لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-16, 11:39 PM   المشاركة رقم: 401
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي






الجحيـــم


(58)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **










منذُ ليلةِ الأمس حتى منتصف ليل اليوم و أناأجلسُ بجوارها محتضنًا يدها أحكي لها كم هيّ جميلة بأخلاقها بحنانها بأحلامها و طفولتها و ابتسامتها الشفافة كم هيّ بهية بتصرفاتها
انفعالاتها و كم هي أميرة وهي تعزف و تظلُ تعزف و تنزف دموع الألم ، و أنا ، من أنا بجوراكِ يا معزوفة سوىّ رجلٌ قاسٍ وهبكِ سنينًا
عِجاف لطخ أحلامكِ الوردية بالسواد لم تنالي فارسًا يُمسك بيدك و يطيرُ بكِ بجناتهِ ونعيمه بل كان لكِ عذابًا شديدًا و نارًا حميمًا
و ضاعت أحد عشر سنةٍ من سنونكِ هباءً منثورًا و مع هذا كنتِ حنونة و وهبتني فرصة فتلونت حياتي بألوان السعادة حاولتُ يا قارورتي
أن أمحو السواد الذي لطختُ بهِ ورديتكِ لكني فشلتُ فشلاً ذريعًا لأجعل السواد يزيدُ سوادًا و لا ثغرة بياض على صفيحة كُتب بها عُزوفٌ بين
الحياةِ و الموت .
صوتٌ انتشلني وجعلني أقف مشدوهًا لهولِ صدمتي
هذا هو صوتُ الأمل بحركةِ أصابع عُزوف على يدي ، ابتسمتُ ابتسامةً واسعة و أنا أردد علها تستجيب : عُزوف عُزوف قارورتي معزوفتي .
فتمسكت أصابعها بيدي ، قمتُ من على الكرسي و أنا أنادي في الممرات : يا ممرضات عُزوف صحيت عُزوف صحيت .
حتى استجابت إحداهن لي و تقدمتني بالخطوات حيث حُجرة العناية .
لازمت عملها بينما بقيتُ قاعدًا على الكرسي متمنيًا لها الشفاء العاجل
و ما هي إلا دقائق حتى يستأذن الطبيب للدخول اقتربت منها و غطيتُ ما أستطيع و قعدتُ بجوراها و حالما دخل الطبيب تمنى لها الشفاء و أخذ يتأكدُ من سلامةِ حواسها و لكني لم أستطع أن أبقى مكتوف الأيدي فالغيرة كادت تقتلني مما جعلني أقوم بدورِ الطبيب أفتحُ عَيْنَاهَا و أتفحصها فأجدني أغرق بهما و ببحرهما انزعج الطبيب كثيرًا من تصرفاتي قائلاً : لو سمحت يا أستاذ لا ..
قاطعتُه قائلاً : تقصد دكتور أنا دكتور و هاذي زوجتي و اتفضل أنا أقدر أكمل الباقي .
بإعتراض : لكن
و عدتُ لأُقاطعه : لا لكن و لا شي ممكن تتفضل و تخليني أكمل شغلي مع المريضة و الي تصير زوجتي .
أغمض الطبيب عينيه ضجرًا من تصرفاتي الصبيانية و أمر الممرضة : إنتِ خليكِ معاه .
أجابت الممرضة و التي تبدو سعودية الجنسية : طيب .
سمعتُ صوتها المبحوح الخافت و الذي بالكادِ يخرج : ناجي .
ابتسمتُ و أنا احتضن يدها و بحب : عيووون ناجي قلبه و دنيته .
وضعت يدينا المتشبثة ببعضهما على بطنها و بعينيها نظرةُ أمل جعلت انتفاضة تسير من أعلى عمودي الفقري لأسفله أقشعر بدني و ماتت
الحروف قبل خروجها .
ماتت نظرة الأمل بعينيها و حلّ محلها القنوط تدحرجت دمعة من مقلتيها و ضاعت بين خصلاتِ شعرها أبعدت عينيها عني .
بينما أنا مددتُ يدي أمسح على خدها مواسيًا لها لكنها أمسكت بيدي و أبعدتها عني ، و بوهن : اخرج .
برجاء : عُزوف
عادت لتقول بصوتٍ أقوى : إنت السبب أخرج ما أبيك ما أبيك .
و قفت الممرضة أمامي قائلة : لو سمحت أخرج المريضة حالتها بتسوء و توها خارجة من الغيبوبة خليها ترتاح و خلينا نفحصها .
ابتلعتُ ريقي و نظرتُ لها نظرةً أخيرة لكنها كانت تعطيني شعرها و تغيبُ عن عينيّ عينيها .



وصلنا خبر خروج عُزوفٍ من العنايةِ المركزة ، فتجمهرنا حولها بالمشفى إلا أن بؤس عينيها لم يغيب عني سألتُها ما بكِ و نفت قائلة أنها بخير ، سألتُ ناجي عنها فإذا بناجي يقول بصوتٍ أعياه التعب " كانت حامل و سقطت " يالله يا بنتي عُزوف كم تحملتِ و عندما صار بداخلكِ ما تتمنيه غاب عنكِ إنه اختبارُ منهُ جل جلاله و عليكِ بالصبر فو الله ما بعد الصبرِ إلا الفرج .
و حينما كنتُ أهمُ بالمشي بعيدةً عن ناجي فإذا بناجي يُوقف رجال المباحث قائلاً : على وين ؟
فأجاب الرجل : بنآخذ إفادة من الأخت عُزوف .
فقال ناجي : توها صحيت الصباح رباح تعالوا و أسألوها .
تقدم رجل المباحث و خلفه الآخر : معليش شغلنا لازم يتم الحين .
و حالما وقفا أمام الباب أمسك ناجي بكتفِ أحد الرجلان قائلاً بغضب : قلت زوجتي تعبانة تعالوا بكرة و أسألوها ما بطير .
تجاهلاه و فتحا الباب .

*

دخل رجلين إلى الحجرة وقد اخفضا بصرهما أرضًا حتى سترنا عنا ما كان يُكشف ، استغربتُ دخولهما دون استئذان ولكن حالما سمعتُ صوت ناجي المزمجر من خارج الحجرة علمتُ حينها أنهم هربا منهُ
قال أحدهما : لو سمحتوا أخواتي ممكن تتفضلوا بآخذ إفادة الاخت عُزوف .
تحركت عمتي ساجدة و خالتي عُشبة نحو الخارج و تقدما هما قعدا على مسافةٍ مني
و بدأَاْ بسؤالي : ايش سبب دخولك للغيبوبة .
أجبتُ برسمية : طحت من الدرج .
بإهتمام : في أحد كان سبب طيحتك ؟
صمتُ لفترة وتلك الأحداثُ تُعاد لذاكرتي يالله يا ناجي لو تعلم مقدار الألم الذي زرعتُه بداخلي ، لو تعلم إلى أي حدٍ أنا موجوعةٌ منك بحاجة للبكاءِ دون توقف و لو بكيت لسقيتُ أرض الله بأكملها ستُخصب الأرض من جدب قدري
أجبت و دموعٌ تمسح خدي من وراءِ خماري : لا أنا طحت بنفسي .
قال يريد تأكيدًا مني : متأكدة كوني صريحة و بنساعدك .
بتأكيدٍ دون تراجع : أكيد .
لازلتُ أُحبُكَ يا ناجي
لازلتُ متيمةً بِك .

***


في وقت الظهيرة ، كنتُ أسقي النباتات ماءً رغمّ أنهم لم يكلفوني بأي عمل و لكن وقت فراغي مبالغٌ بهِ أو بالأساس كل وقتي فراغ لأني لا أدرس و لا أعمل و في أثناءِ إنشغالي سمعتُ صوتًا أنثوي من ورائي : السلام عليكم .
نظرتُ للوراء فإذا بها تلك الفتاة المسترجلة غير أنها ترتدي طيلسانًا مرتخي يُظهر خصلات شعرها السوداء و التي طالت عن السابق و أظهرتها كأنثى كاملة صخب لها قلبي و تحجرت عيناي بها ابتلعتُ ريقي مرارًا و تكرارًا و أنا أستعيذُ باللهِ من الشيطان الرجيم ، إن هذا كثيرٌ علي فتاةٌ كالوردةِ المتفتحة دائمًا تأتي لي و أنا ناقصٌ ليس بي أي شيءٍ جذاب إنها كبيرةٌ علي والله إن هذا الجمال لباذخ ، باذخٌ و يقدمُ إليّ بخطواتِه كثيرٌ عليّ حد أني أرى نفسي لا شيء لا شيء ، أغمضتُ عيناي برفق و أنا أجيبُ ببحة : وعليكم السلام .
جاءني صوتها متردد و لكني لم أفتح عيني : انا امم انا جيت بكلم عُطرة و قلت أسلم عليك بطريقي
هذه النبرة المترددة و هذا التبرير الذي يدل على أنها بدأت تشعرُ بأن تصرفاتها سابقًا و اقترابها مني كان تهورًا ، يُشعرني بمتعة تدغدغُ كامل حواسي لتُفتح عيناي على وسعهما و تُرسم الابتسامة على شفتاي لأجدني رغمًا عني أقتربُ منها خطوة و بهمس : تغيرتِ كثير شكل و تصرفات ، تغيرتِ للأحلى .
شتت عينيها بعيدًا عني و من ثم أطرقت رأسها أرضًا و شبكت أصابعها ببعض :
تسلم ، أستأذن منك .
أعطتني ظهرها و لكني ناديتها : لحظة انتظري بجيب شي و أرجع خليكِ لا تروحي .
مضيتُ إلى حجرتي بخطواتٍ سريعة و التقطتُ ما أريد مددتُ إليها يدي بالخمار قائلاً بابتسامة مُحبة : ولو تتغطي بتكوني أحلى و أحلى .
أخذت الخمار من يدي و رفعتُه إلى الأعلى قليلا و بتعجب : نقاب !
اتسعت ابتسامتي من علامات التعجب التي تتشعبُ بملامحها : يحفظك و يصونك يا أثمن كنز بهالدنيا .
نظرت لي و طالت النظرة كثيرًا عيناها تنتقل بتفاصيلي و عينيّ تغرقُ في أمواجها المتلاطمة شعرها الذي يخرج من الطيلسان و يتبعثر أمام عينيها كظلٍ يحجبُ شمس عينيها حاجباها الكثيفان يزيدان شمسها ضياءًا و أجمل تفاصيلها ثغرها الصغير المنتفخ كحبةِ التوت يالله ما أبهاكِ ما أزهاكِ ، و إذا بصوتها يأتي خافتًا مبحوحًا : أنا أحبك يا أغيد .
تعالت ضرباتُ قلبي حد الجنون على قرعِ أقدامها على الأرض و هي تجري إلى أبعدِ نقطةٍ مني .



وضعت يدها الدافئة على خدها المشتعل بالحرارة و هي تغمضُ عينيها و بالكاد تلتقط أنفاسها بعد الجري ، لا تصدق أنها أفصحت عمّا بخلجاتها أفصحت عن هذا الشعور الذي يداعبها منذُ أولِ يومٍ رأتُه بهِ ، نعم منذُ أول يوم يُقال عنه حبٌ من أولِ نظرة و يراه البعض خزعبلات و ما هي إلا نظرة اعجاب لا تمت للحب بصلة و أي كاتبٍ يكتبُ عن هذا الحَب هوّ يعلم بقرارةِ نفسه أنهُ غير موجود على أرضِ الواقع فقط يعيشُ الخيال ليعيشه القراء لكنها فعلاً أحبتُه من أولِ نظرة هو ليس بوسيم أو أنيق المظهر حتى تكون قد أُعجبت بهِ هي لم تُعجب هيّ أحبتُه فقط لأنه يُخالف صورة الرجل التي رسمتها في مخيلتها حاولت بعدها و بشتى الطرق أن تكشف القناع عنه و لكن اتضح أن لا قناعا يغطي ملامحهُ البريئة حينها اعترفت لذاتها أنها أحبته و حالما رأته اليوم مندفعًا اتجاهها انتابها الريب و قالت سينقشع القناع أخيرًا ولكنها تفآجأت اعطائه الخمار لها فخرجت كلمة أحبك من شفتيها تحكي لهُ كم هو رجلٌ عظيم غيرّ صورة الرجل بعينيها .



سلمتُ على حميدة التي اتصلت عليّ في الليل عندما كنتُ في المشفى استأذنت مني مجيئها و قد رحبتُ بها ، تقعد أمامي و وجهها مُحمر يبدو أن بها شيئًا ما ، و قالت بعد صمتٍ ليس بقصير : والله جيتك كالعادة بمشاكلي الي ما تنتهي ، تمنيت إني أجيك بظروف أفضل لكن للأسف .
عقدتُ حاجبي و بإهتمام : شفيك حميدة أسمعك .
تنهدت بضيق و هيّ تطأطأ رأسها أرضًا تنظر لقدميها : والله يا أبلة عُطرة أنا حاولت أبعد عن الحياة الي كنت فيها و لكن هالحياة مصرة تلحقني الدخول لهالحياة كان سهل بس الظاهرالخروج صعب كثير ، أكثر من بنت نادتني على حفلات و سهرات و رفضت رفض قاطع ، لكن فيه بنت ازعجتني من كثر ما تتصل و أمس اتصلت تقول لو ما حضرتي الحفلة اليوم صورك الوسخة بتكون في يد أخوكِ ، فجيت أقولك ذا الكلام لأني وعدتك إني بحاول أغير حياتي لكن مضطرة أحضر ذي الحفلة عشان أسكتها و بنفس الوقت آخذ صوري و أخرج من ذي المعمعة نهائيًا .
ابتسمتُ بأسى و بصوتٍ خافت : تعرفي يا حميدة وش أسوأ شي في بني البشر إنهم لما يغلطوا يخافوا و يتجاهلوا الخوف و يكملوا و لما يصحوا يخافوا من الفضيحة و لكن ينسوا أكبر خذلان و هو عدم خوفهم من ربهم جل جلاله لو كل واحد يخاف من ربه والله ما انحطت رجله بالحرام ، الله يهديني و يهديك و يهدينا أجمعين ، شوفي يا حميدة أنا مستحيل أخليكِ تدخلي لهالعالم مرة ثانية لكنك مضطرة و ﻷنك مضطرة أنا كمان مضطرة أدخل معاكِ و أساندك .
رفعت رأسها تنظرُ لي ببهوت : ما ينفع أول شي إنتِ أرقى من إنك تدخلي حفلة مجون بتشوف مظاهر بين البنات بحياتك كلها ما تخيلتي تشوفيها و فوق هذا البنات كلهم شبابيات فشكلك بيكون غير مقبول بالنسبة لهم غير البنات الي أساسًا من نفس المدرسة بيعرفوكِ على طول و أنا ما أبغى أدخلك بشي مالك ذنب فيه أنا غلطت أجل بتحمل نتيجة غلطي للنهاية .
برفضٍ تام : بجي و بالنسبة لشكلي بندبره ما عليكِ متى الحفلة ؟
حركت رأسها بالرفض : اليوم لكن أنا مصرة إني بروح وحدي .

***

بعد صلاةِ العصر , استدعاني أبي لمكتبهِ المنزلي ، و حال اقترابي من المكتب رأيتُه يقفُ أمام الباب ضامًا يديه لصدره و ملامحهُ لا تكهنُ بالخيرِ بتاتًا دخل و دخلتُ من ورائه فقال آمرًا لي بغضب لا أدري ما سببه : قفل الباب يا مسود الوجه .
أغلقتُ الباب و تقدمتُ بخطواتي نحوه حتى جلستُ على الكرسي الذي يقابلهُ و بتساؤل : خير يا أبوي شفيك ؟
حرك يده بالهواء و أحمّر و جهه و بحنق : من وين يجي الخير و هاذي سواياك ؟!
بانفعال : يا أبوي لا تقعد تقط خيط و خيط قل أنا وش سويت حتى تزعل هالكثر .
بصوتٍ حاد : فضحتنا و تسأل وش سويت ، إنت وش ما سويت يا مسود الوجه معاك عُطرة جمالها ما بقى أحد ما تكلم عنه و تروح لأنهار بنت ماهر ! بالحرام بالحرام حسافة التربية و التعب فيك إذا أنك بالآخر بتكون عار علينا .
بهت وجهي للحظات و اكفهرت أساريري
بينما هو قام من على الكرسي و هو يشير بإتجاه الباب : قم قم البيت يتعذرك لا إنت ولدي و لا أنا أعرفك .
قمتُ من على الكرسي و باعتراض : يا أبوي مب كذا تنحل الأمور خلنا نتكلم .
تحرك من مكانه واقفًا أمامي ضاربًا بيده سطح المكتب : باقي إنت تعلمني كيف تنحل الأمور .
حركتُ يدي بالهواء و بغضبٍ جامح : لا تقعد تلومني و إنت بكبر مآخذ وحدة أصغر من أصغر عيالك .
لم أشعر إلا بأصابعهُ تُطبع على خدي و صوتُه يرتفع بغضب : ماخذها بالحلال يا إلي ما تفرق مابين حلالك و حرامك اخرج لا بارك الله فيك .


***



بتمامِ الساعة العاشرة ليلاً , ذهبنا إلى الاستراحة التي تُقام بها الحفلة ، نظرت لي حميدة و هي تترك يدي و تترجاني بعينيها لآخرِ
لحظة لكني لم أهتم ،نظراتها تقول عُودي يا عُطرة من حيثُ أتيت فأنا لا أريدُ أقحامكِ بأمور لا دخل لكِ بها ، و لكن يا حميدة أنا
سأساعدكِ و أساندكِ مادُمتِ تريدي التغير للأفضل و الخروج من عالم الفساق لعالمِ النور و الايمان ، دخلت حميدة من البابِ المفتوح
و دخلتُ من خلفها فرأينا الحديقة الخارجية و صوت فتاتين لا أدري ما أقول سوىّ ستر الله عليهما ، دخلنا للداخل فأذا بفتاةٍ ترتدي
" تنورة " تصل لنصف فخذها و قميصًا أبيض شفاف ليس من أسفله ما يستر !
ركضت الفتاة بإتجاه حميدة و هي تحتضنها و تتلمس جسد حميدة بعشوائية و تنطقُ من بذيء الكلمات ما تنطق لترفع رأسها بعد فترة
و تُثبت عيناها عليّ و هي تنظرُ لعباءتي الرأس بسخرية قائلة لحميدة : دي المرة يا حمودي جايب لنا شغالة فقر و عجوز يعني محد
حيقدر يستمتع فيها .
و من ثُم أمسكت بيد حميدة و هي تسحبها للداخل و تقول لها : الحين حتشوفي الحاجة المميزة بدي الحفلة عن بقية الحفلات القديمة .
مشيتُ من ورائهم دون أن تُحس الفتاة و قد كانت أنظار المسترجلات و الليديات مصوبة اتجاهي حيثُ أني كنتُ مغطاة بالكامل لا يظهرُ مني
شيء ، و حالما دخلت رفعتُ رأسي و أنا أنكرُ ما سمعت تراجعتُ خطوةً للوراءِ بخوفٍ و هلع بينما بقيت عينا حميدة الخائفة بعيني
و الليدي تقول بدلعٍ لا مستساغ : الحفلة مكس انتا دايمًا ترفض دي الحفلات هادي المرة جيتها برجولك و صدقني حتعجبك كتير .
و إذا بصوتٍ عالٍ من الخارج : الشرطة جااااات الشرطة جاااات .
و عمّت الفوضى المكان .


***


باعتراض : لا يا أبوي خلي معن يتحمل غلطه بالكامل أنا لا تدخليني بأغلاطه .
برجاء : يا ناجي الله يهداك مب عشان أخوك و لا مسود الوجه حتى أنا ما أبي أساعده لكن يا أبوك ذول ناس اسمهم معروف بالبلد
و يوازي اسمنا يعني بتصير سيرتنا على كل لسان و حتى إن سكتوا يوم تحط البنت ولدها ساعتها بيثبتوه بالتحليل النووي و بنضطر
نلم البنت و طفلها لنا و بننفضح في الصحف و بيخرب بيت عُطرة بنت عمتك رحمة الله عليها ، ما به حل يا أبوك إلا إنك تجهضها ما نقدر
ناخذها لأي مستشفى لأن اللسان فالت و بينتقل خبر الاجهاض من دكتور لدكتور و بعدها الكل بيعرف
يا أبوك سهلها و أنا أوعدك كل أجهزة المستشفى و الاحتياجات بجهزها لك بمكان آمن أجهض البنت و خلنا نرتاح من هالبلى .
أغمضتُ عيني و بتصبيرٍ لنفسي : لا إله إلا الله .. يا أبوي أنا بحياتي ما قمت بإجهاض أي وحدة لأنه مثل ما تعرف هالشي ممنوع عندنا
أخاف يصير للبنت شي ساعتها تأنيب الضمير بيلحقني ﻵخر لحظة بعمري ما أبي أعصيك يا أبوي و أخرج عن شورك لكنه غلط معن و أنا ما
لي دخل فيه .
رفع حاجبه قائلاً : هذا آخر كلام يا ناجي .
حركتُ رأسي بالموافقة .
فإذا بهِ يعودُ بظهره لخلفية الكرسي و يرتاح و بهدوء : ما كنت أبي أخوض هالطريق معك يا وليدي لكنها الحاجة ، مارسة قالت لي
أنها شافتك يوم تدف عُزوف على الدرج و عُزوف الله يجزاها خير حطت اللوم بنفسها لكن بكل بساطة تقدر مارسة تروح و تكون شاهدة و تقول
أن عُزوف دافعت عنك لأنها تحبك و ﻷنك زوجها ساعتها مافي شي بيشفع لك بتقول أنا ما قصدت و كان بالغلط و الحمدلله هي على قيد
الحياة لكن لا تنسى الطفل الي مات و ما له أي ذنب القانون بيحاسبك عليه .
لم أستطع استيعاب ما ينطقهُ أبي ، أهذا تهديد ! تهديدٌ من أبٍ لإبنه أهل يُعقل هذا ؟! ، لم أعتقد و لو لمرةٍ واحدة أني سأتلقى
تهديدًا من أبي و بالسجن على حسابِ السمعة و رضا الناس التي لا تُدرك !


***

الساعة العاشرة و النصف ليلاً , بصوتٍ حادٍ صارم : أعيد كلامي وش دخلك بهالحفلة .
ابتلعتُ ريقي و بمصداقية : والله يا حضرة الضابط ما لي دخل بهالحفلات و لو تلاحظ أنا أكبرهم عمر .
ضرب بأصابعه الطاولة : طيب حلفتِ بالله و بحاول أصدقك لكن كيف دخلتيها إن كان ما لك دخل فيهم .
مسحتُ كفاي ببعض : يوم دخلت الحفلة كنت اظنها للبنات بس و تفآجأت بإنها مختلطة والله إني كنت ببلغ بعد خروجي حتى تمسكون
هالبنات لكن الظاهر في أحد بلغ قبلي .
بإهتمام : أها و جينا للمهم دخلتِ حتى تبلغي بعد خروجك على البنات بحكم إنهم شاذات وتفآجأتِ بإن الحفلة مختلطة طيب من البداية
ليش دخلتِ ؟ ايش الي حدك ؟ كان يمديك تبلغي بدون ما تدخلي .


*


على الطرفِ الثاني ، بإندفاع : صدقني عُطرة مالها دخل و أنا متأكدة إنكم الحين لو سألتوها ممكن تعطيكم شوية حقايق بس مو كل شي
أنا عندي كل حاجة ممكن تفيدكم عُطرة هاذي انسانة ساعدتني في إني أغير من نفسي و فعلاً أنا بديت بالتغير و ابتعدت عن البنات
و المسترجلات الي كنت أجلس معاهم لكن تالين أكثر من مرة تتصل علي و تناديني على ذي الحفلة و كنت رافضة لكنها هددتني بصور
فاضحة لي بأنها بتوريها لأخوي و لأني وعدت عُطرة بإني أخبرها بكل شي اضطريت أقول لعُطرة عن ذي التفاصيل أصرت عُطرة إنها تجي معاي
للحفلة و إني أول ما آخذ صوري من تالين نخرج و نبلغ على الحفل اتفآجأنا من شيئين الأول إن الحفلة مختلطة أكثر من مرة البنات
يصروا علي أحضر هالحفلات لكني أرفض و يشهد ربي علي صحيح إني شاذة لكن ما سبق علي و حضرت مثل هالحفلات أبد و عُطرة ما لها
بعالمنا أبد و هي أكيد خايفة علي و ما بتعترف بهالتفاصيل عندكم لكن أنا ما أقدر أظلمها أنا مذنبة و بتحاسب لكن هي خليها تروح
لبيتها و عيلتها .


*


بحقد : ايوا أنا الي ناديتها للحفلة تستاهل الله ياخذها الله لا يوفقها لا دنيا و لآخرة أنا صح كنت أحب أمارس السحاق مع البنات لكن
كنت اشترط عليهم إنهم ما يتعرضون لشرفي لكن هيا خربتني الله يدمرها و أنا أكتر من مرة أناديها على بارتات زي كدا لكنها ما ترضى
تجي و اضطريت مرة أصورها عشان أهددها بالصور و فرحت كتير لما جات كنت أبغى الشباب يعتدوا عليها عشان تنطفي النار الي جواتي .
و الذي لا تعلمهُ تالين أن حميدة قد فقدت شرفها على يدِ مسترجلة أخرى ، شهوة تتفجر بنفس مراهقة لم يرقبوها أهلها تركوها تفعل
ما تشاء بعنوانِ الثقة و لكن هذه المرحلة العمرية بحاجة للعناية و الرقابة دون إشعار المراهق أو المراهقة ففي هذا العُمر تكون
الشخصية كالعجين و على الأهلِ تشكيلها بالشكل الصحيح ، لم يعتنوا فسلكت طريقها كيف تشاء بدأت بشهوة طفيفة كبرت و صارت سحاق
و من ثم ضياع الشرف لتستيقظ حينها المراهقة من غفلتها و لكن بعد فوآت الآوان و لأنها ربت ذاتها بذاتها لا تعلم ما يجب فعله
فتتخذ من الانتقام سبيلا .


*


أطلقوا سراحي فسألتُ و الخوفُ يتملكني اتجاهها : و حميدة ؟
قال بأسف : بتبقى في التحقيق يا مدام عُطرة تفضلي .
أخفضتُ رأسي و ما أن خرجتُ من حجرةِ التحقيق حتى أشهق بخوف من اليد التي تمسكت بيدي و ما أن رفعتُ عيني حتى سقطت على معن الذي
يضمُ حاجباه لبعص و علامات الغضب ترسم ذاتها بوضوح بين تفاصيلِ وجهه ، و بصوتٍ حادٍ منخفض : آخرتك تجرجرينا بالمراكز ، امشي قدامي امشي .
يالله صبرًا جميلاً ، الآن لن يسكت و سيظل يتذكر هذا اليوم ﻵخر لحظةٍ بعمره ،
ركبنا السيارة فإذا بهِ ينظرُ إليّ بغيض : في وحدة عاقلة تدخل حفلة ما تعرف وش داخلها ؟!! ، و بعدين سيبيكِ من دور الطيبة هذا شوفي وين وداكِ اشلك و اشل قليلة الحيا هاذي .
نظرتُ له بسخرية : ما إنت أحسن منهالا تعطي نفسك أكبر من حجمها .
أمسك يدي بشدة وضغط أظافره بيدي يحفرها و يُوثق جرحًا من جروحهِ بجسدي كما العادة ، بينما أنا بقيتُ صامدة و دمعة تدحرجت من عيني
لا أدري من ألمِ يدي و لا من ألمِ زوجي و لا وجعي على حميدة أو من صدمتي لدخولي لهذهِ الحفلة أو وجع أحد عشر سنة تجمع بدمعة ! ،
كثيرًا ما سمعتُ عن أناسٍ كان نصيبهم كنصيبي اليوم دخلوا لحفلة بإعتبارها محتشمة للنساء ليُصدموا بأنها مختلطة و تأتي سيارة
الشرطة تقبضُ عليهم بلا ذنب لكني لم أتخيل أني سأواجهُ هذا الموقف ، لربما موقفي أفضل منهم فأنا دخلتُ الاحتفال بإعتباره احتفال
فجور أما هم دخلوه بإعتباره احتفال محترم و صُدموا بأن الصديقة أو القريبة التي نادتهم للاحتفال ما كانت إلا عدوًا لدود ! ،
فحذاري حذاري من دُنيا خلت من الآمان .


***


بصباحٍ يومٍ جديد بتمام الساعة العاشرة صباحًا ، جاء الضابط أحمد سلمتُ عليه
و سألتُه عن سبب مجيئه ، فأجاب : تعال معاي يا أغيد و تعرف .
بقلق : صاير شي للكاسر ؟
ابتسم بمودة و بهدوء : والله ما فيه إلا كل خير و الكاسر بنفسه هو من قال لي أجيك .
مضيتُ معهُ و أنا لا أدري ألى أين قد يأخذني بالصباحِ الباكر .



***

منذُ أن سمحوا لها بالخروجِ من المشفى و أنا ألحقهم بسيارتي ، و قفوا أمام باب المنزل نزلت أمي ساجدة و خالتي عُشبة يُساعدانها
بالنزولِ من السيارة توكأت بيدها على كتف أمي و اليد الأخرى تشبثت بيدِ خالتي عُشبة دخلوا للمنزل فلحقتهم بعد مدةٍ قصيرة صعدوا عن
طريق المصعد أما أنا صعدتُ بالدرج توقفت أمام الجناح و كُلي شوق لرؤيتها سأطلب منها الغفران و ستغفر لي فهيّ ذات القلب الطاهر
الطيب النقي ، هيّ لا تعرفُ معاني القسوة و الجفاء و كُل مصطلحٍ بحياتها يرتبط بالمسامحة و العفو ، توقفتُ أمام حجرةِ النوم
و ابتسامة تُرسم على شفتاي بمجردِ دخولها عادت الحياة انتعش قلبي و انفرجت أساريري ، و قبل أن أخطو الخطوة الفاصلة حتى أصير
بحجرةِ النوم سمعتُ صوتها المبحوح المُتعب : كل أغراض ناجي أنقليها لغرفة من غرف الضيافة سواء ملابس أو أغراض مكتب لا تنسي و لا شي
ما أبيه يتعذر و يدخل الجناح ، و خالتي ساجدة و عُشبة و أختي عُطرة قوليلهم إني بنام لا يقلقوا علي .
لتُجيب الخادمة : حاضر مدام .
تراجعتُ ألف خطوةٍ للوراء لأجدني خارج المنزل و بسيارتي كما كنت ضربتُ رأسي بالدركسون و أنا أردد : أستاهل والله أستاهل .


***

وصلنا إلى منزلٍ متوسط الحجم و حولهُ ضُباط يحرسونه ، أمسك بيدي فمشيتُ بجانبهِ و إلى الآن لا أدري إلى أين سيأخذني ،
أخرج أحد الضباط من جيبهِ حلقة مفاتيح كبيرة و فتح الباب بأحدها
نظر لي أحمد مطولاً و من ثم ابتسم قائلاً : ادخل .
عقدتُ حاجبي ، و تقدمتُ بخطواتي حتى تصلني أصواتٌ متفاوتة إنها أصواتهم !


***




إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم السبت أو الأحد .



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 06:15 AM   المشاركة رقم: 402
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي






الجحيـــم


(59)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **










وصلنا إلى منزلٍ متوسط الحجم و حولهُ ضُباط يحرسونه ، أمسك بيدي فمشيتُ بجانبهِ و إلى الآن لا أدري إلى أين سيأخذني ، أخرج أحد الضباط
من جيبهِ حلقة مفاتيح كبيرة و فتح الباب بأحدها
نظر لي أحمد مطولاً و من ثم ابتسم قائلاً : ادخل .
عقدتُ حاجبي ، و تقدمتُ بخطواتي حتى تصلني أصواتٌ متفاوتة إنها أصواتهم !

و أعلاهم صوتًا و حضورًا هزيم ، تحجرت عيناي عليه فتح ذراعه فاحتضنتُه مسح على شعري بيده اللامبتورة : كيف حالك يا بطل ؟
ابتعدتُ عنه قليلاً و أنا أنظر للأرضِ بخذلان : سامحني يا هزيم لأني ما قدرت أخرجكم و الله يو..
قاطعني و هو يربت على كتفي : لا يا أغيد لا تتأسف على شي و المهم إننا انفكينا منهم و الحين تحت حماية الأمن بيحاولوا يحققوا مع
حمدان
قاطعتُه متسائلاً : مين حمدان و كيف و صلتوا للأمن ؟
نظر للضابط أحمد من خلفي فحرك الضابط أحمد رأسه نفيًا حينها أجاب هزيم : لسى أحمد ما حكاك شي المهم حمدان ذا الي بتر ايدينا الله
لا يسامحه و لا يحلله لا دنيا و لا آخرة المهم بيحققوا معاه و بيشوفوا إذا يتذكر أهالي بعضنا أو لا ، و بينزل خبر بالجرايد عننا
مع صورة كل واحد مننا على أمل إنه أهالينا لما يشوفوا الخبر و يشوفوا الصور احتمال مننا من يكون يشبه لابوه أو أمه كثير
فيعرفوه من الملامح و تحليل الحمض النووي بيأكد لهم إن كان ولدهم أو لا و بكذا إن شاء الله يقدر بعضنا يحصل أهله و البعض يرضى
بقدره و نصيبه و يحمد ربه إنه إنفك أسره من الحقير حمدان الي أفنينا طفولتنا و شبابنا عشان نشبعه فلوس ، " أردف مبتسمًا :
تدري عاد سوينا فليم و العالم تطالعنا .
فنظرتُ من حولي لأرى مبتوري الايدي مبتسمين منهم من أعرفهم و منهم من لا أعرفهم و يظهرُ أنهم مبتورون مراقبهم رجل غير سمحي سلمتُ
عليهم و تبادلنا الضحكات و لكن بعد مدة اقترب الضابط أحمد مني قائلاً : يلا يا أغيد لازم نرجع الحين بيجون ضباط ثانين يحرسون
المكان و إن شافوك بيحتجزوك و ما بيرضوا يخرجوك أما ذول أنا متفق معاهم .
عقدتُ حاجبي و بإبتسامة : طيب وش فيها خليهم يحتجزوني مع أهلي و ناسي هنا راحتي و راحة بالي .
رفع كتفه للأعلى : والله مدري يا أغيد لكن الكاسر طلب مني أردك للبيت فخليني أرجعك و نستأذن منه إذا تبقى معهم و أن رضي رجعناك .
قال هزيم متدخلاً : ارجع يا أغيد شم لك هوا و عيش حياتك و كلنا بإذن الله بنخرج و نلحقك يلا روح .
ابتسمتُ له بمودة و مضيتُ مع الضابط أحمد ، سأعود ولكن ليس لأجل الكاسر و لا لأجل الحرية سأعودُ لأن بذلك المنزل أسرارًا سأفتحُ
أوراقها و أُضمد جراح أهلها ، أنا قادمٌ يا ظانع كُن بانتظاري .


***

الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , تنهدتُ بضيق و أنا أرى رقم أبي الذي يضيءُ على هاتفي المحمول بالمكالمة السابعة على التوالي ،
ما دخلي أنا بأخطاء غيري ! ، نعم هو أخي و لكن أخطأ خطأً فادح و لو أخطأ غيره ذات الخطأ ببناتنا فلن نرضى فلما نكون ظالمين
و نرضاها لابنة الناس فليتزوجها و يستر عليها و يتوبا توبةً نصوحة إلى الله ، أما عُطرة فأنا أعلم أنها دائمًا تتشاجر مع معن و على
اتفهِ الامور حياتهما منذ ُزواجهما لهذا اليوم لم تستقر لذلك قد يكون زواجه بغيرها راحةً لها و لا أعتقدُ أن عُطرة صغيرةَ عقل حد
أنها ترفض أن يستر على الفتاة بل على العكس هيّ لا و لن تقعد مع زاني سترفض معن و هذا ما يهابهُ أبي رددتُ عليه ليستقبلني صراخه :
وينك عن الجوال ، ما صارت متصل عليك سبع مرات .
ببرود : هذاني رديت يا أبوي .
بأمر : اسمع يا ناجي اليوم تجهض البنت و نرتاح من هالعنا.
بإعتراض : يا أبوي خرجني من هالسالفة و البنت حصلوا أي دكتور يجهضها و أعطوه فلوس تسكته لمن مماته أما أنا وراي زوجة أبي
أبني معاها أسرة أبي أراضيها و ما أبي شي يخرب بيننا هالموضوع لو شمت ريحته الشرطة ساعتها حياتي بتخرب .
بتثبيطٍ لي : و هي من هالحين خاربة حسبالك عُزوف بترضى ترجع لك بعد ما قتلت ضناها إلي لها سنين تنتظره ! ، إن ما أجهضت البنت
اليوم فأنا بخلي مارسة تبلغ عنك وقتها بتمسكك الشرطة الله أعلم كم شهر أو كم سنة بتكون كفيلة في إن عُزوف تخليك نسيًا منسيا بتكون كفيلة
في إنها تبعد بينكم أكثر و أكثر دام إنك بتغيب بوسط وجعها منك
هي محتاجتك إنت تداويها مثل ما جرحتها الجروح ما تبرى يا ولدي إلا على يد الجارح ، أجهض البنت و هي بتروح حالها حال سبيلها
و احنا حالنا حال سبيلنا و محد دري عن شي كون عون يا وليدي .


***



لقد كانت كرامةُ فتاتي " مي " فوق كلِ شيء على الرغم من أنها كانت تعتقد أن نائل والدها و ميرنا و الدتها إلا أنها لم تخنع لهم
و تبكي تحت أرجلهم توسلاً بأن يضموها بجانبِ أخيها الذي لا يكون أخاها بالفعل و لكنهُ ابنٌ لهم و هيّ تعتقد أنه أخاها ، هيأَ لها عقلها
أنهم لا يحبون البنات لذلك تركوها ذليلة على قارعةِ الطريق لآقت من المضايقاتِ ما لآقت لا طالما بكت و بكيتُ بداخلي عليها لأني السبب
جئتِ بالحرام يا " مي " و ها أنتِ تتعذبي و السبب خطأ والديكِ أعتذرُ لكِ صغيرتي و سأظلُ أعتذر لآخر يومٍ بعمري ، انقشع الستار عمّا
أخفيهِ عنها يوم ضاقت بها الدنيا و لم تسعها الأرض عندما صارت تمشي و الفتيات يتهامسن عن سبب ترك و الديها لي ، حتى جاء اليوم
الذي سمعت بهِ " مي " أني كنتُ قديمًا أعملَ بكباريه حينها دافعت عني فتاتي لآخر لحظة حتى ذرفت دموعها و راحت تجري لمنزلِ ميرنا
و نائل ، رنت حينها الجرس و انتظرت قليلاً حتى فُتح الباب من قبل أخاها بكل جنون اندفعت إليهِ و هي تسحبُ شعره و تبكي : بيحبوووك
ليه ليه ؟ هوا ايه الي انا عملتو علشان يكرهوني كده !
بهذه الاثناء خرجت ميرنا من حجرتها مفزوعة من علو الصوت لتسحب ابنها بعيدًا عن مي و تصرخ عليها : بتمدي ايدك عليه ليه روحي من
مطرح ما جيتي .
ثبتت مي بمكانها بجمودٍ و عناد : لا مش هروح و هدخل البيت ده و هعيش معاكو لما أموت ولا هوا بس ابنك و أنا بنت الشارع .
انفجرت حينها ميرنا و رمت بسرِ السنين : آه انتي كده انتي بنت الشوارع و الفجور انتي بنت شكران الرئاصة انتي مش بنتي و ياليت
ما اشوفش وشك بالحتة دي ابدا و دلوقتي روحي و خلي الفاجرة تفهمك انتي ازاي جيتي للدنيا دي .
كم كان مؤلمًا دخولها للمنزل منهارة بخطواتٍ مترنحة و دموعٍ منهمرة بلا توقف و ملابسٍ رثة و ركبةٍ مجروحة بسبب سقوطها
في أرض الشارعِ أكثر من مرة , كانت لا تستطيع التحدث عيناها متحجرة عليّ وحدي اقتربتُ منها بخوف أحادثها امسح دموعها أحركها
كانت كالدمية تتحرك دون صوت أعقم جرحها و هي تنظر لي بنظراتٍ لم أجد لها أيّ تفسيرٍ و قتذاك ، لتنطق بعد مدة : اوحش حآقة بالدنيا
الكدب لما بنكدب سنين و سنين و نخبي أسرار كتير و الاوحش من كده إنو الي بيخبي عليك السر ده اعز وآحد ليك ساعتها تفكر و تفكر
علشان تبرر لي الي عملو فيك بس إزاي هتسامحو و هوا جرحك كتير ، إزاي هسامحك يا شكرآآن إزاي هسامحك .
ابتلعتُ ريقي بخوف و قد خمنتُ أنها علمت نعم علمت لكني نفضتُ تلك الفكرة و بكل أمل قلتَ لها متسائلة : ايه الي بتئوليه يا مي ؟ انا مش فاهمة حآقة .
أشارت لي بإصبعها السبابة : لا انتي فاهمة و أوعيك تكدبي إنتي فاهمة كويس الي انا بئولو و هتفهميني أنا إزاي اكون بنتك و كيف
جيت للدنيا هتفهميني كل حاقة بدون كدب أوعيك تكدبي لاني ساعتها مش هسامحك ابدا .
طأطأتُ رأسي أرضًا و انهمرت دموعي رغمًا عني ، يالله ما أقساها من لحظة فتاتي تجلسُ أمامي تطلب مني حقيقة مجيئها للحياة كيف لي أن
أقول كيف للحروف أن تخرج من شفتاي كيف لي أن أرفع عينيّ إليكِ مرةً أخرى كيف و كيف ؟ ، ستسأليني ما ذنبي أنا ؟ فبماذا اجيبكِ حينها ؟
أُجيبكِ بأن لا ذنبَ لكِ سوىّ أن والداكِ من شرارِ الأرض بأنكِ طاهرة و لدتِ من خبيثٍ و خبيثة ! أم أنك حرامٌ لم يرتكب الحرام بحياتهِ قط !
ماذا أقول و بأي اللغات أُعبر
حكيتُ لها و دموعي دمًا لا ملح حكيتُ لها و كُلي ندمٌ و حسرة حكيتُ لها و أنا أرى الخذلان بعينيها لم أستطع أن أمعن النظر بها أو أن
اقترب منها لأخفف عنها بعد تلك النظرة التي اعطتني إياها نظرة تحكي مقدار الخذلان الذي لآقتُه مني نظرة ميتة باهتة تمنيتُ لو ان
بيدي انتزاع الخذلانِ و الموت من عينيها لو أن بيدي أن أقف و أصرخ بأعلى صوتي إن كانت الأم خبيثة و الأبُ خبيث و طفلٌ بهِ جُل براءةُ
الارض وُلِدَ بالحرام فما ذنبه ما ذنبه ! و لكن كلها مجرد أمنيات صعبة التحقق هيّ تبكي ولادتها بالحرام و هي طُهر الأرض ! هيّ تنكسُ
رأسها أرضًا و تشعرُ بالنقصان أينما كانت و هيّ بها من الكمال ما يُضاعف من ولد بالحلال ما ذنبها إذًا أن تعيشَ طقوسًا ليست لها
ابنتي صغيرتي حبيبتي " مي " سامحيني و اغفرلي خطيئتي .


***




بتمامِ الساعة الثانية ظهرًا , كان بابُ الحجرةِ مردود وقفتُ بالخارج و أنا أسترقُ النظر ، تجلسُ على السرير نصف جلسة و على فخذيها
صينية بها الطعام و تجلسُ بجانبها أمي ساجدة تُطعمها بينما هي تهز رأسها بالرفض قائلة : لا يا عمة يكفي والله شبعت .
بينما أمي تنهدت بضيق قائلة : يا بنيتي الله يهداك أكل العصفور و انتِ بهالحالة يضرك و يصيبك بالتعب ، الله يرضى عليكِ فتحي فمك
و خلني ألقمك .
عبست بملامحها بطريقة طفولية جعلتني ابتسمُ رغمًا عني آه يا معزوفة ما أجملكِ ، نظرت لخالتي عُشبة التي تعطيني ظهرها برجاء : يا خالة بالله قولي لعمة ساجدة توقف والله شبعت .
حركت خالتي عُشبة رأسها بالرفض : والله يا بنيتي عذريني أكلك ذا ما هو بأكل .
عطفت شفتيها بضجر و بملامح طفولية عابسة : والله لو كان ناجي هنا كان وقف بصفي حكم القوي على الضعيف أمري لله .
تصاعدت ضرباتُ قلبي بجنون ما أن سمعتُ اسمي يخرج من شفتيها كمعزوفةٍ لا يُماثلها أيّ معزوفة و دون أن أشعر توكأتُ على الباب فاندفع للوراء حتى صار مفتوحًا
و استقرت عينا معزوفة بعيني حينها ابتلعتُ ريقي و بتوتر و انا افركُ شعر رأسي : آآ معليش كنت معدي اطمن على عُزوف آسف قاطعتكم .
حينها قامت خالتي عُشبة بعد أن عدلت حجابها قائلة : زوجتك يا وليدي و حقك تقعد معها ، انا خارجة .
ابتعدتَ عن الباب تاركًا لها مساحة للخروج ، بينما توقفت عيناي عليها و هي تنظرُ للحاف ، وصلني صوتُ أمي المستاء : تعال يا وليدي و لقم مرتك يمكن الاكل من يدينك يحلا .
حينها شهقت قارورة و هي ترفعُ راسها و تحركهُ بالرفض للحظة كنتُ سأقفُ بصفها و لن أطعمها مرآعاةً لها فهي لا تريدني بمقربتها
و لا أريدُ ارغامها فوقت تشاء ستأكل إلا أن الفكرة اعجبتني كثيرًا فقد لا تسمح لي الأيام القادمة بالاقترابِ منها لهذا الحد تقدمتُ
بخطواتي ، فنظرت لي بحدة نظرة اضحكتني كثيرًا لا تليقُ بكِ الجدية يا معزوفتي كتمتُ ضحكتي و ابتسامتي و اقتربتُ من السرير قامت أمي
من جانب معزوفة فقعدتُ بجوراها ملتصقًا فخذي بفخذها أخذتُ بالملعقة القليل من الحساء و وضعتها امام فمها ، و بحنان : يلا افتحي فمك يا حلوتي .
نظرت لي و من ثم نظرت أمامها بضجر و حركت رأسها بالرفض ، فقلتُ معاندًا لها : ما بقوم من هنا إلا لو فتحتِ فمك .
قالت بسخرية : هه ضحكتني مجبور تروح لشغلك .
رفعتُ حاجبي و قد راقت لي اللعبة أمام أمي : و إذا حلفت .
حينها نظرت لي وفتحت فمها برقة اقتربتُ منها أكثر و أنا أشعرُ بالضعفِ أمامها و بالكادِ أُجمعُ ذاتي و أتماسك شربت ما بي الملعقة
و هي تقطبُ حاجبيها بضيقٍ من الطعم ، ما أجملكِ من طفلة يا معزوفة ابتسمتُ و اتسعت ابتسامتي حينما عادت بزمِ شفتيها و بنبرةٍ مستاءة : خلاص ارتحت .
طوقتُ بيدي ذراعها العاري و بهمسٍ قرابة اذنها : لا باقي ما برتاح إلا لو خلصتِ كل الصحن .
حينها نظرت لأمي برجاء : عمة ساجدة شوفيه طفشني بالله يا عمة بس اليوم بكرة اذا سويتي شربة " اخذت ترفع سبابتها للأعلى " وعد والله وعد بشربها كلها بس الح
و قبل أن تُكمل لم أجد نفسي إلا و أمسك بأصبعها و أُقبلها قُبلةً مشتعلة ثم أُقبلها بخدها و ضرباتُ قلبي تُعلن عن الجنون على صوتِ ضرب الباب
رفعتُ رأسي لأرى أمي قد خرجت و وصلني صوتها من خارج الباب : عيال آخر زمن ما بهم حيا .
بينما سحبت معزوفة ذراعها من يدي و وقفت كالمقروصة و هي تضعُ يدها محل قُبلتي بخدها و بصوتٍ ما ببن الخجل و الغضب : ما تستحي على دمك كيف بحط عيني بعين عمتي مرة ثانية .
و ابتعدت عني حيثُ دورة المياه و هي تتحلطم و تفرك خدها لتمحي قُبلتي ، ابتسمتُ و بهمس : و لو كنتِ تدري إنه بيني و بين التهور شعرة وش كنتِ بتقولي يا لذتي بهالدنيا .



***


انتهت السنة الدراسية بهذا اليوم ، عدتُ للمنزل و رميتُ عباءتي أرضًا و استلقيتُ على السرير احتضنتُ وسادتي و كلماتُ أمي تتردد
أمام عيني ، آه يا أمي لو تعلمي كم من الآلآم قد قاسيت و عانيت كابدتُ كثيرًا و كافحت فوق طاقتي كأنثى بحاجة للحنانِ و العطف و حياةِ
لينة تنعم بها حتى لا تُخدش و لكني خدشتُ كثيرًا و عدتُ لتضميد جراحي بنفسي لأقف من جديد و ابتسم للحياةِ من جديد كم من مرةٍ ذرفتُ دموعي
على وسادتي و كم من مرةٍ احتضنتُ أخواتي و رسمتُ الابتسامة بشفاهن رغمّ وجعي كم من مرةٍ نعتُ منهن بالجنون و قليلةَ الحياء و كم من مرةٍ
قذفني معن بأرذلِ العبارات و بقيتُ صامدة يا أماه صامدة بوجهِ الصعاب كنتُ رجل عن الف رجل و سأكون كذلكَ حتى الممات ساساعدُ من حولي
و أرسم البسمة على محياهم و لكني أعدكِ يا أمي أن أكون سعيدة كما تمنيتِ أن أكون ، انقلبتُ بالجهةِ الاخرى و تغيرت أفكاري صارت
حيثُ حميدة تكون لا أدري يا حميدة ما حصلَ لكِ سأقفُ بجانبكِ لآخر لحظة مادمتِ تبتِ للهِ توبةً نصوحة سأقفُ و اصفقُ تشجيعًا لكِ مهما كانت
العقوبة التي سيطبقها القاضي عليكِ سأكون بجانبكِ و أساندكِ و أشدّ من أزرك فأنتِ عشتِ اليتم كما عشتُها انا الفرق الذي بيننا أنكِ
ضعفتِ للدنيا بينما أنا وقفتُ بوجهِ الصعاب و كما وقفت سأجعلكِ تقفين شموخًا و عِزة
سمعتُ صوت الباب يُفتح و تسابقت رائحة عطر فاتحهُ إلى أنفي و من غيرهُ يدخلُ للحجرةِ بلا إذن إنهُ سفاحي تظاهرتُ بالنوم ، اقترب مني
شيئًا فشيئًا حتى جلس بطرفِ السريرِ بجواري همس بصوتٍ مبحوح : لو تدري شكثر أحبك و شكثر أغليك يا عُطرة أنا أتنفسك أعشقك إنتِ وطني
عيونك المنفى و الوجود عيونك بحر غريق صوتك آمآن و ضحكتك آه من ضحكتك تهزني و ما تبقي فيني عقل ، تدرين أمس كان ودي أضربك و
أضربك و أظل أضربك بمجرد أتخيل إنك دخلتِ لذاك الحفل و فيه كم حقير طالعك حتى لو كنتِ بحجابك غيرتي تقتلني قعدت اتقلب بالسرير
طول الليل خاطري أمد يدي و أبرد حرتي لكني تراجعت خوف إنك ما تغفرينها لي ، تدرين يا عُطرة إنتِ حلمي و كابسوي بهالحياة إنتِ
حلمي زوجة و يوم حصلتك طلعتِ كابوس كرهني بكل حريم الأرض لكن يشهد ربي كرهتهم كلهم إلا إنتِ إنتِ الغلا و غلاك حرقني و همشني من
الوجود دخلت لمنفى عيونك و بهالمنفى حاربت حتى أخرج منه حاولت أخرج بعيد عنك لكن ما قدرت عجزت أخرج و كل ما أخرج آلاقي بمنفى
عيونك برآءة تخالف الواقع عجزت أبعد كنت ضعيف قدامك و ضعفي سحبني للانتقام ايه انتقام المفترض يحرقك لكنه حرقني ! وجعني !
صرت زاني يا عُطرة ، صرت أمثل القذف الي وجعتك به ! ، مادريت كيف عاقبت نفسي بذنب قذفي لك كل شي رجع علي ، قلت بنتقم من حواء
هي ما تستاهل تعيش و لا ليوم رحت انتقم أوجعت حواء و أوجعت نفسي و رجعت ألاقيك شامخة رميتِ بوجهي ورقة انكتب بين سطورها إنك كنتِ
طفلة ، أي منفى هي عيونك شعوذة و سحر ما انفك عني أي منفى هي عيونك متاهة ضعت فيها متاهة كنت أدور فيها عن نفسي ما حصلت إلا
الجنون جنون الحب جنون العشق زنيت معها حتى أحرقك لكني انحرقت ما تدرين شكثر أنا موجوع انقلب بفراشي طول الليل و تفاصيل ليلة
الزنا تنعاد بذاكرتي الدناءة الي وصلت لها تقتلني و أنا حي ، أي عقاب ممكن يكون أشد من تأنيب الضمير أي عقاب ممكن يوازي الوجع
الي يكويني عُطرة إن كان جرحتك مرة فتراني أذوق الويل و المُر ألف مرة .
مرر يده على ذراعي فانتفضتُ من لمسته و أبعدتُ يده عني و جلست و أنا أبعدُ شعري عن عيناي خلف اذني بينما هوّ نظر لي مبتسمًا :
كنت أدري إنك صاحية و كنت أبيكِ تسمعين كل حرف و كل يوم بعلمك شكثر عيونك منفى ضيع هوية معن جلد معن جلدة مستحيل ينساها جلدة
بتبقى معاه للآخرة شكثر حبك وجع هالقلب .
نظرتُ لهُ بسخرية و أنا ابتعدُ عن السرير و أُشير لقلبي : مين فينا الي وجع الثاني لا تتصنع دور المظلوم البريء محد قاسى و لا احد
ذاق العنا كثري محد بكى و لا أحد ذرف الدموع كثري ، الوجع الي تتكلم عنه إنت كنت السبب فيه أنا ما أرغمتك تزني ببنت الناس إنت
من خطيت لجحيمك برجولك كان قدامك الحلال و رضيت بالحرام حتى تحرق الحلال لكن اكتشفت مؤخرًا إنك إنت إلي انحرقت و اتجرعت سموم
لسانك كيدك انرد بنحرك يا معن لكن هالشي ما يكفي عُطرة و لا يطفي غليلها عُطرة ما كانت تتمنى إنك تُمر بهالظروف لكن تمنت يوم تظهر
فيه براءتهاو تقوم قدامك و راسها مرفوع و تقولك ظلمتني يا معن و عمرك ما استحقتني توقف قدامك و تطالع فيك باستصغار و أنت
عيونك تطلب منها المغفرة لكنها ما بتغفرلك خطيئتك صبرت عليك و عانت كثير و قلبها ما هو بواسع حتى تغفرلك قذفتها و طعنتها
بشرفها و هي بريئة حلفت بالله إنها شريفة و ما صدقتها جلدتها بيومها الأبيض و قلبت حياتها لسواد لكنها وعدت نفسها إنه بيجي يوم
و كل هالسواد بينمحي و يحل محله البياض و إنت بيكسيك السواد تدري وش العقاب الي بيطفي نار قلبي
العقاب الي يخليك تتوسل لي إن أرضى عليك و إنت بالفعل بتتوسل لي ، لان عطرة بريئة عُطرة كانت طفلة بعمر الخمس السنين أبوها
أخذها مع أمها لجدة حتى ياخذوا من السوق حاجتهم و يشموا هوا غير عن هوا القبيلة لكن صار شي ما كان بالحسبان عُطرة الصغيرة
أمها بحسب عادات القبيلة كانت ملبستها أسوار ذهب بيدينها طمع فيها واحد ما يخاف ربه ضحك على الطفلة قالها تعالي يا حلوة معي
و بعطيك ألعاب و حلويات ما رضيت بالبداية لكنه خرج من جيبه حلاوة و مدها لها ابتسمت فرحت و ضحكت زيها زي أي طفلة بريئة خرجت
معاه برا السوق تبي تشوف لعبتها لكنه سحبها و أبعدها عن أمها و أبوها سحب الاسوار من يدينها و السلسلة من رقبتها أخذ خاتمها و
حلقها و ليته اكتفى بالسرقة طمع بطفلة مالها ذنب سوى إنها طفلة جردها من ملابسها كان حيوان شهواني تجرد من معاني الانسانية
أخذ شرفها و يوم صحت عُطرة بكيت و بكيت و هو جن جنونه يوم قرأ الجريدة و اكتشف إن عُطرة من عائلة لها اسمها و إنه الكل يدور
عليها حتى المطارات ما كان له مفر بيوصلون له بيوصلون له ازعجه صوتها كثير سحبها من شعرها و ضربها ضرب راسها بالجدار و فقدت
وعيها من قوة الضربة جن جنونه ظنها ماتت لكنها حية ترزق ليتها ماتت ليتها ما عاشت هالوجع كله يمكنها عاشت رحمة لاخواتها ما
أدري لكن نصيبها تعيش أخذها بالسيارة و طار فيها لنفس المركز رماها على الأرض رجعها لأنه خاف على نفسه بيمسكوه لا محالة لكن لما
رجعها بيشغلهم فيها و بينسون موضوعه ليوم أو يومين كفيلة إنه يشرد في اثناءها كفيلة بإنه يهرب و يترك من خلفه طفلة تعيش أحد عشر سنة
مظلومة تبكي بدل الدمع دم هو يضحك و هي تبكي يالله ما أقساها من دنيا قست و أوجعتني ، حضنتني لصدرها و هي تمسح على شعري تردد
اسمي بصوتها الحاني : عُطرة بنيتي نظر عيني اصحي جعل حياتي فدوة لك اصحي رجيتك لا توجعي قليب وميمتك .
صحيت على يدين أمي ناظرتها و ابتسمت حضنتها و حضنتني استغربت اسئتهم ايش صارلك ؟ ايش سوالك الي أخذك ما كنت فاهمة و عجزت
أفهم فظن ابوي إن الرجال كان طامع بالذهب و أخذه و تركني مع هذا كان فيه شك أن كان يبي مني بس الذهب ما كان أخذني معه ،
جات أمي بترفع شعري و انتبهت إن جبيني أحمر بشدة لدرجة ينزف دم طفيف خافت و أخذتني للمستشفى كشفوا على راسي و قالوا بنتك
تعرضت لضربة بالراس أفقدتها وعيها لفترة و احتمال تكون ناسية سبب هالضربة حاولوا فيني أتذكر لكني عجزت اتذكر بعدها بمدة جاني
أبوي بألعاب و حلويات جيت بنط من السرير و اجري حالي حال أي طفلة لكني ما قدرت كنت أحس بحرقان بالمنطقة التناسلية أمي طالعتني
مستغربة فقلت لها أشكي : يمه هنا يحرقني .
وقتها بكيت أمي و أبوي وجهه صار أسود ، أخذوني لدكتورة كانت مهمتها تكتشف إذا بنت الخمس سنين عذراء أو لا ، فحصتني و كانت
النتيجة سلبية البنت ماهي عذراء و اتعرضت لجرح كبير الي قرب منها كان عنيف و الظاهر جامعها أكثر من مرة ما رحمها و لا رحم
ضعفها ما قال طفلة ، عُطرة جرحها بياخذ سنين و سنين لمن يلتئم وقتها بكت أمي حتى أبوي ضعف و بكى حضن أمي و حضني و هو يقول
للدكتورة : كتبي تقرير توضحي فيه براءة بنيتنا .
و لبت الدكتورة طلب ابوي أخذوني أبوي و أمي لطبيبة نفسية بعد محاولات طويلة قالت لهم الدكتورة بنتكم فوق ما إنها متعرضة لضربة
هي كمان متعرضة لحالة نفسية شديدة من الي عانته و صدمتها أفقدتها الذاكرة هي تذكركم تتذكر كل شي قبل الحادثة لكن مستحيل تتذكر
الحادثة أو تتذكر الشخص الي سبب لها هالمعاناة يبغالها جلسات علاج طويلة ، وقتها بكيت أمي و قالت لا نذكرها يا أصل بهالوجع
خلي البنية تعيش طفولتها خلها ناسية أحسن لها واحنا ما بنقصر معاها و لا جاه النصيب رفعنا ورقة براءتها و رفعنا رآس بنيتنا ،
وافق أبوي و بقيت عُطرة بقوقعة نفسها بخوفها من الماضي بخوفها من المجهول كملت حياتها و هي تجهل وش ممكن يكون مستقبلها و للأسف
مستقبلها جمعها بانسان ما ينتمي للانسانية عرفت من تكون عُطرة يا معن ؟


***



الساعة الرابعة عصرًا , ارتديتُ ملابسي و عباءتي على عجلة ، ركبتُ السيارة و أمرتُ السائق أن يمضي حيثُ جنيني سيخرجُ من احشائي و يُفارقني ، الحمدُلله أن معن
سيساعدني و اليوم سيخرج من دخل إلى احشائي بالحرام على يد أخ معن و الذي يكونُ طبيب للنساءِ و الولادة ، أمي إن نجح الاجهاض و كتبَ اللهُ لي عمرًا جديدًا
فسأسعى لإرضاه جلّ جلاله دائمًا و أبدًا و أسعى لرفع رأسكِ بكل حين سأعيشُ لأُدثر ماضي السوء تحت حباتِ الرمال و إن لم يكتب اللهُ لي عمرًا
فسامحيني و لا تبكي عليّ فواللهِ إني لأستحقُ دمعةً و احدة تجرحُ خدكِ الناعم و آهةٌ تحرقُ حنجرتكِ المطلية بالذهب و سوادَ السهر تحت نورِ عينيكِ
لا تبكي و لا تتأوهي و لا تسهري لأجل من رضت بالحرام و مشت خلف زينةِ الحياة الدنيا عاشت لهوًا و لعبًا و لم تكترث لا لآخرة و لا لعارِ
الدنيا كل ما أرادتُه زينتها ، صدقت من لا يستحق و سحقت من يستحق دهست التربية تحت أطنانِ الارض و غزت أفراح الكون قلبها حينما
ضاجعتُه و لما استيقظت و انتهى كل شيء استيقظ الضمير و حلت أتراح الكون قلبها محل أفراحِ ليلة الامس ذاك الضمير المريض المنعدم
الأخلاق ليتُه وقف رادعًا لي بدل أن يكون درعًا حاميًا مزيف ، و ذاك الكاذبُ المحتال صاحب الكلماتِ الصادقة الكاذبة و الابتسامة
الحقيقة المزيفة ذاك الذي فضلتُه على الجميع ما هو إلا شيطان بصورةِ إنس لقد تبعتُ نار الشيطان و تركتُ من ورائي نور الملائكة
لذلك سأرضى بالعقاب أيًا كان سأرضى أن أعيش خانعة الرأس لأن الخنوعَ عنواني منذُ الليلةِ السوداء و لكن بخنوعي سأرفعُ رأسكِ يا أماه أعدكِ بهذا .



***




مرغمٌ أنا على ما سأفعل ، فلا حيلةَ لي لم أعتقد أني سأمرُ بموقفٍ كهذا أن يقف أبي ضدي و يهددني لإرضاءِ الناس على حسابِ وجع قلبي
و معصيتي و تأنيبَ ضميري ، لم أقوى على الرفض بعد رؤيتي لقارورتي التي خجلت مني فعاد ليّ الامل خجلها يعني حُبها لي يعني مدى
تأثيري عليها أخاف أن أغيبَ عنها عقابًا بالسجن لدفعي لها بالسُلم و فقدها لروحٍ تمكثُ بأحشاءها
و غيابي هذا يكونُ كفيلاً بزيادةِ الجروح و تجرد قلبها من الحُب اتجاهي فأعود بأملِ رضاها عني فأجدها تخلت عني لن أغيب و سأحاول
و إن بآءت كل محاولاتي بالفشل فسأفي بوعدي كما وفت هيّ بوعدها و استيقظت من نومتها التي خفتُ أن تطول لشهورٍ أو سنين لكنها
ما تعدت الايام و الحمدلله سأفي و أغيب عنكِ إن فشلت محاولاتي ولكن لا بد أولاً من المحاولة بلا يأسٍ أو قنوط .



*
*

أمضي بالأرض منكوس الرأس مذلولاً خانعًا نادمًا فاقدًا للحياة كشخصٍ منوم مجرد من الوعي الذاتي كدميةٍ متحركة بلا عقل ، لا قدرةَ لي على
المواجهة و طلبِ الغفران لا جرأةَ بي تسمحُ لي بالنظرِ لعينيها ، و الآن أمضي لدثر معصيتي ذنبي و ساديتي .



*
*


لا أدري بما أُلقبك بُني ، صغيري أم ذنبي و معصيتي أم طفل الحرام الذي مازال بأحشاءِ والدتهِ الخبيثة ، سامحني فليس بيدي سوىّ هذا
الحل ، و صدقني لو أنكَ عِشت ستعيشَ مذلولاً حاملاً لعارِ والديك ستُلقب بابن الحرام بمجتمعٍ لا يرحم و لا يتفهم صدقني يا معصيتي موتُكَ
رحمة و حياتُكَ عذاب فلتمت و تكون طيرًا من طيور الجنة غرد أعذب الألحان و كُن في النعيم و أنا سأعيشُ بجحيم الدنيا لإرضاءِ أمي
و اكمال مسيرةَ التوبة إليهِ سبحانهُ و تعالى إن شاء غفر و إن شاء لم يغفر ، استلقيتُ على السرير وسلمتُ جسدي ..


*
*


ضربتُ خدها و أنا أصرخ : أنهاار تسمعيني ، أنهاااار قومي ، أنهااار قومي قومي ترى ماتت معصيتنا ماتت يا أنهار أصحي أقولك أصحي .
نظرتُ لناجي و أنا أصرخ بجنون : ناااجي اشبها أنهار أتكلم اشبها .
أما ناجي فكان ينظرُ إليها بخوف و خطواته تتراجع للوراء تقدمتُ نحوه و أنا أمسكه من قميصه : اتكلم ايش فيها البنت اشبها .
حرك رأسهُ بالرفض وجسده يرتعدُ خوفًا : ماتت .




***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الأربعاء أو الخميس .



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 11:17 PM   المشاركة رقم: 403
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,032
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar   رد مع اقتباس
قديم 09-06-16, 06:49 AM   المشاركة رقم: 404
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي





الجحيـــم



(60)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **









يومين مضت و فتاتي أنهار غير متواجدة و لا أدري أين هي من بقاعِ الأرض ، في كلِ حين أذرفُ الدموع أناجي و أدعو الله بأن يردها لي سالمة
أينما كانت ، حتى جاء هذا اليوم الذي انقلبت بهِ الموازين ظهور خبرٍ بالصحيفة أثار الضجة و اهتمام الناس و رناتُ نوالٍ على الجرس
و دخولها منهارة : خالة غزال البنت الي بالجريدة انهار متأكدة إنها أنهار .
نظرتُ لها بلا استيعاب ببهوت و ما أن أستوعبت حتى وقفتُ أنظرُ لها و أهز رأسي أفقيًا رافضة لفكرة أن تكون قد رحلت إلى البارىء ،
بينما تابعت هي و قد خارت قواها و افترشت على الأرض : أنهار هاذي أنهار حسبي الله علي و على غباءي أنا السبب و الله أنا ،
كانت تبكي لأنها حامل بالحرام قلت لها روحي له و أجهضي أو خليه يستر عليك كانت خايفة منه لكني شجعتها ليتني ما شجعتها ليتني
ما نصحتها قتلوها الله أكبر عليهم قتلوها .
اقتربتُ منها و هززتُ كتفها : نوال ايش الي تقولينه اتكلمي كويس و خليني أفهمك ، نوال لا تقولي بنتي زانية بنتي ما تسويها و الي
بالجريدة ما هي بنتي هاذي الجثة مو واضح فيها شي و طالبين من الي فاقد له بنت يجي يتأكد بتحليل ال Dna أكيد بنتي تبي تشم هوا
بعد الظروف الي مرت فيها و بترجع صدقيني بنتي ما ماتت ’ ما ماتت .
بقيتُ أُردد " ما ماتت " و قد جلستُ بجوارها أبكي و قلبي يقول أنها قد ماتت و مات العار معها .


***


قبل يومين ، بانهيار : يا ليتني ما طاوعتكم ماتت البنت على يدي قلت لكم أنا ما لي دخل أي دكتور يتكفل بالاجهاض و شبعوه فلوس
" و بلوم و سبابتَه تُشير إلى أبي " كله منك يا أبوي هددتني عشان ترضي العالم حتى لا يقولوا الناس ولد عبدالقوي زاني و مصيبتكم
كلها طاحت فوق راسي و لا هالبنت المسكينة وش ذنبها يالله بيقعد ضميري يأنبني عليها طول العمر ، يارب إنت الأعلم بالنوايا سامحيني
يا رحمن و اغفر لعبدك الضعيف .
ضربتُ بيدي على الجدار و بوهن : لا تلوم نفسك يا ناجي أنا الي الغلط راكبني أنا السبب بكل هالقصة .
بانفعال و هو يقتربُ مني و يسحبني من الجدار و يبدأُ بضربي بجنون بينما بقيتُ واقفًا كالجماد : وش يفيد فيه كلامك الحين بترجع تعيش
ما بيرجع شي و أنا صرت قاااتل قاااتل يالله رحمتك بعبدك .
بينما أبي الصامت منذُ البداية نطق قائلاً بهدوء : كل شي بيموت مع موتتها لعل في موتها الخير ، هالحين تخرج يا معن و تآخذ
البنية و ترميها بالصحرا حتى يقتربها الشرطة بتدخل للطب الشرعي و تطلع النتيجة توفت والسبة تعسر في عملية الاجهاض و بتطلع
للصحف و بينكتب أي عائلة مفتقدة هالبنية تقرب و تتأكد ، و هالحين أريدك يا معن قبل رميها تقطع الشك باليقين أبيك توصل لشعر
من أم البنية و بنآخذ من شعر البنية و بنقوم بتحليل الحمض النووي بالخارج و هالتحليل له كثير اجراءات معقدة و ما يتم إلا
بموافقة الأم و الأب لكن الرواشي تسكت الألسنة و تدحض اجراءاتهم .

لينطق ناجي مستهزئًا : على بالكم الشغلة سهالات الفحص يحتاج ما يقارب ال 15 يوم حتى يظهر و إذا إنك زودت لهم بالفلوس يبغالهم أسبوع .
لينطق أبي ببرود : ما يهم أساسًا أنا متأكد إن هالبنية ماهي ببنيتها هي و زوجها السابق استمروا سنين مع بعضهم يحاولوا إبها
انجاب طفل و فجأة ظهرت إلهم بنية على الاغلب ماهي ببنيتهم و يومك ترمي إبها بالصحرا وميمتها ما بتقرب صوب المراكز العسكرية
القانون بيعاقبها على الهوية المزورة للبنية و غير كذيا هي ما بتقدر تثبت إنها وميمتها و إلها علاقة إبها .
بلا اقتناع : يا أبوي ما هو بمبرر هالكلام هذاهم ناجي و مرته سنين مع بعضهم و ربي ما رزقهم و ما شاء الله قريب مرته سقطت
و إن شاء الله ربي بيعوضهم ، ممكن أمها و أبوها كانوا يعانوا من هالشي ثم ربي رزقهم .
بلا اهتمام : والله يا وليدي إنت من تريد تعقيد الامور و لا إهي سهلة و بتنحل إن شاء الله و ماقدامك إلا هالحل .


ليكن ما أراده أبي ، أخذتُها بسيارتي مستلقية بالخلف يغطيها غطاءٌ أبيض لا يُماثل لونه سواد ما فعلناه ، يالله لم يعد بي طاقة أراها
ميتة أمامي كما تمنيت كما بيومٍ نطقت لو أن بيدي سحق نساء الأرض لسحقتهن تحدثتُ و كأني سفاحٌ لا يرحم و عندما صار حديثي واقعًا
وجدتُ ذاتي ضعيفًا و عرفتُ قدرّ نفسي ما أنا إلا إنسانٌ واهن ليس بحقه قتلُ روحٍ إرتضاها الله أن تعيش سقطت و دموعي و صار الطريقُ أمامي
ضباب ، دناءة تغرقني و تُدمي قلبي يكسوني السواد زانٍ و قاتل سامحيني يا أنهار لقد بدأت اللُعبة مني أنا من اقتربتُ منكِ
و أشغلتُ تفكيرك ومن ثمّ لوثتُها صارت سوداء وعثت أقدامكِ بما لا يرضاهُ الله أن يكون ، اغفرلي يالله فقد فاض الوجع و تصاعد الندم
و تكاثفت الحسرة

تائبًا انا يالله مخلصٌ لك وحدك لا مراءً لإرضاءِ الناس ، نادمٌ على مافعلتُ من معصية ، عازمًا على عدم العودة إليها مستقبلاً
و تائبًا قبل طلوعِ الشمس من مغربها ، ترجلتُ عن السيارة و فتحتُ الباب الخلفي أخرجتها و سحبتها على الترابِ لأقصى نقطة ،
تزوجتها كذبًا بورقة وقعتُ عليها و وقعت عليها لأحرق قلب عُطرة فحُرقتُ أنا ! رميتُها بالصحراءِ و هربت .


و ها هيّ اليوم عيناي تمرُ على سطورِ الصحيفة التي كُتب بها ما توقعهُ أبي ، تلك الذكرى المقيتة لفؤداي رميكِ بصحراء قاحلة
و ديجورٌ يحيطُ بكِ من كل الاقطابِ الأربعة وحدكِ لا أنيس يُجالسكِ ، فتاةٌ بعمرها الربيعي بعقدِها الثاني مُفعمة بالحيوية و النشاط سُلبت
ابتسامتها و تلوثت أفكارها اسودت نواياها وعثت بالحرام ، لقد رأيتُ النور و الأملَ بوجهها في آخر يوم قبل مماتها قرأتُ التوبة
بعينيها لقد نوت أن تتوب و لكن أراد الله أن تغيب قبل أن تُكمل مسيرةَ توبتها يجيءُ الموتُ بغفلةٍ من الانسان
بوقتٍ لم يكن بالحسبان ، بكلِ يومٍ يقول غدًا سأعملُ صالحًا لأرضي الله و يأتي الغد و لم يعمل صالحا ليؤجل لبعدِ الغدِ و بعدهُ حتى ينتهي
بهِ المطافَ قبرًا .

***


صورةُ تلكّ الفتاة لم تغيب عن بالي و لا حتى للحظة ، خلال مسيرتي الطبية كاملة لم تمت بيدي أيّ إمرأة و مع هذا باليومِ الذي أمرني
أبي بإجهاضها قلتُ لهُ قد يحدث ما لا يحمدُ عقباه فالقلبُ دليلُ المرىء و كأن قلبي قد قال لي أن نهايتها بيدي ، لعلّ ببعض المآسي
حقائقٌ غابت عن العين هذهِ الفتاة رحمها الله جعلتني أعرف جيدًا من يكونُ معن و من يكونُ أبي ، معدنٌ من أسوأ المعادن صدأٌ طلى قلوبهم
لم يأبهوا لانسانة رحلّت تحت مخططاتنا و لم يهتم أبي سوىّ بالسمعة حالما عرف بشناعةِ فعلةِ معن ، و لم يهتم معن لا لزوجته و لا لأطفالهِ
حالما زنا و الاهم من ذلك لم يخف من الربِّ ينظرُ إليه ، و حالما توفت كان أهم أولوياتُهم تظليلُ المراكزِ العسكرية عن الحقائق من
رحمةِ الله أن الكاسر ليس بالمنزل حينها لا ولن تكتمل مخططاتهم كما أرادوا ، في حقيقةِ الأمر أنا أيضًا أخافُ أن تتضح الحقيقة لكني والله
بريء و لم أقصد قتلها مطلقًا و كم أحزنني رحيلها لا تغيبُ عن ذاكرتي بتاتًا أراها بكلِ حينٍ و كلِ زمان غفر الله لها خطاياها و عفا عنها
، بتمامِ الساعة الخامسة و النصف عصرًا , كنتُ على مقربةٍ من حجرةِ قارورتي خطوتُ بإتجاهها فقد بلغَ بيّ الشوقُ مبلغهُ فمنذُ مقتلِ تلكّ
الفتاة و أنا معتكفٌ بحجرتي و النومُ مهاجرٌ لعيني ألومُ ذاتي بكلِ حين و أدعو لها بكلِ لحظة اللهم اغفر لها و ارحمها و كفر خطاياها
و لو بلغت مثل زبد البحر ، وجدتُ ذاتي أمام حجرتها و وصلتني أصواتهم المتفاوتة عقدتُ حاجبي بفضول و مددتُ يدي للبابِ أدفعهُ حتى
ينفتحُ الشقُ كاملاً فتتضحُ ليّ الرؤية يجلسُ أبناءَ الكاسر و أبناء معن على السرير و هم يتبادلون الضحك و الحماس بسعادة بينما هيّ
تُغلق أزارير العباءة العلوية و بذاتِ الوقت تُدخل قدميها الناعمتين بحذاءها ، تفتحُ شعرها لينسابَ بطولهِ على ظهرها و من ثم ترفعهُ
للأعلى تأففت بضيق و هيّ تنظرُ لرابطةِ شعرها المقطوعة و ترمي بها أرضًا و بضجر : مو وقتك تنقطعي .
ابتمستُ باستمتاع و توكأتُ بيدي على بروازِ الباب و أنا أحرقُ ظهرها بنظراتي الملتهبةِ الشغوفة والمشتاقة لها وحدها شوقًا لا يوازيهِ
أيُ كائنٍ كان ، فإذا بي أُفضح على لسانِ بلقيس ابنة معن مُشيرةً إليّ بسعادة : عمو ناااجي .
لينظرّ جميعُ الأطفالِ إليّ و يتقافزون جريًا لأحضاني فأغمرهم بحضني و عيناي حيثُ تقفُ هيّ ويداها ساكنة عن الحركة أعلى رأسها ،
مسحتُ على رؤوسِ الأطفال و بلطف : يلا ممكن تبعدوا شوية عشان عمو يدخل .
هزّ الأطفال رؤوسهم ايجابًا بينما لجين ابنةُالكاسر الصغرى تشبثت بيدي و برجاءٍ و هي ترفعُ رأسها حتى تنظر لي : عمو تعال معانا بالله .
لتتعالى أصواتُ الأطفالِ سعادة فإذا بصوتها يبترُ جميع الأصوات ليعمّ الهدوء : عمو عنده شغل الحين و احنا بنطلع مع بعض و بيوم ثاني هوا بيطلع معاكم .
ابتسمتُ بلؤم : امم بس عمو يحبكم و اليوم بيآخذ اجازة و يجي معاكم .
فإذا بها تستديرُ أخيرًا لتتضح لي ملامحها فأرتوي شهد السرابِ منها ، نظرة تعقبها نظرة و شوقٌ يخطُ حروفهُ على صفحةِ اليوم ، تبدلت
معالمها تدريجيًا و هي تكتفُ يداها على صدرها و بنظرةِ تحدي وجهتها إلي : بس أنا اليوم تعبانة و عشان ما تزعلوا كنت بجي معاكم
و مادام عمو فاضي و بيروح خلاص أنا بقعد برتاح .
ليُقطعنا مؤيد ابن الكاسر قائلاً باستغراب : بس أنا سألتك يا خالة إذا بطنك توجعك زي أول قولتيلي لا و بتودينا الملاهي كمان .
تغير لونُ وجهها محرجة و أخذت تمسحُ رقبتها بتوتر و عيناها تنظرُ للأرجاء تبحثُ عن عذرٍ يكون بهِ خلاصها مني
كتمتُ ابتسامتي و قهري بآنٍ واحد و بهدوء : خالة كانت مسخنة لكن بطنها الحمدلله ما توجعها .
لتنظرُ إليّ بتفاجىء و سرعان ما تبدلت النظرة إلى التحدي و رفعت إحدى حاجبيها بينما يداها لازالت على صدرها و ظهرها يلتصقُ
بالتسريحة : و عشان كذا عمو الي بيطلع معاكم .
راق ليّ التحدي كثيرًا فتقدمتُ خطواتي بإتجاهها بعدما كنتُ أقفُ عند الباب و قفتُ أمامها تمامًا و لم تغيبَ عني انتفاضتها مددتُ يدي
بجبينها قائلاً : الحين الدكتور ناجي بيحسك و بيشوف اذا اتعافيتي أو لا ،" أغمضت عينيها أول ما إلتصقت يدي بجبينها ، مررتُ بيدي
على تفاصيلها عيناها أنفها و جنتاها و توقفتَ عند ثغرها ، مهما ارتويتُ من مياهِ الأرض لا ماء قد ترويني سوىّ ماءَ شهدكِ تالله
أيُ جمالٍ ذا الذي يخطُ ذاتهُ بتفاصيلك حرامٌ عليّ ما فعلت لهذا الجمال الهادىء لو كان بيدي أن أمدّكِ بعمري فوقَ عمرك لأعطيتكُ عمري
دون تفكير ضاعت سنونكِ معيّ هباءً منثورًا سامحيني يا قارورتي أُقسمُ لكِ بعددِ حباتِ الرمال و قطراتِ البحر أني أُحبكِ و لم أشأ اتعاسك
و لكن تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن ، إلتصقت شفتاي بوجنتها لأطبع قُبلةً فقيرة و ابهامي يرسمُ شفتيها من بدايته للنهاية
و من نهايته للبداية بينما هيّ فتحت بحر عينيها و استرقت النظر للأطفالِ بخجل و حالما رأتهم منشغلين عنّا بالحديثِ عن رحلتهم ،
أبعدت يدي المتصلبة على شفتيها و هي تعطيني ظهرها و تُكمل تسريح شعرها ويداها ترتعد بشدة أمسكتُ بيدها التي ترفعُ بها الطيلسان
و بسعادة من تأثيري عليها : كل هالرجفة من تأثيري عليكِ فديتك و فديت خجلك .
سحبت يدها بقوة و هي ترفعُ الطيلسان على شعرها و تُحكم لفهُ : لا غلطان و غلطان بقوة بعد هاذي ما هي برجفة شوق و خجل هاذي رجفة
خوف أمس قتلت طفلي و اليوم تقتلني ما في شي بعيد عنك .
سهمٌ أصاب منتصف قلبي انطفأت جميعُ ألوانِ المتعة تراجعتُ بخطواتي للوراء و الأطفالَ ينادون باسمي لكني لم أهتم ، لم تنسى بل و صارت
تخافُ مني و ستذكرني بما صنعتُ سوءًا بكلِ الأحوال .



***

بعد أن كانت فوق التراب ها هيّ اليومَ تحت التراب ، أيامٌ تمضي سريعة و سنين تتعاقب ، ما أن نغمض أعيننا إلا و بدى الفجر و ما
أن نفتحها حتى نغمضها ! ، تمضي أيامنا و لا تكثرُ أعمالنا سويعاتٌ و ساعات تضيع على صفحاتِ الانترنت و النهاية اللافائدة ! و كتابٌ
عظيمٌ بين غلافين دُثر بالغبارِ و أنسجةِ العنكبوت يئنُ من خوفهِ على أمةِ أحمد , و أمةِ أحمد لم تمسح ترابهُ و تسكتُ أنينه بعد ،
يأتي وقتُ الصلاة الناهيةِ عن الفحشاءِ و المنكر و أعينُ بني آدم متحجرة بمجنٌ و أكثرُ مجن أو يغطُ بسباتِ عميق في وسط النهار !
لينتهي وقتها فيجمعها ، تضيقُ نفوسهم ، تلوثُ ألسنتهم و كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان لم تنطق ! ،
يتساءلون عن السبب و السبب بعدهم عن دينهم و تنتهي سنونهم و ما انتهت خيباتهم ، تحت حبات الترابِ هيّ اليوم بالاجداثِ
بين الدياجير إن الموت أعظم من أن يوصف! ولكن سأصف لكم منه شيئاً، والله لكأن على كتفك جبال رضوى وتهامة، وكأنك تتنفس من سم إبرة!
ولكأن في جوفك شوكة عوسج، ولكأن السماء أطبقت على الأرض وأنت بينهما
، و بالرغمِّ من إيمننا بحقيقة الحياة و الموت إلا أننا نعيشُ بغفلة فإذا بلغ النفسُ أجلها كان لذهابِ الروح وطأةً على النفوس ،
فلا نتعظ و لا نهلع إلا حين تذهبُ أرواحًا غالية ولكن سرعان ما ننسى و ننسى العظة و العبرة و نعيشّ بذاتِ الغفلةِ حتى الممات ،
توفت أنهار و تركت خلفها ما تركت من سيئاتٍ و حسنات و معصية عزمت على التوبةِ منها قبل بلوغِ أجلها و لها إن شاء الله المغفرة
و إن كان ما فعلتُه كبيرة من كبائر الذنوب فإن الله يقبلُ التوبة مادامت الشمسُ تشرقُ من مشرقها إنه سبحانهُ و تعالى غفور رحيم .


***
و مضت ثلاثُ أيام بعد انتشارِ الخبر بالصحف و لم يتعرف أحدٌ على الجثة و ها هيّ اليوم تحت الأرض ، سامحيني صغيرتي أنهار ليس بيدي
حيلة لا أستطيعُ إثباتَ أنكِ فتاتي لأنكِ لم تخرجي من أحشائي لأن الدم ليس بواحد لكن يعلم الله أن لكِ في قلبي قصورًا لم تكون لغيركِ من قبل
صغيرتي أنهار سامحيني على كلِ شيء على كذبي و تقمصي دور الأم لقد رحلتِ و بقيت الأسرار دفينة كما هيّ عليه و اليوم لو أني ذهبت
للمركز العسكري لطلبوا الهوية حينها سيعلمون أنها مزورة و هذا ما لا يرضاه القانون و الأهمُ من ذلكّ لا يرضاه الله عزوجل ،
لقوله تعالى: " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ
وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً " ، و أنهار صغيرتي كانت مجهولة النسب و نسبها لزوجي ماهر رحمهُ الله غير جائز
من المفترض أن تنسب لاسمٍ عام كابن عبدالله أو ابن عبدالرحمن و ما شابهه لا تخفى عليّ هذهِ الأحكام لكني لم أشأ أن أُشعرها بالنقص
لقد أردتها أن تشعر بأنها ابنتي فعلاً و هذا ما ظّنتُه طيلةَ حياتها ُ، لم يرزقني الله بأطفالٍ تقر لهم عيناي بكيتُ و انتحبتُ طيلة
السنين حتى جاء ذلك الصندوق كهبةٍ من الرحمن تشبثتُ بالطفلة أسميتُها أنهار و نُسبت لزوجي أحببتُها أكثر من كلِ شيء و جاء اليوم
الذي خسر بهِ زوجي اسهمه و فارق الحياة و حالما مات أصابني اليأس و القنوط فقد شعرتُ أني حياتي لا بد أن تكون ناقصة حينما كان ليّ
الزوج المُحب العاشق المخلص افتقرتُ للأطفال و حينما صارت ليّ الطفلة افتقرتُ للزوج بكيتُ فراقهُ و رحيله بكيتُ يُتم صغيرتي بكيتُ أشهرًا
طويلة و كانت جميلة مربيةَ أنهار كثيرًا ما تُحاول اخراجي من قوقعتي و شيئًا فشيئًا بدأتُ في الخروج لكن لم يخفى عليها الحزنُ
الدفين بعيني أصرت أن نخرج للبحر فأنا منذُ موته لم أغادر المنزل و أن تغيير الجو سيطرد السلبية التي تسكنُ دواخلي و بعد
إلحاحٍ منها وافقت حملتُ صغيرتي أنهار بين يدي و ذهبنا مع بعضنا حيثُ البحر أخذت مني صغيرتي و مشت بجانبي حتى وصلنا للقوراب
أشارت لأحدها قائلة : ده القارب الي هنركب فيه ، " ومن ثم نظرت للوراء " أنا هروح اجيب الرضاعة بتاعت أنهار من العربية
انتي اركبي القارب و استنيني .
مددتُ يدي : اعطيني أنهار و روحي جيبي رضاعتها .
حركت رأسها بالرفض و هي تعطيني ظهرها و تمضي حيثُ السيارة : لا انتي اليوم هترتاحي و مش هتعملي اي حاقة و يلا دلوقتي اركبي القارب .
مشيتُ باتجاه القارب و ركبت ، ارتديتُ عوامة السباحة و جلستُ على المقعدِ بانتظارهما و من ثم نطق سائق القارب : في أحد غيرك يا آنسة؟
حركتُ رأسي ايجابًا و بموافقة : ايه
وقفتُ و أخذتُ أنظرُ للمكان التي كانت تقفُ بهِ السيارة فوجدتها عقدتُ حاجبي بغرابة من تأخرها و جهتُ كلامي لسائق القارب : انتظر شوي بروح أناديها و اجي .
مضيتُ حيثُ السيارة لأفاجىء بأن جميلة و صغيرتي أنهار غير موجودات سألتُ السائق عنهن فقال لي أنها ركبت سيارة تاكسي و رحلت و قد
ظن أني أنا من بعثتُها أخرجتُ هاتفي و أخذتُ اتصل و لا من مجيب مرة فمرتان و حينها علمتُ أنها قد سرقت طفلتي
جلستُ على الأرضِ بهوان أبكي بكل جنون و كل من يمر يقفُ و يسألني ثم يرحل بعد أن ملوا من الانتظار حتى جاءني سائق القارب مستفسرًا : يا آنسة ما تبغينا نمشي أنا عندي ناس غيرك لو سمحتي اتفضلي .
لكني لم أسمع فقعد أمامي على الأرض و بيننا مسافة أخذ يُثرثر فوق رأسي و لم أسمع و أخيرًا أصابهُ الملل و رحل بعد مدة ركبتُ
السيارة و عدتُ للمنزل الذي صار موحشًا فقد افتقرتُ لكليهما الزوجُ و الطفلة شهرٌ بأكمله قضيتُه بالنحيب حتى اقترحت إحدى الخادمات
أن أجلب طفلةً من الميتم في بادىء الأمر لم اتقبل الفكرة فقد آمنتُ أني لا أنفعُ كأم فأنا من فرطت بطفلتها الوحيدة بكلِ غباءٍ
و حسن نية و لكني أنامُ ليلي و أصحو نهاري و لا جديد بحياتي الوحدة و الوحدة و ورث ماهر لا رجل يديرهُ لي , ذهبتُ للميتم و أخذتُ
طفلة كانت بعمر السنتين أحببتُها كثيرًا سميتَها أنهار و نسبتها لماهر لم يكن لي معارف بجدة لذلك لم أهتم فلا أحد سيعرف كيف
للطفلة أن تظهر فجأة ! ، و من ثم زادت الشكاوي من الشركات التي يتعامل معها ماهر و صار أعضاءُ شركته يأتون لمنزلي طالبين مني
إغلاق الشركة أو التصرف سريعًا فهم في طريقِ الفلس و خصوصًا بعد خسارةِ ماهر في الأسهم ، لا بد من ايجاد رجل يهتمُ بالشركة
و يكونُ أبًا لفتاتي أنهار فها هيّ تنطق " ماما " ولكن تفتقرُ لـ " بابا " لا أريدها أن تعيش يتيمة و لكن لمن سأعرضُ نفسي ،
و من سيوافق ، و من سأؤمن الأموال و أنهار عنده ، كما أني أحتاجُ رجلاً سعوديّ الجنسية ! فكيف لي أن أجده و بعد تفكيرٍ دام لأيام
تذكرتُ سائق القارب رجلٌ فقير يبدو أنه قريبٌ من عمر ماهر و لهجتُه تبدو سعودية من المؤكد أنه سيرضى بي و أمامه كلّ هذهِ
الأموال سأحوالُ أن أثبت وجودي منذُ اليوم الأول حتى لا يسرقني و يرحل فحسنُ النية لا ينفع بزمنٍ خالٍ من الآمان بالفعل هذا ما حدث
لكني اكتشفتُ أن سائق القارب يعيشُ بلا هوية و لا يتذكرُ أهله بتاتًا حينها كانت السلطة بيدي زواجي منهُ مقابلَ هويةٍ لهُ سميتُه باسم
أحد الأموات جلال الفاني و صار زوجًا لي عامل فتاتي بلطفٍ و محبة وقام بأمورِ الشركة ولكني لم أدعهُ يدخل للشركة مطلقًا الملفاتُ
تأتيه لداخلِ المنزل و يقوم بها في بادىء الأمر كان مستصعبًا للعمل و لكن سرعان ما تعلم استغربتُ سرعتُه الفائقة في التعلم
كان متدرب تحت يدا لؤي الذراعُ الايمن لماهر و لكن صار يفوقهُ ذكاءً و حنكة حينها قال لؤي أن جلال صار مستعدًا للقيام بأمورِ الشركة
فصارت تأتيه الملفات ويقومُ بها بأكملِ وجه ، سألني مرارًا عن سبب زجي لهُ بالمنزل و كأنهُ سجينٌ بين يدي أو فتاةٌ أخاف عليها
و لكني لم أجيب و عاملتُه بدكتاتورية أوامر تلوها أوامر لقد كان كخادم و ليس زوج .



***


بعد ما قرأتُه بصندوقِ أمي و أبي بدأتُ بتذكرِ تلكّ الحادثة تدريجيًا كم حرصت أمي على اخفاءِ الامر أمامي حينذاك فوقتما كانت الطبيبة
تُجري الفحص للتأكدُ من كوني عذراء كانت أمي تغطي عيناي ! ، و وقتما أجابتهم الطبيبة لم أكن معهم بالرغمِ من أمي قد ذكرت أني من
المحال أن أتذكر أيّ شيء حتى رؤيتي للطبيبة قد لا أتذكره و ذلك لكوني أخافُ هذهِ الذكرى أخافُ من كلِ شخص قد يقتربُ إلى ما بين فخذي
و الطبيبةُ منهم ، لو تعلمي يا أمي معاناتي لأحدَ عشرَ سنة لما أخفيتي عليّ أمرًا بهذهِ الأهمية فلو كنتُ أتذكر شيئًا بسيطًا لدافعتُ
عن نفسي أمامه كنتُ أعلمُ أني بريئة و لكن لا مبرر لي ، في حقيقةِ الأمر سأكون صادقة صحيحٌ أن معن قد أوجعني كثيرًا و لكن هذا
متوقعٌ من أغلب الشرقيون إذا ما كان جميعهم فالرجل الشرقي ذا غيرة لا يسمحُ لذاتهِ بالاقترابِ ممن دهست بعرضها و أنا لم أكن أملك
دليل براءتي فهنا كان الحقُ معه فهو يستوجع حالما يُخيل لذهنهِ أني كنتُ بأحضانِ غيره و أن غيرهُ كان أحق منهُ بفضِ بكارتي أن شفاهي
قد امتزجت بأول قُبلة مع شفاهِ غيره لم يكن مخطىء مطلقًا و خاصة أننا تزوجنا عن حب فقد تعششت بعقلهِ فكرة أني خائنة لم أحبهُ
كما أحبني لكن لو علّم حين ذاك أني لم أحبب بشرًا قدر حُبي لهُ !، و لم يكن بإستطاعتهِ تطليقي لأن والده النزق لن يرضا عنه و هو
لا يريدُ خسارة والدهِ مقابلي و لكن اتضح لي أن الحقيقة مغايرة تمامًا لهذا المنطق فمن رضيّ بالزنا و هو من كبائر الذنوب لن
يخاف عدم إرضاء والده لن يفرقَ معهُ هذا لقد حجزني بجحيمه حيزبون لأحدَ عشر سنة ليس من حقي الطلاق و رؤيةَ حياتي مع غيرهِ ،
و الأكثرُ وجعًا أن يشمئزُ مني و لكن يأتيه حينٌ فيضعفُ أمامي و يرضى بي يَجامعني فأشعر بالسعادة أشعرُ أني أنثى بين يديه مهما
أخفيتُ ذلك في بادىء الأمر أقول له أنا الجسدُ دون الروح لكني أجدُ ذاتي الجسد و الروح و إن لم يظهر هذا أمامه ، و هذا أمرٌ فطري
محتوم فهذا ملكي و أنا ملكته هذا رجلٌ بخشونتهِ يُداعبني و أنا أنثى بنعومتي أتقلص أمامهُ خجلاً و بعد كلِ السعادة و النومِ الهانىء بصدره
يستيقظُ وحشًا لا يرحم ضاربًا صارخًا غاضبًا يلومني بأني من أغيرته رغمّ أني لم أفعل شيء ! ، رافض لفكرة أن يقترب مني و مع هذا يقترب
و بعدما يصل للنشوة يغضب و ما ذنبي أنا ، يُذكرني بأني خانعةُ الثوب و أُذكرهُ بأني سأنتقمُ بذاتي يضربني و ليس من حقهِ ضربي
فأتذكرُ أول يوم حينما جلدني في يومي الأبيض ، و بعد كلِ صبري كان جزائي بأن يقترب من أخرى بالحرام لم أمنعه من جسدي لكني
أوهمتُه بأن روحي ليست لهُ لكن الجسد الحلال موجود و رضيّ بالحرام لقد عجزتُ عن تفسيرِ سبب فعلتِه ستبقى فعلتُه هذهِ في ذاكرتي مهما
حدث لا أدري هل هو ابتلاءٌ من الله سبحانهُ و تعالى بعد سخريتهِ مني ظُلمًا و جور أم ماذا لا أفهم و لكن لا مبرر لفعلته بتاتًا ،
من هنا أقولُ بأن علاقتي بمعن قد انتهت إن كان لا يستطيعُ طلاقي و لا أستطيعُ أنا رفعَ دعوةِ الخلع يكفيني أن أعيش مع أطفالي
و هو يعيشُ وحيدًا يلومُ ذاتُه على ظلمهِ لي ، و بينما عيناي تمرُ على عنواين الصحيفة استقرت على عنوان
" الإطاحة بفتياتٍ و شباب في حفلةٍ مختلطة " ، قرأتُ السطور سريعًا و كان أهمّ ما في السطور يوم الاحتفال الذي أكدّ لي أنه ذات
الاحتفال و العقوبة التي تم تقريرها و هي السجن ثمانية عشر شهرًا و غرامة قدرُها أربعةُ آلآفِ ريال و قد عُللّ ذاك بكونهم مراهقين
و هذهِ عقوبةً رادعة تأديبيةً لهم ، سنة و نصف طويلة و لكنها أفضلُ كثيرًا من عقوبة قد تنتهي بها حياةُ حميدة فتخفيفُ العقوبة
لهذا الحد هو صغر أعمارهم ، ستكونُ حميدة ابنتي الكبرى سأزورها على الدوام بكلِ زيارةٍ متاحة حتى لا تقنط و تشعرُ بالوحدة فأنا
أعلم أن لا أحد سيزورها و لا أحد سيهتم لشأنها سوىّ أخوها الأصغرُ منها عمرًا أما أخاها الكبير قد يتركها أعانكِ الله يا حميدة فلرُبّ
ضارةٍ نافعة .


***



بتمامِ الساعة السابعة و النصف بعد صلاةِ المغرب , صعدا للسيارة و تبادلا الأحاديث معًا ، قال هزاع و هو يخلعُ خاتمه و يمدهُ لجلال : خذ هذا النسخة الأصلية للخاتم خليه بأصابعك .
نظر لهُ جلال بغرابة : على أساس الخاتم غالي عليك يا محمد .
ابتسم هزاع و هو يضعُ الخاتم بيدِ جلال : اعتبره ذكرى أخيرة بيننا يا أستاذ جلال .
عقد جلال حاجبه و بتساؤل : أخيرة ؟
ليُجيب هزاع : راعي السوبر حصل لي شغلة بالطايف و بسافر لهناك و جلساتنا بتقل أستاذ جلال و عشان كذا خلي هالخاتم ذكرى .
حرك جلال رأسهُ ايجابًا وهو يغرسُ الخاتم بين أصابعه ، ليصل لهزاع اتصالاً من أحدِ رجالي فيّردّ : يا هلا ... ليه ؟ ... طيب طيب جاي .
و بعجلة : أستاذ جلال مضطر أروح عندي مشوار ضروري إنت تعال أجلس مكاني و خذ السيارة معك و بكرة استلمها منك .
و خرج سريعًا قبل اعتراضِ جلال ، و من ثم صعدّ جلال للمقدمة حيثُ القنبلة المتفجرة المضغوطة المغروسة أسفل المقعد
و أُغلق التصوير المأسآوي لأن هزاع ابتعد عن محل الحادثة ، ابتسمتُ ببرود ، ها هيّ نهايتك على يدي يا أصل ، و بعد عشرة دقائق
و صلتني صورة انفجار السيارة و اتصل هزاع رددتُ عليه فإذا بهِ يقول : و صار الي تبيه أستاذ عبدالقوي .


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الأحد أو الأثنين .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 09-06-16, 09:48 AM   المشاركة رقم: 405
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

يعني مي المصرية هي انهار الحقيقية وهي أخت أخرى للبنات لعطرة وعزوف. بس استغربت من تصرف جميلة .مب هي زوجة الضابط المصري اللي لقي حتفه هو وولده؟! وعبدالقوي ماظنيته لهالدرجة منبع للشر اكيد هو رئيس العصابة أما انهار اللي ماتت واللي جيء بها من ملجىء الأيتام اتوقع لو تقول انها بنت من الملجىء يمكن يهون الأمر .الأحداث بدأت تتكشف .وكل مرة أكره عبدالقوي وعياله زيادة وخاصة معن اللي أحسه نسخة من الشر .أصلان مااظن يموت ولكن بتكون هذه الحادثة سبب في رجوع ذاكرته.

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 02:02 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية