منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   (رواية) 241 - ليزي ياحبيبتي - ديبورا مايلز - عبير الجديدة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t112152.html)

عيون عسلية 04-06-09 02:13 AM




-16-




لم تجبه ليزي , فتركها وأتجه نحو أنجيليكا التي استقبلته بذراعين مفتوحتين , فتشجعت ليزي ورمت نفسها علي الكنبة , ولاحظت أنهما اختفيا , فأصابها صداع قوي وفجأة سمعت صوتا ناعما يناديها أنها السيدة أدنا تيكر جارتهم القريبة .

(( الجو حار في الصالون , ما رأيك لو نتنشق الهواء النقي ؟)).

(( بكل سرور )) وابتسمت لها بوجهها الشاحب .

(( نحن ننتظر المطر بعد الحصاد )) قالت لها أدنا عندما أصبحا بالحديقة , ثم تأملتها قليلا وأضافت.

(( ليزي , لا تعلقي أهمية كبيرة علي كلام وتصرفات أنجيليكا , أن كل الرجال يغرمون بها )).

إذن أن السيدة تيكر كانت شاهدة علي ذلك المشهد , ويبدو أنها ليست الوحيدة , يا له من موقف محرج بالنسبة لليزي .

(( نعم , فهي جميلة جدا )).

(( اعذريني , مدام غراي , ولكنني أرى أن الجمال ليس هو بالظاهر فالشخصية هي الأهم )).

وفجأة بدا القلق علي وجه أدنا , وأمسكت ليزي بيدها , وحاولت أن تعود بها نحو المنزل.

(( يجب أن نعود , لقد بدأت اشعر بالبرد )).

وبالطبع ألتفت ليزي إلي الخلف لترى ما الذي أربك أدنا لهذه الدرجة , وتجمد الدم في عروقها , لقد كان جوناثان و أنجيليكا علي بعد أمتار في الظلام , وسمعت ضحكة أنجيليكا الوقحة , وأبدت أدنا طيبة كبيرة , ورافقتها نحو المنزل , وأدخلتها إلي الصالون المنفرد , وحملت لها كأسا من الكونياك لكي يستعيد وجهها لونه , وبعد قليل توقفت ليزي عن الارتجاف .

(( لا يجب أن تكوني بهذه الحالة , ليزي فأن مغامرات أنجيليكا لن تدوم طويلا , وزوجي أيضا لم ينجح في مقاومة أغرائها )).

(( آوه , أنا آسفة )).

(( لحسن الحظ , أنه أكتشف حقيقتها بسرعة , ونحن نتصرف وكأن شيئا لم يكن , ونقبل دعوتها دائما)).

(( بالنسبة لجوناثان )) وتنهدت ليزي (( الواقع مختلف , فهي قد وضعت في رأسها أنها ستتزوجه ما أن تصبح حرة , وزوجها يحبها , و أنا لن أكون هنا , لكي أرى إذا كان جيمز بيلي لا يزال حيا ... لقد تحسنت حالي , اطمئني أدنا , سأبقى هنا قليلا )).

(( هل أنتي متأكدة ؟)).

(( بالتأكيد , وشكرا للاطفتك )).

وعندما خرجت أدنا , أجهشت ليزي بالبكاء , جوناثان و أنجيليكا , فهي تعرف مدى علاقتهما , ولكن رؤيتهما هكذا كان كالضربة القاتلة , فإذا كانت ليزي تحب حقا زوجها , ألا يجب عليها أن ترد له حريته ؟ ولكن هل تتخلى عنه أنجيليكا كما تفعل بكل عشاقها ؟ لا يجب الاعتماد علي هذه الفكرة , فجأة فتح الباب الغرفة ودخل جوناثان .

(( أخبرتني أدنا تيكر أنكي لست علي ما يرام )).

تراجعت ليزي خطوة للوراء , ولم تكن تملك الشجاعة للنظر في وجهه مباشرة , ففهم جوناثان كل شيء .

(( ليزي ... أنتي رأيتنا , أليس كذلك ؟ ولكن الأمر ليس كما تتصورين يا عزيزتي ...)).

(( أنا لست عمياء , جوناثان )).

(( ليز , أنتي تعرفينها , معها هي لا داعي للخوف , كما وانك دفعتني حتى النهاية )).

(( للحقيقة هذا ليس مهما )).

(( نعم , بالنسبة لكي , طبعا ... هذا صحيح , لقد نسيت , فأنا أعرف مشاعرك نحوي , وزواجنا ليس زواج حب كما هو زواج أختك , أليس كذلك ؟)).

أحست ليزي بالدوار واتكأت علي المدفأة .

(( يبدو أن أنجيليكا تحبني , علي كل حال , فهي مخلصة لي , فكري بحياتها مع هذا العاجز , وهي جميلة جدا ...)).

أحست ليزي بأنه سيغمى عليها , وامتلأ جبينها بالعرق البارد .

(( كفى جوناثان كفي )).

(( نعم , هي جميلة كالملاك , وهي لا تتردد في الإعلان عن عواطفها ... كما تفعل العفيفات أمثالك ...))

وقبل أن ينهي كلامه لاحظ أنها ستقع علي الأرض , فأسرع نحوها وأمسك ذراعيها , وقبلها محاولا تهدئتها .منتديات ليلاس

(( أعدني إلي المنزل )) قالت له ثم أغمي عليها فورا .

في الصباح , شعرت ليزي بالتحسن , وأدركت أن جوناثان بدل لها ملابسها ووضعها في السرير , وتذكرت أنه كان يبلل جبينها بفوطة رطبة في الليل , فرمت رأسها من جديد علي الوسادة ...

وعندما نهضت وقفت قليلا أمام النافذة , وكانت السماء صافية , فبدلت ملابسها , وقررت أن تقول لجوناثان أنها فهمته و طالما أنه يحب أنجيليكا لدرجة الجنون , لن تقف في وجه مستقبلهما .

ولكن ما أن دخلت غرفة الطعام حتى نسيت كل شيء أمام نظرات زوجها الحنونة , وكان يبدو وكأنه لم ينم طوال الليل .

(( صباح الخير )) قالت له بهدوء.

(( هل أنتي بخير الآن ؟)).

(( نعم , أنا بأفضل حال )) أجابته مبتسمة ثم تناولا فطورهما بصمت , وجوناثان يراقبها مفكرا , وترددت ليزي في التلميح له بشأن أنجيليكا , وزوجها يبدو في مزاج جيد و فلا ضرورة لإفساد نهاره.

و تفاجأت ميري عندما رأتها قد غادرت الفراش .

(( لقد كنت محمومة , سيدة غراي , وكان سيدي قلقا جدا عليك)).

(( انتبهي علي نفسك , اليوم ليزي لا يجب أن تمرضي )) قال لها جوناثان ثم نهض .

وفكرت ليزي أنه بعد أن اطمأن عليها سيعود لرؤية عشيقته , ولكن بعد تناول الفطور عادت الحرارة إليها , فنامت ورغم النوافذ المفتوحة أحست بأنها ستختنق , وبعد الظهر حاولت القيام بنزهة في الحديقة , لكن جوناثان لاحظ تعبها , فأمرها بالبقاء في السرير.

(( سنذهب غدا إلي بيسورست لكي نستشير طبيبا )) قال لها جوناثان .

كانت متعبة جدا ولم تستطع الاعتراض , وبنفس الوقت دخلت ميري وأخبرتهما بوصول آل تيكر , فنزل جوناثان وأستقبلهما, وبعد قليل دخلت السيدة تيكر برفقة ميري .

(( أنا آسفة لأنك مريضة , يا عزيزتي ليزي )).

ابتسمت لها ليزي , وأخذت السيدتان تثرثران , وبعد دقائق سكتت أدنا , وفهمت ليزي أنها كانت مترددة في الكلام عن مشهد الأمس .

(( أنتي ... أنتي كنت مخطئة حقا عندما اعتقدت أن جوناثان و أنجيليكا هما ... أيه ... لقد لاحظت قلق زوجك و ...)).

(( أن قلقه لا يغير شيئا , فأنا آسفة لأنني تصرفت بهذا العنف )).

دعا جوناثان آل تيكر للبقاء لتناول العشاء عنده , لكنه منع ليزي من مغادرة الفراش , وشعرت ليزي ببعض التحسن بعد أن تناولت الشوربا التي أحضرتها لها ميري إلي غرفتها.



عيون عسلية 07-06-09 04:14 AM



-17-


وقررت أن تنهض وتغير ملابسها وتنضم إليهم , وهكذا خرجت بعد قليل من باب صغير يؤدي إلي الشرفة , ويصل إلي الصالون وكان زوجها يدير لها ظهره , فوقفت في الظلام تتأمله دون أن يراها أحد .منتديات ليلاس

(( لست أدري ماذا سأفعل )) قال جوناثان (( يبدو أنها تجهل خطورة حالتها , أو إذا كانت تعلم تفضل أن لا تفكر به )).

(( هذا يصعب تصديقه )) أجابته أدنا تيكر (( فليست كل الأمراض مميتة ))

(( هذا ما كنت اعتقده في البداية , ولكن يجب مواجهة الواقع , فإن انتكاساتها الصحية ازدادت , وهي خطيرة , وستموت هذا لا يمكنني تحمله )).

(( لا تقل مثل هذا ,جوناثان )) قالت أدنا بدهشة .

فالتفت جوناثان نحو أدنا وكان وجهه شاحبا والقلق باديا عليه .

(( مساء أمس , اعتقدت أنها النهاية , وهذا الصباح كانت أفضل ولكنها بسرعة انتكست من جديد , وسأصاحبها غدا إلي المدينة لرؤية الطبيب ,فقد يكون بإمكانه أن يصف لها دواء ناجحا . . . )).

ولاحظت ليزي أنه يحاول تمالك أعصابه .

(( من المرعب جدا أن أفكر بأنها علي وشك الموت أمام عيني )).

(( ولكن جوناثان ... هذا مستحيل )).

(( فليمنحني الله القوة والصبر علي تحمل هذه المحنة )) قال جوناثان بيأس كبير.

استندت ليزي علي حائط الشرفة , وأحست بأن قدميها لم تعودا قادرتين علي حملها , فهي ستموت وجوناثان يخاف من رؤيتها تذبل ببطء , وستكون عالة عليه مثلها مثل جيمز بيلي بالنسبة لزوجته , وليس أمامها سوى وسيلة واحدة للهرب من هذا المصير , ولتجنب تحميلها عبئها لزوجها , سترافقه إلي بيسورست , ولكنها هناك ستدبر رحليها عند أختها جان , والتي لن ترفض استقبالها ومساعدتها إلي أن ...

أستيقضت ليزي في اليوم التالي وهي لا تزال مصممة علي قرارها , ولم تحاول أقناع نفسها بأنها ستتحسن , هذا مستحيل , فهي تعرف أنها ستتعرض من جديد لنوبات من الحرارة إلي أن ينتهي عمرها , وأخذت تتخيل نفسها علي السرير بانتظار زيارات جوناثان , وتصورت شفقته عليها وابتسامته المشجعة , لا , هي لا تريد أن تكون عبئا عليه وجان هي ملجأها الوحيد .منتديات ليلاس

وبعد تناول الفطور في غرفتها , نزلت إلي المكتب جوناثان , وأستقبلها بلطف كعادته , ولو لم تستمع بالأمس خلسة علي حديثه , لما كانت لتشك بشيء.

(( كيف حالك ليز؟)).

(( أفضل من الأمس شكرا)).

(( يجب أن نذهب إلي المدينة بأقصى سرعة فاطلبي من ميري أن تعد لك حقيبة صغيرة)).

وقفت ليزي علي الشرفة تتأمل هذه المزرعة التي أحبتها كثيرا ,وبعد موتها ستستمر الحياة كالسابق ... وبدونها... وفجأة تذكرت الطريقة التي ينظر بها جوناثان أليها , وتذكرت كلماته عن أن الحياة قصيرة جدا , فمنذ متى وهو يعلم بحالتها؟ وكيف علم؟.

وطلبت من ميري أن تضع لها ملابس دافئة ومعطفا في الحقيبة , وأخبرتها أن جوناثان ذهب في الصباح الباكر إلي أكاسيا مزرعة بيلي وأنه عاد بعد ربع ساعة , ومن المؤكد أنه أخبر أنجيليكا...

وقبل الظهر بدأت رحلتهما نحو المدينة , وكانت ليزي قد وضعت كل أموالها الخاصة في حافظة نقودها , وطوال الطريق كان جوناثان لطيفا معها, وعندما وصلوا إلي الفندق , طلب منها أن تنام قليلا قبل موعد العشاء , وأخبرته ليزي أنها ترغب في شراء بعض الحاجيات في صباح الغد .

(( حسنا ليزي )) قال لها وهو يداعب شعرها بشفتيه (( سأتفق مع الطبيب علي موعد لكي يراك وارتاحي أنت الآن )).

وعندما خرج سالت دموعها بغزارة , آه , فقط لو أنه لا يظهر هذا الحنان كله لها , لكان بإمكانها أن تكرهه , ولكن حبها له يزداد كل يوم أكثر .

وفي صباح اليوم التالي , أستيقضت ولاحظت أن حالتها تحسنت أكثر, وكان جوناثان قد خرج لمقابلة الطبيب , فخرجت ليزي لكي تدبر لنفسها وسيلة نقل , ولم يكن هناك رحلات منتظمة بين بتسورست وسيدني .

ولكن أحد التجار قبل أن يأخذها معه في عربته لقاء مبلغ من المال , فاتفقت معه وعادت إلي الفندق لتحضر أغراضها.

وقبل أن تدخل إلي غرفتها , سمعت حركة فيها, فترددت قليلا ووقفت خلف الباب .

(( لست أدري ماذا يجب علي أن أفعل )) قال جوناثان لصديقه الكابتن باريت (( أنها منزوية علي نفسها)).

(( أنا آسف يا صديقي , الحياة ليست عادلة)).

(( أجد نفسي في موقف صعب , وأشعر بأنني أتمزق )).

(( هيا , أهدأ , تعال معي إلي المنزل لكي أقدم لك شيئا تشربه , وستكون زوجتي سعيدة جدا بتقديم النصيحة لك ...)).

(( أنا أشعر بأني عاجز أمام هذه التجربة )).

اختبأت ليزي في الممر بينما خرج الرجلان من الغرفة, وعندما نزلا دخلت الغرفة , وكتبت رسالة لزوجها.

(( لقد رحلت ولا أرغب بالعودة , كل شيء سيسير علي ما يرام , لا تقلق , أشكرك علي طيبتك معي , لكني لا أحبك ولم أكن أحبك , والأفضل أن نفترق , لا تحاول العثور علي , أنتهي كل شيء بيننا)).

هذه الرسالة القاسية هي الوسيلة الوحيدة لمنعه من البحث عنها , أليس هذا عزاء بالنسبة له عندما يعلم بأنها لم تكن تحبه ؟ أنها تقدم له حريته وتريحه من عقدة الذنب بنفس الوقت .

بدأت رحلة ليزي بشكل بطيء , وفي منتصف الطريق بدأ المطر ينهمر , وكان العبور في منطقة الجبال الزرقاء تشبه الكابوس لكثرة الوحول , وكان التاجر يكيل الشتائم طوال الطريق لبغاله التي تجر العربة , وندمت لأنها رحلت , جوناثان ,جوناثان القوي الحنون كان لطيفا جدا معها , وكان يحميها من البرد والتعب والخوف , لكنه لم يكن يحبها.

ولكن هذا التاجر الفظ شارك ليزي بطعامه وفي الليل نامت داخل العربة وغطت نفسها جيدا بمعطفها , وعندما أستيقضت في الصباح أحست بالألم في كل جسمها , وبدا لها أن هذه الرحلة لن تنتهي .

وأخيرا وصلت إلي منزل أختها , فشكرت التاجر وأسرعت وطرقت علي الباب , وكانت مفاجأة جوني كبيرة عندما رآها , وأشرق وجهه .

(( ليزي , كم أنا سعيد برؤيتك , ولكن أين زوجك؟)).

عندما سمعت هذا السؤال , سالت الدموع علي وجهها, فضمها جوني إلي صدره وأخذ ينادي زوجته .

(( جان , جان)).

(( أنا قادمة . . . كنت في القبو و. . .آوه ليز)).

فرمت ليزي نفسها في أحضان أختها وهي تبكي فأجلستها جان في الصالون وناولتها منديلا لتمسح به دموعها.

(( ليز يا عزيزتي , ما بك ؟ جوناثان ليس ... يا ألهي هل ... هل مات ؟)).

هزت ليزي رأسها بالنفي , ورفعت رأسها نحو وجه أختها وزوجها القلقين .

(( لقد رحلت عنه)).

(( يا ألهي , ولكن لماذا ليز ؟)) سألتها أختها.

(( ماذا فعل لك ؟)) سألها جوني.


عيون عسلية 07-06-09 04:15 AM



-18-




وتذكرت ليزي رسالة أختها الأخيرة التي جعلتها تقلق وتحتار بشأن أختها.

(( أسمعي ليز , تعالي معي إلي الغرفة الثانية , حيث يمكننا التكلم بهدوء )) . فجلست ليزي علي الكنبة وقررت الكلام أخيرا.

(( أنه يحب امرأة أخرى , وتزوجني فقط لأن تلك المرأة متزوجة , ولأن زوجها بدأ يشك بهما ... وأنا ...وأنا )).

ثم أخذت تلف المنديل حول أصابعها بعصبية.

(( أنا مريضة , جان مريضة جدا... وفاجأته وهو يتحدث مع ... )) ثم روت لأختها كل القصة , وانهمرت الدموع علي وجهها.

(( أنه يتمزق بين تلك المرأة وبيني , وفضلت الرحيل,فانا لا يمكنني تحمل شفقته , أنه حزين جدا , لا , أنا لا أريده أن يراني وأنا عاجزة )).

فضمتها جان إلي صدرها.

(( ليزي , أسمعي )) أمرتها بصوت مرتفع .

لاحظت ليزي علي وجه أختها علامات الخوف والخجل .

(( آوه ليز, يجب أن أعترف لك بشيء ... أنا خجولة من نفسي... جوني اتهمني بالطيش ... أنه محق , كنت أعتقد أنني أفعل شيئا جيدا , وهذا هو عذري الوحيد, أتذكرين عندما وصل جوناثان يوم زفافي ؟ أنا التي عقدت كل شيء , وخاصة بعدما فاجأته وهو يقبلك , ولاحظت لطفه وإعجابه بك , وكنت أشعر بأنك تحبينه رغم عدم اعترافك , هذا ... هذا كان أمرا غبيا , ولقد أدركت اليوم خطئي , لم أكن قد فكرت بالنتائج .... للحقيقة أنني في ذلك اليوم قلت لجوناثان أنك مريضة أكثر مما تتخيلين , وكنت أحاول أن أقنعه بأنك ضعيفة ... ولست أدري كيف فعلت ذلك , ولكني زعمت بأنك مصابة بمرض خطير )).

(( مرض خطير , آوه , يا ألهي , الآن فهمت كل شيء)).

(( وقلت له أنك تتعرضين لنوبات من الحرارة إلي أن ...)).

(( آوه , جان)).

(( كنت أراه ينظر أليك خلسة , وتمنيت أن القلق عليك يجعله لطيفا معك ... كنت تحبينه في ذلك الوقت , أليس كذلك ؟)).

(( نعم )) اعترفت ليزي (( وأعتقد أنني لا أزال أحبه رغم كل شيء)).

(( كنت أريد سعادتك , ليز واعتقدت أنه سينسى كلامي بسرعة عندما يراك بكامل صحتك )).

(( آوه جان , أنتي دائما تثرثرين كثيرا )) وتنهدت ليزي (( ولكنك هذه المرة تخطيت الحدود , وأنا اعتقدت حقا أنني سأموت , وهو أيضا , ولكن ... إذا كانت هذه القصة كلها كذب , فيجب أن أعرف حقيقة مرضي )).

(( اهدئي , ليز , و أشرحي لي ظواهر آلامك )) .

و استمعت جان بانتباه لكلام أختها , وأشرق وجهها وأخذت تضحك.

(( ولكن ليز , هذا أمر طبيعي , فأنت حامل )).

(( ماذا؟)). سألتها ليزي بدهشة .

(( أنك تنتظرين مولودا )).

فسالت دموع ليزي من جديد, بمزيج من الفرحة واليأس .

(( أنتي تحبين جوناثان , أليس كذلك ؟ ولكنك كنت تغارين من عشيقته ... آوه ليز هل أنتي متأكدة أنه ...)).

(( أن ما حصل قد حصل و والطفل لن يغير شيئا , وأنا لا أريده أن يهتم بي فقط من اجل أبنه , وأنا أرفض أن أكون عبئا عليه , ولقد لاحظت تعابير وجهه عندما فهم أن مرضي يحول بينه وبين عشيقته , لا , أنا أحبه كثيرا ولا أريد تعاسته ... أيمكنك السماح لي بالبقاء هنا بعض الوقت ؟)).

(( بالتأكيد يا عزيزتي و بإمكانك البقاء قدر ما تشائين ... ليز ... أتعلمين من زارنا في الشهر الماضي ؟ أحد معجبيك ...)).

(( من ؟)).

(( جازون ويلسون ... أنه يقيم في سيدني , ولقد ترك لي عنوانه كي نزوره في أحد الأيام , ولقد أخبرته بزواجك ... ولم يبدو سعيدا بهذا النبأ ... آوه ليز , هل ستسامحينني ؟)).

(( لولاك ,لما كان جوناثان تزوجني )).

(( ولولاي لما كنت تبكين الآن , علي كل حال , سيكون لديك طفلك )).

وفي المساء تناولت ليزي العشاء مع أختها وصهرها .

(( ليزي , ألا تريدين إرسال رسالة لجوناثان ؟)). سألها جوني (( لابد أنه يعرف أين أنتي الآن , ولكن يجب أن تطمئنيه عنك )).

(( لا , فإذا أخبرته عن مكاني فسيعتقد أنني أجبره علي المجيء للبحث عني , وهذا ما لا أريده أبدا )).

(( ليزي , لدينا أعمال كثيرة هنا )) أجابها صهرها (( ومساعدتك لنا ستكون ثمينة , ونحن سنكون سعداء بوجودك معنا , علي شرط أن لا تتعبي نفسك كثيرا , بالنسبة لحالتك...)).

ابتسمت له ليزي بامتنان , وتساءلت كيف اعتقدت ذات يوم بأنه لن يكون زوجا مناسبا لأختها.

(( شكرا لك جوني , ولكني لا أستطيع البقاء , وسأرحل إلي سيدني , وأنا واثقة أنني قادرة علي التصرف وحدي , وأريد منك فقط أن تعطيني عنوان السيد جازون ويلسون , لأزوره في حال لم أجد عملا )).

حاول جوني وجان أن يقنعاها بالبقاء , لكنها رفضت فذهب جوني للنوم وتركهما وحدهما .

(( لقد تغيرت كثيرا ليز أصبحت أكثر رقة )).

(( أما أنت يا أختي الصغيرة فلقد أصبحت أكثر اتزانا)).

(( ليز , اسمعيني أن ذهابك إلي سيدني هو ضرب من الجنون )).

(( لن أعود إلي زوجي , ولا أريد أن أكون عبئا عليكما , ولا تلحي علي أكثر , لقد أخذت قراري )).

شعرت ليزي بحماس كبير لحياتها الجديدة , وأقامتها عند أختها أفادتها من الناحية الصحية والنفسية , وتركت أختها وصهرها وهي تشعر بالأسف , ولكن حان الوقت لكي تتحمل وحدها مسؤولية نفسها , ولم يكن قد وصلها أي خبر من جوناثان , لابد أنه سعيد لتخلصه منها و علي كل حال أصبح هو من الماضي , ونزلت في فندق محترم في سيدني , ورافقتها صاحبة الفندق إلي غرفتها.منتديات ليلاس

(( لا , رجال في الغرف , يا أبنتي , هل أنتي موافقة علي كل الشروط ؟)) سألتها صاحبة الفندق.

((نعم )) وافقت ليزي , وأعجبتها غرفتها .

(( من أين جئت ؟)).

(( من بيتسورست حيث كنت أعمل مدبرة منزل و آمل أن أجد عملا هنا )).

(( لا تتعبي نفسك , فيوجد هنا الكثيرين من العاطلين عن العمل , كان يجب أن تبقي هناك ... وأخيرا , أتمني لك حظا موفقا )).

تنهدت ليزي , فالقصة تتكرر مرة ثانية , لكنها في المرة الأولى كانت معها جان , وابتسم الحظ لها , فلماذا لا يبتسم لليزي اليوم من جديد ؟ ثم وضعت يدها علي بطنها , وقررت أن لا تيأس فهي لم تفقد جوناثان طالما أن أبنه في بطنها .




عيون عسلية 07-06-09 04:16 AM



-19-




تناولت ليزي فطورها في غرفة الطعام , وكان الجميع ينظرون أليها باستغراب , لكنها لم تكن تريد أن تتعرف بأحد , وبسرعة نهضت و اتجهت نحو وسط المدينة.

وسألت عن عمل في المحلات والمنازل الكبيرة , ثم قصدت مكاتب التوظيف , لكنها لم توفق , فلم يكن أحد بحاجة لا للخادمة ولا للبائعة ولا حتى لمدبرة منزل , وفي المساء عادت إلي الفندق يائسة , ولا يزال أمامها أخر أمل عند جازون ويلسون , وكانت تفكر بطفلها , فتنهدت وصعدت إلي غرفتها , وقررت أن تزور ويلسون صباح غد .

كان جازون ويلسون يقيم في هايد بارك , ولم تجد ليزي صعوبة في الوصول إلي منزله , وكان منزله كبيرا , ومحاطا بحديقة واسعة , وفتحت لها خادمة أخذت تتأملها جيدا , فطلبت ليزي مقابلة سيد المنزل , وكان جازون يتناول الفطور فاضطرت ليزي للانتظار وبعد قليل استقبلها جازون بحرارة .

(( آنسة بانيستر , أنا سعيد بزيارتك ؟ولكن ألا يجب أن أناديك سيدة غراي ؟)).

(( بإمكانك أيضا أن تناديني آنسة بانيستر )).

(( عندما أعطيت عنواني لأختك )) قال لها وهو لا يزال يمسك يديها (( لم أكن أتوقع أن أراك مرة ثانية )).

(( أنا بحاجة لمساعدتك , سيد جازون )).

(( ماذا تريدين مني ؟)).

(( أنا أبحث عن عمل )).

فطلب منها الجلوس , وتأملها قليلا و أضاف .

(( أن خبر زواجك لم يسعدني أبدا )) أعترف بذلك (( وسامحيني علي صراحتي , كنت ؟ أتمنى لك أنسانا أفضل ... ولكن ألم أحذرك من جوناثان ونحن علي متن الباخرة ؟))؟

(( اسمع سيد ويسلون )) قالت له بجفاف (( أفضل أن لا أسمع ما سبق وقلته عن زوجي , نعم نحن لم نخلق لبعض , وإذا كنت تستطيع ساعدني في إيجاد مكان أعمل فيه , وأنا لن أزعجك طويلا )).

ثم تأملته بنظرة تعالي , لكنها أدركت أنها ليست بموقف يسمح لها بالكبرياء .

(( آوه سامحني , لم أكن أريد أن ... آوه , يا ألهي )) أخذ جازون يضحك.

(( أنتي لم تتغيري , آنسة بانيستر , كنت أخشى أن يكون جوناثان قد ... حسنا , لن نتكلم عنه ... بالتأكيد سأجد لك عملا وأنا نفسي أبحث عن مدبرة لمنزلي , لقد رحلت المدبرة السابقة منذ شهر , ولم أجد غيرها, وأنتي جئت في الوقت المناسب )).

لم تصدق ليزي ما سمعته , و اعتقدت أنها تحلم .

(( آوه , سيد ويلسون , هذا لطف منك , وأنا لا أريد أن أستغل طيبتك , ولكن إذا كنت حقا بحاجة لمدبرة فانا أعدك بأنك لن تشتكي أبدا من عملي )).

(( لا أشك بذلك آنسة بانيستر , وأنا سعيد بلقائك من جديد , سأطلب من الخادمة أن تدلك علي غرفتك )).

(( قبل أن أقبل بهذه الوظيفة سيد ويلسون , يجب ... يجب أن أخبرك بشيء مهم .. أنا حامل وأنتظر مولودا ...)).

(( وهل يعلم جوناثان بحملك ؟ ألا يجب عليك أن تكتبي له رسالة وتخبريه فيها انك تحت حمايتي ؟)).

(( لا لقد انفصلنا عن بعض , وإذا لم يعجبك ذلك , فأنني أنسحب )).

تأملها جازون قليلا, وكان يفكر بجوناثان المتعالي الواثق من نفسه , ويسخر منه ,أن مجرد فكرة أن امرأته تعمل مدبرة في منزل جازون ستجرح كبرياءه , ولكن للأسف لن يعلم هذا المتكبر بشيء .

(( أنا متمسك جدا بك , آنسة ... آوه , مدام بانيستر , ابقي هنا أرجوك )).

ولم يكن لدى ليزي خيار أخر .

(( أتمنى أن تكون سعيدا من خدماتي سيد ويلسون , سأفعل كل ما بوسعي لكي أنجح في أدارة هذا المنزل , وإذا أردت الاستغناء عني عند ولادة الصغير فأنا ...)).

(( أن ولادته لن تغير شيئا ليزي , فانا صديقك ولست فقط رب عملك , لا تنسي ذلك أبدا )).

(( شكرا لك )).

هز جازون رأسه وابتسم , لابد انه يتساءل كيف تمكن شخصان مختلفان تماما كجوناثان و ليزي أن يتزوجا وينجبا طفلا ؟.

(( يجب علي أن أذهب لإحضار حقيبتي من الفندق )).

(( لا تتعبي نفسك سأرسل أحدا يهتم بها , والآن سأريك غرفتك )).

(( أنت رجل طيب جدا , ولكني أؤكد لك أنني ...)).

لم يكن جازون يرغب بسماع المزيد , و نادى علي الخادمة لكي ترافقها إلي غرفتها .

ومرت الأيام وشعرت , ليزي بالفرح وهي تدير هذا المنزل البرجوازي بدون عدوانية جيزي, وكانت تشعر وكأنها في لندن.

وكان جازون ويلسون دائما لطيفا معها , ولم تهتم ليزي لما يعتقده بقية الخدم , وكانت تحصر كل أفكارها في الجنين الذي ينمو بداخلها , وكانت في أوقات فراغها تخيط أو تحيك له الملابس , وكانت مقتنعة انه سيكون صبيا له نفس نظرات وابتسامات والده الساخرة ...منتديات ليلاس

وكانت تستيقظ في بعض الليالي وهي تفكر بجوناثان , وكان قلبها يدق بسرعة , وتفيض عيونها بالدموع ... وحلمت ذات ليلة أنه جاء للبحث عنها , وكانت سعيدة جدا بلقائه الحنون... نعم , ولكن ذلك كان مجرد حلم , لأنهما إذا عاد لحياتهما السابقة سيكون هذا هو الجحيم من جديد , وهي مدركة تماما أنها لن تجرؤ مرة ثانية علي الهرب من زوجها...

وكانت جان تكتب لها دائما وتصف جوني بأنه أفضل الأزواج , ولم تكن تشير برسائلها إلي جوناثان أبدا .

وفي شهر حزيران , قرأت ليزي صدفة في الجريدة خبر وفاة جيمز بيلي , فانقبض قلبها , لابد أن أنجيليكا سعيدة جدا الآن , يالجيميز المسكين , وبالتأكيد سيكون مرتاحا أكثر في السماء , وهكذا أصبح جوناثان و أنجيليكا حرين الآن حرين في أن يعيشا حبهما بسعادة أيجب أن تسعد من اجل زوجها ؟ لكنها كانت كالمصدومة لا معنى لأي شيء بالنسبة لها .

(( تبدين حزينة , ليزي )) قال لها جازون بعد قليل علي الشرفة (( هذا ليس جيدا بالنسبة لحالتك )).

(( لا أنا بخير أطمئن )).

(( هيا ليزي أحضري معطفك , وتعالي لنقوم بنزهة )).

(( حسنا جازون , أنت طيب جدا , وتدللني كثيرا )).

فأبتسم وأنتظرها في الخارج , وكان يحاول دائما أن يمنعها من أجهاد نفسها , وفي الأمس كانت قد اعترضت بشدة وحاولت متابعة عملها , لكنه ضمها إليه ليواسيها, وهذه اللحظات ذكرتها بلحظات بعيدة عندما كانت زوجة جوناثان وبين ذراعيه.

كان الطقس رائعا , وجازون يقود عربته , ويحاول تسليتها , لكنها كانت لا تزال تفكر بالخبر الذي قرأته في الجريدة ... وأخذت تتأمل , المارة و الأولاد الذين يلعبون علي الرصيف , ومجموعة الجنود أمام الثكنة العسكرية .

(( ما بك ليزي ؟ أشعر بأنك مهمومة )).

(( أنا ... لقد قرأت الجريدة هذا الصباح )).

عيون عسلية 07-06-09 04:22 AM

بعد الفصل الاخير
ان شاء الله بكرا راح اضيفه للموضوع اذا خلصت من كتابته
مع اني ماشايفي حدا عم يرد علي الموضوع شكلي تعبت في كتابة الرواية علي الفاضي:mad::mad:


الساعة الآن 02:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية