![]() |
صرخت الفتاة مصعوقة :
- هذا جنون يا لوسى !انا غير قادرة ان انجح فى تمثيل هذا الدور ! اجابتها لوسى بنبرة جازمة: - بلى , انت قادرة على ذلك , و لن يطول الامر . ستظهرين طيبة و محبة لروبرت و لى انا ايضاً . امسكت فيفيات يد صديقتها و قالت : - لوسى , انا اقر بانك الآن تعانين وضعاً معقداً للغاية . طبعا لايجوز اعلام روبرت بهذه الفترة الحاسمة من حياته . لكن من ناحيه اخرى , انا اجهل كل شئ عن علاقتكما . عن ماذا سأحدثه ؟ - لا احتفظ فقط برسائل روبرت , بل لدى نسخاً مصورة عن كل الرسائل التى ارسلتها اليه. بامكانك قرائتها و بالتالى يكون باستطاعتك اختيار التصرف المناسب . لدى شهر اجازة تأخذينه عنى و انا اعمل مكانك .منتديات ليلاس انتصبت لوسى و القرار مرسوم على وجهها و اضافت تقول : - روبرت سيموت , يا فيفيان و لن نخيب امله . غدا عليك الذهاب بأى ثمن الى طنجة . - الى طنجة ! تهيأ لها فجأة ان هوة مرعبة تنفتح تحت قدميها . - نعم. هناك يسكن روبرت و اخوه . انه ثرى كبير اخوه صاحب كازينو و يملك فيللا رائعة... لم تعد فيفيان تسمع شيئاً. نهضت و توجهت نحو النافذة ، المعمل يظهر جانبياً فى الليل تحت اضواء المصابيح . لكنها لم تكن تراه لانها كانت تتذكر الطرقات المكتظة , و الشواطئ المشمسة و النساء السمراوات و الرجال فى الجلابيات , منذ اربع سنوات و هى تبذل جهداً كبيراً لتنسى هذه المدينة .... لتمحو من ذاكرتها ذكرى غارى ثورتن , و السعاده التى قضتها برفقته لكن , بقدر ما كان حبها جنونياً لم تستكع فيفيان ان تشفى كلياً من هذا الحب . شحب وجهها و التفتت نحو صديقتها و قالت: - مستحيل ان اذهب الى طنجة يا لوسى .انا آسفة ! راحت لوسى تنوح و تقول: - آه , يا فيفيان! لقد اتكلت على مساعدتك ! اعترف انى ارتكبت حماقة لا تغتفر , لكن كيف بامكانى ان اتنبأ بنهاية غير منتظرة؟ كانت فيفيان تتمزق بين رغبتها فى نجدة صديقتها و بين الخوف المروع للخضوع لهذا المخطط . يا لسخرية القدر ! بينما كانت فيفيان تبذل جهددها فى رفض مجرد علاقة عابرة بالرجال و محو اي غرابة تطرأ على حياتها , كانت لوسى تحلم بذلك مثل زهرة تذوى فى الشمس. - تطلبين الكثير منى يا لوسى . - اعرف . لكن لو هناك حل آخر لما كنت اتوسل اليك ان تساعدينى . ***** يتبع.. |
حل صمت طويل بينهما وراحت فيفيان تتخيل هذا الرجل المسكين ينتظر بأمل كبير لقاء امرأة احلامه . و بما ان لوسى كانت اعز صديقاتها قالت بصوت ملؤه الثقة :
- اين الرسائل ؟ امضت فيفيان جزءاً كبير من الليل فى القراءة . و كانت تشعر بأنها تمتهن سراً رائعاً عندما بدأ روبرت فى رسائله يفتح قلبه لحبيبته و تتجاوب معه لوسى . و يزداد شعورها عندما اصبحت اسرارهما حميمة و حنونة . نعم روبرت و لوسى واقعان فى الغرام , مما جعل فيفيان تشعر بأزدياد القلق فى داخلها . كيف بأمكانها ان تحل مكان صديقتها , الطيبة و الناعمة؟ و في صباح اليوم التالى ارسلت فيفيان برقية الى طنجة , و بعد ساعات معدودة توجهت الى المطار . ساعدتها لوسى على تحضير حقائبها و توسلت اليها ان تكتب اليها باستمرار و تعلمها عن حالة مراسلها الصحية و تطوراته . الرحله تمت من دون شائبه . لكن, عندما هبطت الطائره فى مطار طنجة , شعرت فيفيان فجأة بالذعر يحتلها , فتحلت بالشجاعة و هى تطأ الارض المغربية . دخلت الى محطة الطيران و راحت تسلك طريقاً بين الحمالين و الجمع الصاخب المؤلف من خليط كبير . السماء الزرقاء و شمس الغسق و المنارات الوردية كلها تصفع قلبها كأنها ضربات خنجر حاد . لا.لا تريد ان تتذكر ! ترفض ان تتذكر! كانت فيفيان ممشوقة القوام , نحيفة , ترتدى بزة خضراء فاتحة , و قميصاً ابيض . لحق بها الباعة المتجولون . وجالبو الزبائن للفنادق و راحوا يعرضون عليهم خدماتهم بألحاح , رافضين الاكتراث لرفضها و تشكرها . فجأه دوى صوت حاد , فأبتعد الرجال ليفسحوا المجال ان يتقدم رجل غريب , قاسى الملامح , يرتدى بزة فاتحة و انيقة . حدق الرجل بالفتاة مفصلاً و بنظرة ساخرة و قال بصوت خفيض : - آنسة بليث ؟ آنسة فيفيان بليث؟ اجابت بلهجة باردة: - نعم . - انا ترانت كولبى , شقيق روبرت . ثم اشار الى خادمه و قال : - سيهتم عبدول بالحقائب، السياره بأنتظارك فى الخارج . كان الغسق معطراً بالميموزا و زهرة الليمون الحامض و تنشقت فيفيان اريجها بألم حاد . امام سيارة الليموزين السوداء يقف عبدول بجلابيته الرمادية و طربوشه الاحمر فاتحاً لهما الباب . منتديات ليلاس بعد لحظات قليلة كانت السياره تجتاز الطريق . و الفتاة تبذل جهدها لئلا تشاهد المنظر الاخضر الغريب لكن رؤية اشجار النخيل و الطرفاء و البيوت المبنية على الرمال الحمراء , كلها ايقظت فى قلبها الماً طالما كبتته طويلاً . هذه السنوات الاربع لم تكن كافية لنخفف آلامها . و بعد قليل لاحظت فيفيان ان رفيقها يراقبها و تذكرت فى الحال ان عليها ان تلعب دوراً كبيراً و بمهارة و اتقان , فانتصبت بسرعة فى مقعدها . قال ترانت كولبى و هو يحدق بها بنظرة باردة : - يتحدث روبرت دائماً عنك . الظاهر انكما تتراسلان باستمرار . الا تعتقدين ان المراسلة طريقة غريبة للوقوع فى الحب ؟ - النفوس الشقيقة ليست بحاجة لأتصال جدي , يا سيدى .روبرت و انا نناسب بعضنا و فهمنا ذلك منذ البداية . و انت الظاهر انك لا تصدق ذلك. ***** يتبع.. |
رمقها بنظرة ثاقبة و قال :
- بالفعل ! انت هنا فقط لآن روبرت طلب حضورك , و انا أتّكل عليك كى تجعليه سعيداً . و اذا تبين لك انك اخطأت تجاه عاطفتك , فلا انصحك بمحاولة التقاعس عن واجباتك . لا اريد ان ارى يتعذب , هل فهمت ما اقصده ؟منتديات ليلاس كان ترانت كولبى يتمتع بشخصية قوية و نافذة . ينبع منها نضج كبير و قوة غير اعتيادية . و الدليل على ذلك يظهر فى نبرة صوته الحاسمة و كتفيه العريضين و ملامح وجهه البارزة و عينيه المحدقتين اللتين يغشاهما ظل من الحزن . اعلنت فيفيان ببرود : - وجودى فى طنجه لا يفرحك , اليس كذلك ؟ رفع كتفيه و قال : - عندما كنت فى سن روبرت , لم يكن الرجل ينظر الى الحب هكذا كان بحاجة كى يضم حبيبته بين ذراعيه لا ان يحبها بالمراسلة . - و مع ذلك لم تصبح ليناً و ناعماً بما فيه الكفاية! . ابتسم و اضاف : - و هذا ينطبق عليك ايضا قولى .... لماذا هذا التعلق بروبرت ؟ لا يدل منظرك على انك امرأة قادرة على الاكتفاء بحب افلاطونى . تبدين لي عكس ذلك , كأنك عشت تجربة ما فى حياتك ! . - قبل مرضه , لم يكن روبرت يعيش حياة النساك على ما اظن ! - لا يبلغ اخى من العمر سوى 24 عاماً . مازال صغيراً بالنسبة الى فهم غرائب المزاجات الانثوية ولو سمع كلامى , لما كنت هنا اليوم . لكن بما ان الأمر اقتضى وجودك , فمن صالحك الا تتهربى من واجباتك . تذكرت فيفيان بكاء لوسى مساء امس و قالت : - ربما انت مخطئ تجاهي , الم تفكر بذلك ؟ يحصل احياناً ان تقع النساء – و احياناً الرجال – بحب مراسلهم ! اجاب بسخرية: - اذن , آمل , يا آنسة بليث , او بالأحرى يا فيفيان ما دمت ستصبحين من الآن فصاعداً جزء من العائلة انك لم تخطئى . ادارت فيفيان وجهها نحو النافذه مستاءة من شكوك ترانت كولبى تجاهها و من وقاحته فى اظهار نفوره و كرهه ثم راح نظرها يجول داخل السيارة الفاخرة , من خلال الزجاج الازرق الفاصل , كانت ترى عبدول يقود السياره بمهارة فى السير الكثيف . و قربها فى المقعد الخلفى , كان ترانت كولبى ببزته الثمينة و ازرار اكمامه الذهبية و ساعة يده الذهبية الضخمة . لاحظت فيفيان كل هذه التفاصيل بعبسة استياء و اشمئزاز . فهى تعرف ماذا يفعل ترانت كى يعتاش . فالرجال الذين يربحون ثروة ضخمة على حساب الغير يزعجونها ولا تبالى بهم , بل تتحاشى رفقتهم . غادرت السياره الطرقات الواسعة وراحت تتسلق التلال الخضراء . فلمحت فيفيان جدران الكاسبا , و الجامع الكبير و القبب و المنارات . كل هذا الجمال الذى كانت تحاول ان تنساه بات هنا , امام عينيها , ليتحاداها و لما كانت تخفض نظرها رمقها ترانت كولبى بنظرة ساخرة و قال : - استفيدى من التأمل جيداً فى هذه المناظر لأنه ليس عندك الوقت للقيام برحلات و نزهات سياحية . فروبرت عاجز عن مغادرة المنزل و يأمل فى رؤيتك بقربه بأستمرار ***** يتبع.. |
اريد ان اعبر لك عن تعاطفى و مودتى تجاه روبرت ...... هذا الضعف المفاجئ .... عندما علمت بالنبأ , كنت ....
قاطعها قائلاً : - يعرف روبرت انه لديه من هذه الحياة اياماً معدودة , لكنه ليس كئيباً كما تتصورين . بالعكس , انه مرح بالرغم من مرضه و ارغب ان يظل هكذا . و دورك ان تظلى بجانبه من دون ان تذكريه بعاهته , لأننا لا نتداول هذا الموضوع ابداً . دخلت السياره الباب الحديدى لمنزل يسيطر على المدينه . و برزت الفيللا ذات الجدران البيضاء و السقف الاحمر و القبب و السلالم الحلزونية . و شرح لها ترانت كولبى : - تدعى هذه الفيللا "كوريا" و هذا يعنى "التلة ". اجتازت السيارة بستان خوخ ثم بستان برتقال , لتستقر نهائياً تحت اشجار الارز . صعدوا السلالم الرخامية ولما وصلوا الى البهو , قال ترانت كولبى بابتسامة كريهة : - مريضنا يدخل الى فراشه فى السادسه مساءاً كل يوم . لذلك عليك ان تنتظرى حتى صباح الغد كى تتعرفى اليه. العشاء سيكون جاهزاً بعد ساعة من الآن . و بينما كانت فيفيان تستدير كى تتبع عبدول , اضاف ترانت قائلاً : - لا يوجد فى هذا المنزل سوى الرجال . اذا كنت تفضلين ان اوظف لك خادمة , فلا مانع لدي . - بامكانى الاهتمام بنفسى على احسن وجه . اجابها بسخريه واضحه : - كما تشائين . ثم اشار برأسه و ابتعد . اما فيفيان تمكنت من رؤية بعض السجاد العجمى و الاثاث القديم , و لم تشعر تجاه صاحب المكان الا بالنفور و الاشمئزاز . ادخلها الخادم الى غرفة واسعة , لا يقل ديكورها ترفا عن الطابق الارضى . السرير واسع و مصنوع من القماش المشجر و المقصب . البساط احمر سميك اشعل عبدول نور الحمام , و ازاح الستائر و قال باللغه الانجليزيه و بلهجة حادة : - هل ترغب الآنسة بشئ آخر ؟ -كلا, يا عبدول , اشكرك. بالرغم من منظره المتجهم , كانت نظرة الخادم دافئة و على شفتيه ارتسمت ابتسامة لطيفة . ابتسمت له فيفيان بدورها بينما كان يغادر الغرفة . ثم انصرفت الى افراغ محتوى حقائبها . اغتسلت بسرعة و تزينت ببساطة ثم ارتدت فستاناً من الكتان الوردي و نظرت الى نفسها فى المرآة فشعرت بتوتر غريب . عيناها الجوزيتان لا تظهران قلقها . اطمأنت و خرجت من غرفتها . على طاولة غرفة الطعام تلمع الآنيه المصنوعهدة من الكريستال و الفضة . و ترانت كولبى ببزته السموكينغ كان فى انتظارها . فقال بلهجة ودودة متصنعة : - مساء الخير , يا فيفيان . هل اعجبتك شقتك؟ اجابت بهدوء : - نعم , شكراً . وبينما كان يساعدها للجلوس على الكرسي المحوت، احست بعطره الثاقب ، ثم دخل خادم آخر يدعى معين، يرتدي سترة مقلمة وسروالاً ، وكانت مهمته القيام بخدمة المائدة.منتديات ليلاس ***** يتبع.. |
فراح كولبى يحدثها خلال العشاء عن امور لم تكن تهمها و يفتح معها تحقيقاً فضولياً .منتديات ليلاس
- كان روبرت يكتب لك باستمرار و يرسلها الى ايلسهورست , قرب اوكسفورد اليس كذلك ؟ لقد سبق و زرت هذا المكان . هل تسكنين هناك منذ صغرك ؟ - كلا , لقد انتقلت الى هناك منذ سنوات . - مع عائلتك ؟ - وحدي، كنت احب هذه المدينة و بحثت عن عمل لي هناك . و الآن اعمل سكرتيرة فى شركة كبيرة للمبيعات . - لكنك تبدين لي امرأة لا تكتفى بالحصول على وظيفة ثانوية . - لست سوى موظفة صغيرة و آسفة ان اكون قد خيبت آمالك . - فى كل حال كنت انتظر منك ذلك . و بعد انتهاء العشاء اعلن قائلاً : - يمضى اخى معظم اوقاته فى بركة السباحة , فما زال قادراً على التحرك بسهولة فى الماء عليك ان ترافقيه فى السباحة لئلا تخيبى ظنه . - اسبح جيدا لكن ....تصورت ......... - روبرت ليس معاقاً يتألم ،اخلعي هذه الفكرة من رأسك . مرضه لا يسمح له فقط بأن يقوم بالنشاطات التى يتمتع بها اي شاب بصحة جيدة . شعرت فيفيان بالدم يعلو وجهها , ولاحظ ترانت كولبى هذا الامر فى الحال و سألها بسخرية : - ماذا جرى ؟ هل انت خائفة من العلاقات مع رجل لم يسبق ان التقيت به من قبل ؟ استعادت وعيها فى الحال و اجابت بلهجة حازمة : - لا شك ان روبرت رجل جذاب و لطيف , فى الواقع , كما كان عليه فى رسائله. زم ترانت عينيه الزرقاوين و قال : - انا شديد الفضول حيال معرفة ردة فعل اخى عندما سيراك . بدأ الحديث يدخل نمطاً خطيراً . وقفت فيفيان من دون استعجال و توجهت نحو النافذة . صحيح ان اسئلة ترانت ارهقتها لكن اصعب الأمور هي المواجهة مع روبرت . ماذا سيكون رأى روبرت بها ؟هل سيلاحظ لعبتها ارتعشت بصمت من دون ان تظهر ذلك . و بحزن راحت تنظر الى سقوف الكاسبا , و المنارات الممتده نحو السماء المنجمة . اقترب منها ترانت و قدم لها سيكارة و قال : - هل تعجبك الاقامة فى طنجة ؟ اجابت بأبتسامة حزينة : - لست هنا لأزور البلاد , بل لأن روبرت بحاجة الي، و اي سبب يجعلنى اقوم بهذه الرحلة لولا حبى له ؟ قال و هو يسحب عميقاً من سيكارته : - للتعرف الى بلد جديد , مثلاً . او لقضاء عطلة فى فيللا مغربية فاخرة . هذا اذن سبب سخريته المبطنة و تلميحاته الغامضة ! يعتقد انها جاءت الى هنا للكيف ... و انها انتهزت الفرصة الاولى لترك عمل ممل بحجة مرض روبرت ..... يا لوسي المسكينة ! اجابت الفتاه بغضب و احتقار : - لا تتصور ان كل هذا الترف يثيرنى ! ***** يتبع.. |
الساعة الآن 07:34 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية