رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل التاسع عشر
(ظ¤ظ£) ينظر أمين بشرود إلى لميس النائمة بفراش المشفى يظهر عليها علامات الوداع الأخير* ومن حوله حسناء وصوفى اللتان تبكيان على ما فعلته لميس معهما وعدم اخبارهما بوجود أي اموال او ورث رافضة رفضًا قاطعًا أن تكشف لهما نواياها الخبيثة .. زفرت صوفي بغضب وقلة حيلة أمام لميس الغائبة عن الوعي قائلة توجه كلماتها لأمين الذي كان تائهًا بحوار عاصم الأخير معه* . "أنتِ .. ألم تخبركِ لميس عن أي دافع لإخفاء الأموال .." اتسعت عين أمين فورًا بغضب شديد يلتفت إليها يرد بعصبية رافعا قبضته أمامها بتحذير حتى انتفض قلبها " أقسم إن تكملتي معي بتلك الطريقة مرة اخرى سأكسر أسنانك .." تضايقت حسناء ولكزت ابنتها بتوجس ترمقها بتحذير ثم اقتربت من أمين قائلة " هل يوجد لديك خطة .؟." ارتفع احدى حاجبي أمين بتساؤل يرد بدهشة " أي خطة ولما ؟.." تعجبت حسناء وصوفي ليقولا بنفس واحد .."لقد تم بيع البيت .." جحظت عين أمين لوهلة ثم عادت قسماته الى الارتخاء كعادته وكأنه يتوقع أي شيء قد تفعله لميس ..! .هتفت صوفي بتحد " طبعا ستذهب الى عاصم ..وهو يا أمي لن يفتكرنا بأي شيء وسينسى انه عاش معنا عدة سنوات* .." صاح أمين بوجهها متعمدًا بحقد دفين* " كنت مؤجر بأموال طائلة يا غبية .." جزت صوفي على أسنانها قائلة بعصبية " بل دفعت لإخفاء أمرك امام عائلة امك .." عض أمين شفتاه ويده مرفوعة أمام وجه صوفي يحاول قدر الامكان* ان لا يقوم بصفعها ، رمقته صوفي بصدمة وبعض الخوف يتملكها من ردة فعله ،كانت حسناء تتابعهما بصمت وخوف يعتريها من المستقبل ... فجأة صدر صوت الجهاز المؤشر لنبضات القلب بلميس ظاهرا ان امر ما قد حصل فاختفت شحنات عضبهما امام ما يحدث ، هنا دخلت الممرضات يقفن حول لميس والتي غابت روحها للأبد .. * * * * * * (ظ¤ظ¤) بعد مرور عدة ساعات كانت المشفى قد بدأت بتحضير الغُسل والتكفين .. انتظر أمين خروج حسناء وصوفي من الغسل فور عودته من الخزنة الخاصة بدفع الاموال* ، وعندما خرجا حدق بهما بنظره يعرفاها جيدا* فخطي اليهما قائلا بحسم " قمت بدفع فاتورة المشفى هذا اخر شيء يمكنني ان افعله لكما .. شكرا على كل شيء مدام حسناء .." قامت حسناء بإمساك يده برجاء وكأنها كانت تتوقع حدوث ذلك قائلة بوجع " لا تنسانا ابدا يا امين .. احنا عائلة* ،لطلما شعرت انك سند داعم لنا وان كنا لا نتحدث ..ولكن وجودك بالمنزل كان كفيل ليجعلني اطمأن " ناظرها أمين متعجبًا من تصريحها فرمقها بامتنان ،رفعت صوفي شفتيها بتقليل شأن تخرج همهمة ساخرة ليقابلها أمين بنظرة كره ثم وجه انظاره الى حسناء قائلا " سنبقى على اتصال بالتأكيد .." خطي أمين مبتعدا وشريط بقاءه معهما يعاد بلا ارادة تحت صوت صوفي التى صاحت " لن اترككما تنعما* بأموال عاصم من دوني .." كتم أمين غيظه وأكمل تحركه الى الممر المؤدي لبوابة الخروج من المشفى ،فقد* قرر ان يذهب مسرعا الى المنزل يبحث بغرفة لميس فربما يجد شيء يسهل عليه حياته فالان ماتت لميس وماتت معها الأسرار والتي فضلت أن تذهب معها بصمت معتقدة انها بذلك قدمت الجميل لشقيقتها نجلاء ،ولأن خبايا النوايا لها رأي أخر بتحقق مخاوف كلا من حسناء وامين ببيع المنزل خلاف موتها واخذها الأموال الطائلة الناتجة عن بيعه والتى لا يعلموا عنها اي شيء متسائلين بكيف يمكن لسيدة مسنة لا تستطيع ان تتحرك شبرا دون كرسيها المتحرك ان تخفى اموال ، فكان الامر شبه مستحيلا على امين ولا بد ان هناك سرا ورغم ذلك لا يستطيع ان يشك بحسناء مهما جال بخاطره انها ربما قامت هي ببيعه واخذت الاموال سرا* كل ذلك لا يهمه اكثر من حقيقة سراغتراب لميس ونجلاء عن اخواتها وسر كره العائلة للميس* .. * * * * * ** (ظ¤ظ¥) .......في تلك الاثناء ...... نادت الموظفة كلا من إسم ليندا ومنة وفتاة أخرى لدخول الى المقابلة بالبنك ..كانت القلوب تتصارع من شدة التوتر وخاصة منة التي لمحت عامر من الوهلة الاولي يجلس بجانب ثلاث موظفين متفاوتين بالعمر بمرحلة الشباب ، يبدو بشكل واضح ان عامر هو أصغرهم* ..كانت النظرات كلها متوجهة الى منة التى رفضت ان تصفف شعرها وبدت طبيعية بتسريحتها المعتادة "الكيرلي" وايضا كي لا يتعرف عليها عامر ويعرف انها نفس الفتاة التى لجئت بالهروب داخل منزلهم . كانت ليندا والفتاة الأخرى ترتديان الزي الرسمي على أبهى صورة مقارنة بزي منة المخالف بعض الشيء وخاصة ذلك الحذاء الرياضي ذو اللون الوردي. أشار لهم احدى الموظفين ان يجلسن ، ظهرت علائم القلق بشكل كبير على منة التي تتهيأ للرفض حتما بعد تلك النظرات المريبة ،فندمت على تسريحة شعرها الثائر فأين كان عقلها* .. بدأ عامر ومن معه يتصفحوا السيرة الذاتية الخاصة بالفتيات ، لفت انتباه عامر الدرجة العالية التي حصدتها ليندا بالجامعة ..فدار حوار داخلي بعقله بشأنها مع عمه رشيد بالأمس عقب حفل الخطبة ولكن فجأة قطعه أحد الموظفين موجها سؤالا غريبا لمنة بعد ان تصفح سيرتها الذاتية .." واضح انك تهتمين بالدراسة جيدا ولكنك لا تعرفين ان تختار ملابسك لتكون ملائمة بالعمل " تفاجئ الجميع من هذا السؤال ولكن يعرفون عن ظهر قلب انه يقصد تسريحة شعرها ... جحظت عينا منة فزاد توترها اكثر بشكل ملحوظ فأرجعت قدميها الى الخلف تخفي حذائها الملون* وهي جالسة وانحنت رأسها لأسفل بخجل تبحث عن اجابة جيدة قدر الامكان ، تنحنحت بعد ان وجدت رد يليق بهذا الموظف الذي لا تعجبها نظراته الجريئة فأبعدت بصرها عنه قائلة دون ان تنظر له* "حسنا امر تسريحة الشعر سهل ولكن ما يهم هو قدراتي ..." تحولت نظرات الموظف بها الى شهوانية غير مسبوقة يسلط عيناه على شفتاها الممتلئة* وذقنها المتزين بدقه الحسن مع سمرتها الذي اذابته ووضعته بموقف محرج امام الجميع . يعرفه عامر جيدا وكم يبغض تلك الخصلة القذرة بصديقه جاد وكالعادة حاول ان يغير الاجواء وينقذ سمعه العمل فأخذ ملف السيرة الذاتية الخاصة بمنة من امام صديقه يتصفحها قائلا بتساؤل لمنة " ماهي نقاط قوتك ؟" ابتلعت ريقها تعرف صوته جيدا المقرون بنبره غرور ليس لها حدود رفعت بصرها اليه تسبل اهدابها بخوف منه ومن سؤاله فهى بالأساس لا تعرف ما يميزها بنقاط القوة ،فجأة وجدت نفسها لا تسطيع ان تجيب بأي شيء فرأت الدمار أمام عيناها بفشلها .. كان عامر يدرس شخصيتها بغرابة بإماءات وجهها التي تظهر بشكل واضح ان ذاتها تائهة ولا تملك ثقة بالنفس ابدا ..كما انها غير متحمسة بالإجابة مثل الباقين الذين سبقوها بالمقابلة فخمن انها جبانة لا تصلح للعمل كموظفة ببنك محترم* ،فعاود السؤال على ليندا التي أجابت بثقة كبيرة تحت نظرات منة الخاسرة ،هنا ..تأكدت انها فشلت بالحصول على وظيفة . سأل عامر الفتاة الأخرى* " هل تتحدثي الانجليزية ؟" وظل يسأل ليندا والفتاة الأخرى متجنبًا وجود منة تماما .. وما ان انتهت المقابلة وأمر بانصرافهن* انتفضت منة من الكرسي تخطو نحوه قائلة بتماسك "استطيع ان اعمل تحت الضغط الكبير تلك هي نقطة قوتي" ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتاه ثم رفع حاجبيه يرد باستفزاز . " هذا واضح " ثم اشاح بوجهه متعمدًا عنها* يحاول ان يقف من الكرسي متشبثا بعكازه مقارنة بصديقة جاد الذي ظل متصفحا هائما بملامحها طوال المقابلة .. وحين تأكد عامر من خروجهن حدق بجاد بقوة هامسًا " هل تريد تشويه سمعة البنك بأي طريقة ..؟" ليرد عليه بعد أن سحب ملف منة من امامه . "يارجل .. الم ترى شفتاها ؟ ولا عيناها الناعسة المثيرة ...الفتاة جعلتني اذوب بحق سأفعل المستحيل حتى تفوز واصطبح على هذا الجمال** " رمقه عامر بتقزز قائلا بسخرية " ياللهي يا اخي كم انت اوفر ..، ما يدمرك حقا هو احلامك البسيطة* .." "ماذا تعني ..!!" " الباشا اختار من قبل المقابلة " رفع جاد احدى حاجبيه قائلا بثقة* " سنرى " * * * * * ** ***** امام البنك تتجه ليندا مع منة للبحث عن سيارتها وسط صف كبير من السيارات ولأن الطريق امام البنك مزدحما بشكل كبير وبسبب الخريجين الذين حضروا المقابلة كانت تتناقل بينهم بعض الاقوال التى سمعتها منة وليندا وهما يمشيان .....( هل انت متأكدة ان شخص واحد سيتم قبوله بالعمل من ضمن مئات المقدمين ..).....ليرد احدى الشباب بغضب ..(هذا ظلم ..ظلم كبير ...) علمت منة أن الذي سيتم قبوله هي ليندا بسبب الوسطة الكبيرة .. هنا ..وجدت ليندا السيارة* بعد بحث دام لدقائق فجلستا بها تحت ضغط الحر الشديد هتفت ليندا وهى تشغل تكيف السيارة " لا تقلقي ..انا وانت سيتم قبولنا انا متأكدة جدا .." رمقتها منة بعيون متحسرة من شدة الهم الذي سقط على رأسها فكم تحتاج الى تلك المقابلة حتى انها تركت خالتها بالمشفى بين الحياة والموت ..فهمست بقلة حيلة . " ارجوك لا تتحدثي معي بهذا الامر مرة الاخرى* اريد ان انسى كل شيء حدث اليوم ..وكما اخبرتك بالصباح لا تنسي ان تذهبي الى هذا الاحمق وتأخذي منه الهاتف على انني صديقة مغتربة .." "لا تقلقي بهذا الشأن* " ردت منة متأففة " اوصليني الى هذا العنوان .." تساءلت ليندا بغرابة* وهي تسترجع موقف عامر " الم تلاحظي نظراته لك وهو يقول انه واضح ، هل عرف انك نفس الفتاة ..؟" شهقت منة فجأة " صحيح ..يمكن .." رانت اليها ليندا قائلا بالنفى" لا لا مستحيل ..الشكل مختلف تماما .." "ارجوك لا توتريني " "حسنا ،حسنا " زفرت منة* باستسلام بعد هدنة من الوقت بعد استنتاجها قائلة بوجع " اصلا لم يعد يهمني ان عرف ام لا أمر قبولى* للوظيفة مستحيلا اصلا .." "لا تحملي هم هذا الموضوع اتركيه عليا " ارجعت ليندا بصرها الى الطريق تقود بحذر فقد دخلت بالطريق السريع ..وبعقلها يدور انها لن تتوقف على الضغط على عمها حتي يوظف منة بأي شكل . * * * * * ** **** نزلت منة من السيارة تتجه الى المنزل الذي باد باهتا جدا هذا اليوم ، طرقت الباب عدة مرات وهي تحاول ان ترتدي قناع الوجه السعيد أو العادي المهم ان تخفي ملامح وجهها البائسة .. فتح لها أمين الباب يرمقها بنظرات مريبة جعلتها تفشل بإخفاء بؤسها وتأكدت من حدوث شيء سيء .. "هل حدث ..." رد امين مقاطعا " ماتت لميس .." شهقت منة وعادت للوراء خطوة تضع يدها على صدرها ويدها الأخرى على عيناها التي اسود كل شيء امامها وسقطت غائبة عن الوعي* غير متحملة الصدمة . فى مساء اليوم اتجهت منة فور افاقتها الى غرفة لميس* تحدق بها بحزن ،فقد احبتها وشعرت انها أحيت العرق الفاسد الخاص بالعائلة وبموتها الان اصبحا وحيدين مجددا .. لمحها امين تتصفح صوره لميس بحزن ،فقال بحسم امر " لن اسمح لكي ان تذهبي الى المدفن ..ابقى هنا ..ولا تتحركي حتى اعود " انتفضت منة قائلة بصياح " انت مجنون كيف لك ان تقول ذلك " "اخفضي صوتك ..انت لا تتحملى اي شيء .." ردت منة مقاطعة بصياح* " سأتي حتي ولو مت ..سأتي " خاف عليها ومن عصبيتها الزائدة فرد عليها بهدوء "انت حرة .." هنا انفجرت بالبكاء والعويل وسط شهقات مؤلمة تجعل تنفسها غير مستقر .. فقام أمين بعناقها يربت عليها قائلا " يا غبية انها مجرد مقابلة هل هو البنك الوحيد " ردت منة وسط بكائها* "* لقد خسرنا كل شيء تقريبا انا فشلت ولن انجح ابدا ..ليس عندي نقاط قوة* ..." توقف عن عناقها وحدق بها قليلا قائلا وهو يعاود حضنها " انت قوية جدا ومتفوقة وجميلة واستحملتى كثير وخرجنا من ظروفنا الصعبة انا وقفت على اقدامى من جديد واشتغلت ومع اموال الان لتجعلنا نعيش مكتفين بنفسنا دون الحاجه الى أحد* وانت تخرجتي وحصلتي على ليسانس فى التجارة بتقدير ممتاز* ..." جلس على الفراش واجلسها بقربه يضيف "* اسمعي لا شيء يستحق ان نحزن لأجله لقد بدأنا من الصفر بعد هروبنا من الماضي ويجب ان نكمل الى النهاية ... الحياة معركة وانت جندية مميزة صدقيني ستكونين ناجحة جدا فى اي مجال تختارينه وانا اراهن بكل شيء عليك .. ...بالنسبة للميس كنا نعلم ان مرضها يقتلها ببطء لقد ارتاحت تلك المؤذية ..انت لا تعملين عنها شيء ..هي لم تحتوينا ابدا هي فقط أجرت لنا مسكن بأموال كثيرة ..هل نسيتِ ؟* ...مشاعرك ملغبطة الان ..ابقي هنا ارجوك ..ولا تتحركي سأذهب لمراسم الدفن وسأعود ، انها اخر ليلة سننام بها هنا ..الحقيرة قامت ببيع المنزل ..ضحكت علينا جميعا بانها مصابة بالزهايمر وهي كانت جبروت* ...الحمد لله انها سقطت من الدرج وماتت* " كانت منة تتوقع بشكل كبير ان تبيع البيت عاجلا ام اجلا لذا لم تتفاجأ فابتعلت ريقها* وهي تتذكر ليلة البارحة حين استيقظت على صياح حسناء بسبب سقوط لميس من الدرج فقالت " هل تصدق فعلا انها سقطت من الدرج بمفردها .." زفر امين بقوة يرد بضيق " ليس لنا شأن بتلك العائلة الملعونة** " مالت منة رأسها بإيجاب فلأول مرة تري هذا الغضب المستوطن داخل عيناه ، ولكن كلماته وثقته بها تركت اثر طيب داخلها وجعلها ترتاح قليلا فقد نجح بإخماد الثورة التي كانت تحترق داخلها . * * * * ** ( ظ¤ظ¦) ذهب امين الى مراسم الدفن بالمقابر* الخاصة بعائلة زوج لميس راكبًا سيارة اجرة ، وبعد وصوله طلب مساعدة من احدي الرجال المسؤولين عن رعاية المقابر* ... اكتشف ان أقارب زوج لميس من الاثرياء بحق فهما يملكان جناحا كاملا من المقابر، مبنى كبير راقي عن باقي العائلات هنا* ... وحين وصل الى المكان المقصود رأي خمس اشخاص واقفون امام مقبرة لميس* فجحظت عيناه وهو يرى ذئبا متربصا يعلمه جيدا من ظهره فتوقف عن التحرك برعب شديد ، يفرق بينهما نبضات القلوب الثائرة المليئة بالخوف والعودة بالذكريات الى الماضي .. فجأة عاد أدراجه بهلع تاركًا الرجل الذي ساعده بالوصول وينتظرا منه الدخان ، شعر وهو يجري ان خلفه يهرول قطيعا كاملا من الثيران الهائجة تريد هتك جسده بين قرونها ... الغريب انه لا توجد سيارة واحدة بهذا المكان، اذا كيف وصل هذا الذئب الى المقابر .. ام توجد سيارات اخري تتربص بالوصول اليه .. خاف ان ينظر خلفه فتتحقق هواجسه لا يريد ان يموت الان حتى يطمئن على منة على الاقل .. واصل الجري تحت خفقان قلبه الذي يكاد ان ينقطع تحت لهاثه الشديد ... برق عيناه بالأمل حين لمح ضوء سيارة تأتي من بداية الطريق* فذهب نحوها مسرعًا وقام باستقلالها دون تفكير* .. عادت انفاسه الى وضعها رويدا رويدا وهو يري انه على وشك ان يصل الى بيته .. فجأة جال بخاطره انه ربما قد بعث احد لخطف منة فهتف بصياح لسائق* " بسرعة بسرعة يا عم ..." كان قلبه بنشق هلعا وخوفا على المسكينة ،يعرف جيدا إن رأته مجددا او علمت بوجوده ستموت لا محالة* ،فبعد ان استكانت روحها ونست بعض جروح* الماضي وبدأت تنمو شخصيتها هل* ستنهار مرة اخري* بكل سهولة ؟..هو لن يسمح بذلك ولو كان على حساب حياته . وما ان وصل الي البيت لم يمهل حتي يدفع الاجرة لسائق بل هرول مبتعدا الى داخل البيت الذي وجد بابه مفتوح* ...فانخلع قلبه وكاد يتوقف وهو ينادي بأعلى صوته على منة .. بحث بكل ركن بالبيت فلم يجد لها أي اثر ..تسارعت قطرات دموعه تنهمر بغزارة وهو ينادي عليها بحسرة وقلة حيلة ..ليظهر صوتا قائلا يكاد لا يعرف ان كان حقيقيا ام من وحي الخيال . "أمين ..؟ ماذا حدث " انتفض جسده رافعا رأسه يحدق بها وهي تدخل من الباب ولم ينتبه الى الفتاة الواقفة بجانبها ... وكأن الشمس عادت الى حياته من جديد تشرق على نبضه لتعيد عروقه الى النور* ..اتجه اليها يعانق روحها لكي يشفى بما احدثه غيابها ولكي تختفي هواجسه المريبة ويتأكد انها هي بالفعل وليس حلما . كان شعره يخفي بعض من وجهه فباد انهياره متخفيا قليلا وكل ذلك بسبب العرق الذي يملأ جسده وجبينه من المجهود الجبار بالهروب ..ولكن ظهر انهياره كاملا من نبرته وهو يقول " اين كنت ..؟" "ماذا حدث ياحبيبي ..؟ اخبرني ...؟ " بعض الشهقات تخرج من فمه دون ارادة لتضيف منة بخوف "لا تقلق انا بخير بأفضل حال ..، كنت مع ليندا بالخارج اجلس بسيارتها .. لما لم تعطيني رنة بالهاتف الجديد .." اغمض عيناه بقوة فقد نسى امر الهاتف الذي قدمه لها بالصباح قبل ذهابها للمقابلة* ،فقد كاد يقتل نفسه من الخوف عليها* دون تفكير ،اجابها وهو لا يزال يعانقها " طار عقلي من شدة الخوف عليك ..اعتقدت ان حدث لك شيء ..." فتح عيناه وابتعد عنها خطوة يمكسها من كلتا يديها بقلق قائلا بحسم متناسيا امر تلك الفتاة التى تقف بجانبهما وعيناها لا تنزل من عليه للحظة* " لملمي حاجتك سنذهب من هنا الان* " "الى اين ؟" "عاصم " يتبع |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل العشرون
كانت ليندا تتابع ايماءات أمين القلقة اتجاه شقيقته بانتباه شديد ،فى البداية لم تتعرف عليه إلا من خلال الشبه الكبير بينه وبين منة ولهجته الريفية البسيطة التى تخرج من شفتاه الممتلئة مع دقنة حُسنه المخفية نوعا ما بلحيته الخفيفة وبملامحه المميزة المريحة للعين جعلتها تهذى بكم هو وسيم ، شعرت بالحرج من تصفحها الشديد له قائلة بتوتر.. " منة ..! سأذهب الأن لنتحدث لاحقا " لم ترد عليها منة الشاردة بحوار داخلى مع عين أمين وخاصة بعد اخبارها بالذهاب الى عاصم الذي وبخها كثيرا طوال الخمس سنوات بسبب اتيان سيرته حين يتعرضا لضائقة ما . خطت ليندا للخارج وشيء ما يجعلها تشعر بالحماس لأول مرة ربما بسبب الهالة المميزة التى يملكها أمين تجعل من يراه يريد ان يحدق به طويلا ،هنا شعرت انها محظوظة للغاية بأنها الصديقة الوحيدة لمنة ،فهل ياترى حكت له عنها وعما فعلته لأجلها طوال السنوات ليعرف كم هي شخصية طيبة القلب وعطوفة ..؟ (٤٧) جمع كلا منهما حاجته الخاصة بالمنزل وذهب بها أمين الى مخزن البضائع التابع لدكان رأفت دون أن يخبره بأي شيء ..وباتا بالمخزن بجانب بعضهما طوال الليل ورغم التساؤلات التى سألتها منة لشقيقها لم تشفيها أي أجابه تخفف كاهلها من الايام ، تشك بأن هناك امر ما كبير للجوء لعاصم بالأخص ..تعلم انه سيخبرها بعد فترة فحالته الان لا تبشر بالخير وان أسرت على المعرفة سينفعل عليها دون نتيجة. ****** وبالصباح الباكر طلب امين من منة ان تنتظره بالمخزن حتى يعود اليها ، وبالفعل ظلت راكدة بتعب مفكره باحوالها الأخيرة وما أخبرتها به ليندا بالأمس امام بيتها بخصوص عامر فحين ذهبت اليه وطلبت الهاتف ان كان قد سقط من صديقتها بحديقة منزله ولكنه انكر انه خرج من الاساس بذلك اليوم . تنهدت منة بضيق بالغ وظلت تقلب بشاشة الهاتف الذي كان قد احضره لها امين دون تركيز وفجأة .. التمعت بعيناها فكرة ما .. بأن تجري اتصال برقمها القديم ان كان قد وجده احد ما..! ... يجري الاتصال ...... ومن هنا لهناك لم يأتيها رد ..الغريب ان البطارية تسمح بإجراء اتصال وفى اخر مرة قبل ان يسقط منها كان الشحن خمسة بالمئة ، هنا ... تأكدت انه بحوزة احدهم حتى وان كان بأيد عامر هى لن تتردد بالحصول عليه ولو وجها لوجه فا في الاول والاخر قد فشلت بالحصول على الوظيفة اذا لا يوجد لديها ما تخسره . ***** داخل مكتب عاصم بالشركة .. يدخل السكرتير الى عاصم قائلا " الدكتور عمر بانتظارك بالخارج سيدي " رفع عاصم بصره الى السكرتير دون تصديق فولده الذي ذهب لاكمال دراسته بالخارج بعد اعوام يعود الان وفجأة ..؟ ورغم كهله وثقل قدمه التى تحمل جسده بصعوبه هب واقفا يخطو فرحا الى خارج مكتبه ليرى ثمرة عمره الوحيدة التى اشرقت بنور الأمل داخله .. رأه يقف أمامه كرجل عاقل بملامح مستكينة بفخامة الرجل الناجح مختلفا تماما عن اخر مره رأه بها قبل سفره والتى كانت عبارة عن حرب صعبه بينهما انتهت بالرحيل وكلا منهما يحمل بداخله هما اسود للأخر. "هل تتذكر ان لك اب الان .." يهتف بها عاصم بعد دخولهما الى المكتب وجلوس كلا منهما امام الاخر دون كلمه فالحنين الذي يستوطن داخل أعيناهما أبلغ من أي كلمة .. يرفع عمر قدمه على الاخرى ويرمقه بغرابة قائلا " لم اكن لأعود لولا اتصال عامر ..لقد ضحك علي واخبرني انك مت حتى اعود ،اعتقد ان مروة هي من اخبرته بذلك ." جحظت عين عاصم وترقرقت عيناه ببعض الدموع فقد اصبح بالأوان الاخيرة عاطفيا جدا ومع مرضه اصبح الوضع صعب فقال بحنين " لقد كان المنزل بشعا بغيابك يا حبيبي .." لم يتوقع عمر هذا الكلام من والده خاصة وهو متعود على لسانه السليط طوال حياته دون سبب ،ليردف عاصم " سامحني يا بني ...لم اكن اقصد ان اكون معك جفا .. كنت الاحب الى قلبي ولكني فشلت ان اوصل الرسالة .." رمقه عمر باستهزاء وخيبة أمل فلم يتلقى اي حنيه منذ الصغر والان يفتعل حوار غريبا معه محاولا ان يلين عواطفه اتجاه فجاراه لكي يرى آخره وما يمرى اليه . " رسالة ؟؟" تنهيدة طويلة ..."اريد ان اخبرك سرا..بخصوص احدهما " قطعه السكرتير الخاص به قائلا بعد دخوله فجأة "هناك ضيف تنتظره سيدي .." رمي عاصم بصره الى شاشة المراقبة التى بجانبه بغضب ليرى من يستحق ان يقطع الحوار المهم والذي ينتظره لسنوات وخاصة بعد ان اشار اليه قبل دخول المكتب ان لا يقاطعه ابدا .. فوجد امين بالخارج فالتمعت عيناه بأمل واشار الى سكرتيره ان يدخله .. وقف عمر من مجلسه بضيق بالغ وكان عاصم لا يحترم وجوده حتي يدخل ضيف عليه بتلك الطريقه دون كلمة . فهتف عمر بضيق .. " سأنتظرك بالبيت .." امال عاصم رأسه بإيجاب وشرد بأمر عمر و امين الذي دخل الى المكتب وكلا منهما ينظرا الى بعضهما بطريقة مألوفة .. دخل امين وبعض حبات العرق تتلألأ على جبينه وصدره يعلو ويهبط ، شك عاصم به فقال " كنت سأتصل بك ، اتمني لو لم يراك بعد ؟ .." ابتلع امين ريقه مفرجا عن قوله الذي صمد داخل صدره طوال الليل يؤرقه " انا موافق على العيش معك ..ولكن ارجوك جد حل معي ...انا لا استطيع ان اختبئ طوال العمر من خالي وشقيقتي المسكينة بعد ان نست .. تبحث عن عمل الان بإحدى البنوك ..كيف اخبرها الان بوجود شريف .. اسمع ...امر بقاءنا معك هو مؤقت حتى نجد حل .." رد عاصم مقاطعا .." اهدأ اهدأ ... لا تقلق .." تأفف امين من رؤية اللا مبالة بعاصم وعدم معرفه الهول الذي به من شريف ان علم بوجودهما هنا ..فهل لا يخاف منه الى هذه الدرجة ..؟ . "منذ ان قابلتك وانت تخبرني بالا اقلق .." " اسمع يا بني بيتي هو بيتك انت ومنة حقا ..لا يستطيع احد ان ينكر ذلك .. سأنتظرك هناك فى اى وقت وبالنسبة للبطاقة احتاج الى بعض الاجراءات سأخبرك بها لاحقا .." تنهد أمين وقد شعر ببعض الامان فقال متسائلا بجدية وكأن الامر حياة او موت " لما انت لست خائف من شريف وتتحدث كانه .." رد عاصم مقاطعا بثقة " لأنه مجرد علكة بفمي احركها كيف اشاء ،لازلت لا تعرفني جيدا .." (٤٨) لم تتوقف منة عن إجراء الاتصال برقم هاتفها القديم بإصرار ومع الرنة رقم خمسين تم فتح الاتصال من قبل احدهم فهتفت مسرعة" من من ...ارجوك رد علي ،هذا هاتفي سقط مني ارجوك ..أحتاجه بشدة" سمعت صوت زفيرا لشخص ما عبر موجات الاتصال ،حملقت بشاشة هاتفها لتجد ان اشارة الشبكة جيدة جدا فعلمت ان المستمع ينصت اليها جيدا ..فأردفت بتوتر " سأ ..سأعطيك مكافئة ..ان اوصلته لي ..." " حسنا ..اخبرني بالمكان .." جحظت عيناها ودق قلبها بجنون هي متأكدة ان صوت هذا الشاب تعرفه جيدا ولكن لا تستطيع تميزه فقالت بعد مضي ثوان .." اخبرني انت بمكانك وانا سأتي .." "همم ...هل أنت متأكدة " "نعم نعم ..." "حسنا العنوان ......هستناكِ فى تمام الساعة الخامسة ..لا تتأخري" شهقت منة فور استماعها للعنوان وبعد غلق الاتصال فالان باتت متأكدة أن الهاتف بحوزة أحد جيران ليندا ،فربما سقط الهاتف بالشارع مثلا وهي تهرول ووجده احدى شباب الخارجين من حفل خطبة فارس . حاولت الاتصال بليندا سريعا لكي تعرفها اخر الاخبار ..ولكن لم ترد.. تأخر امين بالقدوم اليها ومعدتها تقرقر من شدة الجوع ، افرغت كيس محتويات الاطعمة المعلبة التي كان قد جمعها امين من المخزن لكي تتناولها بغيابه ،فبقت تأكل بجنون ربما من شدة الخوف فيما هما مقبلان عليه .. والان لا يجول بخاطرها سوى الهاتف الذي به ذكريات الثانوية والجامعة وهي لن تفرط به ابدا .. وصلت الساعة الى الخامسة عصرا ولم يأتي امين بعد ولا بد ان الشاب الذي معه الهاتف ينتظرها الان بالعنوان ،قررت بعد تفكير ان تذهب سريعا وتحصل عليه قبل رجوعه فإن عاد الان سيذهبان الى عاصم ولن تأتي فرصة لكي تحصل على الهاتف وربما يقدم الشاب على بيعه طمعا بمبلغه الكبير .. فكرت وهي بالطريق بأنها لا تعرف ماذا يقصد امين حين قال لها انهم سيعيشان مع عاصم فهل كان يقصد فعليا؟ ام سيعشان تحت رعايته ، تمنت ذلك حتى لا تعرف ليندا بما تخبئه عنها طوال تلك السنوات فبتأكيد ذلك سيهدد علاقتهما القوية ،تنهدت فقد توصلت بفطنتها انه من المستحيل أن يسمح لهما عاصم بالعيش مع زوجته وأولاده فمن هما سوى ابناء طليقته .. ذهبت الى الخارج وهي تضع يدها على جيب بنطالها تتأكد من وجود محفظتها . (٤٩) وصلت منة الى رقم الشارع الذي اخبرها به الشاب كانت تقرب من ڤيلا ليندا ولكن بعد عدة شوارع فقط بحثت بعيناها عند وجود اي شاب حولها ،كان الجو حارا ولا يوجد اي احد يقف هنا .. ،نظرت بساعة الهاتف فرأت انها تأخرت عشر دقائق فهل جاء هنا ولم يجدها فذهب .. أعادت الاتصال به تحت خوفها الشديد من هواجسها فافتح الاتصال من اول ثانية .. فقالت "الو." "مرحبا.. هل وصلتي الى المكان" تفاجأت منة بخروج صوت فتاة من الهاتف فردت بسرعة "اجل ... " "حسنا ..سأتي انتظريني .." قلبها يتواثب متسائلة بغموض وبعض الاجابات تستنتجها ،فجأة ظهرت فتاة تأتى من قرب ڤيلا عاصم يظهر انها عاملة بالڤيلا ،رمقتها بغرابة تبدو قريبة من سنها ورغم ملابسها البسيطة الا ان مشيتها بها ثقة وميلان لا تمتلكها سوى فتيات البندر .. وما إن وصلت اليها قامت بإعطائها الهاتف ثم حدقت عن قرب متصفحه اياها قائلة بعجب " هل لديك اخ تؤم " ارتجف قلب منة قائلة بصدمة "كيف عرفتي .." "قابلته من مدة انه يشبهك تماما" ابتلعت منة ريقها قائلة " هل تعرفينه ؟" "لا كان يريد ان يقابل السيد عاصم .." ردت منة بصدمة " اذا انت تعملين عند السيد عاصم .." "اجل" امسكت منة بيدها قائلة برجاء " هل انت من وجدتي الهاتف " " لا ... وجده السيد حسين .. واخبرني ان اقدمه لك .." شهقت منة بخوف وابتعدت عنها خطوة تهتف "تقصدين هذا الغبي " زفرت الفتاة وهى تتصفح منة بضيق قائلة " لا ليس غبي هو مريض نفسي يعتقد انه بعمر العاشرة ..على فكرة لولاه لم تكوني لتحصلي على الهاتف .." "هذا الغبي كاد يقتلني .." تأففت الفتاة قائلة " هل احضرتي المكافئة التى وعدتيه بها ..؟" دهشت منة بغرابة ترد بلا مبالة تمثلها بشكل سيء "لا .. وهل هو يحتاج حاجة اصلا ؟ انه غني يملك كل شيء .." استدارت الفتاة بظهرها وخطت بطريق رجوعها ولم تعطي اي اهمية لمنة التي رمقتها بضيق من تصرفها الغير مهذب ولكن امر الفتاة غريب لها فوجدتها تملك هالة غريبة حولها وكأنها ليست خادمة بل انسة من عائلة نبيلة ، مشت منة خلفها تخطو نحو ڤيلا ليندا ..ولكن جاءها اتصال هاتفي من أمين اوقفها عن الحركة بصدمة خيفة من عودته وعدم وجودها بالمخزن ، فلم تجيب على الاتصال وبحثت بعينها عن سيارة اجرة لكي تعود مسرعة .. لمحت بطريقها عامر يقف وكأنه ينتظر احد ما ،فاخفت وجهها بكافة يدها كرد فعل وجدته غبيا وابتعدت تحت نظراته الغريبة .. فجأة ظهرت امامها سيارة وكادت تصطدم بها لولا ان السائق ضغط على المكابح بلحظة الاخيرة تحت صدمتها فانسابت اقدامها غائبة عن الوعي ..تحت نظرات عامر الذي اتجها صوبها بعكازه مسرعا يتبع |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الحادي والعشرون
نزل عمر من السيارة مسرعًا ليرى من كاد سائقه يدهسه فقد كان مشغولا بتصفح الهاتف ولم يشاهد اللحظات الاخيرة، وجدها فتاة غائبة عن الوعي فجثا على ركبته وأمسك يدها يتفحص نبضها ،ولم ينتبه الى وجود عامر الذي وصل اليه فقد كان ينتظره امام بوابة الع¤يلا ورأى الواقعة كاملة فقال بسخرية " كدت تدهس فتاة بأول يوم لك بمصر .." رفع عمر بصره الى الصوت الذي يعرفه جيدا وكم ترك اثر بعض الفرح داخله ولكن قسماته أبت ان تظهر بظل هذه الواقعة فهتف قلقا " تلك الفتاة تعاني من مشكلة بنبضها يجب ان نذهب بها الى مشفى .." رد السائق بخوف " كلا .. ربما ترفع علينا دعوة وتضعنا بمشكله كبيرة اولست طبيب اصلا يا سيد عمر ؟.." رمقه عمر بحنق بالغ ثم وجه انظاره الى عامر قائلا "من قام بتوظيفه " رد السائق "اقسم لك هي من ظهرت امامي فجأة حتى السيارة نفسها لم تلمسها ابدا " اشار عامر لسائق لكي يهدأ فهو يعلم صحة اقوله فهتف لعمر " انها بخير ..لا تكبر الموضوع يا دكترة حتى انظر انها تحرك يدها ." اخرج عامر هاتفه يتصل بإحدى الخدم بحركة مخادعة منه " تعالى امام البوابة لكي تحمل تلك الفتاة الى الداخل " ولكن ..فجأة فتحت منة عيناها بصدمة .. لم تكن مستوعبة عما يحدث امامها وبقت تنظر يمينا ويسارا بخمول رهيب .. بقى عامر يحدق بها فتأكد انها نفس الفتاة من يوم المقابلة ، فضيق عيناه ببعض الاشمئزاز ، قال عمر وقد تأكد من افاقتها " انت بخير .. لا تخافى .. جت سليمة .." كانت عيناها الناعسة اشد خجلا من قرب عمر الشديد منها حاولت ان تتماسك وتقف فقد تذكرت امين ..فهمست وهي تحاول ان تستند على السيارة " علي ان ارجع قبل عودة امين .." قام عمر بمساعدتها لكي تكمل وقوفها فقد بدت كالسكرانة ،فقال بجدية " تعالي لأوصلك الى وجهتك .." وجدها تائهة لا ترد فأمسكها من يدها وقام بفتح باب السيارة وساعدها بالجلوس خلف مقعد السائق وجلس بجوارها تحت نظرات عامر المشمئزة يعلم انها تقم بتمثيليه لكي تهرب من اغمائها المتعمد وقد كان صحيحا اعتقاده فكانت تتصفح عامر بين الحين والاخر بطرف عيناها ...وكانت تسمع كل شيء وهي تمثل الإغماء ندمت على رد فعلها ووجدته غباء منها فلم تكن تعرف كيف تتصرف فى تلك اللحظات . .. همست وهى تشعر بتوتر من تصفح عمر الشديد بها " اوصلني الى حي ..." رد السائق " من عيني ...يا انسة انت لن تقومي برفع محضر صحيح..؟" هزت منة رأسها بخجل فقال عمر " انا طبيب على فكرة و يجب ان تذهبي الى مشفي ..لتعملى رسم قلب .." تعلم منة ان دقات قلبها الغير منتظمة بسبب الخوف والتوتر فلم تعيره انتباه وبقت تمثل تمثيليتها بتوهانها حتى اوصلها الى وجهتها و نزلت من السيارة فرأت عمر يخرج من باب السيارة فأسرعت بخجواتها واغلقت الباب ورفضت ان يوصلها بنفسه الى داخل المخزن .. قائلة بختام " شكرا .." ثم إلتفتت تذهب الى المخزن وملا محها تعود الى وضعها المعهود فلم تكن تعرف انها تجيد التمثيل بتلك الطريقة المخادعة فارتسمت ضحكة ساخرة وهى تدخل الى المخزن وما ان جلست على الارض تخلع حذائها حتي جاءتها نوبة ضحك هستيري .. (ظ¥ظ*) لم تستطع ليندا ليلة البارحة أن تنام من شدة التفكير الغير طبيعي بأمين ، حاولت أن توقف هذا الاعجاب الكبير ولكنها فشلت مع دقات قلبها العنيدة الخافقة له ،تسألت كيف لها أن تعجب بشخص من النظرة الاولى بتلك الطريقة التافهة ،هي لا يحق لها أن تحب أحدا أبدًا غير نفسها كما علمها والدها منذ الصغر ، حتى وإن كانت تمتلك المال والمكانة الاجتماعية العليا والشأن الرفيع التي اكتسبته من والدها لا يحق لها ان تحب بتلك السهولة حتى لا تتم اذيتها والتنمر عليها .. أحست انها على وشك ان تختنق من كثرة التفكير بشأن قلبها وحالها الذي لا يتناسب مع أمين بأي شكل كان ، ولأنها كبرت على ان تحصل على كل شيء تريده فانكسرت بأن ذلك الشي الوحيد الذي لا تستطيع ان تحصل عليه كما الحال مع الجمال .. همست بين نفسها بوجع " يمكنني ان اعيش دون جمال او مال ولكن لا استطيع ان أعيش دون حبيب ..ايضا انا انسان احتاج الى الحب والاهتمام .. هل سأعيش طوال عمرى دون ان يحتضني قلبا مُحب؟ .." ردت نفسها عليها داخل عقلها "ويلك وان لم تريه الا مرة واحدة واصبحت بذلك الجنون والفقر اليه ..اذا ماذا سيحدث ان رأيته للمرة الثانية او الثالثة ..؟" تدريجيًا انسابت دموعها تغرق وجنتيها بألم حتى وصل بها الشعور إلى الاختناق ،فقررت أن تذهب الى من يصبرها كلما جاءتها حالة حزن .. وحين وصلت أمام غرفته قالت بإرهاق " فارس افتح الباب من فضلك .." تسمع ضحكاته المتسربة خارج الغرفة فعلمت أنه يكلم خطيبته فتسللت الغيرة غصبًا داخل قلبها ،فقامت بفتح الباب عنوة ،لتجده يجلس على فراشه بأريحيه و يخرج الدخان من انفه قائلا لخطيبته عبر الهاتف " لا استطيع الانتظار حتى تنامي بأحضاني .." رمقته ليندا بسخرية ممزوجة بغيرة فلم ينتبه اليها فارس بسبب قصر قامتها فاتجهت اليه تصعد على الفراش بحنق ،وحين شعر بوجود احد ما إلتفت جانبه فوجدها فجأة تحدق به بغضب تنحنح متوترا فلم يتعود ان تدخل شقيقته بتلك الطريقة دون استأذن فهمس مسرعاً بالهاتف. "لحظة سارة " واتجه ليرتدي قميصا يدارى بيه صدره ، اخذت ليندا الهاتف قائلة لخطيبه فارس " اسفة سارة اريد ان اتحدث مع اخي بموضوع مهم " لم تنتظر ليندا اجابة سارة واغلقت الهاتف بسرعة ، استغرب فارس من تصرفها الطفولي وحين لمح اثر الدموع على وجنتيها علم ان هناك شيء حدث بها لتبدو منهارة بهذا الشكل .. سقطت ليندا على الفراش جالسه قائلة بتردد " اريد ان اسألك بكل صراحة .." جلس فارس بقربها وملامح القلق باديه عليه بشكل كبير " اسألي " "اقسم انك ستجاوب بكل صراحة " أسبلت اهدابه بقلق فقال مراوغا .. "حسنا .." بدأت الدموع تتسرب من مقلتيها من شدة صعوبة الكلمة وكم تشعرها بالذل والإهانة وهي تخرج من شفتاها" هل ..تعتقد ان يحبني شاب بهذا الجسد " كان شاكه بمحله وكم كان يخاف من تلك المواجهة يوما ، فحاول ان يخفى ملامح الحسرة قائلا بذكاء " طبعا ..فنادي قصار القامة مليان شباب " رفعت رأسها تحدق به بقلة حيلة ففهمت رسالته الخفية بألا تحاول ان تحبي احد يخالف هيئتك ..فردت بضيق " انه ليس قزما .." ابتلع ريقه قائلا بحساسية "اذا هناك شخص .." تحولت قسمات ليندا الخاسرة الى حب امتلاك لترد بثقة . "نعم ...وانا احبه .." "لا تحاولى .." عضت ليندا على شفتاها ببعض الغضب وفارس يحاول الا ينظر بعيناها فيهرب من نظراتها بين الحين والاخر لهاتفه ..ولكن ليندا قد سحبته منه قائلة .." انت ترى الكثير من الشباب هذه الايام يتزوجوا سيدات عواجيز لانهم اثرياء .." فهم فارس ما ترمى اليه فرد بجدية لكي يجعلها تفق وان كانت الكلمات جارحة .. "اذا هو فقير ..النفوس لا تشترى ..لا تستطيعين ان تشترى قلبا يا ليندا ابدا ابدا .." "من اين جئت بتلك الفلسفة هل علمتك اياها سارة " حاول فارس ان يكون هادئا وهو يقول " تتذكرين تلك الفتاة التى اعجبت بها بالماضي وحين علم ابي كاد يقتلني واخبرني انه يجب على الموت خيرا من ان اتزوج من فتاة فقيرة ..منذ ذلك الوقت وان اوضعت داخل قلبي شروط وهى الا احب احد لا يتناسب مع ظروف حياتنا .. وانظرى ..صدقيني ابي كان عنده حق ..سارة مختلفة تماما عن الفتاة الفقيرة .. اشعر انني احبها وان حبي ليس كافيا هي تستحق ان احبها اكثر واكثر ..." زفرت ليندا بغضب ليردف فارس " صدقيني ستنجحين مثلي " خرجت عن صمتها تهتف بصياح مهزوم " فارس هذا لم يكن حبا ..كان مجرد اعجاب وسارة مجرد بداية ..الله اعلم ماذا سيحدث بعد غد .. وهذا الشاب انا احبه ..بل اعشقه ..لا اتخيل ان اخرجه من عقلي ..اشعر ان دماخي يتغذى على رؤيته وكل شيء به ...صدقني لا استطيع " تنهد فارس متمالك نفسه قائلا ببعض الضيق " من هو ..؟" ابتلعت ريقها وعيناها تتدور بالغرفة بتوتر متسائلة بين نفسها ان تخبره من هو ام لا ؟ ولكن حسمت امرها قائلة بتشجيع فهي لا تملك الان سوى لسانها فهل تعقده ايضا عما تشعر به .. "تعرف منة صديقتي ..صحيح .." "اجل .." "اخوها .. امين " "ولكنك كنت تشتكين انك لم ترى اي احد من عائلتها " " ... وقد رأيته " "متى" "البارحة " "ماذا!" صدم فارس بقوة من طفولة ليندا الشديدة فاردف بصياح " لم تريه سوى البارحة وعشقتيه ..انت تلعبين بالكلام . .." اخرج سيجارة بغضب وقام بإشعالها وما إن جاءه اتصال من خطيبته قام بإغلاق الهاتف وظل يمشي ذهابا وايابا بالغرفة حتى انتهى من السيجارة وتحرك نحوها يخرج اخر نفس من الدخان بوجهها قائلا "انه مجرد اعجاب وغدا ستشعرين انك كنت غبية .." قال كلمه الاخيرة وهو يربت على ظهرها خارجا من الغرفة تحت سعالها من الدخان وقام باشعال سيجارة اخرى بغضب ..هامسا بغضب " تلك المجنونة ..يا اللهي ..كاد قلبي يتوقف من شدة الخوف ،يجب ان تقطع علاقتها بتلك الفتاة الغريبة منة ،اصلا لم ارتاح حين رأيتها اول مرة .." (ظ¥ظ،) تجلس مروة داخل الصالة بجوار عاصم ومن حولهما ابناءهما (سامي ،عمر ،عامر ، حسين) يجلسون جميعا حول طاولة الطعام فقد طلب عاصم اجتماعهم لضرورة وما شجعه هو وصول عمر الى مصر فمن الصعب ان يجتمع الجميع بتلك السهولة .. بدأت مروة بقطع الصمت وهي تغرس الشوكة بقطعة اللحم المشوية قائلة لعمر " لما رجعت فجأة دون ان تخبرنا بوصولك .." تنهد عمر وأنزل الشوكة من فمه قائلا " اريد ان استقر الان .." ارتبك الجميع وظل يحدقون به فهتفت مروة وهي تقطع اللحم بالسكين بعصبيه وعيناها لا تفارق طبق تقديم الطعام" تستقر ..هل تريد ان تتزوج الان ..؟" "اجل .." هنا وقف الطعام بحلق حسين وظل يسعل ،فاتجهت اليه لولو تقدم له الشراب ولكنه رفض وحاول ان يأكل تحت سعاله.. فرمقه عمر بغضب من فعله يضيف " اشرب اولا .." صاح حسين بوجهه فجأة تحت سعاله" ليس لك شأن .." زفرت مروة بغضب فهي تعلم من يريد ان يتزوجها بشدة فلم يعيرها احد اي انتباه ،فخرج عاصم عن صمته مشجعا عمر " شيء جيد ..سنك مناسب لزواج ،اخبرني من هي ولنأخذ خطوة " توقفت مروة عن تناول الطعام ورفعت بصرها مصحوبة بابتسامة ساخرة .."الا تعلم ممن يريد ان يتزوج ؟" رد عاصم بحسم " ليتزوج من يريد هو حر دي حياته " نجح عاصم بإراحة صدر عمر بذلك الكلام البسيط وان كان بداخله نقطه سوداء الان الا انه كان يعتقد انه سيرفض زواجه حتي يتزوج سامي اولا فقال بثقة " ابي اريد ان اتزوج زهراء ابنه عمى رشيد " كان سامي وعامر يتابعان الحوار بتركيز شديد وهما يتناولا الطعام دون ان يظهرا اهتمامها .. ازدرد عاصم ريقه بتوتر فكتم غيظه فبينه وبين شقيقه رشيد عداوة قديمة حتى وان وافق هو فلن يوافق رشيد ابدا على تلك الزيجة فجاءته فكر ذكية فقال بعد صمت دار لدقائق كاد يقتل عمر من شدة التوتر .. "نتحدث بذلك الموضوع بمكتبي يا ولدي ..واعدك انني لن اخيب ظنك " هنا ترك عاصم طبق طعامه وحدق بهم جميعا ثم أطلق تنهده طويلة و اردف " احد اقاربى من جهة امي سيأتيا للعيش معنا لمدة ..اريد منكم ان تعاملوهما بالحسنى ..فلم ارى من عائلة امي سوى الخير .." انتفضت مروة من جلوسها بعصبية قائلة بصياح " مستحيل ..ان ادخل اي احد من اقاربك بيتي .." رد عاصم بهدوء " ان لم يعجبك فاذهبي.." لانت ملامح مروة تهمس بتحذير " اذهب...! هل وصل بك الامر الى تلك المرحلة ..حسنا يا عاصم فلتفعل ما تريد ." ووجهت كلمتها الاخيرة الى عمر قائلة " لن اجعلك تتزوج حتي تجد حل معي لحسين " زفر عمر بشدة ثم حاول ان يهدأ من حاله قبل ان يهتف " للمرة المليون حسين يمثل عليك ..انه طبيعي صدقيني ..انه ينتقم منك اقسم انه طبيعي ولا يعاني من اي خلل وارجوك لا تربطي حياتي بذلك الغبي " هتفت مروة بحسرة " اخرس ..اخرس .. تحاول ان تهرب من محنة اخيك مثل ابيك وتربكني بكلامك ..يا اللهي كم اكرهكم جميعا ..ان حدث لي اي شيء ومت سترمونه بالخارج للكلاب الضالة " هنا هتف سامي الابن الاكبر لمروة " اهدئ يا امي ...سنجد حلا لا تقلقي .." ليرد عمر عليه وقد خرج عن شعوره وهو يشير لحسين الذي ملأ فمه بطعام " انه كذاب ..انظروا اليه انه طبيعي لايعاني من اي خلل " احتضن سامي والدته التى بكت فور عناقها وحتى لا تخرج عن شعورها ورمق عمر بأن يصمت الان ... وقف عاصم كعادته يهرب من اي جدال بالعائلة الى طريق غرفته ، بداخله يعلم ان خطب ما يعاني منه حسين خطير وان كان ما اخبره به عمر حقيقيا الا ان مجرد العيش كغبي لمدة سنوات يدل على حقد دفين ولكن ايضا تحركات حسين وافعاله تضعه بشك كبير ولا يستطيع ان يجد حلا مهما حاول معه يفشل حتي الأطباء النفسين لا يستطيعون ان يجدوا حلا له ..فهو لا يستجيب ابدا لاى مرحلة علاجية سواء بعقاقير ام جلسات حتى استسلم مع مرور السنوات مقتنعا انه امر الله لا مفر منه . (ظ¥ظ¢) علمت منة من تأخر امين انه عاد الى عمله وسيأتي متأخر كعادته فأخذت غفوة طويلة من شدة تعبها واستيقظت فجأة على صوت اشعار برسائلها .. اخرجت هاتفها تتصفح ملحق الرسائل لتجد رسالة من البنك ففركت عيناها لكي تقرأها جيدا " مبروك لقد نجحتم بالمقابلة يرجى التوجه الى اقرب فرع بالبنك لإستلام الوظيفة بتاريخ ...." يتبع ... |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الثاني والعشرون
تقرأ الرسالة بالهاتف عدة مرات ولا تصدق بأن الحلم الذي حاولت أن تصعد الى أعلا المراحل بالجامعة حتى تحققه يتم الان رسم بدايته أمامها بعد طول انتظار .. ظلت تقرأ اسم المرسل المدون بالهاتف حتى تتأكد أنها لا تحلم وأيضا ليست مجرد مزحة يمارسها احدهم عليها ، وكأن السعادة أخيرا يتم تقديمها على طبق شهى أمامها فلمسكينة لم تتناوله منذ سنوات فهل حان وقت استقلالها والحصول على مهنة مرموقة ترفعها هي وشقيقها من مرارة الحاجة الى معونة .. تبتسم بفرحة غامرة والدموع تتقافز من عيناها فرحا تريد ان تحيك لها لحظات من السعادة تشاركها مع أمين فرفعت الهاتف الآخر بيد مرتعشة تجري اتصال بأمين بسرعة وشهقاتها تمنع اتزان كلماتها التى كانت ترتبها بخيالها مرات عدة بالماضي وحين فُتح الاتصال هتفت بصوت باكي " امين ...لقد نجحت بالمقابلة ..سأبدأ بالعمل من الغد .." صوت انفاسه الواصل اليها عبر موجات الاتصال لم يجعلها تطمئن تحت صمته ولكن تردد انفاسه بتنهده كان كفيل ليغلق فرحتها مؤقتا ،فأضافت متسائلة" أمين ألم تسمعني؟ اقول لك انني قبلت بالوظيفة .." "بل اسمعك حبيبتي .... ولكن.... لدي عمل الان ..نتحدث لاحقا ..." أسبلت اهدابها بتوتر وهي ترى أنه اغلق الاتصال فذلك الرد لم تتوقعه منه ، اعتقدت أنه سيصيح ففرحا بوظيفتها . فردت ظهرها على احدي الكراتين الموضوعه ورائها هامسة " بالتأكيد يفكر ان يعمل لي مفاجأة ..هو لا يريد ان يظهر فرحته عبر الاتصال ،يا حبيبي يا امين .. ..سأتصل بليندا الان.." وضعت الهاتف بجانبها وأمسكت الهاتف الآخر واختارت اسم ليندا من قائمة الاتصال، تنتظر ان تجيب بفارغ الصبر عليها وبكل حماس ...حتى فتح الاتصال ليخرج صوت ليندا قائلا.." مبرووووك .." ردت منة بابتسامة " كان يجب ان اصدق كلامك من البداية ،وضعت نفسي بحيرة وكدت اموت .." " بالواقع يا عزيزتي كنت انا المختارة ولكن طلبت من عمي ان يختارك بدلا مني .." "مهلا ..لم افهم .." " ستفهمين بالغد .." " بالتأكيد انت تمزحين ...كيف يختارني بدلا منكِ .." " حبيبتى .....كنت سأعمل دون ان اقم بمقابلة اصلا ..دعك من هذا الموضوع ..هل هناك جديد بحياتك ؟.." شعرت منه بالتوتر بتذكر تلك الليلة التى افصح بها أمين عن اشياء تخصهما ولم ينتبها لوجود ليندا بجوارهما فهل بذلك السؤال قد فهمت شيء من ذكر اسم عاصم امامها؟،هزت رأسها بالنفي وقالت تجارى الحديث " لا كالعادة بخير الحمد لله ...وانت ..؟" " اخيك ..كان يبدو قلقا عليك .." ردت منة مقاطعة بتوتر.."انه هكذا دائما ..يشعر انني ابنته .." ابتعلت ليندا ريقها بصعوبة وبعض المشاعر تهتاج داخل قلبها الصغير الذي يريد ان يفصح عما يحس به ولكن منعته بصعوبة بالغة واكتفت قائلة بذكاء حتى تحصل على اجابة تشفى فضولها الكبير " كم انت محظوظة به يبدو عطوفا؟ .." تنهدت منة بيأس قائلة " والله هذه الكلمة قليلة عليه ولو اعطيه حياتي بكل نبضه لن تكفيه هو يستحق اكثر .." " لهذه الدرجة ..ماذا فعل يعني ؟.." لمس منة الحنين من احتواء شقيقها لها وكل شيء فعله لأجلها فدون حبه وتفهمه كانت لتموت من الاجواء النفسية التى سقطت بها غصبا فحبه الوحيد ودعمه هو من جعلها تفق وسط تلك الاوجاع وتكمل حياتها طبيعيا وان كانت لا تزال تعاني من بعض الاشياء البسيطة إلا انها تسمي بذلك استشفاء لروحها ..فاكتفت بقول " مهما اقول لن يكفي ..هو فعل لي الكثير .." زفرت ليندا من غموض منة وغلقها على امين بالألغاز فجازفت بمشاعرها قائلة " احكي احكي انا صديقتك من غيري ليسمعك .." "بعدين بعدين ..ربما بيوم من الايام اخبرك ..ولكن ليس الان ..لست مستعدة .." تنهدت ليندا بحزن وختمت كلامها "كما تريدين ..فارس ينادي علي سأتحدث معك لاحقا " ***** اغلقت ليندا الاتصال بغضب وقلة حيلة تريد ان تعرف اي شيء ولو معلومة بسيطة تشفي اشتياقها المحروم بأي كلمة تعيش على حروفها لأيام حتى تجد حل لتلك المحنة التى سقطت بها .. خطت الى فارس بحديقة منزلها بعد أن بعث لها ان تأتي لتجلس معه ومع خطيبته التى باتت تزورهم كثيرا من الاحيان ،دهشت عندما وجدت عامر يجلس معهما بالحديقة فرانت اليه ببعض الضيق وثقلت خطواتها عن المشي نحوهم فهي لا تحبه ولا تتقبله تجده مغرور جدا ولا ينصت الى احد ،فالتفتت تعود الى الداخل ولكن فارس انتبه الى وجودها فنادي عليها.. عضت على شفتيها بحنق واتجهت اليهم بنظرات غاضبة قائلة .. "مساء الخير " القت التحية وهى تحدق بسارة ولم تعير اي انتباه لعامر الذي يراقب حركاتها قبل ان يهب واقفا ويمسك عكازه مستعدا لذهاب قائلا بقسمات تميل نحو البغض " فعلت المستحيل حتي لا يتم قبول صديقتك معنا ليس لأنها صديقتك فأنا اعرف تفكيرك ..ولكن لأنها ليست كفؤة ..بس فشلت " عضت ليندا على شفتاها بحنق ترمقه باشمئزاز قائلة بعناد طفلة " لقد اخبرت عمي عنها ووعدني بانها ستعمل ،فمن انت حتى تحاول ان تقف امامه." استفزته كلماتهافابتسم بسخرية قائلا " لم يكن عمك بل كان (جاد ) تعلمين جيدا ان عمك رشيد لا يحب الواسطة ابدا ولا يمارسها على اي احد مهما كان يعزه .. فلم يكن ليوظفني ابدا داخل البنك ان لم اكن كفؤا فرغم العداوة الشديدة بينه وبين ابي رحب بي كثيرا بالعمل معه ،هو لا يدخل الامور الشخصية الى العمل ابدا .. ،سأخبرك شيء أخير حتي لا تزعلي عليها فيما بعد ،حذريها من ابن عمك جاد ولا تجعليها تتحدث معه بأي موضوع اين كان ما سيطلبه ." بعض الغيرة استوطن كيان ليندا من منة فلم يرها جاد الا مرة واحدة وجذبت انتباهه ولكن الخوف والقلق استحوذ عليها اكثر فإن كان كلام عامر صحيح فهي واقعه بمشكلة ويجب عليها أن تنتبه من ذلك النسوانجي الخطير .. ضرب فارس يده بالأخرى بغضب قائلا " لم يعد ورانا سوى منة لنحمل همها ايضا .." لتقول سارة بغرابة "من تلك الفتاة .."؟ تأفف فارس قائلا " صديقة ليندا للأسف " حدجته ليندا بغضب هاتفه " انتبه لكلامك .." ران عامر الي فارس بغرابة وكعادته انسحب من الحوار خاتما " اراك غدا فارس .." (ظ¥ظ£) وصلت الساعة الى الحادية عشر مساءا ومنة لا تزال تنتظر أمين بفارغ الصبر لكى تشاركه الفرحة ، هنا... لم تلبث سوى دقائق حتى وصل امين الى المخزن فانتفضت واقفه تحدق به بحماس شديد لترى عيناه غامضة بين الغضب والقلق ساكنة ليتها تعرف انه مقتول بسبب تفكيره الزائد فهو الان بين نارين فإما أن يتركها تعمل دون معرفتها بوجود شريف بالاسكندرية وترى حياتها وتستمر بالصعود الى سلم التفوق واما ان يخبرها بوجوده ولا يتركها تعمل وكلا الامرين اصعب من بعضهما وما يجعله يخاف اكثر هو توقعه ان علمت بوجود شريف ترجع الى منة القديمة الفريسة السهلة التى تمكث بمكانها تنتظر الضبع لكي يهجم عليها اكلا لحمها بصمت رافضة الشعور بالحياة حولها او التفكير بالهروب مثلا ،وكل ذلك بسبب طفولتهما المشردة . تسرب الخوف والقلق من عيناه ظاهرا ساحبا الفرحة والسعادة من عيناها تدريجيًا وهي تره يحدق بها بذلك الجمود وكانه غائبا عن العالم أجمع ،فهمست بقلق وهى تخطو نحوه " ماذا بك يا امين هل حدث شيء ..؟" تنهد أمين بحسرة لا يستطيع حقا ان يظهر فرحته ولكن عقله يأبى فتنهد مرة اخرى قائلا " هل تريدين العمل الى هذه الدرجة ؟؟" اتعست عيناها بشده ترد بحماس "بالتأكيد اريد ان ابني مستقبلي " رفع بصره اليها مقتربا قائلا باهتمام "منة اريد ان أسال عن شيء مهم " "تفضل " حاول قدر الامكان أن يغير من هيئة السؤال ليحصل على اجابة تظهر حقيقة مشاعرها بطريقة غير مباشرة فقال بقلق .. " ان حاول احدهم ان يهجم عليك ماذا ستفعلي ..." رأي بعيناها الخوف والحيرة والتوهان فوثب قلبه بخوف فأضف " يعني انت ستدخلين سوق العمل وبالتأكيد سيحاول احدهم ان ينافسك ويقارنوك بزميلاتك وربما تهجم عليك احداهن بكلماتها الازعة او ربما مثلا يحدث مثل الافلام تجذبك من شعرك .." تنهدت منة براحة وابتسمت بأمان واقتربت من شقيقها ترد بنبرة يعرفها جيدا " لقد اخفتني حقا .... انت كنت تقصد ذلك ..لا تقلق سأحاول النجاح مهما تعرقلت ..هذا اساس العمل ..بالتأكيد سأسقط .. ولكني حين اسقط اقم لأحارب وبالنسبة لغيرة الفتيات نحن لسنا صغار ..يا اللهي انت درامي للغاية .." ابتسم امين يداري حسرته فقد حصل على الاجابة التي يبحث عنها وكم كان متأكد انها لم تتغير ..فكتم همومه مقتربا منها يربت عليها قائلا " اعرف انك ممتازة " ثم اضاف وهو يضع كلتا يديه على كتفها " استعدي.. سنذهب الى بيت عاصم الان .." "بيت عاصم تقصد ع¤يلته"؟ " ااه هذا شرطه .." صدمت منة من تصريح امين قائلة بتساؤل " اخبرني ماذا قال لك ولما انت وافقت على العيش معه ألم تكن تكرهه بشدة وتوبخني ان جئت بسيرته .." "سأخبرك كل شيء ..ولكن ليس الان ..صدقيني بمصلحتنا ان نعيش معه .." اغلقت منة عيناها بقوة ثم فتحتهما قائلة بخوف .. "لكن لا ائتمن لأولاده او زوجته ربما يفعلون بنا شيء فنحن ابناء طليقته .." زفر أمين قائلا " ثقي بي ..ارجوك وامضي معي الى النهاية وامر مكوثنا معه مؤقت لن نعيش معه للابد يعني ..." وجدت منة قسمات الهم والقلق تستوطن داخل مقلتيه اكثر فحاولت ان تجاريه قائلة " امين اخبرني هل حدث شيء ..؟ اشعر انك تخفي عني امر هام " ابتلع ريقه وظل يحدق بعيناها بتوتر حتي هتف خاتما .. "لا ..، لا يوجد اي شيء ،،وان كان سأخبرك حين ارى انك مستعدة ." وما ان جاءت لتتكلم وضع امين يده على شفتاها مضيفا " ارجوك ..حبيبتي ..لا استطيع ان اتحدث الان .." امالت منة رأسها بإيجاب فأنزل يده وبدأ يحمل حقائبهما تحت نظراتها القلقة فهي لا تعرف كيف ستتصرف ان رأت عامر او حسين ..ولكن لا يوجد حل امامها الان .. وما جعلها تطمئن بعض الشيء ان أمانها الوحيد "أمين" سيكون معها اذا فلتنقلب الدنيا رأسا على عقب طالما ان شقيقها بجانبها .. (ظ¥ظ¤) تجلس حسناء مع ابنتها صوفي في احدى المقهى بالحي الشعبي ينتظرا شخصا مهما يمكن ان يغير مسار حياتهما للأبد. تحدق صوفي يمينا ويسارا لتتأكد من عدم وصول ذلك الرجل الذي طلب مقابلتهما ثانيةً بعد موت لميس ،فهمست لوالدتها " لقد حذرتك لميس من مقابلة ذلك الرجل بشدة لما الأن تنوين ان تقابليه " جذبت حسناء مرفق ابنتها اليها حتى اقتربت منها تهمس لها بتحذير مخيف بلمعة عيناها المتسعة بشكل مرعب" اياك ان تقولى اي كلمه أمامه وإلا اقتلك اتسمعيني .. هناك خطة ...ان نجحت لن نحتاج لأي احد ابدا .." امالت صوفي رأسها بإيجاب وقلبها ينبض من الخوف من أمها فلأول مرة تراها بتلك القسمات المتوعدة بالأذى ،تركت حسناء معصمها واشارت اليها لكي تعتدل بجلستها فالرجل قد وصل اليهما .. كانت حسناء تحدق به بغموض محاولة قدر الامكان ان لا تفصح عن مشاعرها التى تحبسها داخل قلبها من ذلك الرجل .. ونجحت بالفعل حين هبت واقفة تمد يدها لمصافحته قائلة ". اهلا خالو شريف ..تفضل " رمقتها صوفي بغرابة فلم تتوقع ان يكون لقبا فعليا فابتلعته على انه مجرد لقب مزيف تدعوه للتقرب منه مثلا ،فجلست الاخرى ولم تعجبها نظراته لها وهو يحدق لساقيها المكشوفة بتلك الشهوة .. حاولت حسناء كتم غيظها من نظراته الجريئة بابنتها وقالت بتماسك تدخل بالموضوع مباشرة" اخبرتني بالمقابر ان هناك جزء لميراث امي ..ذلك شيء غريب فكانت تخبرني انكم حرمتموها من ورثها .." حدجها شريف بنظره شامته قائلا بتلذذ " بلى ونحن على العهد .. ، ولكن وصت نجلاء قبل وفاتها بجزء من ميراثها لأمك ..ويجب تنفيذ الوصية بالتأكيد ان تعرفين خالتك نجلاء ،صحيح ؟.." هنا هتفت صوفي دون تصديق " وابنائها ..اليس هم أحق بالورث .."؟ جحظت عين شريف بصدمة فداست حسناء على احدي قدم صوفي بغضب تحت الطاولة لكي تظل صامتة ليقول شريف بغرابة مضيقًا عيناه بخبث " كيف عرفتي ان لديها ابناء ؟" ردت حسناء مسرعة بتوتر " مجرد افتراض ،المسكينة لا تصدق انه سيكون لنا ورث فتتأكد منك ان كان لها اولاد ام لا ..فانت تعلم الحال ضيق " هز شريف رأسه بإيجاب ثم رفع احدى حاجبيه قائلا بابتسامه خبيثة مع قهقه " لا لا يوجد لديها فهي لم تستطيع الانجاب..... مسكينة كانت ستموت على طفل .." تواثب قلب حسناء بقوة وحاولت كتم مشاعرها المشتتة فقد شكت انه يلعب بالنار معهما الان .. خلعت شالها من على رقبتها لتضعه على ساق صوفي المكشوفة لتمنعه من تلك النظرات الشهوانية فابتسم بخبث رافعا حاجبيه ، هنا...تغيرت قسماته فجأة حين التقطت عيناه شيء يلمع فانصدم بشدة وكادت مشاعره تنفعل ولكنه تماسك غصبا ، رمقته حسناء بحنق قائلة " كم يساوى هذا الورث " رفع بصره الى وجهها يحدق بها بنظرة غريبة ممزوجة بين الغضب والطمع وفشل فمداراتها امامها فتحرك بصره الى العقد الموضوع على رقبتها والذي يعرفه جيدا قائلا بشغف "ثلاثة ملايين ..." قاطعته صوفى بشهقه مفزعة "ماذا " ،لترد حسناء وهي لا تصدق اي كلمة تخرج من ذلك الرجل فأرادت ان تجاريه الى النهاية قائلة " كيف احصل عليهم الان .." ابتسم شريف بمكر وهو يرجع بظهره يريحه على المقعد قائلا " لا يمكن انها اراضي بالعزبة وعليها اقساط وديون واشياء كثيرة لفكها ...ولا استطيع ان افعل ذلك حتى تعودا معى الى العزبة " ازدردت ريقها بتوتر قائلة بعد تردد " وان لم اتى معك .." "سوف اعتبره تنازل عن الميراث " جحظت صوفي عيناها تهب واقفة هاتفة " بالتأكيد ستذهب الى العزبة " هبت حسناء الاخرى واقفة تمسك يد ابنتها بقوة حتى ألمتها قائلة بحسم " سأفكر بالموضوع وسنكون على اتصال .." وقف شريف مسرعا يمنعها من الذهاب بإمساك يدها قائلا وعيناه ستنقلع على العقد " اعطيني عنوان منزلك حتى ...ازوركم واطمئن عليك هذا من واجب الخال كما تعلمين " لم تستطع حسناء ان تخفى حقدها وكرهها الشديد بقسماتها فأفرجت عنهم قائلة وهي تجذب معصمها من يده " لا تتعب حالك ابقى على عادتك ونحن من سنزورك .." بقي شريف يحدق بهما وهما ترحلا بعد ان اشار الى احد رجاله ان يتبعهما ويراقبهما بتوجس، لم يكن يصدق انه خطته لتقرب منهما لتسليته اظهرت شيء كان يبحث عنه واشقائه لسنوات .. ****** " للمرة الاخيرة انه كذاب .. وان قمتي بفتح ذلك الموضوع مجددا امامي لن تكوني ابنتي " تصيح بها حسناء بوجه ابنتها المنهار بعد محادثة مليئة بالسخط فور عودتهما الى الشقة التى اجروها مؤخرا بعد بيع البيت ... "لنفترض انه كان صادقا ..سيضيع علينا الثلاثة ملايين ..هل عقلك بمحله لتكذبينه .." "اذا لنفترض مثل ما تقولين ثلاثة ملايين صحيح هذا المال ليس ملكنا انه لأمين ومنة ..هما اولا به انا لا استطيع ان اخذ اموال ليست لي ابدا، الم تشعري بالخوف وهو ينكر وجودهما بالأصل ؟ ..اعتقدت انه سيقول انهم ماتا على الاقل ..هذا الرجل خطير وحذرتني امي منه كثيرا .." هتفت صوفي بصياح دامي وهى ترى والدتها بلهاء بوقت غير مسموح لها ان تنكر الاموال .. " لم اعد اتحملك ولا اتحمل الفقر لقد باظ عقلك من شدة الجوع سأذهب اليه انا وخليكِ فى تلك المجاعة بمفردك " شعرت حسناء بالخوف وامسكت بيد ابنتها قائلة برجاء "حسنا سأعطيك سبب واحد لمعرفتي انه كذاب ..." هدأت صوفي تحدق بوالدتها بعيون دامعة وكأنها لا ترى اي شيء امامها سوى الهروب من الفقر لتضيف حسناء "اعرف لما عاد الينا ويحاول اختلاق الاكاذيب ..هو يريد ذلك العقد .." "ماذا ..ولما سيريد ذلك العقد الرخيص " "لا ليس رخيصا انه ألماس حر ... كان ملكا لجدتي و لميس قامت بطلائه بمادة حتى لا يتم التعرف عليه .." يتبع ..... |
الساعة الآن 01:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية