لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-16, 05:27 AM   المشاركة رقم: 446
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي





الجحيـــم


( 75 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **












ها نحنُ في المشفى منذُ دخولهِ لحجرةِ الفحص و أنا أمشي جيئة و ذهابًا أنا أعرفُ جيدًا ما بهِ و لكن لا أريدُ أن يصدُقَ حدسي ، لحسن الحظ أني كنتُ معهُ وقتَ أخذهِ لنتيجة تحليل الأبوة فأنا أعلم
أنَّ أبي كان متشبثًا بالأمل و لذلك خفتُ أن يحصل لهُ شيء و قد حصل ، خرج الطبيب بعد مدة و مشيتُ باتجاهه و هوَّ باتجاهي من المفترض أن خوفي يدفعني للسؤال قبل أن يتكلم و لكن يبدو أن
حالةَ أبي بغايةِ السوء فقد تكلم مندفعًا قبل سؤالي : سوينا له أشعة و شفنا مخطط صدى القلب مضطرين نسوي له قسطرة نبي الموافقة منك .
تجمدتُ بمكاني بلا حراك قسطرة ! قال قسطرة يعني أن أبي مصابٌ بالنوبة القلبية ، وضع الطبيب يدهُ على كتفي فعادَ الوعي إلى عقلي و حركتُ رأسي بالموافقة متممًا الاجراءات اللازمة ، عافاك الله
و شافاك من كلِ شرٍ و مكروهٍ يا أبي .



***


و على الشيء الذي نمتُ عليه استيقظت بتمام الساعة الثانية عشرَ ظهرًا ، أمسكُ بهاتفي المحمول و أدخل " للواتس اب " لأقرأ بمشاعر متناقضة ما بين الشفقة و الرحمة و الكرامة و الكبرياء مدَّ يدِ العون و اللامبالاة " يا أختي
زوجك معن مريض نفسي و أنا الدكتور حقو لو سمحتِ يا أختي قولي لمعن إنو تعزيبو
لنفسو ما يفيدك بشي و إنك ما تبينو يعزب نفسو علشان يبطل من تعزيب نفسو لانو حالتو جدًا سيئة و ربي ما يرضى على هلاك النفس حتى لو ما كنتي راضية عنو المهم إنو يبطل من دا
العزاب و إنتي كدا كدا مو خسرانة شي"
هل أساعدهُ ؟ لكن لماذا ما المعروف الذي قدمهُ لي حتى أساعدهُ مما هوَّ فيه ؟! دائمًا ما كان حزني و شقائي و جُل همي و غمي و لم يكن عونًا مطلقًا لماذا أكون عونًا لكَّ يا معن ؟ لماذا يجبُ عليَّ الصبرُ
عليكَّ ثم مساعدتك و ما يضحك أنكَّ أيضًا تريدُ المغفرة ، تريدُ مني التنازل دائمًا بينما أنتَّ لم تتنازل يومًا كان كبرياء الرجل الشرقي يتلبسُك حتى ندمت أشدَ الندم بل و كُنت قاذفًا و جلادًا تضربُ
زوجتك ضربًا مبرحًا بلا رحمة و لا شفقة و ترى أنكَ على صواب أقسمتُ بعفافي و شرفي و أقسمت بدناءتي و انحطاطي ، لم تقل و لا ليوم أنا طيلة سنين زيجتي لم أرَّ منكِ سوءًا بل طيلة السنين
كُنتَ ترميني بالسوء ، كيفَ يريدَ طبيبك المساعدة مني ؟ أوليسَ عليكَ أن تذوق العذاب الذي أطعمتني إياهُ اثنا عشر سنة ، قبضتُ على الهاتف بقوة و أنا أنظرُ لهُ و أرتبُ أفكاري لآخرِ لحظة ،
أغمضتُ عيني و سحبتُ أنفاسي و عُدتُ لفتحها تارةً أخرى و أغلقتُ الهاتف كُليًا لا أريدُ سماع أي شيءٍ عنه فمنذُ ظهور براءتي هوَّ لا يعني لي شيئًا و متى ما يظهرُ أبي سأحتمي بهِ و أغيبُ عنكَ
و كأني لم أكن , لكن أنتَ كُنتَ و مازلت ، تبًا يا قلب دائمًا تختارُ بغباء و تتجرعُ ويلَ اختيارك ، لكن هذهِ المرة ستتجرع ويل الغياب و الفراق لتحيا الكرامة و الكبرياء .


***




حينما استيقظتُ من النوم ارتديتُ حجابي خوفًا من أن أرى زوجَ مزنة و فتحتُ حقيبتي أخرجتُ من داخلها أرديةً داخلية و خارجية و أغلقتُها وقفتُ أمام الباب متحيرة هل أخرج أم أني سأقابلُ تلكَ
البكماء و يتعكر صفوَّ يومي و أخيرًا فتحتُ الباب ببطىء و توجهتُ لدورةِ المياه ، و بعد خروجي أمسكتُ بهاتفي المحمول أُمضي اليومَ بهِ بانتظار انقضاء اليوم ستكونُ كل
أيامي انتظارًا للغد حتى أموت سأعيشُ و كأني بلا روح لن أتواصل لن أتحدث و سأحاول تجاهل التفكير سأعيشُ بلا هدف و أموتُ بلا انجاز سأموتُ لأُنسى لا لئن يتذكرني أحدهم شفقةً على حالي ،
مضت ساعتين وصارت الساعة الواحدة ظهرًا حتى طُرقَ الباب و دخلت مزنة مبتسمة : صاحية يا بنيتي ليه حابسة نفسك كذيا ؟
أجبتُ برسمية : تعبانة .
و لا أدري عن أيَّ تعبٍ و ألمٍ أتحدث ، الألم النفسي أم الجسدي
لتنجلي الرحمة على تقاسييم و جهها
أشحتُ بوجهي عنها كم أمقتُ هذهِ النظرة و أريدُ انتزاعها من كلِ عين ، وصلني صوتها : تتغدي معنا يا بنيتي و لا تريدي الغدا على سريرك .
أجبتُ دونَ النظرِ لها رغمَ أنها لا تستحق هذهِ المعاملة الجافة فهيَّ من كشفت الأوراق قبلَ أن تزداد سوءًا بزيادةِ الابناء و السنين و هيَّ التي ضمتني إلى منزلها و آوتني رغمَ أني لا أقربُ لها
و لا بأي شكل لكن نظرةَ الشفقة التي بعينيها لن أسامحها عليها بتاتًا و سأعاملها برسمية كما الجميع فأنا جسدٌ بلا روح و سأفقدُ كليهما بوفاتي ، بجمود : على السرير .
قليلاً من الوقت حتى أوصدت الباب و خرجت ، قذفتُ رأسي على الوسادة أنظرُ للسقف بشرود سرعان ما تغتالهُ الافكار المنهكة للعقل ، لكني ساحاولُ أن لا أفكر مطلقًا .


***


تمت الإجراءات على خير و دخلوا لإجراء القسطرة , ولم تستغرق سوى ساعتين حتى خرجوا
تقدمتُ باتجاهِ الطبيب بكلِ خوف و هلع هذهِ المشاعر التي عشتها حينما دخلت معزوفة في الغيبوبة
أشعرُ بأني فقدتُ كل مهاراتي في الطب
بادرتُ بسؤال الطبيب : كيفه يا دكتور ؟
ليُجيب مبتسمًا : الحمدلله بخير , سوينا له قسطرة علاجية و أموره تمام بيبقى في المستشفى لبكرة بعدها بكتب له خروج
لأنه لازم ما يحرك رجله إلي سوينا فيها القسطرة حتى ما يصير له نزيف داخلي فالأفضل يجلس المدة المطلوبة بالمستشفى , و تقدر تشوفه الحين
و تراه جالس يشرب موية لازم يشرب حاليًا أربعة أكواب نبغى نخرج الصبغة من جسمه , و بعد ساعة إن شاء الله يآكل .
أومأتُ برأسي و دخلتُ للحجرة و لساني يردد الحمدلله , الحمدلله
رأيتهُ مستلقي على السرير و بجوارهِ الممرضة تعطيهِ كوب ماء و هوَّ يشرب
اقتربتُ منهُ مبتسمًا : الحمدلله على سلامتك يبه .
قبلتُ رأسهُ دون أن أحركهُ فهوَّ ممنوع من رفعِ رأسهِ و تحريكِ قدميه و الكحة
ابتسم لي و رد : الحمدلله يا ناجي , شفت أبوك قوي و قام لا تخاف عليه .
جلستُ على الكرسي بجوارهِ : الله يخليك لنا يبه و لا يحرمنا و جودك , يومي قبل يومك يا أبوي .
مهما فعلت يا أبي و مهما كنت , أنتَ والدي أخافُ عليك و لا أستطيعُ تخيل الحياة دون وجودك
فمن فقدَ أباهُ تمنى أن يراهُ ولو ليوم
و مادُمتَ حيًا سأفرحُ بك و أدعو لكَ بكلِ خير
كيف لا , و قد حرص ديننا الاسلامي على رضى الوالدين و طاعتهم في غيرِ معصيةِ الله .


***


و ها هيَّ ستة أكتوبر تشهد نهايةَ مأساة طالت حتى ظنوا أنَّ لا نهايةَ لها ، في حجرةِ التحقيق بتمامِ الساعة الثانية عشرَ ظهرًا , أجلسُ على الكرسي بثباتٍ و جمود و كل برود فلا شيء أخافُ منهُ ما هيَّ حياتي حتى أخاف من
الإعدام أو السجنَ المؤبد ؟! قال الضابط و هوَّ ينظرُ إليَّ بنظرةٍ حادة : اتحبستِ أخيرًا ، أنا دلوقتي هسألك و هتجاوبني بدون كدب و لا لف و لا دوران ، كدا كدا مش هتستفيدي حاجة خالص ،
الريس بتعاكم في السجن في كندا يعني ما فيش حد هيساعدك فعلى الائل ساعدي مصر ئبل ما تموتي .
ابتسمتُ بسخرية : و من ئلك إني هكدب ؟ ، أنا هئولك ئبل ما تسأل ، بص يا سيدي العصابة دي خانتني وخد بالك خانتني فليه أساعدهم ؟ ، و أنا عارفة ايه إلي هتسألني ياه و زيما ئولتلك هجاوبك ئبل
ما تسأل ، هوازن ما لهاش أي زنب هيا كان عندها مركز خيري في جدة و أنا اتعاملت مع وحدة اسمها رغد اديتها حبوب في كرتون دوا بس دي الحبوب مش دوا هيا مخدرات ، و رغد اديتها
لهوازن على أساس انها بتنفع لصداع و هوازن أكلتها و من يومتها بدأت تتعاطى بس من غير ما تعرف في كل مرة رغد تديهلها على اساس انها الدوا ، أما ركاض و الكا
قاطعني قبل أن أُكمِل : استني شوية وصلتنا معلومات انو الكاسر كان بيشتري الدوا ده لهوازن و هوازن ناسبها الدوا كيف ؟
بهدوء : سهلة أوي ، هوازن ئبل ما تطلب من الكاسر اتصلت على رغد و شكرتها على الدوا و ئالت ليها إنها هتطلبو من الكاسر ساعتها رغد ئالت خلي الكاسر يجبهوليك أو أنا لكن السواىء لا ،
و كل إلي حصل إنو من ساعة ما هوازن اتصلت و في واد من عندنا بيرائب الكاسر ، و سمع الكاسر بيئول للزابط أحمد إنو هيشتري دوا من الصيدلية الئريبة من المركز و هيرجع للبيت و على طول راح
للصيدلة و اتفىء مع الصيدلاني إنو هيدهولو فلوس كتير مقابل إنو لما الكاسر يطلب الدوا يدهولو العبوة الي احنا بعتناها و ده إلي حصل علشان كدا كان نفس المفعول .
أومأ برأسهِ و قال : هناخد اسم الصيدلية و الصيدلاني ده علشان نمسكو ، و لازم كمان تساعدينا علشان نوصل لرغد .
أملتُ فمي للجانب : مش هتئدروا توصلولهم لأنو الصيدلاني ما أعرفش اسمو و الصيدلية هيا الئريبة من مركز الشرطة إلي بيشتغل فيه الكاسر و ممكن تسألوه و تاخدو منو شكل الصيدلاني
و تمسكوه أما رغد دي ما أعرفش حتى اسمها كامل كل الي أعرفوا انها انسانة محتاجة و اشتغلت معانا و اخدت فلوسها و راحت .
استراح بظهره على خلفية الكرسي : و بالنسبة لركاض و الكاسر ؟
سحبتُ الهواء لصدري حالما نطقَ اسم ركاض ، إنه الفرجَ يا ركاض ستعودُ للحرية و أحرمُ منها و قد أموت ، سامحني يا ركاض على كل شيء و تأكد بأنَ مي تُحِبُكَ أكثر من أي أحد فلا أحدَ قد
يُحبك قدرَ حُبي و لكنهم خدعوني خانوني و جعلوني انتقمُ منكَّ لأجلهم و ها أنا اليوم أعاقبهم على ما فعلوا : ركاض كان هينزل للسعودية و أنا كنت عارفة و جهاد هوا الي حط المخدر في شنطة
ركاض و هوا كمان إلي حط الرسالة كأنها مبعوتة للكاسر و بكده انتوا سجنتوا التلاتة ظلم و لازم تنزلوهم حالاً .



***


دخل للشقة و وجده في الصالة كالعادة و لكنهُ نائم على الكنبة و على الطاولة طفاية السجائر متسخة و مجموعة كبيرة من علب السجائر و كيس من مطعم و هاتفهُ المحمول
اقترب بهدوء من الطاولة و أخذُ الهاتف ، دخل " الواتس اب " لم يجد منها أي رد ، هل تكون قد ردت و معن محى الرسالة أم أنها تجاهلت الرد و إذا كانت تجاهلت الرد فهل تجاهلتُه لتفكر بمساعدتهِ أم هذا
يعني سحبَ يدها من المساعدة ، وضع الهاتف في مكانه و تقدمَ من معن لتتضح الحروق التي صارت بوجههِ أيضًا ! اتسعت عيناه بخوفٍ من مظهر معن و ما صار عليه ، إنه يزدادُ سوءًا و ذلكَ
بالطبع يعودُ إلى زوجتهِ التي ردت عليهِ بما يزيدُ من مرضهِ و اندفاعهِ بمعاقبةِ نفسه ظنًا منهُ أنها سترضى و تعفو إن رأتُه متعذبًا ، مدَ يدهُ إلى وجهِ معن و كأنهُ يتأكد من وجودِ الحروق لقد تشوه كثيرًا ، في أولِ زيارة كان متأنقًا قوي البنية أما
الآن فقدَ الكثير من وزنه و مع طولهِ الفارع صار نحيلاً ، ملابسهُ رثة قذرة ، شعرهُ أشعث ، لحيتهُ طالت بلا ترتيب و كأنهُ في الزنزانة ممنوعٌ عن الحرية بل و حتى رائحتهُ كريهةً نتنه مملؤة
بالدخان و ما يزيدُ الوضعَ سوءًا هذهِ الحروق ، فتح عينيهِ و استقام جالسًا و هوَّ يرى بنيةَ شخصٍ ما و حينما اتضح أنهُ الطبيب اكفهرت أساريرهُ و قام من على الكنبة
وقف أمامهُ يمنعهُ عن الحركة متسائلاً بما يدورُ بذهنهِ : ردت عليك جوزتك ؟
إلتفت بسرعة نحو الطاولة و تناول هاتفه ، أجاب بأسى : لا .
تنهدَ بارتياح و جعلهُ يمضي حيثُ يريد ، إذًا هيَّ لم ترد على نصيحته و طلبه المعونة لمعن و هذا جيد لكن السيء ما يجول بذهنها بما تفكر لماذا تجاهلت الرد ؟ ، لكن تجاهلها لما قالهُ معن جيد
جدًا فهذا الأسى الذي بملامح معن هو ما سيساعدهُ على الشفاء فلو تمنت لهُ الاسوأ كما فعلت في المرة الماضية حينما أرسلَ لها حروق يده ، سيفعل الأسوا لا محالة ظنًا منهُ أنها رضت عنهُ
و لو قليلاً أما تجاهلها الرد على التسجيل الصوتي الذي أرسلهُ لها ايجابي بشكل كبير ، لكن ليتها ردت عليه هوَّ فهوَّ يريد ان يعرف هل قبلت و ستساعدُ معن أم أنها ترفضُ ذلك ؟


***


تم التواصل مع مصر و السعودية بشأنِ العصابة و طلبت مصر تحويل كلٍ من ربيع و جهاد إليهم لتطبيق العقوبة الملائمة وفقًا للقانون الوضعي المصري في تجارة المخدرات تهريبًا و ترويجًا
و حتى يتم تسليم المجرم من دولة إلى أخرى لابدَ من وجود أعذارٍ مقنعة فنقل مجرم من دولة لأخرى قد تكونُ فرصةً كبيرة لهروبهِ من أيدي السلك العسكري و قد كان لمصر كل الاحقية بالمطالبة
في النقل و ذلك لأنهم يبحثون عن ربيع و جهاد منذُ عام تسعة و ثمانون و تسعامئة و ألف ميلادي و يتم تهريب ما يتجاوز مليار عبوة خلال السنة و الضحايا في ازدياد دائمًا و على ذلك وافقت
كندا على تسليم كلاً من ربيع و جهاد للجمهورية المصرية ، و ستقلعُ الطائرة التي ستكونُ على متنها الكثير من الضُباط بعد ساعاتٍ من الآن ، كما طالبت كندا بنقل وليام ناتان إليهم وذلكَ لأنَ
محكمةَ العفو الدولية في كندا تمنع اجراء عقوباتٍ صارمة كالإعدام و مصر مع الإعدام إن كان للجاني يد في إلحاق الضرر بالغير و على هذا وافقت الجمهورية المصرية بنقل وليام إلى كندا
، بعدَ إصدار القرار من القاضي تقدم ضابطين كنديين بتقييد الأغلال بيد " أوين ناتان " آخذينهُ إلى السجن ، السجن عشرون سنة و قد مضى من عمرهِ ما مضى و هو عجوز
و احتمال موتهِ بالزنزانة أكثرَ من خروجهِ حرًا ثم الموت .


***


الساعة الرابعة عصرًا , ينامُ غانم على سريرهِ بهدوء و تظهر البراءة بملامحهِ يالله هل تحققت أمنيتي أخيرًا , الحمدلله حتى يبلغ الحمدُ منتهاه
وقفتُ أمام دولاب أرديتهِ أنظرُ للملابس بسعادة و ابتسامة كم اشتاقت إليها نفسي تتجلى بشفتي
رنَّ هاتفي المحمول فخرجتُ من حجرةِ التبديل بخطواتٍ سريعة خوفًا من أن ينزعج الطفل الصغير فيستيقظ
رددتُ على الهاتف بعجلة دون أن أرى الرقم ليجيئني صوتُ ناجي : السلام عليكم يا شمسي و نهاري .
استلقيتُ على السرير و نظرتُ للسقف و أنا ألعبُ بشعري بيد و بالأخرى أُمسك الهاتف : و عليكم السلام و الرحمة , بدينا ما تشبع غزل إنت .
وصلتني تنهيدتُه : آآآآآه يا معزوفة يا قارورتي يا بهجة روحي و الله ما أشبع منك و لا من التفكير فيك و لا من الغزل فيك ولا من أي شي يخصك و ترى كل يوم يزيد شوقي و لهفتي لك .
شعرتُ بالحرارة في وجهي و انتفضت يدي التي تحملُ الهاتف نظرتُ للطفل النائم بسلام و كأنهُ يعلم بحالي , و بهمس : ليـ..ش متصل ؟ بس تتغزل ؟
بَدت الجدية في صوتهِ : معزوفتي اليوم ما بقدر أجي بنام برا البيت انتـ
قاطعتُه قبل أن يُكمل بخوفٍ و توجس : ليش ؟ فيك شي ؟ ناجي صارلك شي ؟
ليأتيني صوتُه اللعوب : تخافين علي قارورتي ؟
ارتفعت نبرةُ صوتي بجدية : نااااجي و إلي يسلمك مو وقت الهبل , من جد فيك شي ؟
ليجيء صوتُه مطمئنًا : لا يا قلبي أنا بخير الحمدلله , بس مشغول كثير ما بقدر أجي إلا على الساعة سبعة أو ستة الصبح و إنتبهي لنفسك يا الغالية .
بشيءٍ من القلق بالرغمِ من صوته : أكيد يا ناجي ؟
بصوتٍ عميقٍ بالمشاعر : أكيــــد يا قـــلب ناجيـــك .
احتل الصمتُ لساني , و تضاعفت ضرباتُ قلبي
ليُردفَ بخبث : وين راح صوتك ؟ هممم ايش رايك نتغزل ببعض لما المغرب ؟
زممتُ فمي و أبعدتُ الهاتف عن أذني نظرتُ إليهِ للحظة ثم أغلقتُه دون الوداع
و رميتُ بهِ بجانبي وضعتُ يدي تحت رأسي و نظرتُ للسقف : ما يشبع غزل فديته .


*


أبعدتُ الهاتف عن أذني و أنا أنظرُ إليهِ بلا استيعاب لقد أغلقتُه في وجهي , عضضتُ شفتي بمتعة : بوريكِ يا شقية .
اتصلتُ لأُعطيها خبر أني سأغيبُ عن المنزل , لأنام مع والدي في المشفى لكن أبي
حذرني من أن أبوح لأي كائنٍ كان بأنه في المشفى فهوَّ لا يحبُ أن يظهر ضعيفًا
و كأنهُ ينكر ضعف و وهن بني آدم , هداك الله يا أبي و أنار بصيرتك
خرجتُ من الكافتيريا متوجهًا للحُجرة التي يمكثُ بها أبي فهوَّ نائم منذُ ساعة سأراه إن كان قد استيقظ
تحجرت أقدامي عن الحركة و اتسعت عيناي تسارعت ضرباتُ قلبي و توقف العالم من حولي
إلا حركة السرير الذي يخرج من الحجرة التي يمكثُ بها أبي
سرير عليهِ رجل مغطى بالشرشف الأبيض من رأسهِ لأخمصَ أقدامه



***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
صباح الاثنين عندي موعد
فما أدري حقيقة إما ينزل الجحيم يوم الأحد كأقصى حد في منتصف الليل بعد كذا ما بقدر أنزل
أو ينزل يوم الثلاثاء .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 27-08-16, 05:56 AM   المشاركة رقم: 447
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته () .



أول شي أقدم اعتذاري للجميع على تأخيري في المواعيد
و أخص الأخت الفاضلة نورة نورة نورة
الجحيم كان جاهز من قبل ما تطلبي نزوله
و كان فقط يحتاج مراجعة
بس حظي مع ذي الرواية مدري كيف والله :(
أمي تعبانة و قالت نومي أخوكِ عندك حتى لا أعديه و كان باقي المراجعة فقط
أخذته عندي و ضاعات ساعات و أنا أحاول أنومه بس الأخ ما ينام إلا بغرفة أمي
و بالآخر نام عندها شقى ع الفاضي هههههههههههههه

المهم بعدها يا ستي أفتح اللاب عشان أراجع ألاقيه معلق و ثقيل ما أدري ايش فيه
سويت إعادة تشغيل جاتني النكبة
قام حضرته يحدث انتظرت ساعة ساعتين بلا فايدة
رحت طفيته قام حضرته خرب و قعد ساعة كمان ع بال ما أشتغل
و أول ما فتح راجعت و نزلته

فعلاً ما أدري ايش أقول على هالحظ

,



الأخت شمعة الجلاس

هههههههههههههههه الله يسعدك فعلاً الرواية من عام 2014 ليومك هذا ما اكتملت
من حظك إنك قرأتيها على نهايتها مو باقي كثير
أنا نفسي والله قلبي يوجعني لما أفتكر إنها من عام 2014
كبرت مع هالرواية هههههههههههههههه
فتحتها و أنا بثاني ثانوي فترة الاختبارات النهائية
خلصت ثاني و ثالث و أول سنة في الكلية
و هي باقي ما خلصت :)


,


سعيدة جدًا بالقارئات الجديدات مع إنهم جووا على النهاية
لكن شي أحسن من لا شيء
والحمدلله إن الرواية حازت على رضاكم


,

حابة أقولكم شغلة
الجحيم الجاي مرة بيعجبكم جحيم منتظر بمعنى الكلمة
و حاليًا كتبت منه أربعة مقاطع باقي أربعة و ينتهي


,


أيضًا توي أتذكر شغلة أعتقد بالجحيم 73
في مقطع لمارسة كان فيه أخطاء املائية كثيرة خصوصًا في الهمزة على نبرة
كانت موضوعة على السطر و هذا لأني أكتب الجحيم في جهاز
و أنقله على اللاب و الجهاز ما يحتوي على النبرة
و هذا المقطع ما انتبهت له و ما تم مراجعته باللاب لذلك فيه أخطاء املائية كثيرة
أعتذر لتواجدها .


,


بالنسبة لعصابة المخدرات
أوين ناتان كنت أتمنى إني أعاقبه بالإعدام
لكن للأسف البنود العسكرية الكندية
ترفض الإعدام رفض كبير
إلا على الارهابيين فقط
و أساسًا كندا كثير من أنواع المخدرات تسمح فيها
فموضوع المخدرات بصفة عامة بسيط بالدول الأجنبية طبعا مو الكل
لكن إلي عندهم ما يصير دخولها بطريقة غير شرعية و بكميات كبيرة جدًا
و لحسن الحظ في نقل دولي للمجرمين
و هذا بيعطي عقوبات صارمة لكل من ربيع و جهاد
مضطرة أمشي على البنود العسكرية لكل دولة
و هذا خارج عن إرادتي
لذلك لحد يستغرب تفاوت العقوبات ما بين أفراد المنظمة



طابت أيامكم بِذكر الله

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 27-08-16, 06:31 PM   المشاركة رقم: 448
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي











الجحيـــم



( 76 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **











أبعدتُ الهاتف عن أذني و أنا أنظرُ إليهِ بلا استيعاب لقد أغلقتُه في وجهي , عضضتُ شفتي بمتعة : بوريكِ يا شقية .
اتصلتُ لأُعطيها خبر أني سأغيبُ عن المنزل , لأنام مع والدي في المشفى لكن أبي
حذرني من أن أبوح لأي كائنٍ كان بأنه في المشفى فهوَّ لا يحبُ أن يظهر ضعيفًا
و كأنهُ ينكر ضعف و وهن بني آدم , هداك الله يا أبي و أنار بصيرتك
خرجتُ من الكافتيريا متوجهًا للحُجرة التي يمكثُ بها أبي فهوَّ نائم منذُ ساعة سأراه إن كان قد استيقظ
تحجرت أقدامي عن الحركة و اتسعت عيناي تسارعت ضرباتُ قلبي و توقف العالم من حولي
إلا حركة السرير الذي يخرج من الحجرة التي يمكثُ بها أبي
سرير عليهِ رجل مغطى بالشرشف الأبيض من رأسهِ لأخمصَ أقدامه
تصلبت أقدامي لم أستطع الحركة عيناي مثبتة على الجثة المغطاة
و رأسي يتحركُ بالرفض و لا فكرة تعصفُ في ذهني سواه ولا شيء تراه عيني سواكَّ يا أبي
دفعتُ أقدامي خطوةً للأمام و توقفتُ بدهشة حينما رأيتُ إمرأة كبيرة بالسن تبكي و تجري وراء السرير و شاب ينادي : يمه اهدي يمه .
قشعت الشرشف عن وجهِ الميت , فسرقتُ النظر و زفرتُ أنفاسي براحة
الحمدلله ليس بأبي الحمدلله , كانت روحي ستخرج لفرطِ خوفي و هلعي
يالله ما أصعبها لحظة الفراق هذا الفراق الذي لا عودةَ منهُ
عقدتُ حاجبي و ضيقتُ عيني و أنا أرفعُ رأسي و أنظرُ لرقمِ الحجرة فاتضح أنها الحُجرة المجاورة لحجرةِ أبي
و قد ظننتُها حجرةَ أبي , تقدمتُ بخطواتي باتجاهِ الحُجرة سميتُ بالله و كأني لم أخرج من الكابوس بعد
فتحتُ الباب و دخلت لأرى أبي نائمًا بهدوء
ابتسمتُ براحةٍ و سرور و دعوتُ الله أن يطيل في عمرهِ
و أن يمدَّ العائلة التي فقدت غاليهم بالصبر .


***

تم تأجيل الدعوة إلى حينٍ آخر و استغربتُ كثيرًا من تأجليها فتبيَّنَ لي أن أصل الحكمي قد طلبَ من القاضي تأجيل الدعوة حتى يأتي بأدِلتُه
لتخفيف العقوبة عني و قد استغربتُ كثيرًا طلبهُ فقدَ أرسل الضابط هاني مرشود إليَّ ليقولَ لي أن أصل يريدُ عينةً من شعري !
هل وجدَّ عائلتي و يريدُ التأكد من خلال تحليل الحمض النووي ؟
و كان لهُ ما أراد أعطيتُه عينة من شعري فقال لي الضابطُ هاني أنهُ سيوصلها مع رجلٍ ما للسعودية حيثُ سيكون أصل
هل حان اللقاء ؟ هل سأراهم ؟
هل كل ما تمنيت سيتحقق ؟
اليوم ربيع و جهاد حُكم عليهما بالإعدام و هذا الخبر منتشر داخل القضبان الحديدية
و عائلتي ستظهر قريبًا ؟
كم أريدُ رؤيتهم و معاتبتهم و مخاصمتهم و رميَّ اللومِ بهم
فلو أنهم احتضنوني إليهم لما كان هذا حالي
و اليوم أيضًا خرج ركاض براءة
آه يا ركاض لا أدري بما تفكر بي ؟
ماذا أصبحتُ بالنسبةِ لك ؟
خائنة , محتالة كاذبة
إلى أي حدٍ كرهتني يا ركاض ؟
ليتكَ تفهم , تعلم و تعرف
كيف خُدِعت , كيفَ أني مظلومة
أني ضحية من ضحياهم
أني لم أُرِد إلحاق الضرر بك فأنا أُحبُكَ فكيف أتمنى لك الشر ؟!
ركاض سامحني يا ركاض
و وليام نُقِلَ إلى كندا و لا أدري أيُ عقوبة قد تُطبق عليه و لكن المهم أن الإعدام ليسَ من بينهم
كم أحزنني حُزنك و خذلانك مني يا وليام , أنا أعلم أنكَّ بريءٌ مما يفعلون
و لكن ماذا يعلم القانون يا وليام
إنهُ فقط يدعي العدل ولا عدلَ بهِ
أرجوكَ سامحني يا وليام فأنتَ الوحيد الذي ساعدني بأيامِ محنتي .


***




الساعة الخامسة عصرًا أجلسُ على السرير و بيدي كتابُ الله أسترجع ما حفظت منذُ سنين حتى لا أنسى و بينما أنا في سكينة و طمأنينة و خشوع رغمَ غيابِ الحرية رغمَ كلِ و أي
شيء كتابُ الله ينبلجُ منهُ النور و الراحة جاءَ صوتُ السجانة : هوازن أصل إفراج .
أغلقتُ كتاب الله و وقفتُ بلا استيعاب كالجمادِ بلا حركة بينما أصوات السجينات تفاوتت بالتهاني و التبريك لم أستوعب بعد ما قالت هل أخطأت ؟ هل تعي ما تقول أم أنها جُنت لم أكمل سنة واحدة
حتى أخرج ، عادت تقول بصوتٍ جهوريٍ أقوى من ذي قبل : هوازن أصل إفراج .
لا إنها بالفعل تعي ما تقول لم تخطىء لم تخطىء سأصيرُ حرة لا ينسى اللهُ عبدهُ المظلوم الحمدلله الحمدلله على كلِ شيء الحمدلله كما ينبغي لجلالِ وجهك و عظيم سلطانك يا الله، تقدمت إحدى السجينات
مني و احتضنتني بشدة احتضنتُها أكثر هنأتني ببراءتي بكيتُ و بكت جميعُ السجينات لقد اعتدتُ عليهن و اعتادوا علي سبعةَ أشهر بكلِ ساعتها دقائقها و ثوانيها قضيتها معهم ، في بادىء الأمر
واجهتُ صعوبة كبيرة في التأقلمِ معهم و التكيف على المكان و اليوم أواجه ذاتَ الصعوبة في الابتعادِ عنهم ، احتضنتُهم واحدة تلو الأخرى و دعوتُ لهم بالحرية أخذتُ عباءتي وارتديتُها
و تركتُ بقيةَ أغراصي فلا شيء يهمني منها سوى عباءتي و خاتم أبي الذي في اصبعي و قلادةَ أمي التي تعانقُ رقبتي منذُ الطفولة تقدمتُ باتجاه السجانة نظرتُ للمكان و السجينات نظرةً أخيرة
و ودعتهم للقاءِ الحرية .


***


صديقي الوفي أحمد كان يُبلغني بكلِ ما يحدث خلفَ القضبان خطوةً بخطوة و كأني في الخارج و قد عرفتُ أنه تم القبضُ على المنظمة و تيقنتُ أن خالي أبو أصلان هوَّ من قبضَ عليها و قبل ساعات
أعطاني خبر بأن الإفراج عني و زوجتي و أخي ركاض قد يظهر بعد ساعات لم أقل لهوازن أريدها مفآجأةً لها ، و ها أنا أسجدُ للهِ سجودَ الشكر فالله مع عبدهِ المظلوم مجيبًا لدعائه ناصرًا له ، ما أن
رفعتُ من السجدة حتى جاء صوتُ السجان " الكاسر عبدالقوي إفراج "
وقفتُ من على الأرض و أخذتُ حقيبتي التي جهزتَها منذُ ساعات ، تراشق المساجين بالألفاظِ السيئة و الافتراءات الباطلة مهاتراتٍ و فسططات فكثيرٌ منهم أنا من رميتُ بهم في السجن كل
الشهور التي قضيتُها هنا كنتُ وحيدًا و خرجتُ وحيدًا و لكن روحي معلقة حيثُ هوازن تكون .


***


بالساعة الرابعة عصرًا في أرضِ ستة أكتوبر , بينما أجلسُ في الركن و أشرب الماء و العرق يملىءُ أرديتي دخلَ السجان ناطقًا بصوتٍ جهوري اسمي الذي لم ينطق إلا حينما زارني معن " ركاض عبدالقوي إفراج "
سقطَ كوبُ الماء من يدي و تجمدت عيناي بالجدارِ الذي أمامي ، ابتلعتُ ريقي و صلبتُ أقدامي رغمَ رجفتها و انتفاضها ، تقدمتُ بخطواتي إلى السجان مشيرًا إلى نفسي : أنا إفراج .
سألني بهدوء : إنتا ركاض .
أومأتُ برأسي سريعًا ، ليقول : ايوة انتا إفراج .
أغمضتُ عيني و حمدتُ الله على نصره لي رغمَ كلِ ذنوبي و أخطائي الماضية إنكَّ لعفوٌ الرحيم ، مشيتُ وراء السجان نحو الحرية ، و ما أن خرجتُ من المركز و لآمست أقدامي أرضَ الحرية
رفعتُ رأسي للسماء و تنفستُ الصعداء و ابتسامةُ سعادة ترتسم بشفتي ، يالله ما أجملهُ من شعور شعور المظلوم حينما تظهرُ براءتهُ شعورُ المسجون حينما يغادرُ من القضبان الحديدية حينما
يتنفسُ بأريحية يتحركُ حيثُ يشاء و أينما يريد الحمدلله حتى يبلغَ الحمدُ منتهاه .


***


مشيتُ وراءَ السجانة حتى توقفنا أمام الباب الذي يفصلني عن الحرية ، فُتِحَ الباب و دخل ضوءُ الشمس و قفت السجانة وراءَ الباب و بيدها المفاتيح تنتظرَ مني الخروج حتى تغلقهُ ، هذا الباب
الذي دخلتُه مسجونة و أُغلق من خلفي اليومَ سيلغق و أنا بالخارج ، ما أن صارت أقدامي بالخارج حتى دخل الخوفُ لقلبي و تشتت عيناي باحثة عن أي أحد ، لا أحدَ ها هنا هل يعقل
أن أخواتي ليس لديهن علمٌ بخروجي ؟! ، تقدمتُ بخطواتي خطوتين للأمام ، شعرتُ بيد تلمسُ كتفي من الخلف فصرختُ بفزع و لكن ذات الشخص وضع يدهُ على فمي و استقرت أنفاسهُ أعلى
رأسي هوَّ هوَّ كاسري هذهِ أنفاسهُ ، همسَ برقة : أحلى نهار بشوفتك .
أبعدَ يديهِ عني فالتفتُ لجهته و رميتُ نفسي بحضنهِ ، ضمني إليهِ بقوة و بكلِ لحظة يزدادُ قوة و كأنهُ يريدُ إدخالي بقفصهِ الصدري ، رائحتُه , ضرباتُ قلبهِ , حرارةَ أنفاسهِ , حنان صدرهِ و دفء جسده
يالله كيفَ استطعتُ أن أعيشَ بعيدًا عنكَ يا كاسري كيف ؟! سبحانكَ يالله كيف أعطيتني هذا الصبر ، أبعَدني عنهُ قليلاً و يديهِ تُمسك بخصري فرفعتُ رأسي و نظرتُ لعينيهِ من وراءِ خماري
مددتُ يدي نحو وجههِ أتلمسهُ تغيرَ كثيرًا يبدو الشقاءَ على وجههِ ، رفعني عن الأرضِ قليلاً فانتقلت يدي إلى ظهرهِ أدارني و هو ينظرُ للسماءِ و يضحك بينما قلتَ بخجل : الكاسر مو في الشارع .
أجاب : ما في أحد هنا .
و أكمل الضحك نظرتُ حيثُ ينظر إلى السماء التي تلبدت بالغيوم و تواري الشمس و وداعها للأفق ضحكتُ بسرور و هو يُديرُني و يدور ، ما أجمل الحرية .


***

أقفُ و بجوراي ابن أخي جهاد خلف القضبان الحديدية في انتظارِ المصير الذي لا رجعةَ منهُ
إما الموت أو الحياة خلف القضبان , يجلسً القاضي خلف طاولة خشبية طويلة و يوجدُ حاجز يفصل ما بين القاضي و الكراسي الطويلة التي يجلسُ عليها
أبناءً من الشعب تضرروا من المخدرات أو أهاليهم الذين فقدوا ابناءهم أو مازال أبناءهم يتعالجون
بدأ القاضي بصوتٍ جهوري : بسم الله الرحمن الرحيم , أرجو الهدوء من الجميع , أُكرر أرجو الهدوء من الجميع .
و من ثم صمت للحظات و هوَّ ينظرُ إلى الورق الموضوع على الطاولة و يقرأُ مناديًا : ربيع مصطفى العدل .
مدَّ القاضي الميكروفون من بينِ القضبان الحديدية فتناولتُه منه مجيبًا بصوتٍ هادىءٍ ثابت يخالفُ زوبعة الخوف الماكثة بداخلي : افندم .
و من ثم نادى : جهاد يوسف مصطفى العدل .
أعطيتُه الميكروفون فأخذهُ و ردَّ بصوتٍ متوترٍ مضطرب : موجود .
بدأَ القاضي بسرد مقدمة طويلة عن عناءِ أبناء الوطن منذُ سنين من هذهِ المخدرات
و من ثمَّ جاءت اللحظة المصيرية الحكم الأخير النهائي الذي لا تراجع من بعده
نطق القاضي بثبات : في الدعوة الجنائية تحكم المحكمة على كل من المتهمين
ربيع مصفطى العدل و المجني عليه أبناء الوطن و الجاني جهاد يوسف مصطفى العدل و المجني عليه أبناء الوطن
بالإعدام شنقًا و ذلك لما أُسند للمتهم الأول و الثاني بالاتهام في البند الرابع و الثلاثين , رُفعت الجلسة "
إعدام لقد قال إعدام إنها النهاية , النهاية و نحنُ لم نأخذ بالثأر
انتهينا بسببِ الزنديقُ الخبيث أصل , عادَ من الموت بعدّ تسعة عشرَ عامًا ليرمينا إلى الموتِ شنقًا
أمسكتُ بالقضبان الحديدية المتصدية بقوة و أنا أرصُ على أسناني منفعلاً غاضبًا مرتاع مشاعر كثيرة لا يمكن وصفها
أما جهاد فقد جثى على ركبتيه و أخذ يضربُ يديه بالأرض و يتكلم بصوتٍ يخالطهُ البكاء : هنموت .. هنـمـ....وت .
و كل من في المحكمة يتحدث و يقوم من مكانهِ
اقترب الضباط منا و قيودنا بالأغلال و هم يسحبونا إلى حيثُ السجن
سنقضي فيه أسبوع حتى تُطبق عقوبة الإعدام .


***



قمنا بزيارة لأقاربِ أمي و أقاربِ أبي تعرفتُ عليهم و تعرفوا علي منهم من أحبوني و منهم من تصنع المحبة
و مضت أيامي سعيدة سوىَّ من مضايقات من أخي الصغير ياسر و أختي المراهقة التي لم تحبني بتاتًا وكلما اقترب مني ياسر أبعدتُه عني
أمي و أبي يهتمون بي كثيرًا و يسعون لسعادتي يحاولون تعويضَ ما مضى من سنيني لعلي أنسى و لكن من الصعب جدًا النسيان
الآ الساعة الخامسة و النصفَ عصرًا , أبي يجلسُ بجواري مبتسمًا ويبدو أنهُ يُخبىء خبرًا سارًا لي : أغيد
أجبتُ بمحبة : سم يبه .
ردَّ لي ابتسامتي بابتسامةٍ واسعة ٍمشرقة : سم الله عدوك , شوف يا أغيد أنا سجلتك بمدرسة للكبار المدرسة ليلية و وقت تبدأ الدارسة بتدوام فيها إن شاء الله .
تلاشت ابتسامتي شيئًا فشيئًا : يا أبوي أنا قلت من قبل ما أبي أقدم على خطوة و هزيم بعده ما حصل أهله أنا كل هالسنين بلا تعليم جات على فترة انتظر فيها هزيم !
صمتَّ لفترة و من ثم تنهد و هو يُمسكُ بيدي و يشدُ عليها : أغيد أنا فاهمك لكن ما يصير توقف حياتك كفاية إلي ضاع و صاحبك أكيد بيفرح لك يعني يدك و أجلنا علاجها عشان صاحبك
و تفهمناك و إنت كنت عايش كل هالفترة بدونها و متعود فقلنا ما بيضر الانتظار لكن تعليمك لا , تدري إنك المفروض الحين طالع أول ثانوي يعني راحت عليك تسعة سنين دراسة
يا أغيد صدقني يا ولدي أنا متفهمك و صدقني صاحبك بيفرح لك لا تضيع سنين زيادة كفاية إلي ضاع .
مسحتُ على وجهي و أنا أتذكر الأسى الذي يقطنُ في ملامح هزيم فهوَّ الوحيد الذي تبقى دون عائلة , و لكن ألن يسعدَ هزيم لسعادتي ؟
فكرتُ قليلاً ومن ثمَّ أردفت : إلي تشوفه يبه .
ربت على فخذي برفق : الله يوفقك و ينور دربك و يسهلها على صاحبك يا رب .
رددتُ عليهِ مبتسمًا : آميـــــن .


***


نزلتُ إلى السعودية بعدما تمَّ القبضَ على أفراد المنظمة و انتهى عملي بكندا
و لهزاع كل الشكر بصدور هويتي الحقيقة التي تحملُ اسمي " أصل الحكمي " بدلاً من " جلال الفاني "
و توجهتُ إلى العنوان المطلوب ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب


***

رُنَّ الجرس و قد كنتُ أقف بجوار الباب أحملُ بيدي غانم الباكي و أدورُ بهِ كي يهدأ و حينما تقدمت الخادمة لفتح الباب
أشرتُ لها بأن تعود إلى عملها و فتحتُ الباب
اتسعت عيناي لما رأيت
بعد طولِ غياب إنهُ اللقاء


***

إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم الأربعاء .



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 28-08-16, 08:32 PM   المشاركة رقم: 449
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

😍😍😍كملي ،انا بالانتظار ،شوهالمفاجآت الحلوة

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 01-09-16, 03:09 AM   المشاركة رقم: 450
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي











الجحيـــم


( 77 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **















نزلتُ إلى السعودية بعدما تمَّ القبضَ على أفراد المنظمة و انتهى عملي بكندا
و لهزاع كل الشكر بصدور هويتي الحقيقة التي تحملُ اسمي " أصل الحكمي " بدلاً من " جلال الفاني "
و توجهتُ إلى العنوان المطلوب ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب
فتحتُه الخادمة , فبادرتُ بالسؤال : غزال موجودة ؟
أجابت برسمية : يـــــــــس
ليجيء صوتُها الذي يقتربُ شيئًا فشيئًا : ادخــــل .. ادخل يا جلال
ابتعدت الخادمة عن الباب فدخلتُ و وجدتُ غزال الذي تمشي مقتربة مني
بعد القبض على العصابة أول ما فعلتُه هوَّ الاتصال بغزال و التحدث مع الضابط هاني
اتفقتُ مع الضابط هاني أن يأخذ عينة من شعر مي و يرسلها مع رجل إليَّ في جدة لآخذها و أجري عليها تحليل الأبوة
ولكن ريثما ينزلُ الرجل لجدة , نزلتُ من كندا إلى الإحساء بعد مكالمة هاتفية مع غزال كانت مكالمة رسمية سألتُها هل لازالت بالمنزل و أنا سآتي إليها و أجابت أنها في منزل خالتها
و قد قمتُ عدة مرات بإيصال غزال إلى منزلِ خالتها
أشارت إلى الصالة و هيَّ تقول : اتفضل يا جلال , خالتي فوق و زوجها في الشغل ما يرجع إلا آخر الليل و الحين تونا دخلنا المغرب بدري .
ضضمتُ كفاي إلى صدري و رفعتُ حاجبي و أنا أنظرُ إليها نظرةً ثاقبة : تقصدين أصل , أصــــــــل الحــــــكمي .
اتسعت عيناها و تجمدت عن الحركة , قطعتُ المسافة المتبقية بيننا حتى صرتُ أمامها تمامًا حتى أن صوت ابتلاعها لريقها وصلني
بهمس : ايه أصل الحكمي يا غزال , لأي درجة كنتِ أنانية ؟ عالعموم كبرنا على العتاب و الخصام جايك عشان كم سؤال و نرتب أمورنا .
مشيتُ من أمامها و جلستُ حيثُ أشارت لي بينما هيَّ لازالت تقفُ حيثُ كانت بذاتِ السكون و بعدها بفترة أدركت أنني أناديها فتحركت متوجهة إلي
جلست على كنبة تُقابلني و عينيها موضع يديها
بهدوء : شوفي يا غزال أنا وإنتِ حياتنا من البداية كانت مبنية على المصلحة إنتِ تبين أحد يهتم لفلوسك و بنتك و أنا أبغى الهوية و الشغل إلي فيه فلوس , حياة رسمية خالية من الحب و المودة
و أنا الحمدلله رجعت لي ذاكرتي و إنتِ كنتِ تعرفي حقيقتي و سكتِ عشان المصلحة هذا الشي بحاول أتنساه لأنك لازلتِ زوجتي و بحكم إنه مالك إلا خالتك و مو حلوة تسكني معها في بيت زوجها
فأنا جاي أخيرك تبقي معاي أو تكملي حياتك مع خالتك , أنا ما بطلقك بدون سبب قوي لكن إذا إنتِ كارهة عشرتي و تبي الطلاق لك ما تبين , لكن ابي أنبهك بشغلة أنا نفسي أجهلها
أنا قبلك كنت متزوج و لي بنات برجع لهم و لا أدري زوجتي و بناتي كلهم بقيد الحياة ولا فقدت منهم يعني بكون فاتح بيتين , الليل عندك لأنه ما يصير تبقي بالبيت وحدك في الليل و النهار عند بناتي و زوجتي الأولى
لك حرية القبول أو الرفض لكن فكري زين , الطلاق له أحكامه أنا و إنتِ كنا بعاد عن بعض كل البعد أقرب للنشوز و بهاذي الحالة ما فيها شي لو تطلقنا الطلاق يكون مكروه في حالة عدم الحاجة له
لكن بنفس الوقت ما حبيت أطلقك و إنتِ وحيدة تبين تكملي حياتك معاي و نبدأها من جديد بكوني أصل الحكمي مو جلال الفاني بنبدأ بإذن الله و بنحاول يكون بيننا مودة و رحمة , إذا تحسي إنك كارهتني و كارهة عشرتي
فكل واحد يشوف طريقه , قدامك شهر فكري فيه و ردي لي خبر و قت تقرري .
بقيت صامتة دون حركة عيناها متشبثة بيدها بعناقٍ طويل ما انسل عنها إلا بتغيري لمجرى النقاش بتساؤلي : إلا وين أنهار ؟
رفعت عينيها إليَّ أخيرًا , و ترقرقت بالدمع : توفت .
اتسعت عيني بدهشة و سرعان ما نطقت : الله يرحمها و يغفرلها و يصبرك , عشان كذا سكنتِ ببيت خالتك ؟
أومأت بالموافقة , و التزمنا بالصمت أبحرتُ بأفكاري و أبحرت بحزنها
أنهار الفتاة التي كنتُ أشعرُ اتجاهها بالحبِ و شيءٍ من الشهوة لكني أيقنتُ أنها الشهوة لا محالة
الخطأ العظيم الذي ارتكبتُه غزال أن جعلت أنهار ترتدي ما يظهرُ من جسدها أكثر مما يخفي و تحضنني بل و تناوم بعض الليالي معي بذاتِ السرير
و بينما علاقتي مع غزال رسمية جدًا , ما اقتربتُ منها طيلة تسعة عشرَ عامًا إلا مراتٍ قليلة جدًا
هيَّ لم تكن ترغبُ بي و كنتُ أشعرُ بهذا و بادلتُها ذات الشعور ما كانت أمامي إلا أنهار وفقط
هذا الخطأ الذي يُرتكبُ بأغلبِ المنازل الأخت تجلسُ بجوارِ أخاها و أباها بما يبرزُ مفاتنها
و تنسى أن عورتها أمام محارمها لها حدود , و إبراز المفاتن لا يكونُ إلا لزوجها
فإن كان هوَّ والدها و ذاك أخاها فهم في الآخر رجال يمتلكون غريزة و يفتتنون بالمرأة
هم أبناءُ آدم يستمعون لصوتِ الشيطانِ مناديًا هلموا للمعصية و صوتِ النفسِ الأمارة بالسوء
منهم من يخافُ الله و يكابدُ نفسه و منهم من لا يستطع فيقعُ بما لا يحمدُ عقباه مع محارمهِ
فتأتي الفتاة تبكي و تشكي و كانت هيَّ النار التي أشعلت رأس الفتيلة !
و انا كنتُ أظنُ أن أنهار ربيبتي كما أوهمتني غزال و هي ما كانت ربيبتي و يحرمُ عليها التقشعَ أمامي
لكن بما أن غزال أوهمتني بهذا كان عليها أن تستر الفتاة بما يغطي عورتها أمام محارمها و تُعطيني حقوقي ولا تكون ناشزًا
حدث ما حدث و قد توفت الفتاة رحمها الله , و قد يكون في موتها رحمة فماذا لو علمت قبل موتها أن غزال ليست أمها و أني لستُ بمحرمٍ لها
ما سيكون موقفها حينذاك ؟ أيُ وجعٍ قد يسكنها ؟ لربَّ ضارةٍ نافعة
نشبتُ أصابعي ببعض و وضعتها فوق قدماي و بتساؤل : غزال , أنا تذكرت شغلة إنه ماهر الله يرحمه و إنتِ ما كنتوا قادرين تجيبوا طفل فكيف جبتوا أنهار ؟
تلاشى الحزنُ عن عينيها و تنهدت تنهيدةً طويلة و كأنها ترى تلكَّ الأيام : من ملجأ أيتام أنهار ما هي بنتي .
إذا كانت أنهار من ملجأ , فمن هيَّ مي ؟ و لماذا سُجلت باسم ماهر ؟
اندفعتُ متسائلاً : فيه بنت غيرها كنتِ مسميتها أنهار ؟
ضيقت عينيها و ظهرت عُقدة بين حاجبيها سألت باستغراب : كيف عرفت ؟
كيف علمت ؟! هذا التساؤل يعني أنها حقيقة هيَّ لها ابنة غيرُ أنهار التي من الملجأ و هيَّ مي و لكن كيفَ لها أن تكون ابنتي كما قال جهاد ؟ و كيف وصلت لغزال ؟ و من غزال إلى العصابة ؟
كيف ؟!!
مسحتُ على وجهي : سالفة طويلة والله , جاوبيني على أسألتي بدون ما تسألي الله يرضى عليك .
أومأت رأسها بالموافقة و أجابت بثبات : قبل وفاة ماهر وصل صندوق مع الشحنة للمصنع حقه من مصنعك و هالصندوق في داخله بنت , بكيت عند ماهر و أصريت نربيها و هذا كان بعد وفاتك
أخذنا البنت و نسبها ماهر له , جاب لي مربية بما إني ما أعرف شي بخصوص الأطفال و بعدها بفترة توفى و كنت مرة تعبانة و طول الوقت أبكي فكانت المربية تهتم لأنهار
بعد ما خلصت العدة أصرت علي المربية إني أخرج و أغير جو وافقت على عرضها , تذكر اليوم إلي ركبت فيه في اليخت حقك و كنت أنتظر أحد ؟
أجبتُ و أنا أرى ذلكَّ اليوم و كأنهُ الأمس : ايه .
أكملت الحكايا المحيرة تفكُ ألغازها لغزًا لغزا : في ذاك اليوم المربية ركبتني لليخت و أخذت أنهار وشردت , تدهورت حالتي و عرضت علي الشغالة أكفل يتيمة فكرت بالموضوع كثير و بعدها رحت للملجأ
و أخذت بنت و سميتها أنهار و نسبتها لماهر يعني تبني مو كفالة و الله يسامحني على كل إلي سويته .
صناديق مصنع خشب ماهر , أنا , حمدااااااان
نطقتُ بصوتٍ خافت : حمدان ايه حمدان هو إلي يوصل الصناديق .
نظرت لي غزال متسائلة : وش قلت ؟
تجاهلتُها وأنا أقف و أتوجهُ للباب قائلاً : عندي أشغال مهمة على بال ما أنجزها فكري بالموضوع قدامك شهر .
و خرجتُ من المنزل , سأحجزُ مقعد للسفر إلى جدة بأسرعِ وقت .


***


رُنَّ الجرس و قد كنتُ أقف بجوار الباب أحملُ بيدي غانم الباكي و أدورُ بهِ كي يهدأ و حينما تقدمت الخادمة لفتح الباب
أشرتُ لها بأن تعود إلى عملها و فتحتُ الباب
اتسعت عيناي لما رأيت
بعد طولِ غياب إنهُ اللقاء , تشبثت عيناي بها بينما الكاسر أعطاني ظهرهُ غاضًا طرفهُ
ابتعدتُ عن الباب حتى تدخل و بخطواتٍ سريعة وضعتُ غانم على الكنبة و اقتربتُ منها و قد كانت في منتصف الصالة
سمعنا صوت كعب يضربُ على البلاط , و رأيتُ عطرة تقف خف هوازن التي تنظرُ لي و تعطيها ظهرها
اخترق صوتُ عطرة الصمت : هـــــــوازن !!
التفتت هوازن إليها و صارت تعطيني ظهرها اقتربت من عُطرة و كُسرت الخطوات ما بينهم احتضنوا بعضهم البعض
بكت هوازن بصدرِ عطرة التي كانت الأم قبل الأخت , و بكت عُطرة و هي تمسح على رأسِ هوازن
انهمرت دموعي الغزيرة تأثرًا بالموقف و أنا لازلتُ بذاتِ المكان دون حركة
بينما عُطرة أبعدت رأس هوازن عن صدرها و أخذت تمسحُ دموع هوازن و هيَّ وجهها محمر من كثرةِ الدموع , تكلمت بلا تصديق : هوازن صدق إنتِ قدامي , هوازن أنا أحلم يا أختي و لا إنتِ حقيقة ؟
مدت هوازن يدها إلى وجهِ عطرة و هيَّ ايضًا تمسحُ لها دموعها و تجيبُ عن تساؤلها : حقـ...يقة و الله .
عادت عطرة تحتضنُ هوازن إليها و كأنها ستدُسها في حجرها عن القانون و عن كلِ ظلمٍ و جور , و رددت عُطرة : محد بيآخذك مننا إنتِ هنا عندنا ما بخلي أحد يآخذك و ربك ما أخليهم .
قطعتُ المسافة ما بيننا و احتضنتُ ظهر هوازن و أنا أشاركهم البكاء : مستحيل أحد يآخذها مستحيل مستحيل
أرخت عطرة قبضتها عن هوازن التي سرعان ما التفتت إليَّ و احتضنتني و قالت مبتسمة بين دموعها : آخر العنقود الغالية وحشتيني
أبعدتني عنها و قرصت خدي و من ثمَّ مسحت دموعها بظهرِ كفها و هي تبستم بين احمرار عينيها و بشرتها السمراء : خلاص خليتوني أبكي و أنا فرحانة .
وضعت عُطرة ذراعها على رقبةِ هوازن و وقفت بجانبها , قبَّلتها في خدها و قالت بمرح : وحشتينا يالوسطانية شايفة غلاتك كيف
سمعنا صوت خطوات على الدرج , نظرنا فإذا بهم أطفالُ هوازن يتقافزون لحضنها و يضحكون


*

إلتفت للوراء بعد سماعي لأصواتِ الخطوات على الدرج فإذا بهم صغاري يركضون نحوي
تركتني عُطرة , فانخفضتُ بجسدي نحو الأرض
و فتحتُ ذراعي لهم و اتسعت لهم الخمسة بأكملهم ريناد فتاتي الكُبرى رائد و مؤيد و ريتاج ثم لجين الصغرى
أُقَبِلُهم بخدهم , أيديهم و رؤوسهم بكلِ حبٍ وشوق و بكيتُ لفرطِ شوقي لهم
يالله ما أقسى البعد عن الضنا , يالله لا تحرمني منهم
كم صاح الفؤادُ و بكا , وغص الحلق و شكا
مرارة الحناجرِ واختناقها , وجع الصدرِ و خيباتهِ
في كلِ يوم أقفزُ من فراشي أنظرُ يمني فشمالي أبحثُ عنكم لأجد أني لازلتُ بين القضبان
تلكَّ القضبان التي كم تمنيتُ لو أني أستيطعُ اذابتها كسرها التملص من بينها فقط لاحتضانهم و سأعودُ تحت وطأةِ القانون الظالم
لكنها كانت مجرد أمنيات لا محلَّ لها في الواقع
و لكن الله معي , الله ناصري
جعلني أرآهم أحتضنهم , أُقَبِلُهم , أشتمُ رائحتهم
الحمدلله أن الرحمن جلَّ جلاله مدَّ في عمري حتى أراكم
قال رائد الذي ابتعد عني : وين بابا ؟
وقفتُ من على الأرض و أنا أمسح دموعي قائلة : يالله نسيته برا
بينما تحركت عُطرة للأعلى و عُزوف أخذت الرضيع الذي لا ادري من أين قد جاء و صعدت بهِ للأعلى
فتحتُ الباب و أنا أنادي : الكاسر
التفت نحوي و رأى أبناءنا يقفون بجواري و منهم من يتقدمني
ركضوا باتجاههِ و تشبثوا بقدمه
بينما هوَّ مسح على شعورهم و هو يضحكُ بفرحٍ و سرور , وينخفضُ حتى يصير بطولهم
نظرتُ لمشاعر الأبوة و مشاعرهم اتجاههُ و ابتسمتُ بسعادة رفعتُ رأسي للسماء : يالله لـك الحمد و الشكر و كل الفضل .



***

بعدما خرجتُ من السجن أعطوني هاتفي المحمول و أول ما فعلتُه توجهتُ لمنزلي استححمت و حلقتُ شعر ذقني المبعثر ارتديتُ أفضلَ الأردية و من ثمَّ اتصلتُ على أخي معن فهوَّ الوحيد الذي زارني في السجن و هوَّ الوحيد الذي حضرَ بذاكرتي في هذا الوقت ، طالت الرنات حتى
أصابني اليأس لكنهُ في الآخر رد ، ابتسمتُ براحة و قبل أن أنطق ، انطلق صوتُه المتفاجىء : ركاض !! خرجت من السجن ؟ طلعت براءتك ؟ إنت ركاض ؟
اتسعت ابتسامتي و بسعادة : ايه أنا ركاض و ايه طلعت براءتي و خرجت ، بحجز مقعد و ببلغك بوقت نزولي أبيك تستقبلني بالمطار ما أبي أضيع لحظة بالسعودية و محد منكم قاعد جنبي .
قال باندفاع يظهرُ فيه السعادة و الابتهاج : الحمدلله الحمدلله يارب ، و هوازن و الكاسر نزلوا ؟
تلاشت الابتسامة عن وجهي : والله مدري لكن أعتقد ايه لأنه قضيتنا مرتبطة ببعض من فرحتي نسيت اتصل و أتأكد ، المهم لا تنسى أبيك تستقبلني و الحين بتصل على ناجي و أشوف إذا نزلوا
أو لا .
بنبرةٍ مضطربة متوترة : أنا ... أنا لسى ما نزلت للسعودية .
بتعجبٍ و تساؤل : وش تسوي في مصر للحين ؟! ، المهم عطني عنوانك و بجيك .
أعطاني العنوان فأخذتُ مفتاح سيارتي و توجهتُ مباشرةً نحو منزله .


***


الساعة السادسة مساءً , أمسكنا بأيدي بعضنا البعض , مدَّ يدي ناحيةَ الباب و طرقه ليجيءَ صوتُ عمتي : ادخل
نظرلي فابتسمتُ لي , فتح الباب و تقدمنا بخطواتنا للداخل كانت عمتي تجلسُ على السرير و بيدها خرزات المسبحة تنظرُ للأرض
و قبل أن يتكلم الكاسر ليُنبهها بوجودنا رفعت رأسها وسقطت عينيها علينا وقفت من على السرير ناطقةً بلا تصديق : الكاســـــر وليدي ؟؟ هــــــوازن بنيتي ؟؟
قال مبتسمًا بمحبة : الكاسر وليدك و هوازن بنتيك قدامك يمه .
تقدم نحوها و مشيتُ بمحاذاته انخفض الكاسر لأقدامها يُقبلها بينما أنا قبلتُ رأسها
بكت بصوتٍ عالٍ و شهقاتٍ متتالية : يالله يمك وحشتني يالغالي و حشتيني يالغالية كل يوم أدعي إلكم يالله أحمدالله إنه وهبني شوفتكم قبل لا أموت .
رفع الكاسر رأسهُ عن أقدامها و مسح دموعها و هوَّ يمسك بيدها و يُجلسها على السرير و يجلسُ بجوارها و أنا بجانبها الآخر
يمسحُ على يدها برفق و هو يقولُ بصوتٍ ناعم : طول الله في عمرك يمه و تشوفين أحفادك كبار و تزوجيهم و تشوفي أحفاد أحفادك يارب .
أبتسمت لهُ و من ثمَّ نظرت إلي و احتضنت يدي بين دفِىء يديها عمتي ساجدة التي كانت لنا الأمُ الثلاثة بعد أمي و بعد أختي عُطرة
وضع الكاسر رأسهُ على كتفها بينما لسانها يلهجُ بالدعاء لنا و الشكرُ للهِ عزوجل
لئن شكرتم لأزيدنكم .



***


بما أن الأوضاع استقرت و الحمدلله بعد خروجِ أختي هوازن من السجن ، قررتُ زيارة حميدة فقد طال غيابي عنها كثيرًا ، و أخافُ أن تسوء حالتها فلا احدَ يهتمُ لشأنها سوى أخاها الأصغرُ منها
عمرًا فقد تشعرُ بالوحدة و تعودُ كما كانت عليهِ و أسوأ ، لكن قبلَ خروجي طرقتَ باب حجرةِ أغيد عدةَ مرات و ما من مجيبُ سألتُ أحدَ الحراس فأجاب أن أغيدَ وجدَ عائلتُه منذُ فترةٍ طويلة و لذلك
لم أستطع الإطمئنان عليهِ كما أرادت حميدة ، وصلتُ إلى السجن بتمامِ الساعة السابعة و النصف مساءً , و أنا الآن في انتظارها بترقب و ما أن ظهرت بشعرها الذي يصلُ لمنتصفِ ظهرها و ابتسامتها المشرقة حتى ابتسمتَ بارتياح
و وقفتُ من الكرسي
تقدمت باتجاهي و هي تصرخ بفرح : و اخييييرًا جيتي .
فتحتُ ذراعي لها و احتضنتُها : آسفة يا حميدة و الله مشاكلنا ما تخلص بالقوة قدرت أجيكِ .
جاء صوتُ السجانة التي اقتربت منا : ممنوع التلامس .
ابتعدنا عن بعضنا البعض جلست هيَّ على كرسي و جلستُ مقابلةً لها ، بادرتُ بالحديث : ما يحتاج أسأل كيفك باينة السعادة في وجهك و الحمدلله ، كنت خايفة السجن يغير نفسيتك للأسوأ لكنك
ريحتيني الحمدلله .
شبكت أصابعها ببعض : مو كل إلي بالسجن سيئين في الصالح و فيه الطالح ، الحمدلله ربي أعطاني صحبات في السجن فيهم الخير و سبحان الله لما كنت برا السجن كانوا كل صحباتي
سيئات ، فعلاً وعسى ان تكرهوا شيئًا و هو خير لكم ، نفسيتي أفكاري كل شي فيني تغير للأفضل صلاتي صرت محافظة عليها و لو إني بعض الأحيان أنسى و أأخرها لكن صحباتي يذكروني
و إن شاء الله مع الوقت أصير محافظة أكثر و أكثر كل شي فيني تغير للأفضل .
ابتسمتُ لها بمحبة : الحمدلله ما تدري وش كثر كلامك اسعدني ، فعلاً ما ندري وين الخير لنا ، الله يكملك بعقلك و ينور دربك يا رب ، بقولك شغلة كنت بتطمن على أغيد اليوم و أطمنك عليه لكني
تفآجأت بإن أغيد حصل عيلته إلي فاقدها من طفولته و ما هو موجود بالبيت .
ابتسمت بصفاء : الحمدلله ربي ريح قلبه ، خلال هالمدة إلي قضيتها في السجن صارت بيني و بين نفسي حوارات كثيرة ، اكتشفت من خلالها إن تعلقي في أغيد كان بسبب بغضي للرجال و لما
حصلت أغيد منافي لكل الأفكار و الطباع إلي أبغضها في الرجال تعلقت فيه بشدة وحسيت إني أحبه و مقدر أتخلى عنه ، و أنا فعلاً أحبه و أعزه و أتمنى له كل الخير لكن مو الحُب إلي كنت
متصورته أغيد فعلا باين عليه صغير بالعمر ممكن أنا أكبر منه بثلاث أو أربع سنين و غير كذا أغيد جاه في الوقت إلي كنت أحاول فيه أتغير فكان سبب في تغيري و امتناني له هيأ لعقلي إني
أحبه حُب المرأة للرجل لكن فعلاً الحين بديت أحس إن حبي له حُب أخت لأخوها يعني بالمختصر أغيد جاه في حياتي في الوقت الغلط و صار مجرد هوس ، بُعدي عنه كل هالمدة خلاني أراجع نفسي
و أكتشف من يكون أغيد في حياتي .


***

وصلتُ إلى عنوانِ منزله الساعة السادسة و النصف مساءً , قرعتُ الجرس و انتظرت بجوار الباب الذي سرعان ما فُتِح و كأن معن كان من ورائه ينتظرُ مجيئي
كنتُ سأجري و أرتمي في حجرهِ في حضن أخي الأكبر و لكن توقفتُ حينما رأيتُه
تلكَ البنية الضخمة نحيلة إلى حدٍ لا يلائمها بتاتًا , ازاداد اسمرارًا عن ذي قبل
شعرُ رأسهِ كثيف و كأنهُ في السجن و لحيتهِ غيرُ منتظمة
رائحتهِ رائحة السجائر الكريهة و العجيب الحروق التي تنتشرُ بوجههِ
و ندبةٌ في فمه من فوقِ شفتيهِ إلى نهايتها طوليًا
لم يبقى بهِ شيء قد ضاع معن بين هذه التهلكة التي تملأهُ لتحجبهُ عن الوجود
تالله أين أنتَّ ؟ ويحكَّ اختفيت ؟ اضمحلت ملامحك ؟
ما بقيت سوى اللمعة التي تلفظُ الشوق لي قبل أن تلفظها شفتيك المشوهة
أأنا الذي كنتُ في الزانزانة أم أنتَّ يا معن ؟
مَن تلقى فينا العذاب و الضيم ؟
مَن يا معن ؟
رغمَّ كل التساؤلات كان لساني ثقيلاً لا يستطيعُ الحراك و اشباعِ فضولهِ و إزالةَ الوجع عن صدري
بقيَّ كل تساؤل يستترُ في عيني
و كان معن هوَّ من بادر بالرتق اعتناقًا , يُقَبِلُ رأسي و يحمدُ الله
و مع مشاعرهِ الجياشة و شوقهِ الفاضح بادلتُه العناق و كلماتُ الشوق و اللهفة
و حمدتُ الله سرًا و علانية على خروجي من الزنزانة سالمًا غانمًا .



***

حسناء أول امرأة اهتزت نفسي لها منذُ النظرةِ الأولى و بالرغمِ من كلِ الوعود و الثقة بذاتي لم أستطع كبحَ جماح نفسي شهوتي و غريزتي اقتربتُ منها و أخذتُ ما أخذت هيأتُ لها منزل و وكلتُ خادمة
تجيدُ التعامل مع ذوي الاختياجات الخاصة و غبتُ عنها ثمانيةَ أشهر أهلكتني بالتفكيرِ بها دون غيرها بل حتى ساجدة كنتُ أضاجعها و أتخيلُ أني مع حسناء لم أقوَّ و لم أصبر ، ذهبتُ إليها بكلِ شوقٍ
و لهفة و حينما دخلتُ للمنزل تفآجأتُ بها نائمة ترتدي فستانًا أصفرًا فاتح و قد أمتلأ جسدها عن ذي قبل ليس امتلاءً فقط بل يبدو أنها تحملُ طفلاً ، هنا تصلبت عيناي على بطنها اقتربتُ منها
و هززتُها بكتفها حتى فتحت عيناها و نظرت لي بنظرةِ خوفٍ لن أنساها و هيَّ تضعُ يدها ببطنها و تنزوي في طرف الكنبة حينها تأكدتُ أنها حامل ناديتُ على الخادمة بصوتٍ عالٍ حتى جاءت
و توقفت و هي تضم كفيها إلى صدرها : حسنا حامل ؟
نظرت الخادمة إلى حسناء ثمَّ إليَّ وحركت رأسها بالموافقة ، اقتربتُ من حسناء و أمسكتُها من ذراعها أسفل الإبط و رفعتُها عن الكنبة بقوة حتى صارت تقفُ أمامي ، غرستُ أظافري بلحمِ
ذراعها و بغضبٍ جامح و صوتٍ عالٍ : كيف تجرأتي ؟ أنا يكون لي وليد منك ؟! من بكما ؟! من صما ؟! من ناقصة ؟!
و من ثمَّ نظرتُ للخادمة و بذات الصوتِ المرعب : وليد و لا بنية ؟
أجابت الخادمة و هيَّ تفركُ أصابعها و تنظرُ للأرض : بنت .
و كأن النار كانت بحاجةٍ للحطب دفعتُها حتى صارت على الكنبة أمسكتُ بفكها و هي كانت تنتفضُ من تحتي : البنية ذي من تولدي بتندفن و تندفني إنتِ من حياتي ظانع بيتكفل بتوصيل المصاريف
و الاحتياجات لك و الخادمة تساعدك بالبيت .
تركتها و خرجتُ من المنزل ضاربًا الأبواب من ورائي بقوةٍ و غضب .
لم أتقبل فكرة أني أنا يكون لي ابنة من بكماء و إن كانت حسناء فهيَّ في الأخيرِ بكماء و غير ذلك كنتُ أدفن بناتي من ساجدة و لكن حتى الولد من البكماء كنتُ سأدفنُه لا محالة هل يجيء لي
ابنٌ ناقص ؟! ، خرجتُ من المنزل و حاولتُ محيها من تفكيري مثلما محيتُها من حياتي لكني لم أستطع طالت الأشهر و السنين و حينها بدأتُ بنسيان ملامحها لكني لم أنسى أنها الأجمل و أنها
الوحيدة التي سلبت من عبدالقوي قوتُه حتى جاء اليوم الذي رأيتُ بها مارسة و عادت ملامحُ تلكَ لذاكرتي عادَ الحبُ الميت للحياة لم أجد بمارسة نقصًا و وجدتُ بها حُبي الوحيد و بشعورِ التملك
كانت مارسة لي ، لأجدَ أنها ابنتي ! ، خرجت مني آهة و أنا أمسكُ بكتفي ، و قف ناجي الذي كان يجلسُ على الكرسي المجاور و بيده صحيفة ، اقترب مني و هوَّ يقول : انشدت .
حاولتُ أن لا أظهر ضعفي لكن لا أعتقد أني نجحت فالألمُ فوقَ مقدرتي على التحمل ، أجبتُ و أنا أعضُ على شفتي السفلية و أكابدُ الألم : ايه .
مد يدهُ على كتفي يدلكهُ : الله يهداك يا أبوي لا تفكر بأشياء تكدرك و تغمك ارتاح الله يخليك لنا و يطول بعمرك يالغالي .
حركتُ رأسي بالموافقة و نظرتُ للجهةِ الأخرى بشرود حتى بدأتُ أسمعُ أذآن العشاء من المسجدِ المجاور و أُرددُ من خلفه .



***



الساعة العاشرة ليلاً , أستلقي على السريرِ براحة و كفي فوقَ جبيني أنظرُ للسقف حتى فُتِحَ الباب و خرجت هوازن ملتفة بالمنشفة و بمنشفة صغيرة تجففُ شعرها المبتل و هو تقول مبتسمة : يالله من زمان عن
هالترويش المريح للأعصاب طلع حتى الترويش نعمة .
كانت متوجهة نحو حجرةِ التبديل لكني ناديتُها : تعالي أبيكِ و بعدين ألبسي .
التفتت إلي و حركت رأسها بالقبول ، جلست أمامي على السرير و بيننا مسافة بسيطة اقتربتُ منها حتى التصقت ركبتي بركبتها و مددتُ يدي نحو خدها تسقطُ قطرات الماء من شعرها المبتل
و تشقُ طريقها في ظهرِ كفي ، بأسفٍ و صوتٍ رقيق : هوازني قلبي و الخفوق , أنا آسف والله ما كان بيدي ، ما كنتِ أبيكِ تعانين كل هالمعاناة إنتِ أرق و أطهر من هالأماكن القذرة سامحينـ
وضعت يدها على شفتاي و هيَّ تميلُ برأسها للجانب و ينسدلُ شعرها المبتل تبدو كالطفلة في براءتها : اششش لا تقول هالكلام ما زعلت عليك حتى أرضى بس صدقني بزعل لو بقيت تعاتب نفسك ،
نبي نحتوي عيالنا و ننسيهم الفقد و ننسي نفسنا ، خلينا نقفل هالصفحات للأبد .
ابتسمتُ لها بحبٍ و امتنان ، كم أشكر الله أنكِ من نصيبي أنكِ ملكي و قدري ، وضعتُ يدي خلف رأسها و سحبتُ رأسها برفق إلى صدري مسحتُ على شعرها المبتل ، والحياة تعودُ لجسدي على
حرارةِ أنفاسها التي تلفحُ صدري فتزيدُ من ضرباتِ قلبي ، سرعة النبضات ، تعالي الأنفاس , برودةَ أطرافي و حرارةَ جسدي كل هذهِ الطقوس تعني أن صغيرتي و طفلتي بالقربِ مني في حجري
تُمارس قوةَ حضورها على المتيمِ بها .


****



تمددتُ على السرير بابتسامةٍ واسعة الحمدلله قد حُلت مصائبنا خرجت هوازن و زوجها من الزنزانة , ضحكت أسنانُ أطفالهم بعد بكاءٍ مديد
و صدقت ألسنتنا بعد أكاذيب لا تنتهي " بكرة بيرجعوا " و أخيرًا ها هم عادوا و عادت البهجة للمنزل
عُزوف التي و أخيرًا ابتسمت باحتضانها لغانم و التكفل بتربيتهِ
أبي الذي أعطانا ضوءَ الأمل بأنه لازال على قيدِ الحياة
حميدة التي عادت لفطرتها السوية و عادت للمولى عبدةً خاضعة لهُ سبحانهُ و تعالى
و براءتي التي ظهرت بعد طولِ الاتنظار
ما تبقى سوى أبنائي الذين بكلِ يوم يسألون عن معن فأجيبهم بأنه آتي و ما هوَّ بآتي
لقد تذكرت هاتفي المحمول الذي أغلقتُه بالأمس , أخذتُ الهاتف من تحتِ وسادتي و فتحتهُ
و انتظرتُ قليلاً حتى وصلت الرسائل , فتحتُ " الواتس أب " سريعًا
و توجهتُ نحو اسمه فتحتهُ لتصطدم عيناي بصورةٍ لوجههِ مشوهًا بالحروق
و أخرى بجسدهِ النحيل شعرهُ الأشعث لحيتُه المبعثرة الإعياءُ و التعب بعينيهِ
كبرتُ حجم الصورة و مشيتُ بأصابعي على جروحهِ و كأني أمسحها عن وجهه , على عينيهِ أزيلُ الأرقَ عنها , و أخيرًا فوق ندبتهُ أُقَبِلُها ولا أدري ما الذي يجري بي
سوى أن ضربات قلبي لا تستكين , معن ماذا يحصلُ لك ؟
أين ساديتك ؟ أين سطوتك ؟ أين سلطتك ؟ أين حضورك ؟ نزاقتك ؟ أين أنتَّ بين هذهِ الملامح ؟
فلتجيبَ يا معن أين أنتَّ من بينها ؟ ما لي لا أراك ؟
فلتجيبَّ يا معن أينَّ السادية عنك ؟ كيف أضاعت طريقها ؟
لا يليقُ بك هذا الوهنُ و الضعف و إن كنتُ أبغضُ تزاقتك و وحشيتك
لا يليقُ بك دورَ المازوخية و إن كنتُ أبغضُ ساديتك
معن لا أستطيعُ الغفران و المسامحة و لكني لا أستطيعُ الوقوف مكتوفةَ الأيدي !
انتفض جسدي بهلع حينما اخترق رنينُ الهاتف جدران الحجرةِ البكماءُ , الصماء
تحملُ اسم ركــــــــاض !

***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم الجاي يوم السبت .



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 02:28 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية