منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   96 - لحظات الجمر - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t166031.html)

نيو فراولة 19-08-11 04:40 PM

وشدّ جوردان على ركبة جيردا بقوة ثم تركها .
" لو أنك جلبتها لمناقشة العقد فقط فلا يهمني بقاؤكما , أذ سيصل الضيوف غدا صباحا وسنتوجه الى ضفة النهر , لنشرب ونتناول الغداء .
" سنشارككم الحفلة أذن".
فقاطعه ستيوارت قائلا:
" وحقيبة أعمالك بيدك؟".
أختار جوردان تجاهل الملاحظة الأخيرة , إلا أن جيردا لم تستطع إيقاف نفسها عن التفكير بيوم الغد , وأنتابها أحساس غريب بالشفقة على جوردان , من الواضح أنه قام بكل شيء أنساني من أجل أخيه لينسيه أحساسه بالعجز ..... لكنه من الواضح أيضا أن ستيوارت يحاول أستغلال ذلك الى أقصى حد ممكن , وخلال اليوم التالي بدا واضحا لها أن ستيوارت لا يستغل ذلك الى أقصى حد ممكن , وخلال اليوم التالي بدا واضحا لها أن ستيوارت لا يستغل أخاه فحسب بل يستغل مشاعر وعطف المحيطين به كلهم.
ولم تجد جيردا كلمة تصف بها سلوك ستيوارت يوم الأحد وبعد تجمّع المدعوين , غير كلمة ( الحاكم ) كان صوته أعلى من أصوات البقية وشخصيته هي المسيطرة , وله وحده كان حق مقاطعة الآخرين أو أثارة موضوع جديد للنقاش , وأذا ما أنتاب ستيوارت الضجر سارع الحاضرون الى ركوب سياراتهم متوجهين الى مكان آخر وحين قرر ستيوارت فجأة أن من الأفضل لعب الورق , عاد الكل معه الى البيت ولعبوا الورق.
لم تستطع جيردا لعب الورق خاصة أنها لم تمارس اللعبة طوال حياتها , وبدا ما تعرفه عن اللعبة نكتة طريفة الى جانب الحضور الملتف حول ستيوارت.
أقترحت سوزان مخاطبة جيردا:
" أجلسي جانبا وراقبي كيفية اللعب لبعض الوقت".
ثم جلست الى جانب ستيوارت لتهتم بتلبية طلباته وتزويده بما يحتاجه من سجائر , منفضة سجائر , قداحة , ثم سألته:
" هل ترغب بسماع شريط التسجيل الجديد؟".
" يا لها من فكرة جيدة , ودعي جيردا تجلس الى جانبي أذ سأشاركها اللعب الى أن تتعلم بعض القواعد الأساسية , هل يهتم ليون بالحاضرين؟".
وأدّى ليون واجبه كاملا , أذ كان يدور بين الحاضرين يوزع عليهم الشراب والسجائر ملبيا طلباتهم بسرعة وأتقان.
كان ليون أصغر من جيردا عمرا , خلافا لما توقعته , هادئا أشقر الشعر ونحيفا بشكل لا يوازي قوته , حين لاحظته وهو يرفع ستيوارت من مقعده الى السيارة بكل سهولة , وباشر ليون عمله مع ستيوارت منذ عامين كمساعد ومعالج طبيعي , ويبدو أنهما تحولا الى صديقين بمرور الوقت , ألا أن ما حيّر جيردا أكثر من أي شيء آخر هو وجود سوزان , أذا كان موقفها غريبا حيال الآخوين , بدت ملتصقة بستيوارت , تعرض عليه خدماتها في كل لحظة ولا تفارقه أطلاقا , أما مع جوردان فيبدو أنها , وبمرور الوقت , توصلت الى تناسي جدالهما الحاد وأختلافهما في اليوم السابق وأستطاعت , ذات مرة , الأنفراد به لتسأله نصيحته أو رأيه أو ربما مناصرته أياها في قضية ما , وحكمت جيردا أستنادا الى تعابير وجهها , بفشلها في أثارة أهتمامه وأقناعه بما أرادت ثم لجأ جوردان للتخلص منها الى أسلوبه اللامبالي , واللاغي لحضور الشخص الآخر , ولجأت سوزان الى الهدوء بعد ذلك , جالسة الى جوار ستيوارت , المنطرح تحت الشمس للراحة إلا أن سوزان أستعادت هدوءها وطبيعتها الأجتماعية بعد قليل , وعادت الى لاعبي الورق لمشاركتهم اللعبة دون أن تحمل حقدا على جوردان.
وكان جوردان وستيوارت آخر اللاعبين أذ كان ستيوارت يلعب لصالح جيردا , ونهضت سوزان من مكانها متوجهة نحو جوردان ووقفت خلفه متطلعة في الوقت نفسه الى ورقة لعبه , وبدا على وجهها الفرح وأقتربت بوجهها منه حتى لمست أذنه شفتيها وهمست شيئا ما , إلا أن جوردان لم يتأثر أطلاقا بحركاتها وبقي في وضعه ذاته وكأنه لم يحس بوجودها أطلاقا , فقال ستيوارت لجيردا معقبا:
" خلال لحظة واحدة سيستدير ويكسر عنقها , يا لها من فتاة حمقاء خيفة خاصة أنها تحاول أشعارنا بقيمة أوراقه".
نظر الى وجه أخيه وعبس قائلا:
" أكشف عن ورقك".
ثم وضع أوراقه على الطاولة , قائلا لسوزان :
" شكرا يا عزيزتي لولاك ما فزت".
إلا أن سوزان خاطبت جوردان قائلة:
" ولكننا الفائزان أليس كذلك ؟ ألم أجلب لك الحظ السعيد؟".
" حقا ؟ من الأفضل ترك المكان لك , في أستطاعتك الجلوس محلي ".
ووضع يديه على كتفها بشكل لم تستطع معه إلا أطاعة أمره وأضاف :
" لا أعتقد أن وجود جيردا ضروري , أذ أنها ليست لاعبة ماهرة".
ثم وضع يديه على كتفيها , فقال ستيوارت:
" هل ستنصرفان؟".
فأجابه جوردان:
" نعم".
ولم يتطرق اليه الشك لحظة في مدى موافقة جيردا على قراره بالمغادرة بأنتظارها حتى نهضت وتمنت للحاضرين ليلة سعيدة.
نظرت جيردا الى جوردان دون أن تنطق بشيء , وأحست بأزدرائها لنفسها أذ وافقته على طلبه بسهولة.
" فكرت بأنني سأنقذك من الجلسة بعد أن لاحظت عدم تمتعك".
" هل تمتعت؟".
" كلا".
أعترفت فورا.
" حسنا جدا , أذ أنني أكره رؤية النساء يلعبن الورق".
إلا أنها أعترضت قائلة:
" ولكنها كانت لعبة ودية".
وتبعته الى مكتبه.

نيو فراولة 19-08-11 04:42 PM

" كلا , لم تكن كذلك , أذ سيواصل الحاضرون اللعب حتى الصباح خاسرين أثناء ذلك مئات الجنيهات , هل كنت مستعدة للخسارة؟".
" وكأنك أنقذتني من جحيم مقامرة يجري في بيتك".
لم أنقذك من شيء يا عزيزتي , كل ما في الأمر أنني رغبت في الحديث معك".
وعاودها الأحساس بالخوف مرة أخرى , وراقبته وهو يهيء لها قدح العصير المثلج , ولم تستطع منع نفسها من الأرتجاف بعد أن وضع القدح بين يديها , ونظرت الى وجهه متسائلة :
" العقد؟".
" فيما بعد".
وفتح علبة سجائره المعدة له خصيصا في مورلاندز , وعرض عليها واحدة , حين هزت رأسها رافضة , أغلق العلبة دون أن يتناول أيا منها , ونظر الى كأسه مفكرا قبل أن يتأملها بحدة:
" ما هو رأيك في مجموعة ستيوارت؟".
وجمدت لوهلة دون أن تجرؤ على الأجابة على السؤال غير المتوقع .
" إنهم , إنهم...... لا بأس بهم .... صحبة ممتعة أذا كنت ترغب بالمتعة".
" ألم يثيروا أهتمامك؟".
" لم أقل ذلك , لم تسألني ؟ أذ لا داعي لأبداء رأي في أصدقاء ستيوارت".
تلفّظت بذلك بعد أن أحست بأن السؤال لم يكن عرضيا , ولا مجرد فاتحة للحديث.
" أردت معرفة رأيك ".
" ولكن لماذا رأيي أنا؟".
تجاهل جوردان حيرتها , ووضع كأسه على الطاولة , مما أحدث ضجة هزت هدوء الغرفة.
" ما رأيك بسوزان؟".
وأنتابتها الدهشة مضاعفة هذه المرة , ولكن مع أحساس غريب بالتحذير.
" ما الذي تريد الوصل اليه يا جوردان ؟ يبدو كأنك تريد الحصول على رأي يثبت صحة بعض الشكوك".
" أنني لا أوجه الأسئلة لغرض المتعة , لكنني , بالتأكيد , لست بحاجة الى ما يثبت صحة رأيي".
وأثار قلقها شيء بدا واضحا في عينيه , وخطرت في ذهنها فكرة مفاجئة كادت أن تدفعها الى التقيؤ , ترى ما الذي أكتشفه؟ هل أخبره ستيوارت؟ ولكن ذلك مستحيل : وماذا عن ستيوارت؟
" كان علي طرح السؤال بصيغة أخرى لأعرف أنطباعك عن علاقة ستيوارت بسوزان".
" يبدو أنها مولعة به , ولكن كيف أستطيع الحكم خلال يوم واحد؟".
وترددت مثل سائر يحاول تلمّس طريقه في الظلمة.
" ثم ماذا هناك للحكم ؟ ستيوارت شاب وبحاجة الى صحبة شابة مثلها , أذ لا بد أنه يعاني من الوحدة المخيفة".
" نعم , لكنه ليس بحاجة الى سوزان".
" أنك لا تودها , أليس كذلك؟".
" أن تأثيرها عليه سيء , وأسوأ بكثير من تأثير أمي عليه".
وصدمت جيردا للهجته فقالت:
" أنك لا تعني ما تقول : أذ لا وجود لأي تأثير سيء على ستيوارت ".
" ماذا ؟ أنظري الى ما يحدث كل نهاية عطلة أسبوع حين يكتظ المنزل بهؤلاء الشباب المجانين , ومعظم الأسبوع أحيانا , أنهم يشربون ويقامرون وسوزان أول من يشجعهم".
" إلا أنه بحاجة الى الصحبة , ثم إنه كان دائما......".
" نعم , واصلي حديثك وقولي ما خطر ببالك , كان متهورا دائما , إلا أنه كان قادرا على أستخدام ساقيه في تلك الأيام , ولم يكن يعاني من نوبات الكآبة المؤدية الى الأنتحار كلما ترك وحده , أتعلمين بأنه حاول الأنتحار مرتين ؟ هل تعتقدين أن لهذا تأثير جيدا عليه؟".
" كلا".
أستنكرت جيردا بقوة ثم وضعت كأسا جانبا بعض أن لاحظت أرتجاف يديها.
" ولكن هل أنت واثق من صحة أتهامك لسوزان ؟ خاصة أنك تتهمني بخذلان أخيك؟".
" أظن بأنك تعرفين رأيي بصدد هذا الموضوع ولا أود مناقشته من جديد".
لمحت النظرة القاسية في عينيه وأقشعر جسمها خوفا من عاقبة أنتقامه, كلا , ليست مخاوفها وهمية , أذ تجسّد خوفها حقيقة واقعة في وجهه الغاضب.
منتديات ليلاس
وقف الى جانب المنضدة ثم أستند بيد واحدة على رف الكتب وأظهرت حركته البسيطة مقدار أكثر من أي أستعراض متعمد للقوى.
" ستتزوج سوزان ستيوارت غدا أذا ما رغب هو بذلك ولن يهمها كثيرا حقيقة كونه مقعدا".
وأحست جيردا بالضعف يسري في جسمها فجأة , وبدت لها فكرة زواج ستيوارت من أي فتاة , غريبة , إلا أنها فكرت ثانية ولم تجد سببا يدعوها للأستغراب , أذ سمعت الكثير عن حالات زواج تمت بين المقعدين , زواج تم على أساس الفهم المتبادل والحب المشترك , وأمتلاك القوة للأنتصار على العاهات , إلا أن سوزان ..... هزت جيردا رأسها بلا تعمد , أنها تعرف القليل عن سوزان , إلا أن هذا القليل فيه الكفاية ليقنعها أن سوزان لا تملك الصبر والثبات للأستمرار بزواج موضوعة أمامه العقبات مسبقا , أنها شابة , وطائشة , مندفعة وتشبه بذلك ستيوارت الى حد كبير , نظرت بخوف الى وجه جوردان وتساءلت:
" هل ستتدخل بينهما ؟ حتى ولو كانا يحبان بعضهما؟".
" أتدخل ؟ بالتأكيد سأتدخل وسأمنع الزواج حتى ولو كان آخر شيء سأفعله في حياتي , أنه أسوأ ما يمكن أن يحدث لستيوارت ".
" ولكن , هل أنت متأكد بأنه سيحدث؟".
" نعم , رغم أن ستيوارت أتخذ موقف صحيحا حتى الآن برفضه الزواج , إلا أنه سيستسلم في النهاية , وسيندم فيما بعد كما ستندم هي لذلك ".
" وكيف تستطيع التنبؤ بفشل زواجهما مسبقا؟".
" كفى هراء , أنها مجرد طفلة , طفلة مدللة..... أستحوذ عليها وهم اسيطرة عليه وجعله معتمدا عليها في كل شيء , أستخدمي مخيلتك , هذا أذا كنت تمتلكين أي مخيلة".
قال بأحتقار مقاطعا نفسه ثم واصل الحديث:
" على ستيوارت مواجهة الواقع , ولن يستطيع ذلك ما دامت هناك فتاة مجنونة تقنعه بأن في مستطاعها الأنعزال عن العالم والعيش في أرض المستحيل , أذ بناء على رأي سوزان نحن جميعا مقعدون روحيا وما الجسد إلا غلاف لا أهمية له , أنها مجنونة , ويجب أن أوقفها عند حدها".
" ألست عدائيا بلا مبرر ؟ كيف تستطيع الحكم بجنونها ؟ كيف تستطيع رؤية العالم والحكم عليه بدلا من ستيوارت ؟ أنه في حاجة الى وجود شخص يساعده على الثبات , أنه عالم مختلف بالنسبة اليه , كيف تثق الى هذا الحد بأن سوزان ليست قادرة على أسعاده ؟ ليس في مستطاعك أبعادها عنه..... ومن القسوة.......".
" أنك تبدين أهتماما فائقا بوضعه , فجأة , وأنا مسرور لتأثرك , أذ سيجعل هذا الأمور أسهل".
" أسهل ؟ ماذا تعني؟".
أبتسم وأستقام في مكانه ثم سار ليقف الى جوارها , متفحصا وجهها عن قرب قبل أن يقول:
" أن عطلة نهاية الأسبوع هذه نوع من تجربة أردت أجراءها , وأعتقد بأن التجربة ناجحة".
توقف , مراقبا أياها وكأنه رأى تحت بشرتها خضوعها السهل لقوته , فواصل حديثه متعمدا:
" أردت أن أرى أذا كان ستيوارت لا يزال مهتما بك , راقبته طوال اليوم عن قرب وأعتقد بأنك ما زلت مفضلة لديه , قد يكون أهتمامه مجرد أعتزاز بماض أحبه أو بوجه جديد إلا أنني لا أعتقد ذلك صحيحا , أن أخي كان مولعا بك منذ سنوات وضحّى بحياته بسبب ذلك ولا أعتقد أنه نسيك ..... هل نسيت أنت؟".
مدت يديها بأستسلام , عاجزة عن الصراخ وأنكار ما قاله خوفا من الحقيقة , تذكرت ستيوارت ومحاولته عناقها في اليوم السابق وكيف فشلت في تحمّله , وأحست بالمصيدة تلتف حولها ولم تجد طريقة للهرب.....
" وهكذا يا عزيزتي جيردا , عليك الآن التكفير عن خطاياك".
" التكفير . عن ماذا؟".
" ستحلين محل سوزان , قلت قبل قليل أن ستيوارت بحاجة الى صحبة فتاة , فلم لا تكونين أنت الفتاة؟".
فصرخت فجأة :
" لكنني , لكنني لا أستطيع .... كيف أستطيع ذلك؟".
" أنك حرة الآن وتمثلين الحل الأفضل".
" كلا........"
ورفعت يدها لتحاول أسكاته مدركة بأنه لن يحس بالرحمة أتجاهها .
" نعم , وأذا صح ما سمعته بأنك تزوجت من بليز شفقة به.. فم لا تتزوجين أخي؟".
" هل تعني..... تعني بأن علي الزواج من ستيوارت؟".
" هذا بالضبط مت أعنيه!".
ومدت يدها الى عنقها أذ أحست بالأختناق.
" لكنني لا أحبه..... أنه ليس .......".
" حب؟".
وبدا الأحتقار واضحا في عينيه:
" ما أهمية الحب في مسألة كهذه".
أنكمشت في مكانها وقالت بصوت عال:
" أنك مجنون".
" كلا يا عزيزتي جيردا , قد أكون حاملا للعديد من الصفات السيئة , إلا أن الحنون ليس واحدا منها".

نيو فراولة 19-08-11 04:43 PM

راقبها للحظة واحدة ثم قال:
" ولم لا تعترفين بالأمر ؟ إنك تزوجت من بليز مانستون لسببين : أولا لأحساسك بالشفقة وثانيا لأنه ساعدك على الخلاص من تعاستك بعد أنتهاء علاقتك بستيوارت".
" كلا , كلا ليس هذا صحيحا".
" أو على الأقل أليس منافيا لصحة ما حدث".
وفجأة أنتابها أحساس يوجوب مغادرة مكانها , ودون أن تشعر بنفسها أندفعت عبر الغرفة الى النافذة , كانت السماء ذات لون فضي غامق يشير الى ليلة صيف صاحية ولاحظت وجود بعوضة تحاول الأنطلاق بعيدا عن الغرفة وبدت كأنها ترمز الى وجودها ويأسها في مكان لا ترغب البقاء فيه , قالت بصوت خفيض:
" كيف تستطيع أقتراح ما قلته بأعصاب باردة ؟ وذلك لخوفك من إتمام زواج لا توافق عليك".
" أن أستخدامك تهمة القسوة أمر غريب من قبلك , وكلمة ( الحب ) تبدو فارغة أذا أستخدمتها , أخبريني ما هو معنى الحب الذي تتلفظين به وتقدرينه الى هذا الحد؟".
" لن تصغي الي أذا ما أخبرتك , وإذا أصغيت فلن تفهم بالتأكيد ".
" كم هو صحيح ما تقولينه".
وخطا بهدوء ليقف وراءها فأرتجفت لأحساسها بوجوده قريبا الى ذلك الحد:
" أنت تشبهين غالبية بنات جنسك الرافضات مواجهة الواقع وخاصة مواجهة ما يسمى ( الحب ) أنك تتحدثين عن الثقة والفهم والمشاركة بينما تعنين , طوال الوقت , حب الذات , تنشد النساء الحب ثم يبكين أذا ما لحقهن الأذى بسببه , لأن ما يرغبن فيه فعلا هو الأستحواذ على الرجل بينما يخدعن أنفسهن بتوهم العطاء".
" أنك لا أنساني".
" كلا , كلا ما أقوم به هو مواجهة الحقائق ولا أدع العاطفة تعميني عن حقيقة الناس".
وأمسك بكتفيها ثم لمس شعرها بهدوء :
" هذا هو الوهم الكبير الخادع للنساء أيتها المدعية الصغيرة , أنهن يتخيلن العيون المسدلة والوعود الكاذبة بالوفاء الأبدي , ثم لا يعترفن ؟ لم لا يعترفن بأن ما يرغبن فيه هو التملك؟".
وشد من قبضته على كتفيها ثم همس في أذنها:
" هذا هو ملخّص الحكاية , الرغبة والأخذ ولكن في الوقت نفسه , التظاهر بأنه عطاء".
نجحت في التحرر من سيطرته وقالت:
" إنني أحتقرك , إنك قاس , إنك......".
" عليك إذن الشعور بالأمتنان لأنك لن تتزوجيني".
" لن أتزوجك أبدا , كما لن تنجح في أجباري على الزواج من أي شخص آخر".
" كلا , لن أستطيع أجبارك".
ودفعها شيء ما في صوته للأستدارة ومواجهته:
" كلا , إنه مناف للعقل".
" لدي سببان وجيهان لقبولك ما أريد".
" سببان ؟ لا أعرف ما الذي تتحدث عنه , أو كلا".
وطغى عليها الخوف الى حد أنها شكت بسلامة عقلها.
" أتعني , أنني أذا ما قبلت الخضوع لمخططك , أذا ما وافقت على تنفيذ فكرتك..... الفكرة المستحيلة....... إذا ما وافقتك فستوقع العقد؟".
" شيء من هذا القبيل , هذا إذا ما وافق ستيوارت بالطبع".
" أنك وحش وتحاول إبتزازي".
" أنه أبتزاز أخلاقي يا عزيزتي جيردا , محاولة لأنقاذ شخص عزيز كما أعتقد".
" أنها محاولة لا أخلاقية".
هز كتفيه دون أن يبدو عليه التأثر لأتهامها:
" أعتقد بأنك مدينة لستيوارت".
هزت رأسها محاولة طرد الكابوس المحيط بحياتها , وخلال الضباب نظرت الى وجهه القاسي وقالت:
" أعتقد بأنك تعني ما تقول فعلا".
" أنني لا ألفظ عادة أشياء لا أعنيها , وأعتقد أنك تعرفينني جيدا من هذه الناحية".
" لا أعتقد بأنني سأكون قادرة على فهمك أو معرفة سبب كراهيتك , أنك لا تفعل هذا من أجل ستيوارت , كل ما تحاوله هو أرضاء جوع غريب في ذاخلك , ولكن لماذا؟".
" لا تكوني عاطفية , الخيار متروك لك , فكري بالأمر , ولكت تذكري بأنني قد أكون قادرا على الأنتظار ولكنني لا أزن جينغرفولدز قادرة على ذلك".
ووقف وأشعرها طوله بالخوف من قوته , وحدقت في وجهه بصمت وحاولت التحرك من مكانها , وبدا لها أن المسافة بينها وبين الباب طويلة , ولم تلحظ أقترابه منها ومساعدته أياها على السير والخروج من الباب , وإذ أجتازته بقيت كلماته الأخيرة ترن في رأسها مرات ومرات , وتذكرت شيئا غفلت عنه في البداية فتوقفت في مكانها وقالت:
" قلت بأن لديك سببين , ما هو السبب الآخر؟".
أبتسم وتراجع بخفة الى الوراء قائلا:
" ذلك شيء سألجأ الى أستخدامه فيما بعد".

حلا الكويت 20-08-11 02:35 AM

الله يعطيك العافيه ..ننطر التكمله ...

نيو فراولة 20-08-11 03:25 PM

4- حافة الهاوية



حين عادت جيردا الى الشقة بعد الساعة العاشرة من صبيحة يوم الأثنين , كان هواء الشقة خانقا, فوضعت حقيبتها جانبا ووقفت في منتصف الغرفة متسائلة عن خطوتها التالية , عليها أولا الأتصال بالسيدة ساندرز أو المستشفى لتعرف آخر الأخبار عن هوارد , ثم عليها بعد ذلك التوجه الى المكتب مباشرة.
آه , ما الذي عليها عمله؟
وتحوّل كل شيء , في صمت الشقة الى حقيقة مخيفة.
ورنت في ذهنها من جديد أقتراحات جوردان , رغم نجاحها في الهرب منها طوال رحلة العودة , كلا , لم يكن جديا أذ ليس في أستطاعتها الأرتباط بستيوارت , لأنه زواج محكوم عليه بالفشل مسبقا.
ومن الغريب أن جوردان لم يشر أطلاقا الى الموضوع طول طريق العودة , بل أنه , في الحقيقة لم يتحدث معها إلا بما هو ضروري , كما حاول قدر أمكانه تجنب أثارة ما حدث بينهما في الليلة الماضية , وبدا وكأنه ألغى الفكرة , إلا أنها كانت تعرف جيدا بأنه كان في أنتظار جوابها , أذا أتم خطوته الأولى وهو على أستعداد لأتخاذ الخطوة التالية....
منتديات ليلاس
وحين وصلا البناية , لم يتحرك من مقعده في السيارة معتذرا لحاجته الى الأنصراف بسرعة أذ عليه الوفاء بموعد في المدينة , وأكتفى بمناولتها حقيبتها وأبتسم في وجهها أبتسامة عبرت عن كل ما أراد قوله ثم قال بصوت مرتفع:
" أرجو أن نلتقي قريبا".
ماذا عليها فعله؟
وتمنت لو أن هوارد أستعاد صحته بأعجوبة وعاد الى تحمل مسؤولياته في الشركة والأهتمام بالعقد , إلا أن أمنيتها تلاشت عند نهاية يوم الأثنين التعس.
كانت صحة هوارد كالسابق تدعو الى القلق , ولم ينصح أحد بالسماح له بمغادرة المستشفى فورا , كما حذّرها الطبيب بأنه سيكون في حاجة الى فترة نقاهة طويلة بعد أن يسمح له بمغادرة فراش المرض.
" لا أظن بأنه سيكون قادرا على العودة الى المكتب قبل مرور شهرين".
قال ميرك متناولا كأس شايه ظهيرة يوم الأثنين وأضاف :
" أتمنى لو كان معنا اليوم".
وألتقط ميكروفون جهاز التسجيل الصغير وحاول أملاء شيء , ثم غيّر رأيه , ووضعه جانبا , مخاطبا جيردا:
" أن مشكلة هوارد الأساسية هي أنه أحتفظ بالكثير من المعلومات في رأسه".
تنهدت جيردا قبل أن تقول:
" أعتاد القول بأنه لم يكن بحاجة لأي شيء مكتوب بأستثناء الأرقام والتواقيع , وأن مصافحة اليد أفضل من أي شيء آخر".
" إنه لمن الرائع التظاهر بالكمال ولكن كيف نستطيع معرفة ما كان يدور في ذهنه ؟ ها هي أوراق منتصف العام الحالي وتقارير السوق المالية ناقصة .... ما الذي أراد عمله بصددها ؟ أن الأمر سيختلف أذا حصلنا على فان لورن".
بقيت جيردا صامتة , فأسترخى ميرك في مقعده وتمطى:
" بالتأكيد تنتهي متاعبنا عند توقيع العقد , لكنني سأكون ممتنا تماما أذا ما رأيت هوارد يدخل المكتب الآن ".
ألن يكونوا ممتنين جميعا ؟ تساءلت جيردا بتعاسة , وتبادر الى ذهنها شيء قاله والدها منذ فترة طويلة , كان من الخطر لأي شركة منح رجل واحد كافة الصلاحيات , وكان ذلك أساس المتاعب في جيرنغفولدز حيث كان هوارد هو جيرنغفولدز , كان رمز الثقة وكان مشهورا بأتخاذه الموقف الصحيح في الوقت الملائم ولولا مرضه وأندماج فان لورن بونتفوردز , لجرى كل شيء على ما يرام.
وتذكرت كيف نظر اليها , تلك الأمسية , حين زارته بتفاؤل آلمها وجعلها تنسى ما وعدته من تبريرات لرفض المضي في الأهتمام بالعقد , لم تستطع أخباره أنها أمضت نهاية الأسبوع في منزل جوردان وأنها ناقشت العقد معه , كما لم تستطع حتى أخباره أنها ألتقت بجوردان .
قبّلته وهزت رأسها بأسف :
" آسفة , أملت أن أبلغك بعض الأخبار اليوم , ولكن لا شيء جديدا".
وبذل هوارد جهدا كبيرا ليخفي خيبة أمله بمس يدها وقال :
" لا داعي للقلق يا عزيزتي , أعلم بأنك تحاولين جهدك وأعتقد بأنك رائعة , لذلك حاولي ألا تيأسي ".
وأبتسم مضيفا :
" لأنني لا أشعر باليأس ".
لكنها كانت تعلم , رغم تظاهره بأرتفاع المعنويات , مدى خيبته وأحست بثقل في قلبها خاصة بعد أن تركته عائدة الى شقتهاووحدتها .
وأذ دخلت فراشها , متعبة الى حد لا يصدق ولكن مدركة في الوقت نفسه صعوبة الأخلاد الى النوم , أحست بأنها على حافة هاوية .
لماذا يجب أن تكون حياة ومصائر العديد من الناس تحت رحمة جوردان بلاك ؟ لماذا أختار رمي حجر كبير في بحيرة حياتهم ووقف جانبا ليراقب ما سيحدث من أضطراب على سطح الماء , أضطراب في حياتها وحياة هوارد وحياة كل العاملين في الشركة ؟ ولماذا أختارها هي بالذات لتكون مركز الثقل ؟
حدقت في الظلمة ولم تجد جوابا غير كآبة قلبها , لو كانت هناك فائدة في تكرارها لنفسها مدى كراهيتها لجوردان بلاك ! الكراهية , كراهيته لها...... وكراهيتها له ...... الكراهية تحيط بها في ظلمة الليل , ودفنت وجهها في الوسادة ثم تصلّبت فجأة أذ سمعت رنين الهاتف في الصالة.

وتسارعت دقات قلبها , من ؟ في منتصف الليل؟
جوردان؟
قامت مسرعة , أشعلت المصباح متحاشية التفكير , ولكن ربما كان هوارد......؟ أوه , كلا , كلا........
توجهت الى الهاتف بعد أن لفت نفسها بغطاء السرير , وخشيت توقف الهاتف عن الرنين قبل الوصول اليه.
" آلو , جيردا ؟ هل أيقظتك؟".
منتديات ليلاس
وأحست بأرتياح كبير حالما تعرفت على صوت ستيوارت , وأحست بضعف كاد أن يدفعها الى الإغماء فجلست على الكرسي المجاور للهاتف , وأذ لم تستطع الأجابة , هتف ستيوارت قائلا :
" هل أنت هناك جيردا ؟ هل أنت بخير ؟".
" نعم , لحظة واحدة رجاء".
وأحاطت نفسها بالغطاء جيدا .
" لم أتوقع أتصالك بي , وأذ سمعت الرنين ظننت أنها قد تكون أخبارا سيئة عن هوارد دوريل , أذ أنه مريض جدا".
" آسف , لا بد أنني أيقظتك من نومك".
وتنهّد بصوت مسموع :
" لم أستطع النوم وكنت أفكر بك , لذلك قررت الأتصال ". وأحست بالأسترخاء , حتى أنها أحست بالمتعة بعد ألم المعاناة , فقالت : " في الحقيقة لم أكن نائمة أنا أيضا".
" هل أنت متعبة؟".
" كلا ".
" غالبا ما أتصل بسوزان ليلا لنتحدث ساعات طويلة , أذ من الرائع الأتصال هاتفيا حين يكون الآخرون نائمين ولا أحد يقاطعك لكنني أردت التحدث اليك الليلة".
وتوقف بأنتظار تعليقها , إلا أن صمتها دفعه لمواصلة الحديث:
" كان غريبا لقاؤك من جديد , ولم يتم اللقاء كما توقعت".
" ما الذي توقعته؟".
" لا أدري , هل تمتعت بعطلة نهاية الأسبوع ؟".
" نعم ".
قالت كاذبة .
" هل تريدين المجيء مرة أخرى ؟".
" نعم , أذا أردت ذلك ". ثم أضافت بعد تردد : " إذا .......".
" أذا كان جوردان هنا؟".
قاطعها بحدة ثم بأقتراح بديل :
" أو أذا لم يكن جوردان هنا؟".
" ألا يقضي عطلة نهاية الأسبوع دائما في المنزل ؟".
" جوردان ؟ كلا , أنه يكره رؤية صحبتي , جيردا؟".
" نعم , ".
" متى عدت الى مدار جوردان؟".
ودلّت نبرته على شك عميق .


الساعة الآن 11:04 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية