رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
ممكن اعرف رايكم ايه بالرواية
|
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الحادي عشر
رفرفت نسمات الصباح الى شرفته* برقصات العصافير مع أوراق الشجر* ، فاستيقظ متعبا من اثر عمله البارحة بالدكان يتأوه من ظهره ويفرك عيناه التي يملأها النعاس بشدة ، فجأة تذكر المدرسة وانه يجب ان يذهب اليها فانتفض مسرعا دون ان ينتبه الى منة التى كانت نائمة بجانبه وبأحضانها ملابس المدرسة التى اشتراها لها البارحة قد أبدت اعجابا كبيرا مبالغا بدموع داهمتها فقد كانا يذهبا الى المدرسة بملابس مستعملة من بنات خالهما ولأول مرة سترتدي ملابس جديدة وبمال عرق جبينه . أسرع من خطواته بدهشة حين رأى ان طابور الصباح قد انتهي بالفعل وبدأ الطلاب بالصعود الى اماكن الدراسة فتساءل بحيرة "هل مدارس الاغنياء تبدأ قبل المجانية؟" ،* اعتقد انه لو ذهب* مبكرا فسوف يحصل على اجابات دون الخوض بالمواجهة اولا* فعمال النظافة يذهبون مبكرا لتنظيف حوش المدرسة والفصول بعد الفجر فقد اراد ان يعرف منهم القوانين والارشادات التى يمارسوها والشروط فدراستهم قد بدأت بالفعل ، فذهب الى المديرة التي سمع عنها من حسناء انها حازمة للغاية وصعبة المراس . يفرك اصابعه بتوتر خوفا من عدم قبوله فهو مراهق وعمله بتلك المدرسة لهو* معجزة ولكن لا مانع من المحاولة فهو يحتاج ان يعمل بمكان محترم مرتبه يسعفه ، نعم الدكان جميل ولكن الطريق الموصل اليه به بعض الطرق المشبوهة يمكن ان يحصل له اي شيء فجأة لا يخاف على نفسه ابدا بل على شقيقته فمن نحبهم هم من يجبرونا على المحافظة على انفسنا خِيفة عليهم من فقداننا ولأننا نكمل بعضنا بعض . قابلته الوكيلة بالمدرسة تنظر اليه بازدراء قائلة للعاملة التي ادخلته* بعد ان اخبرتها انه يريد عمل" يا اللهي يا نظيرة كيف تدخلي شابا مراهقا يعمل عامل نظافة بهذه المدرسة المحترمة ، هل انت مجنونة ..اذهب يا ولد لا نسلم عملا لمن لا يملك بطاقة بعد ، كيف اصلا نعرف اصلك وفصلك " رمقها امين بهدوء فقد كان يتوقع هذا من البداية فرد بنبرة هادئة برزانة مختلفة كرد فعل لمن في سنه وخاصةً حين يسمع هذا الكلام بطريقتها المهينة وبإشارات يدها عليه كانه نكرة " مهلا سيدتي ماذا تقصدين بمحترمة ، هل تريني فاسد مثلا .. وان كنت فاسدا لم أكن لاتي هنا من الاساس فالاعمال الفاسدة كثيرة ولن اتعب حتي فى البحث فهي موجودة بكل مكان ، اعرف انك رافضة وانا كنت اعلم انه سيحصل ولكن كان عليك ان ترفضي باحترام فكما قولتي ، مدرسة محترمة " شهقت وكيلة المدرسة فقد اهانها ولكن بخبث فقالت مندفعة بعصبية " اخرج بره ياولد " بادلها امين نفس النظرة التى ترنوا اليه بها والتفت ليخرج ليجد سيدة خمسينية تنظر اليه بغرابة ، فمشي الي طريق البوابة وعيناها لا تزال متعلقة عليه ونادته قبل ان يفارق غرفة المكتب قائلة " تعالى يا محترم ." التفت امين اليها باستغراب وهو يشير على نفسه متسائلا " انا ؟" امالت رأسها بإيجاب* فعاد يقف امامها يردف متسائلا "نعم "؟ " لما تريد ان تعمل هنا " تنهد وكأن الحمل ثقيل عليه " لأعيل أختي واجعلها تدرس مثل الطلاب هنا " "* لا اعرف ظروفك ولكن هل أختك تستاهل انك تعمل كعامل نظافة بمدرسة مرموقة بها طلاب مثل سنك الا تشعر بالحرج* ؟" استفزته كلماتها الغير موزونة والطفولية فهل تسخر من ظروفه فرد عقب انتهاء كلماتها. "والله تستاهل ان تكون بأفضل من المدرسة دي انها متفوقة جدا* " " هل تعلم انك ستجلد ذاتك ان عملت هنا ؟" تنهد مرة اخري وكأنه يري نفسه عاقلا عنها وهى تتحدث معه كطفل صغير فرد* بثقة"" تقصدي لأني فقير يعني ؟..ابتسم بسخرية مردفا بجدية مؤلمة " لقد مررت بما هو اسوء ..الظروف يا سيدتي من ...." عض على شفتاه متحسرا ولم يكمل جملته فعقدت السيدة حاجبيها متسائلة بما يجعل هذا المراهق يتحدث كرجل عجوز* فهل مرت الايام عليه سنين ليبرز الالم على قسماته بهذا الشكل ، لم تتأثر ولم تشفق ولكن هذا المراهق اعجبها وشعرت بفضول شديد اتجاهه "حسنا فلتذهب مع نظيرة تعرفك على نظام المكان " هتفت الوكيلة بصدمة " يامروة ده طفل .." رفعت يدها اشارة لكي تتوقف عن الكلام الان فعضت الوكيلة على شفتاها بغضب ترنوا الى امين التي اشرق قسماته ببهجة قائلا بسعادة " شكرا لك سيدتي " وذهب مسرعا خلف نظيرة التى* تنظر اليه بشفقة رغم علمها بأنه ليس هينا ابدا ، قال امين لنظيرة " من تلك السيدة الحميلة " ردت نظيرة بسخرية "تلك الحميلة هي مديرة المدرسة يا عسل" وبرد فعل سريع عاد امين الى مكتب المديرة وامسك يدها وقبلها تحت جحوظ عينيها ثم عاد مسرعا مرة اخري الى نظيرة هامسة وهى تميل وجهها بشفقة " مسكين " خطى امين بجانبها يستمع اليها دون انتباه فعيناه كانت متعلقة على الطلاب يركز فى* ملابسهم ومقتنياتهم الثمينة هامسا " الحياة ليست عادلة" ضحكت نظيرة بقوة قائلة " وهل رأيت شيء بعد لتقول ذلك " بادلها امين بنظرة طويلة ولم يعقب وبعد ان دخلا الى غرفة استراحة العاملين همس امين بين نفسه " حين اقبض سأشتري مثل تلك الملابس لمنة هي ليست اقل منهم" قالت نظيرة بفضول " يا حبيبي لماذا تريد العمل هنا ..العيال هنا صعبين جدا " فاق من شروده وحدق بها رافعا احدي حاجبيه بحماس. " لا تشغلي بالك بي ، اخبريني كم تقبضون هنا " * * * * * * * * * * * * * * ** (ظ¢ظ¨) بعد ذلك اليوم تغيرت حياة لولو فى ذلك البيت ، الكل يراقبها عن كثب وخاصة حسين الذي لم يتوقف عن فعل المقالب السخيفة ، لم تعيق الاصابة اقدام لولو عن توقف العمل ،تخشى ان تطرد بحجة اقدامها فلقمة العيس مُرة ويجب عليها ان تتحمل ، تمشى كالعرجاء بالمطبخ تعض على شفتاها من الألم الشديد وهى تتحرك هنا وهناك* واكثر ما يغيظها هو مراقبة الكائن الاستفزازى لها بتوجس ، الان كل شيء مات داخلها وان قام بإلقاء حية لن تخاف فكرامتها بعثرت وهى التى كانت تعيش كالملكة لا يمد احد عيناه بعينيها لشدة غرورها الذي تحطم الان امام لقمة العيش . تنهدت بألم بعد ان انتهت بمعجزة من طهو الطعام ونزلت بألم على الارض تجلس متأوهة والدموع تغرق وجنتيها ، تشعر بصهد شديد يخرج من صدرها وجبهتها ولكنها لن تشتكي . وحين تذكرت والدتها وهى نائمة على فراش المشفى كالجثة الواهنة خرجت شهقات البكاء المحبوسة فى صدرها غصبا فاستسلمت للبكاء اخيرا. " من طلب ان تطبخي اليوم " تهتف بها مروة التي ظهرت فجأة من العدم بالمطبخ ، انتفضت لولو ومسحت دموعها وحاولت الوقوف متشبثة بخشب المطبخ الذي كانت تستند عليه* ففشلت ونزلت جالسة لتردف مروة بازدراء وتعال " ارمي هذا الطعام بالقمامة وقدمي الاكلات السريعة التي سيجلبها لك مصطفى " كتمت انينها بداخلها ومالت رأسها بإيجاب وبقت تصارع على الوقوف ،شعرت ان قدمها الأخرى قد جزعت من كثرة الوقوف بالضغط عليها . امسكت بحائط المطبخ تمشي ببطء ليظهر حسين* واقفا قبالتها فجأة من العدم هاتفا بغضب " الم تنتبهي الى تلك ؟" كان حسين قد اصطاد فأرة من الخارج ورماها بالمطبخ وظل يراقب لولو التي كانت تبكي من شدة المها وهى تقوم بالطهي. ظهور حسين امامها يهدد وجودها بالمنزل وان استقالت لن تجد عمل يقدم لها المسكن والمأكل معا، كان وجود هذا العمل امامها فرصة تعويضا على ايام الصقيع التى نامتها عشيا بباحات المنازل سرا دون علم اصحابها . ابتلعت ريقها ورفعت يديها برجاء قائلة " ارجوك ياسيد حسين سامحني* لم انتبه " ثم نظرت الى مكان اشارة يده لتنبه الى فأرة صغيرة تحدق بها من اعلى رف خشب المطبخ لتتبادلا النظرات بهلع . بعينين مليئتين بالغضب الطفولي رد بعجرفة " كنت أراقبك لساعتين هنا " وأشار بيده الى علية المنزل فقد كانت طوابق المنزل مفتوحة على بعضها ، قالت محاولة ان تظهر قسمات الحزن لأجله بعد ان ضغطت على نفسها لكي لا تصرخ " الا تري قدمي مكسورة لذا لم انتبه لوجود الفأرة ، المرة القادمة سأنتبه ، لذا لا تخبر السيدة مروة ارجوك* " " يا مسكينة والله ، صعبتي عليا ، ذكرتيني بأختي سلوى الشهر اللى فات كسرت قدمها ايضا ، يجب ان ترتاحي مثلها " تساءلت بداخلها هل يسخر منها فردت بجدية " لا لن ارتاح فأمامي عمل كثير والان سأذهب الى تفريغ محتويات الاكلات السريعة التى بالاكياس" وخطت الى الامام بصعوبة ليقترب منها حسين فجأة حاملا اياها.... تحت جحوظ عيناها والتى لا تستوعب ما يحدث لها الان ، الشيء الوحيد الذي تعرفه انها لا يجب ان تصرخ . بقت تحدق به بخوف ورهبة وهى بين ذراعيه كطفلة صغيرة* " لا لا انزلنى ارجوك " لم يعجبها ابدا ان يحملها ويده تلامس فخذيها بطريقة غير مقصودة ،شعرت بالخجل فكانت تائهة بين الخوف والرهبة* وكيف تتصرف فى ذلك الموقف بصورة لا تضرها . حركت قدميها السليمة وظهرها معترضة على حملها كالطفلة ولكنه لا يستمع ولايزال يمشي بطريقه* ، صعقت حين وجدته يقترب من باب غرفته لتهتف بفزع " لا لا انزلنى يا احمق ..لا انا اسفة انت لست احمق ولكن انزلنى يا سيد حسين يانبيل، لن تدخلنى الغرفة مثلا لكي تتحرش بي صحيح.؟ ." شعرت بالغباء واشياء اخري لا تعرف لها تصريحا ولا تعرف ماذا تقول لتجد نفسها فجأة تدخل الغرفة ويتم وضعها على.... فرااااشه!!!!!! حاولت النزول دون كلمة مسرعةً ولكنه يدفعها من كتفيها لكي تجلس عليه ويرفع قدمها ويدثرها بالفراش وتعود مرة اخري محاولة الهروب " توقفى اسمعي الكلام " خافت من نبرته ومن ان يفعل بها اي شيء وبقي جسدها يرتجف بقوة فصرخت بأعلى صوتها " انقذوني ..، يامدام مروة ..." " توقفى عن الصياح ، قولت لك توقفى " كتم صوتها بيده مقتربا منها ، يهمس داخل اذناها " ستسمعك امي .. اسكتي وسأجلب لكي حلوى البندق يا لولو" سكتت وبادلته النظرات لتحدق به بدون فهم هامسة " ماذا تريد مني " "لنلعب " شهقت بنفاذ صبر وردت بعصبية تحاول كتمها " لا اريد اللعب* ، ارجوك اتركني اذهب " هنا دخلت مروة الغرفة بعد سماع صوتها الذي انتشر بالبيت كله، تحدق بها بصمت وهى على فراش ابنها* ليقول لها حسين " امي لولو لا تريد ان تلعب اخبريها ان تبادلني اللعب* " لتهتف مروة بشيء لم تتوقعه لولو " نفذي ما يطلبه منك حسين " اتعست عيناها تحدق بدون فهم ، ليصل الي عقلها اشياء سيئة ليستقيم ظهرها وتمسح دموعها قائلة "* نعم انا فقيرة واحتاج الى العمل ولكن ابدا لن اوافق على افاعل رخيصة انا محترمة وبنت ناس ،اصلا لم احب العمل لديكم ..انا ساذهب ولن تري خلقتي ابدا امامك " هتفت مروة بصياح. " ان فكرتي بالخروج من هنا سأقطع قيد كلاب الفلة ليأكلوا عظامك " ولصغر سنها شعرت لولو بالخوف وصمتت برهبة لتردف السيدة " افعال رخيصة ؟؟ هه الشيء الرخيص هنا هو عقلك يا فتاة . وبعدين الا ترى نفسك ..فبرغم من ان ابني فقد عقله واصبح غبي لن اوافق على زواجك منه ابدا .. أنت احقر من ان ينظر اليك كفتاة " دخلت تلك الكلمات كالخنجر داخل قلبها ومنها صدمة من كلمة فقد عقله .. فتذكرت كلمات العم مصطفى فهل قصد انه غبي فعلا وهو الذي لم تسمعه يسب احدا ابدا ، ليأتيها الرد مؤكدا من مروة " العبي معه ولبي طلبه وسأضاعف اجرك لنري نهاية تلك المصيبة التى انزلها ابي على رأسي* " * * يتبع .. |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الثاني عشر
استقلت الشمس بوابة المشرق منورة بصباح مشرق وجوه المتحمسين بالبدأ بالعام الدراسي الجديد مهلهلة بنسيم شهي ممزوج بحرارة تدفء قلب شاهد جميع انواع الخيانة بالماضي وينتظر متلذذا الحياة الجديدة التى تنتظره . عانقت ملابس المدرسة الجديدة بحنو بالغ فمن جلبه هو امين شقيقها الحبيب بعرق جبينه وها هى تبدأ بارتدائه أخيرا فقد انتظرت بدأ العام الدراسي الثانوي بفارغ الصبر بعد ان مرت ايام الانتظار كانها أعوام عليها . نزلت بسرعة فصوفي تنتظرها امام المنزل هى وصديقاتها* ، لمحتهم بباحة المنزل فمشت ببطء اليهن وهى تتفحصهن بعناية ،كانت ملابسهن متشابه فالزي مدرسي واحد ولكن كلا منهن ترتدي بشكل خاص بها فالقميص الابيض العلوي بعضهن يرتديه* شفاف فيظهر اكثر مما يغطي والتنورة تختلف عن بعضهن بين* القصر والتحديد* ، فتذكرت حديث البارحة من تحذير* امين لها بمخاطة الفتيات الجريئات ولانها فتاة نبيهه تنتبه الى تلك الشخصيات التى يجب الحظر منها . تعلم ان صوفي جريئة ولا يحبها امين ويمنعها من مخالطها لها ولكن تعلم ان رغم جرائتها الا انها فتاة لطيفة ذات قلب لين ،هى فقط تمشي تبع موضة الفتيات بتمرد . مشت معهن ولكن لم تسير معهن بخط متساوي فكانت خلفهن وجهها منحني تنظر بالارض بشكل خجل ،تنصت الى كلمات الشباب لهن ومعاكستهم بطريقة جريئة ورد فعلهن الذي ادهشها فهمست داخلها " لقد تطور العالم يا امين ..ونحنا ماذلنا على الدقة القديمة ولكن* عرفت قيمتها الان وكم احبها " التردد والخوف داخلها من الاقبال على شيء جديد ولكن يطغي عليهما الحماس وحب البدأ من جديد ، تريد أن تحقق حلمها بان تكون طبيبة كبيرة تعالج حالة امين ، وبمجرد تفكيرها بذلك الحلم يجعلها تمضي الى الامام بحماس خيالي . تعلم انها تغيرت كثيرا عن قبل وتلك خطوة جميلة تسعدها ، رغم بُعد الطريق واستقال الحافلة التى تجعلها تتقيء الا انها تحب الذهاب الى المدرسة . بقت تنظر الى المدرسة قبل الدخول تتسائل داخلها بهل ستكون من ضمن الطلاب المتفوقين* وتكون شخصية ناجحة تذكر بتاريخ المدرسة لطلاب الجدد ؟ شعرت بيد صوفي تربت علي ظهرها ، كم تحب تلك الفتاة حقا وتشعر بالالفة الشديدة اتجاهها ،فان زاد حبها اكثر عن ذلك ستحل مكانة غالية بقلبها كالشقيقة تماما . مالت رأسها بايجاب لصوفي بعد ان قرئت نظرتها المترجمة بألا تتوتر* . اكتشفت انها قد وصلت متأخرة وفاتها طابور الصباح* كما انها فشلت بالحصول على مقعد أمامي بالفصل فكلها شاغرة الان بالطلاب ولا يوجد امامها سوي مقعد بالخلف فارغ* ، الجميع يحدق بها* وهى تذهب للمقعد فانتابها التوتر من جديد ولكن بقوة اتجهت بملامح حزينة الى هذا المقعد ليظهر انه ليس فارغا بالكامل فتجلس به فتاة قصيرة ترتدي نظارة ثقيلة يظهر انها ضعيفة النظر بشدة بجسد نحيف وكانها لا تعيش الا على الماء . فهمت منة ان تلك الفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة فقامتها قصيرة جدا مثل الاقذام من يراها يخيل اليه انها فى العام العاشر* لا يتخيل انها فى* الثانوي . جلست منة بجانبها ووضعت حقيبتها بجانبها على الارض شعرت بتوتر الفتاة بجانبها وهى تعيد ترتيب نظارتها الكبيرة على وجها فاستدارت منة للفتاة* تحارب توترها هي ايضا* وقالت ببتسامة ناعمة " أهلا ..أنا منة " ازدردت الفتاة ريقها تنظر بعيناها الواسعة بجحوظ قلق والتى تظهرها النظارة الطبية انها صغيره بفضل العدسات الزجاجية فاردفت منة تعيد الكلمات مرة اخري وتشير اماما عيناها مرحبة " اهلا "* لترد الفتاة بتوتر " مرحبا " ثم التفتت تعيد ترتيب اشياءها على طاولة المقعد فهتفت منة متساءلة باهتمام " ما اسمك " لم تنظر اليها الفتاة وردت باقتضاب وهى تنظر امامها " ليندا " ردت منة " لديك اسم لطيف مثلك " التفت اليها ليندا بغضب وبنبرة عصبية بعض الشيء " هل تسخرين مني " " ولم اسخر* اصلا* منك .."شعرت ليندا بجدية منة وبعيناها الثابتة على عيناها فقط دون ان تحدق بجسدها الصغير فكانت مختلفة تماما عن ما قبلتهم فى حياتها لترد بعد صمت " اسفة " " لما تعتذري ؟" نظرت ليندا امامها ونست انها تحاول ان تخفى نفسها عن الجميع بجلوسها بالخلف فقالت بصوت مسموع " لا تشغلي بالك " دخل مدرس الفصل وبدأ يشرح الدرس ،الكل منتبه الا ليندا طوال اليوم تحدق وتراقب منة عن كثب وهى تسجل الملاحظات وراء المعلم حتى جاء وقت الفسحة الكل خرج الى حوش المدرسة الا هما، كانت منة تحل بعض المسائل الرياضية بتركيز* التى أملاها المعلم لطلاب تحت انظار ليندا التى تشعر بالفضول اتجاهها* . وما ان انتهت منة سحبت ليندا منها المذكرة وامسكت القلم وبدأت تراجع حل المسائل ليظهر ان بها بعض الاخطاء البسيطة جدا فصححتها لها ليندا بتفاخر كما انها اخبرتها عن حل اخر ، بقي الاثنتان تنظرا الى بعضهما ،هنا عرفت منة ان تلك الفتاة* عبقرية ،فقابلت منة موقفها الذي يظهر به بعض الغرور* بصدر رحب وهى تميل رأسها ببتسامة . * * * * * * * * * * * * * * * * **** لم يترك امين عمله بالدكان بعد تمسك رأفت به ورفع أجره عمله فكان يذهب الى تنضيف المدرسة يوما مبكرا ويوم اخر مساءا فكان العمال يقسمون العمل بالطريقة التى تناسب مواعيد الطلاب فكانت هناك فترة لطلاب صباحية وفترة مسائية . وفى يوم كان امين ينظف حوش المدرسة من النفايات التى رماها الطلاب بالملعب الرياضي مع احدي العمال يقسمون العمل بمساحة ملعب الكورة ، كان امين بطيء فى التنظيف عن العمال الاخرين ولانه كان من النوع الذي ينظف بعناية وضمير* فانتهي الجميع من التنظيف الا هو بقي عدة ساعات حتى انتهى !. وما ان جاء ليذهب* وهو يحمل اكياس القمامة التى جمعها ،كان الطلاب قد رحلوا ولم يعد سوي ساعة حتى تغلق البوابة ، فجأة ظهر شابين من العدم بالملعب ومعهما كرة وضع امين اكياس القمامة باحدي الاركان وذهب اليهما* ،كانا يلعبا الكرة بتسلية مستخدمان مهارتهما بترقيص الكرة وهما يتحدثا بـأمر ما* . " لو سمحتم يا شباب البوابة على وشك ان تغلق* ايضا انظرا لقد نظفته لتو حتى انقسم ظهري " لم يهتما بما قاله امين واستمرا بالعب ، فذهب امين ينتظرهما حتى موعد غلق البوابة حتى ينبهما ، جلس يراقب مهارتهما بدقة قائلا " والله حال الاغنياء مرفهة ومسلية انا لم العب فى حياتي بتلك الكرة ابدا ولا اعرف كيف العبها اصلا بل لم احصل على اصحاب ابدا ، لولا منة لكت مت من الوحدة والهم ..الله يحفظها لي ." فجأة اصطدمت الكرة بوجهه وحين استعاب مايحدث نزلت الدماء من انفه فمسحها بملابسه وقلبه ينبض بخوف وغضب ولكنه سيبتلعه فمن هو حتي يقف امام من ولدا بمعالق ذهبية ، اشار اليه احدي الشباب بأن يرمي له الكرة ،يعلم ان الموقف مقصود* ، وقف وعدل ملابسه وقميصه المبلل بقطرات الدماء ورجع عدة خطوات الى الوراء وركل له الكرة بغضب فطارت اتجاه وجهه مندفعة بقوه كبيرة فصدها الشاب بيده فشعر بسخونة الكرة فعلم ان لديه اقدام قوية . قال الشاب لصديقه " انظر الى عيناه كان يقصد ان يدفعها بوجهي هذا الزبال " ليرد عليه صديقه بلا مبالاة "* ياللهي هل تري من ذلك البعد وجهه ؟ أنا بالكاد اراه !، هيا هيا دعك منه يا عامر .. هيا* ارمي الكرة باتجاه مبني المديرة كما خططنا قبل ان تمشي " " ليس قبل ان احطم وجه ذلك الغبي " أعاد عامر ضرب الكرة بالارض بيدة عدة مرات ذهابا وايابا وهو يهرول باتجاه امين الذي شم رائحة مصيبة تجري باتجاه وهو..! لن يدع اي شيء يهدد عمله ابدا ، شاط عامر الكرة بقدمه اليمني مندفعه بقوة اتجاه امين الذي وقف على اهب الاستعداد يتصداها و بالفعل اسرع باتجاهها لترطدم بصدره ويمسكها سارقا مهرولا بطريق الخروج من المدرسة . ليهتف عامر " تبا !! ايها الجبان عد فلتواجهني وجه لوجه ان كنت رجل " لم يهتم امين له فكان يعرف جيدا الفرق بين الشجاعة والتهور. حاول الشاب الاخر* ان يوقف عامر ممسكا به يمنعه من الجري وراء امين هاتفا بحسم " دعك منه* ، سنلقاه بالغد " ليدفعه عامر من صدره " لقد فشلت خطتي !" * * * * * * * * * * * * * * * * * * * (29) فى المساء بمنزل لميس دخل امين متعبا بشدة من حمل البضائع مع رأفت ورصها بالدكان* حتى تأخر الوقت الى المنزل لتقابله منة بسعادة قائلة " امين لقد تعرفت على فتاة .." رد امين مقاطعا بتعب " ليس الان يامنة أرجوك ...اريد النوم عيني لا تري اي شيء سوى* الفراش* " راقبته منة بشفقة على حاله رغم انها انتظرته طويلا حتى تحكي له بما مرت به بالمدرسة . فى الصباح الباكر استيقظت منة على صوت شجار صوفي مع لميس عن ملابسها الكاشفة كالعادة ، فبحثت عن امين لتجده قد خرج بالفعل . ارتدت ملابسها مسرعةً ونزلت دون ان تأخذ الدواء لاول مرة امين ينسي ان يوقظها ويعطيها اياه، ولم تتذكر العلاج الا بعد انتهاء الفترة الاولى من الدراسة . بعض القلق انتابها وبقت تفرك اصابعها تحت مراقبة ليندا لها التى حدقت بها قائلة باهتمام " ما رأيك ان تاتي معي الى المنزل واعرفك على عائلتي .. طوال الليل وانا احكي لامي عنك حتي طلبت مني ان احضرك معي الى المنزل " انتبهت منة الى حكي ليندا المتواصل دون نبرة القلق التى كانت تخرج مع كل كلمة تقولها قبلا ، وصل اليها انها تريد ان تقترب منها ولم تعد تستخدم لهجة مكلفة* .فقالت بأسف " اعذريني ولكني لا اذهب الى منزل احد غريب .." ردت ليندا مقاطعة بمبالغة* " بيتي بالقرب من مركز الشرطة وهيئة القضاء منطقتي شعبية للغاية كما ان والدي يدعي ... إسالي اي احد عنه لا يوجد شخص لا يعرفه " " والله يا ليندا لا اعرف ماذا اقول ولكن ساخبر اخي اولا* " انتبهت ليندا الى كلمة اخي تريد ان تعرف عنها المزيد فهي اول شخص يتعامل معها باحترام ودون تقليل لتميل رأسها بايجاب* قائلة بمحبة . " حسنا سانتظرك بالغد ..ماهو اسم اخيك " " امين " " هل هو جيد بدراسه مثلك " أسبلت منة اهدابها ببعض القلق لترد دون ان تنظر بوجها " فى الواقع هو لا يدرس ..ترك المدرسة " عبست ليندا بوجهها بغرابة لترد بعد ثوان من الصمت* " وهل وافق اهلك على ذلك " باد القلق والتوتر على قسماتها فحاولت ان تغير من مجري الحديث هي ليست مستعدة عن الحديث عن خصوصيتها امام ليندا فاشارات الى* السبورة على مسألة كان قد كتبها المعلم* وسألتها عن طريقة حلها ، ارتسمت ابتسامة على وجه ليندا وفهمت سبب هروبها من الجواب* فكما يبدو ان عائلتها فقيرة الى هذا الحد الذي يترك اخيها المدرسة ايضا ملابسها وطريقة تحدثها التى تظهرها انها اتت من الريف ، فكانت منة صديقة مثالية لها فلن تستطيع ان تعايرها يوما من الايام وهي تخاف ان تذكر اي شيء عن عائلتها امامها . * * * * * * * * * * * * * * * (30 ) قرر امين ان يذهب مع عمال النظافة بالفترة الصباحية ويغير* المواعيد حتي لا يري هذان الشابان ولكي لا يفتعلان معه مصيبة وهو لا يتحمل ، فيكفي ما يمر به . ذكرى البارحة لا تفارق خياله وهو يصد الكره عن بعد ، رأي انها لعبة فضولية وكم يود ان يمسكها مرة اخري ويكتشف كيف يتم تلعب . حاول ان ينهي عمله سريعا الذي اعطته له نظيرة قبل وقت الظهر ولكنه تأخر بسبب غياب بعض العمال . طلبت منه نظيرة بعد ان انتهي من كل شيء ان ينظف مكتب المديرة* ، حاول ان يتهرب ويأخذ مهمة تنظيف اخري ولكن العمال الاخرين قد سبقوه ولانه اصغرهم سنًا كان يتحمل اكثر ولايستطيع حتي ان يعترض . امسك عدة التنظيف وذهب الى المكتب قبل ان ينتهي وقت الفسحة الاولى . وبقي ينظف سريعا وقد داهمه الوقت ليمر سريعا دون ان يشعر وبدأ الطلاب يخرجون الى حصة الالعاب و هنا وهناك بكافة اركان المدرسة ، اراد الهروب باي شكل لهذا جاء مبكرا فأعطته نظيرة عمل اكثر،* اطلق السباب بين نفسه خِيفةً ان يقابل هذان الشابان . عيناه تبحث بكل مكان يمر به* بعد ان انتهي عن هذا الشاب الذي يصبغ شعره باللون الاصفر الفاتح والذي لا يليق به مع سمرة بشرته وشخصيته الفذة . وجد بعض الشباب يلعبون تلك الكرة التي تثير فضوله وهو يمشي الى الخارج فبقي ينظر اليهم بترقب وهما يركلا الكرة الي بعضهما وكم يخشون من وصول الكرة الى هذان الشابان والذي سمع احدهما يقول بصياح " حاسب سيقوم بادخاله الى الجون"* ونسي تمام ما يخاشاه وبقي يتابع بفضول . فجأة يد احدهم وضعت على كتفه من الخلف ليشيب رأسه ويتوقف الهواء عن الدخول الى رأتيه ليلتفت بصدمة* ، تنهد وهو يري السيدة مروة مديرة المدرسة امامه تحدق به بغرابة اثر فزعه الى* هذا الحد المشكوك به قائلة " كيف هي احوال شقيقتك ؟ " ازدرد ريقه متنهدا براحة يرد بتوتر بعد الصدمة التى سقط فيها ووجهه يلتفت الى كل مكان وكأنه يبحث عن احد* " جيدة جيدة ، سيدتي ، اشكرك " تحدق به بقوة والى ملامحه الحادة وشعره الثقيل وعيناه المتمردة والتى* ذكرتها بطفولتها ، شيء ما يتسرب داخلهاوينتابها كلما رأته* .. ربما الحنين الى الماضي .. ! لما دائما تشعر انها شابة صغيره كلما تحدق به متناسية تماما اوجاعها الصعبة من مصيبة فقدان عقل ابنها الى تبلد مشاعر زوجها الى وصولها الى الخمسين عام* ، فقط تتذكر موسمها المفضل بلون بشرته القمحي الذي* يشعرها انها بموسم الخريف* !!!. فى تلك الاثناء كانت منة تنتظر عودة امين بفارغ الصبر بغرفتها* حتى تحكي له عن ليندا وعن عائلتها التى حكت لها عنهم وكم تشعر بالفخر من قربها وتريد ان تتعرف على عائلتها الطموحة ، وبعد ان انتهت من حل اسئلة الواجب وتستعد ان تذهب مع صوفي وحسناء الى الكافيتريا فقد اهملت البحر ليومين وهى التى تعتبره صديقها الان الذي يسمع شكواها ولا يشعر بالملل ويرد عليها بامواجه التى تشعرها براحة* وكأنه يحتضن خلوتها. فجأة علت اصواتهن بالاسفل يظهر ان صوفي وحسناء يفتعلا شجارا مع لميس لم يكن شيء مهما من قبل على العادة ولكن ان تدخل حسناء بالشجار وتصيح الى هذا الحد اشعر منة بالقلق بعض الشيء ،فهرولت اليهن بالاسفل* ولكن حين وصلت كانت حسناء تأخذ صوفي الى الخارج وهي تهتف خاتمه قبل ان تصفع الباب بقوة " سأذهب لعاصم بيه " قالت منة للميس بقلق " ماذا يحدث ياخالة " ؟ " اوقفيهم يا منة بسرعة واخبريهم انها ستفكر بالأمر ولم تقرر بعد " خرجت منة وراء حسناء وصوفي مسرعة لتجدهما يقفا مع رجل يرتدي زي رسمي ويحمل معه حقيبة مليئة بالاوراق ، اقتربت منهم لتسمع الحوار الذي يدور بينهم "مدام حسناء هل انت عاقلة حتي ترفضي هذا المبلغ الكبير .." قالت صوفي بعجرفة " لن نبيع منزل جدي مهما رفعت الثمن " لتردف حسناء هى الاخري بعصبية " والله لو اعطيتني مكان هذا المال ذهب لن اوافق ابدا ." "أبلة حسناء " ؟؟ " انتظري الان يا منة " اشارت اليها صوفي ان تصمت حتي ينتهي الحوار ، وما ان ابتعد الرجل وهو يقول " انتما مجنونتان " هتفت حسناء بحسم لصوفي " لنذهب لعاصم " قالت صوفي لمنة وهى تمسك يدها وتأخذها معها* " تعالي معنا " يتبع |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الثالث عشر
* * * * * (٣١) بعد صراع مر به شريف من تردده بحقيقة موت التوأم ومحاولة سفرهما بقطار الاسكندرية فهو شيء غريب بالنسبة له فاعتقد ذهابهما الى مدينة الاسكندرية ربما بمشورة عاصم او لميس، ولكن لميس لا تعلم بوجود البنتين وايضا الصلة بينهما مقطوعة فكانت الأولوية بالشك بعاصم فالمجهود الذي قام به قبلا بالوصول الى العذبة وطلبهما منه بتلك الجدية لا يمكن ان يُنسى وبالتأكيد لن يتنازل عنهما بتلك السهولة ، اعتقد ايضا انه ربما زيف موتهما ليضعه بالأمر الواقع ونسيان وجودهما ولكن هيهات... فهو لن يترك مكان بالإسكندرية الا و يبحث فيه عنهما، وخاصةً تلك الخبيثة أمنية التي حرضت "منة "على الذهاب معها، يقسم انه لن يدعها تعيش للحظة حين تقع بين يديه. * * * * * * * **** كانت منة تركب بسيارة الأجرة بجانب صوفي وسط اجواء توتريه شديدة فحسناء تجز على أسنانها بسبب والدتها لميس التي أقدمت على التفكير ببيع المنزل الذي يحتويهما من مرار الأيام متناسية انه الشيء الوحيد الذي يمتلكونه بعد وفاة جدها وبعد ضياع كامل الورث في قروض أبيها دون الحصول على قرش واحد وبقت هي تعيل الاسرة ولم يخيل اليها ابدا أن زوجها الأجنبي سيتركها بعد تلك النكسة التي بدلت احوالهن قلبا وقالبا، هي ليست حزينة على فراقه بل ممتنة انه على الاقل لم يأخذ صوفي معه* ويحرمها من فلذة كبدها فذهب وتركها كالكنز بين يديها. لن تنسي المعروف الذي قدمه عاصم من الوقوف بجانبهن طوال تلك المدة التي لم يطرق باب المنزل أحد برغم المصائب الذي تدور بحلقات دائرية حول المنزل بشكل مستمر ولم تنتهي الا الآن ،انتشلتها منة من عالمها المؤلم بسؤالها الفضولي الموجهة لصوفي . " من هو عاصم الذي تتحدثا عنه؟ مهلا! هل هو ابوك؟ " دهشت صوفي وقالت تضحك بسخرية مقارنة بعبوس حسناء حين سمعت تلك الكلمة التي تبغضها فصوفي لاتزال متأثرة برحيل والدها* " لا يا ذكية.. أبي سافر من زمان ، عاصم هذا... "تشنجت صوفي لوهلة ومعها حسناء التى إلتفت اليها بشكل ملحوظ بنظرة محذرة لتزدرد صوفي ريقها قائلة بتوتر"* عاصم كان طليق عمتي.. انه رجل جيد بعد وفاة عمتي يساندنا دائما* " وبختها حسناء بنظرة رمقتها لها بتحذير لتلوح لها صوفي خلسة بمعني ان هذا ما استطاعت قوله الان. ردت منة بغرابة " عجيب هذا الأمر، الدنيا مازالت بخير ياصوفي..، الغرباء يساعدون اكثر من الاقارب " ابتسمت صوفي ساخرة "الاقارب عقارب ياعزيزتي" لا تريد حسناء ان تكون هي من تخبرها عن امر عاصم فالبنت حساسة وتعاني من الصرع ،فتلك مهمة امين وهى في غنى عن اي شيء خطر . هنا وصلت السيارة بجانب بيت ضخم بعض الشيء مقارنة بمنزلهن به طابقين بباحة كبيرة بها حديقة مميزة ظاهرة جدا من البوابة الضخمة بكل اركانها الجميلة. بقت منة تحدق عن قرب وحسناء تكلم البواب الذي فتح البوابة لهن لينتظرن عاصم بالداخل فقد أخبره انه سيصل بعد نصف ساعة بالهاتف الارضي المعلق بجانب البوابة، اقتربت صوفي من منة التى شردت بالزهور الخلابة قائلة بمرح "لم اتي الى هنا منذ فترة طويلة...* لم تلقي استجابة من منة التى سرقتها قدماها الى الداخل قليلا فعلمت صوفي انها قد سحرت بجمال الحديقة فبقت تنظر اليها وتخطو بجانبها حتى اردفت" هل يعجبك المكان هنا؟ " انتبهت منة لها فابتسمت بحنين قائلة بخيبة " فى منزلنا الكثير من الحدائق المماثلة لهذه ولكنها ليست مرتبة بهذا الشكل الجميل " التمعت عين صوفي بفضول فهي تريد ان تستفسر عن ماضيها اكثر فقالت بتركيز "سمعت من جدتي انك كنت تعيشين بالريف ..؟" "احيه ! انت لست معي خالص ! ، ماذا يشغلك لهذه الدرجة" كانت تريد ان تعرف المزيد عن حياتها الماضية ولكنها تتهرب فأردفت صوفي بحنق "اسمعي لا يمكننا ان نقترب اكثر فقد ترانا الساحرة وتوبخنا وانا لا اتحمل غرورها وكلماتها الساخطة " في تلك اللحظة ظهر ارنب صغير بوسط العشب فانتشلهما من تحدثهما من كثرة اللطافة التي يتمتع بها الارنب وهو يداعب انفه لهما فأردفت صوفي متناسية تماما ما كانت تحذرها منه "يا اللهي... لم ارى ارنب من قبل امام عيني كنت اراهم فى التلفاز انه لطيف جدا" "انه جميل جدا " هرعت منة مسرعةً الى الأرنب وعلى العكس تماما قابلها الأرنب بهدوء ، جثت صوفي على اقدامها مقابلة لمنة ليحدقا به بمشاعر ناعمة ورفرفة قلوبهما من لونه الابيض الخلاب وبأنفه الصغيرة الوردية تجعله يشتهيا قبلة ،انتبهت منه الى وجود المزيد من الأرانب فاقترابا اكثر منهم وهما ينحنيا بظهرهما لمشاهدتهم عن قرب ، ظهر فجأة امامهم فحرة بالأرض وسط العشب فكان هذا بيتهم وبقسمات فرحة قالت منة " لم اري من قبل ارنب بلون الزهري ،هل يكون مستورد" ضحكت صوفي على عفوية منة ترد بسخرية "انت حقا فصيلة" فضحكت منة على طريقة* ضحكات صوفي الرنانة الملفتة والمثيرة لسخرية ،فجأة أحسا باقتراب سيارة تمشي عن قرب* فأسرعت منة بوضع الأرنب الزهري بجيب بنطالها الواسع دون ان تنتبه صوفي التي انتفضت واقفة تلمح سيارة السيد عاصم بوصولها فهرعت اليه لكي يراها ويعطيها المال الذي تعودت ان تأخذه من صغرها منه حين يقابلها . وقفت منة تتابع جري صوفي بحذر ناحية السيارة ومن ثم طريقة سلامها على عاصم بهذه المودة فتساءلت هل تحبه حقا الى هذا الحد الذي يجعلها تنسى وجودها بلحظة !،اختارت ان تبقي مخفية وسط العشب حتي لا يرى الارنب* الذي يحاول ان يخرج من جيبها ، بقت تراقب من بعيد ولا يصل اليها ما يدور من حديث ،شعرت ان هذا الرجل مألوف جدا ولكنها لا تتذكر اين رأته ، تتساءل لما يربي هذا الرجل الغني الأرانب تحت الارض ، رأته شيء غريب عن المألوف . " لا تقلقي سأصل الى حل معها " "صدقنى سيد عاصم قال الطبيب ان جسدها لن يتحمل اى عملية جراحية ستموت بثانية وهى لا تستمع تراني مجرد هراء امامها ،ساعات أشعر أنها* تريد ان تهدم اي حيطة استند عليها بالمستقبل تعاملني كأنى السبب بما فعله ابي معها* " "اهدئي ياحسناء قولت اننى سأصل الى حل معها " ردت صوفي ببعض الخجل من عاصم" امي الموقف لا يستدعي ان تكوني عاطفية بهذا الشكل " كتمت حسناء غيظها قائلة بندم "اسفة سيد عاصم* ولكن الامر اصبح صعبا علي " ربت عاصم على ظهرها باطمئنان* قائلا " سأبحث لك عن عمل اخر بأجر جيد " ثم صمت قليلا قبل ان يضيف قائلا بفضول "الم يأتي زائر اليكن غريب بعض الشيء ؟" تفاجئت حسناء ان لميس لم تخبره بعد عن وجود امين ومنة بمنزلهن فعلمت ان الضربة التى ستقسم ظهر البعير بحوزتها الان ورغم شدة توترها ردت مسرعة "لا " فبادلها عاصم نظرات الشك لتضيف بتوتر شديد "اي زائر يا سيد عاصم* لاحد يأتي الينا سوا اصحاب الضرائب وانت تعلم " هز عاصم رأسه بإيجاب بخيبة أمل " ان اتي احد ما وقال شيء غريب عن المألوف اخبريني فورا " ردت بتلكؤ "حسنا حسنا " تأكدت انه يعبئ لأمرهما حقا وان كل ذلك بمصلحتها ،ومن الاساس لا يمكن ان تتكلم عن أمين و منة فقد سمعت تحذير امين لوالدتها لميس بألا تخبر اي شخص عن وجودهما معها ابدا. لم تعجب صوفي بطريقة والدتها ابدا ورأته شيء غريب خاصة وهي التي حكت لها ماضي جدتها نجلاء وقصتها مع عاصم وكم اعتبرته قصة حب مأساوية . رأت منة عاصم يركب سيارته ويذهب الى طريق الڤيلا الخاص به ،فخطت بتوجس ناحية صوفي التى كانت تبحث عنها بعيناها ولم تنتبه منة الى الذي كان يراقبها من اعلا الشجرة بانتباه من البداية . ...في سيارة الاجرة .. تأففت صوفي قائلة بغضب " هل نسي ان يعطيني مالا ،والله كنت بحاجتهم جدا** " حمدت حسناء الله ان عاصم لا يعرف شكل منة وانها كانت مشغولة بالحقل وسط الزهور ،كل ذلك جاء بمصلحتها بالأخير . حدقت صوفي بدهشة بالأرنب الذي اخرجته منة من جيبها قائلة بحماس " يامجنونة هل قمت بسرقته ."؟ ارجعته منة الى جيبها تخبئه في الحال حتي لا تراها حسناء الذي التفتت اليهما وهي بجانب السائق معتقدة انها قامت بسرقة وردة مثلا ،هي لا تعبئ وبتردد شديد قالت " منة ما حدث اليوم لا يمكنك ان تخبري أمين عنه ،ماشي؟" تساءلت منة بداخلها ولما سيهتم أمين بهذا الامر من الأساس فردت دون اهتمام . "حسنا ". لم يعجب صوفي ما يحدث امامها فبقت تحدق بوالدتها بغرابة اعتقدت انها ستقوم بتعريف منة على عاصم لهذا لم ترفض بالبداية ولم تعلق على ذهبها معهما ، أحست بالتعاطف الشديد على عاصم فلم تنسى مجيئه كل فتره اليهن يشحذ اي معلومة خاصة بجدتها نجلاء ،تحاول ان تفكر لما ؟ لم يأتي جواب بالنهاية سوي انها انانية منها ومن جدتها لميس وهل يفعلا ذلك مقابل معروفه ! فى تلك الاثناء ... دخل عاصم الى الڤيلا وجلس مضجعا على الفراش يفكر بكل المسؤوليات التى تعيق راحته ولكنه لم يتحمل ليذهب بالنوم بغفله . وبعد عدة دقائق دخلت عليه زوجته قائلة بصوت مزعج صرعه من النوم ليفيق مفزوعا " عاصم ...هناك زائر يريد مقابلتك بالأسفل* ،لم يعد ينقصنا غير ضيوفك الفلاحين " تأوه عاصم من شدة الألم بصدره اثر فزعه* وكان روحه خرجت ثم ردت بصدرة بقوة "يا الله* .. كم اخبرتك مئات المرات لا تصحيني من النوم ابدا " ردت وهى تخرج من الغرفة "تبا لك ولنومك " جز على اسنانه وبعض الندم الذي عهده يعود اليه يقتله فهل ترك بيت الرحمة والحنين والحنية كله لأجل الزواج من تلك الناشز والحصول على اولاد يشبهونها ، كان يخاف من الوحدة* وبأن يموت ولا يتذكره احد ، شعر بها حقا حين تركها هي ..! ليته كان انانيا وجعلها بجانبه تربي اولاده معه ،ربما كان ليكبرا سويا ولم تكن لتموت وهى بأحضانه . "استغفر الله العظيم يارب " عاد ليغفل بنومه ولكن فجأة جحظت عينيه حين ترددت كلمة ضيف على مسمعه فهل كان الضيف الذي ينظره طويلا ؟،قفز من على فراشه وذهب* الى رؤية الضيف بالأسفل ،دخل وقلبه يتواثب بالقلق ،ليري ما لم يكن يتوقعه ، بل أبى ان يتوقعه !. وقف اليه مقابلا له يرمقه بنظرات مليئة بالشر* "اين بنات اختي يا عاصم " * * * * * * (٣٢) استغلت الفرصة قبل ان يأتي أمين وذهبت بعد ان شعرت بيأس من صوت ضميرها ،فالرجل لم نري منه الا الخير هل يستحق تلك المعاملة ،علمت انه ينتظرهما من لمعة عيناه وهو يسأل عن ضيف* ،هي متأكدة بأنه يسأل عنهما ويا وجع القلب بأمين الذي يأتي متهالك من العمل لكي يعين شقيقته ،هي لا تحبه ابدا ولكن احوالهما صعبة ويحتاجان الى احد يعينهما و يساعدهما على تجاوز ايامهما الصعبة ،هي بدون امها ستكون هالكة لا محالة ،فشعور وحدتها وابيها بيعد عنها يقتلها ،ما بالك بيتيم الام والاب بالتأكيد ان الحياة ستهلكهما لا محالة ،ربما ان ساعدتهما وبادرتهما بالخير يتذكرونها ببعض الخير الذي سيقدمه عاصم لهما . ضربت الباب بخفة هامسة "منة، يا منة ، ان كنت تسمعيني افتحي الباب" مرت ثواني وكأنها دقائق فالخوف يلهب قلبها من ان تراها حسناء فقد حذرتها بشكل مبالغ بيه . وحين فتح الباب وقبل ان تنطق منة دخلت صوفي مسرعة وخافقها يتواثب بحنون ،هدئت من روعها وهي تضع يدها على قلبها* ، تنظر اليها منة بعدم فهم فجاء بخاطرها ما تخاف منه "مهلا! هل جئت لترجعي الارنب ؟ ،انه مجرد ارنب لن يعبئ به عاصم ارجوك دعيني أربيه " رفعت صوفي سبابتها على شفاه منة قائلة بهمس " وطي صوتك يا حمقاء ،اريد ان اخبرك بسر " "سر"! ردت مسرعة بتوتر " هل تعرفي من هو الرجل الذي رأيناه اليوم " "عاصم* زوج عمتك المتوفية " تنهدت بأسف " انسي ما قولته ..انه ..طليق* امك " ...يتبع .. |
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الرابع عشر
عبست ملامحها امام صوفي تفكر بالماضي وبما حكى لها شريف عن ماضي والدتها ،غريب ! فما ذكره لها كان رجلا فقيرا يعمل بالمواشي بالعزب وقام بتطليقها لأنه عاجز عن اعطاء حقوقها ،تتذكر آخر أيام نجلاء وكم كانت تخرف وهي غائبة عن الوعي بإسم عاصم دائما مقرونا باسم أمنية كم اوجعها الكلام المتقطع الذي تحاول امها جاهدة ان تقوله وتوصله لها بشكل واضح وهى لا تفهم شيء ولكن ما كان واضحا كلماتها المتقاطعة اثر نفسها الثقيل بألا تخبر شريف عن حقيقة أمنية . "يا بنتي اين ذهبتي ؟" خرجت منة من شرودها تسبل اهدابها بتوتر قائلة بغرابة " لا ...انه ليس هو ،طليق والدتي كان فلاحا وفقير " تريد صوفي ان تشرح أكثر ولكنها تخاف من ان يتم إمساكها فردت مسرعة قبل ان تبتعد وتذهب الى غرفتها بعد ان سمعت صرير باب الغرفة المجاورة "انا متأكدة مليون بالمئة ،لا استطيع ان اوضح اكثر ،وارجوك لا تخبري* جدتي وامي عما قولته ،سلام ،اراك لاحقا " نادت منة عليها بفضول معتقده انها بوابة لأسرار ماضي والدتها المجهول ،ولكن لما هي خائفة من لميس وحسناء ،هنا تأكدت ان هناك شيء كبير يعرفونه قد يهدد وجودهما هنا . رجعت منة الى داخل غرفتها واغلقت بابها بعد ان اشارت لها صوفي بأن تصمت وتدخل الى الغرفة ،و أول ما جاء بخاطرها.. الأشياء التي كانت تحتفظ بها والدتها بجيب حقيبة صغيره كانت تخفيها معها دائما تحت ملابسها بخزانة الملابس ورأتها منة فى بعض الاحيان ،لذا كانت اول شيء تأخذها معها وهي تهرب من العزبة ،هرعت تبحث عنها بين ملابسها* وما إن وجدتها قلبت بين محتوياتها حتي رأت الصور ، لمحت صورة لوالدتها بجانب فتاة عشرينية تشبه الى حد ما خالتها ،كانتا بعمر الزهور بالعزبة ومعهم شاب رافعا كلتا ذراعيه على اكتفافهما بلطف وكأنه يعانقهما بمحبة وهما سعيدتان للغاية ،تحاول ان تدقق بملامح الشاب ،انه لا يشبه بتاتا شريف كما ان شريف اصغر من نجلاء ولميس* بعدة سنوات ،ولا يشبه احد من اخوالهما ،فهل يمكن ان يكون عاصم لا تجزم انه هو فهي لم تري ملامحه جيدا حين كانت بمنزله، كان بدين قليلا باختلاف الصورة ان كان هو . عزمت على اخبار أمين بهذا الأمر ،ربما هذا الرجل يساعدهما او يضرهما ان علم انهما مع لميس ،كما ان نوايا لميس وحسناء ستكشف حقيقتهما بإخفاء امر عاصم عنهما. * * * * * * * * * (ظ£ظ£) كان يعمل أمين ليل نهار دون راحة تُذكر ،النوم هو المكافئة الوحيدة التي يحصل عليها بآخر اليوم أصبح اكثر طموحه هو الحصول على ساعات اكثر لنوم ،فشدة العمل والضغط المتراكم عليه أنساه نفسه وحتى اصبح يشفق على منة التى تحاول جاهدة ان تجد وقت وتتحدث معه فكلما يراها* ويجلس معها ما يلبث سوى لحظات ويرمي جسده على الفراش ، حتي جاء يوم الجمعة الذي انتظره ليجلس معها ولكن قد غلبه النوم بالصباح ولم يستيقظ الا بموعد الذهاب للعمل بالدكان مساءا ، يفكر بأن يتركه للفراغ قليلا لمنة ولكنه برغم كل المساوئ الا انه سعيد ان المال يجري بجيبه* ولن يحتاج لشيء وخاصة منة لن يجعلها تحتاج لشيء ايضا كل ذلك يهون عليه ساعات العمل الصعبة ،وتلك هي الضريبة التي يدفعها الرجال ،فلتنتظر منة قليلا حين يجد مأوي لهما ولن يجعلها تحتاج لتكلم معه . استأذن من رأفت ان يذهب مبكرا فلم يتأخر بإجابة طلبه ،بحق الرجل يعامله معامله حسنة حقا ،رغم الشك بماضيه والكلمات الغريبة التى اخبرها به قبلا عن قتل والده لوالدته من اجل خالته فهل كان يخرج سيناريو عليه حتي لا يشعر بتكبره ويري ان حالهما لا يختلف عن الاخر بمشاكل الاسرة . تنهد وهو يدخل من باب المنزل ويتمني الا ينام ويتحمل السهر قليلا حتي يجلس مع شقيقته ولو ساعة واحدة ، وكالعادة يدخل من باب المنزل ليرى صوفي واقفة امامه تحدق به بغرابة وكأنها تريد ان تقول شيئا وهو لا يريد ان يعطيها المجال لكي تتحدث معه ،رائحتها كالدخان* وكم يشمئز من وجودها حولهما وكم يشعر بالتهديد على شخصية منة منها فالبنت تحبها ولا يعرف كيف وهى مستفزة جدا ،صعد بسرعة الى الغرفة ولم يسمح لها بفرصة لكي تخبره بحقيقة الامر الذي يشغل بالها مع عاصم ،فعلمت ان منة لم تتكلم معه بعد ، همست بين نفسها " ما الذي يؤخرها الى ذلك الوقت ،مهلا هل خافت ..لا لا كانت لتأتي وتفتح معي الحوار* مجددا..،اف !" * * * * * * * **** . "اهلا اهلا حبيبتي ،الحمد لله انك مستيقظة " يهتف بها أمين مبتسما وهو يغلق باب الغرفة عليهما . "طبعا لا يوجد نوم فالامتحانات على الابواب ،وعندي منافس اريد ان اغلبه " ابتسم أمين بسعادة غامرة وهو يراها متلهفة على الدراسة* فقال يحمسها اكثر "من هي ..اخبريني ؟" رفعت منة حاجبيها بدهشة وقالت تلاعبه بالكلمات "ولما انت متأكد انها فتاة ،الا يمكن ان يكون فتى* مثلا؟" ضحك بمبالغة يحاول ان يخفى قلقه الشديد قائلا بجدية "انا متأكد ان اختي لا تصادق الشباب " "ولما لا ؟" نبضات قلبه تزادا خوفا عليها فقال بتماسك " لا لا يامنة لا تقتربي من اي شب يحاول ان يظهر لك ان الصداقة بين الفتاة والشب شيء عادي ،الرجل رجل والفتاة فتاة والعقول مختلفة " نظرت له متعجبة فأردف "الرجل لا يري بالفتاة الا شيء واحد يمكنها ان تقدمه له ، بعكس الفتيات عقلها متفتح جدا وبريئات* " تريد ان تناغشه قليلا ولكن عيناه مرهقة تتوسل النوم فقالت مغيرة للموضوع برغم انها تريد مشاركة عبئها معه بخصوص امر عاصم الا انها تشعر ان الوقت غير مناسب لتلك المناقشة ،فربما ينقلب الوضع معهما بتوتر وخوف من امر عاصم وهما عندهما ما يكفي لذا ستأجل امر اخباره بعد الامتحانات ،قالت مغيرة للموضوع" ليندا تدعي ليندا ،انها فتاة متفوقة جدا وعبقرية رياضيات " "معقول اشطر منك ؟" "اكيد " قام من مجلسه وقال بتشجيع وهو يربت عليها "لا تحكمي على نفسك الان ،اعرف انك افضل منها ، وسنعرف بالنتيجة " مالت منة راسها بإيجاب قائلة " هيا هيا فلتنام وانا سأدرس ،نتكلم لاحقا " جلس على الفراش قائلا وهو يحرك سبابته بالنفي. "لا لا اليوم يوما سأتحدث معك قليلا" فسألته وهي تحدق بالكتاب المفتوح امامها "حسنا ، كيف كان يومك ..؟"* لم تتلقي ايجابه فرفعت عيناها من على الكتاب لترى عينيه تغمض ثم تقاوم* فلزمت الصمت لم يمر سوي ثوان حتي دخل بالنوم تحت نظرات منة التي تفكر بأمره كثيرا تلك الأيام* وتريد مساعدته بتحمل العبء . * * * * * (ظ£ظ¤) "واخيرا انتهينا من المادة الاخيرة بالامتحان وبعد طول انتظار ،اخبريني* ماذا ستفعلين بالإجازة ها؟" تهتف بها ليندا متسائلة لصديقتها منة التى اصبحت بالأوان الاخيرة وبوقت قصير صديقتها الوحيدة الغالية ، ابتسمت منة ترد بقلة حيلة تنافي ملامحها المشرقة التى تبتسم دائما بالسراء والضراء وهذا ما اعجبت به ليندا كثيرا " انت لست غريبة ياليندا لن انكر واقول انني سأسافر الى مدينة سياحية مثل بنات الفصل بالحقيقة سأبحث عن عمل لكي اشارك بالمسؤولية التى تهلك كاهل اخي " ران الصمت لثواني وهما يتجولا بحوش المدرسة تحت اشعة الشمس الحارقة قبل ان تقطع الصمت ليندا قائلة " بالشخصية التي حكيتى لي عنها* فأنا متأكدة* أنه لن يوافق " "لذا لن اخبره ،سأعمل بالسر " "اوووه ،ما هذه الجراءة يا فتاة " "ساعات الحياة تجبرنا على فعل اشياء ليست من شيمنا " "اعلم هذا الشيء " توقفت منة عن المشي بدهشة فبادرتها ليندا " لا لا تعلمي يا ليندا . فالتشكري الله لديك أم واب يحبونك وايضا حياة لا بأس بها " تنهدت ليندا بأسي قائلة* " رغم المعاناة التي مررتى بها ،اتمني حقا لو اكن مكانك " جلست منة على الارض وحملقت بليندا طويلا دون كلمه فقط الأسي والحزن قد شكل قسماتها فتغيرت ملامحها فأضافت ليندا " هل يعقل ان تكون حياتك اسوء من حياتي* ؟لا تنظري الي بتلك الطريقة المبالغة ،انت لا تعرفي بما يراني الناس وكم يخجل مني ابي وامي واخواتي فى اي تجمع هل هناك شيء اسوء من ذلك* ،انت جميلة وملامحك بريئة الكل يحاول ان يتحدث معك وهذا فى حد ذاته نعمة كبيرة ،المال ليس كل شيء يا منة ،اعتقدت انك ذكية " لقد فقدت عذريتي على يد خالي ،كانت تريد رمي تلك القنبلة بوجه ليندا ولكن لم تستطع ان تهتف بها* ،فجلست منة على الارض تحدق بالشمس الساطعة بتحدي ،فبادرتها ليندا وجلست بجانبها تتفحصها* بعيناها التى لا تتوقف عن الكلام وشفتاها مقيضة لا تتحرك ،فجأة التفتت اليها منة أرادت ان تتكلم وتخرج بعض الجروح ورؤية رد فعل ليندا* ولكنها فشلت فعانقتها منة طويلا اختتمته ببعض قطرات الدموع التي هربت من مقلتيها . "لا تبكي ارجوك..،انا اسفة منة " "تلك المعاناة التى اخبرتك عنها كانت عشرة بالمائة من البلاوي التى اعيشها ،فانا لم اخبرك بكل شيء " ربتت ليندا على ظهرها ،ولم تجد ما تقوله لها فندمت على كلماتها . وبعد مرور الوقت وقد ذهب كل الطلاب من المدرسة ولم يشعرا بالوقت رغم حرارة الجو والصمت الذي يعم المكان ، بغتةً صدر رنيت رسالة اشعارات بهاتف ليندا فتصفحتها* ثم جال بخاطرها فكرة فقالت بحماس تقطع جو الحزن والكأبة التي أحدثتها "اسمعي ما رأيك ان اخذك بجولة بمنزلي صدقيني سيعجبك المكان .." بصوت مرهق ردت منة "لا لا انا متعبة جدا لم انم طوال الليل " قالت ليندا بإصرار مقاطعة لكلامها "لا لا لن اتركك اليوم صدقيني لن تندمي وانت قولت بلسانك اني لست غريبة " "لم اتعود ان اذهب الى مكان دون ان اعرف امين " ابتسمت بسخرية محبوبة بملامحها الطفولية " بدليل انك ستعملين دون علمه " "ارجوك يا ليندا.. ، وبعدين ماهو المميز بالذهاب الى بيت احد ،البيوت جدارن* كالسجن تماما " ردت ليندا بثقة "هششش ... لن اتركك حتى تيجي معي .." باستسلام ذهبت مع ليندا التى امسكتها بيديها الصغيرة تسحبها معها الى السيارة التي تقف تنتظرها منذ ساعتين تقريبا وراء بيت خلف المدرسة ،ركبت بجانب صديقتها وتأنيب الضمير* يلح عليها ويفرض اليها الامثال بإن عاد أمين مبكرًا من العمل وسأل* صوفي عنها ،وصوفي كانت قد رأتها تجلس مع ليندا واخبرتها انها ستذهب بمفردها اليوم ،ان علم امين بذلك سيوبخها ويأخذ على خاطره وهو يكفي عليه حمولته من الهموم فقط تخطى حاجز المساكين ،هل ستجعله يشيل همومها السخيفة بعودتها الى البيت بمفردها هي الأخرى . "توقفى عن التنهد ...لن يكتشف ابدا ....ام انت خائفة من ان اقوم بخطفك مثلا ..." حدقت منة بها بتوتر ،فعبست ليندا تردف " حقا ..؟ انت موسوسة جدا" لم تعلق منة عليها فأردفت ليندا بعد ان زفرت "توقفى عن الهبل ..لقد وصلنا .." التفت الى نافذة السيارة فدهشت من مكان منزل ليندا فهو فى حي الاغنياء . فقالت بدهشة"هل انتم اغنياء الى ذلك الحد ؟" ضحكت بسخرية من شدة سعادتها بأنها لأول مرة تدخل صديقة لها بيتها ،فكم تمنت منذ طفولتها ولو كان لها صديقة واحدة تريها غرفتها وألعابها ويخرجان برفقة بعضهما البعض بين الحين والأخر* ،لا تنكر ان هناك من حاول ولكنهم كانوا خبثاء جدا وقد اضروها من اجل مصلحتهم "هل ستحسدينني الآن " تغيرت ملامح منة من الدهشة الى الصدمة بعد ان نزلت من السيارة ورأت تلك الع¤يلا التى دخلتها قبلا مع صوفي لمقابلة عاصم على مقربة من ع¤يلا ليندا مع اختلاف ان بيت ليندا اكبر واكثر فخامة . رأتها ليندا شاردة تنظر الى الع¤يلا التي بجانبهم فقالت بتفاخر "هذا منزل أونكل عاصم ..وتلك الع¤يلا المقابلة ملك لاونكل رشيد ،نحن ننحدر من عائلة ثرية يا بنتي* " ازدردت منة ريقها بصعوبة من شدة التوتر فردت بصوت متوتر بعض الشيء " هل هو عمك على طول ام يقرب لوالدك من بعيد .." ".ومن يهتم اصلا ان كان قريبنا من بعيد ام شقيقه فنحن لا نراه الا بالمناسبات .." لم تعطي اجابة تشفي توتر منة ولكن ما طمئنها قليلا هو كلامها ومن يهتم ان كان اخيه ام قريبه بالفعل فلا احد يعرفها ،ايضا تأكدت من ردها انهم ليس على علاقة ودية فذلك الرد لا يظهر اي محبة اتجاهه. . حاولت ان تخرج التوتر فهي ضعيفة وحالتها لا تسمع لكل ذلك القلق فقد تأتيها حالة الصرع ، حاولت التذكر ان كانت قد اخذت دوائها بالصباح ،فارتاح بالها حين رجعت ذكرى وضع حبة العلاج بفمها من قبل امين قبل ذهابه للعمل ،شعرت بالخيانة فهمست "اسفة يا حبيبي والله ". تناست كل شيء حين دخلت الى الع¤يلا ورأت فخامة المكان من عمدان طويلة واثاث جميل ورقيق ايضا ،وكأن من يعتني بالديكور فنان حقا ، قالت بغرابة " ان كنتم اغنياء جدا* ،لما تدخلي مدرسة مجانية لا تشبه مستواكم ؟ " "حقا ! لا تعرفي " * * * * * * * ***** في تلك الاثناء كان أمين يعتني بنظافة المدرسة ويتمني ان تدرس شقيقته هنا فاهتمامهم الشديد بالنظافة والعمل من ناحية فريق التدريس والتدريب لهو ممتاز ،لو كان فقط يملك المال الوفير لن يتردد للحظة لجعلها تدرس هنا ،على الاقل سيكون المكان قريبا جدا من المنزل وتكون بقربه وامام عيناه . وهو يكنس الطريق المرصوف الطويل الفاصل بين حوش المدرسة وبناية الفصول و المتنزه الخاص بالمدرسة لمح المديرة تمشي باتجاهه فتوقف عن الكنس حتي لا يدخل الغبار بعيناها وبملابسها الراقية همس بغرابة " لديها قوام شابة وهى بعمر الخمسين ،بالتأكيد تدفع مبالغ طائلة للحفاظ على بشرتها وجسدها ،من الواضح انها مرفهة وتعمل لأجل تضيع الوقت " وما ان وصلت إليه سألته باهتمام " ما رأيك بالعمل معنا يا امين " نعومتها بالسؤال لم يعجبها فهل تعطف عليه بنعومة حروفها لأنها تشفق عليه . عينيها بها لمعة تجعل بدنه يقشعر تلك السيدة غريبة تتلون كالحرباء التي لا يعرف معدنها الأصلي ، وهو لن يجازف بمعرفة اصلها ،رد باقتضاب " ليس سيئًا سيدتي ،الحمد لله على كل حال " لم تعجبها إجابته الباردة لا تعرف من الاصل لما ذهبت اليه حين لمحته قبل ذهابها الى المنزل ، لم تشعر بنفسها وهى تقول بعد ان تذكرت تلك الاشياء التي تحتاجها " ما رأيك ان تساعدني بحمل بعض الحاجات الى بيتي " بعض الكلمات التي تحرك مشاعر جوارح الجسد كالحواجب والشفاه والعين تظهر المعدن الحقيقي* ،بدأ يشك* بنوايا تلك السيدة فرد عليها بكل أدب " اسف سيدتي انا لدي عمل أخر بعد انتهائي من الكنس وقد تأخرت بالفعل " تسمرت بمكانها لم تتوقع تلك الاجابة منه ،تحاول ان تغير من شخصيتها الرخيصة ولكن جسدها يأبى ومع وصولها الى الخمسين وكبر اولادها زاد الامر سوءا وهي التي كانت تعتقد انها مع الكبر ستهدأ ،بعض الاحيان تشعر انها محظوظة لأنه لم يكتشف احد حياتها الثانية السرية* التي تنافي القيم والاخلاق* . عضت شفتها تحاول كتم الغضب امامه فاستدارت دون رد وذهبت بطريقها الى خارج المدرسة* ،فانجذابها لمراهق أصغر من أبناءها حتى ،يجعلها تغضب وتجن فكيف لها ان تفكر بالتقرب منه ،* فهل اكتشف ذلك من محاولة صغيرة لا يوجد بها اي نوايا بعد . همس امين بين نفسه بغرابة " هل ما افكر به صحيح ...لا لا ؟! لا يمكن ! اعتقد انني فهمت خطأ نشأتي بالريف تجعلني أرى الامور معقدة ،يجب ان اخذ كل شيء بصدر رحب الناس هنا متفتحين .." يتبع... |
الساعة الآن 01:07 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية