ما من مجال لهذا . . لقد كانت فوليت حكيمة ، وخرجت من حياة دانيال عن قناعة . . ولن تكون ابنتها أقلّ قوة في إرادتها منها . وتصلبت لقرارها هذا لتقول بصوتٍ جاهدت لتجعله عادياً:
- هذا غير مهم . . لأنني لن أتزوجك ، لا الآن ، ولا أبداً . . لن ينجح زواجنا . سألها بنعومة : - لماذا إذن كنت تخرجين معي ؟ قالت بصوتٍ حادٍ : - لأنني أهواك كالمجنونة . . لكنني لن أتزوجك . منتديات ليلاس ساد صمت كالذي يسبق الزلزال الذي يدمر الأرض زاحفاً بالموت . . وتشابكت يدا ناتالي أمامها . غرزت أصابعه في كتفيها ، وتديرها لتواجهه . . بدا وكأنه يريد قتلها تبرق عيناه في وجهه . . وبشرته مشدودة فوق عظام برزت فجأة . أغمضت عينيها مترقبة . . وساد صمت رهيب . . وفتحت بعد قليل عينيها لتنظر إليه . لكنه كان قد لختفي دون أن تشعر أو تلاحظ خروجه. انتهي الفصل السادس |
7 – الحب لا يكفي
مرت ساعات طويلة على تركه لها ، كانت مستلقية على الفراش ، تحدق في سقف الغرفة يحاول دماغها المرهق بجهد تفهّم ما يحدث . لماذا يجب أن يكون هذا الرجل بالذات الذي يجعلها من دون شجاعة ، أو تفكير ، أو إرادة ؟ إنها تستلقي الآن في السرير الكبير، والدموع تنهمر لا تحل شيئاً مع ذلك لا يمكنها منعها . . كانت تتقلب حين تغلب النعاس عليها ، دون ارتياح ، وأنفاسها تخرج بشكل شهقات صغيرة فوق الوسادة . منتديات ليلاس هبت في الصباح ريح تئن بشدة من الشرق ، عابقة برائحة المحيط العاصف . أخذت بيتسي تتجول بقلق قرب الباب ، وأذنيها تستديران في كل اتجاه ، وقالت ناتالي لها : - هذا جيد لك . . تعالي ، أين قوة احتمالك ؟ وضعت لها القيد في طوقها ، ثم ارتدت معطفها . . أمر غريب ، يكاد قلبها يتحطم مع ذلك فهي تتابع روتين حياتها وكأن كل شيء يسير على ما يرام . . وترنحت ، في الحديقة العامة ، الأغصان العارية من أوراقها لتنحني متصلبة أمام الريح . . لم يكن من داعٍ لتشجيع بيتسي على الركض ، لأن جسدها كان يتحرك ذهاباً وإيلباً . وحاولت ناتالي أن تحذو حذوها في لعبها ، لكنها لم تنجح . أحست بالتعب سريعاً ، وقررت مراجعة الطبيب . . حاولت أن تتذكر اسم الطبيب الذي عالجها من وعكتها الأخيرة ، لكنها لم ترغب أن |
تتعامل معه لكونه طبيب تشاد . وقررت أن تسأل السيدة مونرو عن طبيبها .
- إنه الدكتور هنتر . . إنه لطيف جداً . وأرشدتها إلي عيادته الكائنة في ىخر الشارع . نظرت إلي وجه ناتالي المحمر من لفحة الريح . - هل استعدت عافيتك بالكامل عزيزتي ؟ أيجب أن تمرّني بيتسي ؟ سأكون سعيدة لو فعلت هذا عنك . قالت ناتالي لجارتها بامتنان : - لقد كنت لطيفة جداً معي . . وأظن أن هذه النزهات تفيدني أكثر مما تفيد بيتسي . - صحيح . . معك حق. لكن لا تبالغي . ابتسمت ناتالي : - أعدك أن لا أبالغ . لكن كان أمامها طلبات يجب أن تلاحقها ، من أجل الوفاء بمصاريف معيشتها . هكذا انكبت على الخياطة إلي أن آلمها رأسها ، وشربت فنجان قهوة ، وأخذت معه قرصين قاتلين للألم ، ثم عادت إلي العمل . اتصلت قبل منتصف الصباح بقليل بعيادة الطبيب وحددت معه موعداً . أجفلت حين أخذ جرس الهاتف يرن ، ونظرت إليه وكأنها ستفقد عقلها قبل أن تلتقط السماعة . . وكان تشاد ، الذي سأل بحدة : - مع من كنت تتكلمين ؟ ابتلعت ريقها بصعوبة : |
- مع محل ، لأقول لهم إن طلبهم سيتأخر قليلاً.
كان الكذب صعباً عليها ، لكنها لم ولن تستطيع ، أن تخبره عن موعدها مع الطبيب . - لا تعملي جاهدة . . فأنت لم تشفي بعد تماماً ، وتعرفين هذا . صمت قليلاً ، ولم تقل شيئاً ،فأكمل : - أنا مسافر بعد الظهر . . ولا أعلم كم سيطول سفري ، لكنه لن يكون لأكثر من أسبوع . سأتصل بك حين أعود . إنها بداية الهجران . . وأحست بقشعريرة برد اضطرت معها للسعال لتجلي حنجرتها . - فهمت . . تمتع بوقتك . منتديات ليلاس بدا متحفظاً : - أشك في هذا . . اعتني بنفسك ناتالي . . ماذا ترغبين أن أجلب لك معي ؟ جعلت لهجته السخرية في صوته رأسها يرتفع ، وقالت ببرودة: - لا شيء . . شكراً لك . . أنتَ فقط. ضحك : - أوه . . سأعود إليك . . إلي اللقاء في الأسبوع المقبل إذن . قبل أن يتشكل الردّ في رأسها ، أقفل السماعة ، وأخذت سماعتها تردّد رنين الفراغ في يدها .اشتاقت إليه . . هذه كلمات سخيفة تصف فيها الفراغ المرير للأيام التي تلت . . لكن العمل منعها من قضاء كل دقيقة صحو تتشوق إليه . . هكذا عملت طوال النهار وفي أغلب الأوقات ساعات طويلة من اليل ، لكنها كانت كل صباح ، يتملكها إحساس |
جديد بالنقص . وحلمت به كثيراً . . كانت أحلام خسارة ووحدة وخوف ، إلي درجة أنها كانت تستيقظ مرتجفة باكية.
أدركت ببطء . . ما فعلته حين كاشفته برفضها الزواج منه . إنها تحبه ، مع ذلك أدارت ظهرها لهذا الحب . . واستخفت به . وبهذا خسرت فرصتها لتغيير مشاعره نحوها إلي لا شيء سوى المرارة ، التي تجعل كل أيامها باردة ، والمستقبل لا يحتمل . . منتديات ليلاسآلمها الآن أن تتذكر كلمات أمها عن الحب : " إنه مقوّم أساسي وجيد جداً للحياة ويزيد بريق الحب برابط الزواج . . لكن لا تشعري يوماً أنه الشيء الوحيد الضروري . . يجب أن يكون هناك الاحترام ، الحنان ، ومجموعة اهتمامات مشتركة . . وتذكري دائماً أن هناك العديد من الرجال ، الذين يثيرون كل هذا فيك ". تنهدت ناتالي وهي تتذكر ، تسند رأسها على يدها . ربما فوليت على حق . سيتواجد ربما رجل في المستقبل يمكن أن يلهمها الحب مرة أخرى . . لكن في هذه اللحظات ، وقلبها يتضوّر شوقاً لتشاد ولوجوده معها . .فهي تشك في هذا كثيراً . همست بيأس : عدّ إلي . . عد إليّ حبيبي ! كانت حين عاد ، تستعد للخروج مع بيتسي وكان يوم سبت ، وقد مضى على غيابه عشرة أيام . . وتوقفت أمام السيارة تنظر إليه ، لينقلب قلبها رأساً على عقب . استقام مبتسماً بعد أن داعب بيتسي واستكانت ، وتقدم إلي ناتالي المسمرة بالباب ، وعيناه اللطيفتان مسمرتان على وجهها . - تبدين وكأنك كنت تعملين بمشقة وجهد . . |
الساعة الآن 07:41 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية