يسيسلموا أديكى يا قمر
|
بسم الله الرحمن الرحيم الراوية تجنننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن ارجو الا تتاخرى فى اكمالها :55::rdd25hn7::98yyyy::98yyyy::98yyyy:
|
أتفقا على أن يلتقيا في اليوم التالي في مقهى قريب من سانتا كلارا , نهض ساشا واقفا بعد أن لاحظ أنه نسي ساعة يده في الفندق وذهب للبحث عنها , ولما أصبحا وحيدين سألها كارلوس:
"لو رفض ساشا تلبية دعوتي , ماذا كنت ستفعلين؟". " لكنت غيّرت رأيي , ببساطة". " وبرغم اوعد الذي قطعته عليك , ما دمت مسؤولا عن المخيّم ؟ ألا تحترمين وعدي؟". " لا تنس أنك أضفت تقول : ( فقط عندما تعلمينني , أنت بالذات , أن عفتك أصبحت ثقلا عليك, لو وافقت على المجيء , في هذه الشروط , لربما أعتقدت أنني غيرت رأيي ". " لقد نسيت هذا الشرط". " لكن أنا لم أنس". ولحسن حظها كانت ترتدي نظارتيها وبالتالي لا يمكنه أن يلمح الحزن الذي ملأ عينيها , آه , كم هو جميل أن تتناول الغداء برفقة كارلوس , تحت الشمس , على شرفة هذا المقهى , في مدينة غرناطة الأسطورية , لو كانت أبتسامته حنونة وغير ساحرة.... ولو كان يشعر نحوها بشعور أقوى من الأنجذاب الجسدي آه نعم.... لكان ذلك رائعا........ كان كارلوس يقود سيارته بسهولة وقدرة هائلة برغم كثرة المنعطفات الضيقة , وأحيانا كان يتوقف على جانب الطريق ويترك لهما مجال الأستمتاع بالمناظر الخلابة , وكان كارلوس قد أحضر معه صندوقا مليئا بالحلوى وبعض السندويشات وأعد له سندويشا في داخله طعاما أسود اللون , فقالت صوفيا: " لا بد أن طعمه لذيذ". " أنا أكيد أن هذا النوع من الطعام لا يمكنك تذوقه". " كيف تستطيع التكهن بذلك؟". مدّ اليها السندويشة وقال: " حاولي أذا أردت". بعد تردد تناولت قطعة صغيرة وكان ينظر اليها بسخرية , ما يمكن أن يكون في داخله؟ شيء حار يحرق الفم ساعات طويلة؟ الداخل يشبه مقانق بنية غامقة , أخيرا وضعتها في فمها وراحت تمضغها , ثم قالت: " آه , أنها لذيذة الطعم!". سألها بفضول: " صحيح؟". " نعم! ما هذا الذي أكلته؟". " ( بوتيفارا نيغرا) أنه نوع من المقانق العادي لكن الخبز قد غمّس بزيت الزيتون وعصير الطماطم". " كنت تعتقد أنني أكره زيت الزيتون , أليس كذلك؟". " أنها الحال مع معظم الشعب الأنكليزي , تصورت أنك تفضلين أكل الحلوى.......". " هذا يدل على أن الأنسان يتصرف أحيانا بتفاهة لأنه يتخذ رأيه مسبقا حول الناس وفي غالب الأحيان يكون هذا التصوّر المسبق خاطئا مئة في المئة". " أنت على حق , في كل حال , ليست هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالخطأ أتجاهك". " لكن قطع الحلوى تبدو رائعة , سأتذوق تلك المصنوعة بالجوز". وبدأت سفوح الجبل تتغلف بالعشب القليل , وكلما أرتفعوا كلما أصبح الهواء منعشا وقويا , أخيرا وصوا الى بناية طويلة تستعمل في الشتاء كفندق لأيواء المتزلجين عندما تختفي الصخور تحت الثلج الكثيف. قرروا النزول في الفندق ولمّا أعطاه موظف الأستقبال قلما ليسجل على السجل أسماءهم , تذكرت صوفيا بغصّة الأهانة التي تحملتها في الميرامار , هل ما زال كارلوس يتذكر هذه الحادثة؟ أعطاهم الموظف المفاتيح , حمل كارلوس حقيبته وحقيبة صوفيا , وتوجه الثلاثة الى السلم , وفي منتصف الطريق , شعرت صوفيا فجأة بدوار , فتعلّقت بالدرابزين ثم أتكأت على الجدار , كان تنفسها متقطعا. قال لها كارلوس بصوت واثق: " لا تخافي , هذه ردة فعل الأرتفاع الشاهق , نحن على علو ثلاثة آلاف متر , ومن المستحيل تسلق السلالم بسرعة , ألا بعد مرور وقت معين يتعوّد فيه الجسم على تحمل العلو والتكيف معه". " آه , أي أحساس رهيب!". هدأت دقات قلبها شيئا فشيئا فقال لها كارلوس: " كان يجب عليّ أن أحذرك". أعطى ساشا حقيبته ومدّ ذراعه حول خصر صوفيا ليساعدها على تسلق السلالم الباقية , فهمس ساشا بصوت لاهث وهو يصعد وراءهما: " وأنا أيضا أشعر بفرق العلو". " لكنني لم أسمع أن أحدا مات من هذا الأرتفاع!". رمقته صوفيا بنظرة سريعة , كان يبتسم وشعرت أنه مسرور لأخذها بين ذراعيه , ولما وصلا أبتعدت عنه وقالت: " شكرا , أشعر بتحسن ملموس , الآن". غرفتها الواسعة كانت تطل على منظر ساحر للجبال البيضاء , ومن بعيد كانت ترى غرانادا , أخذت دوشا بسرعة ولفت جسمها بمنشفة بيضاء سميكة , ثم سمعت طرقا على الباب: " من الطارق؟". " كارلوس". ترددت ثانية قبل أن تفتح محاولة الأختفاء قدر الأمكان وراء الباب". سألها كارلوس للحال: " هل أخرجتك من الحمام". " لا , لا , كنت قد خرجت لتوي , ماذا في الأمر؟". " ربما هذه السترة الصوفية تكفي لتقيك البرد , خاصة أذا قررت التنزه بعد الظهر , لا شك أنك لم تجلبي معك ثابا دافئة عندما جئت الى غرناطة؟". " بالطبع , لم أكن أتوقع هذه الرحلة , شكرا جزيلا , لكن.... هل عندك سترة غيرها لك؟". " نعم , نعم , لا تقلقي". |
أغلقت صوفيا الباب وعلّقت السترة الكحلية المصنوعة من الكشمير وشعرت بالخجل لأنها ترددت بضع ثوانلتفتح له الباب وهي في هذه الهيئة.
وبعد الغداء صعدوا الى ( عذراء الثلوج ) أنه تمثال حديث وضخم بني على قمة صخرة عالية , وكانت صوفيا متكوّرة في دفء سترتها الناعمة , تتنشق بأمتنان النسيم المنعش الذي يرعش النباتات الصغيرة المعلقة بالصخو. ولما عادوا الى الفندق كانت الشمس قد غابت , فأقترح كارلوس عليهما الأستراحة في صالون الفندق المريح , وراح الرجلان يطالعان الصحف بينما كانت صوفيا حالمة تحتسي فنجان قهوة مع الحليب الساخن , لا شك أنها غطت بالنوم لفترة قصيرة , ولما فتحت عينيها كان كارلوس وحده قربها. " أين ساشا؟". " صعد الى غرفته ليستريح وربما ينام قليلا.....". " أظن أنني سأفعل مثله". " ولم لا ؟ كوني حاضرة في التاسعة لنتناول طعام العشاء هل هذا يناسبك ؟". صعدت السلالم ولما وصلت الى غرفتها , وقبل أن تغلق الباب , ألتفتت وراءها ورأت كارلوس قرأ مجلة محلية , لماذا أنقبض قلبها؟ بماذا كانت تأمل؟ أن يصر عليها في البقاء معه؟ تمددت في سريرها وفتحت كتاب ستيفنسون , وبعد قليل وجدت المقطع الذي كانت تبحث عنه : ( ..........ذلك لأن هناك صداقة تزوّد شعورا بالطمأنينة والهدوء الى درجة أنها تصبح أحيانا وحدة كاملة , العيش مع الحبيبة في الهواء الطلق هي الحياة الأكثر كمالا وحرية). في الثامنة والربع رنّ جرس الهاتف في غرفة صوفيا , فكانت موظفة الأستقبال تصل بها لتوقظها , وفي التاسعة وجدت كارلوس يستقبلها في الصالون برفقة ساشا , كان العشاء رائعا ومتينا ولم تقدر صوفيا على أكماله برغم شهيتها القوية , بدت صامتة ومتأملة , فقال لها كارلوس: " أراك هادئة , هذا المساء , يا صوفيا". أنتفضت وأجابت وهي ترفع كأسها على شفتيها: " ما زلت متأثرة بالأرتفاع". وبعد العشاء , راح الرجلان يلعبان الشطرنج , بينما فضّلت صوفيا قراءة مجلة فرنسية وأحتساء عصير البرتقال الطازج , وأخذت تطرح أسئلة عديدة على نفسها : بعد غد , سيرحل كارلوس بعيدا , ماذا كان حدث لو بقيت معه في الميرامار؟ أين كنا أصبحنا الآن ؟ هل كان سئم مني ؟ حتى السعادة العابرة لم تعد مسألة يمكن تجاهلها .....عندما أصبح بعمر عمتي روزا , ألن أشعر بالندم والمرارة لأنني قاومت كارلوس؟ في الحادية عشرة , قررت أن تذهب الى النوم بينما كان الرجلان ما يزالا يلعبان الشطرنج. قال لها كارلوس بعد أن نهض عن كرسيه: " أنا متأسف , فلم نهتم بك كما يجب". " أنا ناضجة كفاية كي ألهو وحدي". قال بجفاف: " لا أسك بذلك , لكن هذا لا يعذر تصرفاتي السيئة , هل لديك ما تقرأينه قبل النوم؟". " نعم , شكرا , تصبح على خير , تصبح على خير , يا ساشا". نعم لديها كتاب ( الرحلات في أسبانيا ) لغوتيه .... لكنها تسلية لا قيمة لها .... لا يمكنها أن تبعد عن ذهنها التفكير بكارلوس وبرحيله القريب , يا ألهي , كم ستشتاق اليه! أفاقت صوفيا في صباح اليوم التالي على زوبعة مطر تهز نافذة غرفتها , كانت الساعة السابعة , وكان المطر ينهمر بقوة عندما نزلت الى غرفة الطعام. منتديات ليلاس كان الفطور مؤلفا من قهوة وحليب وخبز وزبدة ومربى , ومن وقت الى آخر كانت أشعة الشمس تمزّق سماكة الغيوم , كأن الطقس بدأ بالتحسن ومن دون سبب رفعت صوفيا فجأة نظرها نحو الدرابزين الفاصل بين غرفة الطعام والصالون , ففوجئت بكارلوس واقفا قرب السلالم , ينظر اليها , تهيأ لها أنه يحدق فيها منذ بضعة دقائق , فتشابكت نظراتهما وأشار اليها بحركة صغيرة وتوجه نحوها . " صباح الخير , هل نمت جيدا؟". " آه , نعم , لكن المطر أيقظني في السابعة ". جلس أمام الطاولة , فجاءت الخادمة في الحال حاملة أبريق القهوة وفنجان وحليب وسكر على صينية ووضعتها على الطاولة. قال كارلوس بعد أن أبتعدت الخادمة : " لا شك أنها تعتقد أننا متزوجان ". " ليس من الضروري أن يتناول الزوجان الفطور معا؟". " لك كما رأتك عابسة ولم تبتسمي لي بلطف كما يجب , تصورت أننا متشاجران .... ها هي آتية مع الخبز المحمص , ألا ترين أنها تطرح على نفسها الأسئلة بخصوصنا ؟". قالت صوفيا خافضة العينين : " ولماذا لا نقول لها أذن أننا لسنا متزوجين ولا متشاجرين؟". فرفع ذقنها ببطء وحدّق فيها وقال بلهجة تلين لها الحجارة : " ذلك لأنه من أبسط الأمور أن تريني أبتسامتك الحلوة العادية". بدأ قلب صوفيا يخفق في جنون , لكن ذلك لم يدم طويلا , وصلت الخادمة حاملة الخبز المحمص وبعد لحظات كان ساشا جالسا معهما , بقيت صوفيا جالسة لكن عقلها كان شاردا............ |
قال كارلوس:
" لقد فكرت أنه بدلا من العودة من الطريق نفسه , بأمكاننا أن نسلك الطريق الآخر من الجهة المعاكسة". قالت صوفيا متعجبة: " أعتقدت أن الطريق تنتهي في القمة؟". سأل ساشا: " ومتى تنويان الرحيل؟". نظر كارلوس الى ساعة يده وقال: " متى تصبحان جاهزن , والأفضل أن نذهب باكرا". بعد عشر دقائق وتحت سماء ملبدة بدأت رحلة العودة , عاصفة أخرى تنذر بالوقوع , تمثال ( عذراء الثلوج ) كان رماديا تحت الغيوم السوداء التي كانت تبث نورا غير محدد. وعلى الطريق يفطة تنبّه السائقين بأن طرق الشمال يمكن أن تسلكها فقط الآليات الخفيفة وسيارات الجيب , مع بعض التحفظ , فقال كارلوس بعد أن خفّف سيره ونظر الى صوفيا : " أذا كانت هذه الطريق تخيفك , فلسنا مضطرين لأخذها , بأستطاعتنا العودة كما أتينا ( ببساطة)". سأل ساشا: " هل تعرف الطريق جيدا ؟". " نعم , أنها صعبة , لكنها غير خطرة .. ماذا , يا صوفيا , أنا بأنتظتر جوابك". " أنا أثق بك كليا , كسائق محترف". أكمل كارلوس طريقه بعد أن همس بأذن الفتاة قبل التركيز في القيادة : " لكن , كسائق فقط..... أليس كذلك؟". النزول المثير دام حوالي ثلاث ساعات , وشعرت صوفيا كأنها ضائعة في هذه الصحراء الصخرية التي نعصف بها الرياح , ولأميال شاسعة , كان المسكن الوحيد ملجأ لمتسلقي الجبال , وكان يدعى ( ملجأ ريو سيكو) , وفي كل لحظة كان يبدو لصوفيا أن طرف الطريق سيتهدم تحت عجلاتهم وسيقع معهم في الهاوية , أخيرا لمحوا آثارا للحياة : من بعيد ظهر ظطيع ماعز أسود , ومنزل صغير تقف أمامه أمرأة ترتدي ثيابا سوداء من رأسها حتى أخمص قدميها وكانت تنظر اليهما نظرة حادة. توقفوا عن متابعة السير في قرية كابيليريا لتناول الغداء , فقد أخرج كارلوس زجاجة الماء المعدنية ووضعها في الماء المثلجة , وسلة المأكولات الباردة التي أحضرها من مطبخ الفندق , وبعد الأكل شعرت صوفيا بالنعاس وراحت تتثاءب مثل ساشا , أما كارلوس فكان نشيطا كأنه لم يأكل ولم يقد كل هذه المسافة. وبعد كابيليرا , أصبحت الطريق محدودة بالغابات والحقول والعرائش , توقف كارلوس أمام مقهى صغير وسأل: " قهوة؟". وافق الجميع , وبينما كانوا يجتازون الطريق قال كارلوس بلطف: " آمل أن تكون المراحيض هنا نظيفة!". وفي أواخر بعض الظهر وصلوا الى المخيّم , أوقف كارلوس السيارة أمام الباب , فنزلت صوفيا وساشا قبل أن يتمكنا من شكره , كان قد أقلع في الحال . وقالت صوفيا لنفسها في حزن كبير : هذه الصفحة قد أنتهت , وسأقضي الصيف وربما بقيةحياتي , نادمة على رجل سينساني بعد أيام معدودة.... ولما توجهت الى مقصورتها شعرت بحزن وكآبة , ولم تنم ليلتها جيدا بل أستيقظت بألم حاد في رأسها. وفي منتصف الصباح رآها ساشا وأسرع يقول لها: " يريد كارلوس أن يودعك , فهو ينتظرك أمام مقصورتك". " آه , صحيح". توجهت صوفيا ببطء نحو مقصورتها بعد جهد كبير لتبدو هادئة وغير مبالية , فقالت: " قال لي ساشا أنك راحل , هل أمامك طريق طويلة؟". " كلا , ليس كثيرا". " أذن..... أتمنى لك رحلة موفقة, يا كارلوس". مدت له يدها , أخذها وتركها لين يديه ثم تردد لحظة قبل أن يقول: " في الواقع , جئت لأقنعك بالمجيء معي". " المجيء معك؟". " لا تتقلصي , لا أقوم بأقتراح وقح , لكن أبناء عمي تعرضوا لمشكلة بسيطة , ربما أنت قادرة على مساعدتي لحلها , مساء أمس , أتصلت هاتفيا بهيلاريو لأعلمه بوصولي , فأخبرني , أن مربية الأولاد , الآنسة سميث , دخلت المستشفى لأجراء عملية جراحية صغيرة , وسألني أذا كنت أعرف فتاة أنكليزية قادرة أن تحل مكانها لمدة أسبوعين أو ثلاثة , وقد فكرت فيك". " لكن......... وعملي هنا؟ وسيارتي؟". " كلمت بيدرو بالأمر , فلا مانع لديه أن يحررك , أما بالنسبة الى السيارة , فلن تكون مسألة أيصالها الى المزرعة عملية صعبة". كانت ترغب في أن تسأله كم من الوقت سيبقى عند أبناء عمه , لكنها وجدت الأمر دقيقا للغاية , فقالت: " هل يعيدني بيدرو الى المخيّم متى عادت المربية الى عملها؟". " طبعا , ربما أقترح أبناء عمي عليك شيئا آخر , عملا مثيرا أذا ما أردت تمديد مدة أقامتك في أسبانيا , صحيح أن عملك هنا في المخيم ممتع لكن لا يمكنه أن يقدم لك ألا نظرة محدودة عن حياتنا , ألا ترغبين في أكتشاف أسبانيا الحقيقية خارج السياحة؟". " بلى , طبعا ". " أذن , أنت موافقة للذهاب". " لكنني لم أهتم كثيرا بالأولاد .... وأخاف أن....". " لا أهمية لذلك , سيطلب منك مراقبتهم , وقراءة القصص.... أحيانا تضطر لويز في غياب المربية أن تحل مكانها , لكنها الآن حامل وعليها الأهتمام بنفسها على أكمل وجه". " أذن, سأغتنم هذه الفرصة لأكتشاف الحياة العائلية في أسبانيا ". " عظيم جدا". كان يبدو أنه لم يشك لحظة واحدة أنها سترفض طلبه". " كم تحتاجين من وقت لتحضري حقائبك؟". " نصف ساعة". وبعد ساعة , ودّعت صوفيا آل فينغيلد وساشا وكل العاملين في المخيم ورافقت كارلوس في طريقه الى مالاغا , هل هذا القرار كان عاقلا؟ لا شيء يؤكد ذلك.... أخرج من الصندوق الداخلي خريطة وأعطاها لصوفيا التي فتحتها ورأت أمامها كوستا ديل سول بكاملها , لكنها ما لبثت أن عادت تتذكر سهرتها الأولى في برشلونة عندما همس كارلوس في أذنيها بعد أن عانقها : " تصبحين على خير , يا حبيبتي". رأت نفسها من جديد بين ذراعيه وراحت تحلم في اليقظة... وتتخيّل أنهما ذاهبان في رحلة شهر العسل..... أنتفضت وعادت الى الواقع عندما سمعت زمورا قويا , يا ألهي ما هذا الجنون في الأسترسال بأطلاق العنان لمخيلتها المجنونة! كانت السيارة البيضاء الكبيرة تلتهم الأميال , توقفا للغداء في محطة ماريبللا الأرستقراطية ثم وصلا الى سان بيدرو في حوالي الرابعة , ومن هناك أنعطفت السيارة من الطريق الدولي لتدخل الطرق الفرعية داخل الأراضي , ولاحظت صوفيا أن منطقة روندا الجبلية هي أكثر توحشا من منطقة غرناطة الساحلية. قال كارلوس كأنه قرأ ما يراود أفكارها: " هذه المنطقة كانت في الماضي مليئة بالأرهابيين اللصوص حتى نجح البوليس بالتخلص منهم منذ عشرين سنة تقريبا". ومن وقت الى آخر , كان يبطىء سرعته كي تتمكن من رؤية الوديان المنحدرة والقمم البعيدة , في هذا المكان الضائع , المخصّص فقط للنسور.... البرية , يبدو وجودهما عملية وقحة. وبقيا مدة ساعتين يغوصان في هذه الصحراء , خفّت أشعة الشمس الحارة وأصبح الهواء منعشا , ولما وصلا الى القمة , توقف كارلوس ليفتح صندوق السيارة وفي هذا الصمت المفاجىء رأت صوفيا من بعيد قطيع ماعز , أنخفضت الشمس قرب المحيط وبعد قليل سيحل الظلام. أعطاها السترة الكحلية وقال: " عليك أن تضعي السترة من جديد". فأرتدى هو أيضا سترة بنية وظلّ مدة غير قصيرة واضعا يديه على وركيه يتأمل المنظر الرائع , والنسيم الناعم يلعب بشعره الأسود ونور شمس المغيب أعطى بريقا برونزيا على وجهه , ولاحظت صوفيا أن كارلوس هو فعلا أبن هذا البلد الخشن, وفي الحال عادت الى ذاكرتها جميع القصص التي حاكتها حول ( حاكم السيبرا) ..... وخاصة رحلة الخيل في الجبل...... هل هذا نذير..........؟ وكأنه لاحظ أنه مراقب , نفض يديه وصعد الى السيارة , لكن , بدل أن يقلع كالعادة , جلس جانبا وراح يحدق مطولا بصوفيا. سألته بصوت متوتر عن الطريق وطوله: ط كلا , ليس كثيرا , هل أنت متعبة؟". " لا , أبدا , لكن هذه المنطقة منعزلة تماما , أليس كذلك ؟". ظل كارلوس صامتا مدة طويلة حتى رمقته بنظرة سريعة , فنظر اليها بشغف قوي لم يسبق أن رأته هكذا من قبل , ألا في أحلامها العديدة. " ألم يخطر ببالك أن أبناء عمي ليسوا سوى حجة وأنني لم أعد مرتبطا بوعدي؟". في أحلامها الماضية كانت ترى أنه من السحر أن تقع في أيدي رجل جذاب يحاول أغراءها , لكنها أكتشفت اليوم أن هذا الوضع ليس مريحا ولا وجود للسحر فيه! |
الساعة الآن 06:21 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية