منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   [قصة مكتملة] أوجاع ما بعد العاصفة بقلمي / برد المشاعر (https://www.liilas.com/vb3/t202515.html)

برد المشاعر 20-06-15 03:45 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الخامس عشر)
 
1 مرفق
الفصل السادس عشر




النص بالمرفقات

برد المشاعر 24-06-15 04:55 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس عشر)
 
1 مرفق
وهذا الفصل الجديد


ياريت لو وحدة من المشرفات تقسم الفصل

لأكثر من مشاركة لاني حاولت وما نفع الله يفتحها عليكم





الفصل السابع عشر





النص بالمرفقات
*

*






برد المشاعر 24-06-15 05:46 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس عشر)
 
" ماذا تعني بهذا يا دعاء "

غيرت الهاتف لأذني الأخرى وقلت " أعني ما فهمته جيدا

قال ما بيننا انتهى منذ سنوات ولا أريد تجريحها أكثر

فلتبتعد بصمت كما في المرة الأولى "

قالت بضيق " هل أحبها لهذا الحد وأفقدته عقله تلك الطفلة "

قلت بتذمر " رهام لما لا تتوقفي عن ذكرها دائما , هوا كان

بين يديك ويحبك بصدق لكنك أضعته "

قالت ببرود " أنتي صديقتي لما تقولين هذا ثم كان يفترض

بك مساعدتي كما وعدتني "

قلت بابتسامة جانبية " فعلت ما في وسعي ولم يبقى سوى الترجي لم

أترجاه لكنه بالفعل طوى صفحة الماضي يا رهام "

قالت بضيق " لن تأخذه تلك ولا غيرها نزار لي وسيعود لي كما كان "

لذت بالصمت وما يصبرني أنها لن تستطيع إرجاعه لها مهما

حاولت , قد تتمكن فقط من إبعاد سما عنه لكن أن يعود لها

ويحبها كما كان فمن سابع المستحيلات , قالت بهدوء

" أحمد شقيقي سألني عنك بالأمس وقال أن لديه ما يود قوله لك "

قلت من فوري " مشغولة هذه الفترة ولا وقت لدي وداعا

الآن هذه أمي تناديني "

ثم أنهيت الاتصال معها وخرجت من المنزل وتوجهت لمنزل

نزار طرقت الباب وقرعت الجرس عدة مرات ولم يفتح لي أحد

سيارة نزار ليست في الخارج يعني أنه ليس هنا وتلك الطفلة

مؤكد رأتني من عين الباب ولم تفتح لي والمفتاح لم يعد موجودا

تحت الدواسة ومؤكد بمخطط منها , أخرجت هاتفي واتصلت

بوالدته وهاتفها مقفل , تبدوا تلعبها جيدا سما تلك وأخطر مما توقعت






*

*




عند المساء عاد نزار ودخل عليا وخالتي الغرفة وفي

يده أكياس كثيرة وقال مبتسما " أعجبتهم جميع رسوماتي

وأعطوني فيها ثمنا جيدا وسأتعامل معهم بوقت وعدد

محددين وسأجني منه قدرا لا بأس به من المال "

ابتسمت أنا له وقالت خالتي بسعادة

" حمدا لله بني , الله لا يضيع تعب من اجتهد "

مد لي بالأكياس التي في يده اليمنى وقال " خديها للمطبخ يا

سما فبعضها أغراض من أجل المطبخ والباقي أحضريه

لنا مع كعكتك التي في الثلاجة "

وقفت وأخذت منه الأكياس وقلت بحزن

" الكعكة لم تعد صالحة للأكل "

قال باستغراب " ولما !! "

نظرت لخالتي ثم للأرض وقلت " لأن بها قطع كثيرة من

الفواكه ومر عليها أغلب الليل خارج الثلاجة ففسد طعمها "

ثم خرجت من فوري وتوجهت للمطبخ رتبت الحاجيات التي

أحضرها ووضعت الحلويات في طبق وأخذتها معي للغرفة

كانت خالتي تقلب فستانا جميلا بين يديها أحضره لها فدخلت

ووضعت الصينية وقلت بابتسامة " كم هوا جميل "

نظرت لي وقالت مبتسمة " نعم ويبدوا ثمنه مرتفع "

فتح نزار الكيس الآخر وهوا يقول

" لا تفكري في شيء سوى أن يكون على مقاسك "

أخرج من الكيس صندوقا جلديا فتحه وقال

" أتمنى أن تعجبك يا سما "

مده لي فكان به عدة كاملة من الأمشاط الخشبية

المزينة بالفصوص , أخذته منه وقلت

" هذا كثير , لدي ذاك الذي جلبته لي "

وضع باقي الكيس بجانبي وقال

" هذا فيه ثياب لك أتمنى أن أكون أصبت في مقاسك "

ثم قال مغادرا " سأصعد لأصلي العشاء وأنام اشعر

بالتعب في كل جسمي "

ثم غادر من فوره دون أن ينتظر حتى أن أشكره

نظرت لخالتي من فوري فقالت بابتسامة

" يبدوا خشي أن تردي عليه هديته كما فعل معك "

نظرت للصندوق في يدي وقلت بحيرة

" وجدته جمع أجزاء المجسم وأعاده كما كان "

وصلني صوتها قائلة " أخبرتك أنه كان متضايقا قليلا فقط ثم

الرجال يا سما والكرماء منهم خصوصا لا يحبون أن يظهروا

بمظهر العاجزين عن دفع المال للمرأة ولا أن تصرف عليهم

من مالها , الله خلقهم هكذا يا ابنتي والمرأة الغبية فقط من تقتل

في الرجل هذه الخصلة التي جبله الله عليها فيتحول الرجل

لوحش يأكل مالها ولحمها وتكون هي السبب "

نظرت لها بحيرة فضحكت وقالت " ستفهمين ما أقول يوما

هيا أرني ما جلب لك من ثياب وهرب كي لا نراهم أمامه "

فتحت الكيس وأخرجت ما به , كانت بيجامة نوم بيضاء برسوم

صغيرة تملأها وبنطلون من الجينز وقميص , كانت كلها جميلة

وألوانها رائعة ثم نظرت لآخر ما في الكيس وبعدها نظرت

لخالتي فقالت " ماذا هناك غيرهم ؟ لما لم تخرجيه "

أغلقت الكيس وقلت بحياء " ملابس داخلية , كم هذا محرج "

ضحكت وقالت " محرج له أكثر منك لكنه يعلم جيدا انك

ستحتاجينها ولا امرأة غيري هنا وحالي تعلمين به "

ثم مدت لي باقي الثياب وقالت

" ضعيهم في الكيس وخذيهم لغرفتك وتعالي لنقرأ روايتنا "

ابتسمت لها وأخذت الأغراض فقالت بضحكة " أحضر لي فستانا

فقط ولك كيسا مليئا , يبدوا هذه طريقته في الاعتذار "

قلت مبتسمة " قد يكون لأنك لن تحتاجي إلا الفستان "

قالت بابتسامة مماثلة " ممكن "

أعدت الأغراض للكيس وصندوق الأمشاط وصعدت به

لغرفتي , دخلت ووضعتهم في الخزانة ثم لفت انتباهي ورقة

على الطاولة فتوجهت نحوها وفتحتها فكان فيها نقودا , قرأت

ما في الورقة فكان ( أعيدي لصديقتك نقودها يا سما وآسف

مرة أخرى ولا تغضبي مني فقط لا أريدك أن تعتمدي على

غيري وأنا موجود ولا حتى أموالك أنتي , حتى أعيدك

لأهل والدك فكوني متفهمة لموقفي حتى أعيد لهم

أمانتهم التي وضعت في عنقي )

حضنت الورقة ونزلت دمعتي فرحا بكلماته واعتذاره وحزنا

على نظرته لي كمسئولية وأمانة سيعيدها لأصحابها ثم مسحت

دموعي ونزلت لغرفة خالتي , عليا أن أحاول إبعاد هذه الأفكار

من رأسي وألتفت لدراستي , وصلت الغرفة أخذت الرواية

وجلست وقلت " سنرى اليوم ما سيفعل لها فراس "

قالت ضاحكة " قد تحبه هوا في النهاية ويحبها "

قلت بصدمة " هل تحبه وهوا يعاملها هكذا !! "

قالت بابتسامة " الحب لا يسأل يا سما فكم من بشر

أحبوا أبغض أعدائهم "

قلت بهدوء حزين " ولما لا يسأل ! ألا يحق لنا أن نختار من نحب "

قالت " بلى يكون باختيار قلبك ولن يحب قلبك عبثا لأنه مثلك "

قلت بعد صمت " هل أخبرك إن أحببت شخصا يوما ما "

قالت مبتسمة " إن أردتِ ذلك يا ابنتي سأكون سعيدة به "

قلت باستغراب " ولن يزعجك أبدا "

هزت رأسها بلا ثم قالت بضحكة

" إلا إن كان مجرما أو خريج سجون فلن أكون سعيدة "

ضحكت وقلت " ولما أحب مجرما "

قالت مباشرة " لندع الأمر لوقته وهيا إقرائي بتركيز

هذه المرة وليس كسابقتها "

ضحكت ثم فتحتها حيث وصلنا وقرأت

(( تلعثمت ولم أعرف ما أقول فابتسمت له وقلت

" لم أقصد ما فهمت "

قال ببرود " ما قصدتِ إذا يا حية "

سكت بعدها ونظر لأحدهم خلفي فالتفت له فكان ويالا

سعادة حظي عمي رياض , نظر لي وقال

" ماذا حدث معك يا رُدين كيف كان مشوار السوق "

نظرت لأشرف خلفه عند سيارته ثم نظرت له وقلت

" كان رائعا ولن أخرج للسوق مع غيره "

ثم نظرت له فكان يتوعدني ويمرر يده على عنقه بمعنى سأقتلك

فسمعت ضحكة من خلفي فالتفت مصدومة بفراس يضحك

ودخل عمي رياض قائلا " المهم أن تكوني اشتريت ما تريدين "

التفت جهة أشرف ونظرت له بشماتة فقال " سأريك يا حية يا رقطاء "

أخرجت له لساني ودخلت لأشعر بيد تسحبني جهة المجلس

وكانت لفراس طبعا , دخل بي هناك وأغلق الباب وأجلسني

مرغمة على الأريكة ووقف أمامي واضعا يديه وسط جسده

وقال ونظره في عيناي " ألن تقولي الحقيقة "

أزلت حجابي ورميته بعيدا وقلت " أي حقيقة "

قال ببرود " صبري سيكون معك أطول مما تتصوري يا رُدين "

وضعت ساق على الأخرى وقلت " وأنا ليس ورائي غيرك أنت

فاجلس نمضي الوقت نتسامر قليلا يا ابن زوجي "

أمسك خصلة من شعري وقال وهوا يبرمها بين أصابعه

" كيف عرفك والدي ومن أين أتيتِ "

استللت الخصلة من بين أصابعه بقوة وقلت

" ابنة صديقه كما أخبركم ووالدي توفي وعمري سبعة أعوام

ووضعني عمي رياض في مدرسة داخلية سنوية حتى وقت

العطلات لا أخرج منها وبعدما أنهيت المرحلة الثانوية

أخرجني وها قد جلبني هنا وانتهى يا حضرة المحقق "

سند قدمه على حافة الأريكة بجانبي تماما واستند بمرفقه على

ركبته وقرب وجهه من وجهي وقال " وكيف وافقته على

هذه اللعبة السخيفة يتزوجك ليزوجك لغيره "

رفعت كتفي بلامبالاة وقلت ونظري في نظره " لا يهم عندي

فلن يفعل عمي رياض شيئا ليس فيه مصلحتي , ثم هوا تزوجني

ولا تحترمونني ولا تتقبلونني وأنا فتاة يتيمة لا أحد لها غيركم

فكيف إن جلبني دون أن يتزوج بي "

قال بنظرة ثابتة على عيناي لم تتغير

" ولما لم يختصر الطريق ويزوجك بأحد أبنائه "

نظرت بعيدا عن عينيه وقلت

" لا يحق لي أن أسأله وكل ما يريده سأفعله ولن أناقشه "

أمسك ذقني بأصابعه وأعاد وجهي أمام وجهه ونظري

لنظره وقال ولا يزال ممسكا بذقني " الحقيقة يا رُدين "

أبعدت يده ووقفت وقلت بضيق " لا تمارس عمل المحققين علي

وأخبرتك مرارا إن كان لديك شيء قله لوالدك واسأله عنه "

أبعد قدمه عن الأريكة منزلا لها للأرض واستقام في وقفته

وقال واضعا يديه في جيوبه " لم أقتنع بكلامه ولا جوابه "

قلت مغادرة جهة الباب " ليست مشكلتي "

أمسك ذراعي مجددا وأعادني ناحيته قائلا

" ولكنها مشكلتي فأحضري لي عقد الزواج أراه بعيني لأقتنع "

أبعدت يده عني بالقوة وقلت

" لديه هوا فاطلبه منه بنفسك ألا لسان لديك "

قال مغادرا الغرفة " حسنا إذا "

خرجت من الغرفة وتذكرت أن أحد الأكياس وبه الثوب بقيي في

سيارة أشرف فخرجت للخارج فلم أجده , قيس النساء ذاك فعلها

وأخذ الثوب ولن يعيده لي بالتأكيد حتى يمر اليوم , دخلت للداخل

وبحثت عن عمي رياض حتى وجدته وطلبت منه أن يتصل به

ليحضر أغراضي فلن يقدر عليهم إلا والدهم وبالفعل بعد قليل دخلت

الخادمة وقد أحضرته وقالت أنه تركه عند الباب وقال لها تأخذه

لي فأخذت الكيس وخرجت من عنده على صوت رسالة وصلت لهاتفي

فكانت من رقم مجهول وفيها ( سأنتقم منك بغيرها يا حية يا رقطاء )

الرسالة منه إذا , أرسلت له ( لا حية سوى جوجو خاصتك

عمود النور تلك يا قيس النساء )

ثم أغلقت هاتفي نهائيا وصعدت لغرفتي وعند مقربة المساء

كنت جاهزة لأغادر مع عمتي سعاد لحفل الزواج , لبست عباءتي

فوق الفستان وحدائي وأخذت حقيبتي وخرجت أركض على

صوت منبه السيارة في الخارج يملأ الدنيا بضجيجه , مؤكد ليس

عمي رياض أبدا , وصلت للخارج وأنا ألف حجابي فكان فراس

واقفا خارج السيارة ويده داخلها ووالدته جالسة في المقعد الأمامي

اقتربت منه بخطوات عادية , لو كنت اعلم انه هوا ما نزلت الآن

فتح بابه وقال بضيق " ساعة لتخرجي يا سيدة الحسن "

فتحت باب السيارة وقلت وأنا أركبها " ألا يعجبك حسني "

انطلقنا قائلا " أمي أخبري هذه التي جلبتها معك أن

تحفظ لسانها خيرا لها "

قلت ويداي وسط جسدي " ومن بدأ أليس أنت "

قالت والدته بضيق " يكفي وأنتم كالأطفال , وارحموا الفتاة كلكم عليها "

تجاهلها وفتح مسجل السيارة على أغنية غربية يردد كلماتها مع

المغنية , جميل ظننته لا يعرف حتى أنه توجد أغاني في الحياة

أخرجت عدة الماكياج من حقيبتي والمرآة وبدأت أعدل

زينتي فأطفأ عليا الإنارة في سقف السيارة فتأففت وشغلته

فأمسك السرعة فجأة لتسقط جميع القطع من حجري في مكان

القدمين في الأسفل وبدأت أتلمس في الظلام لأجدها وقلت بضيق

" انظري ما يفعله ابنك بي عمتي سعاد , يكرهني دون سبب "

قالت بهدوء " أمرك لله يا ابنتي اصبري قليلا حتى

يزوجك عمك رياض وترتاحي منهم "

قال بسخرية " قد تعجبه يا أمي وترميك خارج منزلك غير مبالية بك "

لم استطع احتمال تلك الكلمات منه رغم أني ضد الإهانات

وأتحمل كل شيء لكن كلامه هذا كان جارحا جدا فبدأت

بالبكاء دون شعور وقلت بعبرة " أعدني للمنزل حالا

ولن أبقى فيه بعد اليوم "

قال بسخرية " نعم ستطلبين منزلا لك وحدك "

قالت والدته بحدة " فراس أسكت حالا وتوقف عن إهانتها تفهم "

تأفف ولاذ بالصمت فوصلنا حينها ونزلت قبل حتى أن تتوقف

السيارة جيدا وسبقت عمتي للداخل رغم أني لا أعرف المكان

ولم أزره قبلا , كان الحفل في منزل العائلة لكنه كان واسعا

جدا , جلست بجوار عمتي طوال الوقت ومزاجي سيء جدا

لقد أفسد عليا ذاك المعتوه سليط اللسان , كانت العروس جميلة

أو من تأثير المساحيق لا أعلم وكانت تبدوا سعيدة ومعها حق

تسعد فهي تتزوج بمن تحب كما فهمت من الجالسة بجواري

ما به حضي أنا هكذا عليا أن أتزوج واحد من أولئك الثلاثة

الذين يكرهونني حد الموت ولن أستطيع خذل عمي رياض

في أن أتركهم ثلاثتهم أمامي وأتزوج من غيرهم رغم أنه

لن يمانع , لكن لن تطاوعني نفسي وهوا من اهتم بي كل

حياتي وكان يتمنى أن أكون زوجة لأحد أبنائه

بعد قليل دخل عريسها وجلس بجوارها ووجهه في

وجهها يضحكان طوال الوقت ويتهامسان

أما أنا فكنت كبطاقة التعريف فالجميع يأتي ويسأل عمتي

من هذه التي معك ؟ هل زوجت أحد أبنائك ولا نعلم ؟

وكل واحدة تقول وجدتِ عروسا لأحدهم وكادت تقتلني تلك

التي قالت ( كم هي جميلة ابنة صديق زوجك وتليق بفراس

وكأنها له ) حتى أني كدت أقفز عليها وأخنقها وأفقأ عينيها

وبعدما انتهى الحفل ورقص جميع الفتيات عداي رغم أني كنت

قد قررت أن أرقص الليلة حتى تتعب قدماي لكني عفت هذا

كنت واقفة بتململ وعمتي تقول " استهدي بالله يا رُدين

وعودي معه وأعدك لن يتكرر ما قاله "

قلت بضيق " قلت لا يعني لا وليأتي عمي رياض أو أشرف

أو حتى وائل لأخذي ولن أركب معه أبد الدهر ما حييت "

استغفرت بهمس ثم قالت " سيغضب عمك إن علم بذلك "

نظرت لها وقلت بعبرة " أهانني يا عمتي وجرح كرامتي

استحملت منهم كل شيء إلا هذه "

ربتت على كتفي ولاذت بالصمت وما هي إلا لحظات ورن

هاتفها فقالت " هذا فراس قد جاء ألن تخرجي لنغادر "

قلت بإصرار " لا "

قالت وهي تفتح الباب لتخرج " أخبرته أن لا يأتي هوا

ولكنه أصر على غير عادته , ما أحبكم للمشاكل "

ثم خرجت هي للخارج تاركة الباب مفتوحا ولم أتحرك

أنا من مكاني في الممر الذي يوجد به الباب منعزلا عن

باقي المنزل وبعد لحظات انفتح الباب فكان هوا أمامي

تراجعت لأدخل للداخل لكنه أمسك بيدي وسحبني للخارج

حتى وصلنا السيارة فاستللت يدي من يده وقلت بغضب

" أتركني , قلت لا أريد الركوب معك ألا تفهم "

قال بغيض " اركبي ولا تفضحينا أمام الناس "

بقيت أنظر له فتأفف وقال ببعض الهدوء

" اركبي يا رُدين "

قلت بحزن " إلا على موتي "

هز رأسه بيأس ثم فتح لي الباب وقال بهدوء

" أنا آسف على كل ما قلته لك " ))

أغلقت الرواية وقلت " جيد أنه اعتذر منها لقد أهانها كثيرا بما قال "

قالت بابتسامة " ألا تري أنه اكتشف لعبتهم "

قلت بحيرة " كيف علمتِ "

قالت بذات ابتسامتها " كلامه الآن تغير كثيرا حتى إصراره

على المجيء بنفسه رغم أن والدته طلبت منه أن لا يأتي

ولكنه على غير عادته أصر على المجيء "

قلت بحيرة اكبر " وكيف علم ! هل حكا له والده أم اكتشف

ذلك من تهربهم من حكاية عقد الزواج "

رفعت كتفيها وقالت بهدوء

" لا أعلم وستكشف لنا باقي الرواية حقيقة ما حدث "

وقفت وقلت " كل مرة أزيد تشويقا أكثر لمعرفة ما سيجري "

قالت بعد ضحكة صغيرة " وهذه هي المتعة فيها , هيا

تصبحين على خير فورائك مدرسة غدا "

ابتسمت لها وقبلت خدها وقلت

" تصبحين عل خير وغدا يوم الجمعة إن نسيتي "

ضحكت وقالت " بالفعل نسيت إذا هوا يوم إجازة "

هززت رأسي بنعم ثم أطفأت نور غرفتها وصعدت لغرفتي

وعند الصباح استيقظت ونزلت للأسفل فكان نزار غير موجود

وقالت خالتي أنه خرج مبكرا , أعددت الإفطار لنا ثم سمعت قرعا

لجرس الباب فخرجت له ونظرت من عينه فكانت فتاة لا أعرفها

وأراها للمرة الأولى , عادت لقرع الجرس مجددا ففتحت لها

وقلت " مرحبا بما أخدمك يا آنسة "

نظرت لي نظرة غريبة ثم تجمدت نظرتها على السلسال

في عنقي وكان السلسال الذي أهداه لي نزار سابقا







****************************************************

******************************************








خرج جابر من عندي ولم اشعر بخيبة الأمل لأنه لم يقل سأتحدث

معها عما تقوله عنك , فعليا أن أكون صبورة فلن أحصل على كل

شيء مرة واحدة فيكفي أنه على الأقل سألني عما يزعجني منها

شغلت نفسي باقي النهار مع الأولاد ثم اتصلت بمصففة شعر

وخبيرة ماكياج للمجيء فمن حقي أن أظهر بأحسن مظهر

مادامت إحدى بطاقات جابر تحت يدي وتصرفي

وعند أول الليل نزلت رغم أني أعلم أن والدته ستعدها

انتصارا علي لاعتقادها أنه جابر من أرغمني على هذا

توجهت نحو الضيوف وسلم الجميع علي وكنت أتجنبها

طوال الوقت كي لا تتعمد إهانتي بما تقول , وقفت مع اثنتين

لوقت كانتا لبقتين وأعجبني حديثهما كثيرا فاقتربت عمتي

وكأنها تتعمد هذا ووقفت معنا فقالت لها إحداهما " لقد أحسن

جابر الاختيار , أين كنتي تخفين زوجة ابنك الجميلة عنا "

قالت ببرود " البركة في مساحيق التجميل والنقود والمزينين "

لذت بالصمت ولم أجب عليها وكنت سأغادر حين قالت

" مبارك زواج ابنك يا عائشة , عرف بمن يتزوج وعافاه الله

من بنات المجرمين خريجين السجون خطاف البشر "

كنت سأرد على كلماتها ولكني تذكرت كلام جابر حين قال

انزلي من أجلي فتركتهم وصعدت للأعلى لأن هذا كان فوق

احتمالي , توجهت لغرفة الفتاتين وفتحتها فنظرتا لي باستغراب

فاقتربت منهم وجثوت أرضا أبكي بمرارة فاقتربتا مني

وقالتا معا " ما بك ماما "

فتحت ذراعاي لهما فأسرعتا لحظني وحضنتهما بقوة

كل ما كنت أريده أن أذكّر نفسي أني هنا من أجلهم وأني

أحتمل كل هذا وأكتر من أجلهم هم , كنت أحضنهما بقوة

وابكي وهما تبكيان معي ثم أبعدتهما عني ومسحت دموعي

فقالت بيسان بشهقة " ما بك ماما هل بابا مات "

حضنتها وقلت " لا حبيبتي لا قدر الله ذلك هوا بخير "

قالت ترف " ما الذي يبكيك إذا "

وقفت وقلت " لا شيء فقط كنت متضايقة قليلا ثم

أليس هذا وقت نومكم بسرعة لأسرتكم "

توجهتا لسريريهما وقالت ترف " ماما نامي معي "

مددت يداي لهما وقلت " تعاليا لتناما معي كليكما "

قفزتا من سريرهما فرحتان وتوجهنا لجناحي ونمت وهما

في حضني وقد نامتا سريعا وبقيت أبكي طوال الليل وقد

فارق النوم عيني , غادرت بعدها السرير وغطيت الفتاتين

جيدا وغادرت الجناح ولا أعلم أين ولا لما فقط كنت أريد أن

أخرج من كل هذا المكان , نزلت للأسفل فسمعت موسيقى

تأتي من مكان ما يبدوا بعيدا وخلف باب مغلق أو شبه مغلق

بحثت قليلا عن مصدرها فكانت من غرفة عند آخر أحد الممرات

فاقتربت ونظرت لمن في الداخل لأفاجئ بفتاة بشعر أشقر تجلس

على بيانو وتعزف بحركة انسيابية لأناملها ورأسها كان للأسفل

ولم أتبين ملامحها , كانت الموسيقى حزينة جدا وكأني سمعتها

قبلا ثم فجأة رفعتْ رأسها للأعلى لتبتعد خصلات شعرها

الذهبية عن وجهها ففتحت عيناي من الصدمة , ما أجملها من

امرأة والأعجب تشبه بيسان نعم وكأنها ابنتها , علمت الآن

من أين اكتسبت بيسان ذاك الحسن أكثر حتى من شقيقيها

هوا من عمتها إذا التي هي هذه بالتأكيد , توقعت أن شقيقة

جابر ومعتصم لن تقل جمالا عنهما لكني لم أتخيلها هكذا

هذه هي زهور إذا , اسمها مثلها هي زهرة حقا لكنها زهرة

حزينة فملامحها تحمل كل معاني الحزن مجتمعة , كنت سأغادر

قبل أن تراني فوقفت مكاني حين بدأت بالغناء بصوت عذب

لا أجمل منه سوى وجهها الفاتن , كانت عيناها مغمضتان وتغني

مع الموسيقى بحزن , نعم إنها أغنية أحزان الشتاء المشهورة

في العشر سنوات الماضية أذكر جيدا حين صدرت كنت تقريبا

في الرابعة عشرة أو يزيد قليلا , بقيت مكاني استمتع بالحسن

والصوت , غبي هذا الذي طلقك يا زهور لو كنت مكانه لتمسكت

بك ولو من اجل جمالك وصوتك , توقفت بعدها عن العزف

وأنزلت رأسها للأسفل لتصعقني بمفاجأة جديدة حين بدأت بالبكاء

جمدت مكاني وأنا أراها تحضن وجهها بكفيها ناصعتان البياض

وتبكي بحرقة وكأنه مات لها أحد وسمعت خبره للتو , تراجعت

حينها عائدة للأعلى بل ولجناحي , ما قصتها يا ترى وما سبب

كل هذا الحزن والدموع , ما فهمته من كلام جابر ووالدته حين

دخلت عليهم المجلس أنه خطبها أحدهم وهي وافقت عليه فلما

البكاء والحزن إذا , يبدوا لست وحدي من بكت هنا الليلة فثمة

من شاركني في حزني وبكائي وإن كان لأسباب مختلفة






*

*






جلست على السرير ونظري للسقف متكأ للخلف ونظرة

الحزن والخذلان في عينيها اليوم لم تفارق خيالي أبدا

تطلبين كل ما أملك ثمنا لك يا زهور أقسم أن روحي لا تغلا

عليك , أعلم فيما تفكرين تريدين الانتقام مني لا بأس فما أن

تصيري لي سأرجعك حبيبتي السابقة كما كنا وإن لم أنجح

في ذلك أكون أستحق أن ترميني للشارع بلا مسكن ولا

سيارة ولا مال لأني أستحق أن أدفع ثمن ما حدث لك

أغمضت عيناي بشدة وأنا أتذكر ذاك المشهد وهي واقفة

تبكي وتتألم والدم ملأ فستانها وأنا أحاول فقط طمأنتها أن كل

شيء سيكون على ما يرام وأن لا تخف , اعتقدت أنها تفهم الأمر

وتعلم بما حدث , كنت سأتزوجها ويموت ذاك الحادث معنا ولم

أتخيل أن تتزوج بغيري وهي تعلم أنها لم تعد عذراء

كان حادثا أقسم لم أقصده وما كنت لأؤذيها بشيء وهي عيناي

التي أرى بهما , سمعت طرقات خفيفة على الباب أعادتني

من شرودي فنظرت له وقلت " تفضل "

انفتح الباب فكانت بتول , نظرت لي بابتسامة وقالت

" مرحبا بخالي الحبيب "

عدلت جلستي وقلت

" تعالي يا مشاغبة حتى الليل لتسلمي علي "

دخلت واقتربت مني وقبلت خدي وجلست بجواري وقالت

" ظننتك ستغادر سريعا ككل مرة وأنا كنت أدرس في غرفتي "

قلت بابتسامة " كيف هي الدراسة معك "

قالت بضيق " سيئة لا أعلم متى ستنتهي "

ثم قابلتني وقالت بحماس " لكن لي صديقة جديدة ذكية

جدا وباتت تساعدني كثيرا وسأجتاز هذا العام "

ابتسمت لها وهززت رأسي بحسنا فقالت

" أمي تقول بأنك ستتزوج وأراها مستاءة فلما "

نظرت للفراغ وقلت " لأن العروس تكون زهور "

قالت بدهشة " زهور ابنة عمي "

هززت رأسي بنعم دون كلام فوصلني صوتها قائلة

" يا عيني لهذا لم تتزوج حتى الآن "

نظرت لها بصدمة وقلت

" وقحة أنا خالك فاحترميني وأخجلي قليلا "

ضحكت وقالت " أخبرني منذ متى تحبها "

ضربتها بالوسادة فوقفت وقالت بغنج " ويلكم منا أنتم الرجال نلعب

بكم بسهولة وتشيخون لأجلنا ولا تتزوجوا بسبب واحدة فقط "

عدت متكأ على ظهر السرير وقلت ببرود " أنا لم أشيخ وأنتي

سيأتي اليوم الذي أشمت فيك به يا طويلة اللسان "

قالت مغادرة " هذا إن تزوجت من أساسه ومبارك لك يا

خالي الحبيب ولا تكترث لوالدتي "

ثم وقفت عند الباب وقالت بخبث قبل أن تخرج

" معك حق تنتظرها كل هذا العمر "

ثم هربت ضاحكة لترتسم الابتسامة على شفتاي بسببها

ككل مرة , لو تعلمي ما يخبئونه لك يا بتول يا من لا

تريدين الزواج وستري ما سأفعله بك حينها , عدت

بنظري للسقف ليسافر بي الليل الطويل مكاني وعلى

حالي , لا صبر لدي حتى يأتي جابر وتكون زوجتي

لن أرتاح حتى يحدث ذلك






*

*








ضرب بيده على الطاولة وقال بغيض " سحقا نطارده طوال

الليل ويموت في النهاية , كيف حدث ذلك يا جابر "

قلت ورأسي بين يداي مستندا على الطاولة

" كان يحاول التسلل خارج البلاد ولم نمسكه سوا في ساعة متأخرة

وكأن يدا قوية تدعمه وكاد أن يفلت من قبضتنا وأمضينا باقي

الليل في التحقيق معه لثلاث ساعات خر بعدها ميتا مباشرة

لنكتشف أنه محقون بمادة سامة قبل قبضنا عليه بدقائق "

قال بغيض " إذا هذه هي سياستهم نهربك أو نقتلك "

رفعت رأسي وقلت بهدوء " لم أخرج منه بالكثير كان

خيطا مهما في القضية وفقدناه "

قال بهدوء مماثل " وما أخبار زوجته المدعوة عفراء "

وقفت وقلت " ما تزال في المستشفى , عليا العودة للمنزل الآن

فلم يعد لبقائنا جدوى سأصلي الفجر وأغادر , أنام قليلا ثم نلتقي "

ضربني بكفه على كتفي وقال " نعم فعليك أن ترتاح قليلا "

فتحت الباب وخرجت دون كلام , مررت بالمسجد وصليت

الفجر ثم خرجت وأخرجت هاتفي واتصلت بأرجوان فلا

أريد أن أجدها نائمة وأفقد أعصابي لتكون متنفسا لغضبي

دون سبب , اتصلت كثيرا فانفتح الخط وجاءني

صوت طفولي قائلا " من أنت "

عقدت حاجباي وقلت وأنا اركب السيارة

" أنتي بيسان أم ترف "

قالت من فورها " أنا بيسان "

قلت " أين والدتك "

قالت " في الحمام هل أنت بابا "

قلت وأنا أنطلق بالسيارة

" نعم وما أخذك أنتي لغرفتها هذا الوقت "

قالت " ماما تركتنا ننام معها كانت تبكي كثيرا

وبكت البارحة في السرير أيضا "

قلت باستغراب " وما الذي أبكاها !! "

قالت من فورها " لم نغضبها بابا أقسم لك "

تنهدت بضيق وحركت المقود يسارا لألف بالسيارة وقلت

" هل نزلت للأسفل للضيوف "

قالت " نعم "

قلت " حين تخرج من الحمام أخبريها تتصل

بي ولا تخبريها عما قلته لي حسننا "

قالت " حاضر "

أغلقت الهاتف ورميته بعيدا , إذا سأجد أمامي سيلا من

الدموع والشكاوي وأنا لست بمزاج له فلو تنام يكون أفضل

بعد قليل رن هاتفي وكانت هي فأجبت عليها قائلا

" أنا في الطريق "

قال مباشرة وبقلق " هل أنت بخير صوتك ليس طبيعيا "

قلت " بخير متعب فقط , أعيدي الفتاتان لغرفتيهما وجهزي

لي الحمام وثياب النوم سأنام قليلا وأغادر "

قالت من فورها " حسنا في الحال "

أنهيت المكالمة ووصلت القصر بعد قليل , دخلت وصعدت

من فوري وصلت الجناح فتحته ودخلت الغرفة , كانت أرجوان

تغلق الستائر فالتفتت لي وقالت " حمدا لله على سلامتك "

دخلت وقلت وأنا انزع السترة " سلمك الله "

نزعتها مني ففتحتُ أزرار القميص ونزعته وأعطيته لها

أيضا مع ربطة العنق وأخذت المنشفة ودخلت الحمام في صمت

جيد لم تنفجر القنبلة الموقوتة بعد لكن الغريب أن الفتاتان لم

تذكرا أنها بكت سابقا رغم أن هذه ليست الأولى , استحممت

سريعا وخرجت بالمنشفة وجلست على السرير أحرك كتفاي

بتعب وأحضرت أرجوان تسط صغير ووضعته عند قدماي

وسكبت فيه ماء من الإبريق وملح ثم قالت

" ضع قدميك فيه ستشعر بالراحة "

انصعت لها فورا فبدأت بتدليكهما بالماء وقالت ونظرها عليهما

" تبدوا متعبا جدا , انظر لأصابعك كيف متورمة , حتى رحلتك

تلك للجنوب لم ترجع منها بهذه الحالة , ارحم نفسك يا جابر

فمثلما الوطن يحتاجك أنت تحتاج صحتك ونحن نحتاج إليك "

اضطجعت على السرير مرتميا عليه للخلف وقدماي لازالا

مكانهما ينعمان بنعومة يديها وإحساس رائع بالراحة فيهما

ولم تزد هي حرفا على ما قالت ولم أتكلم أنا حتى غلبني

النعاس وأنا على حالتي , بعد وقت استيقظت فوجدت

نفسي نائما كما كنت والأريكة عند طرف السرير وساقاي

عليها فيبدوا سحبتها لترفعهما لها , كانت تنام بجانبي ويدها

على صدري العاري فأمسكتها وقبلتها ثم أعدتها عليه ووضعت

يدي فوقها وشعوري بالنوم لازال قويا فاستسلمت له فورا

استيقظت بعدها على صوت رنين الهاتف فجلست ورفعته

وفتحت الخط على جلوس أرجوان وقلت

" نعم يا أسعد هل من جديد "

قال من فوره " إنها عفراء "

قلت بصدمة " لا تقل قتلوها أيضا "

قال " لا ... كادوا يفعلونها "

قلت بضيق " وما تفعلون أنتم لقد اعتمدت على رجالك

كثفوا الحراسة عليها أكثر نريدها حية فقد نحصل منها

على شيء ولو بسيط "

قال " لا تقلق سأقوم بالمطلوب "

قلت " أنا قادم بعد قليل وداعا "

وقفت خارج السرير فأمسكت أرجوان يدي ونظرها لي للأعلى

وقالت " أنت لم تنم سوى ثلاث ساعات فقط "

نظرت لها بضيق وقلت بتذمر " ارجوااان "

وقفت وأحاطت خصري بذراعيها وكأنها تمسكني مكاني واتكأت

برأسها على صدري وقالت " لست أرجوان من قال لك أنني هي "

قلت بابتسامة جانبية " اتركي عنك مشاغبتك المعتادة فليس وقتها "

نظرت لي بعبوس فنظرت بعيدا عنها وتنفست بضيق فصعدت

على قدماي ووقفت على رؤوس أصابعها وقبلت ذقني وابتعدت

في صمت وتوجهت للخزانة فوضعت يداي وسط

جسدي وقلت " وما افهمه من هذه القبلة "

التفتت لي ومدت لي ملابسي الداخلية وقالت

" معناها حسنا فقط لا تغضب مني "

تركتني حتى لبستهم ثم اقتربت مني وقالت وهي تلبسني القميص

" هل ثمة أمل أن يصبح يوما ما لديك وقت فراغ نراك فيه "

قلت وأنا أغلق أزرار القميص " نعم "

ربطت لي ربطة العنق وقالت " حسنا علينا بالصبر إذا "

ثم مدت لي البنطلون فأخذته منها وقلت وأنا ألبسه

" هل تعلمي ما سبب دمار زواجي السابق "

هزت رأسها بنعم وقالت " كثرة الشكوى "

قلت بابتسامة " إذا تجنبي ذلك "

رفعت كتفيها وقالت وهي تلبسني السترة

" فرق كبير بين الشكوى والسؤال وأنا قلت لك

سأصبر مادام الجواب نعم "

ثم وقفت أمامي وقالت

" وهل تعلم أنت سبب ترك حسناء البلاد بأكملها "

دسست مسدسي في الحزام وقلت

" غبية ولم تعرف كيف تفكر "

هزت رأسها بلا , إن كان جوابها عيبا بي أنا تكون جنت على

نفسها وخانها ذكائها الدائم , رفعت نظرها لي وحضنت وجهي

بكفيها وقالت بابتسامة " لأنها لم تعرف قيمة ما لديها

وخسرته منذ البداية "

ابتسمت لها رغما عني أحببت إظهار ذلك أم لا ثم أمسكت

بوجهها أيضا وقلت " ويبقى الجواب واحدا .... غبية "

وضعت كفيها على يداي وقالت وعيناها في عيناي

" بل لم تعرف قيمة ما لديها "

قربت وجهي منها وحضنت شفتيها بشفتاي في قبلة طويلة

ثم خرجت من عندها ككل مرة وأنا أتعمد الصمت

تبدوا على اتفاقنا حقا ولم تتكلم ولا مجرد تلميح عما حدث

البارحة معها رغم أن والدتي لا تترك شيء في نفسها

ولا تخبرني عنه رغم علمها أنني لن أتدخل بينهم أبدا

تتّبعين سياسة غريبة يا أرجوان لا أعلم احتراما لاتفاقنا

أم لغرض ما تصبوا إليه والمهم أنها تصرفت بحكمة

وصلت العاصمة وتوجهت لمكتب أسعد دخلت من

فوري وقلت " إن قتلوها قتلتك "

ضحك وقال " وقتلوا زوجها وهوا بين يديك

فمن حاسبك أو قتلك "

وضعت يداي على طاولة مكتبه وقربت وجهي منه

وقلت بجدية " ذاك كان ميت قبل أن يصلنا , هذه إن

ماتت لدينا نكون فاشلين بالضعفين "

وقف وقال " لا تخف الحراسة عليها مشددة ونراقب

حتى الأطباء الذين يدخلون لها ونخضعهم للتفتيش أيضا "

عدلت وقفتي ونظرت جهته وقلت " وكيف هي حالتها الآن "

قال " أوقفوا النزيف لكن ما تزال في حالة سيئة ولا يمكنك

استجوابها قبل وقت يا جابر "

قلت مغادرا مكتبه " المهم أن تبقى على قيد الحياة "







*

*







أمضيت وقت الظهيرة وما قبلها في غرفة أمجد أدرسه لأن

لديه اختباران غدا ولم أترك حتى بيسان وترف يدخلان معنا

وعند وقت الغداء طلبت من الخادمات إحضاره لنا في الغرفة

لأن عيني لم تغب عليه لحظة وأتابع دراسته بالدرس كي لا

يقول أنه درس كل شيء ثم أكتشف العكس وبقينا على حالنا

حتى مقربة العصر حتى تأكدت انه درس جيدا ثم فتحت الباب

وخرجت لأجد ترف تجلس عند الجدار المقابل ونائمة فابتسمت

على شكلها وتوجهت نحوها من فوري وحملتها بين ذراعاي

فاستيقظت فمسحت على وجهها وقلت

" ترف ماذا تفعلين نائمة هنا "

اتكأت برأسها على كتفي وقالت بعينان مغمضتان

" كنت أنتظر أن تخرجا "

ضحكت وقبلتها وقلت " لم تغيري عاداتك أبدا تموتين

فضولا لو أغلقوا الباب وأنتي لستِ معهم "

تعلقت بعنقي تخبئ وجهها فيه فقلت وأنا أسير بها

لغرفتيهما " وأين بيسان "

قالت " مع مصعب وعمر وسيلا في الشرفة "

خرجت بها حيث البقية وقلت

" عمر يمكنك اللعب مع أمجد بعدما انتهت دروسه "

نزل من فوره مسرعا وقال مصعب الذي تمسكه الخادمة

" ثرف سغيرة ثبثي "

قالت ترف بغيض " بل أنت الصغير أنا كبيرة ولا أبكي "

أنزلتها وقلت " عيب لا تتشاجرا "

نظرت لي للأعلى وقالت " رأيته كيف يقول "

ثم بدأت تقلد طريقته في الكلام فقال وهوا يحرك ساقيه

" انذليني أنذليني "

أنزلته سيلا فأمسك ترف من شعرها لتقلب الدنيا بصراخها

ولم نخرج أصابعه من شعرها إلا بصعوبة لتلطمه على وجهه

فقلت بحدة ممسكة يدها ومبعدة لها " ترف ما هذا الذي تفعلينه "

قالت ببكاء " ضربني ماما ألم تريه "

جمعت لها شعرها المبعثر وقلت بضيق

" هوا أصغر منك وأنتي سخرتِ منه "

قالت من بين شهقاتها " وهوا سخر مني أولا , أنا لم أكلمه "

حملت مصعب من الأرض باكيا وقلت وأنا أمسح دموعه

" يكفي بني أنت رجل والرجال لا يبكون سأطلب من والدك

أن لا يتركك تأتي هنا ولن تجد ترف مع من تلعب "

قال بعبرة " بل أليد المذيء "

ضحكت وقلت " علينا أن نعاقبها لأنها ضربتك "

شعرت بشي شد فستاني فنظرت جانبا فكانت سيلا تشير لي

على الداخل فنظرت هناك فكانت ترف متكورة أمام السرير

تلك الأنانية الغيورة , قلت لمصعب " ولما تشد لها شعرها

هكذا وتقول عنها تبكي , لن أتركك تلعب معها بعد اليوم "

هز رأسه بلا فقلت مبتسمة " إذا نذهب لها وتعتذر منها "

هز رأسه بلا بقوة فضحكت وأنزلته على الأرض وقلت

" هيا يا بيسان سندخل .... بسرعة للداخل "

نزلت ودخلنا جميعنا وأغلقت باب الشرفة وقلت

" يمنك الذهاب لترتاحي يا سيلا شكرا لك "

غادرت من فورها وانتقلا بيسان ومصعب للعب بالمكعبات

وترف على حالها متكورة على الأرض , توجهت نحوها

وجلست على السرير فوقها وقلت " ترف انظري إلي "

لكنها لم تتحرك طبعا فقلت

" ترف أنا أكلمك هل تريدي أن أغضب منك "

ولا فائدة ترجى من كل هذا وتبدوا غاضبة حقا أو أنها

نامت من جديد , انفتح الباب حينها فكان جابر واقفا أمامه

ألقى السلام فرددت عليه ووقفت ترف من فورها متوجهة

نحوه وحضنت ساقيه وبدأت بالبكاء فحملها وقال

" مابك تبكي من ضربك "

تعلقت بعنقه وقالت بعبرة " ماما تحب مصعب أكثر

مني لقد ضربني وأسكتته ووبختني "

نظر لي وقال " وما نفعل لها لنعاقبها "

نظرت له بضيق وقالت ترف " لا اعلم "

قال بابتسامة جانبية ونظره لازال علي

" سنتركها تنام في الحديقة وحدها الليلة "

وقفت واضعة يداي وسط جسدي , ما هذا الذي يعلمه للأطفال

اقترب مني مصعب وقال " أنا أباث معت لن تخافي "

نظرت له ترف وقالت بحدة " لن تبات مع ماما لديك والدتك "

قلت بضيق " بل أنا من ستذهب مع مصعب وأعيش

معه وتبقيا أنتما هنا "

نظر لي مصعب وقال " ليث لدينا ثرير لك "

ضحك حينها جابر فنظرت للجانب الآخر متضايقة

فأنزل ترف وقال " لا سرير لها إلا هنا "

ثم قال مغادرا " تعالي يا أرجوان "

غادر الغرفة ونظرت أنا لترف فقالت بشفتان

ممدودتان " أنا غاضبة منك ماما "

لم استطع إمساك ضحكتي فبدأت بالبكاء فاقتربت منها

ونزلت عندها وحضنتها وهمست لها " أنتي أكثر من أحب أنتي

ابنتي ومصعب لا , هوا فقط صغير وكان يبكي وعلينا

أن نسكت الأطفال الصغار كما علمتكم "

حضنتني بيداها وقالت بحزن " لا تحبيه أكثر مني ماما لا أريد "

أبعدتها عن حضني ونظرت لوجهها وقلت " ترف لا أريد أن

أغضب منك وتعرفينني حين أغضب فلا أريد ما يحدث مع

أمجد أن يتكرر مع مصعب , أنا أحبك أنتي بنيتي حسنا "

قبلت خدي وقالت " نعم ماما سألعب معه "

ثم وقفت ونظرت لبيسان فكانت منشغلة بالمكعبات ومن

الجيد أنها لم تركز على حديثنا لصرنا في مشكلة جديدة

خرجت من غرفتهم وتوجهت لجناحي , دخلته ودخلت لغرفة

النوم فكانت ثيابه مرمية على الأرض وهوا يبدوا يستحم

جمعت ثيابه ووضعتها في سلة الغسيل في غرفة الملابس وأخذت

لي فستانا قصيرا ولبسته على عجل , مؤكد سيغادر فورا فلا

حاجة لأكثر من هذا , خرجت بعدها للغرفة فتحت شعري

ووضعت كحلا في عيناي , هذا الرجل لا يعطيك وقتا حتى

لتتزيني له فيه , دائما غير موجود وإن جاء يكون في وقت

لا تتوقعينه , حتى في الليل يرجع متأخرا ويتصل بي وهوا

بالمقربة من هنا وأكون حينها نائمة ومتعبة , جمعت شعري

كله للأمام على غير العادة وانفتح حينها باب الحمام وخرج

منه بمنشفته وكالعادة شعره يقطر بالماء وتوجه لغرفة الملابس

فأطفأت التكييف , خرج بعد قليل لأصدم به مرتدي بنطلون

رياضي وقميص قطني أسود بكتابة فضية عند الصدر وتوجه

من فوره للخزانة دون أن ينظر لي وأنا أتبعه بنظري

عجيب لابد وأن جنيا سكنه , هذه المرة الأولى أراه بهذا

اللباس فقد اعتدت على رؤيته إما بالبذلة الرسمية السوداء أو

بذلة الشرطة أو بيجامة النوم , توجه نحو السرير وأنا أسير

معه بعيناي حتى جلس عليه ونظر ناحيتي فوقفت وقلت بمكر

" لقد أخطأت في الغرفة يا سيد زوجي أعرفه أين يكون الآن "

قال بنصف عين " أرجوان أخبرتك أن لا تلعبي معي هذه اللعبة "

رميت شعري للخلف وقلت بغنج

" أنا حرة أقول ما أريد ومتى أريد "

أشار لي بإصبعه على المكان بجانبه دون كلام فهززت كتفي

ولم أتحرك من مكاني فقال " أرجوان لا تلعبي معي فستكونين الخاسرة "

توجهت للأريكة ووقفت فوقها حافية وقلت " أنا لا ألعب معك "

قال بابتسامة " وما سر الوقوف هناك "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت وأنا أحرك شعري بيدي

" وما أدراني أنك زوجي دعني أتأكد أولا "

غادر السرير وتوجه نحوي وأمسكني من خصري

وأنزلني للأرض ثم أمسك وجهي بيديه وقربه من وجهه

وقال بهمس " ليس من مصلحتك أن أتبث لك أني هوا "

تركته وتوجهت للسرير جلست حيث أشار سابقا وقلت

" لقد تأكدت الآن تعال هيا "

هز رأسه مبتسما ثم اقترب وجلس بجانبي شبه مضجع

ومستندا بمرفقه على الوسادة ومقابلا لي فاختبأت في حضنه

وقلت بهمس " ما سر هذا التغيير الرائع حضرة المحقق "

قال بهدوء شبه هامس " تصمتي أو غادرت الآن "

مررت يدي على عضلات صدره البارزة وقلت ونظري

عليها " توبة لن أعيدها "

أمسك بيدي من على صدره ورفعها له وقبلها وقال ونظره

عليها " هل نزلتِ للضيوف البارحة "

كنت أنظر له باستغراب كانت المرة الأولى التي يُقبل يدي

ويسألني عن أمر أقوم به أو فعلته فلم يكن يهتم بشيء , لا

كثرة حديث ولا كثرة استماع , قلت بهدوء " نعم ومن أجلك "

نظر لعيناي وقال " فقط "

اتكأت على صدره وقلت " أقسم على ذلك "

رفع وجهي له من ذقني وقال " إذا انتهينا من هذه المشكلة "

هززت رأسي بلا وقلت " لن أنزل مجددا ولا تربط

الأمر بمكانتك لدي يا جابر كي لا أجبر نفسي "

مسح بإبهامه على خدي وقال

" إذاً تكرر ما يحدث في السابق "

دسست وجهي في صدره مجددا ولم أتكلم فقال

" ماذا قالت عنك "

أحطت خصره بذراعي وغمرت وجهي في صدره أكثر

ونزلت دموعي دون شعور فمسح على ظهري وقال

" أرجوان هل أفهم من صمتك التزامك بشرط زواجنا

أم لأنك لا ترين أني سأكون منصفا لك "

قلت وأنا لازلت أتمسك به بقوة " أنت تنصف كل المظلومين

فلن تعجز عن إنصافي ولأجل الاثنين أنا أصمت "

قال بهدوء " أريد إجابة واضحة والآن "

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " أجبني أنت عن سؤالي أولا "

تنقل بنظره بين عيناي ثم قال " أي سؤال "

عدت للاتكاء على صدره وقلت

" أنت وضعت لنفسك حدا بيننا فلما تسألني الآن "

دسني هوا في حضنه هذه المرة وقال

" لما كنتي تبكي طوال الليل "

ابتعدت عنه وجلست ونظرت لعينيه وقلت

" لا تقل أنك تراقب الغرفة لأنها كانت مظلمة "

مد يده وأشار لي دون كلام أن أعود لحضنه فقلت

" كيف علمت يا جابر "

أعاد الإشارة مرة أخرى في صمت فاقتربت منه مجددا

فقال وهوا يمسح على شعري " علمت وانتهى ولا يهم

كيف وسأتحدث مع والدتي في الأمر ولن يتكرر مجددا "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت بدهشة " أَقسم على ذلك "

نظر لي بضيق وقال " أرجواااان "

ابتسمت وقبلت خده وعدت لحضنه فوصلني صوته مبتسما

" هل أفهم من هذه القبلة أيضا أنك آسفة وأن لا اغضب "

قلت بهمس " نعم "





*

*





" بتول توقفي عن كثرة الأسئلة "

وقفت ووضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" بلى أريد أن أفهم لما أحضرت لي السلسال ولم تقل

أن معتصم من اشتراه ولما تسكتون عن تصرفاته معي

حتى أنه يراني بالبيجامة القصيرة وبدون حجاب وكأن شيء

لم يكن بالنسبة لكم , يومها دخل عليا لغرفتي ولم يستحي

على نفسه ولم يمنعه أحد ولما يرفض الآن وما علاقته بي "

تأفف وقال " اذهبي واسأليه بنفسك "

ضربت بقدمي الأرض وقلت بتذمر " لما تتركوه يهينني دائما

والأسوأ يراني هكذا وكأني شيء يخصه , لا هوا شقيقي ولا

زوجي لا خالي ولا عمي , أنا لم أعد صغيرة لما أصبح

هكذا وقحا فجأة "

وقف وقال " هوا أمامك في قصرهم فاسأليه لما هوا وقح معك

ولما يرفض تغيير دراستك فإن كان لديه جواب سيقوله لك

ثم هوا ابن عمك ويفكر في مصلحتك "

ثم غادر وتركني أنظر له بضيق , لا يتصرفون بشكل طبيعي أبدا

من المفترض به أن يغضب لمعرفته بكل هذا لا أن يتصرف ببرود

لبست عباءتي وحجابي وخرجت من المنزل قاصدة قصر عائلة عمي





*

*







دخلت القصر منذ قليل بعدما تقابلت وعمي منصور في الخارج

ليخبرني أن بتول تريد الذهاب مع خالها رضا لتدرس هناك

وتغير كل سير دراستها , ما هذا الهراء والتسيب والعقل الصغير

وعمي يدللها زيادة عن اللزوم ولا يرفض لها طلبا , دخلت غرفتي

متضايقا وكل مناي أن أغادر قبل أن أراها لأني لا اعلم ما

سأفعل لها , فتحت الخزانة وأخرجت عدة الرسم الجديدة

ووضعتها في كيس وجمعت بعض مذكراتي على

صوت طرق على الباب فقلت " تفضل "

انفتح الباب ولم يتحدث من فتحه فالتفت له فإذا بها بتول تقف

أمامه ويدها وسط جسدها ومتضايقة أيضا فعدت لما كنت أفعل

وقلت ببرود " اشتري سلامتك مني يا بتول واختفي من أمامي "

قالت بضيق " بل تقول الآن بأي صفة تتحكم بي "

نظرت للأعلى وقلت بنفاذ صبر " إن لم تغادري الآن يا

بتول ستسمعين مني كلاما لن يعجبك "

قالت بحدة " قله وأرحني "

التفت لها وقلت بغضب " لن تغيري دراستك ولن تغادري

من هنا رغما عن أنفك وأحب من أحب وكره من كره "

قالت بغضب أكبر " بأي حق أخبرني حتى جابر لا يتحكم بي مثلك

وهوا أكبر منك ثم أنا والدي على قيد الحياة وبعده خالي ثم أنتما "

اقتربت منها وأمسكت ذراعاها وقت من بين أسناني

" لا تضعيني بعدهما تفهمي "

قالت بضيق " ولما وبأي صفة "

هززتها وقلت بحدة " لأنك زوجتي تفهمي ... زوجتي "




نهاية الفصل
اعذروني جميعكم من قبل الفجر بوقت وأنا أحاول وما علق إلا هالوقت ‏

حاولت جهدي لكنه أعند مني فأعتذر من إلي انتظروا لين يأسوا وراحوا ‏

برد المشاعر 28-06-15 05:32 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السابع عشر)
 
الـــــــفصل الثامن عشر










نظرت للهاتف بصدمة ولأسمها على شاشته عدة مرات

وكأني اكذب عيناي , لن تتصل وسن لشيء تافه وبي تحديدا

رفعت الهاتف لأذني وكل هواجس الأرض تقودني وكل ما

أخشاه أن يكون أصابها مكروه في الجامعة واحدهم اتصل بي

بهاتفها , أجبت في صمت فجاءني صوتها الباكي قائلة

" نواس خالتي متعبة تعالى بسرعة أرجوك "

انطلقت راكضا من مكاني وأنا أقول

" ما بها وما أعادك من جامعتك الآن قبل وقتك "

قالت بذات بكائها " بسرعة لا وقت للشرح "

قلت وأنا أركب سيارتي " اتصلي بالإسعاف ستأخذ

مني الطريق بعض الوقت "

فصلتِ الخط مني دون حتى أن تقول وداعا , سرت بسرعة

كبيرة وعقلي عجز عن التفكير , ترى ما أتعبها فجأة هكذا

لو أنها فقط قبلت بأن نباشر المرحلة الثانية من العلاج

وصلت المستشفى بعد وقت ونزلت ركضا وسألت عنها في

الاستقبال ثم صعدت السلالم قفزا حتى وصلت غرفة العناية

دخلت الممر ألهت من الركض وكانت وسن والممرضة في

آخره فتوجهت نحوهما مسرعا لتقفا ما أن رأتاني فقلت

" ما بها ؟ ماذا حدث "

قالت الممرضة " تعبت قليلا صباح اليوم ورفضت أن

أخبرك أو أخبر وسن وحينما ازدادت حالتها سوءا اتصلت

بوسن بالخفية عنها لتأتي لها وهي اتصلت بك "

نظرت لباب الغرفة ثم رفعت رأسي ومررت أصابعي في

شعري ليصلني صوت وسن الحزين قائلة " نواس "

نظرت لها فقالت ودموعها بدأت بالنزول " هل ستموت خالتي "

قلت بهدوء " لن تموت لا تخافي ستكون بخير "

ثم ابتعد عنهما ووقفت بعيدا فلم يعد قلبي يحتمل أكثر

جلستا حيث كانتا وبدأت وسن بالبكاء مرتجفة وكأنما

أحدهم سكب عليها ماءً بارداً في عز الشتاء وتتمتم بأشياء

غير مفهومة والممرضة تحاول تهدئتها , اتكأت على الجدر

برأسي وأغمضت عيناي بألم أرثي تمزق قلبي على والدتي

التي لا أعلم عن حالها بالداخل والقطعة من قلبي التي ترتعش

هناك كالورقة , وسن تُعد والدتي الشيء الوحيد المتبقي لها

الآن , تراها أهلها تراها فرح ووالدها ووالدتها وحتى أنا

وفقدانها بالنسبة لها فقدان لآخر شيء يربطها بالبشر

سحقا لحظك يا نواس ... ليس الكبرياء من يمنعني الآن

عن دفنها وسط حضني ولملمت ارتجافا بين ضلوعي بل

هوا الحلال والحرام لكنت عندها الآن لعلها هي تخفف عني

النيران المشتعلة في صدري قبل أن أخفف عنها أنا خوفها

على خالتها , سمعت باب الغرفة انفتح فقفزت واقفا ووقفتا

هما وتوجهت نحو الخارج منها قائلا " كيف هي الآن "

نظر لي وقال " من تقرب لها "

قلت بتوجس " ابنها "

سار أمامي وقال " اتبعني "

تبعته كالدمية غير مصدق أنه قال اتبعني ولم يقل البقاء لله

أو أحسن الله عزائكم أو أي شيء مفجع يعبر عن موتها

دخلت خلفه للغرفة وأغلقت الباب وجلست أمامه فقال

مباشرة " الورم وصل للدماغ "

شعرت بالأرض تتحرك تحتي ولم أستطع الثبات على

الكرسي الجالس عليه , فوقف وأمسكني قائلا

" كن قويا وعلينا إكمال العلاج معها في كل الأحوال "

رفعت رأسي ونظرت له , كان كالضباب لا أستطيع تمييز

ملامحه فأمسكت رأسي بيداي فناولني كوب ماء فأخذته منه

على الفور وشربته , كان طعمه مالحا ففهمت انه علم أن ضغطي

انخفض , بعد قليل أصبحت الرؤية عندي أوضح وزال الدوار

من رأسي فقلت بصوت متعب " لا نفع منه سوا قتلها بالبطيء

لا تكذب علي فأنا ملم بمرضها جيدا "

أخفض رأسه وتنفس بقوة ثم نظر لي وقال

" اتركوها هنا أفضل لها لتكون تحت المراقبة والشفاء

من عند الله وحده وعلينا المحاولة للنهاية "

قلت من فوري " ما الذي يمكنني فعله أخبرني عن

أي بلاد آخذها لها وسأفعل فورا "

هز رأسه وقال " لن يفعلوا لها أكثر مما سنفعله نحن "

ثم وقف وقال " كن مؤمنا ولا تيأس فالشفاء لا يحدده

أحد والموت لا يمسكه أحد أيضا "

نظرت له للأعلى وقلت " هل يمكنني رؤيتها "

قال مغادرا " ليس قبل أثنى عشر ساعة فلا

تتعبوا أنفسكم بالانتظار هنا "

ثم خرج وتركني فوقفت بصعوبة وخرجت لأجد

وسن والممرضة ينتظرانني أمام الباب فقالت وسن

بنظرة رجاء " لم تمت أليس كذلك "

هززت رأسي بلا فقالت بصوت ضعيف ويدها تقبض على

كم سترتي " هل ستموت يا نواس ؟؟ هل ستموت "

قلت ورأسي في الأرض

" لا تقلقي ستكون بخير أزمة وستنتهي "

قالت بعبرة " أريد أن أراها "

نظرت لها لتقع عيناي على عيناها الواسعة الدامعة

فأشحت بنظري بعيدا عنها وقلت

" لا تزال متعبة عليكما العودة للمنزل الآن "

قالت بجدية " لن أغادر إلا معها "

نظرت لها وقلت بضيق " وسن ليس هذا وقت العناد

الطبيب قال أنه لا يمكننا زيارتها قبل نصف

يوم فبقائكما لا فائدة منه "

قالت الممرضة " إذا سأغادر وأعود لها غدا هل تريدان شيئا "

قلت " هل عادت فتحية من دولتها "

هزت رأسها بلا وقالت " قالت أن والدها ازدادت

حالته سوءا ولن ترجع قبل أسبوع "

هززت رأسي بحسنا فغادرت في صمت ونظرت أنا

لوسن وقلت بهدوء " علينا المغادرة الآن وسنعود في الغد "

سارت أمامي في صمت ودون كلام , فقط لأني سأغادر

أيضا لما كانت تحركت من هنا , ركبنا السيارة وغادرنا

المستشفى , كنت أود البقاء لكن وسن تبدوا متعبة وتكابر

كعادتها ولا أحد في المنزل لذلك عليا البقاء معها , وصلنا

المنزل ودخلت هي قبلي وتوجهت من فورها لغرفة والدتي

بعد قليل لحقت بها فكانت تجلس على الأرض متكئة على

السرير بذراعيها وتخفي وجهها فيهما وتبكي فوقفت عند

الباب وقلت " وسن لا تنسي أنك متعبة , هذا لن يفيد في

شيء , هي لم تمت وستتحسن حالتها "

لم تجب عليا طبعا فغادرت قبل أن ترميني بكلام يغضبني

وأكون أستحقه , خرجت لأقرب صيدلية أحضرت لها حبوبا

مسكنة وعدت للمنزل , دخلت ووجدتها على حالها فوضعت

الكيس على السرير بجاب رأسها وقلت بهدوء

" أحضرته من نقود والدتي وليس مني "

ثم غادرت الغرفة وتوجهت لغرفتي , أخرجت هاتفي وفتحته

واتصلت بجواد , ترددت بادئ الأمر لكي لا أشغله عن دراسته

لكن إن حدث لها شيء فلن ينساها لي لأنه لم يراها للمرة الأخيرة

شعرت بانقباض في قلبي لمجرد الفكرة , كيف أفقدك يا أمي

أنتي لا تعرفين ما تعنيه بالنسبة لي فمن لي أنا أيضا بعدك

اتصلت وأجاب بعد وقت فقلت من فوري

" ما هي أقرب رحلة يمكنك المجيء عليها "

قال بتوجس " ما بها والدتي "

أغمضت عيناي بألم وقلت " متعبة قليلا وأريدك أن تكون هنا "

قال بعد صمت " نواس لا تكذب علي "

قلت بهدوء " الورم وصل للدماغ سندخلها للمرحلة الثانية

من العلاج , إن لم يكن بإمكانك المجيء فلا تأتي "

قال من فوره " أسبوعان أو أقل وأكون عندكم ... يا رب

لطفك , نواس هل ستموت "

قلت بغصة " توقفوا عن سؤالي هذا السؤال وارحموني "

قال بعد صمت " كيف هي وسن "

قلت بحزن " مرابطة في غرفة والدتي وتبكي , فتحية سافرت

منذ أكثر من يومين لأن والدها متعب كثيرا والممرضة

غادرت وهي الآن وحدها في الغرفة "

قال من فوره " كن بجانبها تعلم عن حالتها جيدا

لا نريد أن نخسر اثنتين "

تنهدت وقلت " تعلم أن اقترابي لن يزيد الأمور إلا سوءا

أنا معها في المنزل ولن أغادر , هذا فقط ما سأقدر عليه "

قال بحزن " دعني أكلم والدتي ما أن تدخل لها أرجوك يا نواس "

قلت من فوري " حسنا ووداعا الآن "

قال بهدوء " وداعا واعتني بوسن يا شقيقي تعلم كم سيؤثر فيها ذلك "

قلت بهمس " وداعا "

وكأنك متأكد من موتها يا جواد , من حديثك وعبرتك التي

تحاول كتمها , وهذه هي الحقيقة مهما كذبت على نفسي

رن جرس الباب فخرجت له وفتحته فكانت صديقة وسن

في الجامعة , نظرت لي وقالت بقلق " وسن تركت الجامعة

مسرعة ولا تجيب على هاتفها , زرت منزلكم ثلاث مرات

ولم أجد أحدا ! هل هي بخير "

ابتعدت عن الباب وقلت ونظري للأسفل

" لقد جئتِ في وقتك , أدخلي لها هي في الغرفة المفتوحة

نهاية الصالة , أرجوك كوني بجانبها قدر المستطاع "

دخلت وقالت " ماذا حدث "

أغلقت الباب وقلت مغادرا من أمامها للداخل

" خالتها متعبة وفي المستشفى "

ثم توجهت للمطبخ لتدخل هي , من الجيد أنها أتت لتكون معها






*

*







نزلت أبحث عن راضية حتى وجدتها وقلت

" نواس خرج منذ ساعات ركضا لسيارته وبسرعة مخيفة

من المزرعة وهاتفه مقفل ووالدته لا تجيب "

قالت بقلق " سترك يا رب ترى ما الذي حدث "

نظرت من حولي وقلت

" أين وليد أو صديقه الآخر ليجدوا أي حل "

قالت من فورها " معاذ ليس هنا ووليد في ..... "

بترت جملتها على دخول وليد من باب المنزل فتوجهت

من فوري نحوه وقلت بقلق " ماذا حدث مع نواس "

نظر لي باستغراب فقلت

" خرج مسرعا وهاتفه مقفل وحتى والدته لا تجيب "

أشاح بنظره عني متضايقا لتتحول نظرتي للصدمة ثم أولاني

ظهره وقال بهدوء " سأحاول الاتصال به أو أبحث عنه لا تقلقي "

ثم خرج من فوره ونظري يتبعه ورن حينها هاتفي فنظرت له

من فوري فكان نواس فأجبت عليه قائلة بقلق

" نواس ماذا حدث معك وأين أنت "

قال بنبرة غريبة " أنا في منزل والدتي لا تقلقي "

قلت بحيرة " هل حدث شيء "

قال بعد صمت " مرضت أمي وهي في المستشفى الآن "

أغلقت فمي من الصدمة ثم قلت " ما بها "

تنهد وقال بحزن " تعبت اليوم كثيرا والطبيب

نصحنا بتركها في المستشفى لبعض الوقت "

قلت بهدوء حزين " أسال الله لها العافية ولن أطيل

عليك أكثر وطمئني عليها "

قال بهمس " وداعا وشكرا لك "

أبعدت الهاتف عن أذني وغادرت جهة السلالم وصعدت

لغرفتي , كم أتمنى أن أكون بجانبه ووالدته الآن لكن بقائي

هنا سيكون أفضل فابنة خالته لن تتقبلني وهوا يعلم ذلك

جيدا لكان قال أنه سيأتي لأخذي هناك





*

*






جلست أحتضن أغطية سريرها أريد أن أشم ولو رائحتها

خالتي عودي من أجلي لا تتركيني فبعدك سأضيع وأرجع

عالة ومتسولة ويتيمة يرعاها نواس وزوجته , من أشتكي له

بعدك , من ينصفني من يحبني ويتحدث معي

قبضت على اللحاف بقوة لتعود دموعي التي لم تتوقف للنزول

مجددا فشعرت بيد على كتفي هي ليست لنواس بالتأكيد فنظرت

لصاحبها بسرعة وكأني أتخيل أن تكون خالتي تطبطب

على كتفي كالعادة وتسألني ( لما أنتي حزينة يا ابنتي )

فكانت ملاك , نظرت لها مطولا ثم قلت ببكاء

" خالتي يا ملاك ستموت وتتركني "

جلست بجواري على الأرض وحضنتني وقالت

" لن تموت هي متعبة فقط وليست المرة الأولى "

قلت بعبرة " لم تمرض هكذا قبلا "

وبقيت لوقت تهدئني وتقرأ على مسامعي

آيات من القرآن ثم مسحت على شعري وقالت

" إنه وقت المغرب هيا قفي توضئي لنصلي واقرئي في

المصحف قليلا وادعي لها بالشفاء "

وقفت ودخلت الحمام توضأت وصليت واتكأت في سرير

خالتي وأحضرت ملاك المصحف وبدأت تقرأ على مسامعي

حتى هدأت وتوقفت عن البكاء فمسحت على شعري وقالت

" وسن لما كل هذا هي حية ولم تمت , ابن خالتك قلق عليك

كثيرا يكفيه والدته التي في المستشفى "

خبأت وجهي في ذراعي وقلت " ليذهب ويتركني أنا لم

أجبره على البقاء معي "

تنهدت وقالت بضيق " وسن هوا في النهاية ابن خالتك

ويخاف عليك لو رأيت وجهه لتوقفتِ عن هذا الجنون "

خبئت وجهي في ذراعي أكثر وعدت للبكاء فقالت

" حسنا لن أذكر اسمه ثانيتا فلا تبكي "

وأمضت معي ملاك الليل بطوله ولم ننم للحظة ولا نواس

الذي يطرق علينا الباب من حين لآخر وعند الصباح

قالت ملاك " هيا لتذهبي معي لمنزلي , جدتي رحبت

بالفكرة وأنتي تحتاجين للابتعاد عن هنا "

نزعت ملابس الصلاة وجلست على السرير وقلت

" لا أريد فعليا زيارة خالتي معه "

قالت بهدوء " منعوا عنها الزيارة نهائيا حتى تنتهي جلسات

العلاج فتعالي معي أفضل لك وله ليتمكن من مغادرة المنزل "

قلت بحدة " أخبرتك أني لا أجبره على البقاء "

قالت بضيق " أنتي لا تجبرينه لكنه يستحيل أن يذهب

ويتركك في المنزل لوحدك فإن كنتي حقا لا تريدي

رؤيته فاذهبي معي أو ابقي معه هنا "

ثم تأففت وقالت مغادرة الغرفة " سأجمع لك ثيابا

وتبقي معي حتى تخرج خالتك "

ثم غادرت الغرفة فارتميت على السرير أبكي بحرقة

فها قد بث عالة حتى على الأغراب , بعد قليل جلبت

حقيبة أغراضي وقالت " وضعت فيها كل ما رايته

مهما وإن احتجتِ شيء سنعود لأخذه "

خرجت معها من المنزل وأوصلنا نواس بسيارته لمنزلها

نزلت ملاك قبلي وهممت بالنزول حين استوقفني صوت

نواس قائلا " اتصلي بي إن احتجتِ شيئا "

قلت بهمس وأنا انزل " شكرا لك "

ثم أغلقت الباب ودخلت المنزل , متى سيقتنع أني لا

أريد منه شيئا سوى أن يتركني ولا يزيدني على ما بي

دخلت وكانت جدة ملاك وزوجة خالها في استقبالي

رحبا بي وسألا عن خالتي فأجبتهم ثم قلت

" أريد أن أنام قليلا أشعر بالتعب "

قالت جدتها مبتسمة

" المنزل منزلك , خذيها يا ملاك لغرفتك لترتاح "

دخلت خلفها للغرفة فقالت " تبدين متعبة هل أعطيك المسكن "

دخلت للسرير وقلت " أريد أن أنام قليلا فقط "

فخرجت وأغلقت الباب بعدما أطفأت النور





*

*


أمضيت أيام الأسبوع بين المستشفى والمزرعة ومنزل

صديقة وسن لأطمئن عليها من خال صديقتها التي توصل له

ملاك أخبارها , هي لم تذهب للجامعة منذ ذاك اليوم ولا تتوقف

عن البكاء وتصر على الخروج بنفسها لزيارة والدتي ولا

تريد أن تقتنع أن الأطباء يمنعون عنها الزيارة بالفعل فحتى

أنا لم أدخل لها سوى مرة واحدة ولدقائق معدودة وهي لا

تعي شيئا حولها , جواد قال أن طائرته ستكون منتصف

الأسبوع القادم ولم يخبر فرح بشيء فهي حامل وإن علمت

ستقلق على وسن ويجن جنونها ولن تهدأ ليلا ولا نهارا

" ألن نتمكن من زيارتها أبدا يا نواس "

رفعت رأسي ونظرت لها وقلت " الأطباء لم يسمحوا بذلك بعد "

نظرت للأرض وقالت بحزن " تبدوا حالتها حرجة "

تنهدت وقلت " ليس بيدنا سوى الدعاء لها "

رن حينها هاتفي فنظرت له ووقفت على طولي وأنا

أرى رقم المستشفى فأجبت من فوري فقال الذي

في الطرف الآخر " مرحبا هل أنت السيد نواس "

قلت بتوجس " نعم هل والدتي بها مكروه "

قال من فوره " تطلب رؤيتك وواحدة اسمها وسن "

أبعدت الهاتف عن أذني انظر له بضياع فقالت مي بقلق

" ماذا هناك يا نواس "

قلت مغادرا من أمامها " سأنزل للعاصمة وقد لا أعود اليوم "

ركبت سيارتي وغادرت مسرعا أحاول فقط أن لا أفكر

وصلت لمنزل صديقة وسن ونزلت , قرعت الجرس

ففتح لي الباب طفل في السادسة أو السابعة فقلت له

" أين والدك هل هوا موجود "

قال من فوره " خرج هوا ووالدتي "

قلت " وملاك هل هي في الداخل أم صديقتها فقط "

هز رأسه بلا وقال " في الجامعة صديقتها فقط هنا وجدتي نائمة "

قلت " أخبرها أن رجلا اسمه نواس ينتظرها في الخارج "

ثم أمسكت كتفيه وقلت " قل لها سيأخذك لخالتك "

هز رأسه بحسنا ودخل وما هي إلا لحظات وكانت وسن أمامي

بعباءتها وحجابها واقفة أمام الباب وقالت " هل سنزورها حقا "

هززت رأسي بعم دون كلام فخرجت وأغلقت الباب وتوجهت

للسيارة بخطوات سريعة وكأنها تريد أن تسابق الوقت لتصل

لها سريعا , ركبت بجانبها وانطلقت في صمتنا حتى

قالت " هل رأيتها اليوم "

قلت ونظري على الطريق " لا "

نظرت لي وقالت " وكيف سمحوا لنا بزيارتها هل انتهى علاجها "

دخلت حينها سور المستشفى وقلت " هي طلبت رؤيتنا "

أوقفت السيارة في الموقف فأمسكت قلبها وقالت

" هل هي بخير ؟ أخبرني أرجوك يا نواس "

نظرت لعينيها لأول مرة اليوم وقلت

" لا أعلم يا وسن أنا مثلك جئت ولا اعلم شيئا "

قالت ودمعتها تتدلى من رموشها الطويلة

" ستكون بخير أليس كذلك , قل قسما ستكون بخير "

تنهدت وقلت " كيف أقول شيئا لا أعلمه هيا دعينا ننزل لها الآن "

ثم فتحت الباب ونزلت فنزلتْ هي أيضا ولحقت بي

دخلنا المستشفى وصعدنا بالمصعد وهي تتكئ على جداره

وتبكي فنظرت لها وقلت بهدوء وقلب ينحب أكثر منها

" يكفي يا وسن كوني قوية لتقابليها أو لن يتركوك ترينها "

لم تزدد سوى عبرات ونحيب على نحيبها , اليوم فقط تمنيت

أني سمعت كلام والدتي وتزوجتها ذاك اليوم رغما عنها وعني

لَما كنت تركتها الآن تحتضن الجدار الأصم الذي لا أعلم

كيف لم يتحرك ويمسح دموعها , انفتح المصعد أخيرا ورحمني

فخرجت وهي تتبعني وتمسح دموعها , وصلنا الغرفة وفتحت

الباب ببطء ودخلت ووسن خلفي , كانت الأجهزة كلها منزوعة

منها سوى حقنة المغذي فما يعنونه بهذا ! ما أن دخلت وسن

حتى توجهت نحوها مسرعة وحضنتها تبكي فرفعت والدتي

يدها بتعب ووضعتها على رأسها وقالت بصوت ضعيف متعب

" إن كنتي تحبينني فتوقفي عن البكاء يا وسن "

قالت بعبرة " لا تتركيني يا خالتي أرجوك فليس لي بعدك

أحد لا ترحلي أنتي أيضا , ليبقى لي ولو صوتك يكلمني "

نزلت دمعة من طرف عين والدتي ونظرت لي ومدت يدها

فاقتربت منها وأمسكتها وقبلتها فقالت ونظرها على وسن

المحتضنة لجسدها " ضعي يدك هنا في يدي يا وسن "

رفعت رأسها وامتثلت لها لتصبح يدها فوق يدي وكلاهما في

يد والدتي التي قالت ونظرها عليها

" عديني يا وسن وأقسمي لي أنك تفعلين ما سأطلبه منك "

بقيت على صمتها فقالت أمي " عديني يا ابنتي "

قالت وسن ببحة " أعدك "

تنفست أمي بتعب وقالت " قولي أقسم أن أتزوج من

يختاره نواس ومتى يقرر هوا "

بقيت تنظر لها بصدمة فقالت " لا ترُديني خائبة يا وسن "

غمرت وجهها في جسد والدتي وقالت ببكاء

"أعدك وأقسم لك أن افعل فقط لا تتركيني وحيدة "

نظرت لي أمي حينها وقالت " وسن أمانتك يا نواس مادمت

حيا ولا تنسى وعدك لي بني فأنت لم تزوجها سليمان لأنك

اخترت الخيار الآخر فكن عند وعدك مهما طال بك العمر "

قلت بحزن " لا تخافي لن أخلفه يا أمي "

ابتسمت حينها ابتسامة صغيرة متعبة وقالت بهمس

" الحمد لله "

ثم ارتخت قبضة يدها ورفعت وسن رأسها ونظرت لها

وهزتها بيدها الأخرى وقالت بصدمة " خالتي "

فقبضت بيدي بقوة على يدها التي تحت يدي وقلت بألم

ودمعة سقطت من عيني " ليخلفنا الله فيها خيرا يا وسن "







****************************************************

******************************************

برد المشاعر 28-06-15 05:33 AM

رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السابع عشر)
 
كنت أنظر لها باستغراب كانت فتاة في بشرتها سمرة خفيفة

بملامح جذابة وعينان بنيتان لم تفارقا الزهرة في السلسال

وكأنها رصاصة ستخترق عنقي , قلت بهدوء " هل يمــ .... "

قاطعتني ناظرة لعيناي " من أين تحصلتِ على هذا السلسال "

بقيت أنظر لها بحيرة فقالت بحدة " تكلمي "

بقيت أنظر لها بصمت , أي وقاحة هذه تحقق معي وهي

تراني للمرة الأولى ! وما علاقتها بالسلسال ومن أين تعرفه

رفعت نظري حينها للذي ظهر خلفها وكان نزار فالتفتتْ

هي ما أن انتبهتْ أن عيناي تبثا خلفها ونظر لها هوا

وقال عاقدا حاجبيه " رهام !! "

دارت بجسدها نحوه وقالت

" نعم رهام صاحبة السلسال الذي أصبح عند غيرها "

قال بجمود ونظره على عينيها " لم تكوني يوما صاحبته "

قالت بصوت مرتفع قليلا وحاد " بلى أعجبني في المحل

هوا نفسه أعرفه جيدا وكنت معك وتحدثنا عنه "

نظر حينها لي وأنا عيناي عليه , هذه رهام إذا خطيبته السابقة

تخطاها وتخطاني داخلا فالتفتتْ ناحيته وقالت بحدة أكبر

" لم أصدق حين سمعت أنك بت تهوى المراهقات

ويعجبنك ولكني صدقت الآن "

وقف حينها والتفت لها وقال باستغراب

" ما تعني بما تقولينه "

نظرت لي ثم له ثم قالت من فورها

" أعني أنك أنت أيضا كسرت الشعار وسقط منك القناع "

ضغط على فكيه بقوة حتى خفت من ملامحه ثم أشار

بإصبعه للباب خلفها وقال " أخرجي من هنا وفورا "

قالت بسخرية " نعم وتطردني من أجلها أيضا معك حق "

ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها صورة ووضعتها أمام

وجهي , كان نزار في الصورة وهي تتكئ على صدره
بظهرها ويحيط خصرها بذراعيه مبتسمان وقالت وهي

تحركها أمام وجهي " لا يخبرك انه مثالي ولم يحب غيرك

ولا قبلك لأنه سيكون كاذبا مثلما كذب حين قال لا

أقتنع بحب وزواج المراهقات "

نظرت له فكان نظره ثابتا عليها فعدت بنظري

لها وقلت " حكا لي كل شيء "

ضاعت بنظرها بين عيناي مصدومة فتوجهت نحو نزار

ووقفت بجانبه وتمسكت بذراعه وقلت ونظري عليها

" أخرجي من حياتنا "

فانفتحت عيناها أكثر من الصدمة فرفعت نظري لنزار

فكان على حاله ينظر لها فعدت بنظري عليها فانتقلت

هي بنظرها مني له فقال بجمود " وأغلقي الباب خلفك "

لا اعلم قالها تكملة لجملتي أخرجي من حياتنا أم يقصد بها

باب المنزل لكنه لم ينكر كلامي رغم أنه غير صحيح فخرجت

وملامحها لا يمكن وصفها ولم تضف حرفا واحدا فابتعدت

عنه بسرعة وتركت ذراعه وقلت ونظري للأرض

" آسفة إن أزعجك ما قلت لكني إن أنكرت ما قالته

فلن نجني شيئا وأنا حقا تعبت منهما "

توجه نحو الباب وأغلقه ثم عاد مارا بي وقال وهوا

يجتازني " فعلتي الصواب فالحقيقة لن يقتنع بها أحد "

ولم اسمع بعدها سوا خطواته يصعد السلالم فتنفست بقوة

وغادرت جهة غرفة خالتي ونظري للأرض حتى دخلت

فوصلني صوتها قائلة " ماذا هناك ما كل هذه الأصوات "

نظرت لها وقلت " لا شيء مهم ماذا تريدين على الغداء "

ضحكت وقالت " كان دائما على ذوقك ما تغير الآن "

تنهدت وقلت " لا أعلم "

قالت بحيرة " لا تعلمين ماذا !! سما ما بك ولما صعد نزار

دون أن يلقي علي التحية ومن الذي كان عند الباب "

هززت رأسي بحيرة ولم اعرف ما أقول , لا أريد أن اكذب

عليها ولا أن أتحدث عما حدث , خرجت من عندها وتوجهت

للمطبخ , وضعت بعض الخضار في طبق وجلست على

الطاولة أمسك السكين في يدي وأقطعها بذهن شارد

ألم تقل خالتي أن السلسال ليس لها ولا تعرف عنه وها

هي تعرفت عليه أو يبدوا كما قالت هوا أعجبها في إحدى

المحال فاشتراه لها ليهديها إياه في عيد ميلادها فافترقا قبلها

حسنا لما أنا المتهم دائما دعاء ثم هذه المدعوة رهام ألا يوجد

رجل غيره في هذه البلاد , أتمنى أن لا تخرج لي واحدة

أخرى بعد قليل لأعلم أنها تحبه أو كان يحبها , أغمضت

عيناي بشدة أحاول محو تلك الصورة من دماغي وهوا

يحضنها مبتسمان لكنها أبت الخروج ولم يخرج من

عيناي سوا دموعي .... " سما "

ارتجفت لسماع صوته المصدوم ينادي باسمي ليسقط

السكين من يدي في الصحن وبقع الدم تلون الخضار تحتي

اقترب مني مسرعا وأمسك يدي وقال " يدك تنزف وأنتي

تغمضين عينيك وتبكي ولا توقفين النزيف "

نظرت لوجهه وأشعر بقلبي يرتجف بقوة للمسه لي

الشعور الذي أصبح يتعاظم يوما بعد يوم , وقفت لأنه

كان ممسكا يدي ويسحبني جهة المغسلة وفتح الصنبور

عليها , كان الجرح في كف يدي اليسرى وهوا يضغط عليه

بأصابعه بقوة حتى احمرت مفاصلها ونظره عليها وعيناي

تسافر في ملامحه ... العينان الرماديتان والأنف المستقيم

لحيته الخفيفة بشعيراتها السوداء وذقنه البارز قليلا للأمام

شعرت بالدماء ترتفع لوجهي وبخجل شديد ومعدتي تضطرب

حين تذكرت ما حكته لي خالتي يومها عما يحدث بين الرجل

والمرأة والكارثة أنها قالت ( هذا شيء مبسط فقط لتعلمي بالأمر

مني قبل غيري وتكوني حذرة بنيتي ) إن كان ذاك مبسط

فكيف ستكون التفاصيل , تمنيت فقط أن يترك يدي التي

كان يمسكها بكلى يديه لأني لم أعد أحتمل أكثر من هذا

رفع حينها أصابعه ليرى الجرح وحرك إبهامه في كفي

ليعرف عمقه فقلت بألم " أي "

قال وهوا يغادر " لا تخرجي يدك من تحت الماء "

غادر لوقت قصير ثم عاد وفي يده شاش فأخرجت يدي

من تحت الماء ولف كفها بعشوائية وقال وهوا يغلق الصنبور

" غيري ثيابك والبسي حجابك عليا أخذك ليخيطوا لك الجرح "

صعدت لغرفتي وغيرت ملابسي بصعوبة لأن يدي كانت

تؤلمني بشدة والدماء بدأت تخرج من الشاش , حاولت لبس

الحجاب ولم أستطع فنزلت به في يدي فكان ينتظر في الأسفل

فقلت وأنا أريه الحجاب " لم أستطع لبسه سأطلب من

خالتي أن تلبسه لي بسرعة "

أمسكه من يدي وقال " والدتي نامت سأساعدك أنا

بسرعة فالجرح لازال ينزف "

لم أستطع قول شيء فأمسك بالحجاب وقلبه كثير ويبدوا لم

يفهمه لأنه معد جاهزا لأن يلبس دون لف فأمسكته

معه وقلت مبتسمة " من هنا هذه الفتحة للوجه "

قلبه مرة أخرى وأدخله في رأسي فكان وجهي مغطى بالكامل

فقلت بضحكة " نزار هذا مقلوب وفتحة الوجه في الخلف "

سمعت حينها ضحكة صغيرة خرجت منه فهوا يبدوا مستاء

منذ أن تقابل وتلك الرهام اليوم , غير من وضع الحجاب

بمساعدتي بيد واحدة ورفع وجهي له ودس خصلات شعري

جيدا ونظره عليها لتعود لي تلك الرغبة في تأمل ملامحه

مجددا ثم سرعان ما أبعدت نظري عنه وتوجه هوا حينها

ناحية المطبخ قائلا " علينا أن نغير الشاش أولا "

نظرت لكف يدي فكانت الدماء تغطي الشاش كله وزاد

شعوري بالألم فيها وكأنها جرحت للتو , عاد سريعا وأزال

الشاش منها ولفها مجددا بسرعة لأن الدم لازال ينزف

وهوا يقول بضيق " لا أعلم كيف تجرحين نفسك هذا

الجرح المخيف فليست عادتك يا سما "

لم أستطع التحدث فما سأقول له ... لم أكن أشعر بنفسي

وأنا أقطع يدي أم أني كنت أفكر في تلك الصورة وغائبة

عن كل شيء من حولي , خرج بعدها وأنا أتبعه قائلة

" والدتك ستستيقظ ولن تجدني وستقلق "

قال وهوا يغلق باب المنزل " فكري في نفسك الآن فقط

علينا أن نصل سريعا قبل أن تفقدي دما أكثر ويغمى عليك "

ركبت السيارة وأنا بالفعل أشعر بتنمل في قدماي لكني

لم أتوقع أن يكون ذاك السبب فأنا في كل حال فقدت
دما كثيرا هادان اليومان ويدي نزفت كثيرا تحت الماء

انطلقنا وأنا أمسك كف يدي لأنه يؤلمني بشدة ووصلنا

بسرعة للمستشفى , نزل ونزلت بعده وكان يسير بخطوات

سريعة فقلت " لا تسرع نزار أشعر بتنمل في قدماي "

وقف والتفت لي وأجلسني على إحدى الكراسي في

الحديقة قائلا " سأحضر كرسيا يبدوا فقدتِ دما كثيرا "

وسار مسرعا دون أن يستمع لاعتراضي ومرت خلفه

مباشرة اثنتان وقالت واحدة للأخرى " أنظري كيف

يخاف على زوجته , ما جنس الذين نتزوجهم نحن "

وصلني صوت الأخرى وهما تبتعدان قائلة بضحكة

" مؤكد عريسان جدد "

عدت بنظري منهما ليدي المجروحة , لما الجميع يرى

أننا متزوجان ! هل نزار وحده مقتنع بفكرة أني صغيرة

على الزواج , خرج حينها متوجها نحوي دون كرسي

ووصل عندي وساعدني على الوقوف قائلا

" هل يمكنك السير سأساعدك فلم أحصل على واحد "

سرت بمساعدته قليلا ثم قلت

" قدماي تتيبسان وأشعر بالجفاف في حلقي "

شعرت بعدها بدوار خفيف واضطربت خطواتي ولم

أشعر بنفسي إلا وأنا أرتفع عن الأرض بين ذراعيه

وقد حملني بخفة وسهولة وسار بخطوات سريعة

قائلا بضيق " لا أعلم أي مستشفى هذا لا شيء متوفر فيه "

شعرت حينها بالضيق لأنه منزعج من حمله لي

فقلت بهمس " أنا آسفة "

قال ونحن ندخل باب المستشفى " ولما تعتذري فالخطأ

عليهم وليس عليك , تمسكي بي جيدا المكان مزدحم اليوم "

وما أن أنهى جملته حتى انفتحت عيناي من الصدمة وأنا

أشاهد العدد الكبير من رجال الشرطة وازدحام الناس

بسببهم فقلت بدهشة " ماذا يحدث هنا !! "

اصدم حينها أحدهم بنزار بسبب الازدحام وكاد يوقعني

فتمسكت بعنقه على صوته قائلا " سما ألم أقل تمسكي جيدا "

لذت بالصمت أشعر بالإحراج من تشبثي بعنقه ومن تصرفاتي

اليوم التي جميعها لم تعجبه لكني لحظتها شعرت حقا أني

تمنيت لو أن دعاء ورهام هنا فما سيكون موقفهما يا ترى

ثم سرعان ما مات ذاك الشعور بالنشوة حين تذكرت كلماته

حين قال ( الحقيقة لن يقتنع بها أحد ) وهوا يعني بالتأكيد أنه

لا يحبني كما تعتقدان فنزلت دمعتي دون شعور مني فأبعدت

يدي ومسحتها فقال وهوا ينزلني عند قسم الطوارئ

" هل تألمك كثيرا "

هززت رأسي بلا دون كلام فدفع الباب وأدخلني حتى السرير

فجلست عليه واقتربت إحدى الممرضات قائلة

" ما المشكلة "

قال نزار " استدعي لنا طبيبا "

نظرت ليدي وقالت " يمكنني القيام بذلك هي وضيفتي "

تأفف وقال " يا آنسة الطبيب لو سمحتِ "

قالت بضيق " ترى بنفسك حال المستشفى يعج بالشرطة منذ

يوم الأمس ووصلنا اليوم ثلاث حوادث سير كلها لعائلات "

قال مغادرا الغرفة " سأجلبه بنفسي إذا "

لوت هي شفتيها وتمتمت بضيق

" لا أعلم لما الوسيمين أسلوبهم سيء دائما "

ثم نظرت لي واقتربت مني وقالت " أرني يدك "

خبأتها في يدي الأخرى وقلت

" سيغضب مني اتركيه حتى يرجع أولا "

قالت مغادرة الغرفة

" هذا ما يقوي الرجال عليكن خوفكن الزائد منهم "

تساندت بالسرير لأن شعور الإغماء بدأ يزداد والدماء

عادت تملأ الشاش مجددا فدخل حينها نزار يتبعه الطبيب

وسحب الكرسي وجلس أمامي قائلا " مدي يدك لأراها "

مددت له يدي قائلة " أشعر بدوار "

وقف وقال " يبدوا فقدتِ دما كثيرا سنحقنك بالمغذي "

سحب حامل المغذي نحوي وعلق فيه واحدا وحقنني به

بسرعة في يدي السليمة ولم يفتحه ثم فتح الشاش ونظر للجرح

وتحرك قائلا " يلزمه ثلاث غرز أو أربع تقريبا "

توجه للأدراج في الغرفة وأخرج أشياء وضعها على طاولة

وسحبها نحونا وعقم الجرح كثيرا بادئ الأمر ثم بدأ بخياطته

ومن أول غرزه شعرت بألم فضيع رغم أنه رش كف يدي ببنج

موضعي فقبضت بيدي الأخرى على السرير بقوة وأنا أتألم

وهوا يخيط باقي الغرز حتى شعرت بيد نزار على كتفي تمسح

عليه ببطء ويده الأخرى تمسك ذراعي المصابة وأنيني المتوجع

يزداد فأمسكت طرف سترته بيدي اليمنى ودفنت وجهي فيها

وقد بدأت بالبكاء فقال الطبيب " تحملي قليلا نكاد ننتهي "

فانتقلت يد نزار من ذراعي لرأسي يمسح عليه قائلا

" قليلا فقط يا سما إنها الأخيرة "

بعد ذلك شعرت بالطبيب يمسح بشيء على الجرح فأبعدت

وجهي عن سترة نزار ونظرت له فكان قد بدأ بلف الشاش عليها

قائلا " عليكم المجيء لتغييره مرة كل يومين أو ثلاث كحد أقصى "

أنهى لفه وفتح المغذي ثم فتح دفترا كبيرا وأخذ بياناتي ونزار يعطيها

له ثم أغلقه ونظر لنا وقال مبتسما " أليست صغيرة على الزواج "

قال نزار من فوره " لسنا متزوجان "

يبدوا أغلب الرجال مقتنعون بهذه النظرية وليس نزار

وحده , وقف الطبيب وقال ضاحكا " لا تشبهان بعضكما

لم يخطر ببالي أن تكونا شقيقان "

ثم اقترب مني ورفع وجهي له وطلب مني أن أفتح فمي

وأخرج لساني وفحص لي عيناي ثم قال " لا علامات لفقر

دم وستكونين أفضل , لقد خف الدوار أليس كذلك "

قلت بهمس " قليلا "

قال وهوا يتأكد من يدي " حاولي أن لا تحركي يدك قدر

الإمكان يا سما كي لا تنفتح الغرز حتى يلتئم الجرح على الأقل "

ثم نظر لنزار وقال " أجلب لها عصير برتقال , أنت ترى

الفوضى في المستشفى لكنا أحضرناه لها "

هز له رأسه بحسنا وخرج الطبيب وقال نزار

" سأذهب لجلبه وأعود سريعا "

قلت بخوف " لا نزار لا تتركني وحدي "

تنهد وقال " سأتحدث مع أحدهم ليجلبه سأكون هنا عند الباب حسنا "

هززت رأسي بالموافقة وغادر وهوا يجيب على هاتفه قائلا

" نعم يا أمي إنها معي لا تقلقي وسنعود قريبا "

ثم خرج وسمعته يتحدث مع أحدهم ثم عاد للداخل واقترب

مني قائلا " نامي على السرير يا سما سيكون أريح لك "

اتكأت عليه للخلف ونظرت للمغذي وقلت " هل سيأخذ وقتا كثيرا "

جلس على الكرسي وقال " ساعة ونصف كحد أدنى "






*

*






بقيت عيناها معلقتان في المغذي لوقت وكأنها تنتظر

أن ينقص ولو قليلا , طرق حينها أحدهم باب الغرفة

ثم فتحه فكان الرجل الذي وجدته في الخارج وفي يده كيس

به علبة عصير كبيرة وأكواب بلاستيكية فوقفت من فوري

وأخذته منه قائلا " شكرا لك يا أخي أسأل الله أن لا يرد لك طلبا "

قال مبتسما " لا شكر على واجب وحمدا لله على سلامتها "

ثم غادر من فوره فأغلقت الباب وعدت نحوها وأخرجت

العلبة وفتحتها وملئت منها أحد الأكواب ومددته لها

فأخذته مني وقالت بهمس " شكرا "

ثم سمت الله وشربته ووضعت الكوب على الطاولة

بجانبها فقلت " عليك أن تشربي واحدا آخر "

هزت رأسها بلا فقلت بضيق " سما عليك شربة الآن "

نظرت للأسفل بخجل وقالت " لا استطيع سأحتاج الحمام

حينها ولن أستطيع الذهاب له "

أغلقت حينها العلبة ووضعتها على الطاولة بجانبها وعدت

جالسا على الكرسي من جديد ولا شيء سوا الصمت

غفت سما بعد قليل ونظرت للمغذي فكان في بدايته

جيد أنها نامت فالنوم سينسيها الانتظار لساعتين فما يزيد

رن حينها هاتفي فأسكته سريعا وكانت والدتي فأجبت

عليها قائلا بصوت منخفض " نعم يا أمي "

قالت في الفور " لم يهدأ لي بال بني ما الذي أخرجكم

وسما لا تخرج إلا للضرورة "

قلت بشبه همس " لقد جرحت نفسها بالسكين وأخذتها للمستشفى

وخاطوا لها الجرح وحقنوها بالمغذي وهي نائمة الآن "

قالت بصدمة " يا إلهي لم تجرح نفسها سابقا وهل الجرح بليغ "

قلت " أربع غرز , سنعود للمنزل ما أن ينتهي المغذي "

قالت بقلق " خذ حذرك بني واعتني بها جيدا "

قلت بهمس " لا تقلقي وداعا الآن "

ثم أنهيت منها الاتصال وتنهدت بضيق , يبدوا سما توترت

من مقابلة رهام واتهاماتها لنا فما كانت ستجرح نفسها اليوم

تحديدا إلا بسبب ذلك , لا أعلم أي مرض يصيب الفتيات

هل من الضرورة أن أحب فتاة فقط لأنها تعيش معنا !!

وهل كل فتاة ستبقى عندنا لفترة سأحبها ! وما كان قصد

رهام حين قالت ( لم أصدق حين سمعت أنك بت تهوى

المراهقات ) كيف علمت عن سما ومن أخبرها ! مؤكد دعاء

فهي صديقتها لكن ما مصلحة دعاء لتقول ذلك وما الذي

عنته سما بأنها قد تعبت منهما ! هل تحدثت دعاء معها أيضا

نظرت لملامحها النائمة بهدوء وتنهدت بحيرة , كم أخشى

أن يصيبك مكروه عندي يا سما وكل ما أتمناه أن أعيدك

لأهلك سالمة وبدون ولا خدش صغير قد أحاسب عليه واتهم

بالإهمال رغم أني أحرص عليك أكثر حتى من نفسي

ما يحيرني أنها لم تتساءل عن رهام ومن تكون بل مثلت

الدور أمامها وكأنها تعلم بما يجري ! هل أخبرتها والدتي

عنها يا ترى ؟ لا خيار غيره فهما معا طوال النهار خصوصا

قبل أن تعود سما لدراستها , وكم مرة كانتا تتحدثان وحين

انزل السلالم تسكتان , وموقف سما اليوم غريب كذلك

توقعتها ستدافع عن نفسها وتقول أن لا شيء بيننا مما قالته

رهام لكنها خانت توقعاتي بل وتصرفت بجرأة لم أعهدها

فيها قبلا وواجهتها بقوتها الدفينة داخلها , القوة التي تحملت

بها كل ما مرت به , إنها كالطاقة العجيبة لا تخرج منها إلا

وقت اللزوم ولا يمكنك أن تتوقع من شخصية هادئة وخجولة

مثل سما أن تكون لديها كل هذه القوة لمواجهة الصعاب

بعد وقت وقفت وفتحت باب الغرفة ووقفت أمامها لعله

يمر الوقت سريعا , لمحت بين ازدحام الشرطة بعيدا

جابر يقف بينهم فنظرت حولي وتحدثت مع أقرب

الواقفين أمامي قائلا " هل ستبقى هنا طويلا "

نظر لي وقال " نصف ساعة تقريبا "

قالت " توجد فتاة في هذه الغرفة في سن الخامسة عشرة

بحجاب أبيض وعينان زرقاء لا تسمح لها بالخروج حتى

أعود , سأكون هناك قريبا عند تجمع الشرطة حول ذاك

الرجل باللباس الرسمي "

هز رأسه بحسنا ثم نظر لساعته وقال

" لا تتأخر كثيرا فقد أغادر في أي وقت "

تحركت قائلا " لا تقلق قليلا فقط وأعود "

توجهت نحوهم بخطوات سريعة حتى وصلت عندهم

وقلت وأنا أجتازهم " المعذرة قليلا "

نظر لي جابر وقال باستغراب " نزار ماذا تفعل هنا !"

صافحته وقلت " بل أنت ما الذي تفعله هنا "

نظر جانبا وقال " لدينا حالة مهمة في هذا المستشفى "

ثم نظر لي وقال بهمس فهمته فقط من حركة شفتيه

" عفراء "

انفتحت عيناي من الصدمة وقلت " وجدتها "

هز رأسه بنعم وقال " لكنهم قتلوا زوجها ويريدون

قتلها أيضا وبأي طريقة "

نظرت لعيناه بتكيز وقلت " إذا سما في خطر حقيقي "

هز رأسه بنعم ثم قال " ما الذي جاء بك هنا هل والدتك معك "

قلت " لا ... سما جرحت يدها وجلبتها هنا وهي في

أحد الغرف هناك في قسم الطوارئ "

تغيرت نظرتها للقسوة وفرقع بأصابعه لثلاث رجال من

المحيطين به وقال " تتبعونه حالا وتحرسون الغرفة حتى

يغادروا ولا تلفتوا الانتباه للغرفة المحددة "

ثم نظر لي وقال بضيق " هم منتشرون مثلنا هنا في

المستشفى كيف تتركها وحدها يا رجل "

نظرت للخلف من فوري فكان ذاك الرجل ما يزال واقفا

مكانه وعيناه على هاتفه فتركتهم وعدت جهة الممر مسرعا

ورجال الشرطة يتبعونني حتى وصلت وفتحت الباب

فكانت نائمة مكانها فتنهدت براحة ثم التفت لهم وقلت

بصوت منخفض " ما تزال هنا "

هزوا رؤوسهم بالموافقة وانتشروا في الممر وعدت

أنا للغرفة وأغلقت الباب خلفي ولعبت بي الهواجس

وكلما فتح أحدهم الباب خفت أن يكون منهم وتعرف

عليها أو يعرفها ولم أرتح إلا حين شارف المغذي على

نهايته فنزعته منها بنفسي فلن أستطيع مفارقة الغرفة لأنادي

إحدى الممرضات ثم هززتها قائلا بهمس " سما استيقظي "

فتحت عيناها ونظرت من فورها لقارورة المغذي ثم جلست

فسكبت لها كأسا جديدا من العصير وأعطيتها إياه فشربته

على دفعات كعادتها ثم وقفت ولبست حدائها وخرجنا وذراعي

تحيط بكتفيها وكأن ثمة من سيسرقها مني , لو فقط تنتهي كل

هذه المشكلة وأعيدك لأهلك يا سما ليرتاح بالي وضميري

ركبنا السيارة وخرجنا من المستشفى وبعد مسافة قليلة

نظرت لها ثم للطريق وقلت " هل حدثتك والدتي عن رهام "

قالت بعد صمت ورأسها للأسفل " سألتها عن مرضها

فحكت لي أنه كان لديك خطيبة اسمها رهام كنت

ستتزوجها لتسافر وتدرس وهي تبقى معها لتتمكن

من إجراء العملية لها "

قلت بهدوء " فقط "

نظرت لي وقالت " هل تصدقني إن أخبرتك "

أوقفت السيارة حينها عند المنزل ونظرت لها وقلت

" بل أثق في صدقك أكثر من نفسي "

نظرت لي مطولا بصمت ثم أخفضت نظرها

وقالت " دعاء أخبرتني عنها أيضا "

بقيت أنظر لها بصمت وصدمة لوقت ثم قلت

" وما شأن دعاء وبما أخبرتك !! "

نظرت لي وقالت " هل تذكر ذاك اليوم حين ذهبتَ

وخالتي للمستشفى وطلبت منك ألا تتركوني وحدي "

هززت رأسي بنعم وقلت " أجل اذكره "

أخفضت نظرها مجددا وقالت " جاءت دعاء هنا ودخلت

وبدأت تقول لي أشياء لم أفهمها بادئ الأمر وتحدثت عن

خطيبة لك كنت تحبها وأنها عادت وأنك لم تنساها لذلك لم

تتزوج وقالت أنه عليا أن لا أفكر في أن استحوذ على قلبك

وأنها تنصحني لأنها تريد مصلحتي فقط "

بقيت أنظر لها مصدوما لوقت فرفعت نظرها لي

وقالت " تصدقني أليس كذلك "

تنهدت بضيق وقلت " بالتأكيد أصدقك وما الذي قلته أنتي لها "

قالت " قلت لها أنها أمور تخصك وحدك وليس علينا

الحديث عنها ولا التدخل فيها فسألتني إن كنت طالبة لديك

وتم طردي من المدرسة وحين سألتها كيف علمت قالت

أنك أنت من أخبرها "

قلت بهمس مصدوم " كاذبة "

قالت من فورها " اعلم أنها كانت تكذب "

قلت بحيرة " ومن أخبرها إذا "

رفعت كتفيها وقالت " لا أعلم "

فتحت الباب وقلت " سأنزل أنا أولا ولا تنزلي

حتى أفتح الباب حسنا "

ثم نزلت من فوري وفتحت باب المنزل وانتظرتها حتى

دخلت قبلي وتوجهت من فورها لغرفة والدتي بالطبع فتبعتها

ودخلت خلفها فكانت تجلس بجوارها على السرير فوقفت عند

الباب وقلت " سأنام قليلا ولا تحاولي إعداد الطعام يا سما

ولا تحركي يدك كما قال الطبيب وحين استيقظ سأخرج

لجلب الطعام وسأطهو أنا الأيام القادمة "

قالت والدتي ضاحكة " سنعود للبطاطا المقلية واللحم المشوي "

قلت مبتسما " لقد قررت أن أتعلم من سما طريقتها كي

لا تتعبيني فيما بعد , عن إذنكما الآن "

وصعدت بعدها لغرفتي ودخلتها وضربت الباب خلفي بقوة

يستحيل أن تكذب سما ولا أريد أن تدخلني الشكوك في ذلك

ولن تكون مثلهما بالتأكيد , لقد جُنّت دعاء كيف تختلي بالفتاة

وتقول لها كل هذا الكلام ومن الذي زرع في دماغها فكرة

أني قد أحب سما بل من أين علمت أن سما كانت إحدى

طالباتي وتم طردها , إن واجهتها فستنكر بالتأكيد ولا دليل

لدي ولا لدى سما على ذلك خصوصا أننا كلانا أنا وأمي كنا

خارج المنزل حينها , لا أستغرب الآن أن تكون فتشت غرفة

سما بل وحتى غرفتي , استحممت وغيرت ثيابي ونمت من

فوري لأني استيقظت مبكرا ولم أستيقظ إلا على صوت جرس

المنزل يقرع باستمرار فغادرت السرير والغرفة ووقفت

عند بداية السلالم وقلت لسما المتجهة نحوه

" لا تفتحيه يا سما سأنزل أنا له "

عادت من فورها لغرفة والدتي وعدت أنا لغرفتي غسلت

وجهي ثم نزلت وفتحت الباب فكان حسام فصافحته

مبتسما وقلت " كيف حالك وما جاء بك الآن هيا أدخل "

دخل وقال ضاحكا " ثلاث أسئلة دفعة واحدة !!

يفترض بهم تعيينك كمذيع في التلفاز "

أغلقت الباب ودخلت خلفه وقلت ضاحكا

" هذا لأني استغربت قدومك فقط "

وقف عند غرفة والدتي وحمحم وقال " هل أدخل يا خالتي "

جاء صوت والدتي قائلة " تفضل بني "

دخل وأنا اتبعه قائلا " وما تراني أمامك عمود كهرباء

كنت تركتني آخذ لك الإذن "

صافح والدتي وسما الجالسة على السرير ثم التفت

لي قائلا " أولا أعمدة الكهرباء في الشارع فقط "

ثم ضحكوا ثلاثتهم وتابع قائلا " ثانيا أنت أيضا يلزمك

أخذ الإذن لوجود فتاة غريبة عنك "

قلت ببرود " سما قريبتي وليست غريبة عني مثلك "

ثم قلت مغادرا الغرفة " سأصلي العصر وأعود لك "

صعدت لغرفتي توضأت وصليت ثم نزلت لهم على صوت

ضحكات حسام وكأنه بلع جهاز ضحك , وقفت عند الباب

وقلت " سأخرج لأحضر الطعام هيا لترافقني "

تجاهلني وقال " لا أريد الخروج سأنتظرك هنا معهما "

نظرت لهما وقلت " هل تريدان شيئا معينا "

قالت سما من فورها " بيتزا "

ابتسمت وقلت " لم يتغير ذوقك أبدا وأنتي يا أمي "

قالت مبتسمة " أي شيء بني لا فرق عندي "

هممت بالمغادرة فقال حسام " هيه أنت لم تسألني "

قلت مغادرا " أعرف ذوقك في الطعام جيدا برغر حارة "

ثم خرجت وجلبت الطعام سريعا وعدت للمنزل ودخلت

وحسام لازال يقرقر كالمذياع فوقفت عند الباب وقلت

" لا أعلم كيف لا ينتهي الأكسجين من رئتيك "

ضحكا سما ووالدتي فنظر لي وقال بضيق

" نعم شوهتم العروس وتشوه سمعتي أيضا "

تجاهلت ما يلمح له فوقفت سما واقتربت مني لتأخذ

الأكياس فقلت مغادرا " أنا سأجهزها , عليك أن لا

تحركي يدك كما اتفقنا "

تبعتني قائلة " سأساعدك إذا "

دخلت المطبخ ووضعت الأكياس على الطاولة وبدأت

سما بإخراج الأطباق بيد واحدة ومن ثم الكؤوس فقلت وأنا

منشغل بالأكياس " أحضرت البيتزا بلحم الدجاج كما تحبينها "

وصلني صوتها قائلة " خشيت بالفعل أن تنسى ذلك "

دخل حينها حسام قائلا بابتسامة واسعة " من اليوم أنا

أيضا أحب البيتزا وبلحم الدجاج أيضا "

خرجت حينها سما تحمل الصينية التي بها الكؤوس

والعصير بيد واحدة مسندة لها بذراعها الأيسر فنظرت

له وقلت ببرود " الفتاة تخجل كثيرا وأنت لا حسيب

على لسانك ففرق بين المزاح والجد "

وضع يده على كتفي وقال بابتسامة

" ما بك يا رجل لا تتزوجها ولا تتركها لغيرك "

هززت رأسي بيأس وقلت " عندما تصبح عند أهل والدها

أخطبها منهم وتفاهم معهم أما الآن فاترك الفتاة وشأنها

ولا تحاول أن تتلاعب بمشاعرها لأجل ذلك "

حمل صينية منهم وقال مغادرا المطبخ " أنا لا أتلاعب

بمشاعرها فغير أنت نظريتك القديمة عن المراهقات "

حملت باقي الأطباق وخرجت بها من المطبخ فكانا قد أدخلا

الطاولة للداخل وتناولنا الطعام وأصرت سما أن تغسل هي

الأواني بيد واحدة ولم ترضى حتى أن أساعدها فجلست ووالدتي

وحسام نتحدث حتى وقف فجأة وغادر الغرفة , ظننته سيدخل

الحمام لكني لم أسمع بابه يغلق , لقد توجه للمطبخ إذا فهي

فرصته ليكونا وحدهما , نظرت جانبا وتنفست بضيق من

تصرفاته وخصوصا هذه , ليس اهتماما بسما ولكن لا أريد

أن يتلاعب بها حقا وهي بهذا السن لا تعرف حتى كيف

توجه مشاعرها ويسهل خداعها , أيقضني من أفكاري

صوت أمي قائلة " يبدوا حسام مهتما حقا بسما "

قلت بابتسامة سخرية " بل تبدوا الزيارة كلها من أجلها "

قالت بهدوء " وما يضايقك في الأمر , سما فتاة عاقلة

أكثر من سنها وأنا أفهمتها كل شيء "

نظرت لها باستغراب ثم قلت " كل شيء عن ماذا "

قالت ونظرها على الباب المقابل لها " كل شيء لا تعرفه كي

لا تعرفه من المدرسة أو من رجل دنيء أصل يتلاعب بها "

نظرت للأرض وقلت " لا احد يريد أن يقتنع بتفكيري

ولا اعلم لما العيب بي أنا "

قالت ببرود " لأنه تفكير خاطئ وإن كان أنت لا يعنيك كل

مميزاتها كزوجة فأنا سأتحسر حين ستضيع منك لغيرك "

تنهدت بضيق ولذت بالصمت فأنا اعلم أن هذا الحديث

لا جدوى منه , هذا ووالدتي تعلم أني أعرف عائلتها

وثرائهم الفاحش وأنها صغيرة وهي كانت في سنها أو

يزيد بعام حين تزوجت وتعلم معنى الزواج المبكر لا وزواج

مصلحة لتبقى تخدمنا طوال العمر , ثم أهلها لن يرضوا

بهذا فهل سنعيش نحن بأموالها , هذا إن قبلوا بنا ولم يرموا

لي أبنائي منها في الشارع لأعود للصفر أسوء مما كنت

وأبحث عن زوجة وأم لهم , أعادني صوتها مجددا

من أفكاري وهي تقول بهدوء

" جربت الراشدات العاقلات فما كانت النتيجة "

وقفت وقلت " أمي لننهي الحديث في هذا الأمر رجاءا "

أبعدت نظرها عني وقالت ببرود " لو كان لي ابن غيرك لما

تركتها تضيع مني وأتمنى أن لا تندم يوما يا نزار فالفتاة

أمامك الآن ولا أحد تحبه لكن إن خرجت من يديك لا تعلم

حينها شعورك كيف سيكون فكم من مشاعر دفينة

خرجت وقت فقدِنا لمن كان أمام عينينا "

قلت بضيق " ما هذا الذي تقولينه يا أمي "

قالت ببرود أكبر " لا شيء اعتبر نفسك لم تسمعني "

خرجت حينها من عندها متضايقا , ما هذا الذي تهدي به

أنا أحبها وأكتشف فيما ذلك بعد ! لا أعلم كيف لا ترى

العشرين عاما التي بيني وبينها , وقفت عند باب المطبخ

وقلت " حسام لنخرج قليلا "

وقف من كرسي الطاولة وقال " الله أكبر على الحسد

لم تتركني معها دقيقتين "

قالت سما مغادرة من أمامي " عذرا منكما "

غادر أمامي قائلا " هل ارتحت يبدوا أنك أخفتها مني "

غادرت خلفه صامتا لا أريد التحدث أو بمعنى أصح التشاجر معه







*

*







بعدما غادر حسام ونزار عدت لخالتي وساعدتها لتدخل

الحمام وتتوضأ لتصلي المغرب ثم صعدت لغرفتي وجهزت

أغراضي المدرسية للغد بصعوبة فكم من نعم لدينا أنعم بها

الله علينا ولا نحصيها فكم هوا صعب فعل أي شيء بيد واحدة

جلست بعدها في غرفتي ودرست قليلا ولم يرجع نزار إلا متأخرا

وخالتي قالت أنها لا تريد أن تتعشى لأننا تناولنا الغذاء متأخرا

وبعدما أنهيت كل دروسي نزلت لها ووقفت عند الباب وقلت

" خشيت أن تكوني نائمة "

قالت مبتسمة " لن أنام قبل أن نقرأ في روايتنا لا تخافي "

دخلت مبتسمة وأخذتها منها وجلست وفتحتها بصعوبة طبعا

حمدا لله أنها ليست يدي اليمنى هي المصابة لأني كنت

أمسك السكين بها لكنت الآن في مشكلة أكبر, فتحت حيث

توقفنا وقرأت (( ركبت السيارة في صمت بعدما اعتذر عما

قاله ولم أستغرب كيف بذر منه هذا التصرف فمؤكد والدته

هددته أنها ستخبر عمي رياض , عدنا في صمت تام وأنا انظر

للنافذة طوال الطريق , وقفنا عند الإشارة وكانت السيارة

المجاورة لنا ناحيتي فيها فتاة حيتني بيدها فركزت عليها

قليلا لأن لا إنارة سوى من أعمدة النور فكانت جوجو

فابتسمت لها ابتسامة باهتة ثم انطلقنا وقال فراس

" هل تعرفينها ؟؟ "

قلت ببرود " لا "

قال " ولما حيتك إذا "

قلت ببرودي ذاته " تبدوا شبهت علي "

قال بلهجة غريبة " آه ظننت فقط "

فنظرت له في المرآة الأمامية فكان ينظر لي فعدت بنظري

للنافذة , يبدوا يعلم عن علاقة أشرف بها وفهم الآن أني تعرفت

عليها من خلاله أو هي تعرفت علي , قالت والدته بعد

قليل " متى قال لك عمك مصطفى سيأتي وابنته "

قال بهدوء " خلال هذه الأيام "

قالت مباشرة " وخالك وجدّك أيضا قال سيزورنا قريبا "

قال بذات هدوءه " جيد فنحن لم نره من مدة "

جميل لما هذا الهدوء يختفي معي , لأول مرة أسمع له

نبرة غير الغضب والحدة والغيظ والسخرية أيضا

قالت عمتي " ولما لا تزورونه إن كان يعنيكم أمره "

قال ببعض الضيق " أمي تعلمين أني أكثر من يزوره

ويسأل عليه وعلى جدي فلما اللوم الآن "

قالت ببرود " أعلم أنك وحدك تفعلها لكن علينا أن نشعر

بكبار السن لأنهم يصبحوا حساسين جدا "

خرجت حينها من صمتي قائلة بحماس

" متى ستذهبين له يا عمتي ؟ أريد أن أذهب معك "

أنا أحب كبار السن كثيرا كم هم رائعين في كل شيء

حديثهم وحركاتهم وحتى طريقة أكلهم ونومهم

قال فراس " سأزوره ووالدتي قريبا "

انطفأ حماسي وقلت ببرود " غيرت رأيي "

قال بلامبالاة " كما تريدين "

وصلنا حينها للمنزل ونزلت خالتي وأنا بقيت أتأكد من

أنه لم يبقى شيء تحت كرسي السيارة من عدة ماكياجي

ثم هممت بالنزول حين استوقفني صوته قائلا

" انتظري قليلا "

خرجت من الباب قائلة " يكفيك استجواب لي "

نزل هوا أيضا وقال مستندا بذراعه على بابه

" ومن قال أني سأستجوبك "

ضربت باب سيارته بقوة وقلت بصوت حازم مرتفع قليلا

وأنا مغادرة من أمامه " قسما برب الكعبة يا فراس إن سحبتني

من ذراعي واستجوبتني ثانيتا سأخبر والدك وعلى الفور "

ودخلت باب المنزل عند آخر كلمة قلتها ثم صعدت لغرفتي على

الفور , استحممت وغيرت ثيابي ولبست بيجامة النوم ونمت

فورا ولم استيقظ إلا وقت صلاة الفجر , صليت وجلست

أتابع التلفاز فأنا معتادة على نظام النزل الداخلي ... الإفطار

عند وقت الفجر والمكتبة تفتح ذاك الوقت فقط والإضاءة تفتح في

جميع الغرف وكأنهم يجبروننا على الاستيقاظ , وجدت فيلما

فكاهيا فجلست لساعتين أشاهده واضحك ثم نزلت للمطبخ

بملابس النوم فالجميع نائم بالتأكيد , دخلت وفتحت الثلاجة

أخرجت العصير والشطائر ثم حمصت الخبز وأخرجت الزبد

والمربى وأعددت الشاي وجلست أتناول الطعام حتى دخل وائل

ونظر لي باستغراب , كان بملابس أنيقة كعادته ورائحة عطره

تدخل قبله وتخرج بعده ويبدوا سيذهب للجامعة لَما كان

استيقظ الآن , تعمدت أن لا انظر ناحيته فوقف ونظر

بكل اتجاه وقال " أين الخادمة ؟؟ "

قلت ببرود " لم أجد أحدا هنا "

تأفف وتمتم قائلا " أمي تفسد أطباع الخادمات دائما بتدليلها لهن "

أشرت للطعام أمامي وقلت " أجلس وتناول فطورك معي "

قال وهوا يتوجه ناحية الباب الخارجي للمطبخ

" أنا لا آكل إلا البيض المقلي بالطماطم في الفطور "

ثم فتح الباب ونظر جهة غرفة الخادمة هنا ثم دخل وأغلق

الباب بقوة فوقفت وقلت " سأعده لك سريعا هيا أجلس "

قال ويديه وسط جسده

" لن يكون على طريقتها وأنا اعتدت عليها "

سحبته من ذراعه جهة الطاولة قائلة

" أجلس أنت فقط وسترى إن لم يكن أفضل من طريقتها "

حضرته له بطريقة الأومليت فأنا أحب إعداده وجعلته بالطماطم

كما يحب وبدون جبن ثم وضعته أمامه فنظر له مطولا ثم قال

" ما هذا ؟؟ "

قلت بابتسامة " أومليت لكن بطريقة مختلفة كما تريده "

وقف وقال " هل تتعلمين الطهي في يا حمقاء "

قلت بعبوس " هل هذا جزائي , تذوقه على الأقل "

عاد للجلوس قائلا ببرود " أمري لله فلا خيار أمامي

غيره ولا أحب الخروج دون إفطار "

عدت للجلوس مكاني لأنهي إفطاري وأنا أراقبه كل حين

فأكله كله ثم وقف وقال " ليس سيئا كثيرا "

ثم غادر من فوره , وقح أكله كله ويقول ليس سيئا كثيرا أي

أنه سيئ بعض الشيء حتى أنه لم يشكرني , أنهيت إفطاري

على دخول الخادمة التي شهقت وقالت بصدمة " فوضه من السبب "

ثم أشارت لي قائلة " أنت السبب فتاة وسخ "

وقفت وقلت بضيق " وأين أنتي تنامين طوال الوقت يا نظيفة "

نظرت للفوضى وحركت رأسها بقلة حيلة ثم تحركت جهة

المغسلة قائلة " أنا يشتكي لسيد وسيدة منك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بابتسامة جانبية

" وأنا يوسخ لك المطبخ كل صباح "

دخل حينها فراس وجلس على الطاولة قائلا

" ماري الفطور بسرعة يا كسولة "

نظرت له وقالت مشيرة بيدها لي

" هذا يسبب فوضى هنا وسخ ولا فطور اليوم "

وقف وقال مغادرا المطبخ " أمري لله "

وأنا أتبعه بنظري بذهول , هل هي الخادمة هنا أم هم !!

وأين عصبيته تلك تختفي أمامها , وما هي إلا لحظات

وسمعت أصوات لطيور أو ما شابه في الخارج فصرخت

الخادمة وقالت وهي تركض جهة الباب

" فراس مجنون سيرى من سيد وسيدة سعاد "

وخرجت راكضة وأنا اضحك عليها , عرف كيف يعاقبها

ضحكت كثيرا ثم قلت " يبدوا لديه بعض المنافع السيد كونان "

" منافع مثل ماذا يا سيدة رُدين "

نظرت للخلف مصدومة لأجد وائل متكأ على باب المطبخ وينظر لي ))

أغلقت الرواية وقلت " تسبب لنفسها المشاكل دائما "

ضحكت خالتي وقالت " بعض البشر هكذا لا يرتاحون إن

لم ينكدوا على أنفسهم "

وقفت وقلت ونظري على يدي المجروحة

" أشعر أن الألم عاد لها "

قالت وهي تفتح كيس أدويتها

" هذا لأن مفعول الحقنة المسكنة انتهى "

ثم أخرجت شريطا وأعطتني منه حبتين قائلة

" تناوليهما لتنامي دون ألام وفي الصباح ستكونين أفضل

وإن عاد الألم لها فلا تذهبي للمدرسة "

هززت رأسي بحسنا وأخذتهما منها وقبلت خدها وأطفأت

النور قائلة " تصبحين على خير "

ثم توجهت للمطبخ أخذت كوبا من الماء وبلعت الحبتين

وصعدت لغرفتي ونمت لأن الألم زال مجددا , عند الصباح

استيقظت وجهزت نفسي ونزلت , كان نزار من أعد الإفطار

فدخلت الغرفة وقلت " صباح الخير "

قالت خالتي مبتسمة " صباح النور تعالي نحن اليوم

أميرتان ولدينا من يخدمنا "

قال نزار بضيق " أنتي أميرة دائما "

جلست على الطاولة مبتسمة وقالت خالتي بضيق

" كنت خادمة لسنوات فمن جعل منك رجلا طويلا

عريضا غيري يا ناكر الجميل "

نظرت لخالتي وقلت

" هل كان زوجك طويلا وعريضا هكذا فأنتي قصيرة "

تنهدت وقالت " كان وسيما وطويلا وتعشقه كل فتيات الحي "

ضحك نزار ولم أستطع إمساك ضحكتي فقالت بضيق

" نعم تسخران مني , من أين جئت أنت بوسامتك إن

لم يكن والدك كذلك "

ضحك نزار كثيرا ثم قال " ضننت أنك أنتي كنتي

الجميلة وورثته منك كما تقولين "

نظرت لي وقالت ببرود " انظري لغروره يقول ورثته

منك يرى نفسه جميلا حقا "

همست لها مبتسمة " ممن ورثه بصراحة "

غمزت لي وضحكنا كلينا فقال بضيق

" أضحكاني معكما "

وقفت وقلت " شيء لا يخص الرجال "

وقف وقال " علمت أنك لن تخرجي من هنا إلا نسخة عن والدتي "

ثم خرج ونحن نضحك عليه وصعدت بعدها لغرفتي أنزلت

حقيبتي وغادرنا وعندما وصلنا باب المدرسة نظر لي وقال

" سما كوني حذرة لقد تحدثت مع مدير المدرسة وجابر

وسيسمحون لك بجلب هاتفك رغم أنه ممنوع فلا تريه

لأحد وأحضريه معك منذ الغد "

هززت رأسي بحسنا فقال " إن تعبتِ من يدك أخبري المدير

ليتصل بي وسآتي لأخذك للمنزل ولا تحركيها أبدا "

قلت بهمس " حسنا "

ثم نزلت ودخلت المدرسة ومر اليوم على خير وساعدتني

ريحان كثيرا كي لا أحرك يدي والغريب أن بتول لم تأتي اليوم

ولا تجيب حتى على اتصالاتي رغم أني حاولت كثيرا أن

أتصل بها بعدما عدت للمنزل








****************************************************

******************************************







دخلت القصر وأنا أفتح هاتفي فرن على الفور ففتحت

الخط ووضعته على أذني وقلت وأنا أصعد السلالم

" نعم يا مزعج "

قال بضيق " اسمعني جيدا يا جابر عليك أن تحدد لي

موعدا وقريبا جدا وأن تحترمه أيضا "

قلت ضاحكا وأنا أدخل الجناح

" موعد وقريب معقولة , أن أحترمه فهذا حسب وقتي "

قال بضيق أكبر " وما فائدة الأولين إن لم تتوفر الأخيرة "

جلست على الأريكة في الردهة وقلت وأنا أرمي مفاتيحي

على الطاولة " أنت لا تعلم كم انشغلت هذين اليومين

ثم عليا أن أتحدث مع والدتي أيضا ومع زهور وأرى

ترتيباتهم للأمر ثم عليا أن أفهم مهية تحقيق شروطها

المجنونة وموعد عقد القران سيكون آخر أعمالي "

قال ببرود " هذه أمور سهلة تنجزها في ساعة أو أقل "

قلت بضيق " ألم تجد لك غير عائلتنا , خف علي

يا رجل وقدر ظروفي "

انفتح حينها باب غرفة النوم وخرجت منه أرجوان بفستانها

القصير ومرت من أمامي لمطبخ الجناح وكأنها لا تراني

وصلني صوته قائلا " لو كان لي رغبة في غيركم ما رميت

نفسي تحت رحمتك , أنتظرك يا سيد مشغول "

ضحكت من فوري فقال بضيق " هل قلت ما يضحك "

قلت وعيناي تتابعان أرجوان العائدة للغرفة

" من أين جئتني بهذه الصفة ظننتها بضاعة خاصة "

قال بتذمر " لست في مزاج لفك ألغازك يا رجل , وداعا

الآن لقد سددت لي نفسي أعان الله زوجتك عليك ولا

يكون في ظنك أنك ستتخلص مني بسهولة "

قلت ضاحكا " وداعا يا سيد مزعج "

وقفت بعدها واقتربت من الغرفة لأرى سبب كل هذا التجاهل

فلمن تتزين هكذا على غير عادتها فلأول مرة تضع ماكياجا

هكذا وترتدي فستان سهرات , ما أن اقتربت أكثر حتى

سمعت أصوات تهامس , من معها هنا يا ترى ! أم أنها تحدث

صديقتها في الهاتف فهي من يوم علمت أن القصر به نظام

مراقبة وهي لا تحادثها إلا همسا وكأنها لا تعلم أنه لا وقت

لدي لأراقبها على مدار اليوم لأصيب وقت اتصالها بها

فتحت مقبض الباب ببطء فهذه المرأة تعرف كيف تحرك فيك

الفضول رغم أني أستنزف كل قدراتي الفضولية في عملي

لكن من ليلة أشيائها المجنونة تلك علمت أنها تفوق المجرمين

ما أن انفتح الباب أكثر حتى فوجئت بها وأبنائي يقفون أمامها

وما أن رأوني وكأن ساعة الفرج لألسنتهم جاءت فما أصعب

أن تسكت الأطفال , صرخوا راكضين نحوي وتعلقوا بي وكل

واحد منهم يحمل هدية مغلفة في يده , نظرت لأرجوان فكانت

تنظر لهم وهم متعلقين بساقاي وتبتسم ابتسامة حنونة فلا يمكنني

تحديد مقدار ولو تخيلي لمدى حبها لهم , نظرت بعدها لي

وأشارت بيدها على يدها الأخرى وكأنها تشير لساعة في يدها

فنظرت لساعتي على الفور ليلفت انتباهي التاريخ مع أصوات

الأولاد المتداخلة قائلين " كل عام وأنت بخير بابا "

عيد ميلادي اليوم لم أنتبه له بتاتا رغم أني رأيت التاريخ أكثر

من مرة في أوراق عملي ! ابتعدوا عني ومدوا لي بهداياهم

فنزلت عندهم مستندا بقدماي على الأرض وأخذتهم منهم وقبلت

كل واحد منهم وشكرتهم ثم وقفت وقلت ونظري لأرجوان

" جهزي لي بذلة يا أرجوان وتكوني فعلت لي معروفا كبيرا "

أعلم أن وضعي سخيف جدا لكن ما باليد حيلة فمؤكد هم

ينتظرونني هنا منذ وقت لأنه لا يمكنها تخمين وقت وصولي

إلا بالمصادفة , نظرت بيسان لها ثم لي رافعة رأسها للأعلى

وقالت بصدمة " والاحتفال في غرفتينا والكعكة أيضا "

نظرت لأرجوان فكانت تنظر لهم على هدوئها دون أي

تعبير حتى في ملامحها فعدت بنظري عليهم وقلت

" مشغول حبيبتي في وقت آخر حسنا "

مدوا شفاههم بعبوس وقالت ترف بحزن " منذ الصباح ونحن

نجهز ذلك وتعبنا كثيرا لأن سيلا أوقعت الكعكة وأعدناها "

توجه أمجد نحو الباب ورمى بيده في الهواء قائلا بتذمر

" أخبرتكم منذ البداية أنه لن يبقى "

خرجت حينها أرجوان من صمتها قائلة بحدة

" أمجد "

التفت لها فكانت تنظر له باستياء فنظر ناحيتي وقال

بهدوء ونظره أرضا " آسف بابا "

قالت بعدها بجدية " اسبقوني للغرفة "

خرجوا يتبعون بعضهم والاستياء واضحا عليهم , لم تتركهم

يتكلموا أما هي فلن تفوتها بالتأكيد , التفت للخزانة من فوري

وفتحتها ووضعت هداياهم فيها ثم قلت لنبتعد عن الموضوع

ولتفهم أني معترف بخطئي " ما كان عليك توبيخه فأنا المخطئ

على كل حال لكني حقا منشغل "

تعمدت أن لا أقول لها مشغول لأنها ستذكرني بها فيما بعد

سمعت حركتها في الغرفة ولم تعلق بادئ الأمر ثم قالت

" كان عليه احترامك في كل الأحوال "

ثم اقتربت من الخزانة الأخرى فتحتها وتابعت قائلة

" أمجد خصوصا ولأنه ذكر عليه احترامك أكثر حتى من شقيقتاه "

أخرجت لي ملابس داخلية ورمتها على السرير وأخرجت

منشفة مدتها لي وقالت ونظرها حتى الآن تبعده عن نظري

" لا تخرج من الحمام وشعرك مبلل يا جابر فكم من

أشخاص أصابتهم جلطة دماغية بسبب ذلك "

أخذت منها المنشفة في صمت وتوجهت نحو الحمام , لازالت

تحتفظ بصمتها لكن لا يمكنها إخفاء الاستياء في ملامحها

استحممت سريعا وخرجت أجفف شعري بالمنشفة فكانت

تجلس أمام مرآة التزيين وقد غيرت فستانها وتمسح ماكياجها

توجهت ناحية السرير وأخذت ملابسي من هناك فلاحظت

الهدية الموجودة عند الطاولة في طرفها من السرير ويبدوا

لم تعد ترغب في تقديمها لي , لبست ملابسي الداخلية ومؤكد

سأعتمد على نفسي في لبس بذلتي هذه المرة فقد كانت تخلصني

من ربط ربطة العنق لأني لا أحب فعل ذلك إلا مجبرا , لكن

المفاجأة أنها وقفت وتوجهت نحو البذلة أخذتها وتوجهت نحوي

ومدت لي البنطلون فأخذته منها ولبسته سريعا ثم لبست القميص

ورفعت ياقته قائلا " أربطي ربطة العنق يا أرجوان فأنتي

لا تعلمي أي عمل سيء بالنسبة لي خلصتني منه "

امتثلت من فورها وربطتها ثم ألبستني السترة أيضا عكس

القميص الذي لبسته وحدي هذه المرة ثم قالت وهي تمد

لي الحزام ونظرها لازال أرضا " مُر بالأبناء في الغرفة ولو

واقفا سيكون أمرا مهما بالنسبة لهم مهما كان قليلا "

أخذته منها ولبسته ثم حضنت وجهها بيدي وقبلت خدها

وقلت بهمس " آسف يا أرجوان وأعدك أن أعوض

هذا في وقت آخر "

هزت رأسها بحسننا ثم قالت وهي توليني ظهرها

" كن بخير فقط هذا ما يهمني ويهمهم "

تنهدت وقلت " لو كان أمرا يمكن تأجيله لأجلته "

التفتت لي وابتسمت هذه المرة رغم أنها ابتسامة صغيرة

ونظرت لعيناي لأول مرة وقالت بهدوء " الخطأ مني , كان عليا

أن أسألك إن كان لديك وقت اليوم لكني أردت حقا أن نفاجئك "

تضع اللوم على نفسها أيضا رغم أني المذنب الوحيد

أذكر في السابق كانت حسناء تجهز حفلا خاصا لنا في مثل

هذا اليوم وقت مجيئي ليلا لكنه ينتهي بشجار طبعا لأنها

لا تفتأ تذكرني بواجباتي وإهمالي على حد قولها

رفعت المنشفة من الأرض ورميتها على السرير

قائلا " ألن ترافقيني لهم "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت ببرود " أرجوان إن كنتي

غاضبة مني فلا تسجني ذلك في نفسك كي لا تصيبك أنتي أيضا

جلطة دماغية ولا تؤجلي عتابك لليل لأني الآن بحال أفضل "

نظرت لي مطولا بصمت ثم قالت " بل لا أريد أن يشعروا أني

أنا من أجبرك على فعل ذلك لأنهم كانوا مستاءين , أريد أن

يشعروا أنك حقا مهتم لما فعلوه اليوم لأنهم شاركوني في

صنع وإعداد كل شيء ومنذ الصباح الباكر "

دائما ما تخون توقعاتي بإجاباتها وتهدأ وقت أتوقع

غضبها , خرجت من الغرفة دون أي كلمة إضافية ولا

أعلم لما اهرب دائما من التحدث معها أكثر

توجهت لغرفة الفتاتين ونظرت من خلف الباب فكانوا

يجلسون على طاولة طويلة ومؤكد أحضروها من غرفة

التدريس بالأسفل , الغرفة كانت مليئة بالبالونات والزينة

كانوا يحضنون وجوههم بأيديهم ومستاءين جدا على ما

يبدوا , مدت ترف يدها فضربتها بيسان قائلة

" لا تأكلي شيئا حتى تأتي ماما "

قالت ترف بضيق " ومن قال أنها ستأتي فقد تخرج

هي وبابا للغداء ونحن هنا ننتظر "

وما سر الغداء أيضا هل كانت تخطط لغداء في الخارج أم ماذا !!

دخلت لهم وما أن رأوني حتى ارتسمت الدهشة على وجوههم

ثم ابتسموا ابتسامة واسعة فنظرت للطاولة المليئة وقلت

" ما كل هذا ؟ هل كل هذه الأشياء من أجلي "

نزلت ترف من الكرسي ولأول مرة وحدها وكانت النتيجة أنها

وقعت أرضا ولكنها سرعان ما قفزت واقفة وتوجهت نحوي

مسرعة فحملتها بين يداي وقبلتها واقتربت منهم فحضنتني

ترف بقوة وقالت ورأسها يتكأ على كتف

" ضننا أنك لن تأتي لترى الغرفة والطعام "

قالت بيسان " أين ماما أليست من أحضرك هنا "

إذا كما توقعت أرجوان كانوا سيضنون أنها من سيطلب

مني هذا , قلت وأنا آخذ الشوكة من على الطاولة

" لا هي لا تعلم أني جئت هنا "

قالت بيسان وهي تشير بإصبعها

" تذوق الكعكة بابا لقد أعددناها معا "

تذوقت منها لقمتين وقلت " رائعة هي لذيذة جدا "

قالت ترف وهي تضرب بيدها على ظهري

" تلك بابا تلك , أنا من غلفها بالشكلاته ووضعت عليها الحلوى "

أخذت منها قطعة وأثنيت عليها ولم يتركوني حتى تذوقت من

كل شيء وهم يحكون لي ما ساعدوا به في إعداده وأنا أحسب

الوقت بعيناي وعقلي وهوا يضيع لكن الأمر كان يستحق

وقد أسعدهم كثيرا بالفعل وإن كانت دقائق معدودة

أنزلت بعدها ترف للأرض وقلت " عليا المغادرة الآن "

ثم خرجت من فوري وغادرت القصر مجيبا على

هاتفي الذي يرن منذ وقت وقلت

" نعم قادم في الطريق وأعلم أنني تأخرت "

قال بضيق " هل لاحظت انك منذ تزوجت لم تعد تحترم وقت العمل "

قلت ضاحكا " ألزم حدودك يا وقح وجهز رجالك سنغادر

فورا فيبدوا هذه المرة المشوار يستحق "

قال ضاحكا " أتمنى في الأيام القادمة أن نجد وقتا لنراك فيه "

قلت مختصرا " وداعا قبل أن أهينك "

وأغلقت منه الخط لأن عمي منصور كان متوجها نحوي

دسست هاتفي في جيبي وصافحته قائلا

" مرحبا بالعم أين لا نراك أبدا "

قال ببرود " ذكر نفسك بهذا يا قاطع الأرحام , بالله عليك

كم ساعة هي التي تجلس فيها مع زوجتك وأبنائك "

قلت بابتسامة جانبية " وقت تناول الطعام "

هز رأسه وقال مبتسما " أعانهم الله على غيابك في رمضان "

انفجرت ضاحكا فقال " أين معتصم "

قلت باستغراب " ليس هنا ولما لا تتصل به !! "

قال " لا يجيب وبتول جاءت هنا لتتحدث معه منذ قرابة

اليومين وبعدها سجنت نفسها في غرفتها ولم تخرج منها

حتى الآن رغم كل محاولاتنا فأريد أن أفهم منه ما حدث "

بقيت أنظر له بحيرة فقال " أخبرتها أن معتصم رفض فكرة

أن تغير دراستها وتذهب مع خالها فجن جنونها وفتحت لي

جميع الدفاتر ... لما يراني دون حجاب لما يدخل غرفتي

ولما تسكتون عنه وكيف يتحكم بي وبأي صفة فطلبت منها

أن تسأله بنفسها فغادرت المنزل متوجهة لقصركم هنا وهوا

كان موجودا ليختفي هوا بعدها وتسجن هيا نفسها فعلينا

إيجاده لنحل هذه المشكلة "

قلت بهدوء " هل أخبرها أنها زوجته ؟ "

رفع كتفيه وقال " الحقيقة لا يعلمها غيرهما , قد يكون

شد عليها في الكلام فقط أو حتى ضربها "

ثم قال بضيق " وسأقطع يده إن كان فعلها فأنا لم

أزوجها له ليمد يده عليها "

فتحت باب السيارة قائلا " كان تصرفه خاطئا منذ البداية

فإن كان أخبرها الآن بزواجهم يكون رد فعل طبيعي

منها ويستحق هوا كل ما سيأتيه "

قال بضيق " نريد حلا لها الآن هي لم تتناول شيئا منذ ذاك

الوقت ولا تجيب علينا أخاف أن يكون أصابها مكروه "

قلت وأنا اركب السيارة " سأتحدث معه وإن لم يجيب

سأرسل من يخرجه من تحت الأرض قبل المغيب

فعليه أن يجد حلا لأفكاره الجنونية "

ثم انطلقت خارجا من القصر وسيارتان من الحراس تتبعني

وركّبت سماعة الهاتف واتصلت به مرارا ولا يجيب فأرسلت

له ( أجب حالا أو تعرف جيدا كيف سأجلبك خلال ساعات )

بعدها بقليل اتصلت فأجاب قائلا " لا تهددني وهذا ما ينقص

تلقي القبض علي كالمجرمين "

قلت بضيق " تتهم بتول بالتصرفات الصبيانية وأنت لا تقل

عنها جنونا , هي على الأقل تحترم من هم أكبر منها "

قال ببرود " ماذا تريد "

قلت بغضب " كيف لا تجيب على عمك يا وقح يتصل بك

مرارا وتتجاهله , نعم فهوا يستحق ثقته بك وتزويجك ابنته

الوحيدة ودون حتى أخذ رأيها , الفتاة تسجن نفسها في غرفتها

منذ أتتك هناك في القصر ولا يعلمون حتى إن كانت حية

أم ميتة وأنت يعجبك دور المتجاهل كثيرا وهوا باله

مشغول ويحاول أن يجد حلا لابنته "

قال باختصار " سأتحدث معه "

قلت بحدة " بل تأتي لتتفاهم معها وأخبرها أنك تزوجتها أو

أنا من سيفعلها هذه المرة وإن كنت ضربتها فقسما يا معتصم

قسما بربي وربك أني أنا من سيأخذ الحق منك وليس والدها "

قال بضيق " زوجتي ولا أحد يتدخل بيننا "

قلت بحدة " ذلك عندما تتصرف بعقل يا عاقل يا راشد

يا من وثقنا بك وهي لا تزال طفلة ولا تتقبلك حتى التقبل

تسمعني جيدا وتنفذ ما أقول .... تذهب لها فورا وتخرجها

وإن بكسر الباب عليها وتتحدث معها عن الأمر إن لم

تكن تعلمه أساسا وهوا سبب سجنها لنفسها أو

سأتصل بالحرس في القصر ليفعلوها "

قال بغضب " نعم هذا ما كان ينقص يكسرون عليها باب

غرفتها ليروها بملابس المنزل وسيدعون الشهامة

لإخراجها لأنه مغمى عليها "

قلت ببرود " ما لدي قلته , أمامك ثلاث ساعات وسأتصل

بعمي منصور إن لم تخرجها سأنفذ ما قلت ولك أن تختار "

ثم أغلقت عليه الخط وتأففت بغضب واتصلت بعمي

منصور فأجاب من فوره قائلا " هل أجاب عليك "

قلت بهدوء ممزوج بالضيق " نعم وسيأتي في أي لحظة

أو سيكسر الحرس الباب عليها فتركها أكثر سيكون جنونا

والله وحده يعلم ما حدث بينهم وما فعلت بنفسها , وما كان

عليك تركها حتى الآن سجينة الغرفة فيومان ليس بقليل "

تنهد وقال " كانت تلك فكرة رضا أيضا لكني عارضته

فلا أريد أن نرعبها وكأننا في فيلم بوليسي "

قلت بضيق " ذلك أفضل من أن نكتشف بعد فوات الأوان

أنها آذت نفسها ولن ينفعنا الندم حينها , وشيء آخر إن

لم يكن أخبرها بزواجهما أو لم يفعلها الآن فافعلوها

أنتم أو فعلتها أنا ما أن أرجع "

قال " لتفتح لنا الباب أولا ثم لكل حادث حديث "

قلت بهدوء " هل تأمرني بشيء آخر "

قال على الفور " لا وشكرا لك يا جابر "

قلت مباشرة " وعلى ماذا الشكر الخطأ خطأ ابننا

فالتمس لنا أنت العذر "

قال ببرود " ابنتي وأعترف أنها أيضا مدللة ومجنونة "

قلت مختصرا " وداعا الآن واتصل بي إن لم يأتي وتفتح

هي الباب خلال ثلاث ساعات "

قال " حسنا "

ثم أنهيت الاتصال منه وكنت قد وصلت العاصمة لأنطلق

والفريق للجنوب من جديد فيبدوا ثمة خيط في القضايا

وجدناه وإن كان رفيعا جدا






*

*








أعدت الهاتف لجيبي أتأفف بضيق فضحك معاذ بجانبي

وقال " أزمناها وجئنا نحلها فوجدناها أزمة فأحضرنا

المؤزم فزادها تأزما "

نظرت له وقلت بضيق " لم أعرف أن وليد عداك

بشعاراته الهابطة وكأنه ينقصك شعارات سخيفة "

ضحك مجدد ووضع يده على كتفي وقال

" أغضبوه وغضب علينا فجئنا نهدئ غضبه فزاد

غضبا ونسي المغضوب عليه أنه .... "

لكمته على أنفه ليسكت ففركه متألما وقال

" تغار من أنفي المستقيم يا أحمق "

قلت ببرود مغادرا " من يسمعك يضن أن انفي أفطس "

ركبت بعدها سيارتي وغادرت المزرعة أسترجع ذكريات

ما حدث يومها حين أخبرتها ففتحت عيناها على اتساعهما

من الصدمة وقالت " كذب ... كاذب يا معتصم "

فقلت بحدة " بلى صدقي ذلك يا ابنة عمي ولن تعتب

قدماك خارج منزلكم إلا هنا لغرفتي "

فاختفت من أمامي في لمح البصر وكأنها سراب أشرقت

عليه الشمس فهي من الذكاء أن تربط الأمور ببعضها

لتفهم أن ما كنت أقوله حقيقي فقررت أن أجنبها رؤيتي حتى

تستوعب الأمر , تسرعت وتهورت أعترف بذلك لكنها

أفقدتني أعصابي بجنونها ولسانها الطويل

وصلت منزلهم بسرعة لأني في ذات المنطقة ونزلت من

فوري وطرقت الباب ليفتح لي عمي منصور , نظر لي بصمت

بادئ الأمر ثم قال مبتعدا لأدخل " ماذا حدث يا معتصم "

قلت وأنا أتخطاه داخلا " لقد علمت بزواجنا "

ثم التفت له وقلت " سأصعد لها "

هز رأسه بيأس وقال " لن تخرج فنحن نحاول معها

منذ أكثر من يوم ولا فائدة "

قلت متجها جهة السلالم " سأكسر الباب إن لم تفتحه "

لحق بي هوا ورضا الذي خرج من جهة المطبخ وقال

وهوا يصعد خلفنا " بالرفق يا معتصم لا تقسوا

عليها ولا بكلامك "

قلت وأنا أصعد آخر الدرجات

" لا تقلق يا رضا لن يحدث شيء مما في بالك "

وصلت باب غرفتها وطرقته وقلت " بتول افتحي الباب "

ولا مجيب فطرقت أكثر وقلت بصوت أعلى

" أفتحي أو كسرناه حالا فأنتي خارجة في كل الأحوال "

ولا فائدة طبعا فالتفت لهما وقلت " أريد شيئا نكسره به

وساعداني لنكسره بأقل أضرار "

نظر عمي منصور لرضا ثم لي وقال " ألا حل غيره "

قلت بضيق " وما الحل برأيك , نرسل لها فأرا من تحت الباب "

ضحك رضا وقال عمي منصور " فكرة ناجحة فهي تخاف

حتى من الصرصور الصغير فكيف بفأر "

تنهدت وقلت " علينا كسره إلا إن كنت تخاف على الباب "

قال بضيق " بل أخاف عليها فهي ابنتي ووحيدتي

ولا أريد أن نخيفها "

قال رضا مبتسما " من يسمعك لا يصدق أنه

لديك ثلاث أبناء غيرها "

قلت بضيق " ليس وقت نقاشات الآن علينا أن نكسر الباب حالا "

نزل عمي منصور لوقت ثم صعد وفي يده مثقاب جدران كهربائي

فضحك رضا وقال " أنت من سيخيفها بصوت هذا "

قال ببرود " هذا أرحم من أن نضربه بالفأس "

قال رضا مبتسما " كنتم أحضرتم أحد حرس جابر

الضخام وكان سيكسره بضربة واحدة من قدمه "

قلت بضيق " هل جننت أم ماذا , لن يكسر واحد منهم باب

غرفتها ويفتحها عليها ولا على جثماني "

اقترب عمي وناولني إياه ثم أوصله بالكهرباء ووقف عند

الباب وقال " بتول سنكسر الباب بالمثقاب إن لم تخرجي الآن "

انتظرنا قليلا ثم أشار لي برأسه أن أبدأ العمل فشغلته وكسرت

به اللوح حول قفل الباب حتى ابتعد عنه قليلا ثم ضربناه بقدمينا

أنا ورضا ضربة واحدة فانفتح على اتساعه ونظرت للغرفة

نظرة شاملة فلم تكن فيها فنظرت لهما بتوجس وكل مخاوفي

أن لا تكون هنا من أساسه , كنا ننظر لبعضنا كالبكم أعيننا

فقط التي تتحدث والقلق والخوف يملأها فدخلت الغرفة لأبحث

عنها في الحمام رغم أنه كان مفتوحا وهذا يعني أنها ليست

فيه وما أن دخلت أكثر حتى وجدتها جالسة في الجانب الآخر

من السرير تخفي رأسها في ساقيها المحتضنة لهما فنظرت

لهما وأشرت لمكانها بأنها هنا ثم أشرت برأسي أن يتركانا

وحدنا فأشار لي عمي أن بالرفق عليها فأومأت له برأسي

بمعنى حسنا فغادرا مباشرة واقتربت منها وجلست بجوارها

وقلت بهدوء " هل يعجبك هكذا تقلقي الجميع عليك "

لم تجب طبعا فقلت بذات هدوئي " بتول ما الذي تريدينه

بهذا , أن تموتي مثلا ؟ هل تكرهينني لهذا الحد "

بدأ صوت بكائها يخرج واضحا فشددتها لحظني وقلت

" توقفي عن البكاء يا بتول ودعينا نتحدث بروية "

قالت بعبرة " أكرهك واكرههم جميعا "

حضنتها أكثر أمسح على شعرها ثم قبلت رأسه وقلت

وأنا أثبت ذقني عليه " اعلم أنك تكرهينني ولا تطيقينني

في أرض , فقط توقفي عن كل هذا "

أمسكت قميصي بقبضتها بقوة ودفنت وجهها في صدري

تبكي بمرارة وتقول " لماذا فعلتم بي هذا لماذا "

وغابت كلماتها بين شهقاتها المتتالية ولم أزد أنا حرفا

وبقيت محتضنا لها لتهدأ أولا حتى خف بكائها قليلا

فقلت مبتسما " هيا فقد اختبرتِ محبة الجميع لك "

ابتعدت عني وقالت مشيحة بوجهها " ابتعد عني ولا تلمسني "

قلت بعد ضحكة " الآن بعدما نمتِ في حضني حتى شبعتِ "

نظرت لي بضيق فقلت بقلق وأنا أنظر لملامحها

" بتول انظري لوجهك في المرأة , كم ساعة بكيتي يا غبية "

وقفت وقالت بحدة " أبكي ما أبكيه لا شأن لك بي أم تريدني أن

افرح بذلك وأرقص , كيف طاوعتكم قلوبكم تلعبون بي وتزوجونني

دون علمي ولا موافقتي , لن أنساها لكم يا معتصم ما حييت "

تنهدت بضيق ورفعت إحدى ساقاي منصوبة أمامي

ووضعت ذراي عليها وقلت

" لا أريد أن أجرحك يا بتول فلا تفقديني أعصابي "

ابتعدت عني وأولتني ظهرها وكتفت يداها لصدرها ولم

تتحدث فقلت بهدوء " تعالي اجلسي دعينا نتحدث قليلا "

لم تتكلم ولم تلتفت إلي فوقفت واقتربت منها وأحطت

خصرها بذراعاي وقبلت خدها ثم قلت مغادرا

" سأعود في وقت آخر فاهدئي الآن "

ثم خرجت من عندها ووجدت رضا ووالدها عند السلالم

فاجتزتهما نازلا وقلت " أخذت نصيبي وبقي دوركما أنتما

ولا أنصحكم بالمحاولة الآن "





*

*







ما أن نزل معتصم حتى نظر لي رضا وقال

" أرى أن تتحدث معها الآن لابد وأنها أفرغت أغلب

غضبها به وستكون منهكة ولن تلومك كثيرا "

ضحكت وقلت " ستجد وقتا آخر فالأيام أمامنا طويلة "

ثم توجهت نحو غرفتها وهوا يتبعني قائلا " كنت أخبرته

أن يأخذها معه فورا لتهرب من مواجهتها "

دخلنا غرفتها فكانت تقف مولية ظهرها للباب وتفرك خدها

وتبكي وكأنها تمسح شيئا من عليه , نظرنا لبعضنا ثم اقتربت

منها ووضعت يدي على كتفها وقلت بهدوء

" بتول بنيتي كيف تقلقيني عليك هكذا "

ابتعدت بخطوات للأمام ثم التفتت لي وقالت بحرقة

" أتوقعها من الجميع إلا منك يا أبي "

تنهدت وقلت " أنا وعدت عمك وعدا حرا هل

ترضي أن أخلف وعدي له "

قالت ببكاء مشيرة لنفسها " وأنا ورأيي , لما لم تفكر بي "

ثم تابعت وهي تعد على أصابعها وتنظر لهم

" هل نسيت أنه لازال أمامي سنتين في الثانوية وجامعة "

ثم نظرت لي مجددا وقالت بعبرة " أي ظلم واضطهاد هذا

عمري ستة عشرة سنة فقط ولم أحقق أي حلم في حياتي

لأصبح زوجة فجئه ولمن لمعتصم وبالخفية عني

وتتركونني كالبلهاء المغفلة "

قال رضا بهدوء " هوا من أرادك وأصر عليك وقال

أنه لن يحرمك دراستك وهوا من أصر أن لا نكشف

لك أمر زواجه بك سريعا "

ضربت كف يدها بظهر يديها الأخرى عدة مرات

وقالت بحرقة " تكذبون وتتحايلون في كل الأحوال "

ثم أشارت لنا وقالت " هل تعلمان كم مرة ناداني بالعلكة

بالفراولة بالمدللة الطائشة الطفلة فلما يريد أن يتزوجني

ويصر علي هل ليربيني على طريقته أم يختبر قدراته بي "

قلت بهدوء " بتول ما هذه الأفكار هوا أرادك زوجة له

حقا لما كان طلبك من نفسه "

صرخت بحرقة " طلقوني منه , أنتم فعلتموها وأنتم تنهونها "

قلت بصدمة " بتول ما هذا الكلام الذي تقولينه "

قالت ببكاء " لا أريده لا أريد ولم أعد أرغب في

الزواج من أساسه فاطلبها منه أنت أو طلبتها

بنفسي من جابر ليجبره على ذلك "

قلت بحدة " بتول لقد تغاضيت عن صراخك بي وخالك

دون احترام لنا مقدرا لصدمتك بالخبر لكن أن تضربي وعدي

عرض الحائط وتكسري كلمتي لن تكوني ابنتي ولا أعرفك "

ثم خرجت من عندها غاضبا ورضا يتبعني قائلا

" منصور هل جننت ليس هذا وقت ما قلته لها "

أشرت له بيدي وأنا أتابع سيري وقلت

" عد لها هي تحبك كثيرا فحاول تهدئتها "

ثم نزلت للأسفل لتقابلني أميرة عند أول السلالم وقالت

بقلق " ماذا حدث معكم هل فتحت الباب "

قلت متوجها لباب المنزل

" نعم وهي بخير ورضا معها فاتركيهما وحدهما "






*

*








نزلت للأسفل متوجهة للمطبخ وبيسان معي متجاهلة عمتي

وضيوفها ولم أنظر ناحيتهم حتى النظر , أعلم أنها ستخبرهم

أني من أرفض الذهاب لهم ولكن لحسن الحظ أنه حين عدت

لأصعد السلالم من جديد كانت إحدى اللتان أهانتني أمامهما

موجودة معهن فموقف عمتي هذه اللحظة ضعيف ولن تصدقها

تلك وستحكي للباقيات الموقف بالتأكيد , فلن أقابل ضيوفها

وأسلم عليهم حتى يتحدث جابر معها وتتوقف عن إهانتي

أمامهم لأني متأكدة أنه لم يحدثها بعد فحتى أنا لم أره هذه

الأيام إلا لدقائق معدودة , لا أعلم ماذا ترك لرئيس البلاد

والوزراء فما أن يدخل الجناح حتى يتصلوا به ليستعجلوه

للذهاب لهم وكأنهم يخشون أن يهرب منهم أو أسرق من

وقته بل وكأنهم لا يعلمون أنه يعشقهم وعمله بجنون وأني

وأبنائه في آخر حساباته

عدت لغرفة الفتاتين بعدما أنهت الخادمات تنظيفها , على

الأقل شارك أبنائه ولو قليلا فهم لم يتوقفوا عن التحدث عن

أنه أكل مما صنعوه وأنه أعجبه وأثنى عليه وما لا يعلمونه

أنه كان سيغادر دون حتى أن يفكر في رؤية الغرفة ولو من

باب الفضول وليس جبرا لخواطرهم أو خاطري ولن أتحدث

عن نفسي لأني الأكثر خذلانا منه بينهم , دخلت وقلت

" بيسان نادي شقيقك بسرعة لنصلي المغرب حبيبتي "

انطلقت من فورها مسرعة وعادت وهوا معها توضؤا

وصلينا معا ثم التفت لهم وقلت " ترف أحضري المصحف "

جلبته وعادت مكانها وبدأت اقرأ على مسامعهم بعض

الآيات وأشرحها لهم وأعلمهم عن بعض المحرمات بالأذلة

من كتاب الله وبعض الأحاديث , عليا أن أتحدث مع والدهم

لنظمهم لحلقات تدريس القرآن وأنا أيضا بدلا من جلوسي

في المنزل لا زوج ولا عمل أقوم به , قالت ترف

" ماما ما يعني يوصلوا شعورهم "

قلت بابتسامة " يعني شعرها قصير تلحقه بآخر

ليصبح طويلا ثم تزيله "

قال بيسان بصدمة " ويحرقها الله بالنار "

هززت رأسي بنعم وقلت " بل يلعنها ويغضب عليها "

قالت ترف " هل شعرك أنتي موصول لذلك هوا طويل "

ضحكت وقلت " لا حبيبتي شعري طويل دون أن أوصله

أنا لا أريد أن يغضب الله مني "

قالت وهي تسحب إحدى جديلتيها للأسفل

" ولما أنا ليس طويل إذا , المربية قالت لي سابقا إن

أمسكته بالمشابك سيصبح طويلا لقد كذبت علي "

قلت مبتسمة " عيب ترف هي لم تكذب عليك فحتى أنا

حين كنت في عمرك كان شعري قصيرا مثلك "

قالت بيسان " نعم حتى عمتي زهور كان شعرها

مثلي والآن هوا أطول "

نظرت لها بحيرة وقلت " ومن أخبرك أنتي بذلك "

قالت من فورها " أرتني صورة لها حين كانت مثلي "

شردت قليلا بفكري ثم نظرت لها وقلت " سبق وأخبرتني

أنها أعطتك ذاك الفستان الأبيض أليس كذلك "

هزت رأسها بنعم فقلت " هل هي نادتك أم أنتي ذهبتِ لها "

قالت " بل أنا ذهبت لأخبرها أنك ستأتي للعيش معنا "

قلت بحيرة " هل استقبلتك وأحبتك "

هزت رأسها بنعم وقالت " وعزفت لي ورقصت وتركتني

أشاهد حوض الأسماك في غرفتها وسألتني إن كنت أحبها "

قلت مبتسمة " لما لا تزوروها إذا مادامت تحبكم "

نظروا لي باستغراب فقلت " لما لا تذهبون لها "

قالت ترف مبتسمة " حقا نذهب لها "

قلت بابتسامة " نعم لكن حين اسمح لكم فقط "

قالت بيسان " هي جميلة ماما وفستانها جميل كالذي أعطته لي "

قلت مبتسمة " نعم بنيتي لا تخبريني عن جمالها لأنه لا يوصف "

قال أمجد " هل رأيتها !! "

وقفت وقلت " هيا وقت العشاء الآن "

وقفوا وقالت بيسان " بابا لن يأتي كالغداء ؟؟ "

قلت وأنا أسبقهم " يبدوا ذلك "

هوا لم يكلف نفسه حتى عناء إخباري إن كان سيتأخر أو يبات

خارجا لا أعلم حتى متى سأصبر على هذا الحال , ما بك يا

أرجوان ألم تتزوجيه من أجل الأبناء فقط إذا ما شأنك به يتأخر

يبات هناك أو يفعل ما يحلوا له فيبدوا أعجبتك فكرة تغييره

وصلنا للأسفل وكانت جدتهم غير موجودة ويبدوا لن تتناول

العشاء فهي لا تأكل وجبتين إلا نادرا , أنهينا عشائنا وصعدنا

صلينا العشاء ودخلنا غرفة قلعة بيسان درستها قليلا ولعبوا بها

حتى وقت النوم فأوصلتهم لغرفهم وذهبت لجناحي استحممت

وجففت شعري ولبست بيجامة حريرية فلا حاجة للقمصان

اليوم ثم دخلت السرير أمسكت بهاتفي لأرسل له رسالة ثم

غيرت رأيي ورميت الهاتف على الطاولة وأطفأت نور

السرير وأخذت وقتا طويلا لأدخل أعماق النوم رغم أن

اليوم كان متعبا منذ الصباح الباكر وليثه بنتيجة تستحق






*

*








قال بضيق " لا جدوى من بقائنا بعدما مات هوا أيضا "

غادرت من أمامه قائلا

" إن لم يكن لهم جواسيس في وسطنا لا أكون جابر "

ثم خرجت من عنده بل وغادرت الجنوب وعدنا صفر

اليدين بعدما قتلوا دليلنا الثاني , بث أشك أن من وراء هذه

الجرائم ذراع كبيرة في الدولة فسأترك الأطراف وأغامر

بالبحث في الرؤوس فإما أن تتوقف هذه الجرائم أو يقتلوني

ويريحوني من كل هذا التعب , وصلت مدينتي عند الثالثة

فجرا , دخلت القصر وصعدت لجناحي ودخلت الغرفة

شغلت النور وكانت نائمة ولم تخرج لي حتى بيجامة النوم

كعادتها , يبدوا عتابا من نوع آخر ... لا رسالة فيها أنها

منشغلة علي ولا حتى سألت إن كنت سأبات خارجا أم لا

توجهت نحو هاتفها رفعته وفتحت آخر مكالماتها وكما

توقعت رقم غريب ومميز , خرجت من الغرفة واتصلت لأني

أعلم انه يجيب طوال النهار وما أن فتح الخط حتى قال

" مرحبا معكم مطعم النرجسة البيضاء هل نخدمكم بشيء "

قلت " هل حجز لديكم هذا الرقم أي طاولة يوم أمس "

قال " قليلا فقط لأبحث "

قلت من فوري " تحت اسم جابر حلمي "

قال مباشرة " مرحبا سيدي نعم كان هناك حجز اليوم باسمك

على طاولة للغداء والعشاء لتحدد لنا أي الوجبتين ستختارون

لكن المتصلة اعتذرت عن الغداء قبل وقت الظهيرة ثم

عن العشاء عند العاشرة "

قلت بهدوء " أعطني حسابكم لأحول لكم ثمن الوجبتين "

قال " لا تقلق بشأن هذا سيدي "

قلت " كما تريد وداعا "

أغلقت منه الخط وعدت للغرفة وأعدت الهاتف حيث كان

مؤكد مستيقظة فهي ما أن ينفتح النور في الغرفة تشعر به فورا

ولا تنام قبل أن ينطفئ , نظرت حولي وفتشت الخزانة بحثا عن

ضالتي ولم أجدها فتوجهت للدرج بجانبها وفتحته فكانت هناك

أخرجتها وتوجهت بها للأريكة وفتحتها فكانت حافظة لمصحف

خاصة بالسيارات أنيقة ومذهبة و بها مصحف كحجم ذاك الذي

أعطته لي سابقا , لما لم تقدمها لي كالأطفال وتركتها بل

وخبأتها في الدرج !! وضعتها على الأريكة وتوجهت للخزانة

أخرجت بيجامتي ورميتها على السرير خلعت سترتي ورميتها

على جسدها ثم ربطة العنق والقميص والبنطلون وهي على

حالها تدعي النوم , أخذت المنشفة وقلت متوجها للحمام

" أعلم أنك مستيقظة "

استحممت سريعا وخرجت بالمنشفة لأجدها على حالها

الفرق الوحيد ملابسي التي رميتها عليها غير موجودة

والهدية أيضا اختفت , ابتسمت ابتسامة جانبية ثم جلست

على طرف السرير حيث هي نائمة وقلت " أعلم أنك

غاضبة مني , هيا لا داعي لهذه الحركات الصبيانية "

قالت وعيناها مغمضتان " لست غاضبة فأطفئ النور

أنا متعبة وأريد أن أنام "

قلت بمكر " وإن لم أطفأه "

عقدت حاجبيها وقالت بضيق " جابر من أين تجد كل

هذا النشاط لو كنت مكانك لنمت عند باب القصر "

ضحكت وشددت خصلة من شعرها الطويل فغطت رأسها

باللحاف تتأفف بضيق فسحبته منها بقوة ورميته بعيدا

فجلست تجمع شعرها للوراء وتحركت حتى جهتي من السرير

ورمت عليا ببجامتي وقالت " يبدوا أنك أحببت تلك الجهة "

اضطجعتُ في مكانها ومددت لها يدي فنظرت لها مطولا

ثم اقتربت مني وقالت ببرود

" فقط لأني أخاف أن أحاسب إن رفضت "

قربتها لحظني وقلت " هكذا إذا "

قالت بهمس " نعم "

قلت وأنا أغرس أصابعي في شعرها " ولما تحديدا "

خبئت وجهها في صدري العاري وقالت بهمس

" من اجل لا شيء "

قلت وأناملي تسبح في شعرها الكثيف

" هل هناك من يغضب من أحد دون سبب "

قالت بذات الهمس " أجل أنا "

قلت بهدوء " لما لم تخبريني أني مدعوا على العشاء معك "

لم تتحدث وشعرت على صدري بشيء أعرفه جيدا فشددها

لحظني أكثر وملت برأسي لأذنها وهمست

" لما البكاء الآن يا أرجوان "

لم تتحدث فتنهدت وقلت " كنتِ عاقلة طوال الصباح

وتصرفتِ بحكمة ما بك الآن وأنا من أخبرك منذ البداية

انه إن كان لديك عتاب لا تدخريه لليل "

أحاطت خصري بذراعها بقوة وقالت ببكاء

" قلقت عليك "

ابتسمت وقلت " لهذا فقط يا مشاغبة وأنا من كان يفكر

كيف يعتذر ويخلص نفسه , إذا كنتِ محقة حين قلتي

بأنك غاضبة من لا شيء "

قالت ببحة " بل منك "

ضحكت وقلت " اثبتي على واحدة "

لم تتحدث فقلت بهدوء " حسنا يا سيدة أرجوان أنا لم أخبرك

أين سأذهب ظهر اليوم لأني لم أرد أن أفسد الأمور أكثر

يكفي الحفل الذي لم أحضره "

لم تتحدث أيضا فقلت " هيا أجلسي أود أن نتحدث قليلا "

ابتعدت عني ونامت على وسادتي وأغمضت عيناها

وقالت " لا تمن عليا بشيء هوا ملكي وحدي "

ابتسمت ومددت يدي وسحبتها لحظني مجددا وقلت

" حسنا تمتعي بأملاكك إذا "

أعادت ذراعها حول خصري وقالت

" ماذا كنت تريد أن تقول "

مسحت على شعرها وقلت " نتفق على بعض الأمور "

أبعدت وجهها من صدري ونظرت لي وقالت

" مثل ماذا "

دسست وجهها في حضني مجددا وقلت

" لا تتركي أملاكك يا مستهترة "

ثم تابعت " مثل أني هذه الفترة على قدم وساق كما تري "

نظرت لي مجددا وقالت " وأنا لم أشتكي كما طلبت "

مررت أبهامي على خدها وقلت بابتسامة

" اعلم وأريد أن يستمر هذا "

نظرت لعيناي مطولا بحيرة ثم قالت " وحتى متى "

قلت " حتى تنتهي هذه الأزمة في البلاد "

قالت باختصار " ثم "

قلت باستغراب " ثم ماذا "

قالت " بعد ذلك هل ترجع لتكون موجودا

عند وجبات الطعام فقط "

لذت بالصمت أحاول مجددا فهم خبايا دماغها لأني

كلما قلت شيئا كان جوابها مغايرا لما اعتقدت

وعندما طال صمتي جلست وقالت " جابر سأتحدث ولا

تقاطعني حتى أنتهي ومهما قلت أو لن أتكلم وننسى كل هذا "

هززت رأسي بحسنا لتتكلم فقالت " أبعدني أنا جانبا ولن نتحدث

في هذه النقطة بتاتا , آلا تحب أطفالك مؤكد الجواب نعم

آلا تشتاق لهم لرؤيتهم كما يشتاقون لك هم ويفتقدونك

أتعلم في الماضي في يوم عيد ميلادي كنت أتمنى أن

يحضروا لي هم هدايا من أنفسهم دون أن أعلم لشدة حبي

لهم وكنت أتخيل كيف ستكون سعادتي وتدمع عيناي كلما

تخيلت ذلك لهذا فكرت أن أفعل هذا لك بالأمس لأني اعتقدت

بأنك ستشعر بكم السعادة الذي كنت أنا أتخيله لكنك حتى

ابتسامتك لهم وأنت تشكرهم كانت تدل على أن دماغك

مع شيء آخر وليس معهم "

سكتت فقلت " هل انتهى كلامك "

نظرت ليديها في حجرها وقالت " لنعتبره انتهى "

جلست أيضا وقلت " إذا هذه نقطة وقوف فقط "

نظرت لي بصمت فقلت مبتسما

" تبدين أخطر مما تصورت هل تقرئين الابتسامات أيضا "

قالت بضيق " نعم وابتسامتك هذه معناها أنك تسخر

مني أو أنك لم تعر ما قلت أي اهتمام "

قلت بهدوء " لو كان الأمر كذلك ما تركت النوم مع

كل تعبي وجلست أتحدث معك "

قالت " إذا دعنا نستغل الوقت لتنام ولو لوقت

قليل قبل أن يتصلوا بك "

قلت " دعينا نؤجل نقطة تواجدي معهم قليلا كما

تؤجلين تلك النقطة دائما وبمزاجك "

لاذت بالصمت ولم تعلق فقلت " وغيرها دعينا نتناقش فيه "

قالت من فورها " أي شيء غير ذلك "

قلت " تقريبا "

رمتني بالوسادة وقالت بتذمر " أنت لا يمكن محاصرتك أبدا

أي حظ هذا الذي رماني على رئيس محققين "

ضحكت وقلت " لن يفهمك أحد مثله يا أرجوان

وعرف حظك أين يضعك "

لوت شفتيها بعدم اقتناع فقلت " إهانة مقبولة منك فتابعي "

قالت وهي تعد على أصابعها " أريد مسبحا للأطفال مادام لا

يمكنهم الخروج كي لا يتعرضوا لأي خطر وأن نلحقهم بدورات

لتحفيظ القرآن , أريد أن يخرجوا للحديقة ونشتري لهم دراجات

أريد أن يكون لهم مراجيح والعاب في الحديقة الواسعة بلا فائدة

أريدهم أن يشعروا أنهم أطفال أريد لهم غرفة العاب ولو ليدخلوها

لأوقات محددة بدلا من اللعب بدمى القلعة فقط "

بقيت أركز على ملامحها بصمت حتى انتهت وسكتت

فقلت " ألا يوجد شيء لك كله لهم "

نظرت للأسفل وقالت " إن سعدوا هم سعدت أنا "

قلت بهدوء " هل تعني أن السعادة ما ينقصك هنا أم أنك لا

تريدي غير سعادتهم ولا شيء لديك "

رفعت نظرها لي وقالت " منذ تزوجنا كان اتفاقنا أنه زواج

من أجل الأولاد فإن طالبت بشيء منك لي أكون أستحق

الجلد ويكفي أن مالك مفتوح لي لا تحاسبني عليه وأنا

أحترم كل بنود ذاك الاتفاق كما ترى "

نظرت لها مطولا بتركيز حتى ابتعدت بنظرها مجددا

ثم قلت " تعني أنك لم تغضبي اليوم مني لأنك تنفذين الاتفاق "

لاذت بالصمت فقلت " ولما اشتريت لي هدية إذا وتزينتِ

وحجزت من اجل العشاء لنا فالأطفال خارج كل هذا "

ابتعدت لتغادر السرير فأمسكتها وقلت

" حسنا لن نتحدث في هذه النقطة حتى تسمحي بهذا "

ثم قلت بهدوء " أنتي تعلمي أن والدتي لن توافق كل ذلك

فاختاري شيئا واحدا منهم حاليا والباقي لنتركه للوقت "

قلت بهدوء " لكن امجد يحب الدراجات وترف تحب السباحة

وبيسان تحب المراجيح فمن بضنك سيختاره قلبي على الآخر "

قلت " المسبح يأخذ وقتا وعمال يحتاجون من يراقبهم ولا

وقت لدي كما تري وكذلك الألعاب الثابتة في الحديقة "

قالت باستياء " إذا بقي الدراجات فقط "

قلت بجدية " أرجوان عليك أن تقدري ظروفي أيضا فأنتي

لا تعلمي أني أستمع لسيل من الملاحظات من والدتي وأتجاهله

كله لاتفاق زواجنا فأن أقوم بما تريدين وأتجاهلها هي

أمر سيجرحها بالتأكيد وهي في النهاية والدتي "

اقتربت مني قبلت خدي وقلت " إذا ننسى كل ما قلناه , وبالنسبة

لي ما كنت سأتحدث عنه وأنت من فتح هذا الموضوع "

شددتها لحظني وقلت " نؤجله فقط "

قالت بعد ضحكة صغيرة " حاضر يا سيد تأجيل "

لم أستطع إمساك ضحكتي التي انطلقت مرتفعة ثم قلت

" لقد أصبتني بحساسية من كلمة مشغول والآن

تريدي أن تضيفي هذه لها "

نظرت لي وقالت " وتنيني أيضا "

أمسكت أنفها وقلت " إذا لدي ما لم أتحدث عنه بعد يا مشاغبة "

نظرت لي باهتمام فقلت " نحن متزوجان من فترة وأرى دورتك

منتظمة ولا مشاكل فيها فلما لم تحملي بعد "





نهاية الفصل


الساعة الآن 10:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية