لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-09-16, 08:32 PM   المشاركة رقم: 451
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

مشتاقة للقاء الأب ببناته ،أتمنى تكون زبيدة موجودة ليلتم الشمل ،ماأظنها ماتت،وهزيم ومي هم توام عيال ابو اصلان ،بس كيف بيطلعون مي من المشكلة ،عبدالقوي مصيبته التي حصلت له رغم كرهي له ولتصرفاته وبما فعل في عايلة اصلان ،مصيبة قوية ،اللي عورني قلبي عليها مارسة ،اللي حبت اخوها وبعدين ابوها ،ولا اعرف لم لدي شعور بان ظانع كان يعرف انها ابنته وابنة حسنا ،بما انه المتكفل في حسنا ومتكفل في البنت

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 04-09-16, 02:53 AM   المشاركة رقم: 452
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي









الجحيـــم


( 78 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **













تمددتُ على السرير بابتسامةٍ واسعة الحمدلله قد حُلت مصائبنا خرجت هوازن و زوجها من الزنزانة , ضحكت أسنانُ أطفالهم بعد بكاءٍ مديد
و صدقت ألسنتنا بعد أكاذيب لا تنتهي " بكرة بيرجعوا " و أخيرًا ها هم عادوا و عادت البهجة للمنزل
عُزوف التي و أخيرًا ابتسمت باحتضانها لغانم و التكفل بتربيتهِ
أبي الذي أعطانا ضوءَ الأمل بأنه لازال على قيدِ الحياة
حميدة التي عادت لفطرتها السوية و عادت للمولى عبدةً خاضعة لهُ سبحانهُ و تعالى
و براءتي التي ظهرت بعد طولِ الاتنظار
ما تبقى سوى أبنائي الذين بكلِ يوم يسألون عن معن فأجيبهم بأنه آتي و ما هوَّ بآتي
لقد تذكرت هاتفي المحمول الذي أغلقتُه بالأمس , أخذتُ الهاتف من تحتِ وسادتي و فتحتهُ
و انتظرتُ قليلاً حتى وصلت الرسائل , فتحتُ " الواتس أب " سريعًا
و توجهتُ نحو اسمه فتحتهُ لتصطدم عيناي بصورةٍ لوجههِ مشوهًا بالحروق
و أخرى بجسدهِ النحيل شعرهُ الأشعث لحيتُه المبعثرة الإعياءُ و التعب بعينيهِ
كبرتُ حجم الصورة و مشيتُ بأصابعي على جروحهِ و كأني أمسحها عن وجهه , على عينيهِ أزيلُ الأرقَ عنها , و أخيرًا فوق ندبتهُ أُقَبِلُها ولا أدري ما الذي يجري بي
سوى أن ضربات قلبي لا تستكين , معن ماذا يحصلُ لك ؟
أين ساديتك ؟ أين سطوتك ؟ أين سلطتك ؟ أين حضورك ؟ نزاقتك ؟ أين أنتَّ بين هذهِ الملامح ؟
فلتجيبَ يا معن أين أنتَّ من بينها ؟ ما لي لا أراك ؟
فلتجيبَّ يا معن أينَّ السادية عنك ؟ كيف أضاعت طريقها ؟
لا يليقُ بك هذا الوهنُ و الضعف و إن كنتُ أبغضُ تزاقتك و وحشيتك
لا يليقُ بك دورَ المازوخية و إن كنتُ أبغضُ ساديتك
معن لا أستطيعُ الغفران و المسامحة و لكني لا أستطيعُ الوقوف مكتوفةَ الأيدي !
انتفض جسدي بهلع حينما اخترق رنينُ الهاتف جدران الحجرةِ البكماءُ , الصماء
تحملُ اسم ركــــــــاض ! يبدو أنهُ خرجَ إفراجًا كهوازن و الكاسر
ركاض متى سُجِلَّ اسمه بهاتفي حينما لحقَّ الضرر أبناء هوازن بتلك الرسالة التي كانت تحمل بين ثناياها تهديدًا مباشرًا " اذهب إلى الجحيم "
منذُ ذلكَّ اليوم الكاسر طلب أن تكون أرقامنا لدى بعضنا البعض حتى ركاض الذي يمكثُ بمصر
و إلا فنحنُ نرفضُ هذهِ الفكرة إلا أن الحذر و الحيطة استدعتنا لتسجيل أرقامنا لدى بعضنا البعض
" الحمو الموت " و الحمو هم أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه , رقمٌ بالهاتف قد يجرُ إلى ما لا يحمدُ عقباه بوسواسٍ من الشيطان أو النفسِ الأمارةِ بالسوء
لذلك إغلاق جميع الأبواب أفضل من الباب الموروب الذي قد يُفتحُ ذات يوم بطريقةٍ خاطئة لا يرضاها اللهُ عزوجل
هززتُ رأسي و أنا أحاول التركيز برقمهِ و القرار إما بالردِ أو الرفض
سميتُ بالله و أجبتُ على المكالمة واضعةً الهاتف في مسمعي بانتظار مجيء صوتهِ
صوتُ أنفاسهِ عالية و هدوءٌ استمر طويلاً , حتى نطقت لإيقاظهُ مما هوَّ فيه : نعم ؟
خرج صوتُه مستاءً : زوجة أخوي , متصل عليك بكلمك بخصوص أخوي اليوم نزلت للسجن و روحت لعند أخوي هو في مصر , حقيقة أول مرة أشوفه بهالحال , ماني عارف وش فيه بالضبط
و هو ما يبي يتكلم و توه نام و هو نايم ما غير يردد اسمك و يصحى مفزوع يستعيذ بالله من الشيطان و يكمل نومته حاله ما يسر لا رفيق و لا عدو , إذا بينكم مشكلة ياليت تتناقشوا فيها
و تحاولوا توصلوا لحل مُرضي للطرفين لكن إنه يبقى على هالحال فما ينفع فقد صحته و ملامحه حتى شخصيته ما هي موجودة فيه , كأني أكلم روح ميتة حتى بقايا لمعن ما هي موجودة
كل شي اختلف , أنا مو قادر أشوف أخوي يموت قدام عيني , زوجة أخوي أنا صحيح من زمان سافرت للدراسة لكن ليومك هذا و أنا عارف و متيقن إنك إنتِ و هو ما تتفقوا أبد
بس على الأقل اتناقشوا الظاهر افترقتوا و ما بينكم كلمة و هو جالس يعذب في نفسه من تأنيب الضمير , و ما ابي أطول عليك بحفظ الرحمن .
انتهت المكالمة ها هنا و لكن لازالت يدي تُمسك بالهاتف في موضعِ أذني
أبعدتُه عن مسامعي و نظرتُ إليهِ بسكون , سحبتُ أنفاسي و زفرتها
أسمعتي ما قال ؟! قال أنه قد مات حتى البقايا لا وجودَ لها , بينما أنا كنتُ طيلةَ السنين بقايا عُطرة
أما هوَّ مات اختفت معالمه أختفى معن عن الوجود مع حضور هيكلهُ
غاب في الحضور , عن ماذا سنتحاور ؟ هل النقاش يُجدي في حالتنا هذهِ ؟
سنعود على ذاتِ النقاط ظلمتني لم تغفر لي عذبتني قذفتني جلدتني قللتَّ من شأني و شككت بي
و وعدتُكَّ أني لن أغفر فكيف لي أن أنكثَ العهد و أغفر !
سيقولُ أنهُ يتعذب بل أنهُ خلال مدةِ بسطيةٍ وجيزة تعذب أكثر من عذابي لـ اثنا عشر سنة
و سأعود لأقول لكني قد وعدتُ بأني لن أغفر و لن أخلف وعدي
لا شيء لنتناقشَ به لا شيء
لقد حذرتُكَ يا معن من هذا اليوم لكنكَّ ضحكت و سخرت مني
فلتتذوق نتاج ضحكاتك و سخريتك و استنقاصك مني .


***


ها قد انطوى يوم و حلَّ صباحٌ جديد , الناس يتفاءلون بإشراقةِ شمسِ الصباح بأن اليوم سيكون أفضلَ من الأمس
لكن أنا و ابن أخي جهاد يزدادُ خوفنا فها قد انطوى يوم وبقيَّ ستةُ أيامٍ على الإعدام
أنا قد رحلَّ من حياتي ما رحل فأنا دردبيس بانتظار الموت أما هوَّ لازال شابًا لذلكَّ يظهرُ عليهِ الخوفُ و الهلعُ أكثرَّ مني بل أنهُ يبكي دمًا لا دمعًا
فـ روحُ الإنسان أغلى ما يملك فكيف لهُ أن يتقبل فكرةَ رحيلها و هجرها لجسده !
كم طالت الحكاية سنين مديدة حتى ظننتُ أن لا نهايةَ لها فكلَ جيلٍ و نسل يحملُ ذات الحقدِ على العدو
و لكن حينما خططت " مي " و بدأت بالتنفيذ بإدخال كلاً من الكاسر و زوجتُه للسجن
و أعطت خطتها لإدخال ركاض أيضًا للسجن و نفذها جهاد ظننتُ أنها النهاية
لكن أن يعودَ من كان في الماضي و أعتقدنا أنهُ قد مات
ليُنهي الحكاية هوَّ ما لم يكن بالحسبان
بعد فاجعتنا في كندا باقتحامهم حصون المنزل , قررنا الهرب إلى مدينة فانكوفر ومنها إلا الولايات المتحدة عبرَّ ميناءِ المدينة
ولكن كان هوَّ خوفنا و عائقنا من النجاح و لذلكَّ ما كان منا إلا تشتيتهُ وذلك بإعطائه الملعومة التي قد تفتكُ به و هيَّ أن مي ابنتهُ
كيف وصلَّ إلينا من المؤكد أنه تعامل مع " مي " و لكن ماذا لو عرف أنها ابنته
لكنهُ لم يكن كالكاسر الذي كان ضعيفًا فكثيرًا من الأمور عملت على تشتيتهُ
بدايةً من الأدوات الرجالية التي وضعناها عن طريق الخادمة في حجرةِ نومه و الشقراء الجميلة التي اقتحمت حياته و لكنه كان واثقًا بزوجتهِ كثيرًا و لم يتشتت
بل بدأ تشتتهُ منذُ إدمان زوجتهِ على المخدرات و من ثمَّ وقوعهِ بالفخ بدخولهِ للسجن
بل أن أكثر ما يبعدهُ منا تفكيرهُ بالقبضِ على الشحنات التي تدخل للسعودية
أما أصل الحكمي فهو رجلٌ ذكي حتى بعدما صار شيخًا كبيرًا لم يُفكر بالشحنات و لم يكترث فيما ذكرناهُ لهُ بأن مي ابنته
بل عزمَ أمرهُ على القبضِ علينا و من ثم العودة لصغائر الأمور
التي هيَّ في حقيقتها كبيرة , فأصل الحكمي رجلٌ مسلم و ابنته مسيحية بل و أنها متمسكة بالمسيحية بشكلٍ لا يُوصف
الرجل المسلم يحرصُ على شرفِ فتياتهِ فكيف بابنتهِ مي التي ما تبقى رجلٌ في مصر إلا وضاجعته حتى أعتقدنا أن مطافاها سينتهي بمرض نقص المناعة المكتسبة " الإيدز "
بل و إنها ستعاقبُ قانونيًا لكن قد يكون عقابها أقلَ صرامةٍ منا وذلكَّ لمساعدتها للسلكِ العسكري أعتقدُ أن القانون سيعاقبها بالسجنِ المؤبد لا الإعدام
سيضيعُ شبابها بين القضبان الحديدية حتى في موتنا يا أصل ستعيشُ بحسرة أشبهُ بالميت
و سأموتُ وأنا مرتاح البال فإن لم أكن أخذتُ حياتك للقبر فأنا أخذتُها للموت !
مي فتاةٌ أُرسلت إلينا عن طريقِ الصدفة دخلت حياتنا لتُغَيِّر أحداثها
أخذناها من منزلِ الضابط المصري زوجَ أختِ جميلة بعد حرقنا للمنزل
كل ما فعلناه هو التأكد من أنها ابنتهُ أم لا , فلا يخفى علينا الضابطُ ماهر صديقُ أصل المقرب
و بكلِ بساطة تواصلنا مع خادمات المنزل لنستنتج أن أنهار ليست ابنةُ ماهر بل أنها جاءت عن طريقِ صندوق من مصنعِ رفيق ماهر إلى مصنعه
و من سيكون صديقَ ماهر غير أصل الحكمي ؟ , و على هذا ازداد الفضول لمعرفةِ الفتاة بل و بدأ شعورُ النصر يدخل لقلوبنا بما أنها جاءت من مصنع أصل فهناك احتمال أنها ابنته
أرسلنا أحد أتباعنا لمصنعِ أصل باعتبارهِ من اتباعِ ماهر ليتقابل مع ناقل الصناديق إلى مصنعِ ماهر و كأنهُ يشكرهُ على الفتاة
و يذكر لهُ أن السيدة غزال زوجةَ ماهر الذي توفى في ذلك الوقت ليس لها ابناء و قد سُعِدَت بالفتاةِ كثيرًا , و يعطيهِ مبلغًا ماليًا كعرفانٍ له
و لكن لم يكن كل شيء كما يظهر لناقل الصناديق فقد استفسرنا منهُ عن أسرة الفتاة و أجاب أنهُ لا يعلم و أن زوجتُه أحدِ الولادت التي ولدت إمرأة و المرأة هربت و تركت الفتاة و أعطنا تاريخ مولدِ أنهار
فما كان منا إلا دخول هذهِ القبيلة إلى حيثُ توجد " الولادت " أمسكنا بإحداهن و أعطيناها مبلغًا ماليًا لاستجوابها فرضخت لنا فالفقر يستدعي الرضوخ بسهولة
سألناها عن التاريخ الذي ولدت بهِ الفتاة و كم من فتاةٍ قد ولدت بهذا اليوم و لأي الأُسر تنتمي فكان أول ما نطقت بهِ اسمُ شيخَ قبيلتهم فهيَّ قد تنسى جميع أفرادِ القبيلة
لكن شيخُ القبيلة محالٌ أن يُنسى ذكرت اسمه " أصل الحكمي جاته بنية بهاليوم و اندفت بالتربة غير كذيا ما اذكر "
افترضنا أن الفتاة لم تدفن و أنها هيَّ التي بقيت مع الولادة
لم يكن بيدنا سوى العيش على هذا الأمل أن تكون أنهار ابنةُ أصل
و إن لم تكن ابنتهم فنحنُ أيضًا لم نخسر شيء بل إننا نربحُ كثيرًا
إن كانت ابنتهُ ستعملُ لنا ضدهم , و إن لم تكن أيضًا ستعمل لنا ضدهم
غير هذا ما جعلنا نضمُ الطفلة إلينا و نربيها هيَّ ديانا زوجةُ أخي التي توفت بموتِ الفجاءة
كانت تتمنى لو أن يكون لها فتاة لكن قُتل زوجها قبل أن تزرق بالفتاة غير أنها كانت تعيشُ ألم الفقد
لقد فقدت زوجها و ابنها الكبير في يومٍ واحد و لم يتبقى لها سوى جهاد
لذلك تشبثت بالطفلة و أسمتها كما تمنت منذُ سنين طويلة " مي " .




***

خرجنا من المشفى بتمام الساعة السابعة و النصف صباحًا , ترجلنا السيارة
سألني أبي : عندك سبحة ؟
فتحتُ الدرج الذي أمامه و أخرجت السبحة و أعطيتُه إياها
حركتُ السيارة بقصدِ التوجه للمنزل لكنهُ قال : ابي أروح للشركة .
نظرتُ لهُ باستنكارٍ لما يقول : يا أبوي إنت بحاجة للراحة .
قال و كأن ما قلتُه لم يعجبهُ بتاتًا فهوَّ لا يُحب أن يظهر ضعيفًا و يرحمهُ الغير : وش كنت أسوي بالمستشفى مرتاح , و ذا أخوك الثور كبير على الفاضي ما منه منفعة
بدل ما يلازم الشركة في مرضي مدري وينه كل ما اتصل تجاهل الإتصال و ما أقدر أترك الشركة بيد الموظفين ما أأمنهم .
تكلمتُ معترضًا و أنا أنظرُ للطريق من أمامي : يا أبوي حتى لو كنت مرتاح بالمستشفى ضغوطات الشغل ما هي بزينة لك , ارتاح على الأقل يومين و ارجع لشغلك .
بحزمٍ و إصرار : على الشركة يا ناجي .
حركتُ رأسي بالرفض دلالة على اليأس و توجهتُ حيثُ يريد
وصلنا للشركة بعد وقت , وجاء رجالُ أبي يفتحون لهُ الباب و يقفون بجانبهِ و هوَّ يخطو نحو الشركة
بقيتُ في ذات المكان لم أحرك السيارة , أخرجتُ هاتفي من جيبِ بنطالي و نظرتُ لهُ بتفكير
هل تكون مستيقظة بهذا الوقت المبكر لا أعتقد , ولكن يمكن ذلك إذا كان غانم مستيقظ و يبكي
يالله كم اشتقتُ إليها سأحادثها قبل أن أذهب للمشفى فأنا قد تغيبتُ يومًا كاملاً لابد من الذهاب الآن
اتصلتُ عليها و وضعتُ الهاتف في مسمعي بابتسامةٍ واسعة مشرقة و قليلاً من الوقت حتى جاء صوتُها مبحوحًا من النوم : همممممممم
اتسعت ابتسامتي حتى ظهرت جميعُ أسناني : فديت الهممم حقك يا النايمة
جاء صوتها المبحوح بنبرةِ دلع طبيعية تليقُ بها : نااااااجي اخلص والله غنومي ما نومني و الحين لما نام افتكرتني
زفرتُ أنفاسي بنشوة : طول الوقت في بالي ما يحتاج أفتكرك , يلا نامي يالكسولة نوم العوافي .
و بمجرد انتهائي أغلقت الهاتف دون وداع نظرتُ للهاتف و قهقهتُ ضاحكًا
هذهِ المرة الثانية التي تغلقي فيها الهاتف في وجهي يا معزوفتي الشقية .



***

الساعة الثانية عشر مساءً تمَّ استدعائي في الضبط العسكري لاتخاذ القرار بشأني , فأنا قد سُجنت ولكن مظلومًا
و اليوم عليهم القرار إما بفصلي من العمل ولا أعتقدُ أن هذا سيحدثُ مطلقًا لأني مظلوم
أو بإنقاص رتبتي العسكرية و قد يحدثُ هذا لأني قد خُدعتُ ببساطة من منظمة المخدرات
أو بإبقائي كما أنا و قد يحدثُ هذا لأني مظلوم
أقفُ أمام المركز و أمامي صديقي الضابطُ أحمد يُسلمُ عليَّ بحرارة و السعادة تبزغُ في ملامحه
انصرف الضابط أحمد لمنادتهِ من أحدِ الضباط بينما أنا رفعتُ رأسي أنظرُ للوحةِ المركز و أدعو الله في سري أن يتيسر أمري
جاء صوتُ رجل من خلفي يُلقي التحية : السلام عليكم و الرحمة
التفتُ إليهِ و أنا أرد : و عليك السلام و الرحمـ
توقفت الحروف عن الخروج بعدما وقعت عيناي عليه هذا الرجل العجوز بلحيتهِ البيضاء
هو ذاتهُ ذلك الشاب الذي كان لهُ ثلاثُ فتيات إحداهن حبيبتي و زوجتي
نطقتُ بضياع : خالي بو أصلان ؟!
ابتسم بمودة : ايه , أجل إنت الكاسر ؟ أنا جاي خصوصي أسأل عنك و أسألك كم سؤال .
اقتربتُ منه و احتضنتُه بشدة و أنا أردد : خالـي بو أصلان , الحمدلله يارب الحمدلله إنك بخير , يالله لو تشوفك هوازن يالله كيف بتكون فرحتها .
كنتُ أحتضنهُ بحرارة و حُب و أثرثرُ له و أدعو الله بآنٍ واحد بينما هوَّ كان صامتًا بل حتى لم يضع يدهُ خلف ظهري ليضمني إليه كنتُ أنا فقط من يضمه


*

توجهتُ إلى مدينةِ جدة للقاءِ ناقل الصناديق " حمدان " و لكن ذاكرتي لم تسعفني لمكانِ القبيلة و هزاع بين أيدي الضبط العسكري لا يُمكنني سؤاله فما كان مني إلا التوجه للمركزِ العسكري لرؤيةِ
الكاسر الذي خرج بالأمسِ من الزنزانة سأسأل الكاسر عن حمدان إن كان يعرفه و إن لم يعرفه سأسأله عن عنوانِ القبيلة و أبحثُ بها عن حمدان إن كان لا يزالُ يقطن بين أزقتها ، و حينما وصلت
وجدتُ رجلاً يقفُ أمام المركز و ينظرُ للوحة عزمتُ أمري على سؤالهِ عن مكان الكاسر لأجدَ أنهُ الكاسر الذي فرح كثيرًا برؤيتي و عبَّر عن مشاعرهُ بالاحتضان و الكلمات و الدعوات و الشكرُ لله
إلا أني لم أستطع مبادلتُه فأنا لا أتذكرهُ و لا أتذكرُ شيء مطلقًا كنتُ ساكنًا جامدًا بلا أي تعبير بينما هوَّ ابتعد قليلاً يُقَبِلُ رأسي و يدي باحترام و لازالت الابتسامة على شفتيه
بادرتُ أخيرًا بالحديث : أنا ابي واحد اسمه حمدان و لأني فاقد لذاكرتي ما أذكر مكانه ابيه بأقرب وقت إذا تعرف وين ساكن ياليت تعطيني عنوانه .
عقدَ حاجبيه و سأل بجدية : حمدان إلي بقبيلتنا .
أومأتُ بالموافقة ، فانفرجت شفتيه و ظهرت أسنانهُ ببتسامة صافية : حمدان بالسجن تقدر تزوره .
ابستمتُ ابتسامة بسيطة : بزوره إن شاء الله , و ابي منك رقمك .
نقلَ إليَّ رقم هاتفهِ , و حينما أعطيتُهُ ظهري لأرحل تساءل : خالي بناتك ؟
التفتُ إليهِ مبتسمًا : برجع لهم عندي كم شغلة بقضيها وبرجع بإذن الله , لكن لا تخبريهم إنك شفتني أبيها مفآجأة .
ابتسم ليَّ بسعادةٍ و سرور , بينما أنا أعطيتهُ ظهري و مضيتُ حيثُ حمدان يكون .

***


الساعة الحادية عشر مساءًا , خرجتُ من الحجرة التي نمتُ بها طارقًا باب حجرةِ معن الذي جاءني صوتُه بعد مدة : أدخل .
فتحتُ الباب و توقفتُ عنده و سقطت عيناي على الجسد المستلقي في منتصفِ السرير عرضيًا يجرحُ وجهه بأظفاره ، تنهدتُ بضيق و اقتربتُ منه أناديه : معن .
نظر ليَّ ولم ينبس ببنت شفة ، فبادرتُ بالحديث : أمس حجزت لنا مقعدين يعني بنرجع مع بعض للسعودية إن شاء الله .
جلس بسرعة لم يستوعبها عقلي ، نظر ليَّ بحدةٍ و غضب : قلت لك ماني بنازل معك للسعودية ما تفهم إنت .
لا بد من نزولهِ للسعودية بقاؤه هنا وحده مضرة له حيثُ لا ينشغلُ إلا بذاته لكن عندما يكون حولهُ أقاربهُ سينسى نفسهُ قليلاً : بننزل للسعودية بنروح لبيتي هناك و نادي فيه زوجتك و حلوا
مشاكلكم و أنا باخذ لي فندق أو شقة مفروشة .
نظرَ ليَّ بنظرةٍ ساخرة شعرتُ أنهُ يسخرُ من ذاتهِ قبل سخريتهِ مني و بقنوطٍ و يأس : كأنه زوجتي تنتظرني ، هي ما تبيني و لا تبي تشوفني .
جلستُ على طرفِ السرير و أنا أنظرُ له ، و بمحاولة لبثِ الأملِ بداخله : بإذن الله بتجي و بتتفاهموا ، جرب ما بتخسر شي إذا خاب الأمل و ما جات تكون حاولت عشان لا تتحسر بعدين و تقول
يا ليتني حاولت و تقدر ساعتها ببساطة ترجع لمصر .
قال و شبحُ ابتسامة بين شفتيه سرعان ما اضمحلت : نجرب و أمرنا لله .


***


الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , دخل السجان مناديًا : حمدان زيارة .
قمتُ من على الأرض مستندًا على يدي اللامبتورة ، من قد يكون فليس ليَّ إلا زوجتي عُشبة و من الخطر أن تأتي لزيارتي ، لم أهتم ومشيتُ بجوارِ السجان حتى وجدتُ رجلاً ذا شعرٍ أبيض اللون يجلسُ على
الكرسي و يَعطيني ظهره ، تركني السجان و هوَّ يقفُ بجوارِ الباب أما أنا ألقيتُ التحية فالتفت الرجلُ برأسهِ إلي و ذراعهُ في أعلى الكرسي عقدتُ حاجبي و سرعان ما اتسعت عيناي بدهشةٍ
و رهبة : الشيخ بو أصلان !!
أومأ برأسهِ ايجابًا ، فتحجرت أقدامي بالأرض ، يالله قد عاد بعد ما يُقارب العشرون عامًا عاد من البحر و قد كبر أبناؤه و صار لهُ أحفاد ، سبحان الله ما أغرب الدنيا حينما يموتُ الأمل يعودُ
ليحيا ، وقف من على الكرسي بذاتِ الاحترام و ذات الشخصية القيادية لكن الآن بوقار الشيب أيضًا , سلمتُ عليه و تحمدتُ لهُ بالسلامة ، جلستُ على الكرسي المقابل له
فبدأَ هوَّ بالسؤال : بسألك بخصوص شي ، إنت من سنين كنت تنقل شحنات من مصنعي لمصنع ماهر فيه مرة بالشحنة كان فيه صندوق في داخله بنت و إنت نقلتها لمصنع ماهر ، إذا تقدر تفيدني بنت مين تكون أو تاريخ
ولادتها أو أي معلومة حتى لو كانت بنظرك مو مهمة .
ضيقتُ عيناي باستغراب فيما قد يهمهُ أمر الصندوق بعد هذهِ السنين ! ، و لكني أجبتُ بمصداقية بكلِ ما أعرفه : مرتي كانت ولادتن بالقبيلة و إحدى الولادت ولدت مره و هالمره هربت و تركت
توم بنية و وليد و مرتي خذتها لدارنا ، و من فقرنا ما كنت أبيهم و بعد تفكير قلت أرسل البنية بصندوق لمصنع ماهر و ماهر رجالٍ غني و بيفرح إبها و يربيها ، و الوليد كبرته حتى صار في عمر
الخمس سنين و بترت واحد من يدينه و لهالسبب أنا مسجون آخذ الأولاد و ابتر و احد من يدينهم و يشتغلوا بالشحذة في الشوارع ، تاريخ الولادة 4 / 6 / 1416 هجري ، هذا كل ما عندي .
استند بيديه على الطاولة الفاصلة ما بيننا : طيب وينه في الولد ؟
بابتسامة : والله ذي المعلومة تلقاها عند الكاسر السلك العسكري ماخذين هزيم عندهم لما يحصلوا له أهله .
وقف من على الكرسي و شكرني برسمية و من ثمَّ ذهب ، بينما بقيتُ في مكاني أنظرُ للكرسي و أردد " سبحان الله " حتى ايقظني صوتُ السجان و قمت معه للزنزانة .



***


اتصلَّ عليَّ الكاسر للاطمئنان و السؤال و التهنئة لخروجي براءة و قد أبلغتهُ أني غدًا سأنزلُ لجدة بإذنه تعالى لكني لم أبلغهُ بشأنِ معن
لأن حالةُ معن ليست مستقرة فهوَّ سيمكثُ في منزلي و إن قررت عُطرة زيارته و تحسن سينتقلُ لمنزل العائلة
و إن لم تأتي سيعودُ إلى مصر يبدو أنهُ لا يريدُ أن يراهُ أحد بهذا المظهر و معهُ حق لأنه قد تغير عن السابق كثيرًا
أمسكتُ بهاتفي بحزم و أرسلتُ لعُطرة رسالةً رسمية عبرَّ تطبيقِ " الواتس أب "


*


بينما كنتُ أتصفحُ بهاتفي بتمامِ الساعة الواحدة و النصف ظهرًا , فإذا برسالة تصلني في " الواتس أب " كانت من ركاض
من المؤكد أنها تخصُ معن فتحتها مباشرة لأقرأ هذهِ الكلمات " بكرة أنا ومعن بننزل لجدة أنا برجع للبيت لكن معن بيسكن في بيتي
أتمنى منك تروحي لبيتي بعد صلاة العشاء بيكون زوجك هناك إن شاء الله , تتحاوروا و تحاولوا توصلوا لحل منطقي يرضي الطرفين
أختي حالة معن صعبة و إنتِ أصيلة يا بنت الخال أكيد ما بتتركيه بهالحال إذا ما كان لك فلعيالك و من باب الرحمة , عنوان البيت بيوصلك بعد ثواني "
ماذا تظنُ أنكَّ فاعل يا ركاض
هل تحاولُ استغلال عاطفة المرأة التي تسكنُ في روحي فطريًا
لن آتي و لن آتي ولا داعي للمحاولة .



***

ذهبتُ إلى حيثُ يضعون الشاب المسمى " هزيم " , و دخلتُ مع أحدِ الضباط لأجدَ الفتى يقعدُ على الأرض و بيدهِ كتاب الرحمن
ينظرُ إلينا بعد سماعهِ لصوتِ الباب الحديدي هذه النظرة هذه الملامح هيَّ ذاتها الموجودة في " مي "
إنه النسخة المطابقة منها لا بدُ أنه توأمها و بما أن العصابة ذكرت لي أن مي ابنتي فهوَّ أيضًا ابني
كان ينظرُ لي بكبرياء و حضورٍ قوي لكني أعرفُ جيدًا ما تحملهُ هذهِ النظرة إنه متأمل
إنه يتمنى لو أني من أهلهِ و جئتُ لتحليلِ الأبوة و أنا قد جئتُ لذاتِ السبب
و كما دخلتُ بلا صوت خرجتُ بلا صوت
و طلبتُ من الضباط إجراء تحليل الأبوة لأنه من المحتمل أن يكون ابني
و اليوم سيصل الرجل الذي بعثه الضابط هاني و معهُ عينة من شعرِ " مي "
حينها سأتصلُ على الكاسر ليطلب ظهور نتيجةَ التحليل سريعًا
فحينما يكون التحليل لشأنٍ عسكري تظهر النتيجة خلال أسبوع أما حينما يكون لشأنٍ غير عسكري تظهر بعد خمسةَ عشر يومًا
و لا وقت للانتظار , و غدًا ستكونُ نهايتك يا عبدالقوي و عودتي للمنزلِ الذي أنتمي إليه .


***


بعدما انتهيتُ من عملي في المشفى بتمامِ الساعة الثامنة ليلاً , توجهتُ للشركة و انتظرتُ أبي خارج مكتبهِ حتى انتهى
و ما أن رآني حتى تأفف و أظهرَ التضجر و الملل من اهتمامي و حرصي الشديدُ عليه فهذهِ أول مرة آتي إليه لآخذهُ إلى المنزلِ بنفسي و لكني لم أهتم لتضجره
وصلنا للمنزل و دخلنا سمعتُ صوت ضحكة أعرفُ صاحبتها فهيَّ أولُ إمرأة أحبها قلبي " أمي ساجدة " ابتسمتُ و أنا اسحبُ المفتاح من على الباب قائلاً : ست الحبايب تضحك ربي يديم ضحكتها .
و حينما كنتُ أغلق الباب سقطت عيناي على أبي الذي يقفُ خلفي و ينظرُ لنقطةٍ محددة , نظرتُ إلى ما ينظر إليه بفضولٍ و غرابة
سرعان ما تحولا لابتسامة و صرخة ِفرح : الكـــــــــــــــــــاسر
قفز الكاسر من على الكنبة مبتسمًا يتقدمُ لي و تقدمتُ لهُ احتضنتهُ بقوة : الكاسر ما بغيت يا رجال و أخيرًا ظهرت براءتك الحمدلله و أخيرًا عيالك بيضحكوا .
أبعدتُهُ قليلاً و أنا متمسك بكتفه و بتوجس : و زوجتك و ركاض ؟
ابتسم لي بسعادة : كلهم إفراج , ركاض بينور جدة بكرة .
عدتُ لاحتضانه و أنا أقول : لك وحشة يا خي .
دفعني عن حضنهِ بقوة و هو ينظرُ إلى أبي : وخر خلني أسلم على أبوي إلي يشوف فرحتك يقول ما هو بكل يومين تزوني بالسجن و تشوفني .
توجه إلى أبي يُقَبِلُ رأسهُ و يديه باحترام و من ثمَّ يحتضنه بشدة
بينما أبي يقول بعطف : الحمدلله على رجوعك سالم ياوليدي , قرت عينك بشوفة عيالك و زوجتك .
عاد ليُقَبِل رأس أبي : قرت بشوفتك يا الغالي .
جاءت الخادمة و هيَّ تقول : dinner is ready
فصرختُ بصوتٍ عالٍ : خلاص يبه و الكاسر بتطفشوا من بعض بعد كم يوم يلا العشا جاهز خلونا نتعشى مع بعض .
قُمنا متوجهين لحجرةِ الطعام أبي و أمي أنا و الكاسر لم يتبقى سوى معن الذي لا يردُ علينا مطلقًا .


***

انتفضَ جسدي على صوتِ بكاء أخذتُ أنظرُ يمنة فيسرة دون أن أستوعب و استيقظ ناجي و هو يتأفف و أضاء نورَ الأبجورة التي بجوراه بينما عادَ كل شيء لذاكرتي قمتُ من على السرير
و وقفتُ أمام سريرِ الطفل مددتُ يدي و حملتُه و باليد ِ الاخرى تناولتُ ثلاجةَ الماء و سكبتُ المقدار المطلوب بداخلِ الرضاعة و وضعتُ ملاعق الحليب عليه بينما يدي الاخرى تهزُ الطفل الذي لازال يبكي ، رججتُ الرضاعة
حتى تجانس الحليبُ و الماء و وضعتَه في فم الطفل ، التفتُ إلى ناجي الذي ما زال يتأفف أخذَ و سادتُه و قام من على السرير متوجهًا للخارج و هوَّ يقولُ بضجر : الواحد ما ينام مع هالصوت .
ابتسمتُ بسعادة و أنا أنظرُ للطفل ثمَّ إلى ناجي الذي استوقفتُه بدلال : ناجي بتسيبني وحدي ؟ بتوحشني ؟
التفت إليَّ و استند بظهرهِ إلى الباب كتف ذراعيهِ ببعض ، رافعًا حاجبه : الحين بوحشك يا متوحشة هاه ، والله محد يشبع منك بس مع ذا ما بقدر أنام و وراي دوام ، ايش رايك أنا و إنتِ نخرج
و نسيبه بالغرفة .
رفعتُ حاجبي و بصوتٍ مستنكر : لا والله ! حلوة ذي ، أسيبك إنت و لا أسيب غنومي .
ابتسمَ بمودة : هالولد بيسرقك مني و أنا لسى ما شبعت ، هيا والله لأنكد عليه و أنا معك لما وقت الدوام .
ضحكتُ بصخب بينما هوَّ اقترب من السرير و استلقى قائلاً : تضحكي هاه ، ترى زعلت .
ابتسمتُ و أنا أنظرُ للطفل و ناجي مستلقي خلفي لا يرى إلا ظهري : ازعل .
اختفى صوتُه فجأة هل انزعجَ بالفعل ؟! ، انتظرتُ غانم حتى نام و وضعتُه في سريره ، نظرتُ إلى ناجي الذي يغمضُ عينيهِ و يتضح أنهُ لازال مستيقظ ، استلقيتُ على السرير و ألصقتُ صدري
بظهره ، و بهمس : يا زعول ، تغار من غانم !
ردَّ بخبث : و الله برضى لو سقيتي عطشي .
حركتُ رأسي بالرفض و كأنهُ يرآني : حتى و إنت زعلان قليل أدب .
وضع يدهُ على يدي الموضوعة على كتفهِ و أبعدها برفق و هو يلتفُ إليَّ بجسده و عينيهِ بعيني على نفسِ الوسادة : والله أنا أعشق قلة الأدب بس زوجتي بخيلة .
ابتسمتُ بعنادٍ لهُ : و بظل بخيلة .
أعطيتُه ظهري و أنا أقولُ بحزم : يلا طفي نور الابجورة و خلينا ننام وراك دوام .
أغلق الضوء و هوَّ يتمتم : اففف .. بتعيش و تموت بخيلة .
ابتسمتُ بحب و أنا أحتضنُ الوسادة ، كل ما تمنيت تحقق هذا الطفل أمامي أنظرُ إليه و ناجي الذي أهواهُ ينامُ خلفي الحمدلله يالله .


***

استيقظتُ من النوم مفزوعة خائفة مذعورة هذهِ الكوابيس التي لآزمتني منذُ اللية التي علمتُ بها أن زوجي هوَّ أبي و حبيبي أخي !
أزداد هلعي من اليد التي تمسحُ على شعري


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم الأربعاء .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 07-09-16, 12:40 PM   المشاركة رقم: 453
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

أما بعد فكلي شوق للجزء القادم ولوضع أصلان النقاط على الحروف .وعودة زبيدة .وسقوط عبدالقوي .ولجبر جراح مارسة. وعودة مي لشقيقها هزيم ولاسرتها

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 08-09-16, 12:50 AM   المشاركة رقم: 454
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي









الجحيـــم


(79)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **















استيقظتُ من النوم مفزوعة خائفة مذعورة هذهِ الكوابيس التي لآزمتني منذُ اللية التي علمتُ بها أن زوجي هوَّ أبي و حبيبي أخي !
ازداد هلعي من اليد التي تمسحُ على شعري و ما أن فُتحت عيناي بأكملها و أستوعبتُ من أرى حتى انتزعتُ يدها بقوة ناظرةً لها بشزر
و بصوتٍ غاضب و كأنها تسمعُ ما أقول : كيف تجرأتي بأي حق تلمسيني ؟!
نزلتُ من فوق السرير و تراجعتُ أدراجي للوراء و عيناي مثبتة على عينيها المندهشة و الحزينة الحائرة المترجية , عينيها التي تحملُ كثيرًا من الكلمات و الجمل
لم تستطع أن تنطق بها , رفعتُ سبابتي للأعلى مهددةً لها : والله إن شفتك مرة ثانية ما يحصلك طيب لا تتعدي حدودك و لا تظني إن خروجي منك يعني إنك أمي
لا أمي الوحيدة صايمة إلي ربتني , لا تتأملي في يوم أجيكِ و ارتمي بحضنك إنتِ و عبدالقوي غلطوا أكبر غلط في حقي لا تنتظروا مني أغفر و أسامح و أقبل بوضعي
شوفي آخرة أفعالكم متزوجة من أبوي و جايبة ولد زنا و حرام .
وضعتُ يدي على قلبي و مع انفعالِ الغضب انهمرت دموعي و اختل صوتي مضطربًا : محـ...د يقدر يستوعب كمية الوجع إلي تسكني , محد يقدر يستوعب كمية الدموع إلي أذرفها بالثانية الوحدة
محد يقدر يستوعبني و لا أحد بيقدر .
وقفت من على السرير و تحركت عدة خطوات و بعينيها الدمع و وجها طغت عليهِ الحُمرة
استوقفتُها بيدي عن الحركة : وقفي ويلك تقربي وقفي .
توقفت عن الحركة بعدما فهمت إشارة يدي
بينما أنا قطعتُ الخطوات و كسرتها حتى صرتُ أمامها
انفرج فاهها بشبحِ ابتسامة سرعان ما غابت و هجرت شفتيها حينما قبضت يدي على يدها بقسوة , أظافري تنغرسُ بقوة لتطبع أثارها على يدها البيضاء
أجرها نحو الباب فتمشي مسيرة و قد ازداد دمعها مع أناتٍ لا تجيدُ سواها
غابت ملامحها في بحرِ الدموع و الوجع ما وصلنا إلى الباب حتى دفعتها فسقطت تستندُ على الأرض بيديها و عظام الركبة ينسدلُ شعرها و تزدادُ آهاتها تعطيني ظهرها فلا أرى وجع ملامحها
أوصدتُ الباب بقوة و استندتُ عليهِ بظهري , و شيئًا فشيئًا حتى خارت أقدامي فجلستُ على الأرضِ كالقرفصاءِ أبكي و يصلني صوتُ بكاءها
لا تطلبي مني شيئًا فأنا لن أعطي أي شيء
أنا لستُ لأحد بل أنا لذاتي
أصبحتُ صحراءً قاحلةً خاوية لا حياةَ بها فما تريدون مني ؟!
اتركوني و شأني فليسَّ لي حولٌ ولا قوة .



***



تمَّ إرسال بلاغ من الجهات الأمنية السعودية بالقبضِ عليَّ في كندا و بعدما تمَّ تقييدي بالأغلال نُقلتُ أمنيًا إلى جدة و ها أنا ذا في حجرةِ التحقيق في صباحِ اليومِ الجديد
أجلسُ على الكرسي و أمامي الضابط بعدما كنتُ قبل
تسعةَ عشرَ عامًا أقعدُ كضابط رغمَّ أني جاسوسٌ مجرم ، صرتُ أجلسُ كجاجوسٍ مجرم مع أني ساعدتهم في إيجادِ المجرمين ! هل كلما وثقتُ بأحدهم أخطأتُ العنوان فلا يكون محلَ الثقة ، وثقتُ
بالمنظمة و عملتُ معهم ضدَّ الجهاتِ الأمنية في مرحلةِ الشباب و حينما نكثوا العهد الذي بيننا فقدتُ ذاكرتي و عادت إليَّ في سنِ العجز لأقفَ ضدهم مع من وقفتُ ضدهُ في شبابي مع الجهات
الأمنية و أصل الحكمي و لكن ها هم يقيدوني بالأغلال و يحاسبوني على ما تغير بتقدمِ الزمان
و أصل الحكمي لم أرهُ بعدَ آخرِ لقاءٍ في كندا هل انطويتُ من حياتهِ كما تنطوي الأوراق و تُلقى في سلةِ المهملات لم أطلب منهُ مساعدتي و لكن أطلبُ منهَ مساندتي و شدَّ إزري إعطائي جرعاتٍ
من أمل و كؤوسٍ من التفاؤل و لكني لم أجد سوى الخذلان كما اعتدتُ من الصغر ، فتيقنتُ اليوم أن لا أحدَ يستحقُ الثقة و الخير ، خيرُ الإنسان لنفسهِ و كفى
ركزتُ سمعي مع الضابط الذي بدأَ بالحديث : هزاع جاسوس لمصلحة المنظمة إلي نبحث عنها من عام ألف و تسعمية و تسع و ثمانين كان بيتم اتخاذ عقوبة قاسية عليك لكن بحسب معلومات
وصلتنا بتنخفض عقوبتك بشكل كبير جدًا ، لكن بالأول لازم نحقق معاك و تكون صادق أي كذبة بتكون ضدك ما هي معاك لأنه كل حرف بتنطقه نحنا بنطابقه بالمعلومات إلي وصلتنا إن كان التطابق
ناجح بتنخفض العقوبة إن ما تطابقت المعلومات بتكون عقوبتك قاسية ، ما بسألك بس بقولك ابدأ سرد حكايتك من البداية و أدق تفصيلة تراها مهمة .
بدأتُ سردَ حكايتي من دخولي للمنظمة باليوم الذي لاحظتُ بهِ أحد السجانين يتعامل بخفاء مع أحدِ أفرادِ العصابة الذي ألقينا عليه القبض و حينما رأيتُه توعدتُ لهَ شرًا و أني
سأبلغُ عليهِ لا محالة ، حينها مدَّ إلي بالهاتف و عينيهِ مليئتين بالخوف تناولتُ الهاتف من يده فجاءني صوتُ رجلٍ مصري أجهلهُ و لكني فيما بعد عرفتُ أنهُ الأخُ الأكبر لربيع الذي عرضَ عليَّ
مبلغًا ماليًا كبيرًا في مقابل أن لا أفشي سرهم و لكن طال صمتي حتى أني أغلقتُ الهاتف دون أن أعطيهم ردًا يريحهم ، المبلغ الذي عرضه عليَّ كبيرٌ للغاية سيجعلني غنيًا و لكن كان بداخلي شتاتٌ
لا ينتهي ما بين القبولِ و الرفض مابين حُب المال و حُب الوطن ما بين الأنانية و الضمير أصواتٌ أرهقتني حتى أنتهى عملي بذلكَ اليوم و ترجلتُ سيارتي متجهًا من جدة إلى القبيلة و بينما أمشي
بسيارتي وجدتُ رجلاً عاجز في الطريق يقفُ أمام سيارته التي يبدو أنها قد تعطلت ، أوقفتُ سيارتي خلفَ سيارته و توجهتُ إليه لأرى ما به و بينما أتكلمُ معه شعرتُ بمسدس يوضع خلف رأسي
فتصلبت أقدامي و تعرقَ جبيني و قد أدركتُ أنهُ فخٌ من المنظمة ، قاموا بتهديدي إما أن أُغلق ملفَ الشحنة ضدَ المجهول أو يقتلوني مما اضطرني للموافقة مُقابل حياتي و باليوم الثاني توجهتُ للمركز
و قدمتُ ملفًا يُثبت أن من في السجن لا يملك أي معلومة و أُغلق الملف ضدَ المجهول ، حينها ظننتُ أنها النهاية و أني بعد الآن سأعملُ كضابط و ليس لي أيُ علاقة بهم ، ليتمَ تهديدي بالملف
المجهول حيثُ اتضح لي أن هذهِ الشحنة لا تعنيهم و أن الملف حتى لو لم يُغلق ضد المجهول لم نكن نستطيع القبضَ عليهم فكان تهديدهم إما أن يقدموا بلاغًا بأني جاسوس ضدَ الجهات الأمنية
السعودية و يتم معاقبتي قانونيًا ، أو أن أقف معهم في المرةِ القادمة وقفتُ معهم من باب الخوفِ على ذاتي و حينما أغلقتَ الملف أيضًا ضدَّ المجهول تم إرسال مبلغَ مالي كبير إلي ، فدنف قلبي
من فتنةِ المال و صرتُ منهم كلما أوشكَ أصل و سهيل للوصول للنهاية أغلقتُ الملف ضدَ المجهول و تابعتُ حكايتي إلى فقداني لذاكرتي و عودتها و مساعدتي لأصل في استعادة جزء من ذاكرتهِ
و إيجاد العصابة و أني قد ندمتُ على ما فات و أنتهى التحقيق و بقيَّ القرار ، لكن مما جاءت المعلومات هل يعقل أنها من أصل ؟ و ممن ستكونُ يا هزاع من المؤكد أنها من أصل فمن سواهُ
قد يساعدني ، لقد ظلمتُكَ للمرةِ الثانية يا أصل ، أحمدُ الله أن وهبني صديقًا مثلك في أوآخرِ عمري .




***



كلَ شيءٍ بدأ بذلكَ اليوم الذي كان بهِ صديقُ عمري يلفظُ أنفاسهُ الأخيرة : خيتي حسنا يا عبدالقوي ما لها حد من بعدي ، بموت مرتاح بزيجتك إبها ، ما لها حس ما بتتعبك إن شاء الله .
أمسكتُ بيدهِ بقوة لأبثَ لهُ ذات القوة : لا تذكر الموت بتعيش إن شاء الله و ترعاها بنفسك .
و لكن قدرَ الله و توفى و آخر ما لفظ بهِ الشهادة يتبعها باسم اختهِ : حسنـ
لكنه قبل إكماله رحلت روحهُ لباريها
و بعد إكمال أيام الحداد الثلاثة تزوجتُ بها تطبيقًا لوصيته و كنتُ أردد أنها بكماءُ لا تتكلم صماءُ لا تسمع سآتي بمن تهتمُ بها و أوفرُ حاجتها و كأنها ليست في حياتي لكنها دخلت حياتي عنوة فهيَّ
صماءُ بكماء لكنها حسناء ، هيَّ ناقصةَ الحواس لكنها كاملة الجمال ، منذُ الوهلةِ الأولى بعثرت ضربات قلبي و منذُ القُبلةِ الأولى عشقتُها أحببتُها تعلقتُ بها حاولتُ إنكار الحقيقة بيني و بينَ ذاتي
لكني لم أستطع اعترفتُ لنفسي أني أُحِبها و متيمٌ بها ، خرجتُ من زوبعةِ أفكاري حينما وصلتني أصواتٌ متفاوتة من الخارج ، عقدتُ حاجبي و رفعتُ السماعة مناديًا السكرتير
الذي سرعان ما دخل قائلاً : الشرطة يا أستاذ عبدالقوي .
تعالت ضرباتُ قلبي و انشدت ذراعي وضعتُ يدي اليمنى موضع الألم بذراعي اليسرى ، هل فعلها هل فعلتها يا أصل هل فعلتها ، و قبل أن أستوعبَ ما يحدث اقتحم الضُباطُ مكتبي كانوا ثلاثة ضباط
تحدث أحدهم بصوتٍ جهوريٍ ثابت : شخص قدم عليك بلاغ ، بتجي معانا .
هوَّ نعم هوَّ من عادَ بعد تسعةَ عشر عامًا ليزُجَّ بي في السجن و يُعاقبني على ما اقترفت يداي ، و قفتُ من على الكرسي و تقدمَ ضابطين باتجاهي قيدوني بالأغلال و وقف كلٌ منهما على جانبٍ مني
أحدهم في شمالي و الآخر عن يمني و الثالثُ يمشي من وراءنا , السكرتير يحدقُ بنا في دهشة و خرجنا من المكتب ليتجمهر الموظفين أمشي في المنتصف و عن يمني و شمالي من ينظرُ لي أحدهم
بدهشة و آخرٌ بسخرية و ثالثٌ بشفقة و أكثرَ ما تبغضُ نفسي الشفقة تفاقم الألمُ بذراعي و لكني حاولتُ الثباتَ و الصمود تجاهلتُ النظرَ إليهم و بقيتُ مرفوعَ الرأس أنظرُ للأمام و أحاول تجاهل
الأصوات و المضي قدمًا للأمام .


*



في سيارتي أنظرُ إليه و هوَّ يمشي بثبات و بجانبيه الضُباط لكني أعلمُ جيدًا ما وراء الثبات أعلمُ أنهُ قناع سينقشعُ لتنجلي ملامحُ الوهن و موظفي الشركة و الحراس ينظرون لهُ و منهم من يرفعُ
هاتفهُ و يصور حتى دخل لسيارةِ الشرطة التي تعالت صوتُ دورياتها ومضت حيثُ المركز ، لقد بَلغتُ عليه في محاولتهِ لقتلي قبل سنين و محاولتهِ لقتلي في هذهِ السنة ، فلن أصمت و لن
أغفر و لن أقول هوَّ من عائلتي و سأستر عليه , فما فعلهُ بي في محاولتهِ لقتلي و جعلَ فتياتي يتيمات بلا سند و إن كان " هزيم " ابني و مي ابنتي فهوَّ السببُ الأول و الأساسي لشتاتهم و ضياعهم فلو أني لم
أسقط في البحر و أفقدُ ذاكرتي لعشتُ لأكونَ سندًا لفتياتي لتكون " مي " مسلمة شريفة و طاهرة ليكون " هزيم " متعلمًا غير فاقدٍ ليده هو كان بدايةَ الحطام ، أنتَ من قتلَ الصيف ليحيا الخريف المميتُ
للشجر لتعصف رياحه فتحمل الأوراق الذهبية و تشتتها بعيدًا عن موطنها ، أنتَ الذي الذي أوهمتني أنكَ لن تخونَ عهد الصداقة و مواثيقها فخنتني و نكثت بها ، فمن أنا غيرُ إنسي إن نُكت
السواد في قلبهِ تشعبت لتملأهُ سودًا هذا أنا قلبي قد صار أسودًا و أقسمَ ثغري أنهُ لن يغفر ، فلا تنتظر مني غفرانًا سيطولُ انتظارك و لن ينتهي إلا بانتهاءِ عقوبتك ، سأبدأ من جديد منذُ ذلكَ اليوم
الذي مات فيهِ أصل الحكمي و وُلِدَ بهِ جلالُ الفاني ها قد فنى جلال و عاد أصلُ للحياة ليمحي أثآر جلال و ينقشُ أثآر أصل .




***



الساعة الثانية ظهرًا , اجتمعنا أنا و أخواتي في أحدِ المجالس , فقد طال الغياب و اشتقنا للجلوسِ سوية
بالرغمِ من أننا حينما كنا أمام بعضنا البعض كنا نقعدُ سوية و الأفكارُ بعيدة عن مكانِ جلوسنا
لكن الغياب أعطانا درسًا عنوانه " التكاتف "
ضَحكاتنا و مزاحنا , الضَحكات التي شقت طريقها بشفاهنا بعد الشهور المضنية
توقفت ضَحكاتنا حينما وصلنا صوتُ غانم قمتُ من على الكنبة متجهة نحو الباب لأرى خالتي عُشبة تحملُ غانم بين يديها
أخذتُهُ منها مبتسمة و هيَّ ابتسمت لي في المقابل , أعطتني ظهرها تعودُ من حيثُ أتت إلا أني استوقفتُها : تعالي يا خالة و اقعدي معانا .
أدارت ظهرها و نظرت لي مبتسمة : بقعد مع ساجدة و إن كانها تبي تنزل ننزل مع بعض .
أومأتُ برأسي و دخلتُ للحجرة , جلستُ حيثُ كنت بجوارِ هوازن و هززتُ الطفل الباكي في يدي
فمدت هوازن يدها إليَّ تطلبُ الطفل : عطيني ياه
مددتُهُ إليها فأخذت تحركهُ في يدها بهدوء حتى بدأ صوتُه بالانخفاض و راح في سباتٍ عميق
نظرت لي و هي تعقدُ حاجبيها متسائلة : ولد مين ؟
نظرتُ لها ثم نظرتُ لعُطرة بحيرة فأومأت برأسها تُشجعني
تلعثم لساني و صار ثقيلاً بالكادِ خرجت الحروف : غانم ولـ...د خالي عبدالقوي و يعني ..
ابتسمت هوازن بسعادة و هي تنظرُ إليه : ما شاء الله , الله يحفظه بعينه .
نظرتُ لعُطرة استجديها , فقالت عُطرة بثبات و قوة و كأنها تتحدثُ عن أمرٍ هينٍ بسيط : و مارسة بنت خالي عبدالقوي .
رفعت هوازن عينيها عن غانم إلى عُطرة و من ثمَّ إلي و مني إلى غانم حتى استقرت على عُطرة و هي تسأل : ايــــــش ؟
عادت عُطرة تقول بحروفٍ وسيعةٍ ممدودةٍ ثقيلة تؤكد لهوازن الحقيقة التي لا يستوعبها العقل : مارســــــة بنــــــــت خالي عبــــــــــدالقوي يعني غانــم ولد حــــــرام .
نظرتُ لعُطرة بعتاب و قد نسيتُ هوازن و لم يتبقى بتفكيري سوىَّ اللفظة التي رمت بها غانم الطفل الصغير الذي لا ذنبَ لهُ
بينما عُطرة أبعدت عينيها عني و نظرت لهوازن فنظرتُ أنا أيضًا إلى هوازن التي اكفهر وجهها و شفتيها تلحنُ همهمة لا تنتمي لأي لغة
و من ثمَّ أخذت تستغفر الله و أردفت بعد مدة : و كيف صار هالشي ؟ و و ينها مارسة ؟
رفعتُ كتفي : مدري لنا كم يوم مو شايفينها , و كيف صار حكاية طويلة
استقرت عينيها على غانم متسائلة : و غانم ؟
كنتُ سأجيب لكن عُطرة أجابت نيابةً عني : بتربيه عُزوف و بيتسمى مثل الأيتام المكفولين .
ما أن ختمت عُطرة جملتها حتى تساءلت هوازن تساؤلاً مستنكرًا لا يحتاجُ لجواب : ايـــــــــــش ؟! ما يصير هالكلام من قالكم تسوون كذا ؟
أجبتُ مستنكرة استنكارها لفعلتنا : وش تبينا نسميه غانم عبدالقوي و لا كبر و عرف إنه ولد حرام وش بيكون موقفه وقتها !
نظرت هوازن إلى عُطرة بعتاب بحكمِ أنها الأخت الكُبرى فدائمًا ما تكون أخطاءنا على عاتقها , بينما عُطرة أجابت بثبات غير مبالية بنظرةِ العتابِ واللوم : عشان عُزوف , عُزوف تبي غانم
إلي أساسًا للحين محد استوعب وضعه ما في إلا عُزوف إلي رحبت فيه كان هذا أفضل حل منصف لعزوف إلي بتكرس حياتها له و منصف له هو حتى لا يتحمل ذنب غيره نظرة المجتمع ما بترحمه .
عادت هوازن تستغفرُ الله ثم أدرفت بهدوء : هذا نكاح شبهة , نكاح الشبهة هوَّ الزواج الفاسد إلي يعقتد الزوجين إنه حلال و يتضح إنه حرام في هالحال ينتسب الولد لأبوه .
استشاط صدري بالغضب حينما شعرتُ أن غانم لن يكون لي : ايــــه و وقت يكبر و يسأل و ينها أمي نقوله أمك مارسة أختك !! إنتِ بس تتكلمي من الناحية الشرعية و مانتِ حاسة بكبر الموضوع
مانتِ حاسة فيه و لا بتعرفي كيف بتكون معانآته .
أجابت هوازن بصوتٍ مرتفع على غير عادتها : لا إنتِ إلي عارفة يا عُزوف عايشة معآناته ما شاء الله عليك
ثم استغفرت و أردفت بصوتٍ تحاولُ أن تجعلهُ في ميدان الهدوء بعيدًا عن براثن الغضب : يا عُزوف افهمي علي , الأحكام الدينية ما انوضعت إلا لأنها خير سبيل , صدقيني لو بتمشي على حكم
عقلك و قناعتك بيجي يوم و تندمي ندم شديد و تقولي ليتني و ليتني , غانم يتسمى على خالي عبدالقوي
و هذا ما يمنع إنك إنتِ إلي تربيه لمن وقت بلوغه يعني تقريبًا من دخوله للصف المتوسط وقتها أساسًا إنتِ ما تحلين له بتقولي وش هالكلام يا هوازن أنا أكبر منه بثلاثين سنة بقولك ايه نعم
لكن وقتها بيصير عمرك خمس و أربعين
أو ست و أربعين و إنتِ بنت عز الحمدلله و ربي منعم عليك و مهتمة بنفسك و أنيقة يعني مانتِ عجوز ما تفتن لا إنتِ تفتني حتى لو ما كان عقلك مستوعب , إلي بيصير إنه ناجي بيحس بالغيرة مهما كان هو عارف
إن غانم بالأساس أخوه و بيبعدك عن غانم غصبًا عنك وقتها جد وش إلي بتقوليه لغانم كيف بتفسرون له ؟! هو صحيح بيكون منسوب لاسم عام و عارف إنه مو ولدكم لكنه بيتعلق فيك كثير و يعتبرك أمه
و لو ربي رزقك إنت و ناجي بطفل بيكون نصيب غانم من الحنان و الدلال أقل من طفلكم خصوصًا إنكم متشوقين للطفل من سنين فبيكون كل اهتمامكم منصب عليه و غانم وقتها بيتحسس كثير
و يعيش شعور اليتيم وهو في بيت أبوه عبدالقوي ! , ليش تحرموه من نسبه و أصله ! حتى ما يعرف إنه ولد حرام !! , ترى حتى الأيتام المكفولين حتى و إن كانوا عايشين حياة سعيدة
مع كافلينهم دايمًا العبارة إلي تتردد حولهم " مكفول أكيد أهله تركوه لأنه ولد حرام "
و هالمكفول اليتيم دايمًا بيحس إنه ولد حرام مع إنه ممكن أهله تركوه لسبب ثاني بعيد عن هالمنطق , يعني حلك ما هو حل و لا ينتمي للحلول لكـ
قاطعتُها بعد أن استفزتني : لا الكلام إلي حضرتك تقوليه كله منطق أجل ينتسب لأبوه و يعرف إن أمه هي أخته , أي منطق هذا !
قالت عُطرة متدخلة بما زاد من غضبي : حقيقة يا عُزوف كلام هوازن سليم , إنتِ بهالوقت تشوفي الموضوع من منظور إنه ربي ما رزقك بطفل وقلبك تعلق في غانم .
تصاعدت الحُمرة في وجهي وشعرتُ بالحرارة كلهيبٍ يُحرقني وقفتُ من على الكنبة و حركتُ يدي في الهواء بانفعالٍ و غضبٍ جامح : تعايروني عشان ربي ما رزقني بأطفال , عشانكم ما عشتوا
وجعي و ألمي تعايروني تظنون إنه في احد بيهتم لغانم أكثر مني ما في أحد بيهتم له و يحبه كثري , و نصايحكم خلوها لكم آخرتكم تضحكوا علي زيكم زي مجتمعكم عقيم الأفكار .
أخذتُ غانم من على الكنبة دون النظرِ لهن و خرجتُ من الحُجرة مهرولة و الدموعُ تشقُ طريقها بوجنتي تحفرُ وجع اثناعشر سنة الذي ظننتُ أنه اضمحل بوجود غانم
لكن هوازن نفخت في وجعي ليعودَ حيًا بعد موتهِ عدةَ أيامٍ فقط , أيامٍ مقابل سنين
يالله لِمِّ كُتِبَّ ليَّ النصب و الوصب , الشقاءُ و العناء
يالله كلما أصبر و أرددُ الحمدلله
تقول لي نفسي لِمَّ أنتِ من بين البشر ؟
ليس بيدي يالله شيءٌ ما بداخلي يسخط و آخر يزجرهُ على سخطه و يعودُ لكَّ مستغفرًا حامدًا
موقنًا أن في صبرهِ الفرج , موقنًا أن هنالك من يعآني أكثرُ منه .




*

وقفتُ من على الكنبة متوجهة سريعًا نحوَّ الباب لألحق بها , فأنا لم أقصد ازعاجها بتاتًا و سأُوضحُ لها ما أرادت عُطرة قوله لكنها لم تجيد التعبير عنه
لكن عُطرة نادتني مستوقفةً لي : هوازن اقعدي , الحين هي محتاجة تقعد بينها وبين نفسها و ترتب أفكارها بعد ساعة أطلعي لها و فهميها بطريقتك
الظاهر إنه ما عندي أسلوب مناسب و هي متحسسة من سالفة العيال كثير و أقل كلمة بتضايقها , ففهميها بأسلوب لطيف و هي إن شاء الله بتدرك معنى كلامنا .
نظرتُ حيث رحلت عُزوف بخيبةِ أمل فلم يكن هذا مقصودي , لا أحبُ أن أكون سببًا في ضيقِ الغير
جلستُ بجانبِ عُطرة واضعةً رأسي بكتفها , مدت ذراعها خلف رقبتي و ضمتني لجانبها و هي تهمسُ بحنان : لا تخافي بترضى إن شاء الله , مسألة وقت بس .





***






ركنتُ السيارة في المواقف و أخذتُ العينات من المقعدِ المجاور نزلتُ من السيارة و من أول درجة لاحظتُ الكاسر الذي يقفُ بالأعلى بجوارِ الباب و ينظرُ إلى أقدامهِ بسرحان ، تقدمتُ نحوهُ حتى
صرتُ أمامه و حينما رأى حذائي رفع عينيهِ فرآني و تبسم بحبٍ و مودة يُقَبِلُ رأسي و يدي باحترام : كيفك يا خال ؟
أومأتُ برأسي بلطف : الحمدلله و إنت يا ولدي عساك طيب ؟
هزَّ رأسهُ بالموافقة : الحمدلله بخير يا خال ، ندخل ؟
أجبتَ و أنا أنظرُ للعينتين التي بيدي : ندخل .
دخلنا للداخل و توجهنا حيثُ نريد ، بدأتُ بالحديث مُلقيًا تحيةَ الإسلام : السلام عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته .
فردَّ التحية كاملة و أردف : بايش أخدمك يا عم ؟
وضعتُ العينات على الطاولة أمامه و شرحتُ له : ابي تحليل الأبوة لهالعينتين ، الـ a لي و الـ m لبنيتي .
فقال بدبلوماسية : تستلم النتيجة بعد أسبوعين .
نظرتُ إلى الكاسر الذي أخرجَ بطاقتُه العسكرية و مدها و هوَّ يقول : نحتاج النتيجة خلال أيام .
أجاب بتفهم : إن شاء الله بكرة تطلع النتيجة .
ومضينا للخارج الكاسر يحكي لي عن ابنتي و اشتياقها لي بينما أنا أغيبُ بتفكيري إلى " مي " جاء الرجل المصري الذي بعثه هاني إليَّ ليُعطيني عينة من شعر " مي " اتفقتُ مع الكاسر عبرَّ
الهاتف أن يُسدي إليُّ هذا المعروف بتقديم موعدِ النتيجة و قد وافق الحمدلله ، اليوم ستظهر نتيجة هزيم إن كان هوَّ ابني فمن المؤكد أن مي ابنتي لشدة التشابه ما بينهما و بالرغم من هذا أنا
أحتاج ورقةَ التحليل لأنها ستكونُ عنصرًا مهمًا يومَ الدعوة الجنائية
نظرتُ للكاسر الذي سألني : يا خال ما خلصت أشغالك بناتك بحاجتك .
نظرتُ لهُ بجدية : شوف يالكاسر إلي إنت ما تعرفه سبب هالتحليل , آخر جنين لي من مرتي زبيدة احتمال تكون هي البنت إلي اليوم سويت التحليل حتى أتأكد إن كانت هي أو لا ، و احتمال مبتور
اليد هزيم إذا كنت تعرفه يكون ولدي يعني زبيدة كانت حامل بتوأم .
اتسعت عيناهُ بدهشة ثمَّ سرعان ما تحولتا للحيرة و التيه : لكن عمتي كانت حامل ببنت واندفنت .
بتوجس : هي قالت إنها حامل ببنت بس ؟
قال نافيًا و قد كساهُ الحزن : لا ، هي الله يرحمها توفت يوم ولادتها ، لكن أبوي وقتها قال إنها ولدت ببنت و إنت قبل فقدانك كنت معطي عهد لو عمتي ولدت ببنت بتدفن البنت و هذا إلي صار أبوي
دفنها بدون حتى ما نشوفها بنفس اليوم عرفنا عن فقدانك و توفت خالتي و اندفنت البنت كان يوم قاسي على بناتك يا خالي .
لقد رحلت ، رحلت زبيدة من هيَّ زبيدة التي نستها ذاكرتي لكن اليوم عادت بأكملها زُبيدة المرأة التي لم أعشق سواها زُبيدة التي كلما رأتها عيني لفظَ ثغري ازدواجيات الشعر و لفظت ملامحي
أهازيجَ الفرح ، زُبيدة هيَّ المرأة التي أحبها قلبي فنسجَ منها رموزًا لم يفهمها أحدٌ سواها نُقشت على خاتمٍ باصبعي و قلادةٍ في عنقها الأبيض بين نهديها النافرين بعلياء و كلا القلادة و الخاتم
مفاتيح لصندوقِ حُبِنا و أسرارنا أحلامنا و حتى أطفالنا ، رحلت زبيدة و ما هيَّ الحياةُ برحيلها ؟ لا معنى لها لا مذاقٌ و لا لون .

و دعني الكاسر و غابَ حيثُ سيارتهِ متجهًا نحو عملهِ , بينما عُدتُ أنا للداخل متوجهًا لكراسي الانتظار كالميتِ بلا حياة
وجدتُ هزيم يجلسُ و بجوارهِ أحدُ الضباط , ينظرُ للأرض بشرود
توجهتُ إليهما و ألقيتُ التحية ردَّ الضابطُ التحية بينما عينا هزيم تشبثت بعينيَّ في عناقٍ طويل
عناقٍ اهتزَ لهُ قلبي و لحن لهُ لساني لحنَ الغموض
لحنًا متناقضًا ما بين اللذةِ و الوجع , كأني أشتاقُ إليهِ و أجهلُ من يكون
ورقة ستقررُ من تكون أنتَّ يا هزيم في حياةِ أصل
هممتُ بالسير و حجراتِ قلبي تغمغمُ بكلِ مبهمٍ لا يستوعبهُ إنسٌ و لا جان
و على الرغم من الخطواتِ القليلة التي تفصلني عن مكانِ استلامِ النتيجة إلا أني شعرتُ أني أسافرُ للبعيد أعانقُ السماء و أتركُ أرضًا جمعتني به
و حينما التقطت طبلةُ أذني ضربَ الخطواتِ على البلاط و كأن الروح عادت لأرضها
تابعتُ مسيري دون النظرِ لهُ فلا أريدُ إحراجهُ
و وصلنا أخيرًا , ألقيتُ التحية
فردها للنصفِ و سأل : بإيش أخدمك ؟
حينها استرقت عيناي النظر إلى من يقفُ بجواري بشموخ يحاولُ دسِّ وهنهِ بهذا الحضور الطاغي : اليوم على أساس نستلم تحليل الحمض النووي أصل الحكمي و هزيم .
سأل برسمية : قرار من السلك العسكري ؟
أومأتُ برأسي , فأردف : دقايق .
و كأن الدقيقة التي غابها دهرًا بأكملهِ في الانتظار
مدَّ إليَّ بالظرف فتناولتُه منه و فتحتهُ لتظهر الورقة التي بداخله قرأتها بعيني
و من ثمَّ نظرتُ إلى هزيم مبتسمًا فقطع هزيم الخطوتين التي بيننا و ارتمى بصدري و هو يقولُ بفرحٍ جياش : كنت حاس
شعورٌ لا تكفي الحروف لوصفه و كأني كنتُ أعيشُ طيلةَ الوقت بلا روح
و الروحُ اليومَ قد عادت إلي لنصفها , فنصفها راحَ يصاحبُ زبيدة بالضريح
و كأن أصل الحكمي يُولدُ من جديد , يولدُ بمولدِ هزيمٍ في حياته



*


حنانٌ أمآن دفءٌ راحة و سند , يشدني إليهِ بكلِ قوة يُسمعني ضربات قلبهِ وحكايةَ مولدي بعدَ حياتي أعوامًا طويلة
يلحنُ لي لحنَ اللهفة و الشوق اللوعة و التوقِ إليَّ كما أتوقُ إليهِ و أنا بين ذراعيه
يحكي لي أنهُ أبي بكل نبضة , تؤذنُ أوتار قلبهِ أذآنًا لم يؤذن بهِ يوم مولدي و موتي قبل أعوام
تنقلُ حجراتِ قلبي رسائل الطروبِ و التقطيب ! رسائل الحنينِ و الإجتواء ! فتستقبلها حجراتِ قلبهِ من كلِ ناحية و درب
و تنقلها مع دمهِ ليزداد جسدهُ دفئًا و يرسلُ لي إعتذرًا عمَّا مضى
و كلما اشتدت يداهُ حولي , غمرتُ رأسي في صدرهِ أكثر , في غزيرِ حنانهِ و فيضانِ عطفه
استنشقُ رائحتهُ لتسكنَ أنفي قبل أرديتي
لتقطن دهرًا و تقهرَ عقودًا مضت .



***



الساعة الثالثة مساءً , كلما خطوتُ خطوة سمعتُ الهمزات و اللمزات التمتماتُ و الهمسات الهمهماتُ و الضَحكات في بادىء الأمر اعتقدتُ أنهم يسخرون مني لزجي بالسجن ثم عودتي لمزاولةِ العمل بعدما أتى القرار
بعودتي لعملي بذاتِ الرتبة التي كنتُ عليها " النقيب " فرحتُ كثيرًا و شعرتُ أن الحياةَ عادت لمجاريها هوازن عادت لي و عدتُ لأسرتي و عملي و لكني من سخريتهم و استهزائهم أدركتُ أني
سأعآني و أتعبُ كثيرًا حتى تعودَ هيبتي و مكانتي بينهم ، حاولتُ التماسك و التجاهل لكني لم أستطع فكلما مرت الساعات ازدادت تصرفاتهم سوءًا مسكتُ بأحدِ الضباط و رفعتهُ عن الكرسي مطبقًا
بيدي على عنقه ، و بغضب تحت نظراتِ الجميع : تضحك على ايش ؟!
جاءَ صديقي أحمد يسحبني بعيدًا عنه و ذلكَ يُعدلُ ياقةَ قميصهِ العسكري وينظرُ لي بشزر ، امتعضتُ و ازداد غضبي أضعافَ ما كان عليه فدفعتُ أحمد متوجهًا نحو الضابط الجبان الذي تراجع خطوةً للوراء
بينما أمسك أحمد بيدي و هوَّ يسحبني للخارج لكني صلبتُ أقدامي حتى صارت جزءًا من الأرضِ لا ينفكُ عنها
نظرَ ليَّ أحمد برجاء : الكاسر الله يرضى عليك خلينا نخرج في أشياء ما تعرفها , في الوقت إلي خرجت فيه تنتظر خالك عشان التحليل , صار شي يخص عيلتكم .
تراخت أقدامي و ارتفعت عن الأرض و عادت لتنخفض تخطو خطواتها للخارج خلف أحمد و وجهي بلا تفسير كعقلي الذي تحجرَ عن التفكير قال عائلتي هنالك أمرٌ سيء حدثَ لهم
ارتعدت فرائصي عندَ هذهِ الفكرة المريعة
دخل إلى مكتبي فدخلتُ خلفهُ و أغلقتُ الباب جلستُ على الكرسي المقابل له متسائلاً بتوجسٍ مملوءٍ بمعاني الخوف : وش صار ؟ وش فيهم عيلتي ؟
أجابَ بهدوء يُعاكسُ ضراوةَ ما يقول : فيه بلاغ اتقدم ضد أبوك .
و نقيضَ ما كُنتَ عليهِ من غيابِ التخمين و التفكير استوعبتَ سريعًا لأُصلبَ طولي و أقومُ واقفًا متجهًا نحو الباب ، و لكني التفتُ إليهِ متسائلاً : بخصوص ايش الشكوى ؟ و مين المشتكي ؟
صمتَ للوهلةِ الأولى و هوَّ ينظرُ لي بحيرةٍ و تردد و كأنهُ خائفٌ عليَّ مما سينطق : بخصوص محاولته لقتل شخص و هالشخـ
قهقهتُ ضاحكًا غيرُ مصدق : أبوي يقتل ! و ليه يقتل ! أكيد في غلطة في الموضوع .
قال بأسف و هوَّ ينظرُ للأرض : ما أعتقد فيه خطأ لأن المشتكي خالك بو أصلان .
لم أستوعب و لم أصدق فقدتُ الإدراك و الإيمان بما أسمع ، استندتُ بيدي على إطار الباب محاولاً تثبيت أقدامي عن الانهيارِ أرضًا ، نعم لقد كان يقول أن هنالك من يحاولُ إلحاقَ الضررِ به و أن
لديهِ أعمال عليهِ إنجازها ، هل أبي من حاول قتل خالي ؟! لكن لِمَّ ؟! من المؤكد أن هنالك من يحاولُ الإقاع بين خالي و أبي ، لا بدَ من حلِ هذه المعضلة قبل أن تكون سببًا في شتاتنا .



***



يجلسُ بجواري في السيارة أستنشقُ ذاتَ الهواء الذي يستنشقهُ ابني الوحيد الذي من المفترض أن يكون اسمه أصلان ولكن تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن
و لكني أحمدُ الله أنهُ عادَ إليَّ بعد كلِ هذهِ السنين , أخذتُه لأفضل محلاتِ الأردية و اشتريتُ له الكثير و قد كان خجولاً كثير الرفض و أنا كثيرُ الإلحاحِ و الإصرار
أخذتُ لهُ ساعة ليضعها بيدهِ الغير مفقودة و عطرًا و عودة , و من ثمَّ توجهتُ بهِ للشقة التي أقطنُ بها
وضعتُ الأكياس التي بيدي في داخلِ حجرةِ نومي و وجهتُ حديثي إليه : ملابسك في الغرفة , و الباب إلي جنب الغرفة الحمام اتروش و بدل ملابسك و بنروح مع بعض لعند خواتك .
اقترب مني حتى صار أمامي و قبلني في رأسي باحترام و طأطأ رأسهُ أرضًا : مشكور يبـ .. يبه
ابتسمتُ لهُ و قبلتُ جبينهُ بحنان و بامتنانٍ صادق : أنا إلي أشكرك على وجودك في حياتي يا عين أبوك .
نظرَ لي طويلاً و كأنهُ يحفظني كما أحفظهُ , ينسخُ مني صورة بكلِ جزءٍ من دماغه كما أنسخُ لهُ الصور
ابتسم لي ابتسامةً واسعة مشرقة ظهرت فيها جميعُ أسنانه و حكت عن السعادة التي يشعرُ بها و كأنهُ يحكي لي عن سعادتي بهِ
أعطاني ظهره و توجه ناحيةَ الحجرة بينما بقيت عيناي حيثُ راح
و دعا لساني لهُ بكلِ محبة .


*


الساعة الرابعة و النصف عصرًا , أجلسُ في الصالة مع هوازن نتبادلُ أطراف الحديث حتى وقفت هوازن و هيَّ تقول : بروح لعزوف الحين و بكلمها .
أومأتُ برأسي بالموافقة و القبول
قُرع الجرس فتوجهت إحدى الخادمات نحو الباب و توقفت هوازن في مكانها دون حراك بفضولٍ و تساؤل من الطارق
طال وقوفُ الخادمة عند الباب و من ثمَّ توجهت إلينا و هيَّ تقول : ما يعرف مين , رجال عجوز
نظرتُ إلى هوازن أُبادلها الحيرة قمتُ من على الكنبة متوجهة نحوَ الباب أرفعُ الطيلسان و أغطي بهِ , و أغطي وجهي بالخمار
فنحنُ في الدور السفلي نضطر للجلوسِ بحجابنا خوفًا من دخول من لا يحلون لنا من أبناءِ خالنا عبدالقوي
مشيتُ نحو الباب و هوازن من خلفي وقفتُ أمام الباب و استقرت عيناي على الرجلِ العجوز و نطقت شفتاي بلا إدراك : يبــــــــــــــــــــــــــــه
لكنهُ لم يكن صوتي فقط بل كان صوتُ هوازن يتجانسُ مع صوتي بذاتِ الكلمة التي ماتت منذُ سنين ...


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم قبل العيد بإذن الله تعالى
و ع فكرة للأسف واضح إن الدراسة بتبدأ و الرواية ما اكتملت
لسى محتاجة وقت أطول في سرد مشاعر الأبطال مع الأحداث و التقلبات الجديدة
غير الأحداث إلي باقي ما ظهرت ^_^ .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 08-09-16, 09:29 PM   المشاركة رقم: 455
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

واخيرا التمت العائلة فصل كتير جميل

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 06:10 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية