ردت بحدة :
- لاتتدخل فيما لا يعينك دايفيد .
- غريب , احس ان الأمر يعنيني , ولقد كنت تعنيني منذ زمن طويل, منذ هربت من خطوبتنا قبل خمس سنوات.منتديات ليلاس
- لا تجزعي, لن انبش تلك القذارة ثانية, مع انني قد اسعد في توضيح رأيي الصريح بالمرأة التي تزوجت المال وهي مرتبطة برجل آخر, لكن للأسف لم تتخلصي منه نهائياً بعد.
- اذا كنت تحاول اغضابي دايفيد ..
- لا , ولا اتمتع بنبش الماضي , لكنني اهتم الآن بدفعك للأدراك بأنك لن تنفذي ماتريدين , انت تتلاعبين مع تشارلز لسبب محدد, وإذا لم احصل منك على وعد بالابتعاد عنه وعن شقيقته , سأوصل الأمر الى نيل بنفسي.
ردت بنعومة :
- لن تجرؤ!
- عزيزتي هيلين , ليس لي ما اخسره , فلماذا لا اجرؤ؟ لماذا تتلاعبين مع تشارلز للانتقام من بيترا ؟ لو عرفت الرد ..
صاحت هيلين مضطربة :
- احمق! لن اوضح لك شيئاً , لكنني ساعدك.
ضحك:منتديات ليلاس
- وكأنني لا اعرف قيمة وعودك!
- ارجوك دايفيد , سأعدك ان لا اكلم تشارلز ثانية, إلا إذا اضطررت, لكن لوفعلت لي شيئاً في المقابل .
- أنا؟ ولماذا اتعب نفسي بالتدخل ؟
- ولماذا تدخلت اصلاً ؟ هنا مكمن المشكلة !
- وماذا تريدين مني ان افعل ؟
صمتت قليلاً ثم قالت :
- الحياة في المزرعة بوجودك ثقيلة عليّ. اريدك قبل العودة من هنا , ان تقول لنيل انك مسافر على اول طائرة.
ببطء استند الى الوراء يمرر يديه على ذراعي الكرسي نظرته كانت حاسبة , محتارة قليلاً, لكن الحيرة انجلت بعد لحظات :
- هكذا إذن , كم انت مخلوقة فاتنة , اتظني ان اي شيء اقوله له قد يدمر فرحك معه.
- كم انت ذكي , ومليء بالانتقام , رغبت بي طوال سنوات زواجي , ولازلت , لكن يناسبك التظاهر بالعكس , وانت تسعى لقطع صداقتي مع نيل. على الأقل ستتأكد وانت هنا ان لا تقوم بيننا نحو الزواج؟
- انت قريبة جداً من الحقيقة . مامن رجل يجب ان تسخر منه امرأة , ولقد فعلت هذا معي مرتين , أتذكري ؟ كان يجب ان يكون رد فعلي المنطقي, ان اتزوج خلال خمس سنوات , لكنني لم اكن واثقاً من نفسي.
- انت ؟ غير واثق من نفسك؟
- الا تصدقي هذا, وهل ظننت ان حبيباً سابقاً بالقرب منك قد يسرع قرار نيل بالزواج ؟ والآن تعتقدين انني اقف في الطريق وانني لو استطعت لمنعته.
- كم انت حقود دايفيد . لكن , انا لا اهتم بك!

- احذرك هيلين, حركة واحدة باتجاه تشارلز , وسأفضح كل شيء لنيل, حتى الآن تمكنت من الاعتماد على نقمة فروسية حمقاء في نفسي, لكنها ماتت بالنسبة لك , سأقول له كل شيء, كيف لم تفسخي الخطوبة قبل هربك للزواج من آخر, وكيف اتصلت بي بعد اقل من سنة من زواجك وتوسلت إليّ لنبقى اصدقاء. كيف كنا نخرج معاً دون علم زوجك, وافضل من اي شيء آخر, كيف طلبت مني ارجاع خاتم الخطوبة وانت في دار النقاهة, ثم نسبت الموضوع حين بدأ هو بالاهتمام بك . هذا دون ان اذكر شيئاً عما تفعلينه بتشارلز وبيترا , فما سأقوله يكفي.منتديات ليلاس
- تجاوزت حدك دايفيد , فقد تعلمت كيف اتعامل مع نيل, كل ماعلي فعله ان ادعوك بالكاذب وانهار واتظاهر بفقدان الوعي. وستتحطم خطتك كلها.
- انا مستعد للمخاطرة .
- ولأجل نيل ؟ منذ متى تخاطر بسبب رجل آخر؟
- لا , ليس من اجل نيل, بل من اجل بيترا.
ضحكت بحدة:
- باركك الله ! لكن الفروسية لا تليق بك دايفيد, فهذا يجعل منك احمقاً. وإذا كان في نيتك شيء نحو بيترا , فمحكوم عليه بالفشل, فالمسكينة واقعة في حب نيل!
وقف فجأة على قدميه :
- هاقد وصل , ليس لدي وقت لأكرر ما اوضحته , ابتعدي عن بيترا وتشارلز, كوني حذرة في كل ماتقولينه لنيل, وإلا سأطلق بضع حقائق من عقالها , ولم اكن جاداً في حياتي كلها مثل الآن.منتديات ليلاس
تحرك الأربعة معاً, هيلين تمسك بحقيبة يدها بشدة , لكن دون اي دليل آخر على أي شيء يقلقها. وسأل دايفيد :
- هل من اخبار؟
- لا, ولست ادري إذا كان هذا جيداً ام سيئاً.
رد نيل:
- بل هو جيد, فهو يعني ان تشارلز لا يحتاجك , وسنعود على اي حال بعد ثلاثة ايام.
تلك الليلة , استلقت بيترا صاحية في فراشها, عبر الفتحة في السقف اخذت تراقب النجوم , لم تعد تعي شيئاً حتى الصباح حين استيقظت على صوت الرجلين يشعلان النار من جديد, ثم اشتمت رائحة اول سيكارة لهما ذلك اليوم , ثم التفتت نحو هيلين, كانت عيناها مفتوحتان واسعتان ثم اغمضتا ؟ وزاد ارتيابها الاحساس بأن شيئاً ما خاطئ قد حدث, فجلست وتناولت ابريق الماء لتشرب, وبالرغم عنها اخذت تراقب هيلين, ارتجفت يدها الشاحبة , وارتفعت الى جبينها الأكثر شحوباً , ثم انفتحت عيناها الزرقاوين وهمست :
- بيترا , احس انني سأموت , استدعي نيل.
اعادت بيترا الإبريق بسرعة وانحنت فوقها:
- ايؤلمك رأسك هيلين؟ اتودين ماء؟
- قلت لك استدعي نيل , وابعدي يديك عني!

ابعدت بيترا يدها بسرعة وكأنها لسعت . وسارعت لفتح الباب, وقفزت الى العشب دون اكتراث ببجامتها او قدميها الحافيتين . التفت نيل نحوها , وكان على وشك إعطاء تعليق لاذع على مظهرها, لكنه لاحظ لهفتها فاستقام في وقفته.
- ما الأمر بيترا؟ هل دخلت عليكما افعى؟
- لا, إنها هيلين تبدو مريضة بشكل مرعب.
- اوه , اللعنة , كنت اظن ان الحبتين اللتين تبتلعهما كل صباح سيساعدانها . يجب ان ادخل لأراها.
لم تلحق به بيترا وسألها دايفيد:
- ماهي الأعراض؟
- ألم رأس سيء. وربما حرارة . مارأيك دايفيد؟
- لست ادري, في بلد كهذه هناك امراض كثيرة لايعرف عنها المرء شيئاً. الطقس بارد رطب , تعالي وتناولي الشاي.منتديات ليلاس
ركع امام النار يصب الشاي , ثم اعطاها الفنجان:
- هيا , بالأمس كانت على مايرام , ولا يمكن ان يكون الأمر خطيرا.
ولف ذراعه حول كتفيها ووضع رأسها على كتفه . فخرج نيل من المقطورة لينظر إليهما ببرود ثم اتجه الى صندوق السيارة ليخرج الصندوق الطبي. وعن قصد ابقى دايفيد ذراعه حول بيترا وسأل:
- مارأيك نيل , نوع من الحمى؟
- لا اظن, رأسها يؤلمها ودائخة, وتبدو ضعيفة.
- أهناك شيء افعله؟
رد نيل ببرود :
- لكنك تبدو مشغولاً بما فيه الكفاية.
ودخل الى المقطورة ثانية . ليسمعا بعدها صوت هيلين يرتفع:
- لكن طبيباً غريباً لا يفهم علينا جيداً. وقد يسيء فهم ما نقوله. وعلى الارجح سيعيدنا فوراً الى المزرعة , انا آسفة جداً حبيبي.
- لا حاجة للأسف , كنت افضل الف مرة ان لا اجيء في هذه الرحلة على ان يحدث هذا.
- لسيت غلطتك حبيبي , والرحلة جميلة حتى انني لا اتحمل ان تلوم نفسك , وانا واثقة ان الحبوب التي اعطيتني ستفيدني.
- آمل هذا !
تقدمت بيترا نحو الباب:
- هل لي ان ارتدي ثيابي ؟
ردت هيلين بصوت ضعيف رفيع :
- ارجوك حبيبي , لن اتحمل الحركة من حولي.
- ساعطي بيترا ثيابها.
قالت بيترا :منتديات ليلاس
- لا , سآخذها بنفسي.ريحانة
رد بحزم جاف:
- لا , التواضع ليس له علاقة بهذا . اية ثياب تريدين؟
التقت عيونهما ببرود وردت عليه بحدة:
- اي شيء تجد.

- أي شيء تحتاجينه اطلبيه مني. لا اظن ان هناك شيئاً قد يعدي, لكن الحيطة واجبة. يبدو انها مصابة بشيء تلتقطه النساء اكثر من الرجال.
- لكنني امضيت الليل كله معها , وإذا كان سيعديني , فقد التقطته.
- انت مخطئة , فالعدوى ليست قوية سوى بعد يوم او يومين . وستفعلين ما اقول , فلا اثق بك ان تحذري كما احذر.
ردت بطيش:
- لا اعتقد انك تثق بأحد سواك لرعاية هيلين. فافعل ما تريد!
سأل دايفيد:
- ألن نتناول الفطار هذا الصباح ؟ صداع هيلين لم يسلبني شهيتي.
وتلاشى جو الرحلة, وانفرد دايفيد لوحده في مزاج سيء مفكر بعد الفطار , اما نيل فقد كان كل همه في تمريض هيلين , وضحكت بيترا لنفسها , حتى انه لم يرغب في الفطار كثيراً!
بعد قليل خرج نيل من المقطورة وتقدم الى حيث تجلس بيترا , وقال :
- حين يخف صداع هيلين , سنبدأ في العودة الى المزرعة . وأنا آسف لهذا, واخشى انك لن تسعدي حين تتذكري هذه الرحلة.
هزت كتفيها وردت ببرود :
- لكنني قد اتذكرها بسعادة متى اصبحت بعيدة.
- امضينا وقتاً طيباً في الايام الأربعة الماضية , وحين تزهقين مني .. فكري بها.
- ولماذا ازهق منك؟ مرض هيلين ليس غلطتك, واتمنى عليك ان لا تعاملني كطفلة فليس من المستساغ ان اكون المرأة الوحيدة بينكما الآن , ومع ذلك تمنعني ان اقوم بالتمريض.
- إنها مجرد ترتيبات وقاية.منتديات ليلاس
- ومسألة ثقة كذلك!
- لكنني اثق بك.
- قلت يوماً ان هذه الرحلة قد تسوي بضعة امور , وهذا ماحصل , أليس كذلك؟
- لا, فتلك الأمور سويت قبل ان تبدأ الرحلة, دايفيد سيبقى في المزرعة , هذا ما الاحظه من تصرفاته , سينتظر وصول رسالة امك , ويأمل ان يرافقك في سفرك الى اسبانيا.
- هذا امر بيني وبينه.
- اتظنين انني سأقف متفرجاً؟
ضحكت بغضب:
- استطيع العناية بنفسي, في الواقع لا استطيع تصور رحلة اكثر متعة مما هي مع دايفيد. وانا واثقة انه سيوصلني سالمة , متى ستدرك انني لست مسؤولة منك؟
- لن اجادلك بيترا, لكن ضعي في رأسك شيئاً واحداً, لن تغادري غويانا مع دايفيد باون !
ردت بغضب:
- وهناك شيئاً ضعه في رأسك ايضاً, لقد انتهيت من منزلك , ولو دخلته ثانية قد اختنق!
- مؤسف جداً, لأنك ستدخليه ولو اضطررت الى حملك!
وقفت بيترا بسرعة عائدة الى المخيم, وبقي نيل قليلاً, ثم لحق بها دون ان يقول شيئاً, وما ان حلت الساعة التاسعة والنصف حتى كانوا ينطلقون على الطريق, متجهين شمالاً شرقاً, تفكر كم ان هيلين ماكرة وكاذبة خبيرة , ولو ان نيل يحب المرأة , فلابد انه يعاني الجحيم الآن, وهي كذلك ستندم جداً من افكارها هذه بحق هيلين لو تبين ان مرضها جدي.
لكن الحب الحقيقي لا يكون انانياً مطلقاً, وهي لا تريد سوى السعادة لنيل, حتى ولو كانت هيلين لا تستاهل مثل هذه السعادة , لكنها لن تستطيع المضي في هذا اكثر , فهي لم تصبح بعد كبيرة بمايكفي لتكون سعيدة لأجل نيل وهيلين.

نهاية الفصل

الفصل العاشر : الرحيل

وصلوا المزرعة حوالي ظهر اليوم التالي, وبدت هيلين مرهقة مهزوزة, ونقلت فوراً الى الفراش, واستدعي الطبيب, الذي اعطى تشخيصه ان السبب هو حرارة الغابات , مع الراحة وحمية خفيفة ستصبح على مايرام.
في اليوم التالي كانت السماء مليئة بالغيوم, وخلال الصباح امطرت بشدة لفترة طويلة , بعد الظهر كان طويلاً مملاً وهادئاً. وقررت هيلين ان تخرج من سريرها لتناول الشاي عند الرابعة والنصف . لتجد دايفيد ينتظر في غرفة الجلوس, ليستقبلها بابتسامة ساخرة شأنه في التعاطي معها هذه الايام .. فاجلسها في مقعد وجلس قبالتها وسأل ساخراً :
- حسناً كيف حال العاجزة الساحرة؟
- ليست سيئة. وهل سيأتي نيل لتناول الشاي؟
- لا اظن, لكن سرعان ما تأتي بيترا لتحميكي مني . إنها فتاة مفيدة .