كانت غريزتها تقول لها : إنها على قدم المساواة مع الرجال فى مهنتها .وإنها لا تسمح أبداً بأن يخيفها أحد . ولكن تروى لا يريد أيضاً أن يظهر لها أنه فى حاجة إليها وهو يدعها تقوم بأعمال المنزل . ناولته ساندويشاً وقابل ذلك بهمهمة شكر قبل أن يضيف : - هل هذه المريلة موضة حديثة ؟ إننى أفضلك وأنت ترتدين روب المنزل . تجاهلت ناتالى رد فعلها وأحست رغم عن كل شئ بأنه نبضاً يتسارع . لقد اعتبرت مجاملة من تروى جوردان ان يعجب بها فى هذا الزى . لا شك أنه لمح نظرة إعجابها عندما ظهر وصدره عار . ولحسن الحظ أنه يتغيب عن البيت عدة ساعات يومياً وإلا أصبحا كلاهما مجنوناً . اعلن دون مقدمات: - إن لى أخاً فى أتلانتا إنه رجل أعمال وهو يحصل على مال لا بأس به من شركته الاستثمارية ويعرف كل الشركات المماثلة . وقد طلق من زوجته ويمكننى أن أعطيك رقم تليفونه . ردت عليه وهى متضايقة : - إننى أستطيع الحصول على عملائى بسهولة بمفردى وشكراً لك . - آسف . لقد ظننت فقط أنكما معا تكونان ثنائياً ممتازاً . كانت ناتالى دون شك فى غير حاجة إلى مثل تلك الأعمال وقد سبق لها أن عرفت واحداً كان يرسل لها سائقه ليحضرها . ولكن فى المرة التالية أعادت سائق المذكور ومعه ورقة تشرح بوضوح لسيده . ولكن لسوء الحظ لم تقابل فى المرة الأخيرة سوى هذا النوع من الرجال . أدركت أن تروى انتهى من احتساء قدحه . تقدمت الشابة ناحيته وهى ترتجف لتصب له قدحاً ثانياً . ولكنها وهى تميل احتكت بركبته فانسكب السائل الساخن على يدها ، سألها : - هل ... هل احترقت ؟ - قالت وهى تمسح يدها فى مريلتها : - لا بأس - دعينى أرى . إن لدى كريم سيفيدك .إن له رائحة كريهة ولكنه مفيد. قالت فى إصرار وهى تنزع يدها وتذهب إلى المطبخ حيث وضعت إبريق القهوة على المائدة : - لا ... لا داعى حقاً لذلك . وصل تروى خلفها ليضع يديه على كتفيها : - إنك ترتجفين جداً . أحست بأنها قد تتعرض لنكسة ، قال : - لا بد أن أستدعى الطبيب .. بل كان من الواجب أن أفعل ذلك فور عثورى عليك وسط الجليد ولكن مع العاصفة الثلجية كان من المستحيل أن تصلى حية إلى المستشفى - ولماذا تريد استدعاء الطبيب بدعوى أننى سكبت القهوة على يدى ؟ كانت تنظر إليه وهى مذهولة ،قال لها رداً على كلامها : -كفى عملاً اليوم يا جميلتى .إننى أريد أن أراك ممددة فى تعقل فوق هذه الأريكة أمام النيران . كز تروى على أسنانه . إنه يقاوم نفسه ويخشى أن يستسلم . أخذ يتأملها بجدية شديدة . كانت أنفاسه متقطعة وجسده تسودى الحمى . قال بصوت ثقيل وهو يحاول الابتعاد أقصى ما يمكنه عنها : - نحن نحلم يا ناتالى أما أن نتوقف الآن أو يحدث ما لا تحمد عقباه . ******************** يتـــــــــبع... |
سألته : - إذن ... ماذا هناك ؟ تساءل تروى هل ينساها بعد مغامرة عابرة تعود هى بعدها إلى أتلانتا ؟ هل ستستعيد إيرما مكانتها معه بعد رحيل ناتالى ؟ قال لها وكأنه يقرأ أفكارها : - لا أستطيع أن أعدك بشئ يا ناتالى . وكذلك أنت أيضاً لا تستطعين أن تعطينى وعوداً . إن حياتينا مختلفتان تماماً . كان تروى على حق . لو تركته يحبها فإنها تعرف أنها لن تكتفى بنزوات عاطفية . إنها تحتاج إلى ارتباط أخلاقى ونظراً للظروف فإن ذلك أمر مستحيل التحقيق لا محالة قالت فى حزن وهى تشيح بوجهها عنه : - أعتقد أن علينا أن نتوقف عند هذا الحد . كان ابتعاده عنها يتطلب جهداً جباراً . أحس بإغراء أن يكذب عليها ويقول لها أى شئ وأخيراً قال بصوت متعب ويائس : - حسنا ... سأذهب لأنزه ديزى . كان يحتاج إلى هبوط درجة الحرارة إلى خمسين تحت الصفر حتى تبرد عاطفته المتأججة . هزها وهو يقول لها بصوت رقيق : - استيقظى يا ناتالى وسط الغشاوة التى أحاطت بها بسبب النعاس أحست الشابة بلهجة قلقة فى صوت تروى . فتحت بصعوبة جفنيها . ما الذى يفعله فى حجرتها ؟ سألته وهى تتساءل لماذا تحس ببرودة فى قدميها : - ماذا هناك ؟ رد بسرعة وحدة : - يجب أن تنهضى فى الحال . إن المدفأة معطلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً الآن لإصلاحها لقد أشعلت ناراً فى المدفأة فى الصالون . لا بد أن ننام هناك . تلعثمت وهى لا تزال مضطربة من الحلم الذى حلمته عن بوبى : - ما الذى حدث ؟ قال تروى فى نفاذ صبر وقد ارتدى بيجامة كاملة : - لست أدرى . لا بد من إحضار شخص ما ، إننى لا أستطيع أن ألمس هذه الآلة اللعينة . إنها تعمل بالجاز .... وإذا ارتكبت حماقة معها فإن البيت سينفجر . تعالى قبل أن تتجمدى هنا . قفزت ناتالى من السرير . همهمت : - يبدو أننى لا أجد هذه الأيام ما هو أفضل من الحصول على مكان دافئ . أعتقد أننى بعد هذه التجربة المخيفة مع البرد سأفتتح مكتب محاماة فى بنما الاستوائية . فكرت فى أن هذه الفكرة لن تجعل والدها يشكو . دائماً بوبى هو الذى سيجأر بالشكوى الذى طلب أن ينضم إلى مجموعتها القانونية . وإنما هى التى توسلت إليه أن يمنحها العمل. وكونها صنعت لنفسها اسماً فى هذا المجال بمفردها لا معنى له فى عينيه. ولكن لماذا تآسى على سوء حظها ومآسيها الآن ؟ وليس البرد ولا التعب هما اللذان يعطيانها الحق فى أن تنوح وتولول . تبعت تروى حتى الصالون . ورأت أنه وضع ما يشبه السرير أمام النيران المتأججة وعليه أغطية وبطانيات . قال لها بلهجة آمرة : - انزلقى داخلها إنها مريحة جداً . لقد استخدمت أكياس نوم تصلح كمراتب . ******************** يتــــبع... |
صاحت وهى توشك أن تتهمه بأنه تعمد إفساد الغلاية البخارية - هل سننام معاً ؟ - إذا أردت أن تحسى بالدفء فهذا بالضبط ما سنفعله . لقد هبطت الحرارة عشرة درجات أخرى و.... كفى عن النظر إلى بهذه الطريقة . هل يمكن هذا ؟ وفى هذه اللحظة فإن أشجار الخوخ الخاصة بى هى التى تقلقنى بدرجة شيطانية وليست لدى أى رغبة مثلك فى الضحك . كان النعاس يسيطر على ناتالى لدرجة تجعلها لا تجد أى رغبة فى الجدال . انسلت بجواره تحت الأغطية فقال لها : - والآن أغمضى عينيك واستغرقى فى النوم . وكيف يواتيها النوم وتروى الذى يراود أحلامها ينام بجوارها . زفر الرجل زفرة رضا ونسى محصول الخوخ للحظات . بعد لحظة قال لها بغضب : - كفى عن التقلب وكأن الفراش مملوء بالنمل - إننى أحاول أن أتاقلم على هذا الوضع الجديد ثم هل تعتقد أننى أقعل ذلك عمداً ؟ - إسمعينى أننى أعرف طريقة تضع حدا لتوترك - آه ها ... ؟ قال بكلمات واضحة وابتسامة شيطانية : - نعم الآن وأمام النيران المستعرة يمكنك أن تنامى ملء جفونك وإلا فلتعودى إلى حجرتك . إن لك طريقة فريدة فى تقديم الأمور . أعنى .... إن كلامك يخالف ما فى ذهنك . - سميه كما تشاءين ولكننا نصل إلى نفس النتيجة سواء بالطريقة الملتوية أم المباشرة . أليس كذلك ؟ ولكن ما الذى ستفقدينه لو نمت دون معارضة ما دمت مجبرة على هذه الطريقة فى النوم ؟ - سأفقد احترامى لنفسى ... إننى لا أجد رغبة فى أن أكون قريبة من رجل لا يتصرف إلا كرجل الغابة . استدارت ناتالى فجأة وسحبت الغطاء عليها فقال لها : - سامحينى لأننى من البشر يا أميرة الثلج . أدار لها تروى ظهره بدوره وهو يسحب بعنف طرف البطانية ثم ظل فترة طويلة دون أن يقول شيئاً وأخيراً قال : - هناك أمر آخر يخصك ! - ما دام لا يخصك فلا شأن لك به . - هل يضايقك لو أخبرتنى من هو بوبى ؟ ظلت ناتالى فترة طويلة مذهولة وعاجزة عن النطق . سألته بلهجة مثلجة مثل حرارة الجو فى خارج المنزل : - وكيف عرفت عنه ؟ - أنت لم تكفى عن مناداته طوال الليلة التى عثرت فيها عليك . وقد استنتجت من ذلك أنه عشيقك . وفكرت أيضاً أنه آخر الحمقى الذين تركوك ترحلين وسط العاصفة الثلجية . عندما لم ترد ناتالى بشئ استمر قائلاً : - بقدر ما أعرف أنت لم تحاولى الاتصال به وهو طبعاً لم يتصل بك هنا . لقد بدأت اتساءل إن كنت تواعدين رجلاً متزوجاً. ********************* يتــــــبع... |
قالت بحدة بصوت حاولت أن تجعله ثابتاً : - إن بوبى هو أخى التوءم . وقد توفى فى حادث سيارة عندما كنا فى السابعة عشر من عمرنا إننى مستمرة فى أن أحلم به عندما أكون مرهقة أو أحس بأننى لست على ما يرام . فلا غرابة إذن أننى ناديته أثناء هذيانى والآن لو تكرمت ولا يضايقك أن أرغب فى النعاس . كره تروى نفسه لأفكاره السيئة عن بوبى وعنها . أراد أن يعتذر لها ولكنه لم يعثر على الكلمات المناسبة . إنه يعرف آلام فقد عزيز . لقد مات والده وهو يحارب فى فيتنام ولم يستطع الحصول على تصريح لحضور مراسم دفنه . وفقده لـ مى لين والطفل كان شيئاً آخر أيضا . لقد بكى دموعاً ساخنة وتذكر مرة ثانية نظراتها إليه وهو فى المركب التى وصلت به . لقد كان لطفله شعر أسود مثل شعر أمه وأحس برائحة الصابون الذى غسلته أمه به وهو يقبله قبلة الوداع . لقد قال لها وقتها بعدها والدموع تملأ عينى زوجته : - أنا سأسارع بعمل إجراءات ترحيلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأسرع وقت ممكن . ثم همس فى أذنها بصوت منخفض : - حاولى أن تخفى النقود . وحاولى أن تكفيك أطول وقت ممكن لطعامك وطعام الطفل . وسأرسل لك نقوداً فور استطاعتى . بعد فترة من الوقت علم أن قرية مى لين قد دمرت أثناء سقوط سايجون . هى وابنه عثرعليهما من بين القتلى وقد انهار عالم تروى تماماً من حوله . وغرق هو فى أحزانه منذ زمن طويل لدرجة أنه نسى أن الآخرين يمكن أن يتعذبوا مثله . لقد ساعدته إيرما قدر المستطاع ولكن كليهما كان يعلم أن العلاقة بينهما لن تؤدى إلى ارتباط دائم . تساءل تروى وهو يسمعها تئن بجواره . من يا ترى استطاع مداواة جراحها . جراح ناتالى ؟ ولكنه أحس بالفزع لاهتمامه بماضيها . لقد تعلم تروى من نفسه أن الحب هو مواجهة الأخطار وهو على استعداد للمخاطرة بأى شئ عدا قلبه .منتديات ليلاس *************************** يتــــــــبع... |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .بليز كمليه الروايه حلوه مره جزاك الله الف خير
|
الساعة الآن 05:50 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية