1 ـ خبيرة أم مشـاكسة
1 ـ خبيرة أم مشـاكسة http://www.kazamiza.com/lopez/Rmad/14.gif ـ يا ولدي العزيز , هل فكرت جيداً بالموضوع ؟ كان وجه السنيورا لوشيا كالـﭭـاني مليئاً بالاهتمام وهي تنظر إلى ابنها الذي كان يقفل حقيبة ثيابه . منحها ابتسامة سريعة حملت من الدفء أكثر مما تحمل لأي شخص آخر , لكنه لم يتوقف عن العمل : (( وماذا هناك لأفكر فيه ؟ أنا على أي حال أفعل ما طلبته أنت مني , يا أمي )). فقالت بتشكك أمومي : (( كلام فارغ , أنت لا تفعل إلا ما يناسبك )). ـ هذا صحيح , ولكن ما يناسبني كل ما يسرك . أنت تريدين أن أتزوج حفيدة صديقتك , وأنا رأيت ذلك مناسباً . ـ إذا كنت تعني أن الفكرة أعجبتك , قل هذا , ولا تخاطب أمك وكأنك في اجتماع مجلس إدارة . قالت هذا بحدة فتقدم يقبل خدها : (( آسف ولكن ما دمت أقوم بما تتمنينه , فلا أدري ما هو سبب قلقك هذا )). ـ عندما قلت إنني أود أن تتزوج حفيدة إيتا , كنت أعني أولمبيا , كما تعلم جيداً . إنها أنيقة , رشيقة , محنكة , وتعرف كل الطبقة الراقية في روما , ويمكن أن تكون خير زوجة . ـ لا أوافقك الرأي , فهي فتاة عابثة تفتقر إلى النضوج . أختها أكبر منها سناً وأكثر رصانة كما فهمت . ـ لكنها نشأت في إنكلترا , وقد لا تتلكم الإيطالية . ـ أكدت لي أولمبيا أنها تتحدث الإيطالية . كما أن اهتماماتها ثقافية , ويبدو أنها ستناسب متطلباتي . ـ تناسب متطلباتك ؟ قالت الأم هذا بذعر : (( من تتحدث عنها هي امرأة من لحم ودم وليست مجموعة أسهم )). فهز كتفيه : (( إنها مجرد طريقة في الكلام . هل نسيتُ شيئاً لم أضعه في الحقيبة ؟ )) . وأخذ ينظر في أرجاء الغرفة السابحة في شمس ذلك الصباح المتألقة التي كانت تتسرب من نافذة الشرفة . خرج ليتنشق الهواء النقي ويمتع ناظريه بمشهد (( جادة فيتيتو )) . تطل شقته القائمة في الطابق الخامس من هذه البناية البديعة على كاتدرائية (( سانت بيتر )) ونهر التيبر . توقف لحظة يتأمل تألق أشعة الشمس على الماء . كان يفعل هذا كل صباح , مهما كان انشغاله . ولربما أثار هذا دهشة العديد من الأشخاص الذين يعتبرونه مجرد آلة حسابية . أما بيته من الداخل فيعزز تحاملهم هذا عليه . فرغم أن الأثاث كان غالياً , إلا أنه يدل على البساطة , ويبدو بامتياز بيت رجل مكتفٍ بنفسه . اختيار السكن في وسط روما يناسب تماماً شخصية ماركو , لأن قلبه وعقله وكل وجوده كان رومانياً . كما أن طول قامته ومظهره وسماته المتغطرسة تجعله منحدراً من سلاسة ملوك . وليس مستبعداً أن يكون واحداً منهم ! أوليس أصحاب المصارف العالمية هم الملوك الجدد ؟ يبلغ ماركو الخامسة والثلاثين من العمر , وهو يتفوق على كل معاصريه في دنيا المال والشراء والبيع والمعاملات . . . فذلك بالنسبة إليه أشبه بالهواء الذي يتنفسه , وليس من باب المصادفة أن يتحدث عن زواجه المترقب بتلك الطريقة العملية التي بثت الذعر في نفس أمه . وما لبث أن منحها أكثر ابتساماته سحراً : (( أمي , أعجب لجرأتك على تعنيفي بينما أنت التي اقترحت علي هذا الزواج )). ـ حسناً , على أحدهم أن يتدبر أمر تزويج أفراد هذه الأسرة . عندما أفكر في ذك العجوز الأحمق في البندقية الذي خطب مدبرة منزله . . . ـ أظنك تعنين (( بالعجوز الأحمق )) عمي فرانسيسكو , كونت كالـﭭـاني ورأس أسرتنا . فقالت باتزان : (( كونه (( كونت )) لا يمنعه من أن يكون عجوزاً أحمق , وكون غويدو وريثه لا يمنع من أن يكون شاباً أحمق حين يريد أن يتزوج من فتاة إنكليزية . . . )) . فقال ماركو يغيظ أممه مداعباً بطريقته الجافة : (( لكن دولسي من أسرة ذات لقب , وهذا مناسب جداَ )) . ـ الأسرة ذات اللقب التي خسرت أموالها بسبب استهتارها . لقد سمعت أشنع القصص عن اللورد مادوكس , ولا أظن ابنته أفضل منه كثيراً . ـ لا تدعي أياً منهما يسمعك تنتقدين حبيبتهما , فهما في حالة من الهيام قد تدفعهما لفعل أي شيء دفاعاً عنهما . ـ أنا لا أقصد أن أكون عديمة التهذيب . لكن الحقيقة هي الحقيقة . على شخص ما أن يقوم بزيجة حسنة , ولا أحد يعرف ماذا سيفعل ذلك الخجول المرتبك في توسكانيا . هز ماركو كتفيه وقد أدرك أن أمه تعني بكلامها ابن عمه ليو : (( ربما لن يتزوج ليو مطلقاً . ما من نقص في الفتيات الراغبات به في المنطقة . وربما لهذا السبب , يقوم بعلاقات قصيرة عابرة . . . )). فقاطعته بحزم : (( لا حاجة بك لعدم التهذيب في التعبير . إذا لم يشأ أن يقوم بواجبه , فهذا يمنحك سبباً أكبر لأن تقوم أنت بواجبك )). ـ حسناً , أنا ذاهب إلى إنكلترا لأفعل هذا , إذا ناسبتني المرأة . ـ هذا إذا ناسبتها أنت . هي لن ترتمي على قدميك . ـ سأعود إليك إذن وأخبرك بفشلي . لم يبد عليه الانزعاج لهذا الاحتمال . سبق له أن عرف بعض النساء اللواتي لم يتأثرن به . أولمبيا , طبعاً , رفضته . لكنهما كانا كأخٍ وأخته . قالت أمه وهي تتأمله محاولة أن تتبين ما يفكر فيه : (( أنا قلقة عليك , أريد أن أراك في بيت سعيد , بدلاً من تضييع وقتك سدى في علاقات تافهة . لو تزوجتما أنت وأليساندرا كما كان ينبغي عليكما , لكان لديكما الآن ثلاثة أولاد )). ـ لم نكن ملائمين , ولنترك الكلام في هذا الموضوع . قال هذا بصوت رقيق لكن نبرة التحذير لم تكن خافية . فقالت لوشيا على الفور : (( طبعاً )). فعندما يحسم ماركو أمراً ما , تفضل أمه ألا تلح عليه . ـ حان وقت ذهابي , لا تقلقي يا أمي . كل ما في الأمر أنني سأقابل هارييت ديستينو , وأكون عنها فكرة . فإذا لم تعجبني لن أذكر لها شيئاً . ولن تعلم هي شيئاً عن الأمر . * * * عندما هبط بطائرته في لندن , لاحظ ماركو أنه يتصرف على غير طبيعته . فهو أساساً ممن يمعنون التفكير في الأمور , لكنه الآن يتصرف باندفاع . هو رجل منظم ويعيش حياة منتظمة , وهذا برأيه سر النجاح والثبات والاستقرار . فالعمل الصحيح يُنجز في الوقت الصحيح . عندما كان في الثلاثين من عمره , كان سيتزوج فعلاً لو أن اليساندرا لم تغير رأيها . لكنه سرعان ما أخمد هذا التفكير . فقد انتهى كل ما يتعلق بخطبته العقيمة , وكونه جعل من نفسه شاعرياً أحمق , أصبح من الماضي . والرجل الحكيم تعلمه التجارب , لــذا لن يكشف عن مشـــاعره مــرة أخرى أبــداً بذلك الشكـــل . لقد راقه اقتراح أمه بالزواج , إذ سيــجــد لنفسه أسرة من دون أن يورط قلبه في ذلك . وصل إلى لندن عند العصر فنزل في الجناح الذي حجزه في فندق الريتز , ثم أمضى بقية النهار أمام الهاتف , يراجع المعاملات التي تحتاج إلى تدخله الشخصي . ظل يعمل حتى الثالثة صباحاً . ثم ذهب إلى فراشه ونام حوالي خمس ساعات أفادته كثيراً . وهكذا أمضى ليلته قبل أن يقابل المرأة التي ينوي أن يتزوجها . * * * تناول فطوره قبل أن يتجه سيراً على الأقدام إلى (( غاليري ديستينو )). وإذ عين الوقت بالضبط , فقد وصل عند التاسعة إلا ربعاً , قبل بدء دوام العمل , ما سيمنحه فرصة يكون فيها فكرة عن المكان قبل أن يقابل صاحبته . وما رآه نال استحسانه , فقد كان المتجر جميلاً . ورغم أنه لم ير سوى القليل من التحف المعروضة من خلال الشبكه الحديدية على واجهة المحل , إلا أن ما رآه بدا له مختاراً بشكل جيد يعكس بشكل واضح صورة هارييت ديستيتو العاقلة والأنيقة , فابتدأ يشعر نحوها بالدفء . غير أن ذلك الدفء تبدد قليلاً عندما مرت الساعة التاسعة من دون أن يطل أحد ليفتح المتجر , يا لانعدام الكفاءة ! واستدار فاصطدم بشخص صرخ : (( آخ )) . ـ المعذرة . والتفت ليرى شابة مرتبكة تقفز على الرصيف ممسكة بقدمها , ثم تقول مجفلة : (( لا بأس )) . كانت على وشك أن تفقد توازنها لولا أن أمسك بها . ـ شكراً . هل كنت تريد الدخول ؟ ـ نعم لكنك تأخرت عن موعد فتح المحل . ـ آه , نعم . هذا صحيح . انتظر لحظة ! لدي المفتاح . أخذت تبحث عن المفاتيح , وأخذ هو يتأملها , فلم يعجبه فيها شيء . كانت ترتدي بنطلون جينز وسترة صوفية عاديين جداً , وعلى رأسها قبعة صوفية زرقاء تغطي شعرها كلياً , قد تكون شابة , وربما جميلة أيضاً . . . ولكن من الصعب معرفة ذلك ما دامت تبدو كعامل بناء . لا بد أن هارييت ديستينو بحاجة ماسة إلى موظفة , لنستخدم هذه المرأة . وبعد وقت بدا له دهراً , سمحت له بالدخول . ـ لحظة واحدة , ومن ثم أعود إليك . قالت هذا وهي تلقي أغراضها جانباً , وتفتح الشبكة الحديدية . ـ كنت أرجو , في الواقع , أن أقابل صاحبة المتجر . ـ ألا أنفع أنا ؟ ـ لا مع الآسف . جمدت الشابة فجأة , ثم رمقته بنظرة متوترة وقد تغير سلوكها بأكمله : (( طبعاً , كان علي أن أدرك هذا , يا لغبائي ! كل ما في الأمر أنني كنت أرجو أن تتأخر قليلاً . نعم , كنت أرجو أن تتأخر قليلاً . . . آسفة لأن الآنســة ديستينو ليست هنا حالياً )). فسألها بصبر : (( هلا قلت لي متى تكون هنا ؟ )). ـ ليس في وقت قريب . لكنني أستطيع الاتصال بها . ـ أيمكنك أن تخبريها بأن ماركو كالـﭭـاني جاء لزيارتها ؟ فقالت متظاهرة بالجهل : (( من ؟ )) . ـ ماركو كالـﭭـاني , إنها لا تعرفني لكن . . . ـ أتعني أنك لست مبعوثاً من المحكمة ؟ فأجاب بإيجاز وقد تحولت نظراته غريزياً إلى بذلته الفاخرة : (( لا , لست من المحكمة )) . ـ هل أنت واثق ؟ ـ أظنني كنت سأعلم لو أنني كذلك . فقالت بذهن شارد : (( نعم , طبعاً كنت ستعلم . ثم أنت إيطالي , أليس كذلك ؟ لكنتك مميزة . لكنها ليست قوية جداً لذا فاتتني في البداية )) . فقال ببطء ووضوح : (( أنا أفتخر بمهارتي في اللغات الأجنبية . والآن هلا قلت لي من أنت ؟ )) . ـ أنا ؟ آه , أنا هارييت ديستينو . ـ أنت ؟ ولم يستطع أن يخفي نبرة الخيبة التي بدت في صوته . ـ نعم , ولم لا ؟ ـ لأنك سبق وأخبرتني بأنك لست هنا . ـ أحقاً ؟ آه , لا بد أنني أخطأت فهمك . قالت هذا بنبرة غامضة فحدق إليها متسائلاً إن كانت مجنونة أو مجرد مختلة . خلعت قبعتها الصوفية , تاركة شعرها الطويل ينسدل على كتفيها , وعند ذلك أدرك أنها تقول الحقيقة لأن شعرها كان شبيهاً بشعر أولمبيا بكثافته ولونه . إنها المرأة التي يفكر في اتخاذها زوجة له . تنفس بعمق وحذر , وكانت هارييت تراقبه مقطبة الجبين : (( هل تعارفنا من قبل ؟ )) . ـ لا أعتقد ذلك . ـ وجهك يبدو لي مألوفــاً . ـ لم نتعارف قط من قبل . أكد لها ذلك وهو يفكر في أنه لو رأي هذا الوجه لتذكره حتماً . ـ سأعد القهوة . دخلت إلى مؤخرة المتجر ووضعت الإبريق على النار مغتاظة من نفسها لهذه الفوضى التي أحدثتها بالرغم من تحذير أولمبيا لها . لكنها كانت شبه مقتنعة بأن ماركو لن يعبأ بالحضور ليراها , ثم أنها كانت منشغلة بدائنيها بحيث لم تجد وقتاً لتفكر في أشياء أخرى . لم يكن لهارييت مثيل في خبرتها بالتحف الأثرية , فـــذوقــها رفيع تأخذ به المؤسسات الإجتماعية المهيبة . لكنها , بشكل ما , لم تستطع أن تحول مهارتها هذه إلى فوائد تجارية تفي بها الديون المتراكمة . انتهت القهوة فعــادت إلى الواقع . لم تكن تريد بأي شكل أن تكشف عن ضائقتها المادية لهذا الرجل . وإذا به يظهر فجأة بجانبها فشرد ذهنها للتشابه , أين رأته قبل الآن يا ترى ؟ لقد وعدت أولمبيا بألا تدع ماركو يشتبه في أنها على علم بحضوره , لذا كان التظاهر بالغباء الطريق الأسلم . فقد اكتشفت مؤخراً أن الناس يصدقون دائماً من يتظاهر بالغباء . ـ لماذا تريد أن تراني يا سيد . . . كالـﭭـاني , أليس كذلك ؟ ـ ألا يعني اسمي شيئاً ؟ ـ آسفة , ولكن هل من المفترض أن يعني شيئاً ؟ ـ أنا صديق أختك أولمبيا . ظننتها قد ذكرت لك اسمي . ـ نجن أختان غير شقيقتين , ولا نرى بعضنا كثيراً . كيف حالها هذه الأيام ؟ قالت هذا بشكل عفوي , فأجاب : (( مازالت اجتماعية ورائعة الجمال , أخبرتها بأنني أريد أن أتعرف إليك عندما أحضر إلى لندن . وإذا كنت توافقين يمكننا أن نمضي هذه السهرة معاً وقد نذهب لحضور مسرحية ما ونتناول العشاء معاً فيما بعد )) . ـ هذا جيد . ـ أي نوع من المسرحيات تحبين ؟ ـ كنت أحاول أن أحصل على تذكرة لمسرحية (( الرقص على الخط )) لكن المقاعد قد نفذت , والليلة هو العرض الأخير . ـ أظن أن بإمكاني الحصول على تذكرتين . فقالت بذعر وقد أنبها ضميرها : (( إذا كنت تفكر في شرائهما من السوق السوداء , فإن ثمن التذكرة مرتفع جداً )) . فقال باسماً : (( لن أحتاج إلى اللجوء إلى السوق السوداء )) . نظرت إليه بما يشبه الرهبة : (( أيمكنك أن تحصل على مقعدين لهذه المسرحية بظرف دقيقة ؟ )) . فقال بشي من السخرية : (( لا يمكنني أن أعرض نفسي للفشل الآن , لكن دعي الأمر لي , سأمر لاصطحابك عند الساعة السابعة )) . ـ حسناً . يمكننا أن نذهب إلى مسرحية أخرى . ليس لدي مانع . فقال بحزم : (( بل سنذهب إلى هذه المسرحية بالذات . أراك الليلة )) . فقالت بشبه ذهول : (( إلى اللقاء )) . استدار نحو الباب ثم عاد فتوقف وكأنه تذكر شيئاً : (( بالمناسبة , هل لك أن تثمني هذه لي )) . ثم أخرج من جيبه لفافة قماش فتحها أمام عينيها المتشوقتين , كاشفاً عن قلادة رائعة فريدة من نوعها أخذتها برفق وحملتها إلى مكتبها حيث أضاءت مصباحاً قوياً . قال ماركو : (( لدي صديق في روما خبير في هذه الأشياء . برأيه أن هذه إحدى أفضل القطع الأثرية الإغريقية التي رآها في حياته )) . فقالت من دون أن ترفع عينيها : (( إغريقية ؟ كلا . إنها (( أترورية )) من بلاد (( أتروريا )) القديمة غرب إيطاليا )) . لقد نجحت في اختبارها الأول , لكنه أخفى سروره وعاد يضغط عليها : (( هل أنت واثقة ؟ صديقي خبير حقيقي )) . فقالت متنازلة : (( قد يكون التفريق بينهما صعباً , لكنها من صنع صاغة (( أتروريا )) في العهود القديمة )) . انطلقت في الحديث إلى حد لم يعد يستطيع إيقافها , وكانت الكلمات تتفق من فمها كسيل دافئ فأصغى إليها بإعجاب متزايد . قد تكون غريبة الأطوار نوعاً ما , لكنها السيدة المثقفة التي يتمناها , هذه التحفة الأسطورية ملك لأسرته منذ مئتي سنة , وهي (( أترورية )) فعلاً , وقد ميزتها هي تماماً . ثم نسفت إعجابه بقولها بأسف : (( ولكن ليتها كانت أصلية ! )) . فحدق إليها : (( بل إنها أصلية )) . ـ لا , مع الأسف , إنها نسخة ممتازة عن الأصل . من أفضل النسخ التي رأيتها . ويمكنني أن أفهم لماذا انخدع بها صديقك . . . ـ لكنك لم تخدعي أنت بها . قال هذا شاعراً بانزعاج غير منطقي لتشويهها سمعة ( صديقه ) الذي لا وجود له أصلاً . ـ لطالما تملكني اهتمام غير عادي في صناعات (( اتروريا )) . قالت هذا مسمية المقاطعة التي أصبحت فيما بعد مدينة روما والأرياف المحيطة بها : لقد زرت الحفريات هناك منذ سنتين , فكـــانت من أروع . . . )) . ـ وهل هذا يؤهلك لإبداء رأيك بهذه القطعة ؟ قاطعها بقوله هذا وقد هزم غيظه تهذيبه . ـ إسمع , أنا أعلم ما اتحدث عنه وبصراحة , ( خبيرك ) هذا لا يحسن التفرقة بين (( الإغريقي )) و (( الأتروري )) . ـ لكنها حسب قولك , زائفة . وهذا غير ممكن . ـ إنها نسخة . وصانعها نسخها عن قطعة أترورية , وليس إغريقية . أذهله التحول الذي بدا في عينيها . فقد ذهبت تلك الشابة الغريبة الأطوار التي اصطدمت به عند الباب , لتحل مكانها امرأة منتقدة فولاذية واثقة لا تتساهل في آرائها . وكان سيعجب بذلك لو أنها لم تكن تحاول أن تمحو مليون دولار من ثروته . ـ أتقولين إن هذه لا تساوي شيئاً ؟ ـ آه , ليس تماماً . لا بد أن الذهب يساوي شيئاً . كانت تتكلم كأنها راشد يسترضي طفلاً خائب الأمل . فصرف بأسنانه وقال ببرودة : (( هل لك أن تشرحي رأيك ؟ )) . ـ يُنبئني حدسي بأن هذه القطعة ليست أصلية . ـ أتعنين حدس المرأة ؟ ـ كلا طبعاً . لا شيء من ذلك . حدسي مبني على المعرفة والخبرة . ـ وهذا يبدو لي اسماً آخر لحدس المرأة , لم لا تكونين صادقة وتعترفين بذلك . التهبت عيناها بشكل رائع : (( يا سيد . . . مهما كان اسمك , إذا كان حضورك إلى هنا هو فقط لكي تحرجني , فأنت تضيع وقتك سدى . وزن هذه القلادة خفيف . والقلادة (( الأترورية )) الحقيقية أثقل منها وزناً و . . . )) . لقد شردت مرة أخرى وأخذت الحقائق والأرقام تتدفق من فمها بسرعة وثقة وتحكم في الموضوع . ما عدا أنها كانت مخطئة تماماً , كما أخذ يفكر عابساً . إذا كان هذا مستوى خبرتها فلا عجب في أن عملها فاشل . وقـــال محـــاولاً إرضــاءهـــا : (( حسناً , حسناً أنا واثق من أنك على صواب )) . ـ أرجوك لا تسايرني . وعندما هم بالجواب , راجع نفسه , متسائلاً أين ذهب ذكاؤه . لم يكن في نيته أن يدعها تفقده أعصابه . الهدوء هو درعه الأفضل , وبه يصل إلى النصر . لقد قام بمعاملاته , ونظم حياته تبعاً لمصلحته . وإذا بها تنسف كل ذلك في خمس دقائق . قال بشيء من الجهد : (( سامحيني . لم أقصد أن أكون غير مهذب )) . ـ لا بأس فأنا أفهمك نظراً إلى حالة الفقر التي تركتك فيها . ـ لم تتركيني في حالة فقر ما دمت لم أوافق على تثمينك للتحفة . مدت إليه القلادة وهي تقول بلطف كاد يثير سخطه : (( أفهم ذلك . عندما تعود إلى روما , لم لا تسأل صديقك أن يعيد النظر إلى هذه ؟ ولكن إياك أن تصدق كلمة مما يقول لأنه لا يفرق بين (( بلاد الإغريق )) و (( أتروريا )) )) . ـ سأمر لاصطحابك من هنا عند السابعة . قال لها هذا بابتسامة متوترة . * * * نهاية الفصل (( الأول )) . . . http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image408.gif |
يسلمووووووووووووا يا قمر
بانتظار الباقي ومشكوووووورة كتير علي التنسيق والصور الحلوة سوري بس أيقونة الشكر اختفت من عندي لي عودة اما ترجع |
أعتقد كده أن هارييت مجنونة وهتجنن ماركو معها http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13398825041.gifوكمان ماركو شكله كده مش أهون منها يالا خلينى معاكى ومعاهم لغاية لما نشوف مين هيجنن مينى تسلم أيديكى زوووز |
شكراً عطـــــراً
اقتباس:
العفووووووو يا الغلا . . فديتك على هالذوق شكرك وصل من غير أي ايقونه كفايه الطله و المرور العبق برائحة التألق سلمتي . . . ودي وعبق وردي http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif |
سلمتي صديقتي
اقتباس:
الله يسلمك . . . ما شفتي شيء من هارييت على فكرة اليوم أنا طنشت الكتابة واندمجت مع القراءة وكده أنـا راح انزل الرواية وأنا متأكده إنها رووووووعة الرواية عجبتني كثيراً . . . وخاصة وأنا أكتشفت إني قرأت الجزء الأول يوم سقط القناع . . . ما عندي صبر عشان اقرأ الجزء الاخير للسلسة فقط كوني متابعة . . . سلمتي صديقتي http://sl.glitter-graphics.net/pub/3...snc62vx577.gif |
الساعة الآن 03:52 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية