منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   [قصة مكتملة] أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني والثلاثون واﻷخير) (https://www.liilas.com/vb3/t199405.html)

برد المشاعر 12-08-15 07:54 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)
 
يسعد صباحكم بنات ‏

اعذروني البارح بس عشان خلصت كتابة الفصل انتظروا شويتين وأنزله لأن الباين ما في أمل أرد على تعليقاتكم النت سيء وما يتحسن إلا وقت متأخر أكون نمت ‏

يا رب ما تقطع الكهرباء هالوقت ‏

bluemay 12-08-15 08:01 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)
 
ولا يهمك حبيبتي

ربنا يوفقك ويا رب ما تقطع الكهرباء ويقوى النت عندكم.

منتظرينك بشووووق

برد المشاعر 12-08-15 08:45 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)
 
الفصل الثلاثون










استحممت ولبست الفستان وحجابي وفتحت باب الغرفة

وخرجت ببطء , كان الوقت بداية شروق الشمس مع نسمات

خريفية باردة ومنظر الجبال وكأنها لوحة لفنان وكما يقولون

يرجع الإنسان دائما لأصله ، تقدمت أكثر أنظر من حولي

بحثا عن نواس ولا شيء هنا لا هوا ولا مفاجأته ، بعد قليل

مر على مسافة قريبة مني قطيع كبير لأغنام وخراف مع

راعيين وحمارين وكلاب وأنا أراقبهم مبتسمة وعيناي تتبع

الخراف الصغيرة البيضاء ، لو كنت مكان الراعي لكان يومي

يمر أترك واحدا وأحضن الآخر ، شعرت بشيء لامس

خصري فنظرت جانبا فكان نواس فأشرت لهم بإصبعي

وقلت " أريد أن ألمسه نواس أرجوك "

قال متوجها نحوهم " من دون أن تترجيني أنتي

اطلبي وتمني فقط "

راقبته مبتسمة وهوا يتوجه نحوهم وتحدث مع أحدهم وبدأ

ذاك بالركض خلف احد الخراف الصغيرة وأنا أضحك عليه

حتى أمسكه وأعطاه لنواس الذي توجه به نحوي وما أن اقترب

مني حتى مددت يداي له وأعطاه لي فأمسكته وجلست على

الأرض ووضعته في حجري أمسح على صوفه وأراقب جميع

تفاصيله كان صغيرا جدا وشديد البياض ورائع وقد هدأ

عندي فضممته لي وقلت " كم هوا رائع أريده لي نواس "

قال مباشرة " وهوا لك وسنأخذه معنا "

نظرت له فوقي وقلت " هل هم لك أيضا "

قال مبتسما " سبق وقلت لك أنه ليس لدي هنا غير الغزلان

لكن ما ستشيرين عليه سيكون لك وسأرى من صاحبها ومؤكد

خاطر فالأراضي هنا مقسمة ولن تدخل مواشي لأي كان إلا

له أو شخص يبيع حشائش الأرض لأغنامه وسيكون يعرفه "

حضنت الخروف الصغير بسعادة وقلت " شكرا نواس

كم أحبك وكم أنت رائع "

ضحك وقال " هل سميته نواس "

ضحكت ووقفت به وقلت " فكرة جيدة كما سميت

أنت فرسك باسمي "

وضع يديه وسط جسده ينظر لي بضيق مصطنع وقال

ببرود " فرق كبير بين الفرس والخروف ولا

تنسي أن هذا سيكبر ويصبح مخيفا "

ضحكت وقلت " كذلك هناك فرق كبير بين المرأة والرجل

وأنت لم تهديني أحد خيولك لأسميه عليك "

أخذ مني الخروف قائلا " لم تشيري على إحداها سابقا

لكنت أعطيتها لك في الفور "

قلت بابتسامة ماكرة " إذا أريد الوسن "

ضحك كثيرا ثم قال " وهل بقي لي فيها شيء فمنذ

رأتك لم تعد تعترف بي "

ثم غادر به جهتهم فقلت بصوت مرتفع " نواس لا

يعطونا واحدا آخر فيما بعد ... أريد هذا "

قال مبتعدا " لا تقلقي هؤلاء يحفظونهم كأسمائهم "

أعطاه لأحدهم وتحدث معه ثم عاد ناحيتي وطوق خصري

بذراعه وقال سائرا بي " القطيع لخاطر فماذا قررت أن تسميه "

قلت على الفور " شبل "

ضحك كثير ثم قال " خروف وتسميه شبل "

قلت ببرود " وما في الأمر أنا أريده شبل "

ضحك وقال ونحن نلف خلف الغرفة التي نمنا فيها

" هنا مفاجأتك "

تحركت جميع خلايا الفضول لدي ونحن نسير هناك أعدل

حجابي مع هذه الريح فلا شيء يمسكه ولم تعطني معه دبوسا

فأنزله نواس من على رأسي وقال " لا أحد في هذه الجهة

فلا داعي له مادام يضايقك "

عدلته حول عنقي وأعطيت شعري حريته وما أن صرنا هناك

ورأيت المربوطة في الشجرة حتى صرخت بفرحة وصدمة

" الوسن "





*

*





لا أعلم كيف أصف شعوري حين دخلت عليه الغرفة لأجده

مسترخي هنا بكامل عافيته لا حادث سير ولا شيء من كل

ذلك وما أن هممت بالمغادرة أو بالأحرى الهروب حتى قفز

من السرير وأمسك بذراعي قبل أن أغادر ولفني جهته وقال

مبتسما بخبث " أين أين وأنا ما صدقت أن وجدتك "

قلت وأنا أحاول أن أخلص ذراعي من قبضته

" عن ماذا تتحدث اتركني وشأني "

ضحك وسحبني للغرفة وأغلق الباب وأوقفني عليه ووقف

أمامي فقلت بخوف " معاذ ابتعد ماذا تريد مني "

قال بابتسامة جانبية " ومن أخبرك باسمي ها "

بلعت ريقي وشعرت أني وقعت في مطب فقلت

" صديق زوج صديقتي فكيف لا أعرف اسمك "

وضع يده بجانب رأسي وقرب وجهه وقال " وتعرفين اسمي

الثلاثي أيضا وتسألين عني في مستشفى الحوادث بعد

اتصال والدتي وتنكرين يا ملاك "

شعرت أنه سيغمى علي فقلت بابتسامة صفراء

" وكيف عرفت أنت اسمي "

ضحك رافعا رأسه ثم عاد بنظره لي وقال " ناداك

نواس أمامي ذاك اليوم إن نسيتي "

قلت مدعية السذاجة " وأنت ذكر اسمك الثلاثي أمامي مرة "

نظر لي نصف نظرة وقال ببرود " ملااآآاك "

شعرت أني وقعت ولا مجال للإنكار أكثر فادعيت الإغماء

برأسي على الباب خلفي وقلت مغمضة العينين ومبتسمة

" ارحمني يكفيني عينيك وتنادي باسمي أيضا هذا كثير "

ضحك وأمسك ذراعي وقال من بين أسنانه " لو فقط لم

نكن في المستشفي لكنت .... "

فتحت عيناي على اتساعهما وقلت بصدمة

" لكنت ماذا "

قال بهمس " لكنت علقتك من ساقيك في السقف

على ما فعلته بي يا مشاغبة "

دفعته من صدره بكل قوتي حتى تراجع للخلف يترنح في

خطواته وبدأ يفقد توازنه واستغليت أنا ذاك الجزء من الثانية

وفتحت الباب وفررت هاربة ركضا حتى ركبت سيارة الأجرى

التي تنتظرني في الخارج وغادرت جالسة كالتمثال طوال الطريق

من الصدمة , لعبوا بي إذا وصديقهم معتصم ذاك كان متفق معهم

وهوا من أوصلني له وتلك الممرضة كانت معهم , إذا الجالس

معهم هناك يعطيني طهره كان مؤكد الذي اسمه وليد , لقد لعبوها

بدهاء شلة رجال الخيول أولائك ولم ينقصهم سوا نواس ولابد

وأنه كان معهم ، ما أن دخلت المنزل حتى وجدت خالي يقف

في منتصف الصالة ويديه وسط جسده وقال ما أن رآني

" أين يا سيدة ملاك من الفجر حتى الآن في يوم الإجازة

وتتركيني أبحث عنك في الشوارع كالمجنون "

بلعت ريقي مرارا ولم أعرف ما أقول فأي عذر سأقوله

سيكشفه فلا مكتبات ولا معامل طباعة ورق ولا حتى متاجر

تفتح ذاك الوقت ، قال بصراخ " أجيبي "

ارتجف كل جسدي من الخوف وقلت بتلعثم " فـ في المسـ مستشفى "

نظر لي باستغراب ثم قال " وما تفعلين هناك ذاك الوقت "

قلت " صديـ "

قال بغضب " صديقتي وصديقتي إن داست النار تتبعينها ونسيتِ

من يكون والدك وأني كنت سأتصل به إن لم تدخلي الآن "

شعرت بجميع عظامي ارتجفت من الخوف وحمدت الله سرا

أنه لم يفعلها فقال بغضب متوجها جهة غرفته " لكني سأفعلها

وأتصل به ليأخذك فورا فلن أتحمل مسئولية طائشة مثلك والدها

لا يعرف أبيض من أسود ورجال دخلوا المستشفى من تحت يديه "

أغلقت فمي بيدي وبدأت بالبكاء والشهيق ، كله إلا والدي

لا أريد الذهاب معه ، ما به يومي اليوم هكذا ! ركضت جهة

غرفتي وأغلقتها خلفي وجلست على السرير وأمسكت هاتفي

برجفة وخوف وأرسلت رسالة لخالي أترجاه فيها أن لا يفعلها

ويتركني انهي دراستي على الأقل فهوا غاضب الآن وما أن يهدأ

سيفكر في كلامي ، جربت بعدها الاتصال بوسن ولم تجب تلك

الحمقاء فأرسلت لها رسالة أيضا ورميت هاتفي جانبا وواصلت

بكائي , كله بسبب المعاذ ذاك





*

*





وقفت أنظر لها وهي تحضن الوسن بسعادة بل الوسن من كانت

تبدوا أسعد منها برؤيتها , استندت بالجدار أراقب الحلم والواقع

مجتمعان بل حلمان لم أتخيل في حياتي أن يتحولا لحقيقة ويصيران

ملكي وسن والوسن ضاعتا يوما من يدي وصارتا بكل بساطة

لغيري لكن الله رحمني وأعادهما لي البيضائتان صاحبتا الشعر

الأسود الليلي جنوني وهيامي الحقيقي ومَن حياتي دونهما

ستكون تعيسة خصوصا تلك مهجة قلبي وحلمي الأول والأخير

بقيت أراقبهما مبتسما وشعرهما الأسود الفاحم يتطاير مع

الريح وأشعر أني ملكت الدنيا بما فيها ووجدت السعادة أخيرا

ووجدتني ولن أترككما مجددا لتأخذكما مني ظروفي ونكبات

حياتي كما في السابق , انظر يا نواس كل هذا لك ... لك

وحدك لا أحد يشاركك فيه , من قال أن ما ضاع لا يمكن

أن يعود وأن الحصون المنيعة حين تقف بينك وبين حلمك

لا يمكن أن تنهار أبدا من قال ذلك فهوا كاذب والدليل ها هوا

أمامي , التفتت لي ونادت قائلة " نواس تعال "

فما كان مني إلا أن لبيت النداء كنت أريد أن أتأمل عن بُعد

فقط لسببين الأول حققته وهوا أن أراهما معا الوجهان لعملتي

التي أشتري بها السعادة والثاني وأستبعد أن أحققه وهوا أن

ابتعد عنها كي لا أتهور ونحن في مكان مفتوح ومكشوف

وصلت عندهما ووضعت ذراعي على كتفها فنظرت لي

للأعلى وقالت مبتسمة وبهمس " لو لم نكن في مكان

هكذا لكنت عرفت كيف أشكرك "

ضحكت وأمسكت أنفها وقلت مبتسما " أنا من لو لم نكن

في مكان مكشوف هكذا ما تركتك تشكريني لأني سأسبقك "

ابتسمت بحيائها الذي أحب فيها واتكأت على كتفي وقالت

" أحبك نواس وما أسعدني بك "

قبلت رأسها وقلت ماسحا على ذراعها " لم تتركي

لي كلمة غير أحبك أقولها "

دست وجهها في صدري وقالت " يكفي أن تكون

قربي وحده يكفيني "

ضممتها بذراعي وقبلت رأسها مجددا ثم أبعدتها عني وفككت

حبل اللجام من الشجرة ثم أمسكت خصرها ورفعتها وأجلستها

فوق ظهرها وقلت " اجلسي جيدا فوقها "

بقيت ممسكة بيدي وقالت بخوف " لا نواس سأقع أنا خائفة "

قلت بعد ضحكة " لا تخافي يا جبانة هذه الفرس مروضة

وتحبك ولن تؤذيك ألا تتمني أن تركبيها "

قالت ولازالت تمسك يدي " نعم لكني خائفة فلم أركب

الخيل من قبل "

أمسكت اللجام مجددا وركبت خلفها وقلت " عدلي في

جلستك الآن يا جبانة "

قالت بضيق " نواس توقف عن مناداتي بالجبانة كيف

لا تريد أن أخاف من هذه الأمور "

عدلت لها جلستها بنفسي قائلا " مِن الوسن تحديدا لا خوف

أنتي فقط أجلسي ثابتة وقوديها بتحريك اللجام وسأعلمك الآن "

انصاعت لي واتكأت بظهرها على صدري فتحركت بالوسن

وقلت ضاحكا " هل تضنيني كرسي طائرة "

ضحكت كثيرا ثم قالت " خائفة ولن أطمئن إلا وأنا

قريبة منك هكذا "

ضربت الوسن لتزيد سرعتها قليلا فقالت وسن بحماس

" يااااا رائع نواس "

قبلت خدها وقلت ونحن نبتعد عن المكان " أنتي أول من

ركبها بعدي ولا حتى أصدقائي المقربين "

قالت بدهشة " حقا ولما "

قلت وأنا أزيد سرعتنا بضربها برفق " كيف أسمح لرجل

غيري يركب سميتك , أنتي وهيا شيء إن أصبح لغيري

عشت بحسرتي عليه حتى أموت "

زادت سرعتنا أكثر فقالت بحماس " واااااو رائع لم

أتخيل الأمر رائعا هكذا "

شددت اللجام قليلا لتخفف من سرعتها وقلت " أمسكي

حبل اللجام مني وافعلي كما سأقول "

أخذته مني قائلة " أمسكني جيدا نواس "

ضحكت وقلت " لن تتعلمي ركوبها وأنتي خائفة هكذا

فقط أجلسي بثبات ولا تخافي "

فعلتْ ما قلت وعلمتها كيف تغير مسار سيرها وكيف تزيد

من سرعتها وكيف توقفها ثم أبعدت ذراعاي عن خصرها

وقلت " والآن لن أمسكك ولن أوجهك هيا افعلي كما علمتك "

قالت بخوف " لا نواس لا تبعد يديك "

تبت نفسي وقلت " هيا ولا تخافي سأمسكك إن

اطر الأمر ولن تقعي "

انصاعت ولو مكرهة وهي تسير بها ببطء فقلت ضاحكا

" هل نحن فوق سلحفاة ولا أعلم "

ضحكت كثيرا ثم قالت " أقسم أخاف لما لا تشعر بي "

ضربت الوسن بقدماي وقلت " من لا يجرب يبقى خائف دائما "

لتنطلق الوسن مع صرخة وسن وتحكمتْ بها وبخوفها أخيرا ثم

نزلتُ وتركتها وحدها فوقها ولم أترك عبارة لم أشجعها بها ولو

كانت طفلة لفعلتها دون خوف من كثرة تشجيعي

كنت أراقبها وهي فوقها وهذا المشهد الذي كنت أريد الفرس

وفارستها وشعرهما الأسود يتطاير مع الريح مشهد سأموت

بحسرتي إن لم أسجله لدي , أخرجت هاتفي المحمول وشغلته

وفتحت آلة التصوير وصورتهما صور ثابتة ومقاطع فيديو أيضا

ووسن طبعا لا تعلم لأنها نسيت نفسها على ما يبدوا , الوسن فرس

مروضة ترويضا مميزا لذلك سهل عليها حتى تثبيت نفسها فوق

ظهرها وبالإضافة لحب الوسن الغريب لوسن فستساعدها في

أن تقودها براحة وسهولة

دسست بعدها هاتفي وأشرت لها بيدي مناديا " الوسن تعالي "

فعادت جهتي دون أوامر من وسن لأنها تعودت على صوت

مناداتي لها وإشارتي هذه بيدي فتأتيني مباشرة , وصلت عندي

ووقفت فركبت خلفها مجددا وأخذت الحبل منها فقالت ببرود

" الله اكبر على الحسد علمتني وأخذته مني "

ضحكت كثيرا ثم قبلت خدها وقلت " ستركبينها في المزرعة

حتى تشبعي هل يرضيك هذا "

قالت مبتسمة " نعم وسأركبها كل يوم "

مشينا بها كثيرا ثم قلت " ألبسي حجابك اقتربنا من

الجانب الآخر من الغرف "

لبسته بسرعة وما هي إلا لحظات ووصلنا ونزلت وأنزلتها

بعدي فالصعود والنزول من ظهرها سيحتاج وقتا لتتعلمه

بما أنها تعلمت الجلوس عليها هكذا بدون سرج

نظرتْ بعدها خلف كتفي وقالت وهي ترفع جسدها

" نواس ما تلك بعيدا "

ألتفت ورأيت حيث أشارت ثم قلت " تلك أبل خاطر

هل تريدي رؤيتها "

قالت بحماس " بالتأكيد لكن عن بعد فقط "

ضحكت وحملتها من خصرها وأعدتها فوق الوسن مجددا وركبت

خلفها وسرت بها جهتهم حتى صرنا بينهم وكنت في أقصى درجات

استمتاعي وهي تصرخ بذعر كلما أنزل أحدها رأسه لنا فأوقف

الوسن ضاحكا وهي متمسكة بي حتى تحول خوفها لبكاء فابتعدت

بها عنهم قائلا " وسن هل تبكي بسبب بعير "

مسحت دموعها وقالت بعبرة " ألا ترى أشكالها وكيف تقرب

وجوهها الضخمة المخيفة من وجهي كنت أموت من الذعر

وأنت لا تصدق أني خائفة بالفعل "

ابتعدنا عن هناك أكثر ونزلت وأنزلتها ومسحت الدموع من

على خديها وقلت " آسف حبيبتي توقفي عن البكاء فهذه

الحيوانات ودودة ولا تخيف ولا تؤذي "

مر أحدهم من جانبنا راكضا والغبار حوله فقفزت لحضني

صارخة وتعلقت بي وقالت ببكاء " هذا على أساس أنها لا

تخيف ابتعد بي من هنا بسرعة أو مت ذعرا "

رفعتها من خصرها وأجلستها على ظهر الوسن وقلت

" تموتي وتتركي نواس , لا أسمع منك هذه الكلمة مجددا مفهوم "

قالت وهي تنظر لذاك عائدا يركض كما غادر

" حسنا فقط دعنا نرجع هناك "

ضحكت وسرت بها هي فوق الوسن وأنا أمسك لجامها

وأسير على قدماي نتبادل الأحاديث حتى رن هاتفي فأخرجته

وكان خاطر فأجبت عليه فقال مباشرة " الغداء جاهز يا عاشقان

لا تضيعا في الصحراء ولا يجدكم أحد "

ضحكت وقلت " وكيف نضيع وأنت هنا ستجدنا

ما أن نصف لك أين نحن "

قال ببرود " وهل تضنني آلة تصوير أحفظ شكل الجبال "

قلت بضحكة " وكيف تجد أبلك ومواشيك ما أن

يخبرك أحد أين رآها "

قال مباشرة " ذاك يخبرني اسم المنطقة هنا بملكيتها لصاحبها

فهل ستعرف أنت ذلك يا نبيه .... بسرعة وسأرسل

لكم الغداء في غرفتكم طبعا "

ضحكت وقلت " هل اشتقت لزوجتك سريعا "

قال ببرود " لم تعجبني هذه النكتة "

ثم تابع " بل لأن زوجتي قالت أن زوجتك لم تأكل شيئا فيبدوا

أنها تخجل من الأكل مع الغرباء فكلا معا أفضل كي لا تلمنا

حين يغمى عليها وتحطم جدران الغرف على رؤوسنا

بسبب معشوقتك "

قلت ببرود " سأصل لك وترى حسابك مني "

ضحك وقال " هذا إن رأيتك قبل وقت مغادرتك "

قلت بلامبالاة " هيا أصمت ها نحن وصلنا "

ثم أنهيت المكالمة معه لحظة وصولنا ليرن هاتفي من جديد

وكان معاذ هذه المرة فأجبت عليه فقال قبل حتى أن أتحدث

" إن كنت مع زوجتك فلا تذكر اسمي "

لذت بالصمت فتابع " أخرج لي منها جميع المعلومات عن

صديقتها ملاك ودون أن تلاحظ "

قلت ببرود " كيف تكون هذه تريد كل شيء دون أن ... "

قال من فوره " أصمت ستفضحنا أريد اسم والدها وأين

يكون وأي معلومات تستطيع الخروج بها منها "

ساعدت الوسن على النزول بيدي الأخرى وأشرت لها

لتدخل الغرفة وابتعدت قائلا " أعرف عنها القليل "

قال من فوره " بسرعة واختصر "

ضحكت وقلت " مهلك عليا يا رجل كيف هذا تريد

معرفة كل شيء وأن أختصر "

قال بضيق " لأني أكلمك على هاتفك الثريا إن نسيت

وسيسحق لي كل رصيدي يا نبيه "

ضحكت وفصلت عليه الخط واتصلت به أنا فأجاب قائلا

من فوره " نعم الآن قل كل شيء تعرفه عنها وبالتفصيل "

ضحكت كثيرا ثم قلت " في منامك فلن أضيع الوقت معك يا

صعلوك وأخبرني لما تريد معرفة كل شيء عنها "

قال من فوره " تكلم أنت الآن ونتحدث ما أن ترجع

صحيح متى ستنهي شهر العسل وتعود "

ضحكت وقلت " أنت قلتها شهر عسل يعني شهر "

قال ساخرا " ها هذا إن سمحت لك العروس وتركت جامعتها "

ضحكت وقلت " أتركنا في المهم الآن , الفتاة والداها مطلقان

وكل واحد منهما متزوج ولديه أبناء وهي تعيش حاليا في

العاصمة مع جدتها وخالها وما أن تنهي دراستها سيأخذها

والدها وأعرف منزل جدتها إن أردت "

قال بعد أن لاحظ صمتي " فقط "

قلت " فقط "

قال ببرود " ما أروعها من معلومات , غادر الآن واجلب

لي شيئا ينفع وخصوصا مكان والدها , جد لهذا حلا فلن

يصعب عليك "

ثم قال من فوره " انتظر لا تسألها كثيرا هكذا فستلاحظ فمؤكد

تعرف شيئا عني وعنها أعطني عنوان منزل خالها "

أعطيته العنوان سريعا ثم قلت " هيا وداعا فقد أكترث "

قال ضاحكا " نعم ضاعت علينا نحن , لو بقيتما

متشاجرين كان أفضل "

قلت بضيق متوجها جهة الغرفة " يالك من صديق لا

تفكر سوا بمصالحك يا وقح "

ثم أغلقت عليه الخط ودخلت الغرفة وكانت وسن تصلي الظهر

فدخلت الحمام استحممت وخرجت ووجدت الغداء وصل

ووسن جالسة تمضغ فوضعتُ يداي وسط جسدي وقلت ببرود

" تأكلين دون أن تنتظري زوجك , ماذا أفعل لك الآن "

ضحكت وأغلقت فمها بيديها وقالت " أقسم أنها قطعة

خيار فقط لأني جائعة حد الموت "

ضحكت وتوجهت للسجادة المطروحة ووقفت عليها وكبرت

للصلاة وبعدما انتهيت توجهت نحوها وجلست بجانبها قائلا

" أنا من سيطعمك الآن وستأكلين كل هذا الطعام "

نظرت لي بصدمة وفتحت فمها لتعترض فشددتها لي

وقبلتها قبلة طويلة ثم أبعدت شفتاي وقلت بهمس

" ستأكلين ولو مرغمة "

اتكأت على كتفي وقالت هامسة " بل شبعت الآن "

ضحكت وضممتها بذراعي وقلت " بل لأنك شبعت

من أكل الخيار "

فضحكت وحضنت خصري بذراعيها ودست نفسها في حضني

ولم أترك شيئا لم أجعلها تأكل منه أحبت ذلك أم كرهته واتكأت

بعدها رأسي في حجرها وأصابعها تلعب في شعري ويدها

الأخرى أضمها لصدري وكل حديثنا عن حديقة في المزرعة

والمسبح والألعاب أين سيكون كل واحد منهم وكيف سيكون وأي

اقتراح يقترحه أحدنا يعترض عليه الآخر فجلستُ وشددتها من

يدها لحضني وقلت " لنترك المهندس هوا من يفرض علينا

رأيه ودعينا الآن من كل هذا "

قالت مبتسمة وهي تحاول الابتعاد عني " نواس أريد أن

أنام يكاد يغمى عليا من النعاس "





*

*





وقفت أمام المنزل الذي أعطاني نواس عنوانه وأنا أرى مجددا

الرسالة التي وصلتني منه وفيها ( الفتاة سيزوجها والدها مرغمة

ما أن تنهي دراستها , هذا أهم ما تحصلت لك عليه )

ابتسمت بمكر وقرعت الجرس ووقفت جانبا , أنا تلعبي بي

تلك اللعبة يا جنية ستري ما سأفعل بك , بعد قليل انفتح الباب

وخرج لي رجل نظر لي باستغراب بادئ الأمر ثم قال

" تفضل يا سيد هل أخدمك بشيء "

مددت يدي له مصافحا وقلت " معك معاذ أحمد شاكر

مؤكد أنت السيد مصطفى "

صافحني قائلا " نعم وصلت هيا تفضل للداخل "

دخلت معه لمجلس الرجال وجلسنا نتعارف قليلا وظهر أنه

يعرف نواس جيدا وقال بأنه رآني في عزاء والدة نواس لذلك

إذا استغرب وجودي حين فتح لي الباب , قلت بعد قليل

" أنا قادم لك في موضوع أريده سرا بيننا ولا يعلم به

أحد وخصوصا ابنة شقيقتك ملاك "

لتنفتح عيناه على اتساعهما من الصدمة فقلت مبتسما

" لا تذهب بذهنك بعيدا أنا سبق ورأيتها مرتين بالمصادفة

مع صديقتها التي تكون زوجة صديقي وأريد عنوان منزل

والدها وكل غرضي خير ونواياي حسنة "

قال من فوره " ولما لا تريد أن تعرف ملاك عنك "

قلت من فوري " لأن طليقتي تثير المشاكل حولي ولا

أريد أن تعرف شيئا حتى يتم الأمر "

هز رأسه بحسنا ويبدوا اقتنع بسببي المزيف ثم أعطاني

عنوان منزل والدها والمدينة التي يسكن فيها وهذه الجولة

الأولى مرت بنجاح وسننتقل للمرحلة الثانية





*

*



خرجت وخاطر جولة في الأرض التي حكا لي عنها وعدنا

مقربة مغيب الشمس , دخلت الغرفة ووجدتها نائمة مكانها منذ

تركتها عصرا فاقتربت منها وجلست بجوارها ومسحت بأصابعي

على ذراعها ناصع البياض ثم أمسكت يدها ورفعتها لي وقبلتها

وقلت " وسن هيا استيقظي ما كل هذا النوم "

همهمت قليلا وأولتني ظهرها فاتكأت على مرفقي بجوارها

وقبلت كتفها العاري وعنقها فتحركت متضايقة وقالت

" نواس أتركني أنام قليلا أرجوك "

قلت مبتسما " استيقظي يا كسولة سنغادر "

ولم تجب ويبدوا عادت للنوم فقلبتها على ظهرها وأمسكت لها

أنفها وقلت وأنا أحركه " هيا بسرعة أجدك في السيارة بعدي "

أبعدت يدي وأولتني ظهرها مجددا وقالت " ألم تقل سنغادر ليلا

فاتركني أنام نواس أنت لا نوم معك أبدا "

شددتها بذرعي من خصرها وهمست في أذنها

" بسرعة أو تعرفي كيف أفسد نومك "

تأففت وجلست تجمع شعرها للخلف وقالت بتذمر

" ها قد استيقظت فهلا أخبرتني لما نرجع الآن "

وقفت وقلت " لأننا بتنا وقت المغرب يا كسولة فألبسي

ملابسك لتودعي زوجة خاطر وسنغادر لنصل مبكرا "

ثم خرجت للسيارة فحصتها قليلا وبحثت عن خاطر وودعته

وعدت جهة السيارة فكانت وسن قد خرجت للتو فقلت وأنا

اركبها " ظننتك جالسة تنتظريني هنا وليس نائمة في الحمام "

تجاهلتني رافعة أنفها وسارت جهة الباب الآخر وركبت وقالت

" أوقفني عند غرف صديقك لأودع زوجته وأعطيها ملابسها "

ضحكت وقبلت خدها وقلت " ولما الغضب هذا كله "

أبعدتني بيدها وقالت ببرود " أين الخروف الصغير

الذي وعدتني به "

قلت مبتسما " هكذا إذا "

هزت رأسها بنعم وقالت " وأريد غزالا صغيرا أيضا

آخذه معنا للمزرعة "

ثم نظرت للأسفل وقالت بحزن " ليتنا لا نرجع يا نواس

ليتنا نبقى هنا كل عمرنا "

تنهدت بأسى فأنا أعلم فيما تفكر وتريد أن تقول فأكبر همومها

العودة هناك ورؤية مي من جديد , شددتها لحظني وقلت وأنا

أحضنها بقوة " أحبك وحدك يا وسن أقسم وربي يشهد

فقدري الظروف التي أنا فيها "

قالت بحزن " لكنك لم تقدر ظروفي سابقا ووضعت اللوم علي "

تركتها وقلت بضيق " وسن حتى متى سنفتح ذات المواضيع "

نظرت جهة النافذة وقالت بأسى " حتى تنسى أنت كل ما فات

وتعترف أنك كنت مخطأ في حقي وتشرح لي سبب

زواجك بها وتقنعني به أيضا "

تأففت أمسك نفسي عن الغضب وقلت " وسن لما نختم أيامنا

الجميلة هنا بهذا دعينا نعيش لأجلنا فقط وأخبرتك أني على

استعداد أن أضعك في منزل لوحدك ولنعتبر أنه لا

وجود لزوجة غيرك لي "

هزت رأسها بلا وقالت ببكاء " لا أستطيع ارحمني يا نواس

أرجوك أقسم أن ذلك بالنسبة لي كالموت البطيء "

شغلت السيارة وقلت " يكفي سيطول الحديث في هذا بلا فائدة

وتعاودك الآلام التي لم أصدق أن توقفت "

انطلقنا بعدها وهي تنظر جهة النافذة وتمسح دموعها وأقسم

أنها تتألم الآن وتكابر وأنا اخترت الصمت فالحديث لن يجدي

أبدا , وصلت عند أغنام خاطر ووضع الراعي الخروف الذي

اختارته وسن في السيارة في الخلف ثم توجهت لسور الغزلان

وأمسكت بأحد صغارها ووضعته معنا أيضا وعدنا أدراجنا في

صمت قاتل طوال الطريق حتى وصلنا ونزلت هي قبلي ودخلت

مسرعة ونزلت أنا أراقبها حتى اختفت ثم هززت رأسي بقلة

حيلة وقلت للعامل المار بجواري " أين وليد ومعاذ "

وقف وقال " معاذ خارج المدينة وقال أن نخبرك أما

وليد فلم أره منذ العصر ولا أعلم أين "

هززت رأسي بحسنا وقلت " أنزلوا الخروف والغزال من

السيارة وضعوهم في مكان آمن حتى نخصص لهما مكانا "

قال من فوره " حاضر سيدي "

تركته ودخلت وتوجهت جهة ممر غرفة وسن ثم تراجعت وعدت

أدراجي وتقابلت ومي فقالت ما أن رأتني " حمدا لله على سلامتكما "

قلت " بهدوء " سلمك الله كيف أنتي الآن "

نظرت للأسفل وقالت " بخير أريد أن أتحدث معك في أمر "

نظرت لساعتي وقلت " ألا يمكن تأجيله قليلا يا مي لأني

متعب حد الانهيار وإن كان ضروريا نتكلم الآن "

هزت رأسها بحسنا وقالت " نتركه حتى تجد وقتا "

قلت متجها جهة السلالم " إذا تصبحين على خير "

وصعدت لغرفتي لأنام هناك وما أن وصلت للباب حتى

عدت أدراجي نازلا




*

*





منذ دخلت غرفتي ونمت على سريري والهواجس تلعب بي

أين ذهب وماذا يفعل هل سينام معها هل اشتاق لها لهذا الحد

ولا صبر له عليها فماذا عما كان يقوله لي أني حبيبته وحدي

وأني في قلبه يا رب لما لا يمكنني تقبل الأمر وأنا الزوجة

الثانية لا أعلم كيف تعيش بعقلها من يتزوج عليها زوجها أقسم

إن تزوج نواس بعدي أن أجن , لو كان أي رجل آخر قد أقبلها

وتقبلها نفسي أما نواس يستحيل , إن لم يكن لي وحدي أفقد

عقلي وليس صحتي فقط , لا أريد أن ينظر ولا مجرد النظر

لامرأة غيري لا أن يتحدث معهم ولا يضحك معهم فكيف بامرأة

تشاركني حتى حضنه وقبلاته وكلامه لي بل قد يكون وعاطفته

نحوي ، شددت على معدتي بسبب الأوجاع التي عادت لها ثم

سرعان ما أبعدتها حين سمعت صوت الباب انفتح وظننتها

راضية حتى وصلتني رائحة عطره وصوت فتحه لباب الخزانة

وحركته في الغرفة وأنا أعطيه ظهري ثم نام معي في السرير

وحينها فقط استكانت أوجاعي والنار المشتعلة في قلبي قبل معدتي

لكن دموعي هي الشيء الذي لم يهدأ أبدا فشعرت بيده على ذراعي

ولفني ناحته وشدني لحضنه فتمسكت به لآفة ذراعي حول عنقه

واستسلمت لبكائي أكثر فضمني له بقوة أكبر وقال " ارحمي نفسك

يا وسن وارحميني لما لا تفهمي أن تعبي من تعبك أنتي "

قلت بعبرة " قل قسما يا نواس قل قسما أنت لي وحدي "

قبل خدي وجبيني وقال بهمس " أقسم لا امرأة غيرك في قلبي

قسما بمن خلقني وخلقك يا وسن فتوقفي عن تعذيب نفسك "

حينها فقط هدأتُ وهدأتْ جميع أوصالي واستكنت في حضنه

ونمت دون حتى أن أشعر ويبدوا أنه مثلي نام سريعا

عند الصباح لم أجده معي استيقظت أركض ركضا لأدرك

محاضرتي , جهزت نفسي سريعا وخرجت شبه راكضة

ومذكراتي في يدي , مررت المطبخ ووجدت راضية هناك

وطعاما على الطاولة فأخذت قطعة خبز وكوب قهوة وتناولته

واقفة فقالت " نواس حتى خرج وهوا يوصيني بطعامك لذلك

اجلسي وافطري جيدا فهذا ليس بأكل أبدا "

وضعت الكوب على الطاولة وقلت مغادرة " سآكل في

الجامعة عليا المغادرة فلا وقت لدي "

ثم خرجت ووجدت السائق ينتظرني ركبت السيارة وانطلقنا

ووصلت العاصمة وجامعتي على الوقت تماما وما أن دخلت

حتى قابلتني ملاك وأمسكت يدي وسارت معي قائلة

" أين أنتي لا تجيبين على هاتفك يومين كاملين "

قلت ونحن ندخل " كنت في رحلة مع نواس "

شهقت ووقفت تنظر لي بصدمة فضحكت وقلت " مهلك لا

تخرج روحك زوجي وليس شخصا غريبا ذهبت معه "

هزت رأسها بعدم استيعاب ثم قالت " أعيدي ما قلته "

أمسكت يدها وقلت وأنا أسحبها معي ناحية مبنى الجامعة

" بعد المحاضرة أحكي لك كل شيء دعينا ندخل الآن "

قالت وهي تجاري خطواتي " معك حق وأنا لدي كوارث

عليا قولها لك سريعا "

نظرت لها باستغراب وكنت سأتحدث لولا رأيت دكتور المادة

قادم فدخلنا مسرعتين وقالت ملاك ونحن نصعد المدرج

" أول امتحان لنا في مادة التشريح يوم الأحد القادم "

جلست وقلت " حددوا موعدهم جميعهم "

جلست وقالت " بغاة وظالمين لو رأيتِ جدول الامتحانات

لأصابتك سكتة قلبية وزيدي على ذلك تقديم رسالة التخرج

بعدها بأسبوعين فقط لقد حاصرونا "

قلت بهمس لحظة دخول الدكتور " مصيبة حاصرونا فعلا "

أنهيت محاضراتي ويومي المليء بالأعمال في الجامعة

فامتحاناتي الأسبوع القادم ولا وقت لدي ولم تتركني ملاك

حتى علمت عن رحلتنا بالتفصيل وقبلها طبعا حكت لي الكارثة

التي حلت عليها وبعدما انتهيت من حديثي عما حدث قلت

" والآن ماذا ستفعلين يا ملاك "

هزت رأسها وقالت " لا أعلم عليا أن أرضي

خالي بأي طريقة "

قلت " وبعدها يا ملاك ستنتهي دراستك ويأتي والدك

لأخذك لما لا تتحدثي مع معاذ وتفهمي منه على

الأقل شعوره ناحيتك "

قالت بخوف " أبدا أنا أفعلها بعد ذاك اليوم ولا على قطع عنقي

هوا بات يعرفني وهوا من عليه أن يتحدث معي وليس أنا "

قلت بحيرة " أمرك غريب يا ملاك تحبينه وتتنازلين عنه هكذا "

تنهدت وقالت " وما في يدي أفعله لقد تعبت من همومي وحياتي

وكل شيء أفعله ينقلب ضدي ترى هل أسعد يوما مثلك "

هززت رأسي وقلت " لا أعلم من منا تعست أكثر من

الأخرى اليتيمة أم شبه اليتيمة "

ضحكت كثيرا وقالت " ياله من تعبير "

ثم قالت بهدوء " المهم أنك وجدتي السعادة أخيرا يا وسن

فيكفيك أوجاع وحزن وضياع لقد أخذت حصتك منهم وزيادة "

قلت بحزن " لكن وجود زوجة له غيري ينغص أي سعادة

أشعر بها معه إنها نار تشتعل في جوفي يا ملاك كلما فكرت

في ذلك فقط فكيف برؤيتها أمامي "

قالت بضيق " وسن توقفي عن الجنون نواس يحبك وأنتي

تعرفين ذلك جيدا وكل ما حدث مؤخرا يؤكد ذلك فأبعدي

تلك الأفكار عن دماغك وقلبك "

هززت راسي وقلت " ليثني أستطيع يا ملاك "

وقفت وقالت " ستكونين غبية إن أضعته منك بسبب كثرة

تشكيك لتسحبه هي ناحيتها ففكري في هذا جيدا كي

لا ينقلب ضدك "

ثم قالت مغادرة " نلتقي غدا لا أستطيع التأخر أكثر "

ثم ابتعدت وتركتني وحدي مع أفكاري , ماذا لو كما قالت

يتعب مني ومن تشكيا بينما هي لا تفعل ذلك ويصبح ينجذب

للراحة معها أكثر وأصبح أنا بالنسبة له مصدر للهموم

والتشكي والإزعاج

وقفت حينها لأن السائق أصبح في الخارج وغادرت عائده

للمزرعة ولم أرى نواس قرابة الثلاثة أيام لانشغاله بعمله

وحتى النوم نام خارج المزرعة ولا أعلم أين ويبدوا كما

قالت ملاك سيهرب من مشاكلي وتشكيا الدائم لذلك عليا

أن أغير من أفكار وطريقة تعاملي مع الأمر فقد يكون كما

قال فرضتها ظروفه عليه لذلك لا يريد قول السبب مثلما

سبق وحدث معي في خطبتي من ذاك التاجر





*

*



عدت للهرب مجددا من أسئلتها ولا أعلم حتى متى سيدوم

هذا الحال لذلك عليا التحدث مع مي فقد نجد حلا لكل هذا

ولو فصلهما كل واحدة في طابق لوحدها كي لا تفهم مي

الأمر بشكل جارح , ثم أحوالها هذه الفترة لا تعجبني ويبدوا

لديها شيء تخفيه عن الجميع ، عند المساء كنت واقفا عند سياج

الساحة أخرجت هاتفي واتصلت بها وطلبت منها أن تخرج

لي هناك فكانت عندي خلال لحظات ووقفت بجانبي وقالت

" لما تفعل بها وبنفسك هكذا أكثر من يومان لم تدخل

المنزل وتقول أن أموركما جيدة "

نظرت للبعيد وقلت " دعك منا الآن وأخبريني أنتي

ما بك ولما قلت ما قلته يومها "

نظرت للجانب الآخر وقالت ببرود " سمعت

كلامك ووليد في مكتبك "

نظرت لها بصدمة ليس من أن تعلم ما قلنا لكن من أن تقول

لي أنها سمعتنا وما غرضها من هذا ! كنت سأتكلم لكنها

سبقتني قائلة " من هوا الشخص الذي أنقدني وما علاقته بكما "

نظرت للأرض وقلت " وما نفع أن تعلمي "

قالت بسخرية " هوا وليد إذا "

نظرت لها بصدمة من تخمينها له تحديدا فقالت بحزن

" وليته لم يفعل ليته تركني حتى قتلوني "

قلت بهدوء " وليد يحبك يا مي وأخبرني بنفسه

وقال أنه يريد أن يتزوج بك "

أشاحت بوجهها جانبا وقالت " لا أريده ولا غيره و

علينا أن ننفصل ما أن تنتهي السنة "

قلت بجدية " مي شروط العقد لا تنتهي عند ذلك وأنا

لن أعيدك لأخوتك وزوجاتهم مهما حدث "

نظرت لي باستغراب فقلت " حكا لي عاصم عن كل ما قاسيته

منهم وماذا قد يحدث إن عدت لهم ولن أسلمك إلا لمن يحافظ

عليك أو لن تغادري من هنا ولن أجد أفضل من وليد "

أشاحت بوجهها عني وقالت بحزن " لن أتزوجه ولا

غيره فاتركني أرجع لمنزلي ولا تفكر بي "

ثم نظرت لي وقالت " ما علاقة وليد بما حدث

وكيف كان هوا السبب "

نظرت للأسفل وقلت " أحدهم أراد الانتقام منه

واتخذك وسيلة "

قالت بأسى " بل قل ضحية ... ضحية لعبث شبان طائشين

لا أصدق أن وليد من هذا النوع "

رفعت نظري لها وقلت " مي وليد يحبك حقا وأخفى ذلك

في قلبه كل هذا الوقت من أجلك وضحى بحبه لك لتكوني

سعيدة ولم يخطبك بعد الحادثة لأنه من أنقدك وقد ..... "

قاطعتني قائلة " أرجوك يا نواس لا تبرر له فالأمر لا يحتاج

ولا تطيل الطريق على نفسك وأعدني من حيث جئت بي

وعش حياتك مع من اختار قلبك "

هززت رأسي وقلت " مستحيل ووعدي لوالدك أن أخرجك

من هناك ، لن ترجعي لهم يا مي فساعديني لأفي بعهدي له "

قالت بشبه همس " وأنت ووسن أنا لست غبية يا نواس ولا عمياء "

نظرت للأفق وقلت بهدوء " أنا ووسن جراح تداوي

جراح ولن ننتهي فلا تفكري بنا "

قالت بحيرة " ماذا هناك يا نواس ما معنى ما تقول "

قلت بهمس حزين " أحبها أكثر من نفسي يا مي وقيود كثيرة

ناحيتها تكبلني ولن أخلف وعودي أيضا لا لك ولا لإخوتك

وعمك وقبلهم والدك "





*

*



ما أن علمت أن نواس هنا حتى أخرجت الهدية التي اشتريتها

له وخرجت لأبحث عنه ولنبدأ صفحة جديدة يحاول كل واحد

منا فيها أن ينسى جراح الآخر وسأطلب منه أن يفصلني عنها

على الأقل لا أراها ولا أراه معها ولا أترك للتعاسة باقي أيامي

تدمرها , خرجت من المنزل ولففت جهة الساحة حيث يكون

في العادة وجمدت مكاني وأنا أرى الواقفة معه هناك ويبدوا

يتحدثان بل يتناقشان نقاشا جادا فعلت نبضات قلبي وتزاحمت

الدموع في عيناي واقتربت منهما أكثر والأفكار تتزاحم في

رأسي ، لا يبقى معي ويهجر المنزل لأيام ويبقى هنا وتخرج

هي له كيف يجتمع كل هذا ، اقتربت حتى أصبحت خلفهما

فسمعتها تقول له " وحتى متى سيدوم هذا يا نواس ارحمني

أرجوك أنا في النهاية بشر "

أنزل رأسه للأسفل وقال بهدوء " مرض وسن مرجح أن يتحول

لورم سرطاني إن استمرت الأوجاع معها وهوا مرتبط بنفسيتها

فعليا أن أدوس على جرحي وأن تدوسي أنتي على قلبك

فهذه ظروف حكمت الجميع يا مي "

أغلقت فمي بيدي أمنع شهقة العبرة من أن تخرج والدموع

التي عبرت فوقها ترفض التوقف وتراجعت للخلف حتى

ابتعدت مجددا وعدت لغرفتي ودموعي تسابق خطواتي





*

*





كنت جالسة في غرفتي ومذكراتي حولي في كل مكان فلا

وقت أكثر لدي وعليا أن أنجح بتفوق ككل عام أنا ووسن

فسبب صداقتنا كان تفوقنا منذ دخلنا الجامعة أول سنة

ظروف وسن هذه السنة من سيء لأسوء وكم أخشى أن

يؤثر ذلك على درجاتها ومعدلها , آه كم حلمت أن آخذ

الأولى على دفعتي وأحصل على المنحة الدراسية وأسافر

وأنهي تعليمي لكن وحتى إن تحققت الأولى فلن تتحقق الثانية

ورغم أن وسن زوجها يملك المال ويمكنه تحقيق ذلك لها دون

الحصول على البعثة إلا أني أتمنى أن تحصل هي عليها لسببين

أني أريد لها الأفضل دائما وأني لن استفاد منها في شيء وتضيع

عبثا , لو كانت توهب وهبا لأعطيتها لطلال فظروف ذاك الشاب

سيئة منذ توفي والده من أعوام , تأففت ورميت الأفكار من رأسي

فليس وقتها أم هروب فقط من الدراسة وعدت أشغل نفسي بمذاكرتي

حتى طرق أحدهم باب غرفتي ودخل فكان خالي فوقفت على طولي

أنظر له باستغراب فاقترب مني وجلس وقال " كيف تسير دراستك "

بقيت لوقت أنظر له بصدمة فهوا لم يتحدث معي منذ ذاك

اليوم !! بعدما استوعبت الأمر جلست وقلت

" جيدة وأنا أفعل كل ما في وسعي "

هز رأسه بحسنا وقال " نعم عليك فعل ذلك لأن والدك

لن يرحمك ولا يرحمنا حينها "

نظرت للأسفل وقلت بحزن " أنا وأستحق ما سوف

يأتيني إن رسبت أنتم ما علاقتكم بذلك "

قال مباشرة " والدك وتعرفيه جيدا ولا تنسي أننا نحن

من أصر على أن تدرسي هنا وتبقي معنا "

تنهدت واكتفيت بالصمت فقال بهدوء حذر

" والدك اتصل بي اليوم "

رفعت رأسي ونظرت له بصدمة وقلت " هل قلت

له هل سيأتي لأخذي "

هز رأسه بلا ثم شتت نظره للأسفل وكأنه يهرب من

عيناي وقال " هوا من اتصل وقال ........ "

ثم سكت فقلت بتوجس " ماذا قال ماذا هناك يا خالي "

تنهد ورفع نظره بي وقال " قال أن عقد قرانك نهاية الأسبوع "

شهقت بقوة حتى ضننت أن روحي ستخرج مع شهقتي وتقاطرت

دموعي كالمطر وقلت بعبرة " زوجني به زوجني شقيق

زوجته أليس كذلك "

عاد بنظره للأسفل وقال " لم يخبرني ولم أستطع سؤاله "

قلت بنحيب أضرب صدري بكفي " نعم هوا , قالت لي والدتي

أنه يريد فعل ذلك لأن زوجته لا تريد أن أرجع إليها وهوا

يعلم أنه بنهاية امتحاناتي سأرجع لهم ... لماذا لم

تمنعه يا خالي لماذا تتركه يفعل ذلك "

هز رأسه وقال " وما في حيلتي أفعله تعرفين والدك جيدا

وهوا لم يطلب ولا حتى أخذ رأيك ثم ما يدريك أنه شقيقها

ذاك فهوا لم يخبرني عن اسم العريس "

قلت بحدة " لا تقل عريس ليس زوجي ولن

أتزوجه لا أريد "

ثم توجهت نحوه ونزلت عنده وأمسكت يده وقبلتها وقلت

" تحدث معه يا خالي أرجوك امنعه من ذلك فشقيقها سكير

سيء كم مرة حاول التحرش بي هناك وتزوج وطلق مرتين

ونسائه هججن منه , لا تتركوه يبيعني هذه البيعة أرجوكم "

مسح بيده على شعري وقال " فوضي أمرك لله يا ملاك ولن

يختار لك إلا الخير , ثم كما أخبرتك قد لا يكون هوا "

ثم وقف وقال " وكلي أمرك لله وهوا لن ينساك , لو

كان بيدي شيء ما توانيت عن فعله "

ثم خرج وأغلق باب الغرفة وتركني وحدي أواجه نفسي وعقلي

وقلبي , وقفت وبدأت أجوب الغرفة جيئة وذهابا كالمجنونة

وأشعر أني لحظات وأفقد عقلي , ما هذه المصيبة في هذا الوقت

تحديدا , سيفعلها ويزوجني به ودون تراجع أعرفه جيدا ولو كان

شخصا غيره لقال لخالي من يكون أعلم أن خالي وجدتي لا حيلة

لهما في هذا ولن يستطيعا منعه من شيء , ليثه كان أي شخص

إلا ذاك ولو ابن زوج والدتي لكنه رفضني ولن أرمي نفسي عليه

مهما كان , نظرت لهاتفي وتوجهت نحوه وأمسكته فلا حل لدي

غيره فليفهمها كيف يريد فهوا خلاصي الوحيد بما أنهم لم يعقدوا

القران بعد , بحثت عن رقمه وشجعت نفسي كثيرا واتصلت به

انتهت المكالمة ولم يجب جربت الثانية وأيضا بلا نتيجة مؤكد لا

يعرف رقمي فمن أين سيعلم أنها أنا لكن ما أعرفه أن الرجال

يجيبون على الهواتف دون أن يفكروا من يكون , فتحت قائمة

الرسائل وإنشاء رسالة وبقيت أحدق في شاشته لوقت ولم أعرف

ما أكتب وما أقول له وبعد جهد كبير مع نفسي كتبت

( معاذ هذه أنا ملاك أجب علي )

فقط هذه نتيجة كل ذاك الصراع فليجب عليا أولا ثم لكل حادث

حديث , أرسلتها وانتظرت قليلا ولم يبدر منه أي ردة فعل حيال

الأمر , هل يكون نائم يا ترى ولم يراها ! لكن مستحيل من ينام

هذا الوقت , جربت الاتصال به فهوا بات يعرف رقمي وسيجيب

بدأ بالرنين لديه مرة اثنتان ثم ...... قطع عليا الاتصال فأبعدت

الهاتف عن أذني أنظر له بصدمة لتعود دموعي للنزول من جديد

ياله من جواب قاسي يا ملاك انظري لنتائج أفعالك وتهورك منذ

البداية , ليثني لم أعرفه يوما ليتها يدي انقطعت قبل أن تتصل به

ياله من جرح وخذلان وأستحقه فقد صدّقت نفسي وأنه يحبني ولو

قليلا وها هي جاءت النتيجة , رميت الهاتف من يدي وارتميت

على السرير أبكي بحرقة أبكي كل شيء وأولهم نفسي وحظي

وبقيت على ذلك الحال لوقت طويل ثم أمسكت هاتفي واتصلت

بوسن كثيرا ولم تجب , نعم فهي تنام الآن في حضن زوجها

وحبيبها فما ستفعله بي , فتحت بعدها الإذاعة وكان وقت

برنامجي الذي لم يزدني سوا هم فوق همي وهذه ستكون آخر

مرة أسمعه فيها فلدي شعور بأنه سيتصل بل لدي أمل كاذب

يقول قد يكون ذاك مقلبا وسيفاجئني في الحلقة وبالفعل كانت

مكالمته أول مكالمة لأقفز جالسة ما أن قال المذيع " مرحبا يا

أحزان السنين وأخيرا سمعنا صوتك والمكالمة الأولى أيضا "

قال من فوره " مرحبا صفوان "

نزلت دموعي فور سماع صوته ونبرته الرجولية الهادئة

المبحوحة وتابع قائلا " اتصلت لأودعكم وأودع برنامجكم

لا أريد أن أقول أنها كانت غلطة يوم شاركت فيه وسأعتبرها

فرصة سعيدة ولن أكررها "

شهقت بعبرة وقد فهمت مغزى كلامه وقال صفوان " ولما يا

سيد أنت من المميزين في البرنامج ومداخلتك الجميع يحبها

وخسارة كبيرة لنا أن تتركها "

قال ببرود " البركة في غيري ولم يعد لي مكان معكم وأعتذر

إن أخطأت في حق أحد ولن أسامح من أخطأ في حقي طبعا "

ضحك المذيع وقال " كيف تطلب السماح من الناس ولا تسامحهم "

قال مباشرة " هذا طبعي حقود ولا أنسى الإساءة الله خلقني هكذا

وسعيد حظ من يخطأ معي ولا أجده أمامي , وداعا الآن

وأتمنى للجميع السعادة وراحة البال "

ثم انتهى نعم انتهى كل شيء , لا وغاضب مني وقلبه أسود ناحيتي

وقالها بصريح العبارة إن وجدني أمامه سينتقم مني ولن ينسى

إساءتي , رميت سماعات الهاتف بعيدا وارتميت على السرير

مجددا أحضن الوسادة وأخفي وجهي فيها وأبكي بمرارة وحرقة










****************************************************
******************************************

برد المشاعر 12-08-15 08:47 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)
 
بقيت سجينة هذا المنزل بل هذه الغرفة ولا أسمع سوا

أصوات الحديث والضحك في الأسفل لرجال كثر أصواتهم

غليظة ومخيفة ولا أحد تعتب قدماه الطابق العلوي سوا الخادمة

التي تجلب لي ما أحتاجه ولا أعلم ما ستكون محطتي القادمة وأين

ستكون ولا يهم فبعدما فقدت عائلتي لم يعد لدي سوا الوحدة أينما

ذهبت وكنت فحتى خالتي فقدتها وللأبد لأن نزار لم يعد يريدني

في حياته , مسحت دمعة تمردت على خدي وتنهدت بأسى أقسم

أني أشتاق له حد الألم في قلبي وأفتقد جميع تفاصيله التي اعتدتها

في حياتي بل وأدمنها لكنه لا يشعر كما أشعر لكان صعب عليه هذا

يقول بأن تركي أسوء لديه من سلبيات بقائي معه ويتركني ! تناقض

نفسك يا نزار وتضنني طفلة كما يخبرك عقلك وسأفهم كلامك كما

تريد أنت , على حياتي أن تستمر إن بقيت على قيد الحياة سأكمل

دراستي وأترك الخيار لقلبي كما قالت خالتي رغم أني أعرف

جيدا ماذا يريد هذا الغبي , وضعت يدي على خدي وسرحت في

السماء البعيدة الشيء الوحيد المطل عليا في هذه الغرفة , ترى

كيف يكونون عائلة والدي أولئك فكل ما أعرفه عنهم أنهم لا

يعرفونني , ترى هل فيهم من بحنان خالتي وبقلبها الكبر الطيب

وهل فيهم من هم مثل نزار يأخذون مكان الأب والأخ وكل شيء

وسيخافون علي من النسيم مثله وهل فيهم من مثل بتول وزهرة

فتيات بقلوب طيبة وروح مرحة أم أنهم مثل دعاء ورهام وريحان

وزوج الخالة عفراء , الخالة عفراء ترى ما حل بها وأين هي الآن

هل هي حية أم ميتة أم مسجونة ليثني أشكرها مرة على كل ما فعلته

لأجلي , يا رب أجعل لي شيئا أعوضها به عن كل ما فعلته إن كانت

حية أو ميتة , وقفت وتركت كل تلك الأفكار التي لا مهرب لي منها

فكلما تركتها عدت لها فلا شيء لي غيرها هنا فحتى جابر لا أراه

ولا أعلم ما حدث منذ أمسكوا ذاك الذي كان يطرق بالعصا ليجدني

لو يتركوا لي المجال لضربته بها على رأسه حتى يموت بسبب ما

رأيته من رعب بسببه وسببها , توجهت جهة باب الغرفة وفتحته

وخرجت للممر , لم أفعلها سابقا لكني تعبت من كل هذا والطابق

لا أحد فيه غيري لذلك سأتجول فيه فقط , فتحت باقي الأبواب في

الممر فكانت حمام وغرفتين واحدة فارغة والأخرى مليئة بكراتين

لألعاب جاهزة وبأحجام كبيرة وكأنها روضة أطفال خصوصا

الألعاب التعليمية , خرجت منها وانتقلت بعدها للممر الآخر فكان

يفتح على ردهة صغيرة وجميلة وكان ثمة صالون في زاويتها جديد

بأغلفته البلاستيكية لم يُفتح بعد وطاولات وملحقاته من تحف ومناظر

حائطية يبدوا كل شيء راقي هنا وحتى الألوان رائعة , خرجت من

جميع تلك الجهة لأجد السلالم أمامي فنظرت من الأعلى لأرى مصدر

هذا الضجيج والأصوات ولم أرى شيئا فنزلت عدة درجات وملت قليلا

بجسدي فظهر لي نهاية السلالم من الأسفل وشاب جالس على عتباته

يحمل سلاحا في يده يفتح زناده ويخرج مخزنه ويعيده , كان بشعر

كثيف أسود شديد السواد وبشرة بيضاء ولا أتبين باقي ملامحه

يلبس بذلة شرطة لا أعرف لأي فئة منهم تنتمي فبدلهم كثيرة

لكن في كتفه أشياء صفراء وما أعرفه أن الرتب تعلق هناك

فيبدوا برتبة عالية , لكن ما يجلسه هنا وكأنه يمنع أي أحد من

صعود السلالم ! ترى هل هذا العقيد سالم الذي أخبرني عنه جابر

وهوا يجلس هنا كي لا يصعد أحد لأي سبب كان , غير جلسته

فجئه واتكأ على خشب السلم ليرتفع نظره للأعلى فابتعدت سريعا

ولا أعرف رآني أو لا , انتقلت بعدها للممر الآخر وفتحت الباب

الأول وكان جناحا فخما ذُهلت من أول ما رأيته , لما هذا فقط جناح

وغيره لا !! دخلت وفتحت الباب الأول فيه فكان مطبخا مجهزا بكل

شيء لكنه فارغ بلا أدوات مطبخ ولا حتى ملعقة , توجهت للباب الآخر

فكان حماما وكأنه سحاب أو سماء لا ينقصه سوا طائرات لتكون في

الجو , لم ترى عيني بجماله قط رغم أن منزلنا في الهند وهنا كانا

راقيين جدا لكن هذا غريب ومدهش , توجهت للغرفة وفتحتها فكانت

غرفة نوم لا تقل فخامة عن باقي الجناح ولونها غريب لم أره حياتي

وكأنه مزيج للونين معا وحتى ورق الحائط الفسفوري له لمعة

وإضاءة غريبة ومميزة , هل هذا جناحه وزوجته يا ترى ؟؟

باقي الغرف واحدة مكتب والأخرى غرفة تبدوا للجلوس بها تلفاز

وحوض أسماك كبير كالجدار وفارغ ليس به ولا حتى ماء فقط

حجارة ومرجان وأصداف , خرجت من هناك وأكملت جولتي

في باقي الطابق وبلا شك هذا منزله الجديد وعائلته فهناك

غرفة منفردة وجاهزة ومؤكد لابنه لأنها تحوي مكتب للدراسة

أيضا كالتي أنام فيها , عدت جهة ممر غرفتي وما أن وصلت

السلالم حتى وجدت ذاك الشاب أمامي فنظرت له بصدمة

وعدت خطوتين للخلف فقال من فوره " آسف يا آنسة سما

سمعت صوتا في غير جهة غرفتك فصعدت لأتفقد الأمر "

هززت رأسي بحسنا دون كلام , غريب أنا لم أسقط شيئا ولم

أحدث أي ضجيج فكيف سمع شيئا وهوا في الأسفل ! يبدوا

أنه رآني من السلالم ولا يريد أن يقول , قال عندما طال

صمتي وأنا جامدة مكاني " أنا العقيد سالم سبق وأخبرك عني

السيد جابر بالتأكيد ورقمي مسجل لديك فأي شيء تحتاجينه أنا

موجود هنا وفي الخدمة "

هززت رأسي بحسنا دون أن أتكلم ثم اجتزته مسرعة جهة

ممر غرفتي وهوا يتبعني بجسده حتى ابتعدت ودخلت الغرفة

وأغلقت بابها خلفي ولا أنكر أني شعرت بالخوف منه بل أشعر

بالخوف من الجميع هنا عدا جابر ولا أعرف لما أخاف منهم

وهم رجال شرطة لكني بعد انفجار البارحة الذي أجهل

سببه بث أخاف من كل شيء





*

*





تأففت وانقلبت على الجانب الآخر ثم رميت الوسادة وجلست على

السرير نظرت يمينا ثم أمسكت هاتفي وفتحت غطائه وأخرجت

الشريحة وكنت سأكسرها فتراجعت فما سيمسح رقمها من دماغي

إن أنا كسرتها بعذر أن أبعد عن عقلي فكرة أن أطمئن عليها فقط

فجابر يبدوا لن يخبرني عن مكانها مهما حاولت وقالها بكل برود

( إن ماتت ستجد خبرها في الصحف ) أي قلوب هذه التي لديكم

رجال الشرطة أو أنه يفعل ذلك عمدا فقد أدخل لي الوساوس سابقا

إن كانت رمت السلسال بالفعل أم كذبة منه لأكون عند كلامي

وأخرج من حياتها ، تأففت بقوة ومسحت قفا عنقي بيدي ورميت

الهاتف بعيدا عني هوا في جانب والشريحة في جانب وغادرت

السرير وخرجت من غرفتي ونزلت للأسفل ، عليا أن أبعد هذه

الأفكار من دماغي فإن كانت هي لم تتصل بي هل سأفعلها أنا

وأناقض نفسي , ما بك يا نزار حتى المراهقين تخلوا عن هذه

الأفكار لتفعلها أنت ، لكن اعترفت بذلك أو أنكرته فهي تركت

فراغا في كل مكان هنا غرفتها غرفة والدتي المطبخ وغرفتي بل

كل تفاصيل المنزل فحتى هذه السلالم كانت تسابقني عليها إن

نزلنا أو صعدنا معا وحتى ثيابنا كانت تنشرها عليه حين يكون

الجو مغبر وسيء بينما أنا كنت سابقا لا أغسل حتى يتحسن الطقس

أما هي فغسل الثياب لديها كغسل أسنانها شيء لا يخلوا يومها

منه ، وقفت عند باب غرفة والدتي وقلت " سأخبر عوني

يرسل زوجته تسليك قليلا "

وضعت مسبحتها من يدها وقالت " صباح أم لأبناء ولها

زوج ومنزل ثم أنا لم أشتكي لك "

تنهدت وقلت " أعلم أنك لم تشتكي لكني أعرف أنك ستحتاجين

وقتا لتعتادي على الوحدة مجددا فما رأيك نخرج للحديقة "

أبعدت نظرها عني وقالت ببرود " فلنرى جيراننا الجدد فقد

يكونوا مسليين ويملئون الفراغ أكثر من غيرهم "

تنهدت بيأس واستسلام فيبدوا أن ما أقوله أو أقرره لن تقتنع

به أبدا ، كانت ستتحدث لولا قاطعها رنين هاتفها فنظرت له

ثم رفعته وأجابت قائلة " مرحبا حسام كيف أنت بني "

ثم نظرت لي وقالت باستغراب " لا ها هوا أمامي "

" حسنا سيفتح لك حالا "

أبعدت بعدها الهاتف عن أذنها وقالت " هذا حسام عند باب

المنزل وقال بأنه يتصل بك ويجد هاتفك مقفلا "

خرجت في صمت وتوجهت لباب المنزل وفتحت له فدخل

وصافحني قائلا " مرحبا بالمهندس ما بك هاتفك

مقفل هل تهرب من الناس "

أغلقت الباب ودخلت بعده قائلا " وأين سأهرب

منك ووالدتي لا تغلق هاتفها أبدا "

قال ضاحكا " عاشت خالتي "

دفعته حتى دخل الغرفة وقلت " أدخل يا حبيب خالتك "

سلم على والدتي ثم جلس وقال " ما بكم تنقلون الأثاث

هل ستجددون ديكور المنزل "

جلست وقلت ببرود " ومنذ متى كان له ديكورا لنغيره يا

غبي , سوف ننتقل لمنزل آخر جنوب العاصمة "

نظر لي باستغراب بادئ الأمر ثم قال " ولما تنتقلون من

شمالها لجنوبها كلها عاصمة أي لم تغيروا شيئا "

نظرت للأسفل وقلت " سأعمل في شركة مقاولات

وهناك سيكون أقرب لي "

قال باستغراب " تفكيرك غريب يا رجل تبيع منزل والدك

وطفولتك وأنت تملك سيارة توصلك "

كانت والدتي ستتحدث ولن تفوتها هذه الفرصة طبعا لكنه سبقها

قائلا " هيه هيه أعد ما قلت ستعمل في شركة !! "

قلت " نعم ومهندس مشرف أيضا "

فتح فمه من الصدمة وقال " وكيف تحصلت على هذه الوظيفة "

نظرت لوالدتي ثم له وقلت " صديق لي توسط لأحصل

عليها في شركة الواحة "

هز رأسه غير مستوعب ثم قال " يعني راتبك سيكون

كراتبي ومن دون شهادة كفاءة "

قلت ببرود " نعم "

قال " وما بك هكذا تقولها من دون نفس ألست سعيدا بهذا

يا رجل ثم كيف حدثت هذه المعجزة واستغنيت عن قناعاتك

فجأة ... شهادتي غير صالحة لا شهادات خبرة لدي بل

كيف رميت حلم السفر في القمامة "

نظرت جانبا وقلت بحسرة " منذ متى أحلم حلما وأحققه

لقد اعتدت هذا في حياتي وسأرضى بقدري "

تنهد وقال " راتبك من هناك سيكون جيدا

فأكمل جمعك للمال وستوفر أكثر "

هززت رأسي بلا وقلت بحزن " المنحة العلاجية التي توفرها

الدولة وكنت أبني الآمال أن توفر عليا ثلث التكاليف أوقفوها

لخمس سنوات وقد يزيد فأي مال سأجمعه , لو فقط

أجري لوالدتي العملية لم أعد أريد شيئا غيره "

قالت أمي بهدوء حزين " لا تكدر نفسك بهذا بني ما كتبه

الله لي سأراه فإن كتب لي أن لا أمشي مجددا فلن أمشي ولو

أجروا لي بدل الجراحة عشرة , فكر في نفسك الآن وفي

باقي مستقبلك ووفر مالك لتتزوج من تستحقك فقط "

قال حسام " من هذا الذي حصل لك على هذه الفرصة فليس أي

أحد يستطيع ذلك والكثير من أصحاب الشهادات الجامعية مثلك

يعملون على سيارات الأجرى ولم يحصلوا ولا على أقل منها "

اكتفيت بالصمت ولم أعلق فقالت والدتي " اللواء جابر حلمي

تعرفه بالتأكيد ذاك يكون صديق نزار الذي ساعده "

نظر لي بصدمة ثم لها وقال " ذاك لا غيره "

قالت " نعم "

قال بسخرية " هيه العبوها على غيري ذاك

سيتواضع ليصادق أمثالنا "

قلت بضيق " وما ينقصنا عنه ؟ نحن بشر مثل بعض

وجابر صديق لي منذ كنت في الثانوية هوا تخرج

قبلي ودخل كلية الشرطة "

قال ببرود " كيف درس معك في الثانوية الحكومية

اشرحها لي "

قلت ببرود أكبر " لم أعرفه في الثانوية بل مصادفة ثم

هوا أكبر مني بثلاث أعوام يا ذكي "

قال من فوره " ولما لم يساعدك وتوسط لك في منحة "

نظرت للأرض وقلت " المنح تعطى سنويا بأعداد معينة فأن

يحصل لي على واحدة يعني أن يسحبوها من غيري وأنا

لن أرضى بذلك أبدا لأني لم أرضاها لنفسي سابقا حين

حاول عميد الكلية أعطاء منحتي لغيري لولا وقوف جابر

معي وقتها رغم أنه كان ضابطا وليس بمركزه الآن "

قال من فوره " لذلك إذا حرمك عميد الكلية من أن تكون معيدا "

لذت بالصمت فهز رأسه وقال بأسى

" وفي النهاية لم تسافر يالا الحظ الذي لديك يا نزار "

قالت والدتي " وعسى أن تكرهوا شيئا وهوا خير لكم "

هز رأسه بنعم ثم نظر لها وقال " وجابر حلمي ذاك

يأتيكم هنا ويجلس معكم متأكدان "

قالت والدتي مبتسمة " نعم وما في الأمر ونناديه جابر

فقط وفي حضوره "

ضحك ضحكة ساخرة وقال " مزاحكم ثقيل جدا اليوم "

قالت والدتي " وما في الأمر هوا ليس وزيرا ولا

رئيس البلاد لتستغرب "

قال من فوره " لكنه رشح سابقا لمنصب الوزير وفي كل

الأحوال هوا لا يقل عنه في شيء فأوامره سارية على الشرطة

جميعها في البلاد بل رتبته فوق الضباط والعقداء في الجيش "

قالت والدتي " لكنه رجل متواضع جدا ولا يعير للشكليات اهتماما "

قال " أعان الله أبنائه عليه رجل بقبضة من حديد صديق لي

حقق معه في قضية سرقة السيارات المشهورة تلك وقال أن

الصفعة من يده تجعلك تعترف بكل ما فعلت منذ ولدتك أمك "

ضحكت والدتي ونظر بعدها من حوله وقال

" أين العروس كل حين أقول ستدخل ولا أثر لها "

نظرت للأرض وقلت " غادرت فإن كانت الزيارة

من أجلها فارحل "

قال بعد صمت " هل ذهبت لعائلة والدها كيف لم تخبروني "

وقفت وقلت " سأخرج لجلب العشاء فماذا تطلبان "

نظر لوالدتي وقال " ما هذا الغش يا خالة اتفاقنا لم يكن هكذا "

نظرت لي والدتي ويبدوا أنها فرصة ووجدتها لكنها خانت

توقعاتي وقالت " سما لا تفكر في الزواج الآن وقالتها لي

بنفسها تريد إكمال دراستها أولا "

قال بضيق " وإن يكن سأنتظرها أخطبها فقط والباقي

مؤجل حتى تقرر هي "

غادرت حينها وتركتهما فلا أريد سماع المزيد , ترى إن علم

حسام من يكونوا عائلتها هل سيبقى على رأيه ؟ قد يجدها فرصة

فكم مرة حكا لي عن شباب تزوجوا بثريات ليقفزوا بهم للأمام

فلو علم لتمسك بها أكثر وسما لا تستحق رجلا بهذا التفكير

أغلقت باب المنزل وسلكت الشارع على قدماي أحاول أن لا

أفكر في أي شيء يخصها وأول ما مررت بمطعم لبيع البيتزا

تذكرتها فهي من جعلتني أزوره كلما خرجت لجلب طعام لنا

من الخارج ، وضعت يداي في جيوبي ونظرت للأسفل

وتابعت سيري لمطعمي المعتاد





*

*








بعد صراع طويل مع نفسي أخرجت هاتفي وفتحت قائمة

الأسماء ووقفت طويلا عند اسمه بتردد وقد يكون خوف من

ردة فعله , أريد حقا الصورة ولن يحضرها غيره لأن جابر

لن يرضى لكن ..... هل حقا هذا ما أريد أم عذر ووجدته

أشتاق له حقا وأكاد أموت من شوقي له وسوف أجن إن لم

أفعلها وأريد أن اطمئن على خالتي لكن .... عليا نسيانهم

والاقتناع بأنهم ماض وانتهى , نزلت دموعي الواحدة تسابق

الأخرى وقلت بعبرة " ما أصبعه من شعور هذا , يا رب

كم مرة ستموت عائلتي وأفارقها كم مرة سأفقد من أحب "

اتصلت بسرعة كي لا أتردد فوجدت رقمه مقفلا , أغلقه

كي لا أتصل به ... ما أقسى قلباك يا نزار

حضنت الهاتف وبكيت كثيرا وبوجع ثم مسحت دموعي

و أبعدته عني ووقفت وتوجهت جهة النافذة المغلقة أنظر

للسماء بشرود حتى طرق أحدهم باب الغرفة ودخل فالتفت

له فكان جابر فقلت ما أن رأيته " ما سبب ذاك الانفجار لقد

أخفتموني وكدت أنزل هاربة "

اقترب مني وجلس على الكرسي وقال " اغتالوا دليلنا بأن

فجروا جزئا من الحديقة والمستودع وجهة من المنزل

تضررت بسبب ذلك "

اقتربت منه وقلت " وهل مات أحد "

نظر للأرض وقال بحزن " اثنان من رجالي كانوا

يحرسونه وهوا أيضا "

أمسكت قلبي بيدي وقلت ودمعة نزلت من عيني " كم سيموت

من رجال بسببهم , بسرعة أمسكوا بهم يا جابر أرجوك "

تنهد وقال " نحن نفعل ما في وسعنا وخوفي كله عليك الآن

فلو علموا بوجودك سيفجرون المنزل بمن فيه "

قلت " وكيف علموا بمكانه وأنت قلت أنك تثق برجالك "

مرر أصابعه في شعره وتنفس بضيق ثم قال " يبدوا أن حيلة

وفاته لم تنطلي عليهم ورموا قنابل يدوية من الخارج أي أنهم

لم يتمكنوا من الوصول له في الداخل لكن كيف علموا أنه

في المستودع ؟؟ سحقا كنا سنخرجه بعد لحظات "

قلت بتوتر " والعمل الآن "

وقف وقال " المهم أني استخرجت منه المعلومات

والأهم الآن هوا أنتي "

قلت من فوري " لا تخرجني لا أريد أن أذهب لأي أحد

لأودعه بعد أشهر أو أعرضه للخطر معي فاتركني معك "

وضع يده على كثفي وقال " لن أبعدك عني يا سما وكما قلت

سابقا نعيش معا أو نموت معا لكن بقائك المبهم هنا قد يثير

الشكوك حولك وعليك أن تكوني مكشوفة "

نظرت له باستغراب وقلت " لم أفهم !! وما الذي تفكر فيه "

توجه للنافذة ووقف أمامها موليا ظهره لي وقال " سأنشر خبر

زواجي وأنك زوجتي وأنها في الأعلى بما أن لا أحد يراك هنا "

فتحت فمي من الصدمة ثم قلت " زوجتك "

التفت لي وقال " نعم حتى ننتهي من هذا وأضمن أن تكوني محمية "

هززت رأسي وقلت " بل أعني وزوجتك هل ستخبرها بذلك أيضا "

نظر جانبا وقال " ستسمع من غيري بالتأكيد "

قلت بصدمة " ولن تخبرها أنها كذبة "

هز رأسه بلا ثم قال " أعلم أن أخفاء بعض الأمور أكثر ما

يدمر حياتي لكن للضرورة أحكام ولست أول من تزوج على

زوجته المهم عندي الآن حمايتك يا سما لأني لن أتوقف عن لوم

نفسي إن وصلوا لك وقتلوك فيكفي رجالي الذين يموتون أمامي "

هززت رأسي بحيرة ولم أعرف ما أقول فنظر جهة الخزانة

وقال " نريد الأغراض التي لديك سنخضعها لتفتيش دقيق "

قلت بحيرة " ولكن لما "

تنفس بقوة وقال " الرجل الذي كان يبحث عنك كانت

الأوامر لديه إحضارك وأي غرض يجده معك أي

أن دليلهم لديك وفي أغراضك "

بقيت أنظر له بصدمة ثم قلت " لكن كيف رجال يفتشون

أغراضي !!! مستحيل "

هز رأسه بحسنا وقال " وأنا فكرت في ذلك وطقم نسائي من

سيقوم بهذا دون أن يروك أو يعلموا لمن تكون "

تنهدت باستسلام وقلت " حسنا كما تريد المهم أن لا

تفتشوا أحشائي بجراحة سرية "

ضحك كثيرا ثم قال " لا تخافي لن نفتش أحشائك

رغم أنها فكرة جيدة "

نظرت له بصدمة فابتسم وقال متوجها نحو الباب

" رتبت لموعد لك مع أحد أبناء عمك الأكبر وهوا أكثر من

كنت أثق فيه بينهم أسمه أسامة وسيأتي ليلا كي لا يلحظه أحد "

ثم وقف عند الباب وقال " وستنتقلين لجناحي هنا كي

لا تشك الخادمة "

تنهدت باستسلام وقلت " مصيري بين يديك

وافعل ما يحلوا لك "

قال مبتسما " وهناك عريس طلب يدك ورفضته

وإن كان لك كلام آخر تراجعنا "

نظرت له باستغراب وقلت " عريس لي أنا !! من

وكيف علم بوجودي معك "

أغلق الباب الذي فتحه وقال " العقيد سالم أخبرني أنه رآك

مصادفة وتحدث معي كانت ستكون فكرة جيدة لكني رفضته "

قلت بعد صمت " ولما رفضته "

قال بابتسامة جانبية " وهل ستوافقين عليه "

هززت رأسي بلا ففتح الباب وقال مغادرا " حين تكوني

عند عائلتك يذهب لهم أما الآن وأنتي تحت عهدتي لا "

ثم أغلق الباب وغادر وتنهدت أنا بضيق فيبدوا أن كل من

سأكون في عهدته سيتحكم بزواجي تحديدا ويقرره عني ثم

ذاك كيف يفكر في الزواج بي وهوا لم يراني سوا تلك المرة

غريبو أطوار حقا أنتم الرجال تقررون الزواج فجأة والطلاق

فجأة وكأن النساء ألعاب لديكم

جلست بعدها على السرير ووضعت يدي على خدي ، لا

أعلم كيف تعلم زوجته بخبر زواجه والأمر عادي عنده أقسم

لو كنت مكانها لجن جنوني وكل ما أخشاه أن تأيني هنا ما أن

تسمع ... يا الهي سأموت على يد زوجة رئيس الشرطة أي

موته معتبرة ستتحدث عنها الصحف والمجلات ، أخرجني من

أفكاري صوت رنين هاتفي فنظرت له فكان اسم بتول يضيء في

شاشته فلم استطع الرد عليها طبعا كالمرات السابقة فستسألني

أين أنا ولن أستطيع أن أقول لها ولا أن أكذب عليها لكن تركها

هكذا تتصل أيضا أمر لا يجوز ، عندما انتهى اتصالها أمسكت

الهاتف وأرسلت لها ( اعذريني يا بتول ظروفي لا تساعد أن

أجيب عليك وحين أستطيع الاتصال سأتصل بك .... أحبك

واشتقت لك كثيرا ) ثم أرسلتها لها ليصلني منها الرد سريعا

( حسنا سأنتظر اتصالك وأرجوا أن لا تكوني تزوجتِ وتركتني

عزباء ) ثم وجه كرتوني مبتسم فضحكت على رسالتها رغم

كل حزني ، لو علم ابن عمها بهذا لقتلها .... غبية بتول تجد

من يحبها هكذا وتعامله بجفاء هي لم تجرب أن تحب شخصا

ويتجاهلها ويجرحها ويغلق هاتفه كي لا يسمع صوتها لما كانت

عاملته هكذا ، مسحت الدمعة التي نزلت من عيني وتنهدت بحزن

كم أحتاج لخالتي وحضنها الذي أسكب فيه همومي وحزني ولبتول

ومشاغبتها وابتسامتها الجميلة لزهرة وروحها الطيبة وحكاياتها

المضحكة عن والدتها وإخوتها ، هززت رأسي أبعد عنه تلك

الأفكار ثم توجهت للخزانة لأجمع أغراضي ليأخذوها لتفتيشها

ثم سأنقلها لجناح جابر هنا وأرتبها بما أنني صرت زوجته

الوهمية , عند منتصف المساء طرق جابر باب غرفتي

ودخل وقال " ابن عمك هنا اتبعيني لرؤيته "

تبعته وخرجت خلفه قائلة " ما هذا السجن لا أحد

يسليني ولا أرى أحدا غيرك "

ضحك وقال " في وجهي يا سما !! قلت سابقا لا أريد أن

تأخذني لأحد أعتاد عليه ثم أتركه فأبقني معك يعني أنك

لم تهتمي إن تركتني والآن تهينيني مجددا "

شعرت بالخجل من نفسي وكلامي فوقفت ووقف هوا

لوقوفي والتفت لي فنظرت للأرض وقلت " آسفة لم

أقصد شيئا مما قلت "

قال مبتسما " لا عليك أعلم أني لا أسلي النساء وأعان

الله زوجتي علي "

هززت رأسي بلا وقلت " بل لست موجودا فأنا لم أرك

سوا مرات معدودة ولدقائق قليلة "

تابع سيره قائلا " حتى زوجتي لم تكن تراني فلن تكوني

أفضل من ضرتك ولا تتعبي لي رأسي أو طلقتك "

ضحكت وسرت خلفه وقلت " ولم تكن تشتكي من كثرة غيابك "

فتح أحد الأبواب وقال " لا "

رفعت كتفاي وقلت " تستحق وساما أما أنا فلن أكون مثلها

فضع هذا في حساباتك "

ضحك وأمسك أنفي وقال " أطلقك حينها وأرجع

لها وأعيدك لنزار "

نظرت للأرض وقلت بحزن " هوا من لن يقبل بي "

وضع يده على كتفي وقال " سما عليك أن تفهمي نزار

وتتفهمي ظروفه فالرجال أمثاله لا يرضون الذل لأنفسهم

ولمن يحبون وحين ستدخلين عالم عائلتك الأثرياء ستفهمين

هذا وتيقني من أنه داس على قلبه قبل أن يدوس على قلبك "

نظرت لعينيه وقلت بحزن " وعليا أن أنساه أليس كذلك "

تنهد وقال " سما أنتي ما تزالين صغيرة والحياة والفرص

أمامك فاتركي السنين تثبت لك صحة أو خطأ قرار

نزار فقد تشكريه يوما "

قلت بعبوس " تفكيرك وكلامك كخالتي تماما وكأنكما متفقان علي "

ضحك وقال " بل هذا أكبر دليل لك لتعلمي أنه عين الصواب "

قلت باستياء " بل أنتم الرجال قلوبكم قاسية ولا أعلم

لما أفتح قلبي دائما ولأي كان "

قال بابتسامة " لأن قلبك كالأطفال والآن فقط عرفتك أكثر "

قلت بابتسامة حزينة " وأنا أيضا عرفتك الآن وكأنك لست

أنت حتى أني أناديك جابر فقط ولا تنزعج بينما ذاك

الضابط يناديك بسيدي "

ضحك ووضع يده على ظهري وقال " هيا تركنا

ابن عمك ينتظر طويلا "

ابتسمت له ودخلنا مكانا لم أره سابقا كان صالون استقبال مقسم

لثلاث أجزاء ويبدوا مخصص للطابق العلوي فقلت بهمس ونحن

نقترب من الجالس يولينا ظهره " منزلك جميل وتخطيطه رائع "

قال ونحن نصل " نزار من رسم خريطته ولا يثق

في نفسه ذاك الأحمق "

ابتسمت بحزن ووقف الجالس هناك والتفت لنا كان شابا

يبدوا في بداية الثلاثين من عمره وفيه شيء يشبه والدي ولا

أعلم ما يكون أو أنها صلة الدم فقط فهوا من ذات دمه جدي هوا

جده ، مد يده لي وقال مبتسما " مرحبا يا سما سررت بلقائك "

نظرت ليده ثم صافحته وقلت بهمس " شكرا لك "

ثم جلسنا ثلاثتنا وقال جابر " هذا أسامة فريد الشاطر ابن عمك

الأكبر وهوا الأكبر بين أخوته ووحده من أمنته على سر وجودك

وغيره من أهلك لا يعلمون حتى أنك على قيد الحياة "

نظرت لجابر وقلت " ولما ليس أحد أعمامي "

قال حينها الجالس أمامي " أعمامك الأكبر وهوا والدي توفي

منذ ثلاث أعوام وبعد جدي بعامين ونصف , عمك الثاني يدعى

صابر وهوا يعيش في الخارج منذ كنت صغيرا ولا يأتي إلا مرة

في العام ، عمك الثالث وهوا عمران لا صلة كبيرة تجمعنا به لأنه

كان على خلاف مع والدي بسبب التجارة وفصلنا كلٌ لوحده أما

الرابع فهوا والدك رحمه الله , لقد بحث عنكم جدي لسنوات ولم

يجدكم ثم استلم والدي الأمر بعده بوصية من جدي وأنا بعد والدي

وكنت على اتصال دائم بسيادة اللواء جابر حلمي وأنا مستعد لما

تريدي وثروتك في الحفظ تحت يدي أسهمك وحصتك من شركة

جدي ومن محلات قطع الغيار وحتى من الآلات التي تستأجرها

منا المصانع وكل العائدات والأرباح موجودة في حساب خصصته

لك بعلم من محامي العائلة في حال موتي "

قلت " ليس هذا ما أريد أن أعلمه "

بقي ينظر لي بصمت فقلت " لما طرتم والدي وغير

اسمه بسببكم "

نظر لجابر ثم لي وقال " بسبب خلاف بينه وجدي "

وقف حينها جابر وقال مغادرا " سأترككما وحدكما وانزل

من حيث صعدنا يا أسامة وتجدني انتظرك "

ثم غادر جهة الباب ونظري يتبعه وقال أسامة " لا نفع من

نبش الماضي يا سما فجَدي ندم وبحث عنكم "

قلت بحزن " هوا المخطأ إذا "

تنهد وقال " كل واحد منهما نظر للأمر من وجهة نظره "

قلت بهدوء " أنت تعلم أي خطر أواجهه وقد لا أخرج منه

حية وأريد معرفة الحقيقة مهما كانت "

تنهد بقوة ثم قال " كنت في الخامسة عشرة حينها وأذكر

جيدا ما حدث والسبب كان زواج والدك بوالدتك "

نظرت له باستغراب وقلت " ولما "

نظر للأرض وقال " كانت رحمها الله من ميتم وجدي

رفض أن يتزوجها "

وضعت يدي على صدري وقلت مصدومة

" كانت بلا عائلة "

رفع نظره بسرعة وقال " لا هي لم تكن بلا نسب بل لها اسم

كامل لكنه ثم وضعها في الميتم بعد وفاة والديها ومن

وضعها هناك أعطاهم جميع أوراقها الرسمية "

امتلأت عيناي بالدموع وقلت بأسى " ولما عارضه إذا

ولما غيّر والدي اسمه "

عاد بنظره للأرض وقال " اعترض جدي على زواجه منها

وأصر والدك وقال له إن تزوجتها لست ابني ولا أعرفك

ولا أريدك أن تحمل حتى اسمي "

قلت بعبرة خنقتني " ووالدي رضي أن يغير اسمه على أن

يترك الإنسانة التي اختارها قلبه , لما كل هذا الظلم فقط

لأنها يتيمة وليست ابنة عائلة غنية ومعروفة "

تنهد وقال بقلة حيلة " كان كلاما في ساعة غضب وحاول جدي

الضغط عليه به وازداد اشتعاله حين علم أنه تزوجها وسافر

لكن السنين كانت كفيلة بأن ألانت قلب جدي "

تدحرجت الدمعة الأولى من عيناي وقلت بحرقة " لكنها لم

تلن قلب ابنه المجروح , ألانت قلب الطارد لكنها لم تشفي

المطرود فعاش يتيما فقط لأنه تزوج من يتيمة وعاش فقيرا

فقط لأنه تزوج بفقيرة لكن الله كان أرحم منكم وأخذهما معا "

قال بهدوء " سما لا تلقي باللوم علي أنا مثلك لا يد

لي فيما حدث "

وقفت وقلت بعبرة " كنت في مثل سني الآن وأنا أعلم الناس

بأن من في هذا السن يعرف الصحيح من الخطأ رغم أنه لن

يأخذ أحد برأيه ثم وباقي أعمامي أين كانت ألسنتهم أم ما

يهمهم المال والشكليات , الغني يتزوج الغنية أو أجرم "

وقف وأمسكني من ذراعاي وأجلسني وجلس مكانه وقال

" لا ألومك يا سما وكنت مقتنع دائما باعتراض والدي على

كل ما حدث فهل بيدي أو بيدك تغيير ماضي لا يد لنا فيه "

هززت رأسي بلا وقلت " أنت لا تشعر بما أشعر به "

قال بجدية " بلى أعلم بشعورك وأنا معك فلا تسمحي

للماضي أن يدمر مستقبلك أيضا وكوني قوية ودافعي

عن أموالك وحقك "

ابتسمت بسخرية وقلت " أموال !! وما الذي جلب لي التعاسة

كل حياتي غيرها .... حرمت من أن يكون لي عائلة أعمام

وجد بسبب المال , فقدت عائلتي وأصبحت يتيمة بسبب المال

وحُرمت حتى من أن أختار مستقبلي مع من يكون بسببه فهل

سأتمسك به لأخسر نفسي بسببه أيضا "

قال بجدية " سما حصتك ليست بقليلة فحتى منزل جدي

بجانب منزلنا ملك لك بيع وشراء بتوقيع من جدي ليكون لمن

نجده حيا من عائلة عمي رفعت وأسهمك الأكثر بين الجميع

ووحدك تملكين خمس محلات لبيع قطع غيار آلات كحجم

نصف هذا المنزل ، مبنى شركة جدي لك فيه الخمس فوق

الأسهم فأنتي صاحبة ثروة ضخمة وتركك لها سيجعلها في يد

أعمامك وأبنائهم فعليك أن تكوني أكبر من سنك بضعفين لكي

تدافعي عن حقك وأنا معك سأكون أمامك في وجه ظروفك

ووجه الجميع وخلف ظهرك في غيابك حتى أسلمك للزوج

الذي يستحقك ويحفظك ويحفظ ثروتك "

قلت بتوجس " كلامك مبطن بالكثير من المعاني فكن

واضحا كي لا تأكلني الأفكار "

قال بابتسامة صغيرة " ابنة والدك ذكية مثله "

ثم تنهد وتابع بهدوء " معنى كلامي أن أغلب العائلة ينتظرون

أي خبر يؤكد موت الفتاة المتبقية من عائلة عمي رفعت ليتم تقسيم

الثروة من جديد وحياتي تحول دون ذلك مادمت حيا واللواء جابر

حلمي كسبتيه أكبر سند في صفك وهددني بصريح العبارة حين أخبرني

عنك أنه مصيري السجن لباقي حياتي إن مسك الآن سوء بسببي وقال

ما أن تنتهي قضيتك ويظهر اسمك للعلن أنه هوا من سيهدد جميع أفراد

العائلة إن مسك أو ثروتك سوء وسينسف الفاعل عن وجه الأرض فليس

بالأمر الهين أن يتلقوا تهديدا من رجل في مركزه وبقوته أي أنك

كسبت ظهرا لم يكسبه غيرك "

نظرت للأرض وابتسمت بحزن فحتى هذا الظهر نزار من كان

سبب معرفتي به , كسبت الظهر وخسرت القلب فذاك أعطاني

ظهرا أستند به وأخذ قلبي معه للأبد ، قال عندما طال صمتي

" وأنا تحت أمرك في كل شيء يا سما ومعك للنهاية "

رفعت نظري له وقلت " إذا أريد منك الخدمة الأهم في كل لقائنا

هذا وأن تقوم بها على أكمل وجه ولا يعلم عنها أحد "

هز رأسه بحسنا وقال بجدية " لك كل ما تريدين "





*

*





عدت للمنزل ودخلت غرفة والدتي أحمل أكياس الطعام معي

ونظرت لها وقلت باستغراب " أين حسام هل غادر "

قالت ببرود " نعم ومستاء جدا لأننا لم نخبره عن مكان عائلتها

الذين ذهبت إليهم واستجوبني حتى أتعبني ولم يصدق أني لا أعرف

أين يكونون ويبدوا غاضبا جدا وسوف يسبب لنا هذا مشكلة معه "

وضعت الأكياس على الطاولة وقلت " لو كانت موافقة عليه

لقالتها منذ كانت هنا ولن يتغير الآن شيء "

قالت من فورها " سما ستتزوج إن منه أو من غيره وعليه أن

يعرف مكانها ما أن ترجع لأهلها والخيار لها ولهم كما كنت تقول

فلا تترك هذا الأمر يسبب الفرقة بينك وبينه "

قلت بضيق " أمي ليتزوج غيرها ألا فتيات سواها

على وجه الأرض "

قالت بضيق أكبر " ولما هي لا ؟؟ توقف عن قتل نفسك من كبت

ما بك واذهب وانظر لوجهك في المرآة كيف أصبح ... تكبت تكبت

حتى تقتل نفسك , كنتُ أرأف بحال سما سابقا وألوم عليك والآن

أرأف بحالك بني ولا أريد أن ألومك أكثر فعليك أن تعلم يا نزار أن

الندم ليس بالأمر السهل وأخشى أن تندم على كل هذا يوما "

خرجت وتركتها والطعام أيضا وصعدت لغرفتي دخلت وضربت

الباب خلفي بقوة وتوجهت لهاتفي ركبت شريحته واتصلت بجابر

فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة " قريب لي سبق والتقى بسما هنا

ويريدها فخلصني من مشاكله ووالدتي واسألها رأيها به ليقتنعا

ويرحماني ولا تخبرها أني من أخبرك "

قال من فوره " نزار نحن أين وأنت وقريبك أين الفتاة بين

أن تعيش أو تموت على أيديهم وأنتم تتقاسمونها وتختلفون في

أمرها ثم هل جننت تريد أن يتزوجها قريبك ليكونا أمامك "

قلت بأسى " أريد أن أرتاح من كل هذه الضغوط لأني حقا تعبت "

قال بهدوء " وافق الآن وتكون زوجتك بعد ساعة "

هززت رأسي وقلت بحزن " لا أستطيع يا جابر وأنت أكثر من

كان يفهمني ويعذرني وحكيت لي بنفسك عن طمع أعمامها

وأبنائهم في ثروتها فسيحولون حياتي وحياتها لجحيم "

قال بضيق " هذا بدل أن تقف معها ضدهم يا مغفل "

قلت " لن تحتاج معك لأحد أنت ستردعهم عنها بتهديد صغير

أما أنا فلن تستطيع ردعهم عني مهما هددت وسأعيش دليلا

طوال عمري فيمكنك أن تحمي مالها بمركزك لكن كلامهم

وإهانتهم لي ولها لن تستطيع إمساكها عنا "

تأفف وقال " بما أنك مصر على رأيك فأخبر قريبك ذاك أنه

ثمة من خطبها ولا نصيب له فيها "

قلت بتوجس " حقيقة هذه أم كذبة لإسكاته "

قال ببرود " ولما سأكذب "

شعرت بجمرة اشتعلت في قلبي لو تنفست بقوة لخرج لهيبها

مع أنفاسي وأحرق كل شيء فأغمضت عيناي بقوة وألم ، توقف

عن الجنون بها يا نزار هذا الأمر سيحدث إن اليوم أو في الغد

ومصيرها ستتزوج بلا شك بل وسريعا فالرجال لن يتركوا واحدة

مثلها وها هي رغم صغر سنها يكادوا يتشاجرون عليها ، بلعت

ريقا جافا وقلت بصوت ضعيف " من يكون "

قال من فوره " ضابط في الشرطة العسكرية وبرتبة عالية رآها

مصادفة مرة ويصر عليها وبالنسبة لي بعدك لا أؤمن لأحد

عليها مثله وانتظر موافقتها فقط بما أنك رفضتها ... وداعا "

ثم فصل الخط بعد سيل الرصاص الذي وجهه لي بلا رحمة ، معه

حق أنا رفضتها فبأي حق سأعترض وشاب بتلك الوظيفة والرتبة لن

يرفضوه ولن يجرؤا على إهانته وإهانتها في أي شيء وأي وقت

رميت بالهاتف بعيدا عني وارتميت للخلف على السرير الجالس عليه

وأغمضت عيناي بأصابعي بقوة ، ما أقساه من شعور أن تحب امرأة

وتعلم أنها ستكون لغيرك فرهام لم أشعر حيالها سوا بالجرح لأنها

هي من طعنتني ورحلت واختارت غيري أما سما فأنا من تركتها

هي اختارتني وأنا تخليت عنها ورميتها في حضن غيري وحضني

يموت ظمئا لها ، أخرجني صوت رنين هاتفي مما أنا فيه فجلست

ورفعته وأجبت قائلا " مرحبا سيد سعيد كل شيء جاهز وسأبدأ

بنقل الأثاث للمنزل "

قال بعد صمت " الحقيقة جدّت بعض الأمور وغيرت رأي

اترك منزلك لديك ومنزلي لن أبيعه "

قلت بصدمة " كيف غيرت رأيك ألسنا سنستبدل

المنزلين وسأزيدك الباقي مالا "

قال بصوت فيه خجل وتردد " اعذرني أخبرتك أنه ثمة

جديد أرغمني فابحث عن غيري "

قلت ببرود " يبدوا جاءك عرض أفضل من عرضي "

قال من فوره " بل لن أبيع أبدا فابحث عن غيري وداعا "

ثم أنهى المكالمة فرميت الهاتف وخرجت من الغرفة بل من المنزل

برمته وأشعر بضيق لو وزع على جميع أهل الأرض لكفاهم ، ما

بي اليوم مع الصدمات والنكسات بل يبدوا أنه منذ خرجت سما من

حياتي عمها السواد وكأنها كانت النور فيها وجالبة الحظ لكل ذاك

المنزل ، قضيت اليوم خارجا بعدما اتصلت بعوني وطلبت منه أن

يترك زوجته مع والدتي وسهرت مع رفاقي لكن جسد بلا روح

لا أعلم مما يقولون شيئا وصببت جل تفكيري في قرار الخروج

من المنزل من عدمه ولم أرجع إلا آخر الليل وصعدت لغرفتي

فورا استحممت ونمت ولم استيقظ سوا وقت الفجر صليت وساعدت

والدتي لتصلي وأعددت الإفطار لنا ثم خرجت قاصدا الشركة التي

سأعمل فيها لأرى متى سيكون دوام عملي وكم ساعة لأعرف

كيف أتدبر أموري ، دخلت مبنى الشركة وصعدت لطابق مكتب

المدير وطلبت من السكرتير إذنا للدخول بما أن جابر الوصي علي

هنا فقال ما أن ذكرت له اسمي " نعم المدير غير موجود الآن

وترك هذه لنسلمها لك ما أن تأتي "

أخذت الورقة التي مدها لي وقرأتها واقفا مكاني وكان فيها اعتذار

خطي بأن الوظيفة لم تعد شاغرة وسيتم توظيفي في شركة أخرى

فرفعت نظري له وكنت سأتحدث لولا قاطعني قدوم أحدهم

وقال للسكرتير " هل طلبنا المدير الآن من أجل الاجتماع "

فنظر لي السكرتير ثم له وتلعثم ثم قال " نعم تفضل "

فغادرت من عنده دون أن أتحدث في شيء أو أسأل حتى عن

مكان الشركة الجديدة ولا أعتقد أنها موجودة ويبدوا أنهم يتهربون

مني ولم يوافقوا منذ البداية إلا من أجل جابر وكان عليا أن أفكر

فيها منذ البداية , عدت للمنزل بخسارة لن أخسر كحجمها ما حييت

لأنها كانت فرصة عمل لا تعوض , وقفت أمام باب غرفة والدتي

فقالت مباشرة " ما بك بني وجهك مكفهر أي خبر هذا الذي سمعته "

ابتسمت بسخرية وقلت " بل قولي أي أخبار انهالت علي , المنزل

لم أحصل عليه والوظيفة ضاعت أيضا وسما ستتزوج وانتهى

كل شيء والفاشل بقي كما هوا "

وغادرت جهة المطبخ وتركتها وما أن دخلت حتى ضربت

صينية الأطباق أمامي لتسقط وتتكسر جميعها وأشعر بغضب

لن يطفئه ولا تحطيم المنزل بأكمله , غضب من نفسي ومن حظي

ومن حياتي فقد فشلت في كل شيء وبالضعفين , كانت والدتي

تناديني دون توقف لتذكرني أكثر بعجزها عن الوقوف وعجزي

عن مساعدتها فضربت رأسي بالخزانة عدة مرات لتنزل من عيني

دمعة حارة كالجمر شعرت بها تخرج من عروقي وأوردتي على

صوت رنين جرس الباب المتقطع وليست عادة من أعرفهم فحين

يضعون إصبعهم على الجرس لا يرفعونه , خرجت من المطبخ

وفي نيتي الصعود دون الالتفات له فلا رغبة لي برؤية أحد لولا

صوت والدتي الذي عاد لمناداتي قائلة " نزار افتح الباب على

الأقل فلم يكن منزلنا يرفض الزوار يوما "

تنهدت حينها باستسلام وعدت جهته وفتحته لأجد أمامي شابا

بملابس فاخرة وأنيقة ورائحة عطر لن يكون إلا لأحد الأثرياء

ابتسم ومد يده لي وقال " مرحبا مؤكد أنت السيد نزار "

لا ويقول عني السيد نزار بل من أين يعرفني , صافحته قائلا

" نعم وصلت فمن أين تعرفني "

قال بذات ابتسامته " هل سنتحدث عند الباب هكذا فلم

أعرف عنك إلا كرم ضيافتك "

قلت بخجل " آسف من ارتباكي نسيت أن أدعوك

للدخول , تفضل المنزل منزلك "

دخل وأغلقت الباب خلفه وتوجهنا لصالون الصالة وجلس فقلت

" ماذا تشرب فلا أحد غيري سيضيفك هنا فما رأيك بالقهوة "

هز رأسه بحسنا وقال مبتسما " لا بأس وقهوتي متوسطة "

تركته ودخلت المطبخ في حيرة من أمره فآخر ما توقعت أن

يوافق على أن يشرب شيئا فمن هذا الغني المتواضع هكذا بل

سيارته في الخارج تدل على أنه فاحش الثراء وبشكل مخيف

توقعته سيطلب أن نخرج لمكان عام ويقول ما يريد مني وليس

يدخل ويجلس ويشرب القهوة أيضا بل يتحدث بتواضع ورحابة

دون أن يرفع أنفه وينظر بتقزز لما حوله , سما وهذا الشاب

غيرا فكرتي جديا عن الأغنياء الذين ظننت أن جابر الوحيد

المتواضع بينهم , أعددت القهوة ووضعت معها بعض الحلويات

وخرجت بها وقدمتها له وجلست فشربها وأكل وأنا أراقبه في

صمت حتى وضع الفنجال وقال " مؤكد لا تعرفني وتستغرب

زيارتي أنا أسامة فريد الشاطر "

نظرت له بصدمة ... ابن عم سما نعم نفس اللقب لكن ما ....

قال مباشرة " علمت عنك من اللواء جابر حلمي بالتأكيد ولأمر

مهم أصررت عليه أن أعرف مكانك بعدما أخبرني وحدي عن

وجود سما ابنة عمي رفعت فسألته وأصررت عليه أن

اعرف مكان من وجدها "

نظرت له بريبة فقال " الأمر الذي سنتحدث فيه لا يعلم عنه

غيرنا أنا وأنت فعائلة عمي رفعت كما تعلم كانت مختفية لسنوات

وبحث عنهم جدي كثيرا ووضع مكافأة ضخمة لمن يجدهم متأملا

أن يسعى موظفوه لإيجادهم وزادها والدي بعده وأمنني عليها وقت

موته وأن تكونا سرا عن العائلة وأنت من وجد سما وأنت تستحقها

فحررني من هذه الأمانة لأرتاح من عبئ شيء مما في عنقي "

قلت بعدم استيعاب " مكافأة ولي أنا !! "

هز رأسه بنعم وأخرج من جيبه شيكا مصرفيا وقال " هذا الأمر

سر بيننا لا تُطلع عليه أحد سوا اللواء جابر إن أردت لأنه

أخبرني أنك صديقه "

بقيت أنظر له بصمت وصدمة ثم قلت " وسما لم

تقابلها ولا تعرف عن هذا "

هز رأسه بلا وقال " سما محمية عن الجميع ومكانها

ممنوع كشفه لأي أحد "

ثم مد لي بالشيك وقال " هذا من نصيبك ومن حقك أيضا لا أحد

يناقشك فيه ولا يمن عليك به وأشكرك على كل ما فعلته من أجلها

فأنك صنت ابنتنا وحده أمر تستحق عليه الملايين ولولا خوفي من

رفضك لِما علمته عنك من صديقك لزدتك عليه من مالي لأنه

لن نوفيك مهما دفعنا "

بقيت أنظر ليده بصمت وكأني أترجم كل هذا للعربية وهوا

يتحدث بلغة لا أفهمها فمد يده أكثر وقال " لا ترده يا سيد فهوا

حقك كما أخبرتك ولا مِنّة لي عليك به ولا لأحد لأنه موجود

من قبل أن نعرفك أو نعرف سما "

مددت يدي بتردد وأمسكته منه فكما قال هذا موجود من قبل أن

يعرفوني أي لم يتصدقوا عليا به وهوا مكافئة لإيجادي لها وليس

ثمنا لما دفعت من أجلها أو لحمايتها ولم أكن أعلم عنها , عزة

نفسي تمنعني عن هذا وتحاربني فأنا لم أجدها أو أحافظ عليها

من أجل المال وإن لم أطلبه لكن الأمر الوحيد الذي فكرت فيه

هوا والدتي وظروفي التي أمر بها الآن فلولا ضياع الوظيفة مني

ما قبلته مهما حاول , رفعت نظري له وقلت " لو كان سيعلم

عنه أحد فلن آخذه أبدا فما صنتها ووجدتها لآخذ ثمن ذلك "

هز رأسه بنعم وقال " أعرفك ومتأكد من صدق كلامك

ولن يعلم أحد وهذا المال من حقك "

ثم وقف وغادر جهة الباب فتبعته وودعني وخرج فأغلقت الباب

وعدت أدراجي أخطوا خطواتي ببطء وفتحت الشيك المطوي بين

يداي ونظرت له وانفتحت عيناي على اتساعهما من الصدمة

عندما رأيت الرقم المكتوب فيه








****************************************************
******************************************

برد المشاعر 12-08-15 09:03 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)
 




مر عليا باقي يوم أمس من أصعب أيام حياتي بعدما سمعت

ذاك الانفجار وأصابني شيء يشبه الحمى وليس بحمى ورغم

أن عم جابر أخبرني انه رآه بعينيه وأنه بخير إلا أن تلك الحالة

لم تغادرني بسهولة فقضيت ساعات أرتجف تحت اللحاف كالورقة

واتصل السائق بالجناح لأخذي للمستشفى ومؤكد أنها أوامر من جابر

وأنا رفضت أما هوا فلم يتصل ولا للاطمئنان علي أو طمأنتي عليه

فهوا غاضب بلا مزاح ولا مكابرة هذه المرة

ورغم أني استيقظت صباح اليوم بحال أفضل إلا أنني لازلت أشعر

بصدى الانفجار في عظامي وكأنهم فجروها فيا أنا , لما يعرض

نفسه لكل هذا الخطر لما لا يفكر بنا بأبنائه بعده بل وبخالته التي

لا يعلم سرها ويرفع همها غيره , نظرت لي ترف وقالت

" ماما لما لم يصعد بابا لنا لكي يرانا حين جاء بالأمس "

نظرت لها باستغراب وقلت " جاء بالأمس "

هزت رأسها بنعم وقالت " أمجد رآه من الشرفة وناداه وحياه

بابا من الأسفل لكنه لم يصعد لنا أمازلتما متشاجران "

تنهدت بقلة حيلة ولم أعرف ما أقول فجابر زرع الفكرة في أدمغتهم

حين جلبني وتحدث أمامهم ولن يصدقوني مهما تحججت , إذاً كان

هنا بالأمس بعد ذاك الانفجار ولم يصعد ولا لطمأنتنا عليه كم أنت

قاس عليا يا جابر وعتابك وعقابك يبدوان طويلان وقاسيان جدا

وقفت وخرجت من الغرفة قاصدة جناحي فتقابلت وعمتي وقالت

ما أن رأتني " متى ستخرجين من هنا وتريحيني من رؤيتك "

ابتسمت لها وقلت " ولما وأنا أحبكم وأريد البقاء معكم وجابر لن

أغيره ناحيتك فهوا من قال لي مرارا والدتي فوق الجميع ولا أحد

بمكانتها عندي ولا أنتي ولا كل نساء الأرض "

هددتني بسبابتها قائلة " أنتي أخرجته من هنا وأقسم إن تضرر

ابني وفقدته بسببك أن تموتي على يدي أنتي وأبناء شقيقتك

الذين لا أعترف حتى أنهم من ابني "

نظرت لها بصدمة وهي غادرت دون أن تضيف شيئا بل ما

الذي تركته لتضيفه بعدما هددتني بقتلي لا وتتهم شقيقتي في شرفها

مجددا وتنكر أبنائه لذلك هي لا تشعر بهم أو تغيظني بهذا فقط

لكني لن أتصرف كحسناء حين أخذت تهديدها بعين الاعتبار وهربت

خوفا منها فلو كان جابر وطبيبها يعلمان أن بإمكانها فعل هذا ما تركوها

هنا ولا تركوني وأبنائه معها ولا أنكر أني خائفة منها أيضا فإن كان

البعض طبيعيين جدا ويقتلون فكيف بها مريضة وحيال جابر بالضعفين

توجهت لجناحي ودخلته ودخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي واستندت

عليه , ماذا لو لم يخبرني عم جابر بالحقيقة لكان كلامها الآن نتيجته

سلبية على علاقتي وجابر وكنت سأصر على الطلاق أكثر , رفعت

رأسي للأعلى وأمسكته بيدي وفتحت فمي أتنفس بقوة لأطرد هذا الشعور

المقرف والغثيان القوي , أشعر أن في أنفي ومعدتي جثة متعفنة وأشعر

بالدوار والغثيان , توجهت بعدها للتقويم على أحد جدران الغرفة وتتبعت

التاريخ بإصبعي لقد تناصف الشهر ودورتي غائبة لشهرين هل كل هذا

بسبب مضاعفات الحبوب أو أني ........ اتكأت عليه بجبيني ومسحت

بكف يدي أسفل بطني وأغمضت عيناي ببطء , هل أنت هنا حبيب ماما

وهدية والدك الذي أرادها لي , هل أتيت لتزيد أعبائي إن لا قدر الله وفقدت

والدك أم أني أتوهم فقط فليس بإمكاني ولا الخروج لأحضر جهاز اختبار

الحمل ولا سبيل لأتأكد من صحة ظنوني خصوصا أنها تجربتي الأولى







*

*






أمسك يداه للخلف وعصر له وجهه على الجدار وأنا واقف معهما

يداي في جيوب سترتي وقلت " حتى الآن لم أتدخل وأمد يدي

عليك فقل من أرسلك وماذا تفعل هناك أو تحولت لجثة تحت يداي "

قال بتألم " ما لدي قلته سيدي أقسم لك "

دست بحدائي على أصابع قدمه بقوة وحركته عليهم ومزقت جلد

أصابعه تحته متجاهلا صراخه المتألم وقلت من بين أسناني

" لقد خيرتك وأنت اخترت وهذا ليس طبعي فستنطق وصبري

أطول من صبرك إن كنت لا تعلم "

قال بتألم " ليس لدي شيء مهم ولن تستفيد مني في شيء "

قلت بسخرية " لعبة قديمة لا تنطلي على رجل حقق

مع الآلاف قبلك "

ثم زدت من الضغط على قدمه وقلت " لم ترى ولا

نصف قوتها بعد بل لم تجرب يداي "

صرخ بتألم وأنا أزيد من ضغطي تدريجيا ثم أبعدتها وقلت

" أتركه لي هذا يبدوا يريد أن يجرب يدي بالفعل "

قال حينها على فور " أنا عبد مأمور سيدي "

أمسكته منه وقلت " أعلم وأريد معرفة هذا الذي جعلك عبدا له "

قال بارتجاف " الرائد مختار أسعد السـ "

صفعته وأمسكت شعره بقبضتي وضربت رأسه على الجدار

وقلت بحدة " ما أسعدني بك وبه رجال البحرية شرطة تقتل

الناس بدلا من أن تحميهم ويجرونكم أنتم طلبة كليتهم معهم

هل هذا ما يعلموه لك في كليتك هل هكذا تحمون الوطن

والمواطن أين ضمائركم يا حثالة "

قال بصوت ضعيف والدماء بدأت تسيل من رأسه " استغلوا

حاجتي فوالدي لديه عملية وأحتاج للمال ضننت الأمر

عاديا كما قالوا لي ثم بدئوا بتهديدي "

بدأت بصفعه دون تركيز وأنا أصرخ بغضب " تنقد والدك على

حساب أرواح الأبرياء هل تعلم كم مات بسبب أفعالهم من رجالي

ورجال الشرطة والعامة قبلهم هل تعلم كم امرأة ترملت وأبناء

تيتموا ومصانع توقفت وأرزاق قطعت لكي تجري عملية

لوالدك ، لو كل من احتاج فعل مثلك لانتهينا يا صعلوك "

أبعده عني وقال " لن تستفيد شيئا من ضربه فما لديه قاله "

بصقت عليه وقلت " أبعدوه عن وجهي والليلة يكون خارج البلاد

ومكانه جاهز ولا تفرح بهذا كثيرا فستكون في سجن حتى النور

لا يدخله لتأتي هنا للمحاكمة فيما بعد هذا إن تركوك أسيادك

على قيد الحياة "

ثم خرجت وتركت المكان وتوجهت بخطواتي للمنزل

دخلت وقلت " خليل وسالم وأسعد وفلاح يكونون في

مكتبي هنا خلال أقل من ساعة "

ثم صعدت للأعلى وتوجهت لجناحي دخلت وكانت سما تقف

عند حوض الأسماك الفارغ تشاهد الأحجار والأصداف والتفتت

ما أن دخلت فوقفت عندها وقلت " سما كوني حذرة وآمني بشيء

واحد أن الموت أمر محتوم ساعته لا تتقدم ولا تتأخر "

قالت بهدوء " اقتربوا منا إذا "

قلت متوجها جهة غرفتي " وصلتني رسالة تهديد منذ

قليل ولأول مرة , المهم افعلي كما قلت لك إن

دنا منك الخطر أكثر "

دخلت الغرفة وللحمام مباشرة استحممت ولبست ثيابا أخرى

ونزلت لمكتبي في الأسفل وكان الأربعة في انتظاري فتوجهت

للمكتب ووقفت خلف طاولته ورميت لهم بهاتفي فرفعه أسعد وقرأ

الرسالة الموجودة فيه ومده للذي بجانبه ثم قال " وصل التهديد

لك إذا وبكل جرأة يفعلونها ويهددون من هوا أعلى منهم "

قلت بسخرية " هذا لتعلم أن ثمة من أقوى ممن عرفناهم

ليرسل تهديدا كهذا "

قال فلاح " ماذا يعنون بأن تترك القضية لغيرك "

قلت ببرود " يعني يحلمون أن أسلمها لمن يغطي على أفعالهم

ويهددونني حال رفضي أن لا ألوم إلا نفسي الحثالة "

قال أسعد " نظمت دوريات كبيرة من رجال الشرطة حيث

أمرتنا والجميع يعمل على قدم وساق "

هززت رأسي بحسنا وقال سالم " الشرطة العسكرية

تحت إمرتك أيضا "

قال فلاح " الجيش أيضا جاءتهم أوامر من الوزير احتياطا

وصاروا تحت إمرتك "

نظر له خليل وقال باستغراب " وما دخل الجيش بكل هذا "

تحركت من خلف المكتب ووقفت معهم وقلت " يبدوا أن

العنكبوت بدأ يحرك ذيوله والوزير ورئيس البلاد

اعترفا بخطورة الوضع أخيرا "

ثم نظرت لساعتي ورفعت نظري لهم وقلت " لدي اجتماع بعد

ساعتين مع وزيري الداخلية والخارجية وسأطلعهم هذه المرة

على كل ما وصلت له والأسماء التي تحصلنا عليها من أدلتنا "

قال سالم " غريب ما غير رأيك فجأة "

قلت بجدية " الرسالة طبعا فأنا أفهم مغزاها جيدا فعلى الوزير

ورئيس البلاد أن يضمنا لي أن يمسكوا الفاعل وينال عقابه كان

من يكون ومهما كان مركزه أو يخبروني منذ الآن أنه سيكون

هناك تورية ومداراة فضائح فأترك ليس هذا الأمر فقط بل

والشرطة بما فيها وأعيش حياتي وعائلتي كرجل عامي

وأحميهم هم على الأقل بما أني لن استفاد شيئا "

قال أسعد " معك حق تفكر هكذا فإن تبين أن ثمة ذراع

كبيرة في الدولة وراء هذا قد يغطوا عليها بتعهدات وسجن

لأبرياء لإغلاق ملف الجريمة فكم حدثت سابقا في دول أخرى "

قلت بجدية " ولهذا سأطرح أوراقي أمامهم ، عقيد سالم تعلم ما

الذي في عهدتك حتى أعود والبقية ابدءوا التحرك كما أمرت

وإن أتتكم إشارتي تجلبوهم للتحقيق معهم "

قال أسعد " هل تفكر فعلا في التحقيق مع ضباط في البحرية "

قلت بجدية " وسأرفع يدي عليهم إن لم يعترفوا لكن

هذه الخطوة ستكون للضرورة فقط "

ثم خرجت من عندهم وتبعني سالم قائلا " لم يجدوا

شيئا في أغراض الفتاة سيدي "

وقفت والتفت له وقلت " هل كان تفتيشا دقيقا أم العين

في جانب والعقل في آخر "

قال مبتسما " ألا تثق في فريقهم فكم عملوا

معك في التحقيقات "

هززت رأسي بحسنا وغادرت من عنده ، لو فقط أجد

الدليل الذي لديك يا سما فأنا متأكد أن فيه هلاكهم





*

*





رفعت هاتفي وبحثت عن اسمها , تلك العلكة المحتالة فليلتها

سهرت انتظر مكالمتها وفي النهاية اتصلت بي وادعت أنها لا

تسمعني وكانت أذكى مني وسأريها ، اتصلت بها فأجابت

وقلت ما أن فتحت الخط " تسمعينني الآن بالتأكيد "

قالت بصوت مرتفع " ماذا تقول معتصم أخبرتك أن

سماعة هاتفي لم تعد تعمل جيدا بعدما وقع مني

ولا أسمع جيدا ما تقول "

قلت بابتسامة جانبية " لا بأس يا علكة لابد

وأن جزء منك التصق بها "

قالت بغضب " لست علكة وأقسم إن قلتها لي مجددا

أخبر جابر أنك تتعمد مضايقتي "

ضحكت وقلت " ظننتك لا تسمعين ما أقول "

قالت بغيض " بلى لكن هذه سمعتها "

قلت بسخرية " بل أرى أن هاتفك تحسنت حالته فجأة "

قالت ببرود " هاتفي ولا شأن لك به يمرض متى

يحب ويتحسن متى ما يريد "

تنهدت بضيق وقلت " بتول واحد زائد واحد كم يساوي "

قالت بذات برودها " عشرة "

قلت ضاحكا " لهذا أنتي فاشلة في الدراسة "

قالت بضيق " جئت به من ابن عمي وليس من غريب "

قلت بعد ضحكة " نعم وعلاماتي طوال سنين دراستي تشهد "

تأففت ولم تعلق فقلت " بتول واحد زائد واحد تساوي

اثنين سهلة فلا تعقديها "

قالت من فورها " شرط أن يكون كما أريد "

تنهدت وقلت " وأخيرا يا متحجرة ، أتحفيني بشروطك "

قالت بضيق " معتصم ما هذا الأسلوب عاملني باحترام "

قلت من فوري " حاضر يا قلب معتصم وعيناه أتحفيني

بأزهارك وهداياك "

قالت ببكاء مصطنع وغنج " أقسم أنك تسخر مني وسأريك "

تنهدت وقلت " وأنا أقسم أنك واهمة فقولي ما لديك "

قالت ببرود " نتزوج رسميا بعد أن أنهي الثانوية "

قلت " وغيره "

قالت " لن يكون هناك أبناء حتى أتخرج من الجامعة "

قلت " وغيره "

قالت " فقط لم يعد هناك غيره "

قلت " لن نؤجل شيئا وسأتركك تغيرين سير دراستك لما

تريدي بل وتقلصي الأعوام كي تكسبي العامين اللذان ضاعا

منك فحتى هذا العام الذي نجحت فيه ستخسرينه لكني

سأتدبر الأمر فماذا قررت "

قالت بمفاجأة " حقا تستطيع ذلك وأدرس ما أريد "

قلت " نعم فقط خلصينا من شروطك الحمقاء "

قالت بضيق " شروطي ليست حمقاء ولن

أتنازل عنها وهي من حقي "

تأففت وقلت " بتول ستدرسين ما تريدين وأنا بنفسي سأساعدك

والأبناء لن يعيقوك مع وجود الخادمات وأبناء جابر ، ارحميني

فكل غرضي أن نكون معا فلما نؤجلها كل ذاك الوقت وهي متيسرة "

قالت بغنج " لا أريد أن أحمل ويكبر بطني يع أكره الحوامل "

قلت ببرود " تفكيرك سطحي كسنك "

قالت بضيق " رأيت بعينك كيف تسخر مني

وتريد أن تتزوجني لـ..... "

قلت بحدة " بتول توقفي عن لعب الأطفال تعرفين جيدا أني

أحبك ومتمسك بك وتماطلي وتتحججي "

قالت باستياء " توقف عن الصراخ بي هكذا "

قلت بنفاذ صبر " بتول لا أصدق أن من ربت أشقائها

تخاف من مسؤولية الأبناء فدعينا ننتهي من هذا "

قالت بهدوء " ولن يرجع معتصم القديم ويسخر مني مجددا "

قلت بذات هدوئها " لن يرجع بح قتلناه وصلبناه فاقتنعي

أنه كان يحبك يا غبية "

قالت باستياء " طريقته في الحب لا تعجبني فإن

عاد ستطلقني فورا "

تنهدت وقلت " حاضر هل نقول مبروك وأذهب لعمي فورا "

قالت من فورها " لا طبعا أريد حفل زواج كبير تحظره كل

زميلاتي وشهر عسل وأن أسجل في المعهد كما وعدتني أولا "

قلت بقلة حيلة " لا بارك الله في الشيء المسمى حب وفي الغبي

المدعو قلب حاضر أمري لله ألا تريدي أن أزفك بسلم من السماء "

ضحكت وقالت " لا طبعا هل تفاول عليا بالموت لتتزوج بأخرى "

قلت بمكر " ما رأيك لو تتركي لي باب منزلكم الخلفي

مفتوحا الليلة لنتفاهم في أمور الزفاف "

شهقت بقوة وقالت " وقح ولن تراني حتى تحقق كل ما

طلبت وويلك يا معتصم إن فكرت أن تقنع والدي بإلغاء

الحفل .... وداعا "

قلت من فوري " هيه انتظري "

لكنها أنهت المكالمة ، لا بأس فالمهم حدث أخيرا وانتهينا ، كم

أتعبتني معك يا بتول من قال أن اللعب بعقول المراهقات أمر

سهل فقد كذب ، وضعت هاتفي في جيبي ووقفت وأخذت

محفظتي ومفاتيحي لأغادر الشقة قاصدا الجامعة وتقابلت ومعاذ

خارجا من المطبخ يغني وفي يده كوب شاي فقلت ضاحكا

" ما أخبار العريس يبدوا مبسوطا بجنيته "

جلس على الأريكة وقال ببرود " أولا أنا لم أتزوجها بعد

لتقول عريس وثانيا اسمها ملاك وليس جنية "

قلت متوجها جهة باب الشقة " جنية ملاك أو حتى ناقة المهم

أنها خلصتك من عقدة ما بعد الطلاق "





*

*







كنت جالسة مع بيسان أعلمها بعضا مما سيتعبنا العام القادم

فأمجد مر بها حديثا وأتعبني فيها فسمعت صرخة ترف الباكية

والسبب معروف طبعا فالتفت وقلت بهدوء " أمجد بني

أعطها لها أنت رجل وعليك أن تسايرها "

قال بضيق " دائما تأخذها مني أليست تلعب بها صباحا "

تأففت وقلت بنفاذ صبر " أقسم أن روحي في رأس أنفي

وكارهة حتى نفسي فارحموني قليلا "

اختطفتها حينها من يده وركضت بها جهة باب الشرفة وضربته

لينفتح وخرجت بها ووقف أمجد ليلحقها لحظة سماعي لشيء

أعرف ما يكون من الصفير الذي يحدثه لأقف على

طولي وصرخت " توقف يا أمجد "

فوقف مكانه وتوجهت جهة الشرفة راكضة ودموعي بدأت

بالنزول وكل ذرة في قلبي تقول يا رب خن توقعاتي يا رب

اقتربت من أمجد وسحبته بعيد واقتربت لباب الشرفة لتوقفني

مكاني الرصاصة التي ضربت حديدها وكانت تقصدني بالتأكيد

فانبطحت أرضا وقلت صارخة ببكاء " ترف أجيبي إن كنتي تسمعينني "

ولا جواب طبعا كانت رصاصات بكاتم صوت ويبدوا أصابوها

زحفت نحو باب الشرفة أكثر ودموعي تغسل الأرض تحتي

وأنا أقول بعبرة " يا رب كله إلا أبنائي أقسم أن أفقد

عقلي إن أصابها مكروه "

كنت أقترب من فتحة الباب على صوت بكاء ومناداة أمجد

وبيسان لي وأنا أصرخ بهما ليبتعدا ولا يقتربا مني مهما حدث

حتى رأيت جسد ترف المرمي على أرض الشرفة والدماء حولها

فضربت وجهي في الأرض أناديها وأبكي رغم أني أعلم أنها لن

تجيب ، وصلت لساقها بصعوبة وسحبتها منها حتى وصلت بها

الباب ثم قلت " أمجد انزل للحراس فورا وأخبرهم مؤكد منهم

من سمع صوت صفير الرصاص حذرهم من الصعود لنا ومن

أن تعلم جدتك أطلب منهم الاتصال بوالدك أو عمك منصور

بسرعة يا أمجد وإياك أن تشعر جدتك بشيء "

ركض مسرعا وأنا أدخلت ترف بعدما طلبت من بيسان أن

تخرج من هنا كي لا ترى شقيقتها هكذا ، وصلت بها للداخل

ولففتها سريعا في لحاف سريرها ولبست حجابي وضممتها

لحضني ووقفت بها ولا أعلم أي قوة تحركني حينها لأن عقلي

لم يكن معي وكل ما كنت أفكر فيه أن نصل بها للمستشفى سريعا

فليس هذا وقت بكاء وعويل ولا حتى لأرى إن كانت حية أو ميتة

خرجت بها من الغرفة وصرخت باسم سيلا بأعلى صوتي فكانت

في لحظة راكضة نحوي وقالت بفزع " ما بك سيدتي وما هذه

الدماء ومن تحملين ولما .... "

قاطعتها قائلة " ليس هناك وقت للشرح الآن ، ترف أصيبت

أدخلي الغرفة ونظفي الدماء ولا تقربي الشرفة مهما حدث

أغلقيها بحذر وابقي مع الأولاد ولا أحد يقترب من الشرفات

ولا تعلم جدتهم بشيء مهما حدث يا سيلا إياك وأن يقولا شيئا

لأحد عما حدث خديهما لجناحي واسجنيهما معك هناك واهتمي

بهما جيدا حتى أعود "

ثم ركضت مسرعة ونزلت السلام وتوجهت بها لباب القصر

لأجد الحراس على قدم وساق في الخارج فقلت لأمجد الواقف

عند الباب " أصعد لسيلا بسرعة واعتن بشقيقتك ولا تقتربا

من شرفة الجناح مفهوم "

هز رأسه بحسنا ودموعه لا تتوقف عن النزول فخرجت

وأعطيت ترف للحراس وغادرت معهم أحبوا ذلك أم كرهوه

وقلت ما أن ركبت السيارة " هل اتصلتم بجابر "

قال الذي يقود السيارة " قالوا انه في اجتماع مغلق مع الوزراء

ولا يمكن إعلامه بأي شيء حتى يخرج لأنه لن يجيب على

أحد ولن يرى اتصالاتهم "

هل هذا وقته الآن يا جابر , كانت مخاوفه في محلها وها هم أبنائه

أصبحوا مستهدفين ، قلت بسرعة " عم جابر أخبروه بسرعة "

قال الجالس بجانب السائق " هوا في السيارة التي خرجت خلفنا "

ضممت يداي لحظني أبكي بصمت وادعوا بكل ما يأتي على

خاطري من دعوات ثم فتحت اللحاف من على رأسها وهي في

حضن أحد الحراس بجانبي ومسحت على شعرها أبكي بحرقة

وقلت " يا رب صبرني يا رب "

ثم مددت يدي المرتجفة لعنقها وأنظر للذي يمسكها بصدمة

فقال " هل هي حية سيدتي "

هززت رأسي بنعم غير مصدقة ثم نظرت أماما وقلت

" بسرعة ما بكم هل تريدون أن تموت بين أيدينا "

قال وهوا يلف بالمقود يسارا " ها قد وصلنا نحن نسير

بأقصى سرعة لدينا "

دخلنا سور المستشفى ونزلنا ركضا جميعنا وأدخلوها غرفة

العمليات فورا وتركوني لا أعلم حتى كم رصاصة أصابتها

وأين وكل ما أعلمه أنها دخلت حية وقد تخرج ميتة ، كنت

أجوب الممر وأبكي وأهلوس كالمجنونة وأشعر أن عقلي لحظات

ويطير من رأسي لحظة دخول عم جابر راكضا مع حارسين

آخرين ووصل عندي فأمسكت يده وقلت ببكاء " ترف ستموت

يا عمي قتلوها أمام عيناي طفلة , تدفع ثمن لعبة موت "

قال محاولا تهدئتي " ستكون بخير يا أرجوان هدئي من

روعك ولا يموت أحد قبل يومه فكبري عقلك "

ضربت يداي ببعضهما وقلت بنحيب " أي عقل بقي بي لأكبره

أي عقل يا عمي أقسم إن فقدت حياتها أن أفقده معها أعيدوا

لي ابنتي أرجوكم لا أريد شيئا غير هذا "

هز رأسه وقال " لا حول ولا قوة إلا بالله ما هذا اليوم "

تركته وعدت أجوب الممر ثارة واتكأ على الجدار ثارة أخرى

ونحيبي يصل لآخر الممر وعم جابر يحاول تهدئتي حينا ثم

يذهب يبحث عمن يدخل ويخبره عن شيء وباقي الوقت يحاول

أن يتصل بجابر ومرت ساعة ونحن على حالتنا تلك حتى خرج

من آخر الممر جابر وخلفه ما لا يقل عن خمس رجال متوجها

نحونا بخطوات سريعة وهم خلفه فركضت جهته وارتميت في

حضنه أكمل بكائي هناك ولم أكترث لا بعمه ولا الحراس ولا

رجاله فوحده من أحتاجه الآن أحتاج وجده وحضنه وحتى سماع

صوته فقد أتعبني الشوق والاحتياج ، أمسكني بذراعه وابتعد بي

عن الجميع وعمه يتبعنا وقال " ألم يخرج أحد من الأطباء بعد "

قال عمه " لا هم في الداخل من أكثر من ساعة ولم

يخرج أحد حتى الآن "

شدني بذراعه بقوة وقال بغيض " سحقا للأنذال

يهددون وينفذون "

قال عمه " حمدا لله أن أرجوان كانت معهم لكان أمجد

لحق بها وستتبعهم بيسان بالتأكيد لولا أن تصرفت بسرعة

وبحكمة لكنا الآن في ثلاثة "

قال " هل علمت والدتي "

قال عمه " لا كل شيء بخير "

ثم قال بضيق " ما هذا يا جابر كيف يدفع الأطفال ثمن

اللعب مع المجرمين أنت تعرض عائلتك للخطر والله

وحده يعلم من القادم "

قال بجدية " يريدون أن أترك القضية ماذا سأقول لأهالي

الضحايا وأهالي رجالي ورجال الشرطة .... لا أريد أن أخسر

عائلتي ولست كفئا لإرجاع حقكم وحماية غيركم "

تنهد عمه وقال " أعلم وأرى ما يقول الناس في مواقع التواصل

في الإنترنت ولا تذكر القضية إلا واسمك في كلامهم والجميع

يعلق أماله عليك لكن ما ذنب عائلتك وأبنائك ماذا إن ماتت ترف

الآن أو أصيبت بعاهة مستديمة ستبقى تشعر بالذنب كل حياتك "

قال بهدوء " الشرفات كانت حلهم الوحيد ولم أفكر فيها وفي

أن يستخدموا قناصة لأجل ذلك وهذا إن دل على شيء يدل

على أنهم تيقنوا من أني بث أقترب منهم "

رفع بعدها هاتفه الذي يرن لأذنه وأنا لازلت على حالتي

متعلقة به أدس وجهي في صدره وأبكي وذراعه تضمني له

أجاب قائلا " أين أنت الآن يا معتصم "

" حسنا ما أن تنهي اختبارك تكون في القصر

ولا تخرج سوا لمادتك المتبقية "

قال بعدها بضيق " تنفذ بدون نقاش ترف أصيبت ونحن

في المستشفى ولا أريد أن أخسر الجميع "

" نعم ولا نعلم شيئا لازالت في غرفة العمليات كن هناك

واعتني بالبقية وحاذروا من الشرفات والنوافذ تغلق جميعها

وأخبر والدتي أن ترف لديها حمى ونوموها في المستشفى

واتصل برضا وحذره وزهور من الخروج ولا فتح نوافذ

شقتهم كذلك عائلة عمي منصور "

" لا لا تأتي عمي هنا معها والحراس كن هناك وافعل

ما قلت لك أنا أعتمد عليك ورائي عمل كثير "

" لا تقلق بشأني المهم الآن أنتم وداعا "

أمسكت بقميصه أكثر وزاد بكائي بعد كلامه الأخير وتخيلت

أن يأخذوه منا بسهولة ، إن لم يرحموا طفلة بريئة فماذا سيفعلون

معه ،انفتح حينها باب غرفة العمليات فابتعدت عنه بسرعة وأسرعنا

جهة الخارجان من هناك يزيلان كماماتهما والقبعات وقال أحدهما

من قبل أن نتحدث " رصاصة أصابت كتفها والأخرى رئتها اليمنى

أخرجناهما وستكون في العناية المشددة وتحت المراقبة لثماني

وأربعين ساعة إن اجتازتهما تخرج من مرحلة الخطر فعليكم

بالدعاء لها وحمدا لله على سلامتها "

وغادرا فأغلقت فمي بيدي وعدت لنحيبي المستمر وقال عمه

" احمدي الله أنها لم تمت وأن الرصاصة لم تصب عمودها

الفقري وهي في هذا السن لكانت أصبحت مشلولة لباقي عمرها "

بقيت على بكائي حتى انفتح باب الغرفة مجددا وأخرجوا

سريرا يجرونه وهي فوقه كالجثة لا تتحرك فركضت معهم

كل خطوة تسبقها ألف دمعة وكل ما أريده أن أراها فقط

أدخلوها غرفة العناية وانتقلنا لذاك الممر وقال جابر " لا نفع

من بقائكم هنا ليومين أرجعا أأمن لكما وأنا سأكون على اتصال

بهم هنا وسأزورها كلما استطعت "

رفعت نظري به وقلت ببكاء " لا أريد الذهاب أتركني

معها ما سيضر ذلك "

قال بضيق " أرجوان هذا ليس وقته والطبيب أمامك قال

لن يراها أحد قبل يومين فما نفع بقائك هنا "

قلت بعبرة " نفعه ما نفعه لا يهمني قدر النار المشتعلة

في قلبي بقائي هنا أريح لي "

قال بحدة " هل يجب أن يشهد كل مكان عام على

صوتي وصوتك كالأطفال يا أرجوان "

قال عمه " تعوذا من الشيطان واتركها معها يا جابر وأنا

سأكون هنا معهما ومؤكد لن تترك ترف بدون حراسة مشددة

فلن يصيبنا شيء دعها تطمئن عليها وأنا بنفسي سأوصلها للقصر "

تأفف ثم رفع هاتفه لأذنه قائلا " أريد انتشارا أمنيا وحراسة

مشددة حتى على الأطباء هنا مفهوم "

ثم وضع هاتفه في جيبه وغادر وتركنا وأعلم أن غضبه مني

ازداد أضعافا لكن المهم عندي الآن أن أكون بجانبها فكيف

سأبات ليلتي هناك في القصر وهي هنا لا أعلم عن حالتها شيئا

وما مرت لحظات إلا وكان الممر مليء برجال الشرطة وانتقلت

أنا وعم جابر للغرفة المجاورة لها لكن الجمرة التي في قلبي لم

تكن تتركني أرتاح فكنت كل حين أخرج لأراها من الزجاج

في باب الغرفة وهي على حالها الأجهزة محيطة بها والأنابيب

موصولة من كل جانب وهي كالميتة لا تتحرك ومرت عليا

ليلة مأساوية قضيت أغلبها أتقيء في الحمام وأحشائي تتقطع

وكنت أجاهد نفسي وأكابر كلما خرجت وتقابلت وعمه كي

لا يرجعوني للقصر وكلما علمت منه أن جابر هنا لا أخرج

من الغرفة كي لا نتشاجر مجددا





*

*





منذ اتصل بي معتصم وقال ما أوصاه به جابر وأنا في حالة

وسوسة فلم أفارق الغرفة جالس بجانبها وهي نائمة أخاف أن

لا تعمل بكلامه وتفتح باب الشرفة أو النافذة فلم يحذرنا جابر

من فراغ فمن لي إن قتلوها فالجميع سيعيش حياته ووحدي من

سأعاني بعدها , ومرت ساعات الليل الطويل وأنا على حالتي

جالس بجانب رأسها على السرير وأراقب ملامحها , نومها

هادئ وتنفسها منتظم عكس ما كانت أول ليلة نمت هنا تئن

وتبكي وتتحدث كثيرا وهي نائمة ولا تشعر بنفسها فيبدوا أنها

أخرجت شيئا مما تكبته وتخلصت منه , مررت أصابعي على

خدها ببطء فتحركت متضايقة فأبعدت يدي بسرعة لكنها لم

تستيقظ فابتسمت على نفسي وكيف أتحايل عليها في نومها

فقط لألمسها بأصابعي وسرعان ما ماتت ابتسامتي وأنا أرى

الأثر الذي ظهر من فخذها حين ارتفع الفستان قليلا فمددت

يدي ورفعت الفستان للأعلى ووقفت على طولي مفجوعا

من أثار التعذيب أعلى فخذيها ، النذل الحقير ما هذا الذي

فعله بها كيف يعذبها هكذا في مكان كهذا ، أمسكت الفستان

بقبضتي بقوة وغضب العالم كله يعميني وشددته للأعلى بقوة

وعنف لأرى باقي جرائمه فجلست هي مفزوعة تغطي

نفسها وقالت بحدة " ابتعد يا رضا ماذا تفعل "

لوحت بيدي وقلت بغضب " كيف تسكتين عن كل هذا يا

زهور كيف ، الوغد الحقير انظري ما فعل بك "

غطت نفسها برجفة وقالت ببكاء " أنت السبب أنت "

فتحت فمي لأتحدث ثم أغلقته وخرجت من الغرفة وأخذت

هاتفي وخرجت به للمطبخ واتصلت بجابر فلم يجب كعوائده

فأرسلت له ( أجب فورا الموضوع مهم ويخص زهور )

اتصل بعدها بقليل ففتحت الخط وقلت مباشرة " أين ذاك

الكلب أين وفي أي بلاد فأنا من سيقتص منه بنفسي "

قال مباشرة " ما بك وما بها زهور "

مررت أصابعي في شعري وأمسكته وقلت بحرقة " تعال وانظر

أي جرم ارتكبه فيها وأعطني مكانه فلن ينقذه مني أحد "

قال صارخا " رضا تحدث ماذا فعل وأنا من سيسلخ

جلده عن عظمه "

تنفست بقوة وقلت " علينا أن نتقابل وتعلم بكامل القصة مني "

قال من فوره " قادم لك حالا لا تغادر من شقتك "

أنهيت الاتصال معه وعدت جهة الغرفة ووقفت عند الباب

فكانت تجلس على السرير تحضن ساقيها وتبكي فأغلقت الباب

بهدوء وتركتها وحدها لتهدأ قليلا أولا وجلست في الصالة حتى

سمعت جرس الباب فتوجهت نحوه وفتحته فكان جابر وقال

مباشرة " أريد أن أراها معك أين هي "

أدخلته وأغلقت الباب وقلت " دعنا نتحدث أولا لأن

نفسيتها لن تسمح "

قال بجمود " رضا ما الأمر لطالما كنت أشك أن

سرا ما وراء ما حدث لزهور "

توجهت للأريكة بصمت وتبعني وجلس أمامي فقلت

" لا تتحدث حتى أكمل كلامي "

لم يعلق وأنا أعرف جابر بمقدار ما عقله كبير غضبه لا يرحم

ومؤكد خمن شيئا أعرف ما يكون ، نظرت لعينيه بتبات وبدأت

أسرد عليه ما حدث منذ ذاك الزمن البعيد فأنا أعرف المحققين

حتى حركة حدقتا العينين ونبرة الصوت يدققون عليها ويحللونها

وما أن انتهيت حتى قال " ماذا غير فخذيها يا رضا وأنت تفهمني "

نظرت للأرض هوا فكر في هذه وترك باقي الأمور

كلها ، قال بحزم " تكلم يا رضا "

قلت بهدوء " لم أره "

قال بعد صمت وبصوت مصدوم " معك منذ هنا أكثر

من شهر ماذا كنتما تفعلان "

نظرت جانبا وقلت " شقيقتك لن تتخطى الصدمة بسهولة

لو اقتربت منها قد تفقد عقلها "

وقف وقال " سيرى ذاك الإمعة ولن أكون جابر إن لم أبكيه

دما كان جاء وأخبرني بدلا من تعذيبها الحثالة "

رفعت نظري له فأشار لي بإصبعه وقال " وأنت يا رضا أقسم لو

قالت زهور غير ما قلت ولم يكن حادثا سترى على يداي تعذيبا

لن تنجوا منه وإن بقيت حيا تكمل باقي عمرك في السجن "

وقفت وقلت " جابر أنت تعرفني جيدا وأقسم أنه

كان حادثا ولم أقصده "

قال بغضب " كنت تحدثت منذ البداية يا غبي هل يعجبك

ما صارت له شقيقتي بسببك والله يعلم ما يكون مخفيا "

ثم أشار لي بإصبعه مجددا وقال " ما يمسكني عنك حتى الآن

أني كما قلت أنت أعرفك جيدا ومنذ صغرنا لكن إن فقدت

زهور شيئا بسبب ما فعله ذاك وخسرت أمومتها أقسم

لن أرحمك حتى أنت "

ثم تركني وتوجه جهة الغرفة فلحقت به وأمسكت ذراعه وقلت

" جابر هي في حالة سيئة الآن وهذا ليس وقته "

رمى بيدي عنه وفتح باب الغرفة ودخل وأنا أتبعه فكانت

على حالها وجلستها وبكائها فتوجه نحوها وجلس بجوارها

وقال بهدوء " زهور "

فرفعت رأسها ونظرت له وارتمت في حضنه من فورها

تبكي بمرارة وهوا يمسح على رأسها قائلا " يكفي بكاء أقسم

أن أمزقه تمزيقا ولن يرحمه مني أحد "

ثم ضمها بذراعه لحظنه أكثر وأخرج هاتفه واتصل بأحدهم

ثم قال بأمر " الصعلوك عاطف رفعت صفوان ملفه لدى النقيب

أسعد يكون في هذه البلاد خلال أربع وعشرين ساعة وفي

مكتبي بعدها بساعتين مفهوم "

أنهى بعدها الاتصال ثم وقف وأوقفها معه فقلت " أين تأخذها "

قال بحزم " للمستشفى طبعا لأرى إن كان غيره سيزور مكتبي "

وهوا يقصدني أنا بالتأكيد , قال بعدها ناظرا لها

" أين عباءتك وحجابك "

قالت بصوت ضعيف " في حقيبتي "

أجلسها على السرير وتوجه لحقيبتها فتحها وفتش فيها حتى

أخرجهما وعاد لها فقلت " جابر إن ..... "

قاطعني بحدة وهوا يمدهم لها " اشتري حياتك مني

يا رضا واصمت "

تأففت ولذت بالصمت وساعدها هوا لتلبسهما وخرج بها

فتبعتهما حتى الأسفل وركبت سيارتي وتبعت سيارته





*

*







غادرت بها من شقتهما في صمت من كلينا سوا دموعها التي

تعصر بها قلبي عصرا وتمزقه ، أين كنت عنك كل هذا يا زهور

أركض خلف الجرائم وآخذ بحقوق الناس وشقيقتي نصف إنسانة

جسد بلا روح بل ومشوه أيضا وأنا أضنها عزلة مطلقة هروبا

من كلام الناس ، ما هذا اليوم الذي يهد الجبل ابنتي التي بين

الحياة والموت هناك وشقيقتي التي ظهرت لي بحقيقة قسمت

بها ظهري لنصفين ، توجهت بها فورا لمستشفى خاص معين

بل قاصدا طبيبا بعينه ما أن اتصلت به ترك نومه ومنزله

وسبقني للمستشفى ، أقسم إن كان ما في عقلي حدث لك يا

زهور أن يفقد ذاك الإمعة رجولته وعلى يدي وليريني كيف

سيعيش حياته وحسابي مع رضا لن يقل عنه ، أوقفت السيارة

في موقف المستشفى فخرجت زهور حينها من صمتها وقالت

بصوت مرتجف ضعيف " أقسم أني لم أضيع شرفي وشرفكم

يا جابر فارأف بي يا شقيقي يكفيني ما رأيت من تعذيب "

شددتها لحظني وقلت " تنقطع يدي قبل أن تمتد على أنثى مثلك

يا زهور كيف وهي شقيقتي التي أعرف كيف تكون ولست هنا

لأتأكد من صدق كلام رضا وحقيقة ما حدث وحتى إن فرضنا

ذلك فهوا الملام وليس أنتي فأنا أعرف أي ظروف تربيتي فيها

وبإمكانه أن يستغل ذلك ليحولك لضحية انزلي معي فهناك طبيب

هنا عليه التأكد من أمر ما وذاك الحثالة زوجك السابق حسابه

سيكون معي عسيرا ويذوق ما أذاقك لن ينقص من ذلك

شيء وحتى سنوات سجنك لنفسك "

تمسكت بي أكثر وقالت بنحيب " أضاعوني يا جابر

ودمروا حياتي ومستقبلي "

شددتها لي بقوة وأشعر بألم وحسرة لم أشعر بها حياتي فكلامها

هذا يزيد من شكوكي أكثر ، قبلت رأسها وقلت " سأتأكد بنفسي

ولن ينجوا مني كليهما إن صدق كلامك وظنوني فاتركينا ننزل

فالطبيب ترك نومه ينتظرنا "

نزلت تتبعني في صمت ودخلنا لقسمه مباشرة لتأخذها الممرضة

لإحدى الحجرات وأغلقت الباب خلفهم وجلست أنا أمامه وقلت

" أريد أن أعرف أين وصلت التشوهات في جسدها وهل أفقدتها

شيئا كأنثى وفقدت أمومتها أو لا وما يمكن إصلاحه بعمليات

التجميل لكل الآثار في جسدها ولا تفكر في أتعابك فقط أريد

خبرة هذا الشعر الأبيض "

قال مبتسما " ألا تثق في هذا العجوز الذي أمامك بعد "

قلت بجدية " أريدها أن ترجع كما كانت حورية بين

النساء وفي نظر نفسها قبل غيرها "

وقف وقال " ثق بأني سأفعل ما في وسعي ودعني

أكشف عليها ونرى "

وقفت وقلت " لا أريد أن تدون عنها شيئا ولا معلومة

بسيطة .... أي وكأن هذه الحالة لم تدخل لك "

هز رأسه بحسنا وقال " كن مطمئنا "

خرجت بعدها ووجدت رضا في الممر فاقترب مني وكان

سيتحدث فأشرت له بسبابتي على شفتاي أن يسكت وقلت بحزم

" لا أريد أن أسمع صوتك يا رضا واشتري سلامتك مني وابتعد

أو قطّعتك بأسناني قبل يداي وأفرغت فيك غضبي من الجميع "

تأفف وابتعد واقفا عند الجدار المقابل لي ووقفت أنا بجانب

باب غرفة الطبيب وبدأ هاتفي يرن دون توقف ولم أستطع أن

أجيب على أحد من البركان المشتعل داخلي ليرن بعدها هاتف

العائلة فأخرجته على الفور وكانت أرجوان فأجبت عليها قائلا

" ماذا بكم "

قالت مباشرة " يريدون دما وفصيلتي ليست كفصيلتها

لابد أن لك نفس الفصيلة "

نظرت لساعتي وقلت " لا يمكنني المجيء الآن انظروا في

رجالي هناك قد يكون منهم من يحمل نفس الفصيلة

حتى أتمكن من المجيء "

قالت باعتراض " لكن هم لـ....."

قاطعتها بحدة " يكفي لا تشتغلي لي كالمصلح ... لكنها

ابنتك وليس هم , لا أستطيع المغادرة لكنت أتيت "

قالت بهدوء حزين " لم يكن هذا ما سأقول , رجالك سيحتاجون

لاختبار لدمهم ولن أسمح أن يعطوها أي دم من أي

شخص أما أنت شيء آخر "

مررت أصابعي في شعري وتنفست بقوة وقلت

" سأتصل بمعتصم يأتيكم حالا عمي أين الآن "

قالت مباشرة " نام منذ قليل ولم أحب إزعاجه فهوا لم ينم

أبدا وحين طلبوا الدم بداية العملية قال أن زمرة دمه

مختلفة والآن يريدون المزيد "

تأففت وقلت بضيق " ولما يتحدثون معك أنتي ورقمي لديهم

وطلبت منهم مهاتفتي إن أرادوا شيئا ثم ما يريدون بالدم

الآن بعدما انتهت العملية بساعات طويلة "

قالت بغصة عبرة " الممرضة هي من أخبرتني وقالت أنهم

يتصلون بك ولا تجيب "

تنفست بقوة واتكأت برأسي للأعلى وقلت

" سأرى ما يمكن فعله "

ثم أنهيت المكالمة معها وأنزلت رأسي وضغطت بأصابعي

على جبيني ، هل تمسك غضبك عن الجميع لتنفثه بها يا جابر

هل ستجعلها متنفس لغضبك وتترك السبب فقط لأنك مستاء

من نفسك قبلها وطلبها الطلاق أرسلك للجنون ، انفتح باب

الغرفة وخرجت منه الممرضة وقالت " يمكنك الدخول سيدي "

تبعتها وأغلقت الباب خلفنا وتوجهت هي للغرفة التي أدخلت

لها زهور ودخلتها وخرج لي الطبيب وجلس في مكتبه وجلست

أنا أمامه وقلت " ما تقييمك لوضعها "

هز رأسه وقال " ما هذه الوحشية حتى حالات الاغتصاب

الجماعي التي تأتيني ليست هكذا "

قلت بتوجس " أخبرني بالمفيد صدقت ظنوني أم لا "

نظر للورقة أمامه وقال بهدوء " التشوهات بسبب التعذيب

وصلت لمناطق من يراها رأي العين يحكم أنها انتهت لكن الحقيقة

العكس , الجراحة ستساعد كثير والرحم أيضا يعاني مشاكل بسبب

الضرب الذي وجه له , أخبرَتني المريضة أنها متزوجة الآن وزوجها

لم يلمسها لكن كان يسهل عليها اكتشاف أنها طبيعية من بعض المقدمات

كما فهمت منها لكن الصورة المزروعة في دماغها جعلتها تعتقد أن

الجوهر كالظاهر ومعها حق فهذه وحشية حتى الوحوش بريئة منها "

أنزلت رأسي وأغمضت عيناي بقوة وتنفست بارتياح ثم

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " المهم أنه يمكن إصلاح كل

هذا حتى الخدش الصغير في جسدها أريده أن يختفي "

هز رأسه بحسنا وقال " سنبدأ جلسات العلاج بالأشعة متى ما

أمرتني وهناك جراحتين سنجريهم لها ثم عليكم تحويلها لطبيبة

نسائية لأنها قد تواجه مشاكل في الإنجاب فرحمها متحرك من

مكانه بسبب قوة الضرب عليه والمبايض أيضا متضررة ولم

تحض منذ ذاك الوقت مما زاد فكرة الأمر سوءا على نفسيتها

وزاد من أوهامها وكلها مشاكل مع تقدم العلم أصبح

يمكن حلها ولو أخذت وقتا "

وقفت وقلت " أريد أن تجري لها العمليتين أولا فأثار الضرب

ملحوق عليها كما الطبيبة النسائية أيضا وأريد أن نبدأ الأسبوع

القادم سأتدبر أمري وأجد وقتا لهذا وأكون هنا معها "

وقف وقال " إذا على بركة الله وحدد فقط اليوم الذي يناسبك

وسأكتب لها حبوبا تبدأ بأخذها الآن وحتى وقت العملية الأولى "

ضغطت قبضة يدي وقلت بغيض " سحقا للحقير أقسم أن

أمسح بوجهه الأرض "

تنهد وقال " لو طلت من فعل هذا فلا ترحمه لأنه

لم يرحمها بكل ما تعني الكلمة "

نظرت جهة زهور الخارجة من الغرفة تلف حجابها وقلت

" لن يمسكني عنه إلا موتي وأسأل الله أن أعيش لأجل

هذا فقط وبعدها فلأمت لا يهم "

ثم توجهت نحوها فأسرعت لحظني وارتمت فيه تبكي فضممتها

بذراعاي لصدري وقلت بهمس " أنتي بخير يا زهور وامرأة

كاملة لا ينقصك شيء كلها عمليتان بسيطتان وجلسات علاج

وستعودين كما كنتي والبقية ستتولاه الطبيبة النسائية وذاك

الصعلوك غدا سيكون هنا عندي وسأريك فيه عجائب قدرتي "

قالت ببكاء " هل حقا لم يحدث لي شيء لا تكذبوا علي "

قال الطبيب من خلفي " تأكدي من ذلك سيدة زهور وإجاباتك

عن أسئلتي أكدت لك ذلك دون دليل فوحدها تكفي "

أبعدتها عن حضني ومسحت لها دموعها وقلت " الباقي كله

تشوهات تزيلها عمليات التجميل ومشاكل ال‘نحاب حلها سهل

لدى المتخصصين بذلك أنتي طبيعية يا زهور ولا تشتكي

من شيء ليتك فقط حكيت لي منذ ذاك الوقت "

أنزلت رأسها وقالت بحزن " ماذا كنت سأقول لك "

تنهدت بقلة حيلة واستسلام بالفعل ماذا كانت ستقول لي وأنا

رجل ولا امرأة سوا والدتي التي بنت الحواجز بينها وبين

زهور وحتى صديقات لم يكن لديها ، وضعت ذراي على

كتفيها وخرجت بها من عنده وسلكنا الممر مجتازان لرضا

الواقف هناك وتحرك من مكانه قائلا " جابر "

وقفت وقلت " لا حاجة لك بها وستطلقها فلا أنت أو هوا كفؤ

لها ورحمتك من يدي فقط لأن الطبيب طمئنني عليها وأملاكك

التي أخذتها منك في العقد سترجع لك وانتهى كل شيء "

نظر لها وهي كانت رأسها للأرض وقال " لكني أريدها

هي لا ثروتي ولا أي شيء ومهما قال الطبيب "

تابعت طريقنا وقلت " إذا زهور من تقرر وليس الآن طبعا

وغدا موعدنا عند كاتب العقود لنعيد لك أملاكك "

خرجنا لموقف السيارات ووقنا عند سيارتي وقلت

" هل نذهب للقصر أم لمنزلي هنا في العاصمة "

نظرت لي وقالت باستغراب " منزلك هنا !! "

فتحت لها الباب وقلت " نعم منزل ومركز شرطة في آن واحد

وسيعجبك هيا اركبي أعلم أنك لا تريدين العودة للقصر حاليا "

كانت ستركبها لولا أوقفها الصوت المنادي لها " زهور "

فالتفتنا له كلينا فقال ناظرا لها " لن أطلقك يا زهور حتى تطلبي

أنتي ذلك ولا أريد مما أعطيتك شيئا لأني سأترك البلاد لكن

تأكدي من شيء واحد أني راض بك ولو نصف امرأة

وحتى الأبناء لا أريدهم "

ركبت السيارة في صمت ولم تعلق بشيء على كلامه فنظر

لي وقال " لا تحرمني منها يا جابر فأنت لم تجرب

معنى الحرمان "

قلت متوجها جهة بابي " أخبرتك أنها من سيقرر

وأنا وأنت ننفذ ورغما عنك "

ثم أخرجت هاتفي وابتعدت قليلا واتصلت بسما فأجابت

سريعا فقلت " آسف أيقظتك من نومك لكن شقيقتي ستكون

معك هناك هذه الفترة وكل شيء كما اتفقنا عليه حسنا "

قالت باختصار " حسنا "

فأنهيت المكالمة معها وعدت جهة السيارة وركبت وغادرنا

ورضا واقف مكانه , أعلم ما يشعر به الآن لكنه السبب فيه فكل

ما مرت به شقيقتي هوا سببه الأساسي فلو أنه تحدث منذ البداية

ما وصلنا لهذه النقطة ، قلت ونحن نقترب من المنزل " زهور

هناك شيئان في منزلي عليك معرفتهما قبل أن نصل "

نظرت لي باستغراب فعدت بنظري للطريق وقلت " رجالي

ينتشرون في طابقه الأرضي فلا تنزلي له أبدا وفي الأعلى

ستكون معك ساكنة أخرى تشاركنا الطابق "

قالت بعد صمت " ساكنة تشاركنا تقصد امرأة تسكن معك "

قلت بهدوء ونحن نجتاز الباب الخلفي له ونقف

" نعم جيهان زوجتي "

شهقت بقوة واضعة يدها على فمها وقالت بصدمة

" تزوجت على أرجوان "

فتحت باب السيارة ونزلت منها قائلا " نعم ولا

تسأليني لما فعلت ذلك "

أوصلتها للغرفة التي كانت فيها سما سابقا ووقفت عند الباب

وقالت " جابر أرجوان لا تستحق منك هذا , يومها اتصلت

بي تسأل إن كنت تتصل بي لتطمئن عليك , لا تدمر زواجكما

فلن تكون هناك واحدة أفضل منها "

قلت بابتسامة جانبية " وما بكم كلكم معها ضدي

أنا شقيقكم وليس هي "

قالت بابتسامة حزينة " لأن هذا يذبح المرأة وليس يجرحها

فقط كنت أخبرتها على الأقل "

قلت مغادرا " ظروفي اضطرتني لهذا تصبحين على خير "

كان هناك الكثير أريد التحدث معها فيه يخص ماضيها الذي

ظهر حديثا لكن وقت الفجر بات يقترب وعليها أن ترتاح

وعليا أن أصلي وأذهب للمستشفى ، نزلت السلالم وقلت

للواقف أمامي " أصبح اثنتان في عهدتك وقت غيابي

يا عقيد سالم "

قال مبتسما " هل تزوجت الثالثة "

ضحكنا معا وقلت مغادرا " استعدوا الليلة "

قال أحدهم بصوت مرتفع " موعدنا معهم الليلة إذا "

قلت وأنا أفتح الباب " نعم فالرجال يراقبون المكان منذ

أيام فاستعدوا لاقتحامه ولزيارة منزل شاهدنا الجديد فجرا "

ذهبت بعدها للمسجد ووصلت على الأذان صليت الفجر

وغادرت فورا للمستشفى ودخلت حجرة الطبيب ليقف لي

مباشرة وقال " استقرت حالتها بسرعة وهذا مؤشر جيد

اتصلنا بك كثيرا ولم تجب لنعلمك بهذا وأنها تحتاج دما "

قلت " هل أستطيع الدخول لها "

تحرك من خلف مكتبه قائلا " لدقائق فقط وباللباس

المعقم ولن ندخل غيرك طبعا "

لبست بعدها ما قال وتوجهنا لغرفتها كانا معتصم وعمي

منصور لازالا يقفان مع رجالي هناك فدخلت غرفتها مباشرة

من أجل التعقيم وأغلقت الباب خلفي واقتربت من سريرها

وجثوت على الأرض عند رأسها وقبلت جبينها الصغير وقلت

بهمس " سامحيني يا ترف سامحيني يا بنتي كنتم ضحية عملي

أعدك أن أتلاك الشرطة وما فيها فقط تنتهي هذه القضية ولن

تكونوا ضحايا لميتين القلوب مجددا فيكفي ما خسرت "

أمسكت بعدها بيدها الصغيرة بين يداي أنظر بحزن لملامحها

البريئة النائمة الهائمة في سواد قاتم لا ترى غيره ثم قربتها

من شفتاي وقبلتها وقلت " عودي لنا سريعا يا قلب والديك

يكفي السنين التي خسرتكم فيها "

ثم أعدتها لها بجانب جسدها كما كانت وخرجت من الغرفة

وأزلت ما كنت أرتدي واقترب مني عمي منصور وقال

" زوجتك في الغرفة حتى الآن اطمئن عليها أيضا فصحتها

تبدوا سيئة وتكابر فقط وأقنعها لترجع للقصر بعدما

استقرت حالة ترف "

نظرت لباب الغرفة الموصد ثم له وقلت " وأنت عد لمنزلك

لترتاح بل أرى أن تجتمعوا في القصر جميعكم وتتبادلوا أنت

ومعتصم البقاء هنا حتى تتحسن حالتها قليلا , لو كان بإمكاني

البقاء بقربها طوال الوقت لبقيت لكن الأمور لدي هناك تزداد

حسما وعليا أن أكون مع رجالي "

تنهد وقال " كل ما تريده سنفعله سأنقل زوجتي وأبنائي للقصر

أنت فقط تحدث مع زوجتك بدلا من هذا الجفاء الذي بينكما "

نظرت له باستغراب فقال " لا يحتاج الأمر ليشرح لي أحد

وزوجتك لم تخبرني بشيء رأيتك كيف تصرخ بها وأرى كيف

تتجنب هي الخروج من الغرفة كلما كنت هنا , أعرفك عاقل

دائما يا جابر فلا تترك للشيطان مدخلا بينكما "

تنهدت بقوة وأمسكت كتفه وقلت " المهم تعود بها الآن

للقصر وتجتمعوا فيه جميعكم لأضمن حمايتكم "

ثم تركته وتوجهت للغرفة الأقرب لغرفة ترف وفتحت

بابها ببطء





*

*





انفتح الباب وقفزت واقفة لأن الذي دخل لم يطرقه وأنا كنت

مضجعة على السرير فلم يعد بإمكاني الجلوس طويلا خصوصا

بعدما زرت الطبيبة هنا فجرا وأجرت لي اختبار حمل وتبتت

شكوكي ونصحتني كثرا بالراحة خصوصا بعد التعب هذان

اليومان , بقيت أنظر بتوجس للباب الذي فتح ولم يدخل منه

أحد ليظهر لي جابر من خلفه وقد خطى خطوتين للداخل ثم

أغلقه خلفه فشعرت بمشاعر لا أعرف ما أقول عنها لكن أول

ما خرج مني أن قلت " قل أنها بخير ولم تمت "

قال بهدوء " هي بخير وحالتها مستقرة كما تعلمي "

قلت مباشرة " وأنت تبدوا مرهقا حد الانهيار "

أبعد وجهه ونظره عني وقال " عودي للقصر مع

عمي منصور سيكون أفضل "

بقيت عيناي معلقتان في ملامحه وهوا يشيح بوجهه عني هكذا

هل كل هذا عتاب ولوم يا جابر لما يحق لك وحدك هذا ما ذنبي

أنا وكيف كنت سأقدر ظروفك وأنا لا أعلم عنها , اقتربت منه

حتى وقفت أمامه وقلت " وأنت متى ستعود لمنزلك "

نظر لي مباشرة ثم قال بابتسامة جانبية " منزلي أنا فيه الآن يا أرجوان "

أنزلت نظري للأسفل وقلت بابتسامة حزينة مقهورة " تعيد كلامي

إذا , فلا تنسى أنك لم تعترف به منزلا لي وأعدتني للقصر "

وصلني صوته قائلا " وطلبتي الطلاق أيضا وتصرين عليه

وظهر أن حياتك من دوني تساوي يا أرجوان "

رفعت نظري له بسرعة وتعلقت عينانا في بعضهما وقلت

بدمعة محبوسة " أرجع لنتفاهم على كل ما تريد ويكفيك

معاقبة لي فقد اكتفيت "

ابتعد وأمسك مقبض الباب وقال وهوا يفتحه " عودي للقصر

مع عمي لا أريد أن يتأذى المزيد منكم "

وكان سيغادر لكني أمسكت يده حتى وقف ونظر لي فقلت

بهمس وعيناي في عينيه " سأنتظرك الليلة ولن أنام "

ثم تركت يده وتوجهت جهة السرير لآخذ حدائي وهاتفي وسمعت

خطواته وهوا يخرج دون أن يضيف شيئا , عدلت حجابي وخرجت

من الغرفة وأغلقتها ونظرت يمينا فكان جابر يقف مع رجاله موليا

ظهره لي يكلمهم والجميع منتبه له بتركيز يد في جيب سترته

والأخرى يمسح بها مؤخرة رأسه تتخلل أصابعها في شعره

الحريري الكثيف يفرض على الجميع الانتباه له حتى وإن كان

لا يسمعه , شخصية تراها عن بعد بشكل مختلف من الاقتراب

منها وصدقوا الذين أطلقوا عليه في مواقع التواصل ( الرجل

الذي لم تعفه الرجولة )

" هل نغادر يا أرجوان "

نظرت للجانب الآخر حيث عمه وهززت له رأسي بحسنا

وغادرنا في الاتجاه الآخر تاركة قلبان لي ورائي أحدهما

يصارع المرض والموت والآخر يصارع الموت والمجهول

ولا أعلم من سيرجع لي منهما أو سأخسر المزيد

غادرنا المستشفى في صمت ورجال لجابر أوصلونا حتى

القصر ولم يغادروا إلا بعد نزولنا , قال عمه ما أن دخلنا

" سأذهب لجلب عائلتي هنا وسنبقى جميعنا معا فهكذا طلب

جابر لأكون أنا ومعتصم أحدنا في المستشفى والآخر هنا مع

البقية وكما اتفقنا يا أرجوان ترف مريضة ومحمومة فقط "

هززت رأسي بحسنا دون كلام وتوجهت للسلالم وصعدت

للأعلى ولجناحي فورا وأول ما فتحت الباب توجها أمجد

وبيسان نحوي راكضان فنزلت لهما وحضنتهما بقوة وقلت

" توقفا عن البكاء هي بخير وستخرج قريبا "

لكن بكائهما لم يتوقف وقال أمجد " سأعطيها اللعبة

متى تريد فقط ترجع لنا "

أبعدتهما عن حضني ومسحت دموعه وقلت " أمجد بني

أنت رجل وتأخذ مكان والدك والرجل لا يبكي هكذا "

مسح دموعه بسرعة وابتسمت بحزن على سعادته بكلامي ثم

مسحت دموع بيسان وقلت " يكفي بكاء ولا تخبرا أحد عما حدث

كما اتفقنا فعائلة عمكم منصور سيأتون للبقاء معنا هنا وسنقول

للجميع أن ترف لديها حمى شديدة لذلك هي في المستشفى

فوالدكما طلب أن نقول هذا مفهوم "

هزوا رؤوسهم بحسنا وأخرجتهما لغرفتيهما وقلت لسيلا

" نظفي جناحي وعطريه جيدا سأكون مع سعاد وأبنائها لباقي

النهار وأريد الجناح كما أعرفه سابقا وأثق بك "

هزت رأسها بحسنا وغادرت في الفور ونزلت أنا للأسفل وطلبت

من الخادمات أن يجهزوا لعم جابر وعائلته غرفا لهم في الطابق

الثاني حيث جناح زهور سابقا وغرفة أمجد ومعتصم فذاك الطابق

غرفه الأكثر حيث أن الطابق الأرضي لا غرف به

وقضيت باقي يومي معهم بين أبنائهم الصغار وأبنائي وأتبادل

الأحاديث مع بتول وسعاد رغم أن قلبي وعقلي هناك مع ترف

وأخرج كل حين لأتصل بمعتصم وأطمئن عليها وأحاول جهدي

أن أكون طبيعية أمامهم حتى حل الليل وذهبت لجناحي استحممت

وجففت شعري ولبست فستانا أنيقا ووضعت ماكياجا وجلست أنتظر

الغائب الذي أملي في قدومه أقل من عدمه بكثير لكن قلبي كان يقول

لي ( قد يخون توقعاتك ويأتي ) حتى مر الليل والساعة تلحق الأخرى

ولا أمل يبدوا من قدومه فاتكأت برأسي على ظهر السرير ومررت

يدي أسفل بطني ببطء , يبدوا لا أمل أن نخبر والدك عنك الليلة

بل يبدوا أنه لن يعلم بك أبدا فوالدتك آخر اهتماماته , نظرت للساعة

على الجدار فكانت تشير للرابعة ولا شيء سوا الوحدة هنا وتصورات

في عقلي عن مجيئه وما سيحدث وكيف سيستقبل خبر طفله ولا شيء

مما يدور في مخيلتي حقيقة , نظرت للجانب الآخر ومسحت دمعة

نزلت من طرف عيني وقلت بابتسامة حزينة

" لا تفسدي ماكياجي حتى يره أولا "

لتلحقها الأخرى والثالثة ووقفت على طولي حين دار مقبض

الباب ببطء ثم انفتح










نهاية الفصل


الساعة الآن 02:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية