يسعد صباحكم جميعا بكل حب
أول شي أحب أوجه شكر كبير للأخوات متابعات
روايتي في المنتدى الآخر الذي تنزل فيه
الفصول بانتظام وهم
Dodah123
Rababe
أراك حلما
ألم الواقع الحزين
نداء الحق
أم سطام
سمراء الجنوب
عذراء سوداء القلب
نواعم
همتي في الثريا
دلع الماسة
خواطر كبرياء
تهاني العسولة
dreamamira
lattof
dodoalbdol
شكرا لكم حبيباتي سعدت جدا بكل كلامكم وتشجيعكم
وشكرا لغاليتي فيتامين سي لأنهاأعطتني فرصة
لمعرفة رأيكم بروايتي وبالنسبة للي سألت عن
إذا قرأت لكاتبات ليبيات فما سبق لي وللأسف
وأتمنى أقرأ لهم والي سألت كم فصول الرواية
ما أقدر أحدد لأني ما كملت كتابتها لحد الآن
وأترككم الآن مع الفصل
الفصل السادس والعشرون
ركضت جهة إسطبلها وهم خلفي ببنادقهم وقلت
" أقتلوه دون تفكير ولا تردد هذا إن لم يكونوا مجموعة "
وصلنا وأدخل عادل بندقيته من نافذة التهوية وفتحت أنا
الباب بقوة وكأن ثمة قوة ما دفعتني لفته قبل أي شيء
لأصرخ فورا " لا تطلق النار "
لترفع وسن رأسها من بين ذراعيها حيث جالسة
هناك وقال عادل " كدت أفعلها "
نظرت لهم وقلت بأمر " غادروا فورا "
ثم دخلت ووقفتْ هي على طولها فقلت بحدة
" ماذا تفعلين هنا يا وسن وكدنا نقتلك "
كانت تنظر لي في صمت وعيناها كانتا محمرتان بشدة
ويبدوا بكت لوقت طويل فقلت بذات الحدة ملوحا بيدي
" كيف تأتي هنا وفي هذا الوقت ماذا لو قتلناك "
قالت بحرقة " أرحم لي يا نواس .... قتلي أرحم
منك ومن انتقامك "
رميت البندقية وقلت صارخا فيها بغضب
" كيف أتصرف معك كيف أ.... "
ولم أنهي كلامي بسبب ثوران الوسن المفاجئ كتلك
الليلة حين جرحت نفسها بل أعنف بكثير فتوجهت نحوها
من فوري وأمسكت لجامها بسرعة لأحاول تهدئتها قبل
أن تؤذي نفسها وبدأت بشد اللجام وأنا أقول بصوت مرتفع
" توقفي يا الوسن لن أؤذيها توقفي "
ولكن عبثا أحاول فالتفت نصف التفاتة حيت وسن تنظر
لها بصدمة وقلت ماداً يدي لها " تعالي يا وسن بسرعة "
بقيَت مكانها ونظرها فقط تحول لي فمددت يدي أكثر وقلت
" تعالي بسرعة لتهدئ "
اقتربت مني ببطء ونظرها على الوسن فأمسكت يدها
وسحبتها نحوي وضممت كتفيها بذراعي والأخرى
أحاول بها تهدئة الوسن وأنا أقول " توقفي لن أؤذيها
قلت لك , أرجوك يا الوسن ستؤدين نفسك "
بدأت تخف حركتها وهيجانها فأمسكت رأس وسن بيدي
وضممته لصدري ودسست وجهها فيه وأنا أردد بهدوء
" انتهى كل شيء لن أصرخ بها هيا اهدئي "
خفت حينها حركتها أكثر سوا من صوت زفيرها وحركة
بسيطة لحوافرها على الأرض لأنتبه حينها فقط للجسد الذي
يرتجف من البكاء والخوف في حضني فرميت لجام الوسن
وحضنتها بكلتا ذراعاي وقلت بهدوء " توقفي عن البكاء يا
وسن ولا تخافي منها فكل ما فعلته من أجلك "
لكن بكائها وارتجافها لم يخف فبقيت لوقت أمسح على
ظهرها في صمت لتهدأ حتى خف بكائها وابتعدت عني
ببطء وغادرت الإسطبل راكضة دون أي كلام فاتكأت
بيدي على باب الحظيرة أنظر للأرض بصمت حتى عادت
حوافر الوسن للتحرك ببطء فرفعت رأسي ومددت يدي لها
ومسحت على وجهها حتى قرّبَته مني فقبلته وقلت بهمس
" أحبها يا الوسن أقسم أني أحبها وأكثر من السابق فقط اهدئي "
دست حينها وجهها في حضني كعادتها سابقا فمسحت على
عنقها وقلت بابتسامة حزينة " هكذا إذا تزورك هنا ... لهذا
لم تعودي تطيقينني ولا تعترفين بي , لما أنتي هكذا ظالمة "
رفعتْ رأسها وحرّكته فمسحت على أسفل فكها رافعا رأسي أنظر
لها وقلت " تزوجتها وانتهى ولن تكون لغيري ما دمت حيا "
عادت برأسها للأسفل فلعبت بشعرها بين أصابعي وقلت
" يسعدك هذا الخبر بالتأكيد لكنه لن يسعدها ولن
يكون خيرا على كلينا يا الوسن "
قضيت وقتا معها حتى هدئت تماما ثم خرجت وأغلقت
باب الإسطبل وتوجهت للمنزل ونظرت لساعتي وأنا أصعد
الدرجات فكانت الثالثة بعد منتصف الليل , دخلت وصعدت
السلالم لأفاجئ بوسن واقفة عند بداية الممر المؤدي لممر
غرفتها وكأنها تنتظرني من وقت , كانت تنظر لي بصمت
وسكينة غريبة لأصبح مثلها نتبادل النظرات وكأننا جداران
من هذه الجدران , كنت أنظر لها بشكل مختلف هذه المرة
كشيء يحل لي ويحق لي أفعل به ما أشاء , أراها كزوجة
نعم شعور مختلف جدا رغم كل تراكمات السنين رغم الألم
والجراح أراها بشعور مختلف تماما أما هي فكانت تنظر لي
باستفهام أو استغراب أو لا أعلم ما يكون غير أنها ليست
كنظرتي لها وكأنها تنتظر أن أقول شيئا حتى خرجت من
صمتها قائلة " ماذا فعلت "
بقيت أنظر لها باستغراب فلم أفهم ما تعني بالتحديد حتى
تابعت قائلة " لما لم تجب على اتصالاتي "
نعم فهمت الآن لما تسأل وعن ماذا , قلت ببرود مغادرا
جهة ممر غرفتي " منذ الغد ستنتقلين للطابق السفلي "
بما أنه وليد أخبرني أنه سيخرج فجرا من هنا ووافق أن
أبني له ضمن المخطط ملحقا هنا فسيخرج مؤقتا حتى
ذاك الوقت , أوقفني صوتها قائلة " لا أريد وسأخرج من
هنا يا نواس وطلقني منه فورا كان من يكون "
وقفت دون أن أستدير لها وقلت " وسن دعي باقي هذه الليلة
يمر على خير و صباحا ستنتقلين للأسفل ولن تخرجي "
قالت بحدة " لن أبقى لك لا أريد لقد دمرتني بما يكفي وما يزال
انتقامك لم ينتهي بعد , أي قلب هذا الذي تحمل بين ضلوعك "
ضغطت قبضة يداي بقوة وقلت من بين أسناني " وسن اتركيني
في صمتي لأن كلامي لن يعجبك وإن خطت قدماك خارج
المنزل ستري نواس جديد لم تعرفيه بعد "
ثم غادرت وتركتها لأنهي الكلام عند هنا , هذا ولم تعلم
بزواجي بها فكيف سيكون الوضع حينها , وصلت لممر
غرفتي لأجد مي واقفة عند باب غرفتها وقالت ما أن
رأتني " أين كنت يا نواس لقد شغلتني عليك "
قلت ونظري للأرض مجتازا لها " تزوجتها "
قالت قبل أن أدخل غرفتي " خيرا فعلت "
نظرت لها وأنا أمام الباب ثم فتحت مقبضه وقلت وأنا
أدخل " أتمنى ذلك رغم أني لا أتوقعه "
*
*
عدت جهة غرفتي وفتحت الخزانة وبدأت بإخراج ثيابي ولا
أعلم أين أذهب أو فيما أفكر وأين سيكون المفر فإن زوجني
به فسيعيدني له هنا , لا مكان لي إلا شقة والدي لكنه سيبحث
عني هناك أولا وسيجدني فهوا يملك المفتاح , رميت الثياب من
يدي بقوة فلن أتمكن حتى من الخروج من هنا فكيف سأجتاز باب
المزرعة , جلست بعدها على الأرض وبدأت بتمزيق جميع قمصان
النوم والبيجامات الحريرية وكأني أفرغ غضبي فيها وأمزق حزني
وسنيني ومأساتي , كل ما مررت به في كفة وهذه الليلة في كفة
لوحدها أقسم أنني تعبت ... تعبت ولم تعد لدي أي طاقة للاحتمال
انهرت بعدها باكية ونمت فوق الثياب الممزقة أبكي كل شيء
حتى هم ولم أشعر بنفسي إلا وضوء الشمس يتسلل لعيناي
ففتحتهما لأجد نفسي نائمة على الأرض مكاني فغطيتهما
بكف يدي من قوة ضوء النهار المتسلل من النافذة المفتوحة
ثم جلست أنظر باستغراب للحاف الذي يغطي جسدي ثم
نظرت لباب الغرفة المفتوح وأنا متأكدة من أني أغلقته
هل راضية زارتني هنا يا ترى !! وقفت بعدها بصعوبة
بسبب نومتِ القاسية لأبدأ بجمع الفوضى التي أحدثتها
فوقفت مصدومة قبل أن أبدأ وأنا أرى السوار الذهبي الملتف
حول معصمي فعدلت وقفتي أنظر له باستغراب وأقلب يدي
في كل اتجاه لأفهم ما يجري وما سبب وجوده , ثم أمسكت
بيدي الأخرى ورقة الشجر المتدلية من أسفله وقلبتها أنظر
لها بتركيز .... اسمي نعم هذا اسمي منقوش فيها وكان تحته
تاريخ يعود لأكثر من عامين من الآن , انفتحت عيناي من
الصدمة حين أدركت أن هذا التاريخ كان موعد زواجنا أنا
ونواس قبل أن تحدث كل تلك الأمور التي ألغته , ما الذي
يجري هنا وما معنى كل هذا ! لم آخذ وقتا في التفكير أو لم
أجد له وقتا لأني رفعت نظري للذي وقف أمام باب الغرفة
حينها ينظر لي بصمت ويدي لازالت تمسك الورقة الذهبية
في السلسال وملايين الأسئلة تجول في خاطري وعجز لساني
عن قول شيء وخطواته تقترب مني حتى أصبح أمامي مباشرة
وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى تراجعت وأنا أرى يده تمتد
لحجابي الذي لازال على رأسي منذ البارحة , شلتني الصدمة
وأنا أتابع حركة يده وهوا يزيله عن شعري ثم رماه على السرير
بطول يده وعيناه في عيناي أنظر له بحيرة وبصدمة أتنقل بنظري
بين عينيه العسليتان أحاول ترجمة ما بات يتضح شيئا فشيئا
ويرفض عقلي تصديقه وما أن عاودت الكره وأبعدت شفتاي
لأتحدث حتى تبعثرت الكلمات حين حضن وجهي بكفيه يخلل
أصابعه في شعري ويقرب وجهي إليه ببطء وأنا كالجثة مات
كل شيء بي إلا شفتاي التي ارتجفت بقوة حين أصبحت في
براثن خشونة شفتيه وكأن ثمة من أرسله لهما تحديدا ليصهرني
وينهي الأكسجين ليس من رئتي فقط بل من العالم بأكمله حولي
وهوا يزيد من جنون تلك القبلة المنهكة للروح والحواس وكأنه
يفرغ كل الماضي فيها وأصابعه المنغرسة في شعري تشد
وجهي له بقوة لتخرج شهقتي الموجعة وتنساب دمعتي التي
فهمت أخيرا فظاعة هذا الواقع ومعنى ما يجري الآن فارتخت
يداه حينها وأبعد شفتيه ببطء يتنفس بقوة تعلو معها تفاصيل
صدره العريض وتنزل بتسارع ونظره عاد ليعلق بعيناي
الدامعة ثم سرعان ما أبعد يديه ودار بظهره للوراء وقال
متوجها جهة الباب " غرفتك في الأسفل جاهزة
وستُنزل راضية أغراضك لها "
أغمضت عيناي بقوة لتختفي صورته من أمامي ولم يبقى
سوا عطره ودمعتي , طيف ذكرى ما حدث وارتجاف شفتاي
كان الموقف أقوى مني وأقوى من أن أستوعبه فنزلت على
الأرض مستندة بيداي عليها ورأسي للأسفل وعدت لبكاء
البارحة المجنون ليصلني صوته من عند الباب قائلا
بأسى " توقفي عن البكاء يا وسن توقفي "
جلست وقلت بحرقة وأنا أرمي الثياب بعنف " أكرهك يا
نواس أكرهك هل تسمع .... أكرهك أكثر من أي شيء "
ثم نثرت كل ما كان حولي وقلت بألم " لماذا يا خالتي لماذا
هوا لا يريدني , أبنك لا يريدني يا خالتي لقد دمرتني "
*
*
وقفت بالمقربة من المطبخ وناديت " راضية "
فوصلني صوتها قائلة " قلت لك لا أريد أن أراك فغادر "
قلت بابتسامة " لكني أريد رؤيتك قبل أن أغادر "
لم تجب فاقتربت من الباب فكانت تقف عند المغسلة
تغسل الخضار وتمسح دموعها في نفس الوقت فاتكأت
على الباب وقلت بابتسامة حزينة " روضة لا تلوميني أنا
اعتدت وجودك أكثر منك وسأكون هنا كلها شهور فقط "
قالت بضيق دون أن تنظر لي " كان لي ثلاث أخوة أصغر
مني وأصبحوا اثنين ، لو كنت فقط بقيت ولو من أجل
نواس الذي يترجاك وكأنه يعمل عندك وليس العكس "
قلت بابتسامة " هكذا إذا غاضبة من أجل نواس
وأنا ظننته من أجلي "
نزل حينها نواس من السلالم بخطوات ثقيلة وملامح
غاضبة وهذا هوا مستقبله زوج الاثنتين ، خرج دون
حتى أن ينظر ناحيتي فنظرت جهة راضية وقلت
" نواس تزوج من ابنة خالته البارحة وبالتأكيد
لن يتركها في الطابق مع مي "
نظرت لي بصدمة وقالت " تزوج بمن !! "
نظرت للأرض وتنهدت وقلت " نواس كان خاطبا ابنة
خالته لأربع سنوات ثم حدثت ظروف منذ عامين منعت
ذاك الزواج وهوا على وشك أن يتم والآن تزوجها ولم يعد
بقائي يقبله لا منطق ولا عقل يكفي أني طوال الفترة الماضية
أحرم مي من أخذ حريتها هنا وأحرم ابنة خالته من النزول "
تنهدت ومسحت دموعها وعادت لما تفعل فقلت بعد
تردد " راضية أريد رؤية مي هلا ناديتها لي "
أعلم أنه لا مكان لهذا من الصحة لكني لم أعد أستطيع
تمالك نفسي , هي الأخيرة قبل أن أحرم رؤيتها ما حييت
خرجت في صمت وصعدت السلالم وغابت لوقت
*
*
كان اليوم قاسيا على الجميع على ما يبدوا فالبارحة لم
يغمض لي جفن أفكر في مستقبلي ووسن هنا وفي وليد الذي
سيستل أحشائي ويغادر بها ، ولم يكن غيري أفضل حالا مني
على ما يبدوا ... مِن نواس الذي قضى باقي الليل بين غرفته
وممر غرفة وسن يزوره كل حين وتلك التي لا أعلم البارحة
ما بها واليوم ما أصبحت عليه ، قضيت ساعات أبكي ولا أعلم
من أبكي بالتحديد وكلها أنا العامل المشترك فيها فإن تذكرت
وليد بكيت حضي العاثر وحالي بعد رحيله وإن هربت منه
وفكرت في نواس بكيت تعثر حالي معه وتعثره بي مسئولية
ملقاة على عاتقه إن أحب أو كره وإن فكرت في وسن بكيت
على وجودي كالشوكة في حلقومها وأقسم أنه أسوء المواقف
تنهدت بأسى واستغفرت الله ومسحت دموعي للمرة لا أعرف
كم تكون من كثرتهم على صوت طرقات على الباب فوقفت
من فوري أنظر للباب بصدمة ، لابد وأنها راضية ولا عذر
لي هذه المرة وأستغرب صعودها هذا الوقت المبكر ، فتحت
لها الباب فنظرت لي مطولا حتى أخفضت بصري وقالت
" أعلم أن زواج الزوج بأخرى أمر قاتل أكثر من كونه جارح
لكن هذا قدرك يا مي ونواس لن يظلمك تأكدي من ذلك "
ابتسمت بألم وقلت " شكرا لك يا راضية أنا أفهم ذلك جيدا "
قالت مغادرة " وليد طلب منى أن أناديك هوا ينتظرك في الأسفل "
تبعتها بنظراتي المصدومة وهي تبتعد وتمنيت أن بقت قليلا
لتعيد ما قالت فأنا لم أستوعب بعد كلامها وكأنني فهمت ما
قالت بشكل خاطئ أو خيل لي ذلك وهوا غير صحيح , بعد
قليل تحركت من مكاني ولبست حجابي ونزلت لأكمل باقي
مأساتي وأودع من هربت من رؤيته لوقت لأعتاد غيابه
وصلت للأسفل وكان هوا جهة باب المطبخ منشغل بالتحدث
مع راضية ووقعت عيناي على حقائبه عند الباب فأمسكت
دموعي بشق الأنفس واقتربت منه بخطوات بطيئة وعيناي
لا تفارق ملامحه حتى وصلت وانتبه لقدومي فهربت بنظري
فورا للأرض فقال مباشرة " أنا آسف يا مي أردت فقط
توديعك قبل ذهابي وإن احتجتِ شيء لا تترددي أبدا في
طلبه مني رقم هاتفي لدى راضية "
لم أتحدث بل لم أستطع قول شيء لأن حلقي كان يحترق
كالنار من إمساك دموعي فقال " مي "
رفعت نظري له لتتحول نظرته للاستغراب عاقدا حاجبيه
فأبعدت وجهي جانبا بسرعة فقال بنبرة غريبة يشوبها الحزن
" مي لن يظلمك نواس وإن تزوج بثلاث وليس واحدة
أعلم أن زواجه المفاجئ كان قاسيا عليك لكنه له ظروفه
التي تحكمت به ولا تنسي ما قلت لك لا تتركي أحد يهينك
وينزل من كرامتك فقط اتصلي بي وسأتصرف في الأمر "
ابتسمت بألم على الواقع الذي لو يعلمه لحار يبكي أم يضحك
لو يعلم أن دموعي لم تنزل إلا بسبب فراقه وحالي المأساوي
لما كان هذا كلامه , رأيت خطواته تبتعد وكأنه يسير على
قلبي ويمزقه فتبعته دون شعور مني منادية " وليد "
فالتفت لي وهوا عند حقائبه ووقفت أمامه أنظر لعينيه
بضياع ثم قلت " لما لم تخبرني سابقا بأمر خطبتك لي "
ضاعت حدقتاه بين عيناي وكأنه صدم من كلامي أو لم
يتوقعه فأنزلت رأسي وتابعت لأن ما حدث حدث وتكلمت
فالأكمل ليرتاح قلبي , تحدرج صوتي وهوا يخرج قائلة
" لما لم ترجع لخطبتي بعد الحادثة وأنت لم تصدق ما قيل "
قال بعد صمت " ما مناسبة هذا الكلام يا مي "
رفعت نظري له مصدومة ولم أعرف ما أقول فمعه حق
أنا في نظره الآن زوجة صديقه فلما السؤال عما فات
أبعدت نظري وقلت " أردت أن أعلم فقط "
رفع حقائبه وقال " لن أستطيع فتح قلبي لك يا مي وأتمنى
لك السعادة فنواس رجل يثقل بالذهب ويستحق مشاعرك نحوه "
ثم غادر هكذا بكل بساطة وتركني أتلاطم مع مشاعري
ليته بإمكاني أنا فتح قلبي لك يا وليد لتعلم أني أيضا
أحبك ومن سنين طوال لا يعلمها أحد ولا حتى أنت وكل
ما أخشاه أن أقف موقف وسن وأراك تتزوج بغيري
*
*
بعدما أفرغت باقي غضبي في بقايا الثياب توجهت للسرير
وارتميت عليه أبكي بحرقة وأتذكر كلماته حين قال
( لولا وعدي لوالدتي ما زوجتك به )
( حرريني من وعدي لها وأزوجك بسليمان )
( سأزوجك به الليلة لننتهي من هذه المهزلة)
تكورت على نفسي أشد بذراعاي على معدتي بقوة من الألم
وأنا أفكر فقط في أنه تزوجني من أجل وعد بينه ووالدته
فقط لأنها أخذت منه عهدا بذلك وهي تموت وإلا ما كان
تزوجني , يكفي وجعي أني الزوجة الثانية ليزيده هذا
تخيلت كل شيء إلا أن يكون هوا ذاك الزوج فلو كنت
أعلم لما طلبت منه فعلها وبقيت حياتي بلا زواج فكرامتي
فوق حبي له وفوق كل شيء فليس وحده يملك كرامة يحسب
لها ألف حساب , ليته زوجني بذاك ولو كنت سأعيش معه
هنا , كان سيكون أرحم من هدر كرامتي هكذا وأرحم منه
جلست بصعوبة وأمسكت علبة الحبوب وأخرجت منها واحدة
هذا المسكن قوي ولم أستعمله سابقا لكني سأموت إن لم يخف
هذا الألم ولو قليلا , بعد وقت دخل عليا أحدهم الغرفة وأنا
نائمة على السرير أخفي وجهي في ذراعي ووصلني
صوت راضية قائلة " وسن "
قلت دون أن أرفع رأسي " نعم "
قالت وهي تتحرك في الغرفة ويبدوا تجمع أشلاء الثياب
" سأنقل أغراضك لغرفتك في الأسفل , هي الغرفة الأخيرة
في الممر فالأولى سينزلون لها مكتب نواس "
لا اعلم لما مكتبه ملتصق بي دائما من أخبره أني مكتبة أو
أني سأهرب منه ثم كيف تكون غرفة بجوار مكتب قد يدخله
أي أحد من أصدقائه أو زائريه من تجار الخيول , قالت
وهي تغادر " سأرمي هذه وأعود لأنزل ثيابك وكتبك "
جلست بعدها وجمعت شعري وأمسكته بمشبك لتتساقط
خصلاته من جانبيه فدسستها وراء أذني على صوت رنين
هاتفي فنظرت للمتصل فكانت ملاك فتركته ودخلت الحمام
غسلت وجهي مرارا وتكرارا وكأني أوقظ نفسي مما أنا فيه
ثم نشفته بالمنشفة وخرجت ووجدت راضية عند الخزانة
تخرج الثياب فقلت " وأين صديق نواس الذي يعيش في الأسفل "
قالت وهي منشغلة بما تفعل " ترك المنزل منذ الفجر ولم
يعد هنا أحد غيرنا والرجل الوحيد هوا زوجك "
شعرت بلكمة قوية ضربت قلبي من كلمتها , أنا زوجته
نعم ونواس زوجي يالا السخرية , كم تمنيت هذا الأمر
وحلمت به وكم تمنيت تلك القبلة الأولى منه وانتظرتها
ولم أتخيلها هكذا وبذاك الشكل وذاك الوجع وأن تكون
مختلطة بالدموع فلم أشعر حينها بشيء سوا أنني أختنق
هززت رأسي بقوة وتوجهت جهة هاتفي الذي عاد يرن
بإصرار ورفعته وأجبت قائلة بضيق " ملاك يالك من
مزعجة لو أردت أن أجيب لأجبت من أول مرة , لن آتي
اليوم ولا الغد ولا أعلم متى وليثه يصلك خبر موتي قبلي "
جاء حينها صوت رجولي قائلا " انزلي لغرفتك ولا
تخرجي العمال سيصعدون بعد قليل "
ثم أغلق الخط فأبعدت الهاتف عن أذني أنظر له بصدمة
يالي من غبية فكرت أنها هي وأجبت دون حتى أن أنتبه للاسم
تأففت وحملت بعض الأغراض مع راضية وغادرت الغرفة
ونزلت للأسفل وأوصلتني حيث قالت أنها غرفتي وفتحت
الباب ودخلت قبلي قائلة " سأنزل البقية وأرتبها
لا تتعبي نفسك بها "
لم أجبها لأن نظري كان معلقا بالسرير الواسع المعد
لشخصين , أين سافر به خياله ذاك المغفل لن ينام معي
هنا ولو ذبحني ولا أعتقد أنه يفكر بها وقد يكون هذا تمويه
فقط لمن اشترى الغرفة ووضعها هنا فقد يكون صديقه ذاك
جلبت راضية باقي أغراضي وأصررت عليها أن أرتبها
بنفسي وقضيت باقي اليوم في غرفتي لم أخرج منها أبدا بل
ولم أترك سريري هربا من ماذا لا أعلم ومؤكد من واقعي
*
*
وقفت أراقبهم من بعيد فشعرت بيد على كتفي وقال صاحبها
دون أن أنظر إليه " هل كل هذا حزن على فراق وليد
سيكون هنا كل يوم أم أنك غاضب منه "
نظرت للأسفل وقلت " لا هذه ولا تلك "
ربت على كتفي مرتين ثم ابتعد في صمت وكأنه يتعمد
عدم التدخل , لا أعلم إن كان صحيحا ما فعلته أم لا ؟ ما
أعرفه أنه لن يجلب سوا مزيدا من المتاعب وأولهم ما أنا
فيه الآن ولا أعلم سببه هل كلمات الكره التي قتلتني بها أم
تلك القبلة الغبية التي لا أعلم كيف فقدت عقلي وفعلتها
فما أن رأيتها أمامي تنظر لي بصمت وأبعدت شفتيها حتى
سقطت كل حصوني ولم يعد لي مطلب إلا تلك الشفتين ولولا
شهقتها تلك ما كنت تركتها قبل أن أروي عطش السنين جميعها
أخرجني رنين الهاتف من أفكاري وخيرا فعل , نظرت للمتصل
فكان جواد فأجبت من فوري وقال " هل أفك الحصار
أم ليس بعد , شقيقتها ستأكلني حيا "
قلت بابتسامة جانبية " اتركها تكلمها لقد انتهى كل شيء "
قال بما يقارب الهمس " تزوجتها !! "
عدت بنظري للأرض وقلت ببرود " نعم البارحة "
قال بعد صمت " وما كانت ردة فعلها "
رفعت رأسي وشردت بنظري للبعيد وابتسمت بسخرية
وقلت " ما ستكون برأيك , أخف ما فعلته أن قالت لي
بأنها تكرهني أكثر من أي شيء "
تنهد وقال " ظننت أن هذا سيحسن الأمور لا أن يعقدها "
قلت بهدوء " كيف يحسنها وهي تراني تزوجتها
من أجل وعدي لوالدتي "
قال من فوره " والحقيقة يا نواس ؟؟ "
أخفضت رأسي مجددا وأغمضت عيناي وقلت بحسرة
" لعن الله الحب يا جواد فأن تحبها كل سنين حياتك
شيء وأن تكون ملكا لك بين يديك وبعيدة عنك شيء
آخر أقسى من الموت البطيء "
قال بهدوء " توقف عن تعذيب نفسك يا نواس وجدا
حلا لما بينكما كي تستطيعا العيش معا باقي
حياتك ولا تنتهيا للطلاق "
قلت ببرود " لن أطلقها مهما فعلت فلتبقى هكذا حتى
تضع عقلها في رأسها لنعرف كيف نحل مشاكلنا "
قال " ماذا عن مي ماذا كانت ردة فعلها "
ابتسمت بألم وقلت " مي أكثر من يشعر بي وأكثر من
يشغلني يا جواد فهي التي ظلمتها في كل هذا ولن
يرتاح لي بال حتى ترتاح هي "
تنهد وقال " لا أفهمك يا نواس , ما تقصد بهذا "
ابتعدت عن هناك قائلا " لا تشغل بالك كثيرا
وداعا الآن عليا المغادرة "
قال " وداعا وسأرسل لك رقم الطبيب الذي
حدثتك عنه من أجل وسن "
قلت " أجل وبسرعة لأني رأيت نوعا جديدا من
المسكن لديها وأقوى من السابق بكثير "
قال " حسنا .... وداعا "
دخلت المنزل وتوجهت لمكتبي لأخذ الأوراق من هناك
فتوقفت حين وجدت وسن تقف متكئة بجدار الممر تحمل
كوبا في يدها ولا أفهم سبب وقوفها هنا وسبب ما في يدها
أخفضت نظرها عني ودست خصلات شعرها الأسود خلف
أذنها وأنا عيناي ماتت هناك وكأني أراها للمرة الأولى بل
وكأن لا أحد قبلي عشق وأحب وتزوج , لم تعد لي أي سيطرة
عليهما وهما تحدقان فيها ونظرها للأسفل ملتصقة بكتفها على
الجدار تحرك يدها التي تمسك بها الكوب وأنا ارسم بنظري
أدق تفاصيلها وأنسى كل ما قالته , كل تلك الشتائم وعبارات
الكره التي قالتها تبخرت من ذاكرتي وكأنها أمامي وسن أخرى
لم يخرج كل ذاك من شفتيها وأكبر دليل الكلمات التي خرجت
مني دون أذن قائلا بقلق " وسن هل تشعرين بشيء "
اتكأت برأسها على الجدار ونظرها لا زال للأسفل
وقالت بعدما أمالت ابتسامة ميتة على شفتيها
" نعم أشعر بقلبي يموت والسبب أنت "
قبضت على يدي بقوة وأشحت بوجهي جانبا كي لا تتغير
تلك الصورة في عيناي فبقدر ما كانت تلك رائعة هذه
جارحة ومعذبة , قلت ونظري بعيد عنها " أطوي
الصفحات يا وسن فتقليبها لن ينفع في شيء "
وصلني صوتها قائلة بسخرية " هنيئا لك يا ابن خالتي أنت
المنتصر دائما وأنا الخاسرة , لو لم يكن الله من يرسم لنا
أقدارنا لقلت أن من فعل كل هذا ليس بعادل أبدا "
رفعت نظري لها مجددا فكانت على حالها متكئة على الجدار
بكتفها ورأسها , وفقط يدها أنزلتها للأسفل تمسك طرف الكوب
الفارغ بإصبعين من أصابعها وتحركه للأمام والخلف , كم
عشقت كل حياتي حركاتها الطفولية هذه وكم كنت أراقب
كل تصرفاتها حين أزورهم أو تزورنا وأعشق أن أوزع
تصرفاتها ... هذا لحبيبتي وسن الطفلة وهذه لحبيبتي وسن
المرأة وأصبحت هناك ثالثة الآن وهي وسن الحاقدة , وها
هوا ذا التصرف لوسن حبيبتي الطفلة , توجهت نحوها ووقفت
أمامها مباشرة واتكأت مثلها على الجدار بكتفي ورأسي وقلت
ونظري عليها " ليتك لا تفارقيها ... ليتك تبقين أنتي ولا
تتحكم تلك الجديدة بها "
رفعت حينها نظرها لي باستغراب فأبعدت رأسي عن الجدار
وأبعدت نظري عنها أنظر للفراغ خلفها وقلت بابتسامة حزينة
" أعشقها يا وسن ليتك تعلمين كم يكون ذلك وظننتها
ماتت من سنوات لكني اكتشفت أنني أخطأت "
ثم عدت بنظري لها فكانت نظرات الاستفهام لديها زادت
فعدت متكأ برأسي على الجدار ومددت أصابعي للخصلة
التي تمردت على وجهها من جديد ودسستها خلف أذنها
وقلت ونظري على يدي " فشلت في أن أحيي تلك وأحافظ
عليها وفي أن أقتل هذه ولو في داخلي .... نعم
فشلت وأنتي السبب يا وسن "
أوقعت حينها الكوب من يدها ورفعتها ليدي وأبعدتها
عنها وقالت " لم أفهم من هذيانك شيء لكن ما أفهمه
جيدا كلامك السابق عن أنه لولا عهدك لوالدتك ما تزوجتني
وأعلم أنك لن تفكر في أن تعتذر عما قلت ولا تفكر في ذلك
يوما لأن اعتذارات العالم كلها ما كانت ستكفي وتجعلني
أنساها , ليته فقط تبرد نارك المشتعلة مني من أكثر من
عامين لعلك ترحمني ولو من وجودك بقربي "
ابتعدت حينها عن الجدار وقلت متوجها جهة مكتبي
" ليتك أنتي فقط تتوقفين عن قول الحماقات يا وسن "
ثم دخلته وأغلقت الباب خلفي كي أبتعد عهنا ولا أتهور كالمرة
السابقة ونستمر هكذا هي تهديني الكلام المسموم وأنا أقابله
بالقبلات المتلهفة المتعطشة وكأني أكافئها على إهانتي
*
*
دخل مكتبه وأغلقه خلفه ليتركني ككل مرة بقايا من جراح
انفتحت من جديد وهي لم تلتئم بعد , نزلت للأرض ورفعت
الكوب وتوجهت للمطبخ لأني كنت ذاهبة إليه ورجعت حين
رأيته يقترب من بعيد ووقفت أنتظره ظنا مني أنه سيصعد
للأعلى وليس سيأتي هنا ويجدني , وضعت الكوب هناك
وعدت لغرفتي ولم أغادرها حتى المساء حين طرق
أحدهم باب الغرفة وفتحه وهي راضية بالتأكيد وقالت
" وسن العشاء جاهز "
قلت معطية ظهري لها " لا رغبة لي شكرا "
قالت " أنتي لم تأكلي شيئا اليوم بطوله لن ينفعك أحد
إن ضاعت صحتك "
قلت بهدوء " إن رغبت شيئا سآكل وحدي تأكدي"
لم تضف شيئا وأغلقت الباب وغادرت وما هي إلا لحظات
وانفتح الباب دون طرق هذه المرة ووصلني صوت نواس
قائلا " وسن أخرجي لتناول العشاء "
لم أجب فتأفف وقال " توقفي عن التصرف كالأطفال
ما تريدينه وفعلته ماذا بقي بعد "
شددت اللحاف على جسدي وقلت ببرود " لو علمت به ما
تركتك فعلته فلا تعتقد أنك تجرحني لأنه لم يعد يؤثر بي "
قال بحزم " وسن تخرجي الآن أو قسما أخرجتك بنفسي "
جلست وقلت بحدة " هل الطعام أيضا بالإكراه
لا رغبة لي قلت لكم "
قال بغضب " لا ترفعي صوتك علي يا وسن
واحترميني كزوج على الأقل "
رميت اللحاف من علي وقلت بسخرية وأنا أغادر السرير
" نعم هذا المكسب الوحيد لك من هذا جملة احترميني فأنا زوجك "
غادر أمامي يستغفر ويتأفف فأبعدت خصلات شعري عن وجهي
وعدلت البيجامة الحريرية على جسدي بل نفضتها نفضا بتأفف
وخرجت حيث طاولة الطعام وما أن دخلت حتى وقع نظري
في نظره جالسا هناك وزوجته بجواره فأبعد كل واحد منا
نظره عن الآخر واقتربت ببطء وأخذت طبقا لي وجلست
في أبعد كرسي عنهما أتجنب النظر ليس له فقط بل لزوجته
أكثر منه , جلست أبعد خصلات شعري خلف أذني وأغلقت
زر البيجامة الذي اكتشفت انه كان مفتوحا , حركت الأرز
بالملعقة لوقت ثم تناولت لقمتين وبقيت أمضغ كل واحدة منهما
حتى تفتت في فمي وقال نواس " عصام متى قال سيأتي "
رفعت نظري جهته فكان ينظر لطعامه ومي تنظر له
وقالت " في الغد ولن تدركه لأنه سيأتي وقت ذهابك "
عدت بنظري لطبقي وقال " أخبريه يؤجلها قليلا
أريد أن أكون هنا "
قالت بهدوء " سيعذر انشغالك وتتقابلا في وقت آخر "
قال من فوره " عليا أن أكون في استقبال أهلك يكفي
لا أهل لي أستقبلهم ومن بقي منهم يكرهني "
نعم جرحتك كلماتي وتنسى كلامك المسموم الذي تجرحني
به كل وقت , إن كان ثمة من يحق له كرهك فهوا أنا
وليته يكون ذلك فسأدفع عمري ثمنا لمن يجعلني أكرهك
وضعت مي الملعقة ووقفت مغادرة من أمامي وأنا أتبعها
بنظري , غريب أمرها وكأنه ليس زوجها وتزوج عليها اليوم !
تتكلم معه بأريحية وكأن شيء لم يكن !! وأستغرب أكثر من
ملابسها فهي لا ترتدي إلا ملابس محتشمة رغم أنه لم يعد
أحد هنا ولا حتى قريبها ذاك ونادرا ما ترتدي كمان قصيران
يصلا للمرفقين ودائما ملابسها فساتين طويلة , نظرت
لصحني ورميت كل تلك الأفكار من رأسي فلم يبقى سوا
أن أفكر في ملابسها فقد يكون ذوقها هكذا المهم أني
تحررت من الحجاب والملابس الطويلة وهذا المكسب
الوحيد من هذا الزواج الكارثي , لا أصدق أني صرت
زوجته لما لا أشعر بالسعادة ! هه وياله من سؤال غبي كيف
سأسعد وهوا تزوجني من أجل وعد قطعه لوالدته ولكي يريح
رأسه من كلامي كما يقول ونهايتها يتبجح علي بأني أنا من
أراد هذا وطلبه , بقي أن يقول أني ترجيته ليتزوج بي
" كلي جيدا "
رفعت نظري لصوته الذي أخرجني من أفكاري وكان ينظر
لصحنه ويأكل ثم تابع دون أن ينظر لي " لن تقومي حتى
تأكلي جيدا فتلكم الملعقتين لن تخدعي بهما إلا نفسك "
تأففت بصوت مسموع ثم قلت " راقب زوجتك واتركني وشأني "
رفع كوب العصير وشرب منه ثم قال وهوا يعيده مكانه
" وما الذي كنت أفعله برأيك ... أراقب زوجتي كما تقولين "
قلت بضيق " نواس ما تريده بكل هذا "
عاد لتناول الأرز وقال ببرود " كم بقي على تخرجك "
أكلت الملاعق متتالية ثم رميت الملعقة ووقفت وقلت
" إن كان ما تفعله لآكل فها قد فعلت وإن كان من
أجل أمر آخر فأجله للغد رجاءا "
ثم قلت مغادرة " ولا أعتقد أن أمر دراستي بات
يعنيك يا زوجي العزيز "
ثم توجهت للغرفة ودخلت وأغلقت الباب بعدي بقوة
على صوت رنين هاتفي ولابد وأنها ملاك هذه المرة
توجهت ناحيته وحملته وتأكدت من الاسم فسأحرم تكرارها
مجددا , أجبت عليها فقالت مباشرة " وسن ما بك تحبين
إقلاقي عليك , لو لم تجيبي كنت سأزورك في المزرعة غدا "
قلت بسخرية " نعم تحججي , كله لتري حبيب القلب "
ضحكت وقالت " يالا سخافتك لم أفكر بها مطلقا "
ثم تابعت بقلق " شغلتني عليك مآبك وما به صوتك
هكذا وكأنك مغصوصة بحجر "
ابتسمت بحزن وقلت " ليته كان حجرا بل هي
شوكة مشتعلة يا ملاك "
قالت من فورها " ما بك وسن ماذا حدث "
قلت بحسرة " تزوجت يا ملاك هل تصدقي "
قالت بدهشة " كيف ومتى ومن !!!! "
جلست على السرير وقلت " كيف لا أعلم ومتى آخر
ليلة البارحة ومن ... هذا ما يكسر ظهري "
سكتت لوقت ثم قالت " هل زوّجك بعجوز "
ابتسمت بألم وقلت " كان أرحم لي "
تأففت وقالت " وسن تكلمي بوضوح أو قولي أنها مزحة "
تنهدت وقلت " تزوجته هوا "
شهقت بقوة حتى ظننتها ماتت ثم قالت " نواس تزوجك "
قلت ببرود " نعم "
انفجرت ضاحكة فقلت بضيق " نعم أضحكي هذا
ما أنتظره منك , الحق علي حكيت لك "
قالت " يالا المفاجأات وأخيرا تزوجتما ياله من خبر سار "
قلت بحدة " ملاك ما أسخفك لم يكن الأمر إلا من أجل وعد
قطعه لوالدته وكان يماطل طوال الوقت كي لا يفعلها وأنا
من غبائي أضنه شخص آخر وألح عليه أن
يزوجني به لأبتعد عن هنا "
ضحكت وقالت " أقسم أن هذا تعجز أمامه حتى الأفلام
والمسلسلات تطلبين منه أن يزوجك لنفسه لتتخلصي منه "
قلت ببرود " وما أدراني أنا به اللوم عليه لما أخفى عني
لَما كنت طلبتها منه ما حييت فأن أبقى عانس أرحم لي
من هذر كرامتي بهذا الشكل "
تنهدت وقالت " أتمنى أن يكون في هذا حلا لمشاكلك
يا وسن لا أن يعقدها أكثر "
قلت بسخرية " آمنت أنه لا حل لمشاكلي "
قالت بنبرة فيها خبث " وأين زوجك عنك حتى
الآن صرنا بعد العاشرة "
قلت بحدة " ملااااك "
ضحكت وقالت " أعانه الله عليك "
تأففت وقلت " اتركينا من كل هذا وأخبريني عنك "
قالت من فورها " لا جديد لم أتصل بالبرنامج منذ ذاك اليوم
لأزيد من فضوله والليلة ستكون الجولة الثانية "
قلت ببرود " أتمنى أن لا يكون حظك كصديقتك
وأن لا يكون كصديقه "
قالت بصوت مبتسم " وما به حظي إن كان مثل
حظك وما سينقصه إن كان كصديقه "
قلت بسخرية " لا شيء فقط من تعاستي "
ضحكت وقالت " لا أعلم لما أشعر أن هذه الخطوة
ستجلب لك المسرات "
تنهدت وقلت بحسرة " لن يشعر بي أحد أقسم أن
قلبي يشتعل كالبركان "
قالت بهدوء " وسن اهتمي بصحتك ولا تفكري في
شيء غيرها ومبارك لك صديقتي رغم أني تمنيت
أن كان لك حفل زواج كغيرك "
ابتسمت بحزن وقلت " مبارك على ماذا وحفل من أجل
ماذا , أنا نسيت السعادة منذ أكثر من عامين "
تنهدت وقالت " لا فائدة ترجى منك ونصف تعاستك
بسببك , نواس يحبك وتعلمين ذلك جيدا "
قلت بسخرية " من يحب لا يتصرف هكذا يا ملاك ويبدوا
لم يكن يحبني منذ البداية ووحدي كنت أعيش عالم خيالي
فمن يحب لا يتزوج بأخرى ثم يتزوجني كفرض
فُرض عليه وإلا ما كان فعلها "
قلت بضيق " ومن يراك أنتي ما يقول غير أنك تكرهينه
بينما العكس صحيح , برنامجي سيبدأ وداعا الآن
ونلتقي غدا إن لم تقررا شهر عسل "
قلت بامتعاض " يالا مخيلتك وسذاجتك أي عسل وأي
بطيخ سأكون في الجامعة غدا وباكرا , لا يمكنني ترك
المحاضرات تتراكم علي أكثر من هكذا "
قالت من فورها " وداعا إذا ونلتقي في الغد "
أنهيت المكالمة معها وأنزلت الهاتف لحجري وتنهدت بأسى
ثم رميته على السرير وفتحت النافذة لأجد ساحة الخيول
أمامي فيبدوا أني صرت في الممر الذي تحت غرفتي وهذا
يعني لا نافذة تفتح إلا في الليل , ما هذه التعاسة المجتمعة
أطفأت النور وجلست عند النافذة متكئة عليها أراقب السكون
ولا شيء غيره , أين أنتي يا خالتي لتري ما يفعل ابنك بي
لماذا فعلتِ بي هذا لما ؟ لما لم تفكري في عواقب الأمر
خبئت وجهي في ذراعي المتكئة بها فسمعت نافذة أخرى
تفتح قريبة من هنا ثم صوت نواس ويبدوا يتحدث في
الهاتف قائلا " نعم لعلي أبارك لك أنا أربع
مرات يا سليط اللسان "
سكت بعدها لوقت ثم قال " لو كان الأمر علي ما
تزوجت من أساسه هل تضنها مفخرة "
قال بعدها " لا سنؤجلها لبعد الغد لأن شقيق زوجتي سيزورنا "
قال بضيق " معاذ لست في مزاج لدعاباتك تعلم أن
الأخرى لا أشقاء لها فمن ستكون برأيك "
ابتعد بعدها صوته ويبدوا ابتعد عن النافذة ونزلت دمعتي
ودسست عيناي في كمي كي لا تلحقها الأخرى , حسنا أنا
وفهمناها تزوجني مرغما ومقيدا بوعد , الأولى تزوجها
بمحض إرادته واختياره أم أنه قطع عهدا بها لوالدته أيضا
توجهت لسريري وشغلت المذياع في هاتفي لأستمع لبرنامج
ملاك لعلي أبتعد عن همومي ولو قليلا , كانت ثمة متصلة
تشكي وتبكي وانتهت ودخلت أخرى أسوء من التي قبلها
ما كل هذا البؤس ! تلك الحمقاء ملاك هل ينقصها تعاسة
بعد عدة مكالمات قال المذيع " وها هي ملاك تذكرتنا أخيرا "
ضحكت وقالت " مرحبا صفوان كيف حالك "
قال بصوت مبتسم " مرحبا ملاك أين كل هذا الغياب "
قالت " كنت أستمع لكم كل حلقة بوقتها وإن
لم أتصل فقلبي معكم دائما "
هذه الخبيثة أعان الله ذاك الشاب عليها , قال المذيع
" إذا عنوان الحلقة رسالة ولمن توجهيها "
قالت " وأنا من أجل العنوان اتصلت , أوجه رسالتي
لمن سيفقدني عقلي بسبب جنونه في القيادة وكأن
لا أحد يريده في هذه الحياة "
ضحكت رغم بؤسي وتعاستي , هذه المغفلة ستأتي بأجلها
بالتأكيد وإن اكتشف من تكون فلن يرحمها , قالت بعدها
" وأبشركم أن أمية المساء تلك الحلقة تحققت أخيرا "
قال المذيع ضاحكا " ليتك تمنيتي مليونا إذا "
قالت بهدوء " تحقق تلك الأمنية أهم عندي من كل
ملايين الدنيا وداعا وليلة سعيدة للجميع "
قال " وداعا ولا تغيبي عنا طويلا "
انتظرت بعدها صديق نواس ليتصل لكنه لم يفعلها ويبدوا
سيلعب ذات لعبتها وينقطع عن البرنامج , نظرت بعدها
للساعة فكانت الواحدة , كم تضيع تلك الغبية من وقت
ساعتين كاملتين تستمع لشكاوي غيرها , ضبطت منبه
الهاتف ووضعته على الطاولة واستلقيت على السرير
أرتجي النوم أن يأتي , حاولت أن لا أفكر في شيء ولم
أنجح حاولت حتى أن أفكر في أمور تافهة لا تخصني وبلا
فائدة أيضا ومضى الوقت وأنا أتقلب كالسمكة في المقلاة
سمعت بعدها صوت الباب انفتح بهدوء وأنا معطية ظهري
له فجمدت كل حواسي عدى السمع , مؤكد هذا نواس لكن
ما جاء به وما يريد ! قد تكون راضية أو حتى مي , وكان
من يكون ما جاء به هذا الوقت , حرك علبة المسكن من
على الطاولة ويبدوا رفعها ثم فتحها وأخرج كل ما فيها
وأعادهم واحدة واحدة للعلبة وكأنه يعدها ثم أعاد العلبة على
الطاولة واقتربت خطواته من السرير وجلس عليه فتصلبت
جميع مفاصلي من الخوف أو التوتر أو لا أعلم ما يكون ذاك
هذا عطره هوا نعم لن أخطأه أبدا , ما يريده بي ويجلس عند
سريري ! لا يكون يريد النوم هنا وترك زوجته , رفع شعري
للخلف بهدوء فأغمضت عيناي أدعي النوم وتنفسي يتوتر مع
حركة أصابعه وهي تبعدهم خصلة خصلة لتسري ارتجافه على
طول عمودي الفقري وأنا أشعر بشفتيه وأنفاسه على عنقي فكتمت
تنفسي وأغمضت عيناي بقوة لأني عند هنا انتهيت وعند هنا
تخلى عني كل شيء من حولي , زدت من الضغط على عيناي
متمنية فقط أن يبعد شفتيه ويرحمني ثم فتحتهما على اتساعهما
من الصدمة وأنا أسمع الكلمات التي همس بها
*********************************************