منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   16 - لقاء الغرباء - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t152982.html)

Rehana 09-01-11 01:52 PM

فقال :
"لا أصلحها , بل ابدل الاطار ."
خرجا وفحصا الاطار , روبرت بصبر نافذ وهيلين بجزع – لو وصل ليون الى البيت قبلها ... لماذا تخاف ؟... وآرتيه مع الطفلين . كان العمل في الظلام مربكاً , وروبرت يلقى عناء كبيراً , فراح يسب من آن لآخر وهيلين تقف بأعصاب متوترة وخفقات قلبها تتزايد كلما مرت لحظة . ونظرت في ساعة السيارة , فاذا بها تشير للحادية عشر وخمس وعشرين دقيقة .
قالت والسيارة تتسلق الدرب الصخري المؤدي الى البيت أخيراً :
"سأهبط هنا , قف ياروبرت ."
فقال :
"لن اتركك هنا في الظلام , في هذا الوقت من الليل ... الآن حدث الضرر , وإذا قدر أن ينشب شجار , فسيحدث سواء نقلتك حتى البيت او لم انقلك , وإن كنت اعتقد ان ليس من حقه ان يشكو , مادام يسهر خارج البيت دائماً ."
ومضى بها – برغم رجائها الملح – حتى باب البيت . فاذا ليون يقف على قمة الدرجات , ووجهه – برغم العتمة – يحمل تعبيرا قاتلاً .
منتديات ليلاس
قال روبرت وقد بدأت تصعد الدرجات :
"طاب ليلتك ياهيلين ."
والتفتت لترد التحية , فاذا صوتها مختنق حتى شعرت أنه لا يمكن ان يكون سمعها . وأفسح لها ليون لتمر , بدون كلمة , حتى إذا صارا في البهو , التفتت وفتحت فمها لتوضح ماجرى لعجلة السيارة ولكن الكلمات انحشرت في حلقها لفرط الخوف .
لماذا تخاف هكذا ؟ وبأي حق وقف يرمقها وقد بدا متأهباً لأن يقتلها . أخيراً , تكلم بصوت خافت , فسألها أين كانت ...
قالت :
"لقد ذهبنا الى .... ماريه مونت ..... وعطبت احدى العجلات ...."
وأفلت الدثار من اصابعها المرتجفة فسقط , ووقفت وهي ترتدي الثوب الذي أعطتها اياه ترودي . وهم ليون ان يعلق على ايضاحها لكنه سكت وعيناه الحادتان تلمان بها , وتتأملان بدقة ذراعيها العاريتين , ونحرها المكشوف , شعرها الذهبي الفاتن الذي افلت بفعل الريح أثناء انتظارها في الطريق . كانت وجنتاها عابقتين وشفتاها منفرجتين في قوس ناعم رقيق . وهبطت نظراته الى ذيل ثوبها وتوقفتا .
فلما رفعهما اخيراً الى وجهها ثانية , كان في اغوارهما القاتمة شيء افزعها أكثر مما افزعتها اساريره القاتلة حين غادرت السيارة وحاولت ان تتخلص من الخوف الذي سد حلقها , وان تتكلم لكنها – بدلاً من ذلك – انحنت فالتقطت دثارها . لكنه أخذه وطوح به الى مقعد . وشهقت متلفتة حولها وكأنها تبحث عن مهرب , هامسة :
"يا آلهي , انه ليس في طور انساني ."
منتديات ليلاس
وهتفت بصوت مختنق , وهي تسائل نفسها أكان الذعر في عينيها ظاهراً كما كان في صوتها :
"ليون , إن ... إن لي حقاً في الخروج ."
قطع عليها الحديث بصوت ناعم :
"هل تتركين الطفلين وحدهما في البيت ؟"
ونسيت ذعرها في لهفتها على الطفلين وقالت :
"ليسا وحيدين ...قلت لآرتيه ... لابد انها مكثت ...."
قال :
"انصرفت آرتيه في موعدها المعتاد ... وهي تحسبك في البيت ."
وبدت نظراتها حائرة وهي تقول :
"سألتها ان تمكث ... ماكنت لاغادرهما وحيدين ابداً وانك لتعلم ."
"الواضح ان آرتيه اساءت فهم ماابلغتها ..... انك تعرفين جداً صعوبة فهمها للانكليزية ."
قالت هيلين حائرة :
"بدا انها فهمت ... كيف علمت بانصرافها في موعدها المعتاد ؟"
قال:
"عدت الى البيت في الساعة التاسعة .وكان كوخها مضاء حين مررت به , ورأيتها فيه ."
وسكت لحظة , واشتبكت نظراتها بنظراته ثم استأنف :
"عندما لن اجدك هنا , كان طبيعياً ان اتساءل عما جرى . كان الطفلان مستيقظين , لكنهما لم يستطيعا ان يخبراني اين كنت , فذهبت الى آرتيه , ولم تكن لديها هي الاخرى فكرة عن مكانك ."

Rehana 09-01-11 01:57 PM

شيء واحد علق في ذهنها : عاد ليون في التاسعة . لماذا عاد مبكراً بعدما اخبرها انه سيتأخر ؟ اعتقدت انه كان في نيقوسيا يقضي السهرة مع بولا . ولكن هل يحتمل انه فضل البيت ؟ وبدافع غريزي تقدمت منه , وحدقت في وجهه بتساؤل وقالت :
"لو عرفت انك ستعود مبكراً ليون , لما خرجت ."
بادر قائلاً :
"هذا واضح ."
وعادت عيناه تطوفان بقوامها الجميل , ثم عاد الوميض المتأجج الى اعماقهما , وسألها بخشونة :
"كم مرة تفعلين هذا ؟"
اسرعت تقول :
"هذه اول مرة ..."
" لا تكذبي ! لا تقفي هكذا وتكذبي عليّ ! كم مرة خرجت مع هذا الرجل ؟"
عادت ترتجف , ولكنها جاهدت ليظل صوتها ثابتاً , وقالت :
"إنها المرة الاولى . في اية حال من حقي ان اخرج ."
قال: منتديات ليلاس
"هل من حقك ان تخرجي مع رجال ؟"
وبرغم خوفها , ارتفعت ذقنها بشمم وقالت :
"رجال ؟ انما ذهبت مع روبرت لأن .... لأن ..."
لم تجد كلمات لتخبره بأنها ظنته مع بولا ؟ ولكنها قالت :
"لأن بقائي وحيدة هنا لايسر .... فأنت تخرج كل مساء تقريباً يا ليون ."
لماذا التذلل ؟ لم تخبره بأن من حقها ان تسري عن نفسها ؟ إنها ليست طفلة حتى يسألها عن غدواتها ورواحها . لذلك أردفت :
"سأخرج كلما راق لي , ولا تستطيع ان تمنعني ."
رباه ماهذا الذي قالته ؟ لماذا لم تلتزم الحذر ؟ انحسر الدم عن وجهها تماماً , وحاولت ان تهرب اذ تقدم نحوها بخطوة سريعة , ولكن ساقيها خذلتاها ,ووجدت نفسها في عناق يهشم القلوع بلا رحمة وقال :
"هل ستخرجين حين يروق لك , مع رجال ؟ ستتأنقين لأجلهم , وتبدين جذابة . أما لي , فستبدين دائماً كعجوز قروية شمطاء."
"ارجوك يا ليون , إنك لا تفهم . لم احاول ان ابدو جذابة لأي سبب الا ..."
"الا ان توقظي الرغبة في صديقك ؟"
كان وجهه قريب من وجهها , رهيبا كجذوتي النار اللتين تجلتا في عينيه , فلم يداخلها شك في نواياه . واردف :
"نجحت في ايقاظ الرغبة في زوجك , وستتحملين العواقب ."
منتديات ليلاس
فناضلت قسوته ولكنها بعد برهه استلقت مستسلمة تبكي بصوت خافت , وامسك بها على مسافة منه اخيراً , فلاحظ الدموع على خديها . مفاجأة هجومه والخوف الذي تملكها جعلا كل عصب في جسمها يرتعش . وتذكرت ماقاله من ان القبارصة يهتمون بنسائهم ويعتزون بهن , فتبادرت الدموع الى عينيها ثانية . كان لمرآها باكية تأثير عجيب عليه فإذا كل غضب وضراوة يتلاشيان فجأة , ومر بأصبعه على وجنتيها يمحو دموعها بحركة حنون , وهتف :
"لاتبكي ياهيلين!"
كأنه يمحو قسوته منذ لحظة . واذهلها تصرفه , ولكنه بعث فيها املاً . فلما افلتها اخيراً , تطلعت اليه وقالت :
"ما أحسبك ..ستخرج عن وعدك يا ليون ؟"
سيطر صمت طويل , واشتد سواد عينيه وقد استقرتا على وجهها ورأسها على الارض . فأجاب برفق :
"إنك زوجتي ياهيلين ! "
وغشيتها مرارة طاغية . صحسح أن القبرصي لا يستطيع ان يعيش بدون امرأة ... وأية امرأة ترضيه .


نهاية الفصل الرابع

Rehana 09-01-11 02:03 PM

5- دعني وشأني ! ..



http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_12927042711.gif






نظر الطفلين بوجوم وهيلين تغلق غطاء حقيبة ثيابها فيستعصي عليها أحد القفلين . وسأل تشيبي في أسى :
" كم ستغيبان ؟"
وبدت لمحة من السرور في عيني هيلين , وقالت :
" ثلاثة ايام على الاكثر , ابتسم ايها السخيف .... ان من يراك يتصور اننا سنغيب شهراً ."
قالت فيونا متذمرة :
"ثلاثة ايام مدة طويلة , ليس هذا عدلاً , لم لا نصحبكما ؟"
" لأن العمة هيلين تريد ان ترتاح . اخرجا الآن واتركاها تحزم متاعها ."
كان ليون يقف بالباب .... فقالت فيونا في اغراء :
"هل من الممكن ان نصحبكما يا عمي ليون ؟ سنكون مؤدبين تماماً ."
فقال متعجباً من الحاحهما :
"سنأخذكما في وقت اخر "
وعندما رأيا اسارير ليون تتبدل , اطاعا على الفور . وانحنى ليون يتبين مابالقفل, فلمست أصابعه القوية السمراء أصابعها , واذ بها تنتزع يدها . وزم فمه واعتدل , ثم تناول يديها متعمداً وأمسكها بقبضة قوية , قال متهكماً وعيناه تتأملان أصابعها الرشيقة : منتديات ليلاس
"لا شك انك تفضلين الرجال الانكليز , ولكنك – لسوء الحظ – تزوجت مني ."
فردت هيلين :
"لسوء الحظ "
وجاهدت لتخلص يديها ولكن الضغط الفولاذي اشتد , وجذبها إليه , فقالت :
"هل يجب ان اذهب معك الى فاماغوستا ؟ الطفلان مستاءان ."
أحنى رأسه الاسمر قائلاً :
"قلت إنهما لا يصيبهما أذى . نعم ياهيلين , يجب ان تأتي معي ."
" الا تستطيع الاستغناء عن امرأة لثلاثة ايام ؟ أي صنف من الرجال انت ؟"
قال : منتديات ليلاس
"أظن من حقي ان أتوقع مرافقة زوجتي حين اسافر ."
كان صوته خافتاً , لكن وميضاً خطراً لمع في عينيه , وامتدت خطوط الغضب البيضاء من أنفه الى فمه . وقال :
"تبدين مقتنعة بمعرفتك سبب رغبتي ان تكوني معي ."
وحاولت ان تسحب يدها , فأفلحت هذه المرة , لكن اصابع ليون انزلقت على ذراعيها وامسكت كتفيها . قال محذراً وعيناه تتقدان :
"احترسي ياهيلين .... من اجل صالحك ."
كان وجهه قريباً من وجهها , نحيلاً وفظاً . ومات الرد على شفتيها فلا معنى لأن تجازف بالتعرض لهياجه , كما حدث منذ ليال . ثم افلتها . وسألها :
"هل فرغت من حزم امتعتك ؟"
قالت ببرود :
"كل مااحتاج اليه في الحقيبة ."
وخطت الى الشرفة , فاذا مشهد البحر والسماء يبعثان السكينة . كان من الممكن ان تنسجم – قبل اسبوع ومايزيد قليلاً – مع هذا الهدوء . اما الآن , فالاضطراب الداخلي يجعلها تتساءل :
"الى متى تستطيع الاحتمال ؟ وثقت به تماماً حين قال – عندما خطبها – انه لن يضايقها . ولم تتصور لحظة ان ينتهك وعده . ولكنه انتهكه , وبدون أي تعليل او اعتذار . لم يظهر من المشاعر سوى الرغبة .
قال ليون وهو يقف بجوارها :
"هل حزمت كل الثياب التي اشتريتها ؟"
فتطلعت اليه , ولاحظت بدهشة نثار الشببب في سوالفه اكثر ظهورا وقالت :
"هل حزمت ما امرت بحزمه ... لن اكسفك يا ليون ."
وساد الصمت برهة , ثم تحول لينصرف , ولكنه عاد وقال بصوت خافت لكنه كزمجرة حيوان يتأهب للأنقضاض:
" أنذرتك بأن تحذري , ولو أغفلت هذا التحذير , فستتحملين الثمن ."

Rehana 09-01-11 02:04 PM

وتركها واصابعها المرتجفة على السياج , وعيناها تحدقان غائمتين في الخط الفاصل بين البحر الفيروزي الداكن , والسماء الانقى زرقة .
منتديات ليلاس

** ** **

انطلقا بمجرد ذهاب الطفلين الى المدرسة . كان الصباح بهي الاشراق , ومنظر الجبال تبدل مع كل انحناءة في الطريق , وما ان بلغا العاصمة واجتازاها , حتى مضيا عبر السهل في الطريق المستقيمة الطولية , عابرين بمناطق سكنية صغيرة , لا تتجاوز احياناً مجموعة من الاكواخ الطينية تتناثر هنا وهناك بلا تنسيق . وقال ليون وعيناه لا تبرحان الطريق :
"سنذهب رأساً الى الفندق , ثم اصطحبك الى المدينة القديمة ."
ألقت هيلين نظرة على جانب وجهه , ثم التفتت تواصل تأمل الطبيعة . واستأنف كلامه :
"تقولين انك لم تزوري المدينة القديمة ابداً ؟ انها غاية في الجمال , لها جو اعتبره فريداً ."
قالت بصوت جامد :
"سمعت عن جمالها ."
والتفت لحظة ينظر اليها , فواصلت ارسال بصرها خارج النافذة وسألها على غير توقع , وهو يحول عينيه الى الطريق :
"هل تكرهينني ياهيلين ؟ كنا سعيدين في شكل معقول قبل .... قبل ...."
فقالت:
"قبل ان تتخذ مني متعة ؟ نعم يا ليون . كنا موفقين . وكان من الممكن ان يستمر هذا ."
فمست حافة فمه المتصلب ابتسامة مريرة باهتة , وقال :
"أتظنين ذلك ؟ وانت يا هيلين , هل كنت تقنعين بهذا النوع من الحياة ؟"
" عرفت انني مانويت السماح لأحسايسي بالتورط ... افهمتك هذا يوم حدثتك عن غريغوري وكيف خذلني ."
" لم تجيبي عن سؤالي . الرجال بشر , والنساء ايضاً ."
قالت: منتديات ليلاس
"النساء مختلفات , لاسيما الانكليزيات ."
فرد بمرارة :
"لا حاجة , بك لأن تخبريني بهذا ."
ثم اردف :
"ولكني لا ازال أقول انهن بشر , سواء كن باردات او غير باردات , ألن تجيبي عن سؤالي ؟"
قالت :
"لا يمكن ان احلم بالانغماس في المعاشرة لمجرد التراضي ."
فقال :
"مازلت تراوغينني ."
وانحرف ليتفادى عجوزاً مسربلة بالسواد , انحنى جسمها تحت سلة كبيرة ربطت الى ظهرها , ثم استأنف حديثه :
"إنني اعترض على مصطلح التراضي يا هيلين , فأرجو الا تستعمليه ثانية ."
"إنك تشير قطعاً الى انني مخطئة في استنتاجي , وهو انك تستغليني لمتعة مزاجك ."
وأنذرها تهدج انفاسه الى فورة طارئة من الغضب وقال :
"قلت لا تستعملي هذا المصطلح ."
فقال :
"فقالت متهكمة :
"إنك مليء بالمفاجأت يا ليون ..... ماكان ينبغي ان اتوقع منك الاعتراض على فظاظة المصطلح ."
فقال:
" يريحيني ان اسمعك تقرين بفظاظته . كنت قد بدأت أعجب من سذاجتك الفجة , فهي لا تناسبك يا هيلين ."
واقبلا على اكثر أجزاء فاروشا شعبية , عابرين خلال شوارع محفوفة بالمنازل والفيلات البيضاء , لكل منها حديقتها الساحرة المتألقة بألوان زهورها . وكان عبير زهور البرتقال يهب خلال نافذة السيارة المفتوحة . قالت :
"إطرؤاك يحيريني ."
اجابها :
"إن التهكم لا يناسبك , ارجو ان تتفاديه ."
والتفتت بسرعة وحمرة الغضب على وجنتيها وقالت :
"الا يسمح لي حتى بحرية الكلام ؟"

Rehana 09-01-11 02:06 PM

اجاب :
"لك الحرية طالما انك لا تقصدين إهانتي ."
ولم يتبادلا كلمة حتى بلغا الفندق . ونقلت امتعتها الى حجرتها فاذا مصاريع النوافذ مغلقة اتقاء للشمس , ففتحتهما هيلين على الفور قائلة وهي تخرج الى الشرفة :
"لماذا يغلقونها ؟"
كان الامتداد الازرق الشاسع للبحر الابيض المتوسط يترامى امامهما وتحت الشرفة مباشرة تمتد الرمال الذهبية . وادركت ان زوجها يقف بجوارها قائلاً :
"إنها العادة .... لم تألفي عاداتنا بعد ."
عادة ! كانت عادة ايضاً ان يعامل الرجال زوجاتهم كأنهن ممتلكات . وتلفتت فإذا بالحجرة فراش لاثنين . أهو الذي طلب ذلك ؟ قيل انها القاعدة في احسن الفنادق ان تجهز الفرفة بسررين منفصلين . فقالت وفي صوتها رنة اغتمام مفاجئة :
"يحسن ان اخرج ثيابي ."
ولكن ليون لم يتزحزح ليفسح لها مخرجاً . فاستدرات , واسستندت الى السياج تحدق في البحر ساهمة . وأحست بذراعيه يطوقانها فتيبست ولابد انه أدرك مايخالجها , ولكنه قال :
" من الممكن ان يكون هذا شهر عسلنا ياهيلين ."
فردت : منتديات ليلاس
"شهر العسل للعشاق ."
قال:
"وهذا ما اعنيه ."
وأزاحته وفرت داخل الغرفة , صائحة :
"الا تستطيع ان تدعني وشأني ؟ هل يجب علي ان اعاني منك ليلاً ونهاراً ؟"
وانفرجت شفتاه الشاحبتان , ووقف كامصعوق لكنه تمالك نفسه في الحال . وتقدم بتؤدة وقبضتاه مشدودتان وعيناه السوداوان تطلقان شرراً . وقال :
"إذا كنت تعتبرين عناقي مصدر عناء . فالجواب على سؤالك هو نعم . سآخذ ماابتغي , عندما يروق لي ."
قالت والغضب باق في صوتها , ولكن الخوف أفعم قلبها :
"لكنك وعدت ."
ليتها تستطيع الفرار من هذا الرجل ولكن الطفلين كانا يعترضان أية فكرة لتركه . وكان يدرك انها في حوزته مادام الطفلان بحاجة اليها . وعادت تقول :
"الا يؤلمك ضميرك أنك نكثت بوعدك ؟"
فقال :
"لا ضمير عندي فيما يتعلق بصلتي بك . انت زوجتي , وانا لا اخرق القواعد اذا اخذت ماهو ملكي ."
وقالت بسخط :
"لا داعي لأن تذكرني بأن الزوجة هنا ملك تقتينه ."
اضطربت عيناها اذ واجهتا الشمس , فأسرعت تجذب الستائر على النافذة , وقد كرهت – للمرة الاولى – الشمس والسماء الصافية , بل كل شيء يمت الى الجزيرة التي لا مهرب منها , واردفت :
"لكنك لن تستبقيني الى الابد , فبمجرد ان يبلغ الطفلان سناً كافية سأتركك ."
انبعثت طقطقة خافتة من اتجاه منضدة صغيرة , فشغلتهما عن الحديث , وأصغيا , هيلين بحيرة وليون بعدم مبالاة – قال بهدوء وهو يسير الى المنضدة :
"قد تكونين انجبت اطفالاً قبل ذلك بوقت طويل ."
فصاحت : منتديات ليلاس
"تود ان تقيدني بهذه الطريقة !
فاجاب بهدوء :
"بهذه الطريقة !"
وتطلعت مأخوذة , اذ كانت في صوته اختلاجة غريبة , كأنما يجد أشد الصعوبة في الكلام . والتقت نظراتهما , وبغير مبرر قفزت الى ذهنها ذكرى اللوعة البسيطة التي احست بها حين رأته مع بولا قرب الهيلتون . ولذهولها محت الذكرى كل ماجرى , وتقدمت منه وكأن قوة في ذاتها تجذبها نحوه , ومدت يداً – بدون ان تفطن – في توسل , وهتفت :
" ليون "
تناول يدها فأمسكها بقوة . وعاد الدم رويداً الى شفتيه . واكتسحت ابتسامته كل خشونة . وقال :
"نعم يا هيلين ؟"


الساعة الآن 05:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية