منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   281 - اميرة رغما عنها - صوفي ويستون ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t139453.html)

اماريج 13-04-10 05:35 AM

تصلب جسم الملكة السابقة:
_ أنت صريحة.
أجابت فرانسيسكا:
_من السهل علي دوما أن أقول ما أريده مقدماً.
وتساءلت عما قالته لتبدو هذه الوطواط العجوز علي هذا الشكل, وتابعت تقول:
_هذا يبعد سوء التفاهم.

قالت الملكة السابقة وقد أصبح فمها كالفخ:
_تماماً, هذا ينطبق جدا على مفاهيم القرن الواحد والعشرين. لا تظاهر, لا تهذيب ولا سمح الله "لا غرام".
حدقت فرانسيسكا إليها قائلة:" غرام؟."
فقالت الملكة:
_لكنني واثقة أن الحق معك. أنتم الشباب عموماً كذلك, إذا كان اهتمامك الوحيد به هو جعله شريكا في أهداف عملية فقط, فمن الصواب إذن أن تقولي ذلك."

لوت شفتيها. لم يبد عليها أنها تظن أن كل ما تقوله فرانسيسكا أو تفكر فيه هو صواب.
أخذت غرفة الطعام المكتظة بالأثاث تهتز أمام عيني فرانسيسكا, وضعت يدها على الجدار تثبت نفسها, ثم قالت بصوت أجش:
_"شريك؟".

أجابت الملكة السابقة:
_ما دمنا نتجنب سوء التفاهم, فلن أخفي عليك بأنني لا أوافق زوجي علي ذلك.
وألقت ببعض الشوك والملاعق علي المائدة المصقولة بحدة, وفكرت فرانسيسكا في أن هذا كابوس حقاً. فتنحنحت قائلة:
_ أي شراكة؟.
وكانت مضيفتها تنظم أدوات المائدة مكانها بغضب فقالت:
_ قد يكون هذا شيئاً عصريا جداً وعقلانياً. ولكن علينا أن نتبع أيضاً بعض العادات القديمة من الحنان والمودة. حتى ولو لم تؤمنا بالحب, عليكما, علي الأقل, أن تشعرا ببعض المودة والاحترام نحو بعضكما البعض. أنا لا أريد أن تصيب حفيدي كارثة أخرى....".

وسكتت فجأة. ثم سألتها باستياء:
_ إلى أين تذهبين؟.
أجابت فرانسيسكا عابسة:
_أريد أن أتحدث إلى أبي.
لا عجب في أن أباها بدا متضايقا في التاكسي. نسيت حذرها من كعبها العالي, فقد كانت ملهوفة إلي اتخاذ موقف من أبيها. وهتفت:
"أبي.."وإذا بجرس الباب يرن. وكانت قد أصبحت بجانبه, ودون وعي منها فتحت الباب وهي تقول:
_ هالو. الأسرة في....".

سكتت وهي تطرف بعينيها.
فأول ما فكرت فيه أن الصور لم تظهر نصف الأمر. وما افتقدته الصورة هو النظرات الثاقبة التي كانت تجتاحها حتى العظم.
أمسكت بالباب تستند إليه. في مكان ما في ذهنها, كان هناك إحساس غامض بالألفة التامة, وكأنها عرفت الأمير كونراد منذ الأزل.
هاتان العينان الثابتتان, بتجردهما الهادئ وتلك اللمحة الضاحكة فيها رائعتان... إنها تعرف أيضا كيف تبدوان, ولكنها لم تتوقع أن تطبق نظرة التسلية تلك من مسافة ستة انشات.
ابتلعت ريقها بصعوبة, ورفعت بصرها, لم تستطع أن تفكر في شيء تقوله.
وقف كونراد جامداً.

فأول ما خطر في ذهنه فكرة غير منطقية وهي أن فيليكس قد قرأ أفكاره! ولكن, لا. كان أول ما خطر له فكرة أبعد عن المنطق, فكرة بدائية للغاية, وهي أن يحمل هذه المرأة معه ويهرب بعيداً.
كان متلهفا إلي رؤيتها. لقد أدرك مبلغ ذلك وهو يراها هنا, وكان ذلك يشغل باله منذ أيام.
ففي كل وقت كان يرفع فيه بصره عن عمله, وفي كل مرة يقف في الصف في السوبر ماركت أو ينتظر أن يغلي أبريق الشاي..... كان خيالها يتسلل إليه من الظلال مرة أخرى, ودوما بنفس السؤال,هل أنا فتاة بريئة واسعة العينين, أم عجوز أنانية مشاكسة؟
ولكن ما كان يجعل فكه يتوتر إلي حد يؤلم أسنانه,هل أنت مفتون بي بحيث لا تهتم؟

الورقة المدون عليها رقم التلفون وعنوان البريد التي أحضرتها له السكرتيرة في دار نشر "غفرون وبليك" كادت تبلى لكثرة الاستعمال, لكثرة ما كان يخرجها من جيبه ثم يعيدها إليها.

حتى الآن بقي متماسكاً أمام إغراء ابنة بيتر هيلير. لكنه كان يعلم أن ذلك شيء فاشل.
في الأيام التي تلت تلك الحفلة السخيفة, لم يستطع أن يعد المرات التي نظر فيها إلي جدول مواعيده وهو يتساءل كم من الوقت تستغرق الرحلة إلي تلك المكتبة عند خزانات الغاز
ثم يقرر أن ذلك ليس استغلالاً جيداً لوقته ثم يهنئ نفسه لهذا القرار العقلاني, كان في قراره يراهن قيها على طول المدة التي سيثبت فيها علي مبدئه ويبقي بعيدا عن ابنة بيتر هيلير.. حتى هذا النهار كان قد وضع خطة للذهاب للمكتبة بعد الصف, ثم, بعد أن طلب منه فيليكس الحضور للغداء, أجل ذلك إلي العصر.
والآن ها هي ذي...هنا!

ولكن كيف عرف فيليكس ذلك بحق الله؟ وكيف كتم الأمر؟ أمضى الصباح, وهو يقنع كونراد بأن يتحدث إلي ذلك المحتال عن منحه منة لفقراء الجالية المونتاسوربة, لكنه لم يأت علي ذكر فرانسيسكا قط. لقد فكر فيها كونراد, طبعاً. فكر فيها؟ يا الله! كان عليه أن يكافح موجة الشوق التي يشعر بها تجاهها. موجة الشوق التي تشبه مد البحر....

ففي اللحظة التي ذكر فيليكس فيها اسم بيتر هيلير, أصبح كونراد وجها لوجه مع غموض ابنته. وعادت تحتل أحلامه, وأصبح لا يعرف, ما إذا كانت ساحرة أم أميرة من الجن. أم أن تلك مشكلته هو وليست مشكلتها؟
لكن فيليكس لم يذكر حتى اسمها, ولم يذكر أيضاً أنها مدعوة إلي ذلك الغداء, وكان ذلك منتهي التفوق في المناورة حتى بالنسبة إلي مستوى فيليكس, ما الذي يهدف إليه يا ترى؟

حسناً, إذا كان يظن أن كونراد سيذعن ويفعل ما يريده بيتر هيلير لأنه انبهر بابنته, فإنه مخطئ كثيراً. لم ير كونراد اليوم من تلك العينين البريئتين الغامضتين أية لمحة.. بل بدتا مركزتين حادتين وراء نظارات مؤطرة حديثة الطراز, وكانت أطول بانشين تقريباً, وأكثر أناقة بعدة سنوات ضوئية.
شعر بغضب متعذر تفسيره وهو يتأملها, كان ثوبها التبني, المذهب من تفصيل خبير, وكان شعرها ممشطا بنعومة شعر راقصة باليه, وشم رائحة عطر هو أكثر ندرة وثمنا من أن يعرف نوعه.لا شك في أنها ليست أبداً تلك الفتاة البريئة صاحبة المكتبة, فهذه امرأة عاملة واضحة العينين, كانت بالضبط المرأة التي كان يتوقعها ابنة لبيتر هيلير, بالغة الأناقة والحنكة, مستقلة بحياتها تماماً.لكنه ما زال يريدها.
وسألها فجأة , رغم غضبه من نفسه:
_ "ماذا تفعلين هنا؟."

منتديات ليلاس


اماريج 13-04-10 05:39 AM

لم تظهر أي من الصورتين جوهر هذا الرجل, ولا عرض كتفيه, ولا رشاقته أو طاقته. لكنه كان ينظر إليها وكأنه يكرهها.
تراجعت خطوة إلى الخلف بشكل لا إرادي وكأنها قريبة من النار أكثر مما يجب, وفكرت بارتباك فيما تراها فعلت.
لكنها قالت بحيوية:
_أنا مدعوة إلي الغداء وقد فتحت الباب لأني كنت مارة بجانبه, آسفة إذا كنت توقعت رئيس الخدم.

وأخذا يحملقان في بعضهما بعضا. وعاد إلي نفسه أولاً فقال:
_لا بالطبع, لم يستطع جداي قط أن يتحملا نفقات رئيس خدم. لأنهما ليسا من الملوك الذين يهربون مع جواهر التاج.
مد يده يقدم نفسه:
_كونراد دوميتيو.

صافحته قائلة:
_ وأنا فرانسيسكا هيلير.
- أعلم هذا.
إنه يعلم. يعلم؟ هل هذا يعني أنه يعلم عن شراكة العمل غير العاطفية؟ وهل وافق علي ذلك؟
هل هي الوحيدة التي لم يعبأ أحد بإبلاغها ذلك؟ صعقتها هذه الفكرة بالفعل. وقالت بلهجة محاربة:
_آه, أحقاً؟.
دخل وأغلق الباب خلفه, ثم سألها:
_أين يجلس الباقون في غرفة الجلوس؟."

كان مهذباً الآن, لكن عينيه كانتا حذرتين ويقظتين...ربما كان مثلها غارقاً في الظلام. وتبدد غضبها ليحل مكانه الشك.
سألته فجأة:
_هل تقابلنا من قبل؟."

كانت حتماً ستتذكر هاتين العينين الثقيلتي الجفنين بتكاسلهما الخداع وعنفهما المستتر. وكانت حتماً ستتذكر تلك الطاقة لو سبق لهما التعارف.
قالت:
_"آسفة,لا أتذكر."

أومأ بخفة وكأنه كان يتوقع هذا, وقال بنفس الصوت الهادئ:
_إذن نحن لم نتقابل.
ولكن لماذا لم تصدقه؟ وكادت تسأله عن ذلك. لكن أباها والملك خرجا في تلك اللحظة إلي الردهة, ثم كانت الأفضلية لأمور أهم.
قالت وهي تعترض طريق أبيها وتحدق إليه:
_أبي. هل لي أن أحدثك لحظة علي انفراد؟.

تململ, لكن الطلب ناسب الملك السابق تماما فقال:
_طبعا طبعاً, استعملا مكتبي, ثم عودا وتناولا شرابا قبل الغداء.
وأشار إلي غرفة صغيرة معتمة مزدحمة بالأثاث أكثر من سائر غرف الشقة.

نخست فرانسيسكا أباها بصدره بإصبعها, وهي تقول:
_ما الذي كنت تصنعه بالضبط؟.
جعله الحذر يتراجع إلي خلف مجسم لكرة أرضية:
_ والآن, يا فرانسيسكا. لقد وعدتني أن تحسني التصرف.



اماريج 13-04-10 05:43 AM

قالت بغضب:
_كان هذا قبل أن أعلم أنك تمثل دور نابليون في ترتيب أمر زواج المصلحة, من تراني؟ ماري أنطوانيت؟.
فقال:
_أنت التي أردت أن تقابلي الأمير كونراد.

فقالت:
_أقابله, نعم. ولكن هذا الزواج! إنه غير حقيقيا!.
فلم يقل شيئاً, وعادت تقول:
_كان هذا يحدث في القرن التاسع عشر فكيف في القرن الواحد والعشرين؟.

- "هل تخرجين مع صديق حاليهً؟."
- أنت تعلم أن هذا لا يحدث, فقد تخلصت أنت للتو من الرجل الوحيد في حياتي.
قال بفروغ صبر:
_لقد ساعدتك فقط علي رؤية الحقيقة.

لم تستطع أن تنكر ذلك. ولكن لم يكن عليها أن تجيبه, فأطبقت فمها ولم تقل شيئاً.
قال أبوها:
_لا أفهم النساء, لقد كان الرجل مخادعاً فانسيه.
فحملقت فيه قائلة:
_أنا أحاول هذا.
- هذا جميل, هذا اليوم إذن سيساعدك على السير في طريق النسيان.

ضاقت عيناها, بينما قال بسرعة:
_عليك أن تكوني عملية. فترك شاب ليس نهاية العلم, عليك فقط..."
فقاطعته:
_ سأترك حفلة الغداء اللعينة هذه الآن.

قالت هذا بشكل خطر, فنظر إليها بإمعان. وقرر أنها تعني ذلك فعلاً.. فجرب طريقة أخرى:
_لدي خبرة تفوق خبرتك ..صدقيني, يجب أن لا تشعري بسبب خبرة سيئة بالمرارة أو بالخوف من تكرار التجربة, فهذا لا يعني أن كل شخص لا يستحق الثقة."
نظرت إليه حانقة. ما أجدره بأن يأخذ من "بابا نويل" نصائح في الإحسان. وقالت ساخرة:
_كم هذا مؤثر, ربما كان كلامك أكثر إقناعاً لو تجاوز طردك لباري مدة أسبوع."

لم يتغير مظهره الأبوي وهو يقول:
_ أنا أعرفك حساسة أكثر مما ينبغي.
وكانت تهتز غضباً فكادت تقع من فوق كعبي حذاءيها, فاندفع إليها أبوها يساعدها علي استعادة توازنها, ودهشت وهي تراه يمسك بيدها, ويقول برزانة:
_أنت امتنعت عن الخروج مع الشبان منذ وقت طويل بحيث كان باري أول صديق استمر... حسناً, لن نقول المدة. ولم يكن يستحق ذلك. وكل هذا ذنبي أنا."

- ليس ذنبك طبعاً, فأنا فوق الحادية والعشرين. فإذا أخطأت فأنا المسؤولة.
منتديات ليلاس
تنهد بعمق قائلاً:
_لكن صيادو الثروات هؤلاء.



اماريج 13-04-10 05:47 AM

وأطلق شتيمة باللغة المونتاسورية:
_ما كانوا ليلاحقونك لولا أموالي.
قالت مداعبة:
_ما كان لك أن تكون ناجحاً إلي هذا الحد.

هز رأسه:
_كنت أظنني علي صواب. كنت أتعب نفسي في العمل كي أعيل أسرتي. فإلي أين أوصلني هذا؟ إلي الطلاق وابنة لا يمكنها أن تجعل حياتها الخاصة ملكاً لها.
فقالت مجفلة:
_ليس الأمر بهذا السوء.
- بل هو كذلك, لقد حدثتني أمك بكل شيء عنه.

نظرت بعيداً شاعرة فجأة بالضيق:
_ حسناً, أنت تعرف أمي... عندما لم يخطبني أحد وأنا في الثامنة عشرة, ظنت أنني أصبحت عانساً.
- لو كانت لديك مهنة تحبينها لما اهتمت لذلك, لكنها قالت قبل أن يكون لديك المكتبة تلك مع صديقتك, أخذت تفقدين أعمالك بسبب المخبرين الصحافيين.

- حسناً, هذا صحيح.
- كم عملاً أنجزت؟
أخذت تعد علي أصابعها:
_كان استمراري في كل عمل بمعدل ثمانية أسابيع.
فقال أبوها وقد فوجئ:
_هذا فظيع.

- آه, لا أدري, تعلمت قليلاً من كل شيء, وكان هذا أفضل من أن أعيش طوال الوقت فتاة غنية.

- لو كنا أغنياء طوال حياتك, لكنت علمتك ماذا كيف تتصرفين بحياتك تلك. ولكنت سعيدة الآن, ولا تهتمين بالعمل, وكنت ستعرفين كيف تتعاملين مع صيادي الثروات وكاتبي مقالات الإشاعات.
فقالت:"أتراهن؟".
تجاهل ذلك وهو يتابع:
_ولو كنت فتاة غير غنية الآن, لما تعرضت لكل تلك الصعوبات.

- لو كنت غير غنية لما كانت لي شقة علي شاطئ وملابس من باريس. لا تدع الخيال يجرفك.
نظر إليها أبوها بأسي:
_لكنك لا تريدين ملابس من باريس. أنت تريدين زوجاً وأولاداً.
ذعرت وهي تشعر بالغثيان, حتى أمها لم تكن صريحة معها إلي حد الفظاظة:"أبي".

تابع يقول:
_لقد أفسدت عليك ذلك, الرجال الطيبون لا يقتربون منك لأنك ابنتي.
منتديات ليلاس
فقالت بحدة:
_ومن قال لك أن الرجال الطيبين لا يقتربون مني؟ إنها أمي أيضاً, أليس كذلك؟.
فلم ينكر ذلك. فقالت:
_اسمع يا أبي, لا بأس! السنتان الماضيتان كانتا حافلتين قليلاً. لكنني الآن تشاركت مع جاز, وأنا بأحسن حال, كانت المكتبة مهتزة قليلاً في البداية. لكنني الآن بدأت بإنشاء "نادي الكتاب" في الانترنت, ومحاضرات للمؤلفين, والنتيجة ممتازة, إنها حياة عظيمة. فقد وجدت شيئاً أحسنه. سأمشي في أثرك وأصبح امرأة عاملة.

ساد صمت لحظة, قال أبوها بعده:
_لا تكذبي علي فأنت لست سعيدة.

كانت أصدق من أن تنكر ذلك فقالت:
_ لا أحد يحصل علي كل ما يريده, وصدقني, الخطبة الفورية لا تفعل شيئاً سوى جعل الأمور أسوأ, حتى ولو كان أنسب شخص في العالم.
عاد يمسك بيدها:
_ "فرانسيسكا. دعيني أفعل هذا لأجلك. أمك تقول..".
هتفت:
_إذا قالت لك أمي أن تشتري لي زوجاً, فهي قد جنت.



اماريج 13-04-10 05:53 AM

وبدا أنه تألم, بل صعق, فوخزها ضميرها:
_آه, رباه! لم أقصد هذا.
أكملت فرانسيسكا بضيق:
_آه, لا بأس لن أخرج قبل الغداء, لكنني لن أتابع عملكم الجنوني أكثر من ذلك. أفهمت؟.

قال بيتر هيلير:
_نعم, فهمت. شكرا لك.
وعادا إلي غرفة الجلوس.
توقف الملك السابق عن الحديث فجأة, ونظر هو وحفيده حولهما, كان العناد مرتسما علي وجه كونراد, أما الملك السابق فبدا قلقاً:
_كونراد, دعني أقدمكما إلي بعضكما البعض بشكل صحيح, بيتر هيلير الذي تكرم بالتبرع بمبلغ وافر لتمويل مستشفيات المونتاسوريين.
أومأ الرجلان بالتحية لبعضهما البعض بحذر ثم قال كونراد بابتسامة كلمعان الخنجر:
_ حسناً, لا تنس أن علينا أن نتحدث بهذا الشأن, يا فيليكس.
وقال الجد:
_وابنته فرانسيسكا.

قال كونراد وكأنه يتذوق الاسم:
_ "فرانسيسكا ".
يبدو أنه قرر شيئاً إذ اختفت ابتسامته الشبيهة بالخنجر ومعها كل دلائل العداء. وكانت النظرة التي ألقاها عليها..كانت...تفيض بالعاطفة. منحها ابتسامة دافئة في أعماق عينيها. وقال الملك السابق وقد بدا عليه القلق:
_وهذا حفيدي ولي العهد كونراد.

أخذت فرانسيسكا تفكر إن كان يعرف شيئاً, فربما هو مثلها, أحضروه هنا دون أن يعلم شيئا, وهي ترجح أن الملك الضفدع قد خبأ عنه الأمر ولكن ماذا لو قبل الزواج المدبر منذ البداية؟
حدقت إليه ولكن العينين الباسمتين بقيتا غير مقروءتين. أتراه يظن أنها وأباها هنا للحديث عن تبرعه لتمويل المستشفيات؟ وكادت تسأله. كانت علي وشك أن تسأله, ولكن...
حسناً, لقد أمسك بيدها, وإذا بكل تفكير في عقلها يتوقف. وبدا وكأن الأمير كونراد يناقش الأمر في ذهنه. وفي الواقع, بدا لها وكأنه علي وشك أن ينحني بشكل ملكي ويقبل أطراف أصابعها.
لم تعرف ما إذا كان يفكر في أن ذلك سيجعلها تقبل الزواج به, أم يجعلها تتجنب ذلك نهائياً, لم تهتم بذلك.

حملقت فيه متحدية:
_حسناً, أترانا تقابلنا من قبل؟.
منحها أكبر ابتساماته فتنة, وقال:
_يا لحماقتي. لا, وكيف يمكنني أن أنسي؟ سامحيني.
فقالت بغلظة دون أن تتأثر:
_لا بأس.

وسحبت يدها من يده, وساد صمت حاد يكاد المرء يقرأ فيه أفكار الآخرين. وبدا الضيق علي فيليكس, والتحدي الواضح علي بيتر هيلير, أما هي نفسها فبدت في مرآة الردهة المواجهة كئيبة كتلميذة مدرسة.

بدا علي كونراد وحده التسلية. فقال ضاحكاً:
_ما رأيكم في شراب تقليدي؟.
سألت الملكة السابقة بيتر هيلير:
_ هل تشرب مشروباً وطنياً في بيتك, يا سيد هيلير؟.

فأجاب:
_ لا. منذ تركت مونتاسورو لم أفكر في أخذ أي من الوصفات القديمة معي. كنت في الرابعة عشرة فقط من عمري, ولم أكن أفكر في العادات التراثية, بل في سيارة "الفيراري" التي ستكون لي ذات يوم.
وضحك, وضحك الآخرون أيضاً...بدت هذه الضحكات فارغة في أذني فرانسيسكا.
وسأل كونراد ببراءة مصطنعة:
_وكم فيراري لديك الآن؟.

هز بيتر هيلير رأسه وأجاب بلهجة واقعية:
_عندما أصبحت غنياً بما يكفي لأشتري واحدة, كل ما كنت أريده من السيارة أن تكون خالية من الارتجاج بينما شخص آخر يقودها, أنا أركب هذه الأيام في المقعد الخلفي فقط وأتحدث في التليفون.
منتديات ليلاس
فقال كونراد متفجعاً:
_آه, إنها ضريبة الثراء.
نظرت إليه فرانسيسكا بغضب, لكن كونراد لم يرها لانشغاله بتحضير الشراب لكن جده خف إلي تصحيح الموقف, وقال:
_إذن فقد استغرق منك بناء إمبراطوريتك هذه وقتا؟ً.




الساعة الآن 07:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية