- لا أظن أنني قادرة على الوصول إليه . . ألا تظن هذا ؟
تمتم شيئاً من بين أنفاسه ، ثم حملها مجدداً ليوقفها على الأرض . . كان الجدار بارداً على خدها ، وأسندت نفسها إليه كالحمامة ، وهو يجهز السرير ويحضره لها ، قال : - أنت بحاجة إلي حمّام . . لا. . دوش ساخن أفضل . . أقادرة على القيام به وحدك . . ؟ هزت رأسها ، لكنه قال لها : - سأنتظر خارج الباب ، واصرخي إذا احتجت لأية مساعدة . منتديات ليلاس حاولت الوقوف ، لم تستجب عضلاتها لها ، فنظرت إليه بتوسل أبكم . وسأل بخشونة : - هل تناولت أي طعام ؟ هزت رأسها نفياً ، وآلمها هذا ، فقالت : - لا . . لكنني لا أشعر بالجوع . . حقاً تشاد . - أنت أصغر سشناً من تركك لوحدك . . تمكنت من السير إلي الدوش دون دعمه . كانت المياه دافئة، هادئة على جسمها المتعب . وأبطأت في تبليل شعرها . . وبدا لها فكرة جيدة أن تغسله لكن هذا أرهقها . . قال لها وهي تخرج إلي غرفة النوم : - لا أدري لمَ غسلت شعرك . . لكنه يجعلك تبدين في الثانية عشر من عمرك . . وهذا أمر جيد. تنهدت ، فأجلسها ، وجفّف شعرها قبل أن يقول: - حسن جداً . . أيمكنك ارتداء ملابس النوم ؟ |
قالت كطفلة مطيعة : أجل .
- سأنزل إلي تحت لأُجري بعض الاتصالات. طال بها الوقت ، لكنها تمكنت من ارتداء ثوب النوم القطني . كانت حين عاد تسعل مجدداً ، تمسح الدموع من عينيها بمنديلٍ مجعدٍ . سألها : - ألديك مجفف شعرٍ ؟ - لا . لمس خصلة قرب وجهها : - يكاد يجف . . والآن إلي سرير . . أتشعرين الآن أفضل حالاً ؟ أحست وكأنها في النعيم . . كانت المفارش باردة ونظيفة كجسمها النظيف. . وحافظت على توازن رأسها رغم دورانه، وابتسمت لتشاد : - شكراً لك . . سأكون بخير الآن . كذّب سعالها الحاد ما قالته لسوء الحظ ، كانت مطوية الجسم ، بذراعين مكتفيتين على صدرها تتنفس أنفاساً خفيفة مؤلمةً . . قالت حين أحست به يقترب منها : - يجب أن لا تفعل هذا ، فقد تلتقط الجرثومة . - أنا لا أمرض أبداً . . استلقي وسآتيك بشيء تشربينه . غاب قليلاً ، وعاد يحمل عند عودته صينية وتقفز بيتسي في أعقابه . . فقال بنعومةٍ : - كلي . . طبق البيض المخفوق أشتهر به . . وسأغضب إذا رفضته . لم تشعر خلال يومين بالجوع أبداً . . ما إن وضع الطعام أمامها حتى غمرها الإحساس بالجوع ، وقالت : |
- تبدو لذيذة ، من أين جئت بالصينية ؟
- من السيدة مونرو ، لقد وصلت منزلها لتوها . أكلت البيض المخفوق اللذيذ ، وأنهته تماماً مع رنين جرس الباب . . فقال تشاد وهو يأخذ الصينية : - هذا بلا شك الطبيب . - أوه . كان الطبيب في نفس سن تشاد تقريباً ، ابتسم لها بلطف مهني ، وأبعد تشاد بحزم والكلبة معه . . واستدعى ، بعد عشر دقائق من الإصغاء وقراءة ميزان الحرارة وتفحص النبض ، تشاد مجدداً . وقال بجدٍ: منتديات ليلاس - إنها حالة التهاب رئوي سيئة ، أما العطاس فسببه التهاب جيوب أنفية ، إضافة إلي قلة الطعام . أحست ناتالي بالذنب يتصاعد إلي وجهها . . لكن الطبيب تابع : - سأعطيك وصفةً طبية ، مضاداً للالتهاب وأقراصاًُ للألم وشراباً للسعال . . وستبقين في الفراش ليومين آخرين على الأقل . . وفي داخل المنزل ، وإذا كان لديك التفكير السليم ستمكثين حتى نهاية الأسبوع . . وكلي ! تركها دون اهتمام بشكرها له ، وسمعته يحدث تشاد في الطابق الأسفل لبضع دقائق ، ثم جاء صفق الباب الخارجي ، ووقع أقدام تشاد على السلم . قال : - سأذهب لأحضر لك الدواء . وجدت مُفتاحاً في حقيبتك لذا سأدخل لوحدي . |
هزت رأسها إيجاباً . . قالت وهو يستدير ليذهب : تشاد . . شكراً لك .
نظر إليها طويلاً نظرة كانت تحاول إيجاد معني لها حين تغلب عليها النعاس . كان للأقراص تأثير غريب عليها ، جعلت رأسها أكثر تشوشاً مما كان . . لكنها استعادت وعيها في مرحلة ما من الأمسية لتقول : - لا يمكنك البقاء هنا تشاد . . يجب أن تعود إلي بيتك . رد بخشونة: - لأقضي الليل كله وأنا قلق عليك ؟ - لكن أمك . . ليس من مكان هنا لك لتنام فيه . - اتصلت بأمي ، أما النوم فهناك الصوفا. هزت رأسها بارتباك ، جعلتها الدموع الساخنة تحس بالإرهاق ، وهمست : - أنت لطيف جداً . - لطيف ؟ كانت الكلمة أشبه بالانفجار أو كأنها قد أهانته : - لا أنا لست لطيفاً عزيزتي . . نظرت إليه بجبين مجعدٍ علّها تحاول النظر إلي ما يخفي قناعه الأسود . . سحرتها عيناه الزرقاوان المليئتان بأنوارٍ صغيرة متحركة . . مدت يدها النحيلة والمرتجفة ، لتمسك بيده الحارة القوية : - بلي . . انت لطيف . جذبتها إليها بحيث استطاعت وضعها بين خدها والوسادة . ونامت هكذا لتستيقظ مرة واحدة فقط خلال الليل وحلقها جاف كأنه مليء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
بالرمال الخشنة . . وكان صوته هادئاً رائعاً ويداه لطيفتان وهو يجلسها في السرير ليعطيها أقراصاً للألم كان قد وصفها لها الطبيب.
تنهدت قائلة : لا تذهب . ثم نامت مجدداً ، لتستيقظ في الصباح وقد انكسرت حدة الحمى ولتجد رأسها بثقة على كتفه وتضمها ذراعه إلي جسده . أحست نحلقها يؤلمها لا تخرج الكلمات منه . . منتديات ليلاس تنفست بصعوبة وحذّرها الصفير بأن رئتيها لا زالتا تقاومان الإصابة . . لكنها ما شعرت في حياتها يوماً بسعادة مماثلة . ز كانت هذه اللحظات ثمينة جداً لها ، وبقيت مستلقية بهدوء وعيناها مغمضتان . ذراعه فوقها مقوسة بحيث تستريح يده إلي خصرها ، وخيّل إليها بأنها قادرة على الإحساس بكلطرف أصبع منها على حدة . وتساءلت بخيالٍ واسعٍ ما إذا كانت ستحمل أثرها مدى الحياة . ز غبية ! من غير المجدي أن تطلقي العنان لخيالك هكذا ! ثم غفت . . كانت وحيدة حين استيقظت مجدداً . استلقت لعدة لحظات بهدوء ، تتساءل لماذا تحس الهجران . . إلي أن عاودتها الذكرى ، فأدارت رأسها . . ولم تجد أثراً له . أكان ذلك حلماً ؟ كيف يمكنها أن تبتعد عنه وعقلها الباطن يتلاعب بها هكذا ؟ تقلّبت مراراً في الفراش ، وأدارت رأسها متأوهة . . لكن لا . . لم يكن حلماً . . وفكرت بمرارة : من الخطر أن تصبح مدمنة على هذا ، كما من الخطر أن تقع ضحية غرامه . كانت قد غسلت وجهها حين صعد الدرج ، ونظفت أسنانها ، وأخذت الدواء الموصوف لها ، وجلست على جانب السرير لتمشط شعرها |
الساعة الآن 10:32 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية