منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   حصري 11 - دليلي - فيوليت وينسبير - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t129662.html)

Rehana 19-12-09 12:56 PM

الجزء الأول
رفعت فانيسا اصابعها المرتجفة إلى رأسها، كانت تجلس دون حراك تحدق في ستائر غرفة نومها المطلة على الأدغال القريبة، قرع الطبول يقترب أكثر فأكثر و يعلو وسط هدأة المساء، صوت آخر قريب جداً مزق سكون البيت، ماذا؟ طلقة مسدس؟ قمر الليل
جمدت فانيسا مكانها خائفة.. ترى، ما الذي ينتظرها في الطابق السفلي؟ لكن الحب و الشعور بالقلق على عمها تغلبا على خوفها فهرعت إلى مكتبه صارخة، في القاعة المؤدية إلى غرفة المكتب وقفت فانيسا وجهاً لوجه امامه..الرجل المديد القامة، في ثيابه من الحاكي..ملأ الفزع قلبها عندما رأت المسدس المتدلي من يده.
- أنت ياسيد!.منتديات ليلاس



* * * * *

يتبعـ...

Rehana 19-12-09 12:57 PM

خرجت الكلمات من فمها بمرارة وهي تتخطاه لدخول المكتب.
كان النظر رهيباً، عمها برأسه الأشيب الحبيب كان كومة ملقاة على الأرض، ركعت فانيسا أمامه بلهفة منادية:
- عماه! عماه! أجبني، هل أنت مريض؟
لكن فمها الذي التصق بجبين الرجل الكهل ارتد عنه بسرعة.، كان جبينه بارداً كالثلج .
- هيا آنسة.
أحست فانيسا بيدي الرجل الثقليتين على كتفيها ترفعانها عن الأرض و تدفعان بها إلى القاعة.
- يجب ترك هذا المكان بسرعة، ليس باستطاعتنا عمل أي شيء للسيد كارول، والمركب بانتظارنا قرب النهر.
لم تفهم فانيسا شيئاً مماجرى، حاولت تخليص ذراعيها من قبضة الرجل، للحظة لم تعرف ان كان صديقاً ام عدواً، ورمقته بنظرة تحمل كل رعب الدني.
فهم الرجل وقال موضحاً:
- عمك مات اثر نوبة قلبية ياآنسة كارول، الرصاصة التي سمعتها اطلقتها على شبح كان يتحرك في الخارج.
على الرغم من تصديق فانيسا قوله الا أنها بقيت جامدة مكانها.
اقترب منها الرجل وهمس بلكنته الغريبة:
- التمرد أخذ طريق الثأر الأعمى، عليك قبول مساعدتي ياآنسة سواء رضيت بذلك أو لم ترضى.
- ماذا تقصد بذلك ياسيد؟
- هل تريدين شرحا ً مطولاً؟ عمك الطيب، رحمه الله، كان صديقي و أنا أنوي تخليصك من هذا المكان شئت أم أبيت.
قال ذلك وقبض على ذراعها بقوة مضيفاً:
- الوقت قصير، علينا لخروج بسرعة، الا تسمعين؟ قرع الطبول يقترب و أنا لا أحب أن استعمل العنف لإخراجك من ادغال اورداز.
ارتجفت أوصال فانيسا، فقد كان صوت الطبول يصم الآذان وكانت تعرف جيداً أن الرجل الواقف أمامها، دون رفاييل دوميريك قادر على استعمال العنف معها.
في الواقع كان قد بدأ يسحبها من الباب مصطحباً اياها الى العتمة الاستوائية في الخارج.منتديات ليلاس
مسافة نصف ميل تفصل البيت الذي تركاه وراءهما عن النهر.
كان الدون رفاييل يساعد فانيسا لتسرع وسط الادغال الاستوائية مزيحاً الأغصان المتشابكة من أمامها.
أخيراً وصلا إلى حيث المركب، ساعدها الدون على نزول الدرجات المؤدية إلى اقمرة فرمت فانيسا بنفسها على السرير وهي ترتجف.
في ظلمة القمرة ملأت المرارة قلب فانيسا وهي تستعيد ماجرى في الأيام القليلة الماضية.
كانت الثورة قد بدأت وامتدت إلى مسافة قريبة من اورداز حيث احرق الثوار مزرعة على من فيها، تذكر يومها أن الدون رفاييل جاء إلى عمها راجياً إياه أن يترك اورداز و يذهب معه إلى جزيرة لويندا حيث يسكن.
لينارد كارول، عم فانيسا، والذي قضى في اورداز اكثر من ثلاثين سنة، لم يقبل عرض الدون، لم يصدق ان العمال الذين أحسن معاملتهم يمكن أن ينقلبوا ضده، حاول الدون اقناع فانيسا بالذهاب معه ورفضت هي أيضاً.
- آمل ألا تندمي على عنادك يا آنسة كارول.

* * * * *

يتبعـ...

Rehana 19-12-09 12:59 PM

قال الدون ذلك لغطرسة السيد الأسباني الذي لم يكن معتاداً على قبول الرفض من امرأة.
ثم أكمل ببرودة:
- يظهر ان الانكليز يندفون وراء شجاعة مزيفة، وعندما يفوت الأوان يدفعون ثمن غلطتهم بحياتهم.
ثم نظربغضب إلى عمها قائلاً:
- سيد كارول، أرجو أن تلح على الآنسة بالذهاب معي حالاً.
- آسف يادون رفاييل فنحن لا نجبر نساءنا على القيام بأي عمل، خاصة اذا كن ذوات شعر أحمر.
قال العم ذلك متطلعاً إلى فانيسا و مبتسماً.
- حسناً، عندك رقم هاتفي، اتصل بي ان ساءت الأمور.
ثم انحنى بتهذيب و خرج تاركاً فانيسا تصلي ان تكون تلك المرة الأخيرة التي ترى فيها وجهه.
في الأسبوع التالي ساءت الأمور أكثر، وبالتحديد، جاء هذا اليوم عندما ترك الخدم البيت الواحد تلو الآخر، عند ذلك طلب العم كارول من فانيسا ان تجهز القليل من الأمتعة التي قد يحتاجانها وذهب ليتصل هاتفياً بالدون رفاييل متمتماً:
- كان الدون على حق و يعرف الناس أكثر مني.
ذاك ماحدث وماكسر قلب عمها العزيز و قتله، وهاهي الآن في الحادية والعشرين من عمرها وحيدة..وحيدة، عمها كان كل ما بقي من أهل بعد أن قتل والداها في حادث سيارة وجاءت لتعيش معه في مزرعة القهوة على شاطئ نهر أورداز.
نظرت فانيسا من نافذة القمرة الصغيرة وهي مستغرقة في أفكارها لترى ألسنة اللهب المتصاعدة من بعيد.
أحرقوا بيتها الأبيض الجميل! احرقوا كل ذكرياتها مع عمها الطيب.. وبدأت ترتجف مثل ورقة في يوم خريفي.
بعد أن وجه الدون سير المركب نول الى حيث كانت تجلس في العتمة، اضاء القنديل وسألها ان كانت بخير.
كان صوته بارداً و بعيداً، ترى، ألم يتوقع أن تكون فانيسا شاهدت بيتها يحترق؟ ألا يظن انها بحاجة إلى موساة و عطف؟ ام كان يتجنب ذلك كي لا يراها تنفجر بالبكاء! وبدل المواسة قال بغضب:
- كان الجنون بعينه رفضك عرضي في الأسبوع الماضي، واليوم لوتأخرت قليلاً لفاتني الوقت و عجزت عن انقاذك.منتديات ليلاس
أجابت فانيسا بصوت مرتجف:
- لم استطع ترك عمي وحده، كان كل اهلي، لم يخطر بباله أبداً أن ينقلب عماله ضده، لقد أحبوه و أحبهم، لماذا ياسيد؟ لماذا فعلو ذلك؟
- لأن قائدهم أغراهم بالوعود، بثروات الرجل الأبيض كلها ان هم انقلبوا عليه، اتركي الذكريات وراءك، عائلتي تنتظرك، بإمكانك البقاء معنا قدر ماتشائين.
- شكراً لك، لا أعرف كيف أرد جميلك.
- من يتحدث عن رد الجميل ياآنسة.
وفجأة تغيرت لهجته ومرر أصابعه في شعر فانيسا بلطف وحنان، ثم قام و أحضر لها كوباً من الشاي فقد كانت ترتجف.
عندما هدأت قليلاً خفض الدون النور وطلب منها أن تحاول النوم فيما زالت امامهما بضع ساعات قبل الوصول الى لويندا كما قال.
تمددت فانيسا على السرير الضيق محاولة النوم لكن صوراً كثيرة مرت في مخيلتها، تذكرت الأوقات التي كان يأتي فيها الدون لزيارة عمها في اورداز.

* * * * *

يتبعـ...

Rehana 19-12-09 01:00 PM

كانا صديقين حميمين رغم فارق السن الكبير بين الرجلين، تذكرت كم كانت تراه غريباً في ثيابه البيضاء، كما تذكر الطريقة المهذبة التي كان يكلمها و يعاملها بها.
مرة، عندما كانت مجموعة من الشبان في بيت عمها، جاء الدون للزيارة، كانت حفلة راقصة و صاخبة وكانت فانيسا الفتاة الوحيدة الحاضرة، أحد الشبان وكان يدعى جاك كونروي راقصها كثيراً تلك الليلة و أحست بميل اليه، تذكرت كيف كان الدون يقف بعيداً يدخن سيكاراً و يراقبها ببرودة، بعدها قال لعمها:
- لازالت طفلة.
ولأنها مازلت طفلة لم تكن تميل الى الدون، ووصلت الأمور الى ماوصلت اليه.. ربما لو قبلت عرضه الاسبوع الماضي لما مات عمها بنوبة قلبية.. ربما كان ذهب معها الى لويندا، وأخذت الدموع تنهمر بغزارة من عيني فانيسا المتعبتين الى أن غلبها النوم.
بعد ذلك بقليل استفاقت فانيسا على صوت خطوات الدون القادم من غرفة القيادة ، أخبرها بلهجة المهذبة الباردة ان لويندا اصبحت قريبة، وطلب منها ان تغتسل و ترتب نفسها استعداداً لملاقاة عائلته.
شعرت بالغيط لطلبه، هل من المفروض ان تكون بكامل اناقتها ليراها أهله؟ وبعد رحلة الهرب المضنية في الأدغال؟ وماذا لديها من ثياب غير الثياب الممزقة الوسخة التي تلبسها! كل شيء احترق..كل شيء..
بثقل كبير مشت فانيسا نحو المغسلة ورشت وجهها و شعرها و عنقها بالماء البارد المنعش، اذن عليها أن تكون حسنة المظهر عندما يستقبلها أهل هذا الرجل الاسباني المتعجرف البارد! كم تكره الاعتماد على غير نفسها، وعليه بالذات.
حاولت فانيسا جاهدة أن تمسد ثيابها و تخفي التجعيدات البشعة فيها، اما صورة وجهها في المرآة فكانت متعبة و شعرها الجميل مشعثاً.
تناولت فرشاة الدون الكبيرة قد بدأت تتسلل وسط ظلمة الليل الاستوائي متيحة لفانيسا ان ترى اجمل منظر وقعت عليه عيناها.
شاطئ فضي لبحيرة هادئة تحيط بها أشجار جوز الهند الجميلة، عند قدمي تلة عالية تستريح فوقها بكل شموخ قلعة توحي بالعصور الرومنطيقية الساحرة.
- رائع! رائع ياسيد!
ولمعت عينا فانيسا الخضروان في وجهها الشاحب المتعب، نظر اليها الدون مبتسماً ثم حول نظره الى مكان الجميل حوله قائلاً:
- مع ان القلعة مبنية على طراز القلاع العادية، الا ان حجرها المميز ذا اللون الوردي المذهب هو الذي يضفي عليها السحر.قمر الليل
همست فانيسا مأخوذة:
- كاستيلو دورو، وكأنها خارجة من كتاب أساطير!
- ابنتي بالتبني، فقد مات والداها وكانا صديقين لي، ندعوها باسم آخر.
وابتسم ابتسامة ماكرة ثم اكمل:
- تسميها" حبس الأسيرة الشقراء"، فتاة رومانسية، ستصبحان صديقتين كما أعتقد.
لمست فانيسا بعض السخرية الخفية في كلامه وفي عينيه اللتين تطلعتا اليها طويلاً قبل أن يوجه اهتمامه الى المركب.

* * * * *

يتبعـ...

Rehana 19-12-09 01:01 PM

أشعة الشمس على وجهه لمعت للحظة في عينيه، وعرفت فانيسا انها كانت مخطئة وان عينيه ليستا سوداوين، أحست بالرجفة وأدركت ان عليها ان تكون دائماً حاضرة لمواجهة مفاجآته.
- انظري!
قال الدون مشيراً بيده الى مكان قريب من المرسى، كان رجلان يقتربان من جهة الصخور، أحدهما تلقى الحبل الذي رماه له الدون، والآخر ساعد فانيسا على النزول الى الشاطىء، كان كلا الهنديين يتفحصان فانيسا بنظرات فضولية، وعرفت هي من جمال وجيهيهما البربري وعظام خدودهما العالية ان بهما دماً اسبانياً، كثير من هؤلاء الهنود ينحدر من نسل العبيد الذين كان يملكهم الاسبان الأولون على الجزيرة.
عندما كان الرجلان يوجهان الحديث الى الدون كانا يسميانه كومبادر، فعرفت فانيسا انهما من عماله الكثيرين على مزراع الفاكهة و البهارات و معامل العطور التي يملكها.
سار الدون الى جانبها بمشيئة الرشيقة وأخذ يخبرها ان الرجلين اصطادا بعض السمك ويريدان تحضير الفطور لهما على الشاطئ.منتديات ليلاس.
أحست فانيسا بالجوع عندما وصف لها الدون كيف سيحضران السمك على نار قشور جوز الهند، يجب أن تأكل لتستجمع قوتها لملاقاة عائلة الدوميريك.
تصاعدت رائحة السمك المشوي اللذيذة، وعندما تم حضيره أكلت فانيسا بنهم كبير، لم تذق في حياتها أطيب من هذا السمك وكان حليب جوز الهند الذي قدمه لها الدون منعشاً و لذيذاً، بعد الانتهاء من الطعام جاء أحد الرجلين لتنظيف المكان، شكرته فانيسا، ابتسم لها وذهب لغسل الصحون في ماء البحر وهو يغني لنفسه.
سألت فانيسا الدون بفضول:
- ماذا تقول كلمات الأغنية ياسيد؟
أجابها ببساطة:
- تقول ان البحر مثل الحب..قاسٍ وجميل.
ثم أكمل قائلاً عن الرجلين:
- جاليتو و بيريكو أخوان، اناس بسطاء استخدمهم لقضاء بعض الحاجيات في القلعة.
- ألا تخشى أن تمتد ثورة أورداز إلى هنا ياسيد؟
- لا، لويندا بعيدة و مقطوعة عن الثوار، والاسبان فيها منذ القرن السادس عشر، تعرفين طبعاً اننا نحن الاسبان مثلكم أنتم الانكيز تماماً ..لنا محميات كثيرة.
هنا ينتهي التشابه، قالت فانيسا لنفسها وهي تعبث برمل الشاطء وتحدق في البحر، تقول الاشاعة ان من فجر الثورة في أورداز رجل اسباني، وهنا عادت المرارة الى نفس فانيسا وهي تتذكر ماحدث، مرارة المستقبل المظلم الممتد أمامها.
يد الدون على كتفها أعادتها الى الحاضر، نظر إليها قائلاً:
- ليلة أمس كنت مازلت غاضبة وغير مصدقة، كان المر صدمة لك، ووقت الصدمة يكون الم أقل، الآن أنت حزينة و متألمة، تفكرين بماحدث، و بحظك التعس الذي أوقعك بين يدي هذا الرجل الاسباني المتعجرف الآتي من جزيرة لويندا، لابأس يا آنستي، الوقت كفيل بمسح كل آلام الدنيا، كوني شاكرة انك ما زلت على قيد الحياة.منتديات ليلاس الثقافية

* * * * *

يتبعـ...


الساعة الآن 01:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية