لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-05-15, 07:05 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 296374
المشاركات: 38
الجنس أنثى
معدل التقييم: مشاعِر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 68

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مشاعِر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مشاعِر المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي 2/ إلى الماضي أنتمي ومن الماضي أكون .

 

النبض الثاني
إلى الماضي أنتمي ومن الماضي أكون





-10-
من القاهِرة وصل ، حامل بين يديه شهادته الجامعية بفخر ، وبشوق وصل لبيته ، رن الجرس ، خرج له طارق ولد أخوه عبدالعزيز ، تفاجأ وصرخ : عمي محمد
ضحك محمد وضمه ، وعلى صرخة طارق خرج الكل ، وبين فرح ودموع استقبلوه
مسح دمع أمه : يمّه ما خلصن دموعش من البكا ؟ ، يكفي رجيتش
قالت بصوت متهدج من البكا : بَلاك ما قلت لنا انك جاي ؟
رد بحنو وهو يبوس يدها : بغيتها مفاجأة يمّه
قالت ومطر عينها ما جف : يا زينها من مفاجأة
قال عبدالعزيز ( أكبر إخوَة محمد ) : خلاص عادت ما تعرفنا ؛ جاء الحبيب
ضحك محمد : أكيد ما تعرفكم ، شيء طبيعي ما تعرفكم
ببساطة ، جاء وبجيِّته نشر السعادة في قلوب كل من كان فلحظة اللقاء ، فأمّه ، فعبدالعزيز أخوه ، فطارق وعمر وحُذيفة وأمهم ... في الكل

سأل : الا وين ناصِر ؟
رد عبدالعزيز : في الدوام شوي ويجي !

مر الوقت بسرعة ما بين سؤال عن الحال وأخذ أخباره
دخل ناصر الشاب الثلاثيني الأعزب : سلامن عليكم يا الربع
طاحت عيونه فعيون أخوه اللي غاب عن عينه خمس سنين ، ضحك والصدمه ارتسمت فوجهه ، راح له على عجل وضمّه ، ابتعد عنه وتأمل وجهه : أخي وشقيقي وشبيهي ، يا زين ذا الوجه ، إيش ذي المفاجأة الحلوة ؟

رد محمد : والله يبغالي أغيب عنكم دايماً علشان تشتاقوا لي كذا
ردّت أمه بسرعة : الله لا يقوله ان شاء الله ، ما هتغيب بعد اليوم عن عيني أبد
كفكف ناصر يديه ببعضها وقال : شكله مره ما عُدنا في الحُسبان
ضحكوا ، قال عبد العزيز : والله توني من شويه قلت نفس اللي قلته
ردّت أمهم وهي ترجع تضم محمد : انتوا عيوني المركبة ، لكن محمد الفواد
وبعد اللي قالته ما أحد قدر يتكلم أو ينطق ؛ لأن المشاعر المحمومة اللي أحاطت بالمكان أخرستهم فجأة .






-11-

بعد اسبوعين
دخل بفرح وقال : الحمد لله أمي من الأسبوع الجاي راح أبدأ شغل ، قبلوني في الوظيفة
لوت عليه بفرح : الحمد لله يا ربي
فذيك اللحظة دخل ناصر الصاله وعيونه كلها نوم : بلاكم كذا فرحانين؟
ردت أمه : محمد قبلوه في الوظيفة الحمد لله
رفع ناصر يده وقال وهو ينسدح على الأرض : على بالي شيء ، والله ما غير هَمْ على القلب وأنا أخوك
صرخت عليه أمه : قم فز تغسّل علشان يروح عنك الكسل ذا
ضحك محمد : الحمد لله والشكر ، الله يعين اللي بتاخذه
ردّت امه : لو بس يوافق انه يتزوج علشان يمكن يعقل ، لكنُّه ما هو راضي







-12-

في أحد أزقّة ذيك الحارة وقف ينتظر صديقه
همس : يا الله وقتك تتأخر وليد
اتكأ بالجدار يدندن بصوت مسموع ، وفوقت انتظاره ذاك ، مرّت من أمامه بنت متوسطة الطول ، جميلة ، لا لا مو جميلة وبس الا فاتنَة ، بين يديها ماعون ، مرّت وعيونها مصوبة ع الأرض بخجل
في المقابل أرخى عيونه ع الأرض ورمى عليها السّلام ، مرّت من أمامه كنسمة دافئة لفحت قلبه واقشَعَرْ بعدها ، عيونه عاندت الا تبا تشوف زولها ، رفع عيونه لكن ما لقا لها أثر .
تنهّد بصوت مسموع ، وتساءل بين نفسه : معقولة يتهيأ لي ؟
قطعه وليد : اشفيك يا عمي سرحان ؟
صوّب نظره لوليد وتساءل بصوت مسموع : معقولة يتهيأ لي ؟
بتعجب : ايش ذا اللي يتهيأ لك ؟
رجع ونظر للمكان اللي توجهت له : يا ربي معقولة بديت أجن
قال وليد وعيونه تنظر للجهة اللي ينظر لها محمد : خلاص جنّيت رسمي







-13-

بتردد قال : يمّة تعرفي " وسكت "
رفعت امه راسها تجاهه وقالت بتعجب : ليش سكّت تكلّم ؟
لوّح بيمينه وهو يقول : هذيك تعرفيها
: محمد قول اللي تبا تقوله واخلص
قال : يمّه تعرفيها سُعاد بنت سلطان بن حمد
سكتت أمه لوهلة ، تأملت حاله وابتسمت : أعرفها
ابتسم : متزوجة ؟
هزّت راسها : لا
مسك كفوفها براحه وباس يدها : يمّه رجيتك أبغاها لي حليلة
تفاجأت أمه وبان هالشيء فوجهها وبتردد قالت : بس
قطعها وهو يقول : لا بس ولا شيء ، يمّه متى هتخطبيها لي ؟
: من وين عرفتها يا ولد بطني ؟
رد باستحياء : شفتها مرّه وسألت عنها
هزّت أمه راسها بتفهُم وقالت : من جهتي ما عندي مانع لا في البنت ولا فأهلها ، بس اسأل عبدالعزيز أخوك يكون أحسن !









-14-

بفرح : نويت أتزوج ياخوي
رد عليه بفرح أكبر : الساعة المباركة ، نخطبلك ولو الحين
قال محمد على استحياء : فبالي حرّة يا بو طارق
باستفهام : ومن هي ؟
رد عليه : بنت سلطان بن حمد
انقبض وجهه : مالك فيها نصيب يا محمد ، ما انت عارف اللي بيننا وبينهم ؟
ساد الصمت هنيهة ثم قال محمد بخفوت : ما بيننا وبينهم الا الخير
استقام عبدالعزيز وقال بحزم : لا والله ما انت صادق ، ما بيننا وبينهم خير
رد محمد برجا : نجيب الخير بيننا وبينهم يا خوي
بصرامة : نزوجك اللي أحسن منها ان شاء الله
استقام محمد بطوله الفارع وقال قبل ما يخرج ويغيب عن عين أخوه : وانا ماني متزوج غيرها






-15-

دخل محمد البيت رمى السلام باس راس أمه ودخل غرفته بعدها
التفت عبدالعزيز لأمه وقال بغضب : شفتي يمّه مجافينا علشان حرمة
ضاق صدرها وقالت بحزن : إيش فيها لو تروح تخطب له اللي يبغاها ؟
قال بنفس النبرة : فيها يمّه فيها ، نسيتي اللي سوّوه مع أبوي رحمة الله عليه
قالت بنفس نبرة الحزن : لا يكون قلبك قاسي ، السالفة صار لها عُمر ، وهو ماله ذنب فيها ولا هي لها ذنب فيها
قام ، توجه للباب وهو يقول : نخطب له -ان شاء الله- اللي أحسن منها







-16-

بصدمه قال : ما انت جاد ؟
رد عليه عبدالعزيز : إلا جاد ونص ، الجماعة وافقوا وبعد المغرب الخطبة
قال محمد وأثار الصدمة ما اختفت من وجهه : تبغا تلوى ذراعي يا عبد العزيز ؟ " سكت وأنفاسه تتسارع بغضب "

أكمل محمد وعيونه يتطاير منها الشر: اذا تبغا تفضح عمرك بين الرجاجيل هروح معك ما عندي مانع
صرخ عبد العزيز فوجهه : يا الرخمة تتحدا أخوك علشان حرمة
وعلى صوت صراخه دخلت أمه ... أو بالأحرى دخلت على وقع كلمة "الرخمة" فقلب محمد !
قالت : عبد العزيز خل أخوك فحاله
سكت عبد العزيز احتراماَ لأمه
تقدم محمد من أمه وقال بصوت متهدج : أمي كنتي تدري انه الخطبة اليوم
قالت بصدمة : أي خطبة ؟
قال عبدالعزيز : خطبته على سلمى بنت سالم بن هلال ،
ارتفعت نبرة صوتها وهي تقول بلوم : الله يهديك يا ربي ، الله يهديك ، و بشور من تروح تعطي الجماعة كلمة؟ ... اذا هو شاري غيرها ، ما فكَّرت بِبنت الناس
رد عبدالعزيز : صار اللي صار ، واليوم بعد المغرب نِملِك عليهم
ضحك محمد بدون نفس : دوّر لك واحد غيري علشان لا يجي المغرب و تنفضح عند الجماعة
اقترب عبد العزيز منه ، صفعه كف دوى صوت صداه الأرجاء ، ثم همس بفحيح حاد : أشوفك المغرب منثبر هناك

خرج محمد من الغرفة تتبعه أمه بعد ما رمقت عبدالعزيز بلوم
نادت عليه وهي يا الله يا الله تشيل عمرها ، طلع من البيت وعلى جيّة ناصر أخوه
سأل أمه باستغراب : ايش فيه ؟
قالت بأنفاس متقطعة : اتبعه بسرعة
طلع ناصر بسرعة وتبع أخوه في حين جسد ذيك الأم انسل من بين يدينها وارتمى على الأرض .







-17-

وقف وراه ، حط يده على كتفه وقال : ايش فيه محمد ؟
ما جاء منه غير الصمت
تفحص وجهه ولقا دمعه تتسلل على خده عنوه ، هزّه ناصر بقوة : أفا عليك يا خوي خلّيك قوي
جاه صوته محشرج : ما عاد بي قوّة ، عبدالعزيز كسرني ، ما معتبر لي وجود ، تخيّل انه خطب لي دون علمي واليوم بعد المغرب نملِك
الصدمة ألجمت ناصِر و ساد الصمت الأرجاء بعدها
قابله ناصِر وقال بضياع وآثار الصدمة ما زالت على وجهه : ومع كذا خلّيك قوي
صرخ محمد : ومن زود ما هو شايفني طفل ضربني ، تخيّل ضربني

انصدم ناصر مرّة ثانية

وقال وهو يبلع الصدمة : لا تقول كذا ، انتَ حتّى أعقل مني ، وهو يحس بالمسؤولية تجاهك لا أكثر ولا أقل
: لا تبرر ناصر ، ما فيه تبرير ع الشيء اللي سوّاه ، لو انه سوّى الحركة نفسها معك ما قلت اللي تقوله الحين
الكلمات الأخيرة أخرست ناصر ، كان معاه حق فيها ، لو ان اللي صار مع أخوه صار معه شخصياً ما كان هيقبل ، وهيقوّم الأرض وهيقّعدها !
تنهد ناصر والكلام تلخبط عليه ، ما هو عارف ايش يقول ، بس في الأخير قال : خلينا عقلانيين ولو شوي يا محمد ، لو انّك مثلاً ما رحت المغرب الملكة ، والله العظيم يا انه هينحَط من قدرنا لوَلد ولدنا ، هَيقال إنه ولاد طارِق بن عبدالعزيز عطوا الجماعة كلمة وردّوا عنها ، والأهم من ذا انه النّاس هتتكلم كثير فعِرض البنت وشرفها ، هيقال انه سمعوا عنها شيء وردوا خطبتهم ، وانت ما ترضاها أكيد ، في النهاية البنت ما لها ذنب .

زفّر محمد بتعب ، وكأن الكلام اللي قاله ناصر كان له وقع كبير في نفسُه ، جر رجليه وابتعد عن أخوه اللي سأله : على وين ؟
رد محمد بحزن : ع البيت "ضحك بدون نفس " أنتظر المغرب بفارغ الصبر علشان أشهد موت هالقلب "وضرب صدره بقوّه "
تبعه بنظراته وهمس : الله يعينك يا خوي ، الله يعينك






-18-
مشى بتثاقل و خلفه مشى ناصر ، وصلوا البيت وكان متغيّر ، أصوات كثيرة تصدر منه ، قلبه انقبض ، لف وجهه لناصر وسأله بخفوت : ايش اللي صاير ؟
أسرع ناصر فدخول البيت وهو يقول بسرعة : خلينا نشوف

وبدخولهم .. خرج عبد العزيز وبين يديه أمه ، مغمضة عيونها وبعيدة عنهم
انفجعوا – محمد وناصر – باللي يشوفوه
قال ناصر : ايش فيها امي ؟
صرخ عبد العزيز : افتح السيارة بسرعة
نفّذ ناصر اللي قاله ، وتحركوا بسرعة للمستشفى
في حين كان محمد يحاول يستوعب اللي صار ، ولما استوعب ، وجد انه المكان خلا منهم ، من أمه ، من عبد العزيز وناصر ........ وفي هذيك اللحظة خطا خطوته للمستشفى وهو منفجع على أمه !







-19-
سأل : ناصر شفيها أمّي ؟
رد ناصر بخفوت : انخفض الضغط عندها
همس وهو يقعد فأحد المقاعد : الحمد لله رب العالمين على كل حال

دخلوا على أمهم – ناصر وعبدالعزيز ومحمد – حصَّلُوها مفتحة عيونها وتناظر الفراغ أمامها ، سلَّموا عليها وتحمّدوا لها عَ سلامتها ولمّا جا عبد العزيز لعندها أشاحت وجهها عنه
تفاجأ عبد العزيز : يمّه
قالت والدموع فعيونها : لا تقول يمّه ماني أمّك
التفت محمد لناصر يناظره بتساؤل ، فأشّر له ناصر بعدم فهم
رد عبد العزيز باستغراب : ليش ؟
قالت والدموع تنحدر على وجنتيها : أجل اللي سويته بأخوك ايش يقال عنه ، العدو ما يسويها
سكت وما رد ، أساساً ما عرف بإيش يُجيبها !

تنهد محمد بصوت مسموع وهو بعد ما علّق ، إيش يقول ؟ مو هذا أبداً اللي يبغاه هو .. مو هذا ، ما يبغا أمه تزعل على أخوه ، بس يبغا شيء واحد ، شيء واحد بس مُمكن يريحه ، شيء واحد ممكن يحف قلبه بالسعادة ، بس وين ! ، شكل هالشيء طريقه طويل وصعب !!


رفع نظره والتقت عيونه بعيون ناصر اللي حثته على انه يقدم خطوة لقدام باتجاه أمه ، و فعلاً تقدّم ناحية أمه ، ضم راسها وباسها فقمته
قال : يا جعلني فدا دموعش يمّه
ما ردّت
أكمل : اللي صار صار ، واحنا الحين ما نقدر الا انّا نروح بعد المغرب نملِك
كلهم صوَّبوا نظراتهم المستغربة تجاهه
أجبر نفسه انه يرسم ابتسامة صغيرة على شفاهه
قالت بتساؤل : انتَ ما عندك مانع ؟
تنهد : لا

وبإجابته ذيك ارتسمت الفرحة فوجه عبدالعزيز ، في حين كانت امه تناظره بعدم تصديق وفداخلها متأكدة انه يكذب
قال عبد العزيز : الله يتمم على خير ان شاء الله ، هاه يمّه رضيتي علينا؟
ما ردّت عليه ؛ لأنها التهت بالتفكير بشاغل أفكارها .. محمد .







-20-
كل شيء تم بسرعة ، هو صار رسمياً انسان متزوج ومن انسانة ما تمنّاها ، انسانة فُرضت عليه ، ما يعرف كيف أقنعُه أخوه ناصر ، كل شيء صار وهو ماله يد فيه .

يُبارك على المُهنئين بدون نفس ، المفروض أساساً أنهم يعزوه على موت قلبه ، المفروض يمشوا معه فجنازة موت قلبه ، المفروض يبكوا معه لموت قلبه ، يهنئوه على ايش ؟؟؟؟؟؟؟ ، ما مستوعب ، و كل شيء متلخبط في عقله ، فقد عقله ، جن وما عاد فهم حاجة.
كان عبدالعزيز واقف عن يمينه وناصر عن شماله وهو بينهم ضايع ، همس له عبد العزيز والابتسامة ما فارقت وجهه : شفت كل شيء تم بسرعة ، وان شاء الله تتهنا
رمقه محمد بغضب وبفحيح غاضب قال : الله لا يسامحك

وغابت الابتسامة من وجه عبد العزيز واحتلت مكانها الصّدمة






-21-

قدّم استقالته من مكان شغله وهو ما كمّل شهر من بدا يشتغل ، فتح دكان خضار وبدأ يشتغل فيه ، الكل استغرب ، الكل تعجّب ، الكل تساءل ، وما أعطاهم إجابة شافية ع الشيء اللي يسويه

صرخ عبد العزيز فوجهه : انت جنّيت على الأخير
رد محمد ببرود : من ذاك اليوم فقدت عقلي ، من ذاك اليوم
حاول ناصر معه : يا خوي انت تعاقب نفسك باللي تسويه ، رجيتك لا تسوي بعمرك كذا ، لا تعِّذب أمي ، تعرف انها تموت ألف مرة لا شافتك وانت بذي الحالة
لمعت الدموع فعيونه وصد بعيد عنهم يداريها لا تخونه وتسكب !

أخذوه لشيخ يقرا عليه ، قالوا يمكن عين صابته ، عملوا معه كل شيء ممكن يعملوه علشان يتراجع عن هالقرار ويرد مثل ما كان بس ما كان فيه فايدة من اللي يسووه !

واجهه ناصر في يوم : بصدق جاوبني انت ليش تسوي كذا ؟
قال بتيه : ما اعرف "وسكت الكلام داخله"
أكمل وهو يناظر ناصر بضياع : أمّي تحتاج من يداريها وشغلي في العاصمة ، وما اجي هنا الا في العطل
أجاب ناصر: ما هو عذر يا محمد ، انت تدري انّي أنا معها دايماً
سكت محمد وما عاد عنده عذر يبرر له اللي سوّاه !
صمت ساد الأرجاء ما غير صوت أنفاس محمد المتعثرة
وضع ناصر يده على كتف اخوه وقال بعيون حادّة : انت تبي تجلس هنا ؛ لأنْ بنت سلطان بن حمد هنا
رفع محمد راسه يناظر اخوه بمفاجأة
قال ناصر بانفعال وبنبرة حادّة : من الله ما يجوز اللي تسويه ، ما يجوز ، روف بعمرك ، روف بالمسكينة اللي فعصمتك واللي تفكر بغيرها
أشاح محمد وجهه ، آلمه اللي يسمعه من أخوه ، أوجعه وهو يذكر سبب استقالته ، ببساطه هو أحَبْها واذا حرموه منها فما هيحرم نفسه من انه يتنفس نَفْسْ الهواء اللي هي تتنفسه .

مجنون !!







-22-

و جاء اليوم المنشود ، اليوم اللي يشهد أنه فقد قلبه كُلِياً ، ودخلت عالمه الحزين انسانة غريبة على قلبه ، غريبة عليه كله.
تفحصها من أعلاها إلى أخمص قدميها ، كانت جميلة ، بس ما عاد شاف الجمال .. بعد ما شاف اللي سكنت قلبه واحتلته .
كان بارد معها ، جاف ، بس مع كذا ما كانت تشتكي ، وفي مرة من المرات خرج عن طوره وصرخ فيها ، كان فداخله يحس بالذنب تجاهها ، يحس بالذنب لمّا يشوف تعاملها الرقيق و حنانها معه.

قالت له أمه مرّة : محمد ترا سلمى والله طيبة ، عاملها بأسلوب أحسن ، والحُب يجي بالعشرة يا ولدي
قطّب جبينه وقال : أنا ما اعرف يمّه ، هذا أسلوبي وتتعود عليه

وغاب بعدها عن أمه ، أمه اللي كل ما شافته بحالته ذيك يضعف قلبها ويوهن .








-23-

وماتت ذيك الأم ، وفاضت الروح إلى خالقها ، حزنوا عليها ، بكوها ، ورجعوا أطفال ينوحوا فقدها .
وكان محمد أكثر واحد تألم وتوجع لموتها .

مرّت الشهور ، والحزن يكبر فقلبه ، والهَم تفاقم أضعاف مُضاعفة لمّا انتقل عبد العزيز وعائلته للعاصمة ، وانتقل معهم ناصر ... وبقا لوحده .
انتقلوا ؛ لأنهم ما عاد لهم قدرة يعيشوا في البيت بدون أمهم .
حاولوا فيه ينتقل معاهم لكن عجزوا ؛ لأنُّه ما زال متشبث بكل ما فيه من قوّة بذيك الأرض اللي يتنفس من نفس الهوى اللي تتنفس منه ساكِنة قلبه .







-24-
مع مجيء أول طفل لهم ، تبدد أوّل عائق بينه وبين سلمى ، سمّوه سعود بقرار مُشترك بينهم ، ثم جات من بعده روضة اللي سمّاها على اسم أمُه وبعدها مها ، وبقدومهم الواحد تلو الآخر تتلاشى العوائق والحواجز بين الزوجين ؛ الا أنه ومع كذا ما قدَر أبداً أنه يبادلها مشاعِر الحُب ، الحُب اللي يطوقه بحنان ، الحُب اللي تغمره فيه بكل كرم وبدون ما تنتظر مُقابل منه ، محمد ما يبادل سلمى الحُب ؛ لكنّه يبادلها الاحترام وأي علاقة ناجحة فأساسها يكون الاحترام .







-25-
و قلبه ضاع من بين يديه ، ضاع لمّا وصل لمسمعه خبر زواجها من غيره ، ارتبطت سُعاد بغيره ، أصبح اسمها مقترن بغيره ، ما كان عنده الجُرأة بأنه يتزوج منها فضاعت منه ، هذا عِقاب لجُبنه ، لضعفه ولخوفه .
ومن عجائب القدر انها تزوجت من واحد باب بيتهم عند بابه ، يعني كل ما طلعت وكل ما دخلت لبيتها هيكون بمرأى منه وذا الشيء يذبحه ، يُميته .
حُبه لها عذَّبه وهي بعيدة ، فما باله وهي بعيدة وقريبة ... هيُفنيه الحُب ويعدمه !







-26-
تمر الأيام ، وينقطع نهائياً عن أخوته ، آخر مرّة تكلّم مع عبد العزيز تنازعوا وتخاصموا ومن ذاك اليوم ما عرفوا عن بعضهم شيء .

اتصل عبد العزيز وبعد رنتين أجاب محمد بهدوء : السلام عليكم
رد عبدالعزيز السلام
بعد ما عرفه من نبرة صوته قال : هلا ، كيف الحال يا بو طارق ؟
رد عبد العزيز : بخير جعلّك بخير
ساد الصمت بين الاثنين
شيء تغيّر فيهم ما هم الأوليين ، حاجة انكسرت وما تتصلح ، وهم ملاحظين هالشيء
قال عبدالعزيز بنبرة هادية : ما نويت تجي صوبنا
رد محمد بملل من هالسيرة : وبعدين يعني ما خلصنا من هالسالفة ؟
قال عبد العزيز بحدّة : بَلاك انت ؟ شصار لك ؟ ما عقلت
قال محمد بعناد : ولا راح أعقل إن شاء الله إن فتحت لي هالسيرة ع الطالعة والنازلة
قال عبد العزيز وهو يحاول قد ما يقدر يهدّي نفسه : عاجبك شغلك في الخضرة يعني ؟ ، لو انك تجي هنا تشتغل معي ، والشغل الحمد لله كل ماله ويكبر
: الله يزيدك ويفتح عليك ، انا الحمد لله مرتاح وربي ساترها معي وبلا منيّة من أحد
صرخ عبدالعزيز : الحين يوم انّي أبغي لك الصلاح أكون أَمِن عليك يا الرخمة

أغلق محمد التلفون وهو يغمض عيونه بهم كبير ، ومن ذاك اليوم ما قام يتواصل لا مع عبد العزيز ولا حتى مع ناصر .







-27-

مسح عبدالعزيز وجهه وهو يتعوذ من بليس ، تذكّر كل اللي صار بينه وبين محمد أخوه ، أكثر من عشر سنين وهم مقاطعين بعض وعلى ايش ؟ ، على سبب تافه ، كل واحد يعاند الثّاني وفي الأخير ايش استفادوا من كل ذا ؟؟؟؟؟ ولا شيء !

يومين مرّن بسرعة... بس عليه مرّن مثل الدهر ، صدره مقبوض ، ووجهه متجهم كله حزن ، هو يدري انه يدفع ثمن اللي سوّاه من زمان ، وما يلوم أخوه -اللي يصغره بسنين كثيرة- ع الصد و الجفاء اللي يقابله به ، في الأخير هو الأكبر وهو الأعقل لكن اللي حصل انه بعنادهم ذاك ولا واحد فَرَقْ عن الثاني بشيء .

سيارتين خرجن من العاصمة إلى البلد اللي ساكن فيها محمد ، الأرض اللي تربوا فيها وهجروها بدون ما يرف لهم جفن ، و بدون لا يحن صدرهم لها أو يرجعهم الشوق ولو ع الخاطف !
السيارة الأولى فيها طارق بن عبدالعزيز ، عمر بن عبد العزيز ، حمد بن عبدالعزيز ، وأبوهم !

الثانية تضم حُذيفة بن عبدالعزيز ، خالد بن عبدالعزيز وعمهم ناصر و ولده سلطان ذو العشر سنين !


وصلوا ، البلد مثل ماهي ما تغيّرت غير انه البيوت صارت أكبر والشوارع غدت أوسع ، وصلوا للبيت اللي ناشدينه وحصلوه مثل ما هو !
وقف عبدالعزيز يتأمله فترة من الزمن ، وابتسم وهو يهمس لنفسه : مثل ما هو

طرقوا الباب ، فتحه سعود وتفاجأ بالرجال اللي يلبسوا الأبيض بتمصيرة ملفوفة بعناية على روسهم
تقدّم عبدالعزيز من ولد اخوه بدهشة من الشبه الكبير اللي جمعهم ، وكأنه محمد بس بهيئة صغيرة ، مسك راسه وباسه ، وخانه لسانه
ابتسم سعود : الله يعز قدرك عمي ، تفضلوا حياكم

سلّم ع البقية وهو مو عارف غير انهم عَمامه وأولاد عمومته.. و ما درا من وين طلعوا فحياته فجأة !






انتهى .
بانتظار تعليقاتكم و آرائكم

 
 

 

عرض البوم صور مشاعِر  
قديم 31-05-15, 10:57 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مشاعِر المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: قرفة | بقلمي .

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بارت راااائع


اتوضحت السالفة شوي

يعني محمد كان بدو يخطب سعاد لولا تدخل اخوه اللي رفض وما اكتفى برفضه علقه بزواج منةغير رضاه.

سلمى مسكينة ما لقت مشاعرها صدى عند محمد ولو انه الحمدلله انه في احترام متبادل بينهم.

عبدالعزيز تصرفه اناني وكسر قلب اخوه وخسره.

يا ترى شو سر الزيارة؟! معقولة بدهم يعيدوا الوصال بينهم ؟!

محمد ما اظنه يقبل يترك القرية ويروح معهم وخاصة بعد غياب زوج سعاد واحساسه بالمسؤولية تجاهها.


متشوقة للجاي

يسلمو ايديك اسلوبك ممتع وبسرقني الوقت وانا بقرألك ..



لك خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
قديم 02-06-15, 06:59 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 296374
المشاركات: 38
الجنس أنثى
معدل التقييم: مشاعِر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 68

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مشاعِر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مشاعِر المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: قرفة | بقلمي .

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بارت راااائع


اتوضحت السالفة شوي

يعني محمد كان بدو يخطب سعاد لولا تدخل اخوه اللي رفض وما اكتفى برفضه علقه بزواج منةغير رضاه.

سلمى مسكينة ما لقت مشاعرها صدى عند محمد ولو انه الحمدلله انه في احترام متبادل بينهم.

عبدالعزيز تصرفه اناني وكسر قلب اخوه وخسره.

يا ترى شو سر الزيارة؟! معقولة بدهم يعيدوا الوصال بينهم ؟!

محمد ما اظنه يقبل يترك القرية ويروح معهم وخاصة بعد غياب زوج سعاد واحساسه بالمسؤولية تجاهها.


متشوقة للجاي

يسلمو ايديك اسلوبك ممتع وبسرقني الوقت وانا بقرألك ..



لك خالص ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,
أسعد الله أيامك يا طيبة :)
,
كل الأمور راح تتوضّح أكثر إن شاء الله
أشكر لش تعليقش أختي ، وحضورش الحلو
ربي ما يحرمنا من الهلة الجميل

شُكراً شُكراً


 
 

 

عرض البوم صور مشاعِر  
قديم 02-06-15, 07:03 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 296374
المشاركات: 38
الجنس أنثى
معدل التقييم: مشاعِر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 68

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مشاعِر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مشاعِر المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي 3/ انفكّتْ عُقدة و عُقِدَت أخرى .

 


النبض الثالث
انفكّت عُقدة وعُقِدَت أخرى







-28-
أغلق التلفون وتنهّد بتعب ، إخوته وصلوا ، بعد سنين راح يشوفهم مرّه ثانية !
وايش شعوره ذيك اللحظة ؟
بلا شعور ، ما يحس انه فرحان كثر ما يحس أنه وده يهرب بدون لا يلتقي فيهم !
ليش كل ذا ؟
هو وحده ما يعرف ايش فيه ؟! ، لعله مثل ما قال له عبدالعزيز من زمان بأنه عين وصابته

قال بتعب وهو يخرج من دكانه : راميش دير بالك أنا امكن ما أرجع الدكان اليوم
رد عليه راميش : زين

مشى باتجاه بيته بعد ما اختار أطول طريق ، طريق المزارع !

تايه وضايع وفكره مشتت ، ما عارف ايش يسوي ؟ ، تتقاذفه الأفكار يمين وشمال من دون ما يرسي على بر ، و فدوامة أفكاره انساب صوت ضحكتها وداعب أذونه بكل رقّة وتسلل بعدها لقلبه ومسّده براحة زائِلة .

لف على يمينه وشافها تضحك مع أم عبدالله ، ثانيتين مرّن قبل لا ينفض عنه الأفكار السوداء اللي تراوده لمّا يشوفها ومشى بسرعة من أمامهن ، تعدّاهن ، ووصل لبيته وهو اتخذ قراره وحسم أمره .
القرار اللي ممكن ينتشله من الهم اللي يلفه و يعتصره ، القرار اللي ندم على عدم اتخاذه من قبل سنين طويلة ، القرار اللي اتخذه متأخر جداً
تنهد وهو يفتح الباب ويدخل !





-29-
قالت أم عبدالله : شفيه مر كذا بسرعة بدون لا يسلّم
قالت سعاد : امكن ما شافنا
ردّت أم عبدالله : والله يجوز
أكملت أم عبدالله : شكل المجاري هترد مثل ما كانت بينه وبين أخوانه !
ردّت سُعاد باستغراب : وايش يدريش ؟
: كذا حاسّة "قالت ام عبدالله "
تنهدت سُعاد : عسى خير !







-30-
وقفوا كلهم لمّا شافوه مقبل عليهم
تقدّم منهم و قال : السلام عليكم
ردُّوا السَّلام عليه
اقترب من أخوه الكبير وهو يتأمل هيئته المهيبة ، مثل ما هو ما تغيّر غير انه لحيته طالت واصطبغ شعره بالأبيض و زاده هالشيء وقار !

مد محمد يَمينه ، تناولها عبدالعزيز وشدّه نحوه ولوى عليه بقوة
كم من الوقت مر ما يدري ، ما يدري غير أنه ندمان قد شعر راسه ، ندمان انه جافا أخوته على ولا شيء ، ندمان أنه ما انتقل معهم للعاصمة ، ندمان انه سمح لنفسه يخوض معارك شديدة مع قلبه واستمرت لسنوات عديدة .

بس ايش يفيد الندم ؟؟؟؟

طبطب عبد العزيز على ظهر محمد ثم قال وهو يواجهه : كيف حالَـك يا محمد ؟
أجاب محمد : بخير ، بخير
الدموع اللي شافها فعيون عبدالعزيز كسرته ، وأحاسيس كثيرة اعترته فذيك اللحظة
دار بظهره وسلّم على البقيّة ولمّا وصل لناصر ، ضحك الأخير وقال : والله أنا للحين ما دريت ليش مجافيني ؟

لَوى محمد عليه وهو يضحك
قال ناصر وهو يمسح دموع طلّت من عيونه : شقيقي وشبيهي ، كيف حالَـك ؟
رد محمد والبسمة مرسومة على شفاهه : بخير عساك بخير "ضحك" و صاير حسّاس
رد ناصر : من يومي وأنا مشاعري مُرهفة وما أتحمل هالمواقف
ضحكوا

وجَّه محمد كلامه لسعود : سعود فز هات القهوة
: ان شاء الله

مرّن بضع ثواني قبل لا يجي سعود وبين يديه دلة القهوة والفناجين ، وقف في صدر المجلس أمام أعمامه ، صب القهوة فأحد الفناجين وناوله لأبوه .
كانوا يعتبروا الولد لمّا يدخل ال12 سنة رجال في ذاك الزمان ، يتصرّف مثلهم ، ويُعامل كرجُل ، ويُنتقد إذا تصرف بفطرته الطفولية ، لكن بعضهم يعتبروه مازال طفل اذا ما احتلم !
عبدالعزيز كان يقيّم سعود ، وأرضاه اللي يشوفه : الله يسلّم يدٍ ربّـتك يا سعود
ابتسم سعود : ما عليك زود عمّي

تناول محمد الفنجان من يد ولده وناوله بدوره لعبدالعزيز ، تناول عبدالعزيز الفنجان من يد أخوه وحطه على الأرض وقال : محنا شاربين قهوتك قبل لا يطيح كل اللي بيننا !
أمعن محمد النظر فأخوه ثم قال : ما بيننا الا الخير ان شاء الله

صمت ساد الأرجاء للحظات قبل لا يمسك محمد لحية عبدالعزيز ويقول بقوة : رجيتك بذي اللحية العامرة انك تسامحني ، أنا أخطيت
ألجم الموقف الموجودين وهز أعماقهم
والصدمة اكتست ملامح عبد العزيز ، فحياته ما توقع انه يصير له مثل هالموقف
انشرحت ملامح عبدالعزيز وتخطت الصدمة رويدا رويدا ، ابتسم بفخر ، قبّل جبين محمد ، و سكت ، ما عنده حكي ينقال ؛ اللي يحصل ما يوصفه كلام !


بعد بضع ثواني ، استعاد عبدالعزيز فيها نفسه من المشاعر اللي تقاذفته ، تناول فنجان القهوة اللي في الأرض وقال : الحين تِنشرب قهوتَـك يا محمد







-31-
على السّاعة خمس العصر وصلوا للعاصمة بعد ما قضوا اللي عليهم ، شعور عبدالعزيز اللي راجع من البَـلد غير شعور عبدالعزيز اللي كان رايح لها ، وأخيراً الراحة منّت عليها بلطفها وحفّته .

المجاري عادت وجرت من جديد بينه وبين محمد أخوه و هالشيء اللي تمناه ، قبل لا يأخذ الله أمانته .

دخل لبيته يتبعه أولاده ، قال لطارق ذو الثلاث وعشرين سنة : مثل ما خبرتك يا طارق ، شوف أي بيت حوالينا للبيع ويكون مرتب وكبير ، وما يهم السعر
رد طارِق : ان شاء الله
سأل عُمر ذو 16 سنة : يعني خلاص عمي محمد راح ينتقل هنا ؟
رد أبوه : ان شاء الله
سكينة سادت المكان قبل لا يفتح حُذيفة ذو 19 سنة جروح يا دوبها التأمت بسؤاله : أبوي ايش اللي كان بينكُم وبين عمي محمد ؟
رد عبدالعزيز وعيونه تلمع : هذي سالفة تافهة ، تافهة ما ينحكى فيها
مشى عبدالعزيز ناحية الدرج وصعد تتبعه نظرات أولاده

نظر حُذيفة وعُمر لطارق بشك
قال طارق وهو يرفع يدينه : خير ان شاء الله ، الله يجيرنا من نظراتكم ذي
قال عُمر : ايش السالفة ؟
هز طارق راسه بأسف وخرج

صرخ حُذيفة بعصبية فأخوته حمد ذو 8 سنين وخالد ذو 11 سنة اللي كانوا يتضاربوا : وبعدين يعني انتوا الاثنين ، ما تكبروا أبدا
همس عُمر : إلا ما أعرف ايش السالفة وهتشوف
رمقه حُذيفة بشك ، وكل واحد منهم راح فطريق !






-32-
قالت من دون لا تناظره : اذا تبغا تتسبح جهزت الحمام وثيابك ع السرير
همس وهو يشوف زعلها اللي مستمر من عدّة أيام : تسلم إيديش
أعطته ظهرها وكانت هتمشي عنه لو انه ما مسك رسغها ، استقام بطوله الفارع ، مسك كتفها ولفها له ، واجهته من دون لا تناظر وجهه !

مسك ذقنها ورفع راسها له ، ما قاومت اغراء شوفة عيونه ، ابتسم لها بحنان وقال : ما راح تسأليني ايش اللي صار في المجلس اليوم ؟
أشاحت بوجهها عنه ؛ لأنها بدت تضعف ، وهمست : سعود قال لي اللي صار ! "سكتت "
ناظرته ببرود وأكملت : وزين أبعدتوا إبليس عن دربكُم وتصالحتوا
فلتت منه ضحكة ، ضحكة نابعة من قلبه ، ألبست وجهه شيء من الفرح وزادته وسامة – على وسامة .

ناظرته باستغراب وقالت : ما يضحك
قال وهو يقرّبها منه : إلّا يضحك
ما ردّت عليه ، أكمَل : انتي شفتي نفسش لمّا تقولي سعود قال لي اللي صار "قلّدها وهي تقولها "
ارتسمت شبه ابتسامة على شفتها وأشاحت وجهها عنه
لف وجهها صوبه من جديد : جد والله لازم تشوفي نفسش !
شكّت فعمرها : ايش فيه ؟
اتسعت ابتسامته وقال : أبد والله ما فيه شيء غير إنش ما فَرَقتي عن عيالش بشيء ، طفلة مثلهم !
ضربته بقبضة ايدها على صدره العريض والابتسامة إرتسمت على وجهها: سخيف
رنّت ضحكته في الأرجاء من جديد
حاوط خصرها وهو يهمس في أذنها : طـيِّب قال لش سعود اننا قريب هـننتقل للعاصمة ؟
ناظرته بدهشة وهمست : لا

قال بتلذذ : امممممممم وقال لش بعد انّي هرجع أشتغل بشهادتي اللي جار عليها الزمن ؟
وضعت أصابعها النحيلة على شفاهها والفرحة صدمتها وشلّت حركتها ، بعد أجزاء من الثانية استوعبت اللي يحصل و صرخت بسعادة وتعلقت برقبته

ضحك محمد وهو يدور فيها : يوم أقول لش انش طفلة !

اللي يشوف حالة سلمى ذيك اللحظة ، ما يقول أبداً إنها هي نفسها قبل دقائق الزعلانة واللي ماخذة على خاطرها منه !
بسيطة ، يرضيها القليل ، وراحة عيالها وأبو عيالها هي راحتها ، وما تبي شيء أكثر من إنها تشوفهم سعيدين .






-33-
انتصف الليل عليهم وهو ما زال صاحي ، عيونه عَيَت تغفى ، انسل من فراشه بهدوء ، تأمل سلمى وهي نايمة براحة جنبه و لسان حاله يقول لها كما قال عنترة بن شداد :

لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيركُم *** ولا رضيتُ سواكُم في الهوى بدلا

استقام ، وخرج للخارج و تحت ضوء البدر ، أشعل ضوء سيجارة !
استند على الجدار واتكأ فيه ، و ظل هو والسيجارة كل واحد يحرق الثـاني ، والبال يروح ويجي والأفكار ما ترسى على بر ، والذهن غايب .
خلاص هينتقل من هنا ، هيبدأ حياة جديدة !

عقله يبارك له هالقرار وقلبه مستنفر ما وده يغادر هالمكان ، بس الأكيد انه هيسمع لعقله ؛ لأنه سمع لقلبه من قبل وما استفاد غير التعب والهم والغم .
ضروري يبتعد عن هالمكان لأنه ما عاد يستحمل شوفتها تروح وتجي أمام عينه ، قلبه ما يتحمل ، والأكيد ذنوبه هتكبر لو ظلْ فهالمكان وهي على مرأى منه .

تنهد ، رمى السيجارة ع الأرض ، داسها ثم دخل البيت .







-34-
على الساعة ثمان الصبح ، خرجت بشعرها الطويل المبعثر حواليها وبـ بيجامة توصل لنص ساقها .

شافته جالس على حجر كبير أمام بيتهم ومستند على الجدار ويفكر ، راحت له بخطوات بطيئة وحذِرَة ، ولمّا وصلت عنده نادت بصوت عالي وحاد : سعووووود
انتفض ، وفز من مكانه
في المقابل جلست تضحك على ردّة فعله
عقد حواجبه وقال بحدّة : شوووو أصمخ أنا علشان تصرخي كذا ؟
وهي مُستمرة في الضحك

صفعها على راسها بخفة وقال : بس خلاص انتي وذا الشعر المنكوش !
توقفت أخيرا عن الضحك وجلست جنبه على الحجر
قالت : طلعت في الأخير خوّاف
ما جاها منه جوّاب
سألت : انت ليش تجلس وحدك دايما ؟
ما رد عليها
أكملت : ليش ما أشوفك تلعب مع أولاد الحارة ؟
ما جاها منه رد
: لأنهم دايم يقولوا لك الطويل ، صح ؟
إلتفت صوبها ، ورمقها بلا مُبالاه ، ورجع لوضعه المُعتاد
سألت بانزعاج : ليش ما ترد ؟
أجاب : لأنش مُزعجة ويا الله أشوف ادخلي بيتكم ، عيب تخرجي بذي الملابس !
وقفت أمامه ، وضعت يديها على خصرها : لا مو عيب
قال بحدّة : إلا عيب ونص بعد
امتلت عيونها دموع

جاها صوت أخوها (علي) ذي العشر سنين : مَرْيااااام
التفتت له وصرخت بحدة : ايش تبغا ؟
: ادخلي داخل تبغاش أمي
ردّت بعناد : ما هدخل
جاء عَلي صوبها وقال : ادخلي أشوف إنتي وذي الكِشّة
تخصرت وقالت : ما أريد أدخل
مسك علي يدها وسحبها : غصب عليش تدخلي ، انا ما جيت أشاورش
صرخت : ابعد عني يا حمار القايلة ، يا حيوان ، ابعد ، انت تعورني

اكتفى سعود بالمشاهدة ، ونظرة اللا مبالاة ما زالت في عيونه

لطمها علي كف على وجهها وصرخ : ذا الكلام الوسخ ما ينقال لي ، فاهمة يا قليلة الأدب ؟
الدموع نزلت على وجنتيها ، وصاحت بازعاج يصم الآذان
قالت من بين دموعها بصراخ : انت قليل الأدب يا كلب الحارة
جرها من شعرها ، وهو يقول : هالكلام هطلعه من عيونش

وأخيراً تدخل سعود لمّا شاف أنه الوضع تأزّم
فلّتها من بين يدين أخوها بصعوبة وقال : اترك أختك عيب عليك
واجهه علي وقال : انت ما لك دخل ، اطلع منها
اقترب سعود منه بطوله الفارع وقال من بين ضروسه : إدخل بيتكم لا والله أنحرِك مكانك
في تلك الأثناء ، قامت مريم من التراب بتثاقل واندّست ورا سعود
قال علي بتهديد : ما راح أدخل بدونها !

مسكه سعود من ياقة دشداشته وبصراخ عالي قال : أجَلْ تستقوي على بنيّة يا الدجاجة

انسل علي من بين يدين سعود ودخل بيتهم وفي عيونه تهديد لمريم اللي تقول بفرح : يحليلها الحِقّة (صغير الدجاجة) ، ليش تنفشي ريشش علينا يوم انش ما مال شيء ؟ !
دخل علي بيتهم واغلق الباب بقوة بحيث أصدر صوت عالي

أخذت مريم ترقص وهي تقول : وانتصرنا والناصر الله ، وانتصرنا والناصر الله
رمقها بلا مُبالاه وهي تتقافز حوله بسعادة ، رجع جلس على الصخرة وأسند ظهره على الجدار
اقتربت منه وباسته على خده : شكراً ؛ لأنك انقذتني منه
تفاجأ سعود ؛ لكن أخيراً شبح ابتسامة قَدَرْ يطل على وجهه .

نفضت التراب عن ملابسها وهي تقول : الله يغربله ، ترست تراب بسببه الحيوان
عقد سعود حواجبه وقال : ايش هالألفاظ ؟ عيب
ردّت بعنادها المُعتاد : مو عيب

سكت عنها ولف وجهه يناظر الفراغ أمامه
جلست مريم جنبه
نظر لها بطرف عينه وقال : يلا روحي بيتكم أمش تبغاش ؟
قالت وهي تلعب بأصبعها : ما أريد ؛ الحيوان اللي في بيتنا هيضربني
: وبعدين يعني مع هالألفاظ الوسخة ؟
ردّت : خلاص خلاص

قال ببرود بعد فترة صمت وهو يستقيم : ويعني كيف ؟ هتجلسي هنا طول اليوم ؟
ردّت وهي تقوم معه : اممممم لا
قال وهو يأشر لبيتها : إذن تفضلي ادخلي بيتكم
قالت بدلع : لااااااااااااااااااااااااا ما هروح بيتنا
باستهزاء وهو يقلّد نبرة صوتها : وييييييين هتروحيييييي ؟
قالت ببراءة : معك !
بمفاجأة قال : معي وين ؟
ردت وهي تأشر بعيونها لبيته : بيتكم
بعد تفكير قال : الله المستعان ، دخلي أشوف

ما درى سعود انه مها وروضة يراقبن الموقف من بدايته وهن يتوعدن فيه بمكر ، وما درت مريم انه علي أيضاً كان يراقب من الدريشة ويتوعدها بشر !




-35-
دخلت مريم ، ولمّا شافت سلمى تجمعن الدموع فعيونها وصاحت
تفاجأت سلمى وقالت وهي تشوف حالها المبهدل : ليش تصيحي مريم ؟
قالت بنشيج : هذا علي الحيوان ضربني كف وسحبني على الأرض واااااااااااااااااااااااااااااااااااااء
أكملت وهي تستجمع أنفاسها : حتى شوفي مكان ما ضربني أحماااااار
وكان فِعلاً مثل ما قالت ، خدها أحمر مثل الجمر !

وما كان من قوّة الضربة اللي تلقاها خدها لكن بشرتها كانت رقيقة وحساسة زيادة عن اللزوم .

لمّتها سلمى بين يديها وهي تهدّيها
قالت مريم : أنا ما أريد أرجع البيت لأنه هيضربني
قالت سلمى وهي تتطبطب على راسها : خلاص أنا هخبر امش انش هنا
وما أن قالت سلمى اللي قالته حتى بدأ صياح مريم يخف .
وهذا هو الشيء اللي كانت تريده من البداية .

في تلك الأثناء كان سعود يراقب اللي يحصل ، تفاجأ من دهاء الطفلة اللي قدّامه ، كانت قبل لحظات ما فيها الا العافية ، وتساءل من وين تجيب الدموع ؟؟ ، وكيف تقدر بهالسهولة تقلب الأحداث لصالحها ؟؟!

اللي تأكد منه انه عقل هالبنت أكبر من سنها بكثير ، مو طفلة عمرها 6 سنين تفكر بهالطريقة !!

لكن ومع هذا ما نجحت الخطة اللي رسمتها مريم ؛ لأن جات أمها وأخذتها للبيت غصباً عنها .






-36-
في الليل ، ومع اجتماع العائلة على العشاء
قرصت روضة أختها مها علشان تبدأ تتكلّم ، توجعت مها من القرصة فصرخت
سألها أبوها : ايش فيش ؟
كحت ، ثم قالت بابتسامة تداري فيها نذالتها : أبوي جات اليوم معنا مريم بنت الجيران
نظرات أبوها حثتها على الاستمرار في الحديث ، فأكملت : هذا أخوها علي ضاربنها وجارّنها على الأرض
قال محمد باهتمام : انزين ؟
أكملت روضة : لكن الحمد الله ، الحمد لله ، البطل الخارق حامي الأرض من الأشرار ، أنقذها من بين يديه
رمقها سعود بسخرية
أكملت وهي تلوّح بيدها : والله أبوي لو شفت كيف يضربها هتقول انه هذي أكيد هتموت بين يديه
ابتسم محمد وقال وهو يجاريهن في الكلام : جزاه الله خير هذا البطل الخارق

أكمل سعود أكل وكأن الأمر ما يعنيه
قالت مها : لو شفت كيف فلّتها من بين يديه ، ثم مسك أخوها من ياقته وعلّقه
أكملت روضة بتأثر مصطنع : كان بصراحة مشهد مؤثر ، زين ما طاحن دموعي !
قالت مها وهي ترمق سعود بنذاله : لكن الحركات اللي صارت بعدين كانت بصراحة " سكتت وهي تحرك راسها بأسف"
سألتها روضة : ليش ما تكملي شوقتينا ؟ " مع أنه روضة على علم بكل اللي صار لكن النذالة وما تسوي "
قالت مها : هذي مريم أونها باست البطل الخارق تشكره على انه انقذها
لوحت روضة بيدها : منكر يالله ، أستغفر الله بس
نظر محمد لأولاده بدهشة وابتسامته اتسعت ، ثمّ نقل نظرُه لسلمى اللي كانت تنظر له بنفس النظرة !

رفع سعود راسه ، ورمقهن وهو رافع حاجب !
ثم قال : غير اللي يرسم قلوب فدفاتره وأسماء وحركات ، واللي سيف ولد الجيران يجيبله عصاير وشيبسات وككاوات
قالت روضة بدفاع : انا ما ارسم قلوب ، أجيبلك دفاتري تشوفهن ؟
وقالت مها بصوت عالي : وبعدين سيف انا أعطيه فلوس علشان يشتري لي من الدكان ، ما يجيب لي بكيفه

قال بعدم اهتمام : ليش تضايقتن كذا خواتي العزيزات ؟ ، انا عنيتكن بكلامي ؟ ، كنت اتكلم بشكل عام بس امبونه راعي المعنى يستعنى
قالت سلمى بنبرة عالية : بس انتي وهي صدعتوا راسنا
بس ما أحد أعارها إهتمام
قالت مها وهي تأشر له بسبابتها : اعترف انك تحب مريم اعترف يلا !!
قال سعود بتحدي : إي أحبها ، أحد عنده مانع ؟ ، أحد متضايق من هالشيء ؟
نظر له أبوه بدهشة ما انفكّت عن وجهه
ردّت مها بقوة : اصلا كنت عارفة ذا الشيء من زمان ، لأني شفت هذيك المروحة مال الألوان عندها ولمّا سألتها قالت انك انت عطيتها

سأل ببرود : وانتي ايش اللي حارق دمش ؟
ردت : لأني لمّا قلت لك تصنع لي مروحة ما رضيت وهذيك الدلوعة تروح تعطاها
قال بنذالة مع شبه ابتسامة : الحين تقارني نفسش بهذيك الدلوعة ، هذيك الدلوعة طبعاً غير

قامت مها زعلانة وتبعتها روضة بعد ما رمقت سعود بكره
ساد الهدوء الأرجاء
سألته أمه باستغراب : الحين صدق انت تحب مريم ؟
ضحك سعود ، وضحك معه أبوه من طريقتها في السؤال
رد سعود وهو يمسح دموعه من الضحك: لاااا بس أجاري بناتش الخبلات !







-37-
فسخ محمد دشداشته وانسدح على السرير : شفتيهم كيف اليوم يتكلموا ؟
ضحكت سلمى : صدق انه جيل آخر زمن ، حُب وما حُب ، احنا يوم زمانّا هالسوالف ما عرفناها
هز محمد راسه ثم انسدح وغمض عيونه : يكبروا العيال يا سلمى
تنهدت : إي والله
لحظة صمت لفّت الأرجاء ، قطعها سؤال سلمى : الحين متى راح ننتقل ؟!
رد محمد وعيونه مغمّضة : على آخر الشهر ، انتي جهزي كل شيء من الحين
: وحصَّـلوا بيت هناك ؟
قال : هيحصلوا
: كل ما استعجلنا كل ما كان أحسن !
قالت عبارتها الأخيرة من دون ما تعرف انه محمد سرّها لعبدالعزيز من قبل ، وشكل اللي يفكروا فيه تشابه ، هي تبغا تنتقل هناك بسرعة علّه يتحسن حالهُم ، وهو يبغا ينتقل علشان يرتاح من الضغط النفسي اللي يحس به كل يوم .

ولعل في انتقالهم راحة هـ تحيط بالجميع !






-38-
كعادة محمد كل صُبح ، يدخل يسلم على العم سعيد قبل لا يتوجه لشغله ، لكن عند عتبة الدكان توقف وهو يعقد حجّاته ؛ الحوار اللي صاير داخل الدكان أوقفه .... وأزعجه !

كان فيه شخص يقول للعم سعيد : شوف ، أنا محتاج فلوس ، وجاء اليوم اللي تسدد فيه دينك
رد العم سعيد : بس انا ما عندي هالوقت ، من وين أجيب لك فلوسك ؟
جاه الرد : ما أعرف دبرها ، أبيهن خلال هاليومين ، ضروري الله يخليك

ما سمع تكملة الحديث لأنه مشى باتجاه دكانه ، وهَم العم سعيد أصبح على عاتقه .
دخل دكانه ، وجلس وراء الطاولة ، والحيرة تاخذه وتجيبه ، لكن فجأة فز من مكانه ونادى على راميش اللي يشتغل عنده : راميش دير بالك أنا واصل مشوار وراجع !

ما سمع رد راميش لأنه بسرعة طلع
مشى للبنك و في باله مساعدة جاره اللي ما قصر معاه بشيء ، وجاء اليوم اللي يرد له فيه جمايله .
سحب المبلغ اللي كان مدخرنه للحاجة ، وكان مقرر انه هيشتري فيه البيت اللي في (مسقط) ؛ لكن ما حصل هالشيء ؛ لأن الظروف تتغير ، والأحوال تتبدل ، والدنيا تدور على بني آدم وما تظل على حالة وحدة .

فكّر ، إذا عطا الفلوس للعم سعيد ما راح يقبل ؛ لأنه هيخرج من دين ويدخل في دين جديد ، فلذا خليه يفكر بطريقة توصّل الفلوس للعم سعيد ويقبلها !

وفي غمار تفكيره ، طلعت سعاد أمامه كنسمة لفت أفكاره وحوطتها بحل أرضاه ، ابتسم وهمس لنفسه : الله جابش !
تبعها ، دخلت طريق المزارع ، وتبعها ، مشت في الطريق الطويل الخالي من البشر وهو ما زال يتبعها ، وعند انتصاف الطريق لفّت وراها فجأة
وقّف ، وتلعثم ما عرف ايش يقول وهو يشوف عيونها تتسع بصدمه وتفكيرها راح لبعيد ، بعيد !

دارت فيها الدنيا ، توقعت أي شيء الا انه يكون محمد هو اللي يتبعها ، عيونها امتلت دموع ولسانها امتلئ حكي عجز يطلع .
رفع راسه وهو يقول : يا أم علي أنا " سكت لمّا لمح دموعها "
قال بنبرة طغت فيها عاطفته : لا لا لا رجيتش لا تبكي
زاد بكاها مع نبرة صوته المغلّفة بالحنان

مسحت دموعها وقالت : ليش تتبعني ؟
سكتت تاخذ نفس ثم أكملت : الحين بس فهمت ليش كنت تناظرني بهذيك النظرة
قال يفهمها : يا بنت الحلال ...
قطعته وهي تقول بحدّه : يعني اذا غاب عبدالله من جانب أصير لكم علكة ممكن تلوكوها
بكره همست : بعيد عن عينكم

قال : خليني أفهمِش
قالت وهي تمشي قاصده بيتها : كل شيء واضح
ثم وقفت وهي تقول : والحق علينا اللي أمنّا فيك ، والحق على أبوي سعيد اللي يثق فيك ثقة عميا
بصقت على الأرض ثم همست : يا خسارة

خذ نفس عميق لمّا بصقت على الأرض ، حاول يهدّي من نفسه ، لكن ما قدر !
لولا الحيا لكانت بصقت فوجهه لكنها ما زالت مسوية له شوية تقدير.

تبعها بخطوات سريعة وهو يشوفها تبتعد عنه ، والغضب يشتعل داخله ، صحيح يحبها ويعزها ويحترمها ويقدِّرها ويشوفها فوق نساء الأرض لكن أنها تهينه بذاك الشكل أبداً ما راح يسمح لها !

وقف أمامها وقطع طريقها وعيونه تنظر لها بحدّة : انتي لازم تسمعي ولو بالغصب يا مدام
قالت بحدة : ابعد عن طريقي ...
بسخرية أكملت : يا محترم

بهمس غاضب قال : محترم و غصباً عليش
أخرج حزمة الفلوس من جيبه ورفعهن قدام عيونها : الحين جاي من البنك ساحب هالفلوس وجيت من ذا الطريق لأنه الأقصر بين البنك والسوق
أكمل بحدّة : العم سعيد متدين من شخص وهالشخص الحين يطالبه بالفلوس ، فاذا عطيتُه أنا ما راح يرضا فاذا تكرمتي عطيه إنتي .

مد لها الفلوس

في حين كانت هي تناظره بصدمة ، همست بعدم فهم : كيف يعني ؟
هدأ وهو يناظر عيونها ، قال بوضوح : اليوم كنت رايح لدكان العم سعيد وسمعته هو وشخص معه يتكلموا ، وكان ذاك الشخص يطالبه بفلوسه ، فعطيه انتي الفلوس رجاءً ، لأنه لو عطيته أنا ما راح يرضا ياخذهن ، وانا مسامحه عليهن من الحين ، ما راح أطالبه بشيء !
مد لها الفلوس من جديد وقال : خذي

الخجل اعتراها من قمة راسها لأخمص رجليها ، شكّت بالرجال ، وظنت فيه ظن سوء واتهمته بالباطل ، وبهدلته وشرشحته وهو قصده يساعد أبوها ( أبو زوجها ) لا غير !
امتلت عيونها بالدموع مرة ثانية ، بس كانت دموع خجل .
أخذت الفلوس برأس خاضع للأسفل و بدون ما تقول شيء ، ايش تقول أصلاً؟ ، ما لها وجه تقول أي شيء .
ابتسم وهو يتأمل حالها اللي انعفس وانقلب فوق حدر ، همس : تأمرين على شيء ؟
رفعت راسها ، وهزته بالرفض
هزّت أعماقه دموعها ، ومن دون شعور ، اقترب منها ، أربع خطوات تفصلهم عن بعض ، ثلاث ، ثنتين ، خطوة ثمّ وقف ، امتدت يده يريد فيها مسح دموعها لكنها توقفت هذيك اليد فنص المسافة !
نزّل يده وعيونه ، رص على قبضة يده ، وهمس : أنا أعتذر
أعطاها ظهره بسرعة ، ومشى قاصد الإبتعاد عنها بأقصى ما يمكن لا يرتكب شيء هو ما يريده .

أوقفه صوتها وهي تناديه : محمد
وقف وهو معطيها ظهره ، تجرّع ريقه ، هذا اسمه والا يتهيأ له ؟ ، هي نادته والا يتهيأ له ؟ ، هو جن والا ايش ؟
صد صوبها ، وشاف وجهها الصبوح قباله ، ابتسم بحب ، بود ، و عيونه تلمع ، تنطق بكل اللي في قلبه ، نفس النظرة اللي شافتها ذاك اليوم فعيونه تشوفها الآن ، بس مع كذا ما خافت مثل المرة الماضية بالعكس حسّت بأمان فقدته كثير فأيامها اللي مضت .
رد عليها بحب ما غاب عن صوته : لبيه
نزلت راسها للأرض ، تدوّر منها كلام ، رفعته وقالت بهمس : وأنا بعد أعتذر ، فهمتك خطأ سامحني !
هز راسه : الله يسامحش


قال بصوت تخللته كل عواطفه ومشاعره : انتي بالذات ، لو ايش ما تسوي ، قلبي ما يشيل عليش شيء !

الصدمة شلّت أطرافها
في البداية كانت نظراته ، لمعة عيونه وهو يناظرها ، ابتسامته ، نبرة صوته ، ويده اللي امتدت وكانت راح تمسح دموعها ، والحين كلامه هذا ... كل شيء يتتابع أمامها ويتكرر !
" إنتي بالذات "
" قلبي مايشيل عليش "
" إنتي بالذات "
"قلبي ما يشيل عليش "
صدى كلامه يتردد في أذونها مراراً وتكراراً

نظرت له بصدمه ، والابتسامة اللي كانت على وجهه أكدت له الشيء اللي يدور فبالها ، أكدت صِحة اللي شكّت فيه !
وضعت أطراف اصابعها على شفاهها بصدمة وشهقت تستوعب كمية المشاعر اللي انهالت عليها بدون ما يرحمها أو يرحم قلبها ، قلبها ضعيف على استيعاب الكم الهائل من العواطف اللي انصبت عليه !
ضعيف ما هو متعود على كِذا !
محمد يحبها ؟!
محمد جارهم يحبها !
محمد زوج سلمى يحبها !

صدرها يعلو ويهبط باضطراب ، تناظره بصدمة ، بدهشة ، بعدم استيعاب ، بتساؤل ، في حين كان يبادلها نظره حُب و وِد ، نظرة عِشق ، نظرة تُخبرها عن كل شيء تراكم فداخله من سنين .
انتبه لنفسه وقال وهو يحاول يتوازن : يا أم علي ما ظنّتي الفلوس اللي فيدش راح تكفي فلو تكرمتي امشي معاي الدكان ؛ مخبي لي مبلغ هناك

حاولت تتوازن... وما قدرت ، مشى أمامها و تبعته من دون شعور ، مشاعرها مُضطربة ، قلبها مُستنفر ، وكل هذا بسبب هاللي يمشي أمامها !
تساءلت ، من متى يحبها ؟ ، ليش هي بالذات ؟ ، ليش يحبها ؟؟ ليش ؟؟
دمعة تسللت من محجرها ، والنهاية كيف هتكون ؟؟

أما عن محمد فكان يلوم نفسه ، ليش انه سمح لمشاعره انها تبين أمامها بهالشكل ، سكوتها ، سكونها وهدوءها بذاك الشكل وتّره ، وما درى إيش يسوي بحاله ؟

مشوا فذاك الطريق ، يتقدمها محمد ببضع خطوات ، عن يمينهم أشجار النخيل تشهد لهم بكل اللي حصل ، عن يسارهم أيضاً أشجار النخيل تأكد لهم الشيء اللي صار منذ لحظات !

الشيء اللي ما عرفوه وهم يخوضوا في غمار عواطفهم ، أنه فيه شخص كان شاهد أيضاً لكل اللي حصل ، شاهد لإبتسامات محمد لها ، لنظراته ، لـ لمعة عيونه اللي تفيض بمشاعره المُحِبَة ، شاهد لكل شيء صار وحصل !

مشاعر الغضب انهالت عليه وأحقَنَت وجهه بالدم ، صدره يعلو ويهبط بمشاعر ممزوجة بين الغضب ، الحقد ، الكراهية ...... والانتقام !









يُتبع ،
تكملة البارت راح أنزلها فوقت لاحق
ممكن تقولوا لي توقعاتكم ومن مُمكن يكون هالشخص ؟
وايش اللي مُمكن يسويه ؟


.

 
 

 

عرض البوم صور مشاعِر  
قديم 05-06-15, 06:07 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : مشاعِر المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: قرفة | بقلمي .

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


رائعة تسلم يمينك



واخيرا عادت المياه لمجاريها

وقرر ينتقل للعاصمة ويترك الماضي خلفه.

محمد اتهور .. شو استفاد لما سعاد عرفت غير انه يزيد عذابهم .

عندي شعور ممكن يكون عبدالله زوجها . او سلمى زوجته.


يسلمو ايديك وبانتظارك بشووق

لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بقلمي, قرفة
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:05 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية