لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-02-16, 12:16 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

السلام عليكم ورحمة الله
عودا حميدا خيال تسلمى يا غاليه قصه من النوع اللى بحبه فكرتني بقصة وا اسلاماه والتتر بيد مرو بخارى وبغداد ومكتبة بغداد اشهر مكتبه ملاءو الفرات بالكتب وحرقو المكتبه وقتلو العلماء تاريخهم مظلم التتار وفكرتنى بالجانب الرومانسى جهاد ومحمود سيف الدين قطز
انا مسمى ولادى جهاد ومحمود من جمال حبهم واراباطهم منذ الصغر
جمان وسلمه ايضا يبدو بيحبها لاكنها لا تدري حزنت على خديجه وازاى بعض الامراض كانت بتفتك بالبشر قبل ما يلاقولها علاج استمتعت بقراءت كل كلمه سلمت يداكى وفى انتظار الباقى دمتى بود ولكى منى كل الحب

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
قديم 08-02-16, 08:39 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

نسأل الله السلامة لجميع المسلمين بإذنه تعالى
يبدو أنك تحمست مع أحداث الفصلين
وهذا يسعدني طبعاً
لكن القادم لن يكون أكثر لطفاً بتاتاً

****

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا عزيزتي مملكة الغيوم

لا أنكر أنها تشبه رواية وا إسلاماه، فهي في ذات الفترة وتتحدث عن ذات الأحداث
(لكن لن تطول حتى تحكي عن معركة عين جالوت.. فليس هذا مكانها)
اسم جهاد جميل رغم غرابته، حفط الله لك ابنيك..
سعيدة باستمتاعك بما سبق من فصول
وأتمنى أن يعجبك القادم بإذن الله

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 08-02-16, 08:47 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

~ الفصل الرابع ~


في تلك الليلة الباردة، كان التوجس والقلق يستعمر العقول والقلوب بالفعل بين مجموعة الرجال الذين وقفوا قرب بوابة حدائق القصر يتطلعون للأفق بحثاً عن أثر لميسرة الذي تأخر في العودة، ويتجادلون بشأن ما عليهم فعله لو شعروا بخطر على القصر ومن فيه.. ووسطهم وقف سلمة يكاد لا يتمالك توتره المتزايد، وهو يسمع إمام يقول بإلحاح "لا يجب أن نركن للراحة.. القلعة لا تبعد الكثير عنا، وهجوم عليها يعني أننا سنغدو في خطر بالفعل.."
قال أحد الرجال بقلق "لكن لا يمكننا التصرف في القصر ومن فيه دون مشورة مولاي.. قد يكون هذا إنذاراً كاذباً، عندها سننال عقاباً من مولاي لو غادرنا وتركنا القصر للصوص.."
قال إمام بحدة "هل القصر أهم مِن أرواح مَن فيه؟"
سمع أحد الرجال يهتف "انظروا هناك.."
رأوا في تلك اللحظة، مع غروب الشمس وشحّة النور عند الأفق، غباراً على مبعدة يتجه نحوهم بإصرار.. فنظروا إليه وإمام يتساءل "أتظنه هو؟"
لم يجب سلمة وهو يقبض على سلاحه المعلق في حزامه بقوة.. لا يدري لِمَ، لكنه يشعر بنذير شؤم هذه الليلة.. يشعر بتوجس كبير يجعله لا يكاد يبعد سلاحه عنه، وهذا القادم بسرعة حثيثة يزيده قلقاً..
بعد وقت قصير، تبيّنوا ذلك الحصان الذي يركض نحوهم بغير تمهل، ولم يبدُ لهم راكبه بشكل جيد مع الظلام مما جعل سلمة يقول لمن حوله "خذوا حذركم.. لا نعلم من القادم إلينا، ولا نريد أن نؤخذ غيلة.."
غمغم إمام "إن هو إلا فارس واحد.."
لكن توجس سلمة ازداد وهو يلاحظ ذلك الجسد الملقى على ظهر الحصان ويتمسك به بصعوبة.. ولما شارف على الوصول قال إمام بقلق "هذا هو ميسرة بالتأكيد فهذا هو الحصان الذي رحل به.. لكن أين الآخر؟"
أسرع أحد الرجال يقترب من الحصان الذي خفـّـف سرعته مع اقترابه من مدخل القصر، وأمسك بلجامه ليوقفه ويهدؤه.. بينما اقترب آخر من الجسد المكوّم فوقه وعاونه على النزول وهو يصيح "ميسرة.. ما الذي أصابك؟"
اقترب الجمع من ميسرة الذي هبط من على ظهر الحصان ووقف بعسر ممسكاً جانبه وقال بألم "خذوا الحذر.. إنهم قادمون.."
سأله سلمة بقلق "ما الذي جرى لك؟ من فعل بك هذا؟ وأين حسّان؟"
قال ميسرة لاهثاً "جماعة من التتر هاجموني قبل وصولي للقلعة.."
نظروا له بصدمة ممزوجة بذعر فيما أضاف ميسرة بألم "حاولت تفادي القتال معهم لكن أحدهم أفلح بإصابتي قبل أن أهرب، وقد تمكنوا من حسّان وقتلوه.. والآن هم على إثري"
بدت الصدمة على الوجوه، بينما صاح به إمام بحنق "أيها الأحمق.. لِمَ أتيت إلى هنا إذن؟ لقد دللتهم على هذا القصر بكل حماقة.."
قال ميسرة بألم "لكني مصاب، وخشيت إن أمسكوا بي أن يقتلوني.."
نظر إمام لسلمة مقطباً، بينما تزايد القلق في وجه الأخير وهو يسأل ميسرة بإلحاح "كم عددهم؟ ولِمَ لمْ تلتجئ للقلعة وتحتمي بأسوارها؟"
زفر ميسرة مجيباً "عددهم لا يقلّ عن عشر رجال بأسلحتهم.. لكن القلعة كانت بعيدة عني، ولم أستطع الفرار إليها مع هجوم التتر عليّ.."
تبادل الجمع نظرات القلق الصارخ بينما قال أحد الرجال بذعر "إنهم قادمون إلينا.. فأين يمكن أن نلتجئ منهم؟"
قال إمام بحدة "سنغلق بوابة القصر ونمنعهم من الدخول.. يمكننا القضاء على عشر رجال بسهولة فنحن أكثر منهم عدداً.."
قال آخر بصوت مرتجف "لكنهم التتار.. ألا تفهم ذلك؟ لا يمكن هزيمتهم أبداً.."
نظر له إمام بحنق وصاح "ما الذي تعنيه بذلك؟ لقد أوهموكم بهذا لكي لا تحاولوا الدفاع عن أنفسكم أبداً.. لكن ما من شخص لا يمكن هزيمته بإذن الله.."
لكن الذعر في الوجوه لم يكن يوحي بخير، ولما التفت إمام إلى سلمة القريب رآه يحدق بالقصر خلفه وقلق واضح في وجهه، فقال له إمام بضيق "سلمة.. قل شيئاً.. أنت المسؤول عن هذا القصر في غياب مولاي، وعليك أن تخبرهم أن القتال أمر لابد منه"
التفت سلمة إليه وقال بتوتر "علينا الوقوف في وجوههم طبعاً والدفاع عن هذا القصر حتى يعود مولاي.. لكن، ماذا لو فشلنا؟.. ماذا لو نجحوا في التغلب علينا جميعاً؟"
ونظر للقصر من جديد قائلاً بقلق "ماذا سيحدث لها؟"
دفعه إمام في كتفه بقوة وهو يقول بحدة "لا تدع هذه الأفكار تعيقك.. نحن سنثبت أمامهم، والله سبحانه وتعالى سيكون معنا في قتالنا مع أولئك الكفرة.."
والتفت لمن حوله صائحاً "لا داعي للتخاذل الآن.."
سمع أحد الرجال يقول بذعر "ها هم.. إنهم قادمون.."
نظروا خلفهم ليروا سحابة أعلى من الغبار تتبع عدداً من الخيول التي لم تبدُ ملامحها لشدة سواد لونها.. بينما بدا من يمتطيها أكبر حجماً من المعتاد، وربما كان هذا بفعل الخوف الذي اعتمر النفوس، لكن رؤيتهم بثت الرعب في القلوب وأحدهم يصيح "سيقتلوننا.. سيبيدوننا عن بكرة أبينا.."
صاح فيهم إمام "سيقتلونكم لو ظللتم على هذا التخاذل.. استلـّوا أسلحتكم وتأهبوا للقتال.."
وصاح برجلين ممن يحرسان القصر "أغلقا البوابة.."
سارع الرجلان لتنفيذ أمره، لكن بقية الرجال بدأوا يتراجعون بذعر مع مرأى الخيول التي تقدمت كثيراً من القصر.. فرفع إمام سيفه وصاح بهم "من يحاول الهرب منكم سأقتله بنفسي.."
لكن الرجال لم يهتموا به وهم يركضون مدبرين والذعر صارخ في الوجوه، يتبعهم ميسرة بعسر شديد بمعاونة أحد الرجال.. وسرعان ما لحق بهم الحراس دون أن يكملوا إغلاق البوابة وقد استعمرهم الهلع.. فالتفت إمام إلى سلمة بحنق قائلاً "ما بك يا سلمة صامت هكذا؟ كان عليك أن تجبرهم على الوقوف والصمود أمام الهجوم"
قال سلمة بتوتر "هذا الذعر لن يساعدنا على الصمود، ورؤيتهم لميسرة مصاباً قد زادهم هلعاً.. فما الذي سنفعله في وجوه أولئك التتر؟"
قال إمام بحدة "سنفعل ما يرضي الله ونثبت دون جبن.. هذا ما يجب أن يكون.."
قال سلمة وهو ينظر للجمع الذي يقترب بشكل حثيث "لكن.. ماذا سيحدث لو انهزمنا؟ لا يمكن أن أقف هنا وأنا أفكر بما قد يحدث لجمان لو حدث ذلك.."
نظر له إمام باستنكار، بينما أضاف سلمة بتوتر "يجب أن أخرجها من هذا المكان.. إنها أمانة في عنقي، ولا يمكن أن أسمح لشيء أن يصيبها بسوء"
قال له إمام بغضب "أتنوي الهرب أنت أيضاً؟"
صاح به سلمة "إنهم التتار، ألا تفهم؟.. لولا وجود جمان، لما تحركت من موقعي قيد أنملة.. لكن مصيرها معلق بي.. ولو قتلوني، فموتها خير مما قد يجري لها على أيديهم.."
واستدار مغادراً نحو القصر قبل اقتراب التتر، فصاح إمام بحنق "اللعنة عليك أيها الجبان.."
كان الموقع حوله قد خلا إلا منه، فلم يجد إمام وهو يرى الوجوه المبتسمة بوحشية قد باتت قريبة من القصر والخيل تنهب الأرض نهباً، إلا أن يركض باتجاه مبنى العبيد بحثاً عن بقية الرجال.. لم يكن ينوي الاستسلام، لكنه كان يأمل في أن ينهض بقية الرجال معه ويقاتلوا الدخلاء مهما كانوا شرسين.. وإلا ما فائدة وجودهم في هذه الحياة إن استسلموا لهؤلاء الكفرة؟..

***********************

خرجت إحدى الجواري من غرفة رفيقتها وهي تتنهد، وسارت عبر الممر لتتلقاها أخرى متسائلة بقلق "كيف حالها الآن؟ ألا زالت متعبة؟"
هزت الأولى رأسها بأسى وهي تقول "إنها لا تتحسن مع مرور الوقت، وحرارتها في ارتفاع مستمر.. أشعر أن جسدها يغلي لشدة حرارته.."
تراجعت الثانية خطوة وهي تهمس بصوت مرتجف "أهو المرض ذاته؟"
نظرت لها الأولى ملاحظة الخوف الذي علا وجهها، ثم قالت هازة كتفيها "إنه هو ذاته كما يبدو لي.. فما الذي يمكننا فعله؟.."
قالت الثانية وهي تغطي فمها بيدها "لكن.. قد نصاب بالعدوى.."
علقت الأولى ساخرة "لا تقلقي.. لن تصابي بها وأنت تحرصين على الابتعاد عن غرفتها تماماً.."
سمعتا في تلك اللحظة صرخة متألمة تصدر من خارج القصر، فنظرتا لبعضهما البعض بقلق ودهشة قبل أن تركضا نحو باب القصر وإحداهما تتساءل "ما الذي يجري هنا؟"
عند اقترابهما من الباب كان صوت صهيل الخيول يصل إليهما بوضوح مما زاد تعجبهما، ولما فتحتا الباب ونظرتا عبره استطاعتا رؤية ما جعلهما ترتجفان ذعراً.. فعلى النور الشاحب للسراج المعلق قرب الباب، رأتا جسداً ملقىً أرضاً وتحته بركة دم كبيرة.. وقبل أن تتساءلا عن هوية ذلك القتيل لاحظتا أولئك الأشخاص الذين اقتربوا من الباب.. لم تكن ملامحهم عربية أو حتى رومية، مع الوجه العريض وعظام الخد البارزة والعيون ذات الأجفان المتراخية والشفاه العريضة.. ورغم قصر قامتهم شيئاً ما، فقد منحتهم ملابسهم المصنوعة من الفرو والخوذة الحديدية على الرؤوس ضخامة في الجسد وألقت الرهبة في قلبي الجاريتين وهما تتراجعان بذعر وإحداهما تقول "من... من أنتم؟ ما الذي تفعلونه هنا؟"
لكن نصل السيف الذي يحمله الأقرب إليهما أجاب عن أسئلتهما، ولم تكد إحداهما تفتح فمها بشهقة ذعر والرجل يغمد السيف في صدر أكبرهما عمراً بقوة.. صرخت الثانية برعب وهي ترى الجسد الذي ارتمى أرضاً والدماء تسيل منه بغزارة، وحاولت الهرب بسرعة قبل أن تلقى المصير ذاته، لكن رجلاً آخر سارع لجذبها من شعرها بقوة وهو يضحك من محاولاتها للتنصل.. ودون أن يجدوا من يعترض طريقهم، كان التتر يتوغلون في القصر الذي صُدِم بقدومهم، ويعتقلون من يجدون من الجواري أو يقتلونهن غير آبهين بصراخهن المذعور..
في تلك الأثناء، كان سلمة يتسلل من نافذة جانبية للقصر بعد أن حطم العوارض الخشبية المزخرفة بركلة من قدمه، وسار في الممر المجاور لها بصمت وتوجس.. رغم أنه حاول الوصول للقصر قبل اقتراب التتر منه، لكن مرآهم وهم يقتربون من القصر بسرعة على الخيول مقارنة بسرعته هو، جعلته يغيّر مساره بدل التوجه لباب القصر مباشرة لئلا يضطر للاشتباك معهم في مواجهة غير متوازنة.. رآهم فور وصولهم للباب يترجلون عن الخيول ويستلون سيوفهم قبل أن يتقدموا من الباب بثقة.. وقرب الباب، وجدوا أحد العبيد يقف هناك يرتجف من الذعر مع مرآهم.. ورغم كونه أعزلاً ولا تبدو عليه النية بالمقاومة، فإن أحدهم لم يتردد لحظة وهو يرفع سيفه ويغمده في صدر العبد بقوة قبل أن يرميه جانباً جثة هامدة..
لم يملك سلمة غصة تصاعدت في حلقه وهو يرى الجثة قرب الباب، وهو يسمع الصراخ الذي بدأ يتعالى من القصر بعد أن توغـّل فيه التتر.. لكن لم يستطع التدخل مباشرة بل تسلل عبر النافذة وكل همّه الوصول لجمان قبل أن يصلوا إليها.. رغم أن إمام قد نعته بالجبان، إلا أن سلمة لا يستطيع التفكير في مصير أي شخص في هذا القصر وجمان تحتل تفكيره تماماً.. قلقه عليها وذعره غير المتعقل جعله يتصرف بتلقائية دون التفكير في عواقب ما يفعله أو ما قد يندم عليه لاحقاً..
لم تكن المصابيح قد أضيئت بعد في القصر، مما جعل الممر أمامه مظلماً إلا من نور باهت يأتي من قرب باب القصر، لكن سلمة لم يتراجع وهو يتقدم بحذر ممسكاً سيفه بقوة.. كانت السلالم المؤدية للقسم العلوي من القصر تقع في جانب المكان قرب المدخل، واقترابه منها قد يكشف وجوده للمهاجمين.. لكنه يأمل بأن ينشغل التتر بتفتيش الجزء السفلي من القصر ولا يلتفتوا للجزء العلوي منه قبل أن يصل لمراده..
ظل سلمة يسير بحذر بجانب الحائط وهو يدقق النظر أمامه لئلا يباغته أحد المهاجمين، وقبل أن يصل لموقع السلالم فوجئ بيد تقبض على ذراعه بقوة.. جذب سلمة ذراعه بسرعة وهو يقفز جانباً خشية أن تباغته ضربة من جانبه، لكنه رأى على الفور ثلاثاً من الجواري يختبئن أسفل السلالم في الموقع المظلم منه.. لاحظ الفزع العارم في وجوههن والدموع تغرقها، ثم قالت إحدى الجواري مرتجفة "سلمة.. ما الذي يجري هنا؟ من هؤلاء؟"
أجابها بصوت خافت محاولاً ألا يجذب الانتباه "إنهم التتر.. عليكن بالهرب بسرعة قبل أن يصلوا إليكن.."
اتسعت الأعين وهن يشهقن بذعر، بينما قالت إحداهن بهلع "يا إلهي.. كيف وصلوا للقصر؟"
بدأت أخرى بالبكاء وهي تقول مرتجفة "سيقتلوننا.. سيقتلوننا كما قتلوا زبيدة قبل قليل.. وكما يقتلون الجميع الآن"
سألهن سلمة بتوتر "أين جمان؟ أهي في جناحها؟"
تمسكت به الأولى وهي تقول بضراعة "سلمة.. أنقذنا أرجوك.. احمنا منهم.."
حاول التملص منها وهو يقول مقطباً "اهربن مادام الأمر مواتياً.. لا أحد منهم قرب الباب، ولو تسللتن الآن فستتمكنّ من الهرب.."
لم تفلته الجارية وهي تقول باكية "نهرب لأي مكان؟ القصر منقطع، ونحن لا نـُحْسِن ركوب الخيل.. أرجوك ساعدنا"
جذب ذراعه بقوة وهو يقول محتداً "يجب أن أنقذ جمان.. اهربن قبل فوات الأوان.."
وتركهن مسرعاً نحو السلالم والجارية تصيح "سلمة.. لا ترحل وتتركنا تحت رحمتهم.."
لكنه لم يتوقف وهو يلقي نظرة حوله قبل أن يصل للسلالم، بينما صاحت الجارية ودموعها تسيل على خديها "تباً لك يا سلمة.. لا ترحل.."
سمعت الجواري صوت خطوات خلفهن تقترب من موقعهن، ولما التفتن فوجئن برؤية أحد المهاجمين يقترب عبر ذلك الممر شاهراً سيفه وضحكة ترتسم على ملامحه القاسية.. فانكمشن على أنفسهن والذعر يمنعهن من الهرب وهن يصرخن مع مرأى الدماء التي تقطر من السيف.. مدّ التتري يده نحو أقربهن وهن يتراجعن برعب عارم، لكنه فوجئ بالضربة التي أصابت جانبه في غفلة وجرحته بقوة.. أطلق التتري صيحة ألم وهو يلتفت ليرى سلمة الذي عاد أدراجه وتقدم من التتري دون أن يثير انتباهه.. لكن التتري لم يتراجع بل هوى بسيفه بقوة على سلمة الذي مال جانباً متفادياً الضربة وهو يدفع سيفه بشكل عرضي ليصيب بطن التتري بضربة أقوى من الأولى، ثم أتبعها بأخرى استهدف بها قلبه بحركة سريعة شهق لها التتري وتراجع خطوات قبل أن يسقط للخلف جثة هامدة..
تراجع سلمة خطوات ثم قال للجواري بحدة "اهربن الآن قبل قدوم المزيد.. ابحثن عن إمام أو أي من الرجال لمساعدتكن على الهرب، فلست أملك الوقت الكافي لفعل ذلك"
ورحل مرة أخرى دون أن يلتفت خلفه ليرتقي السلالم بخطوات واسعة.. أما الجواري فقد تحاملن على أنفسهن وهن يركضن نحو باب القصر.. ورغم نجاتهن الجزئية، إلا أن الهرب من القصر كله مسألة أخرى قد تكون أكثر صعوبة..

***********************

عندما سمعت جمان الصياح والصراخ الذي بدا لها خافتاً في جناحها المتطرف، هبّت من سريرها وتوترها يشتعل وهي تنظر حولها، ثم نهضت واقتربت من النافذة بحثاً عن تفسير لما تسبب في كسر الهدوء في القصر.. كان الظلام قد عمّ المكان، لكن استطاعت رؤية بعض الحراس والعبيد يتراكضون في الحدائق نحو مبنى العبيد، وسمعت صهيل بعض الخيول قريبة من القصر دون أن تراها.. ظلت جمان تراقب من النافذة بتعجب محاولة فهم ما يجري، عندما سمعت صوت خطوات راكضة تتعالى في الممر خارج غرفتها.. نظرت خلفها بدهشة وتعجب متزايد، وعندما أسرعت نحو الباب وفتحته، رأت سلمة يقترب راكضاً من جناحها مستلاً سيفه.. فوجئت جمان برؤيته، خاصة أنه وغيره من العبيد لا يقتربون من هذه الناحية من القصر عادة، فقالت باضطراب وهي تبحث عن وشاح تغطي به رأسها "ما الذي تفعله يا سلمة؟ ما الذي أتى بك إلى هنا؟"
لكن سلمة اقترب منها بسرعة وهو يقول بتوتر "مولاتي.. يجب أن نهرب الآن قبل أن يصلوا إليك.."
دهشت جمان من ملامحه التي غزاها القلق والتوتر الشديدين، وسرعان ما أصابها القلق بدورها مع مرأى الدماء التي تلطخ سيفه بوضوح.. فتراجعت خطوات وهي تهتف "ما الذي يجري هنا؟.."
أمسك يدها وجرّها بقوة وهو يصيح "لا وقت لهذا.."
خرج من الجناح وركض عبر ممرات القصر وجمان تتبعه بدهشة متعاظمة وهي تصيح "ما الذي يجري يا سلمة؟"
توقف سلمة فجأة ووضع يده على فمها لتصمت بينما أصاخ السمع وهو يحدق في الظلمة التي غطـّت معالم الممر أمامهما.. عندها استطاعت جمان أن تسمع من الطابق السفلي صياح الجواري المذعور خالطه صوت صراخ بضع رجال وكلمات تتردد لم تفهم منها جمان شيئاً.. جذبها سلمة قليلاً لموضع يطلّ على الجزء السفلي من القصر حيث ينحدر السلم الخشبي الذي يؤدي إليه، ولما نظر عبره استطاع رؤية إحدى الجاريات وكانت كبيرة في السن ممن يعملن في القصر.. كانت الجارية قد سقطت أرضاً وهي تبكي وتصرخ بصوت عالٍ.. وأمامها وقف أحد أولئك التتر وقد بدا ضخماً مقارنة بها وهو يضحك ويلوح بسيفه المخضب بالدماء.. وبغير أن يأبه لصياحها وتوسلاتها، رآه سلمة يغمد سيفه في عنقها بقوة قبل أن يجذبه تاركاً جسدها يسقط أرضاً ودماؤها تسيل وتشكل بقعة كبيرة تحتها..
قطب سلمة بشدة وهو مدرك أن خروجهم من القصر من مدخله مستحيل بعد أن استعمره التتر، ثم انتبه لارتجاف يد جمان في يده.. التفت إليها ليجدها تحدق في ما جرى بعينين متسعتين قبل أن تنظر له بذهول، فأسرع يجرها بعيداً قبل أن تصدر صوتاً يجذب الانتباه وأعادها لجناحها مغلقاً الباب خلفه.. وهناك قالت جمان بصوت يرتجف "من كان ذلك؟"
نظر لها بقلق شديد، ثم قال "لقد هاجم التتر القصر وهم يعيثون فيه الفساد.."
غطت جمان فمها بيدها وهي تشهق بذعر، فيما أسرع سلمة يغلق الباب جيداً ويجذب أقرب كرسي ليضعه أمام الباب ليؤخر من يحاول الدخول إليه.. أما جمان فقد أخذت ترتجف وهي تقول بذعر "لا..... لا...... لا لا لا... مستحيل.. لا أصدق ذلك.. لا يمكن أن يكون ذلك.."
ثم صاحت "لماذا لم توقفوهم؟ لِمَ لمْ تغلقوا أبواب القصر دونهم؟"
أجاب سلمة وهو يتجه بسرعة للنافذة من خلفها وينظر عبرها "لقد هرب أغلب الرجال عندما علموا بقدومهم، رغم أنهم فرقة صغيرة.. الكل هرب، ومن لم يستطع قـَتـَله التتار دون إبطاء.."
اتسعت عينا جمان وسلمة ينظر إليها مضيفاً "والآن هم في القصر يقتلون وينهبون ويسْبون من يجدونه من الجواري.. لذلك علينا أن نهرب قبل أن يصلوا إليك.."
صاحت بصدمة "هل قتلوا الجميع؟.."
قطب سلمة مجيباً "لا جدوى من معرفة ذلك.. يجب أن نغادر الآن قبل أن نلقى مصيراً مشابهاً.."
اتسعت عيناها بذعر متسائلة "أتعني أنهم قـُتِلوا بالفعل؟ وهل.. هل سيقتلونني أنا أيضاً؟"
صاح سلمة "إن لم نرحل بسرعة، فلن ننجو أبداً.. فلا داعي للذعر الآن.."
ارتجف صوتها وهي تقول بانهيار "لكن كيف سنهرب؟ إنهم يحتلون المكان كله.."
هزها سلمة من ذراعها وهو يقول بحدة "لا تغرقي في أفكارك السوداء هذه.. يمكننا الهرب من النافذة، فلا أرى أحداً منهم في الخارج.. لنذهب ما دمنا نملك الفرصة لذلك.."
وجذبها خلفه عنوة ودموعها تسيل على خديها وهي تهمس بذهول "يا إلهي.. ما كل هذا العذاب؟"
في تلك الأثناء، كان أحد التتر يتقدم من مبنى العبيد شاهراً سيفه المخضب بالدماء، بينما وقف إمام في مواجهته وهو يصيح بمن خلفه "قفوا وقاتلوه.. إنما هو رجل واحد، ويمكننا قتله بسهولة"
لكن بقية العبيد وعددهم لا يقل عن عشرين رجلاً كانوا يتراجعون برعب وأحدهم يقول بصوت مذعور "نقاتله؟ لا.. سيقتلنا بسهوله.. فلنـُعْطِه ما يشاء وسيتركنا نغادر.."
قال إمام بغضب وهو يرفع سيفه "أيها الجبناء.. التتار لا يُخـْـلون سبيل أحد.. أتريدون الموت وأنتم موصومون بالجُبْن؟ قاتلوا تباً لكم.."
لكن أحداً لم يتقدم والذعر يتزايد في نفوسهم، فجزّ إمام على أسنانه قبل أن يصيح "بئساً لحياة تمرّغون كرامتكم بالتراب لأجلها.."
وانقضّ على التتري ليهوي بسيفه نحوه، فاستقبله التتري بيده الممسكة بالدُرَق، وهو درع مصنوع من الجلد، في نفس اللحظة التي هوى بسيفه فيها على إمام بقوة.. لكن إمام انخفض بسرعة وهو يتراجع خطوة ويلاقي سيف التتري بسيفه.. استنفر إمام عضلاته وهو يدفع سيف غريمه ويسرع بتوجيه ضربة أخرى استقبلها التتري من جديد بالدرق.. عندها رفع إمام قدمه وركل الدرق بأقوى ما يملك مما جعل غريمه يتراجع خطوات ويكاد يسقط أرضاً، فعاجله إمام بضربة أبعدت يده الممسكة بالدرق جانباً، وحاول أن يتبعها بأخرى تستهدف عنقه لكن التتري صدّ الضربة بسيفه بعد أن تمالك نفسه..
ظل بقية الرجال يراقبون المعركة بين الاثنين بذعر ظاهر دون أن يحاول أحدهم مدّ يد المساعدة لإمام.. حتى لما رأوا التتري يدفع إمام بقوة ويسقطه أرضاً ويندفع نحوه بغية إصابته بالسيف ضربة قاتلة.. لكن إمام تفادى الضربة بأن دفع قدمه في صدر التتري وركله بعيداً بعنف قبل أن يقفز واقفاً على قدميه ويقبض على سيفه بقوة.. بعد كل ما أبداه رفاقه من تخاذل، أبت عليه نفسه أن يلجأ لعونهم في القضاء على خصمه، وفضّل الاستمرار في القتال وحيداً رغم أن التتري أبدى مهارة تفوقه بعدة مراحل.. لكن إمام جزّ على أسنانه وهو يندفع بعزم نحو التتري الذي سقط أرضاً وركل الدرق بقوة مطيحاً به بعيداً وهو يصدّ ضربة من التتري بسيفه، ولما حاول التتري النهوض عاجله إمام بركلة أخرى أسقطته أرضاً ثم اندفع نحوه مسدداً ضربة بسيفه نحو عنقه..
حاول التتري توجيه ضربة بدوره لإمام أصابته بالفعل في ذراعه الأيسر، لكن إمام لم يتوقف وهو يرى السيف موجهاً نحوه، ولم يوقف إندفاعه إلا بعد أن شاهد نصل سيفه يغوص في عنق التتري والدماء تطيش ملطخة وجهه وجزءاً من ملابسه..
ورغم ألمه، إلا أن إمام لم يُظهر ذلك على ملامحه وهو يجذب سيف التتري من ذراعه ويستولي على السيف بدوره بعد أن تأكد أن التتري قد قتل بالفعل.. التفت خلفه فرأى الرجال يقفون ناظرين لما يجري بصمت قلق، فقال بجفاء "فلتقم إحداكن بربط جرح ذراعي.."
ذهب أحد العبيد الأصغر سناً، واسمه زهران، لإحضار ما يربط به الجرح بينما قال أحد الرجال بضيق "لا داعي لهذه السخرية يا إمام.."
فقال إمام بسخرية "لماذا؟ لا أرى أمامي إلا بضع نسوة يكتفين بالصراخ والبكاء بذعر.. لا بأس.. استسلموا لمصيركم وهو لن يزيد عن اثنان، إما أن يقتلوكم ويتركوا جثثكم للكلاب، وإما أن يأسروكم ويبيعوكم مرة أخرى.. ربما تكونون أسعد حالاً بخدمة أولئك الكفرة الأنجاس، بعد أن كرمكم الله تعالى بالإسلام.."
اقترب منه زهران وبدأ بربط جراحه بقوة ليوقف النزف، ولما فرغ استدار إمام ممسكاً سيفه بيد وسيف التتري باليد الأخرى قائلاً "من يريد منكم أن يموت ميتة شريفة، فليتبعني.. ومن يريد الموت ككلب، فليهرب وهو يدسّ ذنبه بين ساقيه.."
وأسرع نحو القصر دون أن يلتفت خلفه ليرى من منهم قد يعاونه.. كان يدرك أن قتال تتري واحد يختلف عن قتال البقية مجتمعين، وربما لا يصمد لأكثر من لحظات معدودة.. لكن لا يمكنه التراجع الآن، ولن يطيق الهرب من أمامهم والعيش ككلب بقية حياته..

***********************

بركلة قوية من قدمة، حطم سلمة الخشب المزخرف الذي يزين النافذة في جناح جمان.. ثم خرج من النافذة بخفة وهبط منها مستنداً بقدميه على نقش بارز في الحائط أسفل النافذة يمتد بشكل طولي عبر القصر.. ثم أنزل قدميه على جزء بارز دائري من الجدار يظلل النافذة تحتهم ويمنحهم موقعاً محدوداً للوقوف عليه.. بعد أن اطمأن لثبات موقعه، أشار لجمان لتتبعه دون إصدار صوت.. ففعلت جمان المثل وهي تحاول تمالك رجفة جسدها مع تلك الأصوات التي تصدر من داخل القصر والتي تفاوتت بين صياح حمل توسلاً، وآخر بدا لها وحشياً.. أما سلمة، فقد نظر تحته ليرى ذلك الحصان الذي وقف بتململ قريباً منهما بانتظار صاحبه الذي غاب في القصر.. ولما غدت جمان قرب سلمة همس وهو يشير للحصان "سأقفز على ظهر هذا الحصان وأمسك بلجامه.. قد يثور ويحاول إسقاطي، لكن أريدك أن تقفزي خلفي بمجرد أن أتمكن من السيطرة عليه.. لابد أن صوته سيجذب أحد التتر القريبين، ولا أريد مواجهتهم وأنت معي.."
هزت جمان رأسها باضطراب وهي تقبع في موقعها بصمت.. فزفر سلمة بتوتر وهو يجول ببصره في ما حولهما ملاحظاً خلوّ المكان من أي أثر للتتر، وتأكد من ثبات سيفه في حزامه لئلا يفقده وهو بأشد الحاجة إليه، ثم قفز بخفة ليستقر على ظهر الحصان الذي فزع من المفاجأة فصهل بقوة ورفس محاولاً إسقاطه.. لكن سلمة تشبث بعرفه حتى تمكن من الإمساك باللجام وجذبه بقوة لتهدئة الحصان بينما جمان تراقبه بقلق منتظرة الفرصة لتنضمّ إليه..
في تلك اللحظة، وقد بدأ الحصان يهدأ قليلاً وإن ظل يدور في موقعه بتوتر، رأى سلمة أحد التتر يخرج من باب القصر وقد جذبه الصوت.. وما إن رأى سلمة مستقراً على حصانه أطلق صيحة غاضبة وهو يتقدم نحوه راكضاً ملوحاً بسيفه العريض.. اتسعت عينا جمان وهي تنكمش في موقعها، لكن سلمة صاح بها "اقفزي بسرعة يا مولاتي.."
نظرت له وللتتري بتردد وقلق، فصرخ بحدة "اقفزي الآن.."
حسمت ترددها وتمالكت قلقها وهي تقفز نحو الحصان، ورغم خبرتها الجيدة بركوب الخيل إلا أنها كادت تسقط لولا أن تشبثت بسلمة بقوة وهو يعاونها لتستقر خلفه صائحاً "تمسكي بي ولا تسقطي.."
ولكز الحصان بقوة بينما التتري يصرخ بغضب مقترباً منهما بسرعة، فانطلق سلمة بالحصان وهو يستلّ سيفه بدوره.. لم يكن من الممكن تفادي التتري الذي رفع سيفه عالياً والحصان يقترب من مجاله، بينما أغمضت جمان عينيها بذعر.. لكن سلمة كان الأسبق وهو يستغل سرعة ركض الحصان وهوي بسيفه بقوة نحو عنق التتري ليطير بضربة واحدة.. بعدها لكز سلمة الحصان ليدفعه ليسرع أكثر وهو يتجه نحو بوابة السور المحيط بالقصر، وقد خلا من أي أثر من الحراس.. اتسعت عينا جمان وهي ترى عدداً من الجثث مرتمية في جوانب الحدائق، وقد منعها الظلام من إدراك هوية أصحابها.. فهمست بارتجافة "هؤلاء.. هل هم.........؟"
قال سلمة بتوتر "لا تنظري يا مولاتي.. المهم الآن أن نهرب من هذا المكان قبل أن يصلوا إليك.."
نظرت جمان خلفها، ورأت النار المشتعلة في مبنى العبيد والتي طالت بعض الأشجار القريبة منه، بينما لم يزل الصياح يتعالى من أرجاء القصر.. فبدأت الدموع تتدافع من عيني جمان المذهولة وهي ترى ما حلّ بهم في هذه الليلة وهم غافلون.. ثم خفضت وجهها وهي تبكي بمرارة وصدمة، بينما جزّ سلمة على أسنانه وهو يشعر بالغضب لكل ما رآه من وحشية.. من حسن حظه أن التتر قد غابوا جميعاً في القصر دون أن يبقى أحد منهم في الحدائق المحيطة به، مما مكنه من الهرب بجمان قبل أن يصل إليها أحدهم.. لكن ماذا عن البقية؟ ماذا عن العبيد الذين حوصروا؟ ماذا عن الجواري اللواتي لا مهرب لهن من براثن أولئك التتر؟.. نظر سلمة خلفه فلاحظ أن النار بدأت تشتعل في جانب من القصر كذلك، مما يعني أن أولئك التتر لن يغادروا قبل أن يحيلوا المكان كله خراباً، كما هي عادتهم في كل مدينة ابتلاها الله تعالى بهم..
عاد سلمة ببصره للمساحات الشاسعة أمامهم بعد أن غادروا القصر وتمتم بغضب "تباً لأولئك المتوحشون.."
همست جمان باكية "لماذا حدث كل ذلك؟ يا إلهي، ما الذي سيفعله أبي عندما يرى كل هذا؟"
قال سلمة بحزم "هذا أمر الله، فلا مردّ له.. يجب أن أذهب لملاقاة مولاي قبل عودته وإبلاغه بما حدث.."
سألته جمان بصوت قلق "أتظنه بخير؟ ألم يلتقِ بأولئك التتر في طريقه؟"
هز سلمة رأسه مجيباً "لا علم لي.. سأذهب لتحسس أخباره، لكن قبل ذلك يجب أن أتركك في موضع آمن.. عودتك للقصر الآن مستحيلة حتى بعد أن يغادره التتر، لذلك لا مفرّ لنا من الذهاب للقلعة.."
خفضت جمان بصرها وهي تقول بمرارة "لم يعد ذلك قصراً بعد كل ما جرى.. لقد غدا خراباً، وكل من عاش فيه قد قضى نحبه أو يكاد.."
لم يعلق سلمة وهو يزفر محاولاً تمالك قلقه على كل من تركهم خلفه.. لولا وجود جمان، لما غادر موقعه إلى جوارهم ولما اهتمّ بالموت الذي يحمله التتر على سيوفهم.. لكن بوجودها، فهو ملزم بإبعادها عن هذه المذبحة، فلا يطيق أن يرى أي أذىً يصيبها بأيدي أولئك المتوحشين.. فهل يحق لإمام أن يصفه بالجُبْن؟.. هل يحق له أن يلعنه لأنه فضّل الحفاظ على حياة جمان في مثل هذا الوقت العصيب؟.. لا يدري.. حقاً لم يعد يدري..

***********************

انشغل إمام بقتال أحد التتر قرب مدخل القصر وهو يسمع صياح الجواري وبكائهن في جوانب أخرى منه.. فهوى نحو التتري بضربة قوية بسيفه وهو يدمدم بغيظ "تباً لكم.. قلوبكم قد قدّت من حجر.."
تصدّى التتري بسيفه للضربة، فعاد إمام يوجه إليه ضربات بسيفه محاولاً القضاء عليه بسرعة قبل قدوم آخرين.. ولما رأى التتري يصدّ ضربته بالدرق ويوجه له ضربة بالسيف نحو خاصرته، حاول إمام تفادي الضربة بالتراجع بسرعة.. وقبل أن تصيبه الضربة بالفعل، رأى رمحاً يصيب صدر التتري ويسقطه أرضاً.. تجاوز إمام المفاجأة بسرعة وهو يلتفت خلفه، فرأى بعض رفاقه وعددهم لا يتجاوز الخمس يقتربون منه بأسلحتهم ورامي الرمح يهتف "أأنت بخير؟"
شعر إمام بالراحة لرؤيتهم خلفه، فقال لهم "اذهبوا وقاتلوا من تجدونه من التتر في هذه الناحية من القصر.. أنا سأذهب لجناح مولاتي جمان وأرى ما حلّ بها.."
هز الرجال رؤوسهم موافقين، فانطلق إمام من فوره نحو الطابق العلوي متجاوزاً جثة الجارية قرب السلم.. وفي الأعلى اندفع نحو جناح جمان ملاحظاً الصمت والظلام في كل مكان.. ولما وصل للجناح وجده خالياً مظلماً لا حركة فيه.. تلفت حوله بقلق متسائلاً عن مكان جمان وسلمة الذي تركهم لينقذها، ولاحظ النافذة المحطمة وإن لم يجد أثراً لأحد قربها.. فاستدار ليغادر الجناح عازماً على البحث عنها في موقع آخر.. وقبل أن يغادر الجناح، رأى أحد التتر يدلف عبر الباب شاهراً سيفه.. ولما رأى التتري إمام التمعت ضحكة على وجهه وهو يندفع نحوه ويوجه ضربه لرأسه.. سارع إمام لصدّ الضربة بسيفه متراجعاً خطوات قبل أن يوجه ضربة أخرى للتتري صدّها ذاك بالدرق.. تفادى إمام ضربات متتالية من التتري الذي كان يحتمي بالدرق في يده بينما لم يكن إمام يملك درعاً يحتمي به.. حاول إمام مغافلة التتري بأن هوى بسيفه نحو جانب التتري الذي رفع الدرق متأهباً لصد الضربة، لكن إمام مال بسيفه الآخر للجهة الأخرى محاولاً إصابة التتري في جنبه.. لكن فوجئ بغريمه يصدّ الضربة بالسيف قبل أن يدفع الدرق في وجه إمام بقوة.. تراجع إمام خطوة مع الضربة التي أصابت وجهه وهو يرى التتري يهجم عليه مرة أخرى.. فوجد التتري يدفع الدرق في مواجهة سيفه ليمنعه من توجيه ضربة له، بينما هوى السيف بقوة أطارت السيف الآخر بيده اليسرى.. ثم عاد التتري بضربة أخرى موجهة لجنب إمام.. فحاول إمام صدّ الضربة بيده اليسرى بشكل غريزي، ليصيبه نصل السيف بضربة قوية خاطفة..
كَبَتَ إمام صيحة ألم بصعوبة وهو ينظر ليده اليسرى التي تصببت منها الدماء بغزارة، عندما شعر بقدم التتري ترتطم بصدره بقوة فيرتد للخلف بعنف.. وقبل أن يدرك ما جرى له، شعر بجسده يطير في الفراغ للحظة بعد أن تجاوز النافذة المحطمة قبل أن يهوي بقوة نحو الأرض.. كان آخر ما رآه إمام وهو يهوي الضحكة الساخرة على وجه التتري، قبل أن يجد جسده يرتطم بقوة وعنف بالأرض الترابية تحته وتغيب الدنيا عن وعيه بغته ليحلّ محلها ظلام تام..

***********************


~ بعيدا عن الخيال (٤) ~
ذعر المسلمين من التتار

يروي ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ بعض الصور التي استمع إليها بأذنه من بعض الذين كتبت لهم نجاة أثناء حملات التتار على المدن الإسلامية فيقول:
* كان التتري يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ بقتلهم واحداً تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو بدفاع!!..
* أخذ تتري رجًلا من المسلمين، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح، فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً ثم قتله!!..
* ويحكي رجل من المسلمين لابن الأثير فيقول: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلا في طريق، فجاءنا فارس واحد من التتر، وأمرنا أن يقيد بعضنا بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت لهم: هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب؟!! فقالوا: نخاف، فقلت: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل ذلك، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير!!..
* ويحكى أن امرأة من التتر دخلت داراً وقتلت جماعة من أهلها وهم يظنونها رجلاً. فوضعت السلاح فإذا هي امرأة، فقتلها رجل أخذته أسيراً..
* دخل التتار بلدة اسمها “بدليس” (في جنوب تركيا الآن) وهي بلدة حصينة جدا ليس لها إلا طريق ضيق جداً بين الجبال.. يقول أحد سكانها: لو كان عندنا خمسمائة فارس ما سلم من جيش التتار واحد؛ لأن الطريق ضيق، والقليل يستطيع أن يهزم الكثير.. ولكن هرب أهلها إلى الجبال وتركوا المدينة للتتار فقاموا بحرقها!!..
((قصة التتار)) الدكتور راغب السرجاني

***********************

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 08-02-16, 09:57 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 
دعوه لزيارة موضوعي

قلبي يعتصره اﻷلم من هذا التخاذل والخنوع

بصراحة يستحقوا القتل بخنوعهم هذا المقيت ..


سلمة نجح بتهريب جمان ..

إمام اتمنى ان ينجو منهم ، باسل شجاع .


اي قلعة يتحدث عنها سلمة؟!!

الم يحتلها التتار مسبقا ؟!!

سلمت يداك وكلي شوق للآتي رغم تخوفي منه .



لك ودي


★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
قديم 08-02-16, 10:19 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

ربما نستنكر ما جرى للمسلمين في ذلك الزمان على يد التتار
لكن عند قراءتي لبعض الكتب منها كتاب الدكتور راغب السرجاني
أدركت أن السبب الأكبر لما جرى بيد المسلمين أنفسهم
بسبب تخاذلهم وحبهم للدنيا
وبسبب استحلالهم للمحرمات حتى انتشر الخمر في بيوت العامة لا ينكره أحد
وأرى أن ما جرى سابقاً هو نسخة لما يجري حالياً
فأسأل الله أن يرحمنا برحمته عن مثل هذا المصير

القلعة التي يتحدث عنها سلمة هي قلعة سنداد، وهم لا يعلمون أي مصير لاقت حتى الآن
قصر ربيعة منعزل وبعيد عن القلعة
لذا ارتأى سلمة أن يحتموا بأسوار القلعة الحصينة هرباً من ذاك الهجوم

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رحلت, ضياع
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:55 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية