منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207718.html)

Rehana 06-09-20 07:56 PM

رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
 
وعندما سمعت صوته أدارت رأسها إليه وما زالت وجنتها على ركبتيها , ولم تبد عليها الدهشة التامة لرؤيته , وأخذت تتفرس فيه بإتزان عدة لحظات قبل ان تقول : " إصعد إلى هنا , إذا شئت . "
وعندما جلس بجانبها , اضافت تقول : " رأيت المكان مريحاً هنا " واستقامت في جلستها متكئة على يديها وهي تنظر أمامها إلى المياه المزبدة والتلال البعيدة المغطاة بالغابات وإلى الغيوم القطنية البيضاء .. ثم اضافت : " وهادئاً "
تابع جيرالد نظراتها , ثم أومأ موافقاً . " انه عالم جديد تماماً , بالنسبة إليّ , كما تعلمين "
" هذا ما أظنه "
أغمضت عينيها مستمتعة بهذه اللحظة , وإذ كانت تشعر بوجود جيرالد بجانبها , فقد كانت تستمتع بذلك أيضاًَ , وتابعت تقول : " كما انه جديد على الدوام "
" فيرونيكا ... "
لم تجب, وبقيت عيناها مغمضتين .
" لقد أغضبتك تلك الليلة ..."
" لماذا لا ننسى كل هذا ؟ "
" كلا " ووضع يده على ذراعها , وعندما فتحت عينيها ونظرت إليه قال : " لقد جرحتك من بعض النواحي , فقد كان عليّ ان اقول شيئاً ... أردت ... ولكنني ..."
وضغط شفتيه مشمئزاً من نفسه , ثم قال متمهلاً وهو يهز كتفيه : " كنت مذهولاً "
" لا بأس , فالأمر تافه "
فقال بحرارة : " هذا غير صحيح , فالأمر غير تافه ... فأنت لم تكلميني منذ ذلك الحين "
تجهم وجه روني , ولكنها قررت أن تكون صادقة , ان عليهما ان يتصارحا بصدق : " اذا شئت الحقيقة , فقد كنت تألمت أيضاً ... شاعرة بالضيق , وأن من الحماقة ان اتحدث اليك "
فقال عابساً : " حماقة ؟ " لو أن ثمة شخصاً يتصرف بحماقة بالنسبة إلى بيتر , فذلك هو جيرالد , وتابع يقول : " لماذا ؟ لأجل بيتر ؟ "
ضحكت بهدوء : " لقد قلت ذلك لتوك هناك , أليس كذلك ؟ لأجل بيتر " وعندما زاد عبوسه , قالت تشرح الأمر : "ما أعني هو الزواج لأجل بيتر , لقد شعرت بأن إثارة الموضوع أمامك , في تلك الليلة , وبذهابي إلى تيلمان لتفحص الأمر من كافة وجوهه , جعلتك تشعر وكأنني اضغط عليك , وكأنني أنا التي ستتزوجها ... "
ها قد قالتها ... وأخذت تتفحص أسارير جيرالد لكي تعرف مجرى تفكيره وقد بدت غاية في الضعف , بينما سارع وهو يقول : " روني , ألا تعلمين انك المرأة الوحيدة التي افكر فيها فيما لو فكرت يوماً في الزواج ؟ "
" كلا "
فقال عابساً : " حسناً , انها أنت "

Rehana 06-09-20 07:57 PM

رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
 
شعرت بالتوتر في داخلها يتلاشى حتى وهي تنكمش إزاي اختيار جيرالد لكلماته وهو يتابع قائلاً : " اعني ان ليس هناك غيرك ؟ فعدا عن حقيقة انني لا اعرف أية امرأة أخرى , فإن بيتر مجنون بك , وأي أحمق يمكنه أن يرى مبلغ حبك له "
كان جيرالد يدرك أنه كان يتكلم دون لباقة ولكن يبدو انه لم يجد طريقة يعبر فيها عن الأمور بشكل اكثر لباقة وديبلوماسية , وتابع يقول : " هذا عدا عن انك كنت سبق واخبرت تيلمان "
" حسنا , حسنا " وإذ قررت ان الدعابة هي الشيء الوحيد الذي يمكنه ان ينقذ ولو جزءاً من كرامتها , فقد رفعت يديها بشكل استسلام ساخر : " سمعت من هذا الكلام الحلو ما فيه الكفاية , فاستمر والقي سؤالك اللعين وانقذنا نحن الاثنين , من هذه التعاسة "
تملكه الارتباك ولم يعرف بما يجيب , لقد خطر له أنه مهما كانت نتيجة زواجه من فيرونيكا سايكس , فهي لن تكون السأم أو الملل .
تنحنح ثم التفت إليها , وكانت هي تحدق إليه وقد بدت الرصانة على ملامحها .
وبدت ملامحه هو أيضاً كذلك عندما نظر في عينيها وقال : " فيرونيكا , هل تقبلينني زوجاً لك ؟ "
رآها تبتلع ريقها وقد أخذت اجفانها تطرف ... وكذلك وهجاً من الألم في عينيها وهي تؤمي برأسها قائلة برقة : " نعم "
لتحول نظراتها عنه بسرعة .
لقد آلمها مرة اخرى , ولم يعرف جيرالد كيف كان ذلك , كما أنه لم يفهم السبب تماماً , ولكنه أدرك بالغريزة , ان شعورها هذا يماثل شعوره على الأقل , ولكن ربما هو اكثر إيلاماً وصعوبة لروني منه له .
وفكر بإشمئزاز من نفسه بمبلغ نذالته , إذ يشكو لها بمرارة إضطراره للزواج وخسارة حريته وأشياء تافهة كهذه , في الوقت الذي كانت هي فيه التي تقوم بالتضحيات هنا , فهي لم تعرف قط مارسي لكي تشعر بهذه المشاعر المختلطة التي كان هو يشعر بها نحو تلك المرأة ... العطف والشفقة والأسف والغضب . لإلصاق طفلها به , الشيء الوحيد الذي كانت روني تشعر به نحوها هو العطف ولكن مجرد العطف هذا يجعلها تقدم ثلاث سنوات من عمرها لسجين سابق ومشاكله . كم من النساء تقدم مثل هذه المكارم للرجل ؟ قليلات جداً .
ولكن هذه المرأة فعلت ذلك , واستحقت منه ان يجعل هذه اللحظة خاصة , غير عادية .
وبتردد , جزاء كرمها ومودتها لكل الآخرين , نظر إليها قائلا برقة : " روني , هل لك ان تنظري إلي من فضلك ؟ "
فنظرت إليه مرغمة .
قال لها : " اننى أريدك ان تعلمي أنني أقدر حقاً ما تقومين به , انك لن تندمي قط ... "
ولكن عندما أخذت روني تحدق في عينيه الزرقاوين القويتين , اخذت تفكر ... آه , ولكنني ندمت وانتهى الأمر , وأشعر بخوف لم اعرفه قط في حياتي ...
وكان هو يقول : " سنقوم بهذا الزواج حسب أوأمرك بالضبط , فأنا لن المسك أبداً , وأعني ..." بدا الارتباك عليه وأخذ يبحث عن طريقة لبقة ليجعلها تفهم .
" أعني ... الحياة الحميمة التي تكون بين زوجين ... "
وشعر فجأة برغبة عارمة فيها , فتابع يقول : " إلا إذا انت ... "
واهتزت الجملة غير الكاملة بينهما وكأنها سهم في وسط هدفه , وبدا بشكل ما أن من المستحيل عل أي منهما تحويل نظره بعيداً , شاعرين بشيء غامض يجذبهما إلى بعضهما البعض .

نهاية الفصل

Rehana 07-09-20 12:34 PM

رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
 
الفصل الثامن


كل ما حدث على تلك الصخرة بجانب النهر حين عرض جيرالد الزواج على روني, حدث بسرعة فيلم سينمائي.
وتملك السرور العمة لويزا والنزلاء لنجاح مسعاهم في التوسط بهذا الزواج الذي انتهى بسرعة, وبقوا اياماً يتناقشون في من هو الذي كانت مساعيه في الوصول الى هذه النتيجة اكثر من مساعي غيره, واذ احتسبت العمة لويزا لنفسها الفضل الاول في ذلك, اصبح ادعاؤها هذا الموضوع نقاش بين النزلاء في غيابها.
لم يقل بيتر شيئاً كثيراً فث البداية, فقد استغرق هذا منحاه يومين لكي يستوعب الوضع الراهن الذي ابتدأ يشعر بالارتياح اليه .وقد منحه جيرالد وروني وقتاً يفكر فيه في هذه الامور قبل ان يأخذاه الى النزهة حيث اوضحا له ان لا شيء قد تغير , لأنه سيتابع العيش في النزل, فهو لن يترك النزلاء الذين اصبحوا جدوداً له شغوفين به.
كما ان روني وجيرالد اجريا بعض الحديث هما ايضاً, تناول جعل موعد الزفاف الاول من شهر اغسطس , والذي كان بعد عدة اسابيع فقط ... وكذلك موافقة جيرالد على العيش في النزل, ما رأوه جميعاً غاية في التعقل, كما ان روني قررت ان النزلاء عموماً, والعمة لويزا خصوصاً, لهم كل الحق في ان يعرفوا ماضيه باجمعه, وقد ذعر جيرالد في البداية ولكنه وافق اخيراً.

Rehana 07-09-20 12:34 PM

رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
 
وكما كانت روني تنبأت, فقد استمع النزلاء, والذين كانوا قد اصبحوا يحبون جيرالد ويحترمونه ,استمعوا برزانة بالغة الى ذلك, وفيما بعد على انفراد عبروا عن موافقتهم ومساندتهم له.
اما القاضي كنيغهام والذي كان دوماً المتكلم غير الرسمي باسم الآخرين, ومع ذلك كان محترماً منهم تماماً, فقد اوجز وصف مشاعرهم بهذا الشكل " لقد كنت اعلم منذ البداية انك كنت رجلاً قلقاً ذا ماضٍ مضطرب يا ولدى جيرالد, ولكنني ادركت ايضاً كما رأيت فيما بعد, انك من اولئك الاشخاص ذوي الاصالة والطيبة "
وكانت كلماته هذه افضل هدية زفاف ممكن ان يمنحها لجيرالد وروني.
اما بالنسبة الى حفلة الزفاف نفسها, فقد قرروا ان تكون بسيطة لا تكلف فيها, وقد سبب هذا الاستياء للعمة لويزا التي كانت تحلم دوماً بروني عروساً متالقة في الثوب الابيض, وبنفسها في ثوب أم العروس الازرق , وقد فسرت روني رغبتها في جعل حفلة الزفاف بالغ البساطة . فسرت ذلك بالرغبة في الاقتصاد وليس في نقص العواطف , وحيث أن العمة لويزا كانت امرأة واقعية , فقد اقتنعت بأن هذا هو الأفضل .
ولكنها لم تشأ أن تستمع إلى ما أخذ يبحثه الخطيبان بالنسبة إلى ترتيبات النوم . لقد ذعرت , في الواقع ولم تضيع الوقت فأخذت تطلب من روني موافاتها إلى إحدى اجتماعاتها الليلية في غرفتها لبحث هذه المسألة .
كانت روني تجلس كعادتها في نهاية سرير لويزا , وكان باقياً على حفلة الزفاف أسبوعان فقط , وكانت هذه أول فرصة تسنح للمرأتين للاجتماع للتشاور . وذلك منذ إعلان الخطبة , أو هذا ما قالته روني , أما الحقيقة فهي انها كانت تتعمد تجنب دعوة عمتها لها للاجتماع حتى الآن .
أخذت تعبث بطرف اللحاف كعادتها كلما أخذت تفكر , وهي تتساءل عن أفضل جواب تقابل به عرض لويزا , لغرفتها الخاصة , وهي اكبر غرفة في النزل , على العروسين , بما في ذلك السرير المزدوج الذي كانت تستعمله مع زوجها العزيز الراحل والذي جددت فراشه السنة الماضية فقط .
لم يكن أمام روني من خيار سوى القول ان جيرالد لم يتزوجها إلا لأجل الاحتفاظ ببيتر اما النوم في الغرفة ذاتها فلم يدخل هذه الإتفاقية ...
وبهذا يتحطم قلب عمتها , فقد كانت العمة لويزا تعتبر نفسها وسيطة الزواج هنا وبالتالي فهي تتوقع أن ترى الزوجين , اللذين جمعتهما معاً , يعيشان بأتم سعادة .
ثمة طبعاً , خيار آخر وهو أن تشكر عمتها وتستلم منها الغرفة , ثم تدع الطبيعة تأخذ مجراها .
كان هذا الخيار الأخير مغرياً , حيث أن روني لم تكن تجد من جيرالد أي نفور من هذه الناحية بعد ذلك الاجتماع بينما على الصخرة عند النهر قبيل إعلان الخطبة والذي لمست أثناءه مشاعر جياشة نحوها ما زال قلبها يخفق لذكراها .
لو انها فقط واثقة من أن قلب جيرالد يخفق هو أيضاً لنفس الذكرى .

Rehana 07-09-20 12:35 PM

رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
 
ولكنها لم تكن واثقة , بل العكس تماماً , فقد كانت رأت نظرة ندم في عيني جيرالد بعد أن طلب منها الزواج , كانت تلك النظرة تعبر عن ندم واضح وكأنه قال ذلك بلسانه , ومنذ ذلك الحين لم تجد منه أي تقرب نحوها , كما أنها هي لم تحاول أن تفاتحه في الأمر , ويبدو ان أياً منهما لم يكن واثقاً مما يريده الآخر منه , وحيث ان الظروف كانت بهذا الشكل , فإن تبادل الحديث بينهما بشكل عاطفي لم يكن وارداً .
ولكنهما كانا يتظاهران أمام بقية النزلاء وخصوصاً العمة لويزا , بملاطفة كل منهما للآخر وتبادل الابتسامات المشرقة .
كذلك كانا يشتركان في أخذ بيتر إلى النزهات والتفرج على الألعاب والفرق الرياضية وأماكن التسلية , أو أخذه إلى أماكن السباحة في البحيرات حيث كان ينتهى الأمر بجيرالد إلى لفت نظر كل فتاة فوق الثانية عشرة من عمرها .
أما بيتر فلم يعد ذلك الصبي الخجول الذي كان جاء اليهم منذ حوالي الستة أسابيع , فقد اصبح يتصرف كأي طفل طبيعي ذي والدين محبين , عدا ولع النزلاء الآخرين به .
في حوض السباحة مع جيرالد وبيتر , لم تكن روني تعلم أنها الأنثى الوحيدة التي كانت تثير مشاعر جيرالد , وكانت هي في الواقع تشعر بجاذبية بالغة نحوه , وكانت ترى أن أحسن مزاياه هي قدرته على التظاهر بأنه لا يهتم بأية امرأة ما عداها هي .
كان رجلاً غاية في الرقة , حقاً كما أخذت تفكر حالمة , وكانت فكرة مشاركته غرفة واحدة تزداد جاذبية كل يوم , ولكن لسوء الحظ , الرغبة من طرف واحد لا تكفي لإنشاء علاقة عاطفية أو زواج حقيقي .
وهذا ما جعل روني امام خيار ثالث , وهي مواجهة عمتها الآن , وهذا الخيار هو المراوغة .
وهكذا رفعت عينيها فتقابلتا مع عيني عمتها , وإذا بها تذهل , بدا وكأن لويزا قد كبرت في السن مؤخراً , ما بدت معه أعوامها السبعون واضحة جلية , وبدون النظارات بدت عيناها باهتتين قصيرتي النظر , كما بدا وجهها مليئاً بالتجاعيد .
فقالت تسألها وقد بدت الحدة في نظراتها : " هل أنت بخير يا عمتي ؟ "
فأجابت العمة باستياء : " لا تغيري الموضوع , فقد كنا نتحدث عن غرفة النوم هنا , ولا أدري ما الذي يشغل تفكيرك من هذه الناحية "
" حسناً , سأخبرك , ولكن حالما تردين على سؤالي أولاً "
" أنا بخير "
" ولكنك تبدين مرهقة "
أجابت العمة بحدة : " طبعا أبدو مرهقة , فالوقت يقترب من منتصف الليل , والآن ماذا بالنسبة إلى غرفة النوم ؟ "
" حسنا ..." وتلعثمت روني متمنية لو أنها تحسن الكذب أكثر من ذلك . " في الواقع , فكرنا أنا وجيرالد ... في ان نترك ترتيبات النوم كما هي الآن حالياً و ... "
استقامت العمة لويزا جالسة وقد اسود وجهها غضباً . " ماذا ؟ وفكرة أي معتوه هي هذه ؟ اتظنينني لا أعرف ؟ "
وانحنت إلى الأمام تهز اصبعها في وجه ابنة أخيها . " والآن اسمعي ما أقول , الخجل مع الرجل هو شيء ..."


الساعة الآن 11:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية