منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   72 - زوجة الهندي - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147918.html)

نيو فراولة 02-09-10 11:25 PM


ولما فرغا من وجبتهما , أخرج رايلي من جيب قميصه علبة تبغ وسحب سيكارة ذات فلتر , وقدمها ألى ليا:
" هل ترغبين بسيكارة؟".
قبلت ليا , وأنحنت نحوه لتشعل السيكارة بطرف قضيب مشتعل.
دخنا سيكارتهما في هدوء وصمت و وأنهت ليا سيكارتها أولا , ورمت عقبها في نار المخيم المتأججة وتنهدت.
" أظن أنني سأغسل الصحون ".
فوافق رايلي :
" حسنا تفعلين , فأنني أظن أننا سنستعملها هذا المساء ".
شدّ تعليقه أنتباهها ألى السماء الخالية من أي طائرة أستطلاع ".
" الرمل سينظفهما أكثر من الماء".
وأبعدت ليا نظرها عن السماء لتمسك بالقد وتضع فيها حفنة صغيرة من الرمل , ولما فرغت من فركها , صبّت فيها بعض الماء لتغسل الحصى , ثم أنتقلت ألى تنظيف الصحنين , عندئذ أفرغ رايلي القنينة في القدر , فعبست :
" لماذا فعلت هذا؟".
منتديات ليلاس
أجاب:
" أنني ذاهب لأملأ القنينة من الحوض , وأثناء ذهابي أرغب أن تحتفظي ببعض الماء لتصبيه على النار أذا رأيت طائرة أستطلاع".
أعترضت :
" ولكن النار ستنطفىء".
ألا أن رايلي أشار:
" أنه سيرسل دخانا كثيفا , وقد يحالفنا الحظ ساعتئذ بأن يرانا الطيّار ويأتي للأستطلاع".
فعلّقت مبتسمة:
" آه , لقد فهمت , أنها حيلة الدخان الهندية القديمة".
غمز بعينيه , ومشى نحو المنحدر وهو يقول:
" أجل , أجل".
وتابعت ليا تنظيف الصحنين , ثم غسلتهما بجرعتي ماء وجففتهما ببعض الورق الرقيق , وبعد أن أنجزت عملها هذا , تفحصت الملابس التي نشرتها على الشجيرات فوجدتها قد جفّت , فطوت ملابسها ووضعتها في حقيبتها , وبعد أن فرغت من ذلك العمل الذي أستغرق بعض الوقت لأستعمالها يدها اليسرى جزئيا ,ولم يكن رايلي قد رجع , حينئذ كانت حرارة الشمس قد بدأت تشتّد و فزادت بعض الحطب على النار وجلست بعيدا عن اللهيب وهي تنتظر.
أخيرا رأته على المنحدر , ثم يهبط حاملا القنينة بيد ولوح خشب يبلغ طوله مترا وبعض المتر.
فصاحت ليا وهو لا يزال في منتصف الطريق:
" كنت أفكر بالأمر الذي أعاقك وأرى أنك ذهبت في طلب المزيد من الوقود".
أجاب:
" كلا , لن أستعمل هذا اللوح للوقود".
ثم وضع القنينة بجانب صفيحة المعلبات مضيفا :
" سوف أشق هذا اللوح ألى لوحين أجعل منهما عمودي مظلة , لأن الحر سيزداد ولا بد أن نستظل منه".
وبعد أن شقّ اللوح لوحين مستعملا السكين الصغيرة كوتد حدد طرفي كل لوح , وكان طرفا البطانية مزودين بحلقات معدنية , فثبت زاويتين من البطانية في العمودين , بينما ثبت الحلقتين الأخرتين على الأرض واضعا فوقهما الصخور.
وأعلن وهو ينحني ليدخل مظلّته فيما أومأ لليا كي تنضم أليه:
" أذا هبّت ريح قوية , فستقلب المظلة غير أنها ستقينا من حر الشم حتى يحدث شيء مثل هذا".
أنتقلت بحماسة ألى الظل بعد أن لفحتها أشعة الشمس المحرقة.
أما رايلي فأمسك عصا ألتقطها من كومة الحطب وبدأ يعمل سكينه فيها , فسألته بفضول:
" ماذا تفعل الآن ؟".
منتديات ليلاس
" أفكر في صنع ملعقة".
فتمددت ليا على ظهرها مستعملة ذراعها كوسادة بينما راحت تراقب رايلي وهو ينزع قشرة الخشب الخارجية بسكينه , كان لوقع نشر الخشب الرتيب أثر التنويم عليها , فسرعان ما تثاقلت جفون ليا .
ولما حاولت أن تنفض التعب والنعاس عنها بعيدا , قال رايلي:
" لماذا لا تحاولين أن تستريحي ؟ فسأراقب أنا طائرات الأستطلاع بنفسي ".
توقفت عن مغالبة النعاس , وأغمضت عينيها قائلة:
" أظن أنني سأفعل".

نيو فراولة 03-09-10 07:29 PM

4- أمل يضيع

رقدت ليا في الهاجرة , ثم أستيقظت على صوت الأيقاع الذي غفت على رتابته , وكان رايلي لا يزال جالسا في ظل الخيمة وهو يحفر بسكينه عصا صارت أشبه بملعقة خشبية.
وطرفت عينيها لتطرد النعاس منهما , ثم نهضت محاولة الجلوس وقد جعلت من ذراعها رافعة لجسمها , لكنها ما لبثت أن صرخت صرخة حادة من شدة الألم والوخز في ذراعها اليسرىوتحولت بثقلها ألى ذراعها اليمنى سريعا. وتمتمت:
" أن هذا لجنون".
فحدق أليها رايلي بعينيه الخضراوين فاحصا:
" هل تؤلمك ذراعك كثيرا؟".
أجابت:
"فقط عندما أفعل شيئا مثل هذا".
ثم جلست وقد حضنت ذراعها اليسرى في حرجها فيما بدأ الألم بالتراجع , وشعرت بجفاف في فمها , وقطبت جبينها ونظرت حولها قائلة:
" أين هي القنينة ؟ أريد أن أشرب".
" أنها وراءك في الظل".
أستدارت ليا قليلا لتتناول القنينة , ثم رفعت السدادة عنها وتناولت جرعة كبيرة غيّرت بها طعم فمها أذ كان الماء رطبا ولذيذا برغم سخونته.
منتديات ليلاس
وسألت:
" أين أصبحت في صنع ملعقتك؟".
توقف رايلي عن العمل فور سماعه سؤالها , ورفع الملعقة ليريها أياها , وقالت:
" يا لله كم تشبه الملعقة".
فأستأنف السكين عمله , وأزّت ذبابة قرب رأس ليا مما جعلها ترفع ناظريها ألى السماء قائلة:
"ألم يظهر دليل واحد على طائرة الأستطلاع؟".
أجاب بأقتضاب:
" كلا".
بعد بضع دقائق من الصمت وضع القطعة الخشبية الشبيهة بالملعقة على الأرض , ثم أغمد نصل سكينه ورده ألى جيبه , وقال:
" سنحتاج مزيدا من الحطب الليلة , ولن أغيب طويلا".
بينما صعد رايلي المنحدر أنسلت ليا من المظلة ووقفت تمدد رجليها وتقوس ظهرها للتخلص من التشنج الناتج عن الأستلقاء على الأرض الصلبة , فرأت جسما أسود يطير في السماء فوق رأسها المتراجع ألى الوراء .
وشاهدت ليا صقرا يحوم , فحدقت فورا ألى الأرض مركزة نظرها على المنحدر , وسرّت لأن الصخرة والحطام دفنا الطائرة وجثة غرادي كليا , وأستدارت نحو الأفق الغربي تتأمل زرقته الخالية وهي تضع يديها أمام عينيها لتحميهما من لمعان شمس الأصيل ,ولم تلمح شيئا , فخطر لها أن فرق الأنقاذ وسعت دائرة بحثها الآن .
ومن المرجح أن يكون والداها قد أستلما أشعارا بضياعها , وكذلك شقيقها :
" آه يا لوني , ما هذه الهجية الهدية المزعجة في عيد ميلادك".
وأغرورقت عينلها بالدمع لدى التفكير بآلام أسرتها ونكدها , دوى في الأجواء صوت أنفجار ظنته ليا للوهلة الأولى صوت أشتعال الوقود في محرك السيارة , لكنها سرعان ما أدركت سخف فكرتها لعدم وجود سيارات وطرق هناك , أذن لا بد أن يكون طلقة بندقية .
وبسرعة تذكرت المسدس الذي حمله رايلي في حزام بنطاله , علام يمكن أن يكون قد أطلق النار؟ هل تكون حية؟ وتملكها خوف شديد أذ من المرجح أن تكون المنطقة مليئة بالأفاعي ذوات الأجراس السامة.
وقالت:
" ماذا لو لسعته الحية؟".
وبدا ذلك ممكنا خصوصا أنها عبرت عن فكرها بصوت عال .
ثم أستدارت رافعة نظرها ألى المنحدر , وقد أتسعت عيناها البندقيتا اللون وتفحصتا المنحدر الجبلي الذي أختفى عنده رايلي وصاحت:
" رايلي , رايلي".
أجابها فورا بهدوء ووضوح:
" لا تخافي , كل شيء على ما يرام".
وما هي ألا لحظات حتى ظهر عند حافة المنحدر بقامته الطويلة المسمرة وقد لفه نوع من الكبرياء بكفاءته , كانت ركبتاها تنحنيان بالركوع عند رؤيته وقد ألتصقت قميصه بصدره البارز العضلات نتيجة العرق , وألتمع شعره الأسود الفاحم في أشعة الشمس , وقالت مرتعشة:
" لقد سمعت طلقة بندقية".
رفع ذراعه ليريها أرنبا تدلى من يده بلا حراك وأوضح بأرتجال :
" سنصنع منه عشاءنا هذه الليلة , سأحضر فور أن أجمع الحطب".
وأختفى ثانية , لقد بدا في وقفته رجلا في غاية الجاذبية ,وسبق أن أنتبهت ليا لهذا الأمر , غير أنه لم يشدها بقوة كما حدث منذ ثوان . وفجأة بدأت تفكر في المرأة في حياة رايلي , وأذا كانت هناك أمرأة معينة تستأثر بأهتمامه.
وتذكرت الذراعين القويتين اللتين أحتضناها للنوم خلال الليلة الماضية , وجسمه الطويل الصلب المستلقي بجانبها , وشعرت بالغيرة من المرأة .......... أذا كان هناك من أمرأة ........ ثم هزت رأسها بسخرية وهي تشعر أنها تحبه.

نيو فراولة 03-09-10 08:04 PM


أستدارت مبتعدة عن المنحدر وهي تتراجع ألى مقرهما , وركعت بجانب صندوق المؤونة محاولة أقصى جهدها التفكير بما يجب تقديمه مع الأرنب الذي أصطاده رايلي , ووضعت كيسا من الخضار المجففة جانبا , ثم أضافت علبة من الدراق ألى الماء في القدر.
ولما هبط رايلي المنحدر بعد بضع دقائق وهو يحمل الحطب على ذراعه , كانت ليا لا تزال تحرك الدراق محاولة تسريع أمتصاصه للماء , ولم تقدر ألا أن تنظر ألى رايلي برغبة لم تعرف مثلها من قبل.
وسعت ألى تجاهل شعورها وهي تقول فيما نظرت ألى الحيوان المتدلي بلا حراك.
" آمل ألا تطلب مني تنظيف هذا الأرنب , فليست لدي ولو فكرة بسيطة عن سلخه".
أبتسم رايلي بمكر:
" أذن يمكنك أن تراقبيني".
وأحست بالخبث في نظراته , فركزت بصرها من جديد على الدراق وهي تقول:
" كلا , شكرا , أعد الأرنب وأنا أتكفل بباقي العشاء".
ظلت تصب أهتمامها على عملها , ومع أنها لم تحس بالدوار لرؤية دم الأرنب , فأنها لم تسر بمنظر الجيفة الصغيرة وهي تنظف.
" عندما سمعت صوت الطلقة , تراءى لي أن أفعى ذات أجراس قد عضتك".
أجاب رايلي موضحا:
"لا تظهر الأفاعي ذوات الأجراس في هذا الحر الشديد , وهي تخرج للصيد قبل شروق الشمس وبعد غروبها بقليل , وجدير بالذكر أن الأفاعي ذوات الأجراس جبانة لا تهاجم أحدا , ولا يمكن أن يخشاها الأنسان ألا أذا داس أحداها بدون أنتباه".
علقت بسخرية :
" أذن , حذرني من التجوال ".
وضحك رايلي ضحكة منخفضة طربت ليا لعذوبتها , ونظرت خلسة ألى ملامحه الواضحة والدقيقة , وأعجبت كثيرا بنحافتها وقوتها.
منتديات ليلاس
بعد أن تناولا لحم الأرنب المشوي , جلسا يراقبان الشمس البرتقالية تتمايل في الأفق قوقهما , وأكتست الجهة الغربية من الفضاء بلون قرمزي براق فيما بدت سلسلة الجبال البعيدة وكأنها تستعل أذ أغتسلت بأشعة الشمس المحرقة.
ولم تشاهد ليا ألا الفراغ في الصحراء حيث بدت هي ورايلي البشرين الوحيدين في الأرض بأسرها , ولم تطرف عيناها وهي تنظر ألى الشمس الغاربة , وسألت:
" هذا محتمل".
وسرت قشعريرة خفيفة في عروقها , ثم أستدارت قائلة:
" وماذا لو لم يعثروا علينا يا رايلي ؟ ماذا لو تهنا هنا ألى الأبد؟".
ألتقت نظراتهما بعض الوقت فيما نفذت نظرة رايلي ألى أعماق عينيها البندقتي اللون , ثم أبتسم أبتسامة خفيفة وهو يهز رأسه :
" لن نبقى هنا , بل سنخرج".
قالت :
" طبعا".
وتنهدت وهي توبخ نفسها في سرها لأنها أستسلمت للحظة خوف عابرة:
لم يمض على سقوط طائرتهما غير أربع وعشرين ساعة فقط ,وهذا وقت قصير لا يخشى معه من عدم العثور عليهما , أنه يوم واحد , رغم أنه كان أطول من الدهر.
ووقف رايلي , ثم أضاف قطعتي حطب ألى النار المتلاشية وأنزل البطانية عن المظلة ليتدثرا بها , وتخلص من طبقة الحجارة العليا حيث سيرقدان مستعينا بنور الشمس الغاربة.
برد الهواء فور زوال الشمس , فأقتربت ليا من النار الصغيرة وحدقت ألى لهيبها الذي لم يقض على قشعريرتها ولما بدأت ترتجف , أقترح رايلي أن يرقدا , وأنتشر فوقهما بساط من النجوم البراقة.
كان اليوم الثاني أطول من الأول الذي شغلا الوقت فيه بتخليص ما أمكنهما من الطائرة وأيجاد الماء وأضرام النار وأختراع أدوات الطعام والطهي وأقامة المظلة , وحيث أن الضرورة لم تقتض عمل أي من هذه الأشياء في اليوم الثاني , شعرت ليا بالوقت يجثم ثقيلا على صدرها.
وأحست ليا بالحر الشديد والعرق يتصبب منها ويخر جلدها كالأبر , وظلت طوال النهار تتفحص السماء بحثا عن طائرات الأستطلاع , وأنهك جمود الأنتظار أعصابها رغم أنه لم يؤثر على الظاهر من رباطة جأش رايلي وهدوئه ورصانته.
وفجأة لمحت جسما يلمع , فأنتصبت واقفة وقد ملأتها الحماسة وهي تشير ألى بريق الشمس على أجنحة معدنية وتقول:
" أنظر هناك , أنها طائرة , أليس كذلك؟".
وقف بجانبها يفحص السماء بنظرته الثاقبة حتى رأى هو أيضا طائرة تطير ببطء في البعيد , وقال :
" أجل , أنها طائرة ".
وقالت وهي تستدير لتلتقط القنينة وتطفىء النار كي تنبعث منها أشارة دخانية تكشف موضعهما.
" سوف أجعلهم يعرفون أننا هنا".
أوقفها رايلي قابضا على ساعدها بأصابعه القوية , وقال:
" أنها بعيدة جدا هنا".
منتديات ليلاس
وأنتظرت ليا وقد تسمرت نظراتها على الطائرة فيما تضرعت بحرارة أن تعود نحوهما , غير أنها تابعت مسيرها حتى أختفت, وفي محاولة لأخفاء خيبة أملها وأمارات يأسها قالت بصوت خفيض:
" أنها سترجع".
لكنها لم تفعل.
ولم تنم ليا جيدا في تلك الليلة أذ لم توفر الأرض الصلبة فراشا وثيرا لعضلاتها المتألمة والمتشنجة بفعل النوم على فراش قاس في الليلتين الماضيتين , أما رايلي فنام بسهولة وراحة تثيران الأعصاب , ولم يستيقظ سوى مرة أو مرتين ليخرج من تحت الغطاء ويضيف بعض الحطب من كومة قريبة.

نيو فراولة 04-09-10 12:44 AM

وأستيقظت ليا من نومها المتقطع لتكتشف أن الصبح قد أنبلج , فتذمرت من قلة نومها المريح , ووضعت رأسها على ذراع رايلي لتتطلع بأشمئزاز ألى السماء الزرقاء المتألقة نورا , ونبضت ذراعها اليسرى بألم شديد , فأستدارت نحوه محاولة أ تضع ذراعها في وضع أكثر راحة وأقل أيلاما.
ولما أنقلبت ألى جنبها , ركزت نظراتها على وجهه , وأنتابها شعور بالكراهية للطريقة الهادئة التي ينام بها , وشعرت برغبة في أيقاظه وحرمانه لذة النوم التي لم تتمتع بها , وبينما فكرت جديا في تنفيذ رغبتها , أنفتحت أهدابه الكثيفة جزئيا , وقال بصوت نشيط وهادىء أثار أشمئزاز ليا:
" صباح الخير ".
ألتمع الغضب في عينيها , وقالت وهي تشد طرف البطانية لتخلصها من قبضته:
" هل هو صباح خير فعلا؟ أنني لا أجد فيه أي علامة على الخير".
منتديات ليلاس
ولما أرخى قبضته , رمت بالبطانية جانبا وأندفعت واقفة بأرتباك , ووقف بجانبها بهدوء وسهولة لم يظهر معها أي أثر لوجع أو ألم في عضلاته أو مفاصله , وقال مازحا:
" أرى أنك لم تنامي جيدا".
تمتمت متهكمة:
"أن قولك لا يعبر عن الحقيقة , ولكنك , في أي حال , نمت نوما عميقا يكفي لأراحتنا نحن الأثنين".
أجاب مبتسما:
" لا أظن ذلك , فقد أحسست شيئا يتذبذب في فراشي طوال الليل".
فحدقت أليه رافعة شعرها الكستنائي المجعد عن وجهها , وبدت مستاءة تصب جام غضبها , ولم تتمالك نفسها رغم أدراكها بأنها أجحفت في حقه , وأجابت:
" من حسن حظك أن ذلك الشيء لم يعضك".
ثم ربضت بجانب حقيبتها تنقب فيها عن بلوزة نظيفة تبدل بها بلوزتها المتجعدة , وأقسمت في سرها أن ترميه بأي شيء أذا ضحك علانية من جوابها الفظ.
لم يعلق رايلي على الموضوع أذ أحس بأن صبرها كاد ينفد ,وقال :
" هل يمكن أن نغلي بعض الماء كي أحلق ذقني؟".
غلبت لهجته الآمرة على كلامه ,وجاء رد فعل ليا أزاء لهجته متسرعا أذ قالت:
" أغل ماءك بنفسك".
ثم لامت سوء تصرفها أتجاهه لأنه ليس مسؤولا عن عدم نومها , وألتقت نظراتها المليئة بالندم بنظراته الحادة اللائمة , فتمتمت :
" لا بأس , سأفعل".
ولم تستطع أن تكبت أنفعالها أذ أضافت:
" فهذا في أي حال عمل الزوجة , أليس كذلك؟".
وأوحت لها قسمات وجهه بأنها تستفزه أذ سأل :
" هل تحاولين الدخول في شجار؟".
تنهدت ليا بغيظ :
" كلا".
وأستدار في مكانه , ثم سار نحو الأجمة وهو يقول:
"سنا تفعلين".
أنتزعت بضع جمرات بعد أن أضافت مزيدا من الحطب ألى النار , ووضعت قدر الماء على أربع صخور صغيرة فوق الجمرات المتفرقة , وبعد أن أنهت عملها , خلعت بلوزتها وهي تشعر بألم شديد ومحرق في ذراعها اليسرى , وأدخلتها بعناية في كم البلوزة الصفراء , النظيفة ,وكانت تزرر آخر زر عندما رجع رايلي , فألقت نظرة على القدر , فوجدت الماء يغلي , وقالت ببرودة:
" لقد غلا ماؤك".
رد بالبروج نفسها:
"أشكرك".
ورفع القدر عن النار وهو يمسكها بمنديل أخرجه من حقيبته , ثم توقف ليسألها :
" هل ترغبين في أن تغتسلي أولا؟".
هزت ليا رأسها سلبا , ثم فتحت حقيبة زينتها وأخرجت قارورة تحوي مسحوقا منظفا للوجه لتنظف به وجهها , وأستقرأت المرآة الملصقة على غطاء الحقيبة على زاوية ملائمة بحيث تمكنت ليا من مشاهدة طيفها وطيف رايلي معا.
كان مشهد رجل يحلق ذقنه مثيرا للفضول , فقد قبضت أصابع لوحتها الشمس على الموسى التي أخترق نصلها رغوة الصابون وقطع شعر الذقن ,ومع كل ضربة نصل ظهر مزيد من الجلد الأسمر تحت سالفيه ألى أن تغيرت ملامحه المغرية , وفيما غسل الصابون علن وجهه قالت ليا:
" أعتقد أن الهنود لم يكونوا يحلقون ذقونهم".
رد رايلي بنبرة جفاء وعدم أكتراث وهو يجفف الموسى ويضعها في حقيبته:
" لم يكونوا يحلقون فعلا أذ كانوا ينزعون شعور وجوههم".
فصاحت ليا من األألم لدى سماع كلامه , وأـضاف باللهجة نفسها :
" هل تؤلمك ذراعك اليوم؟".
منتديات ليلاس
ردت وهي تهز أحدى كتفيها متحاشية أيذاء جرحها المحرق في الذراع الأخرى:
" قليلا".
فتقدم منها قائلا:
" دعيني أفحصها ".
رفضت ليا أقتراحه فورا بسبب جفائه ونتيجة غضبها من قلة النوم:
" لا داعي لأن آلامها تدل أنها ستبرأ".
وتردد رايلي قليلا وهو يفكر:
" في أي حال , لم يبق لدينا كثير من الضمادات في الصندوق ,ولذلك أفضل أن تغيري كل يومين أذا كان جرحك لا يؤلمك كثيرا".
فكررت عبارتها:
" لقد قلت أنها آلام الشفاء".
وقبل تعليلها بأبتسامة خفيفة :
" حسنا , أنني ذاهب لأجمع بعض الحطب , كلي حتى أعود".
" لست جائعة ".
أجابها بصامة:
" سيجعلك الطعام تشعرين بالتحسن".

dalia cool 04-09-10 08:37 AM

مرسي يعطيكي العافية


الساعة الآن 01:17 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية