منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t144287.html)

اماريج 12-07-10 12:56 AM

نظر اليها بقسوة وأضاف:
" أنني في حاجة الى مساعدتك في مزرعة ( الصخرة) فلن يعود المحاسب الى العمل قبل أسبوعين , وبعد أسبوع سأعقد سلسلة محاضرات وسيأتي لسماعها عدد كبير من المدعوين , ومعظمهم من أبزر الشخصيات , ولذلك فأنني في حاجة الى سكرتيرة , هذا يعني أن عليك أن تعيشي منذ الآن في مزرعة( الصخرة) , وسيأتي داني صباح غد ليصطحبك ,كوني مستعدة في الساعة الحادية عشرة".

توجه نحو الباب في ما كان قلب تامي ينبض بسرعة هائلة , يا لحظها السيء.
قالت بصوت خفيض:
" هل من الممكن أن يأتي بعد الظهر".
ألتفت اليها وحدق فيها تفصيلا ثم سألها بجفاف:
" لماذا؟".
تنهدت عميقا ثم أجابت:
" لأن الفتاة التي ستحل مكاني لن تأتي الا بعد الظهر".

تقدم ريك منها ووقف في مواجهتها وراح يتفحصها وهو ما يزال صامتا , ثم سألها بهدوء:
" من سيحل مكانك؟".
" أنها فتاة من كوينزلاند , وهي سكرتيرة قديرة , بأستطاعتك أن ترسل داني ليصطحبها بعض الظهر".
أختفى صوتها , أما ريك فظل يحدق فيها ثم قال:
"متى أتخذت هذا القرار؟ ألا ينبغي أعلام رب العمل بذلك من قبيل اللياقة والأدب؟".

أحمرت وجنتاها وقالت:
" لم أكن أنوي أن أغضبك , بل كنت أعتقد بأنك سترتاح عندما أذهب , ينتظرني الآن عمل آخر , كل شيء مخطط مسبقا , وأنني متأكدة من أن الآنسة جونسون ستساعدك في أعمالك أكثر مني بكثير".
منتدى ليلاس
تقدمت ومرت بقربه فأخذها بذراعها وأدارها نحوه :
" لا أحب أن يهتم الآخرون بشؤوني , وخاصة أذا لم يكن لدي علم بذلك , يمكنك أن تخبري الآنسة جونسون أنني لست في حاجة الى خدماتها , أن لديّ سكرتيرة أكتفي بها وراضيا عن أعمالها , هل فهمت؟".
توجه نحو الهاتف ورفع السماعة:
" سأقوم بهذه المهمة بنفسي".

أنتظرت تامي بصمت , سمعته يطلب من الأستعلامات مكتب التوظيفات , كان ما يزال ينظر اليها وهو في أنتظار المكالمة وفجأة قال:
" أعدي حقيبتك وتعالي معي".
حدقت به بأستغراب , لا يمكنه أن يفعل ذلك!
فصرخ بوجهها في صوت ساخر:
" ماذا تنتظرين؟".

تباطأت وهي تعد حقيبتها , كانت تأمل من السيد سلبي أن يشرح لريك أنها لا تستطيع تحمل الطقس الحار وينصحه بالأتفاق مع الآنسة جونسون , بقيت في غرفتها وهي تأمل أن يعود ريك وحده الى مزرعة ( الصخرة).
وعندما سمعت طرقا على الباب أدركت أنها لم تربح المعركة.
: ليس لديّ وقت أضيعه سدى , هل أنت جاهزة؟".

وبينما كانت تامي تتوجه نحو سيارة ريك ,جاء السيد هامتون , كان يبدو قلقا لنتيجة اللقاء بن ريك وتامي , وفهمت من تعبير وجهه أنه غاضب على ريك الذي صعد الى السيارة , فأقتربت تامي منه ووضعت يدها على ذراعه , وقالت هامسة:
" سأبقى هنا فقط أسبوعا أو أسبوعين , ثم أعود اليك".
ألقى اليها نظرة ثاقبة وربت على ذراعها مؤاسيا , فعضت على شفتيها وصعدت الى السيارة.

*******نهاية الفصل الرابع*******


اماريج 12-07-10 12:57 AM

5-لاخلاص
************
وفي الأيام اللاحقة كانت تامي منهمكة في أعمالها , فلم يتسنى لها الوقت للتفكير في وضعها الصعب , كان مكتبها يقع في نهاية المزرعة , بعيدا عن وسط المنزل , أذا كان ريك هاتون في حاجة الى خدماتها , فلا يطلب منها أي علاقة أخرى خارج العمل.

كانت غرفتها تقع قرب غرفة الوصيفة الأسكتلندية , التي كانت تتناول وجبات الطعام الثلاث معها , أنها أمرأة قاسية أسمها السيدة موريس ,لم تمل اليها تامي منذ المرة الأولى التي شاهدتها فيها , شعرها الرمادي مرفوع بكعكة , ووجهها القاسي ينم عن النفور , غير أن تامي لاحظت أن المظاهر الخارجية ربما تكون خادعة , وسرعان ما لقيت عندها الروح المرحة والآفاق الواسعة في التفكير مما جعلها تستلطفها .

لم تكن ترى ريك هاتون الا في ساعات العمل , لكنه كان دائما يشعرها بوجوده المتواصل , أنه رب عمل دقيق متطلب ومبالغ في الدقة , وذلك يجعلها تشعر بالقلق وبعض الأنزعاج كلما أرتكبت غلطة بسيطة , كما كانت تطلق زفرة أرتياح عندما يتركها بعدما يكون قد أعطاها الأوامر كي تنفذها , هكذا هي المرأة العاشقة للخضوع!

كان مكتب تامي صغيرا ومضيئا , يحتوي على طاولة وكرسي ورفوف , وذات صباح أفاقت وراحت تعد الأيام المتبقية لها للأنتهاء من عملها في مزرعة ( الصخرة) , بقي خمسة أيام , أن أملها الوحيد هو العودة في أقرب وقت ممكن الى العمل عند السيد هامتون في مزرعة الحجر.
وذات صباح كانت تنظر الى مفكرتها الصغيرة عندما دخل ريك هاتون الى المكتب , قطب حاجبيه وهو يراها مستغرقة في أفكارها , رفعت تامي عينيها , وأخفت المفكرة.
منتدى ليلاس
لم يكن يبدو عليه أنه في عجلة ليتركها وحدها , وكالعادة لم يتصرف أتجاهها بلطف ورقة , أنما كان شديد التوتر وسريع الأنفعال , عرفت تامي أنه أستضاف مساء أمس أمرأة شابة على العشاء , ذلك ما أخبرتها به السيدة موريس , ووصفتها لها بالتفصيل قائلة بالحرف الواحد:
" أمرأة شقراء مكتنزة".
ثم هزت رأسها وهمست :
" أعتقد بأن الوقت حان ليستقر".

فسألتها تامي في لهجة ساخرة:
"أية أمرأة تستطيع أن تستوعبه؟".
" على العكس تماما , أنه رجل غني ووسيم وأنيق... وأعتقد أنه يتمتع أيضا بما يسمونه في أيامنا( الجاذبية الحسية)".
" يا سيدة موريس!".

أنفجرت الوصيفة في الضحك, وقالت:
" أنت محافظة أكثر مني!".
كانت تامي تنتظر بفارغ الصبر أن يترك ريك المكتب , أنه يعرف رغبتها هذه وهو يفتعل التأخير فقط من أجل أزعاجها , أنه يجد لذة في تعذيبها.
قال لها بلامبالاة:
" لماذا جئت الى هنا؟ لتجربي حظك؟ لتجدي زوجا ثريا؟ أليس لديك حبيب يريدك هناك في أنكلترا؟ أو أنك تركت رجلك المسكين فريسة الضجر؟".

أنه يتعمد أهانتها , ولم تعرف لماذا فكرت بجوناثان , لا أحد يشبه هذا الرجل المسكين الا هو , رمقت ريك بنظرة مليئة بالحقد , ثم قالت:
" في الحقيقة , هناك رجلان , وأنت تعرف ما يعني ذلك , الأنسان يتردد بين الثراء أو الحب والحياة , والآن بعد أن هدمت كل خطة كانت لدي في ما يتعلق بجيري , فعليّ أذن أن أفكر , للأسف! كنت فعلا قد أصبحت أميل اليه , آه , هناك طرائد أخرى , مثل أصحاب المزارع الأغنياء ... لقد سمعت بوجود رجل عجوز يعيش في شمال غرب البلاد ويبدو أنه ثري كبير , وهو في حاجة الى وصيفة".



اماريج 12-07-10 12:58 AM

أنتفض ريك:
" كفى ! لقد أصبت في حكمي عليك منذ البداية , هل تعتقدين بأني سأترك لك مجال أصطيد أي رجل, مسكين , كما حدث لوالدي!".
أدار لها ظهره مستعدا للخروج , فراحت تقهقه في صوت عال وقالت:
" أحترم الرجل الحازم , ولكنك للأسف لست أسمر اللون , أنني لا أميل الى الشقر".

ألتفت نحوها وحدق فيها بنظراته البراقة , ثم أقترب منها , فلم تتحرك, توقف للحال وأدركت أنه يقاوم ليبقى مسيطرا على نفسه , ثم خرج بسرعة من الغرفة.
كادت أن تنفجر ضحكا , للمرة الأولى , أنتصرت عليه , وبالتالي شعرت بأحساس لذيذ وهي ليست نادمة أو أنها تظن أنها كذلك وتمضي في غبائها!
منتدى ليلاس
وفي المساء وبينما كانت تتناول طعام العشاء مع السيدة موريس أدركت أنها ليلتها الأخيرة في مزرعة ( الصخرة) , ستغادرها صباح الغد بعدما تنتهي أجازة المحاسب المرضية , أبلغت الوصيفة بالأمر , فراحت الأخيرة تنظر اليها بأنتباه:
" هل كنت حانقة عليه في الصباح؟".
ضحكت تامي وهزت رأسها ايجابا , فبدا على السيدة موريس الأنزعاج:
" أحترسي يا تامي, حذار ! أنه رجل يتصرف كما يحلو له ويفعل ما يجول في خاطره ,تذكري ذلك جيدا".

في صباح اليوم التالي كانت تامي قد أعدت حقيبتها ووضعتها في الغرفة الصغيرة, ثم توجهت الى المكتب.
وعندما وصل ريك في التاسعة والنصف وألقى نظرة سريعة الى حقيبتها , نظر الى تامي وسألها بهدوء:
"هل أنت ذاهبة الى مكان معين , أخشى أن تصابي بخيبة أمل ... سوف تضطرين الى أعادة أفراغ الحقيبة , بعدما أكون قد تكلمت معك لفترة قصيرة".

بحث عن سيكارة في جيبه وأشعلها , ظل صامتا يتابع بنظره دخان السيكارة المشتعلة , وكانت تامي ترمقه بنظرات حذرة , ملاحظة تقلص شفتيه وتوتر معصميه , قال:
" لقد أفصحت لي عن أحلامك , ما كان ينبغي أن تفعلي هذا , أن ركضك وراء الكنز أنتهى ... في هذه القارة على الأقل , سوف أحتفظ بك , لقد دبرت الأمر مع مكتب التوظيف , سوف تبقين هنا خلال مدة أقامتك في أستراليا".
تفرست فيه مستغربة وقالت:
" في هذه الحال , سوف أفسخ العقد".

" أذا فعلت ذلك فسوف أقيم دعوى ضد مكتب التوظيف".
لمحت في وجهه تعبيرا يدل على أنه سينفذ ما يقوله.
فكرت بالأمر مليا , لقد وقعت حقا على عقد لسنتين , وهناك شروط في العقد يجب أحترامها , في كل حال لا جدوى من محاولة ثنيه عن عزمه.

تابع كلامه وقال:
" قرأت العقد بدقة , ليس ثمة طريقة للأنسحاب بدون أن تورطي مكتب التوظيف وأجبار الموظفين فيه على الذهاب الى المحكمة , لا يمكنك أن تفسخي العقد الا بطريقة واحدة وهي الزواج , وهذه الضمانة خاسرة لأنك لم تخططي لها , وأنني سأفعل المستحيل كي لا تتوصلي اليها".

قال هذا وخرج , وبقيت تامي للحظات مذعورة , لا يمكنه أن يتصرف هكذا , أنه يكذب , وفجأة رن الهاتف , فتناولت السماعة وسمعت صوت ريك هاتون:
" السيد سلبي يريد أن يكلمك".
قالت بصوت مرتجف:
" سيد سلبي؟".
" صباح الخير , آنسة دانتون , أنا مسرور منك".
" صحيح؟".
" آه , نعم , أنتهى العقد الأول الذي وقعت عليه , لا شك في أن السيد ريك هاتون مسرور من عملك , فقد وقع على العقد النهائي الذي يلزمك بالعمل معه طيلة مدة أقامتك هنا , ويبدو لي أن لديه مشاريع أخرى بعد ذلك".
منتدى ليلاس
شعرت تامي بالضيق وتمتمت :
" نعم... يا سيد سلبي... هل حصلت على التوقيع الأساسي؟".
" طبعا , وأمامي الحوالة المصرفية , وأستطيع أن أقول أن معاملته ممتازة , سيدفع لك راتبا هو أكثر بكثير مما أتفقنا عليه , ولذلك أطلب منك أن تشكريه على حسن معاملته , لا تتردي في الأتصال بي عند الحاجة , أن مكتب التوظيف يشكر لك بادرتك النبيلة".

كانت تامي لا تزال ممسكة بالسماعة عندما صوتا عذبا يسألها:
" هل أنت راضية , يا آنسة دانتون؟".
مزّقت تامي المفكرة , فهي تريد أن تنسى الأشهر الطويلة الممتدة أمامها , أنها لا تستطيع أن تصدق كيف يمكن أن يستمر في أصراره بعد كل هذا الذي حدث؟!

وفي العشاء كانت السيدة موريس ترمقها بين حين وآخر بنظرات سريعة , بعد العشاء ذهبت تامي في جولة بين الحدائق بغية التنزه وعدم التفكير في مصيرها.
كان النسيم مليئا بأريج عطر الغار الوردي بينما هي تتنزه قرب الشجيرات المليئة بالزهور , رفعت عينيها الى السماء , النجوم أكبر بكثير من النجوم التي كانت تراها في أنكلترا, أنها تلمع في السماء الزرقاء, السلام يحل في كل مكان حولها , ما عدا في أفكارها , لقد تخلصت من سيطرة جوناثان لتقع في فخ آخر , سمعت صهيل حصان , هل ثمة من يمتطيه؟ ربما يكون ريك هاتون بالذات , وهنا قررت العودة بسرعة الى المنزل , فهي لا تريد أن تلتقيه.



اماريج 12-07-10 01:00 AM

يوم الأثنين, علمت تامي أن ريك هاتون سيستقبل بعض أرباب العمل في المساء , وأنها ستكون المضيفة , وفوجئت بهذا الدور, لكن ريك رمقها بنظرة ساخرة قائلا:
" سوف تقدمين المشروب وتحاولين أن تلبي الخدمات المطلوبة منك, ربما أحتجنا الى مساعدتك لكونك سكرتيرة, وأصر على تذكيرك بأن السهرة هي سهرة عمل ولا مجال لأغراء أحد من الضيوف, أعرف أن ذلك سيكون صعبا عليك ... ولا سيما أن بين الحاضرين ثلاثة رجال من أكبر الأغنياء وأصحاب المزارع الكبيرة".

لا جدوى من الرد عليه , وأمام صمتها ابتسم ريك وأبتعد , قالت تامي لنفسها وهي تعد نفسها للسهرة ( لست هنا لأغراء أحد!).
نظرت الى نفسها في المرآة وشاهدت فتاة نحيلة ,أهي حقا كذلك , كان جوناثان شغوفا بنحافتها.
قطبت حاجبيها , أي ثوب يجب أن ترتدي , أنها لا تملك الكثير , لكن أصابعها وقعت على فستان سهرة نصحتها بشرائه صديقتها ماري جونسون التي قالت لها بأن كل فتاة يجب أن تملك فستان سهرة مناسبا للمناسبات الكبيرة.

تناولت تامي الفستان بعدما أخرجته من الخزانة وراحت تتأمله وتصورت أنزعاج ريك هاتون أن هو رآها ترتدي مثل هذا النوع من اللباس , أنه فستان طويل , أخضر اللون ومطرز بالخيوط الذهبية, ضيق يظهر نحافة جسمها , قررت أرتداءه فوضعته على السرير وراحت تسرح شعرها رافعة اياه الى قمة رأسها , على الطريقة اليونانية , كما وضعت حبسه ذهبية في العكعكة , ثم أرتدت فستانها وأرتجفت وهي تتأمل نفسها في المرآة , كم ستكون المفاجأة عظيمة بالنسبة الى ريك ,هذا الأنسان الذي يصعب أكتشافه!
ثم همست:
" أذا أرتديت هذا الفستان في الليلة الأولى , فلن يطلب مني أن أكون موجودة في السهرات اللاحقة".

شعرت بأرتخاء في قدميها وهي تدخل القاعة , نظرة سريعة الى ريك كانت كافية لمعرفة ردة فعله , تقلصت شفتاه ونظر اليها ببرودة , وتفحصها من رأسها حتى قدميها من دون أن يفوته أي تفصيل , أحمرت خجلا لكنها قاومت أنفعالها ,كان عدد الحاضرين خمسة عشر شخصا يرتدون ثيابا أنيقة , القمصان البيضاء وبذلات السموكينغ , توقفت الأحاديث فجأة عندما دخلت تامي , فشعرت بالأنزعاج لأن الجميع كانوا يحدجونها بنظراتهم المستغربة , تمنت لو أن الأرض أبتلعتها في تلك اللحظة.
منتدى ليلاس
تقدم منها ريك هاتون وقدمها الى أصدقائه:
" أنها سكرتيرتي, الآنسة دانتون".
ثم التفت اليها وقال:
" ما بالك, أبدأي , الكؤوس موجودة هنا".

أنها لم تتعود على أمور من هذا النوع , لا تعرف كيف تكون أصول الضيافة , لكن ,لا خيار لها , أحد المدعوين ويدعى تيد كاسل أقترح أن تقوم بدورة أمام كل مدعو فتسأله ماذا يحب أن يشرب , شكرته ونفذت نصيحته , لكن أصدقاء ريك ,كانوا يستوقفونها ويطرحون عليها أسئلة بأهتمام وفضول أذ أن كونها أنكليزية , يضيف عليها أغراء وجاذبية ,كانت تشعر بنظرات ريك التي لم تتوقف لحظة عن التحديق بها.

شعرت تامي بأن رجلا ممشوق القامة , لوحت بشرته الشمس ,كان يعبر لها عن أهتمامه بصورة واضحة , يتبعها بنظراته كيفما تحركت , أما هي فلم يعجبها تعبير وجهه ولا لهجيته الجنوبية الجديدة الحدة , وتأكد ت أنه أحد الأغنياء من أصحاب المزارع الكبيرة التي ذكرها ريك في حديث سابق معها , ومن دون أن تظهر ذلك , حاولت ألا تعيره أي أنتباه.

وبرغم مكوثها بعيدة عن الجميع , سمعت ما كان يدور من أحاديث حول التنقيب عن المياه في باطن الأرض وسواها من الأعمال , وفجأة أقترب منها الرجل ذو اللكنة الجنوبية وقال:
" اسمي دان ايفرلي , وأنت؟".
" آنسة دانتون".
هز حاجبيه قليلا وقال:
" هل يمكن أن نكون صديقين , أم أنك صديقة ريك؟".

أحمرت وجنتاها لأنها لم تكن تدري ماذا يعني بسؤاله , وقالت:
" أنني سكرتيرته , لا أكثر ولا أقل".
ضحك هازئا:
" كم يدفع لك لقاء خدماتك؟".
" ماذا تريد أن تشرب , يا سيد ايفرلي".
أقترب منها وأجاب:
" ما أرغبه ليس الشراب".

تقلصت وهي تراه يضع ذراعه حول خصرها , وهنا حضر السيد هاتون , وقال:
" هل قدمت لك الآنسة دانتون ما تريده؟".
لم يسحب دان ايفرلي ذراعه عن خصر تامي :
" أرى أنني بحاجة الى سكرتيرة , يا ريك".
ثم وجه حديثه الى تامي:
" مهما كان معاشك هنا , يا آنسة دانتون , فأنني أعرض عليك أضعاف ذلك".
قال ريك:
" لا مجال للبحث في هذا الأمر , عليك أن تعرف أنني لا أتقاسم صديقاتي مع أحد".

تقلصت... فمهما كانت شتائم ريك , هذه الشتيمة هي الأسوأ! ولمعت عيناها غضبا والتقت بنظرات ريك الساخرة , فشعرت بالأحمرار يحتل وجهها.
سحب دان ذراعه وقال:
" تذكّري أسمي , يا صغيرتي , فأنا جاهز أذا أردت ذات يوم تغيير عملك".
شعرت تامي بالنفوروأبتعدت عن الرجلين , ناداها ريك هاتون بلهجة حاسمة , لكنها لم ترد!

مسكينة هي , تخاف أن تتحرر من العبودية , ولا شيء آخر , كانت غاضبة حتى الجنون عندما وصلت الى غرفتها , أخرجت حقيبتها وراحت تلفي كل حوائجها وأختلط الحابل بالنابل.
فجأة سمعت طرقا على الباب , فسألت ببرود وهي تعرف جيدا من هو الطارق.
" من الطارق؟".

ألقت بنظرة خاطفة نحو الباب , هل هناك مفتاح؟ ربما أحتاجت الى أقفال باب غرفتها , لكن للأسف , لم تجد أي مفتاح داخل القفل .
سمعت صوتا في الخارج يقول:
" هل تخرجين, أو أنك تريدين أن أدخل؟".
" أنا نائمة وأمنعك من الدخول , لست مستعدة لأستقبال أحد".
" حسنا , أردي ثيابك وتعالي الى المكتب , هل سمعت؟ أمامك خمس دقائق فقط".

راح قلب تامي ينبض بسرعة ,كان في أمكانها أن تجد ملجأ في غرفة السيدة موريس , لو لم تكن تعرف أن الوصيفة تتناول كل مساء حبوبا منومة كي تستطيع أن تنام , رفعت ذقنها , فهي لا تخاف هذا الرجل الفظ , عليها أن تذهب وتنهي الأمر معه , فلن تدعه يتهرب مما حدث بعدما أهانها أمام الجميع.

تباطأت لكنها وصلت أخيرا , كان جالسا قرب المكتب:
" أغلقي الباب , لا أريد أن يسمع أحد ما أنوي قوله".
" لم لا؟ الجميع سيعرفون بالأمر , عاجلا أم آجلا , ربما يحدث ذلك للمرة الأولى في حياتك , أذ أن أحدى صديقاتك قررت أن تهجرك نهائيا , لقد تحملت ما فيه الكفاية ولم أعد قادرة على تحمل المزيد, سأعود الى المدينة غدا صباحا حتى وأن أضطررت الى قطع المسافة سيرا على القدمين".

" هل أنهيت حديثك؟".
" نعم , شكرا".
" حسنا ,الآن أصغي اليّ , لقد صممت مسبقا لما حدث منذ قليل , بماذا كنت تفكرين؟ أنهم رجال ناضجون وليسوا مراهقين , لكن بعدما سأقوله الآن , لن يزعجك أحد بعد اليوم , الجميع يعرفون أنك ملكي ولم يتقدم أحد منهم بأية عروض , هل فهمت؟".
" نعم , فهمت".

أرادت التخلص منه , لكنه تمسك بذراعها وأضاف:
"أرجو أن تفكري مليا قبل الرحيل , ملاحقة مكتب التوظيف أمام العدالة ليست سوى البداية , فسأطلب من كل الصحف الأسترالية أن تنشر أسمك في الصفحة الأولى , وهذا بالنسبة الي سهل لأنني ذو نفوذ وسطوة , كما يمكنني أن أفضح علاقتنا في حديث صحفي أو في مقابلة تلفزيونية , ومن يجرؤ على تكذيبي؟ كلمتي هي التي ستنتصر".
منتدى ليلاس
أغمضت عينيها , فسألها:
" بماذا تفكرين؟".
همست قائلة:
" هل تعرف ماذا تفعل بي ؟ أنك تعاقبني على ما حصل لك في الماضي البعيد , أليس هذا صحيحا؟".
هز كتفيه وقال:
" ربما , لكنك أظهرت لي حقيقتك , وأنا لست نادما على شيء , أستغربت تصرفك في السهرة , ربما أردت ألا يكتشفك الآخرون على حقيقتك".

مال عليها فتراجعت الى الوراء , أنها تكرهه , ومن السهل معرفة ذلك عبر نظراتها , ضحك ريك وجذبها نحوه وقال:
" عندما تكونين على حقيقتك, أشعر بالعجز عن مقاومة أغرائك".
أمسك ذقنها ورفع رأسها وأسندها الى الباب , فراحت تتخبط بعنف , من دون جدوى , ثم عانقها بشدة مداعبا رقبتها وكتفيها , وتمتم قائلا:
" هل تعرفين؟ ربما يأتي اليوم الذي أحب فيه ما يحدث الآن".

أنفجر ضاحكا وهو يشعر برعشتها ثم دفعها عنه فجأة:
" سبق أن قلت لك أنني ما أحببت يوما أمرأة نحيلة مثلك, وها أنني أكرر ذلك الآن , فعودي الى النوم أيتها المكابرة الصغيرة".

********نهاية الفصل الخامس*******


اماريج 12-07-10 01:04 AM


6-يالها من غبية !
*******************
عادت تامي الى غرفتها وهي في ذهول وذعر , أستندت الى الباب وهزت رأسها , لا يمكن أن يحدث ما حدث! توجهت في بطء نحو سريرها وجلست, أنها لا تزال تشعر بضغط ذراعيه حول عنقها , يا لها من أمرأة حمقاء! كان ريك على حق عندما قال لها أنها هي المسؤولة عما حصل , أرادت أن تتحداه , لكنها وصلت الى ما هي عليه الآن؟

خلعت ملابسها , وأقسمت ألا ترتدي هذا الثوب مرة أخرى , ريك ينتظر منها أن تحضر أجتماعات أخرى , سوف ترتدي فستانها الرمادي , البسيط , ذا الأكمام الطويلة والقبة العالية , وهكذا تتحاشى سهرة أخرى كهذه.

فكرت بتهديدات ريك وغرابتها , لكن ذلك لم يمنعها من الخوف بعض الشيء , في نظر الآخرين هو رجل متزن , محترم وقدير , أنه لن يتراجع عن تهديداته , فهي مقتنعة بذلك , وليس من نوع الرجال الذين يلفظون تهديداتهم سدى , وقد تحتاج الى مساعدة السيد هامتون.
في أي وضع هي الآن؟ قررت مراقبة كل خطوة تقوم بها حتى تدعه يصدق أنه نجح تماما في السيطرة عليها وأخضاعها , ربما تتمكن من التخلص منه , وهكذا تتحرر من سطوته الى الأبد , فهي لا تنوي تمضية العمر معه!

أكتفت تامي بفنجان قهوة وهي تشارك كالعادة السيدة موريس في تناول فطور الصباح , وكانت السيدة موريس منهمكة في أعداد الحلوى للسهرة , فلم تكترث لحزن تامي
منتدى ليلاس
وفي التاسعة توجهت تامي الى مكتبها لتوضبه وتمسح الغبار عنه , ثم حاولت فتح نافذتها المغلقة منذ يومين , فقد نسيت أن تعلم السيدة موريس بالأمر ,ظلت تحاول فتحها بكل قوتها ,الى أن شعرت بذراع ترتطم بذراعها وبيد تدفع النافذة فتنفتح في الحال , ألتفتت ورأت ريك هاتون , كان يرتدي بذلة رمادية داكنة وقميصا وردية وربطة عنق رمادية بلون اللؤلؤ , كلها متناسقة كما تعودت أن تراه وتتجاهله , لاحظ نظرة الأعجاب لدى تامي , لكنه فهم أنها أمرأة مملوكة لسواه , أنها امرأةضعيفة , سخيفة , تخنق طموحها ولا تعترف.

" سوف أتغيّب لمدة ثلاث ساعات , ستجدين لوائح قديمة داخل خزانة الملفات , أرجو أن تبدليها بلوائح جديدة , وهذا سيشغلك بعض الوقت , ومتى أنتهيت ولم يعد لديك شيء تفعلينه , يمكنك مساعدة السيدة موريس , ولدى عودتي لدي أعمال كثيرة لك".
وودعها وخرج لتوه.

جاء داني ليصلح النافذة , وبعد أن ألقى نظرة سريعة وجد أنه يجب نشر الخشب لأن الحرارة أفسدته , قال لتامي وهو يبتسم:
" يبدو أنك نلت الوظيفة التي تطمحين اليها؟".
صمتت تامي لأنها كعادتها لم تفهم.

فأضاف بسخرية:
" هل تظنين أنك الفتاة الوحيدة التي لم يسحرها ريك هاتون؟".
أجابت وهي تفتح الملف بعنف:
" مهما قلت فلن تصدقني".
" يبدو أنه قبض عليك بالجرم المشهود , ومع ذلك فأنك لا تحقدين! غريب أمرك أيتها الأسيرة!".




الساعة الآن 10:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية