منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   129 - الفجر في الغسق - روميليا لاين - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t139402.html)

Rehana 10-04-10 02:32 PM

صرخت الفتاة مصعوقة :
- هذا جنون يا لوسى !انا غير قادرة ان انجح فى تمثيل هذا الدور !
اجابتها لوسى بنبرة جازمة:
- بلى , انت قادرة على ذلك , و لن يطول الامر . ستظهرين طيبة و محبة لروبرت و لى انا ايضاً .
امسكت فيفيات يد صديقتها و قالت :
- لوسى , انا اقر بانك الآن تعانين وضعاً معقداً للغاية . طبعا لايجوز اعلام روبرت بهذه الفترة الحاسمة من حياته . لكن من ناحيه اخرى , انا اجهل كل شئ عن علاقتكما . عن ماذا سأحدثه ؟
- لا احتفظ فقط برسائل روبرت , بل لدى نسخاً مصورة عن كل الرسائل التى ارسلتها اليه. بامكانك قرائتها و بالتالى يكون باستطاعتك اختيار التصرف المناسب . لدى شهر اجازة تأخذينه عنى و انا اعمل مكانك .منتديات ليلاس
انتصبت لوسى و القرار مرسوم على وجهها و اضافت تقول :
- روبرت سيموت , يا فيفيان و لن نخيب امله . غدا عليك الذهاب بأى ثمن الى طنجة .
- الى طنجة !
تهيأ لها فجأة ان هوة مرعبة تنفتح تحت قدميها .
- نعم. هناك يسكن روبرت و اخوه . انه ثرى كبير اخوه صاحب كازينو و يملك فيللا رائعة...
لم تعد فيفيان تسمع شيئاً. نهضت و توجهت نحو النافذة ، المعمل يظهر جانبياً فى الليل تحت اضواء المصابيح . لكنها لم تكن تراه لانها كانت تتذكر الطرقات المكتظة , و الشواطئ المشمسة و النساء السمراوات و الرجال فى الجلابيات , منذ اربع سنوات و هى تبذل جهداً كبيراً لتنسى هذه المدينة .... لتمحو من ذاكرتها ذكرى غارى ثورتن , و السعاده التى قضتها برفقته لكن , بقدر ما كان حبها جنونياً لم تستكع فيفيان ان تشفى كلياً من هذا الحب .
شحب وجهها و التفتت نحو صديقتها و قالت:
- مستحيل ان اذهب الى طنجة يا لوسى .انا آسفة !
راحت لوسى تنوح و تقول:
- آه , يا فيفيان! لقد اتكلت على مساعدتك ! اعترف انى ارتكبت حماقة لا تغتفر , لكن كيف بامكانى ان اتنبأ بنهاية غير منتظرة؟
كانت فيفيان تتمزق بين رغبتها فى نجدة صديقتها و بين الخوف المروع للخضوع لهذا المخطط . يا لسخرية القدر ! بينما كانت فيفيان تبذل جهددها فى رفض مجرد علاقة عابرة بالرجال و محو اي غرابة تطرأ على حياتها , كانت لوسى تحلم بذلك مثل زهرة تذوى فى الشمس.
- تطلبين الكثير منى يا لوسى .
- اعرف . لكن لو هناك حل آخر لما كنت اتوسل اليك ان تساعدينى .

*****

يتبع..

Rehana 10-04-10 02:34 PM

حل صمت طويل بينهما وراحت فيفيان تتخيل هذا الرجل المسكين ينتظر بأمل كبير لقاء امرأة احلامه . و بما ان لوسى كانت اعز صديقاتها قالت بصوت ملؤه الثقة :
- اين الرسائل ؟
امضت فيفيان جزءاً كبير من الليل فى القراءة . و كانت تشعر بأنها تمتهن سراً رائعاً عندما بدأ روبرت فى رسائله يفتح قلبه لحبيبته و تتجاوب معه لوسى . و يزداد شعورها عندما اصبحت اسرارهما حميمة و حنونة . نعم روبرت و لوسى واقعان فى الغرام , مما جعل فيفيان تشعر بأزدياد القلق فى داخلها . كيف بأمكانها ان تحل مكان صديقتها , الطيبة و الناعمة؟
و في صباح اليوم التالى ارسلت فيفيان برقية الى طنجة , و بعد ساعات معدودة توجهت الى المطار . ساعدتها لوسى على تحضير حقائبها و توسلت اليها ان تكتب اليها باستمرار و تعلمها عن حالة مراسلها الصحية و تطوراته .
الرحله تمت من دون شائبه . لكن, عندما هبطت الطائره فى مطار طنجة , شعرت فيفيان فجأة بالذعر يحتلها , فتحلت بالشجاعة و هى تطأ الارض المغربية .
دخلت الى محطة الطيران و راحت تسلك طريقاً بين الحمالين و الجمع الصاخب المؤلف من خليط كبير . السماء الزرقاء و شمس الغسق و المنارات الوردية كلها تصفع قلبها كأنها ضربات خنجر حاد . لا.لا تريد ان تتذكر ! ترفض ان تتذكر!
كانت فيفيان ممشوقة القوام , نحيفة , ترتدى بزة خضراء فاتحة , و قميصاً ابيض . لحق بها الباعة المتجولون . وجالبو الزبائن للفنادق و راحوا يعرضون عليهم خدماتهم بألحاح , رافضين الاكتراث لرفضها و تشكرها . فجأه دوى صوت حاد , فأبتعد الرجال ليفسحوا المجال ان يتقدم رجل غريب , قاسى الملامح , يرتدى بزة فاتحة و انيقة .
حدق الرجل بالفتاة مفصلاً و بنظرة ساخرة و قال بصوت خفيض :
- آنسة بليث ؟ آنسة فيفيان بليث؟
اجابت بلهجة باردة:
- نعم .
- انا ترانت كولبى , شقيق روبرت .
ثم اشار الى خادمه و قال :
- سيهتم عبدول بالحقائب، السياره بأنتظارك فى الخارج .
كان الغسق معطراً بالميموزا و زهرة الليمون الحامض و تنشقت فيفيان اريجها بألم حاد . امام سيارة الليموزين السوداء يقف عبدول بجلابيته الرمادية و طربوشه الاحمر فاتحاً لهما الباب .
منتديات ليلاس
بعد لحظات قليلة كانت السياره تجتاز الطريق . و الفتاة تبذل جهدها لئلا تشاهد المنظر الاخضر الغريب لكن رؤية اشجار النخيل و الطرفاء و البيوت المبنية على الرمال الحمراء , كلها ايقظت فى قلبها الماً طالما كبتته طويلاً . هذه السنوات الاربع لم تكن كافية لنخفف آلامها . و بعد قليل لاحظت فيفيان ان رفيقها يراقبها و تذكرت فى الحال ان عليها ان تلعب دوراً كبيراً و بمهارة و اتقان , فانتصبت بسرعة فى مقعدها .
قال ترانت كولبى و هو يحدق بها بنظرة باردة :
- يتحدث روبرت دائماً عنك . الظاهر انكما تتراسلان باستمرار . الا تعتقدين ان المراسلة طريقة غريبة للوقوع فى الحب ؟
- النفوس الشقيقة ليست بحاجة لأتصال جدي , يا سيدى .روبرت و انا نناسب بعضنا و فهمنا ذلك منذ البداية . و انت الظاهر انك لا تصدق ذلك.

*****

يتبع..

Rehana 10-04-10 02:35 PM

رمقها بنظرة ثاقبة و قال :
- بالفعل ! انت هنا فقط لآن روبرت طلب حضورك , و انا أتّكل عليك كى تجعليه سعيداً . و اذا تبين لك انك اخطأت تجاه عاطفتك , فلا انصحك بمحاولة التقاعس عن واجباتك . لا اريد ان ارى يتعذب , هل فهمت ما اقصده ؟منتديات ليلاس
كان ترانت كولبى يتمتع بشخصية قوية و نافذة . ينبع منها نضج كبير و قوة غير اعتيادية . و الدليل على ذلك يظهر فى نبرة صوته الحاسمة و كتفيه العريضين و ملامح وجهه البارزة و عينيه المحدقتين اللتين يغشاهما ظل من الحزن .
اعلنت فيفيان ببرود :
- وجودى فى طنجه لا يفرحك , اليس كذلك ؟
رفع كتفيه و قال :
- عندما كنت فى سن روبرت , لم يكن الرجل ينظر الى الحب هكذا كان بحاجة كى يضم حبيبته بين ذراعيه لا ان يحبها بالمراسلة .
- و مع ذلك لم تصبح ليناً و ناعماً بما فيه الكفاية! .
ابتسم و اضاف :
- و هذا ينطبق عليك ايضا قولى .... لماذا هذا التعلق بروبرت ؟ لا يدل منظرك على انك امرأة قادرة على الاكتفاء بحب افلاطونى . تبدين لي عكس ذلك , كأنك عشت تجربة ما فى حياتك ! .
- قبل مرضه , لم يكن روبرت يعيش حياة النساك على ما اظن !
- لا يبلغ اخى من العمر سوى 24 عاماً . مازال صغيراً بالنسبة الى فهم غرائب المزاجات الانثوية ولو سمع كلامى , لما كنت هنا اليوم . لكن بما ان الأمر اقتضى وجودك , فمن صالحك الا تتهربى من واجباتك .
تذكرت فيفيان بكاء لوسى مساء امس و قالت :
- ربما انت مخطئ تجاهي , الم تفكر بذلك ؟ يحصل احياناً ان تقع النساء – و احياناً الرجال – بحب مراسلهم !
اجاب بسخرية:
- اذن , آمل , يا آنسة بليث , او بالأحرى يا فيفيان ما دمت ستصبحين من الآن فصاعداً جزء من العائلة انك لم تخطئى .
ادارت فيفيان وجهها نحو النافذه مستاءة من شكوك ترانت كولبى تجاهها و من وقاحته فى اظهار نفوره و كرهه ثم راح نظرها يجول داخل السيارة الفاخرة , من خلال الزجاج الازرق الفاصل , كانت ترى عبدول يقود السياره بمهارة فى السير الكثيف . و قربها فى المقعد الخلفى , كان ترانت كولبى ببزته الثمينة و ازرار اكمامه الذهبية و ساعة يده الذهبية الضخمة . لاحظت فيفيان كل هذه التفاصيل بعبسة استياء و اشمئزاز . فهى تعرف ماذا يفعل ترانت كى يعتاش . فالرجال الذين يربحون ثروة ضخمة على حساب الغير يزعجونها ولا تبالى بهم , بل تتحاشى رفقتهم . غادرت السياره الطرقات الواسعة وراحت تتسلق التلال الخضراء . فلمحت فيفيان جدران الكاسبا , و الجامع الكبير و القبب و المنارات . كل هذا الجمال الذى كانت تحاول ان تنساه بات هنا , امام عينيها , ليتحاداها و لما كانت تخفض نظرها رمقها ترانت كولبى بنظرة ساخرة و قال :
- استفيدى من التأمل جيداً فى هذه المناظر لأنه ليس عندك الوقت للقيام برحلات و نزهات سياحية . فروبرت عاجز عن مغادرة المنزل و يأمل فى رؤيتك بقربه بأستمرار

*****

يتبع..

Rehana 10-04-10 02:36 PM

اريد ان اعبر لك عن تعاطفى و مودتى تجاه روبرت ...... هذا الضعف المفاجئ .... عندما علمت بالنبأ , كنت ....
قاطعها قائلاً :
- يعرف روبرت انه لديه من هذه الحياة اياماً معدودة , لكنه ليس كئيباً كما تتصورين . بالعكس , انه مرح بالرغم من مرضه و ارغب ان يظل هكذا . و دورك ان تظلى بجانبه من دون ان تذكريه بعاهته , لأننا لا نتداول هذا الموضوع ابداً .
دخلت السياره الباب الحديدى لمنزل يسيطر على المدينه . و برزت الفيللا ذات الجدران البيضاء و السقف الاحمر و القبب و السلالم الحلزونية .
و شرح لها ترانت كولبى :
- تدعى هذه الفيللا "كوريا" و هذا يعنى "التلة ".
اجتازت السيارة بستان خوخ ثم بستان برتقال , لتستقر نهائياً تحت اشجار الارز . صعدوا السلالم الرخامية ولما وصلوا الى البهو , قال ترانت كولبى بابتسامة كريهة :
- مريضنا يدخل الى فراشه فى السادسه مساءاً كل يوم . لذلك عليك ان تنتظرى حتى صباح الغد كى تتعرفى اليه. العشاء سيكون جاهزاً بعد ساعة من الآن .
و بينما كانت فيفيان تستدير كى تتبع عبدول , اضاف ترانت قائلاً :
- لا يوجد فى هذا المنزل سوى الرجال . اذا كنت تفضلين ان اوظف لك خادمة , فلا مانع لدي .
- بامكانى الاهتمام بنفسى على احسن وجه .
اجابها بسخريه واضحه :
- كما تشائين .
ثم اشار برأسه و ابتعد . اما فيفيان تمكنت من رؤية بعض السجاد العجمى و الاثاث القديم , و لم تشعر تجاه صاحب المكان الا بالنفور و الاشمئزاز .
ادخلها الخادم الى غرفة واسعة , لا يقل ديكورها ترفا عن الطابق الارضى . السرير واسع و مصنوع من القماش المشجر و المقصب . البساط احمر سميك اشعل عبدول نور الحمام , و ازاح الستائر و قال باللغه الانجليزيه و بلهجة حادة :
- هل ترغب الآنسة بشئ آخر ؟
-كلا, يا عبدول , اشكرك.
بالرغم من منظره المتجهم , كانت نظرة الخادم دافئة و على شفتيه ارتسمت ابتسامة لطيفة . ابتسمت له فيفيان بدورها بينما كان يغادر الغرفة . ثم انصرفت الى افراغ محتوى حقائبها . اغتسلت بسرعة و تزينت ببساطة ثم ارتدت فستاناً من الكتان الوردي و نظرت الى نفسها فى المرآة فشعرت بتوتر غريب . عيناها الجوزيتان لا تظهران قلقها . اطمأنت و خرجت من غرفتها .
على طاولة غرفة الطعام تلمع الآنيه المصنوعهدة من الكريستال و الفضة . و ترانت كولبى ببزته السموكينغ كان فى انتظارها . فقال بلهجة ودودة متصنعة :
- مساء الخير , يا فيفيان . هل اعجبتك شقتك؟
اجابت بهدوء :
- نعم , شكراً .
وبينما كان يساعدها للجلوس على الكرسي المحوت، احست بعطره الثاقب ، ثم دخل خادم آخر يدعى معين، يرتدي سترة مقلمة وسروالاً ، وكانت مهمته القيام بخدمة المائدة.منتديات ليلاس

*****

يتبع..

Rehana 10-04-10 02:38 PM

فراح كولبى يحدثها خلال العشاء عن امور لم تكن تهمها و يفتح معها تحقيقاً فضولياً .منتديات ليلاس
- كان روبرت يكتب لك باستمرار و يرسلها الى ايلسهورست , قرب اوكسفورد اليس كذلك ؟ لقد سبق و زرت هذا المكان . هل تسكنين هناك منذ صغرك ؟
- كلا , لقد انتقلت الى هناك منذ سنوات .
- مع عائلتك ؟
- وحدي، كنت احب هذه المدينة و بحثت عن عمل لي هناك . و الآن اعمل سكرتيرة فى شركة كبيرة للمبيعات .
- لكنك تبدين لي امرأة لا تكتفى بالحصول على وظيفة ثانوية .
- لست سوى موظفة صغيرة و آسفة ان اكون قد خيبت آمالك .
- فى كل حال كنت انتظر منك ذلك .
و بعد انتهاء العشاء اعلن قائلاً :
- يمضى اخى معظم اوقاته فى بركة السباحة , فما زال قادراً على التحرك بسهولة فى الماء عليك ان ترافقيه فى السباحة لئلا تخيبى ظنه .
- اسبح جيدا لكن ....تصورت .........
- روبرت ليس معاقاً يتألم ،اخلعي هذه الفكرة من رأسك . مرضه لا يسمح له فقط بأن يقوم بالنشاطات التى يتمتع بها اي شاب بصحة جيدة .
شعرت فيفيان بالدم يعلو وجهها , ولاحظ ترانت كولبى هذا الامر فى الحال و سألها بسخرية :
- ماذا جرى ؟ هل انت خائفة من العلاقات مع رجل لم يسبق ان التقيت به من قبل ؟
استعادت وعيها فى الحال و اجابت بلهجة حازمة :
- لا شك ان روبرت رجل جذاب و لطيف , فى الواقع , كما كان عليه فى رسائله.
زم ترانت عينيه الزرقاوين و قال :
- انا شديد الفضول حيال معرفة ردة فعل اخى عندما سيراك .
بدأ الحديث يدخل نمطاً خطيراً . وقفت فيفيان من دون استعجال و توجهت نحو النافذة . صحيح ان اسئلة ترانت ارهقتها لكن اصعب الأمور هي المواجهة مع روبرت . ماذا سيكون رأى روبرت بها ؟هل سيلاحظ لعبتها ارتعشت بصمت من دون ان تظهر ذلك .
و بحزن راحت تنظر الى سقوف الكاسبا , و المنارات الممتده نحو السماء المنجمة . اقترب منها ترانت و قدم لها سيكارة و قال :
- هل تعجبك الاقامة فى طنجة ؟
اجابت بأبتسامة حزينة :
- لست هنا لأزور البلاد , بل لأن روبرت بحاجة الي، و اي سبب يجعلنى اقوم بهذه الرحلة لولا حبى له ؟
قال و هو يسحب عميقاً من سيكارته :
- للتعرف الى بلد جديد , مثلاً . او لقضاء عطلة فى فيللا مغربية فاخرة .
هذا اذن سبب سخريته المبطنة و تلميحاته الغامضة ! يعتقد انها جاءت الى هنا للكيف ... و انها انتهزت الفرصة الاولى لترك عمل ممل بحجة مرض روبرت ..... يا لوسي المسكينة ! اجابت الفتاه بغضب و احتقار :
- لا تتصور ان كل هذا الترف يثيرنى !

*****

يتبع..


الساعة الآن 07:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية