فقال :
"لا أصلحها , بل ابدل الاطار ." خرجا وفحصا الاطار , روبرت بصبر نافذ وهيلين بجزع – لو وصل ليون الى البيت قبلها ... لماذا تخاف ؟... وآرتيه مع الطفلين . كان العمل في الظلام مربكاً , وروبرت يلقى عناء كبيراً , فراح يسب من آن لآخر وهيلين تقف بأعصاب متوترة وخفقات قلبها تتزايد كلما مرت لحظة . ونظرت في ساعة السيارة , فاذا بها تشير للحادية عشر وخمس وعشرين دقيقة . قالت والسيارة تتسلق الدرب الصخري المؤدي الى البيت أخيراً : "سأهبط هنا , قف ياروبرت ." فقال : "لن اتركك هنا في الظلام , في هذا الوقت من الليل ... الآن حدث الضرر , وإذا قدر أن ينشب شجار , فسيحدث سواء نقلتك حتى البيت او لم انقلك , وإن كنت اعتقد ان ليس من حقه ان يشكو , مادام يسهر خارج البيت دائماً ." ومضى بها – برغم رجائها الملح – حتى باب البيت . فاذا ليون يقف على قمة الدرجات , ووجهه – برغم العتمة – يحمل تعبيرا قاتلاً . منتديات ليلاس قال روبرت وقد بدأت تصعد الدرجات : "طاب ليلتك ياهيلين ." والتفتت لترد التحية , فاذا صوتها مختنق حتى شعرت أنه لا يمكن ان يكون سمعها . وأفسح لها ليون لتمر , بدون كلمة , حتى إذا صارا في البهو , التفتت وفتحت فمها لتوضح ماجرى لعجلة السيارة ولكن الكلمات انحشرت في حلقها لفرط الخوف . لماذا تخاف هكذا ؟ وبأي حق وقف يرمقها وقد بدا متأهباً لأن يقتلها . أخيراً , تكلم بصوت خافت , فسألها أين كانت ... قالت : "لقد ذهبنا الى .... ماريه مونت ..... وعطبت احدى العجلات ...." وأفلت الدثار من اصابعها المرتجفة فسقط , ووقفت وهي ترتدي الثوب الذي أعطتها اياه ترودي . وهم ليون ان يعلق على ايضاحها لكنه سكت وعيناه الحادتان تلمان بها , وتتأملان بدقة ذراعيها العاريتين , ونحرها المكشوف , شعرها الذهبي الفاتن الذي افلت بفعل الريح أثناء انتظارها في الطريق . كانت وجنتاها عابقتين وشفتاها منفرجتين في قوس ناعم رقيق . وهبطت نظراته الى ذيل ثوبها وتوقفتا . فلما رفعهما اخيراً الى وجهها ثانية , كان في اغوارهما القاتمة شيء افزعها أكثر مما افزعتها اساريره القاتلة حين غادرت السيارة وحاولت ان تتخلص من الخوف الذي سد حلقها , وان تتكلم لكنها – بدلاً من ذلك – انحنت فالتقطت دثارها . لكنه أخذه وطوح به الى مقعد . وشهقت متلفتة حولها وكأنها تبحث عن مهرب , هامسة : "يا آلهي , انه ليس في طور انساني ." منتديات ليلاس وهتفت بصوت مختنق , وهي تسائل نفسها أكان الذعر في عينيها ظاهراً كما كان في صوتها : "ليون , إن ... إن لي حقاً في الخروج ." قطع عليها الحديث بصوت ناعم : "هل تتركين الطفلين وحدهما في البيت ؟" ونسيت ذعرها في لهفتها على الطفلين وقالت : "ليسا وحيدين ...قلت لآرتيه ... لابد انها مكثت ...." قال : "انصرفت آرتيه في موعدها المعتاد ... وهي تحسبك في البيت ." وبدت نظراتها حائرة وهي تقول : "سألتها ان تمكث ... ماكنت لاغادرهما وحيدين ابداً وانك لتعلم ." "الواضح ان آرتيه اساءت فهم ماابلغتها ..... انك تعرفين جداً صعوبة فهمها للانكليزية ." قالت هيلين حائرة : "بدا انها فهمت ... كيف علمت بانصرافها في موعدها المعتاد ؟" قال: "عدت الى البيت في الساعة التاسعة .وكان كوخها مضاء حين مررت به , ورأيتها فيه ." وسكت لحظة , واشتبكت نظراتها بنظراته ثم استأنف : "عندما لن اجدك هنا , كان طبيعياً ان اتساءل عما جرى . كان الطفلان مستيقظين , لكنهما لم يستطيعا ان يخبراني اين كنت , فذهبت الى آرتيه , ولم تكن لديها هي الاخرى فكرة عن مكانك ." |
شيء واحد علق في ذهنها : عاد ليون في التاسعة . لماذا عاد مبكراً بعدما اخبرها انه سيتأخر ؟ اعتقدت انه كان في نيقوسيا يقضي السهرة مع بولا . ولكن هل يحتمل انه فضل البيت ؟ وبدافع غريزي تقدمت منه , وحدقت في وجهه بتساؤل وقالت :
"لو عرفت انك ستعود مبكراً ليون , لما خرجت ." بادر قائلاً : "هذا واضح ." وعادت عيناه تطوفان بقوامها الجميل , ثم عاد الوميض المتأجج الى اعماقهما , وسألها بخشونة : "كم مرة تفعلين هذا ؟" اسرعت تقول : "هذه اول مرة ..." " لا تكذبي ! لا تقفي هكذا وتكذبي عليّ ! كم مرة خرجت مع هذا الرجل ؟" عادت ترتجف , ولكنها جاهدت ليظل صوتها ثابتاً , وقالت : "إنها المرة الاولى . في اية حال من حقي ان اخرج ." قال: منتديات ليلاس "هل من حقك ان تخرجي مع رجال ؟" وبرغم خوفها , ارتفعت ذقنها بشمم وقالت : "رجال ؟ انما ذهبت مع روبرت لأن .... لأن ..." لم تجد كلمات لتخبره بأنها ظنته مع بولا ؟ ولكنها قالت : "لأن بقائي وحيدة هنا لايسر .... فأنت تخرج كل مساء تقريباً يا ليون ." لماذا التذلل ؟ لم تخبره بأن من حقها ان تسري عن نفسها ؟ إنها ليست طفلة حتى يسألها عن غدواتها ورواحها . لذلك أردفت : "سأخرج كلما راق لي , ولا تستطيع ان تمنعني ." رباه ماهذا الذي قالته ؟ لماذا لم تلتزم الحذر ؟ انحسر الدم عن وجهها تماماً , وحاولت ان تهرب اذ تقدم نحوها بخطوة سريعة , ولكن ساقيها خذلتاها ,ووجدت نفسها في عناق يهشم القلوع بلا رحمة وقال : "هل ستخرجين حين يروق لك , مع رجال ؟ ستتأنقين لأجلهم , وتبدين جذابة . أما لي , فستبدين دائماً كعجوز قروية شمطاء." "ارجوك يا ليون , إنك لا تفهم . لم احاول ان ابدو جذابة لأي سبب الا ..." "الا ان توقظي الرغبة في صديقك ؟" كان وجهه قريب من وجهها , رهيبا كجذوتي النار اللتين تجلتا في عينيه , فلم يداخلها شك في نواياه . واردف : "نجحت في ايقاظ الرغبة في زوجك , وستتحملين العواقب ." منتديات ليلاس فناضلت قسوته ولكنها بعد برهه استلقت مستسلمة تبكي بصوت خافت , وامسك بها على مسافة منه اخيراً , فلاحظ الدموع على خديها . مفاجأة هجومه والخوف الذي تملكها جعلا كل عصب في جسمها يرتعش . وتذكرت ماقاله من ان القبارصة يهتمون بنسائهم ويعتزون بهن , فتبادرت الدموع الى عينيها ثانية . كان لمرآها باكية تأثير عجيب عليه فإذا كل غضب وضراوة يتلاشيان فجأة , ومر بأصبعه على وجنتيها يمحو دموعها بحركة حنون , وهتف : "لاتبكي ياهيلين!" كأنه يمحو قسوته منذ لحظة . واذهلها تصرفه , ولكنه بعث فيها املاً . فلما افلتها اخيراً , تطلعت اليه وقالت : "ما أحسبك ..ستخرج عن وعدك يا ليون ؟" سيطر صمت طويل , واشتد سواد عينيه وقد استقرتا على وجهها ورأسها على الارض . فأجاب برفق : "إنك زوجتي ياهيلين ! " وغشيتها مرارة طاغية . صحسح أن القبرصي لا يستطيع ان يعيش بدون امرأة ... وأية امرأة ترضيه . نهاية الفصل الرابع |
5- دعني وشأني ! ..
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_12927042711.gif نظر الطفلين بوجوم وهيلين تغلق غطاء حقيبة ثيابها فيستعصي عليها أحد القفلين . وسأل تشيبي في أسى : " كم ستغيبان ؟" وبدت لمحة من السرور في عيني هيلين , وقالت : " ثلاثة ايام على الاكثر , ابتسم ايها السخيف .... ان من يراك يتصور اننا سنغيب شهراً ." قالت فيونا متذمرة : "ثلاثة ايام مدة طويلة , ليس هذا عدلاً , لم لا نصحبكما ؟" " لأن العمة هيلين تريد ان ترتاح . اخرجا الآن واتركاها تحزم متاعها ." كان ليون يقف بالباب .... فقالت فيونا في اغراء : "هل من الممكن ان نصحبكما يا عمي ليون ؟ سنكون مؤدبين تماماً ." فقال متعجباً من الحاحهما : "سنأخذكما في وقت اخر " وعندما رأيا اسارير ليون تتبدل , اطاعا على الفور . وانحنى ليون يتبين مابالقفل, فلمست أصابعه القوية السمراء أصابعها , واذ بها تنتزع يدها . وزم فمه واعتدل , ثم تناول يديها متعمداً وأمسكها بقبضة قوية , قال متهكماً وعيناه تتأملان أصابعها الرشيقة : منتديات ليلاس "لا شك انك تفضلين الرجال الانكليز , ولكنك – لسوء الحظ – تزوجت مني ." فردت هيلين : "لسوء الحظ " وجاهدت لتخلص يديها ولكن الضغط الفولاذي اشتد , وجذبها إليه , فقالت : "هل يجب ان اذهب معك الى فاماغوستا ؟ الطفلان مستاءان ." أحنى رأسه الاسمر قائلاً : "قلت إنهما لا يصيبهما أذى . نعم ياهيلين , يجب ان تأتي معي ." " الا تستطيع الاستغناء عن امرأة لثلاثة ايام ؟ أي صنف من الرجال انت ؟" قال : منتديات ليلاس "أظن من حقي ان أتوقع مرافقة زوجتي حين اسافر ." كان صوته خافتاً , لكن وميضاً خطراً لمع في عينيه , وامتدت خطوط الغضب البيضاء من أنفه الى فمه . وقال : "تبدين مقتنعة بمعرفتك سبب رغبتي ان تكوني معي ." وحاولت ان تسحب يدها , فأفلحت هذه المرة , لكن اصابع ليون انزلقت على ذراعيها وامسكت كتفيها . قال محذراً وعيناه تتقدان : "احترسي ياهيلين .... من اجل صالحك ." كان وجهه قريباً من وجهها , نحيلاً وفظاً . ومات الرد على شفتيها فلا معنى لأن تجازف بالتعرض لهياجه , كما حدث منذ ليال . ثم افلتها . وسألها : "هل فرغت من حزم امتعتك ؟" قالت ببرود : "كل مااحتاج اليه في الحقيبة ." وخطت الى الشرفة , فاذا مشهد البحر والسماء يبعثان السكينة . كان من الممكن ان تنسجم – قبل اسبوع ومايزيد قليلاً – مع هذا الهدوء . اما الآن , فالاضطراب الداخلي يجعلها تتساءل : "الى متى تستطيع الاحتمال ؟ وثقت به تماماً حين قال – عندما خطبها – انه لن يضايقها . ولم تتصور لحظة ان ينتهك وعده . ولكنه انتهكه , وبدون أي تعليل او اعتذار . لم يظهر من المشاعر سوى الرغبة . قال ليون وهو يقف بجوارها : "هل حزمت كل الثياب التي اشتريتها ؟" فتطلعت اليه , ولاحظت بدهشة نثار الشببب في سوالفه اكثر ظهورا وقالت : "هل حزمت ما امرت بحزمه ... لن اكسفك يا ليون ." وساد الصمت برهة , ثم تحول لينصرف , ولكنه عاد وقال بصوت خافت لكنه كزمجرة حيوان يتأهب للأنقضاض: " أنذرتك بأن تحذري , ولو أغفلت هذا التحذير , فستتحملين الثمن ." |
وتركها واصابعها المرتجفة على السياج , وعيناها تحدقان غائمتين في الخط الفاصل بين البحر الفيروزي الداكن , والسماء الانقى زرقة .
منتديات ليلاس ** ** ** انطلقا بمجرد ذهاب الطفلين الى المدرسة . كان الصباح بهي الاشراق , ومنظر الجبال تبدل مع كل انحناءة في الطريق , وما ان بلغا العاصمة واجتازاها , حتى مضيا عبر السهل في الطريق المستقيمة الطولية , عابرين بمناطق سكنية صغيرة , لا تتجاوز احياناً مجموعة من الاكواخ الطينية تتناثر هنا وهناك بلا تنسيق . وقال ليون وعيناه لا تبرحان الطريق : "سنذهب رأساً الى الفندق , ثم اصطحبك الى المدينة القديمة ." ألقت هيلين نظرة على جانب وجهه , ثم التفتت تواصل تأمل الطبيعة . واستأنف كلامه : "تقولين انك لم تزوري المدينة القديمة ابداً ؟ انها غاية في الجمال , لها جو اعتبره فريداً ." قالت بصوت جامد : "سمعت عن جمالها ." والتفت لحظة ينظر اليها , فواصلت ارسال بصرها خارج النافذة وسألها على غير توقع , وهو يحول عينيه الى الطريق : "هل تكرهينني ياهيلين ؟ كنا سعيدين في شكل معقول قبل .... قبل ...." فقالت: "قبل ان تتخذ مني متعة ؟ نعم يا ليون . كنا موفقين . وكان من الممكن ان يستمر هذا ." فمست حافة فمه المتصلب ابتسامة مريرة باهتة , وقال : "أتظنين ذلك ؟ وانت يا هيلين , هل كنت تقنعين بهذا النوع من الحياة ؟" " عرفت انني مانويت السماح لأحسايسي بالتورط ... افهمتك هذا يوم حدثتك عن غريغوري وكيف خذلني ." " لم تجيبي عن سؤالي . الرجال بشر , والنساء ايضاً ." قالت: منتديات ليلاس "النساء مختلفات , لاسيما الانكليزيات ." فرد بمرارة : "لا حاجة , بك لأن تخبريني بهذا ." ثم اردف : "ولكني لا ازال أقول انهن بشر , سواء كن باردات او غير باردات , ألن تجيبي عن سؤالي ؟" قالت : "لا يمكن ان احلم بالانغماس في المعاشرة لمجرد التراضي ." فقال : "مازلت تراوغينني ." وانحرف ليتفادى عجوزاً مسربلة بالسواد , انحنى جسمها تحت سلة كبيرة ربطت الى ظهرها , ثم استأنف حديثه : "إنني اعترض على مصطلح التراضي يا هيلين , فأرجو الا تستعمليه ثانية ." "إنك تشير قطعاً الى انني مخطئة في استنتاجي , وهو انك تستغليني لمتعة مزاجك ." وأنذرها تهدج انفاسه الى فورة طارئة من الغضب وقال : "قلت لا تستعملي هذا المصطلح ." فقال : "فقالت متهكمة : "إنك مليء بالمفاجأت يا ليون ..... ماكان ينبغي ان اتوقع منك الاعتراض على فظاظة المصطلح ." فقال: " يريحيني ان اسمعك تقرين بفظاظته . كنت قد بدأت أعجب من سذاجتك الفجة , فهي لا تناسبك يا هيلين ." واقبلا على اكثر أجزاء فاروشا شعبية , عابرين خلال شوارع محفوفة بالمنازل والفيلات البيضاء , لكل منها حديقتها الساحرة المتألقة بألوان زهورها . وكان عبير زهور البرتقال يهب خلال نافذة السيارة المفتوحة . قالت : "إطرؤاك يحيريني ." اجابها : "إن التهكم لا يناسبك , ارجو ان تتفاديه ." والتفتت بسرعة وحمرة الغضب على وجنتيها وقالت : "الا يسمح لي حتى بحرية الكلام ؟" |
اجاب :
"لك الحرية طالما انك لا تقصدين إهانتي ." ولم يتبادلا كلمة حتى بلغا الفندق . ونقلت امتعتها الى حجرتها فاذا مصاريع النوافذ مغلقة اتقاء للشمس , ففتحتهما هيلين على الفور قائلة وهي تخرج الى الشرفة : "لماذا يغلقونها ؟" كان الامتداد الازرق الشاسع للبحر الابيض المتوسط يترامى امامهما وتحت الشرفة مباشرة تمتد الرمال الذهبية . وادركت ان زوجها يقف بجوارها قائلاً : "إنها العادة .... لم تألفي عاداتنا بعد ." عادة ! كانت عادة ايضاً ان يعامل الرجال زوجاتهم كأنهن ممتلكات . وتلفتت فإذا بالحجرة فراش لاثنين . أهو الذي طلب ذلك ؟ قيل انها القاعدة في احسن الفنادق ان تجهز الفرفة بسررين منفصلين . فقالت وفي صوتها رنة اغتمام مفاجئة : "يحسن ان اخرج ثيابي ." ولكن ليون لم يتزحزح ليفسح لها مخرجاً . فاستدرات , واسستندت الى السياج تحدق في البحر ساهمة . وأحست بذراعيه يطوقانها فتيبست ولابد انه أدرك مايخالجها , ولكنه قال : " من الممكن ان يكون هذا شهر عسلنا ياهيلين ." فردت : منتديات ليلاس "شهر العسل للعشاق ." قال: "وهذا ما اعنيه ." وأزاحته وفرت داخل الغرفة , صائحة : "الا تستطيع ان تدعني وشأني ؟ هل يجب علي ان اعاني منك ليلاً ونهاراً ؟" وانفرجت شفتاه الشاحبتان , ووقف كامصعوق لكنه تمالك نفسه في الحال . وتقدم بتؤدة وقبضتاه مشدودتان وعيناه السوداوان تطلقان شرراً . وقال : "إذا كنت تعتبرين عناقي مصدر عناء . فالجواب على سؤالك هو نعم . سآخذ ماابتغي , عندما يروق لي ." قالت والغضب باق في صوتها , ولكن الخوف أفعم قلبها : "لكنك وعدت ." ليتها تستطيع الفرار من هذا الرجل ولكن الطفلين كانا يعترضان أية فكرة لتركه . وكان يدرك انها في حوزته مادام الطفلان بحاجة اليها . وعادت تقول : "الا يؤلمك ضميرك أنك نكثت بوعدك ؟" فقال : "لا ضمير عندي فيما يتعلق بصلتي بك . انت زوجتي , وانا لا اخرق القواعد اذا اخذت ماهو ملكي ." وقالت بسخط : "لا داعي لأن تذكرني بأن الزوجة هنا ملك تقتينه ." اضطربت عيناها اذ واجهتا الشمس , فأسرعت تجذب الستائر على النافذة , وقد كرهت – للمرة الاولى – الشمس والسماء الصافية , بل كل شيء يمت الى الجزيرة التي لا مهرب منها , واردفت : "لكنك لن تستبقيني الى الابد , فبمجرد ان يبلغ الطفلان سناً كافية سأتركك ." انبعثت طقطقة خافتة من اتجاه منضدة صغيرة , فشغلتهما عن الحديث , وأصغيا , هيلين بحيرة وليون بعدم مبالاة – قال بهدوء وهو يسير الى المنضدة : "قد تكونين انجبت اطفالاً قبل ذلك بوقت طويل ." فصاحت : منتديات ليلاس "تود ان تقيدني بهذه الطريقة ! فاجاب بهدوء : "بهذه الطريقة !" وتطلعت مأخوذة , اذ كانت في صوته اختلاجة غريبة , كأنما يجد أشد الصعوبة في الكلام . والتقت نظراتهما , وبغير مبرر قفزت الى ذهنها ذكرى اللوعة البسيطة التي احست بها حين رأته مع بولا قرب الهيلتون . ولذهولها محت الذكرى كل ماجرى , وتقدمت منه وكأن قوة في ذاتها تجذبها نحوه , ومدت يداً – بدون ان تفطن – في توسل , وهتفت : " ليون " تناول يدها فأمسكها بقوة . وعاد الدم رويداً الى شفتيه . واكتسحت ابتسامته كل خشونة . وقال : "نعم يا هيلين ؟" |
الساعة الآن 05:49 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية