطر حبيبي لين يخلص إجراءات طلاقه منج .. أم عذبي بحزم : أجل أخذيها مني وعد أنج راح تكونين متعلقة طول عمرج و أنتي تشوفيني آخذ كل من تحبين منج واحد ورى الثاني .. * * * أم ديمة تعود من سرد ذكرى أول مواجهة : أم عذبي ما ظلمتني و حتى لما ظلمتها و خنتها عطتني فرصة ثانيه و مدت لي أيدها بس أنا بقلة خبرتي و بغبائي رفضت و خليت قلبي و عقلي يراهنون على أبو عذبي , و با الأخير لما حسيت أني بخسر كل شي و عرفت أن أم عذبي فازت با الحرب اللي أنا بديتها تهورت و تماديت با الخطى و النتيجة كلكم تعرفونها و ذقتم مراراتها معاي. أنفال : يا عمتي الرازق الله و الفرص حنا اللي نصنعها و ما وقفت حياتنا على أم عذبي .. أنا ما راح أروح مع ديمة لها و أترجاها و أكسر نفسي .. أم ديمة برجاء : انفال فكري بمصلحتج و خلي كرامتج على صوب أنفال : و ها الكلام ليش ما قلتيه لساري .. هذا هي أعرضت عليه كذا فرصة و خالي بعد حاول فيه بس لما اتخذ موقفه و رفض محد جادله .. أم ديمة تبتسم لأنفال : و أنتِ تعتقدين ساري بيرفض الفرص اللي انعرضت عليه كرها في أم عذبي أو ثار لكرامة , ساري كان يداري خاطر وضوح خاف يخسرها لو اقترب من بيت خالج .. هذا كل الموضوع .. الكل يدور على مصلحته يا أنفال .. دوري على مصلحتج و لا تهتمين لأحد .. أنفال بقسوة : و أنا كنت أسأل نفسي ديمة ليش صارت أنانية و ما يهمها إلا نفسها ! أم ديمة بحزن : ديمة مو أنانية , ديمة ما تبي أحد يشيل همها حتى لو كنت أنا .. هي اللحين ما تحتاجني و أنا اللي احتاجها و أنا عارفه أن كل اللي تخطط له و تمشي فيه هدفه حياة كريمة لها و لي .. * * * تأثير الجينات في سلوكنا ساحر و كنت اعتقدها تقتصر على ما نرثه في كريات دمنا و أشكالنا التي تشي بصلة قرابتنا , لم تعش ديمة تحت جناح عمتي و عاشت حياة طويلة تحت ظل ردينة لتصبح نسخة من عمتي و لا تشبه ردينة بشيء ! إذا هذه عمتي التي لم أعرفها , عمتي التي طمرها الذنب حتى أستصعب علينا من قبل رؤية شكلها الحقيقي , عمتي الغيورة التي أرادت أن تمتلك كل شيء , عمتي الخائنة و الحقودة و التي تتساهل بكل شيء من إيمانياتها التي تشكل قيمها إلى نبضات قلبها التي تشكل أحاسيسها , حتى تصل لهدفها الذي رسمته على بيوت الآخرين كانت مستعدة لفعل أي شيء !! .. , و ها هي تنال العقاب العادل تكفيرا إلزاميا لم تحسب حسابه , فقدت عمتي منزلها كما أرادت أن تهدم منزل ردينة , و أمي و أبي المشاركين لها برسم الخطة انزلقوا معها في نفس الهوة الخاسرة .. و من المضحك أني الآن أرى الصورة من زاوية أخرى , ديمة لو أصبحت نسخة من ردينة أو في أحسن الأحوال أخذت من صفاتها لكانت امرأة حكيمة لا ترغمها العاطفة عن التخلي أو التهاون في قيم تؤمن بها . ردينة أمام من حسبت أنهم معنى لنقاء تبدو الآن ماسة قيمتها لا تنبع من شكلها بل من أصلها ... ............................................................ .......... * * * كاد أن يهوي قلبي مع انزلاق الكوب من يدي , و هذه ليست المرة الأولى فا في الآونة الأخيرة لم يعد ذهني يسعفني لتدارك أخطائي ! نعم يبدوا قلبي متطرفا ليهوي مع كوب كاد أن يتهشم على أرضية المطبخ اللامعة, لكن لهذا الكوب معزة .. فقدت أعتدت كل مساء أن أحتضنه في كفي قبل أن أغسله و أتأكد من وضعيته على الرف العلوي بجانب كوبي لعله يخطف من قبله و يصبح ملكا له ! * * * أصبح من الصعوبة علي أن أدخل أي غرفة من غرف المنزل من دون أن أتردد , لا أريد أن ألتقي بها و أنا على يقين أنها تتحين الفرصة للقائي صدفة .. نعم أتجنب صورها و صوتها و حتى رائحتها , لا أريد لقلبي أن يتعذب مرتين فا الحياة قصيرة و أنا عدت لأعيش و ليس لأموت فيها ! * * * شملان : شفيك يا علي , يا طالع مع أصيل يا حابس نفسك با الديوانية , معقول حتى غرفتك ما تبي تنام فيها .. علي بضجر وبلغة جديدة : شملان تعرف أني اكره أعلي صوتي عليك .. تكفي خلني و لا تزيدها علي ... شملان بمزاح محاولا به استعادة أخيه الغاضب منه : شلون أخليك و أنا ما عندي غير اخو واحد .. علي مقاطعا بغضب : أنت مو سويت اللي براسك و جبت وداد .. خلاص أجل خلني براحتي .. شملان بإصرار : أنا أبي تفكر و تقرر مو تنخش هني و تهرب من المواجهة .. علي : مو أنت صعبت الموضوع عليها و علي , أنا كنت بطلقها .. شملان مقاطعا : جذاب لو كنت تبي أطلقها جان ما ترددت .. علي : ترددي له سبب بعيد عن السبب الوحيد اللي تفكر فيه .. أنا مو قليل مروءة أطلقها و أخليها بليا سند .. شملان بعد تردد يوجه دفة الحديث لوجهة أخرى غير بعيدة عن وداد : علي تبي تعرف السبب الحقيقي اللي مأخرني في استخراج الأوراق الرسمية اللي تثبت انك حي .. علي بتوجس : في سبب غير أنك زورت وفاتي ؟ شملان بما يشبه الهمس : أبو سالم هو اللي أندفن بأسمك .. علي يقفز من محله و يقترب من شملان ليمسكه من كتفه : شلون مات .. لا تقول أني ذبحته .. تكفى شملان لا تقول أني ذبحته .. شملان يخلص نفسه من علي و يبتعد لزاوية : أنا السبب .. أنا اللي جبته ينام في بيتنا هذاك اليوم .. مو ذنبك أنك في لحظة جنون شبيت النار في البيت و احترق أبو سالم فيه .. علي و دموعه تدافعت على وجهه : يا الله ... يا كبر ذنبي ... يا الله .. لو تدري وداد راح تكرهني .. شملان يسارع له و بلهجة متحكمة : لا تفكر حتى تلمح لها .. وداد و سالم تجاوزوا غياب أبوهم و عاشوا .. لا تقسي عليهم با حقيقة تردهم لضياع . علي بقهر يصرخ بأخيه : تبيني أجذب و أزور مثلك ؟!! .. تبيني أتلفت وراي و اشك في الكل و تمادى با الجذب و أخطي في اليوم ألف ألف مره على من أحبهم و اسمي الحقيقة ضياع .. ضياااع يا شملان ؟!! متى الحقيقة كانت ضياع .. لو ما أعرفك قلت أنك تبي تحمي نفسك بس أنا أعرفك تعتقد محد راح يحبك إلا إذا جذبت ! شملان بألم : بعض الحقايق من بشاعتها تعلمنا الجذب .. بس أنا ما أجبرك تجذب .. أنا يا علي ما عاد تهمني نفسي هذا أنت رديت و وضوح ردت معاك و فينوس ابتعدت للأبد, أنا أنجزت مهمتي .. و أنت سو اللي تشوفه صح .. * * * انطلقت أجري في أرجاء المنزل باحثا عنها أريد أن ارتمي تحت قدميها و أطلب المغفرة من دون الفوز بالصفح , أن أقرب لها هاتف المنزل وأطلب لها رقم الشرطة حتى يقتادوني بجريمة قتل والدها لتأخذ العدالة مجراها و أقتاد لمصيري و أتخلص من ذنوبي لعل في الجنة أكون زوجا لها ! * * * لا أعرف كيف أصبح أمامي وأنا في الطريق لطابق العلوي الذي هجر كل الطرق المؤدية إليه هربا مني , لذا عندما استوقفني ذهلت حتى أنني شككت للحظة أني أتخيل وجوده , كانت شفتاه ترتجفان و الدموع لها مجرى على خديه واقف على بعد خطوات مني يتأملني لأقترب فزعة أطلب منه أن يخبرني إن كان سالم بخير و لم يصبه أي سوء ! * * * علي بعد أن قدم لها الماء البارد : يا بنت الحلال هذي ثاني مره أحلف لج سالم ما فيه إلا العافية و نايم بفراشه .. سمي و أشربي الماي وهدي نفسج .. وداد بعد أن ارتشفت من كأس الماء الذي قدمه لها: أجل شفيك ؟ .. صاير شي .. متعبك شي .. أروح أنادي لك شملان .. علي يجلس بجانبها : خليج معاي .. و قولي لي .. منو تحبين بعد سالم ؟ وداد المرتبكة بعفوية مصطنعة : ردونة .. يا الله شنو اشتقت لها .. علي بخيبة تملكت نبرته : كنت اعتقد بتقولين أنت .. وداد تبتسم بخجل : أنت ! .. أنت مفروض ما تسأل و لا تحط نفسك قبل و لا بعد أحد .. علي برجاء : إذا تحبيني قوليها .. خليني أسمعها لأول و لآخر مره . وداد و دمعه طفرت من عينها على حين غرة: ما راح تكفي مره و أنا اللي في قلبي أكثر .. علي بإلحاح : زين قوليها .. قوليها تكفين و هونيها علي .. وداد بخوف : أنت تخوفني .. علي .. قولي شا اللي صاير ؟ علي الذي يأس من أن تنطق وداد بما يتمنى أن يسمع بدأ بسرد القصة من ذاكرة لم تتعافى كليا ... * * * كان يتوقف لثواني ليعتصر الذاكرة من ثم يسرد ما لا يمكن جمعه , ليتوقف و حيرته تطغى على ملامحه ليفاجئني بعينيه تتأملاني باحثة عن ردة فعل لم أتبرع بها , تركت ملامحي مسترخية و أنا أستمع لاعترافاته متأمله ملامحه التي تنطق بصدق , كم هو حنون و يملك أروع صوت , في بحته أجد وطن و في ابتسامته الصادقة متسع لحياة رغدة أودع فيها الحزن الذي لسنوات كان ظلي الوفي ! * * * علي يختم اعترافه : و ما بقى من بيتنا إلا رماد و جثه وحده ظن الكل أنها لي ... وداد تقاطع علي : خلاص أرتاح .. و لا أتعب ذاكرتك .. كل شي دونته با مذكراتك و أنا قريته .. علي المفاجأ : مذكراتي .. وداد بعفويتها المعتادة : سالم أخذ مذكراتك في اليوم اللي هربنا فيه .. قالي بعد مده أنه تخلص منهم بس كان يجذب علي عشان يحميني من الحقيقة .. تبيني أجيب مذكراتك عشان تكمل اللي خانتك ذاكرتك في جمعه ؟ علي بتردد : ما أبي أقرأ شي .. أنا راضي با اللي بقى من ذاكرتي و معترف بذنبي .. * * * غادرت ما إن انتهيت من اعترافي , لأضع رأسي حيث كانت تجلس و أجهش ببكاء مر لا يليق برجل .. ليصل أنيني لوضوح التي تلقفت حزني و رتلت على مسامعي آيات من الذكر الحكيم لأستكين بأحضانها مرددا " يا ربي سامحني " .. * * * انطلقت نحو غرفتي لاهثة يدفعني حبي لعلي و أمل بمستقبل يجمعنا , سارعت لدولابي و أخرجت دفتره الذي دسسته بين ملابسي كا تاريخ أريده أن يختفي تحت كومة الأيام , فا منه عرفت مصير والدي الذي مات من عقب سيجارة عرضها على علي الذي رفض استنشاقها .. كتب علي ..... ( خنقني الزائر المدعو با أبو سالم المفروض وجوده من شملان , لم تكن هذه المرة الأولى التي يجلبه شملان للمنزل ليضمن حضوره لجلسة من جلسات قضاياه المتتالية , لكن هذه المرة ضقت ذرعا به و أردت أن أطرده كما طردت أصيل , أريد أن أبقى في منزلي لوحدي لأصرخ و أحطم كل ما حولي من دون أن يكون هناك من يردد مجنون قيدوه و أعطوه المهدئات ليستريح و يريح ... و كيف أرتاح و من عشقت مزقت قلبي و ارتمت بأحضان من لن يحبها بقدر ما أحببتها .... تبا لها .. لتخرج من ذاكرتي إن كانت تأبى الخروج من قلبي ... نعم .. نعم أبو سالم ... كنت في طريقي لسلم لأجده في منتصف الطابق متأملا الديكور و اللوحات و عندما نبهته لوجودي رحب بي قائلا "يا مجنون كم كلفتكم كل هذه التحف ؟ .." , توجهت له مسرعا أريد أن أقذفه خارجا بأسرع وقت لأجد سيجارته النتنة أمامي يعرضها علي كا عربون صلح قذفتها لتطير و رائي ليأخذ أبو سالم بتأنيبي لقلة تهذيبي و نسي أنه من قلة الأدب أن يتسكع الضيف بين غرف النوم , و بعد جدال قصير انتبهت لنار التي اشتعلت بستائر لأسارع في إطفائها بكل ما تقع عليه يدي و أبو سالم ورائي مرددا يا مجنون لنخرج من هنا قبل أن نموت لينقطع صوته بصرخة أطلقها عندما وصلت النار له قبل أن تصلني .... ليغيب عقلي من جديد و يعود لي مرتعدا بين حاويات القمامة خائفا أبكي متسائلا أين أنا لتمتد لي كفان أعرفهما كما أعرف كفاي عارضة علي انتشالي من الضياع, لأتوقف عن البكاء حالما اكتشفت أن المنقذ هو شملان و أن عقلي لم يكن يخدعني ) .. كانت هذه المرة الوحيدة التي ذكر بها علي أبي و كانت كافيه لأعرف أنه كان يعنيه هو و ليس شخصا يحمل نفس اللقب , حتى أخي سالم عندما واجهته أسر لي بأنه يعتقد أن من ذكره علي في دفتره لابد أن يكون والدي , و هذا ما جعلنا نفهم دوافع شملان و مصدر اهتمامه و لما أصبحنا جزءا من حياته رغما عنا ! موت أبي كان حادثا مأساويا و ليس على شملان أو علي أن يحملان عبأ الذنب و يطلبان العفو, و ليس علي أنا و سالم أن نعاقبهما أو نكره أي منهما , قد يكون ما حدث رحمة لنا , فأبي لم يكن فارسنا ذو الدرع الحديدي و لم تسوء حياتنا برحيله و رضائي بقضاء الله و قدره واجب و حبي لوالدي لم تقهره النيران الذي مات فيها شهيدا ! * * * قضينا الليل بأسره نقرأ مذكرات علي مره بصوته المتعب و مره بصوتي المحمل با الندم و مره بصوت أختنا المتعطشة لمعرفة كل ما فاتها من حياتنا ... * * * كنت ألتهم الكلمات كا طفلة مهووسة با القراءة ووقعت بين يديها رواية مليئة با لإثارة تدور أحداثها في عالم آخر و أبطالها لهم ملامح شرقية تكاد أن تقسم أنها لمحتها فيمن تحب , , حاول كلاهما أن يثنيانِ عن القراءة و يقنعاني بأخذ استراحة لكني رفضت اقتراحهم و هربت با الدفتر لغرفتي لأنفرد با قراءته طوال الليل .... بعض ما كتبه علي بدا طلاسم و غير مفهوم و يمكن أن أعزي ذلك إلى عواصف الجنون التي كانت تهب على عقله و هو يقاوم خسارته , و في بعض ما كتب كان يسرد ما تبقى من ذاكرته , بدا انه يكتب بذهن صافي حتى يمرن عقله على البقاء , أما ما وجدته شاعريا و لامس شغاف قلبي هو حديث قلبه الذي أرخه , من بداية التلاقي إلى آخر ما أستقر في قلبه من عاطفة خاصة لها .... * * ( لأن عقلي يغيب لزمن لا يمكن لي حسابه أجد من الصعب أن أحدد اليوم الذي تأصل شعوري بها .. لا أعرف إن كان إحساسي مرده لجفاف أيامي و كآبة كل ما يحيطني أم هي استثنائية و تستحق أن ينشغل عقلي الواعي بها ) .. . . ( لا يبدو أنها واعية لنور الذي يتلصص من خلفها و يجرد لي محاسنها , لم أخجل من أفكاري بل وجدتها مضحكة لأني تخيلت ردة فعلها إن علمت أن النور تحالف معي ضدها و هي من توصد الأبواب بيني و بينه بمفاتيحها التي تثقل بحملها أناملها ) .. . . ( يبدو أنني في لحظة غياب عقلي أرعبتها , ويبدوا أنها قررت أن تستعمل القسوة منهاجا في التعامل معي , وددت أن أخبرها أن الدور لا يليق فيها , فملامحها الأخاذة و هي عاقدة حاجبيها ستجعلني أدمن القسوة و أتلذذ بإثارة غضبها ) .. . . ( لم أراها منذ زمن , و عندما سألتها أين كانت أخبرتني بنبرة حنونة أني أنا من غادر لأيام , لحظتها شعرت بعبرة تتكور في مجرى التنفس و وددت لحظتها لو أن لي المقدرة في الانقضاض على عقلي وتهشيمه لأنه سلبني وقتا لا يعود برفقتها .. نعم تأكدت من آثارها من حولي أنها كانت هنا برفقتي تحمل الأسلحة و الدواء بجانبها .. تحرسني و تحترس مني ) . . ( اليوم على غير عادة لم تنطق بحرف و اعتصمت خلف الصمت , كانت تنظف بآلية مكاني و ترفض المسافات التي تقربها مني , و كنت أبعد تلقائيا عن المكان الذي أخمن أنها تريد تنظيفه .. شعرت بغصة و بكبريائي يتعاظم و أنا أرى منها الصد , و السبب كله في سؤالي البريء الذي تجرأت على طرحه " هل أحببتِ مثلي من قبل ؟ " ..) . . ( لأيام حاولت أن أقترب و اشرح مضمون سؤالي , حتى لو سببت إحراجا لنفسي .. فمعاملتها الصامتة تقتلني ببطء .. نعم ضمنت سؤالي ماضي قلبي حتى ارفع الحرج عنها و عني .. حتى أشعرها أنني لا أتسول حبا و أني لست منهزم و فلبي اعتاد المغامرات العاطفية و لي المقدرة على تخطي الرفض ! ) . . ( يتقاتل النور و الظل على البقعة التي انزويت فيها في معتقل وحدتي , متسائلا هل وداد حقيقة أم هي من نسج المخيلة ... هل هي من العالم الذي أرفضه أم من العالم الذي يرفضني .. أي كانت الإجابة فا مشاعري لها حقيقة لا تحتاج لعقل واعي ليقر أن القلب ينبض كلما مر طيفها .. ) . ............................................................ .. * * * ملتصقة في فراشي و مزيحة الغطاء الذي خنقني و مترصدة لباب الغرفة أرسم ما يحدث خلفه , أتخيل أنه يقف هناك مترددا يريد أن يستأذن بدخول تارة و تارة أخرى يريد أن يقرر أحقيته في المكان و صاحبته من دون أن يستأذن , فا منذ أن قرأت أفكاره التي دونها في دفتره و أنا أتمنى أن ألتقي به مره أخرى لأجعله يتأكد من مشاعره و عندما أعطيته الدفتر هذه الليلة لم يكن هدفي الأوحد تخليصه من الذنب بل أردت أن أحقق أمنية أخفيتها في صدري لشهور مضت, أردت أن يتذكر مشاعره نحوي و يتفحصها و يقرر هل أنتمي لعالم يرفضه أم لعالم يرغب ببنائه معي ... * * * كنت أعيش حلما لذيذا كانت فينوس بطلته حتى قطعه علي موقظا لي ... علي الذي لم يستطع أن يتوقف عن الضحك : قوم يا شملان وصل ركعتين أحسن لك و استغفر .. شملان بخجل : أذن الفجر .. علي مازال يضحك : لا .. بس قوم تهجد .. شملان بقهر : فارق و خلني أنام يا مزعج ... و يا ليت تطلع من غرفتي كلها ما أكثر من غرف البيت .. علي مبتسما : زين بطلع بس أبي أقولك أني باجر بخطب وداد من سالم .. شملان يجلس على فراشه : تخطب زوجتك ؟!! علي يغمز له : هي زوجتي بقرار منك يا الشايب العزوبي .. أنا لا خطبتها و لا ملكت عليها بوعي .. و الحين أبي الأمور تاخذ مجراها الطبيعي .. أبي أخطبها و أنتظر ردها و يااارب توافق و أملي ها البيت عيال .. شملان بصدق : اللهم آمين .. بس با الأول خلنا نحل موضوع أوراقك الرسمية لأنها تحتاج وقت .. و إلا تبي أخوك يضيع مستقبله ؟ علي بعاطفة أخوية صافية : أبي لك اللي أبيه لنفسي يا اخوي .. * * * عدت أطبق عيني و أنا أحلم أن أكون مكان علي , أن أستعد لخطبة من تعلق قلبي بها و أخطط معها لإنشاء عائلة .. الحلم مجالي لتحقيق الأماني بعد أن خسرتها في واقعي . * * * أردت أن يرى شملان أن الكل يمضي في حياته إلا هو , أنا سأتزوج و أخطط لإنشاء عائلة و هو متقوقعا على نفسه في أحلامه , شملان جعل أنجاب الأطفال حجر عثرة في استمرار حياته مع فينوس , اتخذ قراره و أرغمها على قبوله من دون أن تعرف سببه , و تغاضى شملان عن حقيقة أن المرأة أكثر إخلاصا لمن تحب , و أنها في سبيل من تحب تختلق الأعذار و تخلق من المحن فرص . * * * علي يطرق باب وضوح قبيل الفجر : شكلي بطبع نسخ من دفتري و أبيعه و أستفيد .. و يمكن بعد يسوون فيلم عني و أصير مليونير . وضوح تبتسم : بس لا تنسى تقسم الأرباح بينك و بين بطلة القصة . علي يدخل الغرفة مطلقا ضحكاته الرنانة : لا تخافين أنا مخطط لكل شي و عن قريب جيبي و جيبها بيصير واحد .. شرايج في عقلية أخوج التجارية .. وضوح تحارب دموعها التي باغتتها : يا الله يا علي شنو أشتقت لك علي يحاوط بذراعيه وضوح : تكفين و ضوح مو كل ما قعدت معاج قلبتيها فلم هندي .. وضوح تمسح دموعها و تسلمه الدفتر : خلاص وعد ما عاد أبجي قدامك .. علي : لا تكفين .. إذا تبين تبجين أبجي قدامي و خليني اواسيج و لا تبجين من ورانا .. وضوح تمسح دموعها و تعاود الابتسام : خلك مني و قولي شنو قررت .. علي مبتسما : قررت أخطب وداد و أمشي با الموضوع بترتيب .. و أنتِ شنو خططتي له ؟ وضوح : تواصلت با الإيميل مع مستشفى با لندن متخصص با معالجة الحروق و .. علي بفرحة : و أنا اللي بوديج .. وضوح : لا يا المعرس انا ماراح يروح معاي ألا شملان و لي أهداف ثانيه غير العلاج .. علي بفرحة : تبينه يزور طبيب مختص بعلاج العقم .. وضوح بحرج : هذا موضوع حساس ما اقدر أفتحه مع شملان , أنا أبيه يروح معاي لندن لأني عرفت أن فينوس بتروح لندن تاخذ لها دورة .. يمكن أقدر أجمعهم مره ثانيه .. علي بعد صمت قصير : زين .. شاورتي ساري ؟ .. تراه للحين زوجج .. وضوح على عجالة و هي تغلق دفتر علي : ساري يدري با الموضوع , لا تحاتي .. علي بإصرار على متابعة الحديث : و علاقتج فيه .. وضوح منهية الحديث : بتنهيها الأيام .. أنا ما راح أجبره يطلق بس راح أخليه يتقبل حياته من دوني بتدريج .. * * * تعتقد وضوح أن طريقها لتشافي يبدأ من انفصالها عن ساري , لما و كيف وصلت لهذه النتيجة يصعب علي الإجابة , هي فقط من لديها كل الأجوبة .. و كل ما أتمناه أن لا يكون طريقها التي قررت أن تسلكه هدفه الثأر لكرمتها .. ............................................................ ............. * * * لم يغمض لي جفن و لا يبدوا أن أحدا منهم زاره النوم , لكن الوحيد الذي صرح بإحساس الوحشة و عدم مقدرته على التأقلم مع مكانه الجديد الذي عليه أن يتعود على النوم فيه هو علي الصغير .. فا بكائه و صراخه شرخ سكون الليل و تركنا مرتبكين , من أحضان عمتي لأحضان أمي لأتلقفه أنا با المقابل ليجيء دور ساري و علي الصغير مستمر بصراخ و العويل ... و لقلة حيلتنا نحن النسوة بكينا لتكون دموعنا ظاهرها تعاطفا مع علي و في حقيقتها مراسم حزن نقيمها في أول ليلة نقضيها كا غرباء في هذا المسكن الموحش ... هربت منهم عندما فشلت بإيجاد دور مفيد لي , لا أعرف التعامل مع علي الصغير ولا يمكن لي التخفيف عن أمي , وجدت نفسي ألجأ لكمبيوتري المحمول و أسارع لأرض الغرباء أبحث عن خاطرتي الأخيرة لأزيد عليها جرحا جديدا .. لأجد ردا صعقني و شل أصابعي عن متابعة الكتابة ... الرد من كبير الغرباء .. ( للحب .. السند موجود مادامت المشاعر صادقة وليست محاولة لتلاعب , و ليس في عالم المحبين مجال لمثل هذا الخطأ و كل ما دونه .. غفرانه وارد .. سوء فهم و مواقف عدة تشوبها الشوائب , لكن المحب يجد للغفران سبيل و يسلك له كل طريق , و نعم الدانة جدا محبوبة و من قريبتها الماسة جدا شبيهة.. ووعد لن يقف السند مره أخرى حاملا الدانة في طابور المخابز .. ) .. * * * أغلقت كمبيوتري على عجل و قفزت من مكاني قاصدة فراشي لأندس تحت الأغطية ... حلم . .بل كابوس .. نعم أنا أتخيل بل أتوهم فا هذا البيت ملعون ! ............................................................ ........ * * * خضعت لتحقيق من وضوح عن مسيرتي القادمة و أخبرتني سرا أنها تنوي أن تعاود علاجها في لندن و أن علينا أن نكون على تواصل , لم أسالها من سيكون مرافقها و أنا أحاول أن أستبعد أسمه فأنا الأخرى في طريقي لرحلة علاج من نوع آخر تبدأ من نسيان أسمه .. * * * أبو عذبي : جهزتي كل أغراضج .. فينوس بسعادة : كل شي جاهز .. بس تمنيت ناخذ ديمة معانا تغير جو .. أبو عذبي بعتاب : تبيني أكافئها على رسوبها ؟ فينوس التي شعرت با الحرج : لا بس .. أبو عذبي مقاطعا : خلينا من ديمة و فكري معاي بعروسة لأصيل .. فينوس بدهشة : أصيل يبي يتزوج ؟!! ابو عذبي بنبرة عدم رضا : ما تعرفين أصيل .. بكل شي يبي يقلد علي .. فينوس بخيبة : أي .. يعني الموضوع تقليد .. اجل أنا طلعوني من الموضوع ... ما أبي أكون سبب في تعاسة أحد . ............................................................ ........ * * * لشخوص التي من ورق تكتب النهايات حيث كل عقدة تنتهي بحل .. و شخوصنا التي لم تسارع با الحلول .. قد تنتهي حياتها قبل أن تعيشها ! ............................................................ ........ إلى اللقاء في الخميس القادم بإذن الله .. |
الجزء الثامن و العشرون :
* * * غريزة البقاء مدهشة ... نشطب المستحيل و نقبل على ما هو ممكن .. لنبقى ! * * * ما إن انتهينا من أداء صلاة الفجر في المسجد حتى سارعت لسالم متبرعا أن أقوم بدوره لهذا اليوم و هكذا سارعت الخطى نحو المخبز لأكون أنا من يسلم الخبز حارا لوداد ... لكن ما إن وقفت في آخر الطابور حتى عصفت الأفكار في ذهني و أوهنت عزمي حتى إنني فكرت با الانسحاب قبل أن يقف أحد ورائي ! .. نعم أريد أن أتزوج وداد و ليس عندي أدنى شك باني سوف أكون سعيدا معها , لكن أريد أن أبدأ حياتي الجديدة معها من دون قضايا معلقة أهمها وجودي ! .. أنا غير موجود فا كيف لي أن أتزوج و أنجب أطفال ينسبون لي و تكون لهم أوراق رسمية تثبت ذلك .. حتى أنني لا املك شيئا باسمي لأطمئن أني سوف أترك ميراثا لها يحميها من تقلبات الزمن , نعم شملان يردد على مسامعي انه سوف يحل الأمر لكن أعرف يقينا انه غير متأكد في كيفية إثبات وجودي من دون أن يجر على نفسه متاعب أكبر لا يمكن حلها , و أنا لا أريد أن أحل قضيتي بإدخال أخي في متاهة لا يمكن له الخروج منها سالما ... و هكذا ليكون لي وجود يجب أن تتعقد الأمور و يتأذى من أحب ! * * * كنت لتو أقف في طابور المخبز و أفكاري تنحصر بأنفال و أسئلة ارددها على نفسي منذ ليلة الأمس .. ( هل ما فعلته صحيح أم خطا فادح لا يغتفر ... هل هو أخلاقي أو دليل على دنو أخلاقي .. هل هناك فرصة أم قتلت بحماقتي أصغر فرصة ) .. لتبتر أفكاري من الرجل الطويل الواقف أمامي . * * * علي الواقف بطابور يؤشر على سيارة سند : هذي سيارتك ؟ سند بتوجس : أي نعم .. في شي . علي يبتسم : تبيعها ؟ سند الذي لا يبدو أنه بمزاج جيد : لأ .. علي يستمر في رسم ابتسامته : لا تستعجل برد قبل ما تسمع عرضي .. يمكن أشتريها منك با سعر وحده جديدة . سند بتهكم : خلاص أجل أشتري وحده جديدة . علي : مو المشكلة أني أبي اشتري سيارة هدية لشخص عزيز محتاجها بس أنا متأكد انه ما راح يقبلها إذا كانت جديدة .. سند و كأن الفكرة راقت له : و بكم ناوي تشتريها مني ؟ علي : بكم أنت تبيها ؟ * * * على الرغم من تعلقي بسيارتي و با الأخص أن دانة ولدت فيها إلا أن الواقع يفرض علي بيعها , فا صيانتها مكلفة و أنا انوي الادخار فا تكاليف الزواج باهظة .. و يبدو أن أنفال تجدها قبيحة , هكذا شعرت من عدة تعليقات وصلتني منها .. و ما دخل أنفال با الموضوع ... من أخدع .. لها كل دخل .. أريد أن تعجب سيارتي أنفال !! ...................................................... * * * كآبة مزاجي هذا الصباح ملاحظة , فا كل ما يحيط فيني يدعو للحزن ! .. لم أنم الليلة الماضية و أنا أتخيل والدتي تبكي خسارة منزلها الذي في زواياه شيدت الحب و أرّخت على جدرانه ذاكرة تضم كل من تحب , لتغادره منفية للأبد ! .. أتمنى لو كان بإمكاني أن أمد يد المساعدة لها بدل الحزن عليها ... لكن ما با اليد حيلة و كل ما أقدر عليه هو اقتحام مطبخ ردينة و إعداد طعام يليق بملوك خسروا ميراثهم بغفلة , على الرغم من أني متأكدة أن الحزن اتخمهم حتى فقدوا شهيتهم لما هو آت . * * * لا يبدوا لي أنها بمزاج جيد و أنا فاشل في إيصال المعنى الصحيح لقراراتي , فا أنا أعلم يقينا أنها سوف تحور رغبتي بسفر مع أبي و فينوس لمعنى آخر لا أقصده , فا أنا أريد أن أطمئن أن والدي و فينوس استقروا في مكانهم الجديد قبل أن أتركهم , قد يحتاج الأمر لأكثر من شهر أو لأقل من يومين , لا أعرف على وجه الدقة و هنا المعضلة , هل أذهب بوعد العودة بعد يومين أو أجعل المدة غير محددة ! * * عذبي الذي انتهى من ارتداء ملابسه : اذا تحبين بعد تقعدين يومين عندهم أنا ما عندي مانع .. وصايف مستغربة : أنام يومين أنا و عيالي ؟!! .. عذبي : العيال يحبون علي و بيستانسون معاه .. و أنتِ بعد بتونسين أمج و عمتج .. أكيد يبي لهم وقت على ما يتأقلمون في بيتهم الجديد وصايف بتوجس : و أنت ؟ عذبي بكل بساطة : أنا بسافر مع أبوي و فينوس .. يومين وراد .. وصايف بصدمة : تسافر !! .. بها السرعة مليت و رديت لطبعك .. عذبي الذي توقع هجومها : طبعي !! .. وصايف تسارع با الهجوم : طبعا لما رديت و حطيتني بجيك و تأكدت ان منافسك بيعرس و ما عاد يمثل لك خطر قلت يله أروح أكافئ نفسي بسفرة .. عذبي ينطلق نحوها بغضب : فعلا عقلج صغير و الشرها علي اللي أعطيج خبر و أشرح لج أسبابي .. وصايف تختنق بدموعها : لا بعد .. تبي تسافر و أنا آخر من يعلم .. شرايك أروح أنا و عيالي لأهلي للأبد .. عذبي يحاول أن يكتم غيضه و يستعيد هدوئه : بلاها ها التهديدات الفاضية .. و أهلج فيهم اللي مكفيهم و أنا بروح مع أبوي و فينوس لأني أبي أتطمن عليهم مو لاني بنحاش منج .. المسالة كلها أن ابوي ما عمره سافر لأوروبا و لا يعرف يصرف نفسه و فينوس مهما سافرت و راحت و جت إلا أنها بنت و أخاف عليها .. . أرتب أمورهم بيومين و أرجع .. لا تكبرين الموضوع .. وصايف المستشيطه غضب : روح يا أبو عبد الله .. روح و أحذفنا وراك و أمش ورى من يهمونك أكثر .. عذبي بملل : و بعدين عاد ... بتعددين لي منو المهم لي و منو الأهم .. أنتم مهمين و أهلي مهمين و الموضوع ما فيه تفضيل .. وصايف : و أنا زوجتك و من حقي عليك تشاورني و أدور رضاي .. انا مو راضيه تروح و تخليني أنا و عيالي وراك و خالي و فينوس مو أطفال و لا بحاجة لرعايتك .. عذبي يلين نبرته و يقترب منها في محاولة لتهدئتها : انتِ تامرين على قلبي و روحي .. بس يرضيج أقعد هني و بالي مشغول عليهم .. كلها يومين أروح معاهم أتأكد من وضعهم و أرد . وصايف المقهورة :.. ما يهمني قعدت يومين أو أكثر .. روح علك ما ترد أو ترد و ما تلقاني حية ... * * * أرعبتني الفكرة ... أن أعود و لا أجد وصايف حية .. أرفض حتى تخيل الفكرة ... لم أتعود من وصايف أثناء خلافاتنا و نزاعاتنا أن ترفع الدعاء علي أو على نفسها , فا أقصى ما كانت تهددني به هو الرحيل و تركي للأبد و هو ما كنت أضحك منه سرا مرددا عن يقين أنه من المستحيل , و حتى عندما كنت أخبرها بنواياي المتكررة على السفر لتطلق أحد تهديداتها التي تختتمها بأنها سوف تكرهني إلى الأبد كنت أيضا أضحك سرا منها لمعرفتي أنها تهذي , لكن أن تدعوا على نفسها با الموت و تتمناه فا هذه هي الفكرة التي لا يمكن أن اضحك منها , بل هذه الفكرة التي لتو زرعت فيني الخوف , أن أعود و لا أجد لها أثر إلى الأبد يعني فنائي ! * * * لم افعلها من قبل .. لم أقوى و لا حتى لمرة على أن أطلب من الله أن يختفي عذبي من على وجه الأرض للأبد , حتى و أنا في قمة غضبي و خيبتي منه لم أتجرأ حتى على تكوين الفكرة .. لكن هذه المرة أطلقت دعائي راجية الرحمة من عذابات لا أحتمل تذوقها مجددا .. فا عودة عذبي لممارسة هوايته تعني موت قلبي و كل ما يحمل من مشاعر له , إن أراد الرحيل فليرحل للأبد من دون أن يتركني عند المحطة أودعه في كل مرة يمل من تواجده معي و استقبله في كل مره لي يشتاق ! ............................................................ .... * * * متعبة و منهكة و لا أقوى على رفع رأسي من الوسادة , ورائحة هذه الغرفة تثير بي الغثيان .. اعتقد أنني مريضة .. بل أنا مريضة و لا أحتاج لتشخيص طبيب .. أريد أن أعود لنوم لأستيقظ بحواس أقوى و رؤية أوضح يمكن لي بها أن أكون متأكدة أنني مازلت في غرفتي و مازالت النافذة عن يميني و بعد بضع دقائق سأسمع سائق حافلة المدرسة يطلق بوقه المزعج لجلب انتباه ابنة الجيران التي لن تخرج إلا بعد أن تتأكد أن أعصاب السائق احترقت و أذناي صمت .. * * * ديمة تقتحم غرفة أنفال : قومي يا كسولة وصايف مسوية ريوق ملوك .. يله انفال قومي ... شفيكم كلكم كسلانين اليوم .. أنفال تسحب غطائها على رأسها و بصوت يدل على التعب : ديمة تكفين خليني أنام ... أنا مريضة .. ديمة تقفز لسرير أنفال و تزيل الغطاء عنها : عارفه انج تبين تصرفيني عشان ما نروح لردينة .. أنفال تعتدل جلوسا على سريرها : ما حزرتي .. ديمة التي شعرت با القلق عندما لاحظت ذبول عيني أنفال : أنفال شفيج .. شكلج فعلا مريضة .. أنفال تخفي وجهها بين كفيها : أنا غبيه .. غبيه .. غبيه .. ديمة بمزاح : مو شي جديد .. و كنت أعرف ها الشي من زمااان .. بس انتِ شلون عرفتي .. أنفال تنظر لها بغيظ : ترى الموضوع ما يحتمل مزح .. أنا بورطة ديمة وبان الذعر على محياها لتهمس : بورطة ؟!! .. أنفال تبتلع ترددها لتسرد لها كل ما حصل لتنتهي ب ..:... ومن سكرت الكمبيوتر و نطيت بفراشي و أنا مره بردانه و مره حرانه و مره أهذري و أسولف على نفسي ومره أخبي راسي تحت الوسادة من أفكاري .. ديمة التي كانت مصغية من دون مقاطعة انفجرت ضاحكة : هذي حوبتي يوم قلت لج أنج تحبينه و انتِ تهدين علي و ترددين أنتِ خبلهو كل ما نصحتج أكلتيني .. أنفال بغيض : أكلج القرش قولي آمين .. ديمة تمسك برقبة أنفال : استغفري .. استغفري اللحين .. أنفال تبعد يدا ديمة لتسعل : يا ثقل أدينج .. قطعتي نفسي .. أستغفر الله .. أرتحتي اللحين ... ديمة بنشاط : أي الحمد الله ... يله قومي أنتريق .. أنفال بدهشة : اللحين أقولج السالفة اللي أعفستني و مسهرتني طول الليل و أنتِ بكل برود تقولين يله نتريق .. ديمة : انا وحده ما أعرف أفكر إلا لما آكل .. و بعدين و حنا بطريق لزيارة وضوح نتكلم عن الموضوع و يمكن نطلع بفكرة تريحج .. أنفال ترفع حاجبها استغرابا : نزور وضوح ؟!! .. ديمة : مو أنتِ ما تبين تشتغلين عند ردينة ... خلاص لقينا لج سيدة أعمال ثانيه .. أنفال لم تفهم : وضوح ما عندها أعمال يا آنسة ديمة .. ديمة : شفتي انج ما تدرين عن شي .. وضوح مشاركة براس المال في شركة التجهيزات الغذائية الي أسسوها بنات خالها و يشتغلون فيها و هذا هم مكسرين السوق بشغلهم .. أنفال : أي الله يرزقهم بس ما فهمت أنا شدخلني .. ديمة : الله يسلمج عرفت من وضوح أنهم موسعين شغلهم و يبون موظفين .. انفال : أي و تبيني أروح و أقط وجهي عند وضوح اللي منحاشة منا. ديمة بجدية : اسمعي يا أنفال . .تبين تصيرين حساسه معناه ما راح تعيشين , وضوح بنت خالج و إذا زرتيها معاي عادي .. هذي هي استقبلتني و هي تكره أمي . أنفال : ادري وضوح راح تستقبلني أحسن استقبال, بس أنا عارفه أنها ما تبي أي شي من صوبنا و متأكده أنها تفضل ما تشوفنا مره ثانيه , و انتِ بذات تلقينها مو متحمله تزورينها .. و أنا وحده كرامتي فوق كل شي و ما أتحمل أقعد مع ناس مو متقبلين وجودي . ديمة تزفر بضيق : ها البنت شلون أفهمها .. أنفاااااالووووووه وصمخ أسمعي عدل ... أصيل يبي يتزوج و أبوي حط أسمج في أول القائمة و عذبي مصوت لج , و مالج إلا وضوح وتأثيرها على ساري لصار ما صار .. أنفال التي ألجمتها الصدمة : أنا آخذ أصيل ! .. لاااا يمكن ... ديمة تنفجر ضاحكة : مو أصيل اللي كنتِ مخططه عليه و إلا لما عطاج سند وجه نسيتي كل شي .. أنفال تضرب ديمة بوسادتها : قومي أطفحي عشان نروح لوضوح . ............................................................ ..... * * * عندما أعلنت فينوس رغبتها با السفر بدت أمي جدا مساندة للموضوع لكن عندما تبرع أبي بمرافقتها تغير مزاج والدتي و أصبحت عصبية في كل الأوقات , والدي لم يهتم لتغير مزاجها بل بدا متحمسا لسفر أكثر من فينوس التي بدا عليها التردد مؤخرا , فا مره تردد أنها تتمنى لو أن وداد ترافقهم لتتسلى و مره تلمح أنها قد لا تعود من السفر بفائدة ! .. أما أنا فا موضوعي ركن بزاوية , ظننت أنه حالما أعلن عن رغبتي بزواج سيطير الكل فرحا لكن هذا ما لم يحصل , و عندما أعلنت امتعاضي خلص والدي نفسه با اقتراح أنفال زوجة لي بينما عذبي أيد الاقتراح بشدة , أما والدتي و هي العنصر الأهم في الموضوع رددت دعني أفكر , و لقلة حيلتي أدخلت أخواتي في الموضوع و أنا من كنت أرى أن لا شان لهن في اختيار شريكة حياتي .. * * ........... ليلة الأمس ............. * * ديمة التي استدعاها أصيل على عجل تقف أمامه خائفة : احلف لك على القرآن ما سويت شي .. أصيل يرفع حاجبه مستغربا : ما سويتي شنو ؟!! ديمة بخوف : مدري .. أصيل بتململ : صج غبيه تخافين من شي ما تدرين عنه ! .. المهم رفيجتج أنفال تصلح زوجة لي و إلا بيطلع فيها مية عله مثلج .. ديمة تلاشى خوفها لتدافع عن أنفال : أنفال أحسن مني و منك .. أصيل يبتسم : زين .. شكلها غاليه عليج و بتأقلمين مع وجودها في البيت .. و يحبها الكل و تشبه وصايف بشكل .. كل هذا بصالحها .. ديمة الخائفة على أنفال : طبعا غاليه علي .. بس ما أعتقد أنها تصلح لك .. أنت كبير حيل عليها و هي صغيره و دلوعة .. ما راح تحملون بعض .. أصيل يقف أمام ديمة محتار : لأ عاد أن ما أتحمل الدلع .. زين منو اللي تصلح لي .. ديمة تطلق ضحكتها من دون إدراك : أنت تشاورني ؟!! أصيل يخفي خجله : لا طبعا .. يله فارجي .. * * * كان موقف سخيف دافعه اليأس , فا كيف ألجأ لديمة السارقة لترشح لي عروس .. و حتى أختي التي أحب ستكون مرشحتها مرفوضة فا كيف ستختار لي إن كانت من قبلي فشلت با الاختيار لنفسها ! * * * علي الذي تلقى اتصال أصيل الصباحي بمزاح : يعني لازم أكون أول واحد تصبح عليه .. أصيل : مو كأنك صاير مغرور .. علي المازح : مو ذنبي .. الكل محسسني أني اهم واحد في حياته .. أصيل بتأفف: ما عليه تحملنا فترة و تعدي .. علي يطلق ضحكته الرنانة : زين تعال تريق معانا .. أصيل: سبقتك .. انا متصل بشوف شنو جدول أعمال حضرتكم لهذا اليوم . علي : يا طويل العمر نويت أشتري سيارة مستعمله من واحد طلع معرفة .. تعرف خالد زوج هند اللي أكمخك على راسك .. بشتري من أخوه سيارته . أصيل : ما شاء الله ... علومي كلها عندك .. زين يا أخ علي و ليش تبي تشتري سياره مستعمله و تفيد ناس ما ابلعهم و أنت تقدر تشتري جديدة ؟!! علي : لأنها صفقة حلوة .. و السيارة ماراح تكون لي و لا بفلوسي .. و لا حتى بأسمي .. أصيل : مالي خلق أحل الغاز ؟ علي مبتسما : وضوح تبي تشتري سيارة لأنفال بدال اللي باعها أبوها و قالت لي أدور مستعملة و تبي أختك ديمة تقدمها لها هدية من دون ما تقول لها أن اللي شرتها وضوح . أصيل : شكل الكل يحب ها الأنفال اللي ما وراها مصلحة .. علي : لكل واحد على ها الأرض أحد يحبه من دون سبب أو مصلحة .. * * * و هذا ما أبحث عنه , من هي التي تقبل بي عن حب و من دون مصلحة , احتاج تلك المرأة التي فشلت بإيجادها في رحلة بحث امتدت لأعوام طويلة و التي في رحلة بحثي عنها أسأت لنفسي و لمن أحب ! .. ............................................................ ....... * * * قبل أن نصل ندمت , لم يكن علي أن أرضخ لتهديد ديمة , و لم يكن علي توقع الأسوأ , أن خطبني أصيل يمكن لي أن أرفض بكل سهولة حتى أن رأى كل من حولي أنني مجنونة .... لكن لما المخاطرة و ما يمكن أن أجنيه من الاقتراب من وضوح أكثر مما يمكن لي خسارته ؟! * * * ما إن وصلنا و التفت على أنفال حتى تبينت ندمها , لكن إن حاولت أن تتراجع فا أنا لها با المرصاد , وضوح مفتاح هذا المنزل و أنا سأملك مفتاحه و أنفال قضيتها تساند قضيتي و عليها أن تؤازرني حتى لو جهلت تفاصيل المخطط و هدفه الرئيسي لتفوز كلانا .. و هكذا ترجل كلانا من السيارة , أنا على عجل و هي ورائي تؤخر خطوتها كأنها تحاول الهرب من دون أن ألحظها , وصلنا لتستقبلنا المربية السابقة التي توسطت هذا البيت لتكون أحد ملاكه ! * * * وداد بنبرة ترحيب : و ردونة شلونها .. أشتقت لها .. ياليتج جايبتها معاج .. ديمة التي لم تعد تطيق وداد منذ أن جعلت علي هدفها : يووه يا وداد ردونه طفلة و تلقينها نستج ... وضوح التي لم يعجبها رد ديمة : الأطفال لما يحبون يحبون بصدق و ما ينسون اللي حبهم .. أنفال التي هي الأخرى لم يعجبها رد وضوح : و أنا بعد أقول جذيه لديمة .. ديمة التي استغربت من وقوف أنفال ضدها : قلتي لي ؟!! أنفال : أي لما قلت لج أن علي ولد ساري لا يمكن ينسى وضوح و حبها له قلتي لي الأطفال ينسون بسرعة . وضوح عرفت أن أنفال ردت عليها بالقاضية : خلينا من الأطفال و قلوبهم و خلينا نركز مع الكبار و عقولهم .. أنفال شعرت بأن وضوح تعد لها وجبة دسمة من التقريع : شكلكم مشغولين و حنا جيناكم ها الصبح من دون موعد .. وضوح تسارع برد على أنفال التي همت با الوقوف : أقعدي يا أنفال للحين ما خلصنا موضوعنا .. أنفال ليست متأكدة مما أقحمت نفسها به : أي موضوع ؟!! وداد قبل أن تجيب وضوح استأذنت لشعورها بان الموضوع شخصي : أعذروني أنا عندي موعد و لازم أطلع اللحين .. ديمة التي فرحت بنية وداد على المغادرة : أذنج معاج ... * * * منذ أن أنهيت فطوري و أن أنتظر مغادرة شملان لعمله و مغادرة سالم لمدرسته لأتوجه لوداد و اقضي معها ساعة قبل وصول أصيل لكن صدمت بتوقف سيارة ديمة و برفقتها أنفال لزيارة صباحية غير متوقعة , غضبت و أنا ليس من طبعي الغضب لوجود ضيف في منزلنا ... لكن بعد مرور دقائق سمعت طرقا خفيفا على باب مجلس الرجال لتدخل وداد على استحياء , وددت أن أرحب بها بشكل خاص و استقل الفرصة التي أتيحت لي لكن وجدت نفسي مثبت في الأرض كا مسمار في لوح لا يقوى الحراك ... * * * وداد تقترب من علي الجالس على الأرض أمام القهوة : أبي أزور أم سعيد جارتي .. لم اتصلت عليها قالت لي بنتها أنها مريضة . علي الذي شعر بثقل لسانه : أي حق و واجب .. وداد بخجل : بس ما عندي أحد يوديني .. علي كأنه لتو يستوعب طلبها ليرد من غير ترتيب : أي أنا أوديج .. و لا يهمج .. حنا كم أم سعيد عندنا .. وداد تطلق ضحكتها الرقيقة بعفوية : اللحين أم سعيد لها عندك خاطر و أنت حتى ما تعرفها ؟!! علي بابتسامة خجولة : يكفي أنج تحبينها عشان يكون لها خاطر عندي . وداد لم تعرف كيف ترد : أحس الوقت مبجر و يمدينا نتقهوى ... علي الذي عذر لها تهربها : ما تقهويتي مع ضيوفج ؟ وداد تمد فنجان القهوة له : الضيوف جايين لوضوح مو لي و حسيت أن عندهم سالفة خاصة قلت أسحب نفسي و أستقل الوقت بزيارة أم سعيد . علي يمسك با الفنجان و يتعمد أن يلامس أناملها : أبي منج وعد .. وداد التي شعرت بان خديها تشتعلان : بشنو تبيني أوعدك ؟ علي يغمز لها و أبتسامته تشع في وجهه : أنج كل صبح تجين هني و تقهوين معاي .. وداد تتهرب من الوعد لتباغته بسؤال : ليش ما جيت تسلم على البنات ... وحده بنت عمك و الثانية بنت عمتك .. يعني مو أغراب بتستحي منهم .. علي لم يعجبه السؤال : شنو الإجابة اللي تتمنين تسمعينها ؟ وداد تلاشت شجاعتها : ما سألت و أنا في بالي إجابة أتمناها .. علي يباغتها بإجابة قاتله : أي ما أحب أشوف أنفال لأنها طبق الأصل من وصايف لما كانت بعمرها , و تبين تعرفين ردة فعلي لما جت وصايف تسلم علي في غدا عمي .. أنصدمت ... حيل تغيرت و صارت ملامحها أكبر لدرجة أني لما شفت أنفال قبلها كنت منصدم شلون تتغير اشكالنا كلنا إلا هي ! .. بس لما حضرت تأكدت أن الكل تغير و طلع له شبيه ! وداد التي أدخلت نفسها بزوبعة شكوك و تزعزعت ثقتها بنفسها اختصرت الألم : شبيه ؟!! علي : بجيب لي صورة و أنا صغير عند أصيل .. بتنصدمين من الشبه بيني و بين علي ولد ساري ..يشبهني حيل ! و عبود ولد عذبي يشبه أصيل و حتى حركاته و صوته طبق الأصل .. أما فطوم تشبه فينوس حلوة و مو حلوة ! .. أما الأمورة ما شاء الله ردونة .. سبحان الله طبق الأصل من وصايف لما كانت صغيره و اللي يضحك أن أنفال الجميلة طبق الأصل منها بأول شبابها ... يعني طلع لها شبيهين !! * * * خص ردينة الصغيرة بوصف " الأمورة " و أنفال با الشابة الجميلة !! .. أنا لست أكبر من أنفال بأعوام كثيرة بل أنا و هي من نفس الجيل لكن هي تشبه و صايف الجميلة و أنا .. أنا من اشبه في خيالاته ! .. هل أشبه تلك الأنثى التي ظن أنه وقع في غرامها أم أشبه زوجته التي وجد نفسه مرتبطا بها لتكفير عن ذنب ظن أنه أرتكبه ! .. كيف يراني علي .. هل يراني كما أرى نفسي عندما أكون معه أم يراني بصورة لا أطابقها في المرآة .. هل يعقل أنه يراني على هيئة الأنثى التي سكنت مخيلته على الدوام لينسخها في أول أنثى تقبل تحويلها صورة لأمنياته ؟!! * * * علي بنبرة لم تخفي ندمه : وين رايحة .. وداد قبل أن تغادر المجلس : تذكرت أن وضوح تبي تتعرف على أم سعيد , راح أنتظر لين البنات يروحون و أروح أنا وياها ... علي يسارع لها قبل أن تخرج : إذا كل ما تكلمت بشي ما يعجبج بيتغير مزاجج فا هذي مشكلة يبي لها حل ... وداد التي خنقتها العبرة : و الحل برايك ؟ علي بجدية : تكونين أكثر ثقة بنفسج .. أنا أحب المرأة تثق بنفسها قبل ما تثق بمشاعر اللي يحبها .. وداد تجيب بما تفكر به و بكل صراحة : المشكلة يا علي صرت واثقة انك تعدد أشباها ... و أنا صرت أفكر أن الشبه متوفر حتى لو الأصل مو ممكن .. * * * لا أعرف لما ختمت حديثي معه بأقتراح غبي , هل أقترح عليه أن يفكر با أنفال كا بديل ؟!! ... تأكدت اليوم أن علي لم يحب وصايف بل فتن بجمالها , و ها هو باعترافه يجد أنفال تقتسم معها الملامح و تأخذ عنها الشبه , مشكلة علي تعلقه بهيئة معينة تميز فتاة أحلامه , نعم علي يريد الزواج مني و له عدة أسباب منها انشراح قلبه لي و اقتناعه بنجاح زواجنا لكن صورتي لا تغريه و هذا ما نبشته من الذاكرة و قارنته مع شبيهة محبوبته .... * * * ....................... من ذاكرة وداد في سجن علي ..................... * * علي يراقب وداد التي لتو دخلت بصينية الغداء : شعرج فيه شقار خاصة تحت ضوء الشمس .. وداد بخجل : أبوي يقول أمي كانت شقره .. طبعا مو مثل الأنجليزيات بس شعرها ما كان أسود .. يعني .. علي مقاطعا حديثها : فهمت قصدج .. بس أنا أعتقد لو تصبغينه أسود بيكون أحلى عليج .. وداد تمسك بأطراف شعرها لتتأمله : أصبغه أسود ؟.. مدري .. أحس اللون حيل بيصير علي قوي .. علي يصمت لدقيقة : فعلا بيصير عليج قوي .. انتِ ملامحج حيل ناعمة و بريئة و الأسود يحتاج لوحده حادة ملامح و عيونها با الفتنة قاتلة ... * * * كانت هذه المرة الأولى التي أغار من خيال أنثى صورها علي أمامي بدقة لدرجة أني في أول لقاء مع وصايف طابقت الوصف من دون أن اعلم أنها المقصودة ... و المضحك أنني حاولت أن أقارب الصورة و صبغت شعري با اللون الذي أقترح و أكثرت الكحل الأسود حول عيني البنيتان و حتى أني صبغت شفتاي بلون الدم القاني .... * * ...................... من ذاكرة وداد ......................... * * سالم : يمه تخرعين .. جنج فامباير .. وداد : شنو هذا .. الفا .. سالم موضحا : أقصد تشبهين مصاصة الدماء .. وداد تتأكد من مظهرها أمام المرآة : أي .. فهمت .. قول مصاصة دماء إلا يعني تفلسف علي بها الكلمة الجديدة اللي لاقطها من التلفزيون .. سالم يتأملها و يكتم ضحكته : زين أنتِ بتدخلين على علي بها الشكل ؟ وداد بتردد : أي شفيها .. و إلا تبيني ألبس قناع عشان حضرت جنابه .. سالم بمزاح : أقول وداد ترى علي مجنون ما له داعي نروعه .. وداد بغضب : سالم فكني من شرك .. و يله قدامي نودي لأكل لعلي .. * * * لا حاجة بي أن أسرد الذكرى التي حاولت أن أنساها , يومها علي آذاني و آذى سالم الذي حاول أن يحميني .. فقد أنطلق نحوي ثائرا محاولة تمزيق شعري و هو يردد أكرهك ! هذه الحادثة التي جعلتني اهرب بأخي من جنونه و هي نفس الحادثة التي جدا تأخرت في تلقيني الدرس ! كل شيء الآن يبدوا أكثر وضوحا .. علي يخاف ما يريده و يبتعد عنه لنقيضه و لما لم يفكر به من قبل ! ............................................................ ... * * * أصيل في السيارة مع علي : شنو اللي قالب مزاجك ؟ علي المتوتر: شكلي زعلت وداد .. أصيل : يا ها الوداد اللي تحكم بمزاجك .. علي : نشوف باجر يا أصيل لما المدام تزعل شراح يصير بمزاجك أصيل : وينها ها المدام .. شوي و أحط إعلان با الجريدة .. علي : معقول ما رشحت لك الوالدة وحده صاروخ ؟!! أصيل يغرق بضحك : لأ .. و ما أعتقد أمي تفضل تزوجني وحده جمالها طاغي .. تعرف في بيتنا نتحسس من اللي جمالها مو عادي .. و الوالدة من نوى أبو عذبي السفر مع فينوس و عقلها مو معانا .. علي : و خواتك ؟ أصيل : في ها السالفة أفضل ما أدخل خواتي , فينوس ما تعرف تحكم على الناس و ديمة صغيرة ما أقدر آخذ برايها .. علي : تبيني أكلم لك وضوح ترشح أحد من معارفها .. أصيل أستحسن الفكرة : أي ليش لأ .. أنا متأكد وضوح راح أدور لي على الزين .. ............................................................ ........ * * * ما زال الوقت مبكرا على العودة للمنزل .. لن أعود الآن و أجد نفسي مضطرة لتوديعه .. , إن كان يريد أن يسافر فليسافر من دون أن أبين له كم سأشتاق له , فا أنا اعرف نفسي وأن دموعي ستفضحني عندما أراه يودع أطفالنا من دون أن يطبع قبلة وداع على خدي .. و أنا لن أكتفي بتلويح .. قد أنطلق نحوه لأتعلق برغبته و ارجوه أن لا يسافر و يتركني خلفه ! .. * * لم تعود و قد تكون بذلك قررت معاقبتي قبل أن أرتبك الذنب الذي صنعته بمخيلتها , و أي كان خيارها فا أنا لا أراها تستحق مني هذه المعاملة , لا .. لن أذهب من دون رضاها .. * * عذبي : استخرت و قررت ما أسافر معاكم ..بس أن شاء الله أني بزوركم مع وصايف و عيالي عن قريب .. أبو عذبي بممازحة : مو قلنا من الأول خلك في أرضك لا يطير شعبك .. عذبي يضحك من تلميح والده : شعبي قاسي يا أبوي و ينخاف منه .. أقعد و أراضيه لا أفقد الحكم كله .. أبو عذبي الذي لمح فينوس متوجة لسيارة عذبي : تعالي يا فينوس بنروح مع السايق .. عذبي : مالك لوا أنا اللي بوصلكم للمطار .. فينوس : ما راح تروح معانا .. أبو عذبي يجاوب قبل عذبي : لأ أنا أبيه يقعد عند أمج .. ما ينفع نخليها كلنا .. عذبي : يله توكلنا على الله .. * * * لم نصل للمطار فقد أختل توازن سيارتنا و كان الموت لأحدنا أقرب .. لتنتهي الحكاية بفراق أبدي سيحطم قلوب بروح المغادرة متعلقة . ............................................................ ......... * * * عندما يغيب فصل جميل من حياتنا .. هل نموت ؟ هل ينتهي الحلم عندما يضيع منا أحد مفاتيحه ؟ أيا كان الجواب . .الحياة تستحق أن نعاود المحاولة من جديد ! ............................................................ .............. * * * نلتقي في العام الجديد بأذن الله .. |
الجزء التاسع و العشرون : * * * النهايات حتمية و الفراق آخر ما يتصل بسلسلة .. والأفئدة التي من لحم و دم تنبض با الحياة و تنتهي با الموت .. * * * النهايات في حياتنا كثيرة و مهما سلمنا بحتمية ما سوف يحدث و أعددنا تفاصيل الغياب و حكنا فصوله في المخيلة إلا أن القلب ما إن يعتصره قوة الفقد حتى يلقي بكل ما قد سبق و يئن متألما لا يقوى على النبض .. المقاعد المرصوصة بجانب بعض على جانبي صالة الاستقبال تبدوا مرعبة و هي فارغة كأشباح ظهرت مع انطفاء الأنوار ! .. فقد انفضت جموع المعزين في آخر يوم من أيام العزاء و أصبح المكان أخرس لا يتردد به صوت بعد أن كانت المعزيات يرددن عبارات العزاء و ينشرن الطمأنينة في المكان !.. لأبقى أنا في حيرة بعد أن رحل الكل و أوكلت لي كليا مهمة مواساتهم , فا كيف أواسيهم و أنا أعلم أن حزنهم أثخن من أن تخترقه كلماتي الخرقاء التي لا اعرف كيف أصيغها فانا أيضا بحاجة لمواساة , أنا أيضا فقدته و الفرق بيني و بينهم أن لهم مطلق الحرية في بكائه و في بكائي تطاول على حزن من له الحق ! * * * انتهى العزاء و لم تنتهي مهمتي . فا كيف أتركهم و هم من ناموا على قصص طفولية يرويها أحدهم للآخر و بطلها هو .. , قلوبهم الصغيرة التي ترفض الحزن حتى و أن فرض ظله عليهم تبحث عن فرح و ضحكات مصنوعة من بذخ الطفولة و عالمها الوردي الذي كل شخوصه أبطال لا يموتون و لمكان في السماء يصعدون ليطلوا عليهم بين الفنية و الأخرى ليطمأنوا أنهم شربوا الحليب و كتبوا واجباتهم المدرسية .. و رغم ما لونوا من حقيقة إلا أنهم يدركون أنه غادر للأبد و لكن لا يفهمون لماذا ؟! .. يقترحون أن يعود فا المكان يسعهم كلهم و ليس عليه أن يبحث عن مكان هادئ لارتشاف قهوته .. و آخر ما اقترحوا أن يزوروه في الغد .. فقد نسي عباءته المتينة التي تقيه برد الشتاء ! * * * وضوح المرهقة : وداد يله البسي عباتج ..علي برى ينطرج . وداد : و أنتِ ؟ وضوح : ما اقدر أروح و اخليهم .. انتِ شايفه حالتهم . وداد : خلاص أجل أنا بعد بنام هني الليلة عشان العيال . وصايف المتعبة دخلت لتو غرفة أطفالها : أنتِ صارلج ثلاث أيام بعيده عن أخوج , و حنا تعبناج معانا .. وداد بخجل : زين اجيكم باجر ؟ وصايف تبتسم بصعوبة : أنتِ من أهل البيت و ما يحتاج تستأذنين , حياج الله بأي وقت . * * * كان يقف عند باب المنزل بانتظاري , رافقني حتى تأكد من ركوبي السيارة قبله , و لا اعرف لماذا و كيف .. لكني بدأت أجهش با البكاء حالما بدأ بتحريك السيارة ! * * * علي با نبرة خوف : وداد شفيج .. ليش تبجين .. صاير شي ؟ وداد تحاول أن توقف سيل دموعها : لأ .. مو صاير شي .. علي الذي ما زال قلقا: أجل ليش تبجين ؟ وداد تريد إنهاء التحقيق : علي تكفى لا تحقق معاي , ودني البيت بسرعة تعبانه أبي أنام .. * * * أعرف أن الإنسان عندما يبكي فا هو يخطو لإراحة قلبه مما كتم من أوجاعه , و عندما يريد ختم أحزانه ينطلق لأقرب شخص له ليبيح سده و يفرغ كل ما تراكم من حزن وراءه , لكن وداد بصدها لي مررت لي رسالة بأني لست بهذا القرب ! .. فها هي ما إن وصلنا حتى توجهت لغرفة سالم لتمر بضع دقائق و يخرج هو نحو المطبخ ليجلب لها كأسا من الماء و علامات الاستياء على وجهه , بينما أنا اجلس على المقعد المقابل لتلفاز أراقب من بعيد متمنيا أن يناديني أحد منهم حتى أفهم ! .. * * * شملان الذي وصل لتو من منزل عمه : أنت للحين ما نمت ؟! علي كأنه وجد بشملان المنقذ : وين أنام من ركبت معاي وداد و هي تبجي و لا أنا عارف السبب .. شملان يجلس با المقعد القريب من أخيه : و أنت خليتها و قعدت هني من دون ما تعرف السبب ؟!! علي بتذمر : هي اللي خلتني و راحت لسويلم .. شملان الذي لم يقدر على الابتسام لأيام يضحك بعفوية : يا الله كنت محتاج شي يضحكني .. يا ها الليالي اللي مرت كانت طويلة و متعبة .. علي بعد صمت أمتد :أنا بروح أشوف شنو فيها .. شملان : خلاص مدامها عند أخوها ما عليها شر .. خلها على راحتها .. علي المتوتر: لو هي مرتاحة ما رحت اتبعها .. بس أنا متعبني تعبها شملان : معقول يا علي ما تدري شنو اللي متعبها ؟ علي بصدق : ليتني أدري .. شملان يجرد الحقيقة : ما أخذت بعزى أبوها و با العزى كان الكل يعزيها لأنها وحده من العايلة .. و ما تبيها تهتز و تتعب ؟!! علي و الرعب تدفق بنبرته: معقول هذا السبب .. شملان يكمل ما وصل له من تفسير: وراحت لسالم اللي من دون ما تشرح بيعرف شعورها .. * * * أتت لي باكية و كان احتضانِ لها مختلفا هذه المرة , لم أعد أخيها الصغير بل " عزوتها " و " سندها" الذي تلجأ إليه عندما تتقطع بها السبل , لم أحتاج أن اسأل و قبل أن تنطق عرفت ما الذي يبكيها فقد شعرت بما شعرت به , كنا أنا و هي من ضمن من أخذ العزاء برجل لا يمت لنا بصلة دم بينما لم نقدر أن نصرح حتى أن والدنا ميت و نأخذ العزاء فيه , لم يُسمح لنا أن نحزن أمام الكل أو نتقلد أوشحة اليتم علنا , وضعنا محزن و مخزي و يدعوا لتهكم و السخرية , و الذي يؤلمني على وجه الخصوص أنني لا أعرف كيف أغير الوضع .. و كيف أواسي أختي و أخبرها أن مستقبلنا واعد و تباشيره بالأفق و أن يمكنها أن تعتمد علي من الآن و صاعدا , إن كنت بنفسي لا أعرف كيف أحل معضلتي و أخرج لدنيا من دون أن تصفعني .. * * * سالم ممازحا أخته : أبي اعرف ليش خشمج ينتفخ لما تبجين .. وداد تمسك أنفها بخجل : يتراوالك .. سالم : إذا مو مصدقه أنادي علي يثبتلج .. وداد و خجلها ينبثق من خديها : لا تصير سخيف .. و يله روح نام وراك مدرسة .. * * * صدره وسعني و أخي الصغير كبر .. بثثت له همي و أنا لأول مره أعترف لنفسي انه أصبح أقوى مني ... و هكذا أصبح سالم .. يجعلني أنطلق بكل وجعي متحدثه و باكية من دون أن يوقفني لثانيه ليعقب أو ليضيف مما يجول في رأسه من أفكار أو ما يعتمل في قلبه من مشاعر , و أحتفظ سالم برأيه فيما بثثت من حزن و أنهى العزاء الذي أقمته بفكاهة لا تناسب سوداوية الموقف .. * * * و خرجت أخيرا بعد أن أنتصف الليل و هممت نحوها متقدما بمخاوفي حتى أوقفتني بنظرة أتبعتها بجملة روتينية " تصبح على خير " .. أردت أن أوقفها و أطالبها با التفسير حتى لو علمت أن ما سوف تخبرني به يؤلمها و سوف يؤلمني بالمقابل , لكن في اللحظة الأخير اتخذت قراري با التريث و معالجة الأمر بتروي , فا أنا الآن لا يمكن لي أن أعدها بشيء و لا يمكن لي أن أقدم لها أي مواساة و كل ما سوف أقوله سيبدو لها فارغا و لي محرجا .. ............................................................ ....... * * * هذا المنزل لم يتعود على الضجيج و لا في زواياه أعتاد الفرح أن يبيت , لكن هذا الصمت المطبق الذي يرتدي الحزن و يتجول في أرجاءه يبث الخوف في أوصالي , فجعت بموته و كدت أفقد صوابي , و على الرغم من كل خيالاتي المخيفة التي صورت لي فقد أحد والديّ إلا أنني لم أحسن اكتشاف الألم الذي يصحبه ! مرت أيام العزاء ثقيلة فيها دموعي لم تتوقف فا شعور با الخواء و الوحدة لازمني على الرغم من تواجد كل الأحبة من حولي مؤازرين لي و أولهم والدتي التي لازمتني و احتضنتني مردده أنها هنا من اجلي , والدتي التي أصرت أن أعود برفقتها لمنزل خالي في آخر يوم من العزاء تفاجأت بإصراري على البقاء هنا , نعم ليس لي مكان هنا من بعد موت والدي لكن ليس علي أن أستعجل و اخرج نفسي من المكان الوحيد الذي كنت أعتقد أن لي حق فيه .. و قد أبدو أنانيه أمام من يقرأ أفكاري لكن حالما علمت بوفاة والدي قفز لذهني سؤال " أين أذهب من بعده و من سوف يحميني " . نعم حزنت على نفسي قبل أن احزن على غيابه المطلق ! فأي مكان أطلق عليه بيتي بعد أن مات والدي , صلتي الوحيدة في هذا المنزل .. والدتي لا تملك منزلا يخصها و هي بنفسها عاله و أنا لا أملك ما قد أقدر على بيعه و توفير سكن لها و لي .. موت أبي فاجعة كبرى لي , و يتمي تعدى معناه بفقد أب ! * * * أنفال عبر أسلاك الهاتف : ديمة تكفين لا تبجين .. أحلف لج اني حاولت اقعد عندج الليلة بس ساري الله يهداه حلف علي امشي معاهم عشان أمي .. ديمة بصوت مبحوح من البكاء : تخيلي يا أنفال كل واحد منهم واسى الثاني و محد فكر فيني .. أحس أنهم قتلوني و ما عاد لي وجود .. راح أبوي و ليتني رحت معاه .. أنفال : أسم الله عليج لا تقولين جذيه .. و أن كنتِ ما تهمينهم تراج تهمينا .. ديمة : بس يا انفال لجيت فوق راسكم عاله بتملون مني و بصير حمل ما ينطاق .. أنفال تنهرها : بس عاد عن السوالف البايخه اللي مالها معنى ... و يله روحي صلي لج ركعتين و أدعي لخالي و أقري القرآن لين تنامين .. و من الصبح تجين تزورينا و توسعين صدرج .. * * * لا أريد أن أتطير لكن منذ أن أتينا هذا البيت و نحن في ضيق .. كأنه مستودع للأحزان له كلنا نفينا .. مات خالي و تفككت عائلتنا بشكل أكبر , يبدوا أن الكل يبحث عن بداية جديدة ! إلا عمتي التي يصلني بكائها المكتوم عبر الجدران المتهالكة, الوحيدة التي لا تفكر أن تخرج من سجنها الذي بنته بيديها ! .. * * * ساري يدخل غرفة أنفال بعد أن أستأذن : كنتِ تكلمين أحد ؟ أنفال بعتب : كنت تنصت علي ؟!! ساري يبتسم بتعاطف : الظاهر نسيتي أن في ها البيت حتى لو عطستي نسمعج .. أنفال بإحراج : فعلا معاك حق .. كنت أكلم ديمة زعلانه أني ما نمت عندها مثل ما وضوح نامت عند فينوس .. ساري المتفاجأ : وضوح نايمه في بيت خالي ؟!! أنفال : أي .. ساري بغضب : هذي لا يكون تحسب أن ما عاد لي كلمة عليها .. ما كلفت على نفسها تستأذني ! أنفال شعرت بأنها عن غير قصد بدأت مشكلة : يمكن فينوس طلبت منها تنام و هي أنحرجت منها .. ساري : يصير خير .. أنتِ نامي اللحين و باجر أروح أنا وياج لبيت خالي نجيب وداد .. * * * لا أعرف ما الذي يخطط له ساري لكن لا يبدوا أن هدفه الحقيقي هو توفير وسيلة مواصلات لي تنقلني لوداد و تنقل وداد إلى هنا !! ............................................................ ............... * * * تمنيت أن لا يغادر شملان ... و حتى لو استثقلت ظله لأعوام إلا أنني أردته اليوم أن يبقى و يردد على مسامعي كل ما يجيد حبكه لتخفيف عن موكليه ! .. لكنه لحق با المغادرين الذين تركونا مع الذاكرة نسترجع آخر لحظات الرحيل ... انزلاق السيارة و الأضواء المعكوسة و صرير الفرامل و كل الزجاج المتناثر و حشرجة الموت المخيفة التي كنت منها قريب, ونواحها و ذاك الصريخ و نداءات الاستغاثة وتلبيه كل من توقف با القرب للمساعدة .. * * * هذه أول ليلة يأتي بها من مجلس الرجال لغرفتنا فقد بات الليالي الماضية في أحضان والدته , كنت أتمنى أن يأتي هنا حيث يمكن لي أن أواسيه و يواسيني و نبكي سويا فقد أب ملكنا بقلبه الكبير , كنت أريد أن أقبل ذراعه التي كسرت بالحادث و أقرأ عليه من آيات الذكر الحكيم كلما توجع , لكن عذبي لم يدلي بحزنه أمامي و لم يرد أن يتحدث معي بتفاصيل الحادثة فقد هرب للمسكنات لتقوده لفراشه طالبا النوم على عجل .. والرجاء عدم الإزعاج هذه كانت ملخص تعليماته ! ... * * * كانت تنتظرني لتبكي ! .. و أنا من أحتاج للبكاء .. كانت تريد أن تعبر عن حبها و مساندتها و أنا أكره ذبولها و تلك الدموع التي تجتمع بين رموشها .. هربت لا لأني لا أريد أن أبث لها وجعي حتى تشملني برعايتها لكن أعرف يقينا أن وجعي لا يمكن أن تطيقه و با الأخص عندما أخبرها أني تصلبت في مقعد سيارتي مرددا .. وصايف أستجيب لدعواتك و سوف أفارق ! وصايف الهشة لا تتقبل الحزن و لا الهزائم و لا تعرف التعامل معها , فا دموعها دوما حاضرة و لا تعرف أن تنأى بحزنها لتقتله قبل أن يوجع أحبابها , و أنا لست بصدد السهر و تحمل حزنها فوق ما تحملت من حزن و ألم .. ............................................................ ......... * * * أستصعب ممارسة الحزن و إتقان دوره , و رغما عني أجد نفسي ابكي ثم أستسخف نفسي ! .. حبي لوالدي و مدى إحساسي با الفقد لا يمكن أن يقاس با دموع فا سوف يأتي يوم و تجف , و أنا في مهمة حفظ لملامحه و نبرته التي أحب في مجرى الإحساس , فا سوف يغزوني المشيب و تعرى ذاكرتي و يصبح إحساسي هو كل ما أملك .. و كنت اعلم ! .. ذاك الشعور دوما استوطنني و منه دوما كنت متخوف .. انه سوف يأتي اليوم الذي فيه يغادرنا و يختفي و ها هو قد أتى من دون أي مقدمة , فلِما أفجع أم كان علي أن أكون أكثر دقة وأحدث صورته في المخيلة و هو يودعنا في حادث مأساوي و ليس مع امرأة فضلها علينا ! هن من علي أن أكترث بهم الآن فا أبي عند الرحمن و لا خوف عليه , أما فينوس و والدتي اللاتي به كن متعلقات لا يمكن أن أتجاهل حزنهن مهما حاولن التماسك أمامنا... فا هي فينوس تذهلني .. فا بدل البكاء كل ليلة على وسادتها تلجأ لسجادتها و تناجي الله أن يرحمه .. كم أصبحت قوية و اجتازت مسافات منذ تلك الأيام التي كانت فيها تلجأ لمعالجة ألمها با البكاء فينوس التي غرقت ملابسها بدماء والدي و بح صوتها من فاجعتها به تتمسك بإيمانها و به تتجاوز الصدمة أمام الكل لتكون قدوة , لكن قلبي الذي يحبها يخبرني أن لا ابتعد و علي أن اقترب و أواسيها مهما رددت أنها ليست بحاجة لأي مواساة .. * * * أصيل الجالس على طرف سرير فينوس : دعيتِ لي ؟ فينوس التي طوت سجادتها : أنا دايما أدعي لك .. أصيل : بقولج شي يمكن يكون سخيف .. فينوس تلتفت للخلف و توقف تدفق حديثه بهمس : خلنا نطلع لصالة وضوح داخل غرفة الملابس و شكلك ما حسيت بوجودها .. أصيل بحرج يهمس : ما دريت حسبالي راحت مع أخوانها .. فينوس بعد أن خرجوا لصالة أجبرت نفسها على الابتسام حتى يمكن لأصيل متابعة الحديث : تكلم و خلني احكم إذا اللي بتقوله سخيف أو لا .. أصيل بعد أن استرخى على أحد المقاعد : تخيلي أبوي مات و هو بعيد عنا , و كان كل ها السنين مع أم ديمة و ديمة , هل حزننا عليه بيختلف , و بنقول أحسن انه أبتعد عشان بغيابه ما نتأثر .. فينوس بصوت واثق : ما عمري تخيلت أبوي تاركنا .. أنا مدري ليش أنت و عذبي كنتم دايما خايفين من ها الفكرة ؟! .. أنا كنت أعرف شي واحد أن الموت راح يكون المسبب الوحيد لغيابه عن حياتنا .. أصيل : حتى مع معرفتج أن مع أمي ما كان سعيد و أن أم ديمة اللي يحبها على ذمته كل ها السنين .. فينوس بعبرة تخنق صوتها : كنت أعرف أن حبه لنا ما يحكمه مقدار حبه لأمي أو عشقه لأم ديمة , أبوي طلعنا كلنا من الصورة اللي حاولت أمي و أمي ديمة يخلونا فيها طرف قابل للمساومة عليه , أنا وأنت و عذبي و ديمة كنا خارج أي منافسة أو مساومة با النسبة له ... مشاعره أتجاهنا سهمها ثابت ما تأثرت في يوم حتى مع تغيرنا .. أصيل بخجل : ما عمري فكرت بها الشكل .. فينوس تهاجمه من دون أن تنوي: أنت خليت نفسك طرف , مع و ضد اعتقدت أنك لازم تكون , بس المسألة كلها ما كانت محتاجه منك إلا أنك تكون أبن يحب أمه و أبوه بنفس القدر .. أبوي يا أصيل من زمان تجاوز مسألة المادة و حصار أمي باستثمارات أعتقد أنك عرفت اليوم بتواجدها باسمه , أبوي ما كان معانا لأي سبب ثاني غير حبه . أصيل و دموعه تسبق حروفه : ليش يا فينوس تقسين علي , ليش تخليني أندم و أتمنى لو أقدر أرد و أصحح نظرتي و أقول لأبوي أنا مصدق أنك معانا لأنك تبينا مو لأنك تبي الأمان المادي .. فينوس بوجع : لأني أبيك تكبر و تتخلص من حقدك و ظنونك و تصفي نيتك , و من قال لك أنك ما تقدر تصحح مسارك ؟! .. هذي ديمة موجودة , طالع فيها و بتشوف أبوي , أبوي اللي كان يخاف عليها من الهوى الطاير , أبوي اللي يشوف فيها حلمه الضايع , أبوي يا أصيل اللي آخر ما ردد وصاتي لكم ديمة ... * * * ديمة .. هي أكثر من كنت فرحا برؤية دموعها ! نعم أبدوا بشعا و أنا أتذكر تلك الأمنية التي ناقضت حزني وأنا ابكي والدي , أمنيتي بأن تكون ديمة أتعس مني ! فا هي كانت الأغلى و أمها المعشوقة ... و يجب أن تكون خسارتهم أعظم و أفدح , و أن يكون حزنهن الأعمق مع تمنياتي أن يمتد لقرن ! و ها أنا أعلم من فينوس أن آخر من ذكر و وصى بها ديمة ليربطها بنا إلى الأبد .. أي ظلم يلحق بنا , نعيش لسنوات تحت ظل الخوف من فقده لننتهي بفقده مخلفا ورائه إرث لا نريده ! * * * غادر أصيل لأعود لوحدتي و يهاجمني الحزن لأجهش با البكاء المر و أنا من رددت على نفسي أن كفى و أقبلي بما كتبه الله و احتسبي الأجر .. نعم أنا جدا مؤمنة و أعرف يقينا أن الموت حق لكن أعرف أن البكاء لم يحرم و انه وسيلة لشفاء , نعم فا أنا شفيت من الألم الذي خلفه طلاقي من شملان بهذه الطريقة ! .. لأعوام كنت ابكي كل ليلة من دون أن أمل و في الأخير أصبحت أنام بعمق لليالي طويلة غير مبالية لأصحو في احدها باكية ! * * * وضوح تخرج لفينوس : تكفين فينوس ريحي نفسج لو شوي .. فينوس تحاول أن تتماسك لتبتسم : تصدقين أني جوعانه .. وضوح : يخسى الجوع .. روحي أخذي شور و صحصحي و بتطلعين و تلقين قدامج كل اللي تشتهين .. ............................................................ ..... * * * لأعوام كنت أعاني و كل ما تمنيته كان بمتناول قلبي لكن العقل دوما كان يقف حاجز !... تمنيت أن اقتلعه من ذاكرتي و أمسح كل تفاصيله و أشوه صورته التي تصدرت هويتي العاطفية , و لو أني نجحت في ذلك لما كنت لأعوام أتوسد الخيبة و ألتحف الوحدة لأفجع بنهاية أنه تركني ورحل ! رحل بأحلامي التي انتهت دوما باعتناقه لي مرددا أنه لتو أستعاد ذاكرته و عرف أنه يحبني أنا و ليست تلك ! رحل .. ليملني صوتي و تجزع أناملي كلما ما مررتها على وجهي الذي جعده الفقد .. لم أعد انتظر المساء ليعود إلي بصوته الذي يبدد الوحدة و لا الفجر لأرى وجهه قبل طلوع الشمس و أستيقظ على أمل .. غاب إلى الأبد ليتركني في مهب الريح بنافذة مثقوبة و باب مكسور و أرض تحتضر ! تركني مع الذاكرة و رحل .. و أنا من كنت مترفة و بتدليل غارقة و كان هو أمنيتي ليوم العيد لاتخذه زوجا و أبا لأولادي إلى الأبد .. كنت من أجل البقاء أدفع بما أنا منه متيقنة لأقصى دائرة المخاوف , فقد كنت أعلم أنه لا يراني كا أنثى يشتهيها بل كا زميلة سكن فرضتها الظروف عليه , و علمت أنه في يوم سيقع في الحب و عني سوف يتخلى و عندها لا يمكن لي أن اربطه فيني إلى الأبد , لكن المضحك المبكي أنه هزم ظنوني و بقي بجانبي حتى النهاية ليعاقبني و يرحل فجأة من دون قرار مني ! * * * ....................... قبل مغادرة أبو عذبي بساعة ...................... * * * أبو عذبي : يعني مو ناوية حتى تقولين لي تروح و ترد بسلامة .. أم عذبي : تروح و ترد بسلامة .. و ما أوصيك على فينوس لا تخليها تقنعك تقعد سنين في الغربة , واجد ترى عليها شهرين تغير جو ... أبو عذبي مبتسما : لو مسجل اللي قلتيه و أعيده عليج بتضحكين .. أم عذبي : و ليش أضحك ؟!! أبو عذبي : في كلامج شي محير , مدري أنتِ تبيني أرد بفينوس و لا تبيني أرد بعد شهرين فيها و إلا من غيرها .. أم عذبي : أسم الله على بنتي .. و ليش ترد من غيرها .. أبو عذبي : اقصد لو أنا اللي أقعد هناك لسنين بتفرق معاج وقتها لردت فينوس بعد شهرين ؟ أم عذبي : و أنا رادتك لتقعد في أي مكان يعجبك .. سنين و لا يومين يا أبو عذبي ما تفرق كلها واحد مدام قلبك من زمان هاجر .. أبو عذبي يقترب من أم عذبي و يفتح قلبه : لو ما اشتريتيني ما كنت أدور على اللي يحررني منج , أنا دايما معاج كنت أحس أني مسلوب الإرادة .. و أنا تحديتج .. قلبي يا ردينه ما ينشرى و ينباع .. أم عذبي بكبرياء مجروح : و من قال أني نافست على قلبك و لا بقيت أشتريه , من أول ما تزوجنا و أنا أقولك أنا أبيك زوج و أبو لعيالي .. و أنت أخذت أتعابك .. أبو عذبي بخيبة : با الضبط .. في هذي عني تخليتي .. كنت دايما متأكد أنج ما تبيني أمثل أكثر من ها الدورين .. * * * لم أخبره أنني أحبه و أني أريده أن يتواجد في حياتي في دور العاشق بل رددت لأعوام أني أريده زوج و أب لا أكثر لاقتناعي بأني لست أنثى جميلة يمكن أن تمتلك بحسنها قلبه , و أن أي شخص سيردد كلام الحب و يقترب سيكون له مآرب أخرى كلها تنصب في ما أملك من مادة تثقل حساباتي .. و كلما أقترب هو كنت أسدل ستاره أعلق بها كل مآربه الأخرى و منها صور لأخيه و أخته و أقاربه الذين في مقدمتهم ابنة العم الفاتنة .. كنت دوما أجد أهدافا مخفيه و أتذرع بقبحي لأرفض ما أتمنى من مشاعر !! كيف فعلت ذلك بنفسي ؟! .. كيف ظلمت مشاعري و لِما لم أجازف ؟! .. لِما لم أغيّب عقلي المثقل بكل الأفكار المنطقية و اتبع إحساسي مع الشخص الذي ربطني به رباط مقدس و أنجبت منه أطفالي .. لمِا دفعته نحوها و حاولت تحرير نفسي لأعاندها في الأخير و اثبت أني الأقوى و يمكن لي أن أحتفظ به إلى النهاية ! * * * أصيل يطرق الباب و يدخل : يمه .. ممكن أنام عندج الليلة بدال عذبي .. أم عذبي تفتح ذراعيها : تعال يا عيون أمك .. أصيل يقذف برأسه على صدر أمه : تصدقين لما مات أبوي أول من فكرت فيه هو أنتِ .. خايف عليج يمه .. أم عذبي : لا تخاف على أمك يا أصيل , قلبي يتحمل , قبل أبوك فقدت أمي و أبوي و عشت و حبيت و جبتكم .. أصيل يأخذ بكف والدته ليطبع عليها قبل لا تحصى : بأذن الله أول ما تطلعين من الحداد أوديج العمرة و بعدها أطير فيج لأي مكان في العالم تغيرين جو .. أم عذبي تطبع هي الأخرى قبلة على جبينه : و خواتك ؟ أصيل : فينوس أكيد معانا بس ديمة أعرف أنها تغثج بلسانها الزفر .. أم عذبي تقاطعه : طلبتك يا أصيل تغير من معاملتك لأختك , تراها من ريحة الغالي و موصي عليها .. أصيل : يا يمه أختي هذي عله , بنعطيها نصيبها و نحط لها بيت تقعد فيه هي و أمها و نفتك من شرهم .. أم عذبي و بانت على محياها ملامح التعب : شكلج بتعبني يا أصيل أصيل بجزع : ما عاش من يتعبج .. أم عذبي : ها البيت ما تطلع منه ديمة لو تطلعون كلكم , و أمها لو تبي نحط لها مكان في الملحق أهم شي ديمة ما تطلع من هني .. هذي شوفتكم يا أصيل .. لا تشمت فينا الناس و تخلينا مضحكه .. أصيل بتراجع إرضاء لوالدته : فعلا ديمة جاهل و ما تنخلى بروحها من دون ولي أمر .. و حنا مهما صار أخوانها ... أم عذبي : عاملها كأنها بنتك و أرفق عليها .. ترا لو بشكلها أكبرت إلا أنها طفله من داخلها .. لا تعرف تتصرف ولا توزن الأمور و محتاجه أحد يحسسها بأهميتها .. أصيل بتذمر : بغضب أنا ماني فاهم ليش تهمج و هي بنت ال.. أم عذبي مقاطعة : بنت أبوك .. أبوك اللي ما مر على دفنه ثلاث أيام و أنت أمداك تنسى الوصية اللي وصاها أخوانك .. * * * أغضبت والدتي بدل أن أخفف عنها , لم يكن هذا مقصدي عندما قررت أن أبيت عندها الليلة , لكن كل حديث يشمل ديمة يتحول لمعركة أنا الخاسر فيها . ............................................................ .......... * * * كنت أتقلب على فراشي عندما اتصلت وضوح تطلب مني قائمة بما تحب فينوس من الأطعمة الجاهزة و أي مطعم يمكن له توصيله في هذه الساعة المتأخرة .. أخبرتها على عجل أن تعود لفينوس و أن لا تتركها وحيدة و أنا سأتكفل با المهمة .. و هكذا انطلقت مسرعا لمطعم العم أنيس الذي لا يغلق أبوابه أبدا و الذي دوما كنا نستنجد به عندما تفشل فينوس في أحد تجارب الطبخ .. فينوس التي حال موقعي في حياتها من آن أصلها لأعزيها , هي كل من فكرت به منذ علمت بوفاة عمي , فاجعتي بعمي لم تكن أقوى من خوفي عليها و با الأخص عندما علمت أنها كانت بنفس السيارة التي انقلبت به للحياة الأخرى .. أفكار و خيالات داهمتني و أنا في الطريق للمستشفى كانت كلها مرعبة و جلبت الفزع إلى قلبي , كنت أبكي و لا أعرف إن كانت دموعي حزنا على عمي أم فرحا لنجاة فينوس ! في لحظة لم استطع بها الهروب من براثن مشاعري اتصلت بها أريد أن اسمع صوتها أن أتأكد أنها تتنفس لكن الهاتف المغلق كان هو الجواب .. كنت أجلس في العزاء و قلبي هناك يبحث عن كرسي يجاورها , كنت أقدم خدماتي المطلوبة و الغير مطلوبة حتى أصل للمنزل لعلي أسمع صوتها لكن لم يكن هناك جدوى من محاولاتي , و ها أنا عندما توقفت عن المحاولة و جررت قدماي و غادرت منزل عمي في آخر يوم من العزاء أجد الفرصة بملاقاتها سانحة من غير تخطيط مني ! * * * وضوح من أمام الباب الرئيسي : مشكور و ما قصرت و يله توكل على الله لبيتك.. شملان : شفيج وضوح انا شقلت اللحين .. كل السالفه أني بعزيها .. وضوح بهمس : تدري الشرها علي أنا اللي أتصلت فيك.. فينوس مو يم أحد و اللي تسويه عيب .. شملان بغضب : عيب ؟! .. اللحي إذا بعزيها عيب .. وضوح : و أنت منو عشان تعزيها .. خلاص عاد روح لا تسبب لها و لنفسك مشكلة ... شملان : زين بروح بس على الأقل لما اتصل عليج ردي مو أطنشين .. وضوح : ما ابي أضايق فينوس و أطريك قدامها كل شوي .. اللي فيها مكفيها .. يله روح عاد إذا كنت فعلا تهتم ! .. * * * أشعرتني وضوح باني مراهق أهوج و نفسي هي كل ما أفكر فيها, لِما لم أتساءل هل تريد فينوس مني أن أهتم و أقترب ؟!! ... قد أكون آخر شخص تريد أن يعزيها و يمكن أن أكون لها حزنا يضاعف حزنها و هذا ما لا أتمناه لها ! .. فينوس تلك الرقيقة الطيبة التي تعطي من دون أن تطلب كل ما تحتاجه الآن أن يتوقف الكل عن مطالبتها بمشاعر نفذ منها مخزونها ..فينوس الآن محتاجه للحنان و التعاطف و صدر ترتمي عليه و هي مؤمنة أنه لن يتخلى عنها في يوم ! .. * * * أخبرتني وضوح أنها طلبت هذا العشاء خصيصا لي من مطعم عرفت به منذ شهر ! .. وددت أن أقول لها أن تكف عن الكذب علي فا أنا لست طفلة ولست بتلك السذاجة , فا شملان هو من أختار الأطباق بدقة .... فا الشورما من دون سلطة و مخلل كما أحبها و الشراب الغازي من دون ثلج و معه الكثير من الليمون كما أفضله و البطاطس المهروسة فيها الكثير من الفلفل كما دوما طلبت .. ما زال يذكر و هذه رسالة مفادها أنه يهتم ! و كم أود الآن أن أقف أمامي و ألفظها أمامه .. تبا لك ! لما تلاحقني و أنت من اخترت الفراق .. أم تأكدت من أنك أثبت وجهة نظرك باني لن أجد غيرك يطلب ودي ! .. و ها أنت تحفر لي في كل منعطف هوة سحيقة أتجنبها بصعوبة كلما مررت بها و تردد أنك تهتم !! .. لو كنت فعلا تهتم لأخفيت كما تجيد دوما دورك في إعداد كل شي و ترك الأمر يبدوا عفويا و به الكثير من الأخطاء , لكن ها أنت لم تتغير و تفضح نفسك بأنانيتك , تريد أن تحضر بذهني و أمامي و في كل ما أحب ! لِما هذه القسوة .. ما الذي فعلته بك ؟! * * * وضوح متسائلة : شفيج .. ما عجبج الأكل ؟ فينوس بنبرة عتب : أنتِ هني بصفتج بنت عمي و إلا أخت شملان؟ وضوح المحرجة : أنا هني بصفتي صدقيتج .. و إلا نسيتي .. فينوس : أجل أخذي ها الأكل كله و حطيه في المطبخ للخدامات و خلينا نسوي لنا شي خفيف .. وضوح النادمة تبرر : أنا لجأت له لأني حبيت أحط لج كل اللي تحبين , ما كنت اقصد شي ثاني .. فينوس تبتسم بصعوبة : ها المرة ما راح أتخذ موقف و لا أزعل لأني مصدقة تبريرج بس يا ليت يا وضوح ها الموقف ما يتكرر .. * * * وصلتني رسالة من وضوح مفادها أن فينوس خمنت أني وراء العشاء المعد خصيصا لها و أنها من كلينا غاضبة .. لتصلني بعدها بدقائق رسالة على هاتفي النقال من فينوس محتواها " أبتعد عن حياتي أرجوك , أنا أحتاج و أتمنى أكون أم و أنت ما تقدر تحقق لي أمنيتي " ... كرهت نفسي و تمنيت أنني لم أتحامق و أعرض نفسي لمثل هذا الموقف المؤلم الذي دوما كنت في خوف من أن أتعرض له , بل هذا السبب الأوحد و الأقوى الذي جعلني أطلق فينوس , فلا يمكن لي أن أحتمل أن تراني بأقل مما كانت تعتقد أني امثل !! و ها أنا مما هربت منه ألقيت نفسي فيه .. و فينوس هي من ابتعدت بنفسها عني هذه المرة .. لتتركني ملقى على رصيف الندم مجروح لا أقوى على مداواة نفسي و لا على الاستغاثة طلبا للمساعدة .. ............................................................ ............ * * * لم أبكي على خالي كما بكيت هذه الليلة , كنت طوال أيام العزاء أحث نفسي على التماسك فوالدتي كانت تتوجع و بكائي أو بكاء أحد أخواتي أمامها كان سوف يهزمها لتتداعى من دون تمهل , و كنت من غير وعي مني أتمنى أن يقترب خالد و يضمني ليواسيني و لو بعبارات فارغة لكنه أخذ وسادته و فراشه و تركني أبكي وحيدة عندها تحول بكائي على خالي لنحيب على حالي معه , مع خالد أعاني جوع عاطفي فا هو شحيح مشاعر و معه لا ألتقي إلا لدقائق فا هو دوما بعيد و لا يبحث عن الفرص ليختلي بي , فمنذ انتقالنا إلى هنا و أنا فرد آخر من عائلته و لم أعد أهم أفرادها , فليس مهم وجودي على مائدة الغداء و سهل أن ينام قبل أن يتأكد أني نمت ! * * * خالد الذي أستيقظ على صوت هند توقظه : خير دانه فيها شي ؟ هند بصوت مبحوح من البكاء : أنا اللي فيني .. أبي أروح لبيت أهلي .. خالد بقلق : بنص الليل ؟!! .. ليش صاير عليهم شي ؟ هند بغضب : لا تفاول على أهلي .. أنا متضااااايقه و بنفجر أبي أروح لهم اللحين .. خالد ينهرها : بسج دلع و روحي أرقدي .. هند يقهر : بتوديني و إلا أتصل بساري .. خالد بغضب يحاول أن يكتمه : بنتنا نايمه و العالم رقود تبيني نهجدهم بها الليل .. من أصبح أفلح يا بنت الحلال .. هند تنفجر با البكاء :أنت شنو صنفك من البشر ؟!! .. أقولك مختنقة بمووووت من الضيقه و أنت توعدني بصبح .. خالد يقفز من مكانه الذي كان به يستريح : يله طسي جيبي أغراضج و خليني أوديج و ارتاح ... * * * هكذا يتدنى أسلوبه في الحديث معي عندما لا أطابق الصورة التي يريدها في زوجته .. آلة مطيعة ليس لها متطلبات .. لا تحزن و لا تضيق و دوما له مبتسمة مهما كان معها مقيت ! ............................................................ .............. * * * إن كانت كلماتنا ليست بأهمية الأفعال فلما نحتفظ بها ؟!! لنمررها كا علامات لما نريد أن نفعله من أجلهم .. * * * نلتقي يوم الخميس القادم بأذن الله .. |
الساعة الآن 01:32 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية