رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
يتحدث عن أسئلة بلا أجوبة : من , وكيف , ومتى , وكم , وأين , ولما , وعلاما , وهل , وماذا , ولماذا , فما , وكيفما , أسئلة كثيرة بلا أجوبة , لاأحد يريد أن يجيب , أو ربما ملوا كثر الأسئلة , أو ربما غضبوا قلة الأجوبة , لكن هناك أسئلة بلا أجوبة , علامات أستفهام وتعجب بدون شرطة أو نقطة , كيف , يجب أن تحل , لماذا , هل عيب , ماذا تخشى , فما يمنع , من تخاف , هي معادلة أم مجرد أدب . الجميع يختبئ خلف الأجوبة , الجميع يحرج أمام الأسئلة , لكن السؤال , دعوني أصوغها بشكل مختلف , لكن المشكلة ليس بقلة الأجوبة , بل صدقها , عندما تجيب أحدا بدون كذب , فلن يعود ويسأل , ستخجله , كن ذكيا , أجبه قبل أن يسأل , ألجمه , كي لايؤذيك ويسأل , عرف بنفسك للجميع دون هرب أو تخبط , لأن الحقيقة تريح , يارجل , هذا أنت , مايمنع لو قلت ذلك , أتستحي من نفسك , أسمي هكذا , عمري هكذا , فما , أهناك مايخجل , أجب لاتترك فراغ أو حتى ثغرة , حسنا , أسألني أن كنت تحب . - سأل : من أنت ؟ - أجبت : من تظن ! أنا من التراب وإلى التراب أعود . - سأل : كم عمرك ؟ - أجبت : 30 سنة يارجل , أحسها قرنا ودهرا , وهن العظم وأشتعل الرأس شيبا . - سأل : ماعملك ؟ - أجبت : مثل عملك , خزيا وعار (أراقب الناس) . - سأل : في أي يوم نحن ؟ - أجبت : لا أعرف , كلها تتشابه في نظري . - سأل : كم ساعة الآن ؟ - أجبت : لم ألحق وأعرف . - سأل : علاما تتأمل ؟ - أجبت : حظي وماسيكتب , هل تراه يخفي جيدا . - سأل : لما صمتك ؟ - أجبت : تعبت مخاطبة السفهاء والحمقى يارجل . - سأل : فيما تفكر ؟ - أجبت : أشياء كثيرة , لكن مايشغلني فعلا , سؤالك التالي . - سأل : مايبكيك ؟ - أجبت : الذي لايبكيك , ذنوبي وهمومي وأحزاني . - سأل : ماذا تكتب ؟ - أجبت : مثلك تماما , أكتب ديوني . - سأل : ماذا تكره ؟ - أجبت : أهناك غيره , الماضي , فلن يعود أو ينمحي . - سأل : علاما تبتسم ؟ - أجبت : أنظر إلى الطفل المسكين هناك , يضحك ويلعب مع الجميع , لكنه لايعلم بأنه سيبكي وحيدا عندما يكبر . - سأل : كيف عشت ؟ - أجبت : لاأدري , صدمت أعيش الواقع . - سأل : هل خسرت ؟ - أجبت : الكثير والكثير , لكثرها نسيتها . - سأل : أربحت شيئا ؟ - أجبت : بالطبع , لكن ماأريده لم أربحه . - سأل : أين جرحت ؟ - أجبت : في الصميم , جرحا غزير , بلا أسلحة . - سأل : كيفما تلبس ؟ - أجبت : كما أريد , لا كما تريد , أعرف مقاسي وحجمي جيدا . - سأل : فما جنونك ؟ - أجبت : الأدب والحكمة والفلسفة , أوتدري , أنتظر , الهدوء والأحترام وحسن الخلق . أجبتك , فما الآن , ماذا حدث يارجل , أنا ربحت وأنت خسرت , أنا نجحت وأنت رسبت , فلم أترك سؤال ولم أحذف جواب , كورقة الأمتحان , كن جاهزا كن مستعد , أشبعت غرورك , نعم , أشبعت فضولك , نعم , أجبتك على الأستفهام والتعجب , ووضعت شرطة ونقطة . الكل رضى والكل فرح , لكن هناك شيئا لم تعرفه , دعني أقولها على السياق , هناك سؤالا لم أجبه , وأنت لم تسأله , ربما نسيت أو فضولك قتلك , أردت أن تسمع جوابا بمستواك يليق , غبي , لم تسألني , لما قلت لك أسألني , أتريد أن تعرف لما ولماذا وعلاما , كي أحس أني عظيم ذو شأن , أعلمك الحياة بالأجوبة , تسألني جاهلا , أثقفك وأجيب , سؤالي الأخير وأجابتي , أن سألت سؤالا بلا أستفهام , سأجيبك جوابا بلا تعجب . |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
خطابه في المنبوذين : دعني أسالك شيئا , هل كنت تسير في السوق يوما ما , أو مكان مزدحم , تتبختر بمشيك تظن الجميع سينظر إليك , لكنك تصدم بواقعك المرير فلم يلتفت إليك أحد أو يتنزل , أعرف شعورك تلك اللحظة , تتمنى أن تمسك سلاحا بيديك وتفرغ ذخيرته عليهم , منبوذا مسكين , تريد أن تلفت أنتباههم وأعجابهم , لكن لأحد يهتم يارجل , ليتهم وحدهم نبذوك , بل أهلك وأقربائك وعملك وأبناء حيك , يجبرونك أن تعيش كالمجنون أو تظن نفسك كذلك . تتسأل لما , هل هيئتي مريبة , أو كلامي أحمق , تنظر لذاتك في المرآة ترى كل شيئا فيك جميل , لكنهم هم الخبثاء , وأنفسهم الدنيئة , لايريدونك , فلا شهرة لديك أو منصبا مرموق أو مالا تعطيهم , صدقني , أنت أكبر من ذلك , تحدثهم لايجيبون , تبتسم يحقرون , بل أسوء , ينظرون إليك تلك النظرة المريضة , يعتقدونك كريها أو غثيثا أو لصا مراوغ , بعضهم أوقح , يظنك مغتصبا مختطف , أو سفاحا أو قاتلا متسلسل تتربص بهم . تصاب بالحسرة إذ ترى شخصا سيء خلقا وذميم , تتفاجأ بأنهم يذهبون إليه كالأغبياء , يذلون أنفسهم إليه ويهينونها دون جدوى , يرضون بذلك بل يستمتعون , فمن يفهمك , الكل مصابا بالصم لايسمع . تذود في غرفتك وحيدا , والحيرة قد غلبتك , ماذا فعلت لهم , لما لايحسون أو يشعرون , ربما هم على حق , فأنا سيء الخلق , بعيدا عن الأناقة وصرعات الأزياء , أو ربما مواضيعي سخيفة ولاتعجبهم , يجبرونك أن تزيف نفسك , وتخلع ردائك وتلبس غيره , لكن حتى ذاك لمن ينفع , بل كرهوك أكثر , جعلوك تتوجع وهم لايدرون . فلما تفعل بنفسك هذا , هل تثق بي , حين أقول , بأن كل ذلك في مصلحتك , عندما يبيعونك بسعر التراب بعهم بأرخص من ذلك , هم صدوا وأنت أهجر , قد تقول لا أقدر , فأنا أعيش معهم وبينهم ووسطهم , أقول لك , كذبت , كيف ذلك وهم لايرونك أو يسمعوك , فلاتلم نفسك أو ترهقها , أمشي على المكتوب , عش حياتك كما تحب , لا كما يحبها غيرك , أن جاءوك فرحب وأن رحلوا فودع , لاتهتم , فما لاينفعك لن يضرك . أنت منبوذ , لأنك أردت ذلك , لاتحاول أن ترضي أحدا وتجامله على نفسك , ستتعب , لأنك ضحية مجتمع فاشل , حتى هم كذلك , فلا تلمهم , الحياة أجبرتهم أن يعكسوا مبادئهم , كلن يبحث عن مصلحته , نفسي نفسي , لاترحم أحد , هذه هي القواعد , الجميع منشغل بنفسه , كل ذلك من الظروف , أي ظروف , لاأدري , كل وأسبابه , لن تفيدهم وعالمهم لذلك لم يروك , فلا تكون عالة عليهم وقبلها على نفسك , لاتقحم ذاتك في دنياهم , لاتحاول أن ترضيهم أو تجبرهم ليسمعوك , يكفيهم مافيهم , حتى لو فعلت مصلحتهم تراهم ينتقدوك وينبذوك . أبتعد وأبتعد حتى يأتي من يريدك ويشتريك , يعرف قدرك ويغليك , ينسيك البشر ومن نبذوك وهجروك , ستخجل حينها لأنك حاولت وحاولت لتجر الآخرين لعالمك وهم يكرهوك , أدخلتهم حياتك وهم لايريدوك , لبست لهم وذوقهم , أرتديت ثيابا ليست بحجمك , فبدى الفرق واضاحا , زيفت نفسك لأجلهم , فلم تستفد , خذها مني يارجل , كن على سجيتك ولا تتصنع , فأرضاء الناس غاية لاتدرك . |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
خطابه في التاريخ : التاريخ , كم التاريخ , أي تاريخ , للتاريخ , دخل التاريخ , سجل التاريخ , فتحت أبواب التاريخ , غير وجه التاريخ , سيذكر التاريخ , صلح التاريخ , أكتشاف التاريخ , كتب التاريخ , دراسة التاريخ , حقيقة التاريخ , تاريخ وتاريخ , كل شيئا لأجل التاريخ , كل شيئا يخلد في التاريخ , كل شيئا يكتب في التاريخ , كل شيئا تاريخ في تاريخ . من منا لم يحبه , من منا لايتمنى دخوله , من منا لايريد أن يذكر فيه أسمه , من منا سيخترع المعاجز والبدع ليخلد شيئا فيه , أقله أنظر لتاريخنا الحديث , أرتكبوا فضائع وأهوالا لأجله , حروبا عالمية دمرت الأرض والبر والبحر , حولت المكان إلى لاشيء , مقابر جماعية , ثورات وأنقلابات , مؤامرات وجواسيس , حروبا باردة وأخرى ملتهبة , فقط من أجلك ياتاريخ , فعلوا كل جنون وهوس , أنتقاما ومقاومة , تحالفات ومصالح , هيروشيما ونجازاكي , أختراعات وأكتشافات , ملايين وملايين قتلوا ودفنوا تحت دفاترك ياتاريخ , لم ترحمهم أو تذرف دمعا عليهم أو تستر قبيحهم , خنتهم وفضحتهم , فما أرتكبوه لأجلك ياتاريخ , رحلوا جميعهم فماذا تبقى , عداك ياتاريخ , خدعتهم وغررت بهم وتلاعبت , من أجل ماذا , كي تكتب في صفحاتك تاريخهم ومافعلوه . لينين وثورته , غاندي وحكمته , ستالين وقبضته , هتلر وجنونه , تشرشل وحنكته , لوثر كينق وحلمه , صدام وديكتاتوريته , ماسوليني وفاشيته , مانديلا وسجنه , كندي ومقتله , القذافي وغرابته , من تبقى , قل لي من , ليت القائمة تنتهي قبل أن ننتهي . في هذا التاريخ حدث , في هذا التاريخ ولدت , في هذا التاريخ عشت , في هذا التاريخ مت , كل شيئا يتعلق بك ياتاريخ , أنت الرابح دائما ومن يضحك , جرائما أرتكبت بأسمك , أختراعات سجلت بأسمك , بطولات تحققت بأسمك , أوراقا طوت بأسمك , صفحات جديدة فتحت بأسمك , لاأعلم , أن كنت سأدخلها فائزا ومن معي أو خاسرا تخرجني من دفاترك , فالتاريخ يتلاعب به المنتصرون ويحرفون بداخله . سجلني معك ياتاريخ , فقد طمعت , كما طمع قبلي أقواما خلت , خدعت بعضهم وأسعدت آخرين , الحقيقة تبقى , بأنك لن تنتهي , ستظل مفتوحا وتكتب , ونحن راحلون لامحالة , كما خطى السابقين , تحدوك وخسروا , ماتوا فلم يعودوا ليقرأوا ماذا كتبت عنهم وخلدت , أنها القسوة بكل معانيها , ويحك ياتاريخ , من أجلك قضى على الجميع فمن يقضي عليك . |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
قبل خطابه الأخير بلحظات : كانت القاعة مكتظة , ضجيجها يسمع من أميال , جموعا غفيرة , جماهير لاتعد , تنتظر (فرانك) لتلقي نظرتها الأخيرة عليه , البعض يهتف والبعض يصيح والبعض يصفق , وفئة ترفع لافتات ترتجيه عدم الرحيل , ملايين وملايين خلف الشاشات تشاهد وتسمع وتنتظر , ماذا سيقول رجلهم ومن أحبوه , فذاك آخر خطابا يلقيه , بعدها لن يسمعوا صوتا له ولا فلسفة ولا تناقض , قد قال مايجول بخلدهم وماتمنوه وأقشعر بدنهم . الجميع يظنه سيودعهم بخطبة نارية يشكرهم فيها لأنهم أحبوه وشجعوه ودعموه , البعض خانته تعابيره أعتقد بأنه سيعتذر للمجتمع ومن أخطأ بحقهم . أخذ يجول ويدور في القاعة وحولها بكل هدوء , ماأثار غرابة الجميع بملامحه التي لم يعهدوها عليه من قبل , خيم لحظتها صمتا رهيب على الجميع كأنهم يريدونه أن يتكلم ويقول ليعرفوا مابه , فعلى غير عادته بدى منكسر الظهر لايقوى على الحراك . جلس في وسط القاعة والحلبة , ممسكا ميكرفونه الذي تفنن به وتغزل , عزف عليه ألحان خطاباته , وسمفوانيات أدبية قالها , هزت وجدان من سمعها . بعد سكوت أخاف كل الحاضرين والمشاهدين , راح يودعهم بطريقته , فبدل أن يغادر سعيدا تغلبه دموع الفرح والوداع كان له رأيا آخر كالعادة , أرادها نهاية حزينة كما كان يحب ويقول دائما ومايؤمن به (أن النهايات الحزينة أفضل من السعيدة لأنها تخلد في القلوب وتعلق في الأذهان ولاتنسى , فواقعنا نهايته تعيسه ,لأننا سنموت كلنا يوم ما ونغادر الحياة) هذه كانت مبادئه . قام يسرد لهم قصة حياته البئيسة منذ طفولته حتى لحظته , ولما فعل وقال وحارب العالم بأسره , ربما الجميع يعرف حكايته وماجرى له , ولكن أحدا لم يسمعها من قبل بصوته هو , فماذا ولماذا وماالسبب وما الهدف .. فلنتابع |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
خطابه الأخير : أنها لعبة القدر , مذ كنت في 13 من العمر وأنا أنتظر يوما كهذا , أيها الحشد , ومن يشاهدني ويسمع , أريدكم أن تمعنوا النظر فيا جيدا , وتستمعون بضميرا لما سأقول . أنا الشخص الوحيد في هذا العالم الذي تخطيت الجدار , لم يستطع أحد أن يفعل ذلك , ليس قبلي وليس بعدي , أخبروا عني قصصا تعدت الخرافة حدا , قالوا بأني خرجت من ألا مكان وأتيت من العدم , أحدثت صخبا سمع ضجيجه قعر المحيط , حتى أنني أصبحت مثلا يحتذى به , لكني لست مهتما بذلك . دعوني أخبركم حكاية الرجل (يشير إلى نفسه) الذي خرج من حلمه غاضبا وراح يشمل الجميع في شتائمه , ضاربا عرض الحائط كل الخطوط الحمراء , حيث كان يعود كل ليله إلى مخبأه الذي لم يعرف مكانا آخر غيره , يتقوقع على نفسه هناك , هارب من كل شيء , حتى الأموات في مقابرهم تلبد خشيت منهم , منزوي في تلك الظلمة الحالكة التي خلت من بصيص نورا عدى ذاك الخافت فوق رأسه , يتحاشى نظرات الناس الموجعة بنفس تلومه وضميرا يأنبه , يفكر في الأختفاء تارة , وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش , لكنه لم يفعل . ظل يعيش في ماضيه المؤلم التعيس بعد أن تركه الأحبة وحيدا , أنتحر أحدهم يلعن فقره , والباقين هربوا معه ينتقلون من مكان لغيره , يفرون بمشاعرهم التي ماسكنتها الطمأنينة مرة من واقعا لم يرحمهم , يمرون على الجميع والآخرون ينظرون إليهم بنظرات مختلطة فأناس باعوهم بسعر التراب وآخرون بكوا عليهم , والدته هي الأخرى توفيت تندب حظها النحس ومرارة الأيام التي عذبتها بمرض خبث أصابها وأوجعها وأرق جفونها , تركت ملقاة على الأرض دون شفقة من أحد أو حتى نظره , تصرخ وتصرخ عل صوتها يسمع دون جدوى أو فائدة , حتى الهواء توقف عنها رحمة بحالها , شقيقه الآخر تذكره القدر في ظهرا وقتئذ كانت الشمس تحرق بلهيبها كل من تجرأ عليها , فأصابته بحراراتها أنتقاما وقتلته في مكانه , ولم ترحم جلوسه على كرسي مافارقه لحظة ولادته . عاش يشتكي ضيم الفراق ليال وليال , يخفي كل أوجاعه بداخله كي لايراه أحدا أو ينظر في عينيه , ويكتشف شيئا أو أشياء وآلام تلبدت وأجبرته على العيش محاربا يخوض معارك عدة , يتما وتشرد , فقرا وتسول , ضياعا وقهر , ألما تآكله من الداخل , ومصائب توالت عليه. نظر في المرآة إلى نفسه فلم يعجبه ما رأى , ترك كل ذلك خلفه راغما , فلم يعد يتذمر أو ينتحب كلمة واحدة حفظها ويقولها دائما : إليا إلي ! يرددها لحظة غدرا أو مشكلة تختبره الحياة التي لم ينجح فيها أحد , الجميع خرج خاسرا يجر أذيال الخيبة معه عدى فئة قليلة وقليلة جدا . عرف بأنه سيكون على القمة وأعلى الهرم يوم ما سيأتي لامحالة , مكتوب قدر له أن يعيشه , كقصة حزينة خلدت بين أوراقها أرواحا عزيزة عليه تعذبت وعانت وفتكت بها الحياة مآس وأوجاع , دفنوا تحت ترابا سقوه بدموعهم وآلامهم , ليخرج منه أحدا يخبر العالم بما جرى , كيف عاشوا وماتوا , نكرة , لاذكرى لهم عدى الهموم والأحزان , بلا ضحكة أوحب أو عاطفة , قلوبهم ماشعرت بالراحة مرة , يلملمون جراحهم بأياديهم الجافة التي ما لامست النعيم قط . أجلس اليوم أمامكم والعالم بأسره يشاهدني , تجول بي الذاكرة إلى وقتا بعيدا مضى , وعدا قد قطعته على نفسي , بعد أن قضى مضجعي وأرق جفوني , أن ماحدث لهم لن يذهب أدراج الرياح أو يضيع وسط الزحام , لو كلفني ذلك حياتي وما أملك , أطحت كل من حاول الوقوف بطريقي , أزحت كل حجرة عثرتني , شققت الأرض شقا وخرجت منها . أنا (بول جاك) , أبن ذلك الأب , وصغير تلك الأم , ورفيق ذاك الأخ , كل مافعلته في حياتي لأجلهم هم , هم عائلتي , التي رحلت دون أن يعرفها أحد . هنا تنتهي حكايتي , بعد أن نفذت وعدي وما أثقل كاهلي سنين طويلة , وأيام ما كادت تمر لظلمتها . لكن قصتي لم تمت , بل ولدت لتبقى , ستخلدها أوراق الحياة القاسية وصفحات العمر التي أنطوت على ذاتها بعد أن كتبت فيها الشقاء والدموع والألم . كنت هنا معكم وبينكم وداخلكم ضيفا ثقيل أو خفيف لا أدري , لكم الحرية كيفما أردتم , فلا يهمني ذلك , على أية حال , أني راحلا الآن , قد أعود بعدها وقد لاأعود , وداعا للجميع , تذكروا فقط بأن (فرانك) مر من هنا . |
الساعة الآن 06:13 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية