بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الرابع و الأربعون قرار التحدي تردد صوت خطوات رجل يمشي بسرعة في طرقات هذا المقر السري , كان من العجلة بحيث لم يرد على التحية التي وجهها إليه كل من يوجد بهذا الممر , توقف عند باب خشبي جميل منقوش عليه رسمة طائر عظيم , دق على الباب ثم دلف للداخل , نظرت نحوه الجالسة في تراخي ثم قالت : -لماذا هذه العجلة أيها اللورد؟! حملق نحوها اللورد و عيناه يكاد يخرج منها شرر متطاير ثم قال لها : -ألا تعرفين ما قد حدث ؟ لقد أخبرتني إيكويا بما حدث , إنها لكارثة , لقد أخبرتكي بضرورة الانتقام من هذا اللعين , انتقاما لما حدث لولدي , لكنه الآن قد هرب ..! -اصمت ! صرخت في وجهه الثلجية حتى يتمالك أعصابه , أمسكت علبة سجائرها و أخرجت سيجارة منها ثم ألقتها على المنضدة التي تم تغيير زجاجها , أمسكت بالقداحة و أشعلتها آخذة نفس عميق منها , ثم نفثت الدخان في بطء وهو تتأمل السقف , ثم قالت : -أعترف أنه حدث خطأ في تقديري لهذا الغلام , لكن لا تنس أنه يتلقى معونة من هذا الغريب دون أن يشعر ! تسمر اللورد في مكانه وقال ذاهلا : -هل لازال يتلقى المساعدة منه رغم تحذيرك له ؟! نظرت نحوه ثم قالت في بطء : -لا أدري السبب , ربما يوجد آخرون معه يساعدونه , فنحن لم نعرف من معه حتى الآن , و هذا بالطبع يحمل الكثير من المخاطر , لكن من المؤكد أنه قد استغنى عن مساعدة هذا الغريب إذا كان حقا هو من يساعده ! ضيق اللورد عينيه وهو يقول : -ماذا تعنين بقولك إذا كان حقا هو من يساعده ؟! صمتت للحظات أخذت فيها نفسا عميقا من سيجارتها , ثم قالت : -أقول أنه ربما لا دخل لهذا الرجل بما يفعله هذا الصبي , فكلنا نعرف مدى قوة عائلة اليوشاهارو , و مدى طموحهم و إرادتهم الفولاذية , ربما انتوى هذا الشاب شيئا يعمل على تحقيقه الآن , و لهذا السبب فهو قد فعل كل هذه الأفعال , فربما لم يكن مدفوعا من قبل هذا الغريب , بل الغريب يدرك هذا جيدا , فهو أكثر الناس بغضا له , و بالتالي فهو أكثر من يعرفه , ربما قد أضاء له طريقه نحو هدفه الغامض و تركه كي يحققه , لا أدري لماذا حتى الآن , كما لا أرى ما هو هدف هذا الصبي , وإن بدأت في الشك و بقوة في كون هذا الهدف كبيرا , أكبر مما نتخيل... ******************* حملق الرجل في (رانمارو) , فقال بنبرة شك واضحة : -هل قلت أنك قد جئت إلى هنا لعمل قرية جديدة ؟! رد (رانمارو) بنفس الهدوء الذي قال فيه جملته السابقة : -نعم , أنا أريد أن أبني قرية أطلق عليها اسم قرية الريح البيضاء , خلفا لقريتي الماضية , و تكون نواة لحركة شاملة تقف في وجه كارا و بوكاهاتسو ! صمت الرجل غير مصدق لما تسمعه أذناه , فهل ينتوي هذا الصغير حقا فعل ما قاله ؟! إنه لجنون حقا ما يقوله , لكن... -وما دخلي بهذا الأمر ؟! قالها الرجل بخبث قليلا , فابتسم (رانمارو) , فها قد تأكد من أنه رئيس المدينة , فقال بنبرة أكثر ثقة : -لأنك رئيس المدينة و رئيس مجلس حكماءها ! صعق الرجل دهشة مما قد سمعه للتو , فنعم طوال فترة حياته كان مجلس حكمائه هو المساند الرئيسي لقرية الريح البيضاء في حربها ضد أعداء البشر , لكن بعد سقوط قرية الريح البيضاء ما قد جعل أعضاء هذا المجلس لازالوا على قيد الحياة بعد هو عدم معرفة أي شخص من هم الأعضاء من الأصل , فلو عرف أحد هويتهم لكانوا قد قتلوا منذ زمن , لكن كل هذه المهارة في اخفاء هوياتهم , كل العناء الذي تكبدوه من أجل اخفاء هوية حتى رؤساء العائلات عن من يوجد خارج العائلة , وبذلك ظل سر مجلس الحكماء مخفي للأبد , كانت هذه هي عادة أهل المدينة و عائلاتها , عادة من يخالفها يعاقب بالموت , حملق الرجل نحوه مصعوقا وقال له : -من ...من قال لك هذا الكلام السخيف ! كان يبدو لمن لا يرى أنه يكذب فيما يدعيه بكون هذا الكلام سخيفا , ضيق (رانمارو) عينيه وهو يقول : -هل تعني أنه لا يعرف هوية أعضاء مجلس حكماء المدينة أحد غير سكانها ؟! صرخ فيه الرجل بصوت هادر : -لا تتذاكي علي أيها الطفل الصغير , قل لي من كشف لك عن هويتنا ؟! قالها وقد اشتعل جسده بطاقة برتقالية اللون , أخذت تتصاعد من قمة رأسه حتى السماء , نظرت إليه (تاكامي) و (هيكارو) خائفتين منه , أما ثالثهما فلم يتحرك من مكانه , بل نظر نحوه وقال : -لا تستهن بي أيها العجوز , فأنا سليل عائلة اليوشاهارو العظيمة , لن أكرر كلامي مرة أخرى , أنا جئت هنا كي أحصل على تصريح بتكوين قرية جديدة على مدينتكم , فما قولك؟! قالها وحملق ببرود و صرامة في الرجل , تبادل الاثنان النظر للحظات قليلة , كان غضب الرجل قد طغى على تفكيره , كل ما كان يفكر فيه هو أن هناك من خان المدينة , و عليه أن يكتشف من حتى يجعله عبرة لمن لا يعتبر , صاحت (تاكامي) فجأة : -أنا من أخبره أنك ربما تكون قائد المجلس ! نظر الرجل نحوها في صمت , ثم قال بعد برهة بصوت جهوري : -ومن أنتي ؟ و كيف عرفتي أنني القائد هنا ؟ أنتي لستي واحدة من أهل القرية ! ارتعشت (تاكامي) بشدة , لم تستطع أن تقف على قدميها , خرت ساقطة على الأرض , اتجهت نحوها (هيكارو) صارخة , كانت نظرة الرجل إليها قوية لهذه الدرجة , هكذا فكر (رانمارو) , التفت نحو الرجل ثم قال له : -هذه نعم واحدة ليست من أفراد مدينتك , لكنها عضوة في فريقي , و هي متخصصة في البحث عن الأفراد , وقد حددث ثلاثة أشخاص بعينهم احتمال كبير أن يكون أحدهم قائد القرية , لكني بدأت بك , و كان حظي جيدا ! حملق الرجل فيه لبرهة , قد بدأ عقله يعود للعمل مرة ثانية , لو كان (رانمارو) يتبع (كارا) حقا لكان قد مات , فإذا علمت (كارا) بوجود أشخاص قليلون لهم احتمالية أن يكونوا أفراد المجلس الحاكم لما ترددت لحظة في اغتيالهم , لكنه جاء في سلام تام , و طلب الإذن بمقابلتي , هل هناك لعبة في هذا الأمر؟! , هكذا فكر الرجل وهو ينظر تجاه (رانمارو) , توجه ناظرا نحو (تاكامي) ثم قال لها : -إذا كنتي تستطيعين البحث بهذه الدقة فعلا عن قائد المدينة , فهل يمكن أن تبحثي عن أعضاء مجلسها الحاكم ؟! نظرت له (تاكامي) وهي جالسة مفترشة الأرض والعرق يغمرها , قالت بوهن : -إذا قلت لك عمن كنت أشك في كونهم أعضاء هامين بالمدينة فستصدقنا ؟! اتسعت عينا الرجل من جوابها السريع , بل و الجاهز أيضا , صدر صوت عال يتردد في عقله : ((-إنهم ليسوا من كارا -لكن إذا كانوا منها فسوف تكون صدمة كبرى -ماذا تريد كارا غير رؤوسنا ؟! إذا ما كانوا من كارا ما الضرر الذي قد يحدث لنا ؟! -نعم , معك حق , إذا كانوا من كارا لكان كل هؤلاء المشتبه بهم فعلا في عداد الأموات , لكننا لازلتما على قيد الحياة , إذا استطاعت تلك الفتاة نطق أسماء معظم أعضاء المجلس فسوف أصدقهم , لكن لابد من أخذ رأي الجميع -حسنا فلنستمع إلى تلك الصغيرة أولا )) قال الرجل في هدوء شديد استغرب منه الجميع حتى أعوانه : -حسنا , أخبريني بمن تشكين في كونهم أعضاء المجلس الحاكم , إذا كانوا كذلك فسوف أصدق ما تقولونه , لكن الأمر في النهاية يخضع لمجلس القرية ...! قالت (تاكامي) بلهجة فرح : -هل يعني ذلك أنك ستصدقنا ؟! -نعم شريطة أن تقولي أسماء من تشكين في كونهم أعضاء المجلس الحاكم ! نظرت نحوه ثم تكلمت , قالت عن أماكن من ظنت أنهم أعضاء مهمين في المدينة , بعد أن انتهت اتسعت عيناه من الفزع , فهي قد قالت له جميع أسماء أعضاء مجلس الحكم , بل لم تترك حتى النواب لكل عائلة , قال بدون ان يدري : -إن ما معكي من معلومات لهو شيء خطير ! نظر نحوه (رانمارو) ثم قال له : -إذا فكرت ولو للحظة في إيذاء تاكامي فسوف أواجهك حتى الموت ! نظر نحوه في صمت , ثم استدار راجعا إلى القصر وهو يقول : -اخفضوا أسلحتكم جميعا , فسوف يمكثون الليلة هنا كضيوف عندي ! قالها و بدأ في صعود الدرج المؤدي لداخل القصر , فاستوقفه (رانمارو) بقوله : -ماذا قلت في طلبي سيدي ؟! توقف و استدار له , كان في منتصف صعوده لهذا الدرج , قال ردا على كلامه : -أولا اسمي أكيهيرو , أما ما يتعلق بأمر طلبك فسوف نناقشه بالداخل ! قالها و تابع صعود الدرج , نظر (رانمارو) نحو رجاله فوجدهم قد ألغوا تنشيطهم لعصيهم السحرية ناظرين نحوهم , فتوجه ناظرا نحو (تاكامي) و (هيكارو) , فأومأ كل منهما برأسه موافقين , فتحرك نحو الأمام , بينما ساعدت (هيكارو) (تاكامي) على النهوض من على الأرض , أخذت كل منهما تنفض التراب من على ملابسها وهي تتبع (رانمارو) في طريقه نحو مدخل القصر , صعد الدرج يتبعه رفيقتيه حتى دخل من الباب , كان ما رآه بالداخل بديعا , لكن كان لا يملك وقتا ليقف أمام هذه التحفة , فأكمل طريقه للداخل في ردهة واسعة جلس فيها (أكيهيرو) , فتوجه إليه (رانمارو) و جلس على مقعد مواجه له , نظر (أكيهيرو) نحو الفتاتين اللتين قد توقفتا مبهورتين مما يوجد بداخل القصر من ديكورات و مشغولات ذهبية بفن عال وقال مبتسما : -يبدو أن الفتيات لا تتوقفن عن حب الجمال في أي شيء ! نظر نحوهما (رانمارو) ثم ابتسم هو الآخر , وقال : -نعم , فهما لازالتا فتاتين رغم كل شيء ! رمقه (أكيهيرو) بنظرة فاحصة قبل أن يقول له : -لقد أرسلت أخبر باقي رؤساء القرى , ربما يستغرق الاجتماع قرابة ساعتين تقريبا , فما تطلبه قد يبدو مجنونا حقا , لكن أولا هل تعرف ما هي متطلبات القرية ؟ هناك عائلات يجب أن ... لم يدعه (رانمارو) يكمل كلامه حيث قال : -نحن معنا فردا من عائلات الأيجو , التانشينفونو , الكويو , و الشي يو , أما ما يتعلق بنظام الأمن والدفاع و التعليم فسوف تتم مناقشة ذلك بعد الانتهاء من الاتفاق على تكوين القرية بمساعدة رؤساء القرى هنا ! نظر نحوه (أكيهيرو) وهو مندهش مما قاله , فتمتم قائلا : -يبدو أنك مستعد حقا لهذا المشروع بجدية ! حملق فيه (رانمارو) للحظة قبل أن يقول : -أنت لم تدرك حتى هذه اللحظة أنني آخذ طلبي هذا على محمل الجد و ليس الهزل ! وضع دخول الخادم حدا لهذا النقاش المتنامي بينهما , نظرا إليه وهو يقول : -لقد جاءت رسالة تفيد بالموافقة من الجميع سيدي ! أشار (كيهيرو ) لخادمه لكي يغادر , نظر نحو (رانمارو) بعدها و هو يقول له بلهجة اعتذار: -آسف جدا لكن يجب علي الرحيل , سوف يتم مناقشة طلبك هذا , و أرجو من كل قلبي أن يتم الموافقة عليه , فوجود قرية مثل قريتك السابقة كانت بمثابة غصة في حلق أعدائنا , و بالفعل نحن نريد لها العودة مرة أخرى! قال ذلك ثم قام من المكان معتذرا للفتاتين بعدما مزح معهما للحظات قليلة , بعدها اختفى داخل قصره , جائتا الفتاتان لتجلسان بجوار (رانمارو) تستفسران عما حدث , فأخذ يقص عليهما عما قد دار بينهما من حديث قصير . ********************* نظرت (ناجومي) في جميع أرجاء المنزل تبحث عن فريستها لكنها لم تجدها , رجعت خائبة اليد إلى (تابيتو) , ارتمت على أقرب مقعد لها في تعب , سألها (ياكو) : -هل لم تجدي أي أثر لهما حتى الآن ؟! نظرت إليه في صمت , كانت منذ ساعات تبحث عنهم , فجأة اختفوا ثلاثتهم بدون أي سبب أو حتى ترك رسالة , صدر صوت خبطات على باب الغرفة , كانت خبطات يد رقيقة دالة على الصغيرة الجميلة (ساكورا) , ذهب (ياكو) يفتح لها الباب , دخلت وهي تلهو بكرتها الصغيرة داخل الغرفة , نظر الجميع نحوها في صمت , فجأة خطرت فكرة (لتابيتو) فقال : -ساكورا , عزيزتي ..! انتبهت إليه الصغيرة وهي تمسك بالكرة في براءة فتابع : -هل رأيتي أختك تاكامي اليوم ؟! ظلت صامتة تحملق فيه ثم قالت له : -نعم , لقد رأيتها تخرج هي و هيكارو و رانمارو سويا ! اتسعت عينا (تابيتو) كمن وجد نصرا , فقال بسرعة شديدة : -ألم تسمعي ما كانوا يقولونه قبل مغادرتهم ؟! قالته له الصغيرة : -كلا , فأنتم تتحدثون بصوت خفيض جدا , و لذلك لا يمكنني سماع ما تقولونه ! أصابتهم خيبة الأمل بالصمت الشديد , أخذت (ساكورا) تلهو بكرتها الصغيرة للحظات , ثم اعتدلت و سارت نحو (ياكو) عندما دقت عقارب الساعة مشيرة إلى الساعة العاشرة مساءا , نظر نحوها (ياكو) وهي جالسا على المقعد في حزن وقال لها : -ماذا تريدين عزيزتي ! لم تقل شيءا , بل دست يدها الرقيقة داخل جيب سترتها الأنيقة ذات اللون الأسود اللامع و الأطراف الصوفية بيضاء اللون , ثم أخرجتها وهي تمسك بورقة بيدها اليمنى , ناولت الورقة ل(ياكو) وهي تقل : -لقد طلبت مني أختي أن أعطيك تلك الورقة عند الساعة العاشرة ...! قالتها ثم تركت الورقة في يد (ياكو) المفتوحة وهو صامت من الدهشة , ذهبت تلعب خارجة من الغرفة بكرتها تقزفها بقدمها نحو الأمام وتجري لاحقة بها , أفاق بعد ذلك بثانيتين تقريبا , أمسك الورقة بكلتا يديه و فضها ليقرأ الآتي : ((-أعزائي , لقد قررت أن أخوض غمار معركة البحث عن القائد بمفردي , بالطبع أحتاج إلى تاكامي فهي التي تعرف الأشخاص التي تشك بهم , و كذلك هيكارو حتى أغطي على وجودي من كارا , لم أقل لكم حتى لا ترفضوا , و أنا على يقين من ذلك , لا تتعبوا أنفسكم , ففي الوقت الذي تقرأون فيه هذا الخطاب أكون قد قابلت أول الأشخاص , تمنوا لنا التوفيق. رانمــــــــارو. )) أعاد (ياكو) قراءة هذا الخطاب عدة مرات قبل أن يقوم بعصره في قبضة يده ويقول : -هذا الأحمق , يريد دائما أن يلعب دور البطل على حساب حياته , أتمنى أن تحافظ على حياتك حقا , و ألا تعرضها للخطر كما هي عادتك دوما أخي ! يتبــــــــــــــــــــــــــــع.................. ........... |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الخامس و الأربعون اتخاذ قرار جلس كل من الزعماء الخمسة عشر للعائلات النبيلة الموجودة بالمدينة كل فرد في مقعده الخاص به , جلس على مقدمة الطاولة البيضاوية (أكيهيرو) , ظل واقفا في حين جلس الجميع ينظرون إليه في ترقب , حيث قد طلب منهم التجمع لأمر عاجل و شديد الخطورة , افتتح الجلسة بقوله : -أعرف أنكم جميعا تتسائلون عما حدث حتى نتجمع هنا , لكنه بحق شيء مهم جدا ... نظر للجميع فوجدهم يستمعون إلى ما يقوله في اهتمام , فقال : -سألخص الأمر في أبسط الكلمات , لقد جاء إلي المنبوذ يطلب الإذن بتكوين قرية الريح البيضاء مرة أخرى على أرض مدينتنا ! صمت , نظر حوله , وجد الجميع لم يستوعبوا الصدمة بعد , تحدث نائبه قائلا في استنكار واضح : -المنبوذ؟! أليس هو ذلك الغلام الذي قد قتل أبواه و تسبب في تدمير قرية الريح البيضاء ؟! نظر نحوه (أكيهيرو) ثم قال : -نعم هو بعينه , لكنه قد قال لي شيئا آخر ! ظهرت الدهشة واضحة على وجه النائب , وكذلك على وجوه الجميع , كان الجميع يدرك من هو (أكيهيرو) , و يدركون مدى حكمته و صواب قراراته , لهذا صمتوا جميعا لينصتوا إلى ما سيقوله , تابع القائد قائلا : -لقد أخبرني عن وجود مكيدة قد تم نصبها , مكيدة نصبها رجل غريب لا نعرفه , هذا الرجل قام باستخدام كارا للدخول إلى القرية بعدما يحدث فيها الاضطراب و التدمير ... قاطعه رجل يجلس في أقصى القاعة قائلا : -ولمَ يفكر شخص في ذلك الأمر ؟! إن كان بمقدوره حقا أن يقوم بتدمير القرية بمفرده , فلماذا لا ينسب الأمر لنفسه ؟! أنسيت مقدار القرية عزيزي ؟! نظر نحوه (أكيهيرو ) ثم قال : -كلا لم أنس, لكن إذا نظرت للأمر من منظور أن هذا الرجل لا يريد أن يكون ظاهرا للعيان , يريد أن يكون مخفيا , لا يهمه مجد القضاء على قرية الريح كما يهمه الحصول على مجد آخر , مجد كي يحصل عليه لابد من الحفاظ على هويته سرا , ووجوده مخفيا عن العالم بأسره , لهذا استعان بكارا , و جعلها تدخل القرية بعد تدميرها , لهذا السبب تم نسب النصر لكارا و ليس له , و لهذا السبب لم نسمع عنه أيضا ! تكلم شخص آخر يقبع على يسار (أكيهيرو) قائلا : -ألا ترَ عزيزي أكيهيرو أن هذا الغلام يكذب كذبة حمقاء ؟! شخص مجهول لا يعلمه أحد يزعم أنه هو من دمر القرية و من قتل أبواه وليس هو , من سيصدق هذا ؟! التفت إليه (أكيهيرو) و رد عليه بقوله : -معك حق عزيزي سينتا , لكن إذا علمنا أن الرجل المقصود من هذا الحديث هو نفس الرجل الغامض الذي يحاول توحيد كارا و بوكاهاتسو ليسيطر على العالم ..! صدر صوت همهمة بين الحاضرين , كانت هذه النقطة تستحق المناقشة بالفعل , رفع أحدهم صوته و كان يجلس على يسار (أكيهيرو) قائلا : -هل تعني أن المنبوذ قد أخبرك عن هذا الشخص ؟! ألا تجد الموضوع يشوبه شكوك عديدة , فبداية نحن بكل قوتنا و اتصالاتنا لم نستطع معرفة وجود هذه المؤامرة إلا بتضحيات كبيرة , و أنت على علم بهذا , فكيف له أن يعرف ؟! نظر تجاهه (أكيهيرو) في صمت ثم قال : -قال لي أن الثلجية أخبرته بهذا ! صاح البعض معترضا بصوت عالي , في حين اكتفى البعض بالتلويح , و قلة قليلة قد التزمت في مكانها صامتة تفكر بهدوء و بتمعن و بترو فيما يقوله قائدهم , بعد هدوء القاعة مرة أخرى تحدث (أكيهيرو) : -لقد أخبرني أن الثلجية قد أمرته أن يكون طعما لكي تصطاد به هذا الرجل , فهي على حد قولها يكره المنبوذ بشدة , لهذا فإن المنبوذ يصطحب معه فردا من الأيجو كي يخفي قوته عنها ...! تحدث آخر بصوت مرتفع قاطعا حديث القائد :: -ولماذا لا يكون سبب ذلك هو رغبته في ألا نتتبعه بعد مغادرته ؟! نظر تجاهه (أكيهيرو) , فوجده الجالس في مقابلته عند الطرف الآخر من الطاولة , كان من أعقل رؤساء العائلات , فرد عليه بقوله : -بالطبع هذا احتمال وارد و قوي عزيزي بنيتو , لكن هناك شيء قد نسف كل هذه الاعتراضات من جذورها ... حملق الجميع نحوه في شغف , فقال لهم : -إنه يعرف هوية جميع أعضاء مجلسنا هذا...!!! *********************** -لم كل هذه العصبية , الأمر لا يحتمل كل هذا ! نظر اللورد تجاه الثلجية , كان لا يزال يذرع الغرفة ذهابا و مجيئا , كانت عصبيته شديدة وواضحة , تابعت قائلة : -هذا اللعين رانمارو لن يذهب بعيدا , فقط علينا أن نفكر بترو , لا أن نفقد أعصابنا ! نظر نحوها بعين متقدة ثم قال : -أنا لست عصبيا بسبب هذا اللعين , أنتي تعرفينني جيدا ..! ردت قائلة : -إذا ما سبب كل تلك العصبية ؟! رد عليها بقوله : -السبب هو وجود شخص لا نعرفه يخطط لشيء نجهله ويريد منّا أن نكون تحت إمرته و طوع بنانه , ليس لشيء سوى أنه بمفرده قد تغلب على قرية احتارت منظمتنا بكامل قوتها أن تدمرها ..! قالها و ضرب قبضته اليسرى في الحائط الخشبي في عنف , فجأة انفتح الباب , كان يبدو أنه قد فُتح تحت تأثير قبضة اللورد , لكن ظهرت عند الباب (إيكويا) , دخلت بسرعة وقالت: -خبر عاجل سيدتي ! نظرت تجاهها الثلجية ثم قالت : -ماهو إيكويا ؟ في الفترة الأخيرة كانت كل أخبارك سيئة , أرجو ألا يكون بكي هذا العيب ! نظرت صامتة إليها للحظات قبل أن تقول الثلجية بنبرة أكثر هدوءا : -لا عليكي عزيزتي , أنا فقط متوترة قليلا , ما عندك ؟! قالتها وهي ترمق اللورد بنظرتها , قالت (إيكويا) : -لقد جاءت رسالة من شخص يطلق على نفسه لقب ملك الأرض .. اتسعت عينا الثلجية في حين قال اللورد : -ماذا يقول فيها هذا اللعين ؟! نظرت نحوه (إيكويا) ولم تعلق , استدارت تنظر نحو سيدتها فأشارت بيدها اليسرى لكي تستمر , فقالت : -يطلب فيها أن يقابلكما بعد ساعتين في مكان المدينة المهجورة الذي تعرفانه جيدا ! تسائلت الثلجية في هدوء و هي تضيق من نظرة عينيها : -هل بعث الرسالة لي شخصيا ؟! ردت (إيكويا) قائلة : -كلا سيدتي , لقد أرسلها لكما معا وكأنه يعرف بوجود اللورد هنا !! اتسعت عينا اللورد وهو ينظر تجاه الثلجية , فهذا الغريب يعرف تحركاتهما جيدا ... *********************** تلفت (رانمارو) ناظرا حوله في ترقب , فقد كان يشعر بأن عقارب الساعة لا تتحرك على الاطلاق , كلما نظر نحو ساعة الحائط تلك شعر و كأن الوقت قد توقف , كان كل فترة يتبادل حديث قصير مع الفتاتين , ثم يتوقف الجميع عن الكلام , ظلوا هكذا لقرابة ساعتين ونصف , قام (رانمارو) من مقعده يجوب الردهة ذهابا و إيابا , فقالت (تاكامي) : -لا تقلق , فأنت قد أقنعت رئيس المدينة برأيك , و هذه نقطة تحسب لك , فلا تحمل هم باقي أعضاء المجلس ! نظر نحوها و لم يعقب , لم يكن هذا حقيقة ما يخشاه , بل ... -كيف حالكم ؟! صدر هذا الصوت من عند باب القصر , فتحولت أنظار الجميع نحو (أكيهيرو ) الذي قد دخل يبتسم نحوهم , اندفعت (هيكارو) قائلة : -هل وافق المجلس على تكوين قريتنا في مدينتكم ؟! نظر نحوها و ابتسم , ثم قال : -نعم , لقد صدر القرار بتصويت تسعة أعضاء موافقين , و أربعة معارضين مع امتناع اثنان عن التصويت لعدم وضوح الصورة ! تنهدت الفتاتان , جلست (تاكامي) على الأريكة الوثيرة بجوار (هيكارو) التي قد وضعت راحة يدها اليمنى على قلبها , قال (أكيهيرو) : -مالي أراك غير سعيد رانمارو ؟! نظرت الفتاتان نحوه , كان بالفعل قلقه لم يتغير , كما أنه لم يرتح ولو قليلا عند معرفته بالموافقة , كان موقفه عجيبا , لقد ظنتان أنه قلق من هذا الموضوع , رد عليه قائلا : -بالطبع سيدي هذه الموافقة شيء يسعدني , لكن ما يقلقني بدرجة أكبر هو التحدي الذي قد حددتموه لي ! ضيّق (أكيهيرو) من عينيه , فتفكير هذا الصبي قد فاق كل توقعاته حتى المستحيلة منها , صمت لبرهة ثم قال : -حسنا , لقد ترك المجلس لي هذه المهمة , ولهذا فأنا قد قررت هذا التحدي ! قالها و جلس على مقعد وثير بالردهة أما (رانمارو) الذي ظل محدقا نحوه , فتابع قائلا : -حسنا , فلتنشط عصاتك ! شهقت الفتاتان من الفزع , تصاعدت فكرة واحدة في رأسيهما , هل التحدي سيكون قتال ؟! أما (رانمارو) فقد قال بحزن : -لقد توقعت ذلك , فمجموعة قوية مثلكم لا يمكن أن تأتمن حياتها و مستقبلها و مستقبل عائلاتها و أولادها في يد ضعيف مثلي , و لكن... قالها و شهر عصاته و قال : -أنا لن أكرر كلامي ...لقد جئت إلى هنا حتى أحقق أهدافي , جئت بتصميم على تحقيق ما أطمح إليه , جئت و أعرف أن هذا جد وليس هزل ...كاي ! قالها و تحولت عصاته لشكلها المعتاد , وامتد معطفه ليغطي نصف جسده , صفق (أكيهيرو) بيده بعدما نشط (رانمارو) عصاته ثم قال بعد أن أنهى تصفيقه وسط ذهول الجميع : -بالطبع نحن نتبع هذا المبدأ , لكننا في الوقت ذاته نعرف شيئا يسمى الواقعية , فكيف بشاب لم يتجاوز في عالمنا السحري أربعة أشهر أن يتغلب على من عمره يتجاوز قرن و نصف ؟! بالطبع هذا جنون , لكننا سنتحداك بشيء في استطاعتك ان تقوم به , شيء يدل على قوة إرادتك و عزيمتك و تصميمك ... نظر تجاهه (رانمارو) و قال بسرعة : -قل لي سيدي ما هو حتى أقوم به ! زفر في ضيق (أكيهيرو ) , ثم قال : -بداية أنا اسمي أكيهيرو , ليس سيدي , فأنت ستصبح قائد القرية , و سأكون أنا نائبك , فكيف ينادي القائد نائبه بسيدي ؟! احمرت وجنتا (رانمارو) خجلا من الموقف , فتابع (أكيهيرو) : -ما أريده منك هو أن تدخل عالم الترقي و تجعل معطفك يغطي كامل جسدك ! نظر (رانمارو) نحوه في دهشة , فعالم الترقي عالم غامض بالنسبة له , فتسائل : -وكيف أفعل هذا ؟! نظر نحوه (اكيهيرو) باستغراب ثم قال : -ألم تخبرني أن معك فرد من الكو يو ؟! رد (رانمارو) : -نعم , معي فرد من هذه العائلة , وما بعد ؟! فهم (أكيهيرو) من استفسار (رانمارو) أنه لا يعرف شيئا عن عالم الترقي , فقال له : -أظن أنك تجهل عالم الترقي و فائدته , هذه ليست مشكلتي , إنها مشكلتك أنت , كل ما سنقوم به هو توفير مبنى الكويو لكم , وعليك أن تخوض غمار الترقي حتى تجعل معطفك يغطي جسمك , إذا استطعت فعل ذلك فأنت تكون قد كسبت التحدي , التحدي له ميقات , آخر ميقات لك هو بعد شهر من الآن , إن لم تأت إلى هنا في تمام الساعة الواحدة صباحا بعد شهرا من الآن و يكون معطفك قد غطى جسدك كاملا فاعتبر أن موضوعك قد انتهى بالفشل , ولا تحاول أن تفكر في فتحه مرة أخرى , فصدقني لن يعيرك أي شخص اهتمامه لما تقول بعد الآن ! صمت (رانمارو) يفكر فيما قد قاله (أكيهيرو) , فقد تحداه بشيء لا يعلمه , وفي ذلك قمة التحدي بالفعل , لكنه رفع رأسه وقال له في تصميم : -سوف أفوز في ذلك التحدي , سوف أجعل المعطف يزداد ليغطي كامل جسمي , انتظرني ! نظر نحوه (أكيهيرو) و ابتسم , فهو يقدر جيدا مشاعر هذا الشاب , لكن هذا التحدي ليس بالشيء السهل , فهو لا يعرف ما هو الترقي , فبداخله كان حزينا من اختيار المجلس لهذا التحدي المستحيل , فهو لم ينجح فيه أي شخص على الاطلاق , ربما بدا القتال أمر صعبا لكنه ليس مستحيلا مثل هذا التحدي , لكنه حافظ على ابتسامته و هدوئه حتى غادره (رانمارو) و الفتاتان الرقيقتان معه , وقف ينظر نحوهما من على قمة درج قصره , تبدلت ابتسامته لنظرة حزن , فهو قد فشل في مساعدة من جاء ليرفع راية الحق مرة ثانية وسط سماء الظلم المظلم . يتبـــــــــــــــــــــــع................ |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل السادس و الأربعون عالم الكويو سار شخصان وسط أتلال من البيوت المحطمة , كان يبدو أنهم في مقبرة لمدينة قديمة , ظلا يسيران حتى وصلا إلى منتصف المكان حيث وجدا رجل ثالث بانتظارهما , قال الغريب مرحبا : -مرحبا بالثلجية و بك أيها اللورد , تفضلا بالجلوس ! قالها و طرقع بأصابعه فظهرت ثلاث مقاعد ذهبية اللون في هذا المكان المقفر مما يدفع المرء للتعجب من وجودها , اتجهوا نحو المقاعد و جلسوا عليها , قالت الثلجية : -ما سر طلبك الاجتماع بنا ؟! نظر نحوها الغريب ثم قال : -كي نناقش أمرا هاما , بداية لقد عرفت عن اتصالك برانمارو ! اتسعت عينا الثلجية في دهشة عارمة , فهي قد توقعت بعدما أرسل إليهما دعوة أن له عيون وجواسيس في صفوفها وفي صفوف اللورد , و هذا أمر سهل نظرا لكبر أعداد من يعمل معهما , لكن أن يصل به الأمر إلى معرفة شيء سري و خطير كهذا فهذا هو الغريب , ارتبكت كما ارتبك اللورد , فتابع الغريب : -أنا لا ألومك على ما فعلتيه , فأنا لو كنت في مكان حذائك كنت سأقوم بنفس الشيء تقريبا , لكنني لم أدعوكما اليوم كي نتناقش في هذا الأمر السخيف ! ضيق اللورد من عينيه , فهو كان يعرف أن (رانمارو) مهم جدا بالنسبة لهذا الغريب , فما هو الأكثر أهمية منه إذن ؟! قالت الثلجية : -ما هو ذاك الأمر الهام يا ترى ؟! قالتها بنبرة سخرية قصيرة , لكن الغريب لم يعرها أي اهتمام , بل نظر حوله يتفقد المكان وهو يقول : -أتعرفين , منذ أربعة عشر عاما كانت هنا في أعالي السماء قرية الريح البيضاء , الآن نحن نجلس على أنقاضها التي قد فعلناها بأيدينا ... قاطعه اللورد مصححا : -بل التي فعلتها بيدك ! نظر نحوه الغريب و ابتسم , ثم تابع : -بالطبع هذا مدعاة فخر لي , لكني لم أعترف بهذا الأمر لأن ما بدأته منذ ذلك الوقت لم ينتهِ بعد ! قالها و نظر نحوهما , فردت الثلجية ببساطة : -بالطبع فهناك لا يزال فردا من تلك العائلة البغيضة حرا يدمر و قتل من حلفائنا كما يشاء ! رد الغريب بسرعة : -لو ظننتي أن بعوضة مثل هذا الصبي قد تؤرقني في نومي فأنتي قد أهنتيني , أنا لم أقصد أبدا هذا الصعلوك بما وصفته بأمور لم تنتهِ بعد ! ضيقت الثلجية من عيناها و هي تحملق فيه قائلة : -إذا لم تكن تلك هي الأمور المنتهية , فماذا تقصد إذن ؟! رد الغريب بقوله : -قبل أن نتناقش لابد من أن أقول شيئا عرفته بجواسيسي , فرانمارو قد تقابل مع رئيس مدينة جيفو و اتفقا على تكوين قرية جديدة هناك ! شهق اللورد من الفزع في حين اتسعت عينا الثلجية , لكنها لم تقل شيئا , ظلت في عقلها تحاول أن تستوعب الأمر , ف(رانمارو) هذا قد صار أخطر مما تتصور , فهذه المدينة كانت أكبر عون لقرية الريح البيضاء السابقة , بها كمية كبيرة من العائلات النبيلة القوية , لو تم بناء قرية بها .. -لهذا قد دعوتكما هنا , فاليوم سوف تفهمان بعض من خطتي , و في اللحظة المناسبة سوف تفهمان خطتي كلها ...! قالها ثم أخذ يتكلم عن خطته الشيطانية الماكرة , تلك الشبكة التي قد نسج خيوطها منذ أربعة عشر عاما تقريبا , فاتسعت عيناهما من الدهشة في نهاية الكلام , فقد فهما أخيرا تفكير هذا الغريب , إنه تفكير عبقري فعلا , فيجب ألا يستهينا به , ودّعاه وتركا المدينة القديمة راجعين نحو وكر الثلجية بعدما فهما ما سيحدث في الفترة المقبلة ! ********************** -ماذا حدث أيها المشاغب العنيد ! قالها (ياكو) صارخا عند رؤيته ل(رانمارو) بعد فتحه لباب المنزل , اندفع من بالمنزل نحوهما , قالت (تاكامي) بصوت فرح : -لقد حصلنا على الموافقة بإنشاء قرية الريح البيضاء الجديدة هناك ! تعالت صيحات الفرحة من الجميع , أخذ (ياكو) يعانق (رانمارو) , و قالت (هارونا) : -لابد لنا من الاحتفال بهذا النجاح الباهر ! قالت (هيكارو) وهي مبتسمة : -بالطبع لكن هناك أمر لابد من إنجازه , و إلا فالموافقة لن تكون كاملة و سينتهي هذا الأمر للأبد ! صمت الجميع محدقا فيها , تحولت الفرحة و السرور إلى صمت و تفكير , قصت عليهم بسرعة شرط التحدي , ضحك (ياكو) و قال لأخيه وهو يحتضنه بيده اليسرى : -أخي ند لها , لقد قام بأشياء أكثر صعوبة من تلك ... قاطعته (ناجومي) بقولها وهي ترتعش : -لقد عارضوا ولم يوافقوا ! التفت نحوها الجميع في حدة , كانت تمثل بوابة التشاؤم و اليأس في مجموعتهم , ناهيك عن كرها الدائم ل(رانمارو) , قال لها (رانمارو) : -ماذا تقصدين بأنهم رفضوا ولم يوافقوا ؟! ردت (ريميكا )قائلة : -لأن هذا التحدي صعب , لا ليس بصعب , بل إنه مستحيل ! صمت الجميع ينظر نحوها , قال (رانمارو) وهو يتجه ليجلس بمقعد مريح بالردهة : -أريدك يا ريميكا أن تصفي لي ما هو عالم الترقي بالتحديد كي أدرك ما علي أن أقوم به ! اتجهت مع الجميع ليجلسوا في المقاعد و الأريكة الموجودة بالردهة , ثم قالت : -عالم الترقي عالم غير موجود بعالمنا هنا , يقول البعض عنه أنه عالم يوجد في بعد آخر غير الأبعاد التي نحن فيها , هذا العالم يدخله الفرد مننا , يتم فيه طلب مهمة معينة أن يقوم بها , فإن قام بها يحصل على ما يريده , و إن فشل تتم معاقبته ! صمت الجميع ناظرا نحوها , لكنها تابعت : -بالطبع هو ليس بمثل تلك السهولة , فالمهمة تكون صعبة جدا , بعض الأشخاص يدخلون عالم الترقي من أجل أن يتمكنوا من قول تعويذة قوية بدون التأثير على قوتهم الروحية كثيرا , فالترقي يرفع من قدرة الشخص على استخدام قوته الروحية , لكن ما تريد أن تقوم أنت به هو اختصار جهد خمس سنوات على الأقل يقضيها أي فرد من عالمنا كي يجعل المعطف يغطي كامل جسده , تريد أن تدرك هذا الموضوع في فترة تعتبر مستحيلة , صدقني , لقد وضعوا أمامك شرط تعجيزي , حتى لا تقوم به ! قالت (هيكارو) في حزن و تحسر : -ليس الأمر عند هذه الدرجة , لقد قال القائد أنه إذا فشلنا هنا فلن ينظر أي فرد في أي مكان آخر في طلبنا بجدية بعد ذلك , و هذا يعني أن طلبنا وحلمنا قد...تدمر ! قالتها وهي تحملق في (رانمارو) مثلما فعل الجميع , كان الجميع يعلم مدى اصراره وعزيمته على تحقيق هدفه , لكن هنا الأمر يختلف , قال (رانمارو) بحزم : -سأقوم بما أستطيع القيام به , دعوني أقابل وحشي ربما أجد عنده بعض الإجابات ! قالها و اتجه نحو الطابق الثالث دون أن يقاطعه أحد , لقد كانوا صامتين من الصدمة و الذهول و لا يعرفون ماذا يقولون له , فهم قد أدركوا أن حلمهم قد ضاع إلى الأبد , و أنهم لن يستطيعوا أن يحققوا طموحهم النبيل .. *********************** دخل (رانمارو) كهفه وهو يكاد يسمع دقات قلبه , فهو لديه مجموعة مشاعر لا يعرف كيف اجتمعت مع بعضها , فهو يشعر بالسعادة لإنجازه ما تم , و في نفس الوقت يشعر بالحزن من صعوبة التحدي , و يشعر بالامتنان من القائد على دعمه له و موافقته لطلبه , كما يشعر بالنقمة و الغضب عليه لأنه قد اختار شيئا مستحيلا , سار على دربه المؤدي لأسفل الكهف حتى وصل للمكان الذي عادة ما يتدرب فيه , نظر نحوه التنين و قال له : -ما بك رانمارو؟! لماذا أنت حزين و مهموم هكذا ؟! قال له (رانمارو) : -توجد أمامي عقبة كبيرة سيدي ! نظر نحوه التنين و أخذ ينصت لما يقوله (رانمارو) باهتمام شديد , بعدما انتهى قال له التنين : -عزيزي , إن عالم الترقي ليس كما تتخيل , فهو صعب لأنه لا يعتمد بأي شكل من الأشكال على قوتك في أداء التعاويذ و لا كمية التعاويذ التي تعرفها , إنما يعتمد بشكل رئيسي على عزيمتك و إصرارك , بالطبع هذا شيء صعب لأن الأمر ليس بتلك البساطة التي يبدو عليها , إنما هو اختبار حقيقي لإرادتك و قدرتك على تخطي هذه العقبة ! نظر نحوه (رانمارو) صامتا , فهو لم يكن يدرك ما يريد أن يقوله وحشه , فقال له : -سيدي , أتقصد أنني لكي أزيد من حجم معطفي لابد لي من إرادة صلبة ؟! قال له وحشه : -نعم بالطبع الأمر كذلك , كما قالت لك ريميكا كثير ممن يدخلون الترقي كي يتقنون تعويذة معينة , أما من يدخله كي يجعل معطفه يغطي كامل جسده فهو يحتاج لسنوات طويلة تصل إلى نحو خمس سنوات من التدريب و التعلم , هذا كله كي يصبح للمتدرب ثقة في تحقيق نصره , و يدرك أنه قادر على تخطي الصعاب , فتكون مكافأته على ذلك هو أن تكبر طاقته كثيرا ! فقال له (رانمارو) : -إذن ماذا سنفعل في هذه الفترة ؟! قال له الوحش : -رانمارو , لا تتخيل أنه بالثقة وحدها ستحقق كل شيء , كلا عزيزي , سوف تظل تتدرب أطول وقت ممكن , و هذا يعني طيلة تسعة و عشرين يوما كاملين هنا , أما في اليوم الأخير فسوف تذهب لتحديد مصيرك ! صمت (رانمارو) , فقد أدرك أنه يجب عليه أن يتدرب كي يصبح قويا جدا كي ينجح في هذا التحدي الصعب , بالنسبة له كان هذا شيئا يحبه , هو يحب التدريب , يحب أن يكون قويا , لكنه لا يعرف مما يخاف , فبداخله خوف أخذ يتزايد منذ تركه لقصر (أكيهيرو) , لكنه الآن سيركز في التدريب , لن يفكر في شيء آخر حتى يحقق هدفه . يتبـــــــــــــــــــــــع.............. |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل السابع و الأربعون الدخول إلى عالم الكويو لم يحدث أي جديد في المهلة التي قد حددها لهم (أكيهيرو) , فقد داوم (رانمارو) على التدريب المستمر , لم يقاطعه أحد , بل انزوى الجميع في جانب بمفردهم كي لا يخرجوه من جو التركيز الذي كان فيه , لكن من وقت لآخر كانوا يتحدثون معه , عما قد أنجزه , عما تعلمه , في آخر لقاء جمع بينهم , كان ذلك في اليوم الثامن و العشرين , قال لهم فيه : -لقد أتقنت التعويذة التي استطعت بها التغلب على قادة القرية الصينية ! كان خبرا سعيدا , فهو قد أخبرهم منذ أن قابل وحشه بما قاله عن ضرورة أن يتعلم ليصير قويا , كان يعلم جيدا أن ما يعرفه حتى الآن مجرد تعاويذ متوسطة المستوى , لكن تعويذة الفارس تلك كانت التعويذة الوحيدة عالية المستوى , كذلك لم يكن قد أتقنها بعد , بالطبع كانت شيء سيء بالنسبة , لهذا قد استغرق وقتا طويلا في تعلمها جيدا , و أخيرا... -هل أنت مستعد جيدا رانمارو ؟! نظر (رانمارو) نحو وحشه , كانت قوته قد زادت قليلا , معطفه قد تجاوز منتصف جسده , لكنه ليس كاملا بعد , فقال له : -نعم سيدي , اليوم هو اليوم الموعود , أتمنى أن أحقق هدفي ! نظر تجاهه الوحش , فقد رأى تصميمه , صدر صوت النسر الذهبي : -يبدو أنك قد نضجت قليلا رانمارو ! نظر نحوه و ابتسم , لا يعلم السبب لكن وحش ياكو لم يدربه على الاطلاق , حتى تعاويذ (ياكو) كان قد تعلمها من وحشه , قد برر له ذلك التنين بأنه يجب للفرد أن يتعلم من سيد واحد , فإذا واجه قوة سيدين مرة واحدة في التدريب ربما يحدث له ضرر كبير , بالطبع كان هذا سببا منطقيا , لكنه حتى الآن يشعر بعزلة عن وحش (ياكو) , قال للتنين : -سيدي , لدي تساؤل أود طرحه , شيء يقلقني ! نظر نحوه التنين ثم قال : -ماذا هناك رانمارو؟! ظهر التردد واضحا على وجه (رانمارو) قبل أن يقول : -لازلت غير متفهما لسبب قبولك بمشاركتي وحش ياكو , بالطبع أنا أريد أن أصبح قويا , لكن ليس بجعل صديقي و أخي يشاركني قواه , بهذا تفقد عائلته النبل الذي تتحلى به , فهو لا يستحق ذلك ! قالها (رانمارو) وهو ينظر نحو وحشه , ظل وحشه صامتا في حين تابع (رانمارو) : -بالطبع كون قوتك لا تكفي قوتي الداخلية شيء يسعدني , فهو يؤكد أنني قوي , لكن كانت هناك طريقة أخرى , و هي بدخولي عالم الترقي , نعم هي طريقة صعبة لكن للأسف هي أفضل من تدمير نبل عائلة ياكو ! ظل التنين و النسر صامتين للحظات قبل أن يقول التنين : -كنت أدرك أنك لن تقتنع بهذا السبب , لكن قل لي من أين لك بدخولك عالم الترقي في ذلك الوقت ؟! نظر نحوه (رانمارو) في دهشة , فبالفعل هو لم يفكر في هذا الأمر , تابع التنين : -لا تقلق نفسك بأشياء ستظهر لك أسبابها في النهاية , الآن فقط ركز فيما أنت مقدم عليه..! نظر نحوه (رانمارو) ثم أومأ برأسه متفهما , استدار ليغادر المكان لكن استوقفه التنين صائحا : -لا تنس , لا تستخدم تلك التعويذة أبدا , فأنت إن استخدمتها فستسهلك طاقتك كلها , ربما تفقد حياتك معها , لا تتهور و تستخدمها ! التفت ناظرا نحوه , ثم تابع سيره في صمت , فاليوم هو اليوم الموعود , و الساعة قد أعلنت عن تمام السادسة مساءا , سوف يغادرون الآن متجهين نحو مصيرهم المحتوم.. *************************** وصل الجميع إلى هذا القصر البديع , دخلو من البوابة حيث استقبلهم (أكيهيرو) بالترحاب , سلم على الجدد و تعرف عليهم في ردهة القصر التي سبق و أن انتظره (رانمارو) و الفتاتان معه سابقا , نظر نحو (رانمارو) و قال له : -هل أنت جاهز ؟! أحس (رانمارو) كأن دقات قلبه قد صارت كضربات مدفع يسمع صوتها في أذنيه في كل دقة , لم يجاوبه بل أومأ برأسه , فقال (أكيهيرو) : -هيا , فنحن لن ندخلك عالم الترقي هنا , بل سيكون في مكان آخر ! قالها و غمز بعينه اليسرى نحو (رانمارو) وهو يبتسم , لكنه لم يبتسم ردا له , بل اكتفى بأن يسير خلفه , وجد ثلاث عربات فخمة في انتظارهم , ركب (رانمارو) مع (أكيهيرو) و معهم (هارونا) , في حين ركب (ياكو ) و (تابيتو) و (ريميكا) في سيارة أخرى , أما السيارة الأخيرة فقد ركبت فيها (ناجومي) و (تاكامي) و معهما (هيكارو) و(ساكورا) , فقد رفضت البقاء في المنزل و فضلت الحضور معهم كي ترى هذا الحدث العظيم , سار الموكب في رهبة سكون واضح سيطر على جميع ركاب العربات الثلاثة , سارت العربات في طريق ممهد , ثم ابتعدت عن الطريق لتسير في طريق غير ممهد داخل غابة كبيرة , لم يستفسر أي فرد ممن موجود بالموكب عن أي شيء , فقد سيطر شعور بالقلق و الخوف و الرهبة ممتزجين ببعضهم البعض على كل فرد منهم , استمرت الرحلة قرابة ساعة كاملة , حتى وصلوا لمكان واسع , الأرض فيه ممهدة كما لو أن هذا المكان كان معدا قبل ذلك , توقفت العربات , ترجل الجميع عنها , نظروا حولهم , وجدوا قرابة خمسون رجلا يقفون في صفين ناظرين نحوهم , كانت العربات قد وقفت عند بداية طريق معبد بالأحجار القديمة ينتهي بمبنى كالقبة الزجاجية, كانت قبة زجاجية مرفوعة إلى أعلى بدعامات إسطوانية زجاجية أيضا , كانت ألوانها جميلة , حيث كان يوجد بداخل الزجاج ألوان غريبة , لا يعرف (رانمارو) لماذا لكنه شعر و كأنها أشياء موضوعة داخل القبة , كان صفي الأشخاص يحددون هذا الطريق المعبد , أما في خارج المنطقة , و حول هذا المكان قد تراص رجال كثر للغاية , ربما يربو عددهم على ثلاثمائة شخص , هكذا فكرت (تاكامي) , لكنها قد أدركت شيئا واحدا , أن هؤلاء الخمسين هم أهم رجال المدينة , كانت تدرك أن فيهم رؤساء العائلات و نوابهم على أقل تقدير , مما أضاف لرهبة الموقف رهبة المكان و رهبة الحاضرين , سار (رانمارو) يتبع (أكيهيرو) , في حين توقف الآخرون يقفون أمام هذا الطريق , توقف (رانمارو) عندما توقف (أكيهيرو) في منتصف الطريق , التفت لينظر نحوه ثم قال : -عزيزي , لا أقدر أن أصف لك ما أشعر به , لكني أشعر بالفخر من وجود شخص مثلك في حياتنا , شخص قد استطاع التغلب على الخوف الذي ملأ صدورنا لفترة تجاوزت أربعة عشر عاما بقليل , كنت أتمنى أن يكون التحدي غير هذا , لكن هذا ليس بيدي , فهذا قرار مجلسنا الموقر , لكني لا أملك سوى الدعاء لك بالنجاح في هذا التحدي , أتمنى لك التوفيق ! قالها و التفت ناظرا نحو (ريميكا) , أشار لها كي تأتي , تحركت بخطوات بطيئة نحوهما , ثم تخطتهما نحو القبة , كان يبدو أنها تعرف ما ستفعله جيدا , فهذا هو بيت الكويو , كانت تشعر بانقباض في صدرها , لقد فعلت هذا الأمر عشرات المرات من قبل , لكنها لم تشعر بما تشعر به الآن , تابعت سيرها وسط هذا الموكب الذي احتشد ينظر لها في تمعن , سارت حتى وصلت لداخل القبة , توقفت في منتصفها , نظرت لأعلى , كانت القبة بها رسمة منقوشة ببروز على الزجاج , كانت كلمة (كويو) مكتوبة باللغة السحرية , تنهدت بعمق , جلست في وضع التدريب الخاص بها , نظرت نحو الجميع , وجدت الجميع قد حبس أنفاسه ترقبا لما سيحدث , أغمضت عيناها , ثم قالت : -كايتو ! صدر شعاع أبيض وهاج , سطع وسط ظلمة هذا الليل , اندفع الشعاع خارجا من العصا يريد التحرك خارج القبة , لكن لسبب ما لم يتجاوزها , بل تحرك داخل زجاج القبة , أخذ يدور بها , يدور و يدور , صارت القبة الآن قطعة مضيئة في هذا المكان , شمس صغيرة سطعت بهذه الأرض , ظل الضوء يزداد , و يقوى لمعانه حتى لم يعودوا قادرين على رؤية (ريميكا) رويدا رويدا لم يستطيعوا رؤية القبة , الزجاج الموجود بها , الأعمدة التي تستقر فوقها , فجأة ازداد الضوء دفعة واحدة ثم انحسر , انحسر ليكون شيئا غريبا , تحولت القبة ومن بداخلها لبوابة , كانت الألوان التي قد رآها من قبل (رانمارو) داخل الزجاج قد أصبحت كتابات بلغة لا يعلمها , كتابات لامعة براقة ,فتحت أبوابها بصوت مرتفع معدني محدثة صرير مزعج , حدق الجميع بما بداخلها, كانت البوابة بداخلها شيء يشبه السحاب , كان يبدو أنها فتحة على السماء البعيدة , نظر (رانمارو) نحو (أكيهيرو) , قبل أن يتكلم وجده قد تنحى جانبا ليقف في مكان فارغ بالمنتصف يوجد بصف على يسار (رانمارو) , نظر نحوه بدهشة , لكن (أكيهيرو) لم يفعل شيئا سوى أن أِشار له أن يتقدم , ابتلع ريقه بصعوبة , التفت حوله , وجد الجميع يحدق به , التفت خلفه وجد رفقائه يلوحون له بأيديهم , مما شجعه على التماسك , قبض على مقبض عصاته أكثر من مرة مرددا في نفسه : ((-أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها )) شعر بحرارة تسري في جسده , شعر بطمأنينة تفيض في قلبه , بثقة تجتاح نفسه , أغمض عينه , ظل هكذا لثانيتين , ثم فتحهما , نظر نحو الباب بثقة , بدأ سيره , بدأ خطواته نحو هذا الدرب , كان صفي الأشخاص يتوقف عند مسافة تقدر بحوالي عشرة أمتار تقريبا بعدا عن البوابة , تخطى حاجز الصفين , استمر في سيره بهدوء نحو البوابة , وقف عندها , نظر نحو الداخل لكنه لم ير شيئا , رفع يده الممسكة بالعصا و أدخلها , فدخلت بسلاسة , شعر ببرودة خفيفة تجتاح يده , دفع يده أكثر و أكثر للداخل , لم يجد شيئا يعوق سيرها , فتشجع , فخطا خطوة بقدمه اليمنى للداخل , تبعتها قدمه اليسرى , فجأة أصبح داخل البوابة , شعر و كأن شيئا باردا قليلا يحيط به , كان لا يدرك ماهيته , لكنه لم يشعر بمثل ذلك الشعور من قبل , كان شيئا يريح الأعصاب , فجأة شعر و كأن هناك من يدفعه للأمام بيسر , حاول أن يتلفت ورائه ليعرف من يقوم بذلك , لكنه لم يستطع , أدرك للمرة الأولى أنه غير قادر على الحركة , ظل هكذا لبضع ثواني , بعدها سطع ضوء قوي طغى على رؤيته , فأغمض عينيه اتقاءا من هذا الضوء العالي , شعر و كأنه قد سقط على أرض رملية , فتح عينيه فوجد نفسه مستلقي على أرض رملية بالفعل , و أمامه يوجد رجل غريب , رجل يلبس ملابس لم يرَ أحد يرتديها سوى أشخاص معينين فقط , رجال مصر الفرعونية القديمة ! -من أنت ؟ و أين أنا ؟! تسائل (رانمارو) وهو يقف من على الأرض ينفض عن ملابسه حبات الرمال التي التصقت بها , نظر نحوه الرجل المصري , وقال : -لماذا جئت هنا ؟! نظر نحوه (رانمارو) وهو يضيق عينيه ثم قال : -جئت من أجل أن أدخل في عالم الترقي ؟! -لماذا؟! رد عليه : -لا شأن لك بهذا , أريد فقط أن أدخل عالم الترقي ! نظر نحوه الرجل بصرامة , لكن (رانمارو) لم يعره أي اهتمام , فما كان يهمه حقا هو ما نوع المهمة التي عليه أن يؤديها في هذا العالم الغريب , قال له الرجل في برود : -حسنا , لديك مهمة عليك القيام بها , يوجد رجل قاتل هارب , هذا الرجل خطير جدا , هو موجود داخل هذا المعبد ... قالها و استدار يشير نحو معبد مصري قديم , كان ضخما جدا , أعمدته كبيرة و عالية , تعجب (رانمارو) من أنه لم يلاحظه في البداية , فشيء ضخم كهذا لا يمكن ألا يراه أحد , نبهه الرجل بقوله : -عليك أن تمسك به حيا أو ميتا , إذا فعلت هذا فأنت ستنجح في مهمتك هنا , هيا , فلترنا مهارتك أيها المتحذلق ! قالها و اختفى الرجل وابتسامة السخرية تغطي وجهه , تعجب (رانمارو) من اختفائه , لكنه ليس الشيء الوحيد الغريب هنا , شهر عصاته و قال : -كاي ! تحولت العصا لشكلها المعتاد , غطى المعطف أكثر من نصف جسده , سار بخطوات حذرة داخل المعبد , كان الصمت المطبق يسيطر على الأجواء , شعر برهبة شديدة عندما خطى أول خطوة داخل المعبد , هنا لمح ظل شخص تحرك بسرعة بين عدة أعمدة موجودة أمامه , تحرك (رانمارو) بحرص , فهو كان يدرك أن مهمته هو إلقاء القبض على هذا القاتل , ظل يسير بخطوات حذرة حتى وصل لمكان واسع , تحيط به الأعمدة من كل الجهات , كان مربع الشكل , متسع جدا , يبدو و كأنه ردهة هذا المعبد , في الطرف المقابل وجد رجلا ملثما يلبس ملابس صفراء واقفا في انتظاره , سار (رانمارو) حتى دخل إلى المكان , حملق في الرجل كما حملق الرجل فيه لبرهة , بعدها تكلم الرجل : -عد من حيث أتيت , أنت لست ندا لي ! قالها بصوت جهوري , تردد صداه في المكان و بين الأعمدة الكثيرة فاستمر يتردد لفترة قاربت على النصف دقيقة تقريبا , بعدها سكن كل شيء تقريبا كما كان من قبل , فرد (رانمارو) : -أنا لن أغادر مكاني حتى أقوم بإلقاء القبض عليك ! تردد صوت (رانمارو) الصارم , لكنه ليس مثل صوت الغريب , الذي علا صوت ضحكاته عندما سمع كلمات (رانمارو) , بعدما انتهى منها قال وسط صدى الضحكات : -هل تظن أنك تستطيع أن تأسرني ؟! ألا تعلم أنهم قد حاولوا من قبل كثيرا من المرات لكنهم فشلوا ؟! ومن حاول قبلك كان أقوى منك بكثير , فكيف تأتي إلى هنا و تقول بكل جرأة أنك تريد أن تقبض علي ؟! اتسعت عينا (رانمارو) دهشة مما كان يقوله الغريب , فتابع الغريب وهو يتحرك نحو (رانمارو) : -لا تقلق نفسك عزيزي , أعرف أنهم قد غرروا بك , لكن لا تقلق , فسوف أخرجك بنفسي من هذا المكان , كما سأخرجك من الدنيا بأسرها ... قالها و حدث كل شيء بسرعة , تحول هذا الشخص لتنين ضخم , يشبه سيده , وصلت دهشته لمداها , لماذا لدى هذا الشخص تنين مثله ؟! لم يدرِ السبب , لكن ... ((-ماذا حدث لك رانمارو؟!)) صدر صوت الوحش مترددا في أعماقه بعنف , نبهه ذلك لما هو فيه , نبهه إلى حقيقته , عندما أدرك ما حدث له , عندما شعر بأنه كاد أن يفقد كل شيء بسبب لحظة يأس لعينة , اشتعل بالغضب , نظر مضيقا عيناه نحو هذا الغريب الذي قد تحول إلى تنين , وقال : -لقد جئت هنا لأقبض عليك , فإن لم تقبل هذا بطريقة سلمية , فسأجبرك عليها بنفسي ... زمجر التنين , وهو ينظر نحوه , زمجر (رانمارو) هو الآخر , فتح التنين فمه و أخرج تيار من النار القوي , قفز (رانمارو) لأعلى في خفة وسرعة متجاوزا هذا الخطر , قال : -للأسف لا أملك وقتا أضيعه معك أيها اللعين , سأستخدم معك أقوى تعاويذي , فهذه هي الطريقة الوحيدة ... قالها و قبض على عصاته بكلتا يديه , أغمض عينه , أخذ يستجمع طاقته الروحية , ثم فتحهما وهو يصرخ : -ريون كيشي ! تلونت مقدمة عصاته بلون أحمر قاتم , بعدها اندفعت سحابة ضخمة أمام العصا , من وسطها صدر صوت صهيل فرس , انقشعت السحابة فجأة لتكشف عن فرس ضخم يعتليه فارس يبعث منظره الرعب فيمن يراه , رفع الفارس سلاحه الغريب , و الذي قد أضاف لنهايته تلك الكرة المسننة من معركة سابقة , لكنها قد اصطبغت بلونه الأحمر تاركة لونها الأسود السابق بعيدا , صاح (رانمارو) فيه عند وصوله للأرض : -هيا هاجمه بكل قوته ! تحرك الفارس بسرعته المعهودة مندفعا نحو التنين , رفع التنين ذيله و وجهه نحو الفارس , رفع الفارس سلاحه و هوى به مقابلا ذيل التنين , لدهشة (رانمارو) فقد أوقف التنين حركة الفارس , و لم يستطع سلاح الفارس أن يخترق ذيل التنين , لم يحدث به أية خدوش , كان يبدو أن طاقتيهما متقاربة , جز (رانمارو) على أسنانه , فقد عدل التنين من رأسه موجها إياها نحو الفارس , اندفع سيل جارف من النيران نحو الفارس , رفع يده اليسرى حاملة الدرع لتتصدى لهذا الجحيم , بدا أن الفارس لن يصمد طويلا , زمجر (رانمارو) قائلا: -لن أدعك تدمره أيها اللعين ! رفع عصاته وصرخ قائلا : -فونكافان هاريتسو ! تلونت طرف العصا بلون أحمر , اندفعت دفقة من الآشعة تجاه الأرض تحت أقدام التنين , حدثت رجة خفيفة , تبعها صوت ضخم صادر من أسفل أقدامه , كانت تعويذة قوية للغاية , فقد خر (رانمارو) ساقطا على الأرض وهو شاحب قليلا , يبدو أنها قد استهلكت جزء كبير من طاقته , نظر نحو التنين , كانت الأرض تحت قدمه قد بدأت في الارتفاع , بدت و كأنها تكون تل صغير , ارتفعت عن سطح الأرض لمسافة تصل إلى خمسة طوابق كاملة , بعدها توقفت عن الارتفاع كما توقف التنين عن نفث النيران , فقد انتبه لما يحدث أسفله , التفت ينظر نحو الأرض التي قد ارتفعت , هنا صدر صوت زمجرة من الأرض , مع حدوث زلزال صغير , تلونت بعدها قمة الأرض المرتفعة بلون أحمر غريب , حملق التنين في هذه الأرض الغريبة , فجأة اندفع سيل من الحمم من فوهة هذا المرتفع الصغير نحوه , قفز إلى أعلى تحت تأثير اندفاع تلك الحمم , تردد صوت الحيوان المتوحش عاليا يهز جنبات المعبد , سمع (رانمارو) صوت سقوط العديد من الأعمدة تحت تأثير موجات هذا الصوت العنيف , فهو قد وضع كلتا يديه على أذنيه اتقاءا لهذا الصوت , صاحب سقوط التنين على أرضية المكان هزة ضخمة , فقد سقطت بعيدا عن الفوهة التي لازالت تخرج ما في أحشاءها من حمم , ظلت هكذا للحظات بعدها توقف سيل الحمم عن الخروج , أما الفارس فقط استطاع أخير أن يغرس سلاحه في ذيل التنين فاصلا هذا الجزء عن جسده , ثم اختفى تاركا (رانمارو) بمفرده مع الوحش , نظر تجاه الوحش , كان قد سقط يئن على الأرض , كان ذيله ينزف بشدة , وقف (رانمارو) بضعف , سار مترنحا قليلا نحو الوحش , لكن... -هل تظن أنك تستطيع التغلب علي بتلك التعاويذ فقط ؟! قالها التنين وهو يقف بصعوبة , كان يبدو عليه الانهاك أيضا , كانت طاقة (رانمارو) قد قاربت على الانتهاء , لم يدر كيف تحمل التنين كل هذه الصدمات , كانت بطنه تنزف بشدة نتيجة اندفاع الحمم نحوه , تكلم الوحش قائلا : -الآن قد وصلت إلى نهاية قوتك , هيا اعترف بفشلك , هيا تخل عن كل شيء , هيا أعلن استسلامك و فشلك ! صرخ فيه (رانمارو) بكل قوته : -كيف تجرؤ أيها اللعين ؟! أنا لن أترك أحلامي كلها تضيع هباءا , تعبي و تعب رفقائي لن يضيع سدى ! ضحك الوحش ثم قال : -أنت لا تدرك حقيقة وضعك الآن , سأقولها لك مجددا بصورة أكثر بساطة , أنت بمفردك الآن , لم تعد قادرا على أداء تعاويذ قوية , ربما لو كانت لديك طاقة تكفي لتقوم بتعويذة أخرى ربما حينها كنت قد صرعتني حقا و أجهزت علي , لكنك لا تملك لحسن حظي و لسوء حظك مثل هذا القدر من الطاقة , فأنت على مشارف انتهاء طاقتك ! قالها و استمر يضحك , في داخل (رانمارو) كان يدرك حقيقة وضعه السيء , فكل ما قاله الوحش صحيح تماما , إنه لا يرغب في أن يفشل , إنه لن يرغب في أن يضيع حلمه ... -كلا ! قالها فتوقف الوحش عن الكلام , نظر نحوه محدقا فيه بينما تابع هو : -كلا , إنه ليس حلمي بمفردي ... قالها و أخذت طاقته تخرج على نحو كبير , أخذت تحيط بجسده , تحيط به على شكل لفات حلزونية , كان أشبه ما يكون حينما أزال الختم من على وحش (ياكو) , قال الوحش مندهشا مما يفعله : -ماذا تفعل أيها اللعين ؟! لن تستطيع أن تحقق شيئا بموتك هنا , لن تستطيع أداء تعويذة واحدة و أنت لا طاقة لديك بعدها , لابد لك من أن تكون لديك بعض الطاقة المتبقية للتحكم في ... -اخرس ! صرخ في الوحش , صمت الوحش تحت تأثير صرامة كلمته , ثم تابع (رانمارو) : -لا أريد أن أسمع مزيدا من هذا الهراء مرة أخرى ... سأريك من هو رانمارو ...سأريك من هو سليل عائلة اليوشاهارو ! قالها و صرخ , صرخ بكل قوته , كان ما يتردد في عقله و قلبه بصوت عالى تحذير التنين له ((-لا تستخدم تلك التعويذة رانمارو , ستفقد حياتك حقا , لا تقم بها , ستستهلك طاقتك, لا... )) لم يعر لكلامه أدنى اهتمام , فقد قرر , لا يهم من سيرى تحقيق الهدف , لكن الأهم حقا هو تحقيقه , ربما لن يكون قادرا على رؤية حلمه يتحقق , لكن ... -لن أدع حلمي و حلم الجميع يضيع بسببي أيها اللعين , سأقوم بها أيها التنين , سأحقق نصري عليك أيها اللعين ... ((-ساكورا ,ياكو , هارونا , تاكامي, تابيتو , ناجومي , هيكارو , ريميكا ...وداعا !! )) تردد في عقله صوته وهو يتذكر صورة كل من رفقائه , و يتذكر لقطات سريعة من حياته القصيرة معهم , و أخيرا تخيل شكل قريته وهي مبنية , شعارها يرتفع عاليا في عنان السماء ... -ريون مونوجاتاري سوبيتا ! أضاءت طرف عصاته بضوء أحمر لامع , نظر التنين نحوه وصرخ في رعب : -لا , ليس تلك التعويذة أيها اللعين ! قالها وهو يصرخ , و الضوء يخرج من العصا يغمر المكان , كانت كانفجار صغير يحدثه (رانمارو) بعصاته واضعا نهاية لمهمته المستحيلة ... يتبــــــــــــــــــــع................... |
بسم الله الرحمن الرحيم الفصل السابع و الأربعون الدخول إلى عالم الكويو لم يحدث أي جديد في المهلة التي قد حددها لهم (أكيهيرو) , فقد داوم (رانمارو) على التدريب المستمر , لم يقاطعه أحد , بل انزوى الجميع في جانب بمفردهم كي لا يخرجوه من جو التركيز الذي كان فيه , لكن من وقت لآخر كانوا يتحدثون معه , عما قد أنجزه , عما تعلمه , في آخر لقاء جمع بينهم , كان ذلك في اليوم الثامن و العشرين , قال لهم فيه : -لقد أتقنت التعويذة التي استطعت بها التغلب على قادة القرية الصينية ! كان خبرا سعيدا , فهو قد أخبرهم منذ أن قابل وحشه بما قاله عن ضرورة أن يتعلم ليصير قويا , كان يعلم جيدا أن ما يعرفه حتى الآن مجرد تعاويذ متوسطة المستوى , لكن تعويذة الفارس تلك كانت التعويذة الوحيدة عالية المستوى , كذلك لم يكن قد أتقنها بعد , بالطبع كانت شيء سيء بالنسبة , لهذا قد استغرق وقتا طويلا في تعلمها جيدا , و أخيرا... -هل أنت مستعد جيدا رانمارو ؟! نظر (رانمارو) نحو وحشه , كانت قوته قد زادت قليلا , معطفه قد تجاوز منتصف جسده , لكنه ليس كاملا بعد , فقال له : -نعم سيدي , اليوم هو اليوم الموعود , أتمنى أن أحقق هدفي ! نظر تجاهه الوحش , فقد رأى تصميمه , صدر صوت النسر الذهبي : -يبدو أنك قد نضجت قليلا رانمارو ! نظر نحوه و ابتسم , لا يعلم السبب لكن وحش ياكو لم يدربه على الاطلاق , حتى تعاويذ (ياكو) كان قد تعلمها من وحشه , قد برر له ذلك التنين بأنه يجب للفرد أن يتعلم من سيد واحد , فإذا واجه قوة سيدين مرة واحدة في التدريب ربما يحدث له ضرر كبير , بالطبع كان هذا سببا منطقيا , لكنه حتى الآن يشعر بعزلة عن وحش (ياكو) , قال للتنين : -سيدي , لدي تساؤل أود طرحه , شيء يقلقني ! نظر نحوه التنين ثم قال : -ماذا هناك رانمارو؟! ظهر التردد واضحا على وجه (رانمارو) قبل أن يقول : -لازلت غير متفهما لسبب قبولك بمشاركتي وحش ياكو , بالطبع أنا أريد أن أصبح قويا , لكن ليس بجعل صديقي و أخي يشاركني قواه , بهذا تفقد عائلته النبل الذي تتحلى به , فهو لا يستحق ذلك ! قالها (رانمارو) وهو ينظر نحو وحشه , ظل وحشه صامتا في حين تابع (رانمارو) : -بالطبع كون قوتك لا تكفي قوتي الداخلية شيء يسعدني , فهو يؤكد أنني قوي , لكن كانت هناك طريقة أخرى , و هي بدخولي عالم الترقي , نعم هي طريقة صعبة لكن للأسف هي أفضل من تدمير نبل عائلة ياكو ! ظل التنين و النسر صامتين للحظات قبل أن يقول التنين : -كنت أدرك أنك لن تقتنع بهذا السبب , لكن قل لي من أين لك بدخولك عالم الترقي في ذلك الوقت ؟! نظر نحوه (رانمارو) في دهشة , فبالفعل هو لم يفكر في هذا الأمر , تابع التنين : -لا تقلق نفسك بأشياء ستظهر لك أسبابها في النهاية , الآن فقط ركز فيما أنت مقدم عليه..! نظر نحوه (رانمارو) ثم أومأ برأسه متفهما , استدار ليغادر المكان لكن استوقفه التنين صائحا : -لا تنس , لا تستخدم تلك التعويذة أبدا , فأنت إن استخدمتها فستسهلك طاقتك كلها , ربما تفقد حياتك معها , لا تتهور و تستخدمها ! التفت ناظرا نحوه , ثم تابع سيره في صمت , فاليوم هو اليوم الموعود , و الساعة قد أعلنت عن تمام السادسة مساءا , سوف يغادرون الآن متجهين نحو مصيرهم المحتوم.. *************************** وصل الجميع إلى هذا القصر البديع , دخلو من البوابة حيث استقبلهم (أكيهيرو) بالترحاب , سلم على الجدد و تعرف عليهم في ردهة القصر التي سبق و أن انتظره (رانمارو) و الفتاتان معه سابقا , نظر نحو (رانمارو) و قال له : -هل أنت جاهز ؟! أحس (رانمارو) كأن دقات قلبه قد صارت كضربات مدفع يسمع صوتها في أذنيه في كل دقة , لم يجاوبه بل أومأ برأسه , فقال (أكيهيرو) : -هيا , فنحن لن ندخلك عالم الترقي هنا , بل سيكون في مكان آخر ! قالها و غمز بعينه اليسرى نحو (رانمارو) وهو يبتسم , لكنه لم يبتسم ردا له , بل اكتفى بأن يسير خلفه , وجد ثلاث عربات فخمة في انتظارهم , ركب (رانمارو) مع (أكيهيرو) و معهم (هارونا) , في حين ركب (ياكو ) و (تابيتو) و (ريميكا) في سيارة أخرى , أما السيارة الأخيرة فقد ركبت فيها (ناجومي) و (تاكامي) و معهما (هيكارو) و(ساكورا) , فقد رفضت البقاء في المنزل و فضلت الحضور معهم كي ترى هذا الحدث العظيم , سار الموكب في رهبة سكون واضح سيطر على جميع ركاب العربات الثلاثة , سارت العربات في طريق ممهد , ثم ابتعدت عن الطريق لتسير في طريق غير ممهد داخل غابة كبيرة , لم يستفسر أي فرد ممن موجود بالموكب عن أي شيء , فقد سيطر شعور بالقلق و الخوف و الرهبة ممتزجين ببعضهم البعض على كل فرد منهم , استمرت الرحلة قرابة ساعة كاملة , حتى وصلوا لمكان واسع , الأرض فيه ممهدة كما لو أن هذا المكان كان معدا قبل ذلك , توقفت العربات , ترجل الجميع عنها , نظروا حولهم , وجدوا قرابة خمسون رجلا يقفون في صفين ناظرين نحوهم , كانت العربات قد وقفت عند بداية طريق معبد بالأحجار القديمة ينتهي بمبنى كالقبة الزجاجية, كانت قبة زجاجية مرفوعة إلى أعلى بدعامات إسطوانية زجاجية أيضا , كانت ألوانها جميلة , حيث كان يوجد بداخل الزجاج ألوان غريبة , لا يعرف (رانمارو) لماذا لكنه شعر و كأنها أشياء موضوعة داخل القبة , كان صفي الأشخاص يحددون هذا الطريق المعبد , أما في خارج المنطقة , و حول هذا المكان قد تراص رجال كثر للغاية , ربما يربو عددهم على ثلاثمائة شخص , هكذا فكرت (تاكامي) , لكنها قد أدركت شيئا واحدا , أن هؤلاء الخمسين هم أهم رجال المدينة , كانت تدرك أن فيهم رؤساء العائلات و نوابهم على أقل تقدير , مما أضاف لرهبة الموقف رهبة المكان و رهبة الحاضرين , سار (رانمارو) يتبع (أكيهيرو) , في حين توقف الآخرون يقفون أمام هذا الطريق , توقف (رانمارو) عندما توقف (أكيهيرو) في منتصف الطريق , التفت لينظر نحوه ثم قال : -عزيزي , لا أقدر أن أصف لك ما أشعر به , لكني أشعر بالفخر من وجود شخص مثلك في حياتنا , شخص قد استطاع التغلب على الخوف الذي ملأ صدورنا لفترة تجاوزت أربعة عشر عاما بقليل , كنت أتمنى أن يكون التحدي غير هذا , لكن هذا ليس بيدي , فهذا قرار مجلسنا الموقر , لكني لا أملك سوى الدعاء لك بالنجاح في هذا التحدي , أتمنى لك التوفيق ! قالها و التفت ناظرا نحو (ريميكا) , أشار لها كي تأتي , تحركت بخطوات بطيئة نحوهما , ثم تخطتهما نحو القبة , كان يبدو أنها تعرف ما ستفعله جيدا , فهذا هو بيت الكويو , كانت تشعر بانقباض في صدرها , لقد فعلت هذا الأمر عشرات المرات من قبل , لكنها لم تشعر بما تشعر به الآن , تابعت سيرها وسط هذا الموكب الذي احتشد ينظر لها في تمعن , سارت حتى وصلت لداخل القبة , توقفت في منتصفها , نظرت لأعلى , كانت القبة بها رسمة منقوشة ببروز على الزجاج , كانت كلمة (كويو) مكتوبة باللغة السحرية , تنهدت بعمق , جلست في وضع التدريب الخاص بها , نظرت نحو الجميع , وجدت الجميع قد حبس أنفاسه ترقبا لما سيحدث , أغمضت عيناها , ثم قالت : -كايتو ! صدر شعاع أبيض وهاج , سطع وسط ظلمة هذا الليل , اندفع الشعاع خارجا من العصا يريد التحرك خارج القبة , لكن لسبب ما لم يتجاوزها , بل تحرك داخل زجاج القبة , أخذ يدور بها , يدور و يدور , صارت القبة الآن قطعة مضيئة في هذا المكان , شمس صغيرة سطعت بهذه الأرض , ظل الضوء يزداد , و يقوى لمعانه حتى لم يعودوا قادرين على رؤية (ريميكا) رويدا رويدا لم يستطيعوا رؤية القبة , الزجاج الموجود بها , الأعمدة التي تستقر فوقها , فجأة ازداد الضوء دفعة واحدة ثم انحسر , انحسر ليكون شيئا غريبا , تحولت القبة ومن بداخلها لبوابة , كانت الألوان التي قد رآها من قبل (رانمارو) داخل الزجاج قد أصبحت كتابات بلغة لا يعلمها , كتابات لامعة براقة ,فتحت أبوابها بصوت مرتفع معدني محدثة صرير مزعج , حدق الجميع بما بداخلها, كانت البوابة بداخلها شيء يشبه السحاب , كان يبدو أنها فتحة على السماء البعيدة , نظر (رانمارو) نحو (أكيهيرو) , قبل أن يتكلم وجده قد تنحى جانبا ليقف في مكان فارغ بالمنتصف يوجد بصف على يسار (رانمارو) , نظر نحوه بدهشة , لكن (أكيهيرو) لم يفعل شيئا سوى أن أِشار له أن يتقدم , ابتلع ريقه بصعوبة , التفت حوله , وجد الجميع يحدق به , التفت خلفه وجد رفقائه يلوحون له بأيديهم , مما شجعه على التماسك , قبض على مقبض عصاته أكثر من مرة مرددا في نفسه : ((-أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها )) شعر بحرارة تسري في جسده , شعر بطمأنينة تفيض في قلبه , بثقة تجتاح نفسه , أغمض عينه , ظل هكذا لثانيتين , ثم فتحهما , نظر نحو الباب بثقة , بدأ سيره , بدأ خطواته نحو هذا الدرب , كان صفي الأشخاص يتوقف عند مسافة تقدر بحوالي عشرة أمتار تقريبا بعدا عن البوابة , تخطى حاجز الصفين , استمر في سيره بهدوء نحو البوابة , وقف عندها , نظر نحو الداخل لكنه لم ير شيئا , رفع يده الممسكة بالعصا و أدخلها , فدخلت بسلاسة , شعر ببرودة خفيفة تجتاح يده , دفع يده أكثر و أكثر للداخل , لم يجد شيئا يعوق سيرها , فتشجع , فخطا خطوة بقدمه اليمنى للداخل , تبعتها قدمه اليسرى , فجأة أصبح داخل البوابة , شعر و كأن شيئا باردا قليلا يحيط به , كان لا يدرك ماهيته , لكنه لم يشعر بمثل ذلك الشعور من قبل , كان شيئا يريح الأعصاب , فجأة شعر و كأن هناك من يدفعه للأمام بيسر , حاول أن يتلفت ورائه ليعرف من يقوم بذلك , لكنه لم يستطع , أدرك للمرة الأولى أنه غير قادر على الحركة , ظل هكذا لبضع ثواني , بعدها سطع ضوء قوي طغى على رؤيته , فأغمض عينيه اتقاءا من هذا الضوء العالي , شعر و كأنه قد سقط على أرض رملية , فتح عينيه فوجد نفسه مستلقي على أرض رملية بالفعل , و أمامه يوجد رجل غريب , رجل يلبس ملابس لم يرَ أحد يرتديها سوى أشخاص معينين فقط , رجال مصر الفرعونية القديمة ! -من أنت ؟ و أين أنا ؟! تسائل (رانمارو) وهو يقف من على الأرض ينفض عن ملابسه حبات الرمال التي التصقت بها , نظر نحوه الرجل المصري , وقال : -لماذا جئت هنا ؟! نظر نحوه (رانمارو) وهو يضيق عينيه ثم قال : -جئت من أجل أن أدخل في عالم الترقي ؟! -لماذا؟! رد عليه : -لا شأن لك بهذا , أريد فقط أن أدخل عالم الترقي ! نظر نحوه الرجل بصرامة , لكن (رانمارو) لم يعره أي اهتمام , فما كان يهمه حقا هو ما نوع المهمة التي عليه أن يؤديها في هذا العالم الغريب , قال له الرجل في برود : -حسنا , لديك مهمة عليك القيام بها , يوجد رجل قاتل هارب , هذا الرجل خطير جدا , هو موجود داخل هذا المعبد ... قالها و استدار يشير نحو معبد مصري قديم , كان ضخما جدا , أعمدته كبيرة و عالية , تعجب (رانمارو) من أنه لم يلاحظه في البداية , فشيء ضخم كهذا لا يمكن ألا يراه أحد , نبهه الرجل بقوله : -عليك أن تمسك به حيا أو ميتا , إذا فعلت هذا فأنت ستنجح في مهمتك هنا , هيا , فلترنا مهارتك أيها المتحذلق ! قالها و اختفى الرجل وابتسامة السخرية تغطي وجهه , تعجب (رانمارو) من اختفائه , لكنه ليس الشيء الوحيد الغريب هنا , شهر عصاته و قال : -كاي ! تحولت العصا لشكلها المعتاد , غطى المعطف أكثر من نصف جسده , سار بخطوات حذرة داخل المعبد , كان الصمت المطبق يسيطر على الأجواء , شعر برهبة شديدة عندما خطى أول خطوة داخل المعبد , هنا لمح ظل شخص تحرك بسرعة بين عدة أعمدة موجودة أمامه , تحرك (رانمارو) بحرص , فهو كان يدرك أن مهمته هو إلقاء القبض على هذا القاتل , ظل يسير بخطوات حذرة حتى وصل لمكان واسع , تحيط به الأعمدة من كل الجهات , كان مربع الشكل , متسع جدا , يبدو و كأنه ردهة هذا المعبد , في الطرف المقابل وجد رجلا ملثما يلبس ملابس صفراء واقفا في انتظاره , سار (رانمارو) حتى دخل إلى المكان , حملق في الرجل كما حملق الرجل فيه لبرهة , بعدها تكلم الرجل : -عد من حيث أتيت , أنت لست ندا لي ! قالها بصوت جهوري , تردد صداه في المكان و بين الأعمدة الكثيرة فاستمر يتردد لفترة قاربت على النصف دقيقة تقريبا , بعدها سكن كل شيء تقريبا كما كان من قبل , فرد (رانمارو) : -أنا لن أغادر مكاني حتى أقوم بإلقاء القبض عليك ! تردد صوت (رانمارو) الصارم , لكنه ليس مثل صوت الغريب , الذي علا صوت ضحكاته عندما سمع كلمات (رانمارو) , بعدما انتهى منها قال وسط صدى الضحكات : -هل تظن أنك تستطيع أن تأسرني ؟! ألا تعلم أنهم قد حاولوا من قبل كثيرا من المرات لكنهم فشلوا ؟! ومن حاول قبلك كان أقوى منك بكثير , فكيف تأتي إلى هنا و تقول بكل جرأة أنك تريد أن تقبض علي ؟! اتسعت عينا (رانمارو) دهشة مما كان يقوله الغريب , فتابع الغريب وهو يتحرك نحو (رانمارو) : -لا تقلق نفسك عزيزي , أعرف أنهم قد غرروا بك , لكن لا تقلق , فسوف أخرجك بنفسي من هذا المكان , كما سأخرجك من الدنيا بأسرها ... قالها و حدث كل شيء بسرعة , تحول هذا الشخص لتنين ضخم , يشبه سيده , وصلت دهشته لمداها , لماذا لدى هذا الشخص تنين مثله ؟! لم يدرِ السبب , لكن ... ((-ماذا حدث لك رانمارو؟!)) صدر صوت الوحش مترددا في أعماقه بعنف , نبهه ذلك لما هو فيه , نبهه إلى حقيقته , عندما أدرك ما حدث له , عندما شعر بأنه كاد أن يفقد كل شيء بسبب لحظة يأس لعينة , اشتعل بالغضب , نظر مضيقا عيناه نحو هذا الغريب الذي قد تحول إلى تنين , وقال : -لقد جئت هنا لأقبض عليك , فإن لم تقبل هذا بطريقة سلمية , فسأجبرك عليها بنفسي ... زمجر التنين , وهو ينظر نحوه , زمجر (رانمارو) هو الآخر , فتح التنين فمه و أخرج تيار من النار القوي , قفز (رانمارو) لأعلى في خفة وسرعة متجاوزا هذا الخطر , قال : -للأسف لا أملك وقتا أضيعه معك أيها اللعين , سأستخدم معك أقوى تعاويذي , فهذه هي الطريقة الوحيدة ... قالها و قبض على عصاته بكلتا يديه , أغمض عينه , أخذ يستجمع طاقته الروحية , ثم فتحهما وهو يصرخ : -ريون كيشي ! تلونت مقدمة عصاته بلون أحمر قاتم , بعدها اندفعت سحابة ضخمة أمام العصا , من وسطها صدر صوت صهيل فرس , انقشعت السحابة فجأة لتكشف عن فرس ضخم يعتليه فارس يبعث منظره الرعب فيمن يراه , رفع الفارس سلاحه الغريب , و الذي قد أضاف لنهايته تلك الكرة المسننة من معركة سابقة , لكنها قد اصطبغت بلونه الأحمر تاركة لونها الأسود السابق بعيدا , صاح (رانمارو) فيه عند وصوله للأرض : -هيا هاجمه بكل قوته ! تحرك الفارس بسرعته المعهودة مندفعا نحو التنين , رفع التنين ذيله و وجهه نحو الفارس , رفع الفارس سلاحه و هوى به مقابلا ذيل التنين , لدهشة (رانمارو) فقد أوقف التنين حركة الفارس , و لم يستطع سلاح الفارس أن يخترق ذيل التنين , لم يحدث به أية خدوش , كان يبدو أن طاقتيهما متقاربة , جز (رانمارو) على أسنانه , فقد عدل التنين من رأسه موجها إياها نحو الفارس , اندفع سيل جارف من النيران نحو الفارس , رفع يده اليسرى حاملة الدرع لتتصدى لهذا الجحيم , بدا أن الفارس لن يصمد طويلا , زمجر (رانمارو) قائلا: -لن أدعك تدمره أيها اللعين ! رفع عصاته وصرخ قائلا : -فونكافان هاريتسو ! تلونت طرف العصا بلون أحمر , اندفعت دفقة من الآشعة تجاه الأرض تحت أقدام التنين , حدثت رجة خفيفة , تبعها صوت ضخم صادر من أسفل أقدامه , كانت تعويذة قوية للغاية , فقد خر (رانمارو) ساقطا على الأرض وهو شاحب قليلا , يبدو أنها قد استهلكت جزء كبير من طاقته , نظر نحو التنين , كانت الأرض تحت قدمه قد بدأت في الارتفاع , بدت و كأنها تكون تل صغير , ارتفعت عن سطح الأرض لمسافة تصل إلى خمسة طوابق كاملة , بعدها توقفت عن الارتفاع كما توقف التنين عن نفث النيران , فقد انتبه لما يحدث أسفله , التفت ينظر نحو الأرض التي قد ارتفعت , هنا صدر صوت زمجرة من الأرض , مع حدوث زلزال صغير , تلونت بعدها قمة الأرض المرتفعة بلون أحمر غريب , حملق التنين في هذه الأرض الغريبة , فجأة اندفع سيل من الحمم من فوهة هذا المرتفع الصغير نحوه , قفز إلى أعلى تحت تأثير اندفاع تلك الحمم , تردد صوت الحيوان المتوحش عاليا يهز جنبات المعبد , سمع (رانمارو) صوت سقوط العديد من الأعمدة تحت تأثير موجات هذا الصوت العنيف , فهو قد وضع كلتا يديه على أذنيه اتقاءا لهذا الصوت , صاحب سقوط التنين على أرضية المكان هزة ضخمة , فقد سقطت بعيدا عن الفوهة التي لازالت تخرج ما في أحشاءها من حمم , ظلت هكذا للحظات بعدها توقف سيل الحمم عن الخروج , أما الفارس فقط استطاع أخير أن يغرس سلاحه في ذيل التنين فاصلا هذا الجزء عن جسده , ثم اختفى تاركا (رانمارو) بمفرده مع الوحش , نظر تجاه الوحش , كان قد سقط يئن على الأرض , كان ذيله ينزف بشدة , وقف (رانمارو) بضعف , سار مترنحا قليلا نحو الوحش , لكن... -هل تظن أنك تستطيع التغلب علي بتلك التعاويذ فقط ؟! قالها التنين وهو يقف بصعوبة , كان يبدو عليه الانهاك أيضا , كانت طاقة (رانمارو) قد قاربت على الانتهاء , لم يدر كيف تحمل التنين كل هذه الصدمات , كانت بطنه تنزف بشدة نتيجة اندفاع الحمم نحوه , تكلم الوحش قائلا : -الآن قد وصلت إلى نهاية قوتك , هيا اعترف بفشلك , هيا تخل عن كل شيء , هيا أعلن استسلامك و فشلك ! صرخ فيه (رانمارو) بكل قوته : -كيف تجرؤ أيها اللعين ؟! أنا لن أترك أحلامي كلها تضيع هباءا , تعبي و تعب رفقائي لن يضيع سدى ! ضحك الوحش ثم قال : -أنت لا تدرك حقيقة وضعك الآن , سأقولها لك مجددا بصورة أكثر بساطة , أنت بمفردك الآن , لم تعد قادرا على أداء تعاويذ قوية , ربما لو كانت لديك طاقة تكفي لتقوم بتعويذة أخرى ربما حينها كنت قد صرعتني حقا و أجهزت علي , لكنك لا تملك لحسن حظي و لسوء حظك مثل هذا القدر من الطاقة , فأنت على مشارف انتهاء طاقتك ! قالها و استمر يضحك , في داخل (رانمارو) كان يدرك حقيقة وضعه السيء , فكل ما قاله الوحش صحيح تماما , إنه لا يرغب في أن يفشل , إنه لن يرغب في أن يضيع حلمه ... -كلا ! قالها فتوقف الوحش عن الكلام , نظر نحوه محدقا فيه بينما تابع هو : -كلا , إنه ليس حلمي بمفردي ... قالها و أخذت طاقته تخرج على نحو كبير , أخذت تحيط بجسده , تحيط به على شكل لفات حلزونية , كان أشبه ما يكون حينما أزال الختم من على وحش (ياكو) , قال الوحش مندهشا مما يفعله : -ماذا تفعل أيها اللعين ؟! لن تستطيع أن تحقق شيئا بموتك هنا , لن تستطيع أداء تعويذة واحدة و أنت لا طاقة لديك بعدها , لابد لك من أن تكون لديك بعض الطاقة المتبقية للتحكم في ... -اخرس ! صرخ في الوحش , صمت الوحش تحت تأثير صرامة كلمته , ثم تابع (رانمارو) : -لا أريد أن أسمع مزيدا من هذا الهراء مرة أخرى ... سأريك من هو رانمارو ...سأريك من هو سليل عائلة اليوشاهارو ! قالها و صرخ , صرخ بكل قوته , كان ما يتردد في عقله و قلبه بصوت عالى تحذير التنين له ((-لا تستخدم تلك التعويذة رانمارو , ستفقد حياتك حقا , لا تقم بها , ستستهلك طاقتك, لا... )) لم يعر لكلامه أدنى اهتمام , فقد قرر , لا يهم من سيرى تحقيق الهدف , لكن الأهم حقا هو تحقيقه , ربما لن يكون قادرا على رؤية حلمه يتحقق , لكن ... -لن أدع حلمي و حلم الجميع يضيع بسببي أيها اللعين , سأقوم بها أيها التنين , سأحقق نصري عليك أيها اللعين ... ((-ساكورا ,ياكو , هارونا , تاكامي, تابيتو , ناجومي , هيكارو , ريميكا ...وداعا !! )) تردد في عقله صوته وهو يتذكر صورة كل من رفقائه , و يتذكر لقطات سريعة من حياته القصيرة معهم , و أخيرا تخيل شكل قريته وهي مبنية , شعارها يرتفع عاليا في عنان السماء ... -ريون مونوجاتاري سوبيتا ! أضاءت طرف عصاته بضوء أحمر لامع , نظر التنين نحوه وصرخ في رعب : -لا , ليس تلك التعويذة أيها اللعين ! قالها وهو يصرخ , و الضوء يخرج من العصا يغمر المكان , كانت كانفجار صغير يحدثه (رانمارو) بعصاته واضعا نهاية لمهمته المستحيلة ... يتبــــــــــــــــــــع................... |
الساعة الآن 12:52 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية