منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الطفولة (https://www.liilas.com/vb3/f766/)
-   -   قصص الأنبياء (للأطفال) (https://www.liilas.com/vb3/t55371.html)

MiSs nonnah 27-10-07 03:37 PM

19

قصة سيدنا داوود عليه السـلام

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه آجمعين، وبعد

فإن داود عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل قد جمع الله تعالى له النبوة والملك. وهو أحد الرسل الذين نزلت عليهم الكتب السماوية، فقد أنزل الله عليه الزبور. قال تعالى: (وآتينا داود زبورا). ويتصل نسبه بالنبي يعقوب عليه السلام. ولقد أحبه بنو إسرائيل ومالوا إليه، وإلى ملكه عليهم، وذلك لما هزم جالوت، عندما كان مقاتلا في جيش طالوت. فجاء داود ملكا نبيّا، واستقر له الملك. لأن بني إسرائيل قبل داود لم يكن أمرهم واحدا، ولم يكنوا تحت سلطان واحد، بل كانوا في اضطراب شديد فيما بينهم، وكانوا عرضة لغزوات الشعوب المجاورة لهم. وصار الملك له بعد حروب داخلية وخارجية، ورفع على عرش بني إسرائيل ملكا وهو ابن ثلاثين سنة، ودانت له جميع أسباط بني إسرائيل، بعضها باختيارهم وبعضها بالقوة. لأنهم كانوا يميزون بعضهم بعضا، ويفرقون في الأنساب. فلما جاء داود استطاع بقوته القضاء على هذه التفرقة العنصرية.
وقام داود عليه السلام بحروب كثيره انتصر فيها على أعدائه، واتسع ملكه اتساعا ملحوظا. ولا يمكن أن يكون الملك العريض لرجل ما إلا إذا أوجد الله فيه صفات تؤهله لذلك. فقد كان داود عليه السلام، قويا في جسمه وقويا في علمه, وأوتي مالم يؤت أحد من الناس في عصره. أتاه الله أشياء قلّما توجد في غيره، منها: علمه الله كيف يستخرج الحديد من مناجمه ويصهره ويصنع من أدوات حرب ووسائل بناء. فلقد نشطت في عهده صناعة المعادن، وطوع الله له الحديد ولينه، يتصرف فيه كما يشاء، فصار يصنع الدروع السابغة أي الطويلة التي تكسو المقاتل من رأسه إلى أخمصِهِ.
وقد أعطاه الله قوة في العبادة وفقهاً في الإسلام، كان يقوم الليل ويصوم النهار. وإن نبينا محمدا صلى الله علي وسلم أخبرنا عنه فقال: (أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما و يفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى عدوه). وقد وهبه الله الصوت العظيم مالم يهبه لأحد بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه، يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه. وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيّا. ولقد أوتي داود أيضا علم الأطيار ونقطها.
لقد كان داود عليه السلام يقسم أيامه إلى أربعة أيام: يوم للعبادة ويوم للقضاء ويوم للوعظ ويوم لنفسه خاصة، وفي اليوم الذي يجلس فيه للقضاء يتفرغ فيه لذلك والناس تعلم أيامه فلا يأتيه متخاصمان في يوم العبادة أو في غيره بل يأتيانه في يوم القضاء. ومرّة حدث في يوم عبادته، إذا برجلين يجتازان الأسوار ويدخلان قصره على حين غفلة من الحراس ويقتربان من داود وهو معتكف في محرابه يصلي، ففزع منهما وظن أنهما يريدان به شرا، فقالا: لاتخف، نحن خصمان تعدى بعضنا على بعض، فجئنا نحتكم إليك. فأخذ المعتدي عليه يعرض شكواه فقال: إن هذا الرجل صديقي وأخي في الدين والوطن، يملك تسعا وتسعين نعجة، وأنا لامواشي لدي سوى نعجة واحدة أمتلكها أحلبها وأتعيش من لبنها. فطمع في نعجتي وأراد أن يأخذها مني بثمن أو غيرثمن، أراد أن يضمها إلى نعاجه كرها، وجادلني فغلبني في جداله، وخاصمني فخصمني. وها أنا ذا أعرض فضيتي عليك. سمع داود القصة، فأنكر على صاحب النعاج الكثيرة أن يجبر صاحبه على بيع نعجته الواحدة. فحكم على هذه القضية بعدم العدل فيها، وقال للآخر إنك ظلمت صاحبك في هذا الامر. وتابع حديثه في بيان ظلم الرجل لأخيه، وكرر داود عليه السلام مقالته: لقد ظلمك بطلبه إضافة نعجتك إلى نعاجه، واستطرد قائلا: إن الظلم من الشيم الإنسان، إلا من خاف ربه، وآمن به وعمل صالح الأعمال، فإنه يردتع عن الظلم وقليل هؤلاء في المجتمعات الإنسانية.
وتأكد داود أنه ساء ظنه بالرجلين وأنهما ما جاءا لاغتياله في دخولهما في ذلك الوقت، فلم يقع ما ظنه، فاستغفر ربه في ذلك الظن فخر ساجدا وطلب المغفرة من ربه لما فرط منه، فغفر الله له ماوقع منه ذلك الظن، وإنه من المقربين لربه، وله حسن المرجع وهو نعيم الجنة.واستغفر ربه تعالى أن يسامحه ويغفر عنه عن ماجرى منه في منع المتخاصمين من التخاصم في مجلسه والتحاكم لديه إلا في اليوم المعد لفض الخصومات، وهذا الأمر يقتضى المسارعة فيه.

ماذا تعلمنا من القصة؟


1. أعطى الله تعالى لنبيه داود عليه السلام مواهب عدة منها: الصوت الجميل، الجسم القوي، وعلم لم يؤت أحد من الناس في عصره. ومن معجزاته: ايقاف الطير في الهواء عند سماعه ترنيم داود عليه السلام وتسبيحه معه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، وكذلك الوحوش تعكف على سماعه، كان يعرف لغة الطيور.
2. تعلمنا كيف نقسم أوقاتنا بين العبادة والأمور الخاصة.
3. تعلمنا العدل بين الشركاء.
4. كثرة عدد الانبياء الذين بعثهم الله تعالى لبني إسرائيل.
5. الاستغفار عند ظن السوء .

MiSs nonnah 27-10-07 03:40 PM

19

قصة سليمان عليه السـلام

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه آجمعين، وبعد

كما علمنا من قبل أن داود عليه السلام كان نبيا ملكا على بني إسرائيل، ودام ملكه فيهم أربعين سنة، ثم جعل ابنه سليمان ولي عنهده قبل أن يموت. وكان يشهده مجالسه ويأخذ برأي ابنه، وهو لا يزال صغير السن لأن الله تبارك وتعالى آتاه الحكمة صغيرا. ومات داود عليه السلام فجأة يوم الأربعاء عن عمر مبارك طويل. يروى أنه لما نزل من محرابه الذي يعبد الله تعالى فيه استقبله ملك الموت، بصورة رجل عظيم، فتفاجأ به وقال له: من أدخلك إلى سربي ( داري) دون إذن مني وفيه نسائي لا يظهر عليهن أحد ولا يتبرجن لأحد، وكان فيه غيرة شديدة، إذا خرج أغلق الأبواب فلا يدخل عليهن أحد حتى يرجع. وقال له أيضا بتوتر شديد: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحُجّاب. فقال داود عليه السلام: أنت والله إذا ملك الموت دعني أنزل أو أصعد. فقال: يانبي الله، قد نفدت السنون والشهور والآثار والأرزاق، فخر ساجدا على مرقاة من مراقي القصر. وكان في حال السجود لما قبض روحه. فلما غسل وكفن، وعزموا على إقامة مراسم دفنه، كانت قد حميت حرارة الشمس. وحضر الناس حشودا ليشهدوا جنازته، وكان اليوم صائفا لأنه لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كانت بنو إسرائيل أشد جزعا عليه منهم على داود. فآذاهم الحر، فنادوا سليمان أن يتوسل إلى الله، ليعمل لهم وقاية من الحر. فدعا سليمان ربه فاستجاب دعاءه وأقبلت الطيور أسرابا أسرابا، وصارت تظل الناس بأجنحتها حتى غطت سماء الناس المشيّعين وانسدت الأفق. مما جعل الرياح تمسك عن الهبوب، فانحبس عن الناس هواؤهم فكادوا أن يهلكوا غمّا، فدعا سليمان لهم بتفريج الغمّ، فصارت الطيور تقبض وتبسط، تتقارب وتتباعد ونجا الناس من الغم. فكان ذلك أول مارأوه من ملك سليمان. وقد ورث سليمان عن أبيه داود النبوة والملك، كما قال تعالى: (وورث سليمان داود))، ليس المراد أنه ورثه في المال، لأنه قد كان له بنون غيره فما كان ليخصه بالمال دونهم.
وإن نبي الله سليمان قد منحه الله تعالى ذكاءً خارقاً وأعطاه الصواب في أحكامه والسداد في قضائه منذ صغره. ولقد قضى في قضية الزرع بحكم أدهش أباه داود والحاضرين فأخذ به وأنفذه. فهذه القضية كانت غنم لأحد الناس سرحت ليلا دون أن يراها راعيها، فانتشرت في زرع كان قد أوشك على الحصاد، فأكلت منه هذه الأغنام وأفسدت الباقي. ففزع أصحاب الزرع يشتكون على مالك الأغنام ويحتكمون إليه وجاء الفريقان إلى مجلس القضاء حيث تصدر المجلس النبي داود وإلى جواره ابنه سليمان. فقال أصحاب الزرع: يانبي الله إنا حرثنا أرضنا وزرعناها وتعهدناها، حتى إذا آن حصادها جاءت غنم هؤلاء القوم ليلا فنفشت في زرعنا، أي انتشرت ترعاها ليلا دون راع يحوشها وأكلت جميع الزرع ودعست ماتبقى بأظلافها. وها نحن جهدنا ومالنا ضاع ولا نملك منه شيئا فقال داود لأصحاب الغنم: أحقا مايقوله هؤلاء؟ قالوا: نعم. فقال لأصحاب المزرعة كم تقدرون ثمن زرعكم؟ فذكروا له الثمن وقال لأصحاب الغنم: كم تقدرن ثمن أغنامكم؟ فذكروا له الثمن. فلما رأى داود الثمنين متقاربين، قال لأصحاب الغنم: ادفعوا أغنامكم إلى أصحاب المزرعة تعويضا لهم عن زرعهم. فابتدر سليمان أباه بحكمه قائلا: ياأبتِ، إني أرى غير هذا الحكم. فأذن له أبوه بالإفصاح عن حكمه، فقال: يدفع صحاب الأغنام أغنامه إلى صاحب الحرث، فينتفع بأصوافها ولبانها ونتاجها، ويأخذ صاحب الغنم الأرض فيحرثها ويزرعها ويسقيها ويتعهدها حتى يستوي الزرع. فإذا حان وقت الحصاد، تسلم كل منهما مملوكه، أصحاب الأغنام أغنامهم وأصحاب الأرض أرضهم. فقال داود: وفقت يابني بهذا الحكم وقال له: (القضاء ما قضيت، ولا قطع الله فهمك) وأمضى الحكم بذلك، ورضي الجميع بهذا الحكم. وقد لخص هذا الحكم القرآن الكريم ببيانه الحكيم وقال: ((وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث، إذ نفشت فيه غنم القوم، وكنا لحكمهم شاهدين. ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)).
ولقد علم الله نبيه سليمان عليه السلام منطق الطير، فكان يفهم ماتريده الطير بأصواتها إذا صوتت ويحاورها وكانت مسخرة بأمره، يأمرها فتأتمر ويستعملها في بعض مهماته، كاستخدامه الهدهد في التعرف على أخبار بلقيس وقومها. وفهم ما قالت نملة، فتبسم من قولها، ضحك من كلام النملة حينما أمرت وحذرت قبائل النمل، واعتذرت لهم عن سليمان وجنوده بأنهم لايشعرن بكم. فالنبي سليمان عليه السلام فهم ماخاطبت به تلك النملة أبناءه جنسها، وتبسم من ذلك مستبشرا فرحا مسرورا بما أطلعه الله عليه دون غيره. وقد سخر الله الريح لسليمان يصرفها كيف يشاء، مسيرتها شهر وعودتها شهر. وكان له نحو البساط من الخشب يركبه وتطير به الريح حيث أراد، كان يخرج من القدس فيقيل ( أي يستريح في الظهرية ) في " اصطخر" ثم يبيت بخراسان. ولقد كان يرتحل في أول النهار من بيت المقدس فتغدو به الريح إلى الهند، ثم تروح به إلى البيت المقدس. كما قال تعالى: ((ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر)). أي يقطع في فترة الصباح مسيرة شهر على الجمال، ويقطع في فترة المساء مسيرة شهر كذلك. ولقد مكنه الله تعالى من استخدام الجن عبيدا له وغير ذلك، قال تعالى: ((وأسلنا له عين القطر)): فلقد فجر الله له مناجم النحاس، فصارت تجري له كعيون الماء فصار يستخدمه في توثيق المباني والصناعات البيتية وغير البيتية، فكان يبني به العمارات والمصانع العظيمة، وقد بنى الهيكل وما حوله من المباني الضخمة بالحجارة العظيمة كبناء قلعة بعلبك وبعض المباني المصرية. وأما قوله: ((ومن الجن من يعمل بين يديه)) فقد سخر الله له الجان لخدمته، فمنهم البناء للقصور والمعمّر للحصون ومنهم الغواص في البحر لاستخراج اللآلئ والأحجار الكريمة كما جعل الله لسليمان سلطانا على الشياطين الكفرة، فكان يقيدهم لكف شرهم.
وإن عطاء الله لسليمان عليه السلام من تسخير الجن له فيصنعون له المعابد والقصور والقِصاع العظيمة للأكل والقدور الضخمة لطهو الطعام وغير ذلك لدليل على أن ملكه لم يكن لغيره مثيل له. وأما قوله تعالى: ((إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد)): فهي من نعم الله على سليمان أن يمتلك الخيل الأصلية وبأعداد كثيرة جدا وهذه من مظاهر القوة والرهبة التي أوتيها. وفي إعداد الخيول للجهاد في سبيل الله تخوّفون بهذا الإعداد كل الأعداء. وفي يوم أمر سليمان بإحضار الخيل بين يديه، لتعرض عليه كالعروض العسكرية الضخمة. وهذا مايدل على اهتمامه بأسباب القوة والاعتناء بأركان أمن دولته. فعرضت عليه أرتالا أرتالا فطفق يمسح بكفيه (على أعناقها ورقابها وظهورها وسوقها، تشريفا لها، وعناية بأمرها واطلاعا على أحوالها وأمراضها، وعيوبها يفعل ذلك بنفسه اهتمامها بشأنها)، وإشعار الناس بأنه أول من يرعاها، فعلى كل فرد من دولته أن يتقتدي به، وعبر عن ذلك بلسانه: إني أحببت هذه الخيل لأجل أن أذكر بها ربي، وأعلي شأن دينه، فأنا لا أحبها لأجل الدنيا والغنى بها، واستعرضها كلها حتى غابت عن أنظاره، فأمر باستعراضها ثانية، وأخذ يلاطفها بالمسح على الرقاب والأعناق والسوق.. فهذه صورة رائعة من صور ممكلة هذا النبي عليه السلام.
وقد ابتلى الله سليمان بمرض شديد أضناه، حتى صار لشدة المرض، كأنه جسم بلا روح ثم أناب أي رجع إلى حالة الصحة. والمرض هذا ابتلاء من الله امتحن به سليمان وكان مرضا شديدا أصابه حتى صار إذا جلس على كرسيه ظهر وكأنه جسد لا حراك به. وكان يدعو: اللهم عَمِّ على الجن موتي، حتى تعلم الإنس أن الجن لايعلمون الغيب. فمات وهو قاعد على كرسيه، قد اتكأ على صولجانه المتخذ من خشب الخروب، فظل حولا كاملا وهو ميت لا يعلم أحد بموته. وكانت الأرضة تأكل في عصاه (صولجانه)، نخرت هذه السوسة العصا، فلم تقو على إسناد جسده فوقع على الأرض، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا حولا في العذاب المهين، أي في خدمة سليمان ومملكته التي كلفهم فيها بأعمال شاقة.

ماذا تعلمنا من القصة؟

1. معجزات سيدنا سليمان عليه السلام: الذكاء الخارق والصواب في أحكامه والسداد في قضائه منذ الصغر، علمه الله لغة الطير، وفهم ماقلته النملة، وسخر الله الريح له، وأسال له عين القطر ( مناجم النحاس )، ومن الجن من يعمل بين يديه، وامتلاكه للخيل الأصلية وبأعداد كثيره جدا.
2. على الصغار أن يجلسوا مجالس الكبار ليتعلموا منهم الرأي المصيب ، والحكمة .
3. اهتمام الحاكم بكل صغيرة وكبيرة ، تحت رعايته في الدولة .
4. العلم بأن الجن لا يعلمون علم الغيب
.

MiSs nonnah 27-10-07 03:42 PM

20

قصة يونس عليه السـلام

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه آجمعين، وبعد

كان في بلاد نينوى والموصل وما حولها من القرى في شمال العراق أقوام كفار يتبعون للدولة الآشورية، وكانت مدن هذه الدولة كثيرة، وكانت من أغنى وأعظم المدن الشرقية في ذلك الزمن، وأدت سعة الرزق بها وغناها الفاحش إلى ضلالها بارتكاب الموبقات والمعاصي بالإضافة أنهم كانوا يعبدون الأصنام ولا يؤمنون بالله، وكانوا يعملون المنكرات ويكرهون المعروف. وكانت الأنانية فيهم منتشرة بشكل رهيب وإلى جنبها البخل والشح العجيب. وإن الذين يعيشون مشركين كافرين مفسدين كهؤلاء هلاكهم أمر محتم لولا أن الله تعالى تدراكهم برحمته، فأرسل إليهم يونس ابن متّى عليه السلام. فدعاهم إلى الإيمان بالله تعالى وعدم الإشراك به. وطلب منهم أن يتركوا عبادة الأصنام. وأراهم يونس مثلا حيّا ذلك قائلا: هذا عصفور حطّ على رأس صنمكم الكبير أنظروا إليه، فنظروا إليه كلهم، ثم قال لهم: إنه تبرز بزرقه فوق رأسه، هل استطاع صنمكم أن يطرد العصفور الذي وضع برازه على رأسه؟ طبعا لايقدر لأنه جماد، أنتم صنعتموه بأيديكم. وبمثل هذه البراهين الواضحة كان يناقشهم ويرشدهم. وتابع في الدعوة إلى الإسلام يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويبغظهم في الظلم ويحبب إليهم العدل و السلام. وناداهم إلى المباردة بالتوبة إلى الله تعالى عن سيئاتهم، وجادلهم جدالا لطيفا بأحسن الطرائق وطال به الأمد فيهم ولم يستجيبوا لدعوته وللأسف كذبوه وقالوا: ماأنت إلا بشر مثلنا، وتمردوا في كفرهم وعنادهم.
فالنبي يونس عليه السلام أنذر قومه قبل أن يقع فيهم العذاب وقبل أن ينزل عليهم العقاب، ولكنهم أصروا على ماهم عليه ولم يسمعوا له. فأوعدهم بنزول العذاب ووقوع الكوارث عليهم وهددهم بحلول الدمار بهم. فقالوا له: إئتنا بما تعدنا من العذاب وبما تتوعدنا من العقاب إن كنت من الصادقين، ولم يأبهوا بدعوته ولا خافوا من وعيده، وطال ذلك عليه من أمرهم. ويئس من إجابتهم دعوته وضاق بهم ذرعا، وظن أنه قد أدى الرسالة وقام بكل المهمة التي أمره الله بها. فخرج من مدينتهم مغاضبا لهم بسبب عصيانهم وإصرارهم على الكفر، ورحل من بلادهم وهو غضبان عليهم يائسا من إيمانهم. وكان تركه لقومه بدون إذن ربه إعتقادا منه أن الله لن يؤاخذه على مافعل. فانطلق إلى حيث لايدري وكل همه أن يبتعد عن بلاد سيحل عليها البلاء لا محالة، وظل سائرا حتى أتى إلى ساحل البحر، فوجد سفينة على أهبة السفر فطلب من أصحابها أن يركبوه معهم في السفينة، ففعلوا.
وبعد أن ابتعد يونس عن نينوى، ظهرت أمارات العذاب وطلائع الهلاك، وأظلمت السماء وتغيّرت الألوان فساورهم القلق والخوف، فعلموا أن العذاب واقع بهم كما وقع لعاد وثمود وقوم نوح. وأيقنوا نزول الكوارث بهم لما رأوا مقدماته، ولما تحققوا نزول العذاب بهم لجأوا إلى إله يونس خاشعين باكين متضرعين متوسلين. وقذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ماكان منهم وبكى الرجال والنساء والأولاد وردوا المظالم إلى أهلها وكانت ساعة عظيمة هائلة. فتقبل الله منهم التوبة والإنابة لإخلاصهم في توبتهم وصدق إيمانهم، فرفع عنهم الله العذاب وكشف عنهم برحمته ورأفته العقاب عنهم ومتعهم بمتع هذه الحياة إلى نهاية أعمارهم.
ولما ركب سيدنا يونس السفينة وابتعدت عن الشاطئ بعدما أقلعت وسارت في عرض البحر، ألقى الله على ذلك البحر ريحا عاصفة فهاجت الأمواج واضطربت بشدة. وعصفت بالسفينة الأعاصير فتهددت بالغرق وأدرك الركاب سوء المصير، وقالوا: إن مايجري لنا بسبب عصيان واحد فينا ففزع الملاحون ومن في السفينة، وقالوا: إن فينا صاحب ذنب فتشاورا فيما بينهم على أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة، ألقوه من السفينة ليتحفظوا منه وليتخففوامنه. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونيس، فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضا فشمر ليخلع ثيابه ويلقى بنفسه فأبوا عليه ذلك. ثم أعادوا القرعة ثالثة، فوقعت عليه أيضا لما يريده الله به من الأمر العظيم ((فساهم فكان من المدحضين)) أي لما وقعت عليه القرعة، ألقى في البحر. وتكرارهم للاقتراع كان سبب نظرهم فيه، كان رجلا صالحا لا يعقل أن يكون مذنبا، لكن إرادة الله شاءت أن يكون هو المقذوف في لجة البحر. وألقي يونس عليه السلام في البحر، فبعث الله عزوجل حوتا عظيما، فالتقمه وأمره الله تعالى ألا يأكل له لحما، ولا يهشم له عظما قوله تعالى: ((فالتقمه الحوت وهو مليم)). ولما استقر في جوف الحوت، حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت فعلم أنه حي، فسجد لله تعالى وسبحه وذكره بما هو أهله وأثنى على الله تعالى ومجده وقال بلسان العابد الشاكر: يارب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك أحد في مثله. وظل في جوف الحوت عدة أيام وهو عاكف على تسبيح الله تعالى وعبادته والاعتراف لله بالخضوع والتوبة له والرجوع إليه.
فلما انتهى الحوت بسيدنا يونس عليه السلام إلى أسفل البحر، سمع يونس حسّا، فقال في نفسه ماهذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: إن هذا تسبيح دوابّ البحر. قال: فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: ياربنا، إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة؟ فقال: ذلك عبدي يونس حبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد صالح: الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم. قال: فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت، فقذفه في الساحل. هذه مشيئة الله وقدرته يفعل مايشاء ولا يسأل عما يفعل. وإن حبس يونس في جوف الحوت دون طعام وشراب وهواء لمعجزة واحدة من ملايين المعجزات التي يخلقها الله تعالى.
إن الله تعالى فعل بعبده يونس ذلك ليعلم يونس أنه أخطأ إذ ترك قومه قبل أن يؤذن له في الهجرة أو يستخير الله في الرحيل. أخرجه الله من بطن الحوت وهو متعب مريض، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين، تظلله من حرارة الشمس وهو متمدد بجسمه المرهق على رمال الشاطئ، لأن أوراقها مستديرة على عروق مرتفعة تشبه المظلات. ظل كذلك فترة حتى استرد عافيته، وعاد بعدئذ إلى قومه وكانوا يزيدون عن مائة ألف وتابع رسالته معهم.

ماذا تعلمنا من القصة؟

1. كيف أن الله سبحانه وتعالى يعاقب حتى أنبياءه إن لم يأخذوا بأمره.
2. وكيف أن كل شيء خلقه الله تعالى يسبح له، عندما سمع يونس عليه السلام صوت دواب البحر.
3. معجزة يونس عليه السلام أنه عاش في بطن الحوت من غير طعام وشراب وهواء

MiSs nonnah 27-10-07 03:44 PM

21

قصة سيدنا زكريا عليه السلام

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبع سنته إلى يوم الدين ، وبعد :

الحكاية اليوم عن بنيِّ الله زكريا بن برخيا عليه السلام ، الذي يصل نسبه إلى سليمان بن داود عليهما السلام ، وبينهما خمسة أجيال تقريباً .
ولد سيدنا زكريا ونشـأ في أرض فلسـطين ، وكبر وهو لله تعالى عابدٌ وموحِّد ، وكان أحد الأحبار المرموقين علماً ، وأحد الأخيار عبادة وصلاحاً وسلوكاً . وقد بعثه الله نبياً إلى بني إسرائيل .
فقام فيهم يبلغهم رسـالة ربه ، وينصحهم ويوجههم إلى الخير والدين القويم .
وقضى عمره في الدعوة إلى الله تعالى ، والخدمة في البيت المقدس ، في مدينة القدس المباركة .
واشتهر عنه العكوف على العبادة والإقامة فيها سـاعات طوالاً ، وعرف عنه أنه مسـتجاب الدعاء ، فما دعا لأحد بدعوة إلا نال المدعو له من خيراتها الوافرة .
وكان نادر الخروج من صومعته ، لا يخرج إلا لأمر هام من إصلاح بين الناس وتبليغ ما أوحي له ، أو لممارسة مهنته التي يتعيش بها وهي النجارة .

ولقد علم الله سـريرته الطاهرة ، وعلانيته الزكية ، فرزقه قلباً رحيماً وعقلاً سديداً ونفساً طيبة وأُثر عنه البراعة في حسن التربية .
ولما كانت هذه الخصائص الطيبة متوفرة فيه بكثرة ، أوكل الله إليه تربية " مريم العذراء " ، التي وهبتها أمها لبيت المقدس من قبل أن تلدها ، إذ نذرت ما في بطنها خادماً للهيكل ، فرضي الله تعالى بمريم لوفاء النذر ، ورباها تربية حسنة . فجعل زكريا وهو زوج خالتها ، كافلاً لها قائماً بمصالحها . وكان زكريا أن دخل يوماً على مريم وهي معتكفة في محرابها تقضي ليلها ونهارها عابدة داعية ، فوجد عندها طعاماً وشراباً وفاكهة في غير أوانها ، فسألها من أين لك هذا ؟ قالت : هو من عند الله الذي يرزق من يشاء بغير حساب ، وتكرر ذلك .
لما رأى مزيد إكرام الله سبحانه لمريم ، تحرك في قلبه حب الولد وحن إلى ذكر من صلبه يكون له من الله تعالى ، يواصل دعوته إلى الله من بعده ، خشية على بني قومه أن يضلوا ، سـيّما وقد كانت بوادر الضلال تظهر فيهم بين الفينة والفينة .
ولكنه رجع إلى نفسه فنظر إلى عمره وقد بلغ التسعين ، وأن امرأته كبرت مثله وهي عاقر لا تلد .
ومع ذلك يعلم زكريا أن قدرة الله تعالى لا تعيقها العوائق ولا تمنعها الموانع ، فهب إلى الله سبحانه يدعوه ويتضرع إليه .
استجاب الله دعاء زكريا وأرسل إليه ملائكته تُبشره بأن الله تعالى سـيهب له ولداً ، وقد اختار له اسم " يحيى " ، وهذا الاسم خاص به لم يسم به أحد ، وستحل بركة الله عليه ، فيكون مؤمناً بكتاب الله ، وسيداً في قومه ، يتجنب الشهوات والأهواء .
تعجب زكريا من هذه البشرى ، فقيل له : هكذا أراد الله تعالى وهو عليه هين ، عندئذ سأل زكريا ربه : أن يجعل له علامة يعرف بها أن زوجته حامل . فأعلمه أن آية وجود الحمل أن يعجز أن الكلام مع الناس ثلاثة أيام لا يكلمهم إلا رمزا .
حملت زوجة زكريا بيحيى ، ورزقه الله على الكبر " يحيى " غلاماً زكياً راجح العقل متعشق العبادة مشـتهراً بالعلم والحكمة .

لقد كانت نهاية النبي زكريا ، محزنة جداً حيث مات قتلاً .
وذلك أن نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام ، كان حريصاً على تطبيق الشريعة التي ارتضاها الله للناس ، فكان حرصه وتمسكه بها ووصاياه لكل الناس أن يتقيدوا بها ، مما جعل بني إسرائيل الضالين ينغاظون منه ويحقدون عليه . فصاروا يهددونه في بادىء الأمر ، ثم أخطروه بالقتل .
ولما لم يُصغِ إليهم ولم يكترث بتهديدهم ، تربصوا به وقرروا قتله . فجاء من أخبره بكيدهم ، فهرب من المسجد الأقصى باتجاه الشمال .
وجاء إبليس أو أحد أعوانه فأخبرهم بأن زكريا قد هرب باتجاه الشمال فلحقوا به . وأعلنوا عن مقدار من الذهب يُدفع لمن يخبر عن مكانه . فصار عباد المال يبحثون عنه كي يظفروا بالذهب ، فلم يبق أحد من الناس إلا صار جاسوساً عليه ، إلى أن باء به رجل نزل عنده فاستقبله وضيفه مبدياً له أنه في أمان من كيد اليهود .
ولما استلقى زكريا للنوم ، تركه الخائن ، وذهب ليخبر عنه .
ففتح عينيه فلم يجده ، فعلم أنه يعزم على الغدر به ، فخرج من البيت يريد الهرب ، فإذا بهم قد أقبلوا بجمعهم يريدون قتله . فتقع عين زكريا على شجرة كبيرة ثخينة قد تجوفت من الخشب لكبرها ولعمل الأرضة المزمن فيها . فجاءها زكريا ودخل فيها والتأمت فُـرجتها عليه دون أن يشعر به أحد . غير أن إبليس اللعين كان قد جذب طرف ثوبه ، فظل ظاهراً خارج ساق الشجرة .
ودلهم إبليس عليه ، فقال لهم : إنه داخل هذه الشجرة ، وهذا ثوبه علامة على وجوده . فجاءوا فوضعوا المنشار على ساق الشجرة ونشروا فيه ، فلما وصلت أسنان المنشار إلى سطح رأس زكريا ، أحس بالألم فأنَّ وتوجع .
فأوحى الله إليه : لئن لم يسـكن أنينك لأقلبنَّ الأرض ومن عليها ، فسكت أنينُـهُ حتى قُطع باثنتين .
وهكذا كانت نهاية النبي زكريا عليه السلام على أيدي اليهود الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله تعالى .

ماذا تعلمنا من قصة سيدنا زكريا عليه السلام ؟

1- العمل شرف وعبادة لكل فرد منا ، وحتى الأنبياء كانوا يعملون ، وأنه مصدر الرزق .
2- الوفاء بالنذر ، ويجب أن يكون النذر لله تعالى فقط .
3- قدرة الله العظيمة المتمثلة ، برزقه لنبيه زكريا بالولد مع العلم بأنه في سن يستحيل الانجاب فيه إلا بأمر من الله سبحانه .
4- حقد وحسد وغيرة إبليس من عباد الله الصالحين ، ودأبه على اغواءهم .
5- قتل اليهود لأنبياءهم بغير حق
.

MiSs nonnah 27-10-07 03:45 PM

22)

قصة سيدنا يحيى عليه السلام

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبع سنته إلى يوم الدين ، وبعد :

فإن حكايتنا اليوم عن نبي الله يحيى الحصور عليه السلام الذي سماه الله تعالى بهذا الاسم (يحي) لأنه سبحانه أحيا به عقر أمه أو لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان، أو لأن الله تعالى أحياه بالطاعة حتى لم يهم بمعصية قط. وكان يحيى أول من آمن بعيسى وصدقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، وكانا ابني خالة. وقيل: إن أم يحيى لقيت أم عيسى وهما حاملتان، فقالت أم يحيى لأم عيسى: يامريم، أشعرت أني حامل، فقالت مريم: وأنا أيضا حامل. فقالت أم يحيى: يامريم إني لأجد ما في بطني يسجد لما في بطنك! فذلك قوله تعالى: ( مصدقا بكلمة من الله).
وولد يحيى وكان غلاما زكيا وشابا نابها، وعالما في الشريعة، ومرجعا ثقة في استفتاء الأحكام. وتميز بكثرة العبادة والصلاح والتقوى منذ صغره. وصار نبيا حال الصبّا، كما قال تعالى: (وآتيناه الحكم صبيا). وكان سيدا رئيسا يُتبع وينتهي إلى قوله، لأنه سيد المؤمنين ورئيسهم في الدين والعلم والحكم والحلم في عصره في بلاد الشام.
وهو الحسن الخلق، الطائع لربه، الفقيه العالم، ولا غرو فهو سيد في العلم والعبادة والورع، وهو الحليم الذي لايغضبه شيء وهو الذي يفوق قومه في جميع خصال الخير، وهو السخي، وصدق الله إذ قال: (نبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا). والحصور هو الذي لايأتي النساء-مع قدرته على إتيانهن- ولا يقربهن تعففا وتطهرا وتنزها، يعني حصر نفسه عن الشهوات. لكنه تزوج ليشارك في نعمة الإنجاب والتربية للأولاد، ولو أنه عليه السلام حصورا في نفسه ممتنع عن ذلك الفعل، لكنه اقترن بحليلة له ليغض بصره.
حرض الناس على التمسك بشرع الله والتوبة من الذنوب والخطايا، وكان جريئا في الحق، شديدا على الباطل لا يخشى أحدا.
كان زكريا وابنه يحيى قد قتلا في سلسلة من قتلة بنو إسرائيل المجرمون.
يروى: أن الناس قد نقلوا إلى يحيى خبرا مفزعا أن حاكم فلسطين واسمه (هيرودس) عشق بنت أخيه (هيروديا) التي كانت بارعة الجمال، فتانة المحاسن، وأراد عمها أن يتزوجها، وكانت البنت وأمها تحبان ذلك، غير أن يحيى عليه السلام أنكر هذا الزواج ولم يرض به لأنه حرام. وأعلن النبي يحيى عليه السلام إلى الناس أنه زواج باطل لا تقره شريعة وتأباه تعاليم الكتاب المقدس، وعارض في إتمامه معارضة شديدة. وقال: إني لا أعترف به وأجاهر بإنكاره، وشارع رأيه بين الناس. فسخطت عليه البنت (هيروديا) في نفسها وأضمرت له الحقد والسوء, وتآمرت مع أمها اليهودية بتحريض من بني قومها اليهود على قتل يحيى عليه السلام. وأخرجت أم الفتاة ابنتها أمام عمها في زينتها المغرية ورقصت أمامه، فسر بها ودنا منها، وطلب منها ماتتمناه ليعلمه لها. وكانت قد لقنتها أمها خطوات المؤامرة خطوة خطوة. فقالت: إن رضي الملك، فلا أبغي إلا رأس يحيى بن زكريا في هذا الطبق لأنه أساء لسمعتك وسمعتي. فوفى لها عمها الملك بما أردات واستجاب لهواه ووقع في حبائل الشيطان وبعث إليه من يقتله. فجاؤوه وهو قائم يصلى بمسجده. وانقضوا عليه فذبحوه وقعطوا رأسه ووضعوه في طبق. فجعل الرأس ينطق بلسان وشفتين: (الله أكبر.. حرام زواجكما.. الله أكبر، حرام زواجكما) فأخذت المرأة الطبق فحملته على رأسها وأتت به أمها وهو يقول كذلك (الله أكبر..) فلما تمثلت بين يدي أمها خسف بها إلى قدميها ثم إلى حقويها (خاصرتيها). وصارت أمها تولول والجواري يصرخن ويلطمن وجوههن. ثم خسف بها إلى منكبيها (كتفيها) فأمرت أمها السياف أن يقطع رأس ابنتها لتتسلى به وتتواسى فيه، ففعل السياف فلفظت الأرض جثتها عند ذلك. ووقعوا في الذل والفناء. ووقع الملك ومن معه في غضب الله ولعنته كما لعن بني إسرائيل مدبري الفتنة. ولم يزل دم يحي عليه السلام يفور حتى قدم دمشق الملك بختنصر فقتل في بني إسرائيل عشرات الآلاف، ذلك بما طغوا وهرب منهم إلى بيت المقدس من هرب فتبعهم إليها فقتل خلقا كثيرا لايحصون كثرة وسبى منهم وخرب ديارهم.

ماذا تعلمنا من قصة سيدنا يحيى عليه السلام ؟

1. ورث سيدنا يحيى النبوة من الصغر قبل بلوغ الثلاثين.
2. تحمل أمانة الرسالة الإلهية وأمانة الدين وتبليغه للناس ومضمون هذه المؤهلات: العلم والحكمة والشفقة على الناس والاهتمام بإصلاح نفسه وتزكيتها.
3. سلسلة ظلم وحقد بنو إسرائيل الذين يقتلوان أنبياء الله من غير حق
.


الساعة الآن 10:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية