منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات ألحان (https://www.liilas.com/vb3/f480/)
-   -   حصري 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة ) (https://www.liilas.com/vb3/t208219.html)

Rehana 28-09-21 08:35 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
جلست سارة على مقعد وبدأت ترتق سترة شقيقها . قالت له بإلحاح وهي مصرة على انتزاع الحقيقة من فمه :
- إلى أي ارتفاع صعدت ؟
رد المسكين يعقوب :
- ليس عالياً. ريحانة
قالت تؤنبه :
- هذا ليس بالضبط المكان الذي تتسلق فيه الاشجار لأنها مسكونة بمخلوقات لا تحب الدخلاء خاصة من احد أفراد قبيلة الآميش والذي يتلصص على ما يحدث خلف النافذة .
قال مات في نفسه : إذن هذا هو سبب الاستجواب . إن سارة تخشى ان يكون شقيقها قد ضبطها , ياله من أمر غريب , إنها بالغة ! وسبق لها الزواج فما اهمية ان يضبطهما احد وهما يتبادلان القبلات ؟
اخذت تحرك الإبرة والخيط في عصبية تفضح ثورتها الداخلية . تساقطات عدة خصلات من شعرها الكستنائي فوق جبهتها وحجبت عنها الرؤية , فكانت تدفعها تحت قبعتها دون ان ترفع عينيها . كانت تمثل لوحة فنية حية , صورة نصفية لامرأة من القرن الماضي بما تحمله حساسية نساء ذلك القرن او القرن الثامن عشر وليس حساسية هذا العصر , إنها صفات تسحر مات بلا حدود, لقد تعود على نساء يعشن في حياة سريعة تميز نهاية القرن العشرين , وعلى استعداد غالباً لاتخاذ المبادرة في المغامرات العاطفية , وتعتبر سارة بجوارهن نقية وبريئة , وعادت رغبته في حمايتها تغزوه مصحوبة ببسمة من الحنان . ولكن اللحظة لم تكن مناسبة للتحرك . كانت مجهودات الصباح قد انهكته والتعب يثقل عليه مما يثير اعصابه ويدير رأسه . وكان جانباه يولمانه والجرح في فخذه يحرقه , ويجب ان يذهب للتمدد وإلا أغمي عليه . نهض في حذر وقال لهما :
- اسمحا لي بالانسحاب , إن كل هذه الاحداث قد انهكتني .
كانت العبارة الاخيرة موجهة إلى سارة مصحوبة بابتسامة ماكرة جعلت وجهها يحمر خجلاً , قال يعقوب:
- هؤلاء الأمريكيون غريبو الأطوار .منتديات ليلاس
قال مات شارحاً:
- في العادة لا اقضي نهاري في الفراش ولكني احس بأنني لست على خير هذه اللحظة .
قال الصبي :
- انت في حاجة دون شك إلى زيت الكافور , إن امي دائماً تعطيني إياه .
امتعض مات :
- اعتقد انني تجاوزت هذه المرحلة .
قال يعقوب معلناً:
- عندما تشفى سأريك كيف اركب السيسي الخاص بي وسأريك ايضاً العجول , أنا الذي املأ لها آنية الطعام واطعمها .
قال له مات وهو يغمز له بعينه :
- مقزز ...
انفجر يعقوب ضاحكاً.منتديات ليلاس
اطلقت سارة زفرة واخذت تستخدم إبرتها . بقية النهار ليس طبقاً لتعليمات الدكتور ثورن وهو ما ازعجه واغضبه كثيراً لأنه لا يجب ان يظل قعيداً عاجزاً كما أن كل شيء كان يثيره .
كانت حجرته مرة مضاءة أكثر من اللازم او مظلمة أكثر من اللازم والضجيج الذي كان يشوب حياة المدينة اصبح مشتاقاً إليه واشتاق ايضاً إلى نشاطه وعمله والقدرة على توجيه جسمه لعمل ما يريده .
كان مقتنعاً ان غفوة قصيرة كافية لإعادة قواه , وتمدد ليصحو بعد ست ساعات وهو وقت تناول ادويته ثم العودة إلى نعاسه , ليست هذه هي الطريقة التي يكسب بها قلب السيدة , وإن كان الوقت لن يمر طويلاً قبل ان تفهم فنون إغرائه .

Rehana 28-09-21 08:36 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
هجرته سارة وتركت ناقوساً صغيراً فوق المائدة ليستخدمه عندما يريد استدعاءها في حالة الضرورة . تكوم مات فوق وسائده ورائحة إعداد طعام العشاء تصل إليه وتخترق أنفه .
إن سارة تصلح فعلا زوجة جيدة . وإن لم يكن يبحث عن رفيقة لحياته , لقد كان دائماً مشغولاً عن الاهتمام بالزواج وقضى السنوات الست الأخيرة في المستشفى معظم الوقت أكثر مما قضاه في بيته .
تساءل صوت داخله بوقاحة : وما الهدف ؟ في الماضي كان يجد عشرات الإجابات عن هذا السؤال , ولكنه من الآن يشعر بالإنهاك والقلق والتشتت , إنه يعشق مهنته لأنه دائماً يسعد بتقديم مساعدته إلى من يحتاجونها .
وجو المستشفى يشتاق إليه ومع ذلك لا يصبو إلى العودة إليه . ولأول مرة في حياته لا يعرف حقيقة ما يريده .منتديات ليلاس
طوى شكوكه ومخاوفه وقرر ان الحاضر فقط ما يهمه , انه يتحرق شوقاً إلى الصحبة . هز الناقوس الصغير ولم ينتظر طويلاً حتى ظهر بلوسوم في الحجرة وهو ينبح نابحه الشهير.منتديات ليلاس
سأل سارة التي احضرت له صينية العشاء:
- لماذا لم تربي انجريد قطة أفضل من هذا ؟
نظرت إليه سارة بعينين واسعتين, ونظر إليه بلوسوم بعينين واسعتين , قلب مات عينيه وتجهم ثم قال :
- كم أكره أن أكون مريضاً, إن فكرة قيام أحد غيري بخدمتي ورعايتي مرضياً لا تعجبني على الإطلاق .
- وماذا عن مغازلتك للممرضات ؟
كانت سارة تعد جرعات الدواء وطرف فمها مرتفع قليلاً بابتسامة طويلة وإن كان وميض الشك يلمع في عينيها المستديرتين .
يالها من نسيج متناقض, بريئة ووقحة وامرأة قبل كل شيء , وإن كانت خجولاً لأقصى درجة , إنها تسحره ذلك السحر الذي يسيطر على مزاجه العكر. احس بأنه يسترخى كثيراً الآن وهي قريبة منه .منتديات ليلاس
نظر إلى اظافر يدها القصيرة بدون طلاء اظافر , واستدارة رقبتها الجميلة وشفتها السفلى التي تعض عليها وهي تحاول نزع سدادة زجاجة دواء , قال :
- هذا لب الموضوع , إن الغزل عمل جاد .
ردت عليه بلهجة لاذعة :
- واعتقد انه ينقصك التمرين .
- إن المرء لا يكف عن التمرين إذا كان يبحث عن الكمال .
حاولت سارة ان تخطو نحو الباب وهو يبتلع اقراص الدواء التي ناولته إياها مع جرعة كبيرة من الماء وقالت له :
- اتمنى لك شهية طيبة , هز الناقوس عندما تريد مني ان استعيد الصينية .
احس مات بألم في معدته لا صلة له بألم جانبيه , قال لها :
- هل ترحلين هكذا بسرعة ؟ ارجو ان تجلسي معي.
ردت عليه بصوت رقيق:
- امامي عمل لابد ان اؤديه .ريحانة
كانت هذه شبه كذبة اضطرارية , فقد كان امامها باقي الغسيل للأواني وبعد اعمال الترتيب ولكن الاهم ان تحمي عفتها وقلبها . امامها بقية اليوم لتفكر في الوضع ولتقنع نفسها بأن مغامرة مع مات ستوردها مورد التهلكة , إنه ليس سوى رجل عابر ينتمي إلى عالم آخر لا تعرفه على الإطلاق , احتج مات :
- ليس من المعقول ان تفعلي أكثر من هذا , كم عدد الأفراد المقيمين في هذه اللحظة ؟
- ولا واحد ولكني انتظر اربعة افراد في عطلة نهاية الاسبوع ولدي امور اعدها .

Rehana 28-09-21 08:36 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
- الا يمكن ان تنتظر هذه الأمور خمس دقائق ؟ هيا يا سارة ابقي قليلاً معي وحدثيني عن أسرتك , إن شقيقك الصغير يعجبني , هل لديك آخرون ؟
اطلقت سارة زفرة قبل ان تعدد القائمة ...
- هناك بيتر ودنيال وهما ابنا زوجة أبي الأولى التي توفيت وهي تلد لوقا ورث ويعقوب وهم أصغر مني ولا يزالون يعيشون في البيت , هكذا انت تعرف الآن افراد قبيلة موست .
- حسناً , سأعود لاحقاً لأخذ الصينية .
خرجت بعد ذلك من الحجرة وتركت مات يتلعثم :
- ولكن .. ولكن .. أنا ؟
كانت سارة قد ابتعدت وظل بلوسوم عند عتبة الباب وهو يطلق نباحاً ويتدلى لسانه ثم تركه هو الآخر .منتديات ليلاس
ظل مات مسمراً في مكانه من الدهشة . إن النساء لا يقاومنه أبداً هكذا , لابد ان الجروح التي اصابته نزعت كل جاذبيته .
قطع شريحة من الروزبيف واخذ يمضغها وهو ساهم يفكر . إن سارة تظهر انجذاباً نحوه ورأى ذلك في عينيها واحسه من لمسات يدها . إنها خائفة وما يحتاجه هو ان يقترب منها في حذر . احس مات انه لا يجاري في هذا المضمار .
بعد العشاء عاد إلى نقطة الصفر مرة ثانية والشعلة التي ومضت داخله - عندما اقتربت منه سارة - كانت أكثر اشتعالاً. إن هذه المرأة تعطي لحياته طعماً وهو مشتاق لأن يراها مشتعلة مثله .منتديات ليلاس
بينما الأقراض تبدأ مفعولها عليه بدأت جفونه تنغلق وظل يردد انه سيبدأ العمل في خطته بعد العشاء . سقطت الشوكة من يده وسارع بلوسوم نحو قطعة اللحم التي سقطت معها الأرض . ظل يردد انه سيبدأ غزو سارة بعد العشاء او ربما بعد إغفاءة نوم قصيرة !

نهاية الفصل

Rehana 01-10-21 09:22 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
الفصل الرابع

كانت سارة تعمل في أوبرج ثورنوود من شهرين وتقيم في حجرة صغيرة بالدور الثاني مجاورة للحجرة التي كان يحتلها مات ويفصلها عنها حجرة حمام , ولم تكن تترك الأوبرج إلا كل خمسة عشر يوماً عندما تقام الخدمات الدينية لمجتمع الآميش . وكانت تقضي إجازات عطلة نهاية الاسبوع عند والديها اللذين يعيشان في نهاية الطريق على بعد كليو مترين من هنا .منتديات ليلاس
لقد مر عام منذ اشترى جون وانجريد وود الضيعة الكبيرة بالقرب من بلدة جينا وأعادا تجديدها في صبر ومحبة , ووجدت سارة ان النتيجة كانت رائعة وإن كانت أعلى من مستوى الأذواق البسيطة .
كانت الستائر المصنوعة من الدانتيلا تتموج خلف النوافذ . وكانت المقاعد الكبيرة ذات المساند وكذلك الارائك مكسوة بتيل عليه نقوش زهور وباقات ورود والاثاث من الخشب الطبيعي , وباختصار كانت الحجرات مبهجة وتوحي بالترحيب وقد علقت فوق الجدران المغطاة بورق الحائط الفاخر لوحات كانت تصفها انجريد بالبدائية وتضيف لمسة شخصية ومرحة إلى الجدران . كان أوبرج ثور نوود مكوناً من ثلاث حجرات وثلاثة حمامات .

Rehana 01-10-21 09:23 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
كانت الحجرة المفضلة عند سارة هي المكتبة ذات الجدران المسكوة بالرفوف المملوءة بالكتب من الأرضية حتى السقف. ويمكن تصور وجود كل انواع الكتب ودلائل الرحلات التي اعدها جون وود والكتب التاريخية ومجلات الاخبار والطهي والموضة .
كانت سارة تعشق قضاء وقت فراغها في تلك الحجرة المملوءة بالكلمات المكتوبة . كانت دائماً تحب الكتب حتى من قبل ان تتعلم القراءة وتقضي كل وقتها في تأمل صور الكتب والكلمات التي كان مراها يبهجها على عكس معظم الاطفال الذي كان تعلم القراءة يشكل بالنسبة لهم عقاباً . وكانت تندمج في مباهج ذلك العالم الجديد الذي يتفتح امامها .
كانت القراءة وحدها القادرة على انتزاعها من كآبة حياتها في المزرعة وكان وجودها يتحول لحظة دخولها المكتبة وسمح لها صاحبها ان تأخذ معها إلى البيت ما تشاء من كتب .
لم يكن ابوها يوافقها في ذوقها نحو القراءة , وقضت فترة طويلة من طفولتها في اللجوء إلى مخزن الحبوب الخاص بجدتها لتقرأ في سلام . وكان ابوها إسحق يؤكد ان الكتب هي التي ملأت رأسها بالأفكار المجنونة , ويعتبر الكتب المسؤولة عن كل رغباتها غير المعقولة .
كانت سارة تعرف جيداً انها تمتلك خيالاً خصباً فياضاً . ولكن ماذا يفيدها لو قالت ذلك لوالدها ؟ على اية حال كانت سارة تدور حول الكتب وليس حول الناس عندما كانت تحس انها بمفردها سواء كانت مثارة او مضطربة . وهذا المساء ذهبت إذن الى المكتبة عندما انتهت من عملها . خلعت نعليها واستلقت فوق اريكتها المفضلة باحثة عن الراحة بين الكتب المبعثرة حولها ولكن للأسف الراحة لم تأتها .ريحانة
كانت روحها تعود باستمرار إلى الرجل الذي ينام في الدور الثاني . لقد بذلت كل جهدها لتتجنبه اليومين السابقين وهي تسرع إلى حجرته عندما يرن الناقوس وتخرج من حجرته فوق تلبية طلباته . ورغم كل ذلك فإن الرغبة في ان تكون بجوراه وأن تلمسه وتسمعه يتكلم حتى وهو يشكو لم تتركها أبداً.
اغلقت عينيها وعضت شفتها وهي تحتضن المعجم الكبير وهي تأمل ان يتسلل إليها الرد بمعجزة ولكن ذلك لم يحدث على الإطلاق . فقط صورة مات وهو ينظر إليها ويفحصها وكأنها لغز يحاول حله هي الصورة الوحيدة التي تملأ عقلها . لقد كان زوجها المتوفي صديقاً ورجلاً لطيفاً ولكن كزوج وزوجة فإنهما لم يعرفا ابداً العاطفة .
من وقت طويل وسارة تشعر بظما إلى العاطفة في حين ان تعليمها الديني يفرض عليها ان المرأة يجب ان تخدم زوجها والرب وان الحب لرجل لن يصلح إلا للإنجاب . ومع ذلك في اعماق قلبها فإن والدها قد لا يكون مخطئاً , لأن قراءتها علمتها ان الحب خارج مجتمعها لن ينزل إلى مستوى الواجب , لقد وجدت في أرض بين حضارتين . امرأة اميشية تمارس حضارة امريكية , أي انها اصبحت امرأة اميشية امريكية والأمريكيون يعتبرونها اميشية طاهرة ومتزمتة واهلها الآميشيون يعتبرونها متمردة تهز رأسها وهي تتمتم الصلوات بطريقة عابرة او اداء للواجب . إن طريقتها في التعبير عن نفسها وفي ارتداء ملابسها وسلوكياتها كلها اميشية ولكن قلبها ظمأن لشيء آخر . وهذا الشيء الآن هو ان تلمس مات الذي ترغبه أكثر من أي شيء حتى ولو كان ذلك خطيئة .منتديات ليلاس
وقف مات خلف الباب الموارب للمكتبة وظل وقتاً طويلاً مختبئاً في الظل. كان قد استيقظ بالضبط قبل منتصف الليل وهو فريسة جوع الذئاب والحاجة الشديدة للصحبة . فكر في البحث عما يسد به رمقه في المطبخ فارتدى بنطلوناً وهبط السلم في سرية قدر استطاعته حتى لا يوقظ سارة ولا بلوسوم , كان شعاع الضوء الآتي من فرجه الباب قد اثار انتباهه .منتديات ليلاس


الساعة الآن 01:06 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية