منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   بُورجيا ميشال زيفاكو (https://www.liilas.com/vb3/t31731.html)

وحده فاضيه 20-02-07 04:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة darla (المشاركة 656698)
شكرا اختي أنا متابعة معاك

هلا عزيزتي مشكوره الغاليه على التشجيع أحس بالفرح إن في حد متابع معاي وإتمنى إن الروايه تعجبج لانها عندي من احب الروايات لقلبي :flowers2: :flowers2:

وحده فاضيه 20-02-07 06:07 PM

تكملة الجزء السابق

وجرت جنازة فرنسوا بروجيا دوق غاندية باحتفال مهيب وبعد القداس الاحتفالي في كنيسة القديس بطرس

طوف بالجثمان في المدينة وبعد أن انتهى الطوفان في المدينة كانت الساعة الخامسة تقريبا عندما أعيد

النعش إلى كنيسة القديس بطرس حيث أغلق ووضع في سراديب الكنيسة المقدس ,

وأثناء المسيرة كلها كانت جماعات من الشعب تتمتم عند مرور قيصر غير أنه لم يعرها انتباهه إلا فيما ندر

ولكن إذا بصراح يعلو أكثر فأكثر فرفع قيصر رأسه الذي كان يخفضه إيهاما بالحزن ثم قال في نفسه: أوه أوه !

أصحابنا الرمانيون شجعان اليوم ! وإنهم جريؤون بالنظر مباشرة إلى وجهي! إلا أنه لاحظ بعد قليل أن ألوف

التهديدات الصاعدة من الشعب لم تكن موجهة إلية فقال في نفسه : ياللشيطان ! من تراهم يقصدون؟

لقد كان الفارس راكستان واقفا إلى جانبه على يمينه ومن خلفه " أسطور" المقرب المنزل عن عرشه ثم

رينالدو والدوق دي ريانزي ثم مائة من النبلاء وألقى قيصر نظرة إلى خلفه واستغرب أن يرى رجال الحاشية

الذين كانوا في عشرين حالة سابقة يرصون صفو فهم حوله كيف أنهم الآن لم يتحركوا؟ حتى أنه خيل إليه

أن بعض النبلاء يتبادلون بعض إشارات مع أبناء الشعب فاصفر قيصر ترى هل خانه صحبه؟

ولكنه لم يلبث أن اطمأن الآن لهتافات أخذت تنفجر فجأة واضحة المعنى : الموت لقاتل فرنسوا!

- ليلق الفرنسي الملعون في التيبر!

- نطلب العدل ! والمشنقة للقاتل

واتضح أن القبضات كانت تمتد نحو راكستان

- ياللشيطان ! أسامع أنت أيها الفارس؟

- إنني سامع يا مولاي ولكنني لا أفهم

- ولكن ماذا تراك فعلت لهم؟

- لم أفعل شيئا يا مولاي يا للسماء ..... هاهم يشتعلون غضبا !! هيا استعد يا كابيتان !

وإذا بالموقف يصبح حرجا وقد رأى راكستان نفسه مطوقا بل مفصولا عن قيصر بين مد الجمع الزاخر وجزره

كأنما هو في عاصف مفاجئ حينئذ شد الفارس أعنة حصانه أما بورجيا فقد كان على أهبة أن يدور إلى

الوراء لكي يأمر بالهجوم على هؤلاء المتمردين لو لم يمسك رينالدو لجام حصانه صارخا : إلى القصر ! ثم

نعود منه بقوة لقمع هذا العصيان أما الآن فإنهم قد يسحقوننا بعددهم. فبقى راكستان وحيدا ولم يسأل

نفسه لماذا ترى يتهمه الشعب بقتل دوق غانديه لأنه لم ير الراهب كاركونيو مستترا بثياب الجماعة من

الناس ومنتقلا من جمع هنا إلى جمع هناك كل ما رآه أنه محاط من كل جانب ولكنه صمم أن يبيع حياتة

غالية في هذه اللحظه الخطرة خفق أمام عينه خيال بريمفيرا فتأوه نادما ولكنه غمغم في نفسه : لن تهون

عزيمتي بل سأظهر لهؤلاء الأوغاد أيه ميتة يستطيع أن يموتها المغامر المسكين الذي لا رأسمال له سوى

حسامه واستهانته بالموت .

ثم غرز مهمازيه في كشحي حصانه فإذا به وهو غير معتاد على مثل هذه المعاملة ينتصب على قائمتيه

الخلفيتين ثم يشرئب إلى أعلى ثم يوزع حوله درزينه من الرفسات الرهيبة وبلمح البصر كانت دائرة من الفراغ

قد انفرجت حوله فيما راحت تعلو ولولة ممزوجة بعويل المصابين الذي حطم كابيتان أحناكهم

أما راكستان فقد رد على هذا الصراخ الصاخب بضحكة منفجرة وهو رغم أنه لم يسل سيفه الذي كان غير

نافع في تلك اللحظة ظل مركزا على صهوة حصانه مرتفع القامة كهرقل الذي كان بإمكانه أن يطرح إلى

الأرض جيشا من المردة ,

وكان كابيتان لا يزال يدق الأرض بقوائمة دقا جنونيا ويزبد وينفخ كما تنفخ العاصفة وإذا براكستان يترك له

العنان على عواهنه فوثب الحصان ثم شرع يرفس الهواء بحوافره حيئذ زعق راكستان:

- شقوا الطريق أيها الأوغاد ! ايها الأرذال ! فأجاب الجمع صاخبين : الموت للقاتل

ثم سمع أزير بندقية إلا أن الفارس لم يصب برصاصة واحدة لأنه كان يدور على نفسه في سرعة خاطفة وهو

يتقدم نحو ساحة القصر إلا أن عشرة من صفوف الناقمين كانت تكون حاجزا منيعا بين الفارس وهذه الساحة

ومع ذلك فقد استمر راكستان متقدما ولكنه أبصر فجأة رجلا يقترب منه وفي يده ساطور عريض

وكان هذا الرجل على أهبة أن يطع عرقوبي كابيتان فأبصر راكستان الهلاك أمام عينه إلا أنه شعر بأن قواه

ازدادت مائة مرة فإذا به في اللحظة التي وثب فيه الرجل بساطوره على كابيتان ينحتي بسرعة البرق

ومسك الرجل من حزامه ثم يرفعه ويضعه مقلوبا على سرح حصانة

لقد كان هذا الرجل كاركونيو بالذات ! ولكن راكستان لم يعرفه لأنه لم ينظر إليه بل انطلق مباشرة نحو الحاجز

من الناس المزمجرين الصاخبين المتقلبين عليه في هذه اللحظة ترك راكستان لجام حصانه وأخذ بقبضته

الرجل المنتفض أمامه ثم رفعه فوق رأسه بذراعين متصلبين وبعد أن وقف على ركابي فرسه طوح بالراهب

بعنف وقذفه بملء عزيمته على الجمع من المهاجمين ثم أمسك من جديد لجام الحصان وانطلق به مندفعا

كالعاصفة فإذا به يثب وثبة مدهشة قافزا فوق عدد من الصفوف وساقطا في الجانب الآخر من الحاجز

البشري.

أما الراهب فقد تدحرج جارا معه عند سقطته على الأرض ثلاثة أو أربعة من الرجال إلا أنه عاد فتحامل على

نفسه ونهض مغمغما : إنه الشيطان ! إنه الشيطان

بينا وقف جمع المحاصرين مخبولين من الذهول لأنهم رأوا الفارس راكستان يفلت من أيديهم متجها على

حصانه نحو باب القصر الكبير .

وحده فاضيه 20-02-07 06:13 PM

في بيت الماغا الساحرة

كان في روما حي خاص يسمونه "الغيتو" مؤلف من عدة أزقة متشابكة كانت مياه السواقي تتجمع في

وسطها مليئة بعفن النفايات والأقذار وعلى بلاط هذه الأزقة كان يزدحم عالم من الصبيان أنصاف العراة ومن

العجائز الجالسات القرفصاء ومن الكلاب والهرره وكنت تسمع في هذا الحي المشوش الغريب جميع ألسنة

العالم المعروف وكنت ترى كل باب مفتوحا على حانوت وكانت الحوانيت أشبه بخانات تباع فيها الأشياء

المختلفة الأنواع والأصناف .

أما هذا الحي الذي لم يكن لسكانه الحق في تركه إلا فيما ندر هذا "الغيتو" الذي كان يبتعد المسيحيون عنه

بخوف وإشمئزاز فقد كان مخصصا للكفرة والوثنين فهناك كان يعيش مصريون شذاذ من بائعي الرقى

(؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وغجر من كاشفي الحظ ويهود من تجار الحجارة الكريمة والأقمشة ومغاربة من صانعي

الأسلحة وزرود الفولاذ(؟؟؟؟)

إلى هذا الحي نقود القارئ الآن في مساء اليوم الذي جرى فيه ذلك الحوار الغريب بين البابا وقيصر وذلك

الحديث بين البابا ورفائيل سانزيو ذلك اليوم الذي تمت فيه جنازة فرنسوا ثم بسالة راكستان وحصانه كابيتان.

في مساء ذلك اليوم عندما كانت تدق الحادية عشرة دخل رجل زقاق من تلك الأزقة المبوءة يرافقه أربعة

خدم: واحد يسير في المقدمة حاملا قنديل في يده وثلاثة يسيرون خلفه مسلحين بالمسدسات والخناجر

وبعد أن اجتاز هذا الرجل وصحبه السلسلة التي تقطع الزقاق دخلوا متوغلين في حي "الغيتو" ولقد كان

الرجل من حين إلى حين يعين الطريق لرفاقة بكلمة مقتضبة.

وبعد قليل توقف الزائر الليلي أمام بيت منخفض متداع أكثر ضعة من البيوت المجاورة له وبإشارة أمر اصحابة

أن ينتظروا في الشارع ثم دخل في ممشي صغير وتسلق درجا خشبيا أوصلة إلى باب ففتحه ودخل فيه

ثم أغلقه خلفه وإذا به في غرفة ينيرها ضوء مشغل من الخشب الصمغي أمام امرأة مقرفصة في وسط

الغرفة وذقنها على ركبتيها امرأة تبدو من وجهها المجد أنها عجوز عتية السن إلا أن الناظر إليها إذا رأي

بصرها الثاقب قد يمنحها ما يقارب الستين.

وعند دخول الزائر هزتها رجفة قوية كان منظر هذا الرجل قد أحيا في داخلها ألما سريا وسرعان ما قال

الرجل : أنت بانتظاري أيتها الماغا . حسنا حسنا!

- لقد أعطيت علما بزيارتك فأعددت نفسي للاجابة عليك ترانيم خاصة وها أني مستعدة الآن

وعندئذ فك الرجل عرى معطفه وخلع قمع رأسه إلى الوراء فإذا به مقنع الوجه له قفازان في يديه وقد غاب

شعره تحت قلنسوة سقط حرفها على قفا رقبته هنا انتابت العجوز قشعريرة ثانية وأخذ الزائر الغامض

الغريب ينزه على الغرفة نظرا مفكرا ولقد ساد عليها جو من السحر: فهنا في زاوية يبدو هيكل عظمي له

تكشيرة قبيحة علق واقفا بواسطة بعض اللوالب النابضة ولقد وقف على عظمة كتفه ديك أسود الريس كان

يهز من وقت لآخر جناحيه ويفتح فمه منذرا وكان عند قدمي العجوز أفعيان ترفعان رأسيهما صافرتين أما

السقف فقد تدلى منه بعض الضباب ( الحراذين) المقششة كما أن بوما مسر على درفة الباب وكان هناك

طاولة واسعة تحمل قماقم وقرعات زجاجية وانبيقا ثم مدخنة أشتعل فيه جمر ملتهب تحت طنجره يغلي

فيها خليط عجيب من الأعشاب ذات العبير.

وكانت اساحرة مرتدية ثيابا بالية مبرقشة ولا يعلم أحد من هي أو ما اسمها وهي هناك منذ زمن بعيد

يقصدها الناس في طلب مشورتها وتنبؤاتها وهم يخافونها للقوة الشيطانية التي ينسبونها إليها ثم إنهم

يسمونها الماغا أي الساحرة (حرم الأسلام السحر)

ولقد كان يظنها الناس مصرية ولكن لو أن ممحصا درس وجهها لما وجد فيه علامة واحدة من مميزات

المصريين بل إنه قد يجد في وجهها ملامح خاصة بالإسبانيين هنا سألها الزائر:


- أتعلمين من أنا ؟

فمكثت العجوز صامتة

- أنا لورانزو فيشيني بورجوزاي ثري لن يسأل عن أجر مشورتك لقد أخبروني عن علمك وبالرغم

من أن نفسي المسيحية تنكر رقياتك فقد أردت أن ألجأ إليك مرة أولى أرجو أن تكون الأخيرة في حياتي.

فبدا على الماغا أنها تضحك في سرها

- ولكن ماذا تقصدين؟ ألا تصدقينني؟

في هذه اللحظة صفق الديك بجناحية تصفيقا صاخبا فأمرته العجوز قائلة: إهدء يا طائر!

ثم استأنفت القول بهدوء:

- إنك للمرة الثالثة تأتي إلى هنا أيها السيد !!

فذهل الرجل مصعوقا إلا أن العجوز تابعت تقول : جئت للمرة الأولى منذ زمن طويل تطلب إلى وسيلة للقتل

دون أن يشك أحد في أنك القاتل فر كبت لك ذلك الماء المميت الذي استعملته مع رجل لم يشرب منه إلا

بعض نقاط ممزوجة بسائل آخر ولقد مضى الرجل معافى لأن السائل لم يتغير لونه ولم يتغير طعمه ولكن بعد

انقضاء ثمانية أيام أصيب الرجل برجفان شديد انتقل إلى دماغه فأقبل الأطباء يقصدون الرجل ولكن بعد فوات

الأوان : إذ أن الرجل قد مات في عارض من الجنون رهيب وقد قضى عليه من بعيد الماء الذي لا يرحم دون

أن يعرف من قتلة بل دون أن يشعر أنه قتل ....لقد قتله السم الدقيق الذي ركبته لك : الأكواتوفانا (1)

وظل الزائر في أريكته محبوس الأنفاس فتابعت المرأة قائلة : في المرة الثانية أيها السيد جئت تطلب أن

أنقذك من على كادت تودي بك إلى القبر لقد استدعيت يومئذ الأطباء دون أني يعيد إليك أحدهم قواك

المنهارة ولكنني أعطيتك قمقما فيه شراب قضيت ليالي عديدة في تحضيره لك فاد إلأيك النشاط بعد شهر

واحد كعهدك تماما من الشباب ولقد حدث هذا منذ عشر سنوات يا سيدي

- أنت حقيقة ساحرة !! صرخ الزائر . إلا أن العجوز استطرد ت وهي منحية نحو الرجل : في المرة

الأولى كنت تدعي اسطفانو، وفي المرة الثانية جبوليو فاينزا واليوم لورانزوفيشيني ولكنني سأقول لك

اسمك الحقيقي : الاسم المرعب الذي يخيفك أنت نفسك.

ثم انحنت أكثر وتمتمت الاسم في اذن الزائر الذي ارتجف ثم صاح: وحق السماء أنت عالمة بأشياء كثيرة

ولسوف تموتين !

وإذا به يضع يده على سيفه غير أن المرأة العجوز مدت إليه ذراعها قائلة : كلا لن أموت لأن ساعتي لم

تقترب بعد ولأن مصيري ومصيرك لم ينتهيا ... ثم لن تقتلني لأنني لم أخنك ولأنك مازلت بحاجة إلي

حينئذ هدأ روع الزائر المجهول وقال/ أنت على حق أيتها الساحرة فقد كان بإمكانك فضح سري ولكنك لم

تفعلي لذلك فإنني أثق بك ولكن هذا الاسم الذي كشفه لك علمك الجهنمي.

فقاطعته الماغا قائلة: أيها السيد هذا الاسم هو أكثر اختفاء في قلبي منه في فكرك أنت

- إني أصدقك !!

- حسنا ! فلنر إذن ماذا تريد لقد جئتني في زيارتك الأولي تطلب موتا وفي زيارتك الثانية تطلب

حياة فماذا تلطب مني الآن ؟ فأجاب الرجل مغمغا:

- جئت اطلب الحب.

فانتفضت المرأة مرتجفة ولمعت عيناها الحادتان بلهب غريب وانقلب وجهها المجد بألم عنيف دام عدة ثوان

ثم عاد رويدا رويدا إلى جموده اما الرجل فقد كان يستطرد قائلا: لقد منحتني سلطة القتل ومنحتني سلطة

الحياة فامنحيني أيتها الماغا سلطة الحب! ركبي لي الشراب السماوي الذي لا يجعلني فقط محبوبا من

المرأة التي أريد ولكنه يخلق في عروقي من الشغف ما يشبه السيل

أنت تعلمين أيتها الماغا انني مسن وأن دمي قد اعتراه الجمود على بطء إلا أنني ما زلت ظمآن للحب! أريد

أن أحب أيتها الماغا وها أنذا أرمي كنزا على قدميك

فهزت الماغا رأسها فقال الرجل بقسوة : أترفضين ؟

- إني أرفض كنوزك فقط أما الشراب الذي حدثتني عنه والذي سيعيد إليك الشباب بعض ساعات

فإنه غدا سيكون جاهزا فأضاف الزائر قائلا : ولكن لا تنسي أن تجعلي هذا الشراب يمنح الإمرأه التي

أخذتها مقدرة النسيان بأنني مسن . ثم المقدرة على حبي . فقال العجوز : يجب أن أعرف من هي!!

- من هي ! أكاد لا أعرفها أنا نفسي فلقد رأيتها مرة واحدة اليوم وحتى الصباح كنت أجهل أنها

موجودة إلا أن رسمها بعث في رغبة محرقة لرؤيتها ! ولكن ماذا يكون الرسم إذا قيس بجمال الأصل الرائع!

لقد رأيت السم بعد ظهر هذا اليوم في مقري من كنيسة القديس بطرس فطفقت مختبئا أتأمله ولم أعرف

أبد في حياتي الطويلة ما يشبه الشعور الذي تأجج في نفسي فقالت الساحرة بلهجة حزينة: أبدا لم تعرف

مثل هذا الشعور؟

- كلا أبدا؟

- وكيف يسمونها ؟

- إنها عاملة فرن بلا اسم ولا عائلة

فاقشعرت العجوز ووضعت يدها على قلبها لتحد من خفقانه ثم مضت تسأل : والرسم من صنعه؟

- رسام شاب يدعي رفائيل سانزيو ولكن دعينا من هذا ......... هل ستعملين ما طلبته منك؟

- سأعمله

- وكم من الوقت سيكلفك؟

- شهرا

- شهرا !!! ولكن هل ستنجحين ؟؟

- سأنجح

- حسنا !! ليكن إذن كذلك وبعد شهر سوف ترينني

- سأكون مستعدة لتسليمك الشراب

عندئذ نهض الزائر واتجه نحو الباب ثم انزل على الدرج وانضم إلى مرافقيه عائدا معهم إلى قصر سانت آنج

وفي ساحة القصر مد يده لكل منهم بقطعة ذهبية فتناولوها وابتعدوا متفرقين وعندما غابوا عن بصر الرجل

المجهول مشى هذا نحو القصر ودخله دون ما صعوبة

ولوكان أحد يرصده لرآه بعد دقائق معدودة يعيب في ظلمة النفق الضيق الذي كان قيصر بورجيا قد اجتازه

عند الصباح ولكن باتجاه معاكس وبعد أن انطلق من أقبية قصر سانت آنج وصل بواسطة باب سري إلى غرفة

نوم في الفاتيكان حيث نزع عن وجهه القناع وحيث استلقى على سرير رسم عليه تاج ومفتاحان ولم يلبت

أن نقر على جرسة فضية وعندما أقبل حاجبة مسرعا أمره قائلا: أحضر شرابي الساخن

فأسرع الخادم منفدا الأمر

- والآن قل لقارئي أن يحضر

فاختفى الحاجب وحل محله كاهن شاب

- آنجلو يا بني لي ساعتان أتقلب على سريري دون أن أجد الكرى فاقرآ لي شيئا ...........ماذا؟

خذ الإنيادة. فأجاب الكاهن:

- سمعا وطاعة يا قداسة البابا!!!


1: الاكواتوفانا سم شهير كان يستعمله آل بورجيا وما زل تركيبه مجهولا رغم الابحاث الكيماوية التي قام بها اختصاصيو المواد الساعة



:3EO05175: :3EO05175: إن شاء الله اكمل بعد صلاة العشا في دولة الإمارات :3EO05175:

وحده فاضيه 20-02-07 06:57 PM

:friends:


العذراء الجالسة على كرسي


قبل أن نرجع إلى بطلنا الفارس راكستان فلنعد إلى بيت الماغا ساحرة حي " الغيتو" التي بعد أن غدرها

الزائر بقيت مقرفصة في زاويتها بالقرب من الأفعيين وهي تحلم بشيء عميق سمر عينيها مفتوحتين وكانت

عيناها اللتان لم تخلقا للبكاء ناضحتين بساقية من الدموع راحب تسيل نقطة إثر نقظة ثم تجف على خديها

الملتهبين بحمى محرقة أجل لقد كانت الماغا تبكي ! وعندما سمعت هياج الديك محييا الفجر تمتمت

قائلة : بعد قليل يطلع النهار!

عندئذ نهضت من مكانها ومضت تتلمس طريقا إلى صندوق قديم خشبي فتحته وضغطت على لولب فيه

حتى انتفتح جاروره وامتدت يداها إلى وسط هذا الجارور فأمسكتا علبة من الخشب منقوشة مطعمة

بالذهب وكانت العلبة تحتوي على شيئين فقط: خنجر حده مصقول ولا شك أنه من صنع مغربي ولقد كان

هذا الخنجر بسيطا جدا وله قراب مغطى بمخمل قرمزي ناصل اللون.

أما الشيء الثاني فإنه تمثال مصغر موضوع داخل إطار من الذهب المزين بالماس والدر وكان هذا الإطار

وحده كافيا لكي يؤلف ثروة كبيرة للماغا ومثل التمثال المصغر شابا يرتدي ثوبا كان سائدا بين تلامذة

الإسبانين في القرب الخامس عشر!

وله رأس مغبر مطبوع على العزم والخيلاء وعينان سوداواون حاجبان غليظان وفم ساخر وبإلاضافة إلأى هذا

كله جرأه لا تصدق وعناد عنيف إلا أن الصلاة والقسوة النادتين عن التمثال كانتا تلينان خلف هذا الإشراق

الذي يضيفه عليه الشباب ولقد راحت الماغا تنظر إليه بألم شديد متمتمة:

إيه ياحبي ! إيه يا شبابي! أين أنتما الآن ؟ إن قلبي مدفون في هذه العلبة التي لم أجروء على فتحها منذ

عشر سنين أي منذ زيارته الأخيرة آه أيها القلب الشقي لماذا لم تساعدني الشجاعة على اقتلاعك

عندما ............

وفجأة وقعت على ركبتيها وأخذت تجهش بالبكاء وفمهما ملتصق على التمثال الصغير.

- أمي !! يا أمي المسكينة ! أما زلت تنتحبين؟

صوت شديد الحنان لفظ هذه الكلمات فسارعت الماغا إلى غلق العلبة فالجارور فالصندوق ثم عادت إلى باب

يفتح على غرفة مجاورة فرجع الصوت قائلا: أين أنت؟ لقد سمعتك

فأنارات الماغا مشعلا ودخل إطار الباب ظهرت فتاة بسن السادسة شعرة تقريبا يتألق جبينها بإشعاع لم

تحلم بمثله نفس شاعر وتنبلج عينيها عن طهارة صافية ويتفتق ثغرها كتويج من الحنان حتى أنه ليخيل إلى

ناظرها أنها ليست عذراء فحسب بل هي العذرية بالذات

وعندما أنير المشعل تقدمت الفتاة وهي شبه مكتسية وبقدمين حافيتين نحو العجوز فطوقت عنقها الذابل

بذراعين خارقي البياض نحو العجوز ثم تركت رأسها الجيل يستريح على صدر العجوز النافر العظام حينئذ قالت

الماغا: روزيتا! آه يا تعزيتي الوحيدة !

ثم رفعت روزيتا عينيها نحو الساحرة بحنان وقالت : كنت تبكين يا أمي لهم طارئ عليك أفلا تقولينه لي أنا

أبنتك؟

- ابنتي ..... أجل ابنتي ! ابنتي الوحيدة !

وهمهت العجوز هامسة في سرها : لتكن معلونة تلك "الأخرى" التي حطمت قلبي كوالدة كما كان "هو" قد

حطم قلبي كحبيبة

ثم تابعت بصوت مرتفع: أجل يا عزيزتي روزيتا لدي هم يقتلني رويدا رويدا ولكن لن أقوله لك لأنني سأضطر

إلى أن أروي لك قصة حياتي الكاملة ملقية على طهرك نقابا دنسا يربد به نقاؤك !!

- أمي إني أحبك من كل قلبي وأتألم لألمك أتمنى أن أعرف مصائبك لكي أقاسيها معك أعزيك

- آه يا روزيتا الحبية إن وجودك بقربي هو وحدة تعزية لي لا حدود لها وإن لمسة وإحده منك

تكفي لتنسيني موقتا الألم الشديد الذي يقرض نفسي ولكن ها أنذا قد كففت عن البكاء . فلنتحدث قليلا

لأن الوقت قد حان لأقول لك بعض الأشياء

- وكان النهار قد ارتفع وملأ بألقه جوانب الكوخ فسألت الفتاة : ماذا تريدين أن تقولي؟

فلم تجب العجوز بل طفقت تتأمل هذه الطفلة

- آه يا ليتني أمك الحقيقة !!

- بل أنت أمي الحقيقة أمي الوحيدة لأن أمي الحقيقة قد تركتني !

- أجل وعن هذا أريد أن أحدثك

- وما نفع هذا يا أمي وعلام نوقظ تلك الذكريات ؟

- هذا ضروري ! هل ستذهبين اليوم إلى مرسم رافائيل؟

عند سماع هذا الاسم اهتزت جوانج روزيتا من الفرح وتمتمت:

رافائيل!!

فأخذت العجوز يدها وقالت : أنت مغرمة به إذن؟

- نعم يا أمي روزا إني أحبه من كل نفسي وهو يحبني كذلك ....آه كم هو جميل وطيب!

- هذا صحيح إنه يملك طبيعة شاعر فنان

- ولقد عينا تاريخ زواجنا شرط ألا تمنعي موافقتك عنا وغدا سيأتي رافائيل ليحدثك في الأمر

- لست مهتمة للتاريخ كوني سعيدة هذا ما يهمني ولكن هل ستلتقين به اليوم؟

- كلا يا أمي لأنه انتهى من وضع آخر لمسات ريشته في رسم هذه العذراء الجميلة التي نقل

ملامحها عني ولسوف نلتقي هنا غدا لأنه من المؤكد أنه حمل اليوم لوحته لقداسة البابا

- للبابا !!

- نعم يا أمي ! وإن رسم حبيبي رافائيل هو أهل لأن يظهر بين روائع الفاتيكان

هنا ساد الصمت بعض دقائق ثم إذا بالقتاه التي تدعوها العجوز روزيتا والتي يدعوها الجيران " لا فرنارينا" أي

عاملة الفرن لأنهم لا يعرفون اسما آخر لها تبتسم ابتسامة ذاهلة وتقول : عندما أفكر بسعاتي أراني

متسألة ّا كنت لن أفتقدها بشر مستطير!


عندئذ ارتجفت الماغا ثم سألت بقلق شديد : ماذا تقصدين؟

- لا شيء يا أمي إنها إفكار مجنونه تنتابني ّ! ولكنني أشعر أنني سعيدة جدا طوال ست سنوات

عشتها معك ! ألا تذكرين كم تألمت قبل ذلك .؟

فارتجفت الماغا متألمة وهمهمت في نفسها : تلك هي غلطتي!

فاستطردت روزيتا قائله:/ كان عمري عشر سنوات وكلما ابتعدت صعدا في ذكرياتي أجد انني كنت محتقرة

مضطهدة إذ كان البعض يدعونني الهجينة الصغيرة ويقسم آخرون بأنني لم أكن معمدة أما الأمرأة التي كانت

تحتفظ بي في بيتها فقد كانت تضربني لاسعة كتفي عند أقل هفوة بعصاها الثقيلة.

ولقد كانت العجوز تصغي إلى هذا الحديث بانتباه عميق بالرغم من سماعها له مرات عديدة أما الفتاة فقد

تابعت تقول: كانت تلك المرآه شريرة فدعاها الناس الخفاش الدموي ولم أكن أعرف لها إسما أخر كما أنها

كانت تدعي أنني مجهولة الاسم لذلك فقد اعتاد الناس أن يسموني لافورنارينا ولقد ظل ها الاسم مخلوعا

على حتى أن رافائيل نفسه يدعوني به احيانا آه يا لتلك المرحلة القاسية من حياتي ! يوم كنت أرتدى

أسمالا بالية وأسير حافية القدمين وأعمل في الفرن طول النهار,

ولم تكن الخفاش الدموي تطعمني إلا نزرا يسيرا حتى انني حسبت في أحد الأيام أن ساعتي قد دنت من

الجوع إلا انني شاهدت في فرن الخفاش الدمو ي أرغفة استثارت شهيتي فانتظرت حلول الليل وقمت

فسرقت رغيفا واحدا وفي اللحظه التي كنت فيها اهم بالعودة إلى الوكر الذي انا فيه استيقظت المرآه

البغيضة ورأتني ! قأقبلت تطرحني في الأرض وتدوس علي ثم انحنت علي وعضتني عضة سال معها دمي

فصعقت من الرعب وأغمي علي .. وعندما ألإقت وجدت نفسي هنا بين ذراعيك يا أمي روزا وكنت تشهقين

باكية هكذا كما تفعلين الآن !! ولكن لماذا تبكين يا أمي ! فلقد انقضى كل هذا

- لقد انقضى كل هذا ولكن ذكره مازال يلذعني كالحديد الحامي

- آه يا أمي الطيبة روزا! كم أنا حمقاء لكي أقص عليك أشياء كنت تجهلينها !!! ولكن ها قد

انتهى الآن كل شيء فقالت العجوز : إن ما لم ينته هو تأنيب الضمير فهتفت لا فورنارينا متعجبة : تأنيت

الضمير !!

- أجل وستعملين ما كنت جاهلة

- آه إنك تخيفيني يا أمي !

- أخيفك ! هذا لا شك عقاب لي . فهتفت لافورنارينا متعلثمة :

- امي ! أمي ! أي دوار قد استولى عليك ! إن كلماتك تثير رعبا في نفسي

فقالت الماغا فاتله ذراعيها : مع ذلك يجب أن تعلمي وأن تعرفي الحقيقة . اسمعي : فأنت عندما عانيت

الأضطهاد وعندما عذبت طفولتك كان ذلك بإراتي

عنئذ استلقت الماغا على ركبتيها حتى لامس جبينها الغبار وصاحت /

- ألعنيني يا روزيتا لأنني كنت جلاك أنا بنفسي!

- أألعنك يا أمي أنت التي أنقذتني والتي جعلتني أعرف لذة الحب؟

- اسمعي .... أنا التي أسلمتك إلى خفاش الدم فتعلثمت لافورنارينا قائلة : إنه حلم مخيف !!

- ولم أسلمك فقط إلى هذا الشيطان ولكنني كنت أدفع لها دراهما لكي تقيم على كرهك

وتعذيبك

- آه يا أمي روزا! أرجوك أن تنهضي

- لن أنهض قبل أن تعرفي كل شيء فقد كنت أرصد آلامك وأسد رمقي بها وكانت دموعك تبرد

قلبي المقروح . واستطال ذلك حتى تلك الليلة التي رأيتك فيها ترتجفين وتختلجين تحت نواجذ خفاش الدم

فإذا بثورة عاتية لا افهم مصدرها تثور في نفسي فطفقت عليك وانتشلتك من هناك! وكنت مستعدة أن

أهب حياتي شرط أن تنسى ذلك الاستشهاد الطويل ولكنك لم تنسى ! أو واه من تلك الساعات الرهيبة

التي قضيتها عندما كنت تقصين علي شقاءك المنصرم! ومن تبكيت الضمير الذي كان يرهقني! اما الآن بعد

أن عرفت كل شيء فما عليك إلا أن تصبي لعنتك على نفسي .

فشهقت لا فورنارينا ثم انحنت على الأمرأة العجوز فرفعتها قليلا وطوقتها بذراعيها قائلة بصوت مرتجف : أمي

أمي إني أحبك ! وانت أما عدت تحبين ابنتك ؟

عندئذ جأرت الماغا صارخة: ربي ربي! أها تغفر لي ولا تدفعني عنها بل إنها تدعوني أيضا أمها !

وهكذا فقد ظل الكوخ ال******************************** لدقائق طويلة يرجع زفرات هذين الكائنين البائسين اللذين كانت هذه اللحظة من

الفرح تحمل إليهما القلق كألم أخير عندئذ طردت روزا العجوز الدموع من عينها وقالت: الآن يا ابنتي يجب أن

تعلمي كل شيء

- ولكن يا امي لقد حان الوقت لأن أذهب إلى فرن "نوشيا"

- لن تذهبي اليوم يا ولدي!

- لكنك ستخسرين أجرة نهاري . فأجابت الماغا بحرارة تشبه الحمي: قلت لك يا روزيتا بأنك

ستعلمين كل شيء أتفكرين بأجرك الزهيد؟ حسنا تعالي وانظري .

هنا قادت العجوز الفتاة حتى الصندوق الخشبي وفتحت جارورا ممتلئا بقطع الذهب والفضة ثم صاحت قائلة:

ألم تفهمي أنني عندما تركتك تستسلمين لتلك الأعمال الوضيعة كنت أريد فقط إيعاد الظنون عنك ؟ كلا يا

ابنتي لن تذهبي اليوم إلى الفرن ولا غدا ولا في الأيام المقبلة

وصمتت العجوز متمتمة في نفسها: آه ! لقد كان هنا ، هنا في هذا المكان!

ثم عادت إلى لا فورنارينا تقول مرتجفة: اسمعي يا روزيتا ! ستعرفين لماذا أنت ابنة بلا اسم ولا عائلة

وستعلمين لمااذا أسميتك روزيتا أنا التي أدعي روزا ولماذا أبغضتك بغضا شديدا – أجل ستعلمين كل شيء

يا ابنتي لأن الخطر الذي يداهمك إنما يفوق هولا كل ما عانته طفولتك البائسة ولسوف يبدي لك خفاش

الدم ذاته رقيقا أمام النمر الذي يرصدك في الظلام !!

وحده فاضيه 21-02-07 08:19 PM

خاتم اسكندر بورجيا الذهبي

تقودنا هذه الرواية إلى مسرح آخر يجري فيه العمل وإن هذا الفصل الذي ستتلى حوادثه الآن لا يفرضه

مجرى الحوادث وحسب ولكن قد يكون هناك علاقات غامضة تربطه بالفصل السابق الذي خططنا ملامحه منذ

حين ومن واجبنا إظهار هذه العلاقات .

لقد كانت الساعة نحو العاشرة صباحا عندما توقفت عربة قرب الباب الفلورنسي في ظل غوطة من

السنديان فنزلت منها امرأة مجلببة بالسواد ودخلت على قدميها إلى روما متجهة بسرعة نحو الفاتيكان

ولكنها لم تتقدم منه من جهة واجهته الأمامية بل من الجهة الخلفية داخل حديقة عريضة مسورة بالجدران

كان يستحيل الدخول إليها إلا من باب صغير مهمل وعندما وصلت المرأة المحجبة الوجه بنقاب سميك إلى

هذا الباب أخذت مفتاحا ووضعته في غاله الصدئ الذي امتنع قليلا ثم انفتح عندئذ توقفت الزائرة لتكبح

خفقان قلبها ثم اتجهت نحو دارة أنيقة مختفية في دغل مكتظ من أشجار الدفلى وكان خادم مسن يتنزه

عند باب هذه الدارة فلمح المرأة المجهولة وهب إليها يصرخ غاضبا: كيف دخلت إيتها السيدة ! أخرجي حالا!

فلم تجب المرأة ولكنها أخرجت من صدرها خاتما ذهبيا وقدمته إلى الخادم قائلة: أرجوك أن توصل هذا

الخاتم إلى حيث أنت أعلم ولا شك .

فانحنى الخادم خاشعا وتمتم مبتسما: أجل يا سينيورا أعرف أين أوصله ثم أخذ الخاتم وانطلق به نحو القصر

فدخلت الزائرة إلى غرفة منزوية في تلك الدارة وجلست تنتظر مرهفة السمع خافقة القلب حتى مرت

ساعة وهي على هذه الحال ثم إذا بوقع أقدام تجرى مسرعة على رمال الحديقة وإذا برجل يظهر فجأة في

الباب ملقيا على الزائرة نظرة المليء بالفضول والقلق فنهضت السيدة وكشفت عن وجهها فهتف الرجل

مغمغما : الكونتيسة آلما ! فأجابت المرأه بصوت ضعيف: كنت تدعوني فيما مضى يا رودريك ، أنوراتا!

- لا أعرف الآن سوى الكونتيسة آلما يا سيدتي المرآة العدوة لكنيستنا أما أنا فلست سوى

خاطئ مسكين يقضى أيام حياته الأخيرة مستغفرا الله القدير عن ذنوبه الماضية ولكن اجلسي يا سيدتي

فأطاعت المرأة وقد أطلت الدموع من عينيها بينما راح الرجل يراقبها ببصر حاد وإذا بالسيدة تتمتم قائلة:

سبع عشر سنة

أجل منذ سبع عشرة سنة دخلت إلى هنا للمرة الأخيرة ثم إنك تتحدث عن ذنوبك فمن ترى يغفر لي

ذنوبي !

- الله كبير يا سيدتي

وسكت الرجل منخفض الرأس متشابك اليدين فتابعت السيدة قائلة: أجل! إني أتألم منذ ذلك الزمن البعيد

لأنني خنت واجباتي يوم رمتني بين ذراعيك دقيقة من الأطماع ولكنني عوقبت بقسوة آه لكم فكرت بتلك

الطفلة التي تركتها عند عبته الكنيسة ولكم قلت مرارا في نفسي إن المصائب التي ألمت ببيتنا لم تكن إلا

عقابا عادلا.

- الله عادل يا سيدتي فهتفت الكونتيسة ألما بلهجة ثائرة :

- أو تقول لي هذا أنت الذي نصحني بهجر الطفلة وأنت الذي نشرت الألم على بيت آلما كما

نشرته على جيمع بيوت النبلاء في إيطاليا؟

- البابا غير مسؤل عن اخطاء العاشق . فأجابت الكونتيسة بمرارة : نعم أيها الأب الأقدس أنت لم

تعد روردريك بالنسبة لي ولم أعد أونوراتا بالنسبة لك وها إنني الآن أرفع صوتي للأب الأقدس وللحبر الأعظم

أقدم توسلي المتواضع.

- تكلمي فلعل باستطاعتي أن أخفف عنك

- أيها الأب الأقدس لو كان الأمر يتعلق بي وحدي لكنت هجرت هذا العالم باكرا إلى دير يغلق

جدرانه على عاري وذكرياتي .

فقال البابا مستخفا: هذا قصد رائع!

- ولكنني لا أملك حق تنفيذه ثم لو كان الأمر متعلقا بالكونت آلما لكانت معنوياته الضعيفة تخضع

حالا لما تمنحه إياه قداستكم مقابل تخليه عن كونتية مونتفورتي.

- ليتأكد الكونت آلما أنه واجد في روما وفي الفاتيكان ذاته مركزا ممتازا عندما يروق له أن يترك

حصنه عش النسر وإني أمنحك صلاحية إبلاغه هذا

- لست بحاجة لإبلاغه الامر فالكونت آلما عالم بأنه سيغنم من خضوعه لقداستكم وهو يفكر به

دوما .

- فمن يقف في طريقة إذن؟ إنني سأفتح له ذراعي الأثنتين

- من ذا يمنعه من تسليم حصن مونتفورتي؟ ومن ذا يمنعني أن أدخل الدير؟ إنها ابنتي بياتريكس

- هذه الطفلة ! حسنا لسوف أقدم لها مهرا غنيا بل سأجعلها أميرة والرجل الذي سيكون من

نصيبها ربما صعد هو نفسه على عرش فتصبح ابنتك ملكة ! أتسمعين يا أورنوراتا؟

- إن قداستكم لتدعوني من جديد أونوراتا!

- أيها المسيح ! لقد أفلت هذا الإسم على لساني

- ولكن من الرجل الذي سيكون من نصيب ابنتي ؟

فقال البابا بلهجة فيها من الأبهة شيء كثير : اسمه قيصر بورجيا دوق فالنتينوا

- ابنك!!!

- هو نفسه ! وثقي أيتها الكونتيسة أنني أمنحك في هذا اليوم دليلا على الحب لم تنله واحدة

سواك

- ولكنك تجعل من هي بياتريكس ! إن دم آل سفورزي الذي نسيته أنا يجري دافقا في عروقها

إنك تظن أيها الأب الأقدس أن الكونت آلما هو الذي حمى حصن مونتفورتي القلعة الوحيدة التي صمدت أمام

قيصر بورجيا وجيمع الناس إنما يظنون ذلك ولكن بياتريكس هي التي أشعلت حماس حامية الحصن وهي

التي فرضت على ابنك الهزيمة وهي حتى اليوم مازالت مستعدة للقتال (ثم تابعت الكونتيسة وقد ارتمت

على ركبتيها) آه أيها الأب الأقدس عن هذه الأشياء كنت أريد أن أخاطبك فقد جئت أطلب عطفك على

ابنتي لأن ابنك آخذ في تجهيز حملة جديدة على حصن مونتفورتي إني أستحلفك باسم الله الرحيم أيها

الأب الأقدس أن تنقذ ابنتي التي بقيت وحيدة لي وأن تمنع ابنك من متابعة خطته لاسيما وأن إماراة

مونتفورتي البائسة لن تضيف إلى تااجك سوى زهيرة فقيرة فاترك لنا هذه الخلوة ودعني أقضي فيها البقية

الرثة من عمري ودع الكونت يعيش فيها قناصا مسالما ومقابل ذلك فإني أقسم لك بأنه لن تبدر في

مونتفورتي طيلة بقائي حية أية محاولة ضد سلطان آل بورجيا

هنا لجأ البابا إلى أسلوب كان معتادا عليه فأجاب المرآة التاعسة سائلا:

- أنت إذن ترفضين زواج ابنتك من قيصر؟

- فرفعت المرآة رأسها بدهشة وقالت : إني لا أرفضه ولكنه مستحيل لأن في نفس بياتريكس

حقدا عليكم جميعا قد ورثته من آل سفورزي

- لتتحقق مشيئة الرب!

- أيها الأب الأقدس إني أنتظر قرارك فبأي جواب تريدني أن أعود إلى مونتفورتي؟


- يا لأسف ! لقد استقل قيصر عن تأثيري عليه ولقد قام بحروبه ضد إرادتي ولن يكون هناك قوة

في العالم تمنعه عن الهجوم على مونتفورتي

فنهضت السيدة ملقية آخر نظرة يائسة ثم قالت : الوداع يا رودريك!

عندئذ خرجت أونوراتا امرأة الكونت آلما متعثرة الخطى ولم تكد تبتعد قليلا حتى نهض البابا متمتا : يا لهذا

الشبح ! لم اكن أبدا انتظر هذه الزيارة بل كدت أنساها أونوراتا الطيبة

ثم تقدم الشيخ نحو باب فتحه ودخل إلى غرفة مجاورة حيث كان هناك رجل ينتظر جالسا في الظل هذا

الرجل هو قيصر بورجيا الذي أتي به البابا عندما نقل إليه الخادم خاتم الكونتيسة الذهبي وسرعان ما قال

البابا:

- إذن هل سمعت ؟

- سمعت كل شيء ولسوف أمحو هذا الحجر الصغير الذي يدعى مونتفورتي !

- على شرط أن المحاربة بياتريكس .......فقاطعه قيصر مصفرا :

- بريمفيرا !! !

- أسمعت ما هي عواطفها نحوك ؟ فأجاب قيصر بصوت مربد:

- لسوف أرغمها على تغييرها

- ولكننا إلى أن يحين ذلك حيال عدوة جديدة : هي الكونتيسة آلما التي كنت أعتقد قليلا عليها

لتمهد أمامنا الصعوبات فإذا هي بدل أن تكون حليفة لنا تمضى إلى بياتريكس لتحول نفورها منك إلى كره بل

إلى حقد شديد عليك

- ستفعل هذا إذا وصلت حية إلى مونتفورتي أما ابنتها فقد لا تراها عن قريب

- وماذا تقصد؟

- أقصد أن بياتريكس شوهدت في جوار روما . فصرخ البابا مرتجفا:

- في جوار روما! آه إن آل سفورزي هؤلاء مبارزون أشداء مخيفون ! إذهب يا بني فسأمضى أنا

إلى الصلاة راجيا السماء أن تفصل بين الأم وابنتها إلى الأبد.

فهمهم قيصر: بل أنا سآخذ على عاتقي هذا العمل

- آه إني فطنت لقد نسيت الكونتيسة هذه الجوهرة الصغيرة هذا الخاتم الذهبي فباستطاعتك أن

تلحق بها لترد لها هذا الرمز الذي قد يكون من الواجب أن تحتفظ به على كل حال إذا لم يكن خاتمها بعينه

فهو خاتم آخر مع تعديل بسيط .

فقال قيصر بصوت اجش:

- هاته يا أبي. ولم يكد يستلم الخاتم حتى وثب مندفعا إلى الخارج


الساعة الآن 04:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية