رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
يتحدث عن الغضب : الغضب , وما أدراك ما الغضب , تلك الحالة التي تصيب الأنسان وتظهر قبيح سريرته , تعمي بصيرته قبل بصره لاينظر شيئا حينها عدى غيمة سوداء أمتزجت في البياض خبث , موهمتا صاحبها بأن الحق يرى ولايرى سواه , تجره إلى نارا شاسعة تفوق البحر عمق وعرض , تسيره فوق أشواك حادة ظنها ورودا ناعمة , كل ذلك في لحظة قصيرة قد لاتتعدى ثوان , يندم حسرة بعدها لما قال وفعل . صفة ذميمة لم يمتدحها أحدا قط , من يلومهم على ذلك , فمن تلبسته تلك الآفة أنتهى به الحال أم قاتل أو ظالم أو حاقد أو نادم , أو أشياء كثيرة تسلك طريق حالك الظلمة ينقطع جحيم آخره , تعدد الغضب وتعددت أنواعه وأسبابه . هناك وجهة نظرا نادرة , أعجبها ذاك الغضب ومايخلفه , ربما لسوء خلق عايشه , أو ظلم تعرض له , أو حق سلب منه , أو شيئا داخله لايعرفه غيره , فكل قاعدة ولها مايشوبها كما نعرف , قد يغضب البعض لأشياء لاتمت للواقع بصلة , هم كثيرون , كمن تجمد دمه بعروقه لضياع هجمة فريق يشجعه منذ الطفولة ويعشقه , تجده مستفز غاضب تكاد قرون تخرم رأسه كي تخرج , لشيء لن يغنيه أو يسمن جوعه , وآخر تصيبه حالة جنون تخيف من سكن الأرض وتحتها حين سمع بشخص يكرهه ترقى في وظيفته . غضب من نوع آخر لا أعرف أين تلبد بداخلي , حسبته جميل وأظنه كذلك , قد يبرر لصاحبه بل تجبره أن يستشيط غيضا , فكل فعلا وله رد فعل , كمن يغضب على شاب يتراقص بين الناس في الشارع أو السوق أو مكان غيره بلا حياء أو خجل , أو رجلا أستولى على أموال أيتام صغار يقربونه لحما ودما متناسي (أما اليتيم فلا تقهر), هنا تكون مرغما على الغضب حتى لو كرهته وذممته , وإذ لم تفعل تكون كمن قست قلوبهم حتى أنتزع منهم أيمان ورحمة . دعوني أذكر لكم نماذج وأحداث وأفعال وصفات ترآءت لي بأنها تستحق كل ذلك , بعضها أختبىء في عالمنا , والبعض الآخر ليس كذلك , قد توافقوني وربما لا , على أية حال , كلها ووجهات نظر وما أكثرها بيننا . ذاك الغضب من عالمنا أسمعوه بضمائركم : - أغضب على من يتبجح في شاشة التلفزيون متباهي بشياطينه اللعينة قائلا بأنه يعالج المرضى بالسحر ويشفي الناس والميئوس منهم بالشعوذة . - أغضب على من يمتلك مطاعم كثيرة وفنادق ضخمة وأطفالا صغار بلا رغيف خبز يعيشون ولا مأوى . - أغضب على رجلا قتل الناس ونكل بهم رافع راية الدين لترفرف فوق ضحية لاتدري (بأي ذنب قتلت) . - أغضب على فتاة لاتستحي تذهب بلدا آخر تعرض نفسها للجميع بأبتسامة وقحة بلا حياء أو خجل من دينها الذي نجسته ومجتمعها الذي باعته ولباسها الذي بدلته . - أغضب على قوم أغتصبوا أرض وشعب قتلوا أطفالهم ونساءهم وشيوخهم ومثلوا بجثثهم وجرجروها , ليته ذاك فحسب بل حرقوا الحرث والنسل والحجر والمجر . - أغضب على طبيب أو شبه طبيب يحمل شهادة كبيرة أنقذ بها أرواح وأزهق أخرى من أرقى الجامعات ختمها مايعيبها فقط أنها شهادة مزورة . - أغضب على ممثلا أو مسرحي يناقش قضايا الناس والمجتمع , يحل مشاكلهم , يبرأ بوالديه , يساعد الفقراء والمظلومين , بينما واقعه الذي يعيشه وحقيقته , عكس ذلك تمام , بل هو أسوء الناس خلقا وطباعا . - أغضب على أب قاس أو مسخ قبيح يضرب أبنه الصغير بلا سبب يصفعه ويركله . - أغضب على مجتمع ملئه الحقد والكراهية والحسد , عداوة بين الناس وتعصب تعدى خطوطه الحمراء , عقيدة فرقتهم مذاهب وجهل سبب حرب قذرة . أنتظروا لحظة كي تعرفوا غضبي ذاك وماقلت عنه من عالم آخر : - أغضب على رواية قرأتها وعايشتها , غصت في أعماقها وأحداثها تعاطفت مع شخصياتها أحببتهم ببساطتهم ونيتهم , ضحكة وأبتسامات مافارقتهم حتى النهاية السعيدة التي توقعتها بلا صدفة أو دمعة أو حتى كلمة آه بقسوة . - أغضب على فيلم أختطف صغيره عذب وأغتصب أحتجز أعوام في مكان ما بلا نورا أو شيئا يؤنس , هرب كبيرا ينتقم , قتله المخرج الأحمق بالصدفة , حيث أصابته طلقة رصاص طائشة . - أغضب على بيت من الشعر سمعته مرة لاوزن فيه ولا أدب أمتدح الرجال وبطولاتهم , أختزل الحياة خلف ظهورهم , يذم ويستهزء بنصف مجتمعه الآخر ناسي من حملته وأرضعته ووضعت قدمها فوق جنته وناره . - أغضب على كتاب كرهته ورميته لم أعرف ما بداخله فلسفة كالفيزياء لايفهمها أحد أو هكذا ظنها المؤلف على الأقل , كتب في آخره : أنظروا إلى فلسفتي وشدة تعقيدها . - أغضب على رياضي لاعب كرة ضيع ركلة جزاء في دقائق أخيرة بخر حلم ملايين يشاهدونه , يدعون لأجله ويصلون , أرتسمت على محياه أبتسامة ما أظنها ألا خبيثة . فرغت غضبي الآن وألجمته , قولوا لي ماذا أستفدت , لاأعلم , عدى صوت بداخلي صم آذاني وأزعجني يصرخ فيا ويصرخ لايريد أن يسكت , أستمعت بصمت لما يقول , تفاجأت إذ به يسألني : حسنا تكلمت عن الغضب , بما أحسست , أسعيد الآن , هل شعر بك أحد , لقد دققت مسامير بقسوة داخلي , سوف أنزعها لكن تذكر , بأنها ستترك أثرا لن ينمحي , قلت لها : أعذريني يانفس , قد أخطأت ولن أكررها , فلن أغضب بعد اليوم من أحد , ألا ذاك اللعين الذي يتكلم عن الغضب . (يتبع لاحقا) ... |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
سأضيف خطابين آخرين لفرانك , - الأول : يتكلم عن المشاهير وعالم الشهرة بشكل عام - الثاني : يتحدث عن الأشخاص الذين يصرخون أثناء نقاشهم مع الآخرين يتبع .. |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
خطابه في الشهرة : ماذا تريد من ذلك , أتصنع أسما لنفسك , أو مكانة في المجتمع , أم مال وفير في حسابك , أخبرني , لأنني لم أفهم حتى الآن , أتحب السير في الشوارع والجميع يلتفون حولك ويلتقطون صورك , أنه الغرور الزائف يارجل , تتخلى عن مبادءك وقيمك التي تربيت عليها وعشتها مذ كنت صغيرا تحكمك قناعاتك , لاتهان أو تصفع , تحط من قدرك وكرامتك من أجل ماذا , كي تطل على الشاشة بكل زيفك وتخبر الناس أكاذيب يعرفونها لكنهم يجاملونك , مجرد التفكير في ذلك يجعلني أضحك ساخرا , فالجميع يعاملك بعقليتك الصغيرة , يصفقون لك زورا وبهتانا , وكأن البهرجة جمعتكم والخداع تغلغل وسطكم والسطحية أصبحت موضوعكم الرئيس . أتظن نفسك مثلا يحتذى به , حقيقة الأمر بأن الأهل في بيوتهم يخبرون أولادهم ألا يكونوا مثلك قدوة , فأنت بالنسبة لهم مجرد مرفه قذر , يعيش عالة على نفسه وأدبه وأخلاقه إن كنت تملكها , تقول أشياء وأكاذيب كتبها أناس غيرك , خجلوا من عارهم فباعوه لكم وأحتفظوا بكرامتهم في منازلهم , المجتمع تدمر بسببكم ليس لشيء , فقط لأنكم تريدون أن تجمعون مالا لاتشبعون منه ولاتملون , فالمال فوق الجميع وتحته وداخل جيوبه , لو أضطركم ذلك أن تضحوا بأغلى مالديكم أبنا أو فتاة أو حتى زوجة . أخترعتم بدعا وأنتجتم خرافات حجتكم الأنفتاح والتطور , أفلام في أحلام , موضة في فوضة , مسلسل في تململ , طرب في كرب , أهذا مابشرتمونا به , أم حفنة حمقى يجلسون خلف طاولة يقيمون صوت ذاك وذاك , جمهورا غبي صدقكم , أحدهم ينبح وآخر يعوي وثالثهم بأنكر الأصوات ينهق , الجميع يطارد أحلاما تشبه سراب ماء وسط صحراء , يخطط حين يصل ماذا سيفعل , كيف سيغط رأسه , وكم سيروي عطشه , يصدم بعدها ليصحى في عالما غير حلمه , كذاك السراب , إذ لا شهرة دخلها ولا حظ تبسم , يلعن حظه ويسب الآخرين , يلقي اللوم على حقدهم وحسدهم , يظن الكذب والضحك على الذقون لعبة سهلة , لم يدري هذا المسكين ماستكلفه , تحتاج شخصا لايستحي يفعل مايشاء ويشتهي . حتى الأطفال والعواجيز أبتلوا بذلك , الجميع يريد العبور من تلك البوابة , الجميع يبحث عن الخلود المزيف , الجميع يبحث عن المجد الضائع , الجميع يخبرنا بأن لديه شيئا مميز ليقدمه للعالم , أنها اللعنة التي أصابت الجميع , أنها الشهرة يارجل . |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
خطابه في النقاش والصراخ : مابك تصرخ ياهذا , أتظن بصراخك تخيف , جاهلا لن تقنعه , ثق بي , فكل صراخك لايفيد , أما تناقش بأدب أو دعك من قلة الأدب , حوار تصرخ , نقاش تصرخ , ويحك , حتى سؤالا تصرخ , ألا تتعب أو تزهق , يكفيك تزعق . دمرت كل جميل وكل أدب , حتى أحترام معك لاينفع , أخرس يارجل أخرس , صراخك يذكرني بسخافة الكلاب صدقني , ينبح ينبح حتى يفيخ , يعلم نباحه لايفيد , أما معك أكون أو تصرخ , قانونا غبي تطبقه , ليته ينفع أو يقنع أو يرفع , يسقطك ويذمك , ألا تعرف كيف تحدث وتكلم , وجهة نظرا لديك , قلها حللها أثبتها , لكن لاتصرخ . تجلس على طاولة تصرخ , من خلف الباب تصرخ , حتى مع الأطفال تصرخ , خلق وأخلاق ألم تتعلمها , أما درست كيف تحاور , لسانك لايتعب , قلبك لايضعف , أوتظن صراخك بطولة , ويحك , ملئت قلبي قيحا , أي قيح , أنت أسوء يارجل , قولهم الذي قالوه , اللبيب بالأشارة يفهم , والحر يفهم والعبد غير ذلك . ثرثرة لاتنفع , أنت أنت أنت , ثم ماذا , أخبرني , أتريدنا نصدق , لن نصدق , لو فعلت مافعلت , أحترم تحترم , تأدب مع من يجلس أمامك أو من يشاهدك , دعك من هذا , فلتستحي ممن يسمعك , لكن لاذنب لك , مجرد سفيه أحمق , من يكلمك ويناقشك يلام , فلا تستحق , وضيعا غبي من ظنك أهلا لذلك , لم يستمع بضميرا أو يتعمق حين قرأ , خاطبت عالما فغلبته , وخاطبت جاهلا فغلبني . (يتبع لاحقا) ... |
رد: فرانك المعتوه : خطاباته وأحاديثه
أضيف قصة أخرى يتبع .. |
الساعة الآن 05:31 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية