كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 186 - انتظري
لكن الجواد لم يكن ينقاد جيداً .. وبرغم من الحبلين المتينين الملتفين حول عنقه, كان يتراجع ويرمي نفسه يمنة ويسرة أثناء سيره.. وما يكاد الرجلين يسيطران عليه, حتى يقفز إلى الامام إلى ان بشتد ضغط الحبلين عليه بشكل مؤلم فيحاول القفز عندها على قوائمه الخلفية.
خرجت إيريس لتفتح الباب على مصرعيه, كانت هبات الريح قاسية جداً اضطرت معها إلى إغماض عينيها لاتقاء الثلج الذى يملأ الهواء ويجعل الرؤية صعبة. كان الجواد في هذا الوقت مستمراً بمقاومة كوبر وجارد في جهدهما لقيادته نحو الاسطبل.
حين استسلم الحيوان اخيراً وانجلى الجو المثلج, نظرت إيريس إليه عن قرب هزت كيانها الذكرى لدى تخطى الجواد عتبة الاسطبل بينما انهمر الثلج في اعقابه بغزارة.
صاحت:بلاكى!
لكن اسم الجواد الكبير ضاع في هدير العاصفة الامر الذى صدمها, فتركت الريح تدفعها والباب معاً إلى الداخل .اخذت يداها ترتجفان أثناء وضعها الرتاج في مكانه إذا انها لم تستطيع ان تشيح ببصرها عن الجواد الذى عاود مقاومة الحبال .
أحست بدوار إذا أدركت ان هذا جوادها لقد ساعدت في ولادته ربته ودربته بنفسها كان لها خطط كثيرة له ثم ما لبثت هذه الخطط ان انهارت مع اضطرارها إلى بيع كل شيء..أما الآن فقد هزتها رؤيته .
بينما كان الجواد يقاوم الدخول إلى الحظيرة صاح جارد قائلاً:
- ايها الناري اللعين.
لم يقل كوبر شيئاً لكن وجهه كان يدل على إصرار صلب .
سيطر عصيان بلاكي على إيريس فبدت مصدومة .. إنه غاضب ويبدو متوحشاً ما جعلها تجد صعوبة في تصديق كون ذلك الحيوان الذكي, طيب السلوك هو نفسه الذى ربته .
خطر ببالها ان تعرض تولى امره. لكن بلاكي كان خارجاً عن السيطرة.
الآن وهي تشك فى ان تتمكن من تهدئته, حتى ولو تعرف إليها.
خفق قلبها ألماً, حدث له شيء ما ليجعله يتصرف هكذا.. وما إن تركت الباب وتقدمت نحوه, حتى رأت الدليل القاطع عما حدث .
لقد رأت ما أرعبها, فجلده اللامع يحمل علامات ضرب قاسية, ولو أنها خفتت مع الزمن واختفت تحت شعرة الشتوي, لكن كان هناك ندوب جروح بارزة من الكتفين حتى المؤخرة
.. حين هدأ اخيراً بما يكفي ليلاحظ وجودها, أدار رأسة الفخور نحوها لترى ندبتي جرحين فوق انفه الطري, ولو أنهما شفيا جيدا بحيث لا يظهران كثيراً ,إلا أنهما كانا جليين بالنسبة لها ولعينها الخبيرة, وكأنهما لا يزالان حديثين .
انفجر في داخلها غضب لم تعرف مثله من قبل. إذا كان كوبر برتسوم أو أى رجل يعمل لحسابه مسؤول عن هذا فستجلده بالسوط بنفسها.
اخذت نفساً عميقاً محاولة تهدئة نفسها. لا كوبر ولا جارد يمكن ان يفعل شيئاً غير سوي معه, حكماً بالطريقة التي يتعاملان بها معه..
اقتربت إيريس من الجواد.. فأدار رأسه مجدداً نحوها ..ثم جمد فجأة ,كان يقف كالتمثال لولا رجفات ثائرة خرجت من فتحات أنفه, ثم شد أذنيه إلى الامام, واخرج همهمة تساؤل
..صهل وتراجع ليرتفع بضع إنشات عن الارض وكأنه يحاول اختبار قوة الحبال ..ثم نزل,
واخذ يتراقص مشاكساً ..لكنه لم يتحرك نحوها, ولم يعط أي دليل آخر على معرفته لها.
شد كوبر الحبل .. وتحدث إلى الجواد بهدوء .. فدخل الحظيرة بشكل لم يتوقعه احد.
خفت حدة توترها إثر دخول بلاكي .. ونزع كوبر الحبل عنه قبل ان يقفل باب الحظيرة جيداً ,قفز الجواد على الفور في الهواء يصهل ليسجل اعتراضة على سجنه, وتعالى صوت حوافره بحدة على الخشب .
قال جارد معلقاً :
- لا اعتقد ات هذا العنيد سيسمح بالتعامل معه دون مقاومة, واعتقد ان أفضل ما نرجوه منه نسل جميل وسيم وفرصة من عدم الاستمرار.
|