منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   16 - لقاء الغرباء - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t152982.html)

Rehana 09-01-11 02:08 PM

ولكنها لم تستطيع الكلام , عجزت عن صياغة كلمات تعبر عن افكارها وتصف اضطراب قلبها , ذلك الاضطراب الذي لم يعد وليد خوف . وخيل اليها ان شيئاً في كيانها يستجيب برغم ارادتها . فقالت :
"هذه الرحلة القصيرة ... هل .... نستطيع ان نكون سعيدين فيها ؟"
وحدق فيها غير مصدق , ثم جذبها برفق , واحاط خصرها بذراعه , وتمتم :
"اجل ياعزيزتي ....نستطيع ....ان نكون سعيدين ."
سرى في اعماقها شعور بالذنب لا تدري معناه . وتكلمت مسرعة تحاول دفع الشعور عنها :
"ماهذا الصوت يا ليون ؟... أهو الخشب ؟"
فهز رأسه مبتسماً وهو يقول :
" انها حشرة , تدب في الاثاث . سنطلب من خادمة الغرف ان ترش مادة مبيدة ."
قالت :
" حشرة ؟ كيف تدخل في الخشب ؟"
قال:
"صفحات المناضد مثقوبة . وتغلغل هذه الحشرات مدهش ."
قالت :
"احسب انه اذا اوتيتم طقساً كهذا فلابد من قبول المساوىء التي تصحبه . فلا يوجد شيء كامل ! "
وابتسمت ابتسامة واهنة , فعاد يمسك بيديها ويتأملها , ثم رفعها بأسى وقال :
" كلا يا هيلين شيء كامل ."
منتديات ليلاس

* * *
انطلقا بعد الغداء الى فاماغوستا القديمة , في زيارة لأسباب تتعلق بالعمل – بالدرجة الاولى – كما قال ليون , ولكنه لم يبق في مصانع التعبئة سوى دقائق . وقال وهو ينزلق الى مقعد القيادة بجوارها :
"سنمضي في بساتين البرتقال . إنها متعة في هذا الوقت من السنة ."
وكان على صواب اذ كانت البساتين تمتد أميالاً في كل اتجاه . وكانت هناك فضلا عن اشجار البرتقال – اشجار اليوسفي والحامض . كانت المنطقة بأسرها كتلة زهور , والهواء مشبعاً بعبيرها . وقالت هيلين وهي تستنشقه :
"هذا رائع, لم أر مثل هذا في حياتي ."
أوقف ليون السيارة . واختفى الوميض القاسي من عينيه وهما تتأملان هيلين برهة , وهي تقف على حافة بستان البرتقال , والنسيم يداعب شعرها , متوردة الوجنتين , وعيناها متألقتان . كانت ترتدي احد الاثواب التي جعلها ليون تشتريها : ثوباً من القطن المطبوع بالزهور , ابرز قسمات جسمها الشاب . وقال بصوت خافت :
"انت جميلة جداً يا هيلين ."
منتديات ليلاس
واشتدت حمرة وجهها . ومد ذراعه فوق رأسها , فقطع فرعاً صغيراً , وقال :
"زهور البرتقال هدية للعروس ."
وناولها الفرع . وفجأة , بدا شاباً صغيراً غير واثق من نفسه . كان التغير سريعاً حتى تصورت انها كانت واهمة . وابتسمت له وهي تتناول الفرع المعطر وتقربه الى وجهها , وقال بصوت خافت ورقيق :
"انت بارعة الجمال !"
قالت له وقد عادا الى السيارة , وهي ممسكة بفرع البرتقال قرب وجهها وتتنشق عبيره :
"حدثني عن البرتقال يا ليون . أعني ما عملك .... في مصانع التعبئة ؟"
فقال:
"كل الثمار تنتقل اليها بعد الجمع , فتغسل وتفرز .... تغسل قبل تصديرها , وتقوم نسوة بهذا العمل عادة . ثم تفرز وتعبأ للتصدير ."
قالت :
"وانت تملك المصانع فقط ... دون البساتين ؟"
قال :
"املك المصانع ...
وساد الصمت والسيارة تمضي تحت سماء صافية . كانت الطريق ملاصقة للبحر , وعلى طول احد جانبيها , كانت هيلين تلاحظ النباتات العالية .
قالت وقد ثار اهتمامها :
"ماهذه ؟ إنها تبدو نوعا من القصب ."

Rehana 09-01-11 02:10 PM

فأجاب :
"إنها غابة قصب تزرع لحماية بساتين البرتقال من هواء البحر ."
كانت البساتين تمتد حتى البحر تقريباً . واستطرد ليون :
"إننا نصدر كميات كبيرة الى انكلترا , من الكريبفروت كما تعلمين ."
كانت في صوته رنة زهو ,.... زهو بجزيرته ومنتجاتها .....
وكان كل القبارصة الذين التقت بهم مثله .... أي شيء ينتج في قبرص يتفوق على كل ماينتج في أي مكان آخر .
عندما بلغا المدينة القديمة , اوقف ليون السيارة في الساحة , ودخلا احد المقاهي لتناول بعض المرطبات .
ولم يكن هناك سوى رجال , اتجهت عيونهم كالعادة صوب هيلين , وليون , ثم ارتدت الى الصحف ولعب الورق والطاولة .
قالت هيلين تستعلم , وهي تراقب رجلين يلعبان على مقربة :
"هل يلعبان على نقود ؟"
قال: منتديات ليلاس
"على المشروب فحسب "
فرمقته بنظرة متسائلة :
"أليس لديهم عمل ؟"
فضحك قائلاً :
"ما زال رأسك الجميل مشغولاً بأن النساء يعملن , بينما يقضي الرجال في تكاسل ؟"
امتقع وجهها لأن هؤلاء الرجال بدون نشاط سوى اللعب . وزاده امتقاعاً استعمال ليون كلمة الجميل , ياله من شخص متقلب ! تعمدت في بداية الامر ارتداء ثياب قديمة لئلا تبدو جذابة للرجال , ولكنها تشعر بالسعادة الان , لأن ليون يعتبرها جميلة ومالذي يساوره ؟ من الواضح انه عرف من البداية أنها مصممة على ان تستبقيه على مسافة منها . وقالت اخيراً :
"أكره ان اكون زوجة رجل فقير هنا ."
رمقها متسائلاً وقال :
"أصحيح هذا يا هيلين ؟"
فعضت شفتيها وقالت :
"ماعنيت هذا ..... إنما قصدت أنني ماكنت أتمنى ان أولد هنا , واكون فقيرة .... إنك تعلم ماأعني ."
قال :
"نعم , أعرف ماتعنين ."
ونظر الى صاحب المقهى اذ أحضر صينية تحمل فنجاني قهوة صغيرين وكوبي ماء . ثم أستأنف :
"لكن النساء هنا لا يأبهن . تعودن هذا , طالما انهن يهتدين أخيراً الى زوج فهن مقتنعات ."
تناولت رشفة من قهوتها وقالت :
"تلك الزيجات ..... الزيجات التي لا تقوم على حب ... كيف يتسنى ؟"
قال: منتديات ليلاس
"الامر بسيط , فمثلاً تزوج بافلوس , احد ابناء عمي اخيراً فتاة من قرية صغيرة في الجبال . سعى اليه اخوها واخبره بميزاتها , قائلاً بوسعها ان تقدم بيتاً . فوافق بافلوس على اللقاء بها , والواضح انها راقت له فقبل الزواج منها على الفور ."
وتناول جرعة ماء , وومضت عيناه بابتسامة حيال الصدمة التي بدت على هيلين , التي سألته :
"أهذا كل شيء .... الاخ يدبر الامر والشاب يتأملها لكن هذا بشع ! "
فقال:
"إنه الاجراء الطبيعي ."
فصاحت :
"ولكن الفتاة .... أليس لها أي رأي في الامر ؟"
قال معترفاً :
"رايها لا يذكر .... بل اذا رفضت فأن أباها واخواتها لا يصغيان الى رأيها لكن يندر ان يحدث هذا . الرجل يحسن صنيعاً للفتاة بأن يتزوجها , ولذلك تعترف بفضله ولا تفكر برفضه ."
فقالت:
"إنه يبدو نوعاً بغيض التدبير , لابد انه محرج للفتاة الى حد مؤذ ."
فقال وعلى وجهه وميض ابتسامة :
"أبداً انها العادة يا عزيزتي ."

Rehana 09-01-11 02:11 PM

خرجا الى الساحة فإذا ضوء الشمس ينعكس على جدران القصر البندقي الفخم . وكان يواجهه مبنى آخر شامخاً . فقال ليون :
"هذا هو الجامع .... هذه المدينة القديمة هي – كما تعلمين – الحي التركي في فاماغوستا . أتودين دخول الجامع ؟"
فأومأت برأسها . وخلعا أحذيتهما ودخلا المبنى الجميل – الذي كان يوماً كاتدرائية القديس نيقولا , وأقامها ملوك قبرص قبل قرون كثيرة . حتى اذا خرجا , قال ليون :
"سنقوم الآن بجولة في السيارة ! "
وأخذها لترى الجدران البندقية , والقلعة ذات البرج المشهور حيث اخرجت قصة عطيل . وخيل الى هيلين في جولتها أنها رأت مئات الكنائس , تحولت الى اطلال .
قال ليون :
"كانت ثلاثمائة وخمس وستون كنيسة ."
فهتفت:
"غير ممكن ..... في هذا المكان الصغير ؟"
قال:
"هذا حقيقي , اختفى معظمها طبعاً , ولكن قسماً كبيراً بقي."
وتوقف مرات عدة ليريها بقايا النقوش الملونة والفيسفاء . فقالت :
"لا تزال باقية بعد كل هذه السنين . هذا يبدو مستحيلاً ! "
فقال: منتديات ليلاس
"المناخ يساعد على حفظها ... فالمطر هنا قليل ."
اتجها في السيارة الى بوابة البحر , التي دخل ريتشارد قلب الاسد خلالها الى المدينة , ثم تركا السيارة , وسارا على الاقدام . لم تشعر هيلين بمثل هذه السعادة منذ امد طويل . وأمسك ليون يدها اذ انزلقت على حجر متفكك, واحتفظ بها طيلة مسيرتهما.
عندما عادا الى غرفتهما في الفندق , وضعت هيلين غصن زهر البرتقال في كوب ماء . وراقبها ليون وهي تخرج من الحمام , فابتسمت ووضعت الكوب على منضدة الزينة , وكان ليون قد دعا بعض أصدقاء العمل للعشاء فسألته , وهي تطرح ثلاثة أثواب كوكتيل على السرير :
"أيهما أرتدي ؟"
أدهشها سؤالها بقدر ما ادهشه , فقبل سويعات قلائل ما كانت تحلم بأستشارته . ورفع ثوباً , ثم هز رأسه وتناول آخر . كان الثوب القصير الواسع , من القطن المائل الى الصفرة يلائمها كل الملاءمة . فقال :
"هذا! "
كان اثنان من أصدقاء ليون انكليزيين – والثالث قبرصياً يونانياً . وكان يانيس يني أول من وصل , فنظر باعجاب الى هيلين حين تعرف اليها , وأمسك بيدها أطول مما ينبغي .
فسأله ليون :
"ماذا تود ان تشرب ؟"
والتفت يني اليه , فلمح عبوس محياه , وهتف :
"أتغار يا ليون ؟ كلا , ليس مني !"
وجلس على مقعد مرتفع بجوار هيلين وقال :
"سأشرب رتسينا اذا سمحت ."
منتديات ليلاس
يغار ؟ وحدقت هيلين الى زوجها , وكان يرتدي حلة انيقة من التيل , ذات لون رمادي جذاب مشوب بالزرقة . قميصه الابيض يبرز سمرته , ولدهشتها وعجبها شعرت بلمسة فخر , فتصاعدت الحمرة الى وجنتيها عندما التفت ليون ورمقها بنظرة باردة .
يغار ؟ كيف تنشأ غيرة بدون حب ؟ وما لبث ليون ويانيس ان اندمجا في حديث عن العمل . وسرعان ماوافاهم صديقا ليون الانكليزيان إريك وستيفن . وفرحا ايضا بلقاء هيلين ... تبينت ان الانكليز ... برغم كثرة المقيمين منهم في الجزيرة – كانوا يتلهفون للقاء معارف جدد من انكلترا . وعندما علقت على هذا , قال إريك :
"هذا صحيح ... ومع هذا فنحن في كل مكان من الجزيرة ."
وقال ليون دون ضغينة :
"سرعان ما سيفوق الانكليز عدد القبارصة . الناس يغادرون بلادهم فراراً من الضرائب ."
والتفتت ستيفن الى هيلين مبتسماً وقال :
"هكذا يقتني زوجك وامثاله الثروات ."
وأضاف بأيجاز :
"الارض! "
الارض , ومصانع التعبئة . هل ليون واسع الثراء؟ وما اغرب ان تكون زوجة جاهلة تماماً بشؤون زوجها المالية . لم تكن لديها أقل فكرة عن دخله ."

Rehana 09-01-11 02:13 PM

وبعد العشاء انتقل الجميع الى ملهى ليلي – واخذ النعاس يغالب هيلين شيئاً فشيئاً , حتى باتت مستعدة لأن يحملها زوجها الى الغرفة حين دخلا الفندق في الثالثة صباحاً ."
بعد افطار متأخر خرجا الى الشاطىء مباشرة . وكانت الشمس حاره , فاقترح ليون ان يسبحا . ولدهشة هيلين لم تشعر بآثار سيئة نسبة الى الليلة الفائته , بل كان وجهها يتألق صحة وهي تسير الى جواره نحو الماء. وسبحا قليلاً , ثم اسلقيا تحت الشمس . وبعدما تناولا غذاءهما قال ليون :
"سأضطر لأن اتركك زهاء ساعتين فلدي عمل , ستكونين على الشاطىء اكثر راحة منك في السيارة الحارة ."
وسألت هيلين نفسها , وهي تتأمله بفضول : هل كان يجد هذا العمل مضجراً حقاً ؟ على انه لم يغب اكثر من ساعة ونصف الساعة , ثم فتحت عينيها فإذا به يقف في ثوب السباحة , طويلاً ,اسمر , وسيماً بدرجة تفوق التصور . منذ متى كان واقفاً يتأملها متفرساً ؟
استوت جالسة , يغشاها الحياء , وقالت :
"عدت مبكراً "
قال وهو يجلس باسطاً ساقيه الطويلتين :
"لو صدقت ماتراه عيناي لقلت أنك سعيدة ؟"
ومال على احد مرفقيه يحدق فيها قائلاً :
"هل انت سعيدة يا هيلين ؟ أم ترى لا يجوز لي ان أوجه ذلك السؤال ؟"
منتديات ليلاس
واستمرت ترسم بأصابعها صورة على الرمال . هل كان يريد ان تحفل به , هل كان يريد شيئاً يفوق العلاقة من جانب واحد ويتخطى ان يأخذ بنفسه ما كان يعتبره حقاً له , لكنها لم تمنحه شيئاً وما كان يحتمل ان يرضيه فتورها وهو المتأجج الهوى . وربما عجزه عن ترويضها كان يجرح كبرياءه . اذ علمت هيلين من ترودي ان الحب لدى اليونانيين عامة فن وهم يدركون انهم متفوقون فيه عن سواهم . قالت ترودي في خجل :
"الانكليزي ناشىء في هذا الفن , اذا قورن بهم . ولو قدر لليون ان ينكث بوعده , ستشعرين أنك في نعيم ! "
دفعت ذكرى هذه الكلمات الدماء الى وجه هيلين . واختار ليون هذه اللحظة بالذات ليرفع رأسها بلمسة رقيقة تحت ذقنها . ومن الغريب انها لم تقاوم حركته . وقال :
" لماذا يا هيلين الجميلة "
واضطرب شيء ما في كيانها ولكنها ابت ان تفسر هذه الهدنة التي التزماها , وكل منهما يوقن انها تتوقف في نهاية الرحلة ...... وتمتمت وهي تحاول ان تتبين ما في عينيه :
" كنت افكر في امر ما ."
فقال وفي صوته اصرار :
"مالذي كنت تفكرين فيه فجعل وجهك يحمر هكذا ؟"
هزت هيلين رأسها وهبطت يده على يدها , فأمسكها بأصرار حال دون تخطيطها العصبي على الرمال , وقال :
"الجو حار , انزلي الى الماء ؟"
ونهضت على الفور , بعدما ارتاحت لاقتراحه . وسارا الى حافة الماء يداً بيد كعاشقين . وانطلق ليون في الماء بعيداً , لكن هيلين بقيت قريبة من الشاطىء . وما لبثت ان طلعت فجلست على الرمال الدافئة , وعيناها تتابعان رأس ليون عن بعد . لوح لها بيده فلوحت له . كانت مثل هذه الزمالة جديدة عليها , لم تعرفها مع غريغوري – وعجبت – وهي تسترجع علاقتها بغريغوري – انهما لم يكونا متقاربين في الواقع . وما كانت تعتبره زواجاً سعيداً , كان في الواقع مجرد تعايش كثيراً ما وصفه الناس بأنه مريح . أما السعادة ؟ وتمثلت لها صور ترودي واشراقتها كلما ذكرت زوجها .
تمتمت هيلين لنفسها : وانقضى على زواجهما ست سنوات ! أجل , كانت حقيقة لا يمكن انكارها , كانت ترودي وتاسوس , متحابين اليوم بقدر ما كانا يوم زواجهما .
منتديات ليلاس

* * *
كانت ترسم على الرمال حين وصل ليون . فقال وهو يمسك بيدها :
"ألا ترسمين لي ؟"
قالت وهي تستجيب إذ جذبها فأوقفها :
"لست بارعة يا ليون ."
كانت قطرات الماء تتلألأ على جسمه الاسمر . والتمعت عيناه وهو يتأمل كل صغيرة في قوامها الممشوق , وألصق ذراعه بذراعها فجففت ساعدها وهي تضحك . وقال :
"بالنسبة الى رسمك هذا – أنا الذي سيحكم , هل هو جيد ام لا . عندما نعود الى بيتنا سترسمين لوحة ."

Rehana 09-01-11 02:15 PM

فقالت :
"كلا , اين ستضعها ؟"
فجاء رده ناعماً:
"سأعلقها في مكتبي ."
وشعرت بهزة سعادة . لم يكن لغريغوري رأي في انتاجها , بل كان يقول صراحة ان صورها ينقصها الشعور ..... ورفض ان تعرض شيئاً منها .
قالت منذرة :
"ربما يتغير رأيك حين تراها ."
فقال :
"لن اغير رأيي."
منتديات ليلاس
لماذا كان يريد لوحة لها معلقة حيث يستطيع رؤيتها باستمرار ؟ هل لتذكره بأنه يمتلكها ؟ وابعدت هذه الفكرة ,فمهما كانت عينا ليون , كان يبتسم بأخلاص صادق أعجبت به , فالناحية العاطفية من طبيعته شيء قائم بذاته , ادت قوتها الى نبذ النوايا الطيبة التي كانت لديه حين عول على الزواج منها .
وكان لنكثه بوعده , وعدم اكتراثه لمشاعرها , أسوأ الاثر على رأيها فيه . ومع ذلك كانت موقنة بأنه في جوهره رجل صالح , تستطيع ان تعتمد عليه وتركن اليه .
سارا ببطء الى حيث تركت هيلين منشفة الشاطىء , فالتقطها ليون وساعدها على ارتدائها, ثم ارتدى إزاره . ولم يكن على الشاطىء سوى افراد قلائل من الفندق , يستمتعون بالشمس . وتساءلت هيلين :
"أترى زوجها كان يعرف ان زوجين يشغلان مائدة قريبة من مائدتهما في الفندق , راحا يراقبان رعايته لها باهتمام ؟"
قال :
"ارفعي رأسك! "
فأطاعت ... واضطربت عيناها إزاء تألق الشمس . ومست أصابعه عنقها , ثم هز رأسه وابتسم لها في حنان وقال :
"لو لم يكن هناك من يراقبنا لقبلتك ! "
ذهبا في اليوم التالي الى لارنكا , وراحا يتمشيان على الشاطىء وتناولا بعض المرطبات في مقهى صغير تحت النخيل , ثم استقلا السيارة الى البحيرة المالحة الكبيرة , التي ترتادها الطيور الموسمية . واعجبت هيلين بهذه الطيور فقال ليون :
"من حظنا ان نراها , فسترحل قبل نهاية الشهر ."
وابتسم لها مضيفاً :
" كنت ادرك ان هذا المكان سيروق لك . والان , أتودين ان نتوغل في الجبال ؟"
وشاب صوتها شيء من الشغف وهي تقول :
"نعم يا ليون . هل نحن بعيدان عن ليفاكارا . أتمنى رؤية النساء تقمن بأعمالهن الحرفية وأود شراء بعض منتجاتهن , اذا أمكن ."
قال: منتديات ليلاس
"هذا ممكن طبعاً , لست مضطرة لأن تسأليني ياهيلين ."
وصلا الى قرية جبلية صغيرة , تصنع فيها منتجات , لاسيه ليفكاريتيكا ذات الشهرة العالمية . فاشترى ليون أغطية للموائد ومناشف ومناديل وثوباً مطرزاً بشكل فخم , مزين الصدر, والاكمام بأرق الدانتيل .
وشهقت هيلين إزاء ثمنه , وقالت :
"إنه باهظ ..... والابيض يناسبني ."
فتلفت ليون حوله قائلاً :
"حقاً , الابيض يلائمك ."
ودعتها صاحبة المتجر الى التجربة .... وهزت هيلين رأسها , لكن ليون ألح . كان الثوب مناسباً لها تماماً , وجميلاً , وحبست أنفاسها اذ رأت صورتها في المرآة , وهتفت :
"إنه جميل جداً .... ولكن الثمن غال جداً ."
فقال ليون :
"لاشيء يعتبر غالياً لك ياعزيزتي ."
ثم أردف بصوت خافت :
"ألم نقل أننا سنسعد ؟"
وعاد يقول :
"هل انت سعيدة ياهيلين ؟"
كانت في صوته رجفة , وراح يتأمل محياها متلهفاً في انتظار الجواب وارتعشت ابتسامة على شفتيها الجمليتين , وقالت بصوت خافت وبحة :
"نعم يا ليون ....إنني سعيدة ...."


نهاية الفصل الخامس


الساعة الآن 01:46 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية