لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-15, 11:16 PM   المشاركة رقم: 1911
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 296080
المشاركات: 72
الجنس ذكر
معدل التقييم: مالكا قلبي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مالكا قلبي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

👏👏👏
شكرااااااا جزيلاااااا علا الهديه

متي تنزل الفصول

 
 

 

عرض البوم صور مالكا قلبي   رد مع اقتباس
قديم 18-07-15, 11:33 PM   المشاركة رقم: 1912
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jan 2015
العضوية: 286806
المشاركات: 303
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى سعد عضو على طريق الابداعمنى سعد عضو على طريق الابداعمنى سعد عضو على طريق الابداعمنى سعد عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 315

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى سعد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثالث والعشرون)

 

رائع ميشو ذكرتني بمقتطفات المسلسلات قبل شهر رمضان الى بتزيد شوقنا لمتابعتها
انا منتظره الفصول ميشو وكل عام وانتي بالف خير وشكراا على الهديه

 
 

 

عرض البوم صور منى سعد   رد مع اقتباس
قديم 19-07-15, 12:22 AM   المشاركة رقم: 1913
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثالث والعشرون)

 
دعوه لزيارة موضوعي

نواس .. مع خالص حبي و احترامي و اعجابي و القلوب اللي طلعت من عيوني و كلمات التشجيع لك و وسن .. علما ياصلك و يتعداك .. اذا صدق كنت بتضرب وسن .. باشوتك علي طول للستة السوداء مع جابر الفار و باعلنها حرب ...

اتوقع نواس بيفهم سؤال سما عن معاذ بشكل خاطئ ..

مدري ليش احس ان الوسن اخرها بيذبحها نواس ..

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 19-07-15, 01:26 AM   المشاركة رقم: 1914
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
محرر مجلة ليلاس

البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190966
المشاركات: 20,103
الجنس أنثى
معدل التقييم: تفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 11911

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تفاحة فواحة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثالث والعشرون)

 








الفصل الرابع والعشرون










كان تنفسي يعلو شيئا فشيئا وأنا أركز على عيناها الواسعة

وأرى صورتي فيهما , هل الخيول لا ترمش أم أن هذه الفرس

تنظر لي بدون أن تحرك رموشها ! بعد قليل أنزلت رأسها

للأسفل وكأنها ستأخذ شيئا من الأرض ثم رفعته ونظرت لي

مجددا وكررت الحركة مرة أخرى وأنزلته قليلا ثم رفعته

وعادت تنظر لي وقوة ما جعلتني أقترب منها بخطواتي

يبدوا هدوئها أو نظراتها المركزة على عيناي أو لا اعلم

لما , لم يسبق وتعاملت مع أي حيوان أليف واقتربت منه

وأنا خائفة منها حقا لكن شيء ما يشدني للاقتراب وما أن

وصلت عندها حتى قربت مقدمة رأسها من صدري فعدت

للخلف بشهقة وفزع وقلبي ينبض بشدة من الخوف لتحرك

رأسها يمينا ويسارا ويصدر منها صوت صهيل خفيف لمرة

واحدة فقط وعادت لهدوئها وللنظر إلي فجربت الاقتراب

ثانيتا هذه المرة وأنا أتوقع اقترابها وليس كالمرة الأولى

وما أن صرت عندها حتى عادت خطوة للخلف وكأنها

خشيت أن أخاف منها مجددا , فبقيت أنظر لها بحيرة فغريب

أمر هذه الفرس !! مددت يدي لها وكأني أقول لها تعالي

وهي على حالها تنظر لي بهدوء فهمست لها بصوت

مرتفع قليلا " لن أخاف منك هذه المرة "

وبالفعل اقتربت مني ووضعت فمها في يدي , كنت خائفة

حد الجنون لكني تماسكت كي لا تجفل مجددا , أحسست بلسانها

على يدي فضحكت وأبعدتها ولمست بها جانب وجهها لتفاجئني

بحركتها بالأمس مع نواس لتدس رأسها في حضني ولم أشعر

بنفسي إلا وأنا أحضن رأسها بيداي الاثنتين لا أعلم إن كان

هذا الشعور ينتاب الجميع لكني شعرت الآن أني أحضن شخصا

يعرفني ويفهمني , قد أكون رئيت فيها حضن نواس الذي تتمتع

هي به أو لأنها تحمل نفس اسمي , مسحت على وجهها واتكأت

عليه بخدي وجانب وجهي وهمست بحزن " الوسن "

لتنزل الدموع التي أسجنها طوال الساعات الماضية منذ

تشاجرت معه وكأني انتظر أن يحضنني أحدهم لأعطيها

الصراح , وكأني أحضن خالتي أو فرح فوحدهما من كنت

أبكي وأتحدث في حضنهما , تمسكت بها بقوة وقلت من بين

دموعي " لما يعاملني هكذا يا الوسن لما لا أنساه وأكرهه "

خرج منها نفس كالزفير فأبعدت وجهي ونظرت لها

وابتسمت بحزن ثم مسحت دموعي وقبلتها بين عينيها ولا

أصدق أنني أول مرة أقترب من حيوان وبهذا الحجم

عادت تنظر لي بتركيز فمسحت بيدي على وجهها

وقلت بابتسامة حزينة " هل تعلمي متى قتلني نواس "

نزلت دمعتي واتكأت على وجهها مجددا وقلت بأسى

" حين تزوج بغيري وتركني "

ثم حضنت عنقها بذراعاي وتابعت بعبرة

" والآن جلبني لأعيش معها "

دست رأسها في صدري أكثر فمسحت على شعرها

وقلت " هل توافقي أن تكوني صديقتي يا الوسن "

رفعت رأسها تستنشق عنقي فابتعدت قليلا وقلت بضحكة

" وأتمنى أن لا تموتي أو تسافري أو يأتي والدك ليزوجك

ويرحل بك كما حدث مع جميع من أحب "

مسحت بعدها على غرتها وقلت مبتسمة

" عليا الذهاب الآن وسأراك غدا حسنا "

ثم ابتعدت حتى وصلت الباب والتفت لها فكانت تنظر

لي فلوحت لها بيدي مبتسمة وخرجت وعدت أدراجي

للمنزل وأسرعت حين سمعت حديثا لأشخاص يمشون

ودخلت المنزل وصعدت لغرفتي ونمت أشعر ببعض

الراحة بعدما أفرغت شيئا مما أكبته في صدري وعند

الصباح جهزت نفسي قبل الوقت ونزلت للمطبخ

ووجدت الخادمة هناك فقلت وأنا أجلس على

الطاولة " صباح الخير يا راضية "

التفتت لي وقالت مبتسمة " صباح النور "

قلت وأنا ألعب بساقاي في الهواء " رأيت صديق

نواس خرج فنزلت , لقد تعبت من الوحدة "

وضعت طبقا على الطاولة وقالت " معك حق

فأنتي مسجونة هنا لكن وليد غير موجود أغلب

النهار فيمكنك التحرك بحرية "

قلت " هل وحده صديق لنواس "

قالت وهي تغسل كأسا " لنواس أصدقاء كثر

لكن المقربين منه وليد ومعاذ ومعتصم "

قلت من فوري " رأيت أحدهم رابطا يده ماذا به "

وضعت الكأس على الطاولة وقالت " ذاك معاذ لن

يرتاح حتى تنقطع عنقه من قيادته المجنونة للسيارة "

أمسكت منها طبق الخبز ووضعته وقلت

" ولا يعيش هنا "

هزت رأسها بلا وقالت " لديه منزله ووالدته لكنه

يبقى كثيرا في شقة هوا ومعتصم في العاصمة "

لن أستطيع إخراج المعلومات منها بهذه الطريقة

وستشك بي في النهاية وعلينا أن نجد حلا آخر وسأتناقش

مع ملاك أولا , قلت ونظري على قدماي " ألا يمكننا

الخروج أبدا حيث الخيل وباقي المزرعة كيف

تعيشون في هذا السجن "

قالت بصوت مبتسم " العمال وأصدقاء نواس هنا

دائما ولا إجازة لعمال الإسطبلات ولم يفكر

أحد بالخروج "

ثم أكملتْ وضع الأطباق والعصير ولا أفهم لمن

وظننته لي حتى دخل نواس قائلا ببرود " صباح الخير "

أجابته راضية وقفزت أنا من على الطاولة وخرجت

من فوري من هناك , لو كنت أعلم أنه له ما بقيت

وما به وكأني أنا من أخطأ في حقه وليس هوا

قالت راضية قبل أن أبتعد " وسن ألن

تتناولي إفطارك قبل أن تذهبي "

أخذت مذكراتي ومعطفي من على الأريكة وقلت

مارة من جهة باب المطبخ " سوف آكل في الجامعة "

خرجت واتصلت بالسائق فأجاب بعد وقت فقلت

مباشرة " تعال لتأخذني للجامعة "

قال من فوره " ما يزال أمامك أكثر من

ساعة أنا في الخارج "

قلت بضيق " لما تحسب لي وقتي لا علاقة لك

بي أنا أريد أن أذهب الآن "

قال ببرود " حسنا أنتهي مما أنا فيه و آتيك "

تأففت وأغلقت الهاتف , لا أعلم أي جرأة هذه التي لديه

دائما يتدخل بأوقات خروجي وعودتي ويحفظ جدول

محاضراتي أكثر مني , إن كان ممنوع عني أن أتأخر

بعد المحاضرات فلا حل أمامي سوا الذهاب مبكرا

وقفت مستندة بالجدار الجانبي لمظلة الباب أنظر

لساعتي وأتأفف كل حين حتى لاحظت من بعيد

الشاحنة الكبيرة التي تحمل حصانان تتوجه جانبا

فسرت معها حتى وقفت وصرت أراقبهم من بعيد وهم

ينزلونهم , كان صديق نواس الذي يعيش هنا ومعه

عاملان يحاولان إنزالهما برفق وأنا أحرك قدمي

وأراقبهم وأتمتم بأغنية عن الخيول كنت أحبها وأنا

صغيرة ومستمتعة بمراقبتهم ولم أتخيل يوما أن الملل

سيصل بي درجة أن أستمتع بمشهد كهذا وكأني طفلة

بقيت على حالي أراقبهم واغني حتى شعرت بيد أمسكت

يدي وسحبتني معها للأمام وكان نواس وقال دون أن

يلتفت إلي " لما تراقبينها عن بعد اقتربي أكثر "

قلت وأنا أسرع خلفه " أترك يدي لا أريد

أن أذهب إليها "

تابع سيره وكأنه لا يسمعني فتأففت وقلت بضيق

" نواس أتركني وشأني "

ولم يزد إلا سرعة ولم يأبه لي فقلت بحدة

" لا أريد أن أذهب معك ولا أن أرى خيولك فاتركني "

نظر جانبا وقال " نعم أتركوهم يدخلونهم الآن أنا

هنا والشاحنة الأولى وصلت "

لأرى حينها سماعة الأذن في أذنيه لأكتشف أنه كان

يتحدث بالهاتف ولا يسمع مما قلت شيئا ووقفنا حينها

عند الخيول التي أنزلوها واقترب منه صديقه وأزال له

إحدى سماعتي الأذن وقال " سأذهب للإسطبلات بما أنك أتيت "

ثم أعاد له السماعة وغادر من فوره ونظرت ليدي التي

لا تزال في يده وحاولت سحبها منه ولم أستطع فنظرت له

وهوا ينظر للخيول ويقول " سأتحدث مع معاذ ونرى

أين وصل معه الأمر أنتم فقط افعلوا كما اتفقنا

وسنبيعهم اليوم أو غدا كحد أقصى "

استللت السماعة منه بقوة وقلت بضيق

" أترك يدي أريد أن أذهب لجامعتي "

نظر حينها ليده الممسكة ليدي ثم تركها وأعاد السماعة

لأذنه وغادر دون أن ينظر إلي وتركني واقفة مكاني

نظرت له حتى وصل حيث الشاحنة الأخرى مقتربة منه

ثم عدت بنظري للحصان أمامي واقتربت بخطواتي منه

ومددت يدي لألمس وجهه فجفل وصهل وعدت للخلف

مرعوبة منه وقام العامل بإمساكه من لجامه وإبعاده فشتمته

وأخرجت له لساني وغادرت , ظننته له ذوق كتلك البيضاء

الجميلة التي جعلتني أعتقد أن كل الخيول مثلها ولم أتصور

أنها هي الحالة الشاذة , وصلت عند باب المنزل وكان

السائق ينتظرني فركبت من فوري وغادرنا المزرعة





*

*





دخلت سيارة معاذ بعد الشاحنة فورا ونزل واقترب

قائلا " جيد وصلوا على الموعد "

قلت وأنا أنظر خلفه حيث سيارة السائق مغادرة

" نعم والمشتري جاهز ونريد أن نحصل

فيها على سعر جيد "

ثم تركته وتوجهت حيث العاملان وكان أحدهما

يهدأ الحصان فوقفت عندهم وقلت " ما به "

قال وهوا يشد اللجام " جمح من الفتاة حين اقتربت منه "

أمسكت منه اللجام وقلت " هذه الخيول ليست مروضة

طبيعي أن تتصرف هكذا مع الغرباء ، لكن لا تمنعوها

من الاقتراب من الخيول المروضة متى أرادت ذلك

وكونوا حذرين من أن تؤذيها "

نظرا لبعضهما وضحكا فنظرت لهما باستغراب

فقال أحدهما ضاحكا " لا أعتقد أنها ستكررها

لأنها شتمتها وغادرت مستاءة "

ابتسمت ابتسامة صغيرة ثم نظرت جانبا وبتركيز لساحة

الخيول وقلت باستغراب " لما لم تخرجوا الوسن "

رفع أحدهما كتفيه وقال " تركوا وليد يحاول معها لأنها

رفضت الخروج والتحرك من مكانها "

حركت لجامه للأسفل ببطء حتى هدأ وأعطيته له

وغادرت جهة الإسطبلات ، غريب كيف ترفض

الخروج هل هناك خيل لا تحب ذلك إلا إن كانت خائفة

من شيء ما في الخارج ، توجهت جهة إسطبلها تحديدا

وما أن اقتربت من الباب حتى سمعت وليد يقول بضيق

" تحركي يا الوسن ما بك اليوم مُتعبة هكذا "

دخلت قائلا " ما بها "

نظر لي وقال " تعال قد تكون تنتظرك أنت "

اقتربت منهما قائلا " العمال يخرجونها

دائما فما تغير اليوم "

وما أن اقتربت منها حتى أبعدت وجهها وأعرضت

عني فضحك وليد وقال " تبدوا غاضبة منك

لهذا ترفض الخروج "

أمسكت منه حبل اللجام وقلت ببرود " هذا حيوان

وليس بشرا ما هذا غاضبة وغاضبة "

حاولت معها كثير وهي تبتعد للخلف وتبعد وجهها

كلما حاولت لمسه ، أخرجت لها حبوب السكر ولم

تكترث لها فضحك وليد وقال مغادرا

" أتركها وستخرج وحدها حين تتعب من الوحدة "

تجاهلتها وحاولت معها مجددا وقربت لجامها

برفق وأنا أقول " ما بك يا الوسن لترحمني

إحداكما ولا تكونا كليكما ضدي "

حركت حوافرها وتراجعت فشددته أكثر وتأففت

وقلت بضيق " لا تغضبا كليكما هي كانت السبب

يا الوسن ما بك وكأن من برمجك عليها

من أين تعلمين بكل هذا "

وبعد جهد كبير تمكنت من إخراجها وما أن وصلت

بها للساحة حتى انطلقت مسرعة ومبتعدة عني على

غير عادتها فوقفت واضعا يداي وسط جسدي أنظر

جهتها وقفز معاد داخل الساحة ووضع يده على

كتفي وقال ضاحكا " ما بها معشوقتك اليوم "

قلت بضيق " هذا كله بسبب حسدكم "

ضحك وضرب لي كتفي وقال مغادرا

" الصفدي سيصل بعد نصف ساعة , وضعنا

الخيول في شاحناتك الخاصة فقايضه كما اتفقنا والمهندس

سيكون هنا مقربة الظهيرة ليأخذ مساحات المكان "

رن حينها هاتفي فأخرجته وكان جواد فأجبت عليه

وقلت من فوري " ما حركات الصبيان هذه

لما لا تجيب ولا تتصل "

قال من فوره " هل أخذتها لمزرعتك "

قلت ببرود " نعم "

قال " تزوجتها "

قلت ونظري يتابع الوسن " ليس بعد "

قال بضيق " ومتى إذا ، أصبحت أوافق

فرح على أنك لا تحبها "

قلت بضيق أكبر " ذاك شيء وهذا شيء

يا جواد لما لا تفهمني "

قال ببرود " افهم نفسك أولا ليفهمك غيرك "

نظرت للأرض ومررت أصابعي في شعري وقلت

بهمس وأسى " لما لا تضع نفسك مرة في مكاني "

تنهد وقال بهدوء " أفهمك يا نواس وأفهم أنك مجروح

منها وأنكما في شجار مستمر وتعاملك معاملة سيئة

منذ تزوجت لكنها مجروحة مثلك وزد عليها

أنك أخذتها حيث زوجتك "

ابتسمت بسخرية ولم أعلق ، لو تعلم يا جواد أن

مي تخاف على مشاعرها أكثر حتى مني وهي التي

تثور وتغضب ولا يهمها أحد ، وصلني صوته قائلا

" اسمع يا نواس أنا أخبرت فرح على ما ستقدم عليه "

قلت بصدمة " ماذا تعني !! "

تنفس بقوة وقال " أنت تعلم جنون فرح بشقيقتها

وكادت تأكلني لأني ألغيت زواجها بسليمان فأخبرتها

أنك تريد الزواج بها ولا شيء غيره ولا تخف

لن تعلم منها بشيء "

تنفست بضيق ولذت بالصمت فقال " ما كان أمامي

من حل غيره لأنها سجنت نفسها وأضربت عن

الطعام والشراب وكادت تضر نفسها وجنينها

فأخبرتها عن سبب فعلي لذلك "

هززت رأسي بيأس وقلت " لن ترتاح حتى

تخبرها وسوف تسبب لي وسن مشكلة هنا

لأنها لم تعد تطيقني في أي أرض "

تنهد وقال " لا أعلم أين ستصلان بهذا ولا تقلق

من هذه الناحية فهي لن تخبرها "

ثم تابع " وزوجتك عليها أن تكون على علم

وجد حلا لعيشهما معا فأنت في النهاية زوجها

ولن ترضى أن تشاركها أخرى فيك "

ابتسمت بسخرية وقلت " لا تقلق من هذه الناحية فإن

لم تفجر لنا ابنة خالتك المنزل حينها فلن يفعلها أحد "

ضحك وقال " سحقا للحب أقسم أنه مهلكة البشر فما

أن تخاصمني فرح حتى ينقلب مزاجي ويتوتر

كل يومي ولا أكون قويا إلا أمامها وكله تمثيل "

ابتسمت بألم ورفعت نظري للسماء ، لا تخبرني

عما أعرفه كاسمي يا جواد وأقسم لولا الكبرياء

والجرح والحياء لضممتها لصدري وأنا أراها

تبعثر مذكراتها وأوراقها لتثبت لي أنها لم تكن خارج

الجامعة رغم أنه لن يجبرها أحد على تبرئة نفسها وكل

ما كنت أفكر فيه حينها أنها أمامي حية وسليمة وقسوت

عليها فقط كي لا تعيدها وتفقدني عقلي ، وأقسم لولا ذاك

كله لكنت حملتها بين ذراعاي وسرت بها جهة الخيول

حين رأيتها تنظر لهم وتغني كالأطفال , أخرجني

من أفكاري صوته قائلا " نواس هل أنت معي "

عدت بنظري للأسفل وقلت " نعم وعليا إنهاء الاتصال

الآن لأن ثمة تاجر في طريقه إلى هنا وسأتصل

بك فيما بعد فثمة ما علينا التحدث فيه "

قال من فوره " وداعا إذا ولا أوصيك على

وسن لأن شقيقتها ستقتلني إن تأذت عندك "

قلت بابتسامة ساخرة " لا أعلم من منا أنا وأنت أسوء

حضا من الآخر فمالنا وعائلتهم منذ البداية "

ضحك وقال " متورطان ولا مفر فحتى أنت

ستتزوجها رغم أنفك وأنفها ، وداعا الآن "





*

*





أمسكت يدها وقلت برجاء " وسن ما بك ارحميني

وقوليه , قلت مئة اسم وكلها غير صحيحة "

قالت بنصف عين " مئة يا كاذبة وأنتي لم تصلي للعشرة "

قلت برجاء مكسور " أرحمي حالي لا بارك الله

في الظروف التي جعلت مصيري بين يديك "

ضحكت وقالت " معاذ "

قلت بضيق " أعرف أن كلامي معاد فما سأفعل لك "

ضحكت كثيرا ثم قالت " معاذ يا غبية هوا اسمه "

أمسكت يداها وقلت بسعادة " حقا ما هذا

الاسم الرائع لا أجمل منه إلا اسمه يا بشر "

قالت بضحكة " صدق من قال أن مرآة

الحب عمياء "

ضربتها بخفة وقلت بضيق " بل أنتي العمياء

ولا يعجبك سوا نواسك ذاك "

أشاحت بنظرها عني وخيم الحزن على ملامحها

فعضضت شفتي مستاءة من نفسي ، كانت تضحك

للتو وأنا الحمقاء قلبت حالها ، أمسكت يدها

وقلت بهدوء " آسفة وسن لم أقصد أن أحزنك "

قالت ببحة تقاوم دموعها " لا عليك يا ملاك "

تنهدت وقلت بحزن " يبدوا حدث شيء جديد بينكما "

عليا أن أستدرجها لتتكلم فلا طريقة غيرها لترحم

نفسها من هذا الكتمان ، قالت بعد صمت

" هل تعرفي معني أن تموتي مئة مرة "

ثم نظرت لي وقالت بعينان دامعتان " هذا حالي

يا ملاك كلما رأيته خارجا من هناك حيث غرفتهما "

سقطت الدمعة الأولى من عينها وتابعت بأسى

" هذا حالي كلما سمعت اسمه من شفتيها

كلما تحدث معها ... كلما ذهب لها "

ثم أشارت لنفسها بإصبعها وقالت بحرقة

" كلما تخيلت فقط أنها تنام في حضنه وأنا أنام مع

وحدتي وأوجاعي وفي ذات المنزل تخيلي ذلك فقط

فأي حال هذا الذي سأحكي لك عنه "

أمسكت كلتا يديها وقلت بدمعة محبوسة

" يكفي توقفي يا وسن , آسفة لن أذكر اسمه

ثانيتا فقط توقفي عن قول هذا "

مسحت دموعها ووقفت فوقفت معها وقلت

" لنعد لموضوعنا وأخبريني ماذا علمت عنه أيضا "

رفعت مذكراتها وحقيبتها من الأرض وقالت " لا شيء

مهم يعيش مع والدته ولديه شقة يسكن فيها وصديق

لهم اسمه معتصم أعتقد قالت في العاصمة "

ثم سارت فحملت مذكراتي وسرت بجانبها

وقلت " مشكلة ... عليا أن أعلم المزيد "

وقفت وقابلتني وقالت " لا حل سوا أن نخبر راضية

بالأمر لتساعدنا فهي تعرفهم جيدا ويعاملونها

وكأنها شقيقتهم وستحظر لنا كل ما نريد "

قضمت ضفر سبابتي وقلت بحيرة

" ماذا إن أوشت بنا "

هزت رأسها بلا وقالت " طلبت منها سابقا أن لا تخبر نواس أني

لم أذهب للجامعة ففعلت فإن طلبنا الآن منها هذا فلن تخبر أحدا "

قلت بحماس " إذا اتفقنا واليوم سأبدأ أولى جولاتي باسمه فقط "

رن حينها هاتفها فنظرت له وغادرت قائلة

" هذا السائق وصل نلتقي غدا "

لوحت لها بيدي قائلة " وداعا ولا تنسي جلب المادة "

نظرت لساعتي , اقترب وقت العصر ولم يبقى عليه سوا دقائق

وعليا المغادرة أيضا , وما أن تحركت خطوتين حتى سمعت

أحدهم يناديني فالتفت فإذا به ذاك الشاب فقلت ببرود

" أنت كيف تدخل إلى هنا ولست طالبا عندنا "

قال بابتسامة " ببطاقتي في جامعتي وأقول أني

أريد بعض المراجع من المكتبة "

تنهدت وقلت " اتصلت بي والدتي وأخبرتني عما

تريد التحدث فيه وأنا أحررك من هذا العبء "

نظر للأسفل وقال بهدوء " حقيقتا وأنا من أجل هذا

جئت , أنا أقدر ما تمرين به لكني بلا راتب ولا منزل

لو فقط ينتظرون قليلا حتى يكون لي منزل مستقل بدلا

من العيش معهم في ذاك المنزل الضيق المليء بالأبناء "

ثم رفع رأسه ونظر لي وقال " أنا لا أمانع أن أتزوج

بك لكن ظروفي الآن لا تساعدني فأقنعيهم

بتأجيل الموضوع قليلا فقط "

قلت بابتسامة أسى " بل أحللك مني ومن الزواج بي

أنت ما تزال في أول عمرك ومن حقك أن تبني نفسك

أولا ولا تخف فقد سبق وبلّغت والدتي رفضي "

ثم غادرت فورا ولم أكترث حتى لمناداته لي وخرجت

من الجامعة من فوري , حمدا لله أني لم ابني أمالا عليه

وعلى أنه سينقذني من واقعي , سلكت الطريق الآخر

حيث المحطة وركبت إحدى الحافلات لتقلني وجلست

أنظر للنافذة بحزن , حاله ليس أفضل مني ومعه حق

كيف سيعيش بي معهم في ذاك المنزل الضيق وأبنائهم

كثر أين سيعيش أبنائنا أيضا بل كيف سنعيش معهم وحتى

الحمام مشترك , تنهدت بضيق وأبعدت عن رأسي كل

تلك الأفكار وحضنت مذكراتي وحقيبتي وأنا أفكر في

معاذ لم أتخيل يوما أن أراه وأعرف اسمه , سأقدم له

هدية جميلة الليلة , ضحكت وحضنت أشيائي أكثر

ثم نظرت للشاب في الكرسي الآخر وكان ينظر لي

باستغراب فحركت له رأسي بمعنى ما تريد فأبعد نظره

وشغله بنافذته ووقفت حينها الحافلة في المحطة فنزلت

منها وتوجهت للمنزل فلم يعد يبعد كثيرا , وصلت وفتحت

الباب ودخلت ووجدت سفيان يقفز على الأريكة كعادته

فقلت بعد ضحكة " لن تأتي بها من الخارج

كوالدك مثل السعدان "

ثم توجهت للمطبخ مددت رأسي وقلت

مبتسمة " ما الغداء اليوم "

التفتت لي إيمان وقالت بابتسامة " وجبتك المفضلة "

قلت مغادرة " يا سلام يا إيمان عيبك الوحيد أنك

تزوجتِ من خالي وأنجبتِ هذا القرد "

دخلت بعدها لغرفتي وأغلقت الباب ورميت

المذكرات والحقيبة ودخلت الحمام استحممت

وغيرت ثيابي ثم خرجت للمطبخ مباشرة وكان

الطعام ساخنا وجاهزا فجلست وتناولته لآخر لقمة

وعدت لغرفتي وما أن صليت المغرب حتى وقت

برنامجي الذي انتظره بالدقيقة , سأتصل منذ البداية

وإن صدقت توقعاتي فإنه بعد مكالمتي لن يتصل ليدّعي

أنه لم يستمع للحلقة أو لكي أتوهم أنا هذا



*

*





جلست على الأريكة واضعا ساق على الأخرى فوق

الطاولة أمامها وركبت سماعات الأذن فمر معتصم

بيني وبين الطاولة وأسقطهما للأرض قائلا بضيق

" كم مرة قلت لك لا تفعل هذه الحركة "

شغلت الإذاعة وقلت ضاحكا " وتقول أنك تكره

نظام والدتك ! أقسم أنه يسري في عروقكم "

جلس ورشف من كوب الشاي في يده ثم قال ببرود

" دعك في برنامجك ولا تكررها قلت لك "

ضحكت واكتفيت بالصمت أستمع للبرنامج فمنذ مراهقتي

لدي إدمان على الاتصال بالبرامج حتى أني كنت أتصل

بالمسابقات التلفزيونية , لا وحتى أيام الأعياد الوطنية

ولو لأهنئ رئيس البلاد , استمعت للمقدمة من المذيع

وعنوان الحلقة وكان عن شخص التقيت به في حياتك

ولم تنساه أبدا واليوم قدموا موعد الحلقة لوقت المغرب

بسبب ضغط العمل على برامج العيد الوطني القريب

راقبت معتصم وهوا يتوجه لباب الشقة مغادرا فأعدت

قدماي على الطاولة على صوت المذيع قائلا " الاتصال

الأول معنا لملاك الليل وأخير سمعنا صوتها بعد

غياب فما هذه الليلة السعيدة "

اتكأت على ذراعي وابتسمتُ على صوتها قائلة بعد

ضحكة صغيرة " يبدوا أني أختبر إن كنتم ستفتقدون

وجودي , مساء الخير صفوان وكل متابعيك

كنت خارج البلاد لظروف عائلية ولم أتمكن

من متابعتكم لكني عدت أخيرا "

قال بصوت مبتسم " وهذا المهم وحمدا لله أنك بخير

وأعطِنا رأيك في موضوع الحلقة ومن هوا

الشخص الذي قابلته ولم تنسيه حياتك "

قالت من فورها " أمممم هوا شاب بشعر أسود

وعينان سوداء طويل وعريض "

ثم ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " رجل خيول يدعى معاذ "

قفزت حينها جالسا مستويا منزلا قدماي للأرض وأنا

أستمع لها تقول " أراه دائما ولا يراني ومنذ وقت طويل

حتى بث أسمع صوته كل ليلة من شيء يعرفه جيدا "

قلت بضحكة ممزوجة بالصدمة " ويحك من أنتي ؟؟؟

تقصدني وتلمح لي بذلك أيضا "

قال صفوان ضاحكا " ما هذه الحقائق المثيرة

كل هذا ولا يعلم بك "

قالت بصوت مبتسم " نعم ولم يرني يوما "

قال مباشرة " مشكلة ترينه دائما وتسمعين صوته ولا

يعلم بك ولم يرك فكيف الحل لهذا "

لا أعلم لما شعرت بدقات قلبي وكأنها تترقب كلماتها

حتى قالت بنبرة هادئة وحنونة " يشغل بالي كثيرا يا

صفوان ويتعبني ..... يتعبنــــي "





*

*





نزلت للأسفل وسمعت صوت راضية ووليد يتحدثان

فاقتربت من صوتهما فكانا على ما يبدوا جهة

غرفة الجلوس , توجهت هناك فخرجت راضية

ووقفت أنا عند الباب فكان هناك يشاهد التلفاز فنظر

لي باستغراب فقلت بهدوء ونظري للأرض

" هل صحيح ستترك المنزل "

ساد الصمت لوقت فرفعت نظري له فكان ينظر لي

فقلت بتوتر " سمعت راضية .... "

قاطعني قائلا " نعم فوجودي سيضايق الجميع "

قلت مباشرة " ولما "

نظر جهة التلفاز وقال بنبرة واضح فيها الحزن أو

الأسى أولا أفهم ما يكون " هل تعلمي معنى أن

يفشل الإنسان في كل شيء "

ملئت دمعتي عيناي وقلت بحزن " أنت لست

فاشل سوا في عين نفسك يا وليد "

نظر لي بسرعة نظرة لم أفهمها فسافرت

بنظري للأرض وقلت بشبه همس

" لا تغادر فلا أحد متضايق من وجودك "

تمنيت أن قلت أكثر من ذلك تمنيت أن ترجيته

ليبقى تمنيت أن لا حدود بيننا فلست في نظره الآن

سوا زوجة صديقه ولا يفترض بي أن أعامله أكثر

من كونه ابن خالتي , رفعت نظري له مجددا ففوجئت

به واقفا وقال بهدوء " لماذا يا مي هل ضايقك أحدهم "

هززت رأسي بلا ثم بلعت ريقي وقلت " لا ولكني

أشعر حقا بالأمان بقربك عندما يكون نواس بعيدا

فلم أخف ليلة وأنا أنام وحدي هنا لأيام "

أشاح بنظره وقال " تمنيت أن لا رددت طلبك

لكن صعب مع وجود قريبته هنا فاعذريني "

ابتسمت بألم وقلت " أعذرك ويكفيني كلامك هذا "

سكتُّ بعدها لوقت أجمع شجاعتي ثم قلت " وليد أولئك

الرجال لم يمسوني أبدا , أنا لم ألطخ سمعتكم في

التراب ولم أهرب معهم ولم أتفق معهم "

نظر لي وقال " لا تشرحي لي يا مي أنا لم أشك بك

يوما ويستحيل لتلك الفتاة النقية أن تفعل كل ذلك "

نظرت له بحسرة وتمنيت أن سألته لما لم تأتي

لخطبتي مجددا إذا كان هذا ظنك بي لماذا , نظرت

للأرض وقلت بابتسامة حزينة " شكرا لك

يا وليد فوحدك وعمي سعيد من قالا هذا "

قال من فوره " وعاصم أيضا فأعطه فرصة فقط يا مي "

هززت رأسي بحسنا وقلت مغادرة " تصبح على خير "

في الحقيقة هربت منه لأني إن بقيت أكثر لن أضمن

لساني فيما سيقول وعليا أن لا أنسى أني وعدت نواس

ولن أخلف وعدي له ومعه حق يكفيني ما قيل عني

لتزيده الناس أني على علاقة بابن خالتي وأنا في منزل

زوجي فصمتي عن الحقيقة سيخدمني قبل أن يخدمه

صعدت للأعلى لأفاجئ بوسن تنزل السلالم وفي يدها

صينية بها كوب شاي يبدوا جف من كثرة ما بقي عندها

ولم ينزله أحد , وما أن رأتني حتى أنزلت رأسها للأرض

واقفة مكانها وكأنها تخفي عني مشاعرها التي تكشفها

ملامحها , صدق نواس حين قال أنها ليست من النوع

السيئ في التعامل مع البشر لكن كتمها لحسرتها

سيؤذيها وينقذ غيرها , تمنيت أن تحدث معها لكني

وعدت نواس أن لا أحتك بها فاجتزتها صاعدة

ليوقفني صوتها قائلة " مي "



****************************************************

******************************************







دخلت بالصينية وجلست أمامها وقلت مبتسمة

" أعددت كعكا لن تنسي طعمه كل حياتك "

قالت مبادلة لي الابتسامة " كل شيء تعديه طعمه

لا ينسى وقد ولد ليلة عيد من ستكونين زوجته "

ثم تنهدت وتابعت باستياء " ووالدته لا أسعد منها

على وجه الأرض , لا بارك الله في المعتقدات

السخيفة التي يتمسك بها بعض الرجال "

قلت وأنا أقطع لها من القطعة ونظري على

يدي " لم أفهم سوا الجزء الذي يخصني "

ضحكت وقالت " وذاك يكفي فالباقي ترويح

عن النفس ليس إلا "

مددت الشوكة بها القطعة لفمها وقلت مبتسمة

" سأطعمك بيدي "

ضحكت وقالت " العلة في ساقاي وليس يداي

وأخاف من أن أعتاد على كل هذا الدلال "

مددتها لها أكثر فأكلتها وقالت بحنان

" رحم الله من رباك يا سما "

نظرت للطبق وقلت بحزن " حلمت بوالداي البارحة "

ثم رفعت نظري لها وقلت " والدتي كانت تبتسم

لي ووجها يشع نورا وكانت توصيني بك

كثيرا بكلام لم أفهم أغلبه "

ثم نظرت للأرض وقلت بشرود " لكن والدي

كان غاضبا مني ووجهه عابس ويشير لجثث رجال

كثر ويلومني لموتهم ولم أفهم معنى ذلك "

ثم رفعت نظري لها وقلت بدمعة تدلت من رموشي

" اشتقت لهم خالتي لما رحلوا وتركوني "

مسحت على طرف وجهي وقالت بحنان

" سما بنيتي تعوذي من الشيطان فكل غرضه

أن تتسخطي على قضاء الله "

مسحت دموعي وتعوذت بالله منه بهمس فقالت مبتسمة

" هذه والدتك توصيك بالناس خيرا في التعامل معهم

وراضية عن نتائج تربيتها لك ووالدتك يبدوا يريد

منك أن تساعدي العدالة في إيقاف شلال

الدماء الذي يجتاح البلاد "

تنهدت وقلت بحيرة " وما في يدي ولم أفعله لقد أدخلتهم

القبو وقلت كل ما أعرفه فلو بيدي شيء غيره لفعلته "

قالت بشرود " هذه الرؤيا لا تدل إلا على شيء واحد

يا سما وهوا أن حل كل ذاك اللغز لديك "

هززت رأسي وقلت بحيرة " لا أعلم ما

يكون يا خالتي لقد احترت "

سمعنا حينها قرعا على جرس المنزل فقلت

" لا أريد أن أفتح "

ضحكت وقالت " والحل الآن ونزار غير موجود "

قلت بضيق " مؤكد هذه دعاء ولا أريد أن أراها "

تنهدت وقالت " حسنا افتحي لها فقط كالعادة "

هززت رأسي بلا دون كلام فمسحت بيدها على

ذراعي وقالت بهدوء " هل تريدي أن تغضب منك

والدتك وهي راضية عن حسن خلقك مع الناس "

وضعت الطبق ووقفت وقلت ببرود " إن كانت

هي فلن اكلمها ولن أعطيها من كعكتي "

ضحكت وقالت " ما أنقى قلبك يا سما حتى الشر

تفصحين عنه قبل أن تفعليه وهذا حده فقط "

قلت بضيق " هي التي لا تحبني فما ذنبي أنا إن

لم يحبها نزار , هي تعرفه من قبل قدومي

بسنوات فمن الملام وقتها "

رن حينها الجرس مجددا فتأففت وخرجت للباب

رأيت من العين فيه فكانت صباح زوجة جارهم

عوني صديق نزار ففتحت لها الباب وقلت مبتسمة

" جيد أنها أنتي ... تفضلي "

صافحتني وقالت ضاحكة " ومن هذا الذي كنتِ

تخافين قدومه "

أخذت منها ابنتها الصغيرة وحملتها بين ذراعاي

وقلت " لا تهتمي للأمر وهيا ادخلي "

دخلت تمسك ابنها من يده وأغلقت الباب خلفهم

ودخلت هي لغرفة خالتي وتوجهت أنا للمطبخ

أجلست ابنتها في منتصف الطاولة وبدأت بتجهيز

كعك وعصير لهم ثم حملتها مجددا ورفعت الصينية

بيدي الأخرى وتوجهت للغرفة ووضعت الصينية

على الطاولة وجلست على السرير ألاعب الصغيرة

تناولت صباح قطعة من الكعك وقالت " سما أنتي

تسببي لي مشكلة مع عوني كلما تذوق شيئا هنا

عند نزار فلم يعد يعجبه كعكي وتكبر عليه "

ضحكت خالتي وقالت " الرجال جاحدين للخير دائما "

ضحكنا معا وتابعا حديثهما وأنا أستمع لهما في

صمت حتى قالت صباح " هل رأيتما في

الأخبار مقتل خالد الصقار تاجر البن المشهور

وتصورا أنه كان يعمل في المخابرات السرية ولا

يعلم عنه أحد وقالوا أنه تبين أن له يد في جرائم

المصانع , لم أتصور أن رجال المخابرات يديهم

مغموسة فيها , الناس لا حديث لهم إلا عن هذا الخبر "

نظرت لها بحيرة وقالت خالتي " لا حول ولا قوة

إلا بالله لن يرتاحوا حتى يجهزوا على الجميع "

أطعمت ابنها قطعة من الكعكة وقالت " لم يُقتل

هنا بل في الخارج بعد هروبه , هكذا يقولون "

ثم تنهدت وقالت " أبشع جرائمهم كانت ذاك الذي

قتلوه وعائلته هنا في العاصمة , مالهم والزوجة

والأبناء لا أعلم أين الحكومة والشرطة عن هذا "

شعرت بغصة في حلقي وقالت خالتي " صديق نزار

رئيس الشرطة الجنائية التي تعمل على مكافحة

الجريمة وهوا يربط ليله بالنهار وحتى عائلته

لا يرونه ولكن لا يقدر تعبهم أحد "

أعطيت خالتي الصغيرة وخرجت وعدت للمطبخ

لأن دموعي غلبتني , لا أعلم لما أشعر بكل هذا

الضيق وأبسط شيء يبكيني , هل كل هذا من الفراغ

والوحدة التي أشعر بها ونزار ليس هنا بعدما أصبح

يقضي جل يومه في قصر جابر ويعود منهكا وينام

على الفور , مابك يا سما كيف ستعيشين حياتك فيما

بعد توقفي عن هذا الجنون هيا , جلست على الكرسي

ولم تزدد دموعي إلا نزولا فمسحتها ووقفت على

دخول ابن صباح قائلا " شما جَدة تعالي "

ضحكت بين كل حزني وقلت " اسمي سما

وليس شما كم مرة سأعلمك "

ثم نزلت عنده وقبلت خده وقلت " قل سما ... سما "

قال وهوا يضغط الحروف " شــشــسما "

ضحكت وحملته عن الأرض وقلت

" أتركها كما كانت أفضل "

ثم عدت به للغرفة وأنزلته وجلست معهم حتى

وقفت صباح لتغادر وقالت " سما أوصليني للباب

لدي ما أقوله لك "

نظرت لخالتي بحيرة ثم وقفت وخرجت معها

حتى وصلنا عند الباب فقالت بصوت منخفض

" شقيق عوني يصر على أن نسألك أنتي

شخصيا عن رأيك في الزواج به "

نظرت للأرض وقلت " أنا لا أفكر في هذه الأمور حاليا "

تنهدت وقالت " إذا سأبلغه ليريح لي رأسي "

قلت بحيرة " ومن أين يعرفني ليصر عليا هكذا "

فتحت الباب وقالت " عوني السبب لم يرتح حتى

أدخل الفكرة لدماغه وصراحة الأمر أنا أيضا مدحتك

له كثيرا ولم أضن أنك ترفضين الفكرة "

لذت بالصمت فأمسكت يد ابنها وقالت وهي تخرج

" ومعك حق أنتي صغيرة على أن تفكري في الزواج

فهوا لا يجلب إلا التعب ولولا الأبناء ما تزوجت امرأة "

راقبتها حتى اختفت ثم أغلقت الباب مبتسمة , يبدوا

معها حق فأجمل ما في الزواج أن تحصلي على أبناء

لكن لما هكذا أشعر أني إن تزوجت بغيره لن أكون

أسعد من وجوده معي إن كان ما يهم هم الأبناء , تأففت

من الأفكار التي باتت تسيطر عليا وعدت لغرفة خالتي

جمعت الأطباق والكؤوس وأخذتهم للمطبخ ورتبت كل

شيء وصعدت لغرفتي من أجل الدراسة فالامتحانات

باتت على الأبواب وعليا أن أجتهد كثيرا رغم أني

بت أحفظ المناهج عن ظهر قلب من كثرة ما قرأتها

فلا شيء لي سواها مع هذه الوحدة وعدم الخروج

عند أول المساء نزلت للمطبخ وأعددت العشاء

وتناولته وخالتي ثم غسلت الأطباق والأواني

وعدت لغرفتها وقلت " هل نقرأ في الرواية قليلا "

ضحكت وقالت " أخاف أن يدخل علينا نزار فلن

يرحمني لأن امتحاناتك على الأبواب ولا يريد أن

أشغلك كثيرا حتى أنه يوصيني أن لا تكثري من

تنظيف كل شيء كي لا تضيعي وقتك "

قلت باستياء " حفظت كل شيء من تكراره وأشعر

بالملل والفراغ وحتى الكآبة "

ضحكت وقالت " حسنا تعالي نقرأ ونترك

أذاننا على الباب كي لا يمسكنا متلبستين "

ابتسمت وأخذتها منها وجلست وفتحت حيث

توقفنا وقرأت (( وما أن خرج عمي رياض حتى

قال أشرف " هذا غش لما فراس تحديدا "

ضحكت عمتي سعاد وقالت " لم تخبرنا

أنك تريدها ظننتها أفعى بأنياب "

قال بغيض " لما فراس تحديدا الآن تشرحون لي "

رميت شعري للخلف وقلت ببرود " اسأل والدك هوا

من اختاره ولو كان الأمر علي لتزوجتك أنت يا قيس

النساء فقط لأفسدت عليك مغامراتك "

خرجت حينها عمتي سعاد ضاحكة ونظرت جهة

فراس فكان جالسا مكانه بهدوء وكأن الأمر لا يعنيه

وهذا ما لم أتوقعه أو يبدوا تمثيل منه ليقهرني

قال وائل مغادرا " مباركٌ إذا "

وخرج هوا أيضا وأمسك أشرف خصلة من شعري

كعادته وقال " قولي أنك لا تريدينه فأنا أفضل لك منه "

رأيت حينها يد فراس تمسك له معصمه والأخرى

تستل خصلة شعري من أصابعه وقال ببرود

" هذا الشيء لم يعد محلل لك فلا تلمسه "

استللتها منه وقلت بضيق " ولا لك أنت أيضا فأبعد يدك "

تجاهلني ونظر لأشرف وأشار له برأسه ليخرج فقلت

معترضة وأنا أقف بجانبه " لا يا سيد زمن استفرادك بي

انتهى ولا تنسى كلامك سابقا يا صاحب الأخلاق "

قال بابتسامة جانبية " بل زمن الاستفراد بك سيبدأ قريبا "

أخرجت له لساني وقلت ببرود " لولا والدك ما تزوجت

بك ولو ظفرت شعري شيبا "

ضحك كثيرا ثم قال " وبضنك ما يجعلني أرضى

بسليطة لسان مثلك غير والدي "

قال أشرف واضعا ذراعه بيننا " أريد أن أفهم

الآن ما يجري ولما ليس أنا "

رميت ذراعه من أمامي وقلت بضيق " ما بك أنت لا

يذكرون زواج إلا وتوافق , اتزن وأنت كالفيل المحموم "

ضحك حينها فراس بصوت عالي فقلت ببرود

" نعم اضحك .... حمدا لله أني رأيت لك أسنانا "

أمال رأسه جهتي وهمس " ستري إن لم أقص

لك هذا اللسان يا رُدين "

صفق أشرف ودفعه عني وقال " لم يجب أحد عن

سؤالي قبل أن أفجر المنزل بأكمله على رؤوسكم "

قلت بضيق " والدك صاحب الفكرة وهي أن أعيش معكم

على أني زوجته لأكون قريبة منكم وأراكم على طبيعتكم "

ثم لوحت بيدي وقلت بسخرية " لعلــــــي أجد فيكم

من يستحقني لكنكم فشلتم جميعا وهوا اختار لي فراس "

ثم تابعت ببرود بعدما رميت بيدي نحيته

" لأنه لا خيار غيره بطيخة من غير خطوط

أفضل من واحدة معطوبة "

وضع فراس يديه وسطه ينظر لي بغيض وضحك

أشرف كثيرا ثم قال " محتالين لو علمت ما تركتك

تعرفين شلتي تلك كلها وتزوجتك أنا وقصصت لسانك "

ثم قال مغادرا " هنيئا لك بالفاتنة طويلة اللسان يا شقيقي "

تبعته مغادرة فأمسك يدي وأعادني ناحيته فاستللتها

منه وقلت بضيق " لم أصبح زوجتك بعد إن نسيت "

قال بابتسامة جانبية " قريبا جدا يا أم لسان

وستدفعين ثمن كل هذا "

قلت بسخرية " علمت أنك لن تسكت وتوافق

عبثا , تريد أن تنتقم مني إذا "

أمال وقفته واضعا يديه في جيوبه وقال " لا تنزلي

دون حجاب مجددا ولا تخرجي للسوق إلا معي حتى

تنهي كل ما تريدينه ولا تختاري فستانا أبيض لا أحب

ذاك اللون وتسريحة الشعر لا ترفعي فيها شعرك كله

للأعلى ولا تتركيهم يكثروا لك الماكياج كالمهرجين "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما رأيك لو

اشتريته أنت ووضعت لي الماكياج وتسريحة الشعر أيضا "

ثم أملت وقفتي مثله وقلت " أو ما رأيك أن ألبس بيجامة

النوم ستكون أفضل أمام الجميع "

أمال ابتسامته وقال بهمس " موافق بالتأكيد

فستختصرين علي الطريق حينها "

نظرت له بصدمة ثم دفعته من أمامي وقلت مغادرة

" نعم اظهر على حقيقتك يا وقح "

ثم خرجت من الباب وصعدت لغرفتي , واهم

هذا إن تركتك تلمسني وسأريك ما سأفعله بك

ما يحيرني تقبله للأمر وكأن شيء لم يكن ! يبدوا

كما قال لينتقم مني وسُعد لأنه وجدها فرصة مواتية

قفزت على السرير وفتحت حاسوبي لأبحث عن آخر

موديلات الفساتين ومستلزمات العرائس , سأعيش

اللحظة وأعيش حياتي كان من يكون من سأتزوجه

فلن أجعل شيئا يكدر عليا هذه اللحظات لأكون

كغيري عندما يتزوجن ولن أنكد على نفسي

جلست لوقت أبحث بانسجام حتى وقع اختياري

على أحدهم وسعره كان مبالغا فيه لكن لا بأس

ليدفع ثمن انتقامه مني هل يريد أن يتزوجني

ويقهرني بلا تعب ولا مجهود , انتقلت بعدها

لفساتين المناسبات والأحذية ومر بعدها ثلاث

أيام وعمتي سعاد لا حديث لها سوا عن المدعوين

تجمع أسمائهم لتضعهم في كروت الدعوى واختارت

مكان الحفل وسعيدة حقا بتزويجها ابنها الأول والأكبر

كما تتمنى وطبعا فراس لم أره بعد صباح اليوم التالي

لذاك اليوم لأنه اختار الزواج بعد ثلاث أسابيع وتشاجرت

معه في حضور والده وكاد كل واحد منا أن يخنق الآخر

طرقت عليا الخادمة الباب وفتحته وقالت ببرود

" سيد رياض يريدك في تحت "

طبعا أصبحت تكرهني وكرهها ازداد حين علمت

أني باقية لها هنا لباقي عمري , ضحكت وقلت

" يقولون في الأسفل وليس في تحت "

تأففت وغادرت تتذمر فأخذت حجابي وخرجت خلفها

مسرعة وقلت " سأآخذك معي في شهر العسل ما رأيك "

أسرعت بخطواتها أكثر قائلة بتذمر " أنا يذهب

بلادي بعد يومين يرجع بعد انته يموت "

ضحكت وتوجهت حيث عمي رياض في غرفة

الجلوس وما أن دخلت حتى ماتت ابتسامتي ولويت

شفتاي حين رأيت الجالس معه وتوجهت للأريكة

المقابلة وجلست فقال عمي رياض " عليك أن

تخرجي من أجل شراء ما يلزمك فلا وقت لديك "

وضعت ساق على الأخرى وقلت " تسوقت عبر

الإنترنت ولم يتبقى سوا القليل ومن يجلب

ما اخترته ويدفع الحساب "

قلت جملتي الأخيرة وأنا أنظر لفراس طبعا ليفهم

أنه المكلف بهذا ولا يعتمد على والده , قال عمي

رياض " فراس يصر أن يدفع ثمن كل شيء

لذلك ستكون رحلتكما على حسابي وفراس قال

أنه لا يستطيع التأخر عن عمله أكثر من أسبوع "

كنت سأعترض على السفر من أساسه لكني تراجعت

فأنا أريد أن أستمتع بحياتي وأتنزه , قلت بضيق

" ولما أسبوع أريد شهرا كاملا "

اتكأ فراس للخلف ليخفي وجهه عن والده وابتسم ابتسامة

ماكرة ومرر لسانه على شفته السفلى ببطء , هذا الوقح

المنحط ما يقصد بهذا وما فهم من كلامي , قلت باستياء

" عمي أخبر ابنك أن يتوقف عن هذه الحركات "

نظر ناحيته وقال بضيق " فراس توقف عن هذا

وأعقل لم أعرفك بلا عقل وإلا ما زوجتك بها "

وضع ساق على الأخرى وقال بابتسامة جانبية

ونظره علي " أمزح مع زوجتي فما في الأمر "

قلت ببرود " لست زوجتك بعد وكل شيء قابل للتغيير "

قال عمي رياض " بل عقدنا اليوم في المحكمة فلا

داعي لأن نترك الأمر للأسبوع القادم فكلها أيام فقط "

قلت بصدمة " ماذا !! تزوجني "

قال باستغراب " لم أعرفك ستغيرين رأيك "

قلت بهدوء مستاءة " لا لن أغيره "

وقف وقال " خذها للسوق وإن لم تنهي ما تريد أعدها

في يوم آخر ولا تتركها وحدها هناك وتغادر "

وقفت بسرعة لأخرج خلفه ولا أبقى وحدي مع فراس

لكنه أمسك قميصي من الخلف وأعادني للداخل

ولفني لأقابله وقال بابتسامة جانبية

" لم تخبريني أنك تريدين شهرا كاملا لما رفضت "

قلت بسخرية " ذلك أفضل فأنا أريد أن أقضي

الليل والنهار في التنزه "

أمسكني من ذراعي وقربني له وقال بهمس

" النهار لك والليل لي وسنكون متعادلان "

دفعته بيدي بعيدا لكنه أمسك بذراعي الآخر

وقبّل خدي ثم عضه عضة خفيفة وغادر قائلا

" أنتظرك في السيارة فلا تتأخري أو أرسلت

لك الخادمة وستعرف كيف تنزلك "

أمسكت خدي بيدي ولويت شفتاي وهمست

" ليست سيئة كما ضننت لا بأس به كزوج "

ثم خرجت وصعدت للأعلى غيرت ملابسي على

مهل ثم لبست حجابي ونزلت وخرجت فكان ينتظر

في السيارة , سيرى إن لم أكسر له ساقيه من التنقل

بين محلات الثياب فالنساء لا يتعبن من ذلك أبدا

ركبت السيارة وضربت بابها بقوة لأمارس أول

حقوقي لكنه كالمرة السابقة لم يتكلم , انطلقنا وقلت

" من اشترى لك هذه السيارة "

قال بصوت مبتسم " ولما تسألي هل ستأخذينها مني "


لففت جهته وقلت " هل تصدق أني صرت زوجتك

أنا لا أصدق هذا فأنت آخر من تمنيت أن أتزوجه "

فتح الدرج وأخرج منه مشطا رقيقا وصغيرا وقال

وهوا يسرح به شعره وينظر للمرآة

" لا تجعليني أتبث لك أني زوجك "

قلت ببرود " لا صدقت بلا إثبات "

ثم أخذت المشط من يده وقلت " لما لا تدعني

أفعل لك هذا ألست زوجي "

أخذه من يدي وقال " لا ثقة بك أنتي يا أم لسان

وأعرف ما تفكرين فيه "

نظرت للأمام وقلت بضيق " يالك من عديم ذوق

وهاضم لحقوق الزوجة أيضا "

ضحك وقال " ألا تعرفي أن هناك شيء أسمه حياء

يزور الفتاة حين تتزوج وتكون وزوجها معا "

ضحكت ضحكة ساخرة وقلت " أفلام تصدقونها

أنتم الرجال , لا أعرف واحدة تستحي في الليل

لتقبل خده في الصباح وتقول "

وتابعت بصوت رقيق " أمواااه صبح الخير حبيبي "

ضحك كثيرا ثم قال " علمت الآن لما يريد

أشرف أن يتزوجك هوا "

نظرت له وقلت باستغراب " ولما "

قال بعد ضحكة " سر لا أريد البوح به "

قلت وأنا أضيق عيناي " لأنه ليس لديك الشجاعة لتقوله "

ضحك وقال " خطة فاشلة "

قلت بسخرية " بلى جبان ولا تستطيع أن تقول "

أوقف حينها السيارة أمام مركز للتسوق ونظر لي

وقال " انزلي هيا يا أم لسان "

قلت بضيق " افتح فمك أنت لأرى إن

كان لديك لسان أم لا "

فتح الباب ونزل قائلا " انزلي وعدلي حجابك

لأنه رجع للوراء "

تأففت ونزلت أعدله , مابه كلها شعرتان من منابته

ولم أعلم بهما , سرنا نحو الداخل فأمسك ذراعي

وسحبني نحوه قائلا " سيري بقربي ولا تبتعدي "

قلت بضيق " فراس ما بك أنا لن أهرب "

لف ذراعي حول ذراعه وشدني ناحيته فقلت ببرود

" إن كان الذي يكره يفعل هكذا فما يفعل من يحب "

قال ببرود أكبر " يتركك هنا ويغادر "

نظرت له وقلت بصدمة " فراس هل تشك بأخلاقي !! "

وقف أمام أحد المحال وقال " أنا لم أقل هذا "

قلت وأن أحاول سحب ذراعي منه

" وما قصدك بما قلت "

نظر لواجهة المحل وقال " ندخل هنا أو لا تريديه "

قلت بضيق " أعدني للمنزل حالا "

سحبني وسار بي قائلا " رُدين توقفي عن لعب

الأطفال فلا وقت لدي لذلك "

قلت باستياء " لم أعد أريد هذا قلت لك "

وقف وقال بحدة " رُديييين "

سكت كل من حولنا ينظرون لنا فتأفف وواصل

السير يسحبني كالنعجة , غريب أين كانت عصبيته

كل ذاك الوقت , ومن الآن سأجهز نفسي لحدته حتى

نعود للمنزل لكني لن أنساها له أبدا أنا يشك بي ويقولها

هكذا علانية , لففنا بعض المحال وبقيت فيها أكبر وقت

ممكن لأتعبه من الوقوف ثم مررنا بمجموعة محلات

لملابس النوم فتخطيتهم متجاهلة لهم فوقف وشدني

عائدا بي للوراء وأدخلني أحدهم وقال " ما بك

أصابك العشا الليلي عند هذه الجهة "

قالت ببرود " بل رأيتهم "

نظر لي وكتف يديه لصدره فقلت بابتسامة جانبية

" لم يعجبني منها شيء "

نظر لي بضيق وتنفس بغيض فقلت بهمس

" مرحا للتنين "

ضغط على أسنانه يكتم غيظه فقلت بابتسامة

" أقصد أني لا أريد هذا "

خرج من هناك ممسكا يدي ودخل بي للمجاور

له فقلت " ولا هذا "

أشار لإحدى البائعات فجاءت ناحيتنا فقال وهوا

يؤشر بإصبعه على المعروضات " نريد

من هذا وذاك والذي في الزاوية "

وبدأ يعدد لها من المنتوف من كل جهة للأسوأ

منه ثم قال مشيرا لي " وأريدهم على مقاس

زوجتي وبسرعة لو سمحتي "

قالت مغادرة " مقاسها سهل وجميعه مناسب

لها جسمها مثل جسمي "

قلت بهمس وضيق " وقحة نقص أن تقول رقم قياس

ملابسها الداخلية "

وكزني وقال بصوت منخفض " ارحمي الناس

منك لا يسلم من لسانك أحد "

نظرت له وقلت ببرود " لو كنت تعنيني لقطعت

لها لسانها على ما قالت "

قرب رأسه وقال هامسا " يكفيني ما قلته ولو همسا "

قلت من بين أسناني " واهم يا واهم "

أحضرت كومة منهم وقالت " اختاروا الألوان "

لا أعرف ما درجة وقاحتها تعرضهم أمام رجل

قلت من فوري " أريدها جميعها باللون الأبيض "

أخذ ألوان بشكل عشوائي وقال " ضعوها لنا في أكياس

واحسبوا الثمن وبسرعة لو سمحتي "

ثم نظر لي وقال بهمس

" الأبيض تنسيه من الوجود تفهمي "

وضعت يدي وسط جسدي وقلت بضيق

" ولما ؟ هل ستتحكم بملابسي أيضا "

نظر جهة البائعة متوجهة نحونا وقال بهدوء

" لأني كفنت ثلاثة من أعز أصدقائي

بالأبيض وبيداي مجبرا هل فهمتِ الآن لما "

ثم غادر لأنها جلبت له فاتورة الحساب وبقيت أنا أنظر

له بحيرة , كيف يكفنهم بنفسه وثلاثة ! لهذا هوا يجن

أحيانا , خرجنا ويده مليئة بالأكياس والأخرى تمسك

يدي طبعا كي لا أتبخر في السوق فنظرت له

وقلت " كيف ماتوا ؟؟ "

قال ونظره للأمام " هل هناك شيء غيره تشتريه

أم نعود في يوم آخر "

قلت " لما كفنتهم أنت ؟ ما الذي أجبرك على ذلك "

قال بضيق " رُدين أغلقي هذا الموضوع "

وقفت ووقف معي وقلت باستياء " ما بك

هكذا تصرخ بي أنا لا أحتمل وقلبي ضعيف "

ضحك وهز رأسه وأمسك يدي مجددا وسار قائلا

" لا أحب الحديث في ذاك الأمر يا أم القلب الضعيف "

قلت ونحن نتابع سيرنا " هل تعلم أنه هناك منطقة

في الدماغ عندما تفور تسبب الدوار والقشعريرة

والغثيان ومرض القلب وهل تعلم ما يحركها "
قال بنفاذ صبر " ماذا "


قلت ببرود " الفضول "

قال ببرود أكبر " إذا توجهي للحمام حتى تغادرك

كل تلك الأعراض "

خرجنا متوجهان للسيارة فاستوقفنا صوت

فتاة من خلفنا قائلة " فراس "

نظرت للخلف من فوري فكانت .... جوجو ))

أغلقت الرواية وقلت " أعانه الله عليها "

قالت مبتسمة " دائما يميل الإنسان لمن يخالف

أطباعه لأنه سيقلب له روتين حياته "

هززت رأسي وقلت بحيرة " غريبين نحن البشر "

ضحكت وقالت " نعم ولا شيء يعجبنا ولا نرتاح

حتى نموت ونترك الدنيا بما فيها "

نظرت للساعة وقلت " وكأن نزار تأخر كثيرا "

قالت مبتسمة " قال سينتهي عملهم عليه خلال أيام

ومن ثم سيبدأ عند مزرعة صديق لمعتصم "

شعرت بالضيق فهوا لن يكون هنا بعد اليوم

ويبدوا من عمل لآخر , نصيحة خالتي لي كانت

نتائجها عكسية فها قد بات يقبل العروض وناحيتي

لم يتغير شيء , كسب لنفسه وخسرت لنفسي لكن

لا بأس المهم تغير هوا قليلا , رفعت غرتي خلف

أذني وتنهدت بأسى ... أنا حقا متعبة من مشاعري

نحوه وهوا لا يقابلها إلا بلامبالاة ويعاملني وكأني

ابنته , ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى سمعنا

صوت الباب فقالت خالتي من فورها مادة يدها

لي " هاتي الرواية بسرعة "

نظرت لها في حجري ومددتها لها فورا وخبأتها

خلفها كالعادة ووقف نزار عند الباب وقال

" مساء الخير "

قلنا معا " مساء النور "

ثم قلت مباشرة " هل تريد عشاء "

قال مغادرا " تعشيت هناك شكرا لك "

وصعد السلالم ونظري علق عند الباب وهذا حاله

منذ أكثر من ثلاث أسابيع لا نراه إلا ليلا حين يعود

يقف هكذا عند الباب ليمسي علينا وفي الصباح حين

يغادر ويسألنا إن كنا نحتاج شيئا , كم أشتاق له لو كان

يعلم وهذه اللحظات لا تكفيني شيئا ... سحقا لك يا سما

لما أوقعت نفسك في كل هذا , تنهدت بحسرة ووقفت

وقلت " هل تريدين شيئا يا خالتي قبل أن أصعد "

اتكأت وقالت " لا بنيتي تصبحين على خير "

أطفأت النور وخرجت مررت بالمطبخ أخذت

قارورة ماء من الثلاجة وخرجت ثم عدت وأخذت

واحدة أخرى وصعدت ووضعت واحدة في غرفتي

وأخذت الأخرى معي ووقفت أمام باب غرفته

لا أعلم لما أريد أن أراه وأتحدث معه ! بلى أعلم

لأني تعبت من غيابه عني وهوا لا يشعر بي لكان

جلس معنا ولو قليلا , طرقت الباب عدة طرقات

فقال من فوره " أدخلي يا سما "

شعرت بأنني صرت كريشة تطير مع الريح من

سعادتي فكم اشتقت لهذه الجملة منه ورؤيته والتحدث

معه لأنعم برؤية ضحكته وابتسامته , فتحت الباب

ودخلت فكان جالسا أمام الطاولة ويرسم في ورقة

كبيرة شبه شفافة ويبدوا لعمله الجديد في تلك المزرعة

دخلت وقلت مبتسمة " أحضرت لك الماء ظننتك

ستنام وهذا بارد أفضل من ذاك "

قال دون أن يرفع نظره عن الورقة " شكرا

لك يا سما أنا بالفعل نسيت أن أغيره "

وضعت القارورة ورفعت الأخرى وقلت

" هل أعد لك كوب شاي "

قال " لا تتعبي نفسك , قليلا وسأنام "

أملت فمي باستياء ما هذه الطردة المعتبرة , هممت

بالمغادرة ووصلت الباب حين استوقفني صوته قائلا

" كيف تسير معك أمور الدراسة "

التفت له ووجدته أخيرا ينظر لي وليس لرسمته

تلك فابتسمت وقلت " جيدة وجاهزة من الآن "

قال مبتسما " جيد خشيت أن يكون لديك شيء

لم تفهميه وأنا انشغلت ولم أشرحه لك "

بقت عيناي عالقتان على ابتسامته التي اشتقت لها

حقا وافتقدتها طيلة الأيام الماضية , ليثني قلت أنه

لدي أشياء كثيرة لم أفهمها ليقتطع لي جزءا من وقته

عاد بنظره لما يفعل وقال " سوف آخذك معي غدا

لتري بتول لأني لن أتأخر هناك كثيرا "

ابتسمت وقلت بسعادة " حقا ... هي تتصل بي كل

يوم وتسألني متى سأزورها "

رفع نظره لي مجددا وقال " غدا عند العاشرة آخذك

لها فبلغيها أنك ستصلين عند العاشرة ونصف "

هززت رأسي بحسنا وماتت ابتسامتي حين عاد لتلك

الورقة , سحقا لها كم كرهتها بل العيب به وليس

بها .... كم تتعبني يا نزار لو تعلم فقط , خرجت

ونزلت للمطبخ وضعت القارورة هناك وصعدت

لغرفتي , أطفأت النور ودخلت سريري مباشرة بما

أني غسلت أسناني من وقت , غطيت كامل جسدي

باللحاف ونزلت دموعي من فورها وأنا أشعر بضيقي

ازداد أضعاف ما كان حتى أكاد أموت من الاختناق

وفي الصبح جهزت نفسي وجلست مع خالتي أنتظره

منذ التاسعة والنصف وكأني محكوم عليه بالإعدام

سيطلقون سراحه , لم أكن أشعر بكل هذا السجن سابقا

وهوا معنا أغلب النهار ولا حتى حينما كنت سجينة القبو

أو منزلنا اغلب الأيام في الهند , الآن أشعر بكم هائل

من الاختناق بسبب كل شيء وأولهم الجدران بل هي

آخرهم فأولهم غيابه وتجاهله لي رغم أنه لا يقصده لكنه

مؤلم حقا , وقفت من فوري حين سمعت باب المنزل

انفتح ودخل نزار ووقف عند الباب قائلا " هيا يا سما

لنعود سريعا فلا أود ترك والدتي وحدها كثيرا "

قالت خالتي مبتسمة " دعها ترفه عن نفسها

قليلا لن يحصل لي شيء "

قال مغادرا " أنا من لن يطمئن بالي يا أمي "

نظرت لها فقالت مبتسمة " طلبت منه أن يأخذك

لتتنزهي قليلا في أي مكان , أراك هذه المدة متعبة

من السجن هنا فحاولي أنتي إخباره برغبتك في ذلك "

هززت رأسي بحسنا وقد استساغت نفسي الفكرة

ثم خرجت ولحقته قائلة " وداعا يا خالتي "

وخرجت على كلماتها الحنونة وهي تدعوا لي بذات

الكلمات والدعوات كلما غادرت منزلهم وكأنها تحيطني

بهالة من الحماية أشعر بها رغم أني لا أراها , أغلقت

باب المنزل وتوجهت للسيارة ركبت وسار من فوره

لتمر الدقائق تلو الدقائق ونحن في صمت موحش

نظرت جهة النافذة ثم للأمام ثم عدت بنظري للنافذة

مجددا كالتائهة ثم نظرت ليدي في حجري وقلت

" أشعر وكأني لم أخرج حياتي وأزر أحدا "

لاذ بالصمت حتى ظننته لم يسمعني ثم قال

بهدوء " هذا أمر طبيعي "

ثم امتدت يده لمذياع السيارة وشغله وكانت المرة

الأولى التي يفعلها خلال كل المرات التي ركبت فيها

سيارته وحدنا أو بوجود خالتي , بحث في ترددات

القنوات حتى تبث على إذاعة للقرآن الكريم ورفع

الصوت حتى ظننته سيخترق رأسي من أذناي وأنا

أتابع حركة يده من البداية وبصدمة وأحاول أن لا

أترجم معنى هذا أنه لا يريد أن نتحدث معا أو أن

ينهي الحوار من بدايته , عدت بنظري ليداي التي

تعصران الهدية التي جلبتها من أجل بتول حتى

ظننتها ستتحطم بين أناملي ولم أتحرك بعدها ولم

أرفع حتى جفناي , بعد قليل أخفض الصوت قليلا

وبعد مسافة أسكته فنظرت له من فوري وكأني أتأمل

أنه سيخيب ظنوني وسيتحدث عن أي شيء لكني صعقت

به يرفع سماعة الهاتف لأذنه ويقول " نعم في الطريق "

" لا قليلا وأصل لا تغادر أريدك في أمر مهم "

" أجل بخصوصها فكم سنؤجله "

ثم تأفف وقال " جابر انتظر وسنتحدث اليوم , قلت

لك الأمر مهم ولا علاقة له بالقضية "

" ستعلم ما أن أصل وداعا "

أزال حينها سماعة الأذن وقال " لن نتأخر نصف ساعة

أو ساعة على الأغلب فبالي كله مع والدتي "

تنفست بقوة ونظرت للنافذة ولم أتحدث , حسنا

فهمناها باله مع والدته ولن يستطيع تركها وحدها

هوا كان يتركها وحيدة حين يذهب للمدرسة وتأتيها

دعاء أو زوجة عوني في أوقات متقطعة وكان الأمر

عادي فما تغير الآن , أم يخاف أن أطلب منه أن

نذهب لمكان ما كما قالت له خالتي أو فكر أني أنا

من قلت ذلك أمامها , قلت حينها بهدوء يقارب الهمس

" ولا أنا أريد التأخر ولا أن تبقى خالتي وحدها "

لم يعلق طبعا وكأن ثمة من أكل له كل ذاك اللسان

صحيح أنه لم يقسوا علي بكلماته ولم يخاطبني بنبرة

جافة ولا باردة لكني أشعر بتجاهله لي بات واضحا

وأخطأت حين ظننت أنه كان يتجنبنا بسبب عمله وأنه

متعب , لكني لم أفعل أي شيء خاطئ ولا أذكر أني

قلت أو فعلت شيئا , وصلنا حينها ونزلت وتحرك هوا

من فوره بالسيارة وتركني واقفة رغم أن القصر يبدوا

ها هوا هناك قريب جدا , نظرت للباب ومددت أصابعي

وقرعت الجرس ففتحته لي بتول سريعا وسحبتني من يدي

للداخل ثم تعانقنا فورا وقالت بسعادة " سما كم اشتقت لك "

قلت بحب " وأنا كذلك وتمنيت أن زرتك منذ وقت "

سحبتني معها من يدي للداخل ودخلنا منزلهم , كان

راقيا وجميلا ليس كمنزلنا في العاصمة لكنه يكاد يكون

مثله , أخذتني لغرفة الضيوف وجلسنا وقالت من فورها

" أصبحت المدرسة مملة من دونك يبدوا أني اعتدت

عليك ولم أكن أعلم رغم أنك لا تتحدثين كثيرا "

قلت مبتسمة " وأين ريحان عنك "

قالت بضيق " تلك الفتاة قطعت علاقتي

بها منذ الحادثة التي حصلت لكما "

قلت باستغراب " ولما !! "

قالت بضيق أكبر " أمثالها لا ثقة فيهم كيف تهرب

وتتركك حتى أنها لم تطرق أحد الأبواب ليخرجوا

لإنقاذك , أنانية وفكرت في نفسها فقط لو كنت أنا

مكانها ما تركتك وحدك ولحاولت إنقاذك ولو

بضربه بحجر على رأسه "

نظرت للأرض وقلت " على الأقل تنجين أنتي

أفضل من أن يمسكونا الاثنتين "

قالت من فورها " أبدا ما يحصل لك يحصل لي

أليست من أخرجك من هناك وهي تعرف أنهم

لا يريدونها هي , كانت فعلت أي شيء تساعدك به

لقد تشاجرت معها أمام الجميع وقطعت علاقتي بها

منذ ذاك اليوم ولن يشرفني مصادقة أمثالها "

نظرت للهدية في يدي وتذكرت أني لم أعطها لها

فمددتها لها وقلت " لم أجد وقتا لأخرج وأشتري

لك شيئا مميزا ... أتمنى أن تعجبك "

أمسكتها وقالت مبتسمة " ياه سما هدية مرة واحدة

أين تربيتي بالله عليك أجزم أنك ......."

ثم توقفت عن الكلام عندما فتحت العلبة ونظرت

لي بصدمة وقالت " ذهب "

قلت مبتسمة " اتركيها تذكارا مني "

وما أن فتحت فمها لتتحدث حتى دخل طفل راكضا

رماها بوسادة أريكة وغادر ضاحكا فوقفت وقالت

بحدة " مصعب يا وقح قلت لا تدخلوا هنا "

لم أستطع إمساك ضحكتي فجلست وقالت بحنق

" هذا القرد سيرا مني فيما بعد "

قلت مبتسمة " يبدوا لطيفا ومرحا جدا "

تأففت وقالت " سيصيبونني بالجنون ليثني مثلك

فكم أنتي في نعيم لا يعلمه أحد غيري "

نظرت للأرض بحزن ولم أعلق ... بل أنا التي ليثني

مثلك يا بتول لي عائلة والدان وإخوة كيف تتمنين مكاني

نظر ذاك الطفل مجددا من الباب ثم أخرج لها لسانه

وهرب فرمته بالوسادة التي رماها عليها سابقا وقالت

بصوت مرتفع ليسمعها " مصعب أقسم سأضربك

على كل هذا وسترى حسابك مني "

قلت " أخبريني لما لم تذهبي للمدرسة كل تلك الفترة "

تنهدت وقالت بأسى " لو تعلمي ما حدث لي يا

سما لبكيتِ على حالي حتى جفت دموعك "

قلت باستغراب " لما !! ماذا حدث "

مدت لي بيدها اليسرا لأنتبه لخاتم الزواج فيها

فقلت بصدمة " تزوجتِ !!!! "

تنهدت وقالت " بل اكتشفت أني متزوجة ولا أعلم "

بقيت أحدق فيها مصدومة وهي تسرد ما حدث معها

ثم قالت بضيق " وطبعا أنا مراقبة من عمر شقيقي وذاك

المعتصم يرشيه بالأشياء التي يحبها ليخبره إن نزعت

الخاتم أم لا وذاك القرد يهددني دائما أنه سيخبره "

قلت بحيرة " كل هذا حدث معك !! كيف لا

يخبرونك ويأخذون رأيك "

قالت باستياء " لا أهمهم في شيء لكانوا فكروا بي "

هززت رأسي وقلت " ياله من موقف وضعوك به "

ثم نظرت لها وتابعت " وما ستفعلين لاحقا هل

ستتركين جابر يطلقك منه "

قال من فورها " بالتأكيد ما أن تمر سنوات

دراسته سأطلب منه أن يطلقني منه وفي الفور "

قلت باستغراب " ولما وأنتي لا شخص لديك تحبينه

كما قلتِ سابقا وهوا يبدوا لا عيب به حتى نزار

أذكر مرة تحدث عنه حديثا جيدا "

لوت شفتيها وقالت بضيق " لا أحبه أكرهني فيه

لسنوات وعقلي لم يصدق حتى الآن فكرة أنه

زوجي وأني زوجته "

نظرت لها باهتمام وقلت بهدوء " وكيف وافق والدك

وأنتي صغيرة وكيف سيفرض جابر رأيه على الجميع "

قالت مباشرة " والدي لم يفكر سوا بوعده لعمي لا فكر

بي ولا بعمري ولا رأيي , وجابر الشخص الوحيد

الذي إن قال نفذ وينفذ الجميع كما يريد "

اقتربت بعدها مني أكثر وقالت بصوت منخفض

" وما حكايتك أنتي التي قلتِ في الهاتف أنك

ستحكيها لي ما أن نتقابل "

تنهدت ونظرت للأرض وبدأت أنا في إفراغ ما في

قلبي ويكاد يحرقه حتى انتهيت فقالت " نعم وبعدها "

هززت رأسي وقلت " لا شيء بعدها هذا فقط "

قالت بصدمة " كيف هذا فقط ! ما رأيه هوا وما

مشاعره نحوك وما قال لك "

هززت رأسي مجددا وقلت " لم يقل شيئا ولا أعلم

شيئا , هوا بعد ترك خطيبته له منذ سنوات لم يعد يفكر

في شيء سوا عملية والدته ويرى أيضا أني صغيرة

على الزواج من أي أحد "

تنفست بقوة وقالت " أي حفرة هذه التي أوقعت

نفسك بها يا سما "

قلت بتذمر " وهل الأمر كان بيدي ؟ لو كان كذلك ما

أحببته أبدا , لكن هذا أمر لا نتحكم به "

قالت بهدوء " والحل في هذا "

قلت بأسى " لا شيء ولا حل "






*

*





وضع يديه في جيوبه وقال " نزار ما هذا الجنون

الذي تقوله ! كما أنه ليس وقته يا رجل "

قلت ببرود " ولما ليس وقته أنت فقط تحدث مع عائلة

والدها عن الأمر كي لا يلقوا عليا باللوم حينها وسأعلم

منها من يكون الشخص الذي قد توافق على الارتباط به "

قال بجمود " والسبب "

تأففت وقلت " جابر كم مرة ستقولها , السبب شخصي

ولا أريد الحدث عنه "

قال بسخرية " نزار لا تضيق الخناق على نفسك يا

صديقي المعادلة سهلة فلما تصعبها هكذا "

قلت بضيق " لم أفهم ولا تشرح لي "

قال بابتسامة جانبية " بل تفهم ومن دون أن أشرح لك

وكلامي واحد إن كان أنت ذاك الزوج فموافق وغيره

لا ولن أعرض حياة الفتاة للخطر بتزويجها بشخص لا

أعلم ما قد يضرها به بل قد نسلمها لهم ونحن لا ندري "

نظرت للجانب الآخر ولم أعلق فقال بضيق " نزار للمرة

المئة أسألك لماذا تريد أن تخرج الفتاة من منزلك "

لم أعلق ولم أتحرك فقال مغادرا " إن فعلت ما في

رأسك وتضررت الفتاة أنا من لن يرحمك

قبل أهلها يا نزار "

تأففت ونظرت جهة العمال الذين يتحركون دون

توقف , لما تصعبها علي يا جابر أنا مثلك لا أريد

أن أعرضها للخطر بل وأكثر منك لكن لا حل أمامي

غيره فلم أنجح ولا حتى في الهروب منها لأنها يبدوا

بدأت تسيطر على تفكيري حتى وهي ليست أمامي

ولا أتخيل أبدا أن أتزوج بها وهي في هذا السن

عقلي لا يقبل الفكرة أبدا فلأبعدها مع الشخص الذي

تريده من الآن وأتحمل على نفسي قبل أن يكبر شعوري

ناحيتها أكثر , غادرت من هناك وتوجهت لباب منزل

عم جابر واتصلت بها لتخرج وجلست في السيارة وما

هي إلا لحظات وخرجت وركبت في صمت وانطلقنا

عائدين ولم تغب فكرة سؤالها عن ذاك الشخص عن

بالي طوال الطريق وكلما فتحت فمي لأتحدث شعرت

بأن لساني تحول لحجر يرفض التحرك وقوة تمنعني

وكأني أخشى على نفسي من الجواب , وصلنا المنزل

ونزلت وهي تتبعني وتوجهت للأعلى من فورها

ونظري يتبعها حتى اختفت فسمعت صوت

والدتي قائلة " نزار تعال لا تذهب "

دخلت لغرفتها وجلست أمام سريرها فقالت مباشرة

" صباح زوجة عوني تحدثت عن موضوع سما

مجددا وأنا طلبت منها سؤالها بنفسها لأنهم

يضنون أن رأيها مغاير لرأيك "

قلت بحدة " سما سما وزواج وزوجّها سأفعلها

وأرحمكم جميعا ولا أحد يلقي عليا باللوم في شيء "

نظرت لي بصدمة فأنزلت نظري وقلت بهدوء

" آسف يا أمي لم أقصد الصراخ بك "

قالت ببرود " وبمن ستزوجها سيد نزار "

أشحت بنظري وقلت بكلمات أشعر أنها تخرج

من عروقي " بمن تريد هي طبعا "

" وأي كان اختيارها ؟؟ "

نظرت لها بسرعة فتابعت " أجب هل ستزوجها

به مهما كان ذاك الشخص "

قلت باستغراب " أمي ما معنى كلامك هذا !! "

اتكأت على سريرها وقالت " لا شيء اسألها وافعل

ما يحلو لك ولا تلم أحد على النتائج يا نزار "

وقفت وقلت " أنتي تعلمين أن سما تحب

شخصا فمن يكون "

ستكون على لسان والدتي أيسر من أن أسمعها

منها , قالت ببرود " لا أعلم "

قبضت على يداي بقوة وقلت " أمي أجيبي "

نظرت ناحيتي وقالت بضيق " قلت لا أعلم وهي

لم تخبرني عنه وكما أخبرتك يا نزار تحمل

نتائج هذا السؤال لأنها ستكون سيئة "

قلت مباشرة " ولما "

ابتسمت بسخرية ولم تعلق فخرجت من عندها

وصعدت من فوري للأعلى وجنون يسيطر علي

وأعلم معناه جيدا وهوا الحب يا نزار تحبها وعليك

أن تضع لهذا حدا مهما كرهته نفسك , طرقت

باب غرفتها عدة مرات ولم تفتح فقلت

" سما هل أنتي بخير افتحي الباب "

فتحت بعد قليل تنظر للأرض وأعلم معنى حركتها

هذه جيدا وهي إخفاء عينيها التي أتعبهما البكاء

تنفست بقوة وقلت " ما بك من ضايقك يا سما "

أولتني ظهرها وقالت " لا شيء ولا أحد "

هذه النبرة الباردة في صوتها أول مرة أسمعها !! أغمضت

عيناي بقوة ثم فتحتهما وقلت " سما أريد أن أسألك عن

أمر فيه مصلحتك ولم أعد أريد التدخل فيه وسأحتفظ

بأفكاري لنفسي وأحررك منها "

لم تعلق ولم تلتفت وخيرا فعلت أن أخفت وجهها

عني فتابعت " سما أنا ألغي كل كلامي الذي قلته لك

سابقا عن زواجك ومستعد لأن أزوجك بالشخص الذي

تريدي لكن عليا أن أتأكد منه أولا من أجل سلا.... "

قاطعتني قائلة بحدة " لا أريد أن أتزوج أحد لا أريد "

بقيت أنظر لها بصدمة , ما بها هل تشاجرت معه أم

ماذا !! التفتت لي وقالت بغضب أراه أول مرة " توقف عن

قول هذا يا نزار سحقا لك سحقا , أنا لا أريد أحدا لا هوا

ولا غيره ولا يريدني ولا يفكر بي أكرهه تفهم أكرهه "

بقيت مصدوما وجملة واحدة تتكرر في رأسي

(توقف عن قول هذا يا نزار سحقا لك سحقا )

أنا أبحث عنه بين الرجال وهوا .. لا يا سما لا تقوليها

ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى غادرت جهة سريرها

وارتمت عليه تخفي وجهها في ذراعيها وقالت ببكاء

" متحجر ولا يشعر , لم أعد أريده ولا أريد

أن يتزوجني سحقا له "

أغمضت عيناي بشدة وأنزلت رأسي للأرض وسحقا

لي بالفعل يا سما كيف لم أنتبه لكل هذا وكلام والدتي

أن سؤالي ستكون نتائجه سلبية فهمت الآن معناه ومما

لا شك فيه أن والدتي تعلم بكل شيء , لما تصعبينها

علي يا سما لماذا , لا يمكنني الزواج بك كل شيء

ضد ذلك وسيكون جنونا حقيقيا , أنتي فقط لم تعرفي

غيري وأمامك العمر بطوله وستتغير مشاعرك الزائفة

هذه فأنا كنت في سنك وأعرف معنى هذا , بقيت أنظر

لها وهي تدس رأسها أكثر بين ذراعيها وتبكي فتنهدت

وقلت " حسنا يا سما لن أزوجك به ولا بغيره لأنه عليك

أن توجهي مشاعرك بشكل سليم فقد يكون لا يستحقك

وستكتشفين ذلك يوما , أنتي ورائك مستقبل طويل

وستتغير كل أفكارك صدقيني "

ثم ضغطت على يداي بقوة وتابعت

" انسيه وستجدين أفضل منه مستقبلا كوني أكيدة "

ثم أغلقت الباب وغادرت جهة غرفتي , كلامي قاس

عليها لكنه لن يكون أقسى من مستقبلها معي , وأن أقوله

وهي لا تعلم أني بث أفهم حقيقة مشاعرها نحوي أفضل

من أن أقوله وهي تعترف لي فسأجرحها أكثر حينها







****************************************************

******************************************





طرقت باب جناحها ففتحت الباب وخرجت تعدل حجابها

على وجهها , ما هذه الحسناء لا أعلم أي درجة سيصل

لها الحسن في النساء بعد هذه الفاتنة , قلت بابتسامة

" ظننتك غيرتِ رأيك ولن تذهبي "

أغلقت باب جناحها وقالت " سنخرج هذه المرة فقط

يا أرجوان رجاء ولن نتأخر أيضا "

أمسكت يدها وسحبتها منها قائلة

" موافقة فقط أخرجي الآن قبل أن تغيري رأيك "

ثم تابعت ونحن ننزل السلالم " ولا تشتري من أجله

شيئا ولا حتى مشبك شعر وإن كان لا يعترف

بالحب فلا تتزوجيه من أساسه "

لم تتكلم ولم تعلق على الأمر ، خرجنا وركبنا السيارة

وغادرنا القصر ، لا أعلم لما أفعل كل هذا من أجلها

ومن أجل حتى أطفال لا يمدون لي بأي صلة

خصوصا بعد الكلام الجارح والمؤذي الذي سمعته

منه وأنا كالحمقاء لم أتوانى لحظة عن التعبير عما

أشعر به وعن أهميته في حياتي ليضربني على قلبي

بتلك الحقيقة الموجعة التي قالها منذ البداية .... مربية

فقط وحدودنا الأولاد , لكني سمعت كلام سوسن وصدقته

وها قد جاءتني النتائج الرائعة لأدرك الحقيقة بعد فوات

الأوان وبعد أن أحببته ولكن على هذه المهزلة أن تتوقف

وصلنا لمركز التسوق الذي بت أرتاده دائما منذ تزوجت

ونزلنا وهي تسير بجانبي في صمت ، سبحان الله لو لم

أسمع صوتها بأذني لقلت أنها خرساء ، جلنا بعض

المحلات والحارسان خلفنا وشبه مجبرة اشترت زهور

بعض الأغراض وفساتين كالفساتين التي تلبسها دائما

ولا تليق بسواها ، دخلنا بعدها لمحل لبيع الذهب

والمجوهرات وما أن وقفنا عند طاولة المعروضات

حتى توجه أحد الباعة نحوها فورا ينظر لها بتفحص

مبتسما وقال " تفضلي يا آنسة سيعجبك ما لدينا بالتأكيد "

ياله من وقح من قال له هي التي ستشتري وليس أنا ولا

ألومه من يرى هذا البدر ولا ينسى نفسه حتى أنه لم

يشك أن تكون متزوجة مرتين وناداها بالآنسة ، سحبتها

معي للجهة الأخرى عند الباب أريها بعض الحلي ثم

انتقلنا لجهة أخرى لكن في الداخل فسمعنا صوت من

خلفنا قائلا باستغراب " زهور !! "

نظرنا كلينا للخلف فكان رجل يبدوا في سن جابر أو

أكبر منه بقليل بملامح فيها جاذبية غريبة لا تعرف

فيما تحديدا وأجمل ما فيه خصلات شعره التي تعانق

جبينه الشامخ مع نظارة النظر الطبية التي زادته هيبة

كان ينظر لها باستغراب وكأنه لا يتوقع وجودها هنا

ويمسك في يده كيسا لماركة معروفة لشركة حواسيب

نظرتُ لزهور فكانت تنظر للأرض ثم تراجعت خطوتين

حتى التصقت بالطاولة فتقدم منها في خطوة واحدة ومد

يده وأمسك يدها ورفعها له ليصعقني حين قبلها قبله

طويلة ثم أمسكها بكلتا يديه وقبل كفها ونظره على وجهها

وزهور على حالتها تنظر للأرض وعلى ملامحها أسى

واضح وكأنها تمنت أن لم تكن هنا , أما أنا فكنت أنظر

له مصدومة بدون أن أرمش ... ما أجرأه من رجل

وكأني لست موجودة بل وكأنه لا أحد غيرهما هنا

لابد وأنه زوجها وإلا ما تجرأ على فعل أمر كهذا

وما سكت له الحارسان الواقفان عند الباب من الخارج

أنزل بعدها يدها وهي لازالت في يده ليصعقني مرة

أخرى وأصابعه تمسح على خذها وقال بهمس

" يالها من مفاجأة لم أتصور أن تخرجي مجددا حبيبتي "

كدت أبكي من الحسرة ، كل هذا لسعادته بخروجها !

لا ويقول لها حبيبتي وعيناه لم تفارق ملامحها ينظر

لها بشغف ، ما هذا الحظ الذي لديك يا زهور كل هذا

ولا تريدي الزواج منه ويبدوا تجبرين نفسك ، سحبتْ

يدها من يده بقوة وأبعدت يده الأخرى عن وجهها

وغادرت مسرعة وأنا أنظر لها بصدمة ليخرجني

منها صوته قائلا " اتبعيها رجاءا لا تؤذي نفسها "

خرجت مسرعة كي أدركها ، غريب أمر هذا الرجل

فعل كل ذلك فلما لا يلحق بها بنفسه أو أنه لا يرى أحد

الحارسين الذي انطلق خلفها ، أدركتها أخير وهي تكاد

تخرج من باب المركز وأمسكت يدها وقلت بنفس لاهث

" زهور انتظري أين أنتي ذاهبة بسرعة هكذا "

قالت وهي تخرج " أريد العودة للقصر وأخبرتكم

منذ البداية أني لا أريد الخروج "

خرجت خلفها ولا أفهم مما يجري شيئا ، هوا زوجها

وستكون في منزله قريبا فما المشكلة إن تقابلا الآن أم

أنها لا تريد أن يراها هنا ، عجيب أمرها يبدوا ورائهما

قصة ويبدوا يحبها سابقا بل متيم بها ويحق له من سيلومه

فيها , لكن ما سبب نفورها منه يا ترى ! ركبنا السيارة

وانطلقنا تتبعنا سيارة الحراس وعدنا للقصر ولم تتحدث

زهور طوال الطريق , كانت تفرك يداها بقوة حتى كادت

تمزق جلدهما ويبدوا تفرغ انفعالها فيهما ودمعة واحدة

يتيمة التي نزلت ومسحتها على الفور وأنا لم أقل شيئا حتى

وصلنا القصر ونزلت ودخلت هي قبلي مسرعة ونزلت

أنا بعدها أنظر لسيارة جابر الواقفة أمام الباب ويبدوا كان

هنا وسيغادر ، فتح باب السيارة ونزل ووقف أمام بابها

وقال " ما بها وكيف كان تسوقكما "

قلت بنبرة جافة وأنا أنظر للفراغ " جيد "

ولم أزد شيئا على ذلك ولم أنظر له وهذا حالي منذ تلك

الليلة أعامله كما حدد هوا مجرد شخصان لا يجمعهما

سوا العشرة والتعود وهوا لم يتحدث عن تغيري اتجاهه

مطلقا لأنه أساسا هذا ما يريد فكيف سيعترض ، ركب

سيارته دون أن يضيف شيئا ودخلت أنا للداخل ، ليتك

تتعلم من زوج شقيقتك الذي قلت سابقا أنه صديق طفولتكم

وليتها تقدر ما هي فيه من نعيم لكني أدركت شيئا واحدا

أنكم أبناء هذه العائلة لا تختلفون عن بعضكم في شيء

وعبثا يحاول من يفكر في تغييركم ، وصلت للأعلى

وتوجهت من فوري لجناحي ودخلت الغرفة لأجد الفوضى

التي باتت متعمدة بشكل واضح هذه الأيام ، جمعت ثيابه

وأغراضه فلا بأس هذا من أساسيات العشرة أيضا ، دخلت

بعدها للحمام استحممت وخرجت بالمنشفة لأفاجئ به هنا

يبحث عن شيء في خزنته التي لا أراها مفتوحة إلا نادرا

توجهت لغرفة الملابس ولبست بيجامة قطنية قصيرة

وخرجت وكان لا يزال هناك وفي يده كومة أوراق يفتش

فيها ، جلست على كرسي طاولة التزيين وبدأت

بتجفيف شعري حين سمعت صوته قائلا

" هل أنهت زهور شراء كل شيء "

زدت من قوة المجفف ليزداد صوت ضجيجه وكأني

لم أسمع فأقترب مني واستل خيطه من الكهرباء ورماه

أرضا وقال بضيق " هل لي أن أعلم سبب كل هذه

التصرفات يا أرجوان "

جيد تذكر أن ينتبه أن تصرفاتي تغيرت , لا ويسأل

عن السبب بكل جرأة , وقفت وأعدته مكانه وعدت

لجلوسي وقلت " وما الخطأ بي لأغيره "

قال بحدة " أرجوان حركات الأطفال هذه أضنك

أكبر منها وأنا سكتت عن هذا كثيرا "

قلت ببرود وأنا أمشط شعري " ما الخطأ بي لأغيره "

تأفف بصوت مسموع ثم غادر ضاربا الباب خلفه

وليس لديه ما يقوله طبعا لأنه سيناقض نفسه ومعتقداته

الفارغة ، شغلت مجفف الشعر من جديد وابتسمت بألم

على حالي ، ليثني لم أحبك يوما يا جابر ليت قلبي ميت

مثلك وبلا إحساس فأنت لا تصلح لك سوا ابنة راضية

التي اختارتها لك والدتك لأنها شبيهة بها وبك ، أنزلت

مجفف الشعر وأشعر بحسرة في قلبي وأنا أنظر لشعري

في المرآة وأتذكر كم كنت أستمتع بلعبه به كل ليلة لوقت

طويل ولم أتخيل أنها مجرد عادة اعتاد على فعلها وكل

ظني أنه يحبه كما أحب أنا أن أخلل أصابعي في شعره

البني ليس بسبب لونه ولا كثافته ونعومته بل لأنه

شعره هوا كيفما كان سيكون , وقفت بصرخة متألمة

ليسقط المجفف على الأرض ومسحت فخذي بيدي

لأصرخ صرخة أقوى من سابقتها بسبب ازدياد

الحرارة بلمسي للقماش ساخنا بشدة , رفعت بنطلون

البيجامة لأرى ما سبّبه فيها فكانت بقعة حمراء أشعر

وكأن من سكب عليها ماء ساخن من شدة الألم فيها

ولم استطع لمسها , توجهت للسرير جلست على طرفه

وأخرجت ورقة من الدرج وبدأت أهف عليها مخففة

من حرارتها ثم وقفت أمسك البنطلون وخرجت متوجهة

للمطبخ هنا وفتحت الثلاجة أخذت منها بعض الثلج ولم

أعرف كيف أتصرف فيه فثنيت البنطلون حتى تبث فوق

الحرق ووضعت الثلج في كيس ووضعته على فخذي

أغمض عيناي بشدة ثم عدت جهة الغرفة وجلست

على السرير أكمده بكيس الثلج وبقيت على ذاك الحال

لوقت ولا أعلم لما سبّب كل هذا وأنا كنت أرتدي البنطلون

يبدوا بقي المجفف عليها لوقت وأنا لا أشعر به , كنت أسمع

عن الذي يجرح نفسه أو يحرق نفسه وهوا لا يشعر وكنت

أُكذّب ذلك وأقول أنه يتحجج فكيف لا يشعر بالسكين أو النار

والآن صدقتهم ويبدوا أنهم كانوا في حالة نفسية سيئة حد

أنه انعدم عندهم الشعور , بعد وقت وقفت وأنزلت البنطلون

برفق وسرعان ما عدت ورفعته لأن حرارة الحرق ازدادت

حين تغطى , توجهت جهة غرفة الملابس وغيرت ثيابي

ولبست فستانا قصيرا بعض الشيء وواسعا من الأسفل

وخرجت أمسك طرفه بيدي ليبتعد عن فخذي وغادرت

الغرفة والجناح بحثا عن سيلا حتى وجدتها وطلبت منها

أن تحضر لي مرهم حروق ووضعت كمية عليه ثم توجهت

جهة غرف الأطفال فأنا لم أزرهم من ساعات , توجهت

أولا لغرفة أمجد لأنها أصبحت منفصلة جهة ممر غرفة

معتصم وأستغرب أنه ليس له جناح كغيره ويبدوا هوا لا

يريد ذلك , فتحت الباب فكان نائما والكتاب في حضنه

فابتسمت على شكله وتوجهت نحوه أخذت الكتاب منه

ثم قلت " أمجد بني استيقظ "

فتح عينيه بصعوبة فقلت " هل صليت الظهر

في المسجد أم نمت "

أغمض عينيه وقال " بلى صليته ماما , ذهبت

معهم ووالدي وصلينا "

وعاد بعدها للنوم على ما يبدوا , إذا جابر كان هنا

منذ وقت , غريب ليست عوائده مؤخرا ! غطيته وأغلقت

النور لينام قليلا حتى وقت الغداء ثم توجهت لممر غرفة

الفتاتين ودخلت الغرفة لأجد ترف ومصعب يقفزان على

السرير وبتول تجلس على الأرض مع بيسان ويلعبان

لعبتهم التي لم أفهمها حياتي وعُدي نائم في حجر بتول

قلت مبتسمة " وأخيرا قررتِ زيارتنا مجددا يا بتول "

نظرت لي وقالت " ليس لدي غيركم ما سأفعله واشتقت

لأبنائكم ومصعب يريد المجيء هنا بما أنه عمر يدرس

ولا يريدون أن يقترب منه أحد وكأنه في الجامعة "

ضحكنا معا ثم نظرت جهة القردان على قول

بتول وقلت " ترف مصعب توقفا يكفي قفز "

ولا حياة لمن تنادي فقلت بحدة " ترف "

نظرت جهتي ونزلت من السرير فورا ومصعب على

حاله فوقفت بتول وقالت " هذا رأسه جودة عالية

لا يجدي معه الكلام والأوامر "

توجهت نحوه وضربته قائلة " توقف وانزل

حالا واسمع الكلام "

قفز مجددا يقول كلمات غير مفهومة وهي غضبت

ويبدوا يقول لها شيئا سيئا فأمسكت أذنه وسحبته منها

ولم تأبه ولا حتى لبكائه وأنزلته قائلة " سنغادر الآن

عقابا لك يا سليط اللسان يا وقح "

وخرجت به وهوا يبكي تسحبه بيد واليد الأخرى

تحمل فيها عُدي , نظرت للفتاتين وقلت

" هل صليتما "

هزتا رأسيهما بنعم وقالت بيسان " نحن وبتول "

قالت ترف ضاحكة " مصعب لا يعرف كيف

يصلي يفعل هكذا "

ثم بدأت تقلده كيف يسجد وساقاه ممدودتان دون

أن يثني ركبتيه وقالت بيسان " ماما ترف تقول

كلمة سيئة تعلمتها من مصعب "

نظرت لها بضيق فأشارت بإصبعها بلا أمام وجهها

فقالت بيسان " بلى وأخبرتها أني سأقول لك وأعادتها مجددا "

ما أعرفه أن أسوء عادات مصعب هي تشبيه الناس

بالحيوانات يا حماره ويا قردة ويا زرافة ومن كل نوع

وليس كلمات بذيئة لكني حتى هذا حرمته عليهم ونبهتهم

عليه مرارا , فتحت فمها لتتحدث فقلت بحدة " أصمتي

ولا تكلميني بعد اليوم ولن أكلمك ولستِ ابنتي "

وخرجت من الغرفة متجاهلة بكائها وكل ما تقول

وعدت لجناحي , جلست على الأريكة ورفعت الفستان

اخفف حرارة الحرق قليلا رغم أنه سطحي لكنه مؤلم

بشكل فضيع , أمسكت الوسادة اهف بها عليه وأشعر

بأنه هكذا أفضل حتى تعبت يداي , سمعت بعدها طرقا

على الباب فغطيت فخذاي ودخلت سيلا وقالت

" الغداء جاهز سيدتي "

وقفت وقلت " حسنا قادمة "

خرجت بعدها وتوجهت لغرفة الفتاتين حيث نتناول

الطعام في غياب والدهم وكانوا هناك وحتى أمجد

فجلست بجانب بيسان وبدأنا تناول الطعام أجيب على

كل ما يقولان أمجد وبيسان أما ترف فأتجاهلها تماما

حتى قامت عن الطعام وتوجهت للسرير وارتمت عليه

تبكي ولم آبه لها رغم أن قلبي يأكلني لكن عليها أن تتعلم

أن لا تكرر الخطاء وأنا سبق ونبهتهم كثيرا , أنهينا

غدائنا ووقفت وقلت " سيلا كوني بقربهم أريد أن

أنام قليلا ولا يزعجني أحد كالعادة "

توجهت بعدها لجناحي دخلت الغرفة وشغلت التكييف

وأطفأت النور ونمت على السرير بدون غطاء طبعا

ورفعت الفستان لأني لن أتحتمل شيئا عليها , نمت بعد

وقت ثم شعرت بالنور يتسلل لعيناي وهذا يعني أن ثمة

من شغله , أغمضت عيناي بشدة ثم جلست بصرخة

متألمة ودفعت يده عن فخذي قائلة " جابر ما بك

لا تعرف معنى أن بعض الأشياء لمسها مؤلم "

ثم تابعت وأنا أهف عليه بيدي " وتراني نائمة ولا تهتم "

توجه جهة الخزانة فتحها وقال ببرود " من أحرقك "

قلت بضيق " قل ما الذي أحرقك لأنه إن حرقني

أحد ما وجدتني هنا ولا عدت بعدها ما حييت "

تجاهل كلامي طبعا وهذا أصبح ديدنه يقلدني في كل

شيء , الآن فقط عرف تقليدي لما في السابق لا يفعلها

أخذ منشفة من الخزانة ومر بجواري ثم وقف ونظر

لفخذي وقال " وما الذي حرقها هكذا "

غطيتها باللحاف وقلت ببرود " مجفف الشعر "

صعقني حينها بضحكته فنظرت له بصدمة وهوا يتوجه

جهة الحمام وقال وهوا يدخله " كي تتعلمي أن إغضاب

الزوج ثمنه عقاب بذات الشيء الذي تحاربينه به "

ضغطت على أسناني بقوة وقلت بغيض قبل أن

يغلق الباب " جهز نفسك لأن يحترق قلبك إذا لأن

الزوجة أيضا ما تفعله لها ستعاقب به والعين بالعين "

قال وهوا يغلق الباب " أنا لم أفعل لك شيئا "

وأغلق الباب ليتركني لغيظي , كل هذا ولم يفعل لي

شيئا !! مصيبة إن كان لا يرى نفسه مخطئا , رفعت

اللحاف ونظرت للحرق , لا اعلم لما لا أحتمل فوقه

شيء أبدا وياله من مكان أصبت فيه , وقفت أمسك

الفستان وتوجهت لغرفة الملابس وارتديت بيجامة

بشورت قصير يصل لفوق الفخذ وقميص ضيق وخرجت

فكان جابر يجلس على السرير بمنشفته , توجهت للأريكة

وجلست عليها وتوجه هوا لغرفة الملابس وخرج بعد قليل

يرتدي بنطلون رياضي فقط وجلس على السرير في صمت

لوقت ولا أعلم ما يفعل ولا إلى ما ينظر لأني لم أنظر

ناحيته أبدا , قال بعد وقت " تعالي "

لويت شفتاي باستياء ثم قلت " فخذي تؤلمني "

قال بجمود " تعالي أرجوان "

لم آبه له فقال بنفاذ صبر " تعالي قلت لك "

وقفت وتوجهت نحوه أنظر للأسفل ولم انظر جهته

أبدا وجلست على السرير مبتعدة عنه وفي صمت

فأمسك ذراعي وسحبني نحوه وقال " الذنب عليك

وليس علي من قال لك تلبسي هكذا ملابس "

لم أتكلم ولم أعلق فهوا يعلم أنه بسبب الحرق في

فخذي لما كنت لبستها فلا حاجة لأوضح ولا يهمني

ما يرمي إليه بأني أتقصد فعل هذا لألفت نظره لي

شدني لحظنه يبعد شعري ويقبل عنقي ليعود لي

ذاك الإحساس الذي بت أشعر به كل ليلة في مثل

هذا الموقف فدفعت صدره بيدي قليلا بحيث يشعر

بها ولا تحركه وقلت بأسى " أتعلم أكثر ما

بات يؤلم قلبي يا جابر "

توقف فجأة عما كان يفعل فتابعت بذات

الأسى " أن حضنك أصبح يجرحني كثيرا "

ارتخت حينها جميع عضلات جسده وابتعد عني

بسرعة وغادر السرير ودخل غرفة الملابس ولم

يخرج منها إلا وهوا يرتدي البذلة الرسمية وخرج

من الغرفة من فوره وفي صمت , فليجرب معنى

جرح الكرامة ومعنى ما أذاقني تلك الليلة وليعرف

تأثير كلماته علي , أخيرا قلت شيئا أثلج على

صدري بعد كل صمتي ومهما كانت ستكون نتائجه

أطفأت النور مجددا وعدت للسرير تقلبت كثيرا أحاول

النوم وبلا فائدة لأني كنت مقيدة بسبب الحرق خصوصا

أنه أصبح به انتفاخا مليء بالماء في أحد أطرافه , جلست

بعدها وشغلت الإضاءة عند السرير ونظرت له , قال عقاب

لي قال فما سيكون عقابه هوا على كل هذا , سمعت أذان

العصر يقام فغادرت السرير ودخلت الحمام توضأت

وخرجت ولبست فستانا طويلا واسعا فوق ملابسي وخرجت

من الجناح واطمأننت أن أمجد غادر من أجل الصلاة

وطلبت من سيلا أن تصلي مع الفتاتان لأني لم أعد أقدر

على تحمل الفستان وسيلاحظان حركتي وصليت وحدي

في الجناح ثم نزعت لباس الصلاة وعدت للسرير

ووضعت مرهم الحروق مجددا وعدت للإضجاع

وأنا أفكر في كل ما حدث لي منذ تعرفت بجابر

وأقسم أنه لولا الأولاد ما قبلت بكل هذا رغم أنهم لا

يمدون لي بصلة لكني أحبهم وهذا شيء انغرس في

قلبي ولا أفهم لما وكأنهم جزء مني ومن عائلتي فلم

أنسى كلمات والدي في رسالته لي التي أحضرتها

والدتهم حين أحضرتهم لي وكلماته فيها ( أرجوان لا

تفرطي في هؤلاء الأطفال مهما طال بك العمر وربيهم

كما ربيتك وأفضل لأنك ستحاسبين أيضا على أي

شيء خاطئ يخصهم )

لا أفهم لما قال هذا وهوا يعلم أنهم ليسوا أخوتي ولا

أبنائه , والدي لم يكن مجرما وخريج سجون كما يقال

عنه هوا كان سجين سياسي سجن هنا كثيرا ثم في الخارج

قبل أن يصبح لاجئ سياسي في إحدى الدول الغربية ولا

أفهم لما لم يأخذني معه بعدها أو يكون خاف علي لأنه

قُتل على يد عصابة مافيا هناك رغم نظافة ملفه ولم يكن

متورطا معهم لكن الناس هنا لا ترحم ليتحول لمجرم خائن

خريج سجون وتاجر مخدرات وكلها ظلم وبهتان فقط لأنهم

وجدوا عنده رقم لرجل من المعارضين السياسيين في

الخارج , نمت بعدما سافرت بي الأفكار كثيرا ولم

أستيقظ إلا وقت صلاة المغرب





*

*





نومته على بطنه وقلت وأنا أدفع قدميه الصغيرتان

للأمام بكف يدي " هيا أزحف أو أُحبوا أو افعل أي

شيء لتمشي كأخويك وترحمني "

دفعته أكثر وقلت " هيا عُدي حبيبي تحرك أرجوك "

بعدما فقدت منه الأمل قلبته على ظهره وبدأت أدغدغه

وهوا يضحك وقلت مبتسمة " نعم هذا ما تفلح فيه الضحك "

بقيت أدغدغه وهوا يضحك ولم أشعر حينها سوا بشيء

اصطدم برأسي وصوت عمر قائلا " أرسلها لك معتصم "

وفر هاربا وأنا أصرخ به وأفرك رأسي بتألم ثم خرجت

أبحث عنه دون حتى أن أنظر ما الذي ضربني به ولما

وجدته أخيرا في غرفة والداي فوقف على السرير

وقال " لا تضربيني هوا من طلب مني ذلك "

قلت بحدة " كاذب وسترى ما سأفعل لك "

قفز خلف السرير وقال " أقسم هوا من قال لي

اضربها بها على رأسها كي لا تنسى مجددا "

رفعت أصبعي وقلت " أقسم أن ترى حسابك مني

يا عمر , هذا بدلا عن أن تقول له شقيقتي ولا

أفعل لها هذا تسمع كلامه وتنفذه بالحرف "

وضع يديه وسط جسده وقال " أعطني أكثر مما

يعطيني أصبح تحت إمرتك أنتي "

قلت بضيق " ما هذا الابتزاز يا قليل الأدب من

يسمعك لا يصدق أن عمرك عشر سنين "

أشار بأصابعه وقال " تسع سنين ونصف "

قلت مغادرة " ليتك تفلح في دراستك هكذا "

عدت لغرفتي ورفعت العلبة التي رماني بها عن

الأرض وفتحتها ليخرج منها مهرج ورقي لسانه

للخارج فضغط على أسناني بقوة وأمسكت رأسه

بيدي الأخرى لأمزقه حين استوقفني صوت رقيق

كصوت المهرجين يخرج منه قائلا بمرح

" لا تمزقيني ... الهدية في الداخل يا بتول "

من أخبره أني سأمزقه , قلّبت العلبة كثيرا حتى اكتشفت

أنها تفتح من الأسفل أيضا ففتحتها وأخرجت ما بها فكان

سلسال ذهبي به اسمي كاملا بالإنجليزية ومعه بطاقة

مكتوب فيها ( كل عام وأنا بخير يا زوجتي لاحظي

فقط أني تذكرتك بهدية في عيد ميلادي ونسيتِ أنتي )

رميتها وقلت بضيق " ولما سأتذكر وما يدريني أنا

باليوم التعيس الذي ولدت فيه "

نظرت للسلسال بين أصابعي , لا بأس به بل جميل

ويعجبني , هذا الشيء الوحيد الذي تفلح فيه يا معتصم

اختيار الهدايا , أعدته للعلبة ورميت البطاقة في سلة القمامة

ثم وضعتها في خزانتي وقلت بخبث " أتذكرك بهدية ولما لا "

أخرجت ما اشتريته منذ زمن وأنتظر الفرصة لأعطيه له

وأخرجت علبة هدايا ووضعته فيها وأغلقتها وحملت عُدي

من على سريري وخرجت أبحث عن ذاك القرد الجاسوس

عمر حتى وجدته في حديقة المنزل يحاول إصلاح دراجته

لأن والدي أقسم إن أفسدها لن يشتري له أخرى ولهذا هوا

يجمع المال وذاك المعتصم استغله , مددتها له وقلت

" خذها لسيدك وحاذر أن توقعها "

أخذها وقال ضاحكا " هل أضربه بها على رأسه "

ثم حك أصبعيه وقال " أدفعي لي لأفعلها "

أبعدت يد عُدي من شعري بضيق وقلت

" قلت لا توقعها يا غبي فكيف ترميه بها "

قال ببرود " إذا ادفعي المال لآخذها أو خذيها بنفسك "

ضغطت على أسناني بقوة وقلت " أفسد طبعك ذاك

النكرة وكأنه لا يعطيك والدي نقودا كل يوم "

مدها لي وقال " آسف إذا لن آخذها "

أخذتها منه بقوة وقلت " لن تأخذ مني مليما واحدا

وسترى إن لم أخبر أبي أنك تجلس على خردتك

هذه بعد المغرب في الحديقة وتترك دراستك "

ثم توجهت للداخل وضعت عدي في كرسيه ولبست

حجابي وعباءتي ووقفت عند باب المطبخ وقلت

" أمي سأذهب لقصر عمي قليلا وأعود

وضعت عُدي في كرسيه لن أتأخر "

التفتت لي وقالت من فورها " هل غيرت

له ثيابه وأعطيته رضعته "

قلت مغادرة " نعم ويضحك أيضا من الشبع "

ثم خرجت من عندها وخرجت من المنزل وتوجهت لقصرهم

دخلت ووجدت سيارة معتصم ما تزال هناك .... جيد ليعلم

أنها مني , دخلت وبحثت عن سيلا تحديدا فقالوا أنها في

الأعلى , مشكلة لا يمكنني إعطائها لغيرها لتعطيها لأمجد

يعطيها له , صعدت بخطوات سريعة وخفيفة ووقفت

نهاية السلالم لأتذكر أن أمجد غرفته أصبحت في ممر

غرفة معتصم , مشكلة لا حل الآن سوا بيسان لكن تلك

لا أؤمن عليها أن توصلها بدون أن توقعها وقد أجد

أرجوان معهما في الغرفة , خاطرت بحياتي وتسللت

جهة ممر غرفتيهم مسرعة حتى وصلت باب غرفة أمجد

ففتحته ودخلت مسرعة وكان على سريره يمسك كتابه

ليت ذاك الكسول عمر يتعلم منه , مددتها له وقلت

" أمجد أعطي هذه لمعتصم فور ذهابي "

لاحظت أنه ينظر لي باستغراب ثم حول نظره جهة

الخزانة خلفي وأشار لي بإصبعه هناك فالتفت بريبة

لأشهق بصدمة حين وجدت معتصم واقفا عند الخزانة

مستند عليها مكتفا يداه لصدره ومن غبائي واستعجالي

وخوفي لم أره حين دخلت ، ابتسم ابتسامة جانبية

وقال بمكر " ولما لا تعطيها لي بنفسك "

رميتها على السرير وركضت مغادرة جهة الباب

رغم أني أعلم أن الفرار منه مستحيل وبالفعل في

ظرف ثواني قليلة كان خصري بين قبضة ذراعيه

وقدماي معلقتان في الهواء فقلت بضيق

" أنزلني أريد الذهاب "

دار بي للداخل قائلا " تأتي بنفسك وأتركك تذهبي "

توجه بي لسرير أمجد وقال " أعطها لها "

مدها لي وقال معتصم " امسكيها منه بسرعة "

حركت جسدي وقلت " لا أريد أنزلني يا معتصم "

ضغط على خصري بقوة وقال " خذيها أو زدت أكثر "

أخذتها منه وقلت بتألم " أخذتها فأرخي يديك ستقتلني "

أنزلني ومد يده لي وقال " أعطها لي حالا "

وضعتها له في يده بقوة فأمسك يدي بيده الأخرى

وسحبني منها وتوجه بي نحو الباب وخرج بي من

غرفة أمجد وسحبني جهة غرفته فقلت وأنا أسحب

يدي منه " أتركني عليا المغادرة الآن "

فتح باب الغرفة وأدخلني وأغلق الباب بالمفتاح وترك

يدي ووقف على الباب وفتح الصندوق وأنا أنظر لردة

فعله وهوا يخرج منها المجسم الذي يأخذ شكل قط

بني اللون واقفا على قدميه وبطنه للأسفل ويمسك في

يده لوحة ألوان وبالأخرى ريشة وأمامه لوحة رسم

نظر له مطولا بجمود ثم نظر لي فابتسمت ابتسامة

صفراء وقلت " لم أجد غيرها اليوم "

نظر لي بتشكك فقلت محاولة تخفيف ضيقه

" شكرا على الهدية كانت رائعة "

بقي ينظر لي بجود فخرجت مني شهقة صغيرة لكتمي

لتنفسي خوفا من ردة فعله فضحك وشدني لحضنه بيده

الأخرى وقال من بين ضحكه " وهديتك رائعة أيضا يا

مشاغبة , إن كنت أنا قط سمين فما ستكون زوجتي "

ابتعدت عنه وقلت " فأر طبعا ولا يجتمعان "

قرص خدي وعض شفته السفلى بأسنانه ثم قال

" آآآآه منك أنتي يا فأرة كيف أتصرف معك "

أبعدت يده عند خذي وقلت وأنا أمسد عليه

" تطلقني طبعا وتنجوا بنفسك "

قال متوجها جهة الطاولة " وهذا غرضك طبعا

من كل هذا ولن تحظي به يا بتول "

وضع المجسم على الطاولة فقلت بسخرية

" لو علمت أنه سيعجبك ما أعطيته لك "

التفت لي ونظر لي بخبث واقترب فتراجعت للخلف

وأنا أقول " معتصم ابتعد عني أقسم أن أصرخ

بأعلى صوتي وسيسمعني الجميع "

لكنه لم يكترث لي وأمسكني من ذراعي ودفعني

لصدره وأنا أحاول الابتعاد وقلت بضيق

" لن أعيدها اتركني معتصم "

قال ونظره على عيناي " لتعلمي فقط يا بتول انه

بإمكاني أن أجعلك الآن زوجتي فعلا ورغما عنك

ولن يكون حينها الطلاق خيارك لكني أريد فقط

أن يكون ذلك برضاك وغيره لا "

ثم امسك رأسي وقرب شفتيه من شفتاي وهمس

" برضاك فقط يا بتول لتعلمي أني أحبك حقا "

شهقت بقوة لتقطع شفتاه شهقتي بقبلة شلت جميع حواسي

ولم يتحرك مني سوى قبضتا يداي وهما تقبضان على

قميصه بقوة حتى كدت أمزقه بين أصابعي وتركني بعد

وقت وبملأ إرادته وأنا ألهث وصدري يعلوا ويهبط من

قوة تنفسي وأنظر له بضياع فأمسك بعدها وجهي وقبّل

خدي وفتح الباب وقال مغادرا" هذه بالنسبة لي تساوي

كل الهدايا في يوم عيد ميلادي "





*

*





وضع الأوراق أمامي على الطاولة وقال

" هذا كل ما طلبته "

أمسكتهم وورقت فيهم كثيرا وقلت

" جيد سنبدأ الخطوة الجديدة ومن عند الأهم فالأهم "

رفع إحداها بعدما بحث عنها وقال " لدينا هنا وسن أحمد

عامر , العمر واحد وعشرون سنة طالبة في جامعة

العاصمة للعلوم قسم أحياء , تعيش حاليا مع ابن خالتها

واسمه نواس خالد شاهين تاجر خيول متزوج وليس لديه

أبناء لديها شقيقة من والدها مسافرة مع زوجها , وزوجة

والدها نجلاء عيسى الشحاذ تقيم حاليا مع شقيقها في قرية

عين النور وتبعد عن هنا مسافة ألف كيلو متر , الفتاة لديها

شقة والدها ومحل لبيع البن والتوابل أغلق منذ وفاته هوا وشقيقها

كانت خطيبة لخالد الصقار لعشرة شهور بعدها فسخت الخطبة

منه وقبلها كانت على وشك زواج بابن خالتها المدعو نواس "

حركت جبيني بأصابعي وتنهدت بقوة فنظر لي وقال

" تبدوا اليوم بنفسية سيئة للغاية هل أقول لك كم

مرة تأففت منذ دخلت عليك "

قلت بضيق " تابع بلا ثرثرة وأترك عنك مراقبتي "

وضع الورقة على الطاولة وقال " أرى أن تأخذ فترة

راحة أحوالك هذه المدة لا تعجبني "

جمعت الأوراق وقلت " سالم تعرفني حين أغضب

واليوم بالذات لا يحتاج أن أشرح لك فاتركنا فيما نحن فيه "

قال مغادرا " إذا حاتم رفعت ينتظرك في قسم التحقيق

أرأف لحاله وهنيئا لك وجدت من تفرغ فيه غضبك "

تأففت مجددا ومررت أصابعي في شعري أنفث

أنفاسا حارة كالإعصار ثم حركت رأسي يمينا ويسارا

ورفعته للأعلى , عكرتِ مزاجي حد السواد يا أرجوان

ولا اعلم لما لم أبالي كحياتي سابقا مع حسناء , نفضت

رأسي بقوة ثم نظرت للطاولة تحتي وفردت الأوراق

أمامي مجددا واطلعت على باقي المعلومات ثم جمعتها

ووضعتها في الدرج وخرجت متوجها لغرفة التحقيق

لأجد الجالس هناك على الكرسي أمام طاولة صغيرة

يقف فوق رأسه اثنان من الشرطة وآخران من قسم

التحقيق , وقفت فوقه وأمسكت عنقه من الخلف بقبضتي

بقوة وقلت " إن سبق وحكا لك أحدهم عني فسترى الآن

بعينك ما قيل وإن لم تسمع سابقا فستحكي لغيرك مستقبلا

هذا إن خرجت من هنا حيا بالطبع فاختصر على

نفسك وعلينا الطريق يا حاتم "





*

*





صليت العشاء وبقيت في جناحي لأنه لا يمكنني الخروج

هكذا ولا ارتداء شيء فوقه لأن الحرق سيشتعل حينها

ويشعلني , أوصيت سيلا لتهتم بالأولاد وبطعام عشائهم

وصلاتهم وجلست أنا في ردهة الجناح وشغلت التلفاز

لأشغل نفسي عن الحرق كي لا أشعر بألم كبير , كنت

منسجمة مع الفيلم في التلفاز وأكمد الحرق بكيس ثلج

حين انفتح باب الجناح ودخل جابر منه وتوجه من فوره

لغرفة النوم دون أن ينظر ناحيتي ولا يتحدث ولا بتحية

الإسلام ككل مرة يدخل فيها حتى بعد تلك الليلة , كنت

أنظر له باستغراب ليس من صمته بل من قدومه هذا الوقت

المبكر , دخل إلى الغرفة وترك بابها مفتوحا وخرج بعد

قليل يحمل في يده منشفة حمام وبيجامة النوم وسار من

أمامي وفتح باب أحد غرف الجناح وأغلقها خلفه بقوة وأنا

أنظر لكل هذا بتوجم , ما يعني بهذا ! هل سينام وحده

هناك ! هل قرر بتري من ليله أيضا , ابتسمت ابتسامة

جانبية لتخرج مني ضحكة صغيرة ساخرة .... هل

جرحته كلماتي تلك حد أن يعزلني عنه ولا ينام معي

ولا يقربني ولم يكترث لتلك الكلمات المسمومة التي

ذبحني بها بلا رحمة , صدق من قال ( حلال عليكم

وحرام علينا ) بعد قليل فتح باب الغرفة وخرج وأمسك

بخيط التلفاز واستله ورماه على الأرض وقال عائدا

جهة الغرفة " لا أريد ضجيجا من أي نوع "

بقيت مصدومة وانظر لباب الغرفة حتى بعدما أغلقها

ثم وقفت ورميت وسادة الأريكة على باب الغرفة ليجدها

ما أن يخرج ثم توجهت لغرفتي دخلت وأغلقت الباب بقوة

مثله وأطفأت النور وتوجهت للسرير واستلقيت عليه أنظر

للسقف ولا نوم أبدا يلوح في الأفق وكله بسبب نومي في

النهار طبعا , أمسكت هاتفي وقلبته كثير وشعرت بالملل

فرميته بعيدا عني , بعد قليل جلست وغادرت السرير

وشغلت الإضاءة ولا أعلم ما الذي سيسليني في هذا الأمر

وقفت واضعة يداي وسط جسدي أفكر فقط ماذا سأفعل

نظرت جانبا وكان حاسوب جابر فوق الطاولة .... جميل

فرصتي لأرى ما الذي يحويه هذا الشيء الذي لا يخرج

ولا يدخل بدونه ولا يكون لديه وقت إلا وجلس عليه

توجهت نحوه وجلست وفتحته رغم تأكدي من أنه سيكون

مغلق بكلمة سر , شغلته لأفاجأ به فتح دون أن يطلب أي

شيء , غريب أنا أرى عامة الناس الذين لا شيء لديهم

يستخدمون كلمات سرية أو رموز وأحرف يغلقون بها

حواسيبهم فكيف لشخص عمله مهم مثل جابر أن يتركه

هكذا ! معه حق فالآن أصبح بإمكان طلبة الثانوية إلغاء

كلمات السر وفتح الحواسيب بسهولة فلما يتعب نفسه

ويغلقه , نظرت مطولا للأيقونات التي تملأ الشاشة

والملفات ولم أفهم منها شيئا ولا توجد كلمة عربية واحدة

فتحت احد الملفات لفت نظري لونه الأحمر وجميعها

لونها أصفر عداه هوا وما أن انفتح حتى شعرت بمعدتي

ستخرج من فمي من بشاعة الصور وأغلقته بسرعة أشعر

بقشعريرة في كامل جسدي , لا أعلم كيف يرون كل هذه

المناظر البشعة وعلى أرض الواقع أيضا , فتحت بعدها أكثر

من ملف وأغلبها بالإنجليزية ولم أفهم منها شيئا والبعض

صور لمحاضر شرطة , ما هذا الملل فكرت أنه يجلس عليه

طوال الوقت سيكون فيه شيء مسلي ولو صور نساء على

الأقل , انفتحت عيناي على اتساعهما من هذه الفكرة ولست

أعلم ما سيكون شعوري إن وجدت هذا , نظرت بتمعن

لأحد الملفات وكان عليه خط طويل وقفل والغريب أنه داخل

ملف آخر وليس في الخارج رغم أنه يوجد بداخلهم ملفات

كثيرة لكن هذا الوحيد شكله هكذا , حاولت فتحه فطلبوا مني

كلمة سر بأكثر من عشرة حروف , يا لهم من واهمين من

أين سآتي بها , نظرت بتمعن لاسم الملف فلم يكن مثل أغلبهم

بذات الكلمة , وقفت وجلبت هاتفي وفتحت المترجم وكتبت

اسمه وضغطت على ترجمة فظهر لي معناها بالعربية لأفتح

عيناي على اتساعهم وأنا أقرأها ( حدودي عند هنا ) ما معنى

هذا وما يوجد في داخله , دب الفضول في كل شعيرة دموية

في جسدي وفكرة واحدة سيطرت علي وهي أن أعلم ما فيه

كتبت فورا جابر سيد حلمي ولم ينجح الأمر , جميل لا يعاني

من مرض الغرور , حاولت بحروف وأرقام ورموز وبلا

فائدة , ذهبت للملفات الأخرى التي تحت مسميات مختلفة

مثله وبدأت بترجمتها وكانت جميعها تخص عمله ( دورية

اكتوبر مقر 24 \ جرائم الإعتداءت في القسم الثالث فرع

الجنوب \ مقتل أحمد الصباغ في سرقة المصرف المركزي

عام ..... ) جميل مالنا مسروق ولا نعلم عنه , وغيرها

كلها بأسماء مدن وتواريخ وأنواع جرائم ووحده ذاك الملف

تحت اسم مختلف يعني أن الأمر ليس محض مصادفة ولا

شيء عادي بكلمات يستخدمها في جميع ملفاته , شعرت بكم

هائل من الاستياء لأنه لا يمكنني فتحه ولا توقع ما سيكون

فيه وفي النهاية تركت عني الملفات وتوجهت للأيقونات

أنظر لأشكالها بتركيز ولفتت نظري واحدة ترجمت اسمها

فكانت ( نظام المراقبة عالي التقنية ) أجل من هنا يراقب

القصر وما يحدث فيه , فتحته ولم أفهم شيئا طبعا ولن

أستطيع ترجمة كل هذا , الليلة فقط تمنيت أني أنهيت

تعليمي والأهم كيف أخترق كلمات السر , لعبت لعبة

الاختيار التي نلعبها حين كنا صغارا وأغمضت عيناي

وحركت إصبعي وأشرت على الشاشة وفتحتهما وضغطت

حيت وقع اختيار إصبعي لأجد نفسي أمام خيارات أخرى

فتأففت وبدأت أضغط بشكل عشوائي إما أن أفتحه أو أفسده

والمفاجأة كانت حين امتلأت الشاشة بمربعات صغيرة لصور

لكل شبر في القصر وأغلبها مظلم ورأيت حتى نفسي جالسة

على الحاسوب , حمدا لله أنه لا يفتحه إلا للضرورة ولا وقت

لديه له لكان وجد كل هذا مسجل , بحثت بين الصور حتى

كانت غرفة يتسلل بها ضوء ضعيف فتحتها لتملأ الشاشة

وكانتا ترف وبيسان نائمتان فابتسمت بحب ... كم أحتاج

لهذا النظام لأراهما دون أن أخرج لغرفهم أكثر من مرة

عدت للشاشة السابقة وفوجئت بغرفة أخرى أصبحت

مضاءة لأصعق بأنها الغرفة التي فيها جابر الآن ويبدوا

لم ينم ومتوجه نحو الباب ليخرج فركضت من فوري

وأطفأت ضوء الغرفة أولا ثم عدت لحاسوبه أغلقته

وتوجهت من فوري للسرير ليعم الصمت وسمعت صوتا

مصدره مطبخ الجناح , ليته لدي ذاك النظام في هاتفي

لراقبته الآن ما يفعل , نظرت للساعة في هاتفي فكانت

الثانية بعد منتصف الليل ما الذي يفعله ولم ينم حتى الآن !!

يبدوا استيقظ ليشرب الماء , سمعت بعدها خطواته تقترب

من الغرفة فأغمضت عيناي مدعية النوم على صوت الباب

يفتح بهدوء وأنا أتابع خطواته , توجه جهة الخزانة ولم

يشغل الإضاءة في الغرفة ففتحت عين واحدة لأرى ما

يفعل فكان يفتش فيها على ضوء هاتفه ... يا عيني كل

هذا كي لا أستيقظ لو كان أي شخص غير جابر لقلت أنه

لا يريد أن يفسد نومي أما هوا فمستحيل لابد وأنه يخبئ

شيئا لا يريد أن أراه أو لا يريد رؤيتي , تحرك بعدها

من أمام الخزانة فأغمضت عيناي مجددا وشعرت بخطواته

تقترب من السرير , يا إلهي يبدوا يفكر في قتلي ... آه

أرجوان بربك كيف لمن يكافح الجريمة أن يفعلها ! ولما

لا ألا يقولون أن من يحرس الشيء هوا أول من يسرقه

شُدت جميع عضلاتي حين شعرت به جلس على طرف

السرير بجانبي تماما ومر بعض الوقت فلم أستطع منع

نفسي ففتحت عيناي ببطء فكان ينظر بضوء هاتفه للحرق

في فخذي ثم وقف وخرج من الغرفة وأغلق الباب بهدوء

فجلست من فوري أنظر للباب بحيرة , أدفع عمري

ثمنا لفهمك يا صخرة يا ابن الصخرة , أمسكت بهاتفي

من فوري وأنرته ونظرت به لفخذي وكأني أريد أن

أرى كيف كان يراه , لفت انتباهي بعدها أن ضوء ردهة

الجناح مفتوح يتسلل ضوئه من تحت الباب ثم أظلم لتظهر

إضاءة تتغير ألوانها كل حين فوضعت يداي وسط جسدي

بضيق .... رائع أغلق التلفاز علي وفتحه هوا ما هذا التسلط

غادرت السرير وفتحت الباب قليلا وببطء فكان يجلس على

الأريكة أراه بوضوح ولا يراني لأن وجهه مستدير جانبا

من أجل التلفاز كان يرتدي بنطلونه فقط ولا أعلم لما يعشق هذا

الرجل أن يترك صدره عاريا هنا وكأنه يخشى على عضلاته

المخيفة أن تتعفن من الرطوبة , كان فاردا ذراعه التي بها

جهاز التحكم جهة التلفاز والأخرى مسندا لها على ركبته

المنصوبة لأنه يرفع قدمه على حافة الأريكة , سحقا لك

يا متحجر يا جابر ذكرني بأوقات كنت أنام على صدره

ويدي تمسك خصره وتسافر في بحر صدره العريض ليتك

بقيت على صمتك بدلا من جرحي ذاك الجرح القاسي

" لما لا تخرجي وتجلسي هنا بدلا من التجسس "

ابتعد عن الباب مصدومة وقلبي يكاد يخرج من مكانه

ووضعت يدي عليه أتنفس بقوة , لقد أفزعني هذا الداهية

كيف علم بما أفعل والمكان مظلم والأبواب لا تصدر

أصوات عند فتحها ولم ينظر جهتي أبدا , ضربت الباب

بقوة وأغلقته وعدت جهة السرير , ياله من موقف سيء

ومحرج أيضا ما سيقوله له عقله الآن , طبعا قالها لسانه

بلا تفكير طويل يا غبية تتجسسين عليه هه من يضن

نفسه أتجسس عليه أو يراني جهاز مخابرات ولا أعلم

انفتح حينها الباب على وسعه ووقف متكأ على حافته

ينظر لي مكتفا يديه لصدره







نهاية الفصل

 
 

 

عرض البوم صور تفاحة فواحة   رد مع اقتباس
قديم 19-07-15, 01:30 AM   المشاركة رقم: 1915
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
محرر مجلة ليلاس

البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190966
المشاركات: 20,103
الجنس أنثى
معدل التقييم: تفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 11911

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تفاحة فواحة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثالث والعشرون)

 

مالكا قلبي تنزل الفصول كل يوم احد وخميس

 
 

 

عرض البوم صور تفاحة فواحة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t199405.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 10-09-15 05:28 PM


الساعة الآن 03:21 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية