اقتباس:
كلك ذووق ياقلبي هذا شهادة منك بعتز فيها وان شاء الله احداث رواية تنال ارضاك |
1- الطريدة والصياد
راح غويدو كالفاني يذرع مجدداً الممر الطويل للمستشفى ، محاولاً عدم التفكير بعمه المستلقي خلف الباب المقفل طريح الفراش. توقف قليلاً قرب النافذة المشرفة على مدينة البندقية وأخذ يتأمل السطوح الحمراء والجسور الصغيرة والمياه اللامعة التي تشق طريقها عبر المدينة الصغيرة متجهة نحو قصر "كالفاني" الذي تملكه الاسرة منذ قرون... من الممكن جداً ان يرث الليلة لقب " كونت"... وراعته الفكرة، مع انه من الرجال الذين يواجهون الحياة بتفاؤل وكان ذلك ينعكس جلياً على مظهره وابتسامته التي لم تفارقه يوم خلال سنواته الاثنتين والثلاثين. كان غويدو رجلاً غنياً، وسيماً، حراً وودوداً، ويحب عمه ، لكنه كذلك يحب حريته، وخلال بضع ساعات قد يخسر الاثنين معاً. استدار بسرعة عندما ظهر رجلان في الاسفل وقال :" شكرا لله!" واحتضن أخاه ليو الذي بادله العناق، بينما اكتفى يالتربيت على كتف ابن عمه ماركو. منتديات ليلاس سأل ماركو متصلباً:" كيف حال العم فرانسيسكو؟" رد غويدو:" سيئة جداً كما اعتقد. لقد اتصلت بكما ليلة أمس لانه بدأ يشعر بألم في صدره ولكنه لم يشأ رؤية الطبيب. لكنه هذا الصباح انهار من شدة الالم ، فأرسلت في طلب سيارة اسعاف. ونحن هنا منذ ذلك الوقت.. ولايزالون يجرون له الفحوصات." قال ليو:" لايمكن ان تكون هذه نوبة قلبية. اذ لم يحدث له هذا من قبل.. والحياة التي عاشها.." يتـــبع |
رد غويدو:" النساء!"
اكمل ليو:"وثلاثة قوراب سريعة." -النساء! -التزلج على الماء! -تسلق الجبال! وتكلم الثلاثة معا:"النساء!" تناهى وقع اقدام الى مسامعهم فصمتوا جميعاً وظهرت ليزابيتا، مدبرة منزل الكونت، وكانها فأل الشؤم، كانت نحيلة وكبيرة في السن، حيوها باحترام اكثر مما أظهروه يوماً لعمهم. فهذه المخلوقة المتجهمة هي القوة المثيرةفي قصر " كالفاني" ردت عليهم بإيماءة من رأسها، جمعت فيها الاحترام لمركزهم الاستقراطي والاحتقار لجنس الرجال، ثم جلست واخرجت تطريزها. منتديات ليلاس قال غويدو لها بلطف:" اخشى الايكون هناك اي اخبار بعد". ورفع رأسه عندما انفتح باب الغرفة وظهر الطبيب المسن الذي كان صديقاً للكونت منذ سنوات . تعبير وجهه المتهجم لايعني سوى شيء واحد... وغاصت قلوبهم. قال الطبيب:" اخرجوا هذا السخيف العجوز من هنا.... وتوقفوا عن اضاعة وقتي." احتج غويدو:" ولكن .... النوبة القلبية...؟" -نوبة قلبية...! هذا سوء هضم! ليز ، ماكان يجب ان تتركيه يأكل القريدس مع الزبدة. حدقت ليزا به، وردت بحدة:" وكأنه يصغي اليّ" سأل غويدو:"هل نستطيع رؤيته الآن؟" كان الكونت فرانسيسكو في شبابه معروفاً بأسد البندقية. والآن وهو في السبعينات لم يتغير كثيراً. دخل الشبان الثلاثة الى غرفة عمهم ووفقوا ينظرون اليه بقلق. كان جالساً في السرير، وشعره الابيض يحيط بوجهه، وعيناه الزرقاوان تلمعان. قال بصوت عميق:" ارعبتكم... أليس كذلك؟" قال ماركو:"مايكفي لاتي من روما ويأتي ليو من توسكانيا... وكل هذا لانك تحشو نفسك." عبس فرانسيسكو:" لاتتكلم مع رأس العائلة هكذا. وليكن لومك للويزا، فطعامها لايقاوم." -ليس عليك التهامه كولد نهم. واضح ان ماركو لم يكن يخاف الكلام مع رأس العائلة، فأكمل: "عمي... متى ستلاحظ انك كبرت في السن؟" كشر فرانسيسكو عن اسنانه قائلاً:"لم ابلغ الثانية السبعين، وانا اتصرف على اساس عمري!" واشار الى ماركو:" حين تصبح في الثانية والسبعين ستكون عوداً جافاً من دون قلب." هز ماركو كتفيه بعدم اكتراث. واشار الهجوز الى ليو:" وحين تصبح انت في الثانية والسبعين.. ستكون مثل اليقطينة الريفية اكثر مما انت عليه الآن." سأل غويدو:" وانا.. ماذا سأكون في الثانية والسبعين؟" -لن تصل الى هذا السن ... فزوج غاضب سيقتلك قبل هذا بكثير ابتسم غويدو:" انت تعرف اكثر مني عن الازواج الغاضبين، عمي لقد سمعت انك منذ مدة قصير..." -اذهبوا جميعاً.. ستأخذني ليزا الى البيت. ما ان خرجوا من المبنى حتى استندوا الى الجدار الحجري وتنفسوا الصعداء. قال غويدو:" احتاج الى شيء اشربه." يتـــبع |
واتجه الى مقهى قرب الماء، ولحق به الاخرآن، وجلسوا جميعاً حول طاولة تحت الشمس.
بما ان غويدو يعيش في البندقية، وليو في توسكانيا، وماركو في روما، فقد كانت لقاءاتهم نادرة جداً. فاستغلوا هذه الفرصة للتكلم عن اخبارهم. كان ليو ممتلئ الجسم. وكما قال عمه ، كان رجلاً ريفياً،نحيل الجسم، قوي البنية، ولم يكن رجلاً ماكراً.. اما ماركو فيعيش في عالم من المال، وكان يبدو لابني عمه الاسعد بينهم، كان يعيش ببذخ ولايشتري سوى الافضل. في حين ان طبيعة غويدو المتقلبة مخلوقة لحياة مزدوجة. صحيح انه يسكن في القصر، لكن لديه كذلك شقة سرية يذهب ويأتي منها على هواه.. وكان يتمتع بعناد حاد يخفيه وراء قناع البشاشة وحسن المعشر. شعره الاسود كان طويلاً قليلاً، يلتف حول رقبته بشيء من الفوضى، فبدأ اصغر سناً. وبعد صمت دام طويلاً، قال غويدو واخيراً:" لا استطيع تحمل هذا سوف يقضي عليّ". سأل ماركو:" عم تتكلم؟" ابتسم ليو:" لا تأبه له.. رجل حرم لتوه لابد ان يكون مرتبكاً". قال غويدو :" هذا صحيح .. اسخر مني ! كان يجب ان تكون انت في هذه الورطة." كان ليو شقيقه الاكبر. ولكن بلعبة من القدر اصبح غويدو الوريث. فقد تزوج والدهما ، برتراندو، من ارملة تبين ان زوجها الاول لايزال حياً. لكنها ماتت وهي تلد ليو، تاركة ابنها هذا غير قانوني في نظر القانون. وبعد سنتين، تزوج برتراندو مرة اخرى، وانجبت له زوجته الثانية غويدو.. فكان الوريث الوحيد للقب. منتديات ليلاس لكنه كان يكره الفكرة، لانها ستأسره. كان يتشوق لمعجزة تعيد لليو حقوقه.... ولكن ليو لايريد تلك الحقوق.. فالارض وحدها تهمه، وانتاج العنب والقمح والزيتون وتربية المواشي، والابقار والجياد وتأصيلها.. كان لايهتم باللقب اكثر مما يهتم به غويدو. الخلاف الوحيد بينهما نشب حين حاول غديدو اغراء اخيه باجراءات قانونية تعيد اليه حقوقه، واضطر ماركو لايقاف شجارهما، الا انه كان يتسلى بغيظهما. فقال بمكر :" سيحدث هذا يوماً ... الكونت غديدو،أب لعشرة ابناء ، في منتصف العمر وزوجة تناسبه." فاستشاط غويدو غيظاً. هدأه ماركو:" كنت امزح". -ليس هذا مضحكاً.. ليس مضحكاً ابداً. * * * لم يكن منزل روسكو هاريسون في لندن يشبه القصر ، لكن المال الذي انفق عليه لابد يبني قصراً مثل قصر كالفاني. الفرق كان انه رجل عديم الذوق، يؤمن بالعرض، وقوة المال، وكان يظهر هذا عليه. كان يقول للشابة الشقراء، الجالسة في مكتبة في مؤخرة المنزل:" انا اشتري الافضل فقط، ولهذا انا اشتريتك". قالت دولسي ببرود:" انت لن تشتريني ياسيد هاريسون. انت تستخدم مؤهلاتي كتحرية خاصة، وهناك فرق كبير." -حسن جداً ، مواهبك ستكفيني، القي نظرة على هذه. ورمى لها صورة تظهر ابنته ، جيني هاريسون، بشعرها الاسود المنسدل حول كتفيها تحت اشعة شمس البندقية، وهي تصغي بمحبة الى صاحب غندول شاب يعزف على الماندولين، بينما كان ينظر اليهما صاحب غندول آخر. -هذا هو الشخص الذي يظن انه سيتزوج جيني من اجل ثروتها. واشار الى عازف الماندولين بإصبعه:" لقد قال لها انه ليس صاحب غندول حقاً، بل وريت كونت كالفاني، او ماشابه.. لكنني اقول ان هذه كذبة كبيرة." يتــبع |
وصمت قليلاً ثم اكمل:" انا لست غير منطقي.. فلو كان حقاً من النبلاء، لاختلف الامر فلقبه ومالي يفيان بالغرض. اريدك ان تذهبي الى البندقية وتتحققي مما يجري.. وحين تثبتين انه استقراطياً..."
منتديات ليلاس تمتمت دولسي:" ربما هو ارستقراطي" رد ساخراً:" عملك ان تبرهني انه ليس كذلك." اجفلت دولسي:" لا استطيع ان ابرهن انه ليس هكذا لو كان نبيلاً بالفعل." -حسن جداً.. هذا ما ستفعلينه . فانت الافضل.. انت اللايدي دولسي مادوكس.. اليس كذلك؟" -في حياتي الخاصة اجل. لكن حين اعمل، انا ببساطة دولسي مادوكس التحرية الخاصة. وعرفت ان روسكو لم يعجبه قولها. فهو متأثر بلقبها وعلاقاتها، وحين ابعدتهما ، احس انه مغشوش. في الليلة السابقة، دعاها الى العشاء لتلقي بابنته جيني ، وسحرت دولسي بنضارة الشابة الصغيرة وسذاجتها. وكان من السهل ان تصدق انها تحتاج الى الحماية من صائد الثروات. وعاد روسكو الى نقمته:" اريدك لانك الافضل. انت من النبلاء، وتتصرفين مثلهم.. لكن ليس ملابسك ، لانها.." اكملت عنه :" رخيصة." قال روسكو محاولاً تلطيف الكلام:" لكنك تبدين نبيلة بحد ذاتك ويمكن ان تعرفي الاستقراطي لانهم طوال القامة ونحيلي الجسم . وهذا على الارجح، يأتي من تناولهم الطعام الملائم بينما يضطر الفلاحون الى الاكتفاء بأي شيء." قالت دولسي:" ربما. لكن وضعي مختلف، فأنا فقيرة معدمة. ولهذا انا اعمل كمتحرية خاصة." -اذن ستحتاجين الى الثياب الجديدة. لدي حساب مفتوح في محلات"قيلزهام". سأتصل بهم ليزودوك بما يلزم . فحين تصلين الى فندق "فيتوريو"يجب ان تكوني مستعدة للدور. -فيتوريو؟ وتطلعت بسرعة الى خارج النافذه، كي لايعرف ان لهذا الفندق بشكل خاص معنى مميزاً لها. فمنذ اسابيع فقط كانت تخطط لقضاء شهر عسلها في ذلك الفندق مع رجل اقسم لها بالحب الابدي. لكن هذا اصبح من الماضي. لقد اختفى الحب فجأة. وكان من الممكن ان تتخلى عن اي شيء لتتجنب فيتورير.. لكن لامجال لهذا. قال روسكو:" انه اكثر فنادق البندقية اهمية.. لذا اشتري الثياب، ثم اذهبي الى هناك بسرعة.. سافري بالطائرة على الدرجة الاولى، ولا تقربي الرحلات الاقتصادية الرخيصة، في حال سأل عنك". -اتعني انه قد يوظف تحرياً خاصاً كذلك؟ -لا اعرف.. بعض الناس مخادعون بما يكفي ليقوموا باي شيء. وحافظت دولسي على صمتها، وهو يعطيها شيكاً للمصاريف. -جدي صاحب الغندول، واجعليه يعتقد انك غارقة في المال.. وسيحاول التقرب اليك. وحين يعلق بالطعم دعيني اعرف. سأرسل جيني الى هناك وسنرى اي نوع من الرجال هو حقاً. ولن تصدق، لكن العالم ملئ بالغبياء الباحثين عن فتاة ثرية. تمتمت دولسي:" اجل . هذا صحيح." * * * ليلة عودة الكونت فرانسيسكو، كان العشاء في القصر رسمياً . وجلس الرجال الاربعة حول المائدة، بينما اخذت الخادمة تقدم الطبق تلو الآخر. بالنسبة للكونت ولماركو ، وكان هذا امراً طبيعياً، لكن الاثنين الاخرين وجدا الجو خانقاً ، وابتهجا حين انتهت وجبة الطعام. واذا هما يتحضران للفرار ، اشار الكونت لغويدو ان ينضم اليه في مكتبه. يتـــبع |
الساعة الآن 02:30 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية